جواهر الكلام - ج ٢٠

الشيخ محمّد حسن النّجفي

والآخرة زيارته ، فقال (١) ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) وقال (٢) ( إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ ) وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله ، ودرجة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أرفع الدرجات ، فمن زاره إلى درجة في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك وتعالى » وقال علي عليه‌السلام في المروي (٣) عن الخصال في حديث الأربع مائة : « أتموا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا خرجتم الى بيت الله الحرام ، فان تركه جفاء ، وبذلك أمرتهم ، وأتموا بالقبور التي ألزمكم الله حقها وزيارتها ، واطلبوا الشرف عندها » وفي‌ خبر الشحام (٤) « قلت ما لمن زار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قال : كمن زار الله فوق عرشه » الى غير ذلك من النصوص

بل في‌ خبر العيص بن القاسم (٥) ما يقتضي استحباب البدأة بزيارته وتقديمها على إتيان مكة ، قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الحاج من الكوفة يبدأ بالمدينة أفضل أو بمكة؟ قال : بالمدينة » وأفتى به الفاضل في القواعد فقال : ويستحب تقديمها على مكة ، وإن كان يعارضه‌ خبر غياث بن إبراهيم (٦) عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام « سألت أبا جعفر عليه‌السلام أبدأ بالمدينة أو بمكة؟ قال : ابدأ بمكة واختم بالمدينة فإنه أفضل » ونحوه خبر أحمد بن أبي عبد الله (٧)

__________________

(١) سورة النساء الآية ٨٢.

(٢) سورة الفتح الآية ١٠.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب المزار الحديث ١٠ وفيه‌ « واطلبوا الرزق عندها » وكذلك في الخصال ج ٢ ص ١٥٨ الطبع القديم.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب المزار الحديث ٦.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب المزار الحديث ٣.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب المزار الحديث ٤.

٨١

عن أبيه عنه عليه‌السلام أيضا مؤيدا بخبر سدير (١) عنه عليه‌السلام أيضا « ابدأوا بمكة واختموا بنا » وبغيره من النصوص (٢) الآمرة بلقاء الامام عليه‌السلام بعد الحج وأنه المراد من قوله تعالى (٣) ( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) وأنه تمام الحج ، بل‌ قال أبو حمزة الثمالي (٤) : « دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام وهو جالس على الباب الذي يلي المسجد وهو ينظر الى الناس يطوفون ، فقال يا أبا حمزة : بما أمر هؤلاء فلم أدر ما أرد عليه ، فقال : إنما أمروا أن يطوفوا بهذه الأحجار ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم » وقال جعفر بن محمد عليهما‌السلام في خبر إسماعيل بن مهران (٥) : « إذا حج أحدكم فليختم بزيارتنا ، لأن ذلك من تمام الحج ».

بل الظاهر رجحان زيارته على إتيان مكة مجردا عنها (٦) ففي‌ المروي عن مزار ابن قولويه بسنده الى الحسن بن الجهم (٧) قال : « قلت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام أيهما أفضل : رجل يأتي مكة ولا يأتي المدينة ، أو رجل يأتي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا يبلغ مكة؟ قال : فقال أي شي‌ء تقولون أنتم؟ فقلت : نحن نقول في الحسين عليه‌السلام فكيف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : أما لئن قلت ذلك لقد شهد أبو عبد الله عليه‌السلام عيدا بالمدينة فدخل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسلم ثم قال لمن حضره لقد فضلنا أهل البلدان كلهم مكة فما دونها بسلامنا على رسول الله‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب المزار الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب المزار الحديث ١ و ٣ و ٤ و ٨ و ١٢.

(٣) سورة الحج الآية ٣٠.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب المزار الحديث ٩.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب المزار الحديث ٧.

(٦) في النسخة الأصلية المبيضة « مجردا عنه » والصحيح ما أثبتناه كما في المسودة فإن الضمير يرجع الى الزيارة.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

٨٢

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » بل قد سمعت ما في الخبر السابق (١) من أن السلام عليه من بعد يبلغه ، وفي‌ خبر عبد الله بن مسعود (٢) المروي عن المجالس قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « ان لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام » كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا في خبر الأمالي (٣) مسندا الى أمير المؤمنين عليه‌السلام « من سلم علي في شي‌ء من الأرض أبلغته ، ومن سلم علي عند التبر سمعته » وقول الصادق عليه‌السلام لأبي بكر الحضرمي (٤) : « تأتي قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قلت : نعم ، قال : أما أنه يسمعك من قريب ، ويبلغه عنك إذا كنت نائيا » ونحوه خبر عمر بن عبد الله (٥) عنه عليه‌السلام أيضا وغيره من النصوص.

وأما كيفية زيارته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ما رواه‌ معاوية بن عمار (٦) في الحسن عن الصادق عليه‌السلام قال : « إذا دخلت المدينة فاغتسل قبل أن تدخلها أو حين تدخلها ثم تأتي قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسلم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم تقوم عند الأسطوانة المقدمة من جانب القبر الأيمن عند رأس القبر عند زاوية القبر وأنت مستقبل القبلة ومنكبك الأيسر إلى جانب القبر ومنكبك الأيمن مما يلي المنبر ، فإنه موضع رأس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتقول » الى آخره ، وفي‌ خبر علي بن جعفر (٧) عن أخيه أبي الحسن موسى عليه‌السلام عن جده عليه‌السلام قال : « كان علي بن الحسين عليه‌السلام يقف على قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيسلم عليه ويشهد له بالبلاغ ، ويدعو بما حضره ثم يسند ظهره إلى المروة الخضراء الدقيقة العرض مما يلي القبر ويلتزق بالقبر ، ويسند ظهره الى القبر ويستقبل القبلة ويقول » الى آخره ، وفي‌ خبر محمد بن مسعود (٨) : « قال رأيت‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب المزار الحديث ٤.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب المزار الحديث ٥.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب المزار الحديث ٦.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب المزار الحديث ٧.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب المزار الحديث ٢.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب المزار الحديث ٥.

