جواهر الكلام - ج ٢٨

الشيخ محمّد حسن النّجفي

لكن فيه إمكان منع ذلك ، بل هو تمليك لمنفعة العبد بالوصية نحو تمليك منفعة الدابة بها وبالإجارة مثلا ، فليس موردها الذمة ، والعبد لا ذمة له يتحقق فيه مثلا ذلك نحو الحر ، مع أنه يمكن فرض المقام في عبد لا ذمة لصغر ، أو جنون أو غيرهما ، والعبد غير قابل للهبة كالدابة ، والمنافع وإنما أثر في الرقبة ، وبقيت المنافع مستثناة مملوكة ، فإذا أسقط حقه منها رجعت إلى الوارث ، لكونها متلقاة عن مورثه للموصى له ، فإذا أبطل حقه منها عادت إلى الوارث ، لقيامه مقامه ».

وفيه أن المتجه على ما ذكره أولا كونها للعبد ، لأنه إذا جعل محلها الذمة ـ ولذا أسقطها بالإسقاط ـ اتجه حينئذ عدم ملك أحد غيره لمنافعه ، بل على ما ذكره أخيرا أيضا فإنه هنا حر قابل للتمليك ، هذا كله في العبد أو الدابة الموصى بمنفعتها أما لو كان الموصى بمنفعته نخلا مثلا أو دارا فاحتاجا إلى السقي والتعمير لم يجبر أحدهما لو امتنع ، لأن المالك لا يجبر على المصلحة ، ولا على مصلحة غيره.

نعم لو أراده أحدهما على وجه لا يضر بالأخر ، لم يكن له المنع على الظاهر ، فما في المسالك من احتمال طرد الخلاف في نفقة الحيوان بناء على وجوب ذلك على المالك حفظا للمال ، لا يخلو من نظر ، إذا لمسلم حرمة إتلافه سرفا وتبذيرا ، لا وجوب حفظه بالمعنى المفروض ، بل الظاهر عدم الفرق في ذلك بين المنفعة المؤبدة وغيرها كما هو واضح والله العالم.

وكيف كان فـ ( للموصى له التصرف في المنفعة ) على وجه لا ضرر في العين ، بل على حسب التصرفات في المنافع وللورثة التصرف في الرقبة ببيع وعتق وغيره مما هو غير مناف للمنفعة ولا يبطل حق الموصى له بذلك بلا خلاف معتد به ، ولا إشكال أجده في شي‌ء من ذلك لتسلط كل مالك على ملكه ، وليسا كالشريكين اللذين لا يجوز لأحدهما التصرف في العين المشتركة إلا بإذن الآخر لعدم التميز بخلافه هنا ، فإن ملك كل منهما مميز عن الآخر على وجه يمكن التصرف فيه من دون منافاة ، ولا ضرر على الآخر ، وأما تسليم الموصى له العين من غيره فالبحث فيه ما سمعته في الإجارة ، ولا فرق في استيفاء منفعته منه بين السفر والحضر بعد فرض شمول اللفظ لذلك ، ولو بالتعميم والإطلاق‌

٣٤١

الذي بمنزلته.

نعم في قواعد الفاضل « لا يملك الوارث بيعه أى الموصى بمنفعته إن كانت المدة مؤبدة ، أو مجهولة لجهالة وقت الانتفاع المقتضى لتجهل المبيع في المجهولة ولسلب المنافع في المؤبدة ، فتكون كالحشرات ».

وفيه أن المشتري بالبيع يكون كالبائع ، وجهل المدة التي ينتفع بها الموصى له إذا فرض الوصية له بمنفعة سنة مثلا والخيار بيده لا تجهل المبيع ، كما أن الوصية بالمنافع كلا في مثل العبد لا يصيره كالحشرات ، ضرورة بقاء الانتفاع بعتقه مثلا ، ولو فرض عين سلب عنها المنافع جميعا بالوصية على وجه يكون شراؤها ونحوه من معاوضات الأموال سفها ، اتجه المنع حينئذ ، ولعل ذلك هو المدار من غير فرق بين بيعه على الموصى له وغيره ، فما في القواعد « من أنه لا يملك الوارث بيعه ، أى العبد الوصي بمنفعته ، مؤبدة ، إلى أن قال : وهل يجوز بيعه من الموصى له ، فيه نظر » لا يخلو من بحث ، بل لا يخلو ما فيها من الإشكال في الاجتزاء بعتقه عن الكفارة ، وفي صحة مكاتبته من البحث أيضا ، ضرورة إطلاق أدلة الكفارة والكتابة ، وامتناع الاكتساب عليه لا ينافي الثانية لا مكان أخذ مالها من الصدقات مثلا.

وعلى كل حال فالوصية بذلك تمليك عندنا لا عارية ، فلو مات الموصى له ورث عنه وتصح إجارته ، وإعارته ، ولا يضمن العبد إذا تلف في يده بغير تفريط ، ويدخل اكتساب العبد من الاصطياد والاحتطاب في منافعه ، فيملكه الموصى له حينئذ ، بل الظاهر ذلك حتى لو أعتق وأن استشكل فيه في القواعد.

نعم الظاهر عدم ملكه ولد الجارية بذلك ، لأنه لا يعد من منافعها بخلاف عقرها وإن دخل في نماء الوقف على وجه يملكه الموقوف عليه باعتبار ملكه ذي النماء وهو المراد بتسبيل المنفعة لا أنه يندرج في إطلاق المنفعة الذي هو موضوع المسألة ولذا قلنا بخروج الولد دون العقر ، وكذا في الإجارة فتأمل.

لكن في القواعد « وفي تمليك ولد الجارية وعقرها إشكال ينشأ من بطلان الوصية بمنفعة البضع ، وكون الولد جزء من الأم يتبعها في الأحكام ، ومن كون ذلك كله من المنافع ».

٣٤٢

وفيه منع بطلان الوصية بمنفعة البضع ، وإن كان لا يجوز له الوطء بذلك إذ لا تلازم بينهما بعد توقف الأخير على أسباب خاصة ، ولا يملك الموصى له الوطء لأن له أسبابا خاصة ليست الوصية منها ، بل في القواعد ويمنع الوارث أيضا منه ، وإن كان لا يخلو من بحث ، لأنه من الاستمتاع الذي يتبع ملك العين كالتقبيل والتلذذ بالنظر واللمس فإذا فرض وقوعه على وجه لا ينافي ملكية المنفعة اتجه الجواز ، واحتمال الحبل المنقص للمنفعة يدفعه ـ مع أن الأصل عدمه ـ إمكان فرضه في جارية آيسة منه.

نعم قد يتجه المنع بناء على ما قلناه من اندراج منفعة البضع في ملك المنفعة للموصى له ، والأولى بناء المسألة على ذلك ، ويفرق بينه وبين النظر واللمس ، بعدم عوض لهما شرعا بخلافه ، وحينئذ يتجه وجوب العقر عليه للموصى له. مضافا إلى الإثم ، والله العالم.

