جواهر الكلام - ج ٣٠

الشيخ محمّد حسن النّجفي

المرأة ، فقد ابتليت » ‌الذي هو بعد تسليم حجيته في الجنون المتجدد ، كالمرسل عن الفقيه ، فإنه بعد أن روى خبر ابن أبي حمزة (١) الآتي في المتجدد قال : « وروى في خبر آخر (٢) أنه إن بلغ به الجنون مبلغا لا يعرف أوقات الصلاة فرق بينهما ، فان عرف أوقات الصلاة فلتصبر المرأة معه ، فقد ابتليت » ‌وستعرف تحقيق المسألة وعلى كل حال فلا ريب في أن لها الخيار بالجنون السابق مطلقا.

بل ( وكذا المتجدد بعد العقد وقبل الوطء أو بعد العقد والوطء ) بلا خلاف أجده فيه مع عدم عقل أوقات الصلاة ، بل يمكن تحصيل الإجماع عليه ، كما هو ظاهر غير واحد ، بل مطلقا وفاقا لجماعة ، لنفي الضرر والضرار (٣) ، ولإطلاق الصحيحين (٤) بناء على دلالتهما ، ولخبر علي بن أبي حمزة (٥) « سئل أبو إبراهيم عليه‌السلام عن امرأة يكون له زوج قد أصيب في عقله بعد ما تزوجها أو عرض له جنون ، قال : لها أن تنزع نفسها منه إن شاءت ».

وخلافا للمحكي عن ابن بابويه والمفيد والشيخ وبني زهرة والبراج وإدريس فقيدوه بما إذا كان لا يعقل معه أوقات الصلاة وإلا فلا خيار ، بل في الرياض نسبته إلى الأكثر ، للأصل والمرسل (٦) والرضوي (٧) وإليه أشار المصنف بقوله : ( وقد يشترط في المتجدد أن لا يعقل أوقات الصلاة وهو في موضع التردد ) من إطلاق الخبر المزبور (٨) المؤيد باستبعاد الفرق بين ما قبل العقد وبعده ، خصوصا‌

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ١ ـ ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من كتاب احياء الموات.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٦ والتهذيب ج ٧ ص ٤٢٤ ـ الرقم ١٦٩٣ وص ٤٢٦ ـ الرقم ١٧٠١.

(٥ و ٨) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٣.

(٧) المستدرك الباب ـ ١١ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ١.

٣٢١

إذا كان المستند في الأول إطلاق النصوص (١) الذي لا فرق فيه بين السابق والمتجدد ، ومن المرسل (٢) المؤيد بالرضوي (٣) وأصالة اللزوم فيمن يعقل ، وعدم الجابر لخبر ابن أبي حمزة بالنسبة إلى ذلك ، بل الموهن محقق ، بل لا بأس بتقييده بالمرسل المزبور المنجبر بفتوى الأكثر ، ومن هنا كان مختار بعض الأفاضل ذلك ، لكن الذي يقوى في النظر أنه لا خلاف في المسألة أصلا ، وإن كان أول من يوهم كلامه ذلك ابن إدريس فيما حكي عنه ، كما أن أول من ظنه المصنف وتبعه الفاضل ومن تأخر عنهما ، إلا أن مراد الأصحاب بعدم عقله أوقات الصلاة ، تحقق الجنون الذي يسقط معه التكليف ، لا أنه تقسيم للجنون المسقط للتكليف إلى قسمين أحدهما ما يعقل والأخر ما لا يعقل ، والمسلط للخيار الثاني في الثاني بخلاف السابق فإنه بقسميه مسلط للخيار ، إذ هو كما ترى لا ينبغي صدوره من أصاغر الطلبة فضلا عن أساطين المذهب وقوامه.

ومن ذلك يعرف عدم الفرق بين السابق والمتجدد كما سمعته عن ابن حمزة ، بل والمبسوط والمهذب المشعرين بالإجماع عليه ، وكأن من اقتصر على ذكر ذلك في المتجدد اعتمد على ثبوته في السابق بطريق أولى ، لا لاختصاص الخيار به ، وحينئذ يظهر لك من ذلك ما في كثير من كتب الأصحاب المحررة لهذه المسألة.

ثم إن ظاهر الفتاوى بل كاد يكون صريح جامع المقاصد عدم الفرق في هذا الحكم بين الدائم والمنقطع ، ولا بأس به ، بل قد يدعى شمول النص له ، والله العالم.

( و ) أما ( الخصاء ) بالكسر والمد فهو ( سل الأنثيين ) أي إخراجهما ( وفي معناه ) بل قيل منه ( الوجاء ) بالكسر والمد ، وهو رضهما ، فالمشهور بين الأصحاب أنه عيب تتسلط به الامرأة الجاهلة على الفسخ ، لحديث الضرار (٤)

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ و ١٢ ـ من أبواب العيوب والتدليس.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٣.

(٣) المستدرك الباب ـ ١١ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من كتاب احياء الموات.

٣٢٢

وخصوص المعتبرة المستفيضة كصحيح ابن مسكان (١) « بعثت بمسألة مع ابن أعين ، قلت : سله عن خصي دلس نفسه لامرأته فدخل بها فوجدته خصيا ، قال : يفرق بينهما ، ويوجع ظهره ، ويكون لها المهر بدخوله عليها » وفي رواية الكشي (٢) « أنه كتب بذلك إلى الصادق عليه‌السلام مع إبراهيم بن ميمون » ‌والموثق (٣) عن أحدهما عليهما‌السلام « في خصي دلس نفسه لامرأة مسلمة فتزوجها فقال : يفرق بينهما إن شاءت المرأة ، ويوجع رأسه ، وإن رضيت به وأقامت معه لم يكن لها بعد رضاها به أن تأباه » والآخر (٤) عنه عليه‌السلام « إن خصيا دلس نفسه لامرأة ، قال : يفرق بينهما ، وتأخذ المرأة منه صداقها ، ويوجع ظهره كما دلس نفسه » وصحيح علي بن جعفر (٥) عن أخيه عليه‌السلام المروي عن قرب الاسناد « سألته عن خصي دلس نفسه لامرأة ما عليه؟ قال : يوجع ظهره ، ويفرق بينهما ، وعليه المهر إن دخل بها ، وإن لم يدخل فعليه نصف المهر » ‌وما‌ عن الفقه (٦) المنسوب إلى الرضا عليه‌السلام « وإن تزوجها خصي فدلس نفسه لها وهي لا تعلم فرق بينهما ، ويوجع ظهره كما دلس نفسه ، وعليه نصف الصداق ، ولا عدة عليها منه ، فان رضيت بذلك لم يفرق بينهما ، وليس لها الخيار بعد ذلك » ‌لكن مع ذلك كله فعن المبسوط والخلاف أنه ليس بعيب ، لأنه يولج ، بل ربما كان أبلغ من الفحل ، لعدم فتوره إلا أنه لم ينزل ، وهو ليس بعيب ، إنما العيب عدم الوطء ، وفي كشف اللثام « ولعله يحمل الأخبار على من لا يتمكن من الإيلاج ، وليس ببعيد » وفيه أنه مناف لما في أكثرها (٧) من أخذ صداقها أجمع منه المشروط بالدخول المصرح به في بعضها (٨) نعم قد يقال : إن النصوص جميعها قد اشتملت على التدليس ، ولعل خيارها من جهته ، لا من حيث‌

