جواهر الكلام - ج ١٩

الشيخ محمّد حسن النّجفي

من إطلاق الصحيح السابق ، ومن التقييد بالبين في النبوي المتقدم ، وخبر السكوني (١) عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يضحى بالعرجاء بين عرجها ، ولا بالعوراء بين عورها ، ولا بالعجفاء ولا بالخرقاء ولا بالجدعاء ولا بالعضباء » وإن كان في خبر آخر له (٢) إبدال العوراء بالجرباء ، نعم لا دليل على اعتبار الانخساف في البين عورها كما سمعته من المنتهى في أول كلامه الذي ينافيه ما جعله الأقرب في آخره ، اللهم إلا أن يريد بالأول الفرد المتيقن من البين ، بل لا يبعد الاكتفاء بمطلق العور في عدم الإجزاء لإطلاق الصحيح السابق المعتضد بإطلاق المصنف وغيره من الأصحاب كما اعترف به في المدارك وان حكي عن الغنية التقييد به ، إلا ان غيره أطلق إطلاقا كالصريح في عدم اعتباره بقرينة ذكرهم له في العرج دونه ، نعم لا بأس بالتقييد به في العرج وإن أطلق المصنف في النافع ، بل عن بعض المتأخرين التصريح بذلك ، لإطلاق الصحيح المزبور ، إلا انه يمكن تقييده بالنبويين المزبورين المنجبرين بكلام الأصحاب هنا ، وبأصالة عدم الاجزاء ، نعم ينبغي الرجوع فيه الى العرف لا خصوص ما سمعته من المنتهى ، والله العالم.

ولا يجزي أيضا التي انكسر قرنها الداخل وهو الأبيض الذي في وسط الخارج ، أما الخارج فلا عبرة به ولا المقطوعة الاذن بلا خلاف أجده في ذلك ، لما سمعته من الصحيح (٣) وغيره ، وفي‌ صحيح جميل (٤) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « أنه قال في المقطوع القرن والمكسور القرن إذا كان القرن‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٥.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣.

١٤١

الداخل صحيحا فلا بأس وان كان القرن الظاهر الخارج مقطوعا » ونحوه‌ الصحيح (١) الآخر أيضا « في الأضحية يكسر قرنها ، إذا كان القرن الداخل صحيحا فهو يجزي » وفي المنتهى « قال علماؤنا : إن كان القرن الداخل صحيحا فلا بأس بالتضحية به وان كان ما ظهر منه مقطوعا ، وبه قال علي عليه‌السلام (٢) وعمار ، وعلى ان ذلك لا يؤثر في اللحم فأجزأ كالجماء ، والنبوي المروي (٣) من طرق العامة « انه نهى أن يضحى بأعضب الاذن والقرن » مع انه غير ثابت محمول على المكسور من داخل ، نعم الظاهر تحقق النقص بذهاب بعض القرن الداخل » لكن عن ابن بابويه أنه قال : سمعت شيخنا محمد بن حسن الصفار يقول : « إذا ذهب من القرن الداخل ثلثه وبقي ثلثاه فلا بأس أن يضحى به » ولعله يريد المندوب لا الواجب وان حكاه عنه في الدروس في الهدي لكن الموجود عن الفقيه ما سمعت ، وفي نهج البلاغة (٤) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام « فإذا سلمت الأذن والعين سلمت الأضحية ولو كانت عضباء تجر رجلها الى المنسك » وأرسل في الفقيه (٥) عنه عليه‌السلام « وان كانت عضباء القرن أو تجر رجلها الى المنسك فلا تجزي » فإن صح الأول فمع اختصاصه بالأضحية التي أصلها الندب يحتمل عروض ذلك بعد السوق ، كما في نحو‌ صحيح معاوية (٦) سأل الصادق عليه‌السلام « عن رجل أهدى هديا وهو سمين فأصابه مرض وانفقأت عينها فانكسر‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٦.

(٣) كنز العمال ج ٣ ص ٤٥ الرقم ٨٥٧.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٦.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٨.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

١٤٢

فبلغ المنحر وهو حي قال : يذبحه وقد أجزأ عنه » وهو أيضا مختص بالهدي المندوب للاخبار كصحيحه (١) أيضا « سأله عليه‌السلام عن رجل أهدى هديا فانكسرت فقال عليه‌السلام ان كانت مضمونة فعلية مكانها ، والمضمون ما كان نذرا أو جزاء أو يمينا ، وله أن يأكل منها ، وإن لم يكن مضمونا فليس عليه شي‌ء » كل ذلك لما سمعته من اعتبار التمام في الهدي الواجب نصا وفتوى على وجه لا يصلح لمعارضة ما عرفت من وجوه ، فالواجب حمله على ما سمعت.

كما ان الظاهر عدم الفرق بين قطع بعض الأذن أو جميعها ، لإطلاق الأدلة السابقة ، بل في المنتهى « العضباء وهي التي ذهب نصف اذنها أو قرنها لا تجزي ـ الى أن قال ـ : وكذا لا يجزي عندنا قطع ثلث اذنها » وظاهره المفروغية من ذلك عندنا ، مضافا الى ما سمعته من النصوص المتقدمة.

