جواهر الكلام

الشيخ محمّد حسن النّجفي

منه هنا لمنعه من التصرف في المال وإن كان ت الجناية عمدا كان بالخيار بين القصاص وبين أخذ الدية إن بذلت له والواجب له أصالة القصاص على الأصح ولا يتعين عليه قبول الدية للأصل ولأنها اكتساب وهو غير واجب وله العفو عن القصاص هنا لعدم كونه تصرفا ماليا ، فتنتفي الدية حينئذ ، لأن الأصح ثبوتها صلحا لا أصالة.

أما على القول بأن الواجب أحد الأمرين فقد يقال : بتعينها بعد العفو عن القصاص ، مع أنه لا يخلو عن بحث فتأمل. أما لو قتل هو كانت ديته كماله ، ولو كان عمدا لم يجز للورثة القصاص إلا بعد أداء الدين على المشهور ، كما في الدروس ، قال : وقيده الطبرسي ببذل القاتل الدية ، وجوز الحليون القصاص مطلقا ، قلت : ولتحقيق الحال في ذلك محل آخر والله أعلم.

نعم لو كان له دار موقوفة عليه أو دابة كذلك ، وليست من المستثنيات وجب عليه أن يؤاجرها بإذن الحاكم أو الغرماء ، لتعلق الحق بمنفعتهما وليس هو اكتسابا وكذا لو كانت له مملوكة ممنوع عليه بيعها ولو كانت أم ولد بل في المحكي عن المبسوط إذا كانت له أم ولد يؤمر بإجارتها ، ويجبر على ذلك بلا خلاف ، وظاهره بين المسلمين ، لكن في التذكرة لو كانت له أم ولد أو ضيعة موقوفة عليه ، ففي وجوب مؤاجرتها نظر ، من حيث أن المنافع وإن لم تكن مالا فإنها تجري مجراه ، فيجعل بدلها للدين ، ومن حيث أن المنافع لا تعد أموالا حاضرة ولو كانت تعد من الأموال لوجب اجارة المفلس نفسه ، ولوجب بها الحج والزكاة ، والثاني أقرب ، ومقتضاه المنع مطلقا حتى في الدار الموقوفة ، والدابة ونحوهما.

وفيه منع واضح حتى بالنسبة إلى الحج بها ، على أنه لو سلم أمكن الفرق بأن الحج إنما يجب بالمال الحاضر ، والمنفعة تتجدد شيئا فشيئا ، ولا يطمئن ببقائها بحيث يستوفى الجميع ، حتى يستقر ملك الأجرة فلا يجب عليه الاقدام مع هذه المخاطرة ولو فرض بحال يستقر ملكه على الأجرة اتجه الوجوب حينئذ.

٣٢١

ثم إنه لا خلاف ولا إشكال في أن للمفلس الدعوى لأنها ليست تصرفا ماليا ف إذا شهد للمفلس شاهد بمال فان حلف استحق وتعلق به حق الغرماء وان امتنع قيل لم يجبره الحاكم ، لأنه لا يعلم صدق الشاهد ، ولو علم ثبت الحق بشهادته من غير يمين ، وحينئذ فلا يجبره على مالا يعلم صدقه ، ولان الحلف تكسب وهو غير واجب.

وفيه أن المدعى يعلم صدقه وهو كاف في الجبر ، وإن لم يعلم الحاكم ، وليس هو تكسبا ، بل هو مقدمة لتحصيل ماله الواجب عليه ، لوفاء الدين المطالب به.

وعلى كل حال إذا لم يحلف ف هل يحلف الغرماء قيل : والقائل الأكثر بل المشهور بل لا أجد فيه خلافا من غير الإسكافي لا يحلفون ، بل في ظاهر التذكرة الإجماع عليه ، وهو الوجه للإجماع ظاهرا على عدم جواز الحلف لإثبات مال الغير ، ولما في المسالك من أن كل واحد منهم إن حلف على مجموع المال كان حلف لإثبات مال غيره ، وهو باقي الغرماء ، وإن حلف على القدر الذي يخصه بالتقسيط لم يثبت له أجمع ، بل بعضه ، لأنه مال المفلس ، فلا يتم ثبوت جميع المال بهذا الحلف ، والاعتذار عن حلفه على المجموع بأنه إنما يثبت به استحقاقه ، لا يدفع ذلك ، لأنه يتضمن إثبات مال الغير أيضا ، وإن كان قد يناقش فيه بأنه يحلف على الجميع ، وإن كان لا يثبت له إلا حصته ، كالوارث ، ولا يستلزم إثبات باقي المال للغرماء.

ودعوى أن ثبوت حصته فرع ثبوت المال للجميع ، ممنوعة ، كدعوى مشاركة الغير له في هذه الحصة ، إذ هو كبعض الورثة إذا حلف ، فإنه يثبت حصته ، ولا يشاركه غيره فيها ، وإن كانت هي للميت فتأمل جيدا. ولذا قال في التذكرة : لو حلف بعض الغرماء عند القائلين به ، دون بعض استحق الحالفون بالقسط ، كما لو حلف بعض الورثة لدين الميت ، وليس لمن امتنع من اليمين من الغرماء مشاركة الحالف ، كالوارث إذا حلف دون باقي الورثة ، لم يكن للباقين مشاركته ، لأن المقبوض باليمين ليس عين مال الميت ، ولا عوضه بزعم الغريم.

وربما قيل بالجواز بل هو المحكي عن أبي علي لأن في اليمين إثبات‌

٣٢٢

حق للغرماء والممنوع إنما هو لإثبات مال الغير من دون حق ، إذ أقسام اليمين لإثبات مال الغير ثلاثة ، كما عن حواشي الشهيد الأول : أن لا يكون للحالف حق فلا يصح حلفه إجماعا ، الثاني : أن يكون للحالف حق ولغيره حق ، لكن حق الحالف مقدم ، وهو محل البحث ونحوه المرتهن ، الثالث : أن يكون للحالف حق ولغيره حق ، ولكن حق الغير مقدم ، كالراهن ومالك الجاني فهذا يحلف ، ويثبت حق غيره إجماعا ، وفيه أن الأصل عدم ثبوت الحق باليمين ، فيقتصر في خلافه على المتيقن ، وهو محل الإجماع ويبقى غيره على الأصل ، ومنه ما نحن فيه.

نعم يمكن التوصل هنا إلى حلف الغرماء بان ينقلوا المال إليهم بعقد شرعي يعلم به الشاهد ، ثم يشهد ويحلفون ، لكن يخرج عما نحن فيه ، وكذا الكلام فيما لو كان الدين لميت ، ونكل الوارث ، وأراد الغرماء الحلف ، إلا أن المحكي هنا عن حواشي الشهيد جواز حلفهم ، ولعله للفرق بينه وبين المفلس بتعذر الوصول إلى الحق من الميت بخلاف المفلس ، لكنه كما ترى لا يصلح مخرجا عن الأصل المزبور ، فتأمل جيدا والله أعلم.