٨٣

أبا عبد الله عليه‌السلام انتهى الى قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوضع يده عليه وقال : أسأل الله الذي اجتباك واختارك وهداك وهدى بك أن يصلي عليك ، ثم قال إن الله وملائكته يصلون على النبي ، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما » ولا بأس بالجميع ، وقال أبو عبد الله عليه‌السلام في حسن معاوية (١) : « إذا فرغت من الدعاء عند قبر النبي صلى الله وعليه وآله فائت المنبر فامسحه بيدك وخذ برمانتيه وهما السفلاوان ، وامسح عينيك ووجهك ، فإنه يقال إنه شفاء للعين ، وقم عنده واحمد الله وأثن عليه وسل حاجتك ، فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ، ومنبري على ترعة من ترع الجنة ، والترعة هي الباب الصغير ، ثم تأتى مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتصلي فيه ما بدالك » وزاد في‌ خبر الحضرمي (٢) فيما رواه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « وقوائم منبري رتب في الجنة ، قال : قلت : هي روضة اليوم قال : نعم إنه لو كشف الغطاء لرأيتم ».

وفي الدروس « وليدخل المسجد من باب جبرائيل عليه‌السلام ويدعو عند دخوله فإذا دخل المسجد صلى التحية ثم أتى سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فزارة مستقبلا حجرته الشريفة مما يلي الرأس ، ثم يأتي إلى جانب الحجرة القبلي فيستقبل وجهه مستدبر القبلة ويسلم عليه ويزوره بالمأثور أو بما حضر ثم يستقبل القبلة ويدعوا بما أحب ، ثم يصلي ركعتي الزيارة بالمسجد ويدعو بعدهما ، وليكثر من الصلاة بالمسجد ، وخصوصا الروضة ، وهي ما بين القبر والمنبر » قلت لا يخفى عليك المأثور من كيفية زيارته بعد الإحاطة بما ذكرناه من النصوص التي لا بأس بالعمل بما فيها أجمع وأما الروضة فقد‌ روى أبو بصير (٣)

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب المزار الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب أحكام المساجد الحديث ٣ ـ وفيه‌ « حد الروضة في مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... إلخ ، إلا ان الموجود في التهذيب ج ٦ ص ١٤ الرقم ٢٧ كما في المتن.

٨٤

عن الصادق عليه‌السلام « ان حدها من مسجد الرسول الى طرف الظلال » وعن البزنطي « أنه قال بعضهم هي ما بين القبر والمنبر الى طرف الظلال » وقال أبو بصير : « حد مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الأساطين يمين المنبر الى الطريق مما يلي سوق الليل » وقال مرازم (١) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عما يقول الناس في الروضة ، فقال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فيما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ، ومنبري على ترعة من ترع الجنة ، فقلت له جعلت فداك ما حد الروضة؟ فقال بعد : أربع أساطين من المنبر الى الظلال ، فقلت : جعلت فداك من الصحن فيها شي‌ء قال : لا » والله العالم.

المسألة الثالثة لا خلاف في أنه يستحب أن تزار فاطمة عليها‌السلام بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أم الحسن والحسين عليها‌السلام حليلة أمير المؤمنين وسيد الوصيين استحبابا مؤكدا ، بل هو من ضروريات المذهب بل الدين ، وفي‌ خبر زيد بن عبد المالك (٢) عن أبيه عن جده قال : « دخلت على فاطمة فبدأتني بالسلام ثم قالت ما غذا بك؟ قلت : طلب البركة ، قالت أخبرني أبي وهو ذا أنه من سلم عليه وعلي ثلاثة أيام أوجب الله له الجنة ، قلت في حياته وحياتك قالت : نعم وبعد موتنا ».

وقد ذكر المصنف وغيره كون ذلك عند الروضة لقول الصادق عليه‌السلام

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب المزار الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب المزار الحديث ١ وفيه يزيد ابن عبد الملك كما في التهذيب ج ٦ ص ٩ الرقم ١٨.

٨٥

في مرسل ابن أبي عمير (١) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ، ومنبري على ترعة من ترع الجنة لأن قبر فاطمة عليها‌السلام بين قبره ومنبره وقبرها روضة من رياض الجنة ، واليه ترعة من ترع الجنة » وظاهر اقتصاره على ذلك اختياره له ، لكن في‌ صحيح البزنطي (٢) الذي رواه المشايخ الثلاثة بل رواه الصدوق منهم في الفقيه والعيون ومعاني الأخبار « سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن قبر فاطمة عليها‌السلام فقال : دفنت في بيتها فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد » وهو الذي اختاره الصدوق ، وقال الشيخ في التهذيب بعد أن ذكر الاختلاف في ذلك : وهاتان الروايتان كالمتقاربتين ، والأفضل أن يزور الإنسان في الموضعين جميعا ، فإنه لا يضره ذلك ويحوز به أجرا عظيما ، فأما من قال : إنها دفنت في البقيع فبعيد من الصواب وكذلك استبعده ابنا سعيد وإدريس والفاضل في التحرير وغيره ، وفي المسالك أبعد الاحتمالات كونها في الروضة ، والأولى زيارتها في المواضع الثلاثة ، وكيف كان ففيها وفي المدارك والروضة جزء من مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهي ما بين قبره ومنبره الى طرف الظل ، ولعل ذلك يكون وجه جمع بين الخبرين.

