جواهر الكلام - ج ٢٨

الشيخ محمّد حسن النّجفي

الموت شيئا ينقض الوصية ، بل قيل : إنه أنسب بأسلوب الكلام ، وتذكير الضمير المستتر في الفعل ، ولعدم التنافي بين الروايات وتنزيلها أيضا على ما إذا نقض الموصى الوصية بعد موت الموصى له ، وكون المراد الوصاية لا الوصية التمليكية ، وغير ذلك مما يظهر منه أن المقام مقام ترجيح وطرح ، لا مقام جمع لانتفاء التعادل الذي هو شرط فيه ، على أنه لو سلم فهو يقتضي التأويل في المحتمل دون النص الذي لا يقبل التأويل ، كما هو واضح.

وسوى أن وارث الموصى له إنما يرث ما كان له ، والمال قبل قبوله للموصى الذي لم يصدر إلا عطية للموصى له ، فيكف يرث وارثه مال شخص آخر ، وكيف يقبله له ، مع أن الإيجاب وقع لغيره ، وهو الذي قد أشرنا إلى أنه اجتهاد في مقابلة النص ، مع أنه يمكن دفعه فيما لو مات الموصى له بعد الموصى وقبله الوارث لمورثه الذي هو الموصى له ، وقلنا : إن القبول كاشف ، فإنه ينكشف حينئذ بالقبول من الوارث القائم مقام مورثه دخوله في ملك الموصى له حين موت الموصى ، فيرثه الوارث حينئذ ، لكن الحق خلاف ذلك كله ، وأن الوارث ينتقل إليه المال من الموصى ، وإن قلنا بالكشف في قبول الموصى له بعض ما عرفت مما هو مفقود في المقام ، ضرورة ظهور الدليل في ملكية الوارث له بموت الموصى ، وإن قيدناه بالإجماع بحصول القبول منه لذلك ، ولا وجه للكشف بالنسبة إليه لأن الفرض كون الموصى له قد مات بعد الموصى ، فكيف يكون قبول الوارث كاشفا عن ملكه للمال حين موت الموصى ، والموصى له موجود؟

ودعوى أن القبول منه للميت الذي يموته خرج عن قابلية إدخال شي‌ء في ملكه ، ابتداء لا شاهد عليها ، كما لا وجه لدعوى الكشف حين موت الموصى له ، مع أن السبب الملك ذكر للموصى له حين موت الموصى ، فليس حينئذ إلا القول بأن قبول الوارث مملك حين حصوله.

ومن هنا قال المصنف وغيره :

(فرع )

لو أوصى بجارية وحملها لزوجها أو غيره وهي حامل منه فمات الزوج قبل القبول كان القبول للوارث لما عرفت فإذا قبل ملك الوارث الولد ، إن كان ممكن يصح له تملكه ولا ينعتق على الموصى له ، لأنه لا يملك بعد الوفاة ، ولا‌

٢٦١

يرث أباه ، لأنه رق مملوك للوارث إلا أن يكون ممن ينعتق على الورثة ويكونوا جماعة فيشاركهم فيرث حينئذ لعتقه قبل القسمة لكن غير أمه التي لم تدخل في ملك أبيه ، بل انتقلت إلى الوارث من الموصى ، فليست هي حينئذ من تركته حتى يشارك الوارث فيها نعم هو شريكه في مال الموصى له.

وما عن الشيخ ـ من أنه لا يرث مطلقا ، وإلا لاحتيج إلى قبوله ، ولا يكون وارثا إلا بالقبول ، فيلزم الدور ـ فواضح الضعف ضرورة صيرورته وارثا بقبول غيره ممن هو الوارث حال موت الموصى له لأنه هو المعتبر قبوله ، لا من تجدد إرثه ، كما هو واضح نعم لو كان الوارث واحدا فلا إرث له ، وإن انعتق على الوارث لو قبل ، لعدم موضوع الاحتياج إلى القسمة الذي هو شرط إرثه ، كما هو محرز في محله ، هذا كله بناء على ما ذكرناه من أن قبول الوارث ناقل من حينه ، ولو قلنا بكشفه عن دخول الموصى به في ملك الموصى له حين موت الموصى ، اتجه حينئذ انعتاقه على أبيه ، وارثه لأمه وانعتاقها عليه كما هو واضح.

هذا كله إذا كان للموصى له وارث خاص ، فإنه كما عرفت يقوم مقامه ، أما إذا لم يكن ففي محكي التنقيح أن الأكثر رجوع المال حينئذ إلى ورثة الموصى ، وفي الدروس نسبته إلى المعظم ، وفي المصابيح إلى الشيخين والفاضلين ، ولعله للاقتصاد فيما خالف الأصل على المتيقن ، وهو الوارث الخاص ، لكن فيه أن‌ في الصحيح ، أو الحسن (١) « فإن لم تجد فتصدق به » وعن السرائر أنه لإمام المسلمين ، وهو متجه لو لا الشذوذ الذي اعترف به في الدروس.

اللهم إلا أن يمنع عليه باعتبار الأكثر الوارث الشامل له عليه‌السلام والأمر بالتصدق به في الصحيح المزبور الذي افتى به الصدوق وابن سعيد على ما قيل لا ينافيه ، بل يأكده باعتبار أن المال له ، وقد أذن بالصدقة به ، بل في مصابيح الطباطبائي أن بذلك يحصل التوافق بين قول ابن إدريس وقول الصدوق وابن سعيد ، ثم قال : وهو الأقوى ، هذا.

ومن الغريب ما حكاه فيها عن بعض شراح الحديث أنه قد استفاد من نصوص المقام أن‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٢.

٢٦٢

الوصية للأنبياء والأئمة عليهم‌السلام تصرف إلى أولادهم وذريتهم ، لأنها دلت على انتقال حق القبول إلى الوارث إذ لا يخفى ما فيه ، من أن مورد الأخبار وجود الموصى له حال الوصية ، فلا يتعدى إلى غيره.

ولا تصح الوصية بصرف مال مثلا في معصية بلا خلاف أجده فيه ، كما اعترف به غير واحد ، بل يمكن تحصيل الإجماع عليه ، كما أنه يمكن منع اندراجه في أدلة المقام فيبقى على أصالة المنع مضافا إلى عدم إمكان تنفيذها ، فهي كالوصية بغير المقدور ، لأن الممتنع شرعا كالممتنع عقلا ، وإلى ما كان منها مندرجا في المعاونة على الإثم المنهي عنها في الكتاب العزيز (١) كمساعدة الظالم على ظلمه ـ ونحوها بل قد يقال : إن الوصية بصرف المال في المعصية معصية ، ضرورة كونها كبذل المال فيها وإن تولى الصرف غير الباذل ، وإلى‌ الخبر (٢) « سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله تعالى ( فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ ) الآية فقال : نسختها التي بعدها ( فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً ) قال : يعني الموصى إليه إن خاف جنفا من الموصى فيما أوصى به إليه مما لا يرضى الله تعالى من خلاف الحق فلا إثم عليه أي على الموصى إليه أن يبدله إلى الحق ، وإلى ما يرضي الله تعالى به من سبيل الحق ».

