بحوث في علم الأصول - ج ٥

السيّد محمود الهاشمي الشاهرودي

بحوث في علم الأصول - ج ٥

المؤلف:

السيّد محمود الهاشمي الشاهرودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المجمع العلمي للشهيد الصدر
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٤

والجواب : ما تقدم من انه يحتمل انَّ هذه الجملة جاءت مرتين ، مرة مخاطبا بها سمرة باعتباره مضارا لمؤمن ، وأخرى بعد امر الأنصاري بقلع الشجرة بدون الزيادة المذكورة لأنها تناسب مخاطبة سمرة في المقام الأول وثبوتها وإن كان يناسب الحرمة التكليفية ولكنه لا يضر باستفادة نفي الحكم الضرري ، فانَّ القاعدة فيها مقطعان أحدهما لا ضرر والآخر لا ضرار ، والثاني منهما يناسب الحرمة التكليفية ، والأول نفي للأحكام الضررية ، والمناسب في مخاطبة سمرة المقطع الثاني للقاعدة بينما المناسب مع التفريع على قلع الشجرة المقطع الأول ، ولهذا يكون تكرار الجملة بهذا النحو مناسبا ومعقولا من دون لزوم تهافت.

ثم انه لو فرض وقوع التهافت بين نقل الزيادة والنقيصة وصلت النوبة إلى ملاحظة أصالة عدم الزيادة وعدم النقيصة في المقام ، والبحث عن ذلك تارة يكون كبرويا وأخرى يكون صغرويا.

امّا البحث الكبروي فقد يذكر لتقدم أصالة عدم الزيادة على عدم النقيصة عدة وجوه :

الأول ـ انَّ ناقل الزيادة يصرح بوجودها فيكون ظهور نقله في ثبوتها أقوى من سكوت ناقل النقيصة عنها لأنه لا ينقل عدمها وانما سكت عنها فيحمل الظاهر على الصريح.

وفيه : انَّ الجمع العرفي بحمل الظاهر على الصريح انما يكون في كلامين لشخص واحد يراد كشف مرامه منه لا في شهادتين لشخصين كما في المقام ، ولهذا لا يجمع بين بينتين متعارضتين بحمل الظاهر منهما على الأظهر ، وما نحن فيه من هذه القبيل لأنَّ نقل الراوي للنقيصة والزيادة انما هو شهادة من الراوي وهي غير شهادة الراوي الآخر.

الثاني ـ انَّ الزيادة لا تنشأ إلاّ من ناحية الكذب أو الغفلة المنفيين بحجية خبر الثقة وأصالة عدم الغفلة ، واما النقص فقد ينشأ من جهات أخرى كعدم كون الراوي في مقام بيان الزيادة أو كون طبيعته في النقل على الاختصار.

وفيه : انَّ ترك نقل الزيادة المؤثرة في المعنى أيضا لا يكون إلاّ نحو كذب وخيانة بالنقل أو غفلة فيكون منفيا بحجية خبر الثقة وأصالة عدم الغفلة ، ولو لا ذلك لسقطت

٤٤١

كل الاخبار عن الحجية لاحتمال وجود ما يغير معناها الظاهر وقد أسقطه الراوي لسبب من الأسباب.

الثالث ـ انَّ غفلة الإنسان عن الشيء الزائد في مقام السماع أو النقل وحذفه أكثر من غفلته في زيادة شيء كما هو واضح فتكون أصالة عدم الزيادة أقوى من أصالة عدم النقيصة.

والجواب ـ انَّ هذه الأقوائية وإن كانت مقبولة في نفسها إلاّ انَّ الكلام في مرجحيتها في مقام حجية الرواية والاخبار ، وعند ما نراجع مأخذ الحجية وهو السيرة لا نجزم بتقديم أصالة عدم الزيادة على أصالة عدم النقيصة لمجرد مثل هذه الأقوائية.

واما البحث الصغروي ، فقد أفاد المحقق النائيني ( قده ) في المقام بأنا وإن قبلنا تقديم أصالة عدم الزيادة على عدم النقيصة كبرويا إلاّ انه في خصوص المقام يكون نقل النقيصة أرجح بإحدى نكتتين :

إحداهما ـ انَّ الزيادة وردت في رواية واحدة بينما النقيصة وردت في روايات عديدة كثيرة فيكون احتمال عدم النقيصة أقوى.

وهذه النكتة غير تامة ، لأنه إذا كان النّظر إلى غير الطائفة الأولى من الاخبار فلا وجه لإدخالها في الحساب إذ لا مانع من ان يكون حديث لا ضرر في قصة سمرة مذيلا بهذا الذيل وفي حديث الشفعة مثلا غير مذيل به ، وإن كان النّظر إلى نفس اخبار قصة سمرة بن جندب فواحد منها غير مشتمل على جملة ( لا ضرر ولا ضرار ) رأسا فعدم اشتماله على الذيل يكون من السالبة بانتفاء الموضوع وليس شاهدا على عدم هذه الكلمة ، وواحد منها مشتمل على الذيل ، وواحد منها وهو نقل ابن بكير عن زرارة غير مشتمل على الذيل ، فليس النقل الخالي عن الزيادة متعددا.

نعم هناك مقويات أخرى لخبر النقيصة من قبيل انَّ وسائطه ـ بحسب نقل الكافي ـ إلى الإمام خمسة بينما خبر الزيادة الوسائط فيه ستة ، على انَّ الكليني ينقل خبر النقيصة عن عدة من أصحابنا وهم أربعة وفيهم الأجلاء مما يكون بحكم عدم الواسطة للقطع بصدقهم ، وانَّ خبر النقيصة قد نقله الصدوق أيضا بسند آخر عن ابن بكير عن زرارة فيضعف احتمال الغفلة فيمن وقع بعد ابن بكير إلى الكليني ، وانَّ خبر الزيادة فيه إرسال عن شخص مجهول مما يضعف قيمة احتمال الصدور أو عدم الغفلة ،

٤٤٢

فبمجموع هذه القرائن يمكن تقوية احتمال النقيصة في قبال الزيادة ، ولعل نظر المحقق النائيني ( قده ) كان إلى ذلك.

الثانية ـ انَّ إضافة كلمة ( على مؤمن ) باعتباره ملائما مع الذوق ومناسبات الحكم والموضوع لمثل هذه القاعدة الامتنانية والتي هي إحسان على العباد فلا يكون احتمال وقوع الاشتباه فيه بإضافة كلمة ( على مؤمن ) بعيدا كما في سائر الزيادات التي لا تكون من هذا القبيل.

وهذه النكتة إن أريد بها انَّ مناسبة الزيادة مع أصل الكلام قد توجب سبق لسان الراوي إليها دون تعمد ، ففيه : انَّ الّذي يوجب سبق اللسان ليس المناسبة المعنوية بل تعود اللسان على الجمع بين كلمتين ولفظين بحيث تنسبق إحداهما إلى اللسان بمجرد التلفظ بالأخرى وليس المقام منه.

