جواهر الكلام - ج ٢٠

الشيخ محمّد حسن النّجفي

ثم قل : اللهم إنك قلت : ومن دخله كان آمنا فآمني من عذابك يوم القيامة وصل بين العمودين يليان الباب على الرخامة الحمراء ، وإن كثر الناس فاستقبل كل زاوية في مقامك حيث صليت وادع الله وسله » وفي مرسل أبان بن عثمان (١) « يستحب للصرورة أن يطأ المشعر الحرام ، وأن يدخل البيت » وفي‌ خبر حماد ابن عثمان (٢) المحمول على ذلك « سألته عليه‌السلام أيضا عن دخول البيت فقال : أما الصرورة فيدخله ، وأما من حج فلا » وكذا‌ خبر سليمان بن مهران (٣) عنه عليه‌السلام أيضا في حديث « قلت له : وكيف صار الصرورة يستحب له دخول الكعبة دون من قد حج؟ قال : لأن الصرورة قاضي فرض مدعوا الى حج بيت الله تعالى ، فيجب أن يدخل البيت الذي دعي اليه ليكرم فيه » وكذا‌ خبر علي ابن جعفر (٤) المروي عن قرب الإسناد « سألت أخي موسى بن جعفر عليهما‌السلام عن دخول الكعبة أواجب هو على كل من قد حج ، قال : هو واجب أول حجة ، ثم إن شاء فعل وإن شاء ترك » وفي مرسل المقنعة (٥) عنه عليه‌السلام أيضا « أحب للصرورة أن يدخل الكعبة وأن يطأ المشعر الحرام ، ومن ليس بصرورة فإن وجد الى ذلك سبيلا وأحب ذلك فعل وكان مأجورا ، وإن كان على باب الكعبة زحام فلا يزاحم الناس » وفي‌ صحيح معاوية (٦) عنه عليه‌السلام أيضا « إذا أردت دخول الكعبة فاغتسل قبل أن تدخل ، ولا تدخلها بحذاء ، وتقول إذا دخلت : اللهم إنك قلت ومن دخله كان آمنا فآمني من عذاب النار ، ثم تصلي ركعتين بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء ، تقرأ في الركعة الأولى حم‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٤.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٥.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٦.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ١.

٦١

السجدة وفي الثانية عدد آيها من القرآن ، وتصلي في زواياه ، وتقول : اللهم من تهيأ أو تعبأ أو أعد أو استعد لوفادة الى مخلوق رجاء رفده وجائزته ونوافله وفواضله فإليك يا سيدي تهيئتي وتعبئتي وإعدادي واستعدادي رجاء رفدك ونوافلك وجائزتك ، فلا تخيب اليوم رجائي يا من لا يخيب عليه سائل ، ولا ينقصه نائل ، فإني لم آتك اليوم بعمل صالح قدمته ولا شفاعة مخلوق رجوته ، ولكن أتيتك مقرا بالظلم والاسائة على نفسي ، فإنه لا حجة لي ولا عذر ، فأسألك يا من هو كذلك أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تعطيني مسألتي وتقيلني عثرتي ، وتقبلني برغبتي ، ولا تردني مجبوها ممنوعا ولا خائبا ، يا عظيم يا عظيم أرجوك للعظيم ، أسألك يا عظيم أن تغفر لي الذنب العظيم ، لا إله إلا أنت ، قال ولا تدخلها بحذاء ولا تبزق فيها ، ولا تمتخط فيها ، ولم يدخلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا يوم فتح مكة » وفي‌ خبر محمد بن إسماعيل بن همام (١) قال أبو الحسن عليه‌السلام « دخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكعبة فصلى في زواياها الأربع ، وصلى في كل زاوية ركعتين » وقال الحسين بن أبي العلاء (٢) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام وذكرت الصلاة في الكعبة قال : بين العمودين تقوم على البلاطة الحمراء فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى عليها ثم أقبل على أركان البيت ، وكبر الى كل ركن منه » الى غير ذلك من النصوص المشتملة أيضا على السجود فيها والدعاء بالمأثور‌ قال ذريح (٣) « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام في الكعبة وهو ساجد وهو يقول : لا يرد غضبك إلا حلمك ، ولا يجير من عذابك إلا رحمتك ، ولا ينجي منك إلا التضرع إليك ، فهب لي يا الهي فرجا بالقدرة التي بها تحيي أموات العباد ، وبها تنشر‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٢ عن أحمد بن محمد عن إسماعيل بن همام.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ١.

٦٢

ميت البلاد ، ولا تهلكني يا الهي حتى تستجيب لي دعائي وتعرفني الإجابة ، اللهم ارزقني العافية إلى منتهى أجلي ، ولا تشمت بي عدوي ولا تمكنه من عنقي ، من ذا الذي يرفعني إن وضعتني ، ومن ذا الذي يضعني إن رفعتني ، وإن أهلكتني فمن ذا الذي يعرض لك في عبدك ويسألك عن أمره ، فقد علمت يا الهي أنه ليس في حكمك ظلم ولا في نقمتك عجلة ، وانما يعجل من يخاف الفوت ويحتاج الى الظلم الضعيف ، وقد تعاليت يا الهي عن ذلك ، الهي فلا تجعلني للبلاء عرضا ، ولا لنقمتك نصبا ، ومهلني ونفسي ، وأقلني عثرتي ، ولا ترد يدي في نحري ، ولا تتبعني بلاء على أثر بلاء ، فقد ترى ضعفي وتضرعي إليك ، ووحشتي من الناس وأنسي بك ، وأعوذ بك اليوم فأعذني ، وأستجير بك ، فأجرني وأستعين بك على الضراء فأعني وأستنصرك فانصرني ، وأتوكل عليك فاكفني وأومن بك فأمنى ، وأستهديك فاهدني ، وأسترحمك فارحمني ، وأستغفرك مما تعلم فاغفر لي ، وأسترزقك من فضلك الواسع فارزقني ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. » ويستحب البكاء فيها وحولها من خشية الله ، فان‌ الصادق عليه‌السلام (١) قال : « انما سميت الكعبة بكة لبكاء الناس فيها وحولها ».

