جواهر الكلام - ج ٢٠

الشيخ محمّد حسن النّجفي

كإطلاق هذه النصوص وهو الصدوق والمفيد وسلار والحلبيان ، ويمكن إرادتهم كسر البيض من حيث كونه بيضا لا مع قتل فرخ ، وكذا النصوص ، ومن هنا صح نفي الخلاف المعتد به ، نعم عن علي بن بابويه تقييد ذلك بما إذا تحرك الفرخ وبالمعز ، فان لم يتحرك فالقيمة ، ولعله‌ للفقه المنسوب (١) إلى الرضا عليه‌السلام « في بيض القطا إذا أصبته قيمته ، فان وطأتها وفيها فرخ يتحرك فعليك أن ترسل الذكران في المعز على عددها من الإناث على قدر عدد البيض ، فما نتج كان هديا لبيت الله » وقد ذكرنا غير مرة عدم ثبوت نسبة الكتاب المذكور ، وأما احتمال الجمع بين النصوص بالفرق بين الإصابة باليد والأكل ففيه البكارة وبين الوطء ففيه الإرسال ، فهو مع أنه لا شاهد له لا قائل به ، بل يمكن تحصيل الإجماع على خلافه ، وإن مال إليه في الحدائق تبعا للكاشاني ، لكنه في غير محله.

ثم لا يخفى عليك بعد الإحاطة بما ذكرناه في بيض النعام جريان جملة مما سمعته هناك هنا ، ضرورة اتحاد الحكم في المقامين ، وإن كان ذلك في الإبل وهذه في الغنم كما سمعت التصريح به في النصوص ، ولعله لذلك قال المصنف هنا فان عجز كان كمن كسر بيض النعام كما في محكي النهاية ، وقال ابن إدريس : هكذا أورده شيخنا في نهايته ، وقد وردت بذلك أخبار ، ومعناه أن النعام إذا كسر بيضه فتعذر الإرسال وجب في كل بيضة شاة ، والقطا إذا كسر بيضه فتعذر إرسال الغنم وجب في كل بيضة شاة ، فهذا وجه المشابهة بينهما ، فصار حكمه حكمه ، ولا يمنع ذلك إذا قام الدليل عليه ، وحكي عن المفيد أيضا أنه إن عجز عنه ذبح عن كل بيضة شاة ، فان لم يجد أطعم عن كل بيضة عشرة مساكين ، فان عجز صام عن كل بيضة ثلاثة أيام ، وظاهر‌

__________________

(١) المستدرك ـ الباب ١٩ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٢.

٢٢١

المصنف في النافع والفاضل في القواعد متابعته على هذا التعبير ، لتصريحهما بوجوب الشاة مع العجز ، بل حكاه في كشف اللثام عن النهاية والمبسوط وإن كان فيه أن عبارة النهاية المحكية ما سمعته ، بل هو المناسب لما تسمعه من الفاضل في تفسيرها ، لكن عن المصنف في النكت أن وجوب الشاة عن كل بيضة إذا تعذر الإرسال شي‌ء ذكره المفيد في المقنعة ، وتابعه عليه الشيخ ، ولم ينقل به رواية على الصورة ، بل رواية سليمان بن خالد (١) في كتاب علي عليه‌السلام في بيض القطاة كفارة مثل ما في بيض النعام ، وهذا فيه احتمال ، قيل وكذا قول الصادق عليه‌السلام في مرسل ابن رباط (٢) وإن كان فيه أبعد ، وفيه أنه صريح في غير ذلك ، وقال في محكي المنتهى : عندي في ذلك تردد ، فإن الشاة تجب مع تحرك الفرخ لا غير ، بل ولا تجب شاة كاملة بل صغيرة على ما بيناه ، فكيف تجب الشاة الكاملة مع عدم التحرك وإمكان فساده وعدم خروج الفرخ منه ، قال : والأقرب أن مقصود الشيخ مساواته لبيض النعام في وجوب الصدقة على عشرة مساكين والصيام ثلاثة أيام إذا لم يتمكن من الإطعام ، ونحوه محكي التحرير والتذكرة والمختلف ، وفيه القطع بأنه لا يجوز المصير إلى ما ذكره ابن إدريس رحمه‌الله ، قال : وكيف يتوهم إيجاب الأقوى وهو الشاة التي لا تجب مع المكنة حال العجز ، فان ذلك غير معقول.

ثم لما كان ظاهر كلام ابن إدريس أن الأخبار وردت به رده بأنها لم ترد بما قاله ، نعم روي سليمان بن خالد ، وذكر ما في النكت ، وقال : ولكن إيجاب الكفارة كما يجب في بيض النعام لا يقتضي المساواة في القدر ، وتبعه على ذلك غيره ممن تأخر عنه ، وحاصله منع تناول التشبيه لذلك مع الاستبعاد المزبور ، وفيه منع واضح إن أراد منع الظهور الكافي في المقام وأمثاله ، وإن‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ٢٥ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ٢٥ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٣.

