جواهر الكلام - ج ٢٨

الشيخ محمّد حسن النّجفي

فقضى عليهم بذلك وتلي الآية » وحينئذ فما‌ في خبر طلحة بن يزيد (١) عن أبي عبد الله عن أبيه عليه‌السلام قال : « من أوصى بسهم من ماله فهو سهم من عشرة » من الشواذ التي لا تعارض ما سمعت ، وربما حمل على وهم الراوي أو ظنه أن الجزء والسهم واحد ، فرواه فيه وكذا‌ ما أرسله الصدوق (٢) من أن السهم واحد من ستة ، ثم قال : « متى أوصى بسهم من سهام المواريث ٢٤٨٢٠ كان واحدا من ستة ، ومتى أوصى بسهم من سهام الزكاة كان واحدا من ثمانية ، وتمضي الوصية على ما يظهر من مراد الموصى. » وفيه أن محل البحث إذا لم يظهر ، وحمله على السدس حينئذ ـ كما عن الصدوقين والشيخ وابن زهرة ، للمرسل المزبور ، وما عن ابن مسعود (٣) من « أن رجلا أوصى لرجل بسهم من المال ، فأعطاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم السدس ، » وما قيل أن السهم في لغة العرب السدس ، وإجماعي الخلاف والغنية ـ كما ترى خصوصا دعوى الإجماع التي هي مظنة العكس كما هو واضح.

نعم لو كان قد أوصى بشي‌ء كان سدسا بلا خلاف معتد به أجده فيه ، بل الظاهر أنه اتفاقي ، كما في المسالك ، بل ظاهر التذكرة وإيضاح النافع الإجماع عليه ، بل عن خلاف والغنية دعواه صريحا لخبر أبان (٤) عن علي بن الحسين عليه‌السلام « أنه سئل عن رجل أوصى بشي‌ء من ماله فقال : الشي‌ء في كتاب على عليه‌السلام واحد من ستة » وما عن المقنع من « أنه واحد من عشرة نادر. هذا ولا يخفى عليك أن محل البحث في السهم والشي‌ء كما عرفته في الجزء ، ولو أوصى بسهم من الجزء أو شي‌ء منه أو السهم ففي جريان الحكم وجهان.

ولو أوصى بوجوه فنسي الوصي وجها منها جعله في وجوه البر وفاقا للأكثر بل المشهور نقلا وتحصيلا ، بل في محكي التنقيح أن عليه الفتوى ، بل عن غيره نفى الخلاف فيه ، إلا من الحلي تبعا للشيخ في بعض فتاواه لخبر محمد بن الريان (٥) قال : « كتبت‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٤.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٢.

(٣) المغني لابن قدامه ج ٦ ص ٤٤٦.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.

٣٢١

إلى أبي الحسن عليه‌السلام أسأله عن إنسان أوصى بوصية فلم يحفظ الوصي إلا بابا واحدا منها كيف يصنع بالباقي؟ فوقع عليه‌السلام الأبواب الباقية اجعلها في البر » المعتضد بما عرفت المؤيد بما ورد في المنذور للكعبة والوصية لها « أنه يصرف (١) الى زوارها » وفيمن أوصى أن يحج عنه بمال لا يفي به ، « أنه يصرف في البر ويتصدق به (٢) وكذا في الوقف ، إذا جهل الموقوف عليه وبأنه شبه المال المجهول المالك ، بسبب اشتباه مصرفه ومستحقه ، فلا طريق إلا صرفه في وجوه القرب ، بناء على عدم اختصاص مصرفه بالصدقة به ، أو يقال : إن كله من الصدقة به ، لرجوع الجهات العامة إلى المسلمين أيضا ، ومنه ينقدح جواز صرف مجهول المالك في ذلك ، وربما يؤيد شمول الرواية المزبورة له في الجملة ، إذ من أفراده الوصية به لشخص مخصوص قد قبله ثم نساه ، وقد سمعت الأمر فيها بالصرف في وجوه البر من غير فرق بين الأفراد جميعها.

وبأن هذا المال بتعذر وجهه الذي قد أوصى به ، وإخراجه عن الوارث بالوصية صار في حكم مال الميت ، ولا إيصال إليه الا في صرفه في وجوه البر.

وبأنه إذا فرض الوصية به في جهات القربة إلا أنه نسب خصوصها يناسب الانتقال إلى نوع القربة ، وبغير ذلك.

وحينئذ فما قيل : والقائل ابن إدريس والشيخ في المحكي من حائرياته والآبي في المحكي عن كشفه من أنه يرجع ميراثا لبطلان الوصية لتعذر القيام بها واضح الضعف ، ضرورة منافاته لاستصحاب الصحة ، فضلا عن الخبر المزبور المعتضد بما عرفت ، السالم عن معارضة ما يعتد به ، إذ ليس كل تعذر ولو كان كالفرض مبطلا للوصية ومعيدا للمال إلى الإرث الذي قد فرض الخروج منه بالوصية فعوده يحتاج إلى دليل.

نعم الظاهر اختصاص الحكم بما إذا كان النسيان مطلقا ، أى لا على وجه الانحصار في فردين مثلا أو ثلاثة ، وإلا اتجهت القرعة ، أو التوزيع ، أو الصلح ، لو كان بين الشخصين‌

__________________

(١) التهذيب ج ٩ ص ٢٢٣.

(٢) التهذيب ج ٩ ص ٢٢٨.

٣٢٢

مثلا ، كما أن المتجه التروي والتربص في الصرف في وجوه البر حتى ييأس من معرفة الوجه الذي قد أوصى به ، بمراجعة دفتر أو شاهد ونحوه ذلك ، فإذا أيس من ذلك صرفه في وجوه البر ، ولا عبرة باحتمال التذكر فيما يأتي من الزمان ، لصدق النسيان ، الذي قد علق عليه الحكم في النص والفتوى.

ثم إن الظاهر من المتن وغيره إرادة المثال من نسيان الوجه ، وإلا فلا فرق بين نسيان الوجه والوجوه ، لاتحاد المدرك ، بل ظاهر الخبر ذلك ، بل لا يبعدون كون الحكم كذلك في غير صورة النسيان ، كما إذا لم يعثر على ما رسمه الموصى في وصيته ، وإن علم انه قد رسم وجوها مثلا ، أو نحو ذلك ، واحتمال إيقاف المال في ذلك ونحوه اقتصارا فيما خالف وجوب حفظ مال الغير على المتيقن ضعيف جدا ، كما هو واضح ، والله العالم.

