دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي - ج ٣

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : الفقه
الناشر: المركز العالمي للدّراسات الإسلامية
المطبعة: توحيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢١٩

المعروف بين الأصحاب. (١) وقد يستفاد من رواية زرارة : « سألت أبا جعفر عليه‌السلام : عن عدة المختلعة كم هي؟ قال : عدة المطلقة. ولتعتد فى بيتها. والمبارئة بمنزلة المختلعة » (٢).

١٦ ـ وأما أنه يعتبر فى المباراة الكراهة من كلا الطرفين ، فهو على ما فى الحدائق أمر مقطوع به فى كلام الأصحاب(٣). ويمكن استفادته من موثقة سماعة : « سألته عن المباراة كيف هي؟ فقال : يكون للمرأة شيء على زوجها من مهر أو من غيره ويكون قد أعطاها بعضه فيكره كلّ واحد منهما صاحبه ، فتقول المرأة لزوجها : « ما اخذت منك فهو لي ، وما بقى عليك فهو لك وبارئك » ، فيقول الرجل لها : « فإن أنتِ رجعتِ فى شيء ممّا تركتِ ، فأنا أحق ببضعك » (٤).

ولا يضر اضمارها بطريق الكلينى بعد ما كانت مسندة فى طريق الشيخ.

١٧ ـ وأما أنه يعتبر فى المباراة أن لا تكون الفدية أكثر من المهر ، فهو ممّا لا خلاف فيه ، وإنما الخلاف فى اعتبار أن لا تكون مساوية له أيضا بل أقل.

ظاهر صحيحة أبى بصير عن أبى عبداللّه عليه‌السلام : « المباراة تقول المرأة لزوجها : « لك ما عليك واتركني » أو تجعل لها من قبلها شيئاً فيتركها إلاّ أنه يقول : « فإن ارتجعت فى شيء فأنا أملك ببضعك ». ولا يحل لزوجها أن يأخذ منها إلاّ المهر فما دونه » (٥) بل صريحها جواز كونها مساوية.

__________________

١ ـ جواهر الكلام : ٣٣ / ٩٤.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٥ / ٥٠٣ ، باب ١٠ من كتاب الخلع والمباراة ، حديث ٤.

٣ ـ الحدائق الناضرة : ٥ / ٦٢٣.

٤ ـ وسائل الشيعة : ١٥ / ٥٠٠ ، باب ٨ من كتاب الخلع والمباراة ، حديث ٣.

٥ ـ وسائل الشيعة : ١٥ / ٦٢٣ ، باب ٨ من كتاب الخلع والمباراة ، حديث ٤.

١٢١

إلاّ أنه قد يقال بكونها معارضة بصحيحة زرارة المتقدمة فى رقم ١٣ الدالة علي اعتبار كونها أقل من مقدار المهر.

ويمكن الجمع بينهما بحمل الوارد فى صحيحة زرارة « دون الصداق » علي اعتبار أن لا تكون أزيد من مقدار المهر ، فان صحيحة أبى بصير صريحة فى جواز كونها بمقداره بينما صحيحة زرارة ظاهرة فى اعتبار كونها أقل منه فيؤوّل الظاهر بقرينة الصريح طبقا للقاعدة العرفية : كلّما اجتمع دليلان متنافيان أحدهما صريح والآخر ظاهر اُوِّل الظاهر بقرينة الصريح.

واذا تمَّ هذا فلا مشكلة وإلاّ كان التعارض مستقرا ويلزم ترجيح صحيحة أبي بصير لموافقة مضمونها لقوله تعالي : ( فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) (١).

وعليه فالنتيجة واحدة على كلا التقديرين.

١٨ ـ وأما أنه لا تصح المبارة بلفظ « بارأتك على كذا » من دون اتباع بالطلاق فقد ادّعى المحقق اتفاق الاصحاب عليه (٢). ولولا ذلك كان المناسب الحكم بعدم الحاجة الى الاتباع بذلك لصحيحة حمران : « سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يتحدّث ، قال : المباراة (٣) تبيّن من ساعتها من غير طلاق ولا ميراث بينهما ... » (٤) وغيرها.