وإذا مات المفلس حل ما عليه بلا خلاف ولا إشكال كما تقدم سابقا ، ولا يحل ماله عند المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة ، بل عن الغنية نفي الخلاف فيه. بل عن الخلاف لا خلاف فيه بين المسلمين. للأصل بعد حرمة القياس ، على أن الفارق موجود بتضرر الورثة بالامتناع عن التصرف ، والغرماء به ، ولكن فيه رواية أخرى مرسلة لأبي بصير (١) وقد ذكرناها سابقا مهجورة عند معظم الأصحاب ، إذ لم أجد من عمل بها إلا الشيخ في المحكي عن نهايته التي ليست هي كتاب فتوى ، وأبا الصلاح ، والقاضي ، والطبرسي ، فيما حكي عنهم. وهو لا يصلح جابرا لها كي تصلح لقطع الأصل بل الأصول كما هو واضح.

وينظر المعسر إلى الميسرة ، كما قال الله تعالى (٢) ( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ )

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الدين الحديث ـ ١.

(٢) سورة البقرة الآية ٢٨٠.

٣٢٣

وفي خبر غياث بن إبراهيم (١) عن الصادق عن الباقر عليهما‌السلام « أن عليا عليه‌السلام كان يحبس الرجل ، فإذا تبين له إفلاسه وحاجته خلى سبيله ، حتى يستفيد مالا » وفي وصية الصادق عليه‌السلام (٢) الطويلة التي كتبها لأصحابه « إياكم وإعسار أحد من إخوانكم المسلمين أن تعسروه بشي‌ء يكون لكم قبله ، وهو معسر ، فإن أبانا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول : ليس لمسلم أن يعسر مسلما ، ومن أنظر مسلما أظله الله يوم القيامة ، يوم لا ظل إلا ظله ».

وفي مرسل عبد الله بن سنان (٣) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « لا يحل لغريمك أن يمطلك وهو مؤسر ، فكذلك لا يحل لك أن تعسره ، إذا علمت أنه معسر » وفي المرسل (٤) « إن امرأة استعدت على زوجها عند أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه لا ينفق عليها ، وكان زوجها معسرا ، فأبى أن يحبسه ، وقال : إن مع العسر يسرا ، ولم يأمره بالتكسب » والنبوي العامي (٥) « أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما حجر على معاذ لم يزد على بيع ماله » وفي آخر (٦) « أن رجلا أصيب في ثمار ابتاعها فكثر دينه ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تصدقوا عليه ، فتصدقوا عليه فلم يبلغ وفاء دينه ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خذوا ما وجدتم ليس لكم إلا ذلك ».

كل ذلك مضافا إلى ما عن المبسوط من أنه لا خلاف في أنه لا يجب عليه قبول الهبة والوصية ، والاحتشاش ، والاحتطاب ، والاغتنام ، مؤيدا بالمشهور نقلا وتحصيلا على عدم وجوب التكسب عليه ، بل أرسله بعضهم إرسال المسلمات ، وعللوا به عدم قبول الهبة ونحوها مما يظهر منه المفروغية منه ، بل عن ظاهر الغنية والسرائر الإجماع على عدم جواز دفعه إلى الغرماء ليستعملوه.

وحينئذ ف لا يجوز إلزامه بالتكسب ولا مؤاجرته التي

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب أحكام الحجر الحديث ـ ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الدين الحديث ـ ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الدين الحديث ـ ٢.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب الحجر الحديث ـ ٢.

(٥) سنن البيهقي ج ٦ ص ٤٨.

(٦) سنن البيهقي ج ١ ص ٥٠.

٣٢٤

هي نوع تكسب أيضا ، ودعوى ـ أنها ليست منه ، بل هي منفعة ، وقد تقدم أن التحقيق كون المنفعة مالا يتعلق بها حق الغرماء ـ يدفعها أنه لا إشكال في عدم عد منفعة الحر مالا ، ولذا لا تضمن بالفوات. وإنما تكون مالا بالإجارة ، لا قبلها ، فلا يتعلق بها حينئذ حق للغرماء ، فما عن مالك ـ في رواية من أنه إن كان يعتاد إجارة نفسه لزم ، وأحمد وإسحاق وعمر بن عبد العزيز وعبد الله بن الحسن العنبري وسوار من أنه يؤاجر ، فإن امتنع جبره القاضي ـ واضح الضعف ، وان احتجوا بأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) « باع سرقا في دينه ، وكان سرق رجل دخل المدينة ، وذكر أن وراه مال ، فداينه الناس فركبته الديون ، ولم يكن وراه مال ، فأتى به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسماه وباعه بخمسة أبعرة » ، والحر لا يجوز بيعه فثبت أنه باع منافعه.

بل ورد في طريق الخاصة خبر محمد بن سليمان (٢) عن رجل من أهل الجزيرة يكنى أبا محمد قال : « سأل الرضا عليه‌السلام رجل وأنا أسمع ، فقال له : جعلت فداك إن الله عز وجل يقول ( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ) أخبرني عن هذه النظرة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه لها حد يعرف ، إذا صار هذا المعسر إليه لا بد له من أن ينتظر ، وقد أخذ مال هذا الرجل وأنفقه على عياله ، وليس له غلة ينتظر إدراكها ولا دين ينتظر محله ، ولا مال غائب ينتظر قدومه؟ قال : نعم ينتظر بقدر ما ينتهى خبره إلى الامام ، فيقضي عنه ما عليه من سهم الغارمين ، إذا كان أنفقه في طاعة الله عز وجل ، فإن كان أنفقه في معصيته ، فلا شي‌ء له على الامام ، قلت : فما لهذا الرجل الذي ائتمنه ، وهو لا يعلم فيما أنفقه في طاعة الله أو في معصيته ، فقال : يسعى له في ماله ، فيرده عليه وهو صاغر ».

وخبر السكوني (٣) عن الصادق عن الباقر عليهما‌السلام « ان عليا عليه‌السلام كان يحبس في الدين ، ثم ينظر فإن كان له مال اعطى الغرماء ، وإن لم يكن له مال دفعه إلى

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٦ ص ٥٠.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الدين الحديث ـ ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب أحكام الحجر الحديث ـ ٣.

٣٢٥

الغرماء ، فيقول اصنعوا به ما شئتم ، ان شئتم وأجروه ، وإن شئتم استعملوه » وإلى ذلك أشار المصنف بقوله وفيه رواية أخرى مطرحة لكن في اللمعة ، وهو يدل على وجوب التكسب ، واختاره ابن حمزة ومنعه الشيخ وابن إدريس ، والأول أقرب ، وفي الروضة « لوجوب قضاء الدين على القادر مع المطالبة ، والمكتسب قادر ، ولهذا تحرم عليه الزكاة ، وحينئذ فهو خارج من الآية ، وإنما يجب عليه التكسب فيما يليق بحاله عادة ولو بمؤاجرة نفسه ، وعليه تحمل الرواية ».