ولو أوصى بسيف معين وهو في جفن بفتح الجيم دخل الجفن والحلية في الوصية وفاقا للمشهور ، بل في ظاهر المحكي عن السرائر والمقتصر وإيضاح النافع الإجماع عليه ، بل عن كشف الموز ما رأيت أحد أقدم على منع الرواية الواردة في السيف وعن المهذب البارع كل الأصحاب مطبقون على العمل بها ، أي‌ رواية أبي جميلة المفضل بن صالح (١) « كتبت الى أبي الحسن عليه‌السلام أسأله عن رجل أوصى لرجل بسيف فقال الورثة : إنما لك الحديد ، وليس لك الحلية. فكتب إلى : السيف له وحليته ».

وخبره الآخر « سألت الرضا عليه‌السلام عن رجل أوصى لرجل بسيف وكان في جفن وعليه حلية ، فقال الورثة : إنما لك النصل وليس لك المال فقال : لا بل السيف بما فيه له قال : فقلت : رجل أوصى بصندوق وكان فيه مال ، فقال الورثة إنما لك الصندوق وليس لك المال ، فقال الصندوق بما فيه له » فهما مضافا إلى ما عرفت ، وإلى العرف الشاهد على ذلك الحجة في المقام ، ولا يقدح فيه عدم دخول شي‌ء منهما في مسماه لغة ، ضرورة كفاية العرف وتقدمه على اللغة ، على أنه قد يقال : إن ذلك من توابع الوصية بالسيف لا للدخول في المسمى كثياب العبد ورحل الدابة ومفتاح الدار ، ونحو ذلك من التوابع التي يشهد العرف‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٧ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٢ ـ ١.

٣٢٣

بتبعيتها في الإيصاء تبعا لتبعيتها في الاستعمال.

نعم لو لم يكن له جفن ولا حلية لم تكن الوصية به ، وصية بهما ، فلا يخرجان من التركة.

فما عن المختلف وولده وأبي العباس ـ من عدم دخول شي‌ء منهما في الوصية ـ واضح الضعف ، بل لا يبعد الوصية بالجفن لو كان قد أوصى به مطلقا ، وإن كان ظاهر العبارة وغيرها مما قيد بالمعين خلافه ، إلا أنه يمكن تنزيله على عدم الوصية بالحلية التي لم يقيد بتعينها بالنسبة إليه فإنه لا عرف ولا غيره يشهد على الوصية بها بالوصية به ، مع فرض كونه مطلقا بخلاف الغمد ، فإن العرف قد يشهد على الوصية به أيضا وإن كان هو ليس كالظهور في المعين خصوصا إذا كان قد اشترى سيفا لا غمد له.

وعلى كل حال فالظاهر عدم اعتبار وصف خاص في الجفن ، بل يكفى فيه كونه جفنا لذلك السيف كائنا ما كان ، فإن الظاهر تبعية نحو ذلك ، كثياب العبد ورسن الدابة ، فإن التابع منهما ما كان تابعا لهما في الاستعمال كما هو واضح بأدنى تأمل.

ومنه يعلم عدم الفرق بين السيف والخنجر والسكين ذات القراب وغير ذلك مما لها توابع في الاستعمال فإن العرف يقضى بتبعيتها في الوصية ونحوها.

وكذا لو أوصى بصندوق وفيه ثياب ، أو سفينة وفيها متاع أو جراب وفيه قماش ، فإن الوعاء وما فيه داخل في الوصية وفاقا للمشهور بل عن التذكرة نسبته إلى علمائنا ، كما عن التبصرة ( المقتصر ـ نسخة ) أن عمل الأصحاب على رواية أبي جميلة ، ونحوه عن التنقيح ، وقد عرفت اشتمالها على الصندوق كخبر عقبة (١) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أوصى لرجل بصندوق وكان في الصندوق مال ، فقال الورثة : إنما لك الصندوق ، وليس لك ما فيه فقال : الصدوق بما فيه له » وخبره الآخر (٢) عنه أيضا قال : « سألته عن‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب أحكام الحديث ـ ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥٩ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.

٣٢٤

رجل قال : هذه السفينة لفلان ، ولم يسم ما فيها ، وفيها طعام ، أيعطيها الرجل وما فيها؟ قال : هي للذي أوصى له بها ، إلا أن يكون صاحبها متهما ، وليس للورثة شي‌ء ».

لكن ربما نوقش في الأخير ، بأن غايتها الدلالة على أنها للموصى له ومرجع الضمير السفينة ، دون ما فيها ، والرواية المنجبرة إنما تكون حجة حيث تكون دلالتها واضحة ، لا مطلقا.

نعم لها دلالة ضعيفة بحسب الفحوى لوقوع‌ قوله عليه‌السلام « هي له » جوابا عن جواز إعطاء ما فيها أم لا ، فلو لم يجعل المرجع السفينة بمن فيها لم يكن الجواب للسؤال مطابقا ، مع احتمال أن يكون المراد بالجواب الظاهر في رجوع الضمير إلى السفينة خاصة التنبيه على انحصار الموصى به فيها ، دون ما فيها ، وبه تحصل المطابقة ، فالأصح عدم الدخول للأصل إلا مع وجود قرينة من عرف أو عادة ، وتحتمل الرواية على تقدير الدلالة الحمل على ذلك.

وقد يدفع أولا : بأن المحكي‌ عن نسخ الفقيه روايته « إلا أن يكون صاحبها استثنى مما فيها » وحينئذ تكون صريحة في ذلك.

وثانيا : بأن الشهرة كما تجبر السند تجبر الدلالة ، على أنه لا ينكر ظهورها كما اعترف به الخصم ، ومثله لا ريب في حجته ، بعد فرض اعتبار السند ، ضرورة كونه حينئذ كالصحيح حجة في مطلق ما يظهر منه منطوقا أو مفهوما.

نعم قد يناقش بعدم صراحة سؤال الخبر في الوصية ، بل يحتمل الإقرار ، بل هو الظاهر أيضا بقرينة التفصيل بين المتهم وغيره ، ولا ينافيه إطلاق الوصية في جواب الإمام عليه‌السلام لمعروفية إطلاقه على الإقرار الواقع في مرض الموت ، وكأنه أومأ إليه في الدروس ، فإنه بعد أن حكى عن القاضي أنه قال : لو أوصى له بسلة زعفران دخل ، ويدخل الشرب بالوصية بالضيعة وما شابهه إذا كان عدلا ، فإن كان متهما لم تنفذ الوصية في أكثر من ثلثه ، وعن الشيخ في النهاية أنه قيد بهذا القيد « قال : وكأنهما يريانه إقرارا ».

قلت : لكن المعروف نقل ذلك عن الشيخ قولا في المسألة ، بل لعله إليه أشار المصنف بقوله وفيه قول آخر بعيد بل هو واضح الفساد ، ضرورة مدخلية التهمة وعدمها فيما‌

٣٢٥

نحن فيه من الوصية.