والمناسب تحفظا من مخالفة الاتفاق المحتمل التنزّل عن الفتوى بعدم اعتبار الاتباع بالطلاق الى الاحتياط باعتباره.

__________________

١ ـ البقرة : ٢٢٩.

٢ ـ شرائع الاسلام : ٣ / ٦٢٣.

٣ ـ فى تهذيب الاحكام : ٨/ ١٠٢ : المبارءة ....

٤ ـ وسائل الشيعة : ١٥ / ٥٠١ ، باب ٩ من كتاب الخلع والمباراة ، حديث ٣.

١٢٢

كتاب الظهار

١٢٣
١٢٤

الظهار

الظهار ـ وهو تنزيل الزوج زوجته بمنزلة اُمه أو غيرها من محارمه فى حرمة نكاحها بمثل صيغة أنتِ عليَّ كظهر اُمى ـ حرام.

وبه تحرم على الزوج زوجته حتى يكفّر.

ولا يجب التكفير بمجرد التلفظ من دون إرادة العود.

واذا كفّر لارادة العود قبل الوط‏ء فلا تجب عليه اُخرى بعده ، بخلاف ما لو وطئها بدون تكفير فإنه تلزمه كفارتان إحداهما للوط‏ء والاُخرى لإرادة العود.

واذا صبرت الزوجة بعد الظهار فلا اعتراض وإلاّ رفعت أمرها الى الحاكم الشرعى وخيِّر الزوج بين التكفير وبين الطلاق ، فإن لم يختر أحدهما أنظره ثلاثة أشهر من حين المرافعة فإن انقضت ولم يختر أحد الأمرين حبسه وضيّق عليه فى المطعم والمشرب حتى يختار أحدهما.

والكفارة هى عتق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا. وإن عجز عن الجميع صام ثمانية عشر يوما.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أما أن الظهار ما ذكر ، فهو من واضحات الفقه واللغة. وتدلّ عليه الروايات الآتية إن شاء اللّه تعالي.

١٢٥

وهو من مبتدعات الجاهلية. وكان يستعان به كوسيلة لطلاق الزوجة وقد حرّمه الاسلام.

٢ ـ وأما أنه يقع بصيغة « أنتِ عليَّ كظهر اُمي » ، فأمر لا خلاف فيه ، (١) وهو القدر المتيقن من الصيغة التى يقع بها الظهار. ويستفاد ذلك من صحيح حريز عن أبي عبدالله عليه‌السلام : « الظهار ظهاران فأحدهما أن يقول : أنتِ عليَّ كظهر اُمى ثم يسكت فذلك ، الذى يكفّر ، فاذا قال : « أنتِ عليَّ كظهر اُمى ان فعلت كذا وكذا » ، ففعل وحنث ، فعليه الكفارة حين يحنت » (٢) وغيرها.

هذا وقد وقع الخلاف فى انعقاده فيما لو قال : أنتِ عليَّ كظهر عمتى أو خالتى أو غيرهما من المحارم أو قال : أنتِ عليَّ كشعر أو بطن أو صدر اُمي. والتعرض لذلك ليس بمهم.

٣ ـ وأما أنه حرام ، فهو من المسلمات. ويدلّ عليه قوله تعالي : ( الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هنّ أمهاتهم إن اُمهاتهم إلاّ اللائى ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وان اللّه لعفوٌّ غفور ) (٣) ، وصحيح حمران عن أبى جعفر عليه‌السلام : « ان امير المؤمنين عليه‌السلام قال : إن امرأة من المسلمين أتت رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت : يا رسول اللّه إن فلاناً زوجى قد نثرتُ له بطني(٤) وأعنته على دنياه وآخرته فلم يَر منّى مكروها وأنا أشكوه الى اللّه وإليك ، قال : فما تشكينه؟ قالت : إنه قال لي اليوم : أنتِ عليَّ حرام كظهر اُمى وقد أخرجنى من منزلى فانظر فى أمري ، فقال رسول

__________________

١ ـ جواهر الكلام : ٣٣ / ٩٩.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٥ / ٥٣٠ ، باب ١٦ من كتاب الظهار ، حديث ٧.