وفي المسالك « ولو قيل بوجوب ما يليق بحاله كان حسنا » وفي الدروس « ويجب التكسب لقضاء الدين على الأقوى بما يليق بالمديون ، ولو كان إجارة نفسه وعليه تحمل الرواية » وفي جامع المقاصد « وفيه قوة » وعن السيد عميد الدين يجب على المديون السعي إذا جرت عادته بالسعي ، وكذا لو لم تجر عادته إذا لم يستضر ، وفي الوسيلة ان كان المستدين معسرا صبر عليه من له الدين حتى يجد ، فإن كان مكتسبا أمر بالاكتساب والإنفاق بالمعروف على نفسه وعياله ، وصرف الفاضل في وجه دينه ، وإن كان غير مكتسب خلى سبيله حتى يجد ، وعن جامع الشرائع ومجمع البرهان الأمر بالاكتساب ، وفي المختلف قول ابن حمزة جيد ونمنع من إعسار المكتسب ولهذا تحرم عليه الزكاة.

وفي السرائر « ومن كان عليه دين وجب عليه السعي في قضائه » وفي القواعد « ويجب على المدين السعي في قضاء الدين » ونحوهما عن النهاية ، وربما استظهر منهم وجوب السعي حتى بالتكسب ، لكن صدورها ممن علم من مذهبه عدم وجوب التكسب يقضي بإرادة السعي في تحصيل ماله من ديون وأموال غائبة ، ونحو ذلك ، لا ما يشمل وجوب التكسب ، وربما جمع بين الكلامين بإرادة وجوب السعي الشامل للتكسب ، وإرادة نفي إلزام الغرماء له به ، واستعمالهم إياه ومؤاجرتهم له ، وعن التذكرة الإجماع على عدم جواز مطالبته وملازمته وحبسه.

وكيف كان فالإنصاف أن كلمات الأصحاب في المقام لا يمكن جمعها على معنى‌

٣٢٦

واحد ، بل لعل الحاصل مما ذكرناه منها أربعة أقوال أو خمسة ، وأن المشهور منها عدم وجوب التكسب حتى بالتقاط مباح لا يحتاج إلى تكلف ، فيكون وجوب الوفاء عندهم مشروطا باتفاق حصول اليسار ، ولا يجب عليه تحصيله وإن تمكن منه ، تمسكا بالأصل وظاهر الآية (١) والرواية المعتضدة بما سمعت.

لكن فيه أن الأصل يقطعه ظهور أمر قضاء الدين في كونه واجبا مطلقا ، والآية لا تدل على كونه مشروطا ، ضرورة أنه يجب الإنظار إلى الميسرة ، وان وجب عليه تحصيلها مع التمكن منها ، وكذا الرواية ، بل إن كانت ( حتى ) فيها تعليلية أشعرت بالوجوب حينئذ ، نعم هما معا ظاهران في خلاف خبر السكوني (٢) الذي قال في السرائر : « أنه مخالف لأصول مذهبنا ، ومحكم التنزيل » ضرورة أن الإنظار الذي هو بمعنى التأخير مناف لاستعماله في الدين ومؤاجرته ، وكذا تخلية السبيل التي في الرواية فالقول حينئذ بوجوب السعي عليه في قضاء الدين بتكسب وغيره لا يخلو من قوة.

نعم لا يجب عليه ما كان منه فيه نقص عليه ومنة ، ترجيحا لما دل على عدم تحمل المؤمن ذلك عليه ، مع انه لا يخلو من إشكال فيما إذا لم يصل إلى حد الحرمة لكون الواجب عليه هنا حق مخلوق أيضا يتضرر بعدم وصوله إليه ، ودعوى ـ عدم وجوب السعي لعدم العلم بانتاجه القضاء الواجب ، إذ قد يتخلف عنه ، والواجب من المقدمة ما كان موصلا إلى ذي المقدمة ـ يدفعها أولا : أنه يمكن العلم عادة في بعض أفراد السعي بحصول قضاء جميع الدين أو بعضه ، وثانيا : ان الأوامر المطلقة تقتضي التشاغل في مقدمات المأمور بها إلى أن يحصل العجز ، ولا يجب العلم بالتوصل ، كما أوضحنا ذلك في باب التيمم بالنسبة إلى طلب الماء فلاحظ وتأمل.

اللهم إلا أن يقال إن ذلك إن وجب فهو ليس من وجوب المقدمة لوجوب ذيها بل هو من الفهم العرفي من إطلاق الخطاب ، ونمنع وجود خطاب هنا كذلك ، وعلى

__________________

(١) سورة البقرة الآية ـ ٢٨٠.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب أحكام الحجر ـ الحديث ـ ٣.

٣٢٧

تقديره فهو معارض بالمنساق من الآية والرواية المعتضدتين بكلام الأصحاب ، فتأمل جيدا. لكنه مع أنه واضح النظر لا يحسم مادة الإشكال المتقدم القاضي بالوجوب الذي منه يعلم عدم الفرق بين المكتسب وغيره ، بل وبين اللائق به وغيره في وجه ، كما أنه يعلم منه أنه لا تسلط للغرماء على استعماله ، ومؤاجرته المنافية للأنظار ، وتخلية السبيل ، وإن وجب عليه هو السعي في قضاء دينه ، فتأمل جيدا. والله أعلم.

القول الثالث في قسمة ماله بين غرمائه بعد بيعه ، قال الفاضل في القواعد « ينبغي للحاكم المبادرة إلى بيع ماله ، لئلا تطول مدة الحجر » وظاهر لفظ « ينبغي » فيها الاستحباب ، كما هو صريح التذكرة ، لكن قد يقال : إن الحجر على خلاف الأصل ، فيجب الاقتصار فيه على قدر الحاجة ، فتجب المبادرة حينئذ خصوصا بعد مطالبة الديان ، والفرض قيام الحاكم مقام المديون ، وخصوصا مع مصلحة المفلس في التعجيل مخافة التلف ، ويجب على الحاكم مراعاة المصلحة ، ولعله لذا قال في التحرير « على الحاكم أن يبادر إلى بيع ماله وقسمته » بل في جامع المقاصد « إن الوجوب أظهر ».

نعم لا يفرط في المبادرة بحيث يؤدى إلى فساد في المال ، بأن يطمع المشترون فيه بثمن بخس ، وفي المتن والقواعد ومحكي المبسوط والتحرير والإرشاد يستحب إحضار كل متاع إلى سوقه ، لتتوفر الرغبة ومقتضاه جواز بيعه في غير سوقه ، ولو رجي الزيادة فيه ، لكن في جامع المقاصد أنه لا يبعد الوجوب ، إلا أن يقطع بانتفاء الزيادة بإحضاره في سوقه ، وفي المسالك إنما يستحب الإحضار إذا وثق بانتفاء الزيادة لو بيع في غير سوقه ، والا فالأولى الوجوب ، لأن بيعه فيه أكثر لطلابه ، وأضبط لقيمته ، ولكن أطلق الجماعة الاستحباب ، وظاهر اللمعة الوجوب ، وبه جزم في الروضة مع رجاء زيادة القيمة قلت : قد يقال : الأصل البراءة إذا باعه بثمن مثله في غيره ، ورجاء الزيادة تطلب للإصلاح ، ولا يجب عليه ، إذ لا يزيد على مال الطفل الذي لا يجب فيه مراعاة الغبطة ، وعلى كل حال لو شق نقله إلى سوقه ، نودي عليه.