وقد سمعت ما في صحيح معاوية (٢) من الأمر بالغسل لدخولها ، والظاهر ثبوته للنساء أيضا لقاعدة الاشتراك ، وقال الحلبي (٣) : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام أيغتسلن النساء إذا أتين البيت قال : نعم ان الله عز وجل يقول ( طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) ، فينبغي للعبد أن لا يدخل‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ١.

٦٣

إلا وهو طاهر قد غسل عنه العرق والأذى ويطهر ».

ويستحب التكبير ثلاثا وهو خارج من الكعبة‌ قال عبد الله بن سنان (١) « سمعت أبا عبد الله وهو خارج من الكعبة وهو يقول الله أكبر الله أكبر حتى قالها ثلاثا ، ثم قال : اللهم لا تجهد بلاءنا ربنا ولا تشمت بناء أعداءنا ، فإنك أنت الضار النافع ، ثم هبط فصلى الى جانب الدرجة جعل الدرجة عن يساره مستقبل القبلة ليس بينها وبينه أحد ، ثم خرج الى منزله ».

ومنه يستفاد صلاة ركعتين عن يمين الدرجة ، وقال يونس (٢) : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إذا دخلت الكعبة كيف أصنع؟ قال : خذ بحلقتي الباب إذا دخلت ثم امض فائت العمودين فصل على الرخامة الحمراء ، ثم إذا خرجت من البيت فنزلت من الدرجة فصل عن يمينك ركعتين » نعم الظاهر عدم تأكد الدخول للنساء وإن كن صرورة للنصوص الدالة على وضع ذلك عنهن وإن دخلنه كان أفضل ، قال عبد الله بن سنان (٣) « سئل الصادق عليه‌السلام عن دخول النساء الكعبة قال : ليس عليهن وإن فعلنه فهو أفضل » وقال عليه‌السلام أيضا في مرسل فضالة بن أيوب (٤) : « ان الله وضع عن النساء أربعا وعد منهن دخول الكعبة » ونحوه غيره ، ولا يخفي عليك بعد التأمل في هذه النصوص ما فيها من كيفيات الدخول والصلاة وغير ذلك مما أمر به ونهي عنه ، وفي‌ صحيح هشام بن الحكم (٥)

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٢.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ١.

٦٤

عن أبي عبد الله عليه‌السلام « ما دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكعبة إلا مرة وبسط فيها ثوبه تحت قدميه وخلع نعليه » وقال معاوية بن عمار (١) في دعاء الولد قال عليه‌السلام : « أفض عليك دلوا من ماء زمزم ، ثم ادخل البيت ، فإذا أقمت على باب البيت فخذ بحلقة الباب ثم قل : اللهم إن البيت بيتك ، والعبد عبدك ، وقد قلت ومن دخله كان آمنا فآمني من عذابك ، وأجرني من سخطك ، ثم ادخل البيت فصل على الرخامة الحمراء ركعتين ثم قم إلى الأسطوانة التي بحذاء الحجر وألصق بها صدرك ، ثم قل : يا واحد يا أحد يا ماجد يا قريب يا بعيد يا عزيز يا حليم ( لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ ) ، هب لي ( مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ ) ، ثم در بالأسطوانة فألصق بها ظهرك وبطنك وتدعو بهذا الدعاء فان يرد الله شيئا كان » والله العالم‌

ثم يطوف بالبيت طواف الوداع أسبوعا ثم يستلم الأركان والمستجار ، ويتخير من الدعاء ما أحب وقد تقدم صحيح معاوية بن عمار (٢) وغيره المشتمل على كيفية ذلك والدعاء ، وفيه ثم يأتي زمزم فيشرب منها ثم يخرج وهو يدعو بأن يقول « آئبون تائبون » الخبر ، ومثله في الشرب من ماء زمزم قبل الخروج خبر أبي إسماعيل (٣) المتقدم آنفا أيضا لكن عن صريح الصدوق والمفيد وسلار أنه يقول ما سمعت إذا خرج من المسجد ، وظاهر غيرهم حين الأخذ في الخروج ، ولعله ظاهر الخبر المزبور ، وقد تقدم أيضا ما‌ قال الصادق عليه‌السلام لقثم بن كعب (٤) وظاهره باب الكعبة كما عن القاضي ، قال : « وإن قدر أن يتعلق بحلقة الباب فليفعل ، ويقول : المسكين » الى آخره ،

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٥.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب العود إلى منى ـ الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب العود إلى منى ـ الحديث ٥.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب العود إلى منى ـ الحديث ٤.

٦٥

ولكن عن المقنعة والمراسم أنه إذا خرج من المسجد وضع يده على الباب وقال ذلك ، وظاهره باب المسجد ، وفيهما أيضا قبل إتيان زمزم صلاة ركعتين أو أكثر نحو كل ركن آخرها ركن الحجر ثم إتيان الحطيم مرة أخرى والالتصاق به والحمد والصلاة ومسألة أن لا يجعله آخر العهد ، ولا بأس به ، والله العالم.