وعلى كل حال فإن وطء أحدهما فهو شبهة لأحد عليه ، مع احتماله في الموصى له ، بل قوته مع فرض علمه بعدم جواز الوطء له ، ضرورة كونه وطأ أجنبية كوطئ المستأجر وتصير أم ولد لو حملت من الوارث ، لا منه ، ولو وطأت للشبهة ، فعلى الواطئ العقر للموصى له ، وفي القواعد على اشكال ، وإذا أتت بولد فهو حر وعلى الواطئ قيمته للوارث على ما قلناه ، وفي القواعد فإن قلنا الموصى له يملك الولد فالقيمة له ، وإلا فللوارث ولو ولدت من الموصى له فهو حر بناء على أن وطيه شبهة ، وعليه القيمة للوارث على ما قلناه.

وللموصى له المسافرة بالعبد الموصى بخدمته ، وليس للعبد التزويج إلا برضا الوارث ، وفي اعتبار رضى الموصى له مع ذلك اشكال ، وفي القواعد اعتباره أيضا ، بل هو الأقوى بناء على اندراج منفعة البضع في المنفعة الموصى بها.

وإذا قتل الموصى بخدمته أبدا ووجب القصاص ، بطلت الوصية ، وكان المطالب به الوارث ، ولو كان القتل موجبا للقيمة صرفت إلى الوارث على الأقوى ، لانتهاء الوصية بانتهاء العمر ، كالإجارة ، ويحتمل شراء عبد حكمه ذلك ، وتقسيطها بينهما ، بأن تقوم المنفعة المؤبدة ، والعين السلوبة المنفعة ، ويسقط عليهما.

ولو قطع طرفه اختص الوارث بأرشه على الأقوى ، ويحتمل التقسيط أيضا ، ولو لم تنقص.

٣٤٣

به المنفعة كالأنملة فهو للوارث قطعا ، ولو جنى العبد قدم حق المجني عليه على الموصى له ، فإن بيع بطل حقه ، وإن فداه الوارث استمر حقه ، وكذا ان فداه الموصى له ، وهل يجبر المجني عليه على قول قبول فداء الموصى له؟ اشكال من تعلق حقه بالعين ومن كونه أجنبيا عن الرقبة التي هي متعلق الجناية ، وكذا الكلام في المرتهن.

ومن ذلك كله ظهر لك أن للمالك نفعا في العين الموصى بمنفعتها بحيث يجوز له بيعها ، لا أنها صارت بالنسبة إليه كالحشرات ، والله العالم.

ولو أوصى له بقوس انصرف إلى قوس النشاب وهي الفارسية التي يرمى بها وقوس النبل وهي العربية التي يرمى بها السهام العربية وقوس الحسبان وهي التي لها مجرى ينفذ فيها السهام الصغار ، فيتخير حينئذ في دفع أحدها بناء على القاعدة التي ستعرفها إن شاء الله تعالى ، دون القوس المسمى بالجلاهق ، وهي التي يرمى بها البندق ، ودون قوس الندف ، خلافا لابن إدريس ، فخير بين الخمسة ولعله لا نزاع ، ضرورة كون المدار على العرف الذي تحمل عليه الوصية ، وربما تكون الخمسة بالنسبة إليه سواء.

وربما يختص بواحد ، كما اعترف به ثاني الشهيدين ، حيث قال : « لا ريب في أن المتبادر في زماننا هو القوس العربية خاصة ، بل قوس الحسبان لا يكاد يعرفه أكثر الناس ولا ينصرف اليه فهم أحد من أهل العرف ».

فالتحقيق جعل المدار على العرف الذي تحمل عليه الوصية ، دون غيره ولو كان لغة إلا مع قرينة تدل على إرادة غيرها أى القوس المتعارفة ، فإنها المتبعة حينئذ كما هو واضح.

والظاهر عدم دخول الوتر فيه لتحقيق اسمه بدونه ، وإن توقف نفعه عليه ، فإنه المدار لا الثاني.

نعم لو كان هناك عرف يقتضي أو قرينة أتبعا ، وإلا فلا وكذا كل لفظ‌

٣٤٤

وقع معناه على أشياء وقوعا متساويا لكونه متواطئا فللورثة اختيار في تعيين ما شاء وامنها لصدق تنفيذ الوصية بذلك ، والأصل عدم وجوب غيره كما أن الأصل عدم ثبوت حق الخيار لغير الوارث مع فرض عدم إيصاء الموصى به لغيره كما سمعته فيما تقدم هذا.

ولكن في المسالك إدراج المشترك لفظا في كلية المتن ، ولعله لأعمية وقوع اللفظ من المشترك والمتواطئ ، بل لعل الظاهر منه الأول ، قال : وهو أعم فائدة ، وفي عبارة العلامة تصريح بإرادته إلى أن قال : « وربما قيل في المشترك بالقرعة ، وهو بعيد ».

قلت : بل هو قريب كما عن التذكرة وغيرها ما لم يقم دليل معتبر على خلافه ، لكن ظاهر إرسال غير واحد من الأصحاب لذلك هنا إرسال المسلمات ـ مع معلومية إرادة المتكلم بالمشترك واحدا معينا عند المتكلم ، بل هو معنى المشترك ـ ان العرف في الوصية يقتضي إرادة المسمى بهذا الاسم ، وهو المسمى بعموم الاشتراك ، ولعله كذلك عند التأمل والله العالم.

وفي القواعد « والضابط ان كل لفظ يقع على الأشياء وقوعا متساويا ، أما لكونه مشتركا أو لكونه متواطئا ، فإن للورثة الخيار في تعيين ما شاءوا ، ويحتمل في المشترك القرعة ، ويحتمل الحمل على الظاهر بالحقيقة دون المجاز ».

قلت : قد يقال : أن الأخير مناف لما ذكره من الضابط ، ضرورة كون الحقيقة في المشترك إرادة المعين ، لا عموم الاشتراك الذي صرح به سابقا ، بل يمكن دعوى ظهور عبارة المتن فيه أيضا كما سمعته سابقا.

هذا كله إذا أوصى بالقوس ونحوه من دون قرينة.

أما لو قال : أعطوه قوس ، ولا قوس له إلا واحدة ، انصرفت الوصية إليها من أي الأجناس كانت بلا خلاف ولا اشكال ، ولو فرض ان له قسيا متعددة ولا واحدة تنصرف إليه الإضافة ، وتخير بينها كالسابق.