ولكن الأمر في ذلك سهل بعد كون الظاهر أن بناء هذا الخبر على تقدير دلالته وغيره من أخبار المقام على كشف العرف ، وأن الحكم بذلك لأنه في العرف كذلك ، لا أنه يحكم به وإن لم يفهم منه في العرف ، كما توهمه في الرياض حيث حكم في الصندوق بما عرفت للرواية المجبورة بما سمعت ، ثم قال : إلا أن العرف لا يساعده ، فيشكل من هذه الجهة ، ولكن لا مندوحة عن العمل بها ، إلا أن توجه قرينة على عدم الدخول فتتبع ، ومقتضاه الحكم بدخول ما فيه وإن لم يفهم من العرف ذلك ، وهو شي‌ء عجيب باعتبار اقتضائه إخراج المال عن صاحبه من دون قصد ، وبلا سبب ناقل منه ، ومثله كيف يندرج في الوصية ، ويلحقه أحكامها ، فلا مناص حينئذ عن تنزيل هذه الاخبار على ما يقتضيه العرف ، وهو في السيف واضح ، بل والصندوق إذا كان معدا للظرفية ، والمقصود منه ما فيه ، نحو ما يستعمله التجار في صناديق النيل والقماش ، والكافور ونحوها ، فإنه لا يشك أحد في وصية أحدهم بصندوق خاص منها في إرادة ما فيها ، بل والسفينة والمركب إذا كانت أيضا كذلك ، بخلاف الصندوق الذي يستعمله كثير من الناس للوضع عليه غالبا ، وللوضع فيه اتفاقا والسفينة التي هي كذلك. بحيث يكون المقصود منها الظرف لا المظروف ، ومع الشك فلا ريب في وجوب الاقتصار على ما علمت الوصية به ، ولو من ظهور لفظ ، ولعله بذلك تتفق كلمة القائل بالدخول في جميع ما عرفت وهو المشهور والقائل بالعدم مطلقا كالفاضل وولده ، والمقتصر والروضة والتنقيح ، وفي السفينة خاصة كالدروس ، وجامع المقاصد والكفاية وظاهر النافع وتنقيحه وإيضاحه ، بل لعل إليه يومئ اعتبار المفيد وأبي الصلاح فيما حكى عنهما القفل للصندوق ، والشد للجراب ، والختم للوعاء والكيس في الدخول ، بدعوى أن ذلك ونحوه قرينة عرفية على إرادة ما فيه معه من الوصية به.

وإن أبيت فتحقيق الحال ما عرفت من غير فرق بين كون الوصي عدلا مأمونا وبين كونه متهما على الورثة في ذلك ، وما عن الشيخ والقاضي من اعتبار ذلك في الدخول من الأصل والثلث قد عرفت تنزيله على الإقرار ، وإلا كان واضح الفساد ، ضرورة عدم مدخلية ذلك في الوصية التي لا إشكال في خروجها من الثلث على كل حال كما عرفت.

٣٢٦

بل فيما حضرني من نسخة النهاية كالصريح في إرادة الإقرار قال : « إذ أوصى الإنسان لغيره بسيف وكان في جفن وعليه حلية ، كان السيف له بما عليه وفيه ، وإذا أوصى بصندوق لغيره وكان فيه مال ، كان الصندوق بما فيه للذي أوصى به له ، وكذا لو أوصى له بسفينة وكان فيها متاع كانت السفينة بما فيها للموصى له ، وكذلك إن أوصى له بجراب وكان فيه متاع كان الجراب وما فيه للموصي ، إلا أن يستثنى ما فيه ، هذا إذا كان الموصى عدلا مأمونا ، فان لم يكن عدلا وكان متهما لم تنفذ الوصية بأكثر من الثلث في الصندوق والسفينة والسيف والجراب وما فيها والله العالم.

ولو أوصى بإخراج بعض ولده من تركته لم يصح وفاقا للمشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا ، بل هي كذلك في ظاهر محكي المقتصر ، لأنها مخالفة للكتاب والسنة ، ولأنه من الحيف في الوصية الذي‌ ورد فيه « إنه من الكبائر » (١) ، ولقوله عليه‌السلام (٢) « ما أبالي أضررت بورثتي أو سرقتهم ذلك المال » وقوله (٣) عليه‌السلام « من عدل في وصيته كان بمنزلة من تصدق بها في حياته ، ومن جار في وصيته لقي الله يوم القيامة وهو عنه معرض » والصحيح (٤) « عن رجل كان له ولد يدعيه ، ثم أخرجه عن الميراث وأن وصيه فكيف أصنع؟ فقال عليه‌السلام : لزوم الولد الإقرار بالمشهد ، ولا يدفعه الوصي عن شي‌ء قد علمه ».

وإنما الكلام في أنه هل بلغوا للفظ على وجه يكون كعدمه فيه تردد بل وخلاف فـ ( بين ) قائل بـ ( البطلان ) لذلك ، وهو الأكثر كما في الرياض وبين قائل بـ ( إجرائه مجرى من أوصى بجميع ماله ، لمن عدا الولد ، فيمضي في الثلث ) خاصة إن لم يجز الولد ، ويكون للمخرج نصيبه من الباقي بموجب الفريضة وهو خيرة الفاضل في المختلف ، وعن الخراساني أنه استظهره.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب أحكام الوصايا ـ ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٢.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٩٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.

٣٢٧

والوجه عند المصنف وثاني المحققين والشهيدين وفخر المحققين وغيرهم الأول لأن إخراجه من الإرث أعم من الوصية بالمال لباقي الورثة ، وإن لزم رجوع الحصة إليهم ، إلا أن ذلك ليس بالوصية ، بل لاستحقاقهم التركة حيث لا توارث وربما لم يكن حال الوصية عالما بالوارث ، كما لو لم يكن له إلا ذلك الولد ولا يعلم من يرثه ، ولم يخطر على باله ، فلا دلالة في اللفظ مطابقة ولا تضمنا ، بل ولا التزاما ، لانتفاء شرطها بانتفاء الانتقال إلى اللازم بتصور الملزوم خاصة أو مع الوسط.

لكن قد يقال له أن الوصية بالإخراج وإن لم تكن وصية بالباقي للباقي لكنها نفسها وصية ، ضرورة عدم الفرق فيها بين الأمر والنهي والإعطاء وعدمه ، في نفوذ جميع ما أوصى به من الثلث ، فهو كما لو صرح بإخراجه من الثلث ، فإنه لا إشكال في اختصاص غيره من الورثة به ، لا الوصية به لهم ، بل لإخراج الولد مثلا منه ، فيبقى إرثا لغيره ، ولا يعتبر في الوصية قصد الوصية ، كما لا يعتبر فيها سوى العهد بما أراده ، والشارع لم يقطع سلطنته عن الثلث ، بل أبقاها ، فهو مسلط عليه دفعا ومنعا ، فإذا أخرج بعض الورثة عن المال كله نفذ في مقدار الثلث الذي له تسلط عليه ، ولم ينفذ في غيره ، كما لو أعطى المال كله لبعضهم ، فإنه ينفذ بمقدار الثلث دون غيره كما هو واضح.