نعم لا بأس بمشقوقة الاذن ومثقوبتها على وجه لا ينقص منها شي‌ء بلا خلاف أجده ، لإطلاق الأدلة ، وخصوص‌ مرسل ابن أبي نصر (٢) عن أحدهما عليهما‌السلام سئل « عن الأضاحي إذا كانت مشقوقة الاذن أو مثقوبة بسمة فقال : ما لم يكن منها مقطوعا فلا بأس » وفي‌ حسن الحلبي (٣) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الضحية تكون مشقوقة الاذن فقال : ان كان شقها وسما فلا بأس ، وان كان شقا فلا يصلح » ولعل المراد من الشق فيه بقرينة الصحيح السابق المشتمل على قطع شي‌ء منها ، فلا تنافي ، وفي‌ مرسل سلمة أبي حفص (٤) عن أبي جعفر عليه‌السلام « كان علي عليه‌السلام يكره التشريم في الاذن والخرم ، ولا يرى‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٢.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣ عن سلمة أبي حفص عن أبي عبد الله عن أبيه ( عليهما‌السلام.

١٤٣

به بأسا إذا كان ثقب في موضع المواسم » لكن في‌ خبر شريح بن هاني (١) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام « أمرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الأضاحي أن نستشرف العين والاذن ، ونهانا عن الخرقاء والشرماء والمقابلة والمدابرة » وقد سمعت سابقا ما في خبر السكوني (٢) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من النهي عن الخرقاء ، وعن الصدوق في معاني الأخبار « الخرقاء أن يكون في الاذن ثقب مستدير ، والشرماء والمشقوقة الأذن باثنين (٣) حتى ينفذ الى الطرف ، والمقابلة أن يقطع من مقدم أذنها شي‌ء ثم يترك ذلك معلقا لا يبين كأنه زنمه ، ويقال لمثل ذلك من الإبل والمزنم ، ويسمى ذلك المعلق الرغل ، والمدابرة أن يفعل مثل ذلك بمؤخر أذن الشاة » وفي كشف اللثام « هو موافق لكتب اللغة ، قلت : ولكن المتجه الحمل على الكراهة جمعا ، هذا.

وفي المدارك قد قطع الأصحاب باجزاء الجماء ، وهي التي لم يخلق لها قرن والصمعاء ، وهي الفاقدة الاذن خلفة ، للأصل ، ولان فقد هذه الأعضاء لا يوجب نقصا في قيمة الشاة ولا في لحمها ، واستقرب العلامة في المنتهى اجزاء البتراء أيضا ، وهي مقطوعة الذنب ، ولا بأس به ، وعنه أيضا فيه وفي التحرير القطع باجزاء الجماء ، وعن الخلاف والجامع والدروس كراهتها ، قيل وذلك لاستحباب الأقرن لنحو‌ قول أحدهما عليهما‌السلام لمحمد بن مسلم (٤) في الصحيح : « في الأضحية أقرن فحل » قلت : ان كان إجماع على اجزاء المزبورات فذاك ، وإلا فقد يمنع‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ـ ٥.

(٣) هكذا في النسخة المخطوطة المبيضة وظاهر المسودة « بابنة ».

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٢.

١٤٤

لانه مناف لإطلاق عدم جواز كون الهدي ناقصا في الصحيح المزبور الشامل للجماء والبتراء والصمعاء ولو خلقة ، ضرورة كون المراد النقص بالنسبة إلى غالب النوع لا خصوص الشخص ، وعدم النقصان في القيمة واللحم لا يمنع صدق النقص الذي ينقطع به الأصل المزبور ، مع أنه قد يمنع عدم النقص في القيمة ، ولعله لذا نسب إجزاء البتراء في الدروس الى قول مشعرا بتمريضه ، بل ينبغي القطع بفساده في البتراء إذا كان المراد ما يشمل مقطوعة الذنب ، ضرورة صدق النقص عليه ، ولعله لذا قطع به في الروضة مدرجا له إدراج غيره ، قال في شرح اعتبار التمامية : « فلا يجزي الأعور ولو ببياض على عينه ، والأعرج والأجرب ومكسور القرن الداخل ، ومقطوع شي‌ء من الاذن والخصي والأبتر وساقط الأسنان لكبر وغيره ، والمريض » وعن المنتهى والتذكرة والتحرير « أن الأقرب إجزاء الصمعاء » ومقتضاه احتمال عدم الاجزاء لما عرفت كما صرح به في كشف اللثام ، قال : وكرهها الشهيد ، ولعله لقول أمير المؤمنين عليه‌السلام المروي عنه في الفقيه ونهج البلاغة (١) في خطبة له : « من تمام الأضحية استشراف اذنها وسلامة عينها » فان الاستشراف هو الطول إلا انه في الأضحية دون الهدي الواجب ، وبالجملة الظاهر اتحاد حكم البتراء مع الصمعاء والجماء إن أريد البتر خلقة ، وإن أريد بها مقطوعة الذنب كما هو ظاهر عبارة المنتهى السابقة فالمتجه عدم إجزائها ، بل قد يقال بعدم اجزائها ولو خلقة وإن قلنا باجزاء الجماء والصمعاء باعتبار غلبة تعارف الصفتين المزبورتين بخلافها ، فتعد البتراء ناقصة دون الجماء والصمعاء ومع ذلك كله فالاحتياط لا ينبغي تركه في الجميع.