وفي المسالك « لكن نزيد هنا أن الحكم يختص بما لو كان له من كل نوع ، فلو كان له من نوعين خاصة ، أو ثلاثة ، فإن كان أحدهما خاصة من الغالب حمل عليه ، وان اشترك الغلبة‌

٣٤٥

تخير الوارث ، وإن تعدد الغالب مع وجود غيره كما لو كان قوس ، ندف ، وقوس نبل وقوس حسبان تخير في الأخيرين ، ولو لم يكن له إلا قوس ندف وجلاهق خاصة ففي التخيير بينهما أو الانصراف إلى الجلاهق لأنه أغلب ، وجهان : وعلى ما اخترناه من مراعاة العرف يرجع إليه هنا فتأمل.

وعلى كل حال فـ ( لو أوصى برأس من مماليكه ، كان الخيار في التعيين إلى الورثة ) لما سمعته من الضابط الذي هذا أحد أفراده وحينئذ فـ ( يجوز أن يعطوا صغيرا أو كبيرا ، صحيحا أو معيبا ) ذكرا أو أنثى أو خنثى لصدق اللفظ وعدم الانصراف إلى الصحيح هنا ، بخلاف التوكيل في الابتياع ونحوه ، لكونها من التبرعات المحضة بخلاف عقود المعاوضة المبنية على حفظ المال ، والمماكسة ، والمغابنة.

وإنما يتخير الوارث مع وجود المتعدد في التركة ، وإلا تعين الموجود ، ولو لم يكن له مملوك بطلت ، وهل المعتبر الموجود عند الوصية أو الموت أجودهما الثاني لأنه وقت الحكم بالانتقال وعدمه ، كما اعتبر المال حينئذ ، ووجه الأول اضافة المماليك إليه المقتضية لوجود المضاف.

ولو هلك مماليكه بالموت بعد وفاته أى الموصى أو قبلها الا واحدا تعين للعطية كما في كل مخير انحصر في فرد فإن ماتوا أجمع كذلك بطلت الوصية بمعنى انتفاء موضوعها فإن قتلوا على وجه يوجب القيمة لم تبطل الوصية وكان للورثة أن يعينوا له من شاءوا ويدفعوا قيمته إن صارت إليهم ، وإلا أخذها من الجاني لانتقال حق الوصية إلى البدل القائم مقام المبدل عنه في ذلك وفي التخيير ، من غير فرق بين الكل والبعض ، ولو قتلوا في حياة الموصى ففي المسالك بعد أن حكى الخلاف في ذلك قال : ان الأصح عدم بطلان الوصية وانتقال حكمها إلى البدل.

قلت : لكن الانصاف عدم خلو الأول عن قوة ، كالعين الموهوبة قبل القبض والله العالم.

وتثبت الوصية : بمال أو ولاية بشاهدين مسلمين عدلين بلا خلاف ولا اشكال ، بل الإجماع بقسميه عليه ، لعموم ما دل على حجيتها كما لا خلاف‌

٣٤٦

في أنه مع الضرورة وعدم عدول المسلمين ، تقبل شهادة أهل الذمة خاصة في الأولى منها ، بل عن فخر الدين وظاهر الغنية وصريح الصيمري الإجماع عليه ، وهو الحجة بعد الكتاب (١) والمعتبر المستفيضة التي من كثير منها يعلم اشتراط قبول شهادتهم بالضرورة ، واختصاص هذا الحكم بأهل الذمة خاصة فيقيد به حينئذ ، وبالإجماع إطلاق الكتاب وما شابهه من السنة.

نعم في‌ خبر يحيى بن محمد (٢) عن الصادق عليه‌السلام « فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس ، لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سن فيهم سنة أهل الكتاب في الجزية » ونحوه‌ المضمر (٣) قال : « اللذان منكم مسلمان ، واللذان من غيركم من أهل الكتاب ، فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس ، لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : سنوا بهم سنة أهل الكتاب ، وذلك إذا مات الرجل بأرض غربة فلم يجد مسلمين يشهدهما ، فرجلان من أهل الكتاب » إلا أنى لم أجد عاملا به من الأصحاب ، فلا يصلح للخروج عما دل على اعتبار العدالة بالمعنى الأخص في الشاهد.

اللهم إلا أن يدعى اندراجهم في إطلاق الأصحاب ، أهل الذمة وأهل الكتاب ، بناء على أنهم منهم ، لكن الظاهر المنساق خلافه ، فالمتجه عدم قبول شهادتهم ، كما أن المتجه قصر الحكم في خصوص المقام ، اقتصارا فيما خالف المعلوم من قوانين الشرع وقواعده على المتيقن ، فما عساه يظهر من تعليل قبول شهادتهم في غير واحد من نصوص المقام (٤) بأنه لا يصلح ذهاب حق أحد من التعميم لا محيص من الخروج عنه ، لما عرفت ، بل قد يقال : بعدم قبول شهادة أهل الذمة حال عدم العلم بتحقيق الضرورة التي هي شرط ذلك ، لظاهر جملة من النصوص والفتاوى واقتصارا على المتيقن فيما خالف الأصل ، والشك في الشرط شك في المشروط.

اللهم إلا أن يقال : إن المراد مما في النص والفتوى بيان المانعية ، وإن برز بصورة الشرط ،

__________________

(١) سورة المائدة الآية ـ ١٠٦.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٦ ـ وذيله.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٦ ـ وذيله.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا.

٣٤٧

وإلا بطلت فائدة مشروعية هذا الحكم غالبا المستفادة من النصوص أيضا ضرورة ندرة معرفة الاضطرار للموصي على وجه يعلم به ذلك شرعا فيتجه حينئذ القول بقبول شهادتهم ما لم يعلم التمكن من غيرهم ، بل لعله هو مقتضى إطلاق الآية (١) وبعض النصوص أيضا ، وهو قوى متين.

وعلى كل حال ، فالظاهر أن التمكن من المسلمين الفاسقين ولو بغير الجناية ـ والكذب كعدمه ، لعدم قبول شهادتهم ، ولو في حال الاضطرار ، والقياس على ما ثبت من قبول أهل الذمة محرم ، لعدم إحاطة العقل بمصالح ذلك ومفاسده ، بل ولا المجهولين أيضا بل ولا العدل الواحد وإن أمكن التوصى به إلى إثبات الحق مع اليمين من الموصى له إلا أنه لم يعلم إمكانها منه ، لاحتمال عدم علمه ، بل ومع علمه ، لإمكان تحاشيه بل وإن لم يتحاش.

لكن ظاهر النصوص تحقق الضرورة بفقد العدلين ، بل الظاهر تحققها وان تمكن من النساء الثلاثة التي يثبت بها ثلاثة أرباع الموصى به ، فضلا على الاثنين والواحدة لظهور النصوص في أن المدار في قبولها على عدم التمكن مما يثبت به تمام المطلوب من المسلمين ، وهو متحقق في الفرض فلا يقال : أنه مضطر في مقدار الربع خاصة ، كما أنه لا يقال : أنه متمكن بالمرأة الواحدة.