ونحوه‌ المرسل (٣) المضمر عنه عليه‌السلام « أنه تعالى أطلق للموصى إليه أن يغير الوصية إذا لم تكن بالمعروف وكان فيها جنفا ويردها إلى المعروف ، لقوله تعالى ( فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) » وإلى غيره مما يستفاده منه عدم صحة الوصية بغير الحق ، والظاهر إرادة التخصيص من النسخ في الخبر الأول ، كما أن الظاهر إرادة ما لا ينافي البطلان من التبديل إلى الحق ، لا أن المراد تبديل الوصية بتعمير الكنيسة مثلا إلى تعمير المسجد ، والوصية بإعانة الظالم على ظلمه إلى إعانة المطيع من حيث هو كذلك ، ضرورة عدم الدليل على ذلك ، بل ظاهر الأدلة خلافه ، وإن كان قد يتوهم من ظاهر الخبرين ، إلا أنه بمعونة الاتفاق ظاهرا على خلاف ـ ، ذلك يمكن حمله على إرادة الوصية بالثلث أولا مثلا ثم الوصية بخلاف الحق ،

__________________

(١) سورة المائدة الآية ـ ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٢.

٢٦٣

فإنه حينئذ يتجه التبديل إلى الحق ، أما في غير ذلك فليس إلا البطلان الذي يمكن أن يكون أيضا من التبديل إلى الحق ، لأن المراد منه إرجاعها إلى ما يقتضيه الشرع ، وهو مختلف كما عرف فتدبر.

ثم لا فرق في استفادة الحكم المزبور وغيره من آية « ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ ) (١) » إلى قوله ( غَفُورٌ رَحِيمٌ ) بين القول بكونها منسوخة بآية المواريث (٢) والقول بكونها غير منسوخة لعدم التنافي بين الإرث والوصية للوارث ، فإن حكم الوصية وعدم جواز التبديل إلا مع الجنف مستفاد على كل حال ، كما أن الظاهر عدم اعتبار المال الكثير في رجحان الوصية لإطلاق لفظ الخبر المراد به المال ، ولم يثبت تقييده بذلك ، بل ولا خصوص الوالدين والأقربين ، وإن كانوا أولى من غيرهم ، بل المراد مطلق الوصية بالمعروف.

وأما الحصر في الآية فيحتمل إرادة إثم التبديل منه ، على معنى أن الإثم للتبديل على المبدل ، دون الموصى ، لأنه (٣) ( لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ) ويحتمل إرادة حصر إثم الموصى له في المبدل ، دون الميت الذي ارتفع الإثم عنه بوصيته فيه وربما يشهد له‌ النبوي (٤) « من حضره الموت فوصى وصية على كتاب الله كان كفارة لما منع من زكاته في حياته » بل وغير ذلك من الوجوه الاعتبارية ، ولتمام الكلام في الآية محل آخر والله العالم.

وكيف كان فلو أوصى بمال للكنائس التي هي معابد النصارى ومحال سبهم للحق وأهله والعبادات الفاسدة البيع التي هي لليهود كذلك أو كتابة ما يسمى الآن توراة وإنجيلا وليس كذلك ، لأنه قد حرف جمله منهما وبه كانا من كتب الضلال أو في مساعدة ظالم على ظلمه بل فاسق على فسقه بطلت الوصية لما عرفت ، وإن قلنا بجواز الوصية لليهود مثلا.

والضابط أن كلما جاز له فعله حال الحياة جاز له الوصية به ، وكلما لم يجز له ذلك لم يجز له‌

__________________

(١) سورة البقرة الآية ١٨٠ ـ ١٨٣.

(٢) سورة النساء الآية ـ ١٢.

(٣) سورة الأنعام الآية ـ ١٦٤.

(٤) صحيح ابن ماجة ج ٢ ص ٩٠٢ الحديث ٢٧٠٥.

٢٦٤

الوصية به ، وبذلك يفرق بين المعابد وغيرها ، كالقنطرة والخان ، ونحوهما وبين كتابة التوراة مثلا للنقض وغيره ، وقد تقدم في الوقف في نظير المسألة ما له نفع في المقام ، بناء على اعتبار القرية فيه ، فلاحظ ولا فرق في ذلك كله بين المسلم والكافر المشتركين في الفروع عندنا.

نعم قد أمرنا بإقرار أهل الذمة منهم على ما عندهم من الأحكام ، وليس ذلك حكما بالصحة ، وبه يجمع بين من أطلق البطلان كالماتن ونحوه ، وبين من خص ذلك بما إذا كان الموصى مسلما ، والأمر سهل.

وكيف كان فقد عرفت فيما تقدم أن الوصية عقد جائز من طرف الموصى فله الرجوع بها حينئذ ما دام حيا ، سواء كانت بمال أو ولاية بلا خلاف بل الإجماع بقسميه عليه ، بل النصوص فيه مستفيضة أو متواترة.

لكن إطلاق العقد عليها بناء على اعتبار الموت في صحة قبولها نوع مسامحة ، إذ هي ما دام حيا ليست إلا إيجابا ، أما بناء على صحته منه في الحياة ووقع منه فصدق العقد عليها حينئذ حقيقة ، ولعل ذلك هو المراد للمصنف ، ويستفاد حكم الإيجاب وحده حينئذ بطريق أولى ، وإن كان قد عرفت فيما تقدم الإشكال في كونها من العقود المتعارفة من غير هذه الجهة ، فلا حظ وتأمل.

وخص الموصى مع أن حكم الجواز مشترك بينهما في الجملة ، لبيان أنها بالنسبة إليه لا تكون إلا جائزة ، سواء حصل لها قبول أولا ، بخلافها بالنسبة إلى الموصى له ، فإنها قد تكون جائزة كما في حال الحياة حصول منه قبول أو لا ، وبعد الوفاة قبل القبول أو بعده قبل القبض ، بناء على اعتباره في الملك ، ولا زمه بعد الوفاة والقبول والقبض ، أو الأولين فقط بناء على عدم اعتبار القبض في الصحة واللزوم ، كما هو الأصح على ما عرفته سابقا والله هو العالم.

ويتحقق الرجوع من الموصى بالتصريح به لفظا بلا خلاف نحو رجعت أو نقضت ، أو فسخت ، أو لا تعطوه ما أوصيت به له ، أو بما يفيده ظاهرا أيضا نحو : هذا لوارثي ، أو ميراث عني أو حرام على الموصى له ، أو نحو ذلك مما يستلزم بطلان الأولى ، خلافا لبعض الشافعية ، فلم يبطلها بالمثال الأول ، قياسا على عدم البطلان فيما لو أوصى‌

٢٦٥

بعين لزيد ثم بها لعمرو ، بل يشتركان فيها.