وإن أريد بها انَّ شدة المناسبة جعل المطلق ينصرف إلى المقيد فذكر قيد ( على المؤمن ) : ففيه : انَّ هذا الاحتمال بنفسه يأتي في طرف النقيصة بان يكون شدة المناسبة جعل الراوي ينصرف ذهنه فيتصور انَّ المطلق في قوة المقيد.

نعم لا يبعد ان يقال بأنَّ مناسبة الحكم والموضوع تكون بدرجة بحيث لو كان الراوي هو المشرع لشرع القاعدة مع الزيادة ، ولأنس ذهنه بذلك إلى هذه الدرجة وقع في الاشتباه فتخيل انَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شرعها مع الزيادة ، فهذا مع المقربات السابقة ربما يوجب ان تكون قيمة احتمال النقيصة في المقام ليست بأقل من قيمة احتمال الزيادة إلا انَّ هذا كله انما ينفع في عدم تقديم أصالة عدم الزيادة على عدم النقيصة على القول به كبرويا فيما إذا كان الملاك فيه بالظن الشخصي وملاحظة مجموع القرائن لا النوعيّ الّذي هو ملاك الحجية والاعتبار عادة.

هذا كله في اخبار الطائفة الأولى التي تحكي قصة سمرة بن جندب مع الأنصاري.

واما الطائفة الثانية التي تنقل قضاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد ورد فيها ( لا ضرر ولا ضرار ) بطرقنا عن عقبة بن خالد كتذييل لحديث الشفعة والنهي عن منع فضل الماء ولم يرد كقاعدة مستقلة ، نعم بطرق العامة ورد كذلك.

وقد حاول شيخ الشريعة الأصفهاني ( قده ) تقريب انَّ هذا قاعدة مستقلة لا ربط

٤٤٣

له بالموردين وانَّ الجمع بينها وبين الشفعة من الجمع في الرواية من أحل تعزيز فهمه للقاعدة وانها حكم تكليفي بحرمة الإضرار بالآخرين وليست قاعدة مشرعة لنفي الأحكام الأولية إذا استلزمت الضرر بالآخرين. وسوف يتضح انَّ استفادة القاعدة المشرعة من هذه الحديث لا تتوقف على كونه تذييلا للشفعة أو منع فضل الماء ، بل يستفاد منه ذلك ولو كان مستقلا وإن كان ظهوره فيه أقوى وأكبر إذا فرض ورودها كتطبيق للقاعدة على الموردين.

وقبل التعرض لكلام شيخ الشريعة لا بد من الإشارة إلى انَّ كلمة ( قال ) التي صدر بها الحديث في رواية عقبة بن خالد عن الصادق عليه‌السلام حيث قال قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين أهل البادية انه يا يمنع فضل ماء ليمنع به فضل كلأ وقال : لا ضرر ولا ضرار ، وكذا في رواية الشفعة يرد فيها بدوا احتمالان :

الأول ـ ان يكون من كلام الراوي الّذي ينقل الحديث عن الإمام الصادق عليه‌السلام فيكون المعنى انَّ الإمام الصادق قال ( لا ضرر ولا ضرار ) عطفا على قوله قال قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

الثاني ـ ان يكون للإمام الصادق عليه‌السلام فيكون المعنى انَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ( لا ضرر ولا ضرار ).

والاحتمال الأول هو الّذي يناسب الجمع في الرواية الّذي يعنيه شيخ الشريعة ، ولكن ظاهر النقل عن الإمام الصادق انَّ قوله ( لا ضرر ولا ضرار ) كان عقيب نقله لقضاء الرسول فيكون ظاهرا في انه قاعدة مرتبطة بقضائه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيكون كما إذا كان ذيلا في كلام الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حيث الدلالة على كونها قاعدة مشروعة وإلاّ لم يصح تعليل القضاء بها ولم تكن مناسبة لذكرها بعد نقل قضاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

إلاّ انَّ هذا الاحتمال في نفسه خلاف الظاهر ، لأنَّ مقتضى السياق انَّ الناقل حينما شرع في نقل كلام شخص فما دام لم ينصب قرينة على انتهاء كلامه ومقول قوله كان باقي الكلام جزء من المنقول عن ذلك الشخص ، وفي المقام لم ينصب قرينة على انتهاء كلام الإمام عليه‌السلام فتكون كلمة ( وقال ) جزء من كلام الإمام الصادق عليه‌السلام والّذي يعني انَّ القاعدة كلام لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيتعين الاحتمال الثاني.

ثم انه بناء على هذا الاحتمال قد يحتمل ان يكون هذا من الجمع في الرواية من

٤٤٤

قبل الإمام الصادق عليه‌السلام إلاّ انَّ هذا الاحتمالي أيضا في صالح كون القاعدة قاعدة مشرعة لأن جمع الإمام للحديثين عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنفسه دليل على كون الحديث تعليلا لقضائه وإن لم يكن قد ذكره النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتعليل ، وفهم الإمام الصادق لذلك حجة لنا لا محالة ، وان كان الظاهر هو انَّ الحديث ليس من الجمع في الرواية حتى على مستوى الإمام الصادق عليه‌السلام بل من الجمع في المروي لأنَّ مقتضى التطابق بين عالم الثبوت والإثبات كاشفية جمع الإمام عليه‌السلام عند النقل عن النبي عليه‌السلام على الجمع من قبل النبي نفسه.

وهكذا يتحصل انَّ الاحتمالات كلها بصالح ما استفاده المشهور من هذه الحديث كقاعدة نافية للأحكام الضررية ، وعلى شيخ الشريعة ان يثبت خلاف ذلك وانَّ الجمع بين قضاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهذه الحديث من قبيل الجمع بين المتشتتات ، وقد بذل عناية فائقة في مقام إثبات ذلك ، وادعى وقوع المعارضة بين رواية عبادة بن صامت ورواية عقبة بن خالد في كون الحديث ذيلا لقضاء أو كونه قضاء مستقلا ، وقدم ظهور رواية عبادة على رواية عقبة ، وكلامه ( قده ) لا يخلو من تشويش وقد نقله المحقق النائيني ( قده ) بتشويش مضيفا إليه بعض النكات. وفيما يلي نستعرض كلامه أولا مع التعليق عليه ، ثم نذكر النكات الواردة في كلمات المحقق النائيني ( قده ) فنقول :

يمكن ان يستفاد من كلام شيخ الشريعة ( قده ) في مقام إثبات مرامه مقدمات ثلاث :

الأولى ـ انَّ عبادة بن صامت رجل ثقة في نقله.

الثانية ـ انَّ عقبة بن خالد روى عنه أقضية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم موزعة على الأبواب في كتب الحديث ولكن هذه التفرقة والتوزيع ليس من ناحية كون الروايات متعددة بل انَّ عقبة سمع كل الأقضية عن الإمام الصادق عليه‌السلام في وقت واحد ونقلها في رواية واحدة ثم قطعها الأصحاب حيث انَّ مبناهم على ذكر كل خبر في المورد المناسب له.