وكذا لا يجزي مسلول الخصية المسمى بـ ( الخصي من الفحول ) كما صرح به غير واحد ، بل هو المشهور ، بل عن ظاهر التذكرة‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٦.

١٤٥

والمنتهى الإجماع عليه لنقصانه ، وخصوص‌ صحيح ابن مسلم (١) سأل أحدهما عليهما‌السلام « أيضحى بالخصي؟ فقال : لا » وصحيح عبد الرحمن بن الحجاج (٢) سأل الكاظم عليه‌السلام « عن الرجل يشتري الهدي فلما ذبحه إذا هو خصي مجبوب ولم يكن يعلم أن الخصي المجبوب لا يجوز في الهدي هل يجزيه أم يعيد؟ قال : لا يجزيه إلا أن يكون لا قوة له عليه ».

بل لعل مشلول البيضتين كالخصي كما عن الفاضل في المنتهى والتذكرة والتحرير للنقصان.

نعم قد يقال بمرجوحية المرجوء بالنسبة إلى غيره ، وهو مرضوض عروق الخصيتين حتى تفسد ، لحسن معاوية (٣) « اشتر فحلا سمينا للمتعة ، فان لم تجد فموجوء ، فان لم تجد فمن فحولة المعز ، فان لم تجد فنعجة ، فان لم تجد ( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) » بل عن السرائر انه غير مجز وإن كان قبل ذلك بأسطر قال فيها إنه لا بأس به ، وانه أفضل من الشاة ، كما عن النهاية والمبسوط أي النعجة كما‌ قال الصادق عليه‌السلام لأبي بصير (٤) « المرضوض أحب إلى من النعجة وان كان خصيا فالنعجة » وقال أحدهما عليهما‌السلام لابن مسلم (٥) في الصحيح : « الفحل من الضأن خير من الموجوء ، والموجوء خير من النعجة ، والنعجة خير من المعز » وذلك مؤيد لما قلناه من المرجوحية ، بل عن الحسن الكراهة في الخصي المجبوب الذي قد عرفت الحال فيه ، ويمكن حمل كلامه على الأضحية المندوبة ، كقول الصادق عليه‌السلام في صحيح الحلبي (٦) : « الكبش السمين خير‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الذبح الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الذبح الحديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الذبح الحديث ٧.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ـ ١.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الذبح الحديث ٥.

١٤٦

من الخصي ومن الأنثى » وعن النهاية والمبسوط والمهذب والوسيلة أجزاؤه في الهدي إذا تعذر غيره ، وتبعهم على ذلك بعض المتأخرين ومتأخريهم ، ولعله لإطلاق الآية (١) وما سمعته من النصوص ، وخصوص صحيح عبد الرحمن (٢) المتقدم ، وفي المدارك اختاره حاكيا له عن الدروس مستدلا عليه بحسن معاوية السابق المشتمل على الموجوء الذي هو غير الخصي.

فالأولى الاستدلال عليه بصحيح عبد الرحمن السابق ، وب‌ خبر أبي بصير (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « قلت فالخصي يضحى به قال : لا إلا أن لا يكون غيره » إلا أن الأول منهما قد اشترط عدم قوة المكلف على غيره ، والثاني عدم وجود غيره ، وهما مختلفان ، ولا يبعد حمل خبر أبي بصير على الأضحية المندوبة ، خصوصا بعد قصوره عن المقاومة من وجوه ، منها إطلاق الأصحاب عدم إجزائه كما اعترف في الحدائق حتى قال : لم أقف على من قيد إلا على الشيخ في النهاية وتبعه الشهيد في الدروس وبعض من تأخر عنه ، وبذلك يظهر ضعف القول المزبور ، وأولى منه بذلك ما عن الغنية والإصباح والجامع من تقييد النهي عنه وعن كل ناقص بالاختيار ، لعموم الآية المخصص بما سمعته من إطلاق عدم إجزاء الناقص نصا وفتوى الذي يمكن أن لا يكون من الهدي شرعا ، فيتجه حينئذ الانتقال الى البدل ، ولكن مع ذلك كله لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع بين البدل وبينه ، والله العالم.

وكذا لا يجزي المهزولة بلا خلاف أجده فيه ، للأصل‌

__________________

(١) سورة البقرة ـ الآية ١٩٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ـ ٨.