وفيه : مع بطلان القيام منعه الحكم في المقيس عليه ، ضرورة التضاد بينهما لامتناع حصول الملك لكل منهما ، والطارية رافعة لحكم الأولى عرفا بل شرعا ، لأن العمل بالوصية واجب ولا يمكن إلا بالرجوع عن الأولى المشروع في نفسه بخلاف الثانية.

نعم لو نص على التشريك أو دلت عليه قرينة عمل به ، بل في جامع المقاصد « وكذا لو دلت قرينة على صدور الوصية الثانية لنسيان الأولى ، وأنه لم يرجع عنها فان العمل بالأولى حينئذ وإن كان لا يخلو من نظر كما ستعرف.

نعم لو قال : من تركتي لم يكن رجوعا على الأقوى ، لأن الموصى به من جملتها ، ودعوى اختصاصها بما كان حقا للوارث بالإرث ممنوعة.

ولو أوصى له بألف ، ثم أوصى له بألف ففي القواعد هي واحدة ، وكذا بألف معينة ثم بألف مطلقة وبالعكس ، ولو أوصى بألف ثم بألفين ، فهي ألفين ، ووافقته عليه في جامع المقاصد ولكن لا يخلو من تأمل مع فرض عدم القرينة ، لأصالة التعدد في الاستثناء الذي لا يتصور في تكراره التأكيد. نعم هو كذلك في الإقرار فتأمل جيدا.

وعلى كل حال فالرجوع يتحقق بذلك أو بفعل ما ينافي الوصية ، فلو باع ما أوصى به أو أعتقه أو أوصى بيعه ، أو وهبه وأقبضه أو رهنه كذلك أو كاتبه كان رجوعا لاقتضاء البيع والهبة مع القبض والعتق نقل الملك وإزالته المنافي كل منهما لبقاء الوصية ، والرهن منع الراهن من التصرف وتسلط المرتهن على استيفاء حقه من القيمة المنافي لمقتضى الوصية الذي هو الملك تاما بالموت والقبول ، وليس هو كالوصية بالمرهون المنزلة على إرادة العهدية على تقدير الفك ، وإفضاء الكتابة إلى انقطاع السلطنة عليه ، التي من جملتها الوصية به وما عن بعض العامة ـ من أن البيع ليس رجوعا ، لأنه يتضمن أخذ البدل ـ واضح الضعف.

إنما الكلام في اقتضاء هذه الأمور الرجوع ـ للتنافي ، بل هو في الحقيقة ليس رجوعا ، بل بطلان للوصية بانتفاء محلها انتقاله عن ملك الموصى ، ومن هنا يتجه البطلان حتى لو صدر‌

٢٦٦

ذلك منه نسيانا للوصية ، أو الدلالة على قصد الرجوع ، نحو ما ستسمعه من التعريض لما هو مناف للوصية وتظهر الثمرة حينئذ في البطلان بما أوقعه من البيع ، وإن ظهر فساده ، لكن ستعرف المناقشة في دلالة ذلك ونحوه على إرادة إنشاء الرجوع.

وأما الوصية ببيعه فالظاهر الرجوع بها لمنافاتها لمقتضى الوصية الأولى الذي هو الملك بالموت فهو كالوصية به لزيد ، ثم الوصية به لعمرو ، الذي قد عرفت الكلام فيه.

لكن في المسالك إنها من فعل ما يدل على إرادة الرجوع ـ نحو مقدمات الأمور التي لو تحققت لنا قضت الوصية كالتعريض للبيع ونحوه مما هو ناقل للملك أو مزيل له نعم لو دلت قرينة ـ على عدم إرادة الرجوع بذلك وأنه لغرض آخر عمل عليها وإلا ـ حمل على الرجوع عملا بظاهر حال العاقل ، وقد جعل منه الهبة قبل القبض ، وكذا الرهن بناء على اعتباره فيه.

وفيه أن أقصى ذلك كون الموصى قد قصد شيئا لو تحقق لأبطل الوصية قهرا ، ولا دلالة في ذلك على إرادته إنشاء الرجوع ، بعد احتماله وجوها متعددة ، ودعوى ظهور حاله في ذلك ممنوعة ، ولو سلم فلا دليل على صحته في مثل المقام.

نعم قد يقال : إن الهبة قبل القبض والرهن كذلك من المنافي فإنهما وإن لم يحصل بهما الملك والرهن ، إلا أن الأعداد لذلك مناف أيضا فإن الموصى به ينافيه تعلق عقد الهبة به مثلا ، فيكون حينئذ من القسم الأول ، مع أنه لا يخلو من نظر أو منع أيضا خصوصا مع ملاحظة استصحاب الوصية.

وكذا النظر فيما ذكره غير واحد أنه به يتحقق الرجوع وهو لو تصرف ( في الموصى بـ ) ه‍ تصرفا أخرجه عن مسماه ، كما إذا أوصى بطعام فطحنه أو بدقيق فعجنه أو خبزه لأنه كتلف محل الوصية المقتضى لبطلانها من غير حاجة إلى قصد ، بل لو وقع ذلك نسيانا منه أبطلها ، بل الظاهر كونه كذلك أيضا إذا وقع لا بفعله ، فإنه وإن كان جيدا لكن ينبغي تقييده بما إذا علم أن الموصى به من حيث كونه مسمى باسم خاص ، بخلاف ما إذا علم كون الوصية به من حيث الذات التي لا تبطل الوصية بها حينئذ مع تغير حقيقتها ، فضلا عن تغيير أحوالها التي تتغير به أسماؤها أما إذا لم يعلم الحال كما لو اقتصر على حنطتي مثلا لزيد بعد‌

٢٦٧

وفاتي ، فهو وإن كان قاعدة دوران الحكم مدار الاسم تقتضي بطلان الوصية بانتفائه ، نحو قول السيد لعبده آتني بحنطة ، فإنه لا يمتثل بإتيان الدقيق ، لكن قد يقال : أن ظاهر التمليك عرفا يقتضي تعلقه بمسمى الاسم ، لا من حيث التسمية به ، وحينئذ يكون المتجه عدم بطلانها بانتفاء الاسم ، من غير فرق بين أن يكون ذلك بفعله أولا بفعله.

ودعوى ظهور الأولى في الرجوع لا من حيث انتفاء الاسم ، بل من حيث أنه لو كان باقيا على وصيته لم يغيره عن الحال الأول واضحة المنع.

ومن ذلك يظهر لك ما في كلام ثاني الشهيدين ، في المسالك وغيره الذي لا يكاد يلتئم أطرافه ، فإنه قد علل البطلان بانتفاء الاسم أولا ، ثم اعترف بعد ذلك بعدم البطلان لو فعل الموصى ذلك لمصلحة العين لدفع الدور عنها ونحوه ، وبعدمه أيضا لو كان قد فعله من غير إذنه ، مع أنه إذا كان المدار انتفاء الاسم يتجه البطلان مطلقا.