الثالثة ـ انَّ الاختلاف بين الأقضية التي ينقلها عبادة بن صامت والأقضية التي ينقلها عقبة بن خالد يسير جدا فلا اختلاف بينهما عدا هذا الاختلاف في كون نفي الضرر ذيلا لقضاء آخر أو قضاء مستقلا ولئن كان لحديث عقبة ظهور في الذيلية والتعليل فيرفع اليد عنه بواسطة معارضته مع رواية عبادة بن صامت.

٤٤٥

وبهذه المقدمات يريد شيخ الشريعة ان يثبت وثاقة نقل عبادة أولا ، وان هذه القضايا هي من الجمع بين متفرقات حتى في رواية عقبة بن خالد لأنه جمع بين قضايا متعددة وإن وزعها الأصحاب في الأبواب ، وهذه يضعف ظهور نقل عقبة بن خالد لفقرة نفي الضرر في الذيلية والتعليل وحيث ان الاختلاف بين نقل عبادة وعقبة يسير فيسهل الجمع بينهما بذلك لأن نقل عبادة للأقضية متقن.

وقد استدل على المقدمة الأولى من هذه المقدمات بوجهين :

الأول ـ ما ذكر في حاله من المدح والتوثيق.

وفيه : لو سلمنا ثبوت وثاقته فلا فائدة في ذلك بالنسبة إلينا بعد ان كان الطريق إليه عاميا وبوسائط متعددة مجهولة وقد تفرد بنقله صحيح أحمد بن حنبل فقط من كتبهم.

الثاني ـ التطابق بين رواية عبادة بطولها ورواية عقبة بن خالد في طرقنا الموزعة على الأبواب الفقهية المتنوعة بحيث لم يوجد بينهما اختلاف إلاّ اليسير.

وفيه : أولا ـ ان المطابقة في حديث واحد مشتمل على أقضية عديدة لا تكفي لحصول الجزم بالوثاقة ، نعم إذا كانت هناك روايات كثيرة متطابقة أمكن حصوله.

وثانيا ـ المطابقة بالدرجة المورثة للوثوق ممنوعة ، كيف وفي حديث عقبة قد ذكر للشفعة ذيلا غير مذكور في نقل عبادة وهو قوله : إذا أرفت الأرف وحدت الحدود فلا شفعة.

كما ان الأقضية التي جمعها شيخ الشريعة عن عقبة لا تزيد على ثلث أقضية عبادة وما جمعها من مجموع الأقضية الواردة في طرقنا أعم من ان تكون لعقبة أو غيره قد تبلغ النصف ممّا ينقله عبادة في طرق العامة وتوجد أقضية أخرى لعقبة لم ينقلها شيخ الشريعة ، ولكن يوجد مع ذلك في أقضية عبادة ما لم ينقل في طرقنا أصلا كقضائه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بان الزوجة لا يجوز لها ان تتصرف في مالها بدون اذن زوجها.

وثالثا ـ لو سلمت المطابقة الكاملة فمن المحتمل ان ذلك ليس من جهة إتقان عبادة ووثاقته بل لعلّه من موضوعات بعض الوسائط بيننا وبين عبادة الذين لم تثبت وثاقتهم بأن عرف هذه الأقضية لشهرتها ولو عن طريق الإمام الصادق عليه‌السلام فجمعها ونسبها إلى عبادة مثلا.

٤٤٦

وامّا المقدمة الثانية فقد استدل عليها أيضا بوجهين :

الأول ـ وحدة الراوي عن عقبة بن خالد والراوي عن الراوي في كل الأقضية المنقولة في فقهنا فيستبعد كونها روايات متعددة اتّحد رواتها صدفة.

وفيه ـ ان النجاشي نقل وجود كتاب لعقبة ورواه عنه بسند ينتهي إلى نفس هذين الراويين الموجودين في تمام روايات عقبة فلعل صاحب الكافي مثلا أيضا وصل إليه هذا الكتاب بسند منته إليهما وكانت روايات الأقضية موجودة في ذلك الكتاب ، فوحدة الرّواة نشأت من وحدة الكتاب الّذي رواه بمجموعه أولئك الرّواة لا وحدة الرواية كما يشهد لذلك ان سائر روايات عقبة غير الأقضية أيضا تنقل عنه بواسطة هذين الراويين.

الثاني ـ ان الأقضية المجتمعة في رواية واحدة لعبادة كيف توزعت في أخبارنا وتفرقت فهذا اما ان يكون لأجل انها صدرت من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرتين نقل عبادة إحداهما ونقل الإمام الصادق الأخرى ، وامّا ان يكون من ناحية تقطيع نفس الإمام الصادق أو الرّواة ، واما ان يكون من ناحية تقطيع أصحاب الجوامع وضعا لكل حديث في موضعه المناسب له ، والأولان مستبعدان فيتعين الثالث.

وفيه : ان هذه الأقضية لم تكن رواية واحدة صادرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مجلس واحد نقلها عبادة وانما هي روايات عديدة جمعها عبادة في سياق واحد في كتابه من باب الجمع بين متفرقات بجامع كونها أقضية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس الإمام الصادق مسئولا عن سلوك نفس الطريقة التي اتخذها عبادة.

واما المقدمة الثالثة وهي دعوى شدة المطابقة فقد ظهر بطلانها ممّا تقدم.

ثم انه لو سلمنا كل المقدمات فان أريد من كل ذلك دعوى فقدان الظهور في رواية عقبة في التعليل وذيلية حديث نفي الضرر لقضاء النبي في الشفعة ومنع فضل الماء فهو خلاف أمانة التوزيع الصحيح للروايات إذ لا بد وان يحمل توزيع أصحاب المجاميع للروايات على انها قبل التوزيع كانت محفوفة بقرائن تدل على نفس ما تدلّ عليه بعد التوزيع من الذيلية إن احتملنا ذلك احتمالا عقلائيا ، وفيما نحن فيه لا ندعي احتمال ذلك بل ندعي القطع بذلك ونقول انه حتى مع فرض الجمع بين هذه الأقضية يكون الظهور الرواية في الذيلية محفوظا قويا فانه لو لم يكن ذيلا مرتبطا بحكم

٤٤٧

الشفعة التي قضى لها الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلما ذا توسط حديث نفي الضرر بين الشفعة وبين قيده في قوله قضى رسول الله بالشفعة وقال لا ضرر ولا ضرار وقال إذا أرفت الأرف وحدت الحدود فلا شفعة. ولما ذا افتتح بكلمة قال لا ضرر مع ان كل الأقضية افتتحت بقضى رسول الله أو من قضاء رسول الله ، ومن الغرائب ان يجعل الافتتاح بقال دليلا على كونه حديثا مستقلا وإلاّ لما كان يحتاج إلى قال بل كان يعطف على ما قبله فانه من الواضح انه لم يكن يمكن عطفه على ما قبله من دون كلمة قال فان ما قبله حكاية لفعل رسول الله وقضائه وليس حكاية لقوله لكي يمكن العطف عليه بلا كلمة قال.

