جواهر الكلام - ج ٢٨

الشيخ محمّد حسن النّجفي

به ، والقبض حينئذ يكون بإذن الآخر ، أو إلى انقضاء تعلقه.

نعم لو فرض مدة الإجارة يستغرق عمر العين غالبا ، وتأييد الوصية بالمنافع لم يجز الوقف ، ضرورة كون العين حينئذ مسلوبة المنافع ، كضرورة عدم جواز الوقف في العين المملوكة التي تعلق بها حق الرهن ، أو الدين لفلس ونحوه ، فالغرض من الملك في الضابط الخالي من نحو ذلك ، ويمكن أن يكون نظر المصنف وغيره في خروج ذلك إلى ما تسمعه من شرائط الوقف التام ، والله العالم.

( القسم الثاني : في شرائط الواقف )

ويعتبر فيه البلوغ ولو بالعشر وكمال العقل وجواز التصرف ولعل الأخير مغن عن الأولين ولذا اكتفى في اللمعة باشتراط الكمال ، وفي الدروس بأهلية الوقف ، وفي محكي السرائر والغنية كونه مختارا مالكا للتبرع به إجماعا ، والأمر سهل بعد معلومية سلب عبارة الصبي ، وإن قلنا بشرعية عبادته ، وأن الوقف من العبادة ، وسلب عبادة المجنون بقسميه ، وأن المحجور عليه لفلس أو سفه لا يجوز له التصرف المالي بعبادة أو غيرها ، بل قد يشكل صحته منه مع الإجازة المتأخرة بما عرفته سابقا في الفضولي ، اللهم إلا أن يجعل ذلك من شرائط الصحة كالقبض ، فلا يمنع التقرب بالصيغة حينئذ.

وعلى كل حال فـ ( في وقف من بلغ عشرا ) مميزا تردد بل خلاف ، فعن المقنعة الأول ، وعن وصايا النهاية والمهذب جواز صدقته ، بل في جامع المقاصد في الوكالة أن المشهور جواز تصرفه في الوصية والعتق والصدقة ، والمشهور الثاني بل لعل عليه عامة المتأخرين ، بل لعل الخلاف منحصر في خصوص المفيد بناء على إرادة ما لا يشمل الوقف من الصدقة في كلامهم ، بل ولا دليل عليه ، ضرورة اختصاص خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (١) في الصدقة على الوجه المعروف في البالغ عشرا.

وموثق جميل (٢) « عن أحدهما في صدقة الغلام إذا كان قد عقل » وكذا موثق الحلبي ومحمد‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب أحكام الوقوف والصدقات الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب أحكام الوقوف والصدقات الحديث ٢.

٢١

ابن مسلم (١).

ومن هنا قال المصنف المروي جواز صدقته على أنه في المسالك مثل هذه الأخبار الشاذة المخالفة الأصول المذهب بل إجماع المسلمين لا تصلح لتأسيس هذا الحكم ، وفي جامع المقاصد لا تنهض معارضات للتواتر.

قلت : ولا ينافي ذلك جواز وصيته ولو بالوقوف للنصوص المعمول بها بين معظم الأصحاب مع حرمة القياس ، وحينئذ فلا ريب في أن الأولى المنع بل هو الأصح لما عرفت ، ومعلومية توقف رفع الحجر على البلوغ والرشد ومن المعلوم عدم تحقق الأول منهما ببلوغ العشر ، ودعوى كونه بلوغا بالنسبة إلى خصوص ذلك واضحة المنع ، ضرورة أن البلوغ مرتبة خاصة لا تفاوت فيها في ذلك.

وكيف كان فلا إشكال في أنه يجوز أن يجعل الواقف النظر في الموقوف لنفسه خاصة ولغيره كذلك ولهما معا على الاشتراك والاستقلال ، بل ولا خلاف إلا ما يحكى عن ابن إدريس ، والموجود في محكي السرائر عداد الشروط ، ومنها أنه لا يدخله شرط خيار للواقف في الرجوع فيه ، ولا أن يتولاه هو بنفسه أو بغيره متى شاء هو ، وليست صريحة ، ولذا نفى الخلاف عنه من دون استثنائه غير واحد ، وقطع به آخر ، ونفي الشبهة عنه ثالث ، وإلا كان محجوجا بعموم الأدلة وخصوصها بل مقتضى الإطلاق نصا وفتوى عدم الفرق في ذلك بين كونه عدلا أو فاسقا كما صرح به غير واحد بل لم أجد فيه خلافا وإن احتمله في المسالك ، لكن في الرياض تبعا للكفاية فيه قولان ولم نتحققه.

نعم قد صرح غير واحد باعتبارها في غيره ، بل في الكفاية أنه المعروف من مذهب الأصحاب ، بل في الرياض دعوى حكاية الاتفاق عليه ، وإن كان فيه ما لا يخفى على المتتبع ، بل في محكي التحرير لو جعل النظر للأرشد عمل بذلك ، ولو كان الأرشد فاسقا فالأقرب عدم ضم عدل إليه ، وقال أيضا : لو جعل النظر لأجنبي عدل ثم فسق ضم إليه‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب أحكام الوقوف والصدقات الحديث ٢.

٢٢

الحاكم أمينا ، ويحتمل انعزاله بفسقه ، وحينئذ فالمتجه عدم الفرق بين اشتراطها لنفسه ولغيره بالنسبة إلى ذلك ، وما في سيدنا أمير المؤمنين عليه‌السلام (١) من اعتبار الرضا بهديه وإسلامه وأمانته لا يدل على اشتراط ذلك في أصل الناظر.

وعلى كل حال ففي المسالك وغيرها أنه إن عادت العدالة إليه عادت النظارة إن كان مشروطا من الواقف ، ونحو ذلك قد ذكروه في الوصي ، والظاهر اختصاص ذلك فيهما من بين العقود لاقتضاء العموم في دليل مشروعيتهما من‌ قوله عليه‌السلام (٢) « الوقوف على حسب ما يقفها أهلها إن شاء الله » وقوله تعالى (٣) ( فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ ) إلى آخره جواز ذلك ، وهو جعل العنوان الشخص الموصوف من حيث الوصف ، ومن المعلوم عدم جواز مثل ذلك في الوكالة ، ونحوها على وجه تدور وكالته مدارها وجودا وعدما.

ثم الناظر المشروط في نفس العقد لازم من جهة الواقف ، لا يجوز له عزله مطلقا ، لعموم الأمر بالكون مع الشرط ، وإن كان لا يجب على المشروط له القبول ، للأصل بل لو قبل : لم يجب عليه الاستمرار لما في الدروس والروضة من أنه في معنى التوكيل.

وفي المسالك « لأنه غير واجب في الأصل فيستصحب فإذا رد صار كما لا ناظر له ابتداء فيتولاه الحاكم ، أو الموقوف عليه ، ويحتمل الحاكم مطلقا ، لخروج الموقوف عليه من استحقاق النظر بشرطه ، فعوده إليه يحتاج إلى دليل ، بخلاف الحاكم فإن نظره عام ».

