جواهر الكلام - ج ١٩

الشيخ محمّد حسن النّجفي

له ، وان محمدا عبده ورسوله ، آمنت بالله وكفرت بالجبت والطاغوت وباللات والعزى وعبادة الشيطان وعبادة كل ند يدعى من دون الله ، فان لم تستطع ان تقول هذا فبعضه ، وقل : اللهم إليك بسطت يدي ، وفيما عندك عظمت رغبتي فاقبل سبحتي واغفر لي وارحمني ، اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر ومواقف الخزي في الدنيا والآخرة » وزاد الحلبيان في المحكي عنهما بعد شهادة الرسالة وان الأئمة عليهم‌السلام من ذريته وتسميهم حججه في أرضه وشهداءه على عباده ، وفي الكافي وفي‌ رواية أبي بصير (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « إذا دخلت المسجد الحرام فامش حتى تدنو من الحجر الأسود فتستقبله ، وتقول : الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر من خلقه ، وأكبر مما أخشى وأحذر لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيى ويميت ويميت ويحيى ، بيده الخير وهو على كل شي‌ء قدير ، وتصلي على النبي وآله ، وتسلم على المرسلين كما قلت حين دخلت المسجد ، ثم تقول : اللهم إني أومن بوعدك وأوفي بعهدك » ثم ذكر كما ذكر معاوية ، وفي‌ مرسل حريز (٢) عن أبي جعفر عليه‌السلام « إذا دخلت المسجد الحرام وحاذيت الحجر الأسود فقل : اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد ان محمدا عبده ورسوله ، آمنت بالله وكفرت بالجبت والطاغوت وباللات والعزى ، وبعبادة الشيطان وبعبادة كل‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٣ ، وفيه‌ « تدنو من الحجر الأسود فتستلمها‌. إلخ » إلا ان الموجود في الكافي ج ٤ ص ٤٠٣ بعين ما ذكره في الجواهر.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٤.

٣٤١

ند يدعى من دون الله ، ثم ادن من الحجر واستلمه بيمينك ، ثم تقول : الله أكبر ، اللهم أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي عندك بالموافاة » وفيما روته‌ العامة (١) عن عمر بن الخطاب « أنه قبل الحجر ثم قال : والله لقد علمت أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولو لا اني رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقبلك ما قبلتك وقرأ لقد كان لكم في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أسوة حسنة فقال له علي عليه‌السلام بلى إنه يضر وينفع ، ان الله لما أخذ المواثيق على ولد آدم كتب ذلك في ورق وألقمه الحجر ، وقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يؤتى بالحجر الأسود يوم القيامة وله لسان يشهد لمن قبله بالتوحيد ، فقال : لا خير في عيش قوم لست فيهم يا أبا الحسن ، أو لا أحياني الله لمعضلة لا يكون فيها ابن أبي طالب حيا ، وأعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن ».

وكيف كان فالخبر المزبور كغيره دال على استحباب استلامه قبل الطواف بل‌ قوله عليه‌السلام في خبر الشحام (٢) « كنت أطوف مع أبي وكان إذا انتهى الى الحجر مسحه بيده وقبله » دال على ذلك في أثناء الطواف ، كظاهر‌ حسن ابن الحجاج (٣) « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستلمه في كل طواف فريضة ونافلة » مضافا الى الاخبار المطلقة على كثرتها.

بل الظاهر رجحانه في كل شوط كما عن الاقتصاد والجمل والعقود والوسيلة والمهذب والغنية والجامع والمنتهى والتذكرة ، بل والفقيه والهداية ، بل قيل انهما يحتملان الوجوب ، ولعله لثبوت أصل الرجحان بلا مخصص.

__________________

(١) راجع كتاب الغدير للاميني ج ٦ ص ١٠٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٢.

٣٤٢

نعم ان لم يقدر افتتح به واختتم به كما عن الصدوق النص عليه في الكتابين ولعله يوافقه ما سمعته سابقا من‌ قول الصادق عليه‌السلام في خبر معاوية (١) « كنا نقول لا بد أن يستفتح بالحجر ويختم به ، فأما اليوم فقد كثر الناس » وفي‌ خبر سعيد بن مسلم (٢) المروي عن قرب الاسناد « رأيت أبا الحسن موسى عليه‌السلام استلم الحجر ثم طاف حتى إذا كان أسبوع التزم وسط البيت وترك الملتزم الذي يلزمه أصحابنا ، وبسط يده على الكعبة ثم يمكث ما شاء الله ثم مضى الى الحجر فاستلمه وصلى ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه‌السلام ثم استلم الحجر فطاف حتى إذا كان في آخر السبوع استلم وسط البيت ثم استلم الحجر وصلى ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه‌السلام ، ثم عاد الى الحجر فاستلم ما بين الحجر الى الباب ثم مكث ما شاء الله ثم خرج من باب الحناطين حتى اتى ذات طوى فكان وجهه إلى المدينة ».