وكيف كان فينبغي أن تكون زيارتها بما رواه‌ العريضي (٣) قال : « حدثنا أبو جعفر عليه‌السلام ذات يوم قال إذا صرت الى قبر جدتك فقل : يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك ، فوجدك كما امتحنك صابرة ، وزعمنا انا لك أولياء ، ومصدقون وصابرون لكل ما أتانا به أبوك صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأتى به وصيه عليه‌السلام فإنه نسألك إن كنا صدقناك إلا ألحقتنا بتصديقنا لتبشر أنفسنا بأنا قد طهرنا بولايتك ».

وولدت على ما في الدروس بعد المبعث بخمس سنين وقبضت بعد أبيها صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب المزار الحديث ٥.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب المزار الحديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب المزار الحديث ٢.

٨٦

بنحو مائة يوم ، ويستحب الصلاة لزيارتها ثمان ركعات أو ستا أو أربعا أو ركعتين كما ستعرفه إنشاء الله ، وفي‌ صحيح هشام بن سالم (١) « عاشت فاطمة عليها‌السلام بعد أبيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمسة وسبعين يوما لم تر كاشرة ولا ضاحكة ، تأتي قبور الشهداء في كل جمعة مرتين : الاثنين والخمسين » والله العالم.

وكذا تستحب زيارة الأئمة عليهم‌السلام بالبقيع إجماعا أو ضرورة من المذهب أو الدين ، مضافا الى النصوص المتواترة التي قد تقدم بعضها ، وقيل للصادق عليه‌السلام (٢) : « ما لمن زار واحدا منكم فقال : كمن زار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » وقال الرضا عليه‌السلام في خبر الوشاء (٣) : « إن لكل إمام عهدا في عنق أوليائه وشيعته وإن من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم ، فمن زارهم ، رغبة في زيارتهم وتصديقا بما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة » وقال الحراني (٤) « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ما لمن زار الحسين عليه‌السلام؟ قال من أتاه وزاره وصلى عنده ركعتين كتبت له حجة مبرورة ، فإن صلى عنده أربع ركعات كتبت له حجة وعمرة ، قلت : جعلت فداك وكذلك كل من زار إماما مفترضة طاعته قال : وكذلك كل من زار إماما مفترضة طاعته » الى غير ذلك.

وعلى كل حال فمنهم الحسن بن علي عليهما‌السلام أبو محمد سيد شباب أهل الجنة ولد بالمدينة يوم الثلاثاء منتصف شهر رمضان سنة اثنين من الهجرة ، وعن المفيد سنة ثلاث ، وقبض بها مسموما يوم الخميس سابع صفر سنة تسع وأربعين أو سنة خمسين من الهجرة عن سبع أو ثمان وأربعين سنة ، وقد سمعت ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في زيارة أبيه وأخيه عليهم‌السلام جميعا ، وفي‌ خبر أبي‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب المزار الحديث ١٥.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب المزار الحديث ٥.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب المزار الحديث ٢.

٨٧

البختري (١) عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام « ان الحسين بن علي عليهما‌السلام كان يزور قبر الحسن بن علي عليهما‌السلام في كل عشية جمعة ».

ومنهم الإمام أبو محمد زين العابدين علي بن الحسين عليهما‌السلام ولد بالمدينة يوم الأحد خامس شعبان سنة ثمان وثلاثين ، وقبض بها يوم السبت ثاني عشر المحرم سنة خمس وتسعين عن سبع وخمسين سنة ، وأمه شاه زنان بنت شروية ابن كسرى اپرويز ، وقيل ابنة يزدجرد.

ومنهم الإمام الخامس أبو جعفر محمد بن علي الباقر لعلهم الدين ولبطن الباطل حتى استخرج منه الحق بعد أن أشرف على الاندراس ، ولد بالمدينة يوم الاثنين ثالث صفر سنة سبع وخمسين ، وقبض بها يوم الاثنين سابع ذي الحجة سنة أربع عشر ومائة وروي (٢) سنة ست عشر ، أمه أم عبد الله بنت الحسن بن علي عليهما‌السلام فهو علوي بين علويين.

ومنهم الإمام السادس أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما‌السلام ولد بالمدينة يوم الاثنين سابع عشر شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين ، وقبض بها في شوال وقيل في منتصف رجب يوم الاثنين سنة ثمان وأربعين ومائة عن خمس وستين سنة ، أمه أم فروة ابنة القاسم الفقيه بن محمد النجيب بن أبي بكر ، وعن الجعفي أن اسمها فاطمة وكنيتها أم فروة ، وقبورهم أجمع بالبقيع في مكان واحد ، بل في بعض الروايات (٣) ان فاطمة بنت أسد جدتهم معهم في تربتهم ، وعن أبي محمد‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٢) البحار ـ ج ٤٦ ص ٢١٧ المطبوعة في إيران عام ١٣٨٥.

