جواهر الكلام - ج ٣٠

الشيخ محمّد حسن النّجفي

بالاعتزال في الدلالة على ذلك وإن كان الأقوى خلافه ، ضرورة ظهور الأدلة على اعتبار إنشاء الفسخ منه بلفظ دال عليه وظاهر الأمر لا يقتضي بذلك ، اللهم إلا أن يكون قرينة على إرادة إنشاء الفسخ به ، فإنه حينئذ يكون فسخا لا بدونها ، ضرورة كونه حينئذ أمرا بإيجاد الفسخ ، فلا يكون هو فسخا ، ولأنه يستدعي بقاء النكاح إلى أن يوقع الطلاق وهو ينافي الانفساخ ، بل مدلوله الذي هو طلب امتثال الأمر بإيقاع الطلاق ينافيه ، بل لو دل على الفسخ لامتناع إنشاؤه فامتنع الخطاب به ، نعم لو قلنا إن العقد إباحة أو فرض نكاح العبد بها أمكن حينئذ الاكتفاء به في انقطاع الاذن باعتبار دلالته على عدم الرضا المنافي للإباحة ، فيكفي حينئذ.

مع إمكان أن يقال على هذا التقدير أيضا بأنه وإن كان إباحة إلا أنه مفاد عقد لا ينفسخ إلا بإنشاء فسخه ، فتنقطع حينئذ ، ولا يكفي في دفعها مجرد عدم الرضا من دون إنشاء فسخ يقتضيها ، اللهم إلا أن يدعى كونها إباحة صرفة كإباحة الطعام ودخول الدار وغير ذلك مما يكفى فيه جميع ما يدل على انقطاع الإذن ، فتأمل جيدا كي تعرف ما في جملة من كلمات بعض الناس.

وكذلك الأقوى أيضا عدم تحققه بالطلاق الفاسد بسبب فقد شرط من شرائطه خلافا لبعضهم ، فجعله فسخا لا طلاقا ، وهو وإن كان لا يخلو من وجه ، إلا أن الأحوط والأقوى خلافه ، لأن المقصود الفسخ الطلاقي دون غيره ولم تحصل والحصة من الجنس تذهب مع الفصل ، فلو وقع فسخ غيره كان ما وقع غير مقصود وما قصد غير واقع.

( و ) كيف كان فـ ( هل يكون هذا اللفظ ) وهو « فسخت » وما شابهه في فسخ عقد النكاح ( طلاقا؟ قيل ) والقائل الشيخ في المحكي من تهذيبه واستبصاره : نعم ، فيثبت فيه حينئذ ما يعتبر فيه من الشرائط ويلحقه أحكامه ( حتى لو كرره مرتين وبينهما رجعة حرمت حتى تنكح زوجا غيره ) لظهور أن المراد من نصوص (١) المقام توسعة ما يحصل به الطلاق هنا وإن كان لا يقع بالكناية في غيره‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

٢٨١

لمعلومية أنه الأصل في زوال النكاح ، ولإفادته فائدته كالخلع ، ولإشعار التخيير بين لفظ الطلاق وغيره لقيام الفسخ مقامه في ذلك ، وبه يفرق بين المقام وبين غيره من محال الفسخ التي لا يتخير فيها بين الطلاق وغيره ، ولخبر ابن زياد (١) « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يزوج عبده أمته ثم يبدو للرجل في ذلك فيعزلها عن عبده ثم يستبرئها ويواقعها ، ثم يردها على عبده ، ثم يبدو له بعد فيعزلها عن عبده ، أيكون عزل السيد الجارية عن زوجها مرتين طلاقا لا تحل حتى تنكح زوجا غيره أم لا؟ فكتب لا تحل له إلا بنكاح ».

( وقيل : يكون فسخا ) لا طلاقا ( وهو أشبه ) بأصول المذهب وقواعده التي منها أصالة عدم لحوق أحكام الطلاق له ، ومعلومية اعتبار اللفظ المخصوص في الطلاق وأنه لا يقع بالكناية مطلقا ، ومشاركته له في بعض الأحكام لا يقتضي كونه طلاقا كالتخيير المزبور ، ودعوى ظهور النصوص (٢) في التوسعة المزبورة على الوجه المذكور ممنوعة على مدعيها وإنما هي ظاهرة في التوسعة فيما يحصل به الفسخ وعدم انحصاره في الطلاق ، والخبر (٣) مع عدم جمعه لشرائط الحجية مبنى على عدم اعتبار تحلل الوطء بين المرتين في الحرمة حتى تنكح ، وفيه ما عرفته سابقا وتعرفه في محله ، على أنه لا يقتضي عموم لحوق أحكام الطلاق.

فالتحقيق حينئذ جريان أحكام الطلاق على ما كان منه بلفظه واردا على عقد النكاح الدائم جامعا لشرائطه المعتبرة فيه ، وحكم الفسخ على غيره وإن كان مورده العقد ، وحينئذ فليس شي‌ء من اللفظين الأخيرين وما شابههما طلاقا ، لعدم كونهما من ألفاظه ، ولا يعد الفسخ بهما من الطلقتين المحرمتين لها إلى أن تنكح زوجا غيره ، بل على القول بالإباحة ليس لفظ الطلاق طلاقا فضلا عنهما ، بل هو حينئذ كما لو وقع على التحليل والمنقطع ، ومن الغريب ما عساه يظهر من المحكي‌

__________________

(١ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب أقسام الطلاق الحديث ١ من كتاب الطلاق.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

٢٨٢

عن بعضهم من كون جميع أفراد الفسخ طلاقا حتى لو كان النكاح إباحة أو منقطعا إذ هو كما ترى. ( ولو طلقها الزوج ثم باعها المالك أتمت العدة ) بلا إشكال ولا خلاف ( و ) لكن ( هل يجب أن يستبرئها المشتري بـ ) الحيضة مثلا ( زيادة عن العدة؟ قيل ) كما عن الشيخ وجماعة ( نعم ، لأنهما حكمان ، وتداخلهما على خلاف الأصل ، وقيل : ليس عليه استبراء لأنها مستبرأة ، وهو أصح ) لأن الاستبراء انما هو لتحصيل العلم ببراءة الرحم ، ولذا يسقط إن كانت حائضا وهو يحصل بانقضاء العدة ، هذا كله في نكاح الأمة بالعقد.