٣٢٨

وكذا يستحب حضور الغرماء تعرضا لطلب الزيادة فإنه ربما يرغبون في بعض المتاع فيزيدون قيمته ، ولا يجب عليه ذلك ، لما عرفت ، لكن في المسالك « يمكن وجوبه مع رجاء الزيادة بحضورهم » بل وفي جامع المقاصد « لو رجى بحضورهم زيادة نفع وجب » وفيه ما تقدم ، وكذا يستحب حضور المفلس أو وكيله ، فإنه أخبر بقيمة متاعه ، وأعرف بجيده من غيره ، وبثمنه وبالمعيب من غيره ولأنه تكثر الرغبة بحضوره ، فإن شراء المال من مالكه أحب إلى المشتري ، ولأنه أبعد من التهمة ، وأطيب لقلب المفلس ، وليطلع المشتري على العيب ، فيبيعه على وجه لا يرد ، ولغير ذلك ، بل يأتي وجوب حضوره مع رجاء الزيادة به بناء على ما تقدم. وفيه ما عرفت.

ويستحب أيضا أن يبدء ببيع ما يخشى تلفه كما في القواعد ومحكي المبسوط ، والتحرير ، لما فيه من مراعاة الأصلح للمفلس ، لكن عن ظاهر الإرشاد والتذكرة ، الوجوب ، بل في جامع المقاصد لا ريب في وجوب ذلك ، لوجوب الاحتياط على الأمناء والوكلاء ، فالحاكم أولى فإن تصرفه قهري ، فلا يجوز له تعريض مال من حجر عليه التلف ، فيبيع الفاكهة والطعام ونحوهما ، وتبعه في المسالك فقال : « جعل هذا من المستحب ليس بواضح ، بل الأجود وجوبه ، لئلا يضيع على المفلس وعلى الغرماء ، ولوجوب الاحتياط على الوكلاء والأمناء في أموال مستأمنيهم ، فهذا أولى. لأن ولاية الحاكم قهرية ، وهي أبعد من مسامحة المالك ، وحينئذ فيبدء بما يخاف عليه الفساد عاجلا كالفاكهة ثم بالحيوان ثم سائر المنقولات ثم بالعقار ، هذا هو الغالب ، وقد يعرض لبعض ما يستحق التأخير التقدم لوجه » قلت : لعل المراد خوف التلف في نفسه ، لكونه مما شأنه ذلك ، لا تخوف التلف إن لم يبدء به وفرق واضح بين المقامين ، فتأمل جيدا.

ويستحب أن يبدء بعده بالرهن لانفراد المرتهن به ولأنه ربما زادت قيمته عن الدين ، فيضم الباقي إلى مال المفلس ، وربما نقصت فيضرب المرتهن‌

٣٢٩

بباقي دينه مع الغرماء ، وكذا العبد الجاني ، وإن فارقه بأنه لو قصر عنها لم يستحق المجني عليه الزائد ، لأن حقه لم يتعلق بالذمة ، بل بالعين ، بخلاف الرهن ، لكن لولا التسامح في السنن لأمكن المناقشة ، في اقتضاء ذلك ندبية البداءة به قبل غيره ، فمن الغريب ما عن ظاهر الإرشاد ، وصريح جامع المقاصد ، من الوجوب لذلك ، الذي يمكن حصوله وإن تأخر بيعهما ، ضرورة معرفة النقصان والزيادة قبل القسمة ، كما هو واضح.

ويستحب أيضا أن يعول على مناد يرتضي به الغرماء والمفلس دفعا للتهمة عنه ولا يجب للأصل ، ولأنه بالحجر على المفلس سقط اعتباره ، وكان كوكيله ، والغرماء إنما لهم حق الاستيفاء من القيمة ، والحاكم أمين شرعي لا تتطرق إليه التهمة ، ف من هنا إن تعاسروا عين الحاكم وسقط استحباب مراعاتهما معا ، هذا. ولكن عن جامع المقاصد هذا الحكم ينبغي أن يكون على طريق الوجوب فإن الحق في ذلك للمفلس ، فإنه ماله والغرماء لأنهم استحقوا صرفه إليهم بدينهم ، وتبعه في المسالك ، وفيه ما عرفت ، خصوصا بعد ما حكي عن جامع المقاصد من أنه يفوض إليهم التعيين ، فإن كان مرضيا أي ثقة أمضاه الحاكم ، وإلا رده وعين غيره ، وهو في الحقيقة غير خارج عن تعيين الحاكم ، بل عنه أيضا والتذكرة التصريح بأن المقام ليس كالراهن والمرتهن. إذا اتفقا على غير ثقة لبيع الرهن جاز ، إذ لا نظر للحاكم معهما هناك ، بخلاف ما هنا ، فان للحاكم نظرا في مال المفلس ، إذ الحجر بحكمه ، وربما ظهر غريم فيتعلق حقه.

هذا كله إذا كان مختار كل منهم متطوعا ، أو بأجرة متحدة ، والأقدم المتبرع وقليل الأجرة مع صلاحيته لذلك ، ولكن الانصاف مع ذلك كله عدم خلو الجزم بعدم اعتبار مالك المال ، والغرماء الذين تعلق حقهم به بالحجر ، من إشكال ، خصوصا مع أصالة عدم تسلط غير المالك ، وذي الحق على المال ، بل قد يقال باعتبار تقدم اختيار المفلس مع عدم الضرر على الغرماء ، لأنه المالك ، وحقهم إنما تعلق من حيث الاستيفاء لا غيره ، بل لا يعتبر رضاهم بعد تعيينه ، كما هو واضح. فتأمل جيدا.

٣٣٠

ومن ذلك يعلم ما في المحكي عن المبسوط من أنهم ان اختلفوا فاختار المفلس رجلا ، والغرماء آخر ، نظر الحاكم فإن كان أحدهما ثقة ، والآخر غير ثقة مضى الثقة ، وإن كانا ثقتين إلا أن أحدهما بغير أجرة أمضاه ، وإن كانوا جميعا بأجرة قبل أوثقهما وأصلحهما للبيع ، وعن التذكرة أنه زاد وإن كانا متطوعين ضم أحدهما إلى الآخر ، لأنه أحوط ، وفي جامع المقاصد بعد أن حكي ذلك قال : ومن هنا يعلم أن عبارة القواعد التي هي كعبارة الكتاب تحتاج إلى تنقيح.