(٣) التهذيب ـ ج ٦ ص ٧٨ « باب نسب أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام ».

٨٨

الحسن بن علي العسكري عليهما‌السلام (١) « من زار جعفرا أو أباه عليهما‌السلام لم يشك عينه ولم يصبه سقم ولم يمت مبتلى » وعن الصادق عليه‌السلام (٢) من زارني غفرت له ذنوبه ولم يمت فقيرا » وقال عليه‌السلام أيضا في خبر أبان المروي (٣) مسندا عن مزارا ابن قولويه « من أتى قبر أبي فقد وصل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووصلنا وحرمت عيناه وحرم لحمه على النار ، وأعطاه الله بكل درهم أنفقه عشرة آلاف مدينة له في كتاب محفوظ ، وكان الله له من وراء حوائجه ، وحفظ في كل ما خلف ، ولم يسأل الله شيئا إلا أعطاه وأجابه فيه ، إما أن يعجله ، وإما أن يؤخره » وفي خبر هشام بن سالم (٤) المروي عنه عليه‌السلام أيضا في حديث « ان رجلا قال له هل يزار والدك؟ قال : نعم ويصلى عنده ويصلى خلفه ولا يتقدم عليه ، قال فما للمنفق في خروجه اليه والمنفق عنده؟ قال : الدرهم بألف درهم » هذا ، وفي الدروس « والروايات في زيارة الحسن عليه‌السلام تدل على فضيلة زيارتهم عليهم‌السلام » قلت : مضافا الى ما سمعته وتسمعه من الروايات في زيارة كل إمام مفترض الطاعة ، بل هو من ضروريات المذهب.

ومن المستحبات المؤكدة زيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام وسيد الوصيين أبي الحسن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم ، وأبو طالب وعبد الله أخوان للأبوين ، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم ، وهو وإخوته أول هاشمي ولد بين هاشميين ، ولد يوم الجمعة ثالث عشر رجب ، وروي (٥) وسابع شعبان بعد مولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بثلاثين سنة ، وقبض قتيلا بالكوفة ليلة الجمعة لتسع ليال بقين من شهر رمضان سنة أربعين عن ثلاث وستين سنة ، ودفن بالغري من نجف‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧٩ ـ من أبواب المزار الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧٩ ـ من أبواب المزار الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب المزار الحديث ٣.

(٥) البحار ج ٣٥ ص ٧ الطبع الحديث.

٨٩

الكوفة بمشهده الآن الذي هو أول طور سيناء ، وقطعة من الجبل الذي كلم الله عليه موسى تكليما ، وقدس عليه عيسى تقديسا ، واتخذ عليه إبراهيم خليلا ، واتخذ محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حبيبا ، وجعله للنبيين مسكنا ، وأنه ما سكن فيه بعد أبويه الطيبين آدم ونوح أكرم من أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقبره ما بين صدر نوح ومفرق رأسه ، ومن زاره عارفا بحقه غير متجبر ولا متكبر كتب الله له أجر مائة ألف شهيد ، وغفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وبعث من الآمنين ، وهون عليه الحساب ، واستقبله الملائكة ، فإذا انصرف شيعوه إلى منزله ، فإن مرض عادوه ، وإن مات شيعوه بالاستغفار الى قبره ، ومن زاره عارفا بحقه كتب الله له بكل خطوة حجة مقبولة وعمرة مبرورة ، وانه ما تطعم النار قد ما تغبرت في زيارته ماشيا كان أو راكبا ، وقال يونس بن أبي وهب القصري (١) « دخلت المدينة فأتيت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت له أتيتك ولم أزر قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال بئسما صنعت ، لولا أنك من شيعتنا ما نظرت إليك ، ألا تزور من يزوره الله تعالى مع الملائكة ، وتزوره الأنبياء ويزوره المؤمنون ، قلت : جعلت فداك ما علمت ذلك ، قال : فاعلم أن أمير المؤمنين عليه‌السلام عند الله تعالى أفضل من الأئمة كلهم ، وله ثواب أعمالهم ، وعلى قدر أعمالهم فضلوا ».

ومنه يستفاد كراهة ترك زيارته لمن تمكن منها ، وقال الصادق عليه‌السلام (٢) « ما خلق الله خلقا أكثر من الملائكة ، وأنه لينزل كل يوم سبعون ألف ملك ويأتون البيت المعمور فيطوفون به ، فإذا هم طافوا نزلوا فطافوا بالكعبة ، فإذا طافوا بها أتوا قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسلموا عليه ثم أتوا قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام فسلموا عليه ثم أتوا قبر الحسين عليه‌السلام فسلموا عليه ثم عرجوا ، وينزل مثلهم الى يوم القيامة » ، وقال عليه‌السلام أيضا (٣) : « لا يلوذ بقبره ذو عاهة إلا شفاه الله » ‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب المزار الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب المزار الحديث ٥.

٩٠

و (١) « ما أتاه مكروب قط فصلى عنده ركعتين أو ركعات إلا نفس الله كربه وقضى حاجته » و (٢) « إن أبواب السماء لتفتح عند دعاء الزائر لأمير المؤمنين عليه‌السلام فلا تكن عن الخير نوما ».

