جواهر الكلام - ج ٢٤

الشيخ محمّد حسن النّجفي

إذا حمل؟ قال : لا يجوز بيعه حتى يزهو ، قلت : وما الزهو جعلت فداك؟ قال : يحمر ويصفر وشبه ذلك » ‌و‌خبر محمد بن شريح (١) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل اشترى ثمرة نخل سنتين أو ثلاثا وليس في الأرض غير ذلك النخل ، قال : لا يصلح إلا سنة ولا تشتره حتى يبدو صلاحه ».

و‌صحيح على بن جعفر (٢) المروي عن كتابه « سأل أخاه عن شراء النخل سنة واحدة أيصلح؟ قال : لا يشتري حتى يبلغ : قال : وسألته عن شراء النخل سنتين أيحل. قال : لا بأس ، ان لم يخرج العام خرج القابل. » ‌وفي‌ خبر المناهي (٣) نهى عليه‌السلام أن تباع الثمار حتى تزهو يعنى تصفر أو تحمر » ‌و‌موثق عمار (٤) عن الصادق عليه‌السلام « سئل عن الفاكهة متى يحل بيعها؟ فقال : إذا كانت فاكهة في موضع واحد فأطعم بعضها فقد حل بيع الفاكهة كلها وإذا كان نوعا واحدا فلا يحل بيعه حتى يطعم ، فان كان أنواعا متفرقة فلا يباع منها شي‌ء حتى يطعم كل نوع منها وحده ثم يباع تلك الأنواع ».

و‌مرسل إسماعيل بن الفضل (٥) « سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن بيع الثمرة قبل أن تدرك ، فقال : إذا كان له في تلك الأرض بيع له غلة قد أدركت ، فبيع ذلك كله حلال» ‌و‌موثق أبى بصير (٦) عن الصادق عليه‌السلام أيضا « سئل عن النخل والتمر يبتاعهما الرجل عاما واحدا قبل أن تثمر قال : لا حتى تثمر وتأمن ثمرتها من الآفة فإذا أثمرت فابتعها أربعة أعوام مع ذلك العام أو أكثر من ذلك أو أقل » ‌الى غير ذلك.

لكن لا يخفي عليك ما في دلالة بعضها من ثبوت البأس في المفهوم ، وهو أعم من الكراهة ، واضطراب موثق عمار منها ، واشتماله على ما لا يقول به أحد من الأصحاب‌

__________________

(١) و (٢) و (٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب بيع الثمار الحديث ـ ١٣ ـ ٢٢ ـ ١٤

(٤) و (٥) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب بيع الثمار الحديث ـ ٥ ـ ٢

(٦) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب بيع الثمار الحديث ١٢.

٦١

كما ستعرفه ، واحتمال إرادة الكراهة من نفي الحل في مفهومه ؛ كاحتمال ارادة التفسير من قوله « وتأمن » في الأخير منها ؛ كما يومي اليه تعليق الحكم فيه على الاثمار وذيل‌ صحيح يعقوب بن شعيب (١) قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن شراء النخل؟ فقال كان أبى يكره شراء النخل قبل أن يطلع ثمرته السنة ، ولكن السنتين والثلاث كان يقول ان لم يحمل في هذه السنة حمل في السنة الأخرى ، وسألته عن الرجل يبتاع النخل والفاكهة قبل أن يطلع ، فيشترى سنتين أو ثلاث سنين أو أربعا؟ قال : لا بأس ، إنما يكره شراؤه سنة واحدة قبل أن يطلع مخافة الآفة حتى يستبين » ‌بل هو صريح في المطلوب بناء على ارادة بدو الصلاح من الطلوع فيه ؛ لقرائن متعددة ، والمعنى المصطلح من الكراهة كما هو الظاهر من وجوه أيضا ، ومنه يظهر قوة ارادتها من النهي في النصوص السابقة ، سيما بعد اتفاق الفقهاء الأربعة على المنع ، كما في التذكرة ؛ فلا يبعد ان اشتهار التعبير به للجمع بين بيان الواقع ؛ ودفع التقية ؛ خصوصا بعد أن أشاروا عليهم‌السلام الى إرادة ذلك منه.

ففي صحيح الحلبي (٢) « سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن شراء النخل والكرم والثمار ثلاث سنين أو أربع سنين؟ فقال : لا بأس تقول ان لم تخرج في هذه السنة تخرج من قابل ؛ وان اشتريته في سنة واحدة ، فلا تشتره حتى يبلغ ؛ وان اشتريته ثلاث سنين قبل أن يبلغ فلا بأس وسئل عن الرجل يشتري الثمرة المسماة من ارض فتهلك ثمرة تلك الأرض كلها؟ فقال قد اختصموا في ذلك الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكانوا يذكرون ذلك فلما رآهم لا يدعون الخصومة نهاهم عن ذلك البيع حتى تبلغ الثمرة ولم يحرمه ، ولكن فعل ذلك من أجل خصومتهم » ‌

فهو كالصريح في أن نهيه السابق عن شراء سنة واحدة حتى تبلغ ، للكراهة ، إذ هو كعبارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وشمول الخبر لما قبل الطلوع بعد‌

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من أبواب بيع الثمار الحديث ٨.

(٢) الوسائل الباب ١ من أبواب بيع الثمرة الحديث ٢.

٦٢

إمكان منعه بظهور الغاية في وجود الثمرة ، لا ينافي الاستدلال به على المطلوب ؛ إذ أقصاه التقييد بالأدلة السابقة.

و‌في صحيح (١) ربعي « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ان لي نخلا بالبصرة فأبيعه وأسمي الثمن واستثني الكر من التمر أو أكثر أو العدد من النخل؟ قال : لا بأس ، قلت.جعلت فداك بيع السنتين؟ قال : لا بأس قلت : جعلت فداك ان ذا عندنا عظيم قال : أما انك ان قلت ذاك لقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحل ذلك فتظالموا فقال عليه‌السلام : لا تباع الثمرة حتى يبدو صلاحها » ‌ومراده بقرينة الخبر الأول أن نهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأجل قطع الخصومة ، لا الحرمة ، وهو بعينه النهي الوارد عنهم عليهم‌السلام ، والمناقشة فيه ـ بظهوره في أن نهيه عليه‌السلام الذي هو للكراهة انما هو في بيع السنتين قبل بدو الصلاح وهو الذي يأبى عنه العامة كما عن السرائر والتذكرة التصريح به ، بل تشعر به عبارة الغنية أيضا والظاهر ان قضية التظلم الذي تعقبها النهي الذي ليس للحرمة ، هي القضية التي تضمنها الخبر السابق ، فيسقط الاستدلال به حينئذ أيضا ـ يدفعها أن الذي حكاه في التذكرة عن الفقهاء الأربعة المنع في مفروض المسألة أيضا ولا ينافيه قولهم به أيضا في السنتين كما أن ما حكاه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رد لهم في المقامين فتأمل جيدا.