وعلى كل حال فلا ريب في استحباب الاستلام والتقبيل خلافا لسلار قيل وهو الذي أشار إليه المصنف بقوله : « على الأصح » فأوجبه في المراسم ، ولكن الموجود في المراسم وجوب لثم الحجر ، للأمر المحمول على الندب كما يومي اليه ما في بعض النصوص السابقة ، بل هو الظاهر منها أجمع أيضا ولو لمعروفية لسان الندب من غيره ، مضافا الى ما في‌ صحيح معاوية (٣) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل حج فلم يستلم الحجر ولم يدخل الكعبة قال : هو من السنة‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ـ ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١٠ مع سقط في الجواهر إلا ان الموجود في الوسائل سعد ان بن مسلم وهو الصحيح كما يأتي في الجواهر أيضا.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١٠.

٣٤٣

فان لم يقدر فالله اولى بالعذر » بناء على ارادة التقبيل من الاستلام فيه ، وصحيح يعقوب (١) قال له عليه‌السلام أيضا : « اني لا أخلص إلى الحجر الأسود فقال : إذا طفت طواف الفريضة فلا يضرك » وصحيح معاوية (٢) أيضا قال أبو بصير لأبي عبد الله عليه‌السلام : « إن أهل مكة أنكروا عليك انك لم تقبل الحجر وقد قبله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا انتهى الى الحجر يفرجون له وانا لا يفرجون لي » الى غير ذلك مما هو ظاهر في عدم الوجوب ، فما عساه يظهر من بعض الناس ـ من الميل الى ذلك ، لان الأخبار بين آمر به أو بالاستلام الذي هو أعم ، ومقيد لتركه بالعذر ، وآمر للمعذور بالاستلام باليد أو بالإشارة والإيماء ، ولا يعارض ذلك أصل البراءة ـ في غير محله ، ضرورة ظهور ذلك نفسه في عدم الوجوب ، هذا.

وفي القواعد ومحكي المبسوط والخلاف انه يستحب الاستلام بجميع البدن ولعله لأن أصله مشروع للتبرك به والتحبب اليه ، فالتعميم أولى ، لكن المراد ما يناسب التعظيم والتبرك والتحبب من الجميع ، ويمكن ان يراد به الاعتناق والالتزام ، لانه تناول له بجميع البدن وتلبس والتئام به.

وعلى كل حال فان تعذر الاستلام بالجميع فببعضه كما نص عليه الفاضل أيضا ، بل هو المحكي عن المبسوط والخلاف أيضا ، بل في الأخير منهما الإجماع عليه ، خلافا للشافعي فلم يجتز بما تيسر من بدنه ، فان تعذر إلا بيده فبيده ، قيل لما سمعته من‌ قول الصادق عليه‌السلام (٣) « فان لم تستطع ان تقبله فاستلمه بيدك » ‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١٠.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٦.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١١.

٣٤٤

وفي‌ خبر سعيد الأعرج (١) « يجزيك حيث نالت يدك » وفيه انه دال على الاجتزاء باليد مع التعذر مطلقا.

نعم عن الصدوق والمفيد والحلبي ويحيى بن سعيد والفاضل والشهيد استحباب تقبيل اليد حينئذ ، ولا بأس به ، لمناسبته للتعظيم والتبرك والتحبب ، بل‌ روي (٢) « ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يستلم الحجر بمحجن ، ويقبل المحجن ».

ولو كان أقطع استلم بموضع القطع ، لقول الصادق عليه‌السلام في خبر السكوني (٣) « ان عليا عليه‌السلام سئل كيف يستلم الأقطع ، قال : يستلم الحجر من حيث القطع ، فان كانت مقطوعة من المرفق استلم الحجر بشماله ».

وفاقد اليد أو التمكن من الاستلام بها وبغيرها يشير بها اليه ، بلا خلاف أجده في الأخير ، بل نسبه بعضهم الى نص الأصحاب ، ولعله لخبر محمد بن عبد الله (٤) عن الرضا عليه‌السلام « انه سئل عن الحجر ومقاتلة الناس عليه فقال : إذا كان كذلك فأوم إليه إيماء بيدك » بل عن الفقيه والمقنع والجامع ويقبل اليد ، وأما فاقد اليد فليشر بالوجه أو بغيره كما هو مقتضى إطلاق المصنف وغيره ، بل نسب إلى الأكثر ، قال الصادق عليه‌السلام (٥) : « فان لم تستطع أن تستلمه بيدك فأشر اليه » وقال أيضا في‌ صحيح سيف التمار (٦) : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام أتيت الحجر الأسود فوجدت عليه زحاما فلم ألق إلا رجلا من أصحابنا فسألته فقال :

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٨١ ـ من أبواب الطواف.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٥.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٤.

٣٤٥

لا بد من استلامه ، فقال إن وجدته خاليا وإلا فسلم من بعيد ».