قلت : قد يناقش في جواز الرد بعد القبول بإطلاق الأمر بالوفاء بالعقد من المتعاقدين وغيرهما ممن له تعلق بالعقد ، والقبول بالنسبة إليه حينئذ رضاه بما اشترط له منه ، ودعوى أنه في معنى التوكيل كما ترى ، ضرورة عدم الدليل وعدم القصد بل ربما يومئ في الجملة إلى ما قلناه وجوب القيام بما تقتضيه النظارة عليه مع عدم الرد لكونه من مقتضى العقد المزبور ، بل وما ذكروه أيضا من أنه إن اشترط الواقف له شيئا من الثمرة عوضا عن عمله جاز ، وليس له أزيد‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب أحكام الوقوف والصدقات الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب أحكام الوقوف والصدقات الحديث ٢.

(٣) سورة البقرة الآية ١٨١.

٢٣

منه وإن كان أقل من الأجرة وإن أطلق فله أجرة مثل عمله إن لم يرد التبرع ، ضرورة ابتناء التزامه بالعوض القليل على كونه من مقتضى العقد اللازم الذي لا وجه عند التأمل في جواز رده بعد قبوله ، مع أن المردود من أجزاء مقتضاه ، فتأمل جيدا فإنه دقيق.

ولو جعل النظارة لاثنين مثلا اشتركا فيها على وجه لا يجوز لأحدهما الاستقلال على ما صرح به غير واحد ولا بأس به مع قصد الواقف ذلك لعموم‌ (١) « المؤمنون » (٢) و « الوقوف » المقتضي جواز جميع الصور المتصورة في المقام من الاستقلال والاشتراك في الجميع والبعض وغيرهما مما لم يكن فيها مانع من الشرع.

ولكن هل يحمل على الاشتراك المزبور بمجرد تعدد الناظر لا يخلو من إشكال ، كالإشكال في استقلال الآخر لو مات أحدهما أو انعزل بفسق ونحوه ، كما أوضحنا ذلك في الوصي الذي لا مقتضى للفرق بينه وبين الناظر في مثل هذه الأحكام التي مرجعها إلى فهم معنى ، أو عموم دليل أو نحو ذلك ، ومنه يعلم ما في المسالك من أنه لو اختص أحدهما بالعدالة أو بقي عليها ضم إليه الحاكم حيث لا يكون منفردا أو انضم إلى الموقوف عليه إن انتقل إليه النظر كما تقدم ، فلاحظ وتأمل.

ثم إن وظيفة الناظر مع الإطلاق ، ما يتعارف من ذلك من العمارة والإجارة وتحصيل الغلة وقسمتها على مستحقها ، وحفظ الأصل ونحو ذلك مما لا يجوز لغيره بعد فرض اشتراط النظر المنصرف عرفا إلى تولي شي‌ء من ذلك.

وفي‌ التوقيع (٣) « وأما ما سألت عن أمر الرجل الذي يجعل لناحيتنا ضيعة فيسلمها من يقوم بها ويعمرها ويؤدي من دخلها خراجها ومؤنتها ويجعل ما بقي من الدخل لناحيتنا ، فإن ذلك لمن جعله صاحب الضيعة لا يجوز ذلك لغيره. » لكن في المسالك « الإشكال في ذلك من وجهين : ( أحدهما ) ما لو كان الموقوف عليه‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب الوقوف الحديث ـ ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب أحكام الوقوف ـ الحديث ـ ٨.

٢٤

متحدا ، أما ابتداء أو لاتحاده في بعض الطبقات اتفاقا ، فإنه مختص بالغلة فتوقف تصرفه فيها على إذن الناظر بعيد ، لعدم الفائدة خصوصا مع تحقق صرفها إليه بأن تكون فاضلة عن العمارة وغيرها مما تقدم على القسمية نعم لو أشكل الحال توقف على اذنه قطعا ، لاحتمال أن يحتاج إليها أو إلى بعضها في الأمور المتقدمة على اختصاص الموقوف عليه ، ( وثانيهما ) الأوقاف العامة على المسلمين ونحوهم التي يريد الواقف انتفاع كل من الموقوف عليه بالثمرة إذا مربها كأشجار الثمار فإن مقتضى القاعدة أيضا عدم جواز تصرف أحد منهم في شي‌ء منها إلا بإذن الحاكم ، ولا يخلو من إشكال ، وتفويت لكثير من أغراض الواقف ، بل ربما دلت القرينة على عدم إرادة الواقف النظر على هذا الوجه ، بل يريد تفويض الانتفاع إلى كل واحد من أفراد تلك الجهة ، فكأنه في قوة جعل النظر إليه ، لكن هذا كله لا يدفع الأشكال لما تقدم من أنه بعد الوقف حيث لا يشترط النظر لأحد يصير كالأجنبي ، وينتقل الحكم إلى الحاكم فلا عبرة بقصده خلاف ذلك ، حيث لا يوافق القواعد الشرعية ، جعل مثل هذا الإطلاق نظرا الى كل واحد في حيز المنع ، وبالجملة فهذه القواعد الشرعية المتفق عليها ، لا تدفع بمثل هذا الخيال ، وينبغي أن يقال : أن المتصرف على هذا الوجه يأثم خاصة ، ويملك حيث لا يجب صرف الثمرة في الأمور المتقدمة على صرفها إلى الموقوف عليه ، وكذا القول في تصرف الموقوف عليه المتحد ، أما المتعدد فلا ، لأن قسمتها وتمييز حق كل واحد من الشركاء يتوقف على ناظر ، فيكون كالتصرف في المال المشترك بغير إذن الشريك ، فتستقر في ذمته حصة الشريك من ذلك ، ولم أقف في هذه الأحكام للأصحاب على شي‌ء فينبغي تحرير النظر فيه ».

إلا أنه من غرائب الكلام ، ضرورة أنه لا استبعاد في توقف تصرف الواحد على إذن الناظر مع فرض اشتراطه من الواقف على هذا الوجه ، لأن‌ « الوقوف على حسب ما يقفها أهلها » كما أنه لا وجه لدعوى توقف المنتفع بثمر شجر أو ماء بئر أو ظلال أو نحو ذلك مما يراد من وقفه الانتفاع لمن يمر به على إذن الحاكم ، إذ هو وإن كان الناظر مع الإطلاق إلا أنه فيما لم يتجه المالك بوقفه له على هذا الوجه.

ودعوى ـ أنه أجنبي مع فرض أنه وقف على هذا الوجه ـ غريبة ، وأغرب منها دعوى الإثم‌

٢٥

بالتناول المزبور ، وإن ترتب عليه الملك ، لمنافاته السيرة المستمرة ، وللمعلوم من قصد الواقف بوقفه على هذا الوجه ، ولما ورد في النص من أحقية السابق من غيره ولغير ذلك ، وكذا لا يخفى عليك ما فيه من الفرق بين المتحد والمتعدد مع فرض تراضي الشركاء فيما بينهم بالقسمة ، فإن الناظر لا مدخلية له في ذلك إلا أن يشترط الواقف كما هو واضح.