و‌في خبر تغلبة بن بريد وحسنة بريد بن معاوية (٢) « سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الرطبة تباع قطعتين أو ثلاث قطعات؟ فقال : لا بأس ، قال : وأكثرت السؤال عن أشباه هذا فجعل يقول لا بأس ، فقلت : أصلحك الله استحياء من كثرة ما سألته ، وقوله : لا بأس به ان من بيننا يفسدون هذا كله ، فقال : أظنهم سمعوا حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في النخل ثم حال بينى وبينه رجل فسكت ، وأمرت محمد بن مسلم أن يسأل أبا جعفر عليه‌السلام عن قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في النخل فقال أبو جعفر عليه‌السلام خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسمع ضوضاء فقال : ما هذا؟ فقيل له : تبايع الناس النخل ، فقعد النخل العام ، فقال عليه‌السلام : أما إذا فعلوا فلا تشتروا النخل العام حتى يطلع فيه الشي‌ء ، ولم يحرمه » ‌

وهو مع كونه مورد السنة‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الثمار الحديث ٤ ـ ١

٦٣

صريح في الإنكار ، على توهم الحرمة من النهي المزبور الذي بعينه وقع في كلامهم عليهم‌السلام ، ورواه العامة بهذا اللفظ وما يقرب منه ؛ واشتماله على ما لا نقول به ـ بعد إمكان إرادة بدو الصلاح من الطلوع فيه ، أو بالنسبة إلى السنة الثانية المنظمة إلى السنة التي ظهرت فيها الثمرة ـ غير قادح في الاستدلال على المطلوب.

هذا كله مضافا الى الأصول والعمومات العظيمة الدالة على الجواز أيضا مضافا الى‌

صحيح الحلبي (١) عن الصادق عليه‌السلام « تقبل الثمار إذا تبين لك بعض حملها سنة وان شئت أكثر ، وان لم يتبين لك ثمرها فلا تستأجره » ‌بناء على ارادة الشراء من التقبل فيه ، والى ما يومي اليه تعدد التعبير عن الغاية المزبورة ، فتارة ببدو الصلاح ، والأخرى بالإطعام ، وثالثة بالبلوغ ، ورابعة بالإدراك ؛ وخامسة بالتبين ، من ارادة الكراهة قبل ذلك وأنه بها ترتفع الخصومة على اختلاف مراتبها.

بل‌ في خبر على بن جعفر المروي عن قرب الاسناد (٢) الذي « سأل فيه أخاه عن بيع النخل أيحل إذا كان زهوا؟ فقال له : ان استبان البسر من الشيص حل بيعه وشراؤه» ‌والظاهر تحقق ذلك قبل الاحمرار والاصفرار ، ودعوى إمكان رجوع الجميع إلى الأول واضحة المنع خصوصا بالنسبة إلى الشجر الذي ستعرف أن بدو الصلاح فيها عندهم الانعقاد وهو لا يتحقق به البلوغ مثلا قطعا ، بل ولا في النخل إذ كثير منه لا يبلغ باحمراره واصفراره كما هو واضح.

وقد ظهر من ذلك كله ان القول بالجواز لكن على الكراهة هو الأقوى ، بل قد يؤيده أيضا أنه لا خلاف عندهم في الجواز مع اشتراط القطع ؛ حيث لا تكون المعاملة معه سفها بل حكى عليه الإجماع مستفيضا أو متواترا ، مع أنه لا أثر له في النصوص فليس ذلك إلا لأن اشتراط القطع يعين كون مراد المتبايعين هذا الموجود في هذا الحال ولا ريب في أنه مال مملوك يجوز بيعه ، ولا يعتبر في الصحة تحقق القطع ، بل لو رضى المالك بعد ذلك بالبقاء مجانا أو بأجرة جاز إجماعا في التذكرة ؛ خلافا لأحمد فأبطل البيع‌

__________________

(١) و (٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب بيع الثمار الحديث ـ ٤ ـ ١٧

٦٤

لو عصى المشتري فلم يقطع ومنع البائع منه أيضا صح ، وكانت الثمرة له عندنا ؛ وإن ثبت عليه الأجرة فلو باعه الموجود من الثمرة مصرحا له بأن المبيع هذا الموجود ؛ بحيث يستحق عليه القطع كان المتجه الجواز وإن لم يشترطه ؛ ولعله عند الأصحاب بمعنى اشتراط القطع ، وقد ينقدح هنا شي‌ء وإن نافاه جملة من عبارات الأصحاب ، وهو جواز البيع والشراء إذا كان القصد الموجود على النخل والأشجار في تلك الحال ، والعدم إذا كان المقصود شراؤه ثمرة أي بالغا ، أما الأول فلأصل والعمومات ؛ بعد انسياق نصوص المنع إلى غيره مما يراد صلاحه وإطعامه وإدراكه وبلوغه ، ولذا جعل غاية للجواز في النصوص السابقة ، بل قد يدعى أن إطلاق الثمرة عليه قبل ذلك مجاز ، لعلاقة الأول.

ومنه يظهر وجه المنع في الثاني مضافا إلى أنه غير مقدور للبائع ؛ إذ ليس هو من أفعاله ، وإنما هو من فعل الله تعالى ، ولعل مبنى المنع في كلام الأصحاب مع اشتراط التقية ، حتى حكي عن المبسوط والغنية وظاهر الخلاف الإجماع على عدم جوازه معه ، بل عن بعضهم جعل الخلاف فيما إذا أطلق دونه.

وإن كان يدفعه ما عن السرائر من أن الخلاف فيه وفي الإطلاق بل صرح في التذكرة بالجواز معه ، لعدم اشتراطه بدو الصلاح فيها ظهور اشتراط التقية في إرادة بيعه ثمرة ، وأنه أولى من الإطلاق المنصرف إلى ذلك ؛ حتى أن من جوز البيع بالظهور أوجب معه على البائع الإجابة إلى البقاء إلى أو ان القطع ؛ خلافا لأبي حنيفة إذ الظاهر إرادة الثمرة منه لا هذا الموجود ، فإذا أطلق صح عند من لم يعتبر البدو ، وبطل عند من اعتبره ، ولا يحمل على القطع وإن توقفت صحة العقد عليه ، كما صرح به في الدروس ، وحينئذ فيكون في الحقيقة اشتراط التقية كالإطلاق في الاندراج تحت إطلاق أدلة المنع ، أما لو أريد من اشتراط التقية الذي لولاه لاستحق البائع على المشتري القطع ، باعتبار كون المبيع هذا الموجود على الشجرة ، فيجوز للأصل والعمومات وبعض‌

٦٥

النصوص السابقة ، وأنه كمشروط القطع في كون المبيع المشخص الموجود ، واشتراط تبقيته لا يصير المبيع غيره ؛ ولعله لذا استدل في التذكرة على الجواز في المقام بأنه يجوز بيعه بشرط القطع إجماعا ، فجاز بشرط التبقية كما لو باعه بعد بدو الصلاح بشرط التبقية ، والقصيل والإطلاق ، وإن كان لا يجوز بيع السنبل منه قبل ظهوره فيه.

