جواهر الكلام - ج ٣١

الشيخ محمّد حسن النّجفي

الشركاء أثم وعزر ، لكن لا يكون زانيا بل يكون عاصيا ، ويلحق به الولد ، وتكون الجارية أم ولد ، ويغرم حصة الشريك من الأم والولد ، وبعد القرعة يرجع الأمر إلى ذلك.

ولو ادعاه واحد منهم ونفاه الباقون ألحق به وأغرم حصص الباقين من قيمة الأم والولد ، لانتفائه عن غيرهم بالنفي من غير لعان ، إذ حكم كل واحد بالنسبة إلى هذا الولد مثله من الأمة الموطوءة المنفردة من حيث اللحوق ، وتحريم النفي مع عدم العلم بنفيه ، وانتفائه بالنفي من غير لعان ، وإنما يزيد هنا توقف لحوقه بأحدهم مع تداعيهم أو سكوتهم على القرعة ، كما لو وطأ الأمة غير مالكها معه شبهة وطءا يمكن لحوقه بكل منهما.

والأصل في ذلك ـ مضافا إلى بعض ما تقدم في وطء أحد الشريكين ـ حسنة أبي بصير (١) عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا صلوات الله وسلامه عليه إلى اليمن فقال له حين قدم : حدثني بأعجب ما مر عليك ، قال : يا رسول الله أتاني قوم قد تبايعوا جارية فوطؤوها جميعا في طهر واحد ، فولدت غلاما فأصبحوا فيه يدعونه ، فأسهمت بينهم وجعلته للذي خرج سهمه وضمنته نصيبهم ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنه ليس من قوم تنازعوا ثم فوضوا أمرهم إلى الله تعالى إلا خرج سهم المستحق » وصحيح الحلبي (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « إذا وقع الحر والعبد والمشرك بامرأة في طهر واحد فادعوا الولد أقرع بينهم ، فكان الولد للذي يخرج سهمه ».

وصحيح معاوية بن عمار (٣) عنه عليه‌السلام أيضا « إذا وطأ رجلان أو ثلاثة جارية في طهر واحد فولدت فادعوه جميعا أقرع بينهم ، فمن قرع كان الولد ولده ، ويرد قيمة الولد على صاحب الجارية ».

وصحيح سلمان بن خالد (٤) عنه عليه‌السلام أيضا قال : « قضى علي عليه‌السلام في ثلاثة‌

__________________

(١) و (٢) و (٣) و (٤) الوسائل الباب ـ ٥٧ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٤ ـ ٣ ـ ١ ـ ٢ والرابع عن سليمان بن خالد.

٢٤١

وقعوا على امرأة في طهر واحد ، وذلك في الجاهلية قبل أن يظهر الإسلام ، فأقرع بينهم وجعل الولد لمن قرع ، وجعل ثلثي الدية للآخرين ، فضحك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى بدت نواجده ، وقال : لا أعلم فيها شيئا إلا ما قضي علي عليه‌السلام » وصحيح الحلبي (١) عنه عليه‌السلام أيضا « إذا وقع المسلم واليهودي والنصراني على المرأة في طهر واحد أقرع بينهم ، وكان الولد للذي تصيبه القرعة ».

لكن في المسالك بعد أن ذكر الخبر الأول قال : « والأصحاب حكموا بمضمونها ، وحملوا‌ قوله عليه‌السلام : « وضمنته نصيبهم » ‌على النصيب من الولد والأم معا ، كما لو كان الواطئ واحدا منهم ابتداء ، فإنه يلحق به ويغرم نصيبهم منها ، لكن يشكل الحكم بضمانه لهم نصيب الولد لادعاء كل واحد منهم أنه ولده.

وأنه لا يلحق بغيره ، ولازم ذلك أنه لا قيمة له على غيره من الشركاء ، وهذا بخلاف ما لو كان الواطئ واحدا ، فان الولد محكوم بلحوقه به ، ولما كان من نماء الأمة المشتركة جمع بين الحقين بإغرامه قيمة الولد لهم وإلحاقه به بخلاف ما هنا ، والرواية ليست صريحة في ذلك ، لأن قوله : « وضمنته نصيبهم » يجوز إرادة النصيب من الأم لأنه هو النصيب الواضح لهم باتفاق الجميع بخلاف الولد ، ويمكن أن يكون الوجه في إغرامه نصيبهم من الولد أن ذلك ثابت بزعمه أنه ولده ، ودعواهم لم تثبت شرعا ، فيؤخذ المدعي بإقراره بالنسبة إلى حقهم ، والنصيب في الرواية يمكن شموله لهما معا من حيث إن الولد نماء أمتهم ، فكل منهم له نصيب فيه ، سواء ألحق به أم لا ، ولهذا يغرم من ألحق به نصيب الباقين في موضع الوفاق وعلى كل حال فالعمل بما ذكره الأصحاب متعين ، ولا يسمع الشك فيه مع ورود النص به ظاهرا وإن احتمل غيره ».

وفيه ( أولا ) أن النصوص التي سمعتها غير الخبر الأول صريحة في ضمان قيمة الولد ، حتى الخبر الأخير المراد من الدية فيه القيمة بناء على أن مورد الجميع‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة الحديث ١ من كتاب المواريث.

٢٤٢

الأمة المشتركة ولو لقرائن تدل على ذلك ، كما أن‌

قول الصادق عليه‌السلام لعبد الله ابن سنان (١) فيما أرسله الشيخ عن يونس « في قوم اشتركوا في جارية فائتمنوا بعضهم وجعلوا الجارية عنده فوطأها : يجلد الحد ويدرأ عنه بقدر ما له فيها ، وتقوم الجارية ، ويغرم ثمنها للشركاء ، فان كانت القيمة في اليوم الذي وطأ فيه أكثر من ما اشتريت به ألزم أكثر الثمن ، لأنه قد أفسد على شركائه ، وإن كانت القيمة في اليوم الذي وطأ أكثر مما اشتريت به يلزم الأكثر لاستفسادها » ‌نعم روى مثله‌ في موضع آخر مسندا (٢) وزاد فيه « قلت : فإن أراد بعض الشركاء شراءها دون الرجل ، قال : ذلك له ، وليس له أن يشتريها حتى يستبرئ ، وليس على غيره أن يشتريها إلا بالقيمة » ‌وهو يدل على عدم الإجبار على التقويم وإعطاء القيمة ويمكن أن يكون ذلك في حال عدم ولادتها منه وإلا فهي أم ولد له في الظاهر.