قلت : الأمر في ذلك سهل ، ضرورة معلومية تتبع الحاكم التراجيح التي لا يسع للفقيه حصرها ، وإنما المهم تنقيح ما قدمناه ، فتأمل جيدا. والله أعلم.

وكيف كان ف إذا لم يوجد من يتبرع بالبيع ولا بذلت الأجرة من بيت المال المعد للمصالح التي هذه من جملتها ، لعدم سعته لذلك ، أو لأهمية صرفه في غيره ، ولا من تبرع بها وجب أخذها من مال المفلس ، لأن البيع واجب عليه بل الأقوى عدم وجوب أخذها من بيت المال ، بل أطلق في القواعد كون الأجرة عليه ، كما أنه أطلق تقدم أجرة الكيال والوزان والحمال ، وما يتعلق بمصلحة الحجر على سائر الديون ، اللهم إلا ان يريد ما في محكي التذكرة من أن مؤنة الأموال كأجرة الوزان والناقد والكيال والحمال والمنادي وأجرة البيت الذي فيه المتاع مقدمة على ديون الغرماء ، لأنها لمصلحة الحجر ، وإيصال أرباب الحقوق حقهم ، ولو لم تقدم لم يرغب أحد في تلك الاعمال ، وحصل الضرر للمفلس والغرماء.

هذا كله إذا لم يوجد متطوع بذلك ، ولا في بيت المال سعة له ، فإن وجد متطوع أو كان في بيت المال سعة لم يصرف مال المفلس إليها ، ومقتضاه عدم جواز أخذها من مال المفلس ، مع وجود بيت المال ، مع أن ذلك لضرورة وفاء دينه ، فكيف لا يجوز صرفه من ماله ، فلا ريب في أن الأقوى الجواز ، بل الأحوط عدم الأخذ من بيت المال إلا أن يعطى للمفلس من حيث فقره ، بل ينبغي وفاء دينه عنه ، بل قد سمعت خبر محمد بن سليمان (١) وقد تقدم في آخر باب القرض ما يدل من النصوص (٢) على وجوب

__________________

(١) الوسائل الباب ٩ من أبواب الدين الحديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ٩ من أبواب الدين الحديث ٢.

٣٣١

ذلك على الامام ، وأنه إن لم يقضه عنه كان عليه وزره ، لقوله تعالى (١) ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ ) الى آخره فلاحظ وتأمل ، لكن ذلك غير ما نحن فيه ، إنما الكلام في إعطائه هذه المؤن من بيت المال ، وان لم تحتسب على المديون ، وهو لا يخلو من إشكال ، والله أعلم.

ولا يجوز تسليم مال المفلس لمن اشتراه إلا مع قبض الثمن منه سابقا لمنافاته الاحتياط اللازم مراعاته في المقام ، بل لو رضى المفلس والغرماء أمكن للحاكم المنع في وجه ، لأن له نظرا في المال ، ولجواز ظهور غريم ، وإن كان الأوجه خلافه ، لأصالة عدم غريم آخر ، وعلى كل حال ف إن تعاسرا تقابضا معا كما في كل بايع ومشترى ، ولا وجه لجبر المشتري على التسليم سابقا خلافا لما عن المبسوط في أول كلامه ، ولا يبيع الا بثمن المثل فصاعدا ، إن أمكن حالا ، بل صرح الفاضل بأنه لا يبيع إلا بنقد البلد ، لأنه أوفر ، ولان التصرف على الغير يراعى فيه المتعارف.

قلت : هو كذلك إذا لم يتفق المفلس والغرماء على البيع بغير نقد البلد ، وإلا اتجه الجواز ، وخصوصا إذا كان أعود لهم وموافقا لجنس الدين ، بل قد يقال بجواز البيع بدون ثمن المثل مع رضاهم ، لأصالة عدم غريم آخر ، ولو لم يوجد باذل لثمن المثل ، لم يجز تأخيره طلبا لمصلحة المفلس ، مع عدم رضا الغرماء ، ولعل المراد بثمن المثل في كلام الأصحاب ما يبذل في مقابلته في ذلك المكان والزمان.

نعم في محكي التذكرة لو كان بقرب بلد ملك المفلس بلد فيه قوم يشترون العقار في بلد المفلس أنفذ الحاكم إليهم ليتوفر الثمن على المفلس ، وفي جامع المقاصد « لا وجه لتخصيص العقار ، وكذا غيره » ولا بأس به ولو كانت المصلحة للمفلس في البيع بغير نقد البلد لم يجب إليه إذا كان مخالفا لجنس حق الغرماء ، بل بيع بالنقد وإن خالف حقهم ، ثم يصرف إليه إذا لم يرضوا به عوضا عن حقهم ، وعن التحرير أنه إذا بيع بغير جنس الحق من النقد دفع إلى الغرماء بالقيمة ، ولعله يريد مع التراضي.

__________________

(١) سورة التوبة الآية ٦٠.

٣٣٢

وكيف كان فما يقبضه الحاكم من الأثمان على التدريج ، فان كان الغريم واحدا سلم اليه من غير تأخير ، وكذا إن أمكنت قسمته بسرعة ، وإن كان يعسر قسمته لقلته وكثرتهم جاز له التأخير ، إلا إذا امتنعوا ، فإنه يقسم عليهم حينئذ ، ولا يكلفوا حجة على انتفاء غيرهم لعسرها ، بل يكتفى بإشاعة حاله ، بحيث لو كان لظهر ، وتكليف الورثة الحجة على انتفاء غيرهم باعتبار كونهم أضبط من الغرماء لا يستلزمه هنا. والله أعلم.

ولو اقتضت المصلحة تأخير القسمة قيل والقائل الشيخ في المحكي عن مبسوطة والفاضل في قواعده يجعل المال في ذمة ملي بقرض ونحوه احتياطا لحفظ المال ، إذ هو أولى من الإيداع المحتمل للتلف بلا ضمان وإلا يوجد ملي يجعله في ذمته جعل وديعة لأنه موضع ضرورة حينئذ ، وظاهرهما وجوب الأول مع التمكن عنه ، وإن لم يكن في غيره مفسدة ونوقش في ذلك بأن فرض الحاكم في الأموال التي يليها الاستيداع ، كما في أموال اليتامى وغيرهم ممن أمره أحوط من مال المفلس ، والفرق بأن مال الصبي معد لمصلحة تظهر له ، من شراء تجارة أو عقار ونحوهما ، وقرضه قد ينافي ذلك ، بخلاف مال المفلس المعد للغرماء خاصة كما ترى ، ولعله لذا نسبه المصنف إلى القيل مشعرا بتمريضه ، بل في التذكرة ، القطع بجواز الإيداع ، مع التمكن من القرض ، وإن كان هو أولى واستحسنه في المسالك.