وقد يقوى دوران الحكم على القصد المذكور في بيع الثمرة على مالك الأصل الذي حكم العلامة بجوازه بمجرد الظهور من دون شرط ، مدعيا عليه الإجماع في القواعد ، وأنه خارج عن محل النزاع ، وإن رده من تأخر عنه بعدم الدليل ، إذ ما قيل في الاستدلال له بأنه لمكان تبيعته للأصل ، كان كالجمع بينهما في عقد ؛ واضح الضعف ، لعدم العقد هنا على الجميع ، بل حكي عن الخلاف والمبسوط التصريح بالمنع فيه ، فيتجه الجواز إذا كان القصد شراء ذلك الموجود ، واشتراط القطع هنا كعدمه ـ ضرورة عدم استحقاقه ذلك على مالك الأصل ، والعدم إذا كان القصد بيعه ثمرة ، مع أنه قد يقال بالصحة فيه هنا ، باعتبار رجوع ذلك إلى إرادة الإبقاء إلى بلوغ هذا الحال ضرورة عدم قدرته على صيرورته ثمرة. وحيث كان البيع على المالك لم يكن للمشتري استحقاق في الإبقاء فليس حينئذ إلا إرادة بيعه في هذا الحال وهو لا إشكال في صحته ، فيتجه للفاضل حينئذ دعوى الإجماع عليه.

ومن هذا الأخير يظهر لك أنك إن أبيت عن تنزيل كلمات الأصحاب على ما ذكرنا ، باعتبار صراحة بعضها في خلافه كان المتجه الجواز ، في بيع الثمار قبل بدو الصلاح كما قلناه سابقا ، إذ ليس مرجعه حينئذ إلا إرادة الإبقاء الى أو أن صيرورته ثمرا ؛ خصوصا مع التصريح بذلك ، وهو لا بأس به ، بعد ما عرفت من تنزيل نصوصه على الكراهة أو التقية للوجوه المتقدمة.

بل ربما يظهر لك وجه ما ذكره الأصحاب هنا من غير خلاف يعرف بينهم فيه من الجواز مع الضميمة ، بل في التذكرة والتنقيح ومحكي المهذب الإجماع عليه ، مع أنه‌

٦٦

لم أجده فيما وصل إلى من النصوص على جهة الإطلاق وموثق سماعة (١) المتقدم سابقا قبل الطلوع ، اللهم إلا أن يحمل على إرادة بدو الصلاح من الطلوع فيه ، فيكون شاهدا للمقام ؛ وأما النصوص الآتية التي (٢) منها ضم ما بدا صلاحه مثلا إلى غيره ، فهي في موارد خاصة لا ينبغي التعدية منها إلى غيرها.

نعم قال بعض متأخري المتأخرين إطلاق النص مشيرا إلى ما تسمعه من النصوص في المسألة الاتية ، وكلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في الضميمة بين أن تكون متبوعة أو تابعة ، ولا ريب في الأولى للقاعدة المطردة من صحة المعاملة مع الضميمة التي تكون بالذات مقصودة ؛ مخرجة لها عن الغرر والمجازفة ، وقد تقدم إلى ذكرها مرارا الإشارة وكذا في الثانية بعد ما عرفت من إطلاق النص والفتوى المخرجة لها عما دل على فساد المعاملة ، ولو انضم ضميمة ليست بالذات مقصودة إذا اشتملت على الغرر والجهالة.

ومن هنا انقدح وجه القدح في استدلال جماعة بقاعدة الضميمة المزبورة لصحة هذه المعاملة مطلقا ولو في صورة الثانية ، فإنها لم تنهض بإثباتها إلا في الصورة الأولى خاصة ، ولعل الوجه أن الضميمة هنا ليست لدفع الغرر والجهالة حتى يأتي فيها التفصيل المتقدم إليه الإشارة ، لاختصاص مثلها بما يتصور فيه الأمران لو خلا عنها ، وليس منه مفروض المسألة ، بناء على أن المنع عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها إنما هو تعبد محض ، نهض بإثباتها الأخبار المانعة ، لولاها لتعين المصير إلى الجواز ، نظرا إلى الأصل والعمومات السليمة عن معارضه الغرر فالمجازفة ، لاندفاعها ؛ ولذا صار إليه جماعة بعد حملهم تلك الاخبار على الكراهة بشهادة بعضها ، بل ضمها هنا ليس الا للذب والفرار عن الدخول تحت إطلاق تلك الاخبار ، بناء على اختصاصها بحكم التبادر بغير المضمار.

قلت : قد يناقش فيه أولا ـ بإمكان منع القاعدة التي أشار إليها ، إنما المسلم منها التابع‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب بيع الثمار الحديث ـ ١ ـ.

(٢) الوسائل الباب ٢ من أبواب بيع الثمار.

٦٧

في نفسه ، كأس الجدران وزخارف الدور وحمل الدابة ، ونحو ذلك لا التابع في القصد ضرورة ؛ تناول أدلة الغرر والجهالة له ، ودعوى أنه بذلك تكون الشرط الذي لا يعتبر فيه شي‌ء من ذلك على التحقيق ؛ يدفعها عدم صدق اسم الشرط عليها ، بل هي بعض المبيع ، ـ وثانيا بمنع إخراج الضميمة هنا للمفروض عن إطلاق الأدلة إذ دعوى اختصاصها ببيع الثمرة خاصة واضحة الفساد ، فالمتجه حينئذ الاستناد في الضميمة سواء كانت تابعة أو متبوعة إلى إطلاق معاقد الإجماعات التي يمكن التنقيح بها للموارد الخاصة في النصوص الاتية ، فيتعدى منها حينئذ إلى غيرها ، وربما يقال أن الضميمة هنا كالضميمة مع الآبق باعتبار ان ما نحن فيه كغير المقدور على تسليمه ، لعدم البلوغ حال البيع ، فلا يشترط فيها حينئذ كونها متبوعة ، بناء على عدم اشتراط ذلك فيها في الآبق ، بل إنما ضمت حتى لا يصير الثمن بلا مثمن لو اتفق عدم حصول المنضم إليه والأمر سهل عندنا بناء على ما عرفت من عدم اشتراطها في الصحة ؛ وأنه يجوز البيع بدونها.

وعلى كل حال فمنها كما في المسالك ما لو بيعت الثمرة مع أصولها ولذا قال المصنف جاز البيع مطلقا قبل بدو الصلاح وبعده ، بل في التذكرة والتنقيح الإجماع عليه بالخصوص ؛ وربما يقال أن الصحة هنا لكون الثمرة تابعة ، كحل الدابة ، بل لا يندرج نحوه في إطلاق أدلة المنع الظاهر في غير ذلك لا للضميمة ، ولذا جعله غير واحد شيئا آخر غيرها.