١٤٧

و‌صحيح ابن مسلم (١) عن أحدهما عليهما‌السلام « سئل عن الأضحية فقال : أقرن فحل سمين عظيم الأنف والاذن ـ الى أن قال ـ إن اشترى أضحية وهو ينوي أنها سمينة فخرجت مهزولة لم تجز عنه ، وقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يضحي بكبش أقرن عظيم سمين فحل يأكل في سواد ، وينظر في سواد ، فإذا لم يجدوا من ذلك شيئا فالله أولى بالعذر » وصحيح العيص بن القاسم (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الهرم الذي وقعت ثناياه انه لا بأس به في الأضاحي ، وإن اشتريت مهزولا فوجدته سمينا أجزأك ، وان اشتريته مهزولا فوجدته مهزولا فلا يجزي » وحسن الحلبي (٣) عنه عليه‌السلام أيضا « إذا اشترى الرجل البدن مهزولة فوجدها سمينة فقد أجزأت عنه ، فان اشتراها مهزولة فوجدها مهزولة فإنه لا تجزي عنه » بناء على أن المراد بالأضحية في هذه النصوص الهدي ولو بقرينة ذكر الاجزاء وعدمه ، وخبر منصور (٤) عنه عليه‌السلام أيضا « وإن اشترى الرجل هديا وهو يرى أنه سمين أجزأ عنه وان لم يجده سمينا ، وان اشترى هديا وهو يرى انه مهزول فوجده سمينا أجزأ عنه ، وإن اشتراه وهو يعلم أنه مهزول لم يجز عنه » وخبر السكوني (٥) عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « صدقة رغيف خير من نسك مهزول ».

والمراد بالمهزول هي التي ليس على كليتها شحم كما في القواعد‌

__________________

(١) ذكر صدره وذيله في الوسائل في الباب ١٣ من أبواب الذبح ـ الحديث ٢ ووسطه في الباب ١٦ منها الحديث ١ وأسقط عنه ما يضر بالمعنى في الجواهر فراجع.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٦.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٥.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٧.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٤.

١٤٨

والنافع ومحكي المبسوط والنهاية والمهذب والسرائر والجامع ، لخبر الفضل (١) قال : « حججت بأهلي سنة فعزت الأضاحي فانطلقت فاشتريت شاتين بغلاء ، فلما ألقيت إهابهما ندمت ندامة شديدة لما رأيت بهما من الهزال ، فأتيته فأخبرته بذلك ، فقال : إن كان على كليتهما شي‌ء من الشحم فقد أجزأت » وهو وإن كان غير نقي السند ومضمرا ـ ومن هنا أعرض عنه بعض متأخري المتأخرين ، وأحال الأمر إلى العرف ـ إلا أنه موافق للاعتبار ، كما في كشف اللثام وعمل به من عرفت ، فلا بأس بالعمل به.

وكيف كان فقد ظهر لك من النصوص السابقة أنه لو اشتراها على أنها مهزولة فبانت كذلك لم تجزه بلا خلاف أجده فيه بل ولا إشكال ، نعم لو خرجت سمينة أجزأته في المشهور للنصوص السابقة ، خلافا للعماني فلم يجتز به للنهي عنه المنافي لنية التقرب به حال الذبح ، وهو كالاجتهاد في مقابلة النص المعتبر المقتضي صحة التقرب به وإن كان مشكوك الحال أو مظنون الهزال رجاء لاحتمال العدم : وكذا تجزي لو اشتراها على انها سمينة فخرجت مهزولة بعد الذبح ، لما سمعته من النص (٢) السابق المعتضد بالعمل ، وب‌ قول أمير المؤمنين عليه‌السلام في مرسل الصدوق (٣) : « إذا اشترى الرجل البدنة عجفاء فلا تجزي عنه ، فان اشتراها سمينة فوجدها عجفاء أجزأت عنه ، وفي هدي التمتع مثل ذلك » وبانتفاء العسر والحرج وصدق الامتثال ، نعم لو ظهر الهزال قبل الذبح لم يجز ،

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ـ ٨.

١٤٩

لإطلاق عدم الاجزاء (١) في الخبر السابق السالم عن المعارض بعد انسياق ما بعد الذبح من الوجدان نصا وفتوى فيها وفي المسألة السابقة المنظومة معها في مسلك واحد ، فما عن بعضهم من القول بالاجزاء ضعيف.

ولو اشتراها على انها تامة فبانت ناقصة لم تجز كما عن الأكثر سواء كان بعد الذبح أو قبله ، نقد الثمن أو لم ينقده ، لإطلاق عدم الاجتزاء بالناقص الذي هو محسوس ، فهو مفرط فيه على كل حال ، لكن في التهذيب ان كان نقد الثمن ثم ظهر النقصان أجزأ ، ولعله لقول الصادق عليه‌السلام في صحيح عمران الحلبي (٢) : « من اشترى هديا ولم يعلم به عيبا حتى ينقد ثمنه ثم علم به فقد تم » وحمل‌ حسن معاوية (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل اشترى هديا وكان به عيب عور أو غيره فقال : إن كان نقد ثمنه فقد أجزأ عنه وإن لم يكن نقد ثمنه رده واشترى غيره » على من نقد الثمن بعد ظهور العيب ، ونفى عنه البأس في المدارك ، واحتمل في محكي الاستبصار أن يكون هذا في الهدي الواجب ، وذاك في المندوب ، والاجزاء إذا لم يقدر على استرجاع الثمن ، ولا يخفى عليك ما في الجميع بعد إعراض الأكثر حتى الشيخ في غير الكتاب المزبور.

