دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي - ج ٣

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : الفقه
الناشر: المركز العالمي للدّراسات الإسلامية
المطبعة: توحيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢١٩

١
٢

٣
٤

كلمة المكتب

الحمدللّه‏ والصلاّة والسلام على أنبياء اللّه‏ ، لاسيما رسوله الخاتم وآله الطيبين الطاهرين المعصومين.

اما بعد ، لاشك ان اصلاح المناهج الدراسية المتداولة فى الحوزات العلمية والمعاهد الدراسية فى العصر الحاضر ـ الذى عُرف بعصر ثورة المعلومات ـ بات حاجة ملحّة يقتضيها تطور العلوم وتكاملها عبر الزمان ، وظهور مناهج تعليمية وتربوية حديثة ، تتوافق مع الطموحات والحاجات الانسانية المتجددة.

وهذه الحقيقة لم تعد خافية على القائمين على هذه المراكز ، فوضعوا نصب أعينهم اصلاح النظام التعليمى فى قائمة الاولويات بعد ان باتت فاعليته رهن اجراء تغييرات جذرية على هيكلية هذا النظام.

ويبدو من خلال هذه الرؤية ان اصلاح النظام الحوزوى ليس امراً بعيد المنال ، إلا انه من دون احداث تغيير فى المناهج الحوزوية ستبوء كافة الدعوات الاصلاحية بالفشل الذريع وستموت فى مهدها.

والمركز العالمى للدّراسات الإسلامية ـ الذّى يتولّى مهمّة إعداد المئات من الطلاب الوافدين من مختلف بقاع الارض للاغتراف من نمير علوم

٥

أهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ شرع فى الخطوات اللازمة لاجراء تغييرات جذرية علي المناهج الدراسية المتبعة وفق الأساليب العلمية الحديثة بهدف عرض المواد التعليمية بنحو أفضل ، الامر الذى لاتلبّيه الكتب الحوزوية السائدة؛ ذلك انها لم تؤلف لهدف التدريس ، وانما الفت لتعبر عن افكار مؤلفيها حيال موضوعات مرّ عليها حقبة طويلة من الزمن واصبحت جزءاً من الماضي.

وفضلا عن ذلك فانها تفتقد مزايا الكتب الدراسية التى يراعى فيها مستوي الطالب ومؤهلاته الفكرية والعلمية ، وتسلسل الأفكار المودعة فيها وأداؤها ، واستعراض الآراء والنظريات الحديثة التى تعبر عن المدى الذى وصلت اليه من عمق بلغة عصرية يتوخى فيها السهولة والتيسير وتذليل صعب المسائل مع احتفاظها بدقة العبارات وعمق الافكار بعيداً عن التعقيد الذى يقتل الطالب فيه وقته الثمين دون جدوي.

وانطلاقا من توجيهات كبار العلماء والمصلحين وعلى رأسهم سماحة الامام الراحل ـ قدس ‏سره ـ ، وتلبية لنداء قائد الثورة الاسلامية آية ‏اللّه‏ الخامنئى ـ مد ظله الوارف ـ قام هذا المركز بتخويل « مكتب مطالعة وتدوين المناهج الدراسية » مهمة تجديد الكتب الدراسية السائدة فى الحوزات العلمية ، ان يضع له خطة عمل لاعداد كتب دراسية تتوفر المزايا السالفة الذكر.

وقد بدت امام المكتب المذكور ـ ولاول وهلة ـ عدة خيارات :

١ ـ اختصار الكتب الدراسية المتداولة من خلال انتقاء الموضوعات التى لها مساس بالواقع العملي.

٢ ـ ايجازها وشحنها بآراء ونظريات حديثة.

٣ ـ تحديثها من رأس بلغة عصرية وايداعها افكار جديدة الا ان العقبة الكأداء

٦

التى ظلت تواجه هذا الخيار وقوع القطيعة التامة بين الماضى والحاضر ، بحيث تبدو الافكار المطروحة فى الكتب الحديثة وكأنها تعيش فى غربة عن التراث وللحيلولة دون ذلك ، لمعت فكرة جمع الخيارات المذكورة فى قالب واحد تمثّل في المحافظة على الكتب الدراسية القديمة كمتون وشرحها باسلوب عصرى يجمع بين القديم الغابر والجديد المحدث.