وكيف كان فاستلام الحجر كما عن العين وغيره تناوله باليد أو القبلة ، قال الجوهري : ولا يهمز لأنه مأخوذ من السلام وهو الحجر ، كما تقول استنوق الجمل ، وبعضهم يهمزه ، وعن الزمخشري ونظيره استهم القوم إذا أجالوا السهام واهتجم الحالب إذا حلب في الهجم وهو القدح الضخم ، قيل : وأقرب من ذلك اكتحلت وادهنت إذا تناول من الكحل والدهن وأصاب منهما ، ولكن فيه انه لا يوافق ما في النص والفتوى من التعبير باستلام الحجر ونحوه مما يقتضي عدم إرادة السلام منه بمعنى الحجر ، وربما يعطي كلام بعض أن التمسح بالوجه والصدر والبطن وغيرها استلام ، وعن الخلاص « أنه التقبيل » وعن ابن سيدة « استلم الحجر واستلأمه قبله أو اعتنقه ، وليس أصله الهمزة » وعن ابن السكيت « همزته العرب على غير قياس ، لأنه من السلام وهي الحجارة » وعن تغلب « انه بالهمز من الأمة أي الدرع بمعنى اتخاذه جنة وسلاحا » وعن ابن الأعرابي « أن الأصل الهمزة ، وانه من الملائمة وهي الاجتماع » وعن الأزهري « أنه افتعال من السلام ، وهو التحية ، واستلامه لمسه باليد تحريا لقبول السلام منه تبركا به ـ قال ـ وهذا كما قرأت منه السلام ـ قال ـ : وقد أملى على أعرابي كتابا الى بعض أهاليه فقال في آخره اقترى مني السلام ـ قال ـ : ومما يدلك على صحة هذا القول أن أهل اليمن يسمون الركن الأسود المحيي معناه أن الناس يحيونه بالسلام » وعن بعض أنه مأخوذ من السلام بمعنى أنه يحيي نفسه عن الحجر ، إذ ليس الحجر ممن يحييه كما يقال اختدم إذا لم يكن له خادم وإنما خدم نفسه » ومقتضى‌ صحيح معاوية ابن عمار (١) المتقدم ان الاستلام يتحقق بالمس باليد ، لقوله عليه‌السلام : « فان لم تستطع‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١.

٣٤٦

أن تقبله فاستلمه بيدك » وسأل يعقوب بن شعيب (١) الصادق عليه‌السلام في الصحيح عن استلام الركن فقال : « استلامه ان تلصق بطنك به ، والمسح أن تمسح بيدك » وهو يحتمل الهمز من الالتئام المنبئ عن الاعتناق أو التلبس به كالتلبس بالأمة ثم الركن غير الحجر وإن كان يطلق عليه توسعا ، ويحتمل ركنه وغيره ، وإن كان الظاهر اتحاد المراد من استلام الحجر والركن ، فيكون اعتناقه حينئذ مقبلا له الاستلام الكامل أو الفرد الحقيقي منه ، ودونه المسح باليد ، ودونهما الإشارة.

ومنها ان يكون في طوافه داعيا ذاكرا لله سبحانه وتعالى بالمأثور في محاله وغيره ، قال الصادق عليه‌السلام (٢) في صحيح معاوية : « طف بالبيت سبعة أشواط ، وتقول في الطواف اللهم إني أسألك باسمك الذي يمشى به على ظلل الماء كما يمشي به على حدد الأرض ، وأسألك باسمك الذي يهتز له عرشك ، وأسألك باسمك الذي تهتز له أقدام ملائكتك ، وأسألك باسمك الذي دعاك به موسى من جانب الطور فاستحببت له وألقيت عليه محبة منك ، وأسألك باسمك الذي غفرت به لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وأتممت عليه نعمتك أن تفعل بي كذا وكذا ما أحببت من الدعاء ، وكلما انتهيت الى باب الكعبة فصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتقول فيما بين الركن اليماني والحجر الأسود : ( رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النّارِ ) ، وقل في الطواف : اللهم إني إليك فقير ، وإني خائف مستجير ، فلا تغير جسمي ، ولا تبدل اسمي » وقال موسى بن جعفر عليه‌السلام في خبر أخي أيوب أديم (٣) : « كان أبي إذا استقبل الميزاب قال : اللهم أعتق رقبتي من‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٣.

٣٤٧

النار ، وأوسع علي من رزقك الحلال ، وادرأ عني شر فسقة الجن والانس ، وأدخلني الجنة برحمتك » وفي‌ خبر أبي مريم (١) « كنت مع أبي جعفر عليه‌السلام أطوف وكان لا يمر في طواف من طوافه بالركن اليماني إلا استلمه ، ثم يقول : اللهم تب علي حتى لا اعصيك ، واعصمني حتى لا أعود » وقال الصادق عليه‌السلام في خبر عمرو بن عاصم (٢) : « كان علي بن الحسين عليه‌السلام إذا بلغ الحجر قبل أن يبلغ الميزاب رفع رأسه ثم يقول : اللهم أدخلني الجنة برحمتك وهو ينظر الى الميزاب ، وأجرني برحمتك من النار ، وعافني من السقم ، وأوسع علي من الرزق الحلال ، وادرأ عني شر فسقة الجن والانس وشر فسقة العرب والعجم » وفي‌ خبر عمر بن أذينة (٣) « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول لما انتهى الى ظهر الكعبة حين يجوز الحجر : يا ذا المن والطول والجود والكرم إن عملي ضعيف فضاعفه لي ، وتقبله مني ، إنك أنت السميع العليم » وفي‌ خبر سعد بن سعد (٤) « كنت مع الرضا عليه‌السلام في الطواف فلما صرنا بحذاء الركن اليماني قام عليه‌السلام فرفع يده الى السماء ثم قال : يا الله يا ولي العافية وخالق العافية ورازق العافية والمنعم بالعافية والمنان بالعافية والمتفضل بالعافية علي وعلى جميع خلقك يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما صل على محمد وآل محمد ، وارزقنا العافية ودوام العافية وتمام العافية وشكر العافية في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين » وقال عبد السلام (٥) للصادق عليه‌السلام : « دخلت الطواف فلم يفتح لي شي‌ء من الدعاء إلا الصلاة على محمد وآل محمد ، وسعيت فكان ذلك ، فقال عليه‌السلام ما أعطي أحد ممن سأل أفضل مما أعطيت ».