نعم في الدروس اجزاء الخصي إذا تعذر غيره أو ظهر خصيا بعد ما لم يكن يعلم ، وقد عرفت البحث في الأول ، واما الثاني فلا اعرف به قولا ولا سندا كما اعترف به في كشف اللثام ، ولو اشتراها على انها ناقصة فبانت تامة قبل الذبح أجزأ لصدق الامتثال ، ولو كان بعد الذبح ففي الاجزاء وعدمه إشكال‌

__________________

(١) ليس في المقام ما يدل على ذلك إلا صحيحة محمد بن مسلم على ما نقلها في ص ١٤٨ إلا انه قدس‌سره سهى في نقل متنها كما أشرنا إليه.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ـ ١.

١٥٠

ينشأ من فحوى ما ورد في المهزول ، ومن عدم النية حال الذبح مع حرمة القياس ولعله الأقوى ، والله العالم.

والمستحب‌ أن تكون سمينة بلا خلاف أجده فيه نصا وفتوى ، بل الإجماع بقسميه عليه ، مضافا الى الاعتبار تنظر في سواد وتبرك في سواد وتمشي في مثله كما في القواعد والنافع ، بل ومحكي الجامع ، لكن فيه وصف فحل من الغنم بذلك ، كما عن الاقتصاد والسرائر والمصباح ومختصره وصف الكبش به ، بل عن الأول اشتراطه به ، وعن المبسوط « وينبغي إن كان من الغنم أن يكون فحلا أقرن ينظر في سواد ويمشي في سواد » ونحوه النهاية لكن في الأضحية ، ولعله لصحيح ابن مسلم (١) عن أحدهما عليهما‌السلام « ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يضحي بكبش أقرن عظيم فحل يأكل في سواد ، وينظر في سواد » وصحيحه أيضا أو حسنه (٢) « سألت أبا جعفر عليه‌السلام أين أراد إبراهيم عليه‌السلام أن يذبح ابنه؟ قال : على الجمرة الوسطى ، وسألت عن كبش إبراهيم عليه‌السلام ما كان لونه وأين نزل؟ فقال : أملح وكان اقرن ونزل به من السماء على الجبل الأيمن من مسجد منى ، وكان يمشي في سواد ويأكل في سواد وينظر ويبعر ويبول في سواد » وصحيح ابن سنان (٣) عن الصادق عليه‌السلام « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يضحي بكبش أقرن فحل ينظر في سواد ويمشي في سواد » وحسن الحلبي (٤) قال : « حدثني من سمعه عليه‌السلام يقول : ضح بكبش أسود أقرن فحل ، فان لم تجد أسود فأقرن فحل يأكل في سواد ويشرب في سواد وينظر في سواد ».

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٦.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٥.

١٥١

ولكن الجميع كما ترى لم يذكر فيها البروك في السواد ، ولعله لذا قال في كشف الرموز : لم أظفر بنص فيه ، ولكن عن المبسوط والتذكرة والمنتهى انه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد وينظر في سواد ويبرك في سواد ، فأتي به فضحى به » وكأنه لذا كان المحكي عن ابن حمزة ذكر البروك فيه في الأضحية ، بل لعل ما قيل في معناه من انه يرتع في مرتع كثير النبات شديد الاخضرار به يتضمن البروك فيه ، كما أنه ما سمعته من صحيح ابن مسلم (١) عن أبي جعفر عليه‌السلام يلوح منه هذا المعنى ، بل لعل التفسير الثاني له بان المراد سواد هذه المواضع منه ـ أي القوائم والعين والبطن والمبعر الذي يصعب استفادته من مثل هذا اللفظ ، وإن كان قد يؤيده مرسل الحلبي (٢) السابق ـ يستلزم البروك فيه أيضا ، فإن المشي في السواد بهذا المعنى كذلك ، لأنه على الأرجل والصدر والبطن.

بل وكذا الثالث الذي أشار إليه المصنف بقوله اي يكون لها ظل تمشي فيه بمعنى ان لها ظلا عظيما باعتبار عظم جسمها وسمنها لا مطلق الظل اللازم لكل جسم كثيف وقيل ان تكون هذه المواضع منها سودا وهو الذي أشرنا إليه سابقا ، وعن الراوندي ان المعاني الثلاثة مروية عن أهل البيت عليهم‌السلام ولكن لا يخفى عليك ان المراد به على الأول والأخير الكناية عن السمن بخلاف الثاني الذي على تقديره يكون وصفا مستقلا برأسه ، ولعل الاولى الجمع بين الجمع ، فإن أمر الاستحباب مما يتسامح فيه ، وان كان قد سمعت ان لون‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٦.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٥.

١٥٢

كبش إبراهيم عليه‌السلام كان أملح ، بل‌ في المرسل (١) « ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ضحى بالأملح » الذي عن ابى عبيدة ان المراد به ما فيه سواد وبياض ، والبياض أغلب ، بل عن ابن الأعرابي أنه الأبيض النقي البياض ، إلا ان ذلك كله كما ترى مناف للعرف ، ولما سمعت عن الأمر بكونه أسود ، فالأولى مراعاة السواد مع إمكانه ، وإلا فالأملح عرفا ، كل ذلك للتسامح الذي منه أيضا يقوى عدم الاختصاص بالكبش ولا بالأضحية ، والله العالم.