لكن قد يقال : إن الموافق لما تقدم من المسالك وغيرها وجوب مراعاة الأصلح للأمين الشرعي الذي في الحقيقة نائب عن الشارع في ذلك ، ومعلوم أن الأصلح واجب المراعاة على الشارع ، لقبح ترجيح المرجوح بالنسبة اليه ، ولعل ذلك هو مبنى ما تقدم سابقا ، وان كان هو متخلفا في بعض أفراده ، ضرورة الفرق بين مراعاة الأصلح من الافراد الموجودة ، وبين تطلب الفرد الأصلح وان لم يعلم بوجوده ، فإنه يمكن منع وجوب الثاني بخلاف الأول ، بل قد يمنع وجوب تطلب ذي المصلحة فضلا عن الأصلح.

وعلى كل حال يكون ذلك هو المدار في المسألة وأفراده مختلفة لا يسع الفقيه ضبطها ، وينبغي حينئذ اعتبار الامانة مع الملاءة ، بل لعل الأولى أخذ الرهن مع‌

٣٣٣

التمكن منه ، وربما أغنى هو عن الملاءة بل والأمانة ، ولا يؤجل القرض بعقد بيع ونحوه ، لأن الديون حالة ، اللهم إلا أن لا يوجد مقترض بدونه ، وكان هو مع الأجل أرجح من الوديعة ، فإن المتجه القرض ، وبالجملة المدار في المسألة بالنسبة إلى التطلب على عدم المفسدة ، ولا يجب عليه تطلب المصلحة ، فضلا عن الأصلح.

نعم لو وجد اعتبر مراعاتهما ، بل لا يجوز له ترك الأصلح حينئذ ، بناء على ما عرفت فتأمل وينبغي أيضا اعتبار العدالة في الودعي ، بل في المسالك ، ومراعاة من يرتضيه الغرماء والمفلس ، ومع الاختلاف يعين الحاكم ، لكن اقتصر في التذكرة على الغرماء ، فقال : وينبغي أن يودع ممن يرتضيه الغرماء ، فإن اختلفوا وعينوا من ليس بعدل لم يلتفت الحاكم ، وعين من أراد من الثقات ولا يودع من ليس بعدل ، ولا ريب في أنه ينبغي مراعاته أيضا فيودع حينئذ ممن يرتضيه الثلاثة ، وقد عرفت المدار في أصل المسألة. نعم قد يقال : بعدم اعتبار الحاكم في المقام إذا قطع بانتفاء غريم آخر ، ضرورة انحصار الحق حينئذ في المفلس والغرماء ، بل ومع احتماله أيضا لأصالة عدمه أما لو كان بعض الغرماء غائبا أو ناقصا اعتبر الحاكم حينئذ ، وتكليفه حينئذ في الحفظ ما عرفت ، والله أعلم.

ولا يجبر المفلس على بيع داره التي يسكنها إجماعا محكيا عن المبسوط ، وفي الغنية والتذكرة لقول الصادق عليه‌السلام في حسن الحلبي أو صحيحه (١) « لاتباع الدار ولا الجارية في الدين ، لأنه لا بد للرجل من ظل يسكنه ، وخادم يخدمه » وفي صحيح ذريح المحاربي « لا يخرج الرجل من مسقط رأسه بالدين » وهو الذي ذكره ابن أبي عمير على ما رواه إبراهيم بن هاشم (٢) قال : « إن محمد بن أبي عمير كان رجلا بزازا فذهب ماله وافتقر ، وكان له على رجل عشرة آلاف درهم ، فباع دارا له كان يسكنها ، بعشرة آلاف درهم وحمل المال إلى بابه ، فخرج إليه محمد بن أبي عمير فقال : ما هذا؟ فقال : هذا مالك الذي علي قال : ورثته؟ قال : لا ، قال : وهب لك؟

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ١١ ـ من أبواب الدين الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ١١ ـ من أبواب الدين الحديث ٥.

٣٣٤

قال ، لا ، قال : فهل هو ثمن ضيعة بعتها؟ قال : لا ، قال : فما هو؟ قال : بعت داري التي أسكنها لأقضي ديني ، فقال محمد بن أبي عمير : حدثني ذريح المحاربي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا يخرج الرجل عن مسقط رأسه بالدين ، ارفعها لا حاجة لي فيها ، والله إني لمحتاج في وقتي هذا إلى درهم واحد ، وما يدخل ملكي منها درهم ، » وكان ذلك من ابن أبي عمير لكمال ورعه ، وعلو همته ، وإلا فليس مراد الصادق عليه‌السلام عدم بيع المالك برضاه ، واختياره لوفاء دينه ، إذ لا ريب في جوازه ، بل لا أجد خلافا فيه ، ويمكن دعوى الإجماع أو الضرورة على خلافه ، بل المراد أنه لا يلزم بيعها ويجبر عليه ، إذ لا يجب عليه شرعا الوفاء بها.

نعم قد يفهم من خبر عثمان بن زياد (١) أنه لا ينبغي لذي الدين أن يكون سببا لبيع المديون داره ، ولو برضاه ، أو يرضى له بذلك ، قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إن لي على رجل دينا ، وقد أراد أن يبيع داره فيقضي؟ فقال له أبو عبد الله : أعيذك بالله أن تخرجه من ظل رأسه ، أعيذك بالله أن تخرجه من ظل رأسه ، أعيذك بالله أن تخرجه من ظل رأسه ».

وعلى كل حال فلاتباع الدار في الدين ، لكن في خبر سلمة بن كهيل (٢) « سمعت عليا عليه‌السلام يقول لشريح : أنظر إلى أهل المعل والمطل في دفع حقوق الناس من أهل القدرة واليسار ، ممن يدلي بأموال المسلمين إلى الحكام ، فخذ للناس بحقوقهم وبع فيه العقار والديار ، فإنى سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : مطل المسلم المؤسر ظلم للمسلمين ، ومن لم يكن له عقار ولا دار ولا مال فلا سبيل عليه » وينبغي حمله على الموسر المماطل ، أو على الزائد عن قدر الحاجة ، أو على التقية ، أو غير ذلك ، وقد يلحق بالدار بيوت الاعراب ، وبالجارية خدمة الأحرار ، إذا كان من أهل ذلك ، فيعزل من ماله حينئذ مقدار اجاراتهم ، وستعرف في آخر المبحث أن مدار ذلك كله العسر والحرج ، الشاملان لذلك وغيره مما يضطر إليه لمعايشه أو رفع النقص عنه.

وكيف كان فلو فرض كون الدار زائدة عما يحتاجه سكن ما احتاجه ويباع

__________________

(١) الوسائل الباب ١١ ـ من أبواب الدين الحديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ١١ ـ من أبواب الدين الحديث ٩.

٣٣٥

منها ما يفضل عن حاجته لوفاء دينه الواجب عليه ، كما صرح به الفاضل في القواعد وثاني الشهيدين ، ويحيى ابن سعيد في المحكي عن جامعه ، وغيره ، بل لا أجد فيه خلافا ، ويرشد إليه التعليل في صحيح الحلبي (١) المتقدم ، وقال الصدوق كان شيخنا محمد بن الحسن رضي‌الله‌عنه يروى (٢) « إن كانت الدار واسعة يكتفى صاحبها ببعضها فعليه أن يسكن منها ما يحتاج اليه ، ويقضي ببقيتها دينه وكذلك إن كفته دار بدون ثمنها باعها ، واشترى بثمنها دارا ليسكنها ، ويقضي بباقي الثمن دينه. »

وفي موثق مسعدة بن صدقة (٣) « سمعت جعفر بن محمد عليهما‌السلام وسئل عن رجل عليه دين ، وله نصيب في دار ، وهي تغل غلة فربما بلغت غلتها قوته ، وربما لم تبلغ حتى يستدين ، فإن هو باع الدار ، وقضى دينه بقي لا دار له ، فقال : إن كان في داره ما يقضي به دينه ، ويفضل منها ما يكفيه وعياله ، فليبع الدار ، وإلا فلا » ، كل ذلك مضافا إلى أصالة لزوم الوفاء ، مع التمكن الذي يجب الاقتصار في الخروج منه على المتيقن ، وهو غير ذلك ، بل هو المنساق من دليل الاستثناء ومنه وبعض ما تقدم يعلم أنه لو فرض زيادة قيمتها عليه ، وجب بيعها ، وشراء اللائقة بحاله ، وأخذ الزائد.

لكن عن التذكرة المنع من بيعها ، وكذا الخادم ، وشراء أدون منهما للأصل المقطوع بما سمعت ، والنهي عن بيعهما ، وفيه ما لا يخفى بعد ما عرفت ، مع أن الذي وجدته فيها في باب الدين أنه لا يكلف بيع داره ، وشراء أدون إذا كانت داره بقدر كفايته ، وكذا لا يكلف بيع خادمه وشراء أدون ، ولا بيع فره وشراء أدون ، للأصل وعموم النهي عن بيع هذه الأشياء ، وهو غير صريح في الخلاف فتأمل. ولو كان له دور متعددة وفرض احتياجه إلى سكناها لم يبع شي‌ء منها ، كما صرح به ثاني الشهيدين للتعليل السابق ، وارادة الجنس من الدار.

وكذا البحث في أمته التي تخدمه المحتاج إليها الذي حكى الإجماع عن المبسوط ، وفي الغنية وظاهر التذكرة على عدم بيعها في الدين ، مضافا إلى صحيح

__________________

(١) الوسائل الباب ١١ ـ من أبواب الدين الحديث ١.

(٢) الوسائل الباب ١١ ـ من أبواب الدين الحديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ١١ ـ من أبواب الدين الحديث ٧.

٣٣٦

الحلبي (١) المتقدم ، المحمول لفظ الجارية فيه على المثال للخادم ، ولو عبدا ، بل المتعدد كالمتحد مع الحاجة ، نحو ما سمعته في المسكن. نعم قد يتوقف في عدم جواز بيع ذلك إذا كانت الحاجة من حيث الشرف ، لا من حيث الاضطرار ، حتى بالنسبة إلى الدار الواحدة ، والخادم الواحد ، لأصالة لزوم وفاء الدين ، وظهور التعليل في أن المدار على الاضطرار ، بل منه قد ينقدح بيع داره المملوكة لو كان له دار قد وقفت عليه ترتفع ضرورته بسكناها ، وكذا الخادم.

وفي المسالك سابقا أنه لو كانت له أم ولد تحصل خدمته بها فالظاهر الاكتفاء بها عن مملوكته ، لصدق المملوكة ، وان تشبثت بالحرية فيباع ما سواها مع احتمال عدمه ، وفيه نوع إيماء إلى ما ذكرنا ، لكن قد يقال : إن ما احتاج اليه من حيث الشرف أشق على النفوس من الضروريات ، والمدار في المسألة كما سمعته على العسر والحرج ، فتأمل جيدا.

وكيف كان فقد ظهر لك مما قدمنا ضعف المحكي عن ابن الجنيد من جواز الإلزام ببيع الدار والخادم في الدين ، وإن كان الأولى تركه ، قال : « ويستحب للغريم إذا علم عسر من عليه الدين أن لا يحوجه الى بيع مسكنه وخادمه الذي لا يجد غناء عنهما ، لا وثوبه الذي يتجمل به ، وأن ينظره إلى أن ينتهي خبره إلى من في يده الصدقات إن كان من أهلها أو الخمس إن كان من أهله ، فإن لم يفعل ذلك وثبت دينه عند الحاكم ، وطالب الحاكم ببيع ذلك فلا بأس أن يجعل ذلك الملك رهنا في يد غريمه ، فإن أبى إلا استيفاء حقه أمره الحاكم بالبيع ، وتوفية أهل الدين حقوقهم ، فإن امتنع حبسه إلى أن يفعل ذلك ، فإن دافع باع عليه الحاكم » إذ هو كما ترى اجتهاد في مقابلة النص والفتوى ، بل الإجماع ، بل كما عرفت.

وخبر سلمة بن كهيل (٢) المتقدم محمول على ما سمعت ، هذا ولم نعثر فيما وصل إلينا من النصوص على استثناء غير الدار ، والجارية ، والكفن ، لكن في الغنية « ولا

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الدين الحديث ـ ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الدين الحديث ـ ٩.

٣٣٧

دابته التي يجاهد عليها بدليل إجماع الطائفة ». وفي المسالك بعد ذكر الدار والجارية اللائقين بحاله قال : « وفي حكمها دابة ركوبة ، ولو احتاج الى المتعدد استثنى كالمتحد » وكذا الروضة ، وفي الإرشاد « ولا فرس ركوبه إذا كان من أهلها » ونحوه التذكرة من دون شرط ، وكذا جامع المقاصد.

قلت : لعل المدار في ذلك وغيره مما تسمعه من ثياب التجمل ونحوها عدم الحرج في الدين ، وإرادة الله بنا اليسر دون العسر ، ونحو ذلك مما دل على هذا الأصل ، وربما كان في دين التذكرة إشارة اليه فلاحظ وتأمل. ولعل في قوله (١) ( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ) نوع إيماء إليه ، كالتعليل في صحيح الحلبي (٢) ضرورة حصول العسر والحرج والمشق التي لا تتحمل في بيع الضروريات ، ولو بحسب الشرف الذي يكون في عدمه نقص وإذلال لا ترضى به الأنفس العزيزة ، بل ربما كان عليها أشد مراعاة من الضروريات للمعاش ، بل قد يهون عليهم في مقابلة إزهاقها ، ومن هنا أسقط الشارع التكاليف له في باب الوضوء والغسل واستطاعة الحج وغير ذلك ، ودعوى أن ذلك لا يتم في حقوق المخلوقين كما عن بعض الشافعية واضحة المنع ، ضرورة إطلاق الأدلة ، كدعوى أنه مشترك بينه وبين صاحب المال ، إذ فيه أنه لا عسر ولا حرج في الانتظار ، ولو فرض حصوله في خصوص شخص لم يكن معتبرا ، لأن المدار على المشقة على الصنف لا الشخص ، كما حقق في محله.