٢٢٢

أراد الصراحة فهو كذلك ، لكن من المعلوم في أغلب الأحكام عدم اعتبار الصراحة في حجية أدلتها على أنه إن لم يفهم من هذا ونحوه المساواة الشاملة للفرض فلا دليل حينئذ على ما ذكره من الانتقال مع العجز إلى الإطعام ثم إلى الصيام ، ضرورة ظهور باقي النصوص في المساواة لبيض النعام بالنسبة إلى خصوص البدل من الأنعام ففي المتحرك البكارة فيهما ، لكن في النعام من الإبل وفي القطا ونحوه من الغنم ، وفي غير المتحرك الإرسال ، فلا محيص حينئذ عن إرادة مساواتها في الأبدال التي منها وجوب الشاة مع العجز ، وأما الاستبعاد فمع أنه غير حجة يمكن منعه ، ولا ينافي ذلك ، فإن الشاة وإن كانت أقوى في الشبه ولكن الإرسال أشق منها على الحاج ، لأنه يتوقف على تحصيل الفعل الكثير والانتظار حتى تلد ثم يهدي ، بخلاف ذبح الشاة وتفريقه على فقراء الحرم ، فإنه سهل غالبا ، بل من ذلك ينقدح عدم إجزائها أي الشاة عنه مع التمكن وإن احتمله في المسالك ، بل جزم به في الروضة جاعلا له أقل أفراد الواجب ، وإلا فالشاة مجزية عنه ، لكن فيه بعد ما عرفت من أشقية الإرسال منها أنها لا تجزي ، لأن المراد من الفداء أن يذوق وبال أمره ، ومع الإغضاء عن ذلك يتجه ما يحكي عن ابن حمزة من أنه إن عجز عن الإرسال تصدق عن كل بيضة بدرهم ، بل في المختلف ما أحسنه إن ساعده النقل ، بل قيل ربما استند إلى خبر سليمان (١) مع ما يأتي إنشاء الله من‌ صحيح أبي عبيدة (٢) « في محل اشترى لمحرم بيض نعام فأكله أن على المحل قيمة البيض ، لكل بيضة درهما » أو حمله على بيض الحمام الذي ستعرف إنشاء الله أن فيه درهما ، إذ الظاهر أن وجهه مع فرض خلو النصوص عن هذه المرتبة الرجوع إلى القيمة التي هي درهم لهذا الخبر وغيره ، وحينئذ فلا حاجة إلى النقل الذي شرط‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ٢٤ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ٢٤ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٥.

٢٢٣

الفاضل استحسانه به ، وتبعه في المسالك ، نعم شذوذ هذا القول ـ بل يمكن دعوى الإجماع المركب على خلافه ، مضافا إلى ظاهر النص السابق ـ منع من موافقته ، فليس حينئذ إلا ما عليه الشيخان على الوجه الذي ذكرناه.

وقد أطنب في المسالك ولكن لم يأت بشي‌ء يعتد به ، وملخصه ما ذكره في الروضة فإنه بعد أن منع تفسير الفاضل وغيره لما سمعته من عبارة الشيخ بما تقدم وافقهم في المذهب ، قال : لا لذلك بل لأن الشاة يجب أن تكون مجزية هنا بطريق أولى ، لأنها أعلى قيمة وأكثر منفعة من النتاج ، فيكون كبعض أفراد الواجب ، والإرسال أقله ، ومتى تعذر الواجب انتقل إلى بدله ، وهو هنا الأمران الأخيران يعني الإطعام ثم الصيام من حيث البدل العام الا الخاص ، لقصوره عن الدلالة ، لأن بدليتهما عن الشاة تقتضي بدليتهما عما هو دونهما قيمة بطريق أولى » وفيه ما لا يخفى بعد الإحاطة بما ذكرناه من منع إجزائها مع التمكن من الإرسال الذي قد عرفت أنه أشق ولو من حيث العمل ليذوق وبال أمره ، على أن المعروف في الفتوى الانتقال إليها بعد تعذر الإرسال ، وبدلية الأخيرين عند المتأخرين مع إمكانها لا مع تعذرها الذي هو شرط البدل العام كما هو واضح ، فمن الغريب وقوع ذلك منه ، ومن هذا وغيره مما قدمناه يظهر أن التحقيق ما صرح به المفيد وغيره من وجوب شاة مع تعذر الإرسال ، وإلا فالاطعام ثم الصيام على حسب ما سمعت في بيض النعام الذي قد سمعت النص على أن كفارته كفارته ، والله العالم.

الضرب الثاني فيما لا بدل له على الخصوص ، وهو خمسة أقسام أيضا بخلاف الأول الذي لكفاراته بدل على الخصوص بالنصوص على كل بدل منها كما عرفت ، أما هذا الضرب فإن للشاة من إبدالها فيه بدلا بنص عام ،

٢٢٤

وهو الإطعام أو الصيام ، ثم لها ولغيرها الاستغفار والتوبة ، وذلك بدل يعم الكل ومن هنا ذكر بيض القطا والقبح من الأول ، وبائضهما من الثاني ، نعم يشترك القسمان في أن لهما أمثالا من النعم بالنصوص والفتاوى ، بل الظاهر عدم اختصاص هذه الخمسة بذلك ، كما ستعرف إنشاء الله.

الأول الحمام ، وهو اسم لكل طائر يهدر ويرجع صوته ويواصله مرددا ويعب الماء ويشربه كرعا أي يضع منقاره في الماء ويشرب ، وهو واضع له فيه ، لا بأن يأخذ الماء بمنقاره قطرة قطرة ويبلعها بعد إخراجه كالدجاج والعصافير كما في النافع والتحرير والتذكرة ومحكي المنتهى والمبسوط بل في الأخير « أن العرب تسمي كل مطوق حماما » وظاهره أن المراد به هنا ذلك وإن لم يكن في اللغة كذلك ، فما في المدارك ـ من المناقشة فيه بعد أن حكاه عن الشيخ وجمع من الأصحاب بأنه لم أقف عليه فيما وصل إلينا من كلام أهل اللغة ، بل قد يوافقه ما عن الأزهري من أنه أخبرني عبد الملك عن الربيع عن الشافعي أنه قال : « كلما عب وهدر فهو حمام يدخل فيه القماري والدباسي والفواخت سواء كانت مطوقة أو غير مطوقة ألفه أو وحشية » بل عن الكركي « أنه أعرف بين أهل اللغة » بل عن الرافعي « الاكتفاء بالاقتصار على العب » قال : كما نص عليه الشافعي في عنوان المسائل ، قال : « وما عب في الماء عبا فهو حمام ، وما شرب قطرة قطرة فليس بحمام ـ في غير محله ، ولعله إلى ذلك أشار في القواعد بعطف العب على الهدر بأو على معنى الاكتفاء بأحدهما وإن كان فيه أنه خلاف المعروف بين من ذكر ذلك ، بل قد سمعت ما عن الشافعي من الضابط فيمكن أن يكون ما ذكره في العنوان اتكالا عليه بل ربما أورد عليه بقول الشاعر :

على حوضي نغر مكب

إذا فترت فترت يعب

فإنه وصف النغر بالعب مع أنه لا يهدر ، وإلا كان حماما ، وهو نوع من‌

٢٢٥

العصفور ، وإن كان قد يدفع ـ بعد تسليم كون الواقع أن النغر الذي هو نوع من العصفور يعب ـ بأنه على ضرب من التجوز ، بل عن المحكم أنه إنما يقال في الطائر عب ولا يقال شرب ، فللعب حينئذ معنى آخر ، وهو شرب الطائر.