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٣ ـ ٧ ـ ١.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٢ ـ ٥.

(٦) المستدرك الباب ـ ١٢ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٢.

(٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ـ ٠ ـ ٣.

٣٢٣

كونه عيبا ، كما عساه يومئ إليه ما‌ في بعضها (١) « كما دلس نفسه » ‌الذي هو بمنزلة التعليل مؤيدا ذلك بأصالة اللزوم ، وما في النص (٢) الآتي من عدم رد الرجل بعيب ، اللهم إلا أن يقال : يكفي في التدليس عدم أخباره بنفسه ، بل لو لم يكن الخصاء عيبا لم يتحقق الخيار بتدليسه أيضا فتأمل.

ولا إشكال في الوجاء مع فرض كونه فردا منه وإن كان مشكلا إلا أن يفهم التعليل من‌ قوله عليه‌السلام (٣) : « كما دلس نفسه » ‌مع أنه بمعناه.

ومنه يستفاد ثبوت الخيار حينئذ في فاقد الأنثيين خلقة ونحوه مما هو كالخصي. ( و ) الموجوء إن يكن داخلا فيهما.

نعم ( إنما يفسخ به ) أي الخصاء وما في معناه ( مع سبقه على العقد ) دون المقارن فضلا عن المتجدد بعده وخصوصا بعد الوطء ، للأصل واختصاص النصوص به. ( و ) لكن مع ذلك ففي المتن وغيره ( قيل ) تفسخ به ( وإن تجدد ) بعد العقد قبل الوطء بل قيل وبعد الوطء ( و ) مع أنه ( ليس بمعتمد ) لم نعرف دليلا معتدا به له ، والله العالم.

( و ) الثالث ( العنن ) وهو ( مرض تضعف معه القوة عن نشر العضو بحيث يعجز عن الإيلاج ) بل لا يبعد اندراج ما كان عن سحر موضوعا أو حكما كما في كشف اللثام وغيره ، ولعله المراد من بعض النصوص (٤) الاتية المشتملة على أخذه الزوج بالضم التي هي على ما قيل رقية كالسحر ، وربما ظهر من بعضهم اعتبار عدم شهوة النساء فيه ، وفيه منع واضح.

( و ) لا إشكال في أنه ( يفسخ به ) العقد ، بل الإجماع بقسميه عليه ، مضافا إلى النصوص كخبر عباد الضبي أو غياث (٥) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في العنين إذا علم أنه لا يأتي النساء فرق بينهما ، فإذا وقع عليها دفعة واحدة لم يفرق بينهما ،

__________________

(١ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٢.

(٢ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٢ ـ ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٢.

٣٢٤

والرجل لا يرد من عيب » ‌وصحيح أبى بصير (١) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن امرأة ابتلى زوجها فلم يقدر على الجماع أتفارقه؟ قال : نعم إن شاءت » وعن ابن مسكان (٢) أنه قال : وعن حديث آخر « ينتظر سنة فان أتاها وإلا فارقته ، وإن أحبت أن تقيم معه فلتقم معه » ‌والموثق (٣) عنه عليه‌السلام أيضا « أنه سئل عن رجل أخذ عن امرأته فلا يقدر على إتيانها ، قال : إن كان لا يقدر على إتيان غيرها من النساء فلا يمسكها إلا برضاها بذلك ، وإن كان يقدر على غيرها فلا بأس بإمساكها » ‌ونحوه خبر السكوني (٤) و‌صحيح الكناني (٥) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن امرأة ابتلى زوجها فلم يقدر على الجماع أبدا أتفارقه؟ قال : نعم : إن شاءت » وخبر السكوني (٦) عن أبى عبد الله عليه‌السلام « قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من أتى امرأة مرة واحدة ثم أخذ عنها فلا خيار لها » ‌وفي محكي الفقيه و‌في خبر آخر (٧) « أنه متى أقامت المرأة مع زوجها بعد أن علمت أنه عنين ورضيت لم يكن لها خيار بعد الرضا » ‌وصحيح ابن مسلم (٨) عن أبى جعفر عليه‌السلام « العنين يتربص به سنة ، ثم إن شاءت امرأته تزوجت ، وإن شاءت أقامت » وخبر غياث بن إبراهيم (٩) عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام « إن عليا عليه‌السلام لم يكن‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ١.

(٤) ليس في المقام لسكونى رواية إلا ما يذكرها بعد صحيح الكناني الاتى ، وقد ذكر في الوافي ج ١٢ ص ٨٤ الباب ـ ٨٨ ـ من أبواب النكاح بعد نقله موثق عمار ان السكوني روى عن أبى عبد الله عليه‌السلام مثله في الفقيه ، والظاهر أنه سهو من قلمه الشريف أو من النساخ إذ لم نعثر في الفقيه عليها كما لم نجدها في الكافي والتهذيب والاستبصار.

(٥ و ٦ و ٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٦ ـ ٤ ـ ١٠ ـ ٥.