ومنه يستفاد استحباب صلاة أربع ركعات لزيارته ، بل هو كذلك بالنسبة الى كل إمام ، بل في‌ المرسل (٣) عن الصادق عليه‌السلام « انه صلى عنده ست ركعات بعد أن خر على القبر وعلا نحيبه ، وكان صفوان معه ، وقد صلى كما صلى ، ثم سأله عن القبر فقال هذا قبر جدي علي بن أبي طالب عليه‌السلام » وقال عليه‌السلام أيضا (٤) : « من زاره ماشيا كتب الله له بكل خطوة حجة وعمرة ، فإن رجع ماشيا كتب الله له بكل خطوة حجتين وعمرتين » وقيل للرضا عليه‌السلام (٥) : « أيما أفضل : زيارة قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام أو زيارة الحسين عليه‌السلام؟ قال : إن الحسين عليه‌السلام قتل مكروبا فحقيق على الله عز وجل أن لا يأتيه مكروب إلا فرج الله كربه ، وفضل زيارة قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام على زيارة الحسين عليه‌السلام كفضل أمير المؤمنين على الحسين عليهما‌السلام » وقال الصادق عليه‌السلام (٦) أيضا : « زيارة الحسين عليه‌السلام تعدل حجة وعمرة ، وزيارة أبي علي عليه‌السلام تعدل حجتين وعمرتين » وقال عليه‌السلام أيضا في خبر أبي عامر واعظ أهل الحجاز (٧) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي عليه‌السلام : « والله لتقتلن بأرض العراق وتدفن بها ، قلت يا رسول الله : ما لمن زار قبورنا وعمرها وتعاهدها؟ فقال : يا أبا الحسن ان الله قد جعل قبرك وقبر ولدك بقاعا من بقاع الجنة وعرصة من عرصاتها ، وان الله‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب المزار الحديث ٦.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب المزار الحديث ١١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب المزار الحديث ٩.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب المزار الحديث ٢.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

٩١

تعالى جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوة من عباده تحن إليكم ، وتتحمل المذلة والأذى فيكم ، فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها تقربا منهم الى الله تعالى ومودة منهم لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي ، والواردون حوضي وهم زواري غدا في الجنة ، يا علي من عمر قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان ابن داود عليهما‌السلام على بناء بيت المقدس ، ومن زار قبوركم عدل ذلك له ثواب سبعين حجة بعد حجة الإسلام ، وخرج من ذنوبه حتى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمه ، فأبشر وبشر أولياءك ومحبيك من النعيم وقرة العين بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، ولكن حثالة من الناس يعيرون زوار قبوركم بزيارتكم كما تعير الزانية بزناها ، أولئك شرار أمتي لا أنا لهم الله شفاعتي ، ولا يردون حوضي » وقال الصادق عليه‌السلام (١) : « إذا زرت جانب النجف فزر عظام آدم وبدن نوح وجسم علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ».

قلت : وينبغي أيضا زيارة هود وصالح معه ، لما‌ روي (٢) عنه أنه قال عليه‌السلام : « ادفنوني في هذا الظهر في قبر أخوي هود وصالح عليهما‌السلام » وقد‌ سئل الحسن بن علي عليهما‌السلام (٣) « اين دفنتم أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : على شفير الجرف ، ومررنا به ليلا على مسجد الأشعث وقال : ادفنوني في قبر أخي هود عليه‌السلام ».

بل في‌ خبر مبارك الخباز (٤) « ان الصادق عليه‌السلام لما قدم الحيرة ركب وركبت معه حتى دخل الجرف ، ثم نزل فصلى ركعتين ثم تقدم قليلا آخر فصلى ركعتين ثم تقدم قليلا آخر فصلى ركعتين ثم ركب ورجع ، فقلت له : جعلت فداك ما الأوليتين وما الثانيتين وما الثالثتين؟ قال : الركعتين الأوليتين‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣١ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣١ ـ من أبواب المزار الحديث ٢.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

٩٢

قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام والركعتين الثانيتين موضع رأس الحسين عليه‌السلام والركعتين الثالثتين موضع منبر القائم عليه‌السلام » ونحوه خبر أبان بن تغلب (١) عن الصادق عليه‌السلام‌ وفي مرفوع ابن أسباط (٢) عنه عليه‌السلام أيضا « انك إذا أتيت الغري رأيت قبرين قبرا كبيرا وقبرا صغيرا ، فأما الكبير فقبر أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وأما الصغير فرأس الحسين عليه‌السلام » وقال يونس بن ظبيان (٣) « ان الصادق عليه‌السلام ركب وركبت معه حتى نزل عند الذكوات الحمر ، وتوضأ ثم دنى إلى أكمة فصلى عندها وبكى ، ثم مال الى أكمة دونها ففعل مثل ذلك ، ثم قال : الموضع الذي صليت عنده أولا موضع قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام والآخر موضع رأس الحسين عليه‌السلام وان ابن زياد لعنه الله لما بعث برأس الحسين بن علي عليهما‌السلام الى الشام رد إلى الكوفة ، فقال : أخرجوه منها لا يفتتن به أهلها ، فصيره الله تعالى عند أمير المؤمنين عليه‌السلام فدفن ، فالرأس مع الجسد ، والجسد مع الرأس ».