على انه لو كان هذا المقطع قضاء مستقلا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلما ذا كرر هؤلاء الموزعون للحديث ذكر نفي الضرر ، فذكروه مرة ضمن القضاء بالشفعة وأخرى في ذيل حديث منع فضل الماء ، بل مثل صاحب الكافي الّذي أفرد في كتابه بابا باسم باب الضرار لما ذا لم يذكر هذه الفقرة فيه وانما جعلها في ذيل باب الشفعة وحرمة منع فضل الماء كل هذه قرائن توجب القطع بان هذه الفقرة جاءت كتعليل لتلك الأقضية وليست قضاء مستقلا.

وإن ادعي ان الحديث وإن كان ظاهرا في التعليل والذيلية إلاّ انه يرفع اليد عنه بظهور رواية عبادة ، فالجواب : ان نقل عبادة ليس ظاهرا في خلاف ذلك ليقدم عليه فانه يحتمل ان يكون الحكم بالشفعة قد صدر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرتين مرة بلا هذا الذيل ونقلها عبادة ومرة أخرى مع الذيل والتعليل ونقلها الإمام الصادق عليه‌السلام. على انه لو فرض وحدة صدور الحكم بالشفعة فيمكن ان يكون مع الذيل وقد أسقط عبادة الذيل ، ولا ضير في ذلك بعد ان لم يكن إسقاطه مغيّرا للحكم وانما هو مجرد تعليل بقاعدة عامة للحكم ، ولعله شجعه على هذا الإسقاط ذكره لنفي الضرر كقضاء مستقل.

واما النكات التي ذكرها المحقق النائيني ( قده ) لتعزيز ما ذهب إليه شيخ الشريعة من إنكار كون القاعدة ذيلا لقضاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالشفعة فهي عديدة :

منها ـ ان نفي الضرر لو كان ذيلا للزم عدم نقل عقبة لقضاء النبي بلا ضرر ولا ضرار وخلو روايته عنه مع انه من المشتهر والمعروف صدوره عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وفيه : أولا ـ ان المشهور صدور أصل الحكم بلا ضرر ولا ضرار منه لا كونه قضاء

٤٤٨

مستقلا وأصله مذكور في حديث عقبة ، بل المناسب عدم جعله قضاء مستقلا لأنه كبرى كلية تنشأ منها الأقضية المتنوعة في كل باب كما لا يخفى.

وثانيا ـ لو فرض كونه صدر كقضاء مستقل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا فهذه لا ينافي مع عدم صدوره كذيل للشفعة ، وانما لم ينقل عقبة القضاء المستقل لأنه لم يكن بصدد نقل كل أقضية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد ترك كثيرا ممّا ورد في حديث عبادة بن صامت فليكن هذا منها ، وقد شجعه على الترك وروده في ذيل قضاء الشفعة والنهي عن منع فضل الماء.

ومنها ـ ان جملة لا ضرار غير مرتبطة بالشفعة ، لأن الضرار بمعنى الإصرار على الضرر وبيع الشريك إن كان فيه ضرر فليس فيه الضرار.

وفيه : أولا ـ يكفي في التذييل والتعليل صدق لا ضرر على الشفعة.

وثانيا ـ لعل هذه القاعدة كانت مشهورة ومركوزة بعنوان لا ضرر ولا ضرار فكان في مقام تطبيق أحد شطريها على مورد تذكر القاعدة بكلتا شطريها وأمثال ذلك كثير في المحاورة.

ومنها ـ ان حكم الشفعة غير مربوط بقاعدة لا ضرر ، فانه لو لا وجود النص الخاصّ على الشفعة لما كان يحكم في الفقه بالشفعة على أساس قاعدة لا ضرر فكيف يحتمل ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد طبق القاعدة على مورد لا تنطبق عليه؟ وكذلك في النهي عن فضل الماء.

وفيه : أولا ـ ما سنوضحه من صحة تطبيق القاعدة على الشفعة وإمكان استخراج حكم الشفعة منها وكذلك تطبيقها على منع فضل الماء.

وثانيا ـ لو فرض عدم إمكان تطبيق القاعدة بمعناها المعروف على ذلك فلا بد من تفسيرها وتغيير معناها بنحو تقبل الانطباق على المورد لا حمل كلام الراوي على الاشتباه وتخطئة كونه ذيلا لأن الظهور انما يقتنص بعد ملاحظة كل ما ينقله الراوي ويشهد بصدوره عن المعصوم.

وهكذا يتحصل ان رواية عقبة بن خالد لو تمت سندا فهي تدلّ على نفي الضرر كقاعدة مشرعة وقعت ذيلا للحكم بالشفعة والنهي عن منع فضل الماء.

واما الطائفة الثالثة وهي المراسيل التي نقلت نفي الضرر والضرار فقد يتوهم

٤٤٩

التهافت فيما بينها حيث ان في بعضها ورد قيد في الإسلام بخلاف بعضها الآخر ، أو التهافت بينها وبين الطائفتين السابقتين ، إلاّ ان كل ذلك بلا موجب ، لأن التهافت انما يكون مع افتراض وحدة الرواية ولا دليل على وحدة القضية المنقولة بمجموع هذه الروايات المتنوعة.

مفاد كلمة ( الضرر ) و ( الضرار ) :

الجهة الثالثة ـ في البحث عن مفردات الحديث ، وقد ورد فيه فقرتا نفي الضرر ونفي الضرار ، فلا بد من تحديد معنى كل من الضرر والضرار.

امّا الضرر فقد اختلف في معناه ، فذكر بعضهم انه النقص في المال أو النّفس أو العرض ، وذكر آخرون انه الشدة والحرج والضيق. والظاهر ان الضرر عنوان ينتزع من النقص في أحد الأمور التي ذكرت إذا كان بدرجة معتد بها بحيث توجب بحسب طبعه ضيقا وشدة ، فالتاجر الّذي يضيع منه دينار مثلا لا يصدق عليه انه تضرر كما ان مجرد الشدة والتضايق النفسيّ من دون نقص ليس ضررا ولا يشترط حصول الضيق النفسيّ بالفعل بل يكفي كونه بحسب طبعه مقتضيا لذلك ولو لم يحصل الضيق لعدم علم صاحبه به بعد ، ويقابل الضرر النّفع الّذي هو أيضا ليس مجرد الزيادة بل الزيادة الموجبة بحسب طبعه لارتياح النّفس وانبساطها (١).

ثم ان الضرر ينقسم إلى مطلق ومقيد من ناحيتين :

الأولى ـ من حيث الموضوع فقد يكون النقص ضررا مطلقا كمن يحترق داره فيتضرر ، وقد يكون النقص ضررا بالنسبة إلى الغرض الّذي كان منظورا للإنسان كالتاجر عند ما لا يربح في تجارته فانه يتضرر بالنسبة إلى غرضه من التجارة فهذا ضرر مقيد وبالإضافة إلى التاجر بما هو تاجر يستهدف الربح كالماء المطلق والماء المضاف وحديث لا ضرر لا يشمل الضرر المقيد إلاّ إذا كانت تلك الحيثية عامة عرفا بحيث تعتبر ذلك النقص ضررا مطلقا بحسب الأنظار العرفية والعقلائية.