وكذا يستحب أن يكون الهدي مما عرف به كما في القواعد والنافع وغيرهما ومحكي السرائر والجامع ، بل عن التذكرة والمنتهى الإجماع عليه ، بل الظاهر كراهة غيره ، لقول الصادق عليه‌السلام في خبر أبي بصير (٢) « لا يضحى إلا بما قد عرف به » وصحيح ابن أبي نصر (٣) قال : « سئل عن الخصي يضحى به قال : إن كنتم تريدون اللحم فدونكم ، وقال لا يضحى إلا بما قد عرف به » المحمولين على ذلك جمعا بينهما وبين‌ خبر سعيد بن يسار (٤) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عمن اشترى شاة لم يعرف بها قال : لا بأس بها عرف بها أم لم يعرف » المعتضد بما سمعت من الإجماع المحكي وغيره ، بل لعل المراد من الوجوب في المحكي عن الشيخين وابني زهرة والبراج والكيدري تأكد الاستحباب ، وإلا كان محجوبا بما عرفت ، واحتمال إرادة عدم تعريفه نفسه بها من خبر سعيد ليس بأولى من حمل النهي على الكراهة‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٤ وهو خبر الحسن بن عمارة عن أبي جعفر عليه‌السلام.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٤.

١٥٣

في خبر أبي بصير ونحوه بل هو أولى من وجوه ، والمراد من التعريف به إحضاره في عشية عرفة بعرفات كما صرح به الفاضل وغيره وإن أطلق غيره ، إلا أنه هو المنساق منه ، نعم الظاهر الاكتفاء بإخبار البائع كما أشار إليه في‌ الصحيح عن سعيد (١) « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنا نشتري النعم بمنى ولسنا ندري عرف بها أم لا فقال : إنهم لا يكذبون عليك ، ضح بها » وربما كان ذلك مناسبا للاستحباب ، كما أنه ربما يومي الى قبول اخباره في سنه وان كان لا يخلو من اشكال ، والله العالم.

وأفضل الهدي من البدن والبقر الإناث ، ومن الضأن والمعز الذكران كما صرح به غير واحد ، لقول الصادق عليه‌السلام في صحيح معاوية (٢) : « أفضل البدن ذوات الأرحام من الإبل والبقر ، وقد تجزي الذكورة من البدن والضحايا من الغنم الفحولة » وفي‌ صحيح عبد الله بن سنان (٣) « تجوز ذكورة الإبل والبقر في البلدان إذا لم تجدوا الإناث والإناث أفضل » وسأله عليه‌السلام الحلبي (٤) أيضا في الحسن أو الصحيح « عن الإبل والبقر أيهما أفضل أن يضحى بهما قال : ذوات الأرحام » وفي‌ خبر أبي بصير (٥) سأله عليه‌السلام « عن الأضاحي فقال : أفضل الأضاحي في الحج الإبل والبقر ، وقال : ذوات الأرحام ، ولا يضحى بثور ولا جمل » وفي المنتهى لا نعلم خلافا في جواز العكس في البابين إلا ما روي عن ابن عمرانه قال : « ما رأيت أحدا فاعلا ذلك أنحر أنثى أحب الي » وهو ظاهر في الموافقة ، وفي‌ صحيح ابن مسلم (٦) « الذكور والإناث من الإبل والبقر‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الذبح الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الذبح الحديث ـ ٢.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الذبح الحديث ـ ٥.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الذبح الحديث ـ ٤.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الذبح الحديث ـ ٣.

١٥٤

تجزي » نعم عن النهاية « لا يجوز التضحية بثور ولا جمل بمنى ، ولا بأس بهما في البلاد » ولكن يحتمل إرادته التأكد ـ خصوصا مع قوله قبل ذلك بيسير : « وأفضل الهدي والأضاحي من البدن والبقر ذوات الأرحام ، ومن الغنم الفحولة » كالمحكي عن الاقتصاد « أن من شرط الهدي إن كان من البدن أو البقر أن يكون أنثى ، وإن كان من الغنم أن يكون فحلا من الضأن ، فان لم يجد الضأن جاز التيس من المعزى » وعن المهذب إن كان من الإبل وجب أن يكون ثنيا من الإناث ، وإن كان من البقر فيكون ثنيا من الإناث ـ وإلا كان محجوبا بما عرفت من النص وغيره ، والله العالم.

ويستحب ان ينحر الإبل قائمة بلا خلاف ولا إشكال بعد قوله تعالى (١) ( فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ ، فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها ) أي سقطت ، قال الصادق عليه‌السلام في‌ صحيح ابن سنان (٢) في قول الله عز وجل : ( فَاذْكُرُوا ) الى آخره : « ذلك حين تصف للنحر تربط يديها ما بين الخف إلى الركبة » وقال أبو الصباح الكناني (٣) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام كيف تنحر البدنة؟ قال تنحرها وهي قائمة من قبل اليمين » وقال أبو خديجة (٤) « رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام وهو ينحر بدنة معقولة يدها اليسرى ثم يقوم على جانب يده اليمنى ويقول بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا منك ولك ، اللهم تقبله مني ، ثم يطعن في لبتها ثم يخرج السكين بيده ، فإذا وجبت قطع موضع الذبح بيده » إذ لا خلاف في عدم إرادة الوجوب من الأمر بذلك كما اعترف به في محكي المنتهى والتذكرة ، وفي‌ خبر علي بن جعفر (٥) المروي عن قرب الاسناد ، « سأل أخاه عليه‌السلام

__________________

(١) سورة الحج ـ الآية ٣٧.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الذبح الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الذبح الحديث ٢.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الذبح الحديث ٣.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الذبح الحديث ٥.