و ( ثانيا ) أن ما أورده من الاشكال كما يجري في الولد يجري في الأم أيضا ، ضرورة أن مقتضى دعوى كل واحد منهم صيرورتها أم ولد له ، فلا وجه لأن يأخذ الغرامة عوضها مع وجوبها عليه ، فحمله النصيب على النصيب منها لا يرفع الاشكال ، اللهم إلا أن يقال : إن أخذه باعتبار الحيلولة بينه وبين ملكه.

و ( ثالثا ) أن إلزامه بإقراره لا يقتضي استحقاقهم عليه ، أقصاه صيرورة المال مجهول المالك ، والذي يقوى في النظر حمل الدعوى في النص والفتوى من كل واحد على إرادة الجميع معرفة لحوقه بواحد منهم ، لأن كل واحد منهم يدعيه أنه له ، فان ذلك مع الطريق له في غاية البعد ، وإنما المراد عدم نفي أحد منهم إياه عن نفسه ، بل أرادوا معرفة ذلك بالقرعة ، وحينئذ فيتجه بعدها الغرامة لهم ، أو يقال : إنه بالقرعة التي هي‌

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ ص ٢٩ ـ الرقم ٩٦ وفيه‌ « ويغرم ثمنها للشركاء ، فان كانت القيمة في اليوم الذي وطأ أقل مما اشتريت به. » ‌

(٢) أشار إليه في الوسائل في الباب ـ ١٧ ـ من أبواب بيع الحيوان الحديث ١ من كتاب التجارة وذكرها في التهذيب ج ٧ ص ٧٢ الرقم ٣٠٩.

٢٤٣

أمارة لاستخراج الواقع يعلم كذب دعوى كل مدع منهم ، فله حينئذ تناول الغرامة ممن خرجت القرعة له ، وعلى كل حال فالأمر كما ذكره الأصحاب من غرامة قيمة الأم والولد ، ولا يقدح فيه ما قيل من عدم تعرض الشيخين وابن زهرة إلا لقيمة الولد ، وابن سعيد إلا لقيمة الأم وللعقر ، فان ذلك ليس خلافا ، وعلى تقديره فهو محجوج بما عرفت.

وكيف كان ف ان ادعاه واحد منهم خاصة ونفاه عنه غيره ألحق به بلا قرعة وألزم حصص الباقين من قيمة الأم والولد بلا خلاف ولا إشكال ، لانتفائه عمن نفاه عنه بنفيه ، إذ هو أولى من الواطئ المتحد ، بل في كشف اللثام ذلك كذلك مع السكوت ، لأنه بمنزلة النفي ، ولأنه مدع بلا منازع ، وللرجحان بدعواه مع سكوت الغير ، فلا إشكال ليقرع ، ولأن القرعة لإثبات النسب إلى واحد ، وقد ثبت ، والأصل انتفاؤه عن الغير ، ولاختصاص نصوص القرعة فيها بصورة التداعي ، وإن كان قد يشكل بأعمية السكوت من النفي ، فلا ينزل منزلته ، وبظهور النصوص في كون الموضوع من المشتبه في نفسه المحتاج تميزه وتعينه إلى القرعة ، ونصوص القرعة إنما يراد منها عدم نفي أحد منهم ، والكلام في ثبوته للمدعي مع سكوت الباقين بدون القرعة كي يثبت النسب ، خصوصا مع دعوى الساكت بعد سكوته ، ورجحانه عليهم بالدعوى لا دليل عليه شرعا.

ثم من المعلوم عدم جواز نفي النافي منهم أو جميعهم إلا مع العلم بانتفائه عنه ، بل لو علم كون نفيه لا لذلك لم يسمع نفيه ، ولا ينتفى عنه بنفيه ، ولو نفوه أولا عنهم ثم أقروا بعد ذلك أنه لواحد منهم أمكن سماع هذا الإقرار فيما عليهم والإخراج بالقرعة ، وأولى بالقبول ما لو رجع كل منهم إلى دعواه بعد أن نفوه ، نعم قد يقال بعدم سماع الإقرار بعد النفي ودعوى المدعي به والحكم بلحوقه به ، مع احتماله أيضا ، كاحتمال عدم سماع الإقرار في الأول لكونه ليس إقرارا ، ولم نجد للأصحاب في ذلك كلاما محررا ، والله العالم.

ولا يجوز نفي الولد لمكان العزل بلا خلاف أجده فيه بيننا ، بل‌

٢٤٤

الإجماع بقسميه عليه مضافا إلى النصوص (١).

ولو وطأ المولى أمته ووطأها آخر فجورا ألحق الولد بالمولى فضلا عما لو اتهمها إجماعا بقسميه ونصوصا (٢) عموما وخصوصا إذا لم تكن أمارة يظن منها كونه لغيره.

وأما لو حصل مع ولادته أمارة يغلب بها الظن أنه ليس منه فعن جماعة على ما قيل بل الأكثر بل المشهور أنه لم يجز إلحاقه به ولا نفيه ، بل ينبغي أن يوصى له بشي‌ء من ماله ولا يورثه ميراث الأولاد للنصوص التي منها‌ خبر ابن عجلان (٣) « إن رجلا من الأنصار أتى أبا جعفر عليه‌السلام فقال : قد ابتليت بأمر عظيم ، إنى قد وقعت على جاريتي ثم خرجت في بعض حوائجي فانصرفت من الطريق فأصبت غلامي بين رجلي الجارية فاعتزلتها ، فحملت ثم وضعت جارية لعدة تسعة أشهر فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : احبس الجارية ولا تبعها ، وأنفق عليها حتى تموت أو يجعل الله لها مخرجا ، فان حدث بك حدث فأوص أن ينفق عليها من مالك حتى يجعل الله لها مخرجا » ‌ونحوه‌ خبر عبد الله (٤) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « إن رجلا من الأنصار أتى أبى » الحديث.

لكن فيه مضافا إلى ذلك « فقال له أبي : لا ينبغي لك أن تقربها ولا أن تبيعها » وخبر حريز (٥) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل كان يطأ جارية له ، وأنه كان يبعثها في حوائجه ، وأنها حملت ، وأنه بلغه عنها فساد فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا ولدت أمسك الولد ولا تبعه ولا تجعل له نصيبا من دارك ، قال : فقيل له : رجل يطأ جارية وأنه لم يكن يبعثها في حوائجه وأنه اتهمها وحبلت ، فقال : إذا هي ولدت أمسك الولد ولا يبعه ويجعل له نصيبا من داره وماله ، وليس هذه مثل تلك ».

وخبر عبد الحميد بن إسماعيل (٦) الذي رواه المشايخ الثلاثة « سألت أبا عبد الله‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب المتعة الحديث ٥ والباب ـ ٥٦ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٥ والباب ـ ١٥ و ١٩ ـ من أبواب أحكام الأولاد.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٣) و (٤) الوسائل الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٢ ـ ١

(٥) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٢‌ ـ ٤ وفي:

٢٤٥

عليه‌السلام عن رجل كانت له جارية يطؤها وهي تخرج فحبلت فخشي أن لا يكون منه كيف يصنع؟ أيبيع الجارية والولد؟ قال : يبيع الجارية ولا يبيع الولد ، ولا يورثه من ميراثه شيئا » ‌

وخبرا سعيد (١) المتقدمان في أول المبحث المتضمن ظاهرهما على اشتراط اللحوق بعدم التهمة.

وخبر محمد بن إسماعيل الخطاب (٢) « كتب إليه يسأله عن ابن عم له كانت له جارية تخدمه ، وكان يطؤها ، فدخل يوما منزله فأصاب معها رجلا تحدثه ، فاستراب بها فهدد الجارية ، فأقرت أن الرجل فجر بها ، ثم إنها حبلت بولد ، فكتب إن كان الولد لك أو فيه مشابهة فيك فلا تبعها ، فان ذلك لا يحل لك ، وإن كان الابن ليس منك ولا فيه مشابهة منك فبعه وبع أمه » ‌

وخبر يعقوب بن يزيد (٣) « كتب إلى أبى الحسن عليه‌السلام : في هذا العصر رجل وقع على جارية ثم شك في ولده ، فكتب إن كان فيه مشابهة منه فهو ولده ».

ولكن لا يخفى عليك ما في الجميع بعد الغض عن السند في أكثرها ، ضرورة عدم انطباق ما عدا الأخيرين على المدعى الذي هو عدم الحكم بلحوق الولد مع الأمارة التي يغلب الظن منها ذلك ، إذ هي بين معلقة ذلك على الزنا أو تهمته أو خوف أن لا يكون الولد منه ، ونحو ذلك مما لا يقول به الخصم ، فهي في الحقيقة مخالفة للإجماع ، معارضة بغيرها من النصوص (٤) العامة والخاصة المصرحة بلحوق الولد مع الزنا فضلا عن تهمته ، بل خبر حريز (٥) منها قد اشتمل على التفصيل‌

__________________

الاول « فقال أبو عبد الله عليه‌السلام :إذا ولدت أمسك الولد ، فلا يبيعه ويجعل له نصيبا من داره. » ‌

(١) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٢ و ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٤ عن جعفر بن محمد بن إسماعيل الخطاب كما في التهذيب ج ٨ ص ١٨٠ والاستبصار ج ٣ ص ٣٦٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٥) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٣.

٢٤٦

بالبعث في حوائجه وبلوغه الفساد عنها وبين التهمة مع عدم البعث ، وهو شي‌ء لا يقول به أحد ، بل ربما نوقش في الأولين باحتمال رجوع الضمير إلى الجارية الوالدة لا المولودة ، وإرادة المنع من الزنا من الحبس والمقاربة من‌ قوله عليه‌السلام : « ولا تقربها » ‌لا للنهي عن الإقرار بها ، وإن كان هو كما ترى مخالف لظاهر جميع النصوص.

وأما الخبران الأخيران فمع مخالفتهما لما عرفت قد اشتملا على اشتراط اللحوق بالمشابهة ولم يعتبره ، بل قيل : إنه مخالف للإجماع ، بل وللمعتبرة الصريحة في خلافه ، ف‌

في الخبر (١) « إن رجلا أتى بامرأته إلى عمر فقال : إن امرأتي هذه سوداء وأنا أسود ، وإنها ولدت غلاما أبيض ، فقال لمن بحضرته : ما ترون؟ فقالوا : نرى أن ترجمها فإنها سوداء وزوجها أسود وولدها أبيض ، قال : فجاء أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد وجه بها لترجم ، فقال : ما حالكما؟ فحدثاه ، فقال للأسود : أتتهم امرأتك؟ فقال : لا ، قال : فأتيتها وهي طامث ، قال : قد قالت لي في ليلة من الليالي إني طامث فظننت أنها تتقي البرد فوقعت عليها ، فقال للمرأة : وأنت طامث ، قالت : نعم سله قد حرجت عليه وأبيت ، قال : فانطلقا ، فإنه ابنكما وإنما غلب الدم النطفة فابيض ، ولو قد تحرك ـ أي نشأ وكبر ـ اسود ، فلما أيفع اسود » ومرسل ابن سنان (٢) عن أبي جعفر عليه‌السلام « أتى رجل من الأنصار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : هذه ابنة عمي وامرأتي لا أعلم منها إلا خيرا ، وقد أتتني بولد شديد السواد ، منتشر المنخرين ، جعد قطط أفطس الأنف لا أعرف شبهه في أخوالي ولا في أجدادي ، فقال لامرأته : ما تقولين؟ قالت : لا والذي بعثك بالحق نبيا ما أقعدت مقعده مني منذ ملكني أحدا غيره ، قال : فنكس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأسه مليا ثم رفع رأسه إلى السماء ، ثم أقبل على الرجل ، فقال : يا هذا إنه ليس من أحد إلا بينه وبين ولده تسعة وتسعون عرفا كلها تضرب في النسب ، فإذا وقعت النطفة في الرحم اضطربت تلك العروق فسل الله الشبه لها ،

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠٥ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠٥ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ١.

٢٤٧

فهذا من تلك العروق التي لم يدركها أجدادك ولا أجداد أجدادك ، خذ إليك ابنك ، فقالت المرأة : فرجت عنى يا رسول الله » ‌إلى غير ذلك من النصوص (١) التي يمكن دعوى تواترها في عدم اعتبار المشابهة في اللحوق بالأولاد شرعا ولعله لما سمعت قال المصنف وفيه تردد.

وأما أحكام ولد الشبهة فنقول الوطء بالشبهة التي قد تقدم الكلام مشبعا في موضوعها وفي أنه يلحق به النسب كالوطء الصحيح بلا خلاف فيه بيننا ، بل الإجماع بقسميه عليه مضافا إلى النصوص (٢) فلو اشتبهت عليه أجنبية فظنها زوجته أو مملوكته على وجه يكون مشتبها فوطأها لحق به الولد وإن لم تكن هي مشتبهة ، كما أنه يلحق بها الولد مع شبهتها وإن لم يكن هو كذلك ، وكذا لو وطأ أمة غيره لشبهة ، لكن في الأمة يلزمه مضافا إلى العقر قيمة الولد يوم سقط حيا ، لأنه وقت الحيلولة بينه وبين ماله الذي هو نماء ملكه ، أما قبله فليس بمتمول ، ولا يدخل تحت التقويم ، كما تقدم الكلام في ذلك سابقا ، وفي أن الحكم في الولد القرعة مع فرض الاشتباه في فراش آخر وصلاحيته لكل واحد منهما ، أما مع زواله فللأخير ، ويأتي على كلام الشيخ القرعة ، لكن زوال فراش الشبهة يكون بتمام عدتها منه على الظاهر ، ولو وطأها الزوج في أثنائها فهو وطء فراش وإن أثم بذلك وليس بزان ، فيلحق به الولد مع عدم صلاحية التولد إلا منه ، ويقرع بينه وبين المشتبه مع صلاحيته لهما ، والظاهر ترتب فراش المشتبهين كالفراش الصحيح ، فيحكم به للأخير منهم ، كما يحكم به له لو ترتب على الفراش الصحيح فضلا عن فراش الشبهة ، ويقرع بينهم مع اتحاد الفراش ، ويأتي في النفي والإقرار ما سمعته سابقا ، وكذا في دعوى الواحد مع‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠٥ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٤ والمستدرك الباب ـ ٧٦ ـ منها الحديث ١ والبحار ج ٦٠ ص ٣٤٠ و ٣٨٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦٧ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء والباب ـ ٧ ـ من أبواب العيوب والتدليس والباب ـ ٧ ـ من أبواب عقد النكاح الحديث ٢.

٢٤٨

سكوت الباقين أو نفيهم على نحو ما تقدم سابقا ، كما أنه يأتي به الحكم للأخير مع إمكانه وإلا فلسابقه ، وهكذا.

وبالجملة ينزل فراش المشتبه منزلة فراش الصحيح ، ويلحظ الحكم به كذلك ولعل العمدة في ذلك الإجماع ، ولولاه لأمكن القول بترجيح فراش المالك مثلا على فراش المشتبه عملا بإطلاق ما دل (١) على الحكم به لمن هي عنده ، فتأمل ، هذا كله في الرجل المشتبه.

أما إذا كان الاشتباه بالنسبة إلى الامرأة خاصة فقد يتوهم بجريان القرعة بينها وبين زوجها في اختصاصها بالولد واشتراكهما فيه ، و‌قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) : « للعاهر الحجر » ‌لا ينافي ذلك ، بل قد يقال بجريان جميع الأحكام السابقة على تقدير اشتباه الزوج ، إلا أنى لم أجد ذلك في شي‌ء من كلمات الأصحاب ، بل ربما لاح من بعضها ما ينافيه ، ولعله كذلك ، لأنها هي أم على كل حال ، والزاني لا شي‌ء له ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) « الولد للفراش » ‌يقتضي اللحوق به ، وقول الامرأة ليس لك غير مسموع ، ومن هنا كان الحكم معلقا في النص والفتوى على اشتباه الواطئ وزناه دونها ، فالمتجه حينئذ الحكم به لذي الوطء المحترم ما دام ممكنا حتى لو زال فراشه ، ضرورة كون الوطء المفروض تعقبه له زنا بمنزلة العدم وإن كانت هي مشتبهة ، والله العالم.

وكيف كان ف لو تزوج امرأة لظنها خالية أو لظنها موت الزوج أو طلاقه على وجه يكون مشتبها على ما قدمنا سابقا فبان أنه لم يمت ولم يطلق ردت على الأول قطعا بعد الاعتداد من الثاني الذي قد فرض اشتباهه واختص الثاني بالأولاد مع فرض حصول الشرائط السابقة في لحوق الأولاد سواء استندت في ذلك إلى حكم حاكم أو شهادة شهود عدول أو إخبار مخبر ولو فاسقا مع فرض تحقق موضوع الشبهة به ، كما هو واضح.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٣ و ٤ و ٧.

(٢) و (٣) الوسائل الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

٢٤٩

( القسم الثاني )

أما سنن الولادة وآدابها الواجبة والمندوبة فالواجب منها استبداد النساء بالمرأة عند الولادة دون الرجال إلا مع عدم النساء بلا خلاف أجده في شي‌ء من ذلك ، بل ولا إشكال ، ضرورة وجوب حضور من علم بحالها من النساء كفاية ، لوجوب حفظ النفس المحترمة عند تحقق ما يخشى منه تلفها مع عدم الحضور ، ومنه ما نحن فيه ، كضرورة وجوب استبدادهن بذلك للإجماع ، قيل : ولملازمة اطلاع الرجال حتى المحارم لما يحرم عليهم من النظر للعورة وغيرها ومسها وسماع الصوت ونحو ذلك ، بل ربما أدى حضورهم إلى تلفها وتلف ولدها باعتبار ما يحصل معها من الحياء ونحوه ، وربما يرشد إلى ذلك ما دل من نص (١) وفتوى على قبول شهادة النساء منفردات بالولادة والاستهلال ونحوهما.

نعم مع فرض عدم من يقوم بحاجتها من النساء يجب على الرجال ، وينبغي تقديم المحارم ، بل عن بعضهم وجوبه ، وهو لا يخلو من وجه ، بل قد يحتمل إيجاب جعل الأجنبي محرما مع الإمكان ، إلا أن الأقوى خلافه ، بل قد يقوى عدم اختصاص الوجوب بالمحارم لاتحاد الجميع في اقتضاء الدليل الدال على وجوب حفظ النفس المحترمة المرجح على غيره ، فتباح حينئذ المحظورات عند الضرورات التي اقتضت جواز لمس الطبيب ونظره حتى إلى العورة ، بل ربما نوقش في إطلاق عدم جواز مساعدة الرجال بعدم دليل عليه مع عدم استلزامها اطلاعهم على العورة وإن كان قد تدفع بما أومأنا إليه.

نعم لا بأس بالزوج وإن وجدت النساء لعدم حرمة شي‌ء عليه بلا خلاف فيه ،

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من كتاب الشهادات الحديث ٢ و ٣٨ و ٤١.

٢٥٠

بل ولا إشكال ، هذا ولكن في‌ خبر جابر (١) عن أبي جعفر عليه‌السلام « كان علي بن الحسين عليهما‌السلام إذا حضر ولادة المرأة قال : أخرجوا من في البيت من النساء ، لا تكون المرأة أول ناظر إلى عورته » ‌وهو حكم غريب مخالف للسيرة والفتاوى وغيره من النصوص (٢).

وأما الندب فقد ذكر المصنف منه ستة وإن كان المستفاد من النصوص أزيد من ذلك كاللف بخرقة بيضاء (٣) بل كراهة الصفراء (٤) وغير ذلك.

الأول غسل المولود بضم الغين كما هو مقتضى ذكر الأصحاب له في الأغسال ، بل لعله الظاهر من الأخبار (٥) لذلك ، وربما احتمل الفتح ، وقد تقدم الكلام فيه وفي اعتبار الترتيب فيه وغيره من أحكام الغسل على الأول ، وفي أن وقته كما هو المنساق من النص (٦) ، والفتوى والعمل حين الولادة ، وفي أن المشهور ندبه ، وقيل بالوجوب تمسكا بظاهر النص (٧) في الأغسال المندوبة من كتاب الطهارة مفصلا ، فلاحظ وتأمل.

والثاني الأذان في أذنه اليمنى.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب أحكام الأولاد والباب ٢٤ من كتاب الشهادات.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٤ و ١٠ و ١٣ و ١٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٥ و ١٣ و ١٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأغسال المسنونة الحديث ٣ والباب ـ ٢٧ ـ منها من كتاب الطهارة.

(٦) و (٧) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأغسال المسنونة الحديث ٣.

٢٥١

والثالث الإقامة في اليسرى‌ للنبوي (١) « من ولد له مولود فليؤذن في أذنه اليمنى أذان الصلاة ، وليقم في أذنه اليسرى ، فإنه عصمة من الشيطان الرجيم » وقال الصادق عليه‌السلام لأبي يحيى الرازي (٢) : « إذا ولد لكم مولود أي شي‌ء تصنعون به؟ قلت : لا أدري ما يصنع به ، قال : خذ عدسة جاوشير فدفه بالماء ثم قطر في أنفه في المنخر الأيمن قطرتين وفي الأيسر قطرة ، وأذن في أذنه اليمنى أذان الصلاة ، وأقم في اليسرى ، تفعل به ذلك قبل أن تقطع سرته ، فإنه لا يفزع أبدا ولا تصيبه أم الصبيان » ‌إلى غير ذلك من النصوص (٣) المعتضدة بالفتوى ، لكن في‌ خبر حفص الكناني (٤) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « مروا القابلة أو بعض من يليه أن يقيم الصلاة في أذنه اليمنى » ‌ويمكن حمله على الرخصة أو على استحباب ذلك أيضا مضافا إلى الأول ، والأمر سهل.

هذا وربما ظهر من بعض اختصاص الاستحباب قبل قطع السرة ، ولعله للخبر المزبور ، ولكن فيه أنه مناف لإطلاق النص والفتوى ، والخبر المذكور إنما ذكر فيه ذلك والدواء لأجل تينك الغايتين ، فلا ينافي إطلاق الاستحباب منفردا حتى بعد قطع السرة لأمر آخر غيرهما ، بل ظاهر بعض النصوص أو صريحه المتضمن لفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٥) والكاظم عليه‌السلام (٦) وقوع ذلك منهما بعد قطع السرة ، بل قيل قد ورد (٧) فعلهما بالسابع ولا بأس بالجميع وإن اختلفت غاياته ، والله العالم.

والرابع تحنيكه بماء الفرات الذي هو النهر المعروف ،

__________________

(١) و (٢) و (٤) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ١ ـ ٢ ـ ٣

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٢ و ٤ و ٥ و ٧ و ١٠ و ١٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٥ و ٧ و ١٠ و ١٥.

(٦) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٤.

(٧) البحار ج ١٠٤ ص ١٢٢ ط الحديث.