ويستحب أيضا خروجه من باب الحناطين تأسيا بما سمعته في خبر الأحمسي (١) من خروج أبي جعفر الثاني عليه‌السلام منه ، وعن ابن إدريس أنه باب بني جمح ، وهي قبيلة من قبائل قريش ، وفي القواعد وغيرها أنه بإزاء الركن الشامي على التقريب ، وسمي بذلك لبيع الحنطة عنده ، أو الحنوط ، وعن الكركي لم أجد أحدا يعرف موضع هذا الباب ، فان المسجد قد زيد فيه ، فينبغي أن يتحرى الخارج موازاة الركن الشامي ثم يخرج ، ولا بأس به.

كما لا بأس بإكثار الشرب من ماء زمزم وحمله وإهدائه ، قال في الدروس ورابعها الشرب من زمزم ، والإكثار منه والتضلع منه أي الامتلاء ، فقد‌ قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) « ماء زمزم لما شرب له » وقد روى حماد أن جماعة من العلماء شربوا منه لمطالب مهمة ما بين تحصيل علم وقضاء حاجة وشفاء من علة وغير ذلك فنالوها ، والأهم طلب المغفرة من الله تعالى ، فليسم ولينو بشربه طلب المغفرة والفوز بالجنة والنجاة من النار وغير ذلك ، ويستحب حمله وإهداؤه ، قال عليه‌السلام في‌

__________________

(١) لم يتقدم للأحمسي خبر يدل على ذلك وانما ذكر في خبر الحسن ابن علي الكوفي عن علي بن مهزيار الذي ذكره في الوسائل في الباب ـ ١٨ ـ من أبواب العود إلى منى ـ الحديث ٣ وقد تقدم في ص ٥٤.

(٢) سنن البيهقي ج ٥ ص ١٤٨.

٦٦

رواية معاوية (١) « أسماء ماء زمزم ركضة جبرائيل ، وسقيا إسماعيل ، وحفيرة عبد المطلب ، وزمزم ، والمصونة ، والقيا ، وطعام طعم وشفاء سقم » انتهى ، وأرسل الصدوق (٢) عن الصادق عليه‌السلام « ماء زمزم لما شرب له » قال وروي (٣) « ان من روى من ماء زمزم أحدث به شفاء وصرف عنه داء » قال (٤) : « وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستهدي ماء زمزم وهو بالمدينة » الى غير ذلك من النصوص الواردة فيه.

وكيف كان فـ ( يخر ساجدا ويستقبل القبلة ويدعو ) قبل الخروج من المسجد كما سمعته في صحيحي معاوية (٥) وإبراهيم بن أبي محمود (٦) ولعل عبارة المتن لا تنافي ذلك وإن قيل إن ظاهرها أن محل هذا السجود بعد الخروج من المسجد ، لكن فيه منع واضح ، وعن الصدوق « خر ساجدا واسأل الله أن يتقبله منك ولا يجعله آخر العهد منك » وعن المفيد والقاضي « يقول : سجدت لك تعبدا ورقا ، ولا إله إلا أنت ربي حقا حقا ، اللهم اغفر لي ذنوبي وتقبل حسناتي وتب على ، إنك أنت التواب الرحيم ، ثم ترفع الرأس » ولا بأس بقول ذلك جميعه وغيره مما يخطر ، والله العالم.

ويستحب أيضا أن يشتري بدرهم مثلا تمرا ويتصدق به قبضة قبضة احتياطا لما وقع منه في إحرامه وحرم الله عز وجل ، قال الصادق عليه‌السلام في صحيح معاوية بن عمار (٧) : « يستحب للرجل والمرأة أن لا يخرجا من مكة حتى يشتريا بدرهم تمرا فيتصدقا به لما كان منهما في إحرامهما ، ولما كان منهما في حرم الله عز وجل » وقال عليه‌السلام أيضا في صحيحه‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٦ ـ مع الاختلاف.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٢ ـ مع الاختلاف.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٣.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٤.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب العود إلى منى ـ الحديث ١.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب العود إلى منى ـ الحديث ٢.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب العود إلى منى ـ الحديث ـ ١.

٦٧

وحفص بن البختري (١) : « ينبغي للحاج إذا قضى مناسكه وأراد أن يخرج أن يبتاع بدرهم تمرا فيتصدق به فيكون كفارة لما لعله دخل في حجه من حك أو قملة سقطت أو نحو ذلك » وقال عليه‌السلام أيضا في خبر أبي بصير (٢) : « إذا أردت أن تخرج من مكة فاشتر بدرهم تمرا فتصدق به قبضة قبضة فيكون لكل ما كان حصل في إحرامك ، وما كان منك في مكة » بل جزم الشهيدان وغيرهما بأنه لو تصدق بذلك ثم ظهر له موجب يتأدى بالصدقة أجزأ ، لظاهر هذه النصوص لكنه لا يخلو من نظر ، وعن الجعفي (٣) الصدقة بدرهم.