نعم يتجه الفرق بذلك لو كان منشأ البطلان دعوى دلالة الفعل المزبور على الرجوع ، وقد عرفت منعها ، كما أنه بذلك يظهر لك أولوية عدم البطلان فيما لو علق الموصى وصيته باسم الإشارة ونحوه ، مما لم يذكر فيه الاسم ، فقال : هذه لزيد بعد وفاتي ، أو ما في البيت لزيد بعد وفاتي ، فإنه لا اسم حينئذ قد علق عليه الوصية ، كي تنتفي بانتفائه بل لو جمع الاسم والإشارة أمكن الترجيح للثانية ، بالاستصحاب وغيره ، وإلى نحو ذلك أشار في التذكرة وإن توهم في جامع المقاصد والمسالك عليه أنه في التذكرة يفرق بين الوصية بالمعين والمطلق ، فتصح الوصية بالأول وإن تغير الاسم ، بخلاف الثاني فإن الوصية بالمعين والمطلق ، فتصح الوصية بالأول وإن تغير الاسم ، بخلاف الثاني فإن الوصية تبطل بمجرد تغير ما عنده من أفراده لو كان ، وهو شي‌ء لا ينبغي أن ينسب إلى أصاغر الطلبة فضلا عن العلامة خصوصا البطلان في المطلق الذي لا وجه له ، ضرورة وجوب تنفيذ الوصية على كل حال ، سواء كان في التركة له فرد وقد تغير ، أو لم يكن كما هو واضح هذا.

مع أنه في التذكرة ما صدر منه إلا نحو ما في الكتاب مما هو ظاهر في المعين ، ولو باعتبار عود الضمائر كما اعترف به في المسالك بالنسبة إلى المتن وليس في كلامه التعرض للمطلق أصلا.

٢٦٨

نعم ذكر بعد ذلك ما قلناه من تعلق الوصية باسم الإشارة ونحوه ، ثم قوى عدم بطلان الوصية فيه ، معللا له بأنه لا اسم كي تنتفي بانتفائه ، فلا حظ فتأمل.

وكذا الكلام فيما لو أوصى بزيت مثلا فخلطه بما هو أجود منه ، أو بطعام فمزجه بغيره كذلك حتى لا يتميز فإنه أيضا قد ذكر غير واحد كونه رجوعا ، بل في المسالك ظاهرهم القطع بذلك لتجدد وصف لم يحصل الرضا ببذله ، مع عدم إمكان الفصل ، ولكونه كالتلف ، ولدلالة هذا الفعل عرفا على الرجوع.

لكن في الأول منع اقتضائه البطلان ، ضرورة بقاء عين الموصى بها في نفس الأمر ، وعدم تمييزها لا يقتضي بطلانها عرفا ولا شرعا ، ولا ينافي قبول تمليكها فإذا ملكها الموصى له شاركه بنسبة القيمة ، فلم يحصل وصف للموصى له ولم يوص به ، ودعوى كونه كالتلف كدعوى الدلالة واضحة المنع ولذلك اعترف غير واحد بعدم البطلان ، بالخلط بالمساوي والأردى ، معللا له في المسالك في المزج بالأردى بكون القدر الناقص بمنزلة إتلاف الموصى له ، فيبقى الباقي على الإيصاء الأول ، وبعدمه أيضا لو خلطه غيره بغير إذنه ، أو اختلط بهيلان لنفسه ونحوه ، ولو كان ذلك تلفا لم يفرق بين الجميع كما أنه لو كان فيه دلالة على الرجوع لم يفرق بين الأجود وغيره ، والمتجه عدم اقتضاء شي‌ء من ذلك الرجوع ما لم تقم قرينة تدل عليه ، ويشارك الموصى له بنسبة القيمة في الأجود والأردى ، من غير فرق في ذلك بين كون الموصى به زيتا معينا أو طعاما كذلك أو صاعا من صبرة معينة فمزجها بغيرها.

وبذلك يظهر ما في كتاب من كتب الأصحاب حتى الفاضل في القواعد الظاهر منه الفرق بين المعين ، والصاع من الصبرة ، والخلط في الأول مطلقا رجوع بخلاف الثاني ففيه التفصيل المزبور وهو غريب.

وكذا يظهر لك الوجه فيما في غير كتاب أيضا من قول أما لو أوصى بخبز فدية فتيتا لم يكن ذلك رجوعا بناء على ما ذكرناه. نعم قد يشكل ذلك بناء على ما سمعته منهم ، ضرورة تغير الاسم بذلك ، اللهم إلا أن يفرض عدم تغيره ، بأن يقال له خبز مدقوق ، أو يدعي أن مثل هذا الفعل لا يقتضي الرجوع ، بخلاف الأفعال السابقة.

لكن الأخير كما ترى ، فإن الدق كالطحن والعجن ونحوهما مما يقتضي إرادة الانتفاع به.

٢٦٩

للأكل ونحوه مما ينافي الاستمرار إرادة الوصية فإن كان مثل ذلك يقتضي الرجوع فهو في الجميع ، وإلا فلا ، وإن كان قد يمنع دلالة ذلك على إرادة الأكل ونحوه ، وبعد التسليم قد يمنع اقتضاء ذلك إنشاء الرجوع والفسخ للوصية ، فإنه يمكن اجتماع الاستدامة عليها مع هذه الإرادة ، إلا إذا كان المقصود إبطالها بالأكل أو لم يخطر له ذلك بباله.

وبالجملة الفسخ كالعقد لا بدل له من إنشاء إرادة له سواء كان بفعل أو قول ، فتأمل جيدا فإنه دقيق ، ومنه ينقدح لك النظر في كثير من كلماتهم في المقام بل من التأمل فيما ذكرناه هنا تعرف ما في كثير مما أطنبوا به من الأمثلة وغيرها ، ولو رجع عن المصرف بأن أوصى لزيد بعين ثم لعمرو بأخرى وقصر الثلث ، ثم أوصى بالأولى لبكر ، فالأقرب تقديم وصية عمرو على الوصية لبكر لتقدمها عليها فيدخل النقض على المتأخرة ، وإن كان لو لا رجوعه عن الأولى لكان النقض عليها لأنها المتأخرة والله هو العالم.

الفصل الثاني في الموصي : ويعتبر فيه كمال العقل الجاري مجرى غالب العقلاء والحرية فلا تصح وصية المجنون ـ مطبقا كان أو أدوارا ، إذا كان قد أوصى حاله ، بلا خلاف ولا إشكال لسلب عبارته.

نعم لا تنفسخ بعروضه كالإغماء ونحوه مما لا عقل معه ، وإن استمر إلى الموت للأصل وكونها عقدا جائزا لا يقتضي مساواتها له في كل شي‌ء ، ولذا كان الموت محققا لها من طرف الموصى لا فاسخا بخلاف باقي العقود الجائزة ، وتصريح الأصحاب بصحة وصية ذوي الأدوار كالنص على الصحة ، وإن تعقب الجنون ، على أن الأصحاب إنما اشترطوا العقل لا استمراره ، بل صرح بعضهم كثاني الشهيدين والمحققين بعدم اشتراطه ، بل عن الأول منهما أن في صحيح أبي ولاد تنبيها على ذلك ، مريدا به ما‌ روى عن الصادق عليه‌السلام (١) في وصية القاتل لنفسه ، « إن كان أوصى قبل أن يحدث حدثا » إلى آخر ما سمعته إن شاء الله ، باعتبار ظهوره في صحة الوصية مع تعقبها بالفعل المانع من التصرف ، فكذلك غيره من الموانع ، ولا بأس به ، وإن كان العمدة ما عرفت معتضدا بالإجماع في مصابيح العلامة الطباطبائي على عدم البطلان بعروض الجنون والإغماء ، سواء استمر إلى الموت أو انقطع.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب أحكام الحديث ـ ٢.