٣ ـ المجادله : ٢.

٤ ـ اى اكثرتُ له الولد من بطني. هكذا جاء فى الوافي : ٢٢ / ٩٠٣.

١٢٦

اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أنزل اللّه عليَّ كتابا أقضى به بينك وبين زوجك وأنا أكره أن أكون من المتكلفين فجعلت تبكى وتشتكى ما بها الى اللّه والى رسوله وانصرفت ، فسمع اللّه محاورتها لرسوله وما شكت اليه ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ قرآنا : « بسم اللّه الرحمن الرحيم قد سمع اللّه قول التى تجادلك فى زوجها ... » فبعث رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله الى المرأة فأتته ، فقال لها : جئنى بزوجك ، فأتته به ، فقال : أقلت لامرأتك هذه : أنتِ عليَّ حرام كظهر اُمي؟ فقال : قد قلت ذلك ، فقال رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قد أنزل اللّه فيك قرآنا ، فقرأ عليه ما أنزل اللّه ... فضم امرأتك اليك فإنّك قد قلت منكرا من القول وزوراً ، قد عفا اللّه عنك وغفر لك فلا تعد ... » (١) وغيره.

وبالجملة لا إشكال فى حرمة الظهار لوصفه بالمنكر والزور فى الآية الكريمة وللنهى عن العود اليه فى الرواية الشريفة.

هذا وقد نسب الى قائل غير معروف بأنه محرّم لا عقاب عليه ، لتعقيبه بالعفو في الآية السابقة(٢).

وفيه : ان العفو ثابت للفاعل الأول باعتبار جهله بالتحريم وليس لكلّ فاعل حتى مع علمه بذلك.

٤ ـ واما انه يحرم بالظهار وط‏ء الزوجة قبل التكفير ، فيدلّ عليه صريح الآية الكريمة : ( والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ... ) (٣) وصحيح الحلبي : « سألت أبا عبد اللّه عليه‌السلام عن الرجل يظاهر من امرأته ثم يريد أن يتم على طلاقها ، قال : ليس عليه كفارة. قلت : إن أراد أن يمسّها؟ قال : لا

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٥ / ٥٠٦ ، باب ١ من كتاب الظهار ، حديث ٢.

٢ ـ جواهر الكلام : ٣٣ / ١٢٩.

٣ ـ المجادلة : ٣.

١٢٧

يمسّها حتى يكفّر. قلت : فإن فعل فعليه شيء؟ قال : اى واللّه انه لآثم ظالم. قلت : عليه كفارة غير الاْولي؟ قال : نعم يعتق أيضا رقبة » (١) وغيره.

٥ ـ وأما أنه لا يجب التكفير بمجرد التلفظ بالظهار من دون إرادة العود ، فيدلّ عليه ظاهر الآية الكريمة وصحيح الحلبى السابق وغيره. بل يكفى لنفى ذلك القصور فى المقتضى بلا حاجة الى دليل يدلّ على النفي.

٦ ـ وأما تعدد الكفارة بالوط‏ء قبل التكفير وعدم تعددها مع التكفير قبل الوط‏ء ، فيستفاد من صحيح الحلبى السابق وغيره.

٧ ـ وأما أن الزوجة اذا صبرت ، فلا اعتراض فباعتبار أنها صاحبة الحق ، فمع تنازلها فلا موجب للاعتراض.