١٥٥

عن البدن كيف ينحرها قائمة أو باركة قال : يعقلها ، وان شاء قائمة ، وان شاء باركة ».

ومما سمعت في صحيح ابن سنان يستفاد استحباب ما ذكره المصنف وغيره من كونها قائمة قد ربطت بين الخف والركبة كما أنه يستفاد من خبر الكناني وأبي خديجة استحباب ان يطعنها من الجانب الأيمن إلا انك قد سمعت ما في الأخير من عقل اليسرى ، وعن العامة روايته (١) بل قيل اختاره الحلبيان ، ولكن أطلق المصنف وغيره كإطلاق ما سمعته من النصوص ، ولا يبعد شدة الندب في عقل اليسرى ، كما انك قد سمعت إطلاق النص والفتوى سابقا هنا الربط بالكيفية المزبورة لمطلق البدن لكن في‌ خبر حمران (٢) « واما البعير فشد أخفافه إلى إباطه ، وأطلق رجليه » وهو الذي يأتي في كتاب الصيد والذباحة ويمكن افتراق الهدي عن غيره ، كما انه يمكن جواز التخيير بين الكيفيتين ، والأمر سهل بعد كون الحكم ندبيا ، والله العالم.

ويستحب ان يدعو الله تعالى عند الذبح بالمأثور عن الصادق عليه‌السلام في صحيح معاوية (٣) وحسن صفوان وابن أبي عمير (٤) « إذا اشتريت هديك فاستقبل به القبلة وانحره أو اذبحه ، وقل : ( وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، لا شَرِيكَ لَهُ ، وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا ) من ( الْمُسْلِمِينَ ، ) اللهم‌

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٥ ص ٢٣٧.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب الذبائح ـ الحديث ٢ من كتاب الصيد والذباحة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

١٥٦

منك ولك ، بسم الله وبالله ، اللهم تقبل مني ، ثم تمر السكين ولا تنخعها حتى تموت » أو بما سمعت في خبر أبي خديجة (١).

ويستحب أيضا أن يترك يده مع يد الذابح إذا استنابه ، لقول الصادق عليه‌السلام في صحيح معاوية (٢) « كان علي بن الحسين عليهما‌السلام يجعل السكين في يد الصبي ، ثم يقبض الرجل على يد الصبي فيذبح » وليس بواجب شرعا ولا شرطا ، وعن الوسيلة والجامع انه يكفي الحضور عند الذبح ، ولعله لما عن المحاسن من قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في خبر بشر بن زيد (٣) لفاطمة عليها‌السلام : « اشهدي ذبح ذبيحتك ، فإن أول قطرة منها يغفر الله لك بها كل ذنب عليك وكل خطيئة عليك قال : وهذا للمسلمين عامة » وان كان الظاهر عدم اعتباره أيضا ، نعم أفضل منه اي وضع اليد ان يتولى الذبح أو النحر بنفسه إذا أحسن للتأسي ، ول‌ قول الصادق عليه‌السلام (٤) : « فان كانت امرأة فلتذبح لنفسها » والله العالم.

ويستحب أيضا ان يقسمه أثلاثا يأكل ثلثه ، ويتصدق بثلثه ، ويهدي ثلثه كما هو ظاهر جماعة وصريح اخرى ، بل في كشف اللثام نسبته إلى الأكثر ، بل عن التبيان « عندنا يطعم ثلثه ، ويعطي ثلثه القانع والمعتر ويهدي الثلث » ونحوه المجمع عنهم عليهم‌السلام والظاهر ان محل البحث هنا في هدي التمتع ، لأنه سيأتي حكم هدي القران والأضحية ، لكن لم يحضرنا ما يدل على التثليث فيه بخصوصه ، وإنما الموجود في القران والأضاحي ، كخبر العقرقوفي‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٥.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٤.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

١٥٧

أو موثقه (١) قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام سقت في العمرة بدنة فأين انحرها؟ قال : بمكة ، قلت : فأي شي‌ء أعطي منها ، قال : كل ثلثا واهد ثلثا وتصدق بثلث » وصحيحة سيف التمار (٢) قال : « قال أبو عبد الله عليه‌السلام إن سعيد بن عبد الملك قدم حاجا فلقي أبي فقال : إني سقت هديا فكيف اصنع به؟ فقال له أبي أطعم منه أهلك ثلثا ، واطعم القانع والمعتر ثلثا ، واطعم المساكين ثلثا فقلت : المساكين هم السؤال فقال : نعم ، وقال : القانع الذي يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها ، والمعتبر ينبغي له أكثر من ذلك ، وهو اغنى من القانع ، يعتريك فلا يسألك » بناء على إرادة الاهداء من إطعام القانع والمعتر وإن كان بعيدا ، بل هو مقتض حينئذ لاعتبار الفقر في ثلث الاهداء ، مع ان ظاهر الإطلاق والمقابلة خلافه كما صرح به بعضهم ، بل حكي عن الأصحاب.