واما الجواز في الزيادة عن عام فلا خلاف فيه ، كما عن كشف الرموز بل عن ظاهر المبسوط والخلاف والسرائر ، وصريح التذكرة والمهذب والتنقيح الإجماع عليه ، مضافا إلى ما سمعته من النصوص السابقة وقد ظهر من ذلك كله أنه لا خلاف ولا إشكال في جواز البيع بعد الظهور قبل البدو إذا حصل أحد الأمور الثلاثة أو الأربعة ، بناء على أن بيعها مع الأصول ليس من الضميمة ، وعن الفاضل زيادة البيع على مالك الأصل ، وقد عرفت الحال فيه وبيع الأصل واستثناء المالك الثمرة.

وفيه أنه ـ وإن كان لا يشترط البدو فيه عندنا خلافا لأحد وجهي الشافعية فاعتبروا‌

٦٨

في الصحة شرط القطع ، ولا ريب في ضعفه ، لأنه استدامة ملك لا ابتداؤه ـ ليس مما نحن فيه من بيع الثمرة ، وما يقال ـ من أن بيع الأصل سبب في زوال الملك ، واستثناؤه سبب في التدارك ، فهو كالحادث ـ يدفعه أن السبب في الزوال البيع المطلق ، لا مطلق البيع ، وليس المشرف على الزوال ولما يزل ، كالزائل العائد ، لأنه تقدير لما لا وجود له من الزوال فعلا ، بمنزلة الموجود كما هو واضح.

ثم إن الظاهر كون الخلاف في المقام إنما هو في المبيع خاصة ، أما الصلح فيجوز مطلقا وبشرط التبقية للأصل ، بعد اختصاص النصوص والفتاوى في البيع خاصة ، بل وكذا غيره من النوافل ؛ سيما الشروط والله أعلم هذا. والضميمة على تقدير اعتبارها في الصحة ينبغي الاقتصار فيها على المتيقن ، من كونها مما يجوز بيعها منفردة كما تومئ إليه عبارة المتن ، وكونها مملوكة للمالك ، وكون الثمن لها وللمنضم على الإشاعة ونحو ذلك ، وإن كان للنظر في هذا كله مجال ، كالنظر أيضا في الصحة فيما لو تلفت قبل القبض وغيره ، إلا أنا في غنية عن إطالة البحث فيه بعد عدم اعتبارها في الصحة عندنا ، وهل من الضميمة ما لو باع الثمرة مشترطا قطع بعضها ، المتجه العدم بناء على اعتبار صحة بيعها بغير عقد الانضمام ؛ والأمر سهل.

وكيف كان ف بدو الصلاح الذي هو شرط للصحة أو الكراهة في اللغة كما عن المقداد والصيمري أن تصفر البسر أو تحمر على المشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا شهرة عظيمة ، بل في محكي السرائر نسبته إلى أصحابنا ، والمبسوط إلى روايتهم لخبري الوشاء (١) وعلى بن أبي حمزة (٢) المتقدمين المنجبرين بالشهرة المزبورة ؛ والمعتضدين بخبر المناهي ، (٣) الذي فسر الزهو بهما فيه أيضا ، بناء على أنه منه‌ النبوي أيضا المروي عن معاني الأخبار (٤) « نهى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن المخاصرة ، وهي أن تباع الثمار قبل أن يبدو صلاحها وهي خضر بعد ؛ إلى أن قال : ونهى عن بيع الثمر قبل أن يزهو ، وزهوه أن يحمر أو يصفر » ‌وقال فيه و‌في حديث آخر (٥) « نهى عن بيعه قبل أن‌

__________________

(١) و (٢) الوسائل الباب ١ من أبواب بيع الثمار الحديث ٣ ـ ٥

(٣) و (٤) و (٥) الوسائل الباب ١ من أبواب بيع الثمار الحديث ١٤ ـ ١٥ ـ ١٦

٦٩

يشقح » ‌ويقال « يتشقح ؛ والتشقيح هو الزهو أيضا » وقيل لا ينافي ذلك التعليق على الإطعام في بعض النصوص السابقة ، والإدراك في آخر ، والبلوغ في ثالث ، بعد ان كان رجوع الجميع إليهما ، وفيه أن المشاهد خلافه بل اختلاف ذلك دليل على ما قلناه سابقا من الكراهة قبل بدو الصلاح ؛ ولعلها تختلف باختلاف مراتبه شدة وضعفا.

وعلى كل حال فقد عرفت أن المعروف تحقق بدو الصلاح بذلك ، لكن زاد المصنف هنا والفاضل في الإرشاد فقالا : بدو الصلاح ذلك أو أن يبلغ مبلغا يؤمن عليها العاهة ولم نجده لغيرهما ، وإن حكي تفسير بدو الصلاح به بلفظ القيل ، مع أنه على فرض وجوده غير ما فيهما ، ولعله للجمع بين ما عرفت وبين خبر أبى بصير (١) السابق المؤيد في الجملة بخبر على بن جعفر (٢) عن أخيه عليه‌السلام « سألته عن بيع النخل أيحل إذا كان زهوا قال : إذا استبان البسر من الشيص حل بيعه وشراؤه » ‌وبالنبويين‌ العاميين (٣) « أحدهما لا تبتاعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها ، قيل وما بدو الصلاح؟ قال : تذهب عاهتها ويخلص رطبها » ‌و‌الآخر (٤) « نهى عن بيع الثمار حتى تذهب العاهة » ‌الا أنه لم يحصل شرط الجمع من المقاومة المفقودة هنا من وجوه ، والشاهد المعتبر ، مضافا إلى قوة احتمال كون الاحمرار والاصفرار بهما يحصل الأمان ، واحتمال إرادة الظهور من أمن الآفة فلا ينافي حينئذ اشتراط ذلك بعد بدو الصلاح المفسر بما عرفت ؛ وإلى إجمال المراد به ، اللهم إلا أن يقال : بأن المرجع فيه العادة ، وربما حد في النبوية العامية (٥) بطلوع الثريا الذي نفي الاعتبار به في محكي الخلاف ، والله أعلم.

وعلى كل حال ف إذا أدرك بعض ثمرة البستان المتحدة وبد إصلاحه ولم يدرك الأخر بعد أن كان ظاهرا جاز بيع ثمرته أجمع بناء على اعتبار بدو الصلاح في الجواز بلا خلاف أجده فيه ، بل عليه الإجماع ، منقولا مستفيضا إن لم يكن محصلا ، سواء كان متحد النوع أو مختلفة ، للأصل السالم عن المعارض ، بعد تنزيل ما دل على المنع‌

__________________

(١) و (٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب بيع الثمار الحديث ١٢ ـ ١٧

(٣) و (٤) سنن البيهقي ج ٥ ص ٣٠٠ جامع الصغير ج ٢ ص ١٩٢ طبع عبد الحميد احمد حنفي.