وأما أنها اذا رفعت أمرها الى الحاكم خيّره على البيان المتقدم ، فقد يستدلّ له بموثق أبى بصير : « سألت أبا عبد اللّه عليه‌السلام عن رجل ظاهر من امرأته ، قال : ان أتاها فعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا وإلاّ ترك ثلاثة أشهر ، فإن فاء وإلاّ اُوقف حتى يُسأل لك حاجة فى امرأتك أو تطلقها ، فان فاء فليس عليه شيء وهى امرأته وإن طلق واحدة فهو أملك برجعتها » (٢).

ولكنّه ـ كما ترى ـ لا يدلّ على التضييق فى المأكل والمشرب فلابدّ من اتمام ذلك بالتسالم وعدم الخلاف أو أن يبنى على التعدى من روايات باب الإيلاء الدالّة على التضييق(٣) الى باب الظهار بناءً على عدم فهم الخصوصية.

هذا وقد ورد فى بعض الكلمات أنه اذا لم يُجْدِه كل ذلك طلّقها الحاكم. ولكنه

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٥ / ٥٢٧ ، باب ١٥ من كتاب الظهار ، حديث ٤.

٢ ـ وسائل الشيعة ، ١٥ / ٥٣٣ ، باب ١٨ من كتاب الظهار ، حديث ١.

٣ ـ وسائل الشيعة : ١٥ / ٥٤٥ ، باب ١١ من ابواب الايلاء.

١٢٨

قابل للتأمل ، اذ لا نص يدلّ على ذلك وليس موردا للاتفاق فلاحظ.

٨ ـ وأما أن الكفارة ما تقدم ، فتدلّ عليه الآية الكريمة : ( والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسّا ذلكم توعظون به واللّه بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسّا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ) (١) وموثق أبى بصير المتقدم ونحوه.

وأما انّه اذا عجز عن الجميع صام ثمانية عشر يوما ، فيدلّ عليه موثق أبى بصير الآخر : « سألت أبا عبد اللّه عليه‌السلام عن رجل ظاهر من امرأته ، فلم يجد ما يعتق ولا ما يتصدق ولا يقوى على الصيام ، قال : يصوم ثمانية عشر يوما ، لكل عشرة مساكين ثلاثة أيام » (٢).

__________________

١ ـ المجادلة : ٣ ، ٤.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٥ / ٥٥٨ ، باب ٨ من ابواب الكفارات ، حديث ١.

١٢٩
١٣٠

كتاب الإيلاء

١٣١
١٣٢

الإيلاء

الإيلاء هو الحلف على ترك مواقعة الزوجة ـ الدائمة المدخول بها ـ أبدا أو مدّة تزيد علي أربعة أشهر بقصد ايذائها والإضرار بها دون ما اذا لم يكن كذلك ، كما اذا حلف على ذلك حفاظا على صحته أو صحتها.

ومع فقدان بعض القيود المذكورة لا ينعقد الحلف إيلاءً وإن انعقد يمينا وترتبت عليه آثاره اذا اجتمعت شروطه.

واذا تمّ بشرائطه فمع صبر الزوجة فلا اعتراض ، وإلاّ رافعته الى الحاكم الشرعي ، فان تراجع خلال أربعة أشهر وواقعها خلال ذلك فهو ، وإلاّ ألزمه بأحد أمرين : الرجوع أو الطلاق. وإذا لم يستجب سجنه وضيق عليه فيالمأكل والمشرب حتى يختار أحدهما.

وعلى الزوج اذا واقع زوجته بعد الأيلاء التكفير بكفارة حنث اليمين.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أما أنّ الايلاء ما ذكر ، فهو معناه شرعا ، وإلاّ فهو لغة بمعنى مطلق الحلف ، يقال : آليت إيلاءً ، أى حلفت حلفا. (١)

__________________

١ ـ مجمع البحرين : ١ / ٢٩.