وكيف كان فقد قيل كما في الصحاح والقاموس ومحكي فقه اللغة للثعالبي وشمس العلوم والسامي والمصباح المنير وغيرها : ان الحمام كل مطوق من الطيور ، بل عن الأزهري عن أبي عبيد عن الأصمعي قال : « مثل القمري والفاختة وأشباه ذلك » نحو ما عن الجوهري من أنه « نحو الفواخت والقماري وساق حر والقطا والوارشين وأشباه ذلك ـ ثم قال ـ وعند العامة أنها الدواجن فقط ـ قال ـ قال حميد بن ثور الهلالي :

وما هاج هذا الشوق إلا حمامة

دعت ساق حر ترحة وترنما

والحمامة هنا القمرية ، وقال الأصمعي في قول النابغة :

واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت

إلى حمام سراع وارد الثمد

قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا

إلى حمامتنا أو نصفه فقد

فحسبوه فألفوه كما حسبت

تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد

هذه زرقاء اليمامة نظرت إلى قطا فقالت ذلك ، وقال الأموي : والدواجن التي تستفرخ في البيوت حمام أيضا وأنشد قواطنا مكة من ورق الحما يريد الحمام » التي تستفرخ في البيوت حمام أيضا وأنشد قواطنا مكة من روق الحما يريد الحمام » انتهى كلام الجوهري ، وعن الأزهري أبو عبيد عن الكسائي « الحمام هو البري الذي لا يألف البيوت ، وهذه التي تكون في البيوت هي اليمام ـ قال ـ : وقال الأصمعي : اليمام ضرب من الحمام بري ، ونحوه عن الصحاح ، وعن أدب الكاتب إنما الحمام ذوات الأطواق وما أشبهها مثل الفواخت والقماري والقطا ، قال ذلك الأصمعي ووافقه عليه الكسائي ـ ثم قال ـ وأما الدواجن التي تستفرخ في البيوت فإنها وما شاكلها من طير الصحراء اليمام » قلت : لا ريب في أنها من‌

٢٢٦

الحمام وإن سميت مع ذلك باليمام ، وعن الدميري في حياة الحيوان عن كتاب الطير لأبي حاتم « إن أسفل ذنب الحمامة بما يلي ظهرها بياض ، وأسفل ذنب اليمامة لا بياض فيه » ثم عن الدميري « المراد بالطوق الخضرة أو الحمرة أو السواد المحيط بعنق الحمامة » قلت : أو بياض كذلك ، وفي المصباح المنير « والحمام عند العرب كل ذي طوق من الفواخت والقماري والقطا والدواجن والوراشين وأشباه ذلك ، ويقال للواحدة حمامة ، وتقع على الذكر والأنثى ، والعامة تخص الحمام بالدواجن ، وكان الكسائي يقول : الحمام هو البري ، واليمام هو الذي يألف البيوت ، وقال الأصمعي اليمام حمام الوحش ، وهو ضرب من طير الصحراء ».

وكيف كان فلا ريب في أن المعروف في اللغة تفسير الحمام بذي الطوق واختاره الشهيدان في الدروس والمسالك ، وعند الفقهاء بما يهدر ويعب الماء ، ولكن في اللمعة « الحمامة هي المطوقة أو ما تعب » وفي الروضة « الظاهر أن التفاوت بينهما قليل أو منتف ، وهو يصلح لجعل المصنف كلا منهما معرفا » قلت : وكذا القواعد ، قال : « الحمام كل مطوق أو ما يهدر أي يرجع صوته أو يعب أي يشرب كرعا » لكن قد يناقش بمنع عدم التفاوت ، ضرورة أن جملة مما يهدر ويعب لا طوق له وبالعكس ، فيمكن أن يراد بالواو التقسيم جمعا بين ما سمعته من الفقهاء واللغة أو الترديد باعتبار ما سمعته من الاختلاف ، وفي الرياض « يحتمل أن يكون الترديد إشارة إلى ثبوت الحكم الآتي للحمامة بأيهما فسرت ، وذلك لعدم انحصار ما دل عليه من الأخبار فيما تضمنت لفظها خاصة ، بل فيها ما تضمن لفظ الطير بقول مطلق أو الفرخ أو البيض كذلك ، وجميع هذه يعم الحمامة بالتفسيرين ، فلا يحتاج هنا إلى الدقة في تعيين أحدهما ، ولا تعارض بين الأخبار ليحتاج إلى حمل مطلقها على مقيدها ، والحمد لله » وفيه أن‌

٢٢٧

المناسب لذلك جعل العنوان الطير حماما أو غيره لا الترديد بين تفسيري الحمام اللذين هما على كل حال أخص من مطلق الطير والفرخ والبيض ، كما هو واضح ، واحتمال كون المتجه في النصوص ذلك يدفعه ظهور اتفاق الأصحاب على كون العنوان الحمام بأحد تفسيريه لا مطلق الطير والفرخ والحمام ، نعم لا بد من إخراج القطا قيل والحجل من حكم الحمام كما صرح به غير واحد لما ستعرف من أن لهما كفارة معينة غير كفارة الحمام وإن اشتركت معه في التعريف ، فالتحقيق جعل عنوان الحكم ما عند الأصحاب لقوة الظن بذلك ، ولما تسمعه من كون الفداء فيها الشاة التي هي أقل أمثالها من النعم في الكرع ، ولغير ذلك ، ولكن مع ذلك لا ينبغي ترك الاحتياط.