٢٧٠

وكذا لا تصح وصية الصبي ما لم يبلغ عشرا لعدم كمال العقل فيه قبل ذلك غالبا فإن بلغها فوصيته جائزة في وجوه المعروف لأقاربه وغيرهم على الأشهر ، إذا كان بصيرا عاقلا بل هو المشهور نقلا وتحصيلا ، بل نسبه بعضهم إلى الأصحاب مشعرا بدعوى الإجماع ، بل في ظاهر محكي الغنية أو صريحه دعواه ، عليه لإطلاق أدلة الوصية وعمومها.

وقول الصادق عليه‌السلام في صحيح عبد الرحمن وخبره (١) « إذا بلغ الغلام عشر سنين جازت وصيته ».

وفي صحيح أبي بصير (٢) « إذا بلغ الغلام عشر سنين فأوصى بثلث ماله في حق جازت وصيته » الحديث.

وفي موثق منصور بن حازم (٣) جواب سؤاليه عن وصية الغلام « إذا كان ابن عشر سنين جازت وصيته ».

وقول أبي جعفر عليه‌السلام في صحيح زرارة (٤) الذي رواه المشايخ الثلاثة « إذا أتى على الغلام عشر سنين فإنه يجوز فيما له ما أعتق أو تصدق على حد معروف وحق فهو جائز » وغير ذلك ، وهي وإن كانت مطلقة بالنسبة إلى العقد ، لكن الإجماع على اعتباره كاف في تقييدها به ، مع أنه يمكن ترك ذلك فيها لغلبة حصول العقل له في المدة المزبورة ، مضافا إلى إشعار قوله في حد معروف وحق به.

وإلى‌ موثق أبي أيوب وأبي بصير (٥) عن الصادق عليه‌السلام « في الغلام ابن عشر سنين يوصى قال : إذا أصاب موضع الوصية جازت ».

وقول‌ أحدهما عليهم‌السلام في موثق (٦) ابن كثير « يجوز طلاق الغلام إذا كان قد عقد وصدقته ووصيته ، وإن لم يحتلم » ، وإطلاقه بالنسبة إلى العشر لا ينافي التقييد بالعقل فيه ، كما لا ينافي بالعشر التي تضمنته النصوص السابقة المعتضدة بما عرفت ، الذي لا يقدح في صحتها بالنسبة إلى المطلوب اشتمال بعضها على ما لا نقول به ، فيقيد بها الموثق المزبور ، وبالجميع يخص ما دل على سلب عبارته ، ولا حاجة إلى تكلف دعوى عدم شمول تلك الأدلة لما بعد الوفاة التي من‌

__________________

(١ ـ ٥) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٢.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الطلاق الحديث الإستبصار ج ٣ ص ٣٠٢.

٢٧١

الواضح منعها ، كمنع دعوى جواز وصيته باعتبار كونها عبادة ، وهو غير محجوز عليه بالنسبة إليها ، بناء على شرعيتها.

إذ فيها أولا : منع الشرعية ، وثانيا : منع شرعيتها إذا كانت بمال ، فليس له أن يؤدي زكاته المستحبة ولا الصدقة ولا الوقف ولا العتق لسلب عبارته.

ومن الغريب رد ابن إدريس هذه الأخبار ، مع أنه يدعي غالبا قطعية ما هو أقل منها عددا وعملا ، وأغرب منه موافقة جماعة من المتأخرين له ، ممن لم يوافقه على عدم العمل بأخبار الآحاد على ذلك ، وما في المسالك « من أنها مختلفة بحيث لا يمكن الجمع بينها ، وإثبات الحكم المخالف للأصل بها مشكل ».

لا يخفى ما فيه على الناظر فيها ، بعد الإحاطة بما ذكرناه.

وقيل والقائل ابن الجنيد تصح وصيته وإن بلغ ثمان يا من السنين وهو وإن كان لا يخلو من وجه لكن الرواية به التي استند إليها شاذة.

وهي‌ خبر الحسن بن راشد (١) عن العسكري عليه‌السلام « إذا بلغ الغلام ثماني سنين فجائز أمره في ماله ، وقد وجب عليه الفرائض والحدود ، وإذا تم للجارية سبع سنين فكذلك » على أن ظاهرها حصول البلوغ لهما من غير فرق بين الوصية وغيرها ، وقد قيل إنه مخالف لإجماع المسلمين وأخبارهم.

نعم لو كان مدركه أنه مع فرض بلوغ الصبي العقل المتعارف لغالب الأولاد لم تكن للعشر خصوصية وإن قيد بها في تلك النصوص ، إلا أنه جار مجرى الغالب ، فلا تصلح للتقييد ، ولذا جعل المدار في غيرها على العقل وعلى إصابة موضوع الوصية وحينئذ فتجتمع جميع النصوص على ذلك ، إلا أن المتجه حينئذ عدم التقييد بالثمان أيضا ، كما عساه يشهد له‌ قول الصادق عليه‌السلام (٢) « إذا بلغ الغلام عشر سنين فأوصى بثلث ماله في حق جازت وصيته ،

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب أحكام الوقوف والصدقات الحديث ـ ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.

٢٧٢

وإذا كان ابن سبع سنين فأوصى في ماله بشي‌ء في حق جازت وصيته » وعن الفقيه ابدال الشي‌ء باليسير ، ولعل المراد به الأقل من الثلث ، على أنه مخالف للإجماع بحسب الظاهر ، ولذلك أمكن إرادة التقييد به ، وإن سلم كون الغالب ، وإلا أنه لعل الشارع لاحظ الغالب في التحديد والتقييد ، إلحاقا للنادر بغيره في الحكم ، كما هو المعروف في قواعد الشرع وقوانينه.

وعلى كل حال فلا ريب أن الأقوى المشهور ، وأما القول بالتفضيل بين الأقارب وغيرهم الذي قد يتوهم أنه أشار إليه المصنف بالتنصيص على عدم الفرق ، فلم يتحقق القائل به ، وإن رواه‌ ابن مسلم في الصحيح (١) « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إن الغلام إذا حضره الموت فأوصى ولم يدرك جازت وصيته ، لأولي الأرحام ولم يجز للغرباء ».