__________________

(١) وقد يقال ان الضرر يقابل المنفعة لا النّفع لأنه اسم لا مصدر والنّفع مصدر.

والصحيح : ان المنفعة تقابلها المضرة لا الضرر فانه مصدر كالنفع ، والمصدر قد يستعمل في اسم المصدر أيضا.

٤٥٠

الثانية ـ من حيث الناظر والحاكم بصدق الضرر ، فقد يكون النقص حقيقيا كمن تقطع يده وقد يكون اعتباريا مقيدا ببعض الأنظار والقوانين كمن يتلف الخمر الراجع إلى الغير مثلا فانه ليس ضررا عليه في القوانين الإسلامية لعدم اعتبارها مالا ولكنه ضرر في القوانين غير الإسلامية ، ومن قبيل الحكم بعدم ملكية محيي الأرض فانه ضرر في النظام الإسلامي أو الرأسمالي دون الاشتراكي. وحديث لا ضرر يشمل الضرر المطلق الحقيقي بلا إشكال وامّا شموله لضرر المقيد ببعض الأنظار فمبنيٌّ على كون ذلك النّظر مقبولا عند الشارع الأقدس.

ثم انه قد يناقش في صدق الضرر على النقص في الكرامة والعرض بعدم صدقه على مجرد النّظر إلى عرض الغير فيقال بعدم صدق الضرر إلاّ مع النقص في المال أو النّفس والطرف.

والتحقيق : ان صدق الضرر بلحاظ العرض والكرامة انما يصدق لو كان مستلزما لسلب حق من حقوق الإنسان تجاه عرضه وكرامته كما في سلب حق الأنصاري في ناموسه وعرضه وامّا مجرد النّظر إلى الأجنبية فليس مستلزما للنقص وان كان محرما شرعا.

وقد يستبدل كلمة النقص بفعل ما يكره الشخص كمن يمنع الناس من الخروج من البلد أو من يمنع اشتراك زيد في أيّة شركة تجارية ـ كما في الاحتكارات والامتيازات للشركات التجارية ـ فانه لم يوجب نقصا عليه ولكنه فعل ما يكره ويتضايق منه.

إلاّ انه بالإمكان إدراج هذه الموارد في النقص لأنه نقص لحق العمل أو حرية الإنسان فهو نحو سلب للحق فيكون ضررا فيدخل تحت إطلاق القاعدة لأنه مضافا إلى شمول عنوان الضرر لمثل هذه الإضرار عرفا يكون مورد الرواية النقص في حق من هذا القبيل (١).

__________________

(١) هذه في مثل منع الغير من الخروج عن البلد أو من الإقدام على عمل أو تجارة صحيح ، واما ما يحصل من الامتناع القهري نتيجة احتكار امتياز العمل التجاري ونحوه فصدق الضرر عليه محل تأمل وإشكال إذ لم يسلبه حقا وانما رفع موضوع قدرته على إعمال حقه وحريته نعم لو فرض ثبوت حق مشترك في المرتبة السابقة للجميع في الاستفادة من ثروة طبيعية فاستطاع شخص ان يحتكر كلها لنفسه لم يبعد صدق الضرر عندئذ وقد يكون تطبيق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للقاعدة في مسألة منع فضل الماء منها.

٤٥١

ثم ان المحقق الخراسانيّ ذكر ان الضرر والنّفع متقابلان تقابل العدم والملكة ، واعترض عليه المحقق الأصفهاني ( قده ) بان الضرر هو النقص عن حد الاكتمال ، والنّفع الزيادة عليه فليس النقص عدم تلك الزيادة ليكون التقابل بينهما تقابل العدم والملكة ، كما انهما ليسا متضادين لأن الضرر امر عدمي والضدان لا بد وان يكونا وجوديين.

وفيه : ان الضرر ليس امرا عدميا بل وجودي منتزع عن خلو الشيء عن حد كماله في مورد من شأنه الاكتمال ، ولعل هذه الحيثية هي المقصودة للمحقق الخراسانيّ عند ما قال بان التقابل بينهما تقابل العدم والملكة أي فيما نكتة العدم والملكة وإن لم يكن الضرر عبارة عن عدم النّفع ، نعم لا يشترط قابلية المورد للنفع بل قابليته للكمال فانها شرط لصدق كل من النّفع في الزيادة على ذلك الحد والضرر في النقيصة عنه.

وامّا الضرار فهو من مادة الضرر ومن حيث الصيغة يحتمل فيه ثلاثة احتمالات ان يكون مصدر باب المفاعلة المأخوذ من الثلاثي المجرد ، وان يكون مصدرا للثلاثي المجرد أعني ضر من قبيل كتب كتابا وحسب حسابا ، وان يكون مصدرا من باب المفاعلة غير المزيد فيه أي غير المأخوذ من الثلاثي المجرد من قبيل سافر فانه غير مأخوذ عن سفر فانه بمعنى الكشف لا السفر.

وبناء على الاحتمال الأول ذكر المشهور ان الأصل في باب المفاعلة ان يكون بين اثنين ، واعترض عليه المحقق الأصفهاني ( قده ) مدعيا ان باب المفاعلة لا يشترط ان يكون بين اثنين ، وكلامه في المقام ينقسم إلى ثلاثة مقاطع.

المقطع الأول ـ استعراض أمثلة عديدة ـ يقرب من أربعة عشر مثالا ـ من باب المفاعلة بعضها من القرآن الكريم وبعضها من الأحاديث وشيء منها ليس من فعل الاثنين من قبيل خادع ونافق وغيرهما وهذا يدل على ان باب المفاعلة لا يشترط فيه ان يكون فعل الاثنين.

المقطع الثاني ـ إقامة برهان على عدم كون باب المفاعلة بين الاثنين بعد ان افترض ان المشهور يدعون بان باب المفاعلة كضارب مثلا يدل على نسبتين إحداهما نسبة ضرب زيد إلى عمرو مثلا والأخرى نسبة ضرب عمرو إلى زيد وكذلك باب

٤٥٢

التفاعل إلاّ ان الفرق بينهما ان النسبتين في باب التفاعل في عرض واحد ولذا يرفع فيه كلا المعمولين وفي باب المفاعلة طوليان وتكون إحداهما في الهامش ولهذا يرفع أحد المعمولين وينصب الآخر ، فاعترض عليهم بأنه اما ان يقال بان باب المفاعلة يدل على إحدى النسبتين فقط أي ان ضارب يفيد معنى ضرب من هذه الناحية ، أو يقال بأنه يدل على النسبتين وكذلك باب التفاعل إلاّ ان الدلالة على النسبتين تكون بمعنى الدلالة على ما ينتزع من النسبتين وهي نسبة ثالثة ، أو يقال بأنه يدل على نفس النسبتين مع طولية بينهما في باب المفاعلة ولا طولية بينهما في باب التفاعل.