ومن هنا يقوى ما سمعته من الفاضل ، وإن لم يكن لما ذكره من الحكم بالوصية بالباقي للباقي كي يرد عليه ما عرفت ، بل لأن الإخراج نفسه وصية يمكن امتثالها ، فيستحق غير المخرج الثلث بالإرث.

هذا كله بناء على البطلان في أصل الإخراج لما تقدم ، ولكن فيه رواية بوجه آخر مهجورة العمل وهي‌ رواية علي بن السري (١) قال : « قلت : لأبي الحسن موسى عليه‌السلام إن علي بن السري توفي فأوصى إلى وأن ابنه جعفرا وقع على أم ولد له فأمرني بأن أخرجه عن الميراث ، قال : أخرجه ، وإن كنت صادقا فيصيبه خبل ، قال :

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٤.

٣٢٨

فرجعت فقدمني إلى أبي يوسف القاضي ، فقال له أصلحك الله أنا جعفر بن علي بن السري وهذا وصي أبي فمره فليدفع إلى ميراثي من أبي ، فقال أبو يوسف القاضي لي ما تقول : فقلت : نعم هذا جعفر بن علي السري ، وأنا وصي علي بن السري قال : فادفع إليه ماله ، فقلت : أريد أن أكلمك ، فأذن لي فدنوت حيث لا يسمع أحد كلامي ، فقلت هذا وقع على أم ولد لأبيه ، فأمرني أبوه وأوصى إلى أن أخرجه من الميراث ، ولا أورثه شيئا ، فأتيت موسى بن جعفر عليه‌السلام بالمدينة فأخبرته وسألته ، فأمرني أن أخرجه من الميراث ولا أورثه شيئا ، فقال : الله ان أبا الحسن أمرك قلت : نعم فاستحلفني ثلاثا ، ثم قال لي أنفذ ما أمرك أبو الحسن عليه‌السلام به ، فالقول قوله » بل عن الصدوقين والشيخ العمل بها في موردها ، وان كنا لم نتحقق ذلك عن الأخير منهم ، لأنه جعلها قضية في واقعة.

نعم ظاهر الأولين ذلك ، لكن في الولد الذي قد أحدث الحدث المزبور ، دون غيره ، وحينئذ يكون عدم النفوذ فيما عداه مجمعا عليه ، بل لعله كذلك فيه أيضا ، لعدم قدح خلاف مثلهما فيه ولو أوصى بلفظ مجمل أى مطلق لم يفسره الشرع بشي‌ء خاص رجع في تفسيره إلى الوارث بلا خلاف أجده بين من تعرض له ، كقوله : أعطوه حظا من مالي ، أو قسطا أو نصيبا أو قليلا أو يسيرا أو جليلا أو جزيلا أو نحو ذلك من الألفاظ التي كون مرجعها ما يعينه الوارث من مصاديقها المندرجة فيما أراده الموصى بحسب ظاهر اللفظ.

نعم في المسالك وغيرها « لو تعذر الرجوع إلى الوارث لغيبة أو امتناع أو صغر أعطي أقل ما يصدق عليه الاسم ، لأنه المتيقن ».

قلت : لم لا يكون التخيير للحكام أو عدول المسلمين في المصاديق كالوارث اللهم إلا أن يقال : إن المخاطب بالتنفيذ أولا وبالذات الوارث ، فالخطاب في الحقيقة له ، ولكن ناب غيره ، للتعذر ، فيقتصر على المتيقن مما يعينه المنوب عنه ، لو كان قد باشر التعيين.

نعم قد يقال : ان ذلك هو المتجه فيما لو أوصى إلى غير الوارث بتنفيذ وصيته المزبورة ، فإنه يكون حينئذ هو المخاطب ، فله التعيين بأي مصداق ما لم يتجاوز الثلث وإن كنت لم أجد‌

٣٢٩

مصرحا به.

ثم إن الظاهر اعتبار التمول في المصداق ، وإن سلم صدق المطلق على غيره ، إلا أنه قد يقطع بعدم إرادة الموصى إياه ، بل قد يقال : باعتبار الأزيد من التمول في الجليل والجزيل والعظيم ونحو ذلك من الألفاظ ، لشهادة العرف الذي هو المرجع فيها ، خصوصا لو جمعها فقال : أعطوا زيدا مالا جزيلا ، أو قسطا عظيما ، وعمروا مالا يسيرا أو قسطا يسيرا أو قال : عظيما جدا ، أو قليلا كذلك ، فلا بد حينئذ من التمييز بين الشخصين بذلك.

وما في المسالك هنا ـ من احتمال إرادة الأقل نظرا إلى أن جميع المال متصف بذلك في نظر الشرع ، ومن ثم حكم بكفر مستحل قليله وكثيره ، كما نبهوا عليه في الإقرار بمثل ذلك متفقين على الحكم في الموضوعين ، ولا ينافيه مع ذلك وصفه بالقلة ونحوها لاختلاف الحيثية بقلته من حيث المقدار ، وجلالته من حيث الاعتبار.

وعلى هذا فلو قال : أعطوا زيدا قسطا عظيما ، وعمروا قسطا يسيرا ، لم يشترط تمييز الوارث بينهما بزيادة الأولى عن الثاني ، كما ذكرناه ـ كما ترى ، مجرد دعوى ، يشهد العرف الذي قد أمرنا باتباعه على خلافها.

ولو قال : أعطوه كثيرا قيل : والقائل الشيخ والصدوق وجماعة على ما قيل يعطى ثمانين درهما كما في النذر للرواية التي وردت فيه (١) مستدلا بها على ذلك بقوله تعالى ( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ ) وقد كانت ثمانين ، بل عن الشيخ تعديتها إلى الإقرار أيضا نظرا إلى أن ذلك تقدير شرعي لكثير من غير فرق بين الموارد جميعها.

قيل : والقائل المشهور يختص هذا التفسير بالنذر كما اختص تفسير بعض الألفاظ مثل الجزء والسهم والشي‌ء في الوصية ، بما عرفت اقتصارا فيما خالف الأصل والعرف واللغة على موضع النقل مضافا إلى أن رواية الكثير مرسلة لا جابر لها‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب النذر الحديث ـ ١ و ٢ و ٣ و ٤.

٣٣٠

في المقام ، بل الموهن لها متحقق ، ومشتملة على الاستدلال المعلوم ارادة القريب منه ، ضرورة أن استعماله في ذلك لا يقتضي الانحصار فيه ، مع أنه قد ورد كثيرا في القرآن في أمكنة متعددة غير مراد منه ذلك ، فلا ريب أن الأقوى مساواته لغيره من الألفاظ السابقة كلفظ العظيم. والله العالم.