( وأما ) نكاحها بـ ( الملك فـ ) هو ( نوعان : ( الأول ) ملك الرقبة ) لا خلاف ولا إشكال في أنه ( يجوز أن يطأ الإنسان بملك الرقبة ما زاد على أربع من غير حصر ) بل الإجماع بقسميه عليه ، والنصوص (١) متواترة فيه ، بل العموم في الكتاب (٢) السالم عن المعارض كاف فيه.

( و ) كذا لا خلاف ولا إشكال في جواز ( أن يجمع في الملك بين المرأة وأمها ) بل الإجماع بقسميه عليه أيضا مضافا إلى النصوص (٣) ضرورة عدم كون الملك نكاحا ، ولذا جاز له ملك من حرم عليه وطؤها بالنسب ( لكن متى وطأ واحدة ) بأي وجه كان ( حرمت الأخرى ) عليه ( عينا ).

( و ) كذا له ( أن يجمع بينها وبين أختها بالملك و ) لكن ( لو وطأ واحدة ) به ( حرمت الأخرى ) عليه ولكن ( جمعا ) أي ما دامت الاولى مملوكة له وإن اعتزلها أو حرمها على نفسه بنكاح ونحوه ( فلو أخرج الأولى ) مثلا ( عن ملكه حلت له الثانية ) كما مر الكلام في ذلك كله مفصلا ( و ) من أنه ( يجوز ) أيضا بلا خلاف ولا إشكال ( أن يملك ) الابن ( موطوءة الأب كما ) أنه ( يجوز للوالد ملك موطوءة ابنه و ) إن كان ( يحرم على كل واحد منهما وطء‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المتعة الحديث ٦ و ٨ و ١١ و ١٢ و ١٣.

(٢) سورة النساء : ٤ ـ الآية ٢٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

٢٨٣

من وطأها الأخر عينا ) لدخولهما حينئذ فيما نكح الأب وحلائل الأبناء بل الإجماع عليه.

( ويحرم على المالك وطء مملوكته إذا زوجها ) بغيره ولو عبده ( حتى تحصل الفرقة وتنقضي عدتها إن كانت ذات عدة ) بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه مضافا إلى النصوص (١) المعتبرة لخبر مسمع (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : عشر لا يجوز نكاحهن ولا غشيانهن ـ إلى أن عد منها ـ أمتك ولها زوج » ‌ونحوه‌ الآخر (٣) بزيادة « وهي تحته » وخبر مسعدة بن زياد (٤) عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « يحرم من الإماء عشر ـ إلى أن قال ـ ولا أمتك ولها زوج ، ولا أمتك وهي في عدة » ‌وغيرها.

( وليس للمولى فسخ العقد ) إذا لم يكن الزوج عبده ( إلا أن يبيعها ) مثلا ( فيكون المشتري بالخيار ) على ما عرفته مفصلا.

( وكذا لا يجوز له النظر منها إلى ما لا يجوز لغير المالك ) إذ هي حينئذ كالأجنبية بالنسبة إليه ، وملكه لها بعد إن كان الاستمتاع بها مملوكا لغيره غير مجد ، لإطلاق الحرمة في خبر مسعدة ، وإطلاق الأمر (٥) بغض البصر وما دل (٦) على حرمة المحصنة وذات البعل وغير ذلك مما يقتصر فيه على المتيقن ، وهو المملوكة نكاحا دون غيرها مما لك نكاحها وإن بقيت على الملكية من حيث الرقبة ، ولصحيح الحلبي (٧) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل زوج مملوكته عبده فتقوم‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث ٤ وفيه‌ « ثمانية لا تحل مناكحتهم. أمتك ولها زوج » ..

(٣) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ١.

(٥) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٣٠.

(٦) سورة النساء : ٤ ـ الآية ٢٤ والوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(٧) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ١ عن عبد الرحمن ابن الحجاج كما في التهذيب ج ٨ ص ١٩٩ الرقم ٦٩٨.

٢٨٤

عليه كما كانت عليه فتراه متكشفا أو يراها على تلك الحال ، فكره ذلك ، وقال : قد منعني أن أزوج بعض خدمي غلامي لذلك » ‌المراد الحرمة من الكراهة به ، و‌صحيح عبيد (١) عنه عليه‌السلام أيضا « عن الرجل يزوج جاريته هل ينبغي له أن ترى عورته؟ قال : لا وأنا أتقى ذلك من مملوكتي إذا زوجتها ».

بل في كشف اللثام نسبة ما في القواعد من الحرمة عليه من كل جهة حتى النظر بشهوة أو إلى ما يحرم على غير المالك إلى النص والإجماع ، لكن مع ذلك كله توقف في الرياض في حرمة النظر إلى غير العورة بغير شهوة ، بل ظاهره الميل إلى الحل ، لأصلي الإباحة وبقاء حل النظر ، وإشعار‌ الخبر (٢) في قرب الاسناد « إذا زوج الرجل أمته فلا ينظر إلى عورتها ، والعورة ما بين الركبة والسرة » ‌بالجواز في غيرها ، قال : « والإجماع موهون قطعا بمصير جماعة إلى العدم ».

وفيه أن الأصلين لا يصلحان لمعارضة ما عرفته من الإجماع المحكي وغيره ، ولا إشعار في الخبر المزبور إلا بمفهوم اللقب الذي هو غير حجة ، والإجماع لا يوهنه مخالفة بعض متأخري المتأخرين المختلي الطريقة ، بل لعل ذلك منهم مما يؤكده كما لا يخفى على من تتبع مظان ما وقع منهم من الخلاف ، فلا إشكال حينئذ في صيرورتها بحكم الأجنبية إلى انقضاء عدتها ولو بائنا احتراما للزوجية.