٢٥٢

وبتربة الحسين عليه‌السلام للنصوص (١) فان لم يوجد ماء الفرات فبماء السماء كما في النص (٢) لكن المصنف بل قيل والأصحاب قالوا بماء فرات أي عذب ، ولم يحضرني نص عليه وما في كشف اللثام ـ أنه يمكن فهمه من بعض نصوص ماء الفرات بناء على احتمال إضافة العام إلى الخاص ـ لا يخفى عليك ما فيه ، كما لم يحضرني نص على ما قالوه أيضا ف ان لم يوجد إلا ماء ملح جعل فيه شي‌ء من التمر أو العسل نعم قد ورد (٣) استحباب التحنيك بالتمر نفسه بل وفي المحكي عن فقه الرضا عليه‌السلام (٤) العسل أيضا وإن كان لا بأس بخلط شي‌ء من العسل والتمر بماء الفرات أو السماء وتحنيكه به ، فان فيه جمعا بين الجميع ، والمراد بالتحنيك ما هو المنساق إلى الذهن إدخال ذلك إلى حنكه ، وهو أعلى داخل الفم.

ثم الخامس أن يسميه أحد الأسماء المستحسنة فإن ذلك من حق الولد على الوالد ، وأنه يدعى باسمه يوم القيامة وأفضلها على ما ذكره المصنف والفاضل ما يتضمن العبودية لله سبحانه وتعالى ، نحو عبد الله وعبد الرحمن وعبد الرحيم ونحو ذلك وإن ذكر جماعة أنا لم نقف على نص في ذلك ، وإنما الموجود إن أصدقها ما تضمن العبودية لله وأفضلها أسماء الأنبياء عليهم‌السلام ، قال الباقر عليه‌السلام (٥) « أصدق الأسماء ما سمي بالعبودية ، وأفضلها أسماء الأنبياء » ‌وهو لا يقتضي الأفضلية.

قلت : قال أبو جعفر عليه‌السلام في خبر جابر (٦) المروي عن الخصال قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ألا أن خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن وحارثة وهمام ، وشر‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٢ و ٣ و ٤.

(٢) و (٣) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٣ ـ ١

(٤) المستدرك الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٥.

٢٥٣

الأسماء ضرار ومرة وحرب وظالم ».

وفي‌ خبر ابن حميد (١) أنه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام وشاوره في اسم ولده ، فقال : « سمه بأسماء العبودية ، فقال : أي الأسماء هو؟ قال : عبد الرحمن » ‌ولا يبعد دعوى الأفضلية فيها على غيرهما ، وأما هما فلكل منهما جهة ، فما اشتمل على العبودية من جهة الخضوع والاعتراف بالعبودية.

وأما أسماء الأنبياء عليهم‌السلام فللتبرك والتيمن ، بل لا يبعد أفضلية اسم « محمد » ، منها بل لا يبعد كراهية ترك التسمية به فيمن ولد له أربعة أولاد ، ففي‌ خبر عاصم الكردي (٢) عن الصادق عليه‌السلام « أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : من ولد له أربعة أولاد ولم يسم أحدهم باسمي فقد جفاني » ‌والأمر سهل. وفي‌ خبر سليمان بن جعفر الجعفري (٣) « سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : لا يدخل الفقر بيتا فيه اسم محمد أو أحمد أو علي أو الحسن أو الحسين أو جعفرا أو طالب أو عبد الله أو فاطمة من النساء ».

وعلى كل حال فقد بان لك قول المصنف ويليها أسماء الأنبياء والأئمة عليهم‌السلام كما بان لك إمكان دعوى رجحان تسمية الإناث بأسماء الصالحات منهن ، وخصوصا اسم فاطمة منها.

والسادس أن يكنيه أي المولود ذكرا كان أو أنثى مع الاسم ، والمراد بها ما صدر بأب وأم مخافة النبز وهو لقب السوء ، قال الباقر عليه‌السلام في خبر محمد بن ختيم (٤) « إنا لنكني أولادنا في صغرهم مخافة النبز أن يلحق بهم » ‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٢ عن عاصم الكوزي كما في الكافي ج ٦ ص ١٩.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ١ عن معمر بن خثيم كما في الكافي ج ٦ ص ١٩ والتهذيب ج ٧ ص ٤٣٨.

٢٥٤

وفي‌ خبر السكوني (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « من السنة والبر أن يكنى الرجل باسم أبيه».

وكيف كان فقد روى مستفيضا (٢) استحباب التسمية يوم السابع لكن أكثر الأخبار مطلق ، بل في بعضها قبل الولادة ، وفي آخر بعدها كما في السقط.

ففي‌ خبر أبى بصير (٣) عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه : « سموا أولادكم قبل أن يولدوا ، فان لم تدروا ذكرا أو أنثى فسموهم بالأسماء التي تكون للذكر والأنثى ، فإن أسقاطكم إذا لقوكم في يوم القيامة ولم تسموهم يقول السقط لأبيه : ألا سميتني ، وقد سمى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محسنا قبل أن يولد» ‌وفي‌ خبر أبي البختري (٤) المروي عن قرب الاسناد عن أبى عبد الله عليه‌السلام « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سموا أسقاطكم ، فإن الناس إذا دعوا يوم القيامة بأسمائهم تعلق الأسقاط بآبائهم ، فيقولون : لم لم تسمونا؟ فقيل : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من عرفناه أنه ذكر سميناه باسم الذكور ، ومن عرفناه أنه أنثى سميناه باسم الإناث أرأيت من لم يستبن خلقه كيف نسميه؟ قال : بالأسماء المشتركة ، مثل زائدة وطلحة وعنبسة وحمزة ».

ولعل الوجه في ذلك أنه يستحب تسمية الحمل ما دام حملا بمحمد فإذا ولد بقي على ذلك إلى اليوم السابع ، فان شاء غيره فيه وإن شاء أبقاه ، وأما السقط فليس له سابع فيستحب عند ولادته ، قال الصادق عليه‌السلام في مرسل أحمد (٥) « لا يولد لنا ولد إلا سميناه محمدا ، فإذا مضى سبعة أيام فإن شئنا غيرنا وإن شئنا تركنا » ‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٦ و ٤٤ ـ من أبواب أحكام الأولاد.