ولعل الإشارة بالتنصيص إليه ، لكن لقصوره عن تقييد ما عرفت من وجوه ، يمكن حمله على إرادة بيان عقله وتمييزه بذلك ، بل لعله تقييد وصيته بالمعروف مشعر بذلك بناء على إرادة الراجح شرعا منه ، كبناء القناطر والمساجد وصلة الأرحام ونحو ذلك ، ويمكن إرادة الوصية الجائزة الجارية مجرى وصايا العقلاء ، كما أومى إليه بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « إذا أصاب موضع الوصية » بل وبقوله « حق » المراد منه ما قابل الباطل الذي هو مظنة الصبا ، والله العالم.

وكذا لا تصح وصية المملوك بما في يده من الأعيان ومطلقا بناء على أنه لا يملك أصلا حتى مع إجازة السيد لخروجها عن موضوع الوصية ضرورة كونها كقول مال زيد لعمر وبعد وفاتي ، بل ولا من الفضولي الذي هو الوصية عن زيد بعد وفاته ، لا وفاة غيره ، بل وعلى غيره للحجر عليه الشامل لهذا التصرف قطعا ، ولو بملاحظة ما دل من النصوص على جواز وصية المكاتب بمقدار ما أعتق منه.

نعم لو أجاز له مولاه صح بناء على ملكه ، بل وكذا لو زال الرق وفرض بقاء ماله الموصى به على ملكه حتى مات ، قد يحتمل البطلان كبيع المرهون ثم فك ، بناء على عدم الصحة فيه ، لكن قد عرفت البحث فيه في محله.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٣.

٢٧٣

أما لو ارتفع الرق عنه بعد الإيصاء منه وقد ملك بعد عتقه مثلا ما تنفذ فيه وصيته. فوجهان ـ من إطلاق تنفيذ الوصية وكونه غير مسلوب العبارة فهو كالمعسر حال الوصية الموسر حال الموت ، وإطلاق ما دل على نفوذ وصية المكاتب بقدر ما تحرر منه ، وعدم ثبوت اشتراط صحة الوصية بعدم المانع من نفوذها غير الموت ـ ومن وقوع الإيجاب عنه وهو رق ، وإطلاق قوله لا وصية لمملوك والتعليق في المعنى في الوصية ، بغير الموت ـ أقواهما الأول لما عرفت مع عدم ثبوت اعتبار الحرية حين إيجاده عبارة الوصية بل لعل الثابت خلافه ، كما سمعته في إطلاق روايات المكاتب كما أن المعتبر في الوصية الملك حين الوفاة ، لا حين الإيقاع ، والخبر المزبور مع عدم جمعه لشرائط الحجية ظاهر في غير الفرض ، وعدم قدح معنى التعليق الذي هو كقوله إن كانت زوجتي فهي طالق ، بل في القواعد وغيرها لو قال العبد : متى اعتقدت ثم مت فالأقرب الجواز ، ولعله لأن قوله هذا الزيد بعد وفاتي إن مت حرا ، بمنزلة قوله إن مت في سفري أو مرضي ، بل لا يبعد صحة التعليق على الملك في المشخص أو المطلق وإن كان لا يخلو من نظر ، سيما الأول ، كالنظر في صحة الوصية بعين للغير ثم ملكها بعد ذلك هذا كله في الوصية التمليكية للمشخص أو المطلق.

أما العهدية كالوصية بالدفن في مكان مخصوص ونحوه مما لا يحتاج إلى صرف مال فوجهان أيضا كالوجهين في وصية السفيه بالمعروف أو مطلقا ، بل القولين إلا أن الأقوى فيه عدم جوازها ، لعموم أدلة الحجر عليه ، ودعوى اختصاصها في حال الحياة واضحة المنع ، لكن في جامع المقاصد « أن المشهور الجواز » بل عن ظاهر الغنية الإجماع على ذلك ، فإن ثم فهو ، وإلا كان الأقوى ما عرفت.

وأما المفلس فالأقوى جواز وصيته ، لعدم معارضتها لحق الغرماء ، لأنها من الثلث الذي لا يكون إلا بعد وفاة الدين كما هو واضح.

ولو جرح مثلا الموصى نفسه عمدا بما فيه هلاكها أى أحدث ذلك بها ليموت ثم أوصى بشي‌ء من ماله لم تقبل وصيته بلا خلاف معتد به أجده ، بل عن الإيضاح نسبته غير مرة إلى الأصحاب مشعرا بالإجماع عليه.

٢٧٤

لصحيح أبي ولاد (١) المروي في الكتب الثلاثة عن الصادق عليه‌السلام من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها ، قلت : أرأيت إن كان أوصى بوصية ثم قتل نفسه من ساعته تنفذ وصيته فقال : إن كان أوصى قبل أن يحدث حدثا في نفسه من جراحة أو فعل لعله يموت أجيزت وصيته في الثلث ، وإن كان أوصى بوصية بعد ما أحدث في نفسه من جراحة أو فعل لعله يموت لم تجز وصيته ».

فما عن ابن إدريس من صحة وصيته واضح الضعف على أصولنا ، وإن نفى عنه البأس في محكي المختلف واستحسنه في محكي الروضة وإيضاح النافع ، وكذا المسالك إلا أنه كما ترى اجتهاد في مقابلة النص ، المعمول به الجامع لشرائط الحجية والعمل بل وكذا ما في القواعد ، ولو قيل بالقبول مع تيقن رشده بعد الجرح كان وجهان وأغرب من ذلك قوله فيها أيضا : وتحمل الرواية على عدم استقرار الحياة على اشكال ، إذ هو كما ترى.

نعم لو أوصى ، ثم قتل نفسه قبلت وصيته على حسب وصية غيره ، بل لا اشكال كما لا خلاف أجده فيه ، للصحيح السابق مضافا إلى الأصول والعمومات ، ولا يقاس الأول عليه ، لحرمته عندنا ، مع إمكان إبداء الفرق بأن الأول بفعله ذلك بنفسه كان كمن زال عقله ، لا تقبل وصيته المتأخرة بخلاف الثاني الذي هو كن زال عقله بعد ايصائه ، بل ربما جعل وجه النص ذلك ، أو أن عدم القبول في الأول لكونه غير مستقر الحياة ، أو لأن الثلث بالنسبة إليه كالإرث بالنسبة إلى غيره ممن يحرم من الإرث بقتله الموروث عمدا ، فكذلك هذا ، يحرم من الثلث عقوبة ، والجميع علل بعد السماع ، وإن كان خيرها آخرها.

نعم ينبغي الاقتصار فيما خلاف الأصل على المتقين ، وهو الوصية في الثلث ، أما غيره الذي لم يستلزم وصيته في الثلث كمكان الدفن والولاية على الأطفال ونحو ذلك فلا ، ومن فعل ذلك عمدا ـ دون الخطأ ـ ورجاء لأن يموت دون غيره ، من غير فرق في ذلك بين الجرح وغيره ، للصحيح المزبور ، فيندرج فيه من يقتل نفسه بالسم مثلا.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.