بل الظاهر أن الموطوءة بالتحليل كذلك كما صرح به في جامع المقاصد وغيره ، نعم قد يتوقف في حرمة الاستمتاع بالمحلل منها دون الوطء مع أن الأحوط إن لم يكن الأقوى اجتنابها ، لأنه لا اشتراك في النكاح وتوابعه ، كما أن الأحوط اجتناب المحللة وإن لم توطأ أجراء لعقد التحليل مجرى عقد النكاح.

والأحوط أيضا اجتناب الاستمتاع حتى بالنظر في المعتدة عن وطء الشبهة مدة عدتها وإن كان قد يقوى حل ما عدا الوطء منه ، للأصل وفحوى ما ورد في الأمة المستبرأة أيام استبرائها من جواز الاستمتاع بها في غير الوطء.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٢ ـ ٧.

٢٨٥

( و ) كيف كان فقد عرفت فيما تقدم أنه ( لا يجوز له وطء أمة مشتركة بينه وبين غيره بالملك ) لأن لها فرجا واحدا لا فرجين ، ولا بالعقد أيضا ، لما عرفت من عدم التبعيض في أسباب النكاح ، نعم في التحليل من الشريك البحث السابق ، ( و ) كذا لا يجوز أيضا غير الوطء من باقي الاستمتاعات.

( و ) كذا ( لا يجوز للمشترى ) مثلا ( وطء الأمة ) المشتراة التي يجب عليه استبراؤها ( إلا بعد استبرائها ) أما غير الوطء فالظاهر جوازه فتوى ونصا (١).

( ولو كان لها ) أي الأمة المشتراة ( زوج فأجاز ) المشتري ( نكاحه لم يكن له بعد ذلك فسخ ) نكاحه ضرورة صيرورته حينئذ كالنكاح المبتدأ باذنه ( وكذا لو علم فلم يعترض ) لما عرفت من فورية الخيار ، فيحرم حينئذ مطلق الاستمتاع بها عليه ( إلا أن تفارق الزوج وتعتد منه إن كانت من ذوات العدد ) لأنه أمة ذات زوج ( و ) قد عرفت الكلام فيها ، نعم ( لو لم يجز نكاحه ) بل فسخه ( لم يكن عليها عدة وكفاه الاستبراء ) بحيضة أو خمسة وأربعين يوما ( في جواز الوطء ) عند الفاضل وغيره ، لإطلاق ما دل (٢) على حلية الأمة المشتراة به ، ولأن المطلوب العلم ببراءة الرحم ، وهو حاصل بذلك ، ولخبر الحسن بن صالح (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « نادى منادي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيوم أوطاس أن استبرؤوا سباياكم » ‌ولا شك أن فيهن من كانت مزوجة.

لكن الأقوى وجوب العدة وفاقا للكركي وثاني الشهيدين والفاضل الهندي وغيرهم. بل هو المحكي عن الفاضل في القواعد في العدد ، لأصالة الحرمة قبلها ، ولأنها هي الأصل في فسخ النكاح بطلاق أو غيره ، وأخبار الاستبراء للمشتري إنما هي من حيث احتمال وطء السيد ، ولهذا يسقط لو كان البائع امرأة ، والخبر‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ و ١٠ و ١٦ و ١٧ و ١٨ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ١.

٢٨٦

المزبور مع إمكان منع معلومية ذوات الأزواج فيهن غير جامع لشرائط الحجية ، نعم يقوى أن الاكتفاء بحيضة أو خمسة وأربعين يوما في عزل السيد أمته عن عبده بغير الطلاق للنصوص (١) المصرحة بذلك التي قد مرت بعضها ، ولولاها لكان المتجه فيه الاعتداد أيضا ، والله العالم.

( ويجوز ابتياع ذوات الأزواج من أهل الحرب ) من أزواجهن وغيرهم ( وكذا بناتهم ) وغيرهن إجماعا ، لأنهم في‌ء للمسلمين يجوز استنقاذه بكل وجه فالملك المترتب على ذلك بالاستيلاء حقيقة لا به ، ضرورة كونه بيعا فاسدا.

( و ) كذا يجوز إجماعا ابتياع ( ما يسبيه أهل الضلال منهم ) ، وللأخبار (٢) فيترتب عليه حينئذ آثار الابتياع الصحيح من حل الوطء بالملك وغيره ، وأن الجميع للإمام أو فيه حق الخمس ، للرخصة منهم عليهم‌السلام لشيعتهم كي تطيب مواليدهم (٣) كما أوضحنا ذلك في كتاب الخمس (٤).

( تتمة )

( تشتمل على مسألتين ) قد تقدم الكلام في‌ ( الأولى ) منهما في كتاب البيع ، وهي ( كل من ملك أمة بوجه من وجوه التملك ) ولو إرثا ( حرم عليه وطؤها ) قبلا بل ودبرا على إشكال ( حتى يستبرءها بحيضة ) مع احتمال وطء السيد لها ، بل وعلمه للنص (٥) على الاجتزاء بذلك للسيد لو أراد بيعها مع وطئها ،

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب جهاد العدو من كتاب الجهاد.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأنفال من كتاب الخمس.

(٤) الجزء ١٦ ص ١٥٦ ـ ١٥٨.

(٥) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

٢٨٧

ولأن اجتزاء المشتري بذلك للاحتياط الذي يراعي فيه الاكتفاء بذلك على تقدير الوقوع ، وبالجملة تستبرأ بتلك مطلقا وإن كان الموجود في النصوص (١) الشراء والاسترقاق لكنها دالة بالفحوى أو بمعونة فتوى الأصحاب المؤيدة بالاحتياط والتحرز من اختلاط الأنساب على الجميع ، فما عن بعضهم ـ من الاقتصار على مورد النص لعموم ( ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) (٢) وأصالة عدم الاشتراط ، وانحصار الأخبار فيما ذكر بل عن ابن حمزة التصريح باستحباب استبراء من لا تحيض وهي في سن من تحيض ـ في غير محله خصوصا الأخير.