بقي الكلام فيما ذكره المصنف بقوله فإن لم يعين الواقف الناظر كان النظر إلى الموقوف عليهم بناء على القول بالملك ونحوه في القواعد ومحكي التحرير والجامع وغيرها ، وإليه يرجع ما عن جماعة من إطلاق كونه للموقوف عليهم ، وما في المسالك « من أنه إن جعلنا الملك للواقف أو للموقوف عليه مطلقا فالنظر إليه ، وإن جعلناه للموقوف عليه إن كان معينا ، ولله تعالى إن كان على جهة عامة ، فالنظر في الأول للموقوف عليه ، وللحاكم الشرعي في الثاني ، وكذا غيرها مما صرح فيه بتولية الحاكم إن كان عاما وإن كان على معين وليه بنفسه ، لمعلومية ابتناء ذلك على كونه في العالم الله أو للفقراء ، وعلى كل حال فالولي الحاكم ».

لكن لم نعرف لهم دليلا يعتد به مع فرض إرادة أحكام الناظر المشترط التي تمضي إجارته على الأعقاب ونحوها ، وكون العين والمنفعة ملكا لهم ما داموا أحياء لا يقتضي إثبات مثل هذه الولاية لهم.

نعم لهم تناول ما هو ملك لهم من دون استيذان ، ولهم التصرف في تنميته وإصلاحه ونحو ذلك مما هو من توابع الملك ، وليس لهم إهماله كما يهمل المالك ملكه كما أنه ليس لهم النظر فيه على وجه يمضي على البطون المتأخرة ، ومن ذلك يظهر لك قوة ما حكاه في الدروس عن بعضهم من احتمال كون النظر للحاكم عند الإطلاق في الوقوف كلها ، لتعلق حق البطون المتعاقبة ، بناء على إرادته ما ذكرناه بقرينة تعليله ، لا مطلق التصرف بها ، وتناول ثمرتها ونحو ذلك مما لا ينافي حق البطون أو كان فيه مصلحة لها ، بل يمكن تنزيل إطلاق الكلمات على ما ذكرناه من التفصيل.

وأما احتمال أنه للمالك ، لأن النظر والملك كانا له ، فإذا زال أحدهما بقي الآخر ، فإنه وإن حكاه في الدروس ، بل احتمله الفاضل في محكي التذكرة ، إلا أنه في غاية الضعف ، ضرورة‌

٢٦

خروج الواقف بعد الوقف وصيرورته كالأجنبي بالنسبة إلى ذلك ، وإنما كان له ماله تبعا لملكه ، وقد زال كما هو واضح. والله العالم.

( القسم الثالث : في شرائط الموقوف عليه )

وقد اشتهر فيما بينهم أنه يعتبر في الموقوف عليه شروط أربعة (١) الأول أن يكون موجودا والثاني : أن يكون ممن يصح تملكه والثالث أن يكون معينا والرابع أن لا يكون الوقف عليه محرما بل في محكي الغنية والسرائر الإجماع على كونه معروفا متميزا يصح التقرب بالوقف عليه ، وهو ممن يملك ، بل فيه أيضا ومحكي المبسوط نفي الخلاف عن عدم صحته على المعدوم الذي لم يوجد بعد والحمل والعبد ، بل في الأخير أيضا أن الذي يقتضيه مذهبنا أنه لا يصح الوقف على المجهول والمعدوم ، كل ذلك مضافا إلى معلومية اقتضاء « عقد » (٢) الوقف ملك الموقوف عليه المنفعة أو هي مع العين ، والمعدوم وغير القابل للملك لا يصلح لذلك لعدم صلاحيتهما للقبول الذي قد عرفت اعتباره فيه.

وحينئذ فـ ( لو وقف على معدوم ابتداء لم يصح ، كمن وقف على من سيولد ) له مثلا أو على حمل لم ينفصل فإنه وإن كان موجودا أو صحت الوصية له وعزل الميراث له ، إلا أنه بحكم المعدوم بالنسبة إلى الوقف للإجماع المزبور ، أو لعدم قابليته للملك إلا ما خرج بناء على صحة الوصية له بمعنى التمليك الاختياري الفعلي ولو بقبول وليه ، بناء على ثبوت الولاية له قبل التولد لا الوصية العهدية أو التملكية المتأخر قبولها من وليه عن تولده ، فإن ثبوتها لا يقتضي صحة الوقف.

أما لو وقف على معدوم قابل لذلك بعد وجوده فضلا عن الحمل تبعا لموجود قابل لعقد الوقف ومقتضاه من التملك للمنفعة فإنه يصح بلا خلاف فيه‌

__________________

(١) وفي المتن « شروط ثلاثة أن يكون موجودا ، ممن يصح أن يملك ، وأن يكون معينا وأن لا يكون الوقف عليه محرما إلى آخره ».

(٢) كلمة « عقد » ليست موجودة في بعض النسخ.

٢٧

بل الإجماع بقسميه عليه ، والنصوص بعمومها وخصوص صدقاتهم مستفيضة أو متواترة فيه على معنى تملكه بعد وجوده مرتبا ومشاركا.

نعم لو بدء بالمعدوم ثم بعده على الموجود لم يصح على المعدوم قطعا لما عرفت ، ولكن هل يقتضي ذلك بطلان العقد رأسا قيل : هو كذلك فـ ( لا يصح ) حينئذ حتى بالنسبة إلى الموجود كما هو المشهور ، وفي المسالك نسبته إلى المصنف والمحققين لأن اللازم من الصحة أحد أمور ثلاثة معلومة البطلان ، وهي : إما صحة الوقف مع انتفاء الموقوف عليه ، أو وقوع الوقف المشروط أو عدم جريان الوقف على حسب ما أراد الواقف ، ضرورة أنه حال الوقف إن لم يكن موقوفا عليه فهو الأول أو الثاني ، وإن فرض أنه البطن الثاني فهو الثالث.

وقيل والقائل الشيخ في محكي خلافه ومبسوطة يصح على الموجود قال في الأول : إذا وقف على من لا يصح الوقف عليه مثل العبد أو حمل لم يوجد أو رجل مجهول وما أشبه ذلك ثم بعد ذلك على أولاده الموجودين في الحال ، وبعد ذلك على الفقراء بطل الوقف فيما بدء بذكره ، لأنه لا يصح الوقف عليهم ، وصح في حق الباقين لأنه لا دليل على إبطاله ، ولا مانع يمنع منه ، وقال في الثاني ما حاصله أنه مبني على صحة تفريق الصفقة التي اعترف بالقول بها ، ثم إن كان من بطل الوقف في حقه لا يمكن اعتبار انقراضه ، كالوقف على معدوم أو مجهول صرفت منفعة الوقف إلى من صح في حقهم في الحال ، وإن كان ذلك ممكنا كالعبد ففي صرفها إليهم أيضا وعدمه ، بل تصرف إلى الفقراء والمساكين إلى انقراض العبد فترجع إليهم قولان.