والوصية بما دون الثلث أفضل من الثلث ، وبالخمس أفضل من الربع وهكذا للمروي في محكي الحواشي للشهيد‌ عن سعد (١) « مرضت مرضا شديدا فعادني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال لي أوصيت؟ قلت : نعم أوصيت بمالي كله للفقراء وفي سبيل الله فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصى بالعشر فقلت : يا رسول الله إن مالي كثير وذريتي أغنياء فلم يزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يناقصني وأناقصه حتى قال : أوصى بالثلث ، والثلث كثير ».

ولقول الباقر عليه‌السلام (٢) « كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : لئن أوصي بخمس مالي أحب إلى من أن أوصى بالربع ، وإن أوصى بالربع أحب إلى من أن أوصى بالثلث ، ومن أوصى بالثلث فلم يترك ، وقد بالغ » وفي خبر آخر (٣) « من أوصى بالثلث فقد أضر بالورثة » وفي القوى (٤) « إن الثلث حيف » ، وفي القوى أيضا (٥) « ما أبالي أضررت بولدي أو سرقتهم ذلك المال » إلى غير ذلك من الروايات التي يستفاد منها أفضلية الوصية بالربع والخمس من الثلث.

بل عن المقنعة أنه كذلك عند آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين ، كما أنه يستفاد منها أيضا استحباب مطلق الأقلية منه الذي قد أفتى به جماعة ، وإن أنكر في جامع المقاصد دلالة النصوص عليه ، لكن لا يخفى على من لاحظها وضوح دلالتها على ذلك ، بل يستفاد منها كراهية الوصية بالثلث.

نعم قد يشكل ذلك بما دل على الأمر بالوصية به ، وبالمحكى من‌ فعل الصادق عليه‌السلام « من الوصية به » (٦) ومن ذلك قال في المحكي عن المبسوط : إنه كان الورثة أغنياء استحب له أن‌

__________________

(١) المستدرك ج ٢ ص ٥١٩.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٢.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٣.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٣.

٣٣١

يوصى بالثلث ، وإن كانوا فقراء فالأفضل أن تكون وصيته فيما هو أقل من الثلث ، وفي محكي الوسيلة إن كانوا أغنياء أوصى بالثلث ، وإن كانوا فقراء فبالخمس وإن كانوا متوسطين فبالربع ، وفي محكي التذكرة لا يبعد عندي التقدير ، بأنه متى كان المتروك لا يفضل عن غنى الورثة لا يستحب الوصية ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علل المنع بقوله لان تترك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة ، ولأن إعطاء القريب المحتاج خير من إعطاء الأجنبي ، إلى أن قال : فحينئذ يختلف الحال باختلاف الورثة في كثرتهم ، وقلتهم ، وغناهم وحاجتهم ، فلا يقدر بقدر من المال.

قلت : لعل ذلك كله منهم جميعا بين النصوص ، لكن قد عرفت خبر سعد ، ولذلك صرح بعضهم ، وأطلق الباقون استحباب التقليل ، وإن كان الورثة أغنياء ، ولعل الاولى له الوصية بالثلث وقسمته على الورثة على مقدار سهامهم مع فقرهم والأمر سهل.

( تفريع )

على المسألة السابقة ، وهو أنه إذا عين الموصى له شيئا من مصاديق اللفظ المطلق وادعى أن الموصى قصده من هذه الألفاظ ، وأنكر الوارث ، كان القول قول الوارث مع يمينه بلا خلاف ولا اشكال ، بل ظاهر المتن وغيره أن اليمين تتوجه عليه إن ادعى الموصى له عليه أي الورثة العلم بما ادعاه على الموصى وإلا فلا يمين وفيه بحث ، إذ الظاهر بمقتضى إطلاق الأدلة استحقاق اليمين بمجرد الدعوى على الموصى ، وإن كان يمينه التي يكلف بها على نفى العلم فلا يعتبر حينئذ في استحقاق ذلك دعوى العلم عليه إذ لعله لا يدعيه عليه ، لعدم علمه بعلمه ، فإذا كلف باليمين نكل لكونه عالما بالواقع ، ولم يعلم به الموصى له ، كما هو واضح. والله العالم.

( الطرف الثالث : في أحكام الوصية )

التي قد تقدم منها ما إذا أوصى بوصية ، ثم أوصى بأخرى مضادة للأولى كما إذا أوصى بعين لزيد ، ثم أوصى بها لعمرو ، أو أوصى بربع ماله لشخص ، ثم أوصى به لآخر ، عمل بالأخيرة بلا خلاف ولا اشكال ، لكونه ناسخة للأولى ،

٣٣٢

ورجوعا عنها عرفا ، بل الظاهر ذلك حتى لو كان ناسيا للأولى وذاهلا كما عرفته فيما تقدم ، بخلاف ما إذا لم تكن مضادة ، فإنه يعمل بهما أيضا فيما لو أوصى بثلث ماله مثلا لزيد ، ثم أوصى بثلث ماله لعمرو ، أنه من المتضادين أولا ، فلاحظ وتأمل.

ولو أوصى بحمل دابة مثلا فجاءت به لأقل من ستة أشهر الذي هو أقل الحمل شرعا صحت الوصية به لظهور وجوده حال الوصية ، وإن لم يكن ذلك معتبرا فيه ، لصحة الوصية بما تحمله الأمة ، لكن المفروض في الوصية المزبورة إرادة الحمل الموجود فعلا وقد انكشف بولادته لدون الستة أنه كذلك ، فتصح بخلاف ما لو كان قد جائت به لعشرة أشهر من حين الوصية أي بعدها ، بناء على أنها هي أقصى الحمل ، فإنه يعلم بذلك عدم وجوده حال الوصية التي قد عرفت فرض بطلانها بذلك ، فـ ( لم تصح و ) أما إن جاءت به لمدة بين الستة والعشرة وكانت خالية من مولى وزوج بأن فارقها من يباح له وطؤها حكم به للموصى له لمعلومية سبق وجوده على الوصية ، إذا احتمال تجدده منتف بفرض المفارقة وأصالة عدم وطئ غير الوطء السابق ، وظهور حال المسلمة في عدم الزنا وغيره.

ومن هنا لو كان لها زوج أو مولى ، لم يحكم به للموصى له ، لاحتمال توهم الحمل في حال الوصية وتجدده بعدها فلم يعلم حينئذ بوجوده قبلها ، والشك في ذلك شك في صحتها ، فتبقى أصالة بقاء المال بحالها ، هذا.