وكيف كان ( فإن تأخرت الحيضة ، وكان في سنها من تحيض اعتدت بخمسة وأربعين يوما ) بياضا ، وفي الاجتزاء بالملفق وجه ، الأحوط خلافه ، سيما إذا كان التلفيق من الليل ، كما أن الأحوط اعتبار الليالي أيضا لاعتبار خمسة وأربعين ليلة في خبري منصور (٣) وعبد الرحمن (٤) بل عن المفيد استبراؤها بثلاثة أشهر ، ولكنه متروك.

( و ) على كل حال فـ ( يسقط ذلك ) أي الاستبراء ( إذا ملكها حائضا إلا مدة حيضها ) المحرم وطؤها فيه ، فيكفي حينئذ في جوازه الطهارة من تلك الحيضة ولو لحظة ، وفاقا للمحكي عن الشيخ والأكثر ، للعلم بالبراءة مع الأصل بل الظاهر صدق استبرائها بحيضة ، فلا يحتاج إلى استثناء ، ول‌

صحيح الحلبي (٥) سأل الصادق عليه‌السلام « عن رجل اشترى جارية وهي حائض ، قال : إذا طهرت فليمسها إن شاء » ‌

وخبر زرعة عن سماعة (٦) « سألته عن رجل اشترى جارية وهي طامث‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب بيع الحيوان من كتاب التجارة والباب ـ ١٧ ـ من نكاح العبيد والإماء الحديث ١.

(٢) سورة المؤمنون : ٢٣ ـ الآية ٦.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٥ ـ ٦ ـ ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٢.

٢٨٨

أيستبرئ رحمها بحيضة أخرى أو تكفيه هذه الحيضة؟ قال : لا ، بل تكفيه هذه الحيضة ».

نعم قيل : لا بد من أن يكون حيضا ظاهرا لا من استحيضت وهي مبتدأة أو مضطربة ، وخصص حيضها بتلك الأيام بالتخيير الوارد في النصوص (١) ولعله للاحتياط وعدم اليقين ، فتستصحب الحرمة ، فتستبرأ حينئذ بخمسة وأربعين يوما ، أو بيقين الحيض متى حصل ، أو بشهر لكونه بدل الحيضة في غير مستقيمة الحيض ، ولخبر ابن سنان (٢) الآتي أوجه ، بل ربما احتمل ذلك أيضا في ذات التميز وإن كان هو واضح الضعف ، ضرورة صراحة الروايات (٣) بحيضة ، بل لا يبعد الاكتفاء بالتحيض بكل ما ورد به الشرع.

وعلى كل حال فما عن ابن إدريس ـ من اعتبار القرائين في المشتراة حائضا بمعنى اعتبار حيضة أخرى للأمر بالاستبراء بها ، والأولى حيضة قد مضى بعضها قبل الشروع في الاستبراء ، ولخبر سعد الأشعري (٤) عن الرضا عليه‌السلام من « الاستبراء قبل البيع بحيضتين » ‌المحمول على ذلك ـ كما ترى بعد ما عرفت ، وجواز حمل الخبر على الاستحباب أو على من وطئت حائضا ولو لشبهة ، فان احتمال اعتبار حيضة مستأنفة فيه لا يخلو من قوة وإن لم أجد تصريحا به.

( وكذا ) يسقط ( إن كانت لعدل وأخبر باستبرائها ) للعلم الشرعي حينئذ بالبراءة والأصل والعموم والأخبار (٥) وهي كثيرة ذكرناها في كتاب البيع ، لكنها‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الحيض من كتاب الطهارة.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب بيع الحيوان الحديث ٦ والباب ـ ١١ ـ منها الحديث ٤ و ٥ من كتاب التجارة.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء والباب ـ ١١ ـ من أبواب بيع الحيوان من كتاب التجارة.

٢٨٩

مقيدة بالثقة أو الأمن إلا أن المصنف والفاضل وغيرهما خصاهما بالعدل ، للاحتياط ولأنه الثقة المأمون شرعا ، ويمكن الاكتفاء بحصول العلم العادي باخباره وإن لم يكن ثقة ، بل عن ابن إدريس وجوبه وإن كان المخبر عدلا ، كما عن الشيخ الاحتياط به ، فيجب حينئذ الاستبراء مع عدمه حتى لو كان المخبر عدلا ، ولعله لعموم الأمر به المخصص بما عرفت ، وخصوص‌ خبر عبد الله بن سنان (١) سأل الصادق عليه‌السلام « أشترى الجارية من الرجل المأمون فيخبرني أنه لم يمسها منذ طمثت عنده وطهرت ، قال : ليس بجائز أن تأتيها حتى تستبرئها بحيضة ، ولكن يجوز ذلك ما دون الفرج ، إن الذين يشترون الإماء ثم يأتوهن قبل أن يستبرءوهن فأولئك الزناة بأموالهم » ‌وغيره التي يمكن حملها على الكراهة.

( وكذا ) يسقط ( إن كانت لامرأة ) وفاقا للمحكي عن الأكثر ، للأصل وعموم ( ما مَلَكَتْ ) (٢) وخصوص‌ خبر ابن أبي عمير عن حفص (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الأمة تكون للمرأة فتبيعها ، قال : لا بأس بأن تطأها من غير أن تستبرئها » ‌ونحوه حسن رفاعة أو صحيحه (٤) عن أبي الحسن عليه‌السلام وغيره ، خلافا للمحكي عن الحلي فأوجبه أيضا ، للعموم المخصوص بما عرفت ، نعم لا ريب في أنه أحوط.

( أو يائسة ) لمعلومية براءة رحمها ، قال منصور بن حازم (٥) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عليه‌السلام عن الجارية التي لا يخاف عليها الحمل ، قال : ليس عليها عدة » ‌ونحوه خبر عبد الرحمن (٦) بل لا موضوع للاستبراء فيها ، ومن هنا كان المتجه عدم‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب بيع الحيوان الحديث ٥ من كتاب التجارة.

(٢) سورة المؤمنون : ٢٣ ـ الآية ٦.

(٣) أشار إليه في الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ١ وذكره في التهذيب ج ٨ ص ١٧٤ الرقم ٦٠٨.

(٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ١.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٢.

٢٩٠

استثنائها ، و‌خبر ابن سنان (١) الذي سأل فيه الصادق عليه‌السلام « عن الرجل يشتري الجارية لم تحض ، قال : يعتز لها شهرا إن كانت قد يئست » ‌محمول على الاستحباب بل‌ عن الكافي والاستبصار « إن كانت قد مست » ‌فيكون الأمر بالشهر حينئذ بناء على أغلبية حصول الحيضة به ، وكذا يحمل على الندب في‌ خبر عبد الرحمن (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الرجل يشتري الجارية ولم تحض أو قعدت عن المحيض كم عدتها؟ قال : خمسة وأربعون ليلة ».

وفي معناها الصغيرة التي هي دون تسع سنين ، ولم يذكرها معها هنا ، وذكرها في كتاب البيع (٣) ولعله لحرمة وطئها ، وأما‌ صحيح الحلبي (٤) ـ عن الصادق عليه‌السلام « في رجل ابتاع جارية ولم تطمث ، قال : إن كانت صغيرة لا يتخوف عليها الحبل فليس عليها عدة ، وليطأها إن شاءت ، وإن كانت قد بلغت ولم تطمث فان عليها العدة » ففي كشف اللثام « الظاهر أن المراد بالصغر القصور عن السن المعتاد للحيض في أمثالها لا عدم البلوغ تسعا ، وكذا المراد بالبلوغ بلوغها السن المعتاد » قلت : وحينئذ يستفاد منه سقوط الاستبراء عمن بلغت التسع لكن لم تبلغ أو ان الحمل كما هو المعتاد في بنت العشر وما قاربها ، وربما يشهد له‌ صحيح ابن أبى يعفور (٥) عن الصادق عليه‌السلام « في الجارية التي لم تطمث ولم تبلغ الحمل إذا اشتراها الرجل ، قال : ليس عليها عدة ، يقع عليها » ‌بل مال إليها في المسالك ، لكنه لا يخلو من إشكال من إطلاق الأصحاب الاستبراء مع بلوغها سن الحيض وإن لم تحض ، ومن المعلوم إرادة التسع منه ، فإنه زمان إمكان الحيض ـ فيمكن حمل هذه النصوص على إرادة سقوط الاستبراء عن الصغيرة وأن له الوقوع عليها بدونه إذا بلغت ، والله العالم.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٦.

(٣) الجزء ٢٤ ص ٢٠٧ و ٢٠٨ ط قم.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ١ ـ ٣.

٢٩١

( أو ) كانت ( حاملا ) فإنه لا استبراء هنا قطعا ، ضرورة معلومية كونها حاملا ، إنما الكلام في جواز وطئها مطلقا وعدمه مطلقا والتفصيل بالأربعة أشهر وعشرة أيام ، فيحرم قبل مضيها للحمل ويحل بعده ( على كراهية ) أقوال : أقواها الأخير كما عرفته مفصلا في كتاب البيع (١) بل هو خيرة المصنف هناك أيضا وإن اختار هنا الجواز مطلقا على كراهية.

وعلى كل حال فليس هذا من الاستبراء في شي‌ء ، وفي جامع المقاصد أنه إن كان الحمل من وطء محترم فلا يجوز وطؤها إلا بعد الوضع ، وإن كان من زنا فلا يجوز قبل الأربعة أشهر وعشرة ويجوز بعدها ، بل عن غيره الجمع بين النصوص بحمل ما دل (٢) على الحرمة إلى الوضع على الحمل من وطء محترم ، وما دل (٣) على الجواز مطلقا على الحمل من زنا ، وقد تقدم في كتاب البيع تفصيل ذلك كله ، فلاحظ وتأمل ، والله العالم.

ويسقط الاستبراء أيضا بإعتاقها بعد ابتياعها ، وهي.

المسألة ( الثانية )

التي أشار إليها المصنف بقوله ( إذا ملك أمة فأعتقها كان له العقد عليها ووطؤها من غير استبراء ) بلا خلاف أجده فيه كما اعترف به بعض الفضلاء ، بل في المسالك دعوى الوفاق عليه ، للأصل وخروجها عن الأمة التي حكمها الاستبراء ، وللأخبار كصحيح محمد بن مسلم (٤) عن الباقر عليه‌السلام « في الرجل يشتري الجارية‌

__________________

(١) الجزء ٢٤ ص ٢١١ ـ ٢١٧ ط قم.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٢ ـ ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ١.

٢٩٢

ثم يعتقها ويتزوجها هل يقع عليها قبل أن يستبرئ رحمها؟ قال : يستبرئ بحيضة ، قال : قلت : فان وقع عليها ، قال : لا بأس » ‌ونحوه خبر عبيد (١) وأبى العباس (٢) عن الصادق عليه‌السلام وكفى بذلك كله مخرجا عن عموم العلة المقتضي لعدم سقوط الاستبراء لو سلم دلالة النصوص عليها على وجه تخرج به عن كونها مستنبطة.

( و ) لكن كما دل الصحيح على سقوطه دل على أن ( الاستبراء أفضل ) بل لعله كذلك في كل مقام أسقطناه مع احتمال الوطء المحترم ولو من غير السيد تحفظا من اختلاط الأنساب ، نعم لا يبعد تقييد السقوط هنا بما إذا جهل الوطء المحترم كما في القواعد وكشف اللثام وغيرهما لا ما إذا علمه وإن أطلق الأكثر كالنصوص (٣) لعموم ما دل (٤) على الاستبراء والاعتداد منه ، فيستبرئ بحيضة من وطء السيد ، وتعتد إن كانت ذات زوج فسخ نكاحه على الأصح ، وما في جامع المقاصد ـ أنها تستبرئ بحيضة منه أيضا ـ واضح الضعف ، بل مناف لما اختاره سابقا.