باعتبار تمكنه من اشهادها على ما يزيد على مطلوبه بثلاثة أرباع ، وهكذا في الاثنتين ، فإن مثله لا يعد تمكنا كما لا يخفى على من تأمل النصوص والظاهر أنه لا يجوز للمرأة العالمة بقدر الموصى به ، وأنه لا شريك لها في الشهادة تضعيف المشهور به على وجه يصلح للموصى له ، مقدار ما أوصى به له ، للكذب المحرم الذي مثل ذلك لا يعد مصلحة لتسويغه ، لعدم الظلم بمنع ما لم يثبت شرعا كونه له ، وإن كان في الواقع أنه له.

ثم إن الظاهر اعتبار العدالة في أهل الذمة في دينهم ، وفاقا لصريح جماعة وظاهر آخرين ، اقتصارا على المتيقن وللتصريح به‌ في خبر حمزة بن حمران (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن قول الله عز وجل ( ذَوا عَدْلٍ ) الى آخر الآية قال : اللذان منكم مسلمان ،

__________________

(١) سورة المائدة الآية ـ ١٠٦.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٧.

٣٤٨

واللذان من غيركم من أهل الكتاب ، فقال : إنما ذلك إذا مات الرجل المسلم بأرض غربة وطلب رجلين مسلمين ليشهدهما على وصيته فلم يجد مسلمين ، فليشهد على وصيته رجلين ذميين من أهل الكتاب مرضيين عند أصحابهما » بل هو ظاهر غيره أيضا بل لعله الظاهر من قوله تعالى ( أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) بعد تقدم اعتبارها في الشاهدين منا ، فيكون المراد ثبوتها بالعدلين منا أو من غيرنا ، وأما اعتبار حلفهما مطلقا ، أو بعد صلاة العصر بالكيفية الموجودة في الآية مطلقا ، أو مع الريبة فيهم كما في الآية أيضا فهو محتمل ، بل حكى عن العلامة بل ظاهر الكركي وغيره القول به ، في صورة الريبة للآية وبعض النصوص المفسرة لها الظاهر في كون الحكم ما فيها ، قال الصادق عليه‌السلام في خبر يحيى بن محمد (١) متصلا بما سمعته سابقا من صدره ، وذلك « إذا مات الرجل في أرض غربة فلم يجد مسلمين أشهد رجلين من أهل الكتاب يحبسان بعد العصر فيقسمان بالله تعالى ( لا نَشْتَرِي ) إلى آخر الآية قال : وذلك إن ارتاب ولى الميت في شهادتهما ، فإن عثر على أنهما شهدا بالباطل ، فليس له أن ينقض شهادتهما حتى يجي‌ء شاهدان يقومان مقام الشاهدين الأولين ، ( فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما ، وَمَا اعْتَدَيْنا إِنّا إِذاً لَمِنَ الظّالِمِينَ ) فإذا فعل ذلك نقض شهادة الأولين وجازت شهادة الآخرين يقول الله تعالى (٢) ( ذلِكَ أَدْنى ) » إلى آخر الآية ، لكن قد يقوى في النظر خلافه لإطلاق جملة من النصوص معتضدا بخلو فتوى المعظم عن ذلك على وجه يعلم منه عدم اعتباره ، فلا بد من ارتكاب النسخ الذي لا وجه للقول بعدم صلاحية مثل ذلك له ، ضرورة كونه كالتخصيص أو الندب احتياطا في الأمر واستظهارا ، وإن كان لم يذكره المعظم أيضا ، ومنه يعلم قوة احتمال الأول.

ولكن الاحتياط مع إمكانه لا ينبغي تركه ، بل ينبغي أن يكون حلفهما بما في الآية ، وبعد صلاة العصر الذي هو محل اجتماع الناس ، كما فعله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ما في الخبر (٣) ويقوى أيضا عدم اعتبار السفر في قبولها أيضا ، وفاقا للأكثر ، بل في ظاهر المتن في باب‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٦.

(٢) سورة المائدة الآية ١٠٧.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.

٣٤٩

الشهادة الإجماع عليه ، بل في الرياض لم أجد فيه مخالفا إلا نادرا ، وإن تضمنته الآية ، إلا أنه خارج مخرج الغالب ، فلا يصلح لتقييد ما دل على قبولها في السفر الحضر من النصوص حينئذ كما هو واضح.

وعلى كل حال فقد ظهر لك عن ذلك كله قبول شهادة أهل الذمة في الجملة لكن قوله تعالى (١) ( فَإِنْ عُثِرَ ) إلى آخر الآية قد تضمن حكما لم يتعرض له أكثر الأصحاب ولا تصدوا له ، ولم ينصوا على النسخ ، ولا على عدمه ، مع أن النص قد تعرضت له أيضا فإن في‌ خبر يحيى بن محمد (٢) عن الصادق عليه‌السلام بعد أن ذكر شهادة الذميين وحلفهما قال عليه‌السلام : « فان عثر على أنهما شهدا بالباطل فليس له أن ينقض شهادتهما حتى يجي‌ء شاهدان يقومان مقام الشاهدين ( فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ ) إلى آخر الآية فإذا فعلى ذلك نقض شهادة الأولين وجازت شهادة الآخرين يقول الله عز وجل ( ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ ) إلى آخره.

وفي مرسل علي بن إبراهيم (٣) « قال : خرج تميم الداري وابن بندي وابن أبي مارية في سفر وكان تميم الداري مسلما وابن بندي وابن أبي مارية نصرانيين ، وكان مع تميم الداري خرج له فيه متاع وآنية منقوشة بالذهب وقلادة وأخرجها إلى بعض أسواق العرب للبيع فاعتل تميم الداري علة شديدة فلما حضره الموت دفع ما كان معه إلى ابن بندي وابن أبي مارية أن يوصلاه إلى ورثته فقد ما إلى المدينة وقد أخذا من المتاع الآنية والقلادة وأوصلا سائر ذلك إلى الورثة فافتقد القوم الآنية والقلادة فقالوا لهما هل مرض صاحبنا مرضا طويلا أنفق فيه نفقة كثيرة؟ قالا : لا ، ما مرض إلا أياما قلائل ، قالوا : فهل سرق منه في سفره هذا؟ قالا : لا قالوا : فهل اتجر تجارة خسر فيها؟ قالا : لا ، قالوا : فقدنا أفضل شي‌ء كان معه : آنية منقوشة بالذهب مكللة بالجوهر ، وقلادة. فقالا : ما دفع إلينا فقد أديناه إليكم فقدموهما إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأوجب عليهما اليمين ، فحلفا فخلا عنهما ، ثم ظهرت تلك الآنية والقلادة عليهما ، فجاء أولياء‌

__________________

(١) سورة المائدة الآية ـ ١٠٨.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٦.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.