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الطواف الحديث ٤.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الطواف الحديث ٥.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الطواف الحديث ٦.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الطواف الحديث ٧.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١.

٣٤٨

لكن الجميع كما ترى لا دلالة في شي‌ء منها على مضمون ما ذكره المصنف من استحباب كونه في تمام الطواف واجبة ومندوبه ذاكرا لله سبحانه ، وإن كان يشهد له الاعتبار والعمومات وكون الطواف كالصلاة ، نعم‌ قال الجواد عليه‌السلام في خبر محمد بن الفضيل (١) : « طواف الفريضة لا ينبغي أن يتكلم فيه إلا بالدعاء وذكر الله تعالى وتلاوة القرآن ، والنافلة يلقى الرجل أخاه فيسلم عليه ويحدثه بالشي‌ء من أمر الدنيا والآخرة لا بأس به » وقال أيوب أخو أديم (٢) للصادق عليه‌السلام : « القراءة وأنا أطوف أفضل أو أذكر الله تبارك وتعالى قال : القراءة » وفيه رد على مالك المحكي عنه القول بكراهة القراءة ، وفي‌ مرسل حماد بن عيسى (٣) عن العبد الصالح عليه‌السلام قال : « دخلت عليه يوما وأنا أريد أن أسأله عن مسائل كثيرة فلما رأيته عظم علي كلامه ، فقلت له ناولني يدك أو رجلك أقبلها فناولني يده فقبلتها فذكرت قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدمعت عيناي فلما رآني مطأطأ رأسي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما من طائف يطوف بهذا البيت حين تزول الشمس حاسرا عن رأسه حافيا يقارب بين خطاه ويغض بصره ويستلم الحجر في كل طواف من غير أن يؤذي أحدا ولا يقطع ذكر الله عن لسانه إلا كتب الله له بكل خطوة سبعين ألف حسنة ، ومحي عنه سبعين ألف سيئة ، ورفع له سبعين ألف درجة ، وأعتق عنه سبعين ألف رقبة ، ثمن كل رقبة عشرة آلاف درهم ، وشفع في سبعين من أهل بيته ، وقضيت له سبعون ألف حاجة إن شاء فعاجله ، وإن شاء فآجله » وعلى كل حال فالأمر سهل ، لأن‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١.

٣٤٩

ذكر الله تعالى حسن على كل حال ، خصوصا هذا الحال ، والله العالم.

ومنها ان يكون على سكينة ووقار مقتصدا في مشيه تمام الطواف لا مسرعا ولا مبطأ كما عن الشيخ في النهاية وابني الجنيد وأبي عقيل والحلبي وابن إدريس وغيرهم ، بل في المدارك نسبته الى أكثر الأصحاب ، وفي غيرها الى المشهور ، لمناسبته الخضوع والخشوع ، وخبر عبد الرحمن بن سيابة (١) سأل أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الطواف فقال له : أسرع وأكثر أو أمشي وابطى‌ء ، قال : امش بين المشيين » وفي المحكي عن‌ نوادر ابن عيسى (٢) عن أبيه عن جده عن أبيه « رأيت علي بن الحسين عليهما‌السلام يمشي ولا يرمل » ولا ينافيه‌ خبر سعيد الأعرج (٣) سأل أبا عبد الله عليهما‌السلام « عن المسرع والمبطئ فقال : كل حسن ما لم يؤذ أحدا » بعد كون الأول أحسن.

ولكن قيل والقائل ابن حمزة فيما حكي عنه يرمل ثلاثا ويمشي أربعا وخاصة في طواف الزيارة ، وعن الشيخ في المبسوط ذلك أيضا في طواف القدوم خاصة ، قال فيما حكي عنه : اقتداء بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنه كذلك فعل ، رواه جعفر بن محمد عن جابر (٤) وعن التحرير والإرشاد اختياره ، ولعله لخبر ثعلبة عن زرارة أو محمد الطيار (٥) « سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الطواف أيرمل فيه الرجل؟ فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما ان قدم مكة وكان بينه وبين المشركين الكتاب الذي قد علمتم أمر الناس ان يتجلدوا‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٤.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٦.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١ وفيه « كل واسع ما لم يؤذ أحدا ».

(٤) سنن البيهقي ج ٥ ص ٧ ـ ٨٢.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٢.

٣٥٠

وقال : أخرجوا أعضادكم واخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم رمل بالبيت ليريهم انه لم يصبهم جهد ، فمن أجل ذلك يرمل الناس ، وإني لأمشي مشيا ، وقد كان علي بن الحسين عليه‌السلام يمشي مشيا » وخبر يعقوب الأحمر (١) قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « لما كان غزاة الحديبية وادع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهل مكة ثلاث سنين ، ثم دخل فقضى نسكه ، فمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنفر من أصحابه جلوس في فناء الكعبة فقال : هو ذا قومكم على رؤوس الجبال لا يرونكم فيروا فيكم ضعفا ، قال : فقاموا فشدوا أزرهم ، وشدوا أيديهم على أوساطهم ثم رملوا » إلا انهما معا كما ترى لا دلالة فيهما على ذلك ، بل في المحكي عن‌ نوادر ابن عيسى (٢) عن أبيه « انه سئل ابن عباس فقيل له : إن قوما يروون ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر بالرمل حول الكعبة فقال : كذبوا وصدقوا ، فقلت وكيف ذاك؟ فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل مكة في عمرة القضاء وأهلها مشركون ، وبلغهم ان أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مجهودون ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رحم الله امرء أراهم من نفسه جلدا ، فأمرهم فحسروا عن أعضادهم ورملوا بالبيت ثلاثة أشواط ، ورسول الله على ناقته وعبد الله بن رواحة آخذ زمامها والمشركون بحيال الميزاب ينظرون إليهم ، ثم حج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد ذلك فلم يرمل ولم يأمرهم بذلك ، فصدقوا في ذلك وكذبوا في هذا ».

كل ذلك مضافا الى ما عن المنتهى من نسبته الى اتفاق العامة الذين جعل الله الرشد في خلافهم ، خصوصا هنا ، لأنهم استندوا في ذلك الى‌ ما رووه (٣) من ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما قدم مكة قال المشركون : إنه يقدم عليكم قوم نهكتهم‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ـ ٥.

(٣) سنن البيهقي ج ٥ ص ٧ ـ ٨٢.

٣٥١

الحمى ولقوا منها شرا فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان يرملوا الأشواط الثلاثة ، وان يمشوا بين الركنين فلما رأوهم قالوا ما نريهم إلا كالغزلان » ولا دلالة فيه على الاستحباب مطلقا.

وعلى كل حال فلا إشكال ولا خلاف في عدم وجوب شي‌ء من الطريقين ، للأصل وما سمعته من خبر سعيد الأعرج (١).

والمراد بالرمل الهرولة على ما في القاموس ، واليه يرجع ما عن المفصل من انه ضرب منه ، وعن الأزهري « يقال رمل الرجل يرمل رملانا إذا أسرع في مشيه وهو في ذلك ينزو ، وعن النووي « الرمل بفتح الراء والميم إسراع المشي مع تقارب الخطأ ولا يثب وثوبا » وفي الدروس « انه الإسراع في المشي مع تقارب الخطأ دون الوثوب والعدو يسمى الخبب » والجميع متقارب ، لكن في الصحاح وعن العين وغيرهما « انه بين المشي والعدو » وهو مناف لما سمعت حتى النصوص.

ثم إن الرمل على تقدير استحبابه فهو للرجال خاصة ، أما النساء فلا يستحب اتفاقا كما عن المنتهى ، وفي الدروس ذكر فروعا عشرة على تقدير القول المزبور كفانا مؤنتها عدم القول به.

والظاهر من طواف القدوم في عبارة الشيخ هو الذي يفعل أول ما يقدم مكة واجبا أو ندبا في نسك أولا ، كان عليه سعي أولا ، فلا رمل في طواف النساء والوداع وطواف الحج إن كان قدم مكة قبل الوقوف إلا ان يقدمه عليه ، وإلا فهو قادم الآن ، ولا على المكي وإن احتمله في محكي المنتهى وعن ظاهر التذكرة ، وقال في الدروس : ويمكن ان يراد بطواف القدوم الطواف المستحب‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١.

٣٥٢

للحاج مفردا أو قارنا على المشهور إذا دخل مكة قبل الوقوف كما هو مصطلح العامة ، فلا يتصور في حق المكي ولا في المعتمر متعة أو افرادا ، ولا في الحاج مفردا إذا أخر دخول مكة عن الموقفين ، قال : « ولكن الأقرب الأول ، لأن المعتمر قادم حقيقة إلى مكة ، وكذا الحاج إذا أخر دخولها ، ويدخل طواف القدوم تحته » قلت : هو كذلك ، على أنك قد عرفت عدم المأخذ له ، فلا يهم إجماله ، ولا فرق عندنا بين أركان البيت وما بينها في استحباب الرمل وعدمه ، وعن بعض العامة اختصاص استحبابه بما عدا اليمانيين وما بينهما ، ولا قضاء له في الأربعة الأخيرة ولا في طواف آخر خلافا لبعض العامة أيضا.

وعلى كل حال فظاهر المصنف وصريح غيره استحباب المشي فيه ، بل هو المحكي عن المعظم ، ولعله لأنه أنسب بالخضوع والاستكانة ، وأبعد عن إيذاء الناس ، ولأنه المعهود من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والصحابة والتابعين ، وليس بواجب للأصل ، وثبوت ركوبه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه لغير عذر ، خلافا للمحكي عن ابن زهرة فأوجبه اختيارا حاكيا عليه الإجماع ، وربما استدل له بتشبيه الطواف بالصلاة التي لا يجوز الركوب اختيارا في الواجب منها ، وإن كان هو كما ترى ، وكذا ما حكاه من الإجماع ، نعم عن الخلاف لا خلاف عندنا في كراهة الركوب اختيارا ، مع أنه لا يخلو من نظر بعد فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له ، بل منع إن أراد بالكراهة الحرمة كما احتمله بعض الناس.