ولكن قد يناقش هنا بأن الأصل عدم وطئ آخر تجدد منه الحمل ، ووجود الفراش أعم من ذلك ، مضافا إلى أن الظاهر بملاحظة الغلبة العادية التولد من الوطء الأول فيما بين الأقصى والأقل ، بل هي المرجع في الحيوان غير الإنسان الذي لم يقدر الشارع لأقل الحمل منه ، وأقصاه مدة معلومة ، وإن اختلف باختلاف أجناسه ، فان للغنم مقدارا معلوما عادة ، وللبقر مقدارا زائدا ، وهكذا ، ولا فرق بين الإنسان والحيوان في ذلك قال في المسالك هنا : « إن المسألة من باب تعارض الأصل والظاهر ، فلو رجح مرجح الظاهر عليه ، في بعض مواردها كما يتفق في نظائره ، لم يكن بعيدا إن لم ينعقد الإجماع على خلافه ، وكيف كان فلا خروج عما‌

٣٣٣

عليه الجماعة ».

وإن كان هو كما ترى ، ضرورة عدم صلاحية معارضة الظاهر الأصل ، إذا لم يقم دليل على اعتباره شرعا ، ولا كان بوجه يندرج في العلم عادة ، باعتبار أنه الطمأنينة الحاصلة فيها ، والفرق بين الخالية وغيرها مع اشتراكهما في الأصل المزبور لا يخلو من نظر ، واحتمال أنه لظهور حال المسئلة في عدم الزنا يدفعه فرض المسألة في الأعم من المسلمة ، مع أن سبب التجدد غير منحصر في الزنا ، إذ قد يكون من شبهة أو من رائحة أو غير ذلك من الأسباب التي لا يمكن حصرها ، ولا ظهور لحال المسلمة في نفيها ، فلو فرض الإيصاء بحمل جارية لا زوج لها ولا مولى يطؤها كما لو كانت مملوكة لامرأة فاتفق أنه جاءت به لدون الستة صحت الوصية ، وبعد العشر لم تصح ، وفيما بينهما البحث المفروض ولا فرق بين الخالية وغيرها في ذلك ، إذ خلوها من الزوج والمولى لاقتضى عدم حملها ، كما أنه لا يعتبر في موضوع المسألة كونها ذات زوج ، أو مولى قد وطأها ، بل المراد الوصية بحمل الأمة أو الدابة ، على تقدير وجوده من أين ما كان ، ولعل ذكر المولى في كلام المصنف لبيان احتمال تجدد الحمل ، لا لبيان أنه مملوك أيضا حتى يشكل ذلك بعدم تصور حمل مملوك يوصى به من المولى ، بناء على عدم ملك العبد كما هو واضح.

وكيف كان فالتحقيق في المسألة ملاحظة الأصول في جميع شقوقها ، والعمل على الحاصل منها بالنسبة إلى السبق على الوصية وعدمه حتى ملاحظة جهل التاريخ وعدمه من غير فرق بين الإنسان وغيره ، والخالية وغيرها ، ومعلومة الوصي قبل الوصية وغيرها ومع فرض الشك وعدم تنقيح شي‌ء منها بشي‌ء منها يحكم ببطلان الوصية ، ما لم يكن هناك عادة يحصل منها الاطمئنان المزبور على وجه يكون الاحتمال معه موهوما.

ولم أجد من استند إلى أصل الصحة في شي‌ء من أفراد المسألة حتى في صورة الوصية به بعد الاطمئنان بحصوله للإمارات العادية ، ثم حصل الشك بعد ذلك فيه وقد كان بين الأقل والأقصى ، مع وجود الزوج وعدمه مع احتمال ، وإن كان الشك المفروض في أصل وجود الموضوع فتأمل جيدا فيه ، وفي نظائره مما يقع على حسب مجرى العقلاء ، والمعتاد.

٣٣٤

ولو قال : إن كان في بطن هذه ذكر فله درهمان ، وإن كان أنثى فلها درهم فإن خرج أحدهما فلا إشكال وإن خرج ذكر أو أنثى فكان لهما ثلاثة دراهم أيضا للصدق أما لو قال : ( إن كان الذي في بطنها ذكر فـ ) له كذا وإن كان أنثى فكذا ، فخرج ذكر وأنثى ، لم يكن لهما شي‌ء لعدم الاندراج في عبارة الموصى التي قد فرض فيها الانحصار بمعنى كون المراد أن جميع ما في بطنها ، وكذا لو قال ما في بطنها أو حملها أو نحو ذلك ما هو ظاهر في كون الموصى له مجموع ما في البطن الذكر أو الأنثى ، فالفرض لم يذكره الموصى ، ولم يتعرض له ، بخلاف العبارة السابقة التي قد عرفت الحال فيها من أنه يعطي كل منهما نصيبه ، إلا إذا قامت قرينة على كون المراد منها ما يراد بالثانية ، فلا يعطيان حينئذ شيئا كما أنه لو قامت قرينة على كون المراد بالثانية ما يراد بالأولى أعطى كل منهما نصيبه ، ولو خرج في الصورة الأولى ذكران أو أنثيان أو هما معا ، ففي تخيير الوارث إعطاء نصيب الذكر أو الأنثى لأيهما شاء ، أو اشتراك الذكرين في الدرهمين ، والأنثيين في الدرهم ، أو الإيقاف حتى يصطلحا وجوه ، وفي المسالك الأول أجودهما ، لأن المستحق للوصية هو ذكر في بطنها أو أنثى في بطنها وهو صادق عليهما فيكون تعيينه للوارث ، كما في كل لفظ متواط ، ولا يتوجه هنا احتمال استحقاق كل واحد من الذكرين مثلا ما عين له ، لأن الموصى له مفرد نكرة فلا يتناول ما زاد على واحد بل كان بالنسبة إليهما متواط كما لو أوصى لأحد الشخصين أو الفقير أو نحو ذلك.

قلت : المفرد النكرة الذي لا يتناول ما زاد على الواحد على وجه ينافيه التعدد على حسب « لا رجل في الدار ، بل رجلان » يتجه عدم إعطاء شي‌ء لعدم اندراج الواقع فيما صدر من الموصى ، كما هو كذلك في الصورة الثانية ، لو جاءت بذكرين أو أنثيين إن كان المراد ما شمل ذلك باعتباره إرادة الجنس بقرينة المقابلة بالأنثى ، فيكون المتجه الاشتراك حينئذ في الموصى به ، وإن كان قد يحتمل غيره ، إلا أن ذلك هو الظاهر ، كما أن الظاهر ما ذكره من التخيير مع إرادة الواحد الذي لا ينافيه التعدد ، فإنه ينحل في الفرض إلى أن الوصية لأحدهما الذي لو فرض التصريح به في الوصية اتجه التخيير حينئذ فتأمل.

ولو ولدت خنثى مشكلا في الفرض أعطيت الأقل ، بناء على أنه ليس طبيعة ثالثة لأنه‌

٣٣٥

المتيقن هنا ، وأما احتمال عدم استحقاق شي‌ء لأنه ليس أحد الأمرين ، فواضح الضعف.