وعلى كل حال فـ ( في قتلها شاة على المحرم ) في الحل على المشهور بين الأصحاب بل في التذكرة ومحكي الخلاف والمنتهى الإجماع عليه ، بل في الأول أيضا وبه قال علي عليه‌السلام وعمر وعثمان وابن عمر ، بل روى العامة (١) أن ابن عباس قضى في الحمام حال الإحرام بالشاة ، ولم يخالفه أحد من الصحابة ، كل ذلك مضافا إلى المعتبرة المستفيضة ، منها‌ قول الصادق عليه‌السلام في حسن (٢) حريز : « المحرم إذا أصاب حمامة ففيها شاة ، وإن قتل فراخه ففيه حمل ، وإن وطأ البيض فعليه درهم » وفي‌ موثق الكناني (٣) « في الحمام وأشباهها إن قتله المحرم شاة ، وإن كان فراخا فعدلهما من الحملان » وخبر أبي بصير (٤) عنه عليه‌السلام أيضا ، قال : « سألته عن محرم قتل حمامة من حمام الحرم خارجا من الحرم قال : فقال : عليه شاة ـ إلى أن قال ـ : قلت : فمن قتل فرخا من حمام‌

__________________

(١) سنن البيهقي ـ ج ٥ ص ٢٠٥.

(٢) الوسائل ـ الباب ٩ من أبواب كفارات الصيد الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ٩ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٣.

(٤) الوسائل ـ الباب ٩ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٩.

٢٢٨

الحرم وهو محرم قال : عليه حمل » وخبر عبد الله بن سنان (١) عنه عليه‌السلام أيضا قال : « سمعته يقول في حمام مكة الطير الأهلي من غير حمام الحرم من ذبح طيرا منه وهو غير محرم فعليه أن يتصدق بصدقة أفضل من ثمنه ، فان كان محرما فشاة عن كل طير » وخبره الآخر (٢) عنه عليه‌السلام أيضا « سمعته يقول : في حمام مكة الأهلي غير حمام الحرم من ذبح منه طيرا وهو غير محرم فعليه أن يتصدق إن كان محرما بشاة عن كل طير » وخبره الثالث (٣) عنه عليه‌السلام أيضا أنه قال « في محرم ذبح طيرا أن عليه دم شاة يهريقه ، فان كان فرخا فجدي أو حمل صغير من الضأن » وخبر سليمان بن خالد (٤) « قلت له أيضا رجل أغلق بابه على طائر فقال : إن كان أغلق الباب بعد ما أحرم فعليه شاة ، وأن عليه لكل طائر شاة ، ولكل فرخ حملا ، وإن لم يكن تحرك فدرهم ، وللبيض نصف درهم » إلى غير ذلك من النصوص التي لا ريب في إرادة الحمام من الطير في خبري ابن سنان الأولين منها بل لا يبعد ذلك في غيرهما أيضا وإن لم يكن تعارض ، بل لما عرفته من عدم العنوان في كلام الأصحاب إلا الحمام.

إلا أنه مع ذلك كله قال في محكي المقنعة : « إن على المحرم في الحمامة درهما » لكن ذكر أن المحرم إذا صار في الحل كان عليه الفداء ، وإذا صار في الحرم كان عليه الفداء ، والقيمة مضاعفة ، وأن في تنفير حمام الحرم شاة بالتفصيل الآتي فيمكن أن لا يكون مخالفا ، وفي محكي المراسم « أن مما لا دم فيه الحمام ففي كل حمامة درهم » ولم يذكر مما فيه الدم إلا تنفير حمام الحرم ، وذكر أن في الصيد على المحرم في الحرم الفداء والقيمة ، وعلى المحرم في الحل الفداء ، وعلى المحل في الحرم القيمة ، وعن جمل العلم والعمل « أن على المحرم في الحمامة‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٥.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩ من أبواب كفارات الصيد الحديث ١٠.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٩ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٦.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٩ من أبواب كفارات الصيد الحديث ١١.

٢٢٩

وشبهها درهما » وعن المهذب والإصباح « أن مما فيه شاة أن يصيب طائرا من حمام الحرم أو يخرجه من الحرم وينفره » ثم في الأخير أن « في قتله على المحرم في الحرم دما والقيمة » وفي المهذب « أن على المحرم في الحرم في كل صيد الجمع بين الجزاء والقيمة » وفي محكي الوسيلة أن على المحرم في صيد حمامة في الحرم دما مطلقا ، وكذا في قتل المحل الصيد في الحرم وعلى المحل في إصابة حمامة في الحرم درهما ، وان الشاة على من أغلق الباب على حمام الحرم حتى يموت أو أطارها عن الحرم » وعن الكافي والغنية والإشارة « في حمامة الحرم شاة وفي حمامة الحل درهم » وعن الحسن « ان على المحرم في الحرم شاة » ولا يخفى عليك أن ما أمكن من هذه العبارات أو غيرها رجوعه إلى المختار ولو بحملها على ما ستسمع إنشاء الله فذاك ، وإلا فهو محجوج بما عرفت ، والله العالم.

ويجب على المحل في قتلها في الحرم درهم وفاقا للمشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا ، لقول الرضا عليه‌السلام في صحيح صفوان (١) : « من أصاب طيرا في الحرم وهو محل فعليه القيمة درهم يشتري به علفا لحمام الحرم » وخبر محمد بن الفضيل (٢) عن أبي الحسن عليه‌السلام « سألته عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم وهو غير محرم قال : عليه قيمتها ، وهو درهم يتصدق به أو يشتري به طعاما لحمام الحرم ، وإن قتلها وهو محرم في الحرم فعليه شاة وقيمة الحمامة » وصحيح منصور بن حازم (٣) قال : « حدثني صاحب لنا ثقة قال : كنت أمشي في بعض طرق مكة فلقيني إنسان فقال لي : اذبح لنا هذين الطيرين فذبحتهما ناسيا وأنا حلال ، ثم سألت أبا عبد الله عليه‌السلام قال : عليك‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ١٠ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ١٠ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٦.