٣٥٠

تميم إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا : قد ظهر على ابن بندي وابن أبي مارية ما ادعيناه فانتظر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحكم من الله في ذلك ، فأنزل الله تبارك وتعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) إلى آخر الآية ، فهذه الشهادة الأولى التي جعلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقّا إِثْماً ) أي أنهما حلفا على كذب ( فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما ) ، يعنى من أولياء المدعى من الذين استحق عليهم ، وفيقسمان بالله ، أي يحلفان بالله أنهما أحق بهذه الدعوى منهما فإنهما قد كذبا فيما حلفا ( بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ ) إلى آخره فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أولياء تميم الداري أن يحلفوا بالله على أمرهم ، فحلفوا فأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القلادة والآنية من ابن بندي وابن أبي مارية وردهما على أولياء تميم الداري ، » وهو وإن كان مضمونه غير الأول ، ضرورة صراحته في حلف أولياء تميم بمجرد دعواهم ، إلا أنه على كل حال مخالف للضوابط والقواعد.

نعم في غير هذا الخبر أن النصرانيين قد ادعى شراءه عن تميم ، وأنكرهما الورثة ، ولعل هذا الوجه في تحليف الوليين ، ويمكن أن يكون الإرث منحصرا فيهما ولذلك حلفا إلا أن ذلك كله أجنبي عن ظاهر الآية ، كما ان هذا الخبر الذي هو السبب في نزول الآية أجنبي عما عند الأصحاب من قبول شهادة أهل الذمة في الوصية لعدم تضمنه شيئا من ذلك.

وعلى كل حال فالعمل على ظاهر الآية ما لم يثبت نسخها ، وقد أطنب في مجمع البيان في تفسيرها وإعرابها وقراءتها حتى حكى عن الزجاج من ثم ( فَإِنْ عُثِرَ ) إلى آخر الآية أصعب آية في القرآن إعرابا خصوصا على قراءة فاستحق بالبناء للفاعل ، وليس المقام مقام تحرير ذلك فراجع وتأمل ، وان كان الأظهر جعل الأوليان خبر مبتدأ محذوف أى هما الأوليان ، بمعنى هما اللذان بقومان ويحلفان من بين الذين استحق عليهم أي الورثة أو استحق الموصى له عليهم على قراءة البناء للفاعل.

ولو شهد عدل وذمي فالأقرب وجوب اليمين حينئذ كما في القواعد ولعله لعدم تمام الحجة بهما. وإن كان العدل أولى من الذمي ، لكنه خارج من مفروض المشروعية ولا عبرة بمثل الأولوية المزبورة بل هي في الحقيقة قسم من الاستحسان ، والله العالم.

وكيف كان فلا خلاف في أنه تقبل في الوصية بالمال شهادة العدل‌

٣٥١

الـ ( واحد مع اليمين ) بل ولا إشكال لإطلاق دليله ، بل يمكن تحصيل الإجماع من الخاصة عليه فما في نافع المصنف من التردد في ذلك في غير محله أو شاهد عدل ذكروا مرأتين ثقتين ، بلا خلاف ولا إشكال ، لإطلاق ما دل على ذلك الشامل لما نحن فيه بل هو أخف ولذلك اختص بأنه تقبل فيه شهادة الامرأة الواحدة العادلة لكن في ربع ما شهدت به ، وشهادة اثنتين في النصف وشهادة الثلاث في ثلاثة الأرباع وأما شهادة الأربع في الجميع فهو مشترك بين المقام وغيره ، من الأموال من غير خلاف في شي‌ء من ذلك أجده ، بل يمكن تحصيل الإجماع عليه ، فضلا عن محكيه والأصل فيه المعتبرة المستفيضة منها‌ قول الصادق عليه‌السلام في خبر ربعي (١) « في شهادة امرأة حضرت رجلا يوصي ليس معها رجل فقال : يجاز ربع ما أوصى بحسب شهادتها » ومنها‌ قول أبي جعفر عليه‌السلام (٢) « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في وصية لم يشهدها إلا امرأة أن تجوز شهادتها في ربع الوصية إذا كانت مسلمة غير مريبة في دينها » ولا يعارضها‌ خبر عبد الرحمن (٣) سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المرأة يحضرها الموت وليس عندها إلا امرأة تجوز شهادتها قال تجوز شهادة النساء في العذرة والمنفوس ، وقال : تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرجل » ومضمر عبد الله (٤) « سألته عن امرأة حضرها الموت وليس عندها إلا امرأة أتجوز شهادتها؟ فقال : لا تجوز شهادتها إلا في المنفوس والعذرة » ومكاتبة أحمد بن هلال إلى أبي الحسن عليه‌السلام « امرأة شهدت على وصية رجل لم يشهدها غيرها وفي الورثة من يصدقها ، ومنهم من يتهمها فكتب : لا ، إلا أن يكون رجل وامرأتان ، وليس بواجب أن تنفذ شهادتها » لقصورها عن المقاومة من وجوه ، فلا بأس بطرحها ، أو حملها على إرادة عدم نفوذها في الجميع ، والأول منها على إرادة قبولها فيما هو أعظم من الوصية ، والثاني على الاستفهام الإنكاري ونحو ذلك.

نعم الظاهر قصر الحكم على مورد النص فلا يتعدى منه إلى غيره ، كقبول شهادة الرجل‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٦.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٧.

٣٥٢

الواحد في النصف باعتبار كونه بمنزلة شهادة امرأتين وإن احتمل ، لكنه في غير محله ، بل قد يقال : بعدم ثبوت الربع به فضلا عن النصف ، وإن اختاره الفاضل واثنى الشهيدين وغيرهما ، لابتناء الحكم على مصالح يقصر العقل عن إدراكها.

ومن ذلك يعلم أن الخنثى المشكل لا يثبت بشهادتها وحدها شي‌ء لعدم العلم بكونها امرأة ، وأما الخنثيان فيثبت الربع فقط ، والثلاثة ثلاثة أرباع ، والأربعة تمام المشهود عليه كما هو واضح بأدنى تأمل.

ثم ان مقتضى إطلاق النص والفتوى عدم توقف قبول شهادتهن فيما عرفت على اليمين خلافا للمحكي عن التذكرة فقال : بتوقفه عليه كذلك ، كما في شهادة الرجل الواحد ، وفيه أنه لا دليل هنا على اعتبار اليمين ، بل ظاهر الأدلة خلافه ، كما عرفت على أن اليمين مع شهادة الواحد توجب ثبوت الجميع ، فلا يلزم مثله في البعض ، والتزامه فيما إذا انضم إلى شهادة الاثنين أو الثلاثة باعتبار قيامهما مقام الرجل بخلاف الواحدة ، يدفعه أن مقتضى النصوص النصف في الأول ، وثلاثة الأرباع في الثاني ، بمجرد الشهادة ، ووجود اليمن مع عدم اعتبار الشارع لها بمنزلة العدم وقيام الاثنين مقام الرجل في بعض الموارد ، لا يستلزم قياس ما نحن فيه عليه ، حتى أنه يخرج عن مقتضى ظواهر النصوص بذلك ، وكذا لا يشترط في قبول شهادتهن هنا فقد الرجال للإطلاق خلافا للمحكي عن الإسكافي والطوسي فاشترطاه ، ولا ريب في ضعفه.

نعم لا يعتبر في شهادتهن غير العدالة ، فلا تجزى شهادة الفاسقة ولا الذمية ، ولو في مقام تقبل فيه شهادة ذكورهم ، إذا فرض عدمهم ، اقتصارا فيما خالف الضوابط على المتيقن ، وهو ذكور أهل الذمة دون نسائهم ، ولو مع فقد ذكورهم ، وذكور المسلمين ونسائهم كما هو واضح ، والله العالم.

وكيف كان فـ ( لا تثبت الوصية بالولاية إلا بشاهدين ) مسلمين عادلين للأصل السالم عما يقتضي قطعه بغير ذلك لعدم ثبوت حجيته ، وحينئذ فـ ( لا تقبل شهادة النساء في ذلك ) منفردا بل في المسالك ومحكي غيرها نفى الخلاف فيه ، لأنها ليس وصية بمال ، بل هي تسلط على تصرف فيه وليس مما يخفى على‌

٣٥٣

الرجال غالبا ، وذلك ضابط محل قبول شهادتهن منفردات نصا وفتوى.

قلت : كما أن ضابط قبولهن منضمات كون المشهود عليه مالا لا ولاية.

لكن قد يناقش بأنها قد تتضمن المال ، كما إذا أراد الوصي أخذ الأجرة والأكل بالمعروف بشرط ، وبأن الولاية وإن لم تكن مالا لكنها متعلقة به ، كبيعه وإجارته وإعارته ، ونحو ذلك ، ومن ذلك يتجه القول بالقبول ، لعموم ما دل على قبول خبر العدل الشامل للذكر والأنثى ، ولو بقاعدة الاشتراك.

اللهم إلا أن يقوم إجماع هنا بالخصوص على عدم ثبوت ذلك بشهادتهن منفردات ومنضمات ، كما هي عساه يشعر به في الجملة نفى الخلاف المزبور مؤبدا بعدم العثور على ما ينافيه ، وبتقرير من تأخر عنه عليه على وجه يظهر منه الاعتراف به.

وعلى كل حال فـ ( هل تقبل ) فيها شهادة العدل الواحد مع اليمين؟ فيه تردد ( أظهره المنع ) عند المصنف خاصة في الكتاب خاصة ينشأ مما عرفت لكن في المسالك قد قطع الأصحاب بالمنع من غير نقل خلاف في المسألة ، ولا تردد ، ولذا وافقهم المصنف في مختصر الكتاب على القطع ، بل في الرياض أن النصوص كالاتفاق المحكي في المسالك وغيرها متفقة الدلالة على انحصار قبولهما في الحقوق المالية.

قلت : بل لعل الأصل أيضا يقتضي عدم ثبوتها بعد قيام الأدلة على اعتبار التعدد في الشهادة ، وقيام اليمين مقام الواحد غير ثابت في المقام فتأمل جيدا.

فإنه قد أشبعنا الكلام في المسألة في كتاب القضاء والشهادات ، ومنه يعلم قوة القول بالاكتفاء به بل والمرأتين واليمين فضلا عنهما مع الرجل فلاحظ وتأمل.

وأما شهادة أهل الذمة فقد يقال : ان مقتضى إطلاق الآية والرواية قبولها فيها أيضا بالشرط المزبور ، ولعله لذا ولأصالة عدم القبول نظر الفاضل فيها في القواعد لكن قال : أقربه العدم ، ولعله كذلك اقتصارا فيما خالف الضوابط الشرعية على المتيقن ، ولا إطلاق في الأدلة بحيث‌

٣٥٤

تطمئن به النفس على قبولها في ذلك بعد اقتصار المعظم على المال فلاحظ وتأمل. والله العالم.

ولو أشهد إنسان عبدين له ، على حمل أمته أنه منه ، ثم مات فأعتقا وشهدا بذلك بعد العتق قبلت شهادتهما وإن لم نقل بقبول شهادة العبد.

للصحيح (١) « في رجل مات وترك جارية ومملوكين فورثهما أخ له فأعتق العبدين ، ولدت الجارية غلاما فشهدا بعد العتق أن مولاهما كان أشهد هما أنه كان يقع على الجارية ، وأن الحبل منه ، قال : تجوز شهادتهما ويردان عبدين كما كانا ».

والموثق (٢) « عن رجل كان في سفر ومعه جارية له ، وغلامان مملوكان فقال لهما : أنتما حران لوجه الله ، وأشهد أن ما في بطن جاريتي هذه منى ، فولدت غلاما ، فلما قدموا على الورثة أنكروا ذلك ، واسترقوهم ، ثم أن الغلامين أعتقا بعد ذلك ، فشهدا بعد ما أعتقا أن مولاهما الأول أشهد هما على أن ما في بطن جاريته منه قال : يجوز شهادتهما للغلام ، ولا يسترقهما الغلام الذي شهدا له لأنهما أثبتا نسبه ».

مضافا إلى نفى الخلاف فيه ، وفي الرياض مع الإيصاء بالشهادة ، بل في المسالك أن عليه أصحابنا ، بل ومع عدم الإيصاء خلافا للطوسي فخصها بالأول ، ولا وجه له سوى دعوى أن أمر الوصية أخف من غيره ، ولذا قبلت فيه شهادة أهل الذمة ، وهو كما ترى ، وإلى ما تعرفه في محله من قبول شهادة العبد مطلقا.

وعلى كل حال اتفاقهم ظاهرا على الحكم هنا ، وخلافهم في قبول شهادة العبد على أقوال متعددة ، إما أن يكون للخبرين المزبورين المعتضدين بما عرفت ، أو لأنهما حران في ظاهر الشرع ، وفي حق الورثة الذين شهدوا عليهم ، وإن استلزم ذلك رقيتهما لغيرهم أخذا بإقرارهما ، أو لعدم بينة على دعويهما العتق من سيد هما الأصلي ، ولا تنافي بين الأمرين ، بعد أن كانا من الأحكام الظاهرية التي يمكن العمل بكل منهما نحو الصيد الواقع في الماء ، فإنه يحكم بميتته وطهارة الماء ، عملا بكلا الأصلين وليس ما نحن فيه مما يستلزم من وجوده‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧١ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧١ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.

٣٥٥

عدمه ، لأن ذلك إنما هو في الأحكام الواقعية دون الظاهرية ، فإن الأصحاب في غير مقام يجرون كلا من الأصلين على مقتضى سببه الظاهر وإن تنافيا في الواقع من غير فرق بين اتحاد الموضوع وتعدده.