وعلى كل حال لا بد من تقييد النص والفتوى بذلك ، بخلاف ما لو جهل ، فإن الأصل يقتضي عدم الوطء الموجب للاستبراء السالم عن معارضة نصوصه (٥) المختصة بالأمة دون المعتقة ، ودعوى الاشتراك في العلة يدفعها أنها مستنبطة لا منصوصة ، مع أن الاحتياط لا ينبغي تركه فيه أيضا ، للاستصحاب ، ولقوة احتمال استفادة الشركة في العلة من النصوص ، خصوصا بعد أن لم يقتصروا على ما فيها من الشراء.

هذا كله لو تزوجها ، أما غيره فلا بد له من التربص ثلاثة أشهر ، لصحيح زرارة (٦) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أعتق سرية إله أن يتزوجها بغير عدة؟

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٢ ـ ٣ ـ ٠ ـ.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب بيع الحيوان من كتاب التجارة.

(٦) أشار إليه في الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ١ وذكره في التهذيب ج ٨ ص ١٧٥ الرقم ٦١١.

٢٩٣

قال : نعم ، قلت : فغيره قال : لا حتى تعتد ثلاثة أشهر » ‌ونحوه الصحيح الآخر (١) عنه عليه‌السلام أيضا.

لكن ظاهر المصنف تقييد ذلك بما إذا علم وطء المعتق ، حيث قال ولو كان وطأها وأعتقها لم يكن لغيره العقد عليها إلا بعد العدة ، وهي ثلاثة أشهر إن لم تسبق الأطهار وإلا كانت هي العدة ، ضرورة كون العدة هنا عدة الطلاق ، ونحوه غيره ، وهو حسن لعدم المقتضي للعدة مع العلم بعدم الوطء ، بل ومع الجهل ، بل وللاستبراء أيضا ، فيجب تنزيل إطلاق الصحيحين على ذلك ، بل الظاهر عدم انصرافه إلى غيره ، فما وقع من بعض الأفاضل ـ من الحكم بالعدة مع الجهل تارة والاستبراء أخرى ـ في غير محله قطعا.

نعم قد يشكل الحكم هنا بالعدة للغير ثلاثة أشهر مع الاكتفاء بنكاح السيد لها بعد العتق بالاستبراء بحيضة في صورة العلم بوطء السيد البائع لها ، قال في جامع المقاصد : « واعلم أنه لو علم أن الأمة المبتاعة موطوءة وطئا محترما من نحو زوج فسخ نكاحه أو من المولى فأعتقها لم يجز له أن يتزوجها إلا بعد الاستبراء ، وتكفي الحيضة ، لأن في رواية محمد بن مسلم (٢) استحباب الاستبراء بحيضة مع جهل الوطء ، فلو لا أن الحيضة تكفي مع العلم به لم يكن لاستحبابها معنى ، فان الغرض منها يقين براءة الرحم ، لاحتمال الوطء ، وكان ذلك كافيا قبل العتق فكذا بعده ».

وفيه ( أولا ) أنه مناف لما اختاره سابقا من العدة لذات الزوج التي فسخ نكاحها وهي أمة فضلا عن المعتقة لا الاستبراء. ( وثانيا ) أنه لا فرق حينئذ بينه وبين تزوج الغير في مفروض المتن هنا ، ضرورة أنه إن كان المدار على حال حريتها الموجب اعتدادا لا استبراء ففي المقامين ، وإن كان المدار على وطئها فهي في المقامين مملوكة حال ، فدعوى الاكتفاء بالحيضة للمشترى المعتق الذي علم وطء سيدها لها دون المقام فعدة الطلاق للحرة لا دليل عليها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ١.

٢٩٤

اللهم إلا أن يقال : إن الموضوع في الصحيحين المزبورين المعتق سريته وحاصلهما أنه لا عدة عليه إذا أراد تزويجها ، لأن الماء ماؤه ، فهو كمن عقد على حرة في عدتها منه ، بخلاف الأجنبي فإن عليه العدة ، لكونه وطئا محترما ، والفرض أنها حرة ، فلا استبراء بالنسبة إليه ، فإن المقام ليس مقامه ، بخلاف الموضوع في المسألة الاولى ، وهي الأمة المبتاعة الموطوءة لسيدها ، فإنه كان عليه استبراؤها قبل أن يعتقها إذا أراد وطءها ، فبعد العتق لم يسقط ذلك الاستبراء ، لكون الوطء فيه معلوما ، فيبقى الخطاب به بحاله ، بل لا يبعد ذلك لو أراد الغير تزوجها ، فإنه لا فرق بينه وبين المبتاع الذي حصل العتق منه بعد أن علم من الشارع يقين براءة رحمها بالحيضة الذي لا فرق فيه بين نكاح المعتق ونكاح غيره بالنسبة الى ذلك.

لكن المتجه على هذا التقدير جعل موضوع المسألة في الثانية الأمة الموطوءة للسيد فأعتقها ، فإنه إذا أراد هو نكاحها لا عدة عليه ، بخلاف الغير ، كما هو مضمون الصحيحين ، وموضوع الأولى الأمة المشتراة التي علم وطء سيدها لها فأعتقها ثم أراد هو أو غيره نكاحها فيجزؤهما الاستبراء بحيضة لما عرفت ، ولكن مع ذلك فالمسألة بعد لا تخلو من إشكال ، وطريق الاحتياط فيها غير خفي.

كما أن ما في المسالك (١) عن بعضهم بعد أن ذكر سقوط الاستبراء بالإعتاق لو أراد المعتق نكاحها مع احتمال الوطء وإلحاق بعضهم تزويج المولى للأمة المبتاعة بالعتق في سقوط الاستبراء لأنه لا يجب على الزوج استبراؤها ما لم يعلم سبق وطء محترم في ذلك الطهر ، وذلك لأن الاستبراء تابع الانتقال الملك ، وهو منتف هنا قال تبعا لما احتمله في جامع المقاصد : « وعلى هذا فيمكن أن يجعل ذلك وسيلة إلى سقوط الاستبراء عن المولى أيضا بأن يزوجها من غيره ثم يطلقها الزوج قبل الدخول ، فيسقط الاستبراء بالتزويج والعدة بالطلاق قبل المسيس وإن وجد ما يظن كونه علة الاستبراء ، وهو اعتبار براءة الرحم من ماء السابق ، فإن العلة مستنبطة‌

__________________

(١) في العبارة تشويش إذ لم يذكر خبر « أن » فان قوله : « ما في المسالك. » اسمه وخبره اما محذوف أو قوله فيما يأتي : « وفيه إمكان الفرق » فيكون الواو هناك زائدا.