وبناء على ذلك راح المكتب يشمرّ عن ساعد الجدّ ويستعين بمجموعة من الاساتذة المتخصصين لوضع كتب وكراسات فى المواد الدراسية المختلفة ، من فقه واصول وتفسير وكلام ورجال وحديث وأدب وغيرها.

وكانت مادة « الفقه الإستدلالي » بحاجة ماسّة إلى وضع كتاب جديد فيها ، يتناسب مع تطلّعات المركز (للمرحلة التعليمية الأولى بالّلغة العربية) فطلبنا من الأستاذ الكريم ، سماحة الحجّة الشيخ باقر الإيروانى ـ دامت افاضاته ـ تدوين دروس تمهيدية فى الفقه الإستدلالى (٣)؛ فلبّى رغبتنا مشكوراً وتفضّل بتدوين هذا الكتاب وجعلِه يتوافق مع المطلوب كمّاً وكيفاً.

وختاماً لانشكّ فى أنّ الخطوات الأولى ستصحبها بعض العقبات والنواقص ، إلاّ انّه يمكن تذليلها من خلال البصيرة النافذة وإبداء الآراء البنّاءة من قبل المخلصين من ذوى الخبرة.

المركز العالمى للدراسات الإسلامية

مكتب مطالعة وتدوين المناهج الدراسيّة

٧
٨

العقود (٢)

النكاح

الإيقاعات

الطلاق

الظهار

الإيلاء

اللعان

اليمين والنذر والعهد

الشفعة

الجعالة

الوصيّة

الوقف

٩
١٠

كتاب النكاح

النكاح وبعض أحكامه

ولاية الأبوين

أحكام النظر

من يحرم العقد عليها

الزواج المُؤقت

١١
١٢

النكاح وبعض أحكامه

جواز الاستمتاع بالمرأة يثبت بأمرين :

أ ـ النكاح ـ الزواج ـ وهو عقد يتضمن انشاء علقة الزوجية الخاصة. وينقسم الى دائم ومنقطع.

ب ـ ملك اليمين.

ويتحقق الدائم بقول الزوجة للزوج : « زوجتك نفسى على كذا » وقول الزوج بعد ذلك : « قبلت الزواج على كذا ».

والمنقطع بقولها : « متعتك نفسى على كذا ، لمدة كذا » ، وقول الزوج بعد ذلك : « قبلت التمتع على كذا ، لمدة كذا ».

ويلزم فى الايجاب والقبول أن يكونا لفظيّين.

كما يلزم فى الايجاب أن يكون بلفظ الزواج أو النكاح.

وفى تحقق الزواج الدائم بلفظ التمتع خلاف.

والمشهور اعتبار العربية والماضوية فى إجراء العقد.

ولايلزم فى الايجاب تقدمه على القبول ، بل يجوز أن يكون الايجاب من‏الزوج والقبول من الزوجة وإن كان الاحتياط أمراً لاينبغى الحياد عنه.

١٣

وليس من‏اللازم علي الزوجين ‏مباشرة ‏العقد بنفسهما ، بل يجوزلهما التوكيل ‏فى ذلك.

ولا مانع من كون الوكيل واحداً عن الطرفين ، بل يجوز أن يكون الزوج وكيلاً عن الزوجة فيجرى الايجاب بالوكالة والقبول بالأصالة ، كما يجوز أن تكون هى وكيلة عنه ، فتوجب بالأصالة وتقبل بالوكالة.

واذا لم يباشر الزوجان العقد وأوكلاه الى الغير ، فلا يجوز لهما الاستمتاع الجنسى ولو بالنظر إلاّ بعد الاطمئنان بإجراء الوكيل للعقد.

ولا يعتبر فى صحة النكاح عندنا الإشهاد.

ويلزم فى صحة نكاح البكر مضافاً الى موافقتها موافقة وليها ، وهو أبوها أو جدها لأبيها. وأمّا الثيّب فتكفى موافقتها.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أمّا أن جواز الاستمتاع يثبت بالنكاح وملك اليمين ، فهو من واضحات الفقه. ويدلّ عليه قوله تعالي : ( والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على ازواجهم أو ما ملكت ايمانهم ). (١)

وأمّا أن النكاح هو العقد المذكور وليس الوط‏ء فهو المشهور. (٢) ويشهد له الكتاب العزيز ، فإنه لم يعهد فيه استعمال لفظ النكاح فى الوط‏ء.