وعلى كل حال فقد يستفاد منه دلالة مجموع الآيتين اي قوله تعالى (٣) : « ( فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ ) « وقوله (٤) ( فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) على التثليث أيضا وان كان فيه من التكلف ما لا يخفى ، وقد يدل عليه‌ خبر أبي الصباح القريب من الصحيح (٥) في الأضاحي ، قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن لحوم الأضاحي فقال : كان علي بن الحسين وأبو جعفر عليهم‌السلام يتصدقان بثلث على جيرانهما ، وثلث على السؤال ، وثلث يمسكونه لأهل البيت » بناء على إرادة الاهداء من التصدق على الجيران ، ولعل الاولى في الآيتين مع فرض إرادة التثليث منهما جعل قسم الاهداء في قوله‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١٨.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣.

(٣) سورة الحج ـ الآية ـ ٢٩.

(٤) سورة الحج ـ الآية ـ ٣٧.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١٣.

١٥٨

تعالى ( فَكُلُوا مِنْها ) على معنى إرادة أكل الناسك ومن يهدي اليه من أصدقائه وجيرانه ، إذ من المعلوم عدم إرادة أكل الناسك الثلث بتمامه ، ضرورة تعذره غالبا ، مضافا الى ما سمعته في خبر أبي الصباح وصحيح سيف (١) والى‌ حسن معاوية (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين نحر أن يؤخذ من كل بدنة جذوة من لحمها ثم تطرح في برمة ثم تطبخ ، وأكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي عليه‌السلام منها وحسيا من مرقها » وخبره (٣) الآخر عنه ، أيضا « حج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وساق مائة فنحر منها ستا وستين ، ونحر علي عليه‌السلام أربعا وثلاثين بدنة ، وأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يؤخذ من كل بدنة منها جذوة من لحم ثم يطرح في برمة ثم يطبخ فأكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي عليه‌السلام منها وحسيا من مرقها ». وما رواه‌ الشيخ عن صفوان وابن أبي عمير وجميل بن دراج وحماد بن عيسى وجماعة (٤) عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه‌السلام « قالا : إن رسول الله أمر أن يؤخذ من كل بدنة بضعة ، فأمر بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فطبخت وأكل هو وعلي عليه‌السلام وحسوا المرق ، وقد كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أشركه في هديه ».

وعلى كل حال فما عن السرائر ـ من أنه يأكل ولو قليلا ، ويتصدق على القانع والمعتر ولو قليلا ، ولم يذكر الاهداء بل خصه بالأضحية اقتصارا على منطوق الآيتين لاغفالهما الاهداء حينئذ ، واتحاد مضمونهما إلا في المتصدق عليه ـ واضح الضعف بعد ما سمعته من النص الذي لا ينافيه إطلاق الآيتين‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب أقسام الحج ـ الحديث ٣.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٢.

١٥٩

الممكن إرادة القانع والمعتر من البائس الفقير في إحداهما على أن يكون قسم الاهداء داخلا في الأكل كما عرفت ولو بملاحظة النصوص ، بل ربما احتمل إرادة التثليث من آية القانع والمعتر على معنى جعل الاهداء لأحدهما ، والصدقة على الآخر ، وإن كان هو كما ترى.

وعلى كل حال فلا ريب في استحباب التثليث المزبور في هدي التمتع ، فان النصوص وإن لم تنص عليه بخصوصه إلا أنه مع إمكان شمول خبر الأضاحي له قد يقال بان المراد منها بيان الكيفية التي لا تفاوت فيها بين الواجب والندب ، كما انه لا ريب في عدم اعتبار الفقر في ثلث الاهداء ، بل إن لم يكن الإجماع لا يعتبر فيه الايمان ، خصوصا مع الندرة في تلك الأمكنة والأزمنة ، فيلزم إما سقوط وجوب الهدي أو التكليف بالمحال ، وليس هو كالزكاة التي يمكن فيها الانتظار ، على انه قد ورد ما يدل (١) عدم كراهة إعطاء المشرك ، وعلى جواز إعطاء الحرورية (٢) وان لكل كبد حرى أجر (٣) ولكن مع ذلك لا ريب في أن الأحوط مراعاته مع الإمكان ، كما أن الاولى منع المعلوم نصبه ، بل يعطى المستضعف أو مجبول الحال.

وكيف كان فالمراد من الاستحباب المزبور جواز عدمه على معنى فعل التفاوت ، ولكن في الدروس نسبة استحباب أصل الصرف في الثلاثة الى‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب زكاة الغلات من كتاب الزكاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٨.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب الصدقة ـ الحديث ٢ و ٥ من كتاب الزكاة.

١٦٠