ومن ذلك يظهر لك ما في المسالك حيث أنه بعد أن ذكر الصحيح المزبور قال : وهو مبنى إما على قبول شهادة العبد مطلقا أو على مولاه ، لأنهما بشهادتهما للولد صارا رقا له ، لتبين ان معتقهما لم يكن وارثا أو على أن المعتبر حريتهما حال الشهادة وإن ظهر خلافها بعد ذلك أو على أن الشهادة للمولى لا عليه ، فتقبل كما هو أحد الأقوال في المسألة.

وكيف كان فقد قيل : أنه لا يسترقهما المولود بمعنى أنه يحرم عليه ذلك عملا بظاهر النهي في الموثق وقيل : يكره ، وهو أشبه بأصول المذهب وقواعده المؤبدة بظاهر الصحيح الأول ، وإن كان يمكن أن يقال : أنه لا تعارض بينهما باعتبار ظهور الأول في رجوعها مملوكين ، والثاني في أنه يحرم عليه استرقاقهما وهما غير متنافيين.

لكن الإنصاف أن الأول ظاهر في جواز بقائهما فينا في الحرمة في الثاني ومن هنا حمل النهي على الكراهة ، خصوصا بعد التعليل المزبور المشعر بها بل الظاهر فلا ريب أن القول بها هو الأقوى ، والله هو العالم.

ولا تقبل شهادة الوصي فيما هو وصى فيه ، ولا ما يجربه نفعا ، أو يستفيد منه ولاية على المشهور بين الأصحاب بل الظاهر عدم الخلاف كما اعترف به غير واحد إلا من الإسكافي فجوز شهادة الوصي لليتيم في حجره ، وإن كان هو المخاصم للطفل ، ولم يكن بينه وبين المشهود عليه ما يفسد شهادته من عداوة ونحوها ، ومال اليه المقداد ، بل وكذا ثاني الشهيدين ، لكن قال : ان العمل على المشهور ، بل في الرياض بعد أن نقل ذلك قال : وهو حسن ، أن بلغ الشهرة الإجماع كما هو الظاهر منه والا فمختار الإسكافي لعله أجود ، لبعد التهمة من العدل ، حيث أنه ليس بما لك ، ولم يكن أجرة على عمله في كثير من الموارد.

ومضافا إلى‌ المكاتبة الصحيحة الصريحة المروية في الفقيه (١) في باب شهادة الوصي‌

__________________

(١) الفقيه ج ٣ ص ٤٣ الرقم ١٤٧.

٣٥٦

للميت ، وعليه دين ، وفيها « وكتب إليه أيجوز للوصي أن يشهد لوارث الميت صغيرا أو كبيرا بحق له على الميت ، أو على غيره وهو القابض للوارث الصغير ، وليس للكبير بقابض؟ فوقع عليه‌السلام : نعم ، وينبغي للوصي أن شهد بالحق ، ولا يكتم شهادته » وظاهر الصدوق العمل بها.

وفيه : أن المانع فيه وفي نظائره أنه يرجع إلى كونه مدعيا باعتبار ثبوت حق له فيما شهد به ، فهو كشهادة المرتهن على المال المرهون أنه ملك للراهن مثلا ، وكشهادة الشريك لشريكه وغرماء المفلس بمال له ، بل لعل منه غرماء الميت أيضا مع قصور التركة بل ومع عدمه في وجه ، ونحو ذلك مما يرجع إلى تعلق حق للمدعى ، فعدم قبول شهادته حينئذ لذلك ، وحينئذ مدخلية لبعده عن التهمة بالعدالة ، كما أن ما ذكرناه حاصل ، وإن لم يكن له أجرة ، وأما المكاتبة فمع اعراض المعظم عنها ، وإمكان حملها على شهادته على ما لا حق له فيه من مال الكبير ونحوه ، قاصرة عن معارضة ما يقتضي خلافها ، على أنها مشتملة على كتابته إليه أيضا أنه هل تقبل شهادة الوصي للميت بدين له على رجل آخر مع شاهد آخر عدل‌ فوقع عليه‌السلام « إذا شهد معه آخر عدل فعلى المدعى يمين » إذ لا يخفى أن يمين المدعى مع العدل الواحد كاف في مثله ، فلا يحتاج حينئذ إلى شهادته ، فاعتبار اليمين معها كناية عن عدم قبولها.

نعم لا خلاف كما اعترف به غير واحد ، بل ولا إشكال في قبول شهادة الوصي فيما لم يكن وصيا فيه ، لعموم ما دل على قبول شهادة العدل ، ومن ذلك شهادته على الميت بدين ، ولا ينافي ذلك ما في المكاتبة المزبورة ، من أنه كتب إليه أيضا أو تقبل شهادة الوصي على الميت بدين مع شاهد آخر عدل؟ فوقع عليه‌السلام : « نعم من بعد يمين » فان اعتبار اليمين هنا لا ينافي قبول شهادته ، لكون الدعوى على الميت ، فاعتبارها للاستظهار ، كما لو كان الشاهد غيره ، وهو واضح ، وقد ظهر لك من ذلك كله أن الشهادة متى ما جرت نفعا لم تقبل ، لكن على معنى رجوع الشاهد إلى كونه مدعيا ، ولو باعتبار تعلق حق له فيما شهد عليه ، فإن هذا القدر هو المسلم من هذه الكلية ، وإن كان في كلمات الأصحاب أمثلة لها تقتضي الزيادة على ذلك ، إلا أن إقامة الدليل بحيث يصلح للخروج عما دل على قبول شهادة العدل صعب ، كما لا يخفى على من لاحظ كلامهم في هذا المقام ، وإن كان ربما ذكر لذلك بعض التعليلات الاعتبارية التي لا‌

٣٥٧

تصلح مدركا للأحكام الشرعية ، والرجاء من الله تعالى ان يأتي زيادة تحقيق لذلك في محله فإنه قد أشبعنا الكلام فيها في كتاب الشهادات فلا حظ وتأمل فإنه ربما كان بعض الاختلاف بين المقامين.

وعلى كل حال فمقتضى ما ذكرناه أنه لو كان وصيا في إخراج مال معين فشهد للميت بما يخرج به ذلك المال من الثلث لم تقبل لما فيها من إثبات حق له ، اللهم إلا أن يفرض على وجه لا يكون له حق أصلا ، فإنه يتجه القبول حينئذ ، وقد يقال : ان مجرد وصايته على إخراج المال المعين لغيره ليس حقا يمنع من قبول شهادته.

نعم لو كان المال عائدا له ، اتجه عدم القبول حينئذ لما ذكرناه فتأمل جيدا.