ويستحب التطوع بطواف بعد الحج عن سائر أرحامه وأهل بلده ، لخبر إبراهيم الحضرمي (٤) قال : « رجعت من مكة فأتيت أبا الحسن موسى عليه‌السلام في المسجد وهو قاعد فيما بين المنبر والقبر فقلت يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اني إذا خرجت إلى مكة ربما قال لي الرجل طف عني أسبوعا وصل عني ركعتين فربما شغلت عن ذلك فإذا رجعت لم أدر ما أقول له قال فإذا أتيت مكة فقضيت نسكك فطف أسبوعا وصل ركعتين ، وقل : اللهم إن هذا الطواف وهاتين الركعتين عن أبي وأمي وزوجتي وعن ولدي وعن خاصتي وعن جميع أهل بلدي حرهم وعبدهم وأبيضهم وأسودهم ، فلا بأس أن تقول للرجل اني قد طفت عنك وصليت عنك ركعتين إلا كنت صادقا » والله العالم.

ويكره الحج والعمرة على الإبل الجلالة لخبر إسحاق بن عمار (٥) عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام « ان عليا عليه‌السلام كان يكره الحج والعمرة‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب العود إلى منى ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب العود إلى منى ـ الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب العود إلى منى ـ الحديث ٣.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب العود إلى منى ـ الحديث ١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٥٧ ـ من أبواب آداب السفر ـ الحديث ١ من كتاب الحج.

٦٨

على الإبل الجلالات ».

ويستحب لمن حج أن يعزم على العود لأنه من أعظم الطاعات المعلوم كون العزم عليها من قضايا الايمان وقد سمعت ما في أخبار الدعاء بأن لا يجعله أخر العهد به ، وقال الصادق عليه‌السلام في خبر عبد الله بن سنان (١) : « من خرج من مكة وهو ينوي الحج من قابل زيد في عمره » بل الظاهر كراهة عدم إرادة العود إليها ، لقول الصادق عليه‌السلام في مرسل حسين بن عثمان (٢) : « من خرج من مكة وهو لا يريد العود إليها فقد اقترب أجله ودنى عذابه » وقال عليه‌السلام أيضا في خبر الحسن بن علي (٣) : « ان يزيد بن معاوية قد حج فلما انصرف قال :

إذا جعلنا ثافلا يمينا

فلا نعود بعدها سنينا

للحج والعمرة ما بقينا.

فنقص الله من عمره وأماته قبل أجله ، » هذا.

وفي الدروس استحباب إتيان مولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو الآن مسجد في زقاق يسمى زقاق المولد ، وإتيان منزل خديجة الذي كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسكنه وخديجة : وفيه ولدت أولادها منه ، وفيه قد توفيت ، ولم يزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مقيما به حتى هاجر ، وهو الآن مسجد أيضا.

وزيارة خديجة بالحجون ، وقبرها هناك معروف بسفح الجبل.

وإتيان مسجد راقم ، ويقال للدار التي هو بها دار الحروانة ، فيه أنشر ( استتر خ ل ) النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أول الإسلام.

وإتيان الغار بجبل الحرا الذي كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ابتداء الوحي يتعبد فيه وإتيان الغار الذي بجبل ثور استتر به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن المشركين ، والله العالم.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٧ ـ من أبواب وجوب الحج ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥٧ ـ من أبواب وجوب الحج ـ الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥٧ ـ من أبواب وجوب الحج ـ الحديث ٥.

٦٩

والطواف أفضل للمجاور من الصلاة ، وللمقيم بالعكس كما صرح به غير واحد ، لخبر حريز أو صحيحه (١) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الطواف لغير أهل مكة ممن جاور بها أفضل أو الصلاة قال : الطواف للمجاورين أفضل ، والصلاة لأهل مكة والقاطنين بها أفضل من الطواف » وصحيح حفص ، وحماد وهشام (٢) عنه عليه‌السلام أيضا « إذا أقام الرجل بمكة سنة فالطواف أفضل ، وإذا أقام سنتين خلط من هذا وهذا ، وإذا أقام ثلاث سنين فالصلاة أفضل » الى غير ذلك من النصوص التي ظاهرها تحديد المجاورة بسنة ، وأما الثانية فالخلط ، وأما الثالثة فالصلاة ، وهو مناف لإطلاق المصنف وغيره الحكم في المجاور والمقيم ، وعلى كل حال فالظاهر إرادة غير الرواتب من الصلاة ، لزيادة الحث عليها بل قد سمعت قطع الطواف لخوف فوات الوتر منها ، بل قد يقال إن المراد أفضلية الطواف من النوافل المبتدأة ، أما المخصوصة كنوافل ليلة القدر ونحوها فلا ، والأمر سهل بعد كون الأمر مستحبا.

وتكره المجاورة بمكة في المشهور كما في الدروس وعلى المعروف من مذهب الأصحاب كما في المدارك معللين له بخوف الملالة وقلة الاحترام أو بالخوف من ملابسة الذنب ، فان الذنب فيها أعظم ، وبأن المقام فيها يقسي القلب ، وبأن من سارع الى الخروج منها يدوم شوقه إليها ، وذلك المطلوب لله عز وجل ، بل في المدارك أن هذه التعليلات كلها مروية ، لكن أكثرها غير واضحة الإسناد ، قلت : قد عرفت مكررا التسامح في أدلة الكراهة ، مضافا الى‌ قول الباقر عليه‌السلام في صحيح ابن مسلم (٣) « لا ينبغي للرجل أن يقيم بمكة سنة ، قلت : كيف يصنع؟ قال : يتحول عنها » والى‌ صحيح الحلبي (٤)

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٤.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٥.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ١.