(٥) سنن البيهقي ج ٥ ص ٣٠٢.

٧٠

على غير المفروض ، سيما إذا كان البعض المدرك مما يصدق معه بدو صلاح الثمرة ؛ المعلوم عدم إرادة الجميع منه ، ولصحيح يعقوب ابن شعيب (١) عن الصادق عليه‌السلام « إذا كان الحائط فيه ثمار مختلفة ، فأدرك بعضها فلا بأس ببيعها أجمع » ‌و‌صحيح الحلبي (٢) عن الصادق عليه‌السلام « تقبل الثمار إذا تبين لك بعض حملها سنة وإن شئت أكثر ، وإن لم يتبين لك حملها فلا تستأجره » ‌و‌خبر البطائني (٣) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل اشترى بستانا فيه نخل وشجر ، منه ما قد أطعم ، ومنه ما لم يطعم؟ قال : لا بأس إذا كان فيه ما قد أطعم » ‌بناء على إرادة ثمرة البستان منه ، و‌المرسل (٤) كالموثق « المسئول فيه عن بيع الثمرة قبل أن تدرك فقال : إذا كان في تلك الأرض بيع له غلة قد أدركت ؛ فبيع كله حلال » ‌إلى غير ذلك ، من ذيل خبر أبى الربيع (٥) ونحوه ، مضافا إلى ما قيل من أنه لا إشكال في بيع ما بدا صلاحه ، لحصول الشرط ، أو غيره أيضا لضمه إليه ، وقد عرفت عدم الاشكال والخلاف في جواز بيع الثمرة الظاهرة مع الضميمة ، فيندرج حينئذ مفروض المسألة فيها ، خصوصا بعد ما عرفت من عدم اعتبار المتبوعية في هذه الضميمة ، وأنها ليست كضميمة المجهول.

لكن قد يناقش في تناول دليل الضميمة لمثل المقام على وجه يخرجه عن إطلاق أدلة المنع على فرض شموله ، وحينئذ ينبغي الاقتصار في الاستدلال على ما ذكرناه أولا.

لكن لا ينبغي التأمل في صدق الضميمة لو ضمها إلى بستان أخرى لم يبدو صلاحها إلا أن المصنف قال ولو أدركت ثمرة بستان لم يجز بيع ثمرة البستان الأخر ولو ضم إليه وفاقا لمحكي الخلاف والمبسوط ، بل عن الأول الإجماع عليه ، ومقتضاه حينئذ عدم تناول الضميمة لمثل ذلك ، وعدم تناول نصوص الصحة المتقدمة آنفا له أيضا ،

__________________

(١) و (٢) و (٣) و (٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب بيع الثمار الحديث ـ ١ ـ ٤ ـ ٣ ـ ٢

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب بيع الثمار الحديث ٧.

٧١

فيبقى مندرجا في إطلاق دليل المنع ، وفيه ـ بعد تسليم الدعوى الاولى له الواضح منعها عليه ، وتسليم تناول إطلاق دليل المنع لذلك ، ـ منع عدم تناول المرسل المتقدم (١) المنجبر هنا بعمل الأصحاب كافة عدا من عرفت كما قيل.

ومنه يعلم ما في دعواه الإجماع عليه ، ولعله لذا قال بعد ذلك وفيه تردد بل كان الاولى الجزم بالصحة ؛ لما عرفت ، واما‌ موثق عمار (٢) « عن ابى عبد الله عليه‌السلام سئل ؛ عن الفاكهة متى يحل بيعها؟ قال : إذا كانت فاكهة كثيرة في موضوع واحد فأطعم بعضها فقد حل بيع الفاكهة كلها ، فإذا كان نوعا واحدا فلا يحل بيعه حتى يطعم ، فان كان أنواعا متفرقة فلا يباع منها شي‌ء حتى يطعم كل نوع منها ؛ ثم يباع تلك الأنواع » ‌فمع اشتماله على ما لا يقول به أحد من الطائفة ، من اشتراط اتحاد النوع بإدراك البعض في صحة بيع الجميع ، وتشويش متنه ، إنما يدل بالمفهوم ؛ وهو قاصر عن معارضة الأدلة من وجوه ، فلا ريب حينئذ في أن الأصح الجواز هذا كله في ضم الثمرة الظاهرة ولم يبدو صلاحها إلى ما بدا بناء على اشتراطه وإلا فيجوز بدونه.

اما المتجددة ففي الغنية « يجوز بيع الثمرة الموجود بعضها المتوقع وجود باقيها عندنا وعند مالك » وفي القواعد ولو ظهر بعض الثمرة فباعه مع المتجددة في تلك السنة ، صح سواء اتحدت الشجر أو تكثرت ؛ وسواء اختلف الجنس أو اتحد » وفي التذكرة « يجوز عندنا بيع الثمار بعد بدو صلاحها مع ما يحدث بعدها في تلك السنة ، أو سنة أخرى ، وبه ؛ قال مالك » وفي الدروس « ويجوز اشتراط المتجددة من الثمرة في تلك السنة وغيرها ؛ مع حصر السنين ، سواء كان المشترط من جنس البارز أو غيره ، ولو شرط ضم ما يتجدد من بستان آخر عاما أو عامين احتمل الجواز » وظاهر اللمعة كونه من المسلمات ، لانه قال : « ويجوز بيع الخضر بعد انعقادها لقطة ولقطات ؛ كما يجوز بيع الثمرة الظاهرة وما يتجدد في تلك السنة وفي غيرها » أي مع ضبطه السنين ، وفي الروضة « لأن الظاهر منها بمنزلة الضميمة إلى المعدوم ، سواء كانت متجددة من جنس الخارجة‌

__________________

(١) و (٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب بيع الثمار الحديث ٣ ـ ٥

٧٢

أم غيره ».

وفيه أن الأصح عدم الاكتفاء في صحة بيع المعدوم بالضميمة إليه ، فينبغي التعليل في المتجدد من ثمرة الشجر الذي فرض ظهور ثمرته ، بأنه لا ينقص عن بيع ثمرته في السنة الأخرى مثلا ، فلا يقدح حينئذ انعدامها ، وبظهور بعض النصوص السابقة فيه ، بل وفي غيره مما لم تخرج بعد ثمرته ، فالتوقف فيه حينئذ بأنه معدوم ولا تجدي فيه الضميمة في غير محله ، بعد ما سمعت من صحيح الحلبي السابق (١) بل والمرسل (٢) وذيل خبر ابى الربيع (٣) مضافا إلى نصوص الخضر (٤) إلا أنه ينبغي الاقتصار في ذلك على المتيقن ، وهو البستان الواحدة ، أما المتعدة فالأحوط إن لم يكن الأقوى عدمه ، للأصل وغيره ، ولذا جعل في الدروس الجواز احتمالا ، فتأمل جيدا والله أعلم.