ومنها أن يقول في الطواف اللهم إني أسألك باسمك الذي يمشي به على طلل الماء الى آخر الدعاء الذي سمعته في صحيح معاوية (١) ومنها ان يلتزم المستجار المسمى في النصوص بالملتزم والمتعوذ‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١.

٣٥٣

في الشوط السابع ويبسط يديه على حائطه ويلصق به بطنه وخده ويقر بذنوبه ويدعو بالدعاء المأثور وقال الصادق عليه‌السلام في خبر معاوية (١) : « ثم يطوف بالبيت سبعة أشواط ـ الى أن قال ـ : فإذا انتهيت إلى مؤخر الكعبة وهو المستجار دون الركن اليماني بقليل في الشوط السابع فابسط يديك على الأرض وألصق خدك وبطنك بالبيت. ثم قل : اللهم البيت بيتك ، والعبد عبدك ، وهذا مقام العائذ بك من النار ، ثم أقر لربك بما عملت من الذنوب ، فإنه ليس عبد مؤمن يقر لربه بذنوبه في هذا المكان إلا غفر له ان شاء الله ، فإن أبا عبد الله عليه‌السلام قال لغلمانه : أميطوا عني حتى أقر لربي بما عملت ، وتقول : اللهم من قبلك الروح والفرج والعافية ، اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي ، واغفر لي ما اطلعت عليه مني وخفي على خلقك ، وتستجير من النار ، وتتخير لنفسك من الدعاء ثم استقبل الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأسود واختم به ، فان لم تستطع فلا يضرك ، وتقول : اللهم متعني بما رزقتني وبارك لي فيما آتيتني » ولعله اليه يرجع‌ خبره الآخر (٢) عنه عليه‌السلام أيضا « إذا فرغت من طوافك وبلغت مؤخر الكعبة وهو بحذاء المستجار دون الركن اليماني بقليل فابسط يدك على البيت ، وألصق بطنك وخدك بالبيت ، وقل : اللهم » الى آخر الدعاء المزبور بناء على إرادة القرب من الفراغ من قوله « فرغت » وهو الشوط السابع ، وعلى إرادة المستجار نفسه من الحذاء فيه ، وفي‌ خبره الآخر (٣) عنه عليه‌السلام أيضا « كان إذا انتهى الى الملتزم قال لمواليه أميطوا عني حتى أقر لربي بذنوبي فإن هذا مكان لم يقر عبد بذنوبه ثم استغفر إلا غفر الله له » وفي خبر‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٩.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٤.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٥.

٣٥٤

جميل بن صالح (١) عنه عليه‌السلام أيضا قال : « لما طاف آدم بالبيت وانتهى الى الملتزم قال له جبرئيل : يا آدم أقر لربك بذنوبك في هذا المكان ـ الى ان قال ـ : فأوحى الله اليه يا آدم قد غفرت لك ذنبك ، قال : يا رب ولولدي أو لذريتي فأوحى الله عز وجل اليه من جاء من ذريتك الى هذا المكان وأقر بذنوبه وتاب ثم استغفر غفرت له » وقال يونس (٢) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الملتزم لأي شي‌ء يلتزم؟ وأي شي‌ء يذكر فيه؟ فقال : عنده نهر من أنهار الجنة تلقى فيه أعمال العباد عند كل خميس » وفي المروي (٣) عن الخصال عن علي عليه‌السلام « أقروا عند الملتزم بما حفظتم من ذنوبكم ، وما لم تحفظوا فقولوا وما حفظته علينا ونسيناه فاغفره لنا ، فإنه من أقر بذنوبه في ذلك الموضع وعده وذكره واستغفر منه كان حقا على الله عز وجل أن يغفر له » وقال الصادق عليه‌السلام أيضا في خبر عبد الله بن سنان (٤) : « إذا كنت في الطواف السابع فائت المتعوذ وهو إذا قمت في دبر الكعبة حذاء الباب ، فقل : اللهم البيت بيتك ، والعبد عبدك ، وهذا مقام العائذ بك من النار ، اللهم من قبلك الروح والفرج ، ثم استلم الركن اليماني ثم ائت الحجر فاختم به ».

وربما يستفاد من خبري بن مسلم (٥) والصباح (٦) استحباب استلام الكعبة من دبرها بعد الفراغ من الطواف ، قال في الأول : « قلت لأبي جعفر عليه‌السلام من اين استلم الكعبة إذا فرغت من طوافي؟ قال : من دبرها » وقال في الثاني : « سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن استلام الكعبة فقال : من دبرها » بل‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٧.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ـ ٧.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الطواف الحديث ٨ والرابع عن أبي الصباح وهو الصحيح.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الطواف الحديث ـ ١ والرابع عن أبي الصباح وهو الصحيح.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الطواف الحديث ٢ والرابع عن أبي الصباح وهو الصحيح.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الطواف الحديث ـ ٣ والرابع عن أبي الصباح وهو الصحيح.