(٣) الوسائل ـ الباب ١٠ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٨.

٢٣٠

الثمن » وصحيح عبد الله بن سنان (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في حمام مكة من ذبح منه طيرا وهو غير محرم فعليه أن يتصدق بصدقة أفضل من ثمنه » بل‌ وصحيح الحلبي (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل أغلق باب بيت على طير من حمام الحرم فمات قال : يتصدق بدرهم أو يطعم به حمام الحرم » وخبر حماد ابن عثمان (٣) « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام رجل أصاب طيرين واحدا من حمام الحرم والآخر من غير حمام الحرم قال : يشتري بقيمة الذي من حمام الحرم قمحا فيطعمه حمام الحرم ، ويتصدق بجزاء الآخر » وصحيح معاوية بن عمار (٤) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « سألته عن رجل أهدي له حمام أهلي جي‌ء به وهو في الحرم فقال : إن أصاب منه شيئا فليتصدق بثمنه نحوا مما كان يسوى في القيمة » ورواه في الفقيه « فليتصدق مكانه بنحو من ثمنه » وصحيح صفوان (٥) عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام « من أصاب طيرا في الحرم وهو محل فعليه القيمة درهم يشتري به علفا لحمام الحرم » وصحيح محمد بن مسلم (٦) سأل أبا عبد الله عليه‌السلام « عن رجل أهدي له حمام أهلي وجي‌ء به وهو في الحرم ومحل قال : إن هو أصاب منه شيئا فليتصدق مكانه بنحو من ثمنه » وصحيح معاوية بن عمار (٧) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « سألته عن رجل أهدي له حمام أهلي وهو في الحرم فقال : إن أصاب منه شيئا‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ٩ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٥.

(٢) الوسائل ـ الباب ١٦ من أبواب كفارات الصيد الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ٢٢ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٦.

(٤) الوسائل ـ الباب ١٢ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٥.

(٥) الوسائل ـ الباب ١٠ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٣.

(٦) الوسائل ـ الباب ١٢ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٣.

(٧) الوسائل ـ الباب ١٢ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٥.

٢٣١

فليتصدق مكانه من ثمنه نحوا مما كان يساوي في القيمة » وصحيحه الآخر (١) عنه عليه‌السلام أيضا « سألته عن طائر أهلي أدخل الحرم حيا فقال : لا يمس ، إن الله تعالى يقول ( وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ) » إلى غير ذلك من النصوص التي تقدم بعضها وتسمع الآخر إنشاء الله ، وهي بين ناص على الدرهم ، وناص على القيمة مفسرا لها به وغير مفسر ، وناص على الدرهم وشبهه وعلى الثمن وعلى مثل الثمن وعلى أفضل من الثمن.

وفي محكي التذكرة « لو كانت القيمة أزيد من درهم أو أنقص فالأقرب الغرم عملا بالنصوص ، والأحوط وجوب الأزيد من الدرهم والقيمة » وكذا عن المنتهى مع احتمال لكون الدراهم قيمة وقت السؤال في الأخبار ، واستشكل في وجوب الأزيد مع إطلاق الأصحاب وجوب الدرهم من غير التفات إلى القيمة السوقية ، وفي المدارك « أن المتجه اعتبار القيمة مطلقا » قلت : لكنه مخالف لكلام الأصحاب المقطوع فيه بعدم إرادة كون ذلك قيمة سوقية له ، ضرورة اختلافها باختلاف الأزمنة والطيور وغيرهما من الأحوال ، بل لعله كذلك في النصوص ، خصوصا مع ملاحظة سؤال السائل لهم عن ذلك وجوابهم عليهم‌السلام له مع أن مرجع ذلك إلى غيرهم ، فلا يبعد كون ذلك قيمة شرعية له ، بل ربما كان قرائن في النصوص تشهد له ، كما أنه يمكن اجتماع النصوص عليه ، فيتفق النص والفتوى حينئذ ، وكيف كان فعن الكركي « ان إجزاء الدرهم في الحمام مطلقا في غاية الإشكال ، لأن المحل إذا قتل المملوك في غير الحرم تلزمه قيمته السوقية بالغة ما بلغت ، فكيف يجزي الأنقص في الحرم ، وفيه أن هذا إنما يتم إذا قلنا بكون فداء المملوك لمالكه ، لكن سيأتي إنشاء الله أن الأظهر كون الفداء لله تعالى ، وللمالك القيمة السوقية ، فلا بعد‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ١٢ من أبواب كفارات الصيد الحديث ١١.

٢٣٢

في أن يجب لله تعالى في حمام الحرم أقل من القيمة مع وجوبها للمالك ، والله العالم.

ويجب في قتل فرخها للمحرم أي عليه في الحل حمل بالتحريك وفاقا للمشهور أيضا ، لما سمعته من حسن حريز (١) أو صحيحه وخبر أبي بصير (٢) وخبر أبي الصباح الكناني (٣) وغيرها من النصوص ، نعم في‌ صحيح ابن سنان (٤) منها « فان كان فرخا فجدي أو حمل صغير من الضأن » ومن هنا اجتزي به سيد المدارك إلا أني لم أجد له موافقا ، والمعروف بين الأصحاب كالنصوص تعين الحمل ، نعم عن الكافي والغنية « في فرخ حمام الحرم حمل ، وفي فرخ حمام غيره نصف درهم » وعن سلار إطلاق أن في فرخ الحمامة نصف درهم ، وعن المفيد والمرتضى ذلك أيضا في فرخ الحمامة وشبهها ، ولعلهم لا يريدون ما نحن فيه ، وإلا كانوا محجوجين بالنصوص المعتضدة بالفتاوي ، هذا.

وعن بني بابويه وحمزة والبراج والفاضل وصف الحمل بأن يكون فطم ورعى الشجر كما تسمعه إنشاء الله في القطا ، وعن جماعة الإطلاق ، ولعله لكون الحمل لا يكون إلا كذلك ، ففي محكي التذكرة والمنتهى والتحرير أن حده أن يكمل له أربعة أشهر قال : فإن أهل اللغة بعد أربعة أشهر يسمون ولد الضأن حملا ، وكذا عن السرائر ، وعن ابن قتيبة في أدب الكاتب « فإذا بلغ أربعة أشهر وفصل عن أمه فهو حمل وخروف ، والأنثى خروفة ورخل » وبمعناه ما عن الثعالبي في فقه اللغة « فإذا فصل عن أمه فهو حمل وخروف » وعن الميداني في السامي موافقة ابن قتيبة على الاختصاص بالذكر ، بل قيل كأنه بمعناه ما في العين والمحيط وتهذيب اللغة من أنه الخروف ، وأن الخروف هو الحمل الذكر ، فما عن المطرزي ـ من أن الحمل ولد الضائنة في السنة الأولى ، وعن‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ٩ من أبواب كفارات الصيد الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ٩ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٩.

(٣) الوسائل ـ الباب ٩ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٣.

(٤) الوسائل ـ الباب ٩ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٦.

٢٣٣

الدميري الحمل الخروف إذا بلغ ستة أشهر ، وقيل هو ولد الضأن الجذع فما دونه ـ موهوم بالنسبة إلى ما عرفت ، وعن الراغب أن الحمل سمي به لكونه محمولا لعجزه أو لقربه من حمل أمه به ، والله العالم.

وللمحل أي عليه في الحرم نصف درهم وفاقا للمشهور أيضا ، للنصوص التي منها‌ صحيح ابن الحجاج (١) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن فرخين مسرولين ذبحتهما وأنا بمكة محل فقال لي : لم ذبحتهما؟ قلت : جائتني بهما جارية من أهل مكة فسألتني أن أذبحهما فظننت أني بالكوفة ولم أذكر الحرم فقال : عليك قيمتهما ، قلت كم قيمتهما قال : درهم ، وهو خير منهما » المنزل عليه‌ صحيحه (٢) الآخر عنه عليه‌السلام أيضا « في قيمة الحمامة درهم ، وفي الفرخ نصف درهم ، وفي البيض ربع درهم » وصحيح حفص (٣) عنه عليه‌السلام « في الحمامة درهم ، وفي الفرخ نصف درهم ، وفي البيض ربع درهم » والله العالم.

ولو كان محرما وقتل شيئا من ذلك في الحرم اجتمع عليه الأمران وفاقا للمشهور ، بل عن شرح الجمل للقاضي الإجماع عليه ، لقاعدة تعدد المسبب بتعدد السبب ، فإنه قد هتك حرمة الحرم والإحرام ، فيجتمع عليه في قتل الحمامة في الحرم شاة ودرهم أو قيمتها ، وفي الفرخ حمل ونصف درهم ، بل يجب عليه مع ذلك القيمة للمالك لو كان مملوكا ولم يأذن المالك في أحد القولين كما ستعرف إنشاء الله ، مضافا إلى ما سمعته من‌ قول الصادق عليه‌السلام في حسن الحلبي أو صحيحه (٤) « إن قتل المحرم حمامة في الحرم فعليه شاة وثمن الحمامة درهم أو شبهه يتصدق به أو يطعمه حمام الحرم » كقوله عليه‌السلام في خبر‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ١٠ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٧.

(٢) الوسائل ـ الباب ١٠ من أبواب كفارات الصيد الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ١٠ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٥.

(٤) الوسائل ـ الباب ١١ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٣.

٢٣٤

محمد بن الفضل (١) : « وإن قتلها وهو محرم في الحرم فعليه شاة وقيمة الحمامة » وقول أبي جعفر عليه‌السلام في صحيح زرارة (٢) : « إذا أصاب المحرم في الحرم حمامة إلى أن يبلغ الظبي فعليه دم يهريقه ويتصدق بمثل ثمنه أيضا ، وإن أصاب منه وهو حلال فعليه أن يتصدق بمثل ثمنه » وخبر أبي بصير (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل قتل طيرا من طيور الحرم وهو محرم في الحرم فقال : عليه شاة وقيمة الحمامة درهم يعلف به حمام الحرم ، وإن كان فرخا فعليه حمل وقيمة الفرخ نصف درهم يعلف به حمام الحرم » وموثقه الآخر (٤) عنه عليه‌السلام أيضا « سأله عن محرم قتل حمامة من حمام الحرم خارجا من الحرم قال : عليه شاة ، قلت : فان قتلها في جوف الحرم قال : عليه شاة وقيمة الحمامة ، قلت : فان قتلها في الحرم وهو حلال قال : عليه ثمنها ليس عليه غيره ، قلت : فمن قتل فرخا من فراخ الحمام وهو محرم قال : فعليه حمل » إلى غير ذلك من النصوص.

فما عن ظاهر العماني من وجوب الشاة خاصة واضح الضعف ، بل لم أجد له دليلا إلا الإطلاق المقيد بما سمعت ، كالمحكي عن المرتضى في أحد قوليه من وجوب الفداء والقيمة مضاعفة ، نعم قوله الآخر بوجوب تضاعف الفداء وهو المحكي عن الإسكافي قد يستدل له بقول الصادق عليه‌السلام في الحسن أو الصحيح (٥) « إن أصبت الصيد وأنت حرام في الحرم فالفداء مضاعف عليك ، وإن أصبته وأنت حلال في الحرم فقيمة واحدة ، وإن أصبته وأنت حرام في الحل فإنما عليك‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ١١ من أبواب كفارات الصيد الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ١١ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٤.