كل ذلك مع أنه يمكن دعوى صدق ذي العسرة على من لم يجد غير ذلك ، وأنها لا يتحقق صدق الميسرة بها ، لأن المراد بذي العسرة الشدة والضيق عليه ، لو أراد الوفاء ، وعكسه الميسرة ، ولا ريب في تحقق الشدة والضيق عليه لو كلف ببيع ضرورياته ، ولعله لذا استدل بها الفاضل في المختلف على استثناء الدار والجارية ، وحكى عن الأردبيلي أنهم قد يستثنون بعض الأمور المحتاج إليها ، مثل الكتب العلمية لأهلها ، لكن في التذكرة « ولا يترك له الفرش والبسط ، بل يسامح باللبد والحصر

__________________

(١) سورة البقرة الآية ٢٨٠.

(٢) الوسائل الباب ١١ ـ من أبواب الدين الحديث ـ ١.

٣٣٨

القليل القيمة » ويمكن منعه عليه بناء على الأصل الذي قد ذكرنا ، على ما يظهر من بعضهم من الاقتصار على بعض الضروريات ، اللهم إلا يريد المثال ، بل ستسمع ما في موضع آخر من التذكرة من شرط الأخذ عندنا أن لا يكون مما يحتاج اليه المفلس في ضروريات معاشه ، وبالجملة فالمدار في المسألة على ما ذكرنا.

نعم قد يشك في تحقق العسر بالنسبة إلى بعض الأمور ، فتباع حينئذ في الدين لأصالة وجوب وفائه حينئذ فتأمل جيدا. هذا وفي المسالك « لا فرق في المستثنيات بين كونها عين مال بعض الغرماء وعدمه عندنا » قلت : قد استشكل فيه الفاضل في المحكي عن تحريره ، والشهيد في الحواشي ، لتعارض العمومين ، بل قد يقال بظهور نصوص المقام في غير الفرض ، فيكون دليل الفسخ بلا معارض ، بل لعل مثله ليس بيعا في الدين ، لكن قد يشعر قوله في المسالك عندنا بالإجماع ، وربما ظهر ذلك أيضا من التذكرة حيث لم يحك الخلاف فيه ، إلا عن احمد لقوله (١) « من أدرك متاعه » إلى آخره وأجاب عنه بأنه ليس على إطلاقه ، لأنه مشروط إجماعا بشرائط تخرجه عن الاحتجاج به في صورة النزاع ، لأن شرط الأخذ عندنا أن لا يكون مما يحتاج إليه المفلس في ضروريات معاشه.

ولو باع الحاكم أو أمينه مال المفلس ، ثم طلب بزيادة لم يفسخ العقد إذا لم يكن ذلك بخيار ونحوه ، بلا خلاف أجده فيه ، للأصل السالم عن المعارض ، ولو التمس من المشتري الفسخ لم يجب عليه الإجابة للأصل أيضا لكن يستحب قطعا في كل طالب للإقالة ، فضلا عن المقام ، ولو كان البيع بخيار فسخ بل في جامع المقاصد « لا ريب في الوجوب » وفي المسالك « في الوجوب نظر ، أقربه ذلك ، وإن كان قد بيع بثمن المثل ، للقدرة على تحصيل الزيادة بالفسخ ، فيكون كما لو طلب بزيادة عن ثمن المثل قبل البيع » قلت : ينبغي الجزم بذلك ، مراعاة للأصلح مع تيسره ، وفرق واضح بينه وبين ما إذا لم يكن خيار ، وإن بذل المشتري الإقالة لعدم حق للمفلس ينبغي مراعاته ، فلا يجب على الحاكم الإجابة لو بذلها المشتري فضلا عن وجوب الالتماس عليه ، وان علم اجابة المشتري له.

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٦ ص ٤٥.

٣٣٩

نعم يستحب للحاكم الفسخ مع رضا المشتري كما نص عليه في القواعد وغيرها ، بل قد يقال : باستحباب التماس الحاكم للمشترى عليها ، بل عليه يحمل ما عن المبسوط إذا باع الحاكم أو أمينه من مال المفلس بثمن مثله ، ثم جاء به زيادة بعد لزوم البيع وانقطاع الخيار ، سئل المشتري الإقالة أو بذل الزيادة ، ويستحب للمشتري الإجابة الى ذلك ، لان فيه مصلحة المفلس ، وان لم يجبه إلى ذلك لم يجبر عليه ، لان البيع الأول قد لزم ، إذ احتمال ارادة وجوب السؤال مخالف للأصل ، بلا مقتض.

ومن الغريب ما في الحواشي المنسوبة إلى الشهيد عند قول الفاضل ولو بذلت زيادة بعد الشراء استحب الفسخ ، قال : « هذا إن كان للبائع خيار مجلس أو شرط أو غبن ، وإلا فلا ، نعم يستحب للمشتري الإقالة ، ويحتمل في الأول الوجوب ، وقد استشكله في باب الوكالة خصوصا على قول الشيخ أن المبيع لا يملك إلا بعد انقضاء الخيار ، قلت :المتجه أيضا وجوب الفسخ على الوكيل مع الخيار ، وعموم وكالته له مراعاة للمصلحة ، كما هو واضح. ولعل الذي دعاه الى ما ذكره ظهور قول الفاضل استحب الفسخ في أن له ذلك ، وان لم يرض المشتري ، وليس إلا مع الخيار ، وفيه أن المراد استحباب الفسخ مع رضى المشتري بالإقالة ، كما ذكرناه سابقا والله أعلم.

ويجري عليه نفقته وكسوته ونفقة من تجب عليه وكسوته ، ويتبع في ذلك عادة أمثاله إلى يوم قسمة ماله ، فيعطى هو وعياله نفقة ذلك اليوم بلا خلاف أجده في شي‌ء من ذلك ، وفي محكي المبسوط لا خلاف في أنه يجب أن ينفق عليه ، وعلى من تجب عليه نفقته من أقاربه وزوجته ومماليكه من المال الذي في يده ، ولا يسقط عنه نفقة أحد منهم. وفيه أيضا يجب أن يكسى ويكسى جميع من تجب عليه كسوته من زوجته وأقاربه إجماعا ، وقدرها ما جرت به عادته من غير سرف ، وقد حد ذلك بقميص وسراويل ومنديل وحذاء لرجله ، وان كان من عادته أن يتطلس دفع إليه طيلسان ، وإن كان بردا شديدا زيد في ثيابه محشوة ، وأما جنسها فإنه يرجع أيضا فيها إلى عادة مثله مع الاقتصاد ، وفي التذكرة « يجب على الحاكم أن يترك له دست ثوب يليق بحاله ، وقميص وسراويل ومنديل ومكعب ويزيد في الشتاء جبة ، ويترك له العمامة‌

٣٤٠