وأما الأشجار فظاهر النصوص والفتاوى اتحاد حكمها مع النخل ، بالنسبة إلى البيع قبل الظهور وغيره ، ومن هنا جعل في التحرير وظاهر الدروس كما عن غيره موضوع الأحكام السابقة ، الثمرة ، لا خصوص ثمرة النخل ، بل صرح أولهما بأن النخل والشجر في الحكم سواء بل صرح في التذكرة وجامع المقاصد ومحكي الإيضاح بأن الخلاف في بيع ثمر الشجر قبل الظهور أزيد من عام كما في النخل ؛ بل صرح في الأول بالإجماع على عدم جواز بيعها عاما واحدا قبل الظهور كالنخل.

وبالجملة لا يخفي على من تأمل نصوص المقام وفتاوى الأصحاب ظهور اتحاد الحكم فيها ، لكن ربما نقل عن العلامة الفرق بين ثمرة النخل وثمرة غيره ، فجوز بيع الاولى بعد ظهورها قبل بدو الصلاح عامين ، ومنعه في الثانية ، وفيه أن الذي وقفنا عليه من كلامه صريح في خلافه.

وكيف كان فمقتضى ما ذكرنا أنه لا خلاف في عدم جواز بيعها قبل الظهور عاما ،

__________________

(١) و (٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب بيع الثمار الحديث ـ ٣ ـ ٢

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب بيع الثمار الحديث ٧.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب بيع الثمار.

٧٣

وفي التذكرة « الإجماع عليه » وفي العامين والضميمة ما عرفت ، ولا خلاف أيضا في بيعها بعد الظهور قبل البدو بناء على انفكاكهما فيها بشرط القطع ، أو الضميمة أو عامين ، أما بدون ذلك ففيه البحث السابق ، وحينئذ يتجه للمصنف أن يقول لا يجوز بيعها حتى يبدو صلاحها بعد تقييده في صورة الظهور بما تقدم ، لما سمعته من كلامه في غير اشتراط القطع ، بناء على ما عرفت من اختياره وحده أي بدو الصلاح فيها ان ينعقد الحب ولا يشترط زيادة عن ذلك على الأشبه

بل عن الكفاية أنه أشهر ، لكن في معقد شهرة التنقيح إضافة تناثر الورد إليه ، وظاهره أو صريحه أنه مراد من لم يضفه إليه ، ولذا جعل في المسألة قولين ، هذا أحدهما ، والثاني ما تسمعه من عبارة المبسوط ؛ ونحوه ما في غاية المرام ومحكي إيضاح النافع ، إلا أنه خص الشهرة بالمتأخرين في أولهما ، ويؤيده أنا لم نجد في النصوص ما يشهد للإطلاق ، إذ ليس إلا‌ خبر ابن شريح (١) « وبلغني أنه قال في ثمر الشجر : لا بأس بشرائه إذا صلحت ثمرته ، فقيل : وما صلاح ثمرته؟ فقال : إذا عقد بعد سقوط ورده » ‌و‌موثق عمار (٢) « سألته عن الكرم متى يحل بيعه؟ قال : إذا عقد وصار عقودا ، والعقود ، اسم الحصرم بالنبطية » ‌كما قيل : والثاني في خصوص الكرم ، والأول قد اعتبر فيه تناثر الورد ، فيقوى حينئذ اتحاد القولين ، خلافا للمسالك وغيرها ، ولعل الانعقاد إنما يكون بعد تناثر الورد كما هو ظاهر الخبر.

وحينئذ ينحصر الخلاف فيما عن المبسوط والمهذب ، قال في أولهما « بدو الصلاح يختلف ، فان كانت الثمرة مما تحمر أو تسود أو تصفر فبدو الصلاح فيها حصول هذه الألوان ، وإن كانت مما تبيض ، فبأن تتموه ، وهو أن يتموه فيها الماء الحلو ويصفو لونها ، وإن كانت مما لا تتلون مثل التفاح ؛ فبأن يحلو ويطيب أكله ؛ وإن كان مثل البطيخ فبأن يقع فيه النضج ، قال ، : وقد روى أصحابنا أن التلون يعتبر في ثمرة النخل خاصة ، فأما ما يتورد فبدو صلاحه أن ينتشر الورد وينعقد ؛ وفي الكرم أن ينعقد الحصرم ، وإن كان مثل القثّاء‌

__________________

(١) و (٢) الوسائل الباب ١ من أبواب بيع الثمار الحديث ـ ١٣ ـ ٦

٧٤

والخيار الذي لا يتغير طعمه ، ولا لونه ، فان ذلك يؤكل صغارا ، فبدو صلاحه أن يتناهى عظم بعظمه ».

وهو إن كان قد يشهد له نصوص الإطعام والبلوغ والإدراك ، إلا أنه ـ بعد اعترافه بكون رواية أصحابنا خلافه ، وقد عرفت أيضا أن عملهم على ذلك ، ـ لا ينبغي الالتفات إليه ؛ سيما بعد أن حكاه في التذكرة عن الشافعي الذي قد جعل الله الرشد في خلافه ، وليس المراد من نصوص الإطعام والإدراك والبلوغ ، (١) بيان أول مرتبة بدو الصلاح ، بل يقوى في النفس ما ذكرناه سابقا من أن هذه غايات لرفع كراهة البيع قبلها ، المختلف شدة وضعفا باختلافها كاختلاف الخصومة التي قد عرفت سابقا أنها سبب النهي عن البيع قبل بدو الصلاح.

ومن ذلك يعرف ما في المحكي عن السرائر أيضا ، قال : « بدو الصلاح في ثمرة النخل الحمرة والصفرة ، وما عداها فحين يتموه فيها الماء الحلو ؛ ويصفر لونها وقال : ولا يعتبر التلون والتموه والحلاوة عند أصحابنا ، إلا في ثمرة النخل خاصة وإن كانت الثمرة مما تتورد ، فبدو صلاحها أن يتنثر الورد وينعقد ، وفي الكرم أن ينعقد الحصرم ، وإن كان غير ذلك فحين يحلو ويشاهد ؛ وقال بعض المخالفين إن كان مثل القثّاء والخيار لا يتغير طعمه ولا لونه ، فبدو صلاحه أن يتناهى عظم بعضه قال ، : وقد قلنا إن أصحابنا لم يعتبروا بدو الصلاح إلا فيما اعتبروه من النخل والكرم ، وانتثار الورد فيما يتورد ويمكن إرجاعه إلى المشهور ، بل يمكن إرجاع كلام الشيخ اليه على إرادة أن ما ذكره لغيرنا ، فتأمل.