امّا الأول وهو دلالة المفاعلة على إحدى النسبتين فقط فهو المختار له في قبال المشهور.

وامّا الثاني ، فيرد عليه انه لا يبقى فرق بناء عليه بين باب المفاعلة وباب التفاعل مع انه لا إشكال في وجود الفرق بينهما.

وامّا الثالث فيرد عليه أولا ان دلالة الهيئة على نسبتين غير صحيحة على حد عدم صحة دلالة اللفظ على معنيين.

وثانيا ـ انه لا يتعقل الطولية بين النسبتين فان اللفظ يدل على مجرد الضربين ونسبتهما إلى فاعلهما ومن الواضح انهما نسبتان في عرض واحد ، هذا إذا أريد دلالة الهيئة على النسبتين بالمطابقة مع فرض طولية بينهما ثبوتا.

واما إذا أريد الطولية بين النسبتين إثباتا بان تدلّ الهيئة على إحدى النسبتين بالمطابقة وعلى الأخرى بالالتزام من دون لزوم استعمال الهيئة في معنيين لأنه لم تستعمل الهيئة إلاّ في إحدى النسبتين التي دلت الهيئة عليها مطابقة ، فيرد عليه : ان هذا فرع وجود ملازمة بين النسبتين مع انه ليس هناك أي ملازمة بينهما.

المقطع الثالث ـ بيان المختار له وان باب المفاعلة يدل على إحدى النسبتين كالثلاثي إلاّ انه يدل على التعدية فان كان الفعل لازما يصبح متعديا في هذا الباب ويكون معنى إدخال هيئة فاعل عليه عين معناه حين إلحاق حرف التعدية عليه ، فمعنى جالست زيدا جلست إلى زيد ، وإن كان الفعل متعديا قبل هيئة فاعل فبدخولها عليه تصبح التعدية ملحوظة بالاستقلال وهو نوع توكيد وتثبيت للتعدية.

هذا محصل كلام المحقق الأصفهاني ( قده ) في المقام.

٤٥٣

وتعليقنا على هذا الكلام ، امّا فيما يتعلق بالمقطع الثالث فما ذكره من عدم تغير معنى الفعل المتعدي عند دخوله في باب المفاعلة غير صحيح ، بل التحقيق تغير المعنى كما يتضح ذلك بملاحظة الأفعال التي يتغير مفعولها بعد تغير معناها بدخولها في باب المفاعلة كقولك طرحت الثوب وطارحت زيدا الثوب فالمفعول أصبح زيدا بعد ان كان هو الثوب ، وكأن الخلط نشأ من ملاحظة الأفعال التي لا يتغير مفعولها بعد دخولها في باب المفاعلة كضربت زيدا وضاربته فتخيل ان المعنى لا يتغير.

وامّا ما ذكره من ان الفرق بين صيغة المفاعلة وبين الثلاثي المجرد المتعدي بنفسه من ان المفاعلة موضوعة للتعدي الملحوظ مستقلا ، فان أريد به وضع المفاعلة لمفهوم التعدية فهو واضح الفساد لأنه مفهوم اسمي ولا يحتمل إرادته ذلك ، وإن أريد انها تدل على منشأ انتزاع التعدية فمنشؤه نفس معنى الفعل الّذي يدل عليه الثلاثي أيضا ، وإن أريد ـ كما يظهر من ذيل عبارته ـ ان المفاعلة تدل على نقصد الفاعل حين إصدار الفعل بلوغ الفعل إلى المفعول وتعديته إليه فقولك خدعه يدل على انه ألبس عليه الأمر ولا يستفاد منه كونه تلبيسا متقصدا بخلاف خادعه ، ففيه منع مساعدة العرف على ذلك خصوصا في بعض الموارد كقابلته فانه يصح ان يقال قابلته اتفاقا أو صادفته حيث ان المادة لا تنسجم مع التقصد والعمد.

وامّا ما أفاده من ان باب المفاعلة يفيد في حق الثلاثي اللازم ما يفيده حرف الجر والتعدية فهو بحسب الدقة خلط بين معنيين للتعدية :

الأول ـ التعدية الحقيقة التي تعني كون الفعل صدوريا ينتهي من فاعل إلى مفعول لا حلوليا ، أي يتقوم بنسبة ذات طرفين طرف فاعل وطرف آخر مفعول به لا ذات طرف واحد كما في الأفعال الحلولية.

الثاني ـ التعدية بالحرف والّذي لا يعني تغير معنى الفعل الحلولي إلى الصدوري فان هذا امر غير معقول في نفسه بل بمعنى تحصيص النسبة الحلولية أو المادة المنتسبة وتقييدها بالمجرور ، والتعدية الحاصلة في باب المفاعلة من النوع الأول لا الثاني ففرق كبير بين قولك جالست زيدا وقولك جلست إلى زيد من حيث ان جالست يعطي معنى متقوما بطرفين فاعل ومفعول ويكون صدوريا بخلاف جلست إلى زيد الّذي لا يعدو ان يكون تقييدا للجلوس بكونه إلى جنب زيد لا عمرو.

٤٥٤

وفي ضوء ما تقدم تتضح عدة نتائج في المقام :

منها ـ عدم تمامية ما أفاده المحقق الأصفهاني ( قده ) من أن باب المفاعلة لتعدية الأفعال اللازمة فهي بحكم حرف التعدية.

ومنها ـ ان ما يذكره النحاة من ان الفعل اللازم يتعدى بحرف الجر غير دقيق ، فان حرف الجر لا يعطي التعدية بل يعطي التحصيص الّذي قد تكون نتيجته نفس نتيجة التعدية خارجا وصدقا.

ومنها ـ ان ما يقال من ان معنى ذهب به هو معنى أذهبه غير سديد فان تقييد الذهاب بقيد ( به ) لا يغير معناه الأصلي وانما يعني انه ذهب ذهابا أصحب معه الآخر فيه بحيث كأنه كان تحت سلطانه وتبعيته ، وهذا هو المعنى البليغ الّذي قصد بنحو المجاز والكناية في قوله تعالى ( ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون ) (١).

ومنها ـ ان ما أفاده السيد الأستاذ من ان التعدي واللزوم امران تعبديان في اللغة وليسا داخلين في صميم معنى اللفظ ولهذا نجد أنهم قد يستعملون مادة واحدة تارة متعديا بنفسه وأخرى بالحرف كقولك أضره وأضر به. غير سديد ، فان معنى أضره غير معنى أضر به فان الضمير في الأول هو المفعول وطرف النسبة المتعدى إليه حقيقة بينما الضمير في أضر به قيد للمادة الصادرة من الفاعل وهذه صورة ذهنية أخرى وان كانت من حيث النتيجة مغنية عن ذكر المفعول به مرة أخرى.