وعن يحيى بن سعيد في الجامع موافقته في الصحة في حق الباقين ، وكأنه مال إليه في غاية المراد حيث أجاب عن دليل الأول بالتزام أن هناك موقوفا عليه وهم البطن الثاني فإن أمكن اعتبار انقراض الأول اعتبر ذلك في جواز انتفاع البطن الثاني ، لا في نفوذ الوقف ، والنماء حينئذ للواقف أو ورثته ، كمنقطع الوسط ، مع احتمال مساواته لمن لا يمكن انقراضه ، ويقال فيهما أنه لما كان المصدر به محالا كان شرط الواقف كلا شرط ، فلا يلزم بمخالفته محال ، واتباع‌

٢٨

شرط إنما يلزم لو كان سابقا ، وبطلان الوقف إنما يلزم لو لم يكن هناك موقوف عليه لكنه موجود قطعا والواسطة غير صالح للمانعية.

وفيه ـ مضافا إلى ما عرفت ـ أنه مبني على عدم بطلان العقد ببطلان الشرط الذي قد تقدم الكلام فيه في محله ، بل في المسالك أنه مناف أيضا لاعتبار إخراج الواقف نفسه عن الوقف ولو وفاء دين أو غلة سنة في صحة الوقف ، وتشبيهه له بمنقطع الوسط رد له إلى المتنازع فإنه بمثابة منقطع الأول بعد الانقطاع ، وإن أراد فيما قبله فالفرق واضح.

وبذلك ظهر لك حينئذ صلاحية الواسطة للمانعية وأن الأول أشبه بأصول المذهب وقواعده بعد وضوح الفرق على العبد مثلا بينه وبين تبعيض الصفقة التي يساويها وقف الشاة والخنزير مثلا ، أو الوقوف على العبد مثلا وزيد الذي صرح الأكثر بجوازه في الثاني في النصف ، لتوجه القصد في الأول إليهما فيصح في الجامع ويبطل في الفاقد ، وفي الثاني إلى التشريك بينهما فيصح في القابل ، ويبطل في الفاقد بخلاف الفرض الذي تترتب في القصد بل هو قصد إلى المرتب الذي هو كالمركب في اقتضاء انتفاء المرتب عليه انتفاءه ، لعدم الترتيب حينئذ ، بل لعل التأمل يقتضي البطلان بنحو ذلك في منقطع الوسط ، ومنقطع الأخير بناء على مدخلية الترتيب في المتأخر كمدخليته في المتقدم ، لاتحاد سلسلة الترتيب ، فمتى كان اختلال في أولها أو وسطها أو آخرها بطلت ، لأن المعنى الترتيبي واحد بالنسبة إلى الجميع.

اللهم إلا أن يدعي بين المرتب عليه والمرتب في العرف ، ولكنه صعب مع التأمل والا فلا إشكال فيه مع فرض قصد الواقف ذلك ، وحينئذ يكون من تبعيض الصفقة ، بل لو فرض في الأول أيضا كان كذلك فلا حظ وتأمل جيدا كي لا يخفى عليك ما في الذي حكيناه عن غاية المراد من التشبيه بمنقطع الوسط ، وما سمعته من رده بما في المسالك.

وكذا ظهر أيضا لك الحال فيما لو وقف على من لا يملك ثم على من يملك وإن كان فيه الـ ( تردد ) والخلاف المزبور ولكن المنع أشبه بأصول المذهب وقواعده لا عرفت ، ولا أقل من أن يكون الوقف المفروض محل شك في تناول الأدلة ، ولو الإطلاقات والعمومات فالأصل فيه الفساد ، لكن لا‌

٢٩

يخفى عليك أن بناء جميع ما سمعته من الأصحاب في المنع على خلو الوقف عن موقوف عليه ـ ولا ريب في كون ذلك مانعا ومنافيا لتنجيز الوقف ، من غير فرق بين ابتداء الوقف وفي أثنائه ، وفي آخره ، مما عساه يظهر من المصنف والدروس من أن هذا الشرط إنما هو في ابتداء الوقف ، وإلا فلا بأس بالوقف على المعدوم تبعا للموجود ـ لا يخلو من إبهام ، ضرورة أن الصحيح من الوقف على المعدوم تبعا هو ما لا يقتضي خلو الوقف عن موقوف عليه في أحد الأزمنة ، وبهذا المعنى لو فرض في الأول يكون صحيحا للعمومات بمعنى أنه يقف على الموجودين ما دام لم يولد له مثلا ، ومتى ولد له كان الوقف عليهم على وجه يكونون هم المقدمون ، ودعوى عدم صحة هذا أيضا ممنوعة على مدعيها ، وإن كان سيأتي من المصنف ما يوهمها ، وهو قوله « ولو شرط نقله عن الموقوف عليهم إلى من سيوجد لم يجز وبطل الوقف » إلا أنه في نقل الوقف من أصله عنهم ، وهو غير ما نحن فيه مع أن ظاهر الشهيد في الدروس وغيره جوازه كما تسمعه في محله إن شاء الله تعالى.

وكيف كان فقد عرفت أنه لا خلاف بيننا كما لا إشكال في أنه لا يصح الوقف على المملوك بجميع أفراده المشتركة في عدم قابليته للملك الذي قد عرفت أنه من مقتضى الوقف.

نعم لو قلنا بأنه صح الوقف عليه وإن كان محجورا عليه ، بل في عدم اعتبار إذن مولاه في القبول وجه ، وما عن بعض العامة ـ من جواز الوقف عليه على الأول ويكون لسيده واضح البطلان ، ضرورة كون الوقف عقدا وهو تابع للقصد فـ ( لا ينصرف الوقف إلى مولاه لـ ) كون المفروض أنه لم يقصده بالوقفية وإنما كان قاصدا للعبد وكذا لا خلاف ولا إشكال في أنه يصح الوقف على المصالح الراجعة إلى كافة الناس أو بعضهم كالقناطر والمساجد لعموم الأدلة ولا ينافي ذلك عدم قابليتها للملك لأن الوقف في الحقيقة على الناس المسلمين وإن وقعت هي في اللفظ والقصد الأولى لكن المراد حقيقتهم باعتبار انتفاعهم في ذلك فـ ( هو ) حينئذ صرف إلى بعض مصالحهم وكذا الوقف على أكفان الموتى‌

٣٠

ومؤنة حفر قبورهم بل وعلى العبيد المعدين لخدمة البيت والحضرات المشرفة والأماكن المعظمة ، بل والبهائم كذلك لرجوع الأمر في ذلك كله إلى ما عرفت ، بل يمكن القول بصحة الوقف على الجهات الخاصة ، كالوقف على كتب زيد ومدرسته مثلا لأنه في الحقيقة وقف على زيد أن يصرفه في مصلحة خاصة.