نعم لعله كذلك إذا لم يكن في الموصى به متيقن ، مع أن المتجه فيه الصلح أو القرعة لعدم تعيين المملوك له ، بل قد يحتمل ذلك أيضا فيما إذا كان في الموصى به متيقن ، ثم لا يخفى عليك أن الوصية بالحمل المعين كالوصية له فيجري فيه البحث السابق.

نعم لو سقط الأول بجناية جان ضمنه للموصى له ، بخلافه في الثاني ، الذي تبطل الوصية له بسقوطه ميتا وإن كان بجناية جان ، ضرورة مراعاة ملكه بخروجه حيا ولو سقط ميتا لنفسه تبطل فيهما كما هو واضح.

وعلى كل حال فقد ظهر لك أنه لا إشكال ولا خلاف في أنه تصح الوصية بالحمل المتحقق حال الوصية ، بل ولا إشكال أيضا ولا خلاف في الصحة بما تحمله المملوكة دابة أو أمة والشجرة لإطلاق أدلة الوصية ، فلا يقدح كونه معدوما حالها ، لأنه يكفي فيها احتمال الوجود فيما يأتي ، وإن لم يكن عن شأنه الوجود كالوصية بما يشتريه أو يتهبه في مستقل الأزمنة ، كما صرح به في جامع المقاصد بل هو مقتضى ما في القواعد من أن المراد بالوجود المعتبر في الوصية إمكان وجوده احترازا عما يمتنع وجوده ، ومرجعه في الحقيقة إلى عدم اشتراط الوجود.

ومن هنا ترك اشتراطه فيها بعضهم ، بل صرح آخر بعدم اشتراطه حال الوصية والأمر سهل بعد وضوح المراد بل ظاهرهم عدم الفرق في الوصية المزبورة بين العهدية والتمليكية ، وإن كان قد يشكل الثاني بعدم قابلية المعدوم الذي لم ينزله الشارع منزلة الوجود للتمليك ، وقد يدفع بأن الشارع قد نزله فيها أيضا منزلة الموجود ، مضافا إلى بناء الوصية على تعليق الملك ، وتأخره عن حال وقوعها إلى ما بعد الموت ، فلا يقدح تعليقها بما يوجد قبل الموت إن وجد ، بل وبعد الموت ، لعدم اعتبار مقارنة التمليك لوقوعها ، والعمدة في ذلك إطلاق الأدلة الذي مقتضاه أنه تصح الوصية بذلك.

كما تصح الوصية بسكنى الدار مثلا مدة مستقبلة مثلا ، إذ لا فرق في المنفعة المتجددة بين أن تكون عينا كحمل الشجرة والدابة وغيرها كركوب الدابة ، كما لا‌

٣٣٦

فرق بين المضبوط بمدة كالمتجدد في هذه السنة أو عشر سنين ، وبين المطلق وبين العام المتناول الجميع ما يتجدد منها ما دامت موجودة ، ولا في المضبوط بمدة بين المتصل بالموت والمتأخر ، كالسنة الفلانية من المتجددة ، والمراد بالعام المتناول لجميع المتجدد ما استفيد من الفظ يدل عليه ، كقوله كل حمل تجدد ، أو كل ثمرة يتجدد أو نحو ذلك ، ولو كانت بما في المتن.

ففي المسالك بني على أن « ما » الموصولة للعموم أم لا؟ ومع الشك فالواحد معلوم ، والأصل عدم الوصية في غيره ، وفيها أيضا أنه يبقى بحث آخر ، وهو أن الحمل المتجدد يدخل في هذه العبارة قطعا لأنها بصيغة المضارع ، وهل يدخل الموجود حال الوصية يبني على أن المضارع هل هو مشترك بين الحال والاستقبال أم يختص بأحدهما حقيقة وهو في الآخر مجاز؟ فيه خلاف بين الأصوليين والنحويين ، وعليه يتفرع الحكم والأقوى دعم دخول الموجود للشك في تناوله للحال ورجحان الاشتراك الموجب لعدم حمله على المعنيين على المختار عند الأصوليين ، وبالجملة فالمسألة مشكلة المأخذ جدا.

قلت : قد يقال على الأول أنه يمكن إرادة العموم ، وإن لم نقل بأن « ما » الموصولة له ، باعتبار اقتضاء تمليك الطبيعة ، لا بشرط جميع أفرادها على ما هو مقرر في نحوه ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) والكلب نجس ، وغير ذلك من الأحكام المقتضية ذلك ، بخلاف مثل الأمر المقتضي تحقق الامتثال به بفرد واحد.

ومن هنا احتمل في جامع المقاصد إرادة العموم بالوصية المطلقة ، وإن استضعفه واكتفى بالفرد الواحد ، لكنه لا يخلو من قوة ، وعلى الثاني بأن مقتضى الاشتراك في المضارع التوقف ، أو الرجوع إلى القرعة ، لا التخصيص بالمتجدد.

نعم قد يقال : إنه المنساق عرفا في مثل الفرض والله العالم.

وعلى كل حال فقد ظهر لك من ذلك أنه لو أوصى بخدمة عبد ، أو ثمرة بستان ، أو سكنى دار ، أو غير ذلك من المنافع سواء كانت أعيانا أو غير أعيان على التأبيد ، أو مدة معينة صح من غير خلاف فيه عندنا ، ولا إشكال ، ولا‌

٣٣٧

يشكل ذلك بأنها ونحوها ليست من تركة الميت ، ولا من أملاكه ، بل هي نماء التركة التي يملكها الوارث بالموت ، ولذا لم تقض ديونه منها ، لأنه يدفعه بأنها تكون للوارث ، إذا لم يوص بها الميت ، وإلا خرجت ، ضرورة أنه للمالك الموصى التسليط عليها ، باعتبار ملكه العين وقد استفاضت النصوص (١) أنه أحق بماله ما دامت الروح فيه ، فيصنع به ما شاء ولذلك كان له إجارة الأعيان ، وبيع نمائها مدة تزيد على عمره ، على أنه لو سلم عدم كونها من أعيان التركة ، ولا من توابعها ، إلا أن لها كمال المدخلية في قيمتها ، بل هي في الحقيقة عبارة عنها ، فإذا فرض أنه أوصى بالمنافع المتجددة ، فقد نقص الأعيان على الوارث فيضمنه في ثلثه ، لأن كل نقص يدخل على الوارث بسبب وصية الموصى يدخل على الثلث.

إنما الكلام في طريق معرفة ذلك ، وهو في المدة المنقطعة واضح ، ضرورة تقويم العين مسلوبة المنفعة تلك المدة وغير مسلوبتها ، وينظر التفاوت ، ويخرج من الثلث.