ثم انه يرد على المحقق الأصفهاني ( قده ) القائل بان المفاعلة تفيد نفس معنى حرف الجر ، اننا نشاهد ان المفاعلة يختلف معنى الحرف الّذي يضاهيها من مادة إلى أخرى فكاشفته معناه كشف له وجالسته معناه جلست إليه وساير معناه سرت معه فبناء على ان الأوضاع للأوزان والهيئات نوعية لا شخصية يلزم تعدد الوضع للمفاعلة تارة بإزاء معنى اللام ، وأخرى بإزاء معنى إلى ، وثالثة بإزاء معنى مع وهكذا لأنها معان مختلفة متباينة اللهم إلاّ ان يدعى وضعها لمفهوم التعدية الاسمي وهو واضح البطلان.

واما المقطع الثاني من كلامه فما ذكره في تفسير كلام المشهور من دلالة المفاعلة على نسبتين طوليتين غير صحيح ، بل الّذي يستفاد من كلامهم ان المفاعلة وضعت

__________________

(١) البقرة : آية ١٧.

٤٥٥

لنسبة المادة إلى الفاعل مضمناً معنى الشركة فقولك ضارب زيد عمرا معناه صدور الضرب المقيد بكونه مشاركا فيه مع عمرو من زيد فكأنما قال شارك زيد عمرا في الضرب فباب المفاعلة يكون بين الاثنين ولكن بنحو يكون أحدهما فاعلا والآخر مفعولا لما عرفت من انه يدل على نسبة الفعل إلى الفاعل مع تطعيمه معنى المشاركة ، وبهذا يختلف عن باب التفاعل فلا يلزم دلالة الهيئة على معنيين ، ولا عدم الفرق مع باب التفاعل ، ولا سلخه عن فعل الاثنين.

وامّا المقطع الأول من كلامه فيرد عليه :

أولا ـ ان ما استعرضه من الأمثلة لا يكون بمقدار ينافي مع ما يدعى وجدانا من ان باب المفاعلة يكون بين الاثنين.

وثانيا ـ ان جملة ممّا استعرضه من الأمثلة كبارز ونافق وساعد ونادى وأرى وباشر ليس لها ثلاثي بمعناه امّا لعدم استعمال ثلاثية في معنى ، أو لاستعماله في معنى آخر لا يناسب مع معناه في باب المفاعلة من قبيل خالع ومثل آخذ بمعنى عاقب فانه باعتباره من العالي إلى الداني فوقوعه بين الاثنين بعيد عن الاعتبار (١) ، ومراد المشهور من وضع المفاعلة لفعل الاثنين ان المفاعلة المأخوذة من المجرد الّذي يلائم مع فرض وقوعه بين الاثنين.

على انه يمكن ان يراد بقول المشهور من ان الأصل في باب المفاعلة فعل الاثنين ان هذا هو المعنى الأولي لباب المفاعلة وان سائر المعاني في هذا الباب انما هو من جهة التشبه بهذا المعنى ولو من حيث ان ما يقع بين الاثنين كان له نحو امتداد وطول ، فسافر بمعنى السفر الطويل الممتد كالفعل الّذي يتجاذبه الاثنان.

ثم انه يمكن تصوير معنى باب المفاعلة بنحو أكثر فيه ممّا سبق بان يقال : ان صيغة المفاعلة كضارب تدل على ثلاثة أمور :

١ ـ مادة الفعل كالضرب الدالة على معناها الأصلي وهو طبيعة الضرب.

٢ ـ صيغة فاعل ـ أو الألف الزائدة ـ الدالة على تحصيص المعنى المستفاد من تلك

__________________

(١) اللهم الا بلحاظ المعنى المطابقي للمؤاخذة الّذي يعني إيقافه للحساب فكأن الوقوف لذلك من الجانبين ، بل وبالتدقيق في الأمثلة المذكورة أيضا يوجد فعل الاثنين بمعنى من المعاني المفقودة في غير هذا الباب وهو المشاركية ـ بالفتح ـ مع الطرف المفعول في تحقق الفعل في كل مورد بالنحو المناسب له فتأمل جيدا.

٤٥٦

المادة وفرض الضربين عملية واحدة تبدأ بحسب عالم التصور الذهني من زيد وتنتهي إلى عمرو.

٣ ـ هيئة الثلاثي المجرد المحفوظة لا بحدها ضمن صيغة فاعل ، أو قل هيئة الفعل الدالة على نسبة مجموع المعنى المستفاد من المادة الأصلية والتحصيص الزائد المستفاد في هذا الباب إلى الفاعل ، وبهذا نستطيع ان تفسير كل الوجدانات اللغوية لنا من استفادة معنى التعدي إلى المفعول به رغم استفادة المشاركية لا كما هو في باب التفاعل ، ومن استفادة هذا التحصيص حتى في الموارد التي عند ما تدخل في هذا الباب يتغير مفعولها كطرحت الثوب وطارحته.

هذا كله في معنى باب المفاعلة.

واما الضرار فإذا افترضنا انه مصدر لباب المفاعلة المزيد فيه ففيه احتمالات ثلاثة :

الأول ـ ان يكون بمعنى الضرر الواقع بين الاثنين حقيقة.

الثاني ـ ان يكون بمعنى الضرر الممتد والأكيد العميق المشابه للفعل الواقع بين الاثنين.

الثالث ـ بمعنى يشبه الفعل بين الاثنين من ناحية الإصرار على الضرر والتعمد فيه واتخاذ ذريعة إليه.

وإذا فرض ان الضرار مصدر للثلاثي المجرد ففيه احتمالات ثلاثة أيضا :

الأول ـ ان يكون بمعنى الضرر.

الثاني ـ ان يكون بمعنى الضرر الممتد الشديد.

الثالث ـ ان يكون بمعنى الضرر المتعمد فيه مع الإصرار واتخاذ ذريعة إليه.

وهذان هما الاحتمالان المشتركان مع المعنى الأول ، فتكون المعاني أربعة كما يلي :

١ ـ ان يكون بمعنى الضرر ، وهذا بعيد في نفسه حتى إذا فرض انه مصدر للثلاثي المجرد لأن تكرار صيغة المصدر من ضرر إلى ضرار مرة ثانية لا بد وان يكون من أجل تغيير في المعنى تصورا وأخذ عناية زائدة فيه كالإصرار والتعمد والا كان تكرارا صرفا ولغوا.

٢ ـ ان يكون بمعنى فعل الاثنين حقيقة وهذا المعنى مضافا إلى كونه غير محتمل في

٤٥٧

الروايات المتقدمة لأن الضرر فيه كان من طرف واحد وهو سمرة بن جندب على الأنصاري لا من الطرفين خصوصا في نظر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي لا بد وان يستعمل اللفظ بحسب نظره لا دعوى سمرة ولو فرض انه مدع للضرر من جانب الأنصاري عليه أيضا يستلزم التكرار لأن لا ضرر ينفي الضرر من الطرفين فيكون تكراره من جديد بصيغة لا ضرار مستهجنا وركيكا.