( مسائل أربع‌ )

الأولى : إذا أعتق في مرض الموت أو أوصى بعتق عبيده وليس له سواهم ولم يجز الورثة أعتق ثلثهم بناء على الأصح ، من كون المنجزات من الثلث بالقرعة بتعديلهم أثلاثا بالقيمة وعتق ما أخرجته القرعة بلا خلاف أجده‌ للمرسل (١) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « في ستة عبيد اعتقهم مولاهم عند موته ولم يكن غيرهم فجزاهم أثلاثا ثم أقرع بينهم » والصحيح (٢) عن أبي جعفر عليه‌السلام « في الرجل يكون له المملوكون فيوصي بعتق ثلثهم ، فقال : كان علي عليه‌السلام يسهم بينهم » والخبر الذي رواه المشايخ الثلاثة (٣) عم موسى بن جعفر عليه‌السلام « قال : إن أبي ترك ستين مملوكا وعتق ثلثهم فأقرعت بينهم وأخرجت عشرين فأعتقتهم » ولو استلزم التعديل التجزئة في العبد أعتق ذلك الجزء والسعي في الباقي ، وإنما لا يعتق ثلث كل واحد منهم مع أن كل واحد منهم بمنزلة الموصى له ، وقد عرفت أيضا فيما تقدم أن الوصايا إذا وقعت دفعة قسط عليها الثلث بالنسبة ، لما سمعته من فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك ، وغيره ، وإن كان هو في المنجز إلا أن الإجماع بحسب الظاهر على عدم الفرق بينه وبين الوصية هنا ، مضافا إلى الصحيح عن علي عليه‌السلام. بل يمكن أن يكون منها‌

__________________

(١) المستدرك ج ٢ ص ٥٢١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦٥ ـ من أبواب العتق الحديث ـ ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦٥ ـ من أبواب العتق الحديث ـ ٢.

٣٥٨

خبر موسى بن جعفر عليه‌السلام ، سيما بعد قوله فأعتقهم ، ولاستلزام عتق الكل الإضرار بالورثة ، ولو رتبهم في الإعتاق أو الوصية به أعتق الأولى حتى يستوفى الثلث ، وتبطل الوصية أو التنجيز فيمن بقي إذا لم يجز الوارث بلا خلاف أجده ، كما اعترف به في الرياض للأصل المتقدم ، وخصوص‌ النص (١) « في رجل أوصى عند موته أعتق فلانا وفلانا وفلانا وفلانا وفلانا فنظرت في ثلثه فلم يبلغ أثمان قيمة المماليك الخمسة الذين أمر بعتقهم قال : ينظر إلى الذين سماهم وبدء بعتقهم ، فيقومون ، وينظرون إلى ثلثه فيعتق معه أول شي‌ء ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع ثم الخامس ، فإن عجز الثلث كان في الذي سمي أخيرا ، لأنه أعتق بعد مبلغ الثلث ما لا يملك ، فلا يجوز له ذلك ».

ولو أوصى بعتق عدد مخصوص من عبيده ، استخرج ذلك العدد بالقرعة لأنها العدل بين العبيد الذين قد تعلق لكل منهم حق بالوصية ، ولا طريق لتمييزه إلا القرعة وقيل : يجوز للورثة أن يتخيروا بقدر ذلك العدد ، والقرعة على الاستحباب حينئذ وهو حسن بل في المسالك أنه أقوى لأنها لكل أمر مشكل ، ولا إشكال بعد فرض كون الموصى به من المتواطئ الذي قد عرفت الخيار فيه للوارث.

الثانية : لو أعتق مملوكه عند الوفاة منجزا وليس له سواه ولم يجز الوارث قيل : عتق كله بناء على أن المنجز من الأصل وقيل : ينعتق ثلثه وحينئذ فـ ( يسعى للورثة في الـ ) باقي من قيمته وهو أشهر وأقوى كما عرفته في الحجر وتعرفه هنا في محله إن شاء الله تعالى ولو أعتق ثلثه عند الوفاة يسعى في باقيه فيدفع جميع ما يكتسبه فاضلا عن مؤنته بعد ذلك في فك باقيه ، لا بنصيب الحرية خاصة ، لكونه حينئذ كالمكاتب الذي تحرر بعضه ولو كان له أي المعتق مال غيره أي العبد أعتق الباقي من ثلث تركته للسراية التي هو سببها ، وبذلك كان المنجز ، الذي قد عرفت أن الأصح خروجه من الثلث ، مع احتمال كون ذلك من الأصل ، وإن قلنا : بكون المنجز منه ، لا من الأصل باعتبار أن العتق بالسراية‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ عع ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.

٣٥٩

قهري ، فيكون من الأصل إذ ليس هو من التبرعات وإن كان الأول أقوى.

الثالثة : لو أوصى بعتق رقبة وأطلق ولم يكن ، ثمة قرينة أجزء الصغير. والكبير ، والذكر والأنثى والخنثى للإطلاق ، وفي خبر الحضرمي (١) قلت له أي لأبي عبد الله عليه‌السلام « إن علقمة بن محمد وصاني أن أعتق عنه رقبة ، فأعتقت عنه امرأة فيجزيه ، أم أعتق عنه من مالي؟ قال : قال : تجزيه ، ثم قال لي : ان فاطمة أم ابني أوصت أن أعتق عنها رقبة فأعتقت عنها امرأة ».

ولو قال مؤمنة وجب امتثال ما أوصى به بلا خلاف ولا إشكال ، للنهى عن تبديلها الذي يكون ترك امتثال ما أوصى به ، أو أولى بالنهي ، والمراد بالإيمان عرفا الاعتقاد بإمامة الاثني عشر ، وقد يطلق على غير ذلك ، إلا أن المنساق عرفا الآن ذلك خصوصا إذا كانت الوصية من أحدهم.

نعم الظاهر إلحاق مستضعف هذه الفرقة بهم في الأحكام ، فإن لم يجد أعتق من لا يعرف بنصب كما عن الشيخ بل في الرياض عن ظاهر التنقيح وصريح غيره عدم الخلاف فيه ، لخبر علي بن أبي حمزة (٢) المنجز ضعفه بالشهرة المحكية في الروضة ، وعن غيرها قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل أوصى بثلاثين دينارا يعتق بها رجل من أصحابنا ، فلم يوجد بذلك قال : يشترى من الناس فيعتق » وهو وإن كان خاليا من التقييد بعدم النصب إلا أنه معلوم من الخارج كفر الناصب ، وعدم جواز عتقه.

ومنه يعلم عدم الفرق بين النصب وغيره مما يوجب الكفر في فرق المسلمين ، ولعل التقييد به لكثرته في المخالفين ، والتصريح به‌ في خبره الآخر (٣) « سألت عبدا صالحا عن رجل هلك ، فأوصى بعتق نسمة مسلمة بثلاثين دينارا فلم يوجد الذي سمى قال : ما أرى لهم أن يزيدوا على الذي سمى ، قلت : فإن لم يجدوا قال : فليشتروا من عرض الناس ما لم يكن ناصبا » وهما وإن كانا فيمن لم يجد بما أوصى به الموصى ، وهو غير مفروض المتن إلا أن الظاهر عدم الفرق ، بل ما‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧٤ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧٣ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٧٣ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.

٣٦٠