نعم يحتاج مع ذلك إلى ما يكون به مؤبدا ، ضرورة اتحاد الجميع في المدرك ، وأما‌ المرسل في الفقيه في باب فضل المساجد (١) « إنه سئل عن الوقوف عليها ، فقال لا يجوز ، لأن المجوس وقفوا على بيوت النار » المراد به على الظاهر ما رواه هو والشيخ في التهذيب من خبر الصحاري (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قلت له : « الرجل اشترى دارا فبقيت عرصة فبناها بيت غلة أيوقفه على المسجد ، فقال : إن المجوس أوقفوا على بيوت النار » الذي هو مع شذوذه وضعف سنده ـ واحتماله الوقف على نفس المسجد أو للتزويق والزخرفة أو وقف الأولاد للخدمة كما كان في الشرع السابق وغير ذلك وإن بعد ـ فيمكن حمله على إدارة بيان الأولوية بالجواز مما ذكر فيه من التعلل ، فيكون حينئذ مؤيدا ، لترك « لا » في بعض النسخ في المرسل الذي يكون حينئذ صريحا على هذا التقدير في الجواز المواقف لما دل على الأمر بعمارتها وكنسها وغير ذلك مما يكون الوقف مقدمة له ، والله العالم.

ولا يقف المسلم على الحربي ، وإن كان رحما وفاقا للمشهور كما عن المسالك ، بل قد تشعر عبارته بعدم الخلاف كما عن ظاهر التنقيح ، وإن كان فيه حينئذ ما ستعرف ، للنهي عن موادته وبره ، ولأنه مباح المال على وجه ينافي صحة الوقف عليه التي يترتب عليها عدم جواز تناوله منه كما أومى إليه بتعليل المنع في الدروس بذلك.

لكن عن كثير من القدماء إطلاق جوازه على الكافر ـ بل عن مجمع البيان الإجماع على جواز أن يبر الرجل على من شاء من أهل الحرب قرابة كان أو غير قرابة ، وإنما الخلاف في إعطائهم الزكاة والفطرة والكفارات ، فلم يجوزه أصحابنا ، وفيه خلاف بين الفقهاء ـ لعموم‌ قوله (٣)

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب أحكام المساجد الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب أحكام المساجد الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب أحكام الوقوف الحديث ١ ـ ٢.

٣١

عليه‌السلام « الوقوف على حسب » إلى آخره ونحوه والحث على الإحسان والمعروف وصلة الأرحام ، وربما كان فيه تأليف لقلوبهم وميلهم إلى الإسلام ، ولأن‌ « لكل كبد حرى أجر (١) » والنهي عن الموادة من حيث كونه محادا ومحاربا ، وإلا لحزم محادثتهم والتعارف معهم ونحوه ، وتحريم تغييره من حيث كونه وقفا ، لا ينافي جوازه من حيث كونه مال حربي ، لا أقل من أن يكون التعارض من وجه ، ولا ريب في رجحان الأخير ، ومع الإغضاء عن ذلك كله ، فالنهي عن الموادة لا يقتضي الفساد إذا كانت في عقد من العقود بل أقصاها الإثم.

ولكن فيه ـ بعد إمكان إرادة خصوص الذمي الذي ستعرف الحال فيه من الإطلاق كما عن الشهيد وجماعة ، وأن يراد من معقد الإجماع المزبور ما لا يشمل الوقف عليهم ، الذي هو أولى بالمنع من الوصية التي أطبقوا على ما قيل إلا من شذ على عدم جوازها له بل ظاهر المبسوط الإجماع على ذلك ـ أن ضرورة الشريعة تقتضي الحث على قطع رحم الكفر ، وعلى الإسائة لهم بكل ما يمكن ، لأنهم شر دواب الأرض المؤذية وأن الفساد على تقدير اعتبار القربة فيه واضح ، لمعلومية عدم كون العبادة محرمة ، بل وعلى العدم أيضا للنهي عن نفس العقد الذي هو فرد المقتضى للبر والموادة كالنهي عن فرد الإعانة على الإثم ، وليس هو الأمر خارجي كالبيع وقت النداء والظاهر أن ذلك مبني الفساد عندهم ، لا ما في الرياض من عدم صلاحية الحربي للملك الذي هو مقتضى الوقف ، ولا أقل من أن يكون محل شك ، والأصل الفساد ، إذ هو كما ترى مناف للضرورة وما سمعته من إباحة ماله لا يقتضي ذلك ، بل هو ظاهر في خلافه كظهور أدلة التمليك في ذلك أيضا ، بل هو كالضروري من مذهبنا.

نعم قد يتوقف بناء على الصحة في تملك المسلم منه بالاغتنام ونحوه ، لكونه وقفا لمسلم جامعا للشرائط ، اللهم إلا أن يرجح ما دل على أن ماله في‌ء للمسلمين على ذلك بعد فرض تناول ذلك لمثل هذا المال له ، كما أومأنا إليه سابقا ، وهو أمر آخر غير ما نحن فيه ، فتأمل جيدا والله العالم.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب الصدقة الحديث ـ ٥.

٣٢

وأما القول بجواز أن يقف المسلم على الذمي ولو كان أجنبيا فهو محكي عن التذكرة والتبصرة ، وموضع من التحرير والدروس وإيضاح النافع ، بل لعله لازم للقائل بجواز الصدقة عليه الذي نسبه في المسالك إلى الأشهر ، بل في الكفاية إلى المشهور ، بل قيل لم يحك الخلاف فيه إلا عن الحسن ، ومنه ينقدح الاستدلال عليه بالنصوص الدالة على ذلك ، مضافا إلى عموم المقام ، بل وعموم الإحسان والمعروف وصلة الرحم وغيرها ، بعد قوله ( تعالى ) (١) « ( لا يَنْهاكُمُ اللهُ ). » وإلى فحوى ما دل على جواز الوصية من الإجماع المحكي ، أو النصوص وإلى ما سمعته من إجماع مجمع البيان ، بل لا ينافي ذلك القول باعتبار القربة فيه بعد فرض شمول الأدلة له ، ضرورة عدم المانع من كونه مقربا إلى الله تعالى ، وإن كان على أهل الذمة كالصدقة ، وبذلك يظهر لك ضعف القول باختصاص الجواز في الرحم ـ وإن حكي عن الشيخين وأبي الصلاح وبني حمزة وزهرة وسعيد وإدريس ، بل في جامع المقاصد أنه المشهور ، بل في الخلاف الإجماع عليه ، بل قد يظهر من الغنية نفي الخلاف فيه ـ للمرسل (٢) « إن صفية وقفت على أخ لها يهودي فأقرها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » ضرورة عدم دليل صالح للاختصاص ، وإن زاد الرحم بما دل على رجحان صلته والوقف على الأرحام ، بل يمكن إرادة القائلين وضوح القول بالجواز فيهم ، لا الجزم بنفيه عن غيرهم ، وحينئذ لا يكون مخالفا للمختار ، وكذا القول باختصاصه فيما إذا كان أحد الأبوين مع أنا لم نتحقق القول به إلا ما يحكي عن السرائر مع أن المنقول عنها في موضع آخر التصريح بجوازه على مطلق الأرحام ، كما لم نتحقق الدليل له إلا المرسل في محكي المراسم « إذا كان الكافر أحد أبوي الواقف كان جائزا » والأمر بمعاضرتهما بالمعروف وهما غير صالحين للدلالة على الاختصاص ، وأما القول بالمنع ، وإن حكى عن سلار وابن البراج والفخر والشهيد في الحواشي المنسوبة إليه لكن لا دليل لهم سوى ما سمعته في الحربي الذي يجب الخروج عنه بما عرفته هناك كما هو واضح ، هذا.

ولكن في الرياض المناقشة في أصل دلالة العمومات على الجواز مطلقا بكون المراد من‌ قوله عليه‌السلام « الوقوف » إلى آخره وغيره ، الوقوف الصحيحة المتضمنة لشرائط الصحة التي منها‌

__________________

(١) سورة الممتحنة الآية ـ ٨.

(٢) المغني لابن قدامة ج ٤ ص ٢٢٢ طبعة بيروت دار الكتاب العربي سنة ١٩٣٢.

٣٣

قصد القربة ، وهي فرع الأمر بالوقف أو مطلق الصدقة عليهم والمبرة بهم ، ولا أثر له في الشريعة لا في الكتاب ولا في سنة ، فكيف يقصد التقرب بشي‌ء لم يرد به أمر أو حث أو ترغيب نحو ما ورد في المستحبات الشرعية ، وبذلك يظهر لك الجواب عن الاستدلال بقوله عليه‌السلام « لكل كبد حرى أجر » وبآية ( لا يَنْهاكُمُ اللهُ ) إلى آخره فإن غايتهما الدالة على ثبوت الأجر ، وعدم النهي عن المودة ، وهما لا يستلزمان الأمر بالوقف أو المودة حتى يتحقق فيه قصد القربة المشترطة في الصحة ، مع معارضتهما بعموم دليل المنع ، حتى يتحقق فيه قصد القربة المشترطة في الصحة ، مع معارضتهما بعموم دليل المنع ، وهو قوله تعالى (١) ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ ) إلى آخره ، مع أني لم أجد لهذا القول عدا الماتن هنا وفي الشرائع قائلا ، إلى أن قال : فهو ضعيف غايته.

وهو من غرائب الكلام وما كنا لنؤثر أن يقع ذلك منه لا في النظر ولا في التتبع ، إذ قد عرفت أنه قول غير المصنف أولا ، وثانيا لا يخفي عليك ـ بعد الإغضاء عما في تقييد العمومات بالصحيحة المقتضي لعدم استفادة الصحيح منها حينئذ ، والإغضاء عن شرطية نية القربة ـ أنه يكفي في ذلك إطلاق ما دل على استحباب الوقف ، وأنه من الصدقة الجارية ، ضرورة عدم الفرق بين متعلقة ومتعلق أوامر الصدقة بين المسلم والذمي خصوصا بعد‌ الخبر « أن لكل كبد حرى أجرا » وكذا ما دل على الأمر بالإحسان وبالمعروف وفعل الخير ونحو ذلك ، بل قوله تعالى (٢) ( لا يَنْهاكُمُ اللهُ ) إلى آخره كاف في ثبوت الحث على برهم ، والإقساط إليهم بالمودة ، « فإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ والمحسنين ، ويأمر بالإحسان (٣) » وأغرب من ذلك قوله فإن « غايتهما » إلى آخره وبالجملة هو من غرائب الكلام ، والله هو المؤيد والمسدد والحافظ من زلل الاقدام والأقلام.

هذا كله في الوقف عليهم أنفسهم من حيث أنهم من بني آدم ، ويمكن تولد مسلم منهم ، بل يمكن صيرورتهم مسلمين ، بخلاف ما لو وقف على الكنائس والبيع التي هي معابدهم فإنه لم يصح بلا خلاف أجده فيه بل عن ظاهر المبسوط والغنية‌

__________________

(١) سورة المجادلة الآية ـ ٢.

(٢) سورة الممتحنة الآية ـ ٨.

(٣) سورة البقرة الآية ـ ١٩٥ ـ وسورة النحل الآية ٩٠.

٣٤

نفيه بين المسلمين لكونه إعانة لهم على ما هو محرم عليهم من التعبيد فيها ونحوه وبذلك افترق عن الوقف عليهم لا بقصد شي‌ء من ذلك وإن صرفوهم في المحرم ، وعلى المسلمين أو مصالحهم كمساجدهم وقناطرهم ونحوها مما يستحب إعانتهم عليه هذا.

ولكن في المسالك بعد أن ذكر وجه المنع بنحو ما قلناه قال : وأما تعليل المنع ـ بأن من جملة مصرف الوقف عمارتها وهي محرمة ، بخلاف عمارة المساجد ، وباقي مصالح أهل الذمة ـ فغير مطرد ، لأن من الكنائس ما يجوز لهم عمارتها بل هو الأغلب في بلاد الإسلام ، وتخصيصه بكنيسة لا يجوز إحداثها كالمحدثة في أرض الإسلام ، أو أرضهم بعيد عن الإطلاق من غير ضرورة ».

وفيه أن عدم منعنا لهم عن ذلك لكونه من مقتضى عقد الذمة ، لا يقتضي الجواز لهم في الواقع ، بل هو محرم عليهم ، وحينئذ لا يجوز الوقف منا لهم على هذه الجهة ، بالإعانة على الإثم ، نعم لا بأس في الوقف على المصالح الراجعة إليهم الجائزة لهم كبناء دورهم ونحوها ، لأنه كالوقف عليهم.

وكذ لك في عدم الصحة لو وقف على معونة الزناة في زناهم من المسلمين فضلا عن غيرهم ، أو قطاع الطريق أو شاربي الخمر أو غيرهم لاشتراكهم معهم في الدليل الذي هو النهي عن الإعانة على الإثم ، والوقف بهذا القصد فرد منها ، فبناء على اعتبار القرية فيها فالأمر واضح ، وعلى العدم يبطل لكون النهي عنه نفسه باعتبار أنه إعانة ، نحو ما سمعته في الموادة وكذا لو وقف على كتب ما يسمى الآن بالتوراة ، والإنجيل بلا خلاف أجده فيه كما عن التذكرة وكذا المبسوط ، لا لأنها منسوخة ، فإن ذلك لا يقتضي حرمة النظر فيها كالمنسوخ من القرآن وإن توقف فيه في جامع المقاصد لاختلاف الملتين بخلاف منسوخ القرآن إلا أنه كما ترى بل لأنها محرفة ولو في الجملة وبه صارت من كتب الضلال التي لا يجوز نسخها والنظر فيها لغير النقض ولذا‌ غضب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على عمر لما رأى في يده شيئا من التوراة (١) « وقال له : أفي شك أنت يا بن الخطاب ، ألم آت بها بيضاء نقية ،

__________________

(١) المغني لابن قدامة ج ٦ ص ٢٢٢ طبعة بيروت دار الكتاب العربي سنة ١٩٣٢.