٣٥٥

قد يستفاد من‌ خبر سعدان بن مسلم (١) المروي عن قرب الاسناد استحباب التزام غير الملتزم. قال : « رأيت أبا الحسن موسى عليه‌السلام استلم الحجر ثم طاف حتى إذا كان أسبوع التزم وسط البيت وترك الملتزم الذي يلتزم أصحابنا وبسط يده على الكعبة » إلى آخر الخبر الذي ذكرناه سابقا في استلام الحجر ، والأمر سهل بعد كون الحكم ندبا ، وقد ظهر لك ان المستجار هو بحذاء الباب مؤخر الكعبة وإن كان قد سمعت ما في أحد أخبار معاوية ، والله العالم.

ولو جاوز المستجار الى الركن عمدا أو نسيانا لم يرجع حذرا من زيادة الطواف ، ول‌ صحيح ابن يقطين (٢) « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عمن نسي أن يلتزم في آخر طوافه حتى جاز الركن اليماني أيصلح أن يلتزم بين الركن اليماني وبين الحجر أو يدع ذلك؟ قال : يترك اللزوم ويمضي ، وعمن قرن عشرة أسباع أو أكثر أو أقل إله أن يلتزم في آخرها التزاما واحدا؟ قال : لا أحب » ولكن في الدروس : ولو تجاوزه رجع مستحبا ما لم يبلغ الركن ، وقيل لا يرجع مطلقا ، وهو رواية علي بن يقطين ، بل في النافع والقواعد إطلاق الأمر بالرجوع لالتزامه ، ولعله لإطلاق بعض (٣) النصوص السابقة ، وعدم زيادة الطواف بعد عدم نيته بما بعد ذلك الى موضع الرجوع طوافا ، وإنما الأعمال بالنيات ، قيل : ولذا لم ينه عنه الأصحاب ، وإنما ذكروا أنه ليس عليه ، وإن كان فيه أن ظاهر المتن والخبر النهي ، نعم هما إذا كان قد تجاوز أو انتهى الى الركن ولا ريب في ان الأحوط تركه ، وأحوط منه عدم الرجوع مطلقا ، لاحتمال المنع من مطلق الزيادة كما جزم به في الرياض مستظهرا به مما في الدروس‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١٠.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ـ ١.

٣٥٦

والروضة هنا من الأمر بحفظ الموضع عند الاستلام ، أو الالتزام بان يثبت رجليه في الموضع ، ولا يتقدم بهما حذرا من الزيادة في الطواف ، كالأمر بحفظ موضع القطع حيث يجوز الخروج من الطواف ، مضافا الى إطلاقهم في غير المقام النهي عن الزيادة الذي يمكن اتكالهم عليه هنا ، والى عدم دليل على الرجوع إلا الإطلاق الغير المعلوم انصرافه الى محل النزاع ، وإن كان ذلك كله محل نظر أو منع وإن زاد في الاطناب به في الرياض ، والله العالم.

ومنها ان يلتزم الأركان كلها كما صرح به الفاضل وغيره لصحيح جميل (١) « رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام يستلم الأركان كلها » وخبر إبراهيم بن أبي محمود (٢) « قلت للرضا عليه‌السلام استلم اليماني والشامي والعراقي والغربي قال : نعم » إلا لهما كما ترى في الاستلام الذي هو معقد المحكي من إجماع الخلاف على استحبابه فيها اجمع نحو ما عن المنتهى من النسبة إلى علمائنا ، فيمكن ان يكون هو المراد من الالتزام ، أو نظرا الى ما سمعته سابقا من‌ صحيح يعقوب بن شعيب (٣) سأل الصادق عليه‌السلام « عن استلام الركن فقال : استلامه أن تلصق بطنك به ، والمسح ان تمسحه بيدك » والأمر سهل.

وآكدها الذي فيه الحجر واليماني‌ قال الصادق عليه‌السلام في صحيح جميل (٤) « كنت أطوف بالبيت فإذا رجل يقول ما بال هذين الركنين يستلمان ولا يستلم هذان ، فقلت : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استلم هذين ولم يتعرض‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ـ ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٢.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١.