(٣) الوسائل ـ الباب ١١ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٥.

(٤) ذكر صدره في الوسائل في الباب ١١ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٢ وبعده في الباب ١٠ منها الحديث ٩ وذيله في الباب ٩ منها الحديث ٩.

(٥) الوسائل ـ الباب ٤٤ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٥.

٢٣٥

فداء واحد » وقوله عليه‌السلام في الموثق (١) « وإن أصبته وأنت محرم في الحرم فعليك الفداء مضاعفا ».

ولكن يمكن تنزيلهما على ما عرفت بإرادته من المضاعفة ولو مجازا أو على غير المقام ، فإن المحكي عن الشيخ في النهاية والمبسوط والتهذيب وجوب تضاعف الفدية فيه للمحرم في الحرم ما لم يبلغ بدنة ، فلا يجب عليه غيرها ، لخبر الحسن بن علي بن فضال (٢) « عن رجل سماء عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الصيد يضاعفه ما بينه وبين البدنة ، فإذا بلغ البدنة فليس عليه التضعيف » ومرسله الآخر (٣) عنه عليه‌السلام أيضا « إنما يكون الجزاء مضاعفا مما دون البدنة حتى يبلغ البدنة ، فإذا بلغ البدنة فلا تضاعف ، لأنه أعظم ما يكون ، قال الله عز وجل (٤) ( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) » خلافا للمحكي عن ابن إدريس فأوجبه مطلقا ، بل قال : إن باقي أصحابنا أطلق التضعيف ، ولعله لإطلاق الخبرين ، وتقييدهما بما سمعت من الخبرين الأخيرين لو صلحا للتقييد الموافق للأصل جيد ، لكنهما مرسلان ، فلا ريب في أن الأحوط ما ذكره ابن إدريس ، والله العالم.

ويجب في بيضها إذا تحرك الفرخ حمل لاندراجه في نصوص الفرخ الشامل للخارج عنها والحاصل منها ولو لشهادة‌ صحيح علي بن جعفر (٥) سأل أخاه عليه‌السلام « عن رجل كسر بيض الحمام وفي البيض فراخ قد تحركت قال : عليه أن يتصدق عن كل فرخ قد تحرك بشاة ، ويتصدق بلحومها إن‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ٣١ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٥.

(٢) الوسائل ـ الباب ٤٦ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ٤٦ من أبواب كفارات الصيد الحديث ١.

(٤) سورة الحج الآية ٣٣.

(٥) الوسائل ـ الباب ٢٦ من أبواب كفارات الصيد الحديث ١.

٢٣٦

كان محرما ، وإن كان للفراخ لم تتحرك تصدق بقيمته ورقا يشتري به علفا يطرحه لحمام الحرم » بإرادة الحمل من الشاة فيه ، وخبر يونس بن يعقوب (١) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أغلق بابه على حمام من حمام الحرم وفراخ وبيض قال : إن كان أغلق عليها بعد ما أحرم فإن عليه لكل طائر شاة ، ولكل فرخ حملا ، وإن لم يتحرك فدرهم ، وللبيض نصف درهم » بل‌ وصحيح الحلبي (٢) عنه عليه‌السلام أيضا ، قال : « حرك الغلام مكتلا فكسر بيضتين في الحرم ، فسألت أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : جديين أو حملين » بناء على إرادة تحرك الفرخ فيهما ، إنما الإشكال في أن ظاهر المصنف وغيره عدم الفرق في ذلك بين المحرم والمحل ، خصوصا بملاحظة تفصيله بينهما في غير ذي الفرخ ، وكذا عن المنتهى والتذكرة وفي القواعد ومال إليه سيد المدارك ، قال : « وعبارة المصنف كالصريحة في التعميم حيث أطلق وجوب الشاة بعد تحرك الفرخ وفصل الحكم قبله وصرح الشهيدان بأن حكم البيض بعد تحرك الفرخ حكم الفرخ ، ومقتضاه اختصاص هذا الحكم بالمحرم في الحل ويجب على المحل في الحرم نصف درهم ويجتمع الأمران على المحرم في الحرم وهو غير واضح ، لاختصاص الرواية الثانية أي صحيح الحلبي بحمام الحرم وظهور الرواية الأول أي صحيح علي ابن جعفر في التعميم » وفيه أن ذلك يقتضي زيادة فداء المحل البيض ذي الفرخ المتحرك في الحرم على فداء الفرخ نفسه فيه الذي قد عرفت وجوب نصف درهم له ، وهو مستبعد نحو ما سمعته في بيض القطا ، على أنه يمكن جعل الشرط في الخبر الأول للحكم بالحمل ، فيكون مفهومه عدم كون حكمه كذلك ، وليس إلا بقاؤه حينئذ على حكمه في الفرخ ، وكذا الكلام في خبر يونس ، مضافا إلى صدق قتل الفرخ الذي قد عرفت ما دل على التفصيل بين المحرم في الحل والمحرم في الحرم فيه بالنسبة إلى وجوب الحمل والدرهم ،

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ١٦ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ٢٦ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٢.

٢٣٧

فالمتجه حينئذ الجمع بين النصوص بحمل المطلق فيها على المقيد ، ومنه يعلم أن الأقوى حينئذ ما سمعته من الشهيدين.