٣٥

ولو كان أخي موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي » ولو وقف عليها بقصد الوجه الذي يجوز له إمساكها والنظر فيه جاز ، لكونه حينئذ طاعة إلا أن الفرض لما كان نادرا أطلقوا المناع من الوقوف عليها ، وكإطلاقهم المنع على الحربي ، والبيع مع إمكان فرض جهة راجحة يجوز لها ذلك ، لكنه بعد تسليم إمكان فرضه خروج عن محل البحث كما هو واضح. هذا كله في وقف المسلم.

وأما لو وقف الكافر على البيع والكنائس أو أحد الكتابين جاز بلا خلاف أجده فيه كما عن المقتصر الأعراف به بل عن ظاهر التنقيح الإجماع عليه.

نعم في جامع المقاصد بعد أن افتى بالجواز قال : « وفيه وجه آخر » وعلى كل حال فالمعروف الأول إقرارا لهم على دينهم ، لكن في المسالك هو يتم بناء على عدم اشتراط القربة ، أما معه فمشكل من حيث إن ذلك معصية في الواقع ، فلا يتحقق معنى القربة بها إلا أن يراد قصدها في الجملة وإن لم تحصل ، أو قصدها ممن يعتقد حصولها ، وهذا هو الظاهر ، والأصل في ذلك ما عن الآبي في كشفه قال : سألت المصنف عن وجه عدم الصحة أي الذي ذكره في النافع ، فأجاب بأنه يمكن أن يقال : أن نية القربة شرط في الوقف ، ولا يمكن ذلك في الكافر ، فلا يصح منه الوقف.

وناقشه فيه بأن لقائل أن يمنع المتقدمين ، والوجه الصحة ، إذ كل قوم يدينون بدين ويعترفون بمعبود يتوجهون إليه ، وتبعهما في الرياض ، فإنه بعد أن حكى عن المصنف احتمال عدم الجواز لتعذر النية قال : وفيه نظر ، لاختصاصه بالمعطلة والدهرية.

وفيه أن الجواز الإقراري غير محتاج إلى شي‌ء من ذلك ، ضرورة أنه كوقف الخنزير ونحوه ، وأما الجواز الواقع الذي ينبغي فرضه في الجامع لشرائط الصحة عندنا ، سوى أنه من كافر لا في نحو المقام الذي باطل عندنا ، والفرض اشتراكهم في الفروع معنا ، وحينئذ فلا ريب في الفساد بناء على أن الوقف من العبادات المعتبر فيها النية المتوقفة على تحقق الأمر ، وليس هي إلا‌

٣٦

بالصحيحة الجامعة للشرائط التي منها الإسلام ، ودعوى الاتفاق على الصحة من الكافر في وقفه الجامع يقتضي ما أشرنا إليه من عدم اعتبار نية القربة فيه ، وإلا لم يكف القصد المزبور ، ضرورة شرطية الإسلام في صحة عباداتهم الجامعة للشرائط ، فضلا عن محل الفرض الذي ليس موضوع عبادة في الواقع ، والمذهب على اشتراكهم معنا في الفروع ولعل ذلك هو مراد المصنف كما وقع له في العتق ، بل كذلك الكلام في الوقف من فرق المسلمين المخالفة للحق ، فإنه باطل على اعتبار القربة لمعلومية اشتراط الإيمان في صحة العبادة ».

وأما الوقف عليهم فالظاهر جوازه لنحو ما سمعته في الوقف على الذمي ، إلا ما كان ملحقا منهم بالحربي كالخوارج والغلاة والنواصب ونحوهم مما لم يثبت شرعية الوقف عليهم إن لم يكن الثابت من الأدلة خلافه ، وهو معنى آخر غير اشتراط القربة ، وعليه يتفرع عدم جواز الوقف على الفاسق من حيث كونه كذلك ، وكذا الكافر والمخالف على وجه لا يكون من الإعانة على الإثم ، فليس حينئذ إلا اعتبار مشروعية جهة الوقف في الصحة فتأمل جيدا ، فإنه دقيق نافع ، ومما ذكرنا يعلم وجه الصحة في وقف الكافر على بيوت النيران وقرابين الشمس والكواكب كما هو المحكي عن المقنعة والمهذب والكافي والوسيلة والسرائر والدروس والمقتصر ، بل وظاهر النهاية والجامع ، إذ هي إما أن يراد منها الصحة الإقرارية إن كانوا ممن يقرون على ذلك ، نحو قولهم بصحة وقف الذمي الخنزير على مثله ، أو مبني على عدم اعتبار نية القربة في الوقف ، بل وعلى عدم اعتبار مشروعية الجهة في الوقف في الواقع ، لكن عن المختلف والتنقيح التصريح بعدم صحة ذلك ، وهو مبني على إرادة الصحة الواقعية لا الإقرارية ، وأن القربة معتبرة فيها أو مشروعية الجهة والله العالم.

والمسلم إذا وقف على الفقراء انصرف عرفا إلى إرادة فقراء المسلمين دون غيرهم وإن كان اللفظ جميعا معرفا ، ومقتضاه الاستغراق ، إلا أن شهادة الحال عرفا تكفي في تخصيصه ومن هنا لو وقف الكافر كذلك بأن جعل عنوان وقفه الفقراء انصرف إلى فقراء نحلته أيضا لما عرفت بلا خلاف أجده فيهما ، وليس هو من الحقيقة العرفية حتى يبني على مسألة تقديمها على اللغوية أو بالعكس كما توهم ، بل‌

٣٧

هو من القرينة على إرادة الاختصاص ، بل الظاهر قيامها على إرادة فقراء أهل مذهبه ، لا غيرهم كما اعترف به بعضهم ، بل يمكن إرادة الأكثر له ، وإن أطلقوا ، إلا أنه كان بصدد بيان عدم دخول فقراء الكافرين من حيث كون الواقف مسلما ، من المحققين كان أو المبطلين ، أما لو فرض كونه إماميا فشاهد هذا الحال الذي ذكرناه بنفسه قائم أيضا على إرادة الفقراء من الإمامية دون غيرهم ، وهكذا إلا مع القرينة الدالة على إرادة خلاف قرينة الإطلاق ، وكذا لو جعل العنوان فقراء بلد أو بلد مخصوص.

نعم لو لم يكن في البلد إلا فقراء غير مذهبه ، وكان عالما بذلك أتجه حينئذ الصرف إليهم للقرينة ، أما إذا لم يكن عالما فلا يبعد بطلان الوقف لعدم الموقوف عليه خلافا لما في المسالك من أن الأولى الصحة عملا بالعموم المتناول للموجودين وحملا للوقف على الوجه الصحيح ، وفيه ما لا يخفى بعد فرض انصراف الإطلاق إلى ما ذكرناه وعدم القرينة إلى غيره.

ولو وقف على المسلمين انصرف إلى من صلى إلى القبلة كما عن الأكثر ، بل المشهور ، وهي الكعبة المشرفة ، أي تدين بالصلاة إليها وإن لم يفعل ، خلافا لما عن المفيد من اشتراط الفعل ، بل الظاهر ما صرح به غير واحد من دخول أطفالهم ومجانينهم والمستضعفين منهم ونحوهم ممن محكوم بإسلامه شرعا للتبعية ، بل والإناث وإن كانت الصيغة للذكور ، إلا أن المراد منها الجنس.