٣٥٧

لهذين ، فلا تعرض لهما إذا لم يتعرض لهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال جميل : ورأيت أبا عبد الله عليه‌السلام يستلم الأركان كلها » والمراد بالإشارة في الصحيح الركن اليماني والذي فيه الحجر ولو بقرينة‌ خبر غياث (١) عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يستلم إلا الركن الأسود واليماني ثم يقبلهما ويضع خده عليهما ورأيت أبي يفعله » وخبر بريد بن معاوية العجلي (٢) « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام كيف صار الناس يستلمون الحجر والركن اليماني ولا يستلمون الركنين الآخرين؟ فقال : قد سألني عن ذلك عباد بن صهيب البصري فقلت : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استلم هذين ولم يستلم هذين ، وإنما على الناس ان يفعلوا ما فعل رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسأخبرك بغير ما أخبرت به عبادا إن الحجر الأسود والركن اليماني عن يمين العرش ، وإنما أمر الله أن يستلم ما عن يمين عرشه » وفي المروي (٣) عن العلل عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « لما انتهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى الركن الغربي فقال له الركن يا رسول الله ألست قعيدا من قواعد بيت ربك فما لي لا استلم؟ فدنى منه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : اسكن وعليك السلام غير مهجور » والمرسل (٤) عن النبي والأئمة ( عليهم الصلاة والسلام ) « صار الناس يستلمون الحجر والركن اليماني ولا يستلمون الركنين الآخرين ، لان الحجر الأسود والركن اليماني عن يمين العرش ، وإنما أمر الله تعالى ان يستلم ما عن يمين عرشه » وفي المرسل الآخر (٥) عن الصادق عليه‌السلام « الركن اليماني بابنا الذي ندخل منه الجنة » وقال عليه‌السلام (٦) « فيه باب من أبواب الجنة لم يغلق منذ فتح ، وفيه نهر من الجنة تلقى فيه اعمال العباد » وفي المرسل الثالث (٧) « انه يمين الله‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١٤.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٥.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٦.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٧.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٨.

٣٥٨

في أرضه ، يصافح بها خلقه » وفي الدروس لأنهما على قواعد إبراهيم ، لكن في كشف اللثام « حكيت هذه العلة عن ابن عمر ، ولا تتم إلا على كون الحجر أو بعضه من الكعبة ، وسمعت انا لا نقول به ، وإنما هو قول العامة » وقد سبقه إليه في المسالك ، فإنه قال بعد حكاية ذلك : وهو يشعر بكون البيت مختصرا من جانب الحجر ، وقد تقدم الخلاف فيه ، والأمر سهل.

وقال الصادق عليه‌السلام أيضا في خبر زيد الشحام (١) : « كنت أطوف مع أبي عليه‌السلام وكان إذا انتهى الى الحجر مسحه بيده وقبله وإذا انتهى الى الركن اليماني التزمه ، فقلت : جعلت فداك تمسح الحجر بيدك وتلتزم اليماني ، فقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أتيت الركن اليماني إلا وجدت جبرئيل قد سبقني إليه يلتزمه ».

ومنه بل وغيره يستفاد التأكد في خصوص اليماني الذي ورد فيه استحباب الدعاء عنده أيضا ، قال العلاء بن ربعي (٢) « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إن الله عز وجل وكل بالركن اليماني ملكا هجيرا يؤمن على دعائكم » وفي‌ خبره (٣) الآخر عنه عليه‌السلام « انه كان يقول : إن ملكا موكل بالركن اليماني منذ خلق الله السماوات والأرضين ، ليس له هجير إلا التأمين على دعائكم ، فلينظر عبد بما يدعو ، فقلت ما الهجير؟ فقال : كلام من كلام العرب ، أي ليس له عمل » وعن رواية أخرى (٤) « ليس له عمل غير ذلك » وفي خبر معاوية بن عمار (٥) عن أبي عبد الله‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١ عن ربعي عن العلاء بن المقعد قال : « سمعت. إلخ ».

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٢ والأول عن العلاء بن المقعد.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٣ والأول عن العلاء بن المقعد.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٤ والأول عن العلاء بن المقعد.

٣٥٩

عليه‌السلام أيضا « الركن اليماني باب من أبواب الجنة لم يغلقه الله منذ فتحه » وقال أبو الفرج السندي (١) « كنت أطوف بالبيت مع أبي عبد الله عليه‌السلام فقال : أي هذا أعظم حرمة؟ فقلت : جعلت فداك أنت اعلم بهذا مني ، فأعاد علي فقلت : داخل البيت ، فقال : الركن اليماني على باب من أبواب الجنة ، مفتوح لشيعة آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسدود عن غيرهم ، وما من مؤمن يدعو بدعاء عنده إلا صعد دعاؤه حتى يلصق بالعرش ، ما بينه وبين الله حجاب ».

وكيف كان فقد ظهر لك من ذلك كله ضعف ما عن أبي علي من نفي استلام غير الركنين المزبورين لظاهر بعض النصوص السابقة المحمولة على عدم التأكد أو عدم المواظبة ، وعلى التقية جمعا بينها وبين غيرها مما عرفت من النص والإجماع المحكي كالمحكي عن سلار من وجوب استلام اليماني كلثم الحجر وإن قال في كشف اللثام للأمر به في الاخبار من غير معارض ، لكن فيه انه لا أمر به بخصوصه ، نعم فيه حكاية فعل هو أعم من الوجوب ، أو رخصة هي أعم من الاستحباب فضلا عن الوجوب ، على ان لسان النصوص المزبورة ظاهر في الندب سيما بعد ملاحظة جمعه مع غيره مما هو معلوم الندب وحكاية ظاهر الإجماع وغير ذلك ، هذا ، وفي المدارك والظاهر تأدي السنة بالمسح باليد ، كما تدل عليه‌ صحيحة سعيد الأعرج (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « سألته عن استلام الحجر من قبل الباب فقال : أليس تريد أن تستلم الركن؟ فقلت : نعم ، فقال : يجزيك حيث ما نالت يدك » وفيه أن ظاهر النصوص المزبورة استحباب أزيد‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٦.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١.

٣٦٠