لكن عن ابن طاوس (٤) ان رأس الحسين عليه‌السلام أعيد فدفن مع بدنه بكربلاء وذكر أن عمل العصابة على ذلك ، ولعله لا منافاة لإمكان دفنه مدة ثم نقل الى كربلاء ، ولا بأس بالصلاة وزيارته بمكان وضعه ، قال مفضل بن عمر (٥) « جاز الصادق عليه‌السلام بالقائم المائل في طريق الغري فصلى عنده ركعتين ، فقيل له : ما هذه الصلاة؟ فقال : هذا موضع رأس جدي الحسين عليه‌السلام وضعوه هنا » ويمكن أن يكون هذا المكان موضع دفن الرأس الشريف بعد سلخه ، فإنهم لعنهم الله تعالى نقلوه بعد أن سلخوه.

وعلى كل حال فينبغي حينئذ أن تكون الصلاة عند أمير المؤمنين عليه‌السلام اثنى عشر ركعة ، ثمانية لزيارته عليه‌السلام ، وركعتان لزيارة الرأس الشريف ،

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب المزار الحديث ٤.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب المزار الحديث ٧.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب المزار الحديث ٨.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب المزار الحديث ٩.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب المزار الحديث ٦.

٩٣

وركعتان لمنبر القائم أو منزله ، بل لو قلنا باندراج آدم ونوح وهود وصالح عليهم‌السلام تحت‌ قوله عليه‌السلام (١) « وكذا كل إمام مفترض الطاعة » ينبغي صلاة أربع ركعات لزيارة كل واحد منهم ، فيكون المجموع ثمانية وعشرين ركعة ، بل‌ قال الصادق عليه‌السلام في خبر حنان بن سدير الصيرفي (٢) المروي عن مزار ابن قولويه وعن الحميري : « ان صلاة الزيارة ثمانية أو ستة أو أربعة أو ركعتان ، وأفضلها ثمان » وحينئذ تكون الركعات عند أمير المؤمنين عليه‌السلام ستا وخمسين ركعة ، ولا بأس بذلك كله.

وتتأكد زيارته عليه‌السلام يوم الغدير الذي‌ قال الرضا عليه‌السلام فيه على ما في خبر محمد بن أبي نصر (٣) الذي رواه الشيخ وغيره : « أنه في السماء أشهر منه في الأرض ، وإن الله تعالى بنى في الفردوس الأعلى قصرا لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، ثم ذكر وصف ذلك القصر وما يجمع فيه يم الغدير من الملائكة وما ينالون من كرامة ذلك اليوم ، ثم قال يا ابن أبي نصر أينما كنت فاحضر يوم الغدير عند أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فان الله يغفر فيه لكل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة ذنوب ستين سنة ، ويعتق من النار ضعف ما أعتق في شهر رمضان وفي ليلة الفطر ، والدرهم فيه بألف درهم لإخوانك العارفين ، فأفضل على إخوانك في هذا اليوم ، وسر فيه كل مؤمن ومؤمنة ، ثم قال يا أهل الكوفة : لقد أعطيتم خيرا كثيرا وانكم لمن امتحن الله قلبه للايمان ، مثقلون مقهورون ممتحنون ، يصب عليكم البلاء صبا ، ثم يكشفه كاشف الكرب العظيم ،

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب المزار الحديث ٢٠.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩٦ ـ من أبواب المزار الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب المزار الحديث ١ عن أحمد ابن محمد بن أبي نصر.

٩٤

والله لو عرف الناس فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائكة في كل يوم عشر مرات ، ولو لا أني أكره التطويل لذكرت من فضل هذا اليوم وما أعطى الله من عرفه ما لا يحصى بعد » قال علي بن الحسن بن فضال قال لي محمد بن عبد الله لقد ترددت إلى أحمد بن محمد أنا وأبوك والحسن بن جهم أكثر من خمسين مرة ، وسمعناه منه ، الى غير ذلك من النصوص الواردة في مطلق زيارته وفي خصوص الأيام وفي خصوص الزيارات كالجامعة الصغيرة وغيرها وفي آداب زيارته من الغسل والمشي مع تقصير الخطى ولبس أنظف الثياب وشم شي‌ء من الطيب والسكينة والوقار ، بل‌ قال الصادق عليه‌السلام (١) : « يا صفوان أنخ الراحلة فهذا قبر جدي أمير المؤمنين عليه‌السلام فأنختها ثم نزل فاغتسل وغير ثوبه وتحفى فقال : افعل كما أفعل ، ثم أخذ نحو الذكوات ، ثم قال : قصر خطاك ، وألق ذقنك إلى الأرض يكتب لك بكل خطوة مائة ألف حسنة ، ويمحي عنك مائة ألف سيئة ، وترفع لك مائة ألف درجة ، وتقضى لك مائة ألف حاجة ، ويكتب لك ثواب كل صديق وشهيد مات أو قتل ، ثم مشى ومشيت معه وعلينا السكينة والوقار نسبح ونقدس ونهلل الى أن بلغنا الذكوات الى أن قال وأعطاني دراهم وأصلحت القبر » بل لا يبعد استعمال هذه الآداب مع كل إمام مفترض الطاعة.

وكذا يستحب زيارة الإمام الشهيد أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام بن أمير المؤمنين عليه‌السلام سيد شباب أهل الجنة ، وفي الدروس ولد بالمدينة آخر شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة ، وقيل يوم الخميس ثالث عشر من شهر رمضان وقال المفيد : لخمس خلون من شعبان سنة أربع ، وقتل بكر بلاء يوم عاشوراء سنة إحدى وستين عن ثمان وخمسين سنة ، بل تأكد استحبابها من‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٩ من أبواب المزار الحديث ٧.