نعم يخرج عنهم كل من حكم بكفره ، ولو لسب ونحوه ، وإن انتحل الإسلام كالخوارج والغلاة ونحوهم ما لم يكن الواقف منهم ، وإن احتمال دخولهم في الرياض ، لكنه في غير محله ، من غير فرق في ذلك كله بين كون الواقف من المسلمين محقا وغيره ، للعموم.

وقيل : إن كان الواقف محقا اختص الوقف بقبيلته بشاهد الحال ، كما لو وقف على الفقراء ، ولمنع صحة الوقف على غير المحق ، بناء على اعتبار القربة فيه ، وفيه منع شهادته بذلك ، ولا تلازم بين اقتضائه في لفظ الفقراء ، واقتضائه في لفظ المسلمين ، وإلا لاقتضى في لفظ الناس وبني آدم ونحوهم ، والتعليل بعدم صحة الوقف على غير المحق خروج عن محل البحث ، أولا ، وممنوع ثانيا وإن قلنا باعتبار القربة فيه ، كما أوضحنا سابقا.

٣٨

ومنه يعلم ضعف ما عن الحلبي من خروج غير المؤمن إن كان مبناه الحكم بكفره على وجه لا يجوز الوقف عليه كما أن من ذلك كله يظهر لك الحال فيما أطنب فيه في الرياض خصوصا بعد ملاحظة كون المرجع في المسألة الفهم عرفا ولو بشاهد الحال ، فإيكاله حينئذ إلى الوجدان كما في نظائره أولى من إقامة الدليل والبرهان ، وكذا في الدروس من أن الرجوع إلى الاعتقاد قوي ، وإن خفي بني على تحقق الإسلام والكفر وهو في علم الكلام ، والله العالم.

ولو وقف على المؤمنين انصرف إلى الاثني عشرية ، وقيل : والقائل الشيخ وجماعة إلى مجتنبي الكبائر منهم التي منها الإصرار على الصغائر والأول أشبه لعدم الدليل على اعتبار ذلك في الإيمان بل ظاهر الأدلة خلافه بل استقر المذهب الآن على ذلك بل هو المحكي عن التبين للشيخ قائلا أنه كذلك عندنا ، مشعرا بالاتفاق عليه ، وعن الحلبي والديلمي وكافة المتأخرين ، بل ظاهر المصنف والأكثر على ما اعترف به بعضهم بل في الرياض نسبته إليهم عدم الفرق في الانصراف المزبور بين كون الواقف منهم أو من غيرهم.

لكن في المسالك بعد أن ذكر أن للإيمان معنيين ، عام ، وهو التصديق القلبي بما جاء به محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو أخص من الإسلام ، وخاص ، وهو أيضا قسمان أحدهما أنه كذلك مع العمل الصالح ، فصاحب الكبيرة ليس بمؤمن والثاني الاعتقاد بإمامة الأئمة الاثني عشر عليهم‌السلام ، وهو المتعارف بين الإمامية وذكر ما اقتضاه ظاهر المصنف والأكثر قال : « وهو مشكل لأن ذلك غير معروف عنده ، ولا قصده متوجه إليه ، فكيف يحمل عليه ، وليس الحكم فيه كالمسلمين في أن لفظة عام فينصرف إلى ما دل عليه اللفظ ، وإن خلاف معتقد الواقف كما تقدم ، لأن الإيمان لغة هو مطلق التصديق ، وليس بمراد هنا واصطلاحا مختلف بحسب المصطلحين ، والمعنى الذي اعتبره أكثر المسلمين هو المعنى العام ، فلو قيل بحمله عليه إذا كان الواقف غير إمامي كان حسنا ، أو يقال : إذا كان من الوعيدية يحمل على معتقده أو من الإمامية ، فعلى معتقده ، أو من غيره فعلى معتقده عملا بشاهد الحال ودلالة العرف الخاص والقرائن الحالية ، ولو كان الواقف إماميا وعيديا كما اتفق لكثير من قدمائنا تعارض العرفان ، ولعل حمله على المعنى المشهور وهو الأخير أوضح لأنه أعرف » وتبعه على ذلك في الرياض.

٣٩

قلت : قد يقال : إن نظر الأصحاب إلى أن هذا الاختلاف في مصداق المؤمن الموجود في الكتاب والسنة النبوة وأخبار الأئمة عليهم‌السلام ، وليس هو تعدد اصطلاح منهم ، وحينئذ فمن أوقف أو أوصى وجعل العنوان المؤمن نفذ فيما هو مصداقه واقعا ، لظهور إرادة الواقع من كل متكلم إذا كان من قبيل لا يعرف اختلاف علمائه في ذلك ، بل لعله كذلك وإن كان خلاف ما اعتقده الواقف ، إلا أن تكون قرينة على إرادته بوقفه ما يزعم أنه مصداق له ، ومجرد الاختيار في التفسير لا يصلح قرينة على ذلك ، ولا ريب في أن المؤمن في العرف السابق ، المصدق قلبا بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما جاء به ، وفي العرف الحادث المصدق مع ذلك بإمامة الأئمة الاثنى عشر عليهم‌السلام ، فهم المؤمنون حينئذ حقا.

نعم يعتبر فيهم عدم صدور ما يخرجهم عن الايمان إلى الكفر من سب وإنكار ضروري المذهب ونحو ذلك ، مثل ما سمعته في المسلم بالنسبة إلى ذلك ، بل وبالنسبة إلى إدخال أطفالهم ومجانينهم مما هو محكوم بايمانه بالتبعية ، بل والمستضعف منهم ، وكأنه أشار إلى بعض ما ذكرنا في الدروس حيث اعتبر اعتقاد العصمة في الاثنى عشر مع الإمامة ، ولعله لأنها من ضروريات المذهب الذي يقتضي إنكارها ـ من أهل المذهب الكفر ، وإن نظر فيه في المسالك قال : « ويلزمه اشتراط اعتقاد أفضليتهم على غيرهم من معتقدات الإمامية المجمع عليها ، والفتاوى خالية عنه ، والظاهر يشهد بخلافه » لكن فيه ما لا يخفى بعد الإحاطة بما ذكرناه ، والله العالم.

ولو وقف على الشيعة فهو في عرفنا الآن للإمامية خاصة كما اعترف به في الرياض ، بل في المسالك حكاه عن بعض من تقدمه ، لكن قال : هو غريب بناء منه على أن الشيعي من شائع عليا عليه‌السلام في الإمامة مقدما له على غيره بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وحينئذ فيندرج فيهم الجارودية والإسماعيلية من فرق الزيدية دون غيرهم والكيسانية والواقفية والفطحية وغيرهم ، الا أن المصنف اقتصر على الجارودية من فرق الزيدية للقول : بإمامة الشيخين من باقي فرقهم وانقراض الطوائف الأخر.

٤٠