وأمّا انقسام النكاح الى الدائم والمنقطع ، فهو من ضروريات المذهب ، بل الدين. ويأتى بيان الدليل على شرعية النكاح المنقطع فيما بعد إن شاء الله تعالي.

٢ ـ وأمّا تحقق العقد الدائم والمنقطع بالصيغة المتقدمة ، فهو محل وفاق ، بل هو

__________________

١ ـ المعارج : ٢٩ ، ٣٠.

٢ ـ جواهر الكلام : ٢٩ / ٦.

١٤

القدر المتيقن من الصيغة الصحيحة التى يقع بها العقد.

٣ ـ وأمّا اعتبار الايجاب والقبول اللفظيّين وعدم الاكتفاء بالتراضى ، فقد ادّعي فى الحدائق إجماع العامة والخاصة عليه. (١)

وقد يستدلّ على ذلك بأنه :

أ ـ لولا ذلك لم يبق فارق بين النكاح والسفاح.

والتأمل فيه واضح ، فإن الفارق ثابت بقطع النظر عن ذلك ، وهو انه فى النكاح يوجد اعتبار للزوجية ، بخلافه فى السفاح.

ب ـ وبما ورد فى تعليم صيغة النكاح المنقطع ، فقد روى أبان بن تغلب : « قلت لأبى عبد الله عليه‌السلام : كيف اقول لها إذا خلوت بها؟ قال : تقول : « اتزوجّك متعة على كتاب الله وسنة نبيه لا وارثة ولا موروثة كذا وكذا يوماً وإن شئت كذا وكذا سنة بكذا وكذا درهماً » ، وتسمّى من الأجر ما تراضيتما عليه قليلاً كان أو كثيراً؛ فاذا قالت : نعم ، فقد رضيت وهى امرأتك وأنت أولى الناس بها » (٢) وغيرها.

وهى وإن كانت واردة فى النكاح المنقطع إلاّ انه لايحتمل ثبوت الخصوصية له.

ودلالتها واضحة ، فانها ظاهرة فى ارتكاز المفروغية عن اعتبار الصيغة فى ذهن أبان والسؤال وقع بلحاظ بعض الخصوصيات.

على أن قوله عليه‌السلام فى الذيل : « فاذا قالت : نعم ، فقد رضيت وهى امرأتك » يدلّ بالمفهوم على عدم تحقق الزوجية من دون قول الزوجة : نعم ، بعد قول الزوج لها : أتزوجك متعة ....

__________________

١ ـ الحدائق الناضرة : ٢٣ / ١٥٦.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٤ / ٤٦٦ ، باب ١٨ من ابواب المتعة ، حديث ١.

١٥

هذا وجهان لاعتبار الصيغة.

ولعل الأجدر الاستدلال بارتكاز اعتبار الصيغة فى تحقق النكاح فى أذهان جميع المتشرعة الصغير منهم والكبير والرجل والمرأة والعالم والجاهل ، ولا منشأ لذلك سوى الوصول من المعصوم عليه‌السلام يداً بيد.

٤ ـ وأمّا تحقق عقد النكاح بلفظ الزواج والنكاح ، فممّا لا إشكال فيه.

ويدلّ على انعقاده بلفظ الزواج قوله تعالي : ( فلمّا قضى زيد منها وَطَراً زوجناكها ) (١) وحديث أبان المتقدم وغيره.

وعلى انعقاده بلفظ النكاح قوله تعالي : ( ولا تنكحوا مانكح آباؤكم من النساء ) (٢) وغيره من الاستعمالات القرآنية المعبّرة بلفظ النكاح.

٥ ـ وأمّا الخلاف فى تحقق الزواج الدائم بلفظ التمتع ، فباعتبار أنه لم يرد في شيءٍ من النصوص الشرعية التعبير عن الدائم بلفظ التمتع ليحكم بصحة الانشاء به ، ومن الواضح انه لا تصح الاستعانة بكلّ لفظ ، بل لابدَّ من الاقتصار على ما تداول التعبير به شرعاً أو عرفاً.