وعلى كل حال فقد عرفت أن الموجود في النص الانعقاد من دون ذكر الحب ، وبه عبر في اللمعة ، بل وما سمعت من عبارتي المبسوط والسرائر ، والظاهر إرادة انعقاد الثمرة ، فإن كانا متلازمين وإلا فالتعبير به أولى وأعم ، لعدم الحب في بعض الثمار هذا وفي المسالك وغيرها أنه على ما اختاره المصنف من تفسير بدو الصلاح يتحد وقت الظهور‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب بيع الثمار ـ.

٧٥

وبدو الصلاح ، إذ ليس بينهما واسطة ، أي فلا تظهر فائدة حينئذ للقولين السابقين في النخل ، وإنما تظهر فائدتهما لو قلنا بتأخير بدو الصلاح عن الظهور.

قلت : قد يمنع اتحادهما على تفسير المصنف أيضا ، خصوصا بعد أن عرفت أنه هو المراد من القول الثاني ، فلاحظ وتأمل ، ويؤيده أن الفاضل في التذكرة مع قوله فيها بأن بدو الصلاح في ثمرة الأشجار الانعقاد ، قال : « يجوز بيعها بعد الظهور قبل البدو سنة وسنتين مع الضميمة إلى الأصول وغيرها » وقد سمعت سابقا دعواه الإجماع على عدم جواز بيعها قبل الظهور سنة.

وكيف كان ف هل يجوز بيعها سنتين فصاعدا قبل ظهورها قيل : والقائل الصدوق وبعض متأخري المتأخرين نعم بناء على اتحاد الحكم فيها مع النخل والاولى المنع بل هو الأصح لتحقق الجهالة كما عرفت البحث فيه في النخل سابقا مفصلا ، وربما استشعر من قوله هنا الاولى الجواز كقوله المروي هناك ؛ والتحقيق ما سمعت.

وكذا الخلاف فيما لو ضم إليها شيئا وباعه معها عاما من قبل انعقادها بناء على إرادة الظهور منه فالبحث في صحته حينئذ نحو ما سمعته في النخل الا أن المصنف لم يذكره هناك ، فيستفاد منه حينئذ أولوية المنع في المقامين على تقدير عدم الفرق بينهما ، واحتمال إرادته بعد الظهور قبل الانعقاد الذي هو بدو الصلاح بناء على تأخره عنه يدفعه أن مقتضاه حينئذ الفرق بين النخل والشجر ، إذ لا خلاف في جواز بيع الثمرة الأول قبل بدو الصلاح مع الضميمة كما سمعت ، وقد عرفت اتحاد الحكم فيهما فتوى ونصا.

ومن الغريب ما في المسالك هنا من أن الأجود المنع ، وموضعه ما لو كانت الضميمة غير مقصودة بالبيع ، بحيث تكون تابعة أو هما مقصودان ، أما لو كانت الضميمة مقصودة والثمرة تابعة صح كما مر ، إذ فيه أن المفروض قبل الانعقاد الذي هو الظهور ، وبدو الصلاح عنده والضميمة لا تجدي في جواز بيع المعدوم وقياس هذا الضميمة إلى المجهول قد‌

٧٦

عرفت أنه مع الفارق : نعم يتجه الجواز هنا بالضميمة ؛ بناء على اختلاف حالي الظهور والانعقاد على نحو ما سمعته في ثمرة النخل إذا ظهرت ولم يبدو صلاحها والله أعلم.

وكيف كان ف إذا انعقد ثمر الشجر جاز بيعه مع أصوله بلا خلاف ومنفردا كذلك بناء على أنه هو بدو الصلاح سواء كان الثمر بارزا مشاهدا كالتفاح والمشمش والعنب أو في قشر يحتاج إليه لادخاره كالجوز في القشر الأسفل ، وكذا اللوز ، أو في قشر لا يحتاج إليه كالقشر الأعلى للجوز والباقلا الأخضر والهرطمان والعدس بلا خلاف أجده في شي‌ء من ذلك بل ولا إشكال ، وفي التذكرة الإجماع عليه اعتمادا في ذلك كله على أصل السلامة ، خلافا للشافعي فلم يجوز بيع ذي القشر الأعلى كالجوز واللوز إلا بعد نزع القشر الأعلى سواء كان ذلك على الشجر أو وجه الأرض ولا ريب في ضعفه.

وكذا البحث في السنبل أي لا يجوز شراؤه قبل الظهور وانعقاده الذي هو بدو صلاحه ويجوز بعده سواء كان بارزا كالشعير أو مستترا كالحنطة ، منفردا أو مع أصوله ، قائما وحصيدا للأصل السالم عن المعارض ، وأما شراء الزرع قبل أن يسنبل ، فلا إشكال بل ولا خلاف معتد به في جواز شرائه مع اشتراط التبقية ، أو القصل أو بدونهما للأصل والنصوص المستفيضة المعتبرة (١) خلافا لما عن الصدوق في باب المزارعة ، فلم يجوز بيع الزرع قبل السنبل إلا مع القصل يعلفه للدواب ، وتسمع البحث فيه إنشاء الله عند تعرض المصنف له ، والله أعلم.

وأما الخضر كالقثاء والباذنجان والبطيخ والخيار فلا يجوز بيعها قبل ظهورها إجماعا على الظاهر كما قيل ، وفي الحدائق « الظاهر أنه لا خلاف فيه لأنها معدومة ، وللجهالة والغرر ، وفحوى نصوص النخل والأشجار (٢) مضافا إلى‌ ما في موثق‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب بيع الثمار.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب بيع الثمار.

٧٧

سماعة (١) « سألته عن ورق الشجر هل يصلح شراؤه ثلاث خرطات؟ فقال : إذا رأيت الورق في شجره فاشتر منه ما شئت منه من خرطة » ‌وبه يقيد‌ خبر معاوية بن ميسرة (٢) « قال : سألته عن بيع النخل سنتين قال : لا بأس به ، قلت : فالرطبة بيعها هذه الجزة وكذا وكذا جزة بعدها؟ قال : لا بأس به ، قال : ثم قال : كان أبي عليه‌السلام يبيع الحناء كذا وكذا خرطة » ‌بل بناء على إرادة بيع النخل الظاهرة ثمرته في السنة الأولى ، لعدم الجواز بدونه يقوى إرادة ذلك أيضا في الرطبة ، وكذا يقيده‌ ما في صحيح بريد السابق (٣) لما سأل أبا جعفر عليه‌السلام « عن الرطبة تباع قطعة أو قطعتين أو ثلاث قطعات؟ فقال : لا بأس » ‌الحديث ومنه وما تقدمه يعلم أنه يجوز بيع الخضر بعد انعقادها وإن لم يتناهى عظم بعضها ؛ بلا خلاف أجده فيه ، بناء على أنه مبدء إصلاحها دونه ، أو أنه به يتحقق الظهور ولم نشترط الجواز بالبدو ومشاهدتها ، فلو كانت مستورة في الأرض كالجزر والثوم ونحوهما لم يجز للجهالة كما صرح به الفاضل في جملة من كتبه ، بل نسبه في الدروس إلى جماعة ؛ لكنه حكى فيها عن أبي على جوازه ، واختاره هو تحكيما للعرف ، قال : وأولى بالجواز الصلح ؛ وفيه منع تحكيم العرف في ذلك بعد أن لم يكن مرئيا ولا موصوفا ، كما اعترف به في جامع المقاصد ، بل قال : لا يجوز بيعا بل ولا صلحا ، وهو متجه بناء على عدم اغتفار مثل هذه الجهالة في الصلح.