هذا كله مع التحرك وأما قبل التحرك سواء كان قد تصور أولا فـ ( على المحرم ) في الحل درهم لما سمعته من قول الصادق عليه‌السلام في حسن حريز (١) المتقدم في أصل المسألة المحمول عليه هنا ما سمعته في صحيح علي بن جعفر المتمم بعدم القول بالفصل المحمول ما في آخره من نصف الدرهم على كسر المحل له إذا كان فيه فرخ قد تحرك وإن كان بعيدا جمعا بين النصوص التي منها ما سمعته في صحيح حفص (٢) وابن الحجاج (٣) المراد منهما المحل في الحرم ولو بقرينة غيرهما أيضا ، فيستفاد منهما ما ذكره المصنف وغيره من أن على المحل في الحرم في كسر البيض ولم يكن فيه فرخ قد تحرك ربع درهم كما أنه مما قدمنا يعلم الوجه في قوله ولو كان محرما في الحرم لزمه درهم وربع ضرورة كونه كقتل المحرم الحمامة أو الفرخ في الحرم الموجبين للشاة ودرهم ، وللحمل ونصف درهم بالنصوص وقاعدة تعدد المسبب بتعدد السبب ، فما عن سلار ـ من إطلاق ربع درهم في البيضة ، والمفيد والمرتضى في بيض الحمامة وشبهها وأبي الصلاح وابن زهرة في بيضة من حمام الحرم درهم ، ومن غيره نصف درهم ـ لا يخفى عليك ما فيه إن لم ينزل على ما ذكرناه والله العالم.

ويستوي الأهلي والوحشي من حمام الحرم في القيمة التي هي الفداء بسبب الجناية إذا قتل في الحرم كما يستويان في الحل أيضا في الفداء لكن يشتري بقيمة الحرمي علفا لحمامه كما في القواعد وغيرها‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ٩ من أبواب كفارات الصيد الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ١٠ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٥.

(٣) الوسائل ـ الباب ١٠ من أبواب كفارات الصيد الحديث ١.

٢٣٨

بل لا خلاف فيه كما عن المنتهى والتذكرة الاعتراف به إلا من داود ، فلا جزاء لصيد الحرم ، ويمكن القطع بفساده بملاحظة النصوص السابقة والفتاوى والإجماعات ، نعم في بعضها التخيير بين الصدقة به وبين علفه لحمام الحرم ، كصحيح الحلبي (١) وخبر محمد بن الفضيل (٢) وغيرهما ، وعليه يحمل الأمر بالعلف في غيرها حتى‌ خبر حماد (٣) المشتمل على التفصيل ، قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام رجل أصاب طيرين واحدا من حمام الحرم والآخر من غير حمام الحرم قال : يشتري بقيمة الذي من حمام الحرم قمحا فيطعمه حمام الحرم ويتصدق بجزاء الآخر » لقصوره في إفادة الوجوب التعيني سندا وعددا عن مقاومة غيره ، كقصوره عن ثبوت وجوب كونه قمحا أي حنطة على وجه يقيد إطلاق غيره ، فلا بأس بحمل ذلك فيه على الندب ، كحمل الأمر فيه على أفضل فردي الواجب التخييري ، أما غير الحرمي فالنص والفتوى متوافقان على الصدقة بثمنه ، وفي كشف اللثام ـ بعد أن ذكر أخبار حماد وأبي بصير وصفوان وعلي بن جعفر دليلا للعلف لحمامه ـ قال : « وما خلا خبر حماد مطلقة ، وهو المفصل المخصص ذلك بالحرمي والعلف والقمح ، وفي‌ حسن الحلبي (٤) عن الصادق عليه‌السلام « ان الدرهم وشبهه يتصدق به أو يطعمه حمام مكة » فيحتمل التفصيل بالحرمي وغيره ، والتخيير مطلقا » قلت : لا يخفى عليك التحقيق في ذلك بعد الإحاطة بما ذكرناه.

بقي الكلام فيما ذكره المصنف وغيره من التعبير بالأهلي المشعر بكونه مملوكا ، وقد صرح الكركي بعدم تصور ملك الصيد في الحرم إلا في القماري‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ١١ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ١١ من أبواب كفارات الصيد الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ٢٢ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٦.

(٤) الوسائل ـ الباب ١١ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٣.

٢٣٩

والدباسي لجواز شرائهما وإخراجهما وتبعه في المسالك ، وفي المدارك وغيرها « هو مبني على ما هو المشهور من عدم دخول الصيد وإن كان أهليا في الملك إذا كان في الحرم كما تقدم سابقا ، وأما على ما ذهب إليه المصنف في النافع من دخوله في الملك وإن وجب عليه إرساله فلا » قلت : يمكن القول بعدم اعتبار الملك في الأهلي منه ، ضرورة صدقه على اليمام الذي يسكن الدور وإن لم يتولد في الحرم ، والحكم المزبور لا يعتبر فيه الملكية ، كما أنه يمكن تملكه بتملك بيض خارج من الحرم ، فيضعه تحت حمام الحرم ويكون فرخا وبغير ذلك ، ومن هنا قال في كشف اللثام مازجا به عبارة القواعد : « يستوي الأهلي أي اليمام أو المملوك من حمام الحرم تولد منه أو أتاه من الحل ، وهو لا ينافي الملك وإن لم يكن قمريا أو دبسيا كما يأتي ، ولا بأس إن ناقاه هنا أيضا » ومرجعه إلى ما ذكرنا.

وكيف كان ففي المسالك « أن المراد بالقيمة هاهنا ما يعم الدرهم والفداء ليدخل حكم بيضه وفرخه وغيرهما » وفيه منع واضح ، ثم قال : « وإنما يستويان في ذلك مع اذن المالك في إتلاف الأهلي أو كان المتلف هو المالك ، أما لو كان غيرهما افترق الحكم على الأقوى ، إذ يجتمع على المتلف في الأهلي القيمة للمالك والفداء كما سيجي‌ء ـ إلى أن قال ـ : وأما الأهلي فقد أطلقوا وجوب الصدقة بقيمته على المساكين ، وينبغي أن يكون ذلك في موضع لا يضمنه للمالك ، وإلا كان فداؤه للمساكين وقيمته للمالك ، فينبغي تأمل ذلك ، فان النص والفتوى متطابقان » قلت لا ريب في أن ما ذكره أحوط ، وإن كان الأصل وظاهر النص والفتوى خلافه ، اللهم إلا أن يدعي انسياقهما إلى غير المملوك وإن عبروا عنه بالأهلي ونحوه المراد منه كما عرفت الذي يألف البيوت‌

٢٤٠