٧٠

« سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل » (١) ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ ) فقال : كل الظلم فيه إلحاد حتى لو ضربت خادمك ظلما خشيت أن يكون إلحادا ، فلذلك كان الفقهاء تكره سكنى مكة » وخبر أبي الصباح الكناني (٢) قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ ) الى آخره فقال : كل ظلم يظلمه الرجل بنفسه بمكة من سرقة أو ظلم أحد أو شي‌ء من الظلم فإني أراه إلحادا ، ولذلك كان يتقي الفقهاء سكنى الحرم » وخبر داود الرقي (٣) عنه عليه‌السلام أيضا « إذا فرغت من نسكك فارجع فإنه أشوق لك الى الرجوع » ونحوه خبر أبي بصير (٤) عنه عليه‌السلام أيضا‌ والمرسل (٥) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « إذا قضى أحدكم نسكه فليركب راحلته وليلحق بأهله ، فإن المقام بمكة يقسي القلب » وعنه (٦) عليه‌السلام أيضا « انه كره المقام بمكة ، وذلك لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخرج منها » وفي الحدائق استنباط كراهة سكنى الأماكن المشرفة والمشاهد المعظمة من هذه النصوص ، وهو استنباط قبيح يمكن دعوى منافاته لما هو كالضروري ، إنما الكلام في خصوص مجاورة مكة ، قيل والمراد به هو المسافر بعد نية إقامة عشرة أيام ، وفي المسالك في شرح العبارة يعني الإقامة بها بعد انقضاء المناسك وان لم يكن سنة ، ويمكن أن يريد به سنة ، وكلاهما مروي في الصحيح ، ومع الثاني أنه المتعارف.

وعلى كل حال فقد سمعت ما ورد فيه لكن في‌ صحيح ابن مهزيار (٧) « سألت أبا الحسن عليه‌السلام المقام بمكة أفضل أو الخروج الى بعض الأمصار‌

__________________

(١) سورة الحج الآية ٢٦.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٧.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٧.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٩.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٨.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٢.

٧١

فكتب عليه‌السلام المقام عند بيت الله أفضل » مؤيدا بما عن‌ علي بن الحسين عليهما‌السلام (١) « من ختم القرآن بمكة لم يمت حتى يرى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويرى منزله من الجنة ، وتسبيحة بمكة تعدل خراج العراقين ينفق في سبيل الله ، ومن صلى بمكة سبعين ركعة فقرأ في كل ركعة بقل هو الله أحد وانا أنزلناه وآية السخرة وآية الكرسي لم يمت إلا شهيدا ، والطاعم بمكة كالصائم فيما سواها وصوم يوم بمكة يعدل صيام سنة فيما سواها ، والماشي في مكة في عبادة الله عز وجل » الى غير ذلك من النصوص التي لا تنافي عند التأمل كراهة المجاورة خصوصا بعد احتمال كون الطاعم فيها كالصائم والماشي كالعابد خصوص من نويا بكونهما التقرب الى الله تعالى بأداء المناسك أو غيرها من العبادات ، على أنه غير مناف لكون الخارج منها لتشويق نفسه إليها والتحرز من الإلحاد والقسوة والاندراج في الحاج والوافدين على الله تعالى ونحو ذلك مما لا يحصل للمقيم كذلك أيضا ، أو أفضل منه ، قال أبو جعفر عليه‌السلام في المرسل (٢) « من جاور بمكة سنة غفر الله له ذنوبه ولأهل بيته ولكل من استغفر له ولعشيرته ولجيرته تسع سنين قد مضت ، وعصموا من كل سوء أربعين ومائة سنة » وقال بعد ذلك : « والانصراف والرجوع أفضل من المجاورة » وان احتمل كون ذلك من الصدوق ، وجمع الشهيد بين الخبرين باستحباب المجاورة لمن يثق من نفسه بعدم المحذورات المذكورة ، وحكى قولا باستحبابها للعبادة وكراهيتها للتجارة ولم يستوضحه في المدارك ، قال : إذ مقتضى الروايتين كراهة المجاورة على ذينك الوجهين ، وتبعه بعض من تأخر عنه ويمكن منعه عليه ، كما أنه يمكن‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٢.

٧٢

كون مراد القائل استحباب الجوار من حيث كونه جوارا لأمن حيث العبادات الأخر من طواف ونحوه ، وبذلك يظهر لك عدم التنافي بين النصوص ، ولعل صحيح ابن مهزيار محمول على خصوص القادم للحج والعبادة ، فإن مقامه بالبيت أفضل له من مقامه في غير مكان ، والله العالم.

ويستحب النزول بالمعرس بضم الميم وفتح العين وتشديد الراء المفتوحة ، ويقال بفتح الميم وسكون العين وتخفيف الراء لمن رجع على طريق المدينة ليلا أو نهارا ، وإن كان أصل التعريس في آخر الليل للاستراحة كما نص عليه أهل اللغة وصلاة ركعتين به بلا خلاف أجده في شي‌ء من ذلك للنصوص التي منها‌ حسن معاوية بن عمار (١) عن الصادق عليه‌السلام « إذا انصرفت من مكة على المدينة فانتهيت إلى ذي الحليفة وأنت راجع الى المدينة من مكة فائت معرس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فان كنت في وقت صلاة مكتوبة أو نافلة فصل فيه وإن كان في غير وقت صلاة مكتوبة فانزل فيه قليلا ، فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعرس فيه ويصلي » وفي الموثق (٢) « قال علي بن أسباط لأبي الحسن عليه‌السلام ونحن نسمع إنا لم نكن عرسنا فأخبرنا أبو القاسم بن الفضيل أنه لم يكن عرس وأنه سألك فأمرته بالعود الى المعرس ليعرس فيه ، فقال له : نعم ، فقال له فإذا انصرفنا فعرسنا فأي شي‌ء نصنع؟ قال : تصلي فيه وتضطجع ، وكان أبو الحسن عليه‌السلام يصلي بعد العتمة فيه ، فقال محمد فان مر به في غير وقت صلاة مكتوبة قال : بعد العصر ، قال سئل أبو الحسن عليه‌السلام عن ذا فقال : ما رخص في هذا إلا في ركعتي الطواف ، فان الحسن بن علي عليهما‌السلام فعله ، فقال : يقيم حتى‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٩ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٥٦٦ وفيه « فأخبرنا ابن القاسم بن الفضيل ».