أما المؤبدة فللأصحاب طرق ثلاثة في ذلك ، أحدها تقويم العين بتمامها على الموصى له ، واحتساب ذلك من الثلث ، لعدم قيمة لها مسلوبة المنفعة ، ولتعذر معرفة المؤبدة بغير ذلك ، ولدوام الحيلولة بين الوارث والعين ، وهو بمنزلة الإتلاف ، ولذا ضمن به الغاصب جميع القيمة ، فليس إلا الطريق المزبور ، وإن كانت العين على ملك الوارث ، ويضعف بأن ذلك لا يخرج العين عن التقويم أصلا ، فإنه لا بد أن تبقى لها منفعة تعود إلى الوارث كالعتق في العبد ، وأكل اللحم في الشاة لو أشرفت على الموت فذبحت نحو ذلك ، وفرق واضح بين الموصى له الذي هو كالمستأجر ، والغاصب الآخذ باليد العادية مع إمكان الالتزام به أيضا مدة معينة.

نعم لو فرض أن لا نفع في العين أصلا على وجه لا قيمة لها مسلوبة المنافع اتجه ذلك ، لكنه فرض نادر ، بل ليس مفروض البحث ، ومن ذلك يظهر أن المتجه القول الثاني الذي هو تقويم العين مسلوبة المنافع الموصى بها ، وإن قلت القيمة وتقويمها غير مسلوبة ، وينظر التفاوت ، ويخرج من الثلث ، لكون العين للوارث وله بعض المنافع فيها من حيث الملك ، وبذلك تكون‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب أحكام الوصايا.

٣٣٨

ذات قيمة ، فلا معنى ، لاحتسابها من الثلث والفرض أنها لم تفت على الوارث ، كما أنه لا معنى لعدم احتسابها على واحد منهما ، وهو القول الثالث ، وإن وجه بعدم كونها للموصى له كي تحتسب عليه ، وعدم قيمة لها كي تحتسب على الوارث ، لكن لا يخفى عليك ما فيه ، بعد ما عرفت ، كما أنه لا يخفى عليك ما يتفرع على ذلك من الوصية لرجل بالرقبة ، ولآخر بالمنفعة مؤبدا ، ومن الوصية بالعين ، وإبقاء المنفعة للورثة وغير ذلك في الاحتساب وعدمه والله العالم.

وكيف كان فما في المتن من أنه لو أوصى بخدمة عبد إلى آخر ما سمعت قومت المنفعة فإن خرجت من الثلث ، وإلا كان للموصى له ما يحتمله الثلث لا بد من تنزيله على إرادة تقويم المنفعة بأحد الطرق السابقة لا أن المراد تقويم نفس المنفعة من دون ملاحظة العين مسلوبة وغير مسلوبة ، لما عرفت من أن المضمون عليه في الثلث النقص الذي ادخله على العين بسبب الوصية بالمنفعة لا المنفعة نفسها ، فإنها ليست من التركة ، فلا يعد الوصية بها إتلافا لبعض التركة ، كي يحتسب عليه من الثلث.

ومن هنا قد كانت الوجوه السابقة على ما سمعت ، بل لا فرق في ذلك بين الوصية لتمام المنفعة أو بشي‌ء منها وبين المؤبدة وغير المؤبدة ، فما عساه يظهر من قواعد الفاضل من الفرق حيث جعل التقويم في الوصية باللبن له دون العين في غير محله وإن علله في جامع المقاصد بأن اللبن نفسه عين ، وإن عد منفعة عرفا.

لكن قد عرفت أن المدار التجدد لا ذلك ، ولذا لم يفرق المصنف بين خدمة العبد وثمرة البستان وغيرها في ذلك ، كما هو واضح ، ولو لم يكن له غير العبد الذي أوصى بخدمته مؤبدا مضت وصيته في ثلثه خاصة ، لكن هل يعطى من المنفعة مدة تقابل مقدار الثلث ، ثم يرد إلى الورثة ، أو يكون له منها ما يقابل الثلث مؤبدا ولو عشر المنفعة أو أقل؟ وجهان : أقواهما الثاني : والله العالم.

وعلى كل حال فـ ( إذا أوصى بخدمة عبده ) أو دابته مدة معينة فنفقته على الورثة بلا خلاف ولا إشكال لأنها في النص والفتوى‌

٣٣٩

تابعة للملك المفروض كونه للوارث ، بل الظاهر كونها كذلك في المؤبدة ، وإن توقف فيه الفاضل في القواعد مما عرفت ، ومن كون الموصى له قد ملك المنفعة فكان كالزوج بل هي المقابلة للمنفعة ، إذ من كان النفع له ، كان الغرم عليه ، وإلا لاقتضى الإضرار بالوارث كل ذلك مضافا إلى أصالة البراءة المقتصر في الخروج منها على المتيقن ، وهو المملوك ملكا تاما ، بل لعل الفرض لا يندرج في المنساق من المملوك.

ومن هنا قيل بكون النفقة على الموصى له ، لكن فيه أن بعض ما ذكره وارد في الموقتة أيضا مشترك الإلزام ، ضرورة عدم اندراج الموصى له في المنساق أيضا ، مع أن الأصل براءة ذمته ، وفرق بينه وبين الزوج الواجب عليه النفقة مع الدليل عوض التمكين من الاستمتاع خاصة ، بل هو أشبه شي‌ء بالعين المستأجرة.

ومن هنا احتمل أو قيل بكون النفقة من بيت المال مطلقا أو إذا عجز كسبه عنه إلا أن الجميع كما ترى اجتهاد في مقابلة إطلاق ما دل على وجوب الإنفاق على المالك الذي هو الوارث قطعا ، ولا ينافيه عدم التسلط على المنفعة ، وليس ذلك من الضرر المنفي في الشريعة ، بل هو كنفقة الحيوان الذي بطل الانتفاع به ، مع أنه متمكن من إزالته بالعتق مثلا ، والقياس على الزوج ليس من مذهبنا ، مع أنه مع الفارق ، وبيت المال معد لغير ذلك ، والحكم بأخذ النفقة منه متوقف على الحكم بعدم كونها على أحد ، وهو محل البحث.

نعم قد يتجه أخذها منه لو أعتق ، وفرض عدم حدوث مال له باتهاب ونحوه فإنه حينئذ عاجز لمملوكية منافعه ، وعدم المالك له ، وأما لو كان له مال أنفق عليه منه لأن الحر القادر نفقته عليه ، إلا في الزوجة ، هذا.

وفي القواعد لو أسقط الموصى له الخدمة أي الموصى بها مطلقة أو موقتة فللوارث.

قلت : لعل وجهه إن ذلك من الحقوق التي تسقط بالإسقاط ، ولما في جامع المقاصد من أن مناط المنافع المذكورة الذمة ، وإن تعلقت بالرقبة كما لو استأجره على وجه خاص ، ثم أبرأ ذمته أو أسلفه في حنطة وشرط كونها من حنطة بلد ، ثم أبرأ ذمته حينئذ ، فيكون حقا للوارث ، لأن ما يوهب للعبد فهو لسيده.

٣٤٠