٢٩٥

لا منصوصة ، ومثله الحيلة على إسقاطه ببيعها من امرأة ونحو ذلك ».

وفيه إمكان الفرق بين الحيلتين بسقوط موجب الاستبراء في الثاني ، لأن الشراء قد انقطع بالبيع من الامرأة مثلا بخلاف التزويج ، فإنه لم يسقط مقتضى الاشتراء بالنسبة إليه ، ضرورة كونها أمة مشتراة له محتملة الوطء ، أقصى ما هناك سقوط الاستبراء بالنسبة للزوج ، لعدم كونه مشتريا ، لا أنه بتزويجه يسقط عن المشتري الذي أراد وطيها بذلك الشراء بعد الطلاق قبل الدخول ، وانتفاء العدة لغير المدخول بها من حيث عقد الزوج ، وهو غير احتمال وطء السيد الذي لم يحصل للمشترى ما يسقط خطاب الاستبراء بالنسبة إليه لو أراد الوطء بذلك الشراء ، فلا ريب حينئذ في وضوح الفرق بينهما ، على أن الحكم في البيع من الامرأة ونحوها لا يخلو من إشكال ، باعتبار إمكان دعوى ظهور النصوص أو بعضها في العلة المخرج لها عن كونها مستنبطة ، وباعتبار إمكان دعوى كون التعارض في الأدلة حينئذ من وجه والترجيح للاستبراء بالاستصحاب وظهور العلة والاحتياط في الفروج وغير ذلك.

النوع ( الثاني )

من نوعي الملك ( ملك المنفعة ) أي الانتفاع ، فيمكن أن يجامع كونه عقدا أو أنه مبنى على كون التحليل ملك يمين للمنفعة ، كما ستعرف تحقيق الحال فيه.

( و ) كيف كان فـ ( النظر في الصيغة والحكم ) بعد القطع بجوازه عندنا للإجماع بقسميه عليه وتواتر النصوص (١) به فما في محكي الخلاف والسرائر من إرسال قول عن بعض أصحابنا بالمنع منه بل في كشف اللثام أنه معطي كلام الانتصار مسبوق بالإجماع وملحوق به ، ضرورة معلومية جوازه في مذهبنا عند المخالف فضلا عن المؤالف كالمنقطع.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

٢٩٦

و‌مضمر ابن يقطين (١) « سألته عن الرجل يحل فرج جاريته ، قال : لا أحب ذلك » ‌وخبر عمار (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في المرأة تقول لزوجها جاريتي لك ، قال : لا يحل له فرجها إلا أن تبيعه أو تهب له » ‌وخبر أبي هلال (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « سألته عن الرجل هل يحل له جارية امرأته؟ قال : لا حتى تهبها له ، إن عليا عليه‌السلام قد قضى في هذا ، أن امرأة أتت تستعدي على زوجها ، قالت : إنه قد وقع على جاريتي فأحبلها ، فقال الرجل : إنها وهبتها لي ، فقال علي عليه‌السلام : ائتني ببينة وإلا رجمتك ، فلما رأت المرأة أنه رجم ليس دونه شي‌ء أقرت أنها وهبتها له ، فجلدها حدا ، وأمضى ذلك له » ‌من الشاذ الذي قد أمرنا بالإعراض عنه ، مع أنه لا ظهور في الأول بالمنع ، بل من المعلوم كون الوجه في ذلك أنه لا يراه مخالفونا ، بل مما يشنعون به علينا ، فالتنزه عنه أولى ، بل عن الشيخ أن ذلك ما لم يشترط حرية الولد وإلا زالت الكراهة كما عساه يومئ اليه‌ خبر إسحاق (٤) « سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن المرأة تحل فرج جاريتها لزوجها ، فقال : إنى أكره هذا ، كيف يصنع إن هي حملت؟ قلت : تقول : إن هي حملت منك فهي لك ، قال : لا بأس بذلك ، قلت : فالرجل يصنع هذا بأخيه ، قال : لا بأس بذلك » ‌بل والثالث المسؤول فيه عن جارية المرأة من حيث كونها جارية امرأة ، والحصر في الهبة مع معلومية الجواز في العقد والتمليك بغير الهبة ليس على حقيقته ، بل يمكن إرادة ما يشمل التحليل من الهبة أو خصوصه ، بل لعل الخبر الثاني ظاهر في ذلك.

منه ينقدح حينئذ قوة كون التحليل ملك يمين بهذا المعنى ، بل وقوة جواز كون صيغته بلفظ الهبة.

ومنه يعلم ضعف الاستدلال بمفهوم قوله تعالى (٥) : ( إِلاّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٧.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٥ ـ ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٨.

(٥) سورة المؤمنون : ٢٣ ـ الآية ٦ ـ ٧.

٢٩٧

مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ، فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ ) لتقريب عدم كونه تزويجا دائما ولا منقطعا ، لعدم اعتبار المهر فيه ولا المدة ولا النفقة ، ولا يقع به طلاق ولا غير ذلك من لوازم الدائم والمنقطع ، وعدم كونه ملك اليمين ، لأن الفرض ملك الرقبة لغيره ، مضافا إلى أن أقصاه العموم المخصص بالإجماع بقسميه ، بل المحكي منهما مستفيض أو متواتر كالنصوص (١) وإلى إمكان دعوى كونه تزويجا بعد فرض ثبوت مشروعيته ، وأنه فرد ثالث ، وانتفاء لوازم الدوام والانقطاع لا يقضى بانتفاء كونه تزويجا ، وإلا لاقتضى انتفاء لوازم الدوام عدم كون المنقطع تزويجا وبالعكس ، فإنه لا دليل على انحصار النكاح فيهما ، وإلى إمكان كونه ملك يمين بمعنى كون المراد بالاية عدم جواز وطء غير الزوجة والمملوكة ولو للغير بالتحليل ، فالضمير حينئذ في ( أَيْمانُهُمْ ) للجنس ، لا أن المراد اعتبار الملك للشخص في جواز وطء المملوكة ، وعلى كل حال فلا إشكال من هذه الجهة ، إنما الكلام في الصيغة وغير ذلك من الحكم.