٧٣

يدخل وقت الصلاة ، قال : فقلت له جعلت فداك : فمن مر به بليل أو نهار يعرس فيه وانما التعريس بالليل ، فقال إن مر به بليل أو نهار فليعرس فيه » وخبر عيسى بن القاسم (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « أنه سئل عن الغسل في المعرس فقال : ليس عليك غسل ، والتعريس هو أن تصلي فيه وتضطجع فيه ليلا أو نهارا » وخبر علي بن أسباط (٢) « قلت لعلي بن موسى عليهما‌السلام إن الفضيل بن يسار روى عنك وأخبرنا عنك بالرجوع الى المعرس ولم نكن عرسنا فرجعنا إليه فأي شي‌ء نصنع؟ قال : تصلي وتضطجع قليلا ، وقد كان أبو الحسن عليه‌السلام يصلي فيه ويقعد ، فقال محمد بن علي بن فضال قد مررت في غير وقت صلاة بعد العصر فقال : سئل أبو الحسن عليه‌السلام عن ذلك فقال : صل ، فقال له الحسن بن علي بن فضال : إن مررت به ليلا أو نهارا نعرس وانما التعريس بالليل فقال : نعم إن مررت به ليلا أو نهارا فعرس فيه ، لأن رسول الله كان يفعل ذلك » وخبر معاوية بن عمار (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قال لي في المعرس معرس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا رجعت الى المدينة فمر به وانزل وأنخ فيه وصل فيه ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعل ذلك ، قلت : فان لم يكن وقت صلاة قال : فأقم ، قلت : لا يقيمون أصحابي قال : فصل ركعتين وامض وقال انما المعرس إذا رجعت الى المدينة ليس إذا بدأت » ومن الأمر بالعود اليه والصلاة في الوقت المكروه مع العذر والانتظار مع عدمه يفهم كمال تأكده ، وعن أبي عبد الله الأسدي « بذي‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٩ ـ من أبواب المزار الحديث ٢ عن العيص ابن القاسم وهو الصحيح كما في الفقيه ج ٢ ص ٣٣٦ الرقم ١٥٦١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٩ ـ من أبواب المزار الحديث ٤ وأسقط في الوسائل عن الحديث جملة وذكر تمام الحديث في التهذيب ج ٦ ص ١٦ الرقم ٣٧.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٩ ـ من أبواب المزار الحديث ٣.

٧٤

الحليفة مسجدان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فالكبير الذي يحرم الناس منه ، والآخر مسجد المعرس وهو دون مصعد البيداء بناحية عن هذا المسجد » وفي الدروس أنه بإزاء مسجد الشجرة الى ما يلي القبلة ، والله العالم ، وكذا يستحب للراجع على طريق المدينة الصلاة في مسجد غدير خم والإكثار فيه من الدعاء ، وهو موضع النص (١) من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أمير المؤمنين عليه‌السلام وفي الدروس والمسجد باق الى الآن جدرانه والله العالم.

مسائل ثلاث : الأولى للمدينة حرم بلا خلاف فيه بين المسلمين فضلا عن المؤمنين وحده من عائر الى وعير بفتح الواو على ما في الدروس ، لكن في حاشية الكركي أنه وجدها في مواضع معتمدة بضم الواو وفتح العين ، وفي كشف اللثام « كذا وجدته مضبوطا بخط بعض الفضلاء » وفي المسالك وغيرها هما جبلان يكتنفان المدينة من المشرق والمغرب » وعن خلاصة الوفاء « عير ويقال عائر جبل مشهور في قبلة المدينة قرب ذي الحليفة » وكيف كان فهو لا يعضد شجرة‌ قال الصادق عليه‌السلام في صحيح معاوية (٢) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « إن مكة حرم الله تعالى شأنه حرمها إبراهيم عليه‌السلام ، وان المدينة حرمي ما بين لابتيها حرمي ، لا يعضد شجرها ، وهو ما بين ظل عائر إلى ظل وعير ، وليس صيدها كصيد مكة ، يؤكل هذا ولا يؤكل ذلك ، وهو بريد » ولعل المراد بظل وعير فيؤه كما رواه الصدوق (٣) مرسلا ، قيل : والتعبير بظلمها للتنبيه على أن الحرم داخلهما بل بعضه ، وقال عليه‌السلام أيضا في خبر الصيقل (٤) : « كنت جالسا عند زياد بن عبد الله وعنده ربيعة الرأي ، فقال له زياد يا ربيعة ما الذي حرم‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦١ ـ من أبواب أحكام المساجد من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب المزار الحديث ٧.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب المزار الحديث ٢ مع الاختلاف وذكره بعينه في التهذيب ج ٦ ص ١٣ الرقم ٢٦.