٢٧٥

لكن هل يلحق به من القى نفسه إلى التهلكة إشكال ، أقواه عدم اللحوق للأصل ، كما لا يلحق به من فعل ذلك بنفسه عمدا ليموت ، لكن لم يكن عاصيا لكون ذلك جهادا في سبيل الله ، أو لأنه غير مكلف ، ثم ارتفع المانع.

ومحل البحث ما لو مات بذلك ، أما لو عوفي منه فأوصى فلا اشكال ، بل لا يبعد صحة وصيته الأولى ، إذا كان قد بقي مستمرا عليها ، بناء على أن ذلك كالوصية المستأنفة وإن كان لا يخلو من نظر مع فرض عدم تجرد إنشاء تمليك ، ولذا لو نساها ولم يجددها لم تنفذ ، على الأقوى لظهور الصحيح المزبور في عدم جواز وصيته في الحال المفروضة وإن عوفي لكن على معنى عدم أثر للإيجاب المفروض ، دون المتجدد بعد أن عوفي.

ودعوى صحة الإيجاب في نفسه وإن كان لو مات في ذلك الجرح لم يترتب عليه أثر ، أما إذا عوفي منه ثم مات أثر أثره ، إذ هو بحكم المراعي ـ يدفعها ظهور إطلاق عدم الجواز الصحيح بخلافها.

نعم قد يقال : إن ظاهر الصحيح عدم الجواز من حيث كونه وصية للمجروح على حسب الأول من البرء منه أما لو أجاز الوارث فقد يقال بالصحة ، لعموم الأدلة ، اللهم إلا أن يقال : إن إجازة الوارث تنفيذ ، كما ستعرفه في محله إن شاء الله ، وهو يتوقف على صحة الوصية حتى يتجه التنفيذ.

وفيه : منع الدليل على عموم عدم الصحة على وجه لا تقبل التنفيذ ، بل لعل إطلاق ما دل على الصحة مع إجازة الوارث يقضي بخلافه فلا حظ وتأمل هذا.

والظاهر عدم إلحاق التنجيز بالوصية ، وإن اتفق التعبير بها عنه في بعض الأحوال على ضرب من المجاز ، اللهم إلا أن يقال : إن منع الشارع له من الوصية لعدم الثلث له فيمتنع التنجيز أيضا ، لذلك ، بناء على أنه منه ، لكن لا يخلو من نظر فتأمل جيدا والله العالم.

ولا تصح الوصية بالولاية على الأطفال ، إلا من الأب أو من الجد للأب خاصة الثابتة ولا يتهما عليهم زمن الحياة على وجه لهما الوصية بها نصا وفتوى ، بل‌

٢٧٦

إجماعا بقسميه ، ولا ينافي ذلك انقطاعها حال عدم الوصية بها ، ضرورة كونها حينئذ كالثلث الذي له الوصية به ، وإن لم يفعل لم يكن له شي‌ء ، بخلاف الحاكم الخاص الذي ثبتت ولايته عليهم من حيث الحكومة منهم عليهم‌السلام المقيدة زمن الحياة ، فهو شبه الوكيل عن الإمام عليه‌السلام بالنسبة إلى ذلك ، فينعزل بالموت خصوصا بعد أن كان النصب للصنف الذي ثبت في حق الشخص باعتبار اندراجه فيه فإذا انعدم فرد ، قام مقامه فردا آخر مما حل فيه طبيعة الصنف الذي قد نصبه إمام الأصل ولنحو ذلك لم يصح الوصية من الأب والجد له بالولاية مع وجود الآخر ولو على ثلث ماله باعتبار ثبوت الولاية للأب الصادق على كل منهما فمع فرض وجود مصداقه انقطع ولاية الآخر بموته.

نعم لو كان الولاية منحصرة في أحدهما صح حينئذ الوصية بالولاية منه ، وليس هكذا الحاكم ، لأن إمام الأصل موجود في كل زمان ، ويتولى الأمر عنه حينئذ حسبة عدول المؤمنين فتأمل.

وليس لوصي أحدهما عليهم الوصية بالولاية أيضا ، إذا لم يكن قد نص الموصى الأول عليه بذلك ، لأنه كالوكيل عنه ، ينعزل بموته لا أقل من الشك في كون ولايته الحاصلة له بنصب الأب أو الجد قابلة للايصاء بها ، والأصل العدم ، والاستصحاب لا محل له في الفرض فترجع الولاية حينئذ إلى الحاكم.

ولا ولاية للأم بلا خلاف معتد به للأصل فلا تصح الوصية منها حينئذ عليهم خلافا للإسكافي فجعل الولاية لها مع رشدها بعد الأب ، وضعفه واضح ، لعدم الدليل على ولايتها ، بل ظاهر الأدلة خلافه وكون الولاية ثابتة لها على ثلثها ، فلها إخراجه عنهم ، لا يقتضي بثبوت الولاية لها عليهم ، بحيث لو أوصت بالثلث لهم على وجه يكون ملكا لهم ، أن تجعل أمره إلى غير وليهم الشرعي لعدم القدرة لها على ذلك ، ضرورة رجوع ذلك إلى الشرع لا إليها ، والثابت منه ما عرفت.

وكذا الكلام في وصية الأب مع وجود الجد وبالعكس وحينئذ فـ ( لو أوصت لهم بمال ، ونصبت ) لهم وصيا عليه وعلى ثلثها وقضاء‌

٢٧٧

ديونها صح تصرفه في ثلث تركتها مما لم يرجع إلى الأطفال وكذا تصرفه في إخراج ما عليها من الحقوق ، ولم تمض على الأولاد لما عرفته من عدم الولاية لها عليهم ولا فرق في ذلك بين أن يقع الإيصاء منها بعبارة واحدة ، أو بعبارات متعددة ضرورة كون الوصية أوسع من البيع الذي إذا تعلق بما يصح بيعه وما لا يصح ، فإنه ينفذ في الأول دون الثاني ، وإن كان بصيغة واحدة كما هو واضح.

ولو أوصت بثلثها لأطفالها على أن يبقى بيد الوصي ثم يملكه لأطفالها بعد البلوغ أو أوصت به على أن يصرف عليهم ففي تسلط الوصي دون الأب حينئذ إشكال من عدم ملكيتهم للمال ، فلا تسلط لوليهم عليه ، ومن كونه حقا لهم ، والولي مسلط عليه كالمال ، وقد يفرق بين الأول والثاني ، ولعل الأقوى الأول لأنه ولاية على التصرف لا الطفل ، فهو كالوقف منها عليهم مثلا على أن يكون المتولي له غير الولي لا الوصية بذلك ، فالوقف على البالغ الرشيد والمتولي غيره ، وستسمع أن الوصية أوسع من غيرها فإن الوقف وإن كان هو على حسب ما يقفه أهله ، لكن الوصية تتعلق بالمعدوم ونحوه وقد استدل الإمام عليه‌السلام بقوله ( فَمَنْ بَدَّلَهُ ) بالوصية للمجوس وغيرهم على وجه يظهر منه عموم مورد الوصية ، وأنه لا يجوز تبديله ما لم يعلم بطلانه فلا حظ وتأمل كي تعلم شمولها للفرض وغيره والتمليك على وجه مخصوص في الكبير الذي لا ولاية لأحد عليه وغيره والله العالم.