٩٥

ضروريات المذهب أو الدين حتى‌ ورد (١) « ان زيارته فرض على كل مؤمن » و (٢) « واجبة على الرجال والنساء » و (٣) « من تركها ترك حق الله تعالى ورسوله » بل‌ (٤) « تركها عقوق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » و (٥) « انتقاص في الايمان والدين » (٦) « فان حقا على الغني زيارته في السنة مرتين ، والفقير في السنة مرة » و (٧) « ان من أتى عليه حول ولم يأت قبره نقص من عمره حول » بل في‌ مضمر منصور بن حازم (٨) « ولو قلت إن أحدكم يموت قبل أجله بثلاثين سنة لكنت صادقا ، وذلك انكم تتركون زيارته ، فلا تدعوها يمد الله في أعماركم ويزيد في أرزاقكم ، وإذا تركتم زيارته نقص الله من أعماركم وأرزاقكم ، فتنافسوا في زيارته ، ولا تدعوا ذلك ، فان الحسين بن علي عليهما‌السلام شاهد لكم عند الله وعند رسوله وعند علي وعند فاطمة صلوات الله عليهم أجمعين » و (٩) « انها تعطيل العمر » و (١٠) « أن أيام زيارته لا تعد من الأجل » و (١١) « تفرج‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب المزار الحديث ١ و ٤.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب المزار الحديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب المزار الحديث ١ و ١٤.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب المزار الحديث ٢.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب المزار الحديث ٥ و ١٠.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب المزار الحديث ٤.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب المزار الحديث ٤.

(٩) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب المزار الحديث ٨.

(١٠) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب المزار الحديث ٩.

(١١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب المزار الحديث ٢.

٩٦

الغم » و (١) « تمحص الذنوب ، ولكل خطوة حجة مبرورة » بل (٢) « له بزيارته عشرون حجة » و (٣) « أجر عتق ألف نسمة ، وحمل على ألف فرس في سبيل الله » و (٤) « له بكل درهم أنفقه عشرة آلاف درهم » و (٥) « ان من أتى قبره عليه‌السلام عارفا بحقه غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر » و (٦) « انه كمن يزور الله في عرشه » و (٧) « أن بقبره أربعة آلاف أو سبعين ألف ملك شعثا غبرا يصلون عليه منذ يوم قتل الى ما شاء الله ، ويدعون لزواره » الى غير ذلك من النصوص التي لا يمكن استقصاء ما تضمنته من ثواب زيارته ومن كراهة الترك مع الإمكان ، وخصوصا زيارته في الأيام المعروفة عند الشيعة وخصوص الزيارات المأثورة المطلقة وغيرها ، بل ينبغي لذوي الأماكن القريبة زيارته كل جمعة أو كل شهر ، وإلا كان جفاء له ، فضلا عن النصوص (٨) المتضمنة للبكاء عليه وللشعر فيه إنشاء وإنشادا ، وما في تربته الشريفة من أكل أو صلاة عليها أو تسبيح بها أو غير ذلك من الأمور المتعلقة بحرمة وروضته ، فان ذلك يحتاج الى كتب متعددة ، وقد كفانا مؤنة معظم ذلك أصحابنا رضوان الله عليهم.

وكذا يستحب مؤكدا زيارة الامام السابع الكاظم لغيظه موسى بن جعفر الصادق عليهما‌السلام أبي الحسن وأبي إبراهيم وأبي علي ، أمه حميدة البربرية ، ولد‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب المزار الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب المزار الحديث ٠.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب المزار الحديث ٢.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب المزار الحديث ٦.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب المزار الحديث ٥.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب المزار الحديث ١ و ٢ و ١٢.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ٦٦ و ٧٢ و ٧٥ و ١٠٤ ـ من أبواب المزار والباب ١٦ من أبواب ما يسجد عليه من كتاب الصلاة.

٩٧

بالأبواء بين مكة والمدينة سنة ثمان وعشرين ومائة ، وقيل سنة تسع وعشرين ومائة يوم الأحد سابع صفر ، وقبض مسموما ببغداد في حبس السندي بن شاهك لست بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة ، وقيل يوم الجمعة لخمس خلون من رجب سنة إحدى وثمانين ومائة ، ودفن في مقابر قريش في مشهده الآن ، وزيارته كزيارة قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقبر أمير المؤمنين وقبر الحسين عليهما‌السلام ، ولزائره الجنة وينبغي زيارته بالمأثور.

وكذا يستحب مؤكدا خصوصا في رجب زيارة الامام الثامن الرضا أبي الحسن علي بن موسى عليهما‌السلام ، أمه أم البنين أم ولد ، ولد بالمدينة سنة ثمان وأربعين ومائة ، وقيل يوم الخميس حادي عشر ذي القعدة ، وقبض بطوس في صفر ، ودفن فيها بمشهده الآن سنة ثلاث ومائتين ، ومن زاره عارفا بحقه غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وله الجنة ، وكان كمن زار الله في عرشه وزار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبني الله له منبرا حذاء منبر محمد وعلي صلى الله عليهما وآلهما حتى يفرغ الله من حساب الخلائق ، وأعطاه الله أجر من أنفق قبل الفتح وقاتل ويخلصه الرضا عليه‌السلام من أهوال ثلاث : إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالا ، وعند الصراط ، وعند الحساب ، ويشفع فيه يوم القيامة ، وزيارته تبلغ عند الله ألف ألف حجة ، بل‌ قيل للجواد عليه‌السلام (١) : « زيارة الرضا عليه‌السلام أفضل أم زيارة أبي عبد الله الحسين عليهما‌السلام؟ فقال : زيارة أبي أفضل ، وذلك ان أبا عبد الله عليه‌السلام يزوره كل الناس ، وأبي لا يزوره إلا الخواص من الشيعة » وقال الكاظم عليه‌السلام (٢) : « إذا كان يوم القيامة كان على عرش الرحمن أربعة من الأولين وأربعة من الآخرين ، فأما الأربعة الذين هم من الأولين فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم‌السلام ،