٣ ـ ان يكون بمعنى الضرر الشديد المؤكد ، وهذا أيضا يلزم منه التكرار لأن الضرر الشديد أيضا منفي بلا ضرر.

٤ ـ ان يكون بمعنى الضرر المتعمد الّذي يصر عليه ويتخذ ذريعة إليه ، وهذا هو المتعين في المقام فان سمرة بن جندب كان يتذرع ويصر على الإضرار بالأنصاري باتخاذ حقه في العذق ذريعة إلى الدخول عليه بلا استئذان ، فالحكم بان الناس مسلطون على أموالهم وإن كان غير ضرري في نفسه ولكن قد يتخذ ذريعة للإضرار بالآخرين ويتقصد به ذلك كما فعل سمرة بن جندب ، أو يتخذ أحد الشريكين حقه في العين لمنع انتفاع الغير بها بوجه من الوجوه ، وهذا المعنى مضافا إلى استفادتنا له وجدانا من كلمة الضرار هو المناسب من استعمال هذه الكلمة في هذه الروايات بلحاظ ما أشرنا إليه من لزوم التكرار المستهجن.

وقد يقال : بان الضرر معناه مباين مع الضرر ، لأن الضرر هو النقص في المال والكرامة بينما الضرار الشدة والضيق من دون نقص ، ويستشهد على ذلك باستعمالات هذه الكلمة في القرآن الكريم كقوله تعالى ( والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين ) (١) وقوله تعالى ( ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ) (٢).

وفيه : أولا ـ ما تقدم من وجود النقص في هذه الموارد أيضا من ناحية حقه وكرامته فان نقص حق الاستقرار أو إراحة أو تحديد حريته وسكون باله ضرر أيضا عقلائيا لأنه نقص لحيثية مهمة ولا يشترط كون النقص في امر مادي ، ولهذا قد يستعمل في ذلك الضرر أيضا كقوله تعالى ( ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر انهم لن يضروا الله

__________________

(١) التوبة : ١٠٧.

(٢) البقرة : ٢٣١.

٤٥٨

شيئا ) (١) أو قوله تعالى ( ان الذين اشتروا الكفر بالايمان لن يضروا الله شيئا ) (٢) وقوله تعالى ( لن يضروكم إلاّ أذى ) (٣) فان الأخير فسر بالمشاغبة ، والأوليان المناسب فيهما الأذى والتأثر لا نقص شيء منه ، هذا إذا افترض ان الضر في هذه الآيات من الضرر لا الضرار لأن الأخير مصدر باب المفاعلة.

وثانيا ـ ان الضرار أيضا تستعمل في بعض الآيات في النقص كما في قوله تعالى ( من بعد وصية أو دين غير مضار ) (٤) بناء على ان الضرار مصدر لفاعل دون الضرر ـ فانه قد فسرت الآية بدعوى الدين على نفسه لشخص كذبا ليضر بذلك على الورثة وينقص في مالهم.

فالصحيح ان الضرر والضرار من هذه الناحية بمعنى واحد وانما الفرق بينهما من ناحية أخذ عناية التعمد والإصرار واتخاذ الذريعة إلى الضرر في الضرار سواء كان النقص ماديا أو في حق من الحقوق.

مفاد الهيئة التركيبية لجملة لا ضرر :

الجهة الرابعة ـ في مفاد الهيئة التركيبية لجملة لا ضرر. وبهذا الصدد نستعرض أولا الاتجاهات الفقهية الرئيسية في قاعدة لا ضرر ، ثم نستعرض المحتملات اللغوية لجملة لا ضرر لنرى ما هو الظاهر منها وما يستدعيه من تلك الاتجاهات الفقهية فنقول :

امّا الاتجاهات الفقهية الرئيسية فثلاثة :

الأول ـ ان مفاد هذه القاعدة نفي الحكم الضرري امّا بصيغة انه ينفي الحكم الّذي ينشأ منه الضرر سواء كان من نفس الحكم أو من الجري على طبقه أي من متعلقه أو من مقدماته وهذا هو الّذي اختاره الشيخ وتابعته عليه مدرسة المحقق النائيني ( قده ) ، أو بصيغة انه رفع للحكم الضرري برفع موضوعه فلا يشمل ما إذا لم يكن الموضوع الّذي تعلق به الحكم ضرريا بل كانت مقدماته ضررية وهذا ما اختاره صاحب

__________________

(١) آل عمران : ١٧٦.

(٢) آل عمران : ١٧٧.

(٣) آل عمران : ١١١.

(٤) النساء : ١٢.

٤٥٩

الكفاية ( قده ).

الثاني ـ ان مفاد القاعدة تحريم الضرر ، وهذا ما ذهب إليه شيخ الشريعة ، وتحت هذا الاتجاه مسلكان :

١ ـ استفادة تحريم الضرر تكليفا فقط.

٢ ـ استفادة تحريمة تكليفا ووضعا أي البطلان.

الثالث ـ ان مفاد القاعدة نفي الضرر غير المتدارك ، وهو ما ذهب إليه الفاضل التوني ( قده ) ، وتحت هذا الاتجاه مسلكان أيضا.

١ ـ استفادة نفي الضرر غير المتدارك بمعنى جعل وجوب التدارك على من أضر بالغير.

٢ ـ استفادة الأعم من ذلك ومن نفي الحكم الضرري إذا كان الضرر مربوطا بالحكم لا بفعل المكلف.

وامّا المحتملات في جملة ( لا ضرر ) فلا إشكال في ان هذا النفي لا يراد به النفي الحقيقي للضرر بوجوده الخارجي مطلقا بداهة وجوده في الخارج ، ولعل هذا هو مقصود الشيخ الأعظم ( قده ) عند ما عبر « بعد فرض وضوح تعذر إرادة الحقيقة من هذا الكلام » فلا بد من تأويل أو تقدير في هذه جملة وعلى هذا الأساس ينبغي ملاحظة كل واحد من الاتجاهات الفقهية الثلاثة المتقدمة وما يمكن أن يكون تخريجا له كما يلي :

تخريج اتجاه حرمة الضرر :

ان المحتملات التي تنتج الاتجاه الفقهي الثاني ـ وهو حرمة الضرر ـ أربعة :

الأول ـ ان يكون حرف النفي في المقام مستعملا في النهي والإنشاء مجازا.

الثاني ـ ان يكون مستعملا في الاخبار عن النفي إلاّ ان الخبر المحذوف للضرر ليس هو الوجود بل ( مستساغ ) ، فيكون المعنى لا ضرر مستساغ في الإسلام ، أو يكون الخبر ( موجود ) لكن المقصود منه الوجود في الإسلام لا الوجود في الخارج بناء على ما سوف يأتي من ان ما يكون مستساغا في شريعة يقال عنه انه موجود وما يكون ممنوعا يقال عنه غير موجود في تلك الشريعة ومنها ( لا رهبانية في الإسلام ).

٤٦٠