١٣٣

وقد كان الإيلاء فى الجاهلية نحوا من الطلاق كالظهار ، فاذا غضب الزوج علي زوجته حلف على عدم مواقعتها قاصدا بذلك تضييق الخناق عليها ، فلا يطلق سراحها ـ كما فى الطلاق ـ لتتزوّج من غيره ولايعود اليها ليعيش معها.

وقد جاء قوله تعالي : ( للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن اللّه غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإنّ اللّه سميع عليم ) (١) متعرضا الى حكم الايلاء ومحددا للفترة التى يتمكن الزوج فيها من اتخاذ القرار النهائي ، وهى أربعة أشهر ، فإمّا أن يعود ويعيش معها أو يخلى سبيلها بالطلاق. ومن الطبيعى أن يشجّع الكتاب الكريم على الأول ، ولذا قال : ( فإن فاءوا فانّ اللّه غفور رحيم ).

٢ ـ وأما اعتبار دوام العقد ، فهو المشهور. ويدلّ عليه :

أ ـ قوله تعالي : ( وإن عزموا الطلاق ... ) ، فإنه ظاهر فى اعتبار قبول الزوجة المولّى منها للطلاق وهو لا يتم إلاّ فى الدائمة.

ب‏ ـ أن من لوازم صحة ‏الايلاء جوازمطالبة الزوجة بالوط‏ء ، وهو لايتم ‏إلاّ فى الدائمة.

ج ـ التمسّك بصحيحة عبد اللّه بن أبى يعفور عن أبى عبد اللّه عليه‌السلام : « لا ايلاء علي الرجل من المرأة التى يتمتع بها » (٢).

د ـ اذا شك فى ترتب الأثر بايلاء المتمتع بها يستصحب عدم ترتبه لو فرض القصور فى المقتضي.

٣ ـ وأما اشتراط الدخول ، فلم يعرف فيه خلاف للروايات الخاصة ، كصحيحة محمد بن مسلم عن أبى جعفر وأبى عبداللّه عليهما‌السلام : « فى المرأة التى لم يدخل بها

__________________

١ ـ البقرة : ٢٢٦ ، ٢٢٧.

٢ ـ تهذيب الاحكام : ٨ / ٨ ، رقم ٢٢.

١٣٤

زوجها ، قال : لا يقع عليها ايلاء ولا ظهار » (١) وغيرها(٢).

٤ ـ وأما اعتبار أن تكون الفترة المحلوف على ترك الوط‏ء فيها تزيد على أربعة أشهر ، فتدلّ عليه رواية زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام : « قلت له : رجل آلى أن لا يقرب امرأته ثلاثة أشهر فقال : لا يكون إيلاء حتى يحلف على أكثر من أربعة أشهر » (٣). لكنها قابلة للتأمل سندا من ناحية القاسم بن عروة ، فإنه لم تثبت وثاقته.

وقد يعوض عنها بصحيحة حفص بن البخترى عن أبى عبد اللّه عليه‌السلام : « اذا غاضب الرجل امرأته فلم يقربها من غير يمين أربعة اشهر استعدت عليه فإما ان يفيي‏ء وإما أن يطلق ، فإن تركها من غير مغاضبة أو يمين فليس بمؤل » (٤) ، فانه يستفاد منها انه يكون مؤليا لو ترك وطئها أربعة أشهر عن يمين. وعلى أى حال لم يعرف خلاف فى الحكم المذكور. (٥)

٥ ـ وأما اعتبار أن يكون الحلف على ترك الوط‏ء بقصد الإضرار ، فلا خلاف فيه. (٦) وتدلّ عليه موثقة السكونى عن أبى عبداللّه عليه‌السلام : « أتى رجل أمير المؤمنين ، فقال : يا أميرالمؤمنين! إن امرأتى أرضعت غلاما وإنى قلت : واللّه لا أقربُكِ حتي تفطميه ، فقال : ليس فى الإصلاح إيلاء » (٧).