وفى المقابل ، قد يقال بالانعقاد بذلك تمسّكا بالروايات الدالّة على أن العقد اذا لم يذكر فيه الأجل انقلب دائما ، من قبيل موثقة عبد اللّه بن بكير : « قال أبو عبداللّه‏ عليه‌السلام فى حديث : إن سمّى الأجل فهو متعة ، وإن لم يسمّ الأجل فهو نكاح بات ». (٣) وتقريب الدلالة واضح.

٦ ـ وأمّا اعتبار العربية فى صيغة العقد ، فقد يستدلّ له :

__________________

١ ـ الاحزاب : ٣٧.

٢ ـ النساء : ٢٢

٣ ـ وسائل الشيعة : ١٤ / ٤٦٩ ، باب ٢٠ من ابواب المتعة ، حديث ١.

١٦

تارة : بعدم صدق العقد اذا لم يكن بالعربية.

واُخري : بأن القدر المتيقن من العقد الصحيح هو العقد بالعربي ، وتحققه بغيره يحتاج الى دليل ، وهو مفقود ، والأصل يقتضى عدم ترتب الأثر.

وكلاهما كما تري.

أمّا الأول فواضح.

وأمّا الثانى فلعدم احتمال منع الشارع من الزواج اذا لم يتمكن الزوجان من ممارسة العربية.

هذا مضافاً الى أن المستفاد من قوله تعالي : ( وانحكوا الأيامى منكم ... ) (١) مطلوبية عنوان النكاح من دون قيد زائد ، وحيث إن العقد بغير العربية يصدق عليه عنوان النكاح فيكون مشروعاً وممضيً.

ثم إن التفصيل بين إمكان توكيلهما شخصاً يعقد بالعربية فلا يجوز لهما العقد بغير العربية وبين عدم الإمكان فيجوز لهما ذلك بعيد ، لعدم إمكان تتميمه بدليل.

أجل ، الاحتياط بالاقتصار على حالة عدم إمكان التوكيل أمر مناسب بل لازم.

٧ ـ وأمّا اعتبار الماضوية ، فقد يستدلّ له :

تارة : بكون العقد بالماضى هو القدر المتيقّن من العقد الصحيح ، وغيره مشكوك فتجرى بلحاظه أصالة عدم ترتب الأثر.

واُخري : بأن الماضى صريح فى الانشاء بخلاف غيره.

وثالثة : بأن تجويز غير الماضى يؤدى الى انتشار الصيغة وعدم وقوفها علي حدّ معين.

__________________

١ ـ النور : ٣٢.

١٧

و الجواب :

أمّا عن الأخير ، فبأن انتشار الصيغة وعدم وقوفها على حدّ لا يشكِّل محذوراً.

وأمّا عن الاولين ، فبما تقدم من أن المستفاد من الكتاب العزيز مطلوبية كلّ ما يصدق عليه عنوان النكاح من دون قيد زائد ، وحيث إن الانشاء بغير الماضي يصدق عليه عنوان النكاح فيكون مشروعاً.

هذا مضافاً الى ما تقدم فى روايات النكاح المنقطع من انه يقول : اتزوجك ...

٨ ـ وأمّا عدم اعتبار تقدّم الايجاب ، فلصدق عنوان النكاح بدون ذلك ، والمستفاد من الكتاب العزيز مطلوبية عنوان النكاح لا اكثر.

بل جواز ذلك يستفاد بوضوح من روايات المتعة التى تقدمت الإشارة الى بعضها.

ومن خلال هذا يتضح الوجه فى جواز كون الايجاب من الزوج والقبول من الزوجة ولكن مراعاة الاحتياط بتقديم الايجاب وكونه من الزوجة أمر لازم.

٩ ـ وأمّا الاكتفاء بالتوكيل ، فلإطلاق دليل مشروعية الوكالة ـ الذى تقدمت الاشارة اليه عند البحث عن الوكالة ـ والروايات الخاصة ، كصحيحة داود بن سرحان عن أبى عبدالله عليه‌السلام : « رجل يريد أن يزوّج اُخته .... فإن قالت : زوّجنى فلاناً زوّجها ممّن ترضي » (١) وغيرها.

وعلى هذا يكفى أن يقول وكيل الزوجة لوكيل الزوج : « زوجتُ موكلتى فلانة موكلك فلاناً على مهر كذا » ، ثم يقول وكيل الزوج : « قبلت الزواج عن موكلى علي المهر المذكور ».