(٩) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٢ وفيه‌ « ويرد من العسر » ‌كما في التهذيب ج ٧ ص ٤٣٣ ـ الرقم ١٧٢٥ الا ان الموجود في الوافي ج ١٢ ص ٨٤ الباب ـ ٨٨ ـ من أبواب النكاح نقلا عن التهذيب‌ « من العنن ».

٣٢٥

يرد من الحمق ، ويرد من العنن » وخبر أبي البختري (١) عن أبى جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام « إن عليا عليه‌السلام كان يقول : يؤخر العنن سنة من يوم مرافعة امرأته ، فإن خلص إليها ، وإلا فرق بينهما ، فان رضيت أن تقيم معه ثم طلبت الخيار بعد ذلك فقد سقط الخيار ولا خيار لها » ‌إلى غير ذلك من النصوص الدالة عليه منطوقا ومفهوما الظاهرة في أن لها الفسخ به ( وإن تجدد بعد العقد ) كما هو المعروف بين الأصحاب ، بل لا أجد فيه خلافا منا ، بل الإجماع بقسميه عليه ، لإطلاق الأدلة ، بل لعله الفرد الظاهر المتجدد ولو بالاستصحاب.

فما في جامع المقاصد ـ من أنه يلوح من عبارة المبسوط عدم ثبوت الخيار به ، قال : « العيب الحادث بالزوج بعد العقد ، فكل العيوب تحدث فيه إلا العنن ، فإنه لا يكون فحلا ثم يصير عنينا عن نكاح واحد ، وعندنا لا يرد الرجل من عيب يحدث به إلا الجنون » ـ في غير محله ، فان مراده بحسب الظاهر ما حكي عنه في مقام آخر « إذا تزوج امرأة ودخل بها ثم عجز عن جماعها لم يحكم بأنه عنين ، ولا تضرب له مدة بلا خلاف من أنه لا عنن شرعي بعد الدخول ولو مرة ».

وعلى كل حال فلا إشكال في ثبوت الخيار بالمتجدد ( لكن بشرط أن لا يطأ زوجته ولا غيرها ، فلو وطأها ولو مرة ثم عن أو أمكنه وطء غيرها مع عننه عنها لم يثبت لها الخيار على الأظهر ) الأشهر ، بل عن المبسوط والخلاف نفى الخلاف فيه ، للأخبار التي سمعتها المنجبرة بما عرفت ولرجاء زواله حينئذ ، خلافا للمحكي عن ابن زهرة وظاهر المفيد من تخييرها مطلقا مدعيا عليه أو لهما الإجماع الموهون بما سمعت ، وللضرر وخبر الكناني (٢) وما شابهه التي يمكن حملها على غيرها من الأخبار المقيدة ، فما في المختلف من التوقف في غير محله ، كما أن فيما حضرني من نسخة الرياض من نقل الشهرة وغيرها كذلك ، لظهور كونه خلافا في النقل.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٩ ـ ٦.

٣٢٦

نعم الظاهر الاكتفاء بتحقق العنن بالنسبة إليها حتى يعلم أنه يطأ غيرها ، لا أنه لا بد من عرض على الغير حتى يعلم أنه عاجز عن وطء غيرها ، وإن كان ربما يوهمه بعض النصوص السابقة نحو‌ قوله عليه‌السلام (١) « إذا علم أنه لا يأتي » وقوله عليه‌السلام (٢) : « إن كان لا يقدر » ‌إلى آخره لكن المراد العلم ولو بهذا الطريق ، ضرورة ظهور نصوص التأجيل في فسخها عند انتهاء الأجل لمجرد عجزه عنها في الأجل مع عدم العلم بحاله في غيرها ، وحينئذ لا يقدح فيما ذكرنا دعوى دخول العجز عن وطء أحد في مفهوم العنن.

كما أن الظاهر اعتبار عدم وطئها ولو مرة ، فلا يسقط خيارها بوطء غيرها بعد عقدها ثم اعتراه العنن بعد الخلوة بها أو قبله ، فان النصوص السابقة إنما أسقطت خيارها بوطئها ولو مرة ، لا مطلق الوطء وإن كان القول به لا يخلو من وجه بل قوة.

وعلى كل حال فما عن ظاهر المفيد من ثبوت الخيار بالعجز عن وطئها وإن تمكن من وطء غيرها مناف لأصالة اللزوم ، وللإجماع المحكي إن لم يكن المحصل ، ولما سمعته من بعض النصوص التي لا ينافيها إطلاق بعضها المحمول عليها أو المبنى على ما أومأنا إليه سابقا من تحقيق العنن بالعجز عنها وعدم العلم بإمكان وطء غيرها ، ولعل هذا هو مراد المفيد ، وإلا كان محجوجا بما عرفت.

بل ( وكذا ) يسقط خيارها ( لو وطأها ) بعد العقد ( دبرا وعن قبلا ) لارتفاع العنن حينئذ ولاندراجه في النصوص (٣) السابقة حينئذ بناء على ما سمعته من جواز الوطء في الدبر‌ « فإنه أحد المأتيين » (٤) ‌أما بناء على عدم جوازه فيشكل اندراجه فيها فتبقى الإطلاقات المقتضية للخيار حينئذ سالمة عن المعارض ،

__________________

(١ و ٢) المتقدم في ص ٣٢٤ الرقم ٥ وص ٣٢٥ الرقم ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب العيوب والتدليس.

(٤) الوسائل الباب ـ ٧٣ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٧.

٣٢٧

ولعله لذا قيد السقوط بذلك في الروضة والمسالك ، بل قد يحتمل ذلك على القول بالجواز أيضا بدعوى انسياق غيره من نصوص التقييد ، فيبقى الإطلاق سالما كما أنه قد يحتمل السقوط على الحرمة أيضا بدعوى صدق الوقوع والإتيان ونحوهما مما يدخل به تحت الحكم الوضعي في نصوص التقييد مؤيدا ذلك بظهور عدم العنن حينئذ ، والله العالم.

( وهل تفسخ ) المرأة ( بالجب ) السابق على العقد؟ ( فيه تردد ، منشؤه التمسك بمقتضى العقد ) المقتصر في خلافه على المنصوص عليه بخصوص الذي هو المتيقن ، وعدم رد الرجل بعيب ، ومن صدق التدليس ، وكونه بمعنى الخصي أو العنن ، بل أعظم منهما ، لقدرة الأول على الإيلاج ، واحتمال الثاني البرء ، والضرر ، وشمول صحيح الكناني (١) وأبى بصير (٢) له.

( والأشبه تسلطها به ) بل لا أجد فيه خلافا ، بل عن المبسوط والخلاف نفيه عنه ( لتحقق العجز عن الوطء ) الذي بسببه يندرج في الصحيحين السابقين المؤيدين بفحوى الخصي والعنن وقاعدة الضرار وغيرها ، لكن ( بشرط أن لا يبقى له ما يمكن معه الوطء ولو قدر الحشفة ) وإلا فلا خيار لها قولا واحدا ، لجريان جميع أحكام الوطء حينئذ عليه ، ولا تجرى فيه أدلة الخيار.

( و ) أما ( لو حدث الجب ) بعد العقد قبل الوطء أو بعد الوطء ( لم يفسخ به ) وفاقا لما عن جماعة ، منهم ابن إدريس والفاضل في الإرشاد وموضع من التحرير والخلاف وموضع من المبسوط ، بل في الأخير عندنا أنه لا خيار فيه ، لأصالة اللزوم ، ولكونه كالخصاء الذي قد عرفت اشتراط سبقه.

( وفيه قول آخر ) محكي عن القاضي والفاضل في التلخيص وموضع من التحرير أنها تتسلط به حتى لو حدث بعد الوطء فضلا عما قبله ، بل في محكي المبسوط نفي الخلاف فيه بيننا وبين غيرنا ، ولعله لقاعدة الضرار وشمول الصحيحين (٣)

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٦ ـ ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ١ ـ ٦.

٣٢٨

ولا ينافي ذلك عدم ثبوت الحكم في العنن والخصاء ، ضرورة عدم ملازمة اشتراكه معهما في الفسخ في حال لا لاشتراكه معهما في عدمه في الحال الأخر ، لا مكان استقلاله بدليل يقتضي اختصاصه بذلك ، لنفي الخلاف فيما سمعته من المبسوط وغيره.

وربما قيل بالتفصيل بين ما قبل الوطء وبعده ، للأصل والتصرف المسقط للخيار ، ولما سمعته من النصوص (١) المقيدة لإطلاق ما دل (٢) على الخيار بما إذا لم يطأ ولو مرة ، وإلا كانت المرأة مبتلاة فلتصبر ، ومن هنا يقوى لحوق حكم العنن له ، وأما الزيادة فلم تثبت ، ونفي الخلاف المزبور من الشيخ موهون بما سمعته منه ، فضلا عن تبينه بالنسبة إلى كلمات الأصحاب.

وعلى كل حال فلو قلنا بثبوته بتجدده بعد العقد قبل الوطء أو بعده ففي القواعد « إن الأقرب عدم فسخا لو كان قد صدر منها ذلك عمدا » ولعله لأنها حينئذ هي التي فوتت على نفسها الانتفاع ، كما لا خيار للمشترى لو أتلف المبيع أو عيبه ، فتبقى حينئذ أصالة اللزوم سالمة عن قاعدة الضرر وغيرها ، وربما احتمل الثبوت أيضا ، بل هو خيرة بعض العامة ، لأنه كهدم المستأجر الدار المستأجرة له ، وللعموم ، وعدم استلزام رضاها بالعيب رضاها بالنكاح معه ، وفيه منع عموم يشمل الفرض ، والخيار على خلاف الأصل ، والقياس باطل عندنا بعد تسليم الحكم في المقيس عليه ، والله العالم.

( ولو بان ) الزوج أو الزوجة ( خنثى ) واضحا ولو بأحد الأمارات المعتبرة ( لم يكن ) له ولا ( لها الفسخ ) لأصالة اللزوم ، وقوله‌ في الخبر السابق (٣) : « وليس يرد الرجل من عيب » ‌ولأنه حينئذ كزيادة إصبع أو ثقبة.

( وقيل ) والقائل الشيخ في موضع من المبسوط ( لها ذلك ) للنفرة‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٢ و ٤ و ٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ١ و ٥ و ٩.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٢ وفيه‌ « والرجل لا يرد من عيب ».

٣٢٩

( وهو تحكم ) واضح ( مع ) فرض ( إمكان الوطء ) الذي هو المقصود في النكاح ، ومن هنا حكي عن الشيخ في مواضع أخر التصريح بعدم كونه عيبا ، وكون الأمارات ظنية لا تقتضي بذلك بعد أن كانت معتبرة عند الشارع على وجه تشخص الموضوع وتجرى عليه أحكامه.

أما لو فرض كونه مشكلا فالنكاح باطل من أصله ، لعدم العلم بحصول شرطه ، فالأصل بقاء البضع بحاله ، وما وقع من الشيخ في المواريث ـ من أن للزوج إذا كان كذلك نصف النصيبين ـ سهو من القلم ، والله العالم.

( و ) حينئذ فـ ( لا يرد الرجل بعيب غير ذلك ) الذي قدمناه وفاقا للمشهور ، للأصل وحرمة القياس عندنا ، و‌قوله عليه‌السلام في المعتبر (١) بوجود من أجمع على تصحيح ما يصح عنه في سنده أو لانجباره بالشهرة بالنسبة الى ذلك : « وليس يرد الرجل من عيب » ‌خلافا لما عن القاضي في المهذب ، فرده بالجذام والبرص والعمى ، وأبي على بها وبالعرج والزنا ، ولم أعرف أحدا وافقهما على ذلك عدا جماعة من المتأخرين في خصوص الجذام والبرص ، لصحيح الحلبي (٢) والأولوية وقاعدة الضرر بالعدوى ونحوها ، مع ما في المسالك من المناقشة في الخبر المزبور سندا ودلالة ، لمعلومية ثبوت عيب في الرجل يرد به ، لكن قد عرفت الحال في ذلك كله سابقا ، على أن العدوي ـ مع اقتضائها التعدية إلى كل مرض معد مما لا يقول به الخصم ـ يمكن رفعها بإيجاب التجنب ، فالأقوى عدم الخيار بهما حينئذ مع سبقهما على العقد ، فضلا عما لو تجددا بعده ، وخصوصا بعد الوطء ، وفضلا عن غيرهن مما لم نعرف للقائل به دليلا عدا دعوى الأولوية من الامرأة الممنوعة على مدعيها ، وعدا بعض النصوص (٣) في الزاني زوجها بعد العقد قبل الدخول المعارضة بأقوى (٤)

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٢ وفيه‌ « والرجل لا يرد من عيب ».

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٢ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ١ ـ ٤.

٣٣٠

منها في ذلك أيضا بوجوه : منها الشهرة العظيمة إن لم يكن إجماعا على عدم تسلطها على الفسخ بذلك ، كما قد تقدم الكلام فيها سابقا ، والله العالم. هذا كله في الرجل.

( و ) أما ( عيوب المرأة ) فهي ( سبعة : الجنون والجذام والبرص والقرن والإفضاء والعمى والعرج ، أما الجنون ) الذي لا خلاف نصا (١) وفتوى في كونه عيبا فيها بل الإجماع بقسميه عليه ( فـ ) قد عرفت أنه ( هو فساد العقل ) وإن كان فنونا من الجنان أو الجن أو الجن ، فالمجنون من أصيب جنانه أي قلبه ، أو أصابته الجن ، أو حيل بينه وبين عقله فستر عقله كما في كشف اللثام ، والظاهر أنه من الأخير ، بل لعل الأولين منه أيضا لما فيهما من الستر.

( و ) أنه ( لا يثبت الخيار مع السهو السريع زواله ) وإن كثر ، لعدم كونه من الجنون ( ولا مع الإغماء العارض مع غلبة المرة ) ونحوها مما لا يصدق معه اسم الجنون ( وإنما يثبت الخيار فيه ) أي الإغماء ونحوه ( مع استقراره ) لكونه حينئذ منه وإن سمى باسم آخر عرفا كما سمعته فيما تقدم ، واحتمال عود الضمير الى المجنون يدفعه أنه لا فرق فيه بعد صدق اسمه نصا وفتوى بين المستقرة وغيره والمطبق والأدواري ، ولعل الأولى من ذلك كله إيكال الأمر إلى العرف الصحيح القاضي بكونه بفنونه عيبا.

( وأما الجذام فهو ) المرض السوداوي ( الذي يظهر معه يبس الأعضاء وتناثر اللحم و ) لا بد أن يكون بينا فـ ( لا يجزئ قوة الاحتراق ولا تعجر الوجه ) أى غلظ وضخم وصار ذا عجر أي عقد ( ولا استدارة العين ) إذا لم يعلم كونه منه ، وإلا فسخ بها ، لعدم اعتبار الاستحكام فيه عندنا بعد تحققه ، لإطلاق النص (٢) والفتوى نعم عن بعض العامة اعتباره ضابطا له في الجذام بالتقطع ، وفي البرص بالوصول الى العظم ، بحيث إذا فرك فركا شديدا لا يحمر ، واحتمال‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب العيوب والتدليس.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب العيوب والتدليس.

٣٣١

حمل عبارة المتن وما شابهها على اعتبار ذلك ـ وإن عدم اجزاء الاحتراق وتعجر الوجه واستدارة العين لكون ذلك ابتداؤه قبل استحكامه ـ يدفعه وضوح بطلانه ، لتعليق الحكم نصا وفتوى على الاسم ، وعلى كل حال لو اختلفا فالقول قولها إلا أن يشهد به عدلان.

( وأما البرص فهو ) لغة وعرفا ( البياض الذي يظهر على صفحة البدن لغلبة البلغم ) وعند الأطباء أو السواد كذلك لغلبة السوداء ، لكن قد يمنع تسلط الفسخ به ، للأصل وعدم الصدق عرفان وإن سلم اشتراكه معه في العلامات ، فاذن ذلك أعم ، وستسمع التعبير بالبياض في خبر البصري (١).

وكيف كان فلا اعتبار بالبهق الذي فرق بينه وبين البرص مع كونهما أبيضين بأن البرص غائر في اللحم إلى العظم دونه ، ومن علاماته أنه إذا غزر في الموضع إبرة لم يخرج دم ، بل ماء أبيض ، وإن ذلك لم يحمر إذا ، ويكون جلده أنزل وشعره أبيض ، وإذا كانا أسودين بأن البرص يوجب تفليس الجلد كما يكون للسمك. وكيف كان فـ ( لا يقضى بالتسلط ) على الفسخ ( مع الاشتباه ) للأصل وغيره.

( وأما القرن ) بالسكون أو الفتح ( فقد قيل : إنه ) لحم ينبت في فم الرحم يمنع من الوطء وهو المسمى بـ ( العفل ) بل في كشف اللثام « هو المعروف عند أهل اللغة » وفي محكي المبسوط « قال أهل الخبرة : العظم لا يكون في الفرج ، لكن يلحقها عند الولادة حال ينبت اللحم في فرجها ، وهو الذي يسمى العفل » و‌في صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله (٢) عن الصادق عليه‌السلام « المرأة ترد من أربعة أشياء : من البرص والجذام والجنون والقرن ، وهو العفل ما لم يقع عليها ، فإذا وقع عليها فلا » ‌ومضمر البصري (٣) « في الرجل إذا تزوج المرأة فوجد بها قرنا وهو العفل‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٢.

٣٣٢

أو بياضا أو جذاما إنه يردها ما لم يدخل بها » ‌( و ) من ذلك كله يعرف ضعف ما ( قيل ) من أنه ( عظم ) كالسن ( ينبت في الرحم يمنع من الوطء ) كما عن النهاية والصحاح والجمهرة.

( و ) يعرف أيضا أن ( الأول أشبه ) نعم ، يمكن دعوى عمومه لهما ، كما عساه يشهد له ما عن المغرب : « القرن في الفرج مانع يمنع من سلوك الذكر فيه ، إما غدة غليظة أو لحمة مرتفعة أو عظم » وفي الصحاح : « والقرن : العفلة الصغيرة ، والعفل والعفلة بالتحريك فيهما شي‌ء يخرج من قبل النساء وحياء الناقة شبيه بالادرة التي للرجال ، والمرأة عفلاء » وفي النهاية بعد تفسيره بالعظم : « ويقال له : العفل » كما أنه يمكن دعوى مشاركة نبات العظم له في الحكم المعلوم وإن لم يكن قرناء ولا عفلاء بدعوى كون العلة فيه المنع من الوطء ، خصوصا بعد‌ خبر أبى الصباح الكناني (١) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة فوجدها قرناء قال : هذه لا تحبل ، ولا يقدر زوجها على مجامعتها يردها على أهلها صاغرة ، ولا مهر لها » ‌المشعر بذلك ، وكان هذا الخلاف قليل الجدوى بعد تصريح النصوص (٢) بكون القرن عيبا والعفل كذلك ، فالحكم ثابت على تقديري الاتحاد والتعدد وإن زاد عدد العيوب على الثاني دون الأول ، وهي ليست ثمرة معتدا بها.

وكيف كان ( فان ) منع من الوطء فسخ به إجماعا بقسميه ونصوصا (٣) وإن ( لم يمنع الوطء قيل ) والقائل الشيخ والقاضي بل في المسالك نسبته إلى الأكثر ( لا يفسخ به لـ ) لأصل والاحتياط وانتفاء الضرر بـ ( إمكان الاستمتاع ) وصحيح عبد الرحمن (٤) السابق المراد منه على الظاهر أنه إذا وقع‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٤.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب العيوب والتدليس.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ١.

٣٣٣

عليها أمكنه الوطء ولا خيار ، وإشعار‌ خبر أبى الصباح (١) المتقدم ، قيل : ولا ينافيه ما في ذيله : « قلت : فان كان دخل ، قال : إن كان علم بذلك قبل أن ينكحها ـ يعني المجامعة ـ ثم جامعها فقد رضي بها ، وإن لم يعلم إلا بعد ما جامعها فان شاء بعد أمسك وإن شاء طلق » ‌لإمكان إرادة المجامعة في غير القبل ، هذا.

( و ) لكن مع ذلك ( لو قيل بالفسخ به ) مطلقا ( تمسكا بظاهر النقل أمكن ) بل هو الأقوى لإطلاق الأدلة ، حتى‌ خبر عبد الرحمن (٢) الظاهر في « أن له الفسخ ما لم يطأ وإن كانت قابلة له ، » ‌بل‌ في صحيح أبي عبيدة (٣) عن أبى جعفر عليه‌السلام « في رجل تزوج امرأة من وليها فوجد بها عيبا بعد ما دخل بها ، فقال : إذا دلست العفلاء نفسها والبرصاء والمجنونة والمفضاة ومن كان بها من زمانة ظاهرة فإنها ترد على أهلها من غير طلاق » ‌بل خبر أبي الصباح (٤) الذي لا يخفى ما في حمله سابقا من البعد ، ولعل الأولى حمله على عدم التمكن من كمال المجامعة ، وكذا خبر الحسن بن صالح (٥) الذي تسمعه.

لكن في المسالك « هذا القول قوى إن لم يكن الإجماع على خلافه ، إذ لا يظهر به قائل صريحا » كما يظهر من قوله : « ولو قيل » إلى آخره قلت : ولعله الموافق لإطلاق الأكثر كما اعترف به في كشف اللثام ، فلا محيص حينئذ عنه بعد ما عرفت ، نعم يمكن اعتبار عدم التمكن فيه من كمال المجامعة فيه الذي قد سمعت ظهور خبر أبى الصباح (٦) السابق فيه ، ونحوه و‌خبر الحسن بن صالح (٧) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة فوجد بها قرنا قال : هذه لا تحبل ، وينقبض زوجها عن مجامعتها ، ترد على أهلها ، قلت : فان كان دخل بها ، قال : إن علم بها قبل أن يجامعها ثم جامعها فقد‌

__________________

(١ و ٤ و ٦) ذكر صدره في الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٤ وذيله في الباب ـ ٣ ـ منها الحديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ١.

(٥ و ٧) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٣.

٣٣٤

رضي بها ، وإن لم يعلم بها إلا بعد ما جامعها فان شاء بعد أمسك ، وإن شاء سرحها إلى أهلها ، ولها ما أخذت منه بما استحل من فرجها ».

بل ربما احتمل تنزيل كلام الكل عليه ، فلا خلاف حينئذ في المسألة ، فيراد حينئذ مما في النص والفتوى ـ عدم القدرة على الجماع في العفل والانقباض ـ أنه لا يتمكن من كماله ، لكونه ثابتا في قعر الرحم ، فيمنع من ولوج الذكر ووصوله إلى محله ، ولذا لم تحبل العفلاء غالبا ، وكان فيه كمال الضرر باعتبار نقصان الاستمتاع والتلذذ فضلا عن غيرهما ، فناسب إطلاق تسلط الزوج على الفسخ ، وإلا كان محجوجا بما عرفت.

( وأما الإفضاء فهو تصيير المسلكين واحدا ) كما تقدم الكلام فيه مفصلا ، ولا خلاف في كونه عيبا ، بل الإجماع بقسميه عليه ، مضافا إلى الصحيح (١) السابق.

( وأما العرج ففيه تردد ) منشؤه من أصالة اللزوم وحصر العيب في غيره في الصحيح (٢) وغيره ، بل هو ظاهر مفهوم العدد في غيره أيضا ، ومن صدق الزمانة التي سمعت حكمها في صحيح أبى عبيدة (٣) السابق و‌صحيح داود بن سرحان (٤) عن أبى عبد الله عليه‌السلام « في الرجل يتزوج المرأة فيؤتى بها عمياء أو برصاء أو عرجاء ، قال : ترد على وليها ، ويكون لها المهر على وليها ، وإن كان بها زمانة لا يراها الرجال أجيز شهادة النساء عليها » وصحيح محمد بن مسلم (٥) عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : « ترد البرصاء والعمياء والعرجاء والجذماء » ‌بل وخلاف بين الأصحاب.

( أظهره ) عند المصنف والفاضل في القواعد والإرشاد ( دخوله في أسباب الفسخ إذا بلغ الإقعاد ) خلافا لما عساه يظهر من الخلاف والمبسوط والمهذب من‌

__________________

(١ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٦.

(٤) ذكر صدره في الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٦ وذيله في الباب ـ ٤ ـ منها الحديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٧.

٣٣٥

عدم كونه عيبا مطلقا ، ولما عن الإسكافي والشيخين في المقنعة والنهاية وسلار وأبي الصلاح وابن البراج في الكامل وابن حمزة من إطلاق كونه عيبا ، بل لعله ظاهر الفقيه أيضا ، بل وموضع من المقنع ، وقيل : بل إليه يرجع ما في المختلف ومحكي السرائر والتحرير وإن قيدوه بالبين الذي يمكن إرادته للأصحاب أيضا ولذا قال ابن إدريس : « وألحق أصحابنا عيبا ثامنا ، وهو العرج البين ، ذهب إليه شيخنا في نهايته » مع خلو عبارة النهاية بل وغيرها من التقييد بالبين ، ولعل الوجه فيه ـ مضافا إلى الاستبعاد كون مطلق العرج عيبا ـ وصف الزمانة بالظاهرة في صحيح أبي عبيدة (١).

بل في جامع المقاصد « الظاهر أن المراد بالإقعاد في المتن والقواعد والعرج البين واحد ، وهو أن يكون فاحشا لا يستطيع معه التردد في العادة إلا بالمشقة الكثيرة ، فلا ترد بالعرج اليسير ، وهو الذي لا يكون كذلك » بل قال : « وهذا هو المختار ، لأن‌

في صحيحة داود بن سرحان « وإن كان بها زمانة » ‌وظاهرها أن الرد منوط بالزمانة ، ومفهوم الشرط معتبر عند جمع من المحققين ، وكذا رواية أبي عبيدة مع أن المطلق يجب حمله على المقيد ، والاقتصار في المخالف للأصل على موضع اليقين أقرب ».

وإن كان فيه ما لا يخفى بل ما كنا لنؤثر أن يقع مثل ذلك من مثله ، وكذا ما وقع من الفاضل الأصبهاني فإنه بعد أن ذكر صحيح أبي عبيدة دليلا لاعتبار الإقعاد ، قال : « فان المعهود من الزمانة ما تؤدي إلى الإقعاد ، والوصف بالظهور يدل على العدم مع الخفاء فضلا عن العرج الذي لا يبلغ الإقعاد ، بل الظاهر من الزمانة الغير الظاهرة ذلك ، هذا مع كون الخيار على خلاف الأصل والاحتياط ، ووقوع الخلاف في مطلق العرج فلنقتصر منه على هذا النوع منه وكونه نوعا منه ، لأن العرج في الأصل هو الميل ، وانما سمى به الآفة المعهودة لميل الرجل أو عضو‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ١.

٣٣٦

منها عن مكانه أو عن الاستقامة في المشي ونحوه ، والميل يتحقق في الإقعاد ».

ولكن الجميع كما ترى ، فان الاستبعاد بعد مجي‌ء الدليل المعتبر في غير محله ، كالاستناد إلى الأصل والعموم الذي يجب الخروج عنهما به ، والزمانة أمر آخر غير العرج ، ومنها ما تكون خفية لا يطلع عليها إلا النساء ، ولذا حكي عن الصدوق أنه جعل الزمانة غير العرج ، فأثبت الخيار بها دونه ، فليس النصوص حينئذ من باب الإطلاق والتقييد ، على أن وصفها بالظهور في الصحيح (١) لإرادة الرد بها من غير حاجة إلى شهادة النساء ، بخلاف الخفية فإنها تجوز فيها شهادة النساء ، كما أوضحه الصحيح الآخر (٢) وجواب الشرط « أجيز شهادة النساء » ومفهومها عدم جواز شهادتهن في الظاهرة التي يمكن اطلاع الرجال عليها ، وفي محكي المصباح « أن الزمانة مرض يدوم زمانا طويلا » وفي الصحاح « الزمانة آفة تكون في الحيوانات ، ورجل زمن أي مبتلى بين الزمانة » وليس في شي‌ء مما عثرنا تفسيرها بخصوص الإقعاد ، بل لعل تقييدها بالظهور في صحيح أبي عبيدة وبأنه لا يراها الرجال في صحيح داود يقضى بخلاف ذلك ، فالأقوى كون العرج مطلقا عيبا إلا أن لا يكون بينا على وجه لا يعد عيبا عرفا ، ولعل هذا هو مراد من قيده بالبين ، لا وصوله إلى حد الإقعاد ، نعم قد يستفاد من فحواه ومن الزمانة كون الإقعاد أيضا عيبا آخر أيضا ، والله العالم.

( وقيل ) بل في كشف اللثام أنه المشهور ، بل لم نعرف أحدا تردد فيه قبل المصنف ولا بعده على ما اعترف به بعض الفضلاء ( الرتق أحد العيوب المسلطة على الفسخ ، وربما كان ) ذلك ( صوابا إن منع الوطء أصلا لفوات الاستمتاع ) حينئذ ( إذا لم يمكن إزالته أو أمكن وامتنعت من علاجه ) والفرض عدم وجوبه عليها للأصل والعسر والحرج ، ولما في خبر أبي الصباح (٣) والحسن بن صالح (٤) مما‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٤.

٣٣٧

هو كالتعليل للرد بالفعل والقرن بعدم القدرة على الجماع ، بل الظاهر دخوله في الفعل ، لأنه هو كون الفرج ملتحما على وجه ليس للذكر مدخل فيه ، ومن هنا حكم في التحرير على ما قيل بمرادفته له ، بل لعل الخبرين المزبورين قاضيان بالخيار فيه إذا لم يمكن الزوج الوطء ، وإن أمكن لغيره ممن هو صغير الإله ، فما في المسالك ـ من نفي الخيار مع عدم بلوغ الارتتاق حد المنع من الوطء ولو لصغير الإله ـ في غير محله ، لما عرفت من دخوله في العفل موضوعا أو حكما ، وكأنه تبع بذلك ما في جامع المقاصد من أنه « لا شبهة في أن الخيار إنما يثبت بالرتق إذا كان مانعا من الوطء ، صرح بذلك المحققون ، ووجهه بقاء مقصود النكاح ، فلو ارتتق المحل وبقي منه ما يمكن معه الوطء فلا خيار وإن كان لصغر آلته ، بخلاف العدم » وهو ـ مع كونه مفروضا في الزوج المتمكن لصغير آلته فيه أيضا ـ أنه مناف لدخوله تحت العفل موضوعا أو حكما ، وقد عرفت أن الخيار به متى منع من الوطء أو كما له ، فمثله يأتي هنا حينئذ ، بل عن الغزالي من العامة إلحاق ضيق المنفذ زائدا على المعتاد بحيث لا يمكن وطؤها إلا بإفضائها به ، ولا بأس به ، وعن بعضهم التفصيل بين احتمالها وطء نحيف الإله وعدمه ، فلا فسخ في الأول دون الثاني ومرجعه إلى ما سمعته من المسالك ، وفيه ما عرفت ، وأوضح منه فسادا ما عن آخر منهم أيضا من التفصيل في الرجل أيضا بنحو ذلك ، أي بين من لا تسع حشفته امرأة أصلا ومن تسع له بعض النساء ، إذ هو كما ترى.

ثم إن ظاهر قول المصنف « وامتنعت » إلى آخره عدم الخيار مع رضاها ، كما صرح به في المسالك ، وفيه منع خصوصا على تقدير اندراجه في العفل.

وعلى كل حال ففي القواعد وغيرها أنه ليس للزوج إجبارها على علاجه ، ولعله للحرج وانتفاء الضرر عنه بالخيار ، بل في المسالك لأن ذلك ليس حقا له ، كما أنها لو أرادته لم يكن له منعها ، لأنه تداو لا تعلق له به ، فتأمل ، والله العالم.

( و ) كيف كان ف لا ترد المرأة بعيب غير هذه السبعة التي منها العمى ، فإنه موجب للخيار أيضا بلا خلاف صريح أجده فيه ، بل عن المرتضى وابن‌

٣٣٨

زهرة الإجماع عليه ، وهو الحجة مضافا إلى صحيح داود (١) السابق الذي بهما يخص الأصل ومفهوم حصر العيب في غيره (٢) كمفهوم العدد ، فما عساه يظهر من نسبة الخيار فيه إلى بعض الأصحاب في محكي المبسوط من المنع في غير محله ، لما سمعت ، بل هو كذلك وإن كانتا مفتوحتين بلا انضمام ولا نقط بياض ونحوه للإطلاق وإن كان قد يقال : إن أصل العمى يدل على الستر والتغطية.

نعم لا اعتبار بالعور لخروجه عن المتفاهم من العمى ، مع الأصل والاحتياط و‌صحيح الحلبي (٣) عن الصادق عليه‌السلام « في الرجل يتزوج الأمة إلى قوم فإذا امرأة عوراء ولم يبينوا له ، قال : لا ترد ».

ثم لا يخفى عليك أن تعدادها سبعة مبني على جعل القرن والرتق والعفل واحدا والإقعاد والعرج كذلك ، والأمر سهل بعد وضوح الحكم.

إنما الكلام في الرد بغيرها كزنا المرأة ، قبل دخول الزوج بها الذي أثبت الخيار به الصدوق ، لقول علي عليه‌السلام (٤) « في المرأة إذا زنت قبل أن يدخل بها يفرق بينهما ولا صداق لها ، لأن الحدث كان من قبلها » ‌بل مطلق الزنا من الرجل والمرأة قبل العقد وبعده الذي أثبت به الخيار الإسكافي ، للخبر السابق ، وللمرسل عنه عليه‌السلام (٥) أيضا « أنه فرق بين رجل وامرأة زنا قبل دخوله بها » ‌ولخبر عبد الرحمن ابن أبي عبد الله (٦) عن الصادق عليه‌السلام « سألته عن رجل تزوج امرأة فعلم بعد ما تزوجها أنها كانت زنت ، قال : إن شاء زوجها أخذ الصداق ممن زوجها ، ولها الصداق مما استحل من فرجها » ‌ونحوه صحيح معاوية بن وهب (٧) وحسن‌

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٦ ـ ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٦.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٣.

(٦) المقنع ص ١٠٩ ط طهران ١٣٧٧.

(٧) أشار إليه في الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٤ وذكره في الكافي ج ٥ ص ٣٥٥.

٣٣٩

الحلبي (١).

وكالحد بالزنا الذي أثبت الخيار فيه للزوج أكثر القدماء على ما في المسالك ، للجرح بالنفرة والعار ، وللخبر السابق (٢).

وكوجدان الزوجة مستأجرة إجارة عين الذي أثبت الخيار به الماد روى من العامة ، بل قال : لا يسقط برضا المستأجر بالتمتع بها نهارا ، لأنه تبرع قد يرجع به.

إلا أن الجميع كما ترى بعد أن علمت منه عدم دوران الخيار على الضرر ونحوه مما يمكن جبره بالطلاق ، وإنما هو تعبد بالأدلة الخاصة ، وليس شي‌ء مما سمعته كذلك ، لأنه بين غير صالح للحجة لضعف في السند وإعراض من المعظم ، ومعارضة بما هو أقوى منه مما تقدم سابقا حتى في الحد ، كخبر رفاعة (٣) سأل الصادق عليه‌السلام « عن المحدود والمحدودة هل يرد منه النكاح؟ قال : لا » ‌وبين غير صريح في الدلالة على المطلوب.

ولذا حكي عن ابن إدريس القول بالرجوع على الولي العالم بحالها بالمهر مع عدم الفسخ ، لأن الأخبار إنما تدل على ذلك ، بل عن الشيخ في النهاية ذلك أيضا ، إلا أنه أطلق الرجوع به عليه ، وإن كان قد يناقش بما في المختلف من أن الضمان إنما هو باعتبار تدليس العيب على الزوج ، فان كان عيبا أوجب الفسخ وإلا لم يجب المهر ، بل لا يبعد إرادة الكناية عن الفسخ بالحكم بالرجوع بالمهر نحو غيرهما من عقود المعاوضة.

وعلى كل حال فالتحقيق عدم الرد بغير ما عرفت ، للأصل ولما عرفت من مفهومي الحصر والعدد ، بل‌ في خبر البصري (٤) « ترد المرأة من العفل والبرص والجذام‌

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب العيوب والتدليس الحديث ١٣.

٣٤٠