(٣) و (٤) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ١ ـ ٢

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ١.

٢٥٥

فيراد حينئذ مما ورد (١) من استحباب التسمية في اليوم السابع الاسم المستقر أو يراد أن منتهى الرخصة في التأخير إلى اليوم السابع ، والله العالم.

ويكره أن يكنيه أبا القاسم إذا كان اسمه محمدا لخبر السكوني (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن أربع كنى : عن أبى عيسى ، وعن أبى الحكم ، وعن أبى مالك ، وعن أبى القاسم إذا كان الاسم محمدا » ‌والظاهر أن القيد للأخير ، أما الثلاثة فتكره مطلقا.

وكذا أبو مرة ففي‌ خبر زرارة (٣) « سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : كان رجل يغشي علي بن الحسين عليهما‌السلام كان يكنى أبا مرة ، وكان إذا استأذن عليه كان يقول : أبو مرة بالباب ، فقال له علي بن الحسين عليه‌السلام : يا هذا إذا جئت بابنا فلا تقولن أبو مرة».

وكذا يكره أن يسميه حكما أو حكيما أو خالدا أو حارثا أو مالكا أو ضرارا ففي‌

خبر عثمان (٤) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا بصحيفة حين حضره الموت يريد أن ينهى عن أسماء يسمى بها ، فقبض ولم يسمها ، منها الحكم وحكيم وخالد ومالك وذكر أنها ستة أو سبعة مما لا يجوز أن يسمى بها ».

وفي‌ خبر محمد بن مسلم (٥) عن أبي جعفر عليه‌السلام « إن أبغض الأسماء إلى الله سبحانه حارث ومالك وخالد » ‌وقد سمعت خبر الخصال (٦) الدال على النهي عن ضرار ، بل فيها غير الأسماء المزبورة ولا بأس ، بل قد يستفاد من‌ خبر علي بن عنبسة (٧)

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٦ و ٤٤ ـ من أبواب أحكام الأولاد.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ١.

(٤) و (٥) و (٦) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ١ ـ ٢ ـ ٥ حماد بن عثمان.

(٧) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٦ عن على بن عطية أنه عليه‌السلام قال لعبد الملك بن أعين.

٢٥٦

عن الصادق عليه‌السلام أنه قال لعبد الله بن أعين : « كيف سميت ابنك ضريسا؟ قال : كيف سماك أبوك جعفرا؟ قال : إن جعفرا نهر في الجنة وضريس من أسماء الشيطان » ‌وكراهة التسمية بضريس بل بكل اسم من أسماء الشياطين وصفاتهم بل والأسماء المنكرة باعتبار الاشتمال على الصفات الذميمة ، كما أنه قد يستفاد كراهة التسمية بصفات الخالق ، والأمر سهل. والله العالم.

وأما اللواحق فثلاثة : الأول سنن اليوم السابع والثاني الرضاع والثالث الحضانة وقد ذكر المصنف وغيره أن‌ سنن اليوم السابع أربع مضافا إلى ما سمعته من التسمية الحلق والختان وثقب الأذن والعقيقة‌ ـ قال الصادق عليه‌السلام في خبر أبي بصير (١) « في المولود يسمى في يوم السابع ، ويعق عنه ، ويحلق رأسه ، ويتصدق بوزن شعره فضة ويبعث إلى القابلة بالرجل مع الورك ، ويطعم منه ويتصدق ».

وفي خبره الآخر (٢) « إذا ولد لك غلام أو جارية فعق عنه يوم السابع شاة أو جزورا ، وكل منها وأطعم ، وسم ، واحلق رأسه يوم السابع ، وتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة ، وأعط القابلة طائفا من ذلك ، فأي ذلك فعلت أجزأك » وقال أبو الصباح الكناني (٣) : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصبي المولود متى يذبح عنه ويحلق رأسه ويتصدق بوزن شعره ويسمى؟ قال : كل ذلك يوم السابع ».

وفي‌ موثق عمار (٤) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن العقيقة عن المولود كيف هي؟

قال : إذا أتى على المولود سبعة أيام سمي بالاسم الذي سماه الله تعالى ، ثم يحلق رأسه ويتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة ، ويذبح عنه كبش ».

إلى غير ذلك من النصوص (٥) الدالة على ذلك التي لا ينافي زيادتها على أربع‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ١.

(٢) و (٣) و (٤ ) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٧ ـ٣ ـ ٤

(٥) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ وغيره من أبواب أحكام الأولاد.

٢٥٧

بعد أن كانت هي فيها كالصدقة بوزن الشعر ولطخ الرأس بالزعفران والخلوق ونحوها.

فأما الحلق منها ف قد عرفت أن من السنة حلق رأسه يوم السابع ولو في آخر جزء منه ، بل‌ في الصحيح (١) « عن مولود لم يحلق رأسه يوم السابع فقال إذا مضى سبعة أيام فليس عليه حلق » ‌وإن كان قد يقال باستحبابه أيضا‌ للمروي (٢) في محكي العلل « إن العلة في الحلق التطهير من شعر الرحم » ‌بل في الرياض « أنه مؤيد لما يقتضيه إطلاق النص والفتوى من عدم الفرق في ذلك بين الذكر والأنثى » قلت : بل قد سمعت خبر أبي بصير المصرح فيه بالغلام أو الجارية ولا ينافيه خبر أبي الصباح.

وينبغي أن يكون مقدما على العقيقة ، قيل لظاهر‌ الحسن (٣) « عن العقيقة والحلق والتسمية بأيها يبدأ؟ قال : يصنع ذلك كله في ساعة واحدة ، يحلق ويذبح ويسمى » ‌وفيه نظر ، نعم‌ في الروضة قال إسحاق بن عمار (٤) للصادق عليه‌السلام : « بأي يبدأ؟ قال : تحلق رأسه وتعق عنه وتتصدق بوزن شعره فضة ، يكون ذلك في مكان واحد » ‌والأمر سهل.