واذا شُكِّكَ فى السند من ناحية النوفلى الراوى عن السكوني ، فبالإمكان

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٥ / ٥١٦ ، باب ٨ من كتاب الظهار ، حديث ٢.

٢ ـ يمكن مراجعة بقية الروايات فى الباب ٦ من ابواب الايلاء.

٣ ـ وسائل الشيعة : ١٥ / ٥٣٨ ، باب ٦ من كتاب الايلاء ، حديث ٧.

٤ ـ وسائل الشيعة : ١٥ / ٥٣٥ ، باب ١ من كتاب الايلاء ، حديث ٢.

٥ ـ جواهر الكلام : ٣٣ / ٣٠٩.

٦ ـ جواهر الكلام : ٣٣ / ٣٠٣.

٧ ـ وسائل الشيعة : ١٥ / ٥٣٧ ، باب ٤ من كتاب الايلاء ، حديث ١.

١٣٥

التعويض بصحيحة حفص بن البخترى المتقدمة ، فإنه يستفاد ذلك منها فلاحظ.

٦ ـ وأما أنه عند فقدان بعض الشرائط المتقدمة لا ينعقد إيلاءً ، فواضح ، فإن ذلك مقتضى الشرطية ومن لوازمها.

وأما أنه ينعقد يمينا ، فلأن الايلاء يمين ولا وجه للتوقف فى انعقاده يمينا بعد فرض توفر شرائط ذلك فيه.

٧ ـ وأما أنه إذا تَمَّ الايلاء وصبرت الزوجة ، فلا اعتراض فواضح باعتبار إنها صاحبة الحق ، ولصاحب الحق التنازل عن حقه.

وأما أنها إذا لم تصبر فلها الحق فى رفع أمرها الى الحاكم الشرعي ، فلدلالة الروايات المتعددة عليه. وقد سبق بعضها ويأتى بعضها الآخر.

وأما أن للحاكم الحق فى الالزام بأحد الأمرين عند انتهاء المدّة ، فذلك لازم جواز رفع القضية الى الحاكم وإلاّ كان رفعها اليه لغوا. على أن ذلك يستفاد من بعض الروايات الآتية.

٨ ـ وأما أن الحاكم يضيّق عليه فى المأكل والمشرب إذا امتنع من الأمرين في نهاية المدة ، فقد دلّت عليه رواية حماد بن عثمان عن أبى عبداللّه عليه‌السلام : المؤلى اذا أبى أن يطلّق قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يجعل له حظيرة من قصب ويجعله فيها ويمنعه من الطعام والشراب حتى يطلّق » (١) وغيرها.

ولكن الجميع ضعيف السند فلاحظ. ولابدّ من اتمام المطلب بالتسالم ان تمّ.

ثمّ إنه اذا امتنع المؤلى من اختيار أحد الأمرين إما مع التضييق عليه فى المأكل والمشرب أو بدونه ، فهل للحاكم التصدى للطلاق؟ نعم له ذلك لموثق سماعة : « ... و

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٥ / ٥٤٥ ، باب ١١ من كتاب الايلاء ، حديث ١.

١٣٦

ان لم يفِ بعد أربعة أشهر حتى يصالح أهله أو يطلّق جبر على ذلك ، ولا يقع طلاق فيما بينهما حتى يوقف وإن كان بعد الأربعة أشهر فإن أبى فرّق بينهما الامام » (١).

٩ ـ وأما لزوم الكفارة ، فهو ممّا لا إشكال فيه من جهة تحقق حنث اليمين.

ومنه يتضح الوجه فى كونها ككفارة حنث اليمين التى يأتى بيانها إن شاء اللّه في الموضع المناسب.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٥ / ٥٤٢ ، باب ٩ من كتاب الايلاء ، حديث ٤.

١٣٧
١٣٨

كتاب اللعان

١ ـ ما هو اللعان؟

٢ ـ كيفية اللعان

٣ ـ من أحكام اللعان

١٣٩
١٤٠