٧٥

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المدينة ، فقال بريد في بريد ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام فقلت لربيعة وكان على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أميال فسكت فلم يحسن ، فمال علي زياد ، فقال يا أبا عبد الله فما تقول أنت؟ قلت حرم رسول الله من المدينة من الصيد ما بين لابتيها فقال وما لابتيها قلت : ما أحاطت به الحرتان ، قال : وما الذي يحرم من الشجر قال من عائر الى وعير » قال ابن صفوان قال ابن مسكان قال الحسن فسأله رجل فقال : وما بين لابتيها قال : ما بين الصورين إلى الثنية ، وفي‌ خبر معاوية بن عمار (١) المروي عن معاني الأخبار « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ما بين لابتي المدينة ظل عائر إلى ظل وعير حرم قلت : طائره كطائر مكة ، قال : ولا يعضد شجرها » والظاهر اتحاد المراد مما ورد في تفسير لابتيها كظهور الاتحاد فيما بين ما سمعته من التحديد وبين ما في‌ خبر أبي بصير (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « قال : حد ما حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المدينة من ذباب الى واقم والعريض والنقب من قبل مكة » وذباب كغراب وكتاب جبل بشامي المدينة ، يقال كان مضرب قبة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الأحزاب ، والعريض بالتصغير واد في نثرتي الحرة قرب قناة ، وهي أيضا واد ، والنقب الطريق في الجبل ، وخبر أبي العباس (٣) « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة فقال : نعم حرم بريدا في بريد غضاها ، قال : قلت : صيدها قال لا يكذب الناس » وجمع بينهما في‌ خبر زرارة (٤) عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة ما بين لابتيها صيدها وحرم حولها بريدا في بريد أن يختلى خلاها أو يعضد شجرها إلا عودي الناضح » وقال أبو عبد الله عليه‌السلام

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب المزار الحديث ١٠.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب المزار الحديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب المزار الحديث ٤.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب المزار الحديث ٥.

٧٦

في خبر عبد الله بن سنان (١) : « يحرم من صيد المدينة ما صيد بين الحرتين » وفي‌ خبر الفضيل بن يسار المروي (٢) عن بصائر الدرجات قال : « سألته عليه‌السلام الى أن قال ان الله تعالى أدب نبيه فأحسن تأديبه ، فلما ائتدب فوض اليه فحرم الله الخمر وحرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كل مسكر ، فأجاز الله له ذلك ، وحرم الله مكة وحرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة ، فأجاز الله ذلك كله له » ونحوه خبر عبد الله ابن سنان (٣) المروي عنه عليه‌السلام أيضا ، الى غير ذلك من النصوص المتفقة على أن لا يعضد أي يقطع شجره كما هو ظاهر الأكثر ، بل عن التذكرة أنه المشهور ، بل عن المنتهى أنه لا يجوز عند علمائنا ، بل لم أجد من نص على الكراهة ، قبل الفاضل في القواعد وإن جعله في المسالك من معقد الشهرة على الكراهة ، لكن لم نتحققه ، بل هو حكى فيها عن بعض الأصحاب القطع بتحريم قطع الشجر ، وجعل الخلاف في الصيد ، قال فيها بعد أن حكى ذلك وظاهر الأخبار يدل عليه ، فإنه لم يرد خبر بجواز قطع الشجر ، وانما تعارضت في الصيد ، إلا أن الأصحاب نقلوا الكراهة في الجميع واختاروها ، وهو غريب نعم عن التذكرة والمنتهى والتحرير استثناء ما يحتاج اليه من الحشيش لخبر عامي وللحرج لأن بقرب المدينة أشجارا وزروعا كثيرة ، فلو منع من الاحتشاش للحاجة لزم الحرج المنفي بخلاف حرم مكة ، وهو كما ترى بعد ما سمعت من النصوص المفسر ما فيها من الخلا بالرطب من النبات ، واختلاؤه قطعه ، وعن ابن سعيد استثناء ما سمعته في خبر زرارة من عودي الناضح ، ولا بأس به ، بل لا يبعد استثناء ما سمعته سابقا في الحرم للمساواة ولأولويته والله العالم‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب المزار الحديث ٩.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب المزار الحديث ١٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب المزار الحديث ١٣.

٧٧

وكيف كان فـ ( لا بأس ) عند المصنف والفاضل بصيده إلا ما صيد بين الحرتين ، وهذا أيضا على الكراهة المؤكدة والمراد حرة واقم ، وهي شرقية المدينة ، وتسمى حرة بني قريظة ، وواقم اسم صنم لبني عبد الأشهل بني عليها ، أو اسم رجل من العماليق نزل بها ( وحرة ليلى ، وهي غربيتها ، وهي حرة العقيق ) (١) ولها حرتان أخريان جنوبا وشمالا يتصلان بهما ، فكأن الأربع حرتان ، وهما حرة قبا وحرة الرجلى ككسرى ، ويمد ، يترجل فيها لكثرة حجارتها ، ووافقه عليه الفاضل ، ولعله للأصل وما سمعته سابقا في خبر معاوية (٢) وخبر أبي العباس (٣) وخبر معاوية (٤) أيضا المروي عن معاني الأخبار المؤيد بخبر يونس بن يعقوب (٥) سأله عليه‌السلام « يحرم علي في حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما يحرم علي في حرم الله قال : لا » إلا أنها ـ بعد الإغضاء عن السند ولا جابر ، واحتمال خبر أبي العباس منها نفي الكذب عن الناس أي العامة في روايتهم ذلك ، كظهور خبر يونس في إرادة نفي الكلية لا خصوص الأمرين ، واحتمال خبر ابن عمار نفي حرمة الأكل لا الاصطياد ـ قاصرة عن معارضة غيرها مما دل على الحرمة فيما بين الحرتين سندا وعملا ، فإن المحكي عن الأكثر الحرمة ، بل عن الشيخ في الخلاف الإجماع عليها ، كظهور المنتهى ، ومن هنا جمع بين النصوص بالفرق بين صيد ما بين الحرتين وبين صيد غيره ، فيحرم الأول دون الثاني ، ولعله لا يخرج من قوة مع أنه أحوط ، فما في المتن من الكراهة غير واضح ، وإن نسبه‌