الفصل ( الثالث : في الموصى به ، وفيه أطراف‌ )

الأول : في متعلق الوصية ، وهو إما عين موجودة أو متوقعة ، كحمل الدابة والجارية ونحوهما بل وإن لم يكن معتاد الوقوع إذا كان ممكنا ، وأما منفعة كذلك ولو حقا قابلا للنقل والانتقال كحق التحجير.

وعلى كل حال يعتبر فيهما الملك للموصى على معنى قابليته لذلك وإن لم يكن مملوكا فعلا كما يومئ إليه التفريع ونحوه فلا تصح بما لا يدخل في ملك أحد أصلا كـ ( الخمر ) الغير المحترمة ، بخلاف المحترمة كالمتخذة للتخليل ولا بـ ( الخنزير ولا) بـ ( كلب الهراش ) بخلاف الكلاب‌

٢٧٨

الأربعة ، والجرو القابل للتعليم التي هي مملوكة ولها منفعة مباحة ودية ، كما مر البحث فيها سابقا ولا ما لا نفع معتد به فيه ولا بآلات اللهو ، ونحو ذلك من حيث كونها كذلك ملاحظا اسمها لما عرفت من أن الوصية التمليكية قسم من العقود أو الأسباب المملكة ، فلا تتعلق بما لا يقبل الملك ، بلا خلاف أجده فيه كما اعترف به في الرياض ، بل حكى فيه عن التذكرة الإجماع عليه وعلى جواز الوصية بالكلاب الأربعة معللا ذلك بان فيها نفعا مباحا ، وتقر اليد عليه والوصية تبرع تصح في المال وغير المال من الحقوق ، وأنه تصح هبته فتصح الوصية به كالمال ، قيل : ويستفاد منه جواز الوصية بكل ما فيه نفع محلل مقصود ، وإن لم يجز بيعه كالفيل ونحوه على القول بالمنع عن بيعه ، وبه صرح في التذكرة في المثال وغيره.

قلت : لعل ذلك كله لعموم أدلة الوصية ولذا جاز تعلقها بالمعدوم الذي هو غير قابل لتعلق صفة الملك به ، لو لا الدليل حتى ما كان فيه غير معتاد الوجود ، وبالحقوق ونحوها ويمكن إرادة ما يشمل ذلك من الملك في المتن وغيره ، فتصبح الوصية حينئذ بالعين التي لا تدخل في الملك ، لكن للمستولى عليها حق اختصاص بها ، على معنى الوصية بذلك الحق الذي للموصى ، وكذا حق التحجير.

نعم هي لا تتعلق بما لا يقبل النقل من الحقوق لغير الوارث كحق القذف ونحوه ، مما يراد به التشفي الذي هو للوارث دون الموصى له ، ويخرج باعتبار الملك أيضا ما كان ملكا للغير وإن أجاز بناء على عدم كون ذلك شبه الفضولي ، ضرورة كون ذلك وصية عن الغير بماله ، كما لو قال قائل : مال زيد لعمرو بعد وفاته ، ثم أجاز زيد لا أنه يقول مال زيد لعمرو بعد وفاتي ، ثم يجيز زيد ، فإنه لا دليل على مشروعية ذلك ، كما هو واضح.

والوصية بالأزيد من الثلث مع أن الحق كون الإجازة من الورثة تنفيذا كما ستعرف ، بمعنى أنه لا يدخل في ملك الوارث ، مع أجازته ، خارج بالدليل ، ولا يقاس عليه غيره ، فما عن الدروس من احتمال الصحة واضح الضعف ، وإن قواه بعض مشايخنا.

نعم عن التذكرة احتمال صحة الوصية بملك الغير إذا قيده بتملكه وفي القواعد ولو قال :

٢٧٩

إن ملكت مال فلان فقد أوصيت به الفقراء احتمل الصحة لأنه أولى من الوصية بالمعدوم مع أنه لا يخلو من نظر أو منع يعرف مما قدمناه سابقا ، وهو بطلان التعليق على غير الموت للوصية.

نعم قد يقال : بصحته لو قال إن مت مالكا لذلك فثلثه للفقراء مثلا نحو ما سمعته في مثل إن مت حرا وفي سفري هذا قيل : وكذا يخرج باعتباره ما لا يقصد ملكه عادة لحقارته كفضلة الإنسان أو لقلته كحبة الحنطة ولعل ذلك ونحوه الذي أشار إليه بقوله « ولا ما لا نفع » لكن قد يقال : إن ما لا نفع معتد به فيه غالبا إذا اتفق حصول النفع به يختص به من استولى عليه ، بل لعل حق الاختصاص به ثابت له مطلقا لصدق الظلم على من انتزعه منه قهرا فتصح الوصية بهذا الحق ، بل مثل حبة الحنطة مملوكة قطعا ، وإن كان لا يصح المعاوضة عليها للسفه المفقود في الوصية لعدم العوض فيها ، مع أنه قد يحصل النفع بها للفخ ونحوه ، وبالجملة عمومات الوصية شاملة لذلك كله ، ولكل حق قابل للنقل ولو بصلح أو شرط سواء حرم التكسب به أولا. بل بظهر من كلام بعضهم شدة التوسعة في الوصية حتى أنه ربما صححوا النقل بها لما لا يجوز نقله إلا بها كبعض المعدومات ، بل لعل الضابط فيها تعلقها بكل شي‌ء إلا ما علم خلافه ، كما شهد استدلاله عليه‌السلام بصحة الوصية للمجوس وغيرهم بقوله تعالى ( فَمَنْ بَدَّلَهُ ) إلى آخره ولذا صحت بالمعدوم والمجهول حتى مثل أحد العيدين وغير المقدور على تسليمه ، كالآبق ونحوه ، بل وما ليس ما لا مما فيه نفع معتد به ، كالزبل للتسميد المصرح به في قواعد الفاضل وغيرها ، ونحو ذلك مما يدل على التوسعة في متعلق الوصية ما لم يعلم العدم ، وإن كان بعضه لا يخلو من نظر ، بل صرح في الدروس بالمنع من الوصية بالسرجين النجس ، والحشرات التي تقدم في المكاسب بعض الكلام في ثبوت حق أو ملك بالاستيلاء عليها مطلقا أو حال الاحتياج إليها ، وكالوصية بحق الخيار مجردا عما فيه الخيار ، فإنه وإن كان يورث ، لكن انتقاله بالوصية أو غيرها من النواقل مشكل.

نعم يصح الصلح عنه إسقاطا ، بل لو أوصى بالعين التي له الخيار فيها يشكل انتقال الخيار للموصى له ، لأنه من توابع العقد دون العين ، وربما حكى عن بعض المحققين ممن قارب عصرنا جواز نقل حق الخيار بالصلح مثلا ، فيكون الثمن والمثمن لمن انتقال إليه الخيار ، وهو‌

٢٨٠