واذا كانت الزوجة قد وكلت فقط ، كفى أن يقول وكيلها للزوج : « زوجتك

__________________

١ ـ وسائل الشيعه : ١٤ / ٢١١ ، باب ٧ من ابواب عقد النكاح ، حديث ١.

١٨

موكلتى على مهر كذا » ثم يقول الزوج : « قبلت الزواج على المهر المذكور ».

واذا كان الزوج قد وكّل فقط ، كفى أن تقول الزوجة لوكيل الزوج : « زوجت نفسي موكلك على مهر كذا » ، ثم يقول وكيل الزوج : « قبلت الزواج عن موكلى علي المهر المذكور ».

١٠ ـ وأمّا جواز تولى شخص واحد طرفى العقد ، فلعدم المانع منه بعد شمول إطلاق أدلّة مشروعية الوكالة له.

واتحاد الموجب والقابل لا محذور فيه بعد كفاية المغايرة الاعتبارية.

ومنه يتضح الوجه فى جواز تولى الزوج أو الزوجة كلا طرفى العقد. والاحتياط بالاقتصار على حالة المغايرة الحقيقية أمر لاينبغى الحياد عنه.

١١ ـ وأمّا عدم جواز الاستمتاع للزوجين إلاّ بعد التأكد من إجراء الوكيل للعقد ، فلاستصحاب عدم تحققه.

١٢ ـ وأمّا عدم اعتبار الإشهاد فى النكاح ، فيكفى لإثباته عدم الدليل علي اعتباره ، فيتمسّك آنذاك بإطلاق أدلّة صحة النكاح. على أنه قد قام الدليل على عدم اعتبار ذلك حتى أصبح ذلك من معالم مذهبنا.

وفى الحديث أن الامام الكاظم عليه‌السلام قال لأبى يوسف القاضي : « إن الله أمر في كتابه بالطلاق وأكّد فيه بشاهدين ولم يرض بهما إلاّ عدلين وأمر فى كتابه بالتزويج فأهمله بلا شهود ، فأثبتم شاهدين فيما أهمل وأبطلتم الشاهدين فيما أكّد ». (١)

١٣ ـ وأمّا توقف صحة نكاح البكر على موافقتها وموافقة وليّها بخلاف الثيّب ، فيأتى بيان الوجه فيه إن شاء الله تعالى فى البحث التالي.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٤ / ٦٨ ، باب ٤٣ من ابواب مقدمات النكاح ، حديث ٥.

١٩

ولاية الأبوين

للأب والجد للأب الولاية على الصغيرين فى تزويجهما ، وعلى المجنون البالغ المتصل جنونه ببلوغه. بل قيل بثبوتها عليه فى حالة الانفصال أيضاً.

وفى ثبوت الولاية لهما على البكر البالغة خلاف ، بخلاف الثيّب فإنه لاخلاف في استقلالها فى أمرها.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أمّا ثبوت الولاية للأب والجد ، فلم ينسب فيه خلاف لأحد ـ سوي ابن أبى عقيل حيث نسب له انكار الولاية للجد(١) ـ للروايات الكثيرة ، كصحيحة محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه‌السلام « الصبى يتزوج الصبية يتوارثان؟ فقال : اذا كان أبواهما اللذان زوّجاهما فنعم. قلت : فهل يجوز طلاق الأب؟ قال : لا » (٢) وغيرها.

ولعل انكار ابن أبى عقيل ولاية الجد ناشٍ من اقتصار الرواية المذكورة وغيرها على خصوص الأب.

ولكنه يندفع بكون الجد مصداقاً للأب ، وبالروايات الاُخرى الدالّة على أن الجد والأب لو تزاحما فى اعمال الولاية قُدِّم الجد ، كصحيحة محمد بن مسلم الاُخري عن أحدهما عليهما‌السلام : « اذا زوّج الرجل ابنة ابنه فهو جائز على ابنه ، ولابنه أيضاً أن يزوّجها. فقلت : فإن هوى أبوها رجلاً وجدّها رجلاً فقال : الجد أولى بنكاحها » (٣) وغيرها.

__________________

١ ـ جواهر الكلام : ٢٩ / ١٧١.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٤ / ٢٢٠ ، باب ١٢ من ابوب عقد النكاح حديث ١.

٣ ـ وسائل الشيعة : ١٤ / ٢١٧ ، باب ١١ من ابواب عقد النكاح ، حديث ١.

٢٠