نعم يمكن القول بالصحة لو ضم ما ظهر من ورقة مثلا إليه ، بناء على جواز بيع المجهول إذا ضم معلوم إليه إلا أن المتجه التفصيل بالقصد وعدمه ؛ بناء عليه في الضميمة ، وبالجملة يجري عليه حكمها ، ولكن المسألة لا يخلو بعد من إشكال ، أما إذا كانت الخضرة ظاهرة ومنعقدة فلا إشكال في جواز بيعها ، لقطة واحدة ولقطات‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب بيع الثمار الحديث ٢.

(٢) ذكره صدره في الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب بيع الثمار الحديث ـ ١١ ـ وذيله في الباب ٤ الحديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب بيع الثمار الحديث ١.

٧٨

معلومة والمرجع في اللقطة إلى العرف ، ومع فرض الشك فيه يبقى على ملك المالك ؛ وكذا يجوز بيع ما يقطع فيستخلف كالرطبة والبقول جزة وجزات وكذا ما يخترط كالحناء والتوت بالتائين المثناتين خرطة وخرطات ؛ بل قيل : على الأول تنزل عبارتا النهاية والسرائر ، « لا يجوز بيعها قبل بدو صلاحها ؛ لان مختارهما في الكتابين أن بدو الصلاح الانعقاد وتناثر الورد ، وأما ما عن المبسوط من نحو ذلك ، فينبغي تنزيله على مختاره فيه الذي قد سمعته ، بل حكى عنه التصريح هنا بأنه إذا باع حمل البطيخ والقثّاء والحناء بعد ظهوره قبل بدو صلاحه بشرط القطع جاز وإن شرط التبقية أو مطلقا لم يجز ؛ ونحوه عن القاضي.

نعم ما في الوسيلة من نحو ذلك أيضا يمكن أن يكون موافقا للمشهور ، لاحتمال أن مختاره في بدو الصلاح مختارهم ، وما في المقنعة ومحكي المراسم من أنه يكره بيع الخضروات قبل أن يبدو صلاحها ، يمكن أن يكونا موافقين للشيخ في الموضوع دون الحكم الذي قد عرفت في النخل والشجر صحته ، وأنه لا يشترط بعد الظهور بدو الصلاح وما نحن فيه مثله على الظاهر ، فيجري فيه ما تقدم سابقا فلاحظ وتأمل.

وعلى كل حال فلا يقدح انعدام ما عدا الاولى بعد ضمها إليها كالمتجدد من الثمرة في السنة أو في القابل إلى الثمرة الظاهرة ، ولا إشعار في عبارة المتن باشتراط الوجود في جميع اللقطات ، وان خص الجواز بالانعقاد الا أن مراده ولو بالأولى نحو قوله في ثمرة النخل وغيره نعم لا يجوز بيع الثانية والثالثة مستقلة ، إذ هي كالأولى قبل ظهورها ، لكن عن أبي حمزة يجوز بيع الرطبة وأمثالها الجزة أو الثانية أو الثالثة أو جميعها ، ولا ريب في ضعفه إن أراد ذلك. نعم قد يقال : يجوز بيع ذلك قبل ظهوره إذا انضم إلى ما ظهر من الخضروات نحو ما قلناه في الشجر ، بل المرسل السابق (١) الذي هو كالموثق شامل للمقام ، فلاحظه ، بل يمكن الاكتفاء فيه بضمه إلى ما ظهر من ثمر النخل أو الشجر ، لإطلاق المرسل السابق ؛ كما أنه يكتفي بظهور الخضروات في البستان عن ظهور ثمرات أشجارها‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب بيع الثمار الحديث ـ ٢.

٧٩

فتكون هي حينئذ كثمرة الشجرة بل لعله المراد من ذيل خبر أبي الربيع السابق (١) بل يمكن إرادة ذلك من الرطبة والبقل في موثق سماعة (٢) المتقدم آنفا دليلا لمطلق الجواز مع الضميمة ، إلا أنه ينبغي الاقتصار في ذلك على ما في الحائط الواحد أخذا بالمتيقن.

وكيف كان فحيث يجوز بيعها يجوز منفردة ومع أصولها بل لا يعتبر في الثاني بدو الصلاح عند القائل به ، بناء على أنه غير الظهور ، إذ هي حينئذ كثمر النخل والشجر ، وكذا ضم غير الأصل ولو باع الأصول قبل ظهور الثمرة جاز مع الإطلاق وبشرط التبقية والقطع ، إذ هو كالزرع وكأصول الأشجار ولا فرق في ذلك بين ظهور الورد فيها وعدمه ، بل الظاهر جواز بيع الورد الذي تتولد منه الثمرة مطلقا أو بشرط التبقية بناء على جوازه في ثمرة النخل والشجر لعدم الفرق بينهما أما مع شرط القطع أو الضميمة فلا ينبغي التأمل في الجواز كالثمرة أيضا ، ولو باعها اى الأصول في الخضر وغيرها عدا النخل بعد انعقاد الثمرة لم تدخل في البيع الا بالشرط ونحوه بلا خلاف للأصل

نعم نظر في الدروس في تبعية ورق التوت والحناء والأس ، قال : « وكذا قضيب ما اعتيد قضيبه ( قضبانه خ ) كالخلاف ، مع أن الأقوى عدم التعبية أيضا إذا فرض كونه ثمرة معتدا به ، ولم يكن هناك عرف يقتضي التبعية كما هو كذلك في ورق التوت في بلداننا بحسب هذه الأزمنة.

وعلى كل حال حيث لا تدخل وجب على المشتري إبقاؤها مجانا إلى أوان بلوغها إن كان المعتاد قطعها عنده والا قبله ، وهو مختلف إذ منه ما يؤخذ بسرا مثلا ومنه رطبا ومنه تمرا ومنه عنبا ، ولا يقدح عدم ضبطه بما لا يقبل الزيادة والنقصان بعد ان لم يكن أجلا مضروبا في العقد وانما هو كالحكم الشرعي الثابت من الطلاق الأدلة الذي لا ريب في ظهوره في بقاء الثمرة إلى أوان صيرورتها كذلك ، وخصوصا‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب بيع الثمار الحديث ٧.

(٢) الوسائل الباب ٣ من أبواب بيع الثمار الحديث ـ ١ ـ.

٨٠