( أما الصيغة فـ ) لا خلاف في اعتبارها فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، فلا يكفي التراضي مطلقا ، و‌خبر هشام بن سالم (٢) قال : « أخبرني محمد بن مضارب ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا محمد خذ هذه الجارية إليك تخدمك وتصيب منها ، فإذا خرجت فردها إلينا » ‌ليس نصا بل ولا ظاهرا في الاكتفاء بهذا اللفظ ، وإلا كان واجب الطرح.

نعم لا خلاف في حصولها بـ ( أن يقول : أحللت لك وطءها أو جعلتك في حل من وطئها ) بل الإجماع بقسميه عليه ، مضافا الى معلومية دلالة النص (٣) والفتوى عليه ، ولكن في اعتبار الماضوية ـ فلا يجزئ المضارع والأمر المراد بها إنشاء ذلك ولا « أنت في حل من وطئها » ـ البحث السابق الذي قد عرفت قوة القول‌

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء والباب ـ ٣٧ ـ منها الحديث ٥ و ٦.

٢٩٨

بالجواز فيه ، بل قد عرفت هناك قوة اعتبار عدم اللفظ المخصوص ، بل يكفي كل ما دل على إنشاء ذلك على حسب القانون العربي ، من غير فرق بين المجاز وغيره مما لم يقم إجماع ونحوه على خلافه ، بل لعل المقام أوسع دائرة من ذلك ، باعتبار كونه من الإباحات ومن العقود الجائزة التي صرحوا في الاكتفاء بأي لفظ كان ، وستسمع ما في خبر فضيل مولى راشد (١) من التحليل بالجملة الاسمية التي صرح بعضهم بالمنع منها هنا ، وكذا خبر إبراهيم بن عبد الحميد عن الكاظم عليه‌السلام (٢) وغيره الاتى في المسألة الثالثة من مسائل الحكم ، لكن الاحتياط لا ينبغي تركه ، خصوصا في الفروج.

( و ) لعله لذا ونحوه ( لا يستباح بلفظ العارية ) عند المشهور ، بل هو مجمع عليه نقلا مستفيضا ، مضافا إلى‌ خبر البقباق (٣) « سأل رجل أبا عبد الله عليه‌السلام ونحن عنده عن عارية الفرج فقال : حرام ، ثم مكث قليلا ثم قال : لا بأس بأن يحل الرجل الجارية لأخيه » ‌المنجبر سنده إن كان محتاجا بالشهرة ، ولا ينافيه‌ خبر الحسن العطار (٤) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن عارية الفرج ، قال : لا بأس به » ‌المراد منه التحليل المسمى عند العامة في التشنيع علينا بالعارية التي أومأ عليه‌السلام في الخبر السابق الى عدم كون التحليل من العارية ، بل هو قسم مستقل برأسه ، ولذلك استدرك عليه‌السلام جوازه بعد الحكم بحرمة عارية الفرج كما سمعت.

إلا أن الانصاف مع ذلك كله دعوى دلالة الخبر المزبور على عدم جواز عقد التحليل بلفظ العارية المراد منه معنى التحليل لا العارية المخصوصة لا يخلو من إشكال ، ولعله لذا حكي عن ابن إدريس جوازه ، وحينئذ فوجه الجمع بين الخبرين عدم كون التحليل من أفراد العارية وإن جاز عقده بلفظها المراد منه التحليل الذي هو عارية بالمعنى الأعم ، بل يمكن إرادة ذلك أيضا من معاقد‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٥.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ١.

٢٩٩

الإجماعات ، كما أنه يمكن تأييده بإشعار تعليل الفرق بين الحرة والأمة في الصحيح (١) المتقدم في الأمة المشتركة بأن الحرة لا تهب ولا تعير ولا تحلل إلا أنك قد عرفت شدة رجحان الاحتياط في الفروج ، وخصوصا في المقام الذي قد عرفت حكاية الإجماع عليه ، وقوة إرادة جواز إطلاق لفظ العارية عليه في خبر العطار (٢) وإن لم يجز عقده بها نحو إطلاق المستأجرات على المتمتع بهن وإن لم يجز لفظ « آجرت » في المتعة ولو للتجنب عن توهم دخول النكاح الذي هو عقد مستقل برأسه في عقد آخر ، والله العالم.

( و ) كيف كان فـ ( هل يستباح ) فرج الجارية ( بلفظ الإباحة ) المرادف للتحليل ( فيه خلاف ) بين الأصحاب ، أشهره عدم الجواز و ( أظهره الجواز ) وفاقا للفاضل وجماعة ممن تأخر عنه ، ومحكي المبسوط والسرائر ، لعموم الأخبار (٣) فإنها تضمنت التحليل ، وهو أعم من أن يكون بلفظه أو مرادفه ، بل وغيرهما مما يفيده على حسب القانون اللغوي « نحو أذنت » و « سوغت » كما نص عليهما في القواعد ، لكن قد عرفت أن الاحتياط في الفروج مما لا ينبغي تركه ، خصوصا بعد ما قيل هنا من أن الجواز بلفظ التحليل لا يستلزم الجواز بلفظ الإباحة بعد تسليم ترادفهما ، والمتيقن من النصوص العقد بلفظ التحليل وإن كان هو كما ترى.

( ولو قال : « وهبتك وطءها » أو « سوغتك » أو « ملكتك » ) متجوزا بها بإرادة معنى التحليل منها باعتبار مشابهة مفاده لمفادها ، لعدم العوض فيه مع استحقاق الانتفاع به ( فمن أجاز ) العقد بلفظ ( الإباحة ) باعتبار استفادة‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

٣٠٠