__________________

(١) ما بين القوسين وان لم يكن في النسخة الأصلية أيضا إلا أنه مما لا بد منه فإنه قده في مقام تفسير الحرتين فلا وجه لذكر إحداهما وترك الأخرى مضافا إلى أنه بعينه كلام الرياض وما أثبتناه موجود فيه.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب المزار الحديث ٤.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب المزار الحديث ١٠.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب المزار الحديث ٨.

٧٨

في المسالك إلى الشهرة أيضا ، إلا أنا لم نتحققه ، بل لعل المتحقق خلافه ، بل رجع المصنف عنها في النافع إلى الحرمة ، نعم ظاهر النافع عدم الكراهة في غير ذلك من الحرم الذي سمعت أنه بريد في بريد ، ولا بأس به لظاهر النصوص وإن كان لو قيل به لكان وجها للتسامح فيها.

ثم اعلم أنه لا كفارة في صيد الحرم المزبور ، ولا في قطع شجره ، ولا يجب إحرام في دخوله كحرم مكة كما صرح بذلك بعضهم للأصل وغيره ، بل عن الفاضل في المنتهى أن من أدخل صيدا المدينة لم يجب عليه إرساله ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول ما فعل النفر وهو طائر صغير رواه الجمهور وظاهره إباحة إمساكه ، والا لأنكر عليه ، وكأنه أراد بذلك تأييد الأصل المقتضي للجواز ، والله العالم.

المسألة الثانية يستحب زيارة النبي أبي القاسم رسول الله محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولد بمكة في شعب أبي طالب يوم الجمعة بعد طلوع الفجر سابع عشر شهر ربيع الأول عام الفيل ، وكان حمل أمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن مرة بن كلاب به أيام التشريق في منزل أبيه عبد الله بمنى عند الجمرة الوسطى ، والاشكال فيما بين الولادة والحمل يدفعه أن أيام التشريق في ذلك الزمان كانت في رجب ، لأن حجهم كان فيه ، أو أن المراد ظهور حملها به فيها.

وعلى كل حال فقد صدع بالرسالة في اليوم السابع والعشرين من رجب لأربعين سنة ، وقبض بالمدينة يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة ، وقيل لاثنى عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول ، وله من العمر ثلاث وستون سنة ، وفي التحرير قبض مسموما.

٧٩

خصوصا للحاج استحبابا مؤكدا إجماعا وضرورة من الدين ، ولذا يجبر الإمام الناس عليها لو تركوها كما سمعت ، قال هو صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) : « من زارني بعد موتي كان كمن هاجر الي في حياتي ، فان لم يستطيعوا فابعثوا الي بالسلام فإنه يبلغني » وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) : « من زارني أو زار أحدا من ذريتي زرته يوم القيامة ، فأنقذته من أهوالها ».

ومنه يستفاد استحباب زيارة غير المعصومين من ذريته وقال : صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا (٣) لعلي عليه‌السلام : « يا علي من زارني في حياتي أو بعد موتي أو زارك في حياتك أو بعد موتك أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد مماتهما ضمنت له يوم القيامة أن أخلصه من أهوالها وشدائدها حتى أصيره معي في درجتي » وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للحسن عليه‌السلام (٤) « من زارني حيا أو ميتا أو زار أباك حيا أو ميتا أو زار أخاك حيا أو ميتا أو زارك حيا أو ميتا كان حقا علي أن أستنقذه يوم القيامة » وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للحسين عليه‌السلام (٥) « يا بني من أتاني زائرا بعد موتي فله الجنة ، ومن أتى أباك زائرا بعد موته فله الجنة ومن أتى أخاك زائرا بعد موته فله الجنة ، ومن أتاك زائرا بعد موتك فله الجنة » الى غير ذلك من النصوص المتضمنة أن له الجنة وأنه في جواره وأنه شفيعه في يوم القيامة ، وأن زيارته تعدل حجة معه ، بل زيارته الله في عرشه ، قال عبد السلام بن صالح الهروي (٦) « قلت لعلي بن موسى الرضا عليهما‌السلام : يا ابن رسول الله ما تقول بالحديث الذي يرويه أهل الحديث ان المؤمنين يزورون الله في منازلهم في الجنة؟ فقال يا أبا الصلت : إن الله تعالى فضل نبيه محمدا على جميع خلقه من النبيين والملائكة ، وجعل طاعته طاعته ، ومتابعته متابعته وزيارته في الدنيا‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب المزار الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب المزار الحديث ٢٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب المزار الحديث ١٦.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب المزار الحديث ١٩.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب المزار الحديث ١٧.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب المزار الحديث ١١.

٨٠