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٨٥ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٨٦ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

٩٨

وأما الأربعة من الآخرين فمحمد وعلي والحسن والحسين عليهم‌السلام ، ثم يمد الطعام فيقعد معنا زوار قبور الأئمة عليهم‌السلام ، إلا ان أعلاهم درجة وأقربهم حبوة زوار قبر ولدي علي عليه‌السلام ».

وكذا يستحب مؤكدا زيارة الامام الجواد أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليهما‌السلام أمه الخيزران أم ولد ، كانت من أهل بيت مارية القبطية ، ولد بالمدينة في شهر رمضان سنة خمس وتسعين ومائة ، وقبض ببغداد في آخر ذي القعدة ، وقيل يوم الثلاثاء حادي عشر ذي القعدة سنة عشرين ومائتين ، ودفن في ظهر جده الكاظم عليه‌السلام ، قال ابن عقبة (١) « كتبت إلى أبي الحسن الثالث الهادي عليه‌السلام أسأله عن زيارة أبي عبد الله الحسين وعن زيارة أبي الحسن وأبي جعفر عليهم‌السلام وعن الأئمة عليهم‌السلام فكتب الي أبو عبد الله عليه‌السلام المقدم ، وهذا أجمع وأعظم أجرا ».

وكذا يستحب زيارة الامام الهادي المنتجب أبي الحسن علي بن محمد الجواد عليهما‌السلام أمه سمانة أم ولد ، ولد بالمدينة منتصف ذي الحجة سنة اثنى عشر ومائتين وقبض بسر من رأى في يوم الاثنين ثالث رجب سنة أربع وخمسين ومائتين ، ودفن في داره بها.

وكذا يستحب زيارة الامام النقي الهادي ولي المؤمنين أبي محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام أمه حديثة أم ولد ، ولد بالمدينة في شهر ربيع الآخر ، قيل يوم الاثنين رابعة سنة اثنين وثلاثين ومائتين ، وقبض بسر من رأى يوم الأحد ، وقال المفيد : يوم الجمعة ثامن شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين ، ودفن إلى جانب أبيه ، وثواب زيارتهما يعلم مما تقدم من النصوص وأنه كمن زار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال العسكري عليه‌السلام (٢) « قبر بسر من رأى أمان لأهل الجانبين » لكن عن المفيد‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٨٩ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩٠ ـ من أبواب المزار الحديث ٢.

٩٩

أنهما يزاران من ظاهر الشباك ومنع من دخول الدار ، بل عن الشيخ أنه أحوط ، لأنها ملك الغير ، فلا يجوز التصرف فيها إلا بإذنه ، قال : ولو أن أحدا دخلها لم يكن مأثوما ، وخاصة إذا تأول في ذلك ما روي عنهم أنهم جعلوا شيعتهم في حل من مالهم ، ولكن الآن من ضروري مذهب الشيعة جواز ذلك ولعله لأن قبورهم عليهم‌السلام بقع من بقاع الجنة ، وأنها مشاعر ومختلف أوليائهم ومجمع شيعتهم وغير ذلك مما يكون التوقف فيه من الوساوس.

وكذا يستحب مؤكدا زيارة الإمام المهدي الحجة صاحب الزمان أبي القاسم محمد بن الحسن عليه‌السلام عجل الله فرجه وسهل الله مخرجه ، ولد بسر من رأى ليلة الجمعة ، وقيل ضحى خامس عشر شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ، أمه صقيل ، وقيل نرجس ، وقيل مريم بنت زيد العلوية ، وهو الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، أسأل الله تعالى به وبآبائه الطاهرين أن يصلي على محمد وآل محمد ، وأن يرزقني رضاه ، ويعرف بيني وبينه ، ويعدني في أوليائه وشيعته وأنصاره ، فإنه أرحم الراحمين ، ويستحب زيارته في كل مكان وكل زمان ، والدعاء بتعجيل الفرج في زيارته ، وتتأكد زيارته في السرداب المعروف بسر من رأى.

ويستحب زيارة النبي وفاطمة والأئمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين من بعد بمعنى الإيماء إلى قبورهم بالسلام ، ويستحب أن يكون ذلك على سطح الدار أو في فلاة من الأرض بعد الغسل ولبس أطهر الثياب وصلاة الزيارة الثمانية أو الست أو الأربعة أو الركعتين مؤميا بالسلام الى قبورهم ، وينبغي أن يكون بالمأثور ، ويتأكد ذلك في كل جمعة ، والظاهر جواز تأخير الصلاة بعد الإيماء بالسلام.

وليزر علي بن الحسين في زيارة الحسين عليهما‌السلام من بعد والعباس وجميع الشهداء عليهم‌السلام

١٠٠