وأما التصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة فقد عرفت ما يدل عليه ، وقد يحتمل رجحان الفضة ، للاقتصار عليها في جملة من النصوص (٥).

ويكره أن يحلق من رأسه موضع ويترك موضع ، وهي القنازع.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٠ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ١ وفيه‌ « سألته عن مولود يحلق رأسه يوم السابع » ‌وفي الكافي ج ٦ ص ٣٨‌ « سألته عن مولود يحلق رأسه بعد يوم السابع » ‌الا أن الموجود في الفقيه ج ٣ ص ٣١٦ كالجواهر وفي التهذيب ج ٧ ص ٤٤٦‌ « سألته عن مولود لم يحلق رأسه بعد يوم السابع » ‌أيضا.

(٢) و (٣) و (٤) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٢١ ـ ٢ ـ ٩

(٥) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ١ و ٢ و ٨ و ٩.

٢٥٨

ففي‌ خبر السكوني (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « لا تحلقوا الصبيان القزع ، والقزع أن تحلق موضعا وتترك موضعا » قيل : وفي بعض النسخ « لا تخلفوا الصبيان » ‌بالخاء المعجمة والفاء ، والمراد بها حينئذ واضح ، كما أن المراد على الأول بتقدير مضاف أي حلق القزع ، وأصل القزع بالتحريك : قطع من السحاب ، الواحد قزعة ، وسمي حلق بعض الرأس وترك بعضه في مواضع متعددة بذلك تشبيها بقطع السحاب المتفرقة ، ويقال : القنازع الواحد قنزعة بضم القاف والزاء وفتحهما وكسرهما.

وعلى كل حال فلا ريب في الكراهة ، بل في‌ خبر السكوني (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « أنه أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بصبي يدعو له وله قنازع ، فأبى أن يدعو له ، وأمر أن يحلق رأسه » ‌لكن قد ينافي ذلك ما روى من ثبوت ذلك للحسن والحسين عليهما‌السلام‌قال ابن خالد (٣) : « سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن التهنئة بالولد متى؟ قال : إنه لما ولد الحسن بن علي عليهما‌السلام هبط جبرئيل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالتهنئة في اليوم السابع ، وأمره أن يسميه ويكنيه ويحلق رأسه ويعق عنه ويثقب أذنه ، وكذلك كان حين ولد الحسين عليه‌السلام ، فأمره بمثل ذلك ، قال وكان لهما ذؤابتان في القرن الأيسر ، وكان الثقب في الأذن اليمنى في شحمة الأذن ، وفي اليسرى في أعلى الأذن ، والقرط في اليمنى ، والشنف في اليسرى » ‌

وفي الكافي روى (٤) « أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ترك لهما ذؤابتين في وسط الرأس ». وربما قيل بأن ما دل على الكراهة مخصوص بما إذا كان ما يترك بغير حلق في مواضع متفرقة لا في موضع واحد ، لظهور كلام أهل اللغة في اختصاص القزع بذلك ، ف‌

في نهاية ابن الأثير « في الحديث (٥) « نهى عن القنازع » ‌وهو أن يأخذ بعض الشعر ويترك منه مواضع متفرقة كالقزع » ونحوه عن القاموس ، وفيه أنه مناف لما رواه‌ القداح (٦) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « أنه كان يكره القزع في رؤوس‌

__________________

(١) و (٢) و (٤) و (٦) الوسائل الباب ـ ٦٦ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ١ ـ ٢ ـ ٥ ـ ٣

(٣) الوسائل الباب ـ ٥١ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٢.

(٥) نهاية ابن الأثير ـ مادة : « قنزع ».

٢٥٩

الصبيان ، وذكر أن القزع أن يحلق الرأس إلا قليلا ويترك وسط الرأس ، وتسمى القزعة».

وأما الختان ف لا خلاف في أنه مستحب يوم السابع بل الإجماع بقسميه عليه ، والنصوص به مستفيضة أو متواترة ( فمنها ) ما تقدم ، و ( منها ) قول الصادق عليه‌السلام في خبر السكوني (١) « اختنوا أولادكم لسبعة أيام ، فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم ، وأن الأرض لتكره بول الأغلف » ‌و ( منها ) قوله عليه‌السلام أيضا في خبره الآخر (٢) « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طهروا أولادكم يوم السابع ، فإنه أطيب وأطهر وأسرع لنبات اللحم ، وأن الأرض تنجس من بول الأغلف أربعين يوما » وكتب عبد الله بن جعفر (٣) إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام « أنه روى عن الصادقين عليهما‌السلام أن اختنوا أولادكم يوم السابع يطهروا ، وإن الأرض تضج إلى الله من بول الأغلف ، وليس جعلت فداك بحجامي بلدنا حذق بذلك ، ولا يحسنونه يوم السابع ، وعندنا حجام اليهود ، فهل يجوز لليهود أن يختنوا أولاد المسلمين أم لا؟ فوقع عليه‌السلام : السنة ـ أي في الختان ـ يوم السابع ، فلا تخالفوا السنن » ‌إلى غير ذلك من النصوص.

ولكن لو أخر عنه جاز بلا خلاف ، بل الإجماع بقسميه عليه مضافا إلى ظهور النصوص المزبورة في استحبابه المقتضى جوازه تركه فيه ، وإلى‌ صحيح ابن يقطين (٤) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن ختان الصبي لسبعة أيام من السنة هو أو يؤخر وأيهما أفضل؟ قال : لسبعة أيام من السنة ، وإن أخر فلا بأس » ‌وإلى غيرها.

نعم لو بلغ ولم يختن وجب أن يختن نفسه بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٥ وهو خبر مسعدة ابن صدقة.

(٢) و (٣) الوسائل الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ٤ ـ ١

(٤) الوسائل الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ١.

٢٦٠