جواهر الكلام - ج ٩

الشيخ محمّد حسن النّجفي

وهم محجوجون بهذه الإجماعات والنصوص ، كالقائل بعدم وجوب شي‌ء عليه منهما أو حرمته ، كما أفرغنا البحث في جميع ذلك في باب الجماعة ، بل وكذا القائل بتعين القراءة في الأخيرتين على الناسي لها في الأولتين ، مع أنا لم نتحققه ، لأنه انما حكي عن خلاف الشيخ ، والمنقول عنه التعبير بلفظ الاحتياط المشعر بالاستحباب الذي حكي التصريح به عنه في المبسوط ، على أن التحقيق خلافهما معا ، أما الثاني فلما ستعرف من أفضلية التسبيح مطلقا ، وأما الأول فهو ـ مع مخالفته لما عرفت من إطلاق المتواتر من الإجماع والنصوص ـ لا دليل عليه سوى‌ إطلاق (١) « لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب » الذي لا ينطبق على تمام الدعوى ، ومختص بحكم التبادر في الأولتين ، وبملاحظة المستفيض من النصوص في صورة العمد ، وسوى‌ الصحيح (٢) قلت له : « رجل نسي القراءة في الأولتين وذكرها في الأخيرتين فقال : يقضي القراءة والتكبير والتسبيح الذي فاته في الأوليين في الأخيرتين ، ولا شي‌ء عليه » وهو ـ مع موافقته للمحكي عن أبي حنيفة وظهوره في قضاء الفاتحة والسورة وغيرهما المخالف للإجماع كما في الرياض ، وفي فعل ذلك مستقلا عن قراءة الأخيرتين وهو غير المدعى ، ومعارضته لذلك الإطلاق الدال على التخيير الذي هو أرجح منه بوجوه ، منها الشهرة العظيمة ، بل لعلها إجماع ، ولخصوص صحيح معاوية بن عمار (٣) الآتي في المسألة الثانية الصريح في الرد على أبي حنيفة ، ولخصوص المعتبرة المستفيضة (٤) الدالة على الاجتزاء بالركوع وتكبيرة عن القراءة المنسية ـ لا يليق بالفقيه الركون اليه ، وسوى‌ الخبر (٥) قلت له : « أسهو‌

__________________

(١) المستدرك ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٥.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٦.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٢.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب القراءة في الصلاة.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٣.

٣٢١

عن القراءة في الركعة الأولى قال : إقرأ في الثانية ، قلت له : أسهو عن الثانية قال : إقرأ في الثالثة ، قلت : أسهو في صلاتي كلها قال : إذا حفظت الركوع والسجود فقد تمت صلاتك » وهو ـ مع جريان بعض ما سمعته فيه أيضا أو جميعه ـ ضعيف سندا لا يعول عليه في نفسه فضلا عن مقاومة غيره ، والله أعلم.

والأفضل للإمام اختيار القراءة كما في القواعد وجامع المقاصد والمحكي عن الاستبصار والتحرير والنفلية والبيان وتعليق النافع ومجمع البرهان وغيرها ، بل عن الفوائد الملية أنه المشهور ، لأن‌ معاوية بن عمار (١) سأل الصادق عليه‌السلام « عن القراءة خلف الإمام في الركعتين الأخيرتين فقال : الإمام يقرأ بفاتحة الكتاب ، ومن خلفه يسبح ، فإذا كنت وحدك فاقرأ فيهما ، وإن شئت فسبح » وصحيح ابن دراج (٢) « عما يقرأ الإمام في الركعتين في آخر الصلاة فقال : بفاتحة الكتاب ، ولا يقرأ الذين خلفه ، ويقرأ الرجل فيهما إذا صلى وحده بفاتحة الكتاب » وقال الصادق عليه‌السلام أيضا في صحيح منصور (٣) : « إذا كنت إماما فاقرأ في الركعتين الأخيرتين فاتحة الكتاب ، وإن كنت وحدك فيسعك فعلت أو لم تفعل » ولإطلاق‌ خبر الحميري (٤) المروي عن الاحتجاج ، بل عن البحار أن سنده قوي ، ويظهر من الشيخ أنه منقول بأسانيد معتبرة « إنه كتب إلى القائم عليه‌السلام يسأله عن الركعتين الأخيرتين قد كثرت فيهما الروايات ، فبعض يروي أن قراءة الحمد وحدها أفضل ، وبعض يروي أن التسبيح فيهما أفضل ، فالفضل لأيهما نستعمله ، فأجاب عليه‌السلام قد نسخت قراءة أم الكتاب في هاتين الركعتين التسبيح ، والذي نسخ التسبيح قول العالم عليه‌السلام : كل صلاة لا يقرأ فيها فهي خداج إلا العليل ، ومن يكثر عليه‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٤.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١٤.

٣٢٢

السهو ، فيتخوف بطلان الصلاة ». ومحمد بن حكيم (١) سأل أبا الحسن عليه‌السلام « أيما أفضل : القراءة في الركعتين الأخيرتين أو التسبيح؟ فقال : القراءة أفضل » ويؤيده مع ذلك الآية ، وما ورد في فضل قراءة القرآن (٢) وخصوص الفاتحة (٣) وعدم الخلاف في كيفيتها وعددها ، والخروج عن شبهة وجوبها ، وما دل (٤) على ضمان الإمام القراءة عن المأمومين في الصلاة الذي لا يتم إلا مع قراءته في سائر صلاته ، وغير ذلك.

وظاهر المتن ومن عبر كعبارته اختصاص ذلك بالإمام ، وأن غيره يبقى على الخيار من غير ترجيح ، خلافا للمحكي عن التقي ، واختاره في اللمعة من أفضلية القراءة مطلقا ، واليه مال في المدارك ، كما أنه يلوح من المحكي عن شيخه ، ولعله لما تقدم من النصوص ولو في بعض الدعوى ، إلا أنه ظاهر في استحباب التسبيح لغيره خاصة منفردا ومأموما ، بل لم نجد به قائلا ، بل في جامع المقاصد لم نجد قائلا باستحباب القراءة للإمام والتسبيح للمنفرد ، وتبعه عليه غيره ، مع أن المحكي عن الدروس التصريح بذلك ، كما أن المحكي عن موضع من المنتهى ذلك أيضا ، مع أنه أبدل المنفرد بالمأموم ، واستحسنه فيما نقل عنه في التذكرة ، وعن البحار أنه لا يخلو من قوة.

أما القول باستحباب التسبيح مطلقا فقد قيل : إنه ظاهر الصدوقين والحسن وابن إدريس ، واختاره في الوسائل والمنظومة والحدائق حاكيا له عن بعض علماء البحرين ، بل عن البحار أنه ذهب إليه جماعة من محققي المتأخرين ، كما أن التخيير‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١٠.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب قراءة القرآن.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب قراءة القرآن.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب الأذان والإقامة ـ الحديث ٢ والباب ٣١ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ٨.

٣٢٣

مطلقا ظاهر جملة من كتب أصحابنا المتقدمين منهم والمتأخرين ، بل هو كصريح المحكي عن موضع آخر من المنتهى ، لإطلاق ما دل (١) على التخيير ، وخصوص خبر علي بن حنظلة (٢) عن الصادق عليه‌السلام « سألته عن الركعتين الأخيرتين ما أصنع فيهما؟ فقال : إن شئت فاقرأ فاتحة الكتاب ، وإن شئت فاذكر الله فهو سواء ، قال : قلت : فأي ذلك أفضل؟ فقال : هما والله سواء ، إن شئت سبحت وإن شئت قرأت » وعن أبي علي أن الامام إن أمن من لحوق مسبوق بركعة استحب له التسبيح ، وإلا القراءة ، والمنفرد على تخييره ، والمأموم يقرأ فيهما ، واستحسنه في كشف اللثام بالنسبة إلى الامام ، بل عن المنتهى والحبل المتين اختياره أيضا ، وفي جامع المقاصد « ولو كان المصلي يتخير القراءة لعدم سكون نفسه إلى التسبيح فالتسبيح أفضل » ولعله إليه أشار في المحكي عن الروض ، وربما قيل : إن من لم تسكن نفسه إلى التسبيح فالتسبيح أفضل مطلقا ، فتحمل عليه رواية أفضلية التسبيح (٣) وقد تقدم ما عن الشيخ من التفصيل بين ناسي القراءة وغيره ، بناء على إرادته الفضل.

فتحصل من مجموع ما ذكرنا أقوال متعددة تنتهي إلى سبعة أو أزيد ، وقد يقوى في النظر منها استحباب التسبيح مطلقا للنصوص الكثيرة (٤) بل في مصابيح الطباطبائي دعوى تواترها بأفضلية التسبيح ، قال : « بل تضمن كثير منها الأمر به والنهي عن القراءة أو النفي لها » إلى آخره. منها‌ قول أبي جعفر عليه‌السلام في صحيح زرارة (٥) : « لا تقرأن في الركعتين الأخيرتين من الأربع الركعات المفروضات شيئا إماما كنت أو غير إمام ، قال : قلت : فما أقول فيهما؟ قال : إذا كنت إماما أو وحدك فقل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ثلاث مرات ، ثم‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٣.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١.

٣٢٤

تكمله تسع تسبيحات ، ثم تكبر وتركع » وعن الحلي أنه رواه في المستطرفات نقلا من كتاب حريز بن عبد الله عن زرارة ، إلا أنه أسقط « تكمله » إلى آخره ، وفي أول السرائر نقلا من كتاب حريز أيضا إلا أنه أضاف التكبير إليها ، ثم قال : ثلاث مرات ثم تكبر وتركع ، ومنه ينشأ احتمال أن زرارة سمعه مرتين ، وأن حريزا أثبته في كتابه كذلك ، فيكونان حينئذ خبرين ، واحتمال السهو في زيادة التكبير من القلم أو النساخ لا ينبغي فتحه في النصوص ، ولا داعي له بعد ظهور النقل في التعدد ، فتأمل جيدا. ومنها‌ قوله عليه‌السلام أيضا في صحيحه (١) أو حسنه : « عشر ركعات ـ إلى أن قال ـ : فزاد في الصلاة سبع ركعات ، هي سنة ليس فيهن قراءة ، انما هو تسبيح وتهليل وتكبير ودعاء ، فالوهم انما هو فيهن » وبمعناه‌ صحيح (٢) آخر له أيضا في أعداد الصلوات ، كما عن ابن إدريس أنه رواه نقلا من كتاب حريز عن زرارة ، وزاد « وانما فرض الله كل صلاة ركعتين وزاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبعا ، وفيهن الوهم ، وليس فيهن قراءة » ومنها‌ قوله عليه‌السلام أيضا في صحيحه (٣) أيضا المروي عن كتابي الشيخ فيمن أدرك الإمام في الأخيرتين قال : « فإذا سلم الامام قام فصلى ركعتين لا يقرأ فيهما ، لأن الصلاة انما يقرأ فيها في الأولين بأم الكتاب وسورة وفي الأخيرتين لا يقرأ فيهما ، انما هو تسبيح وتكبير وتهليل ودعاء ليس فيهما قراءة » ومنه يمكن الاستدلال أيضا بصحيح الحلبي (٤) « إذا قمت في الركعتين الأخيرتين لا تقرأ فيهما فقل : الحمد لله وسبحان الله » على إرادة الجملة الخبرية ، وأنها واقعة صفة للمعرف‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٦.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ـ الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ٤.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القيام ـ الحديث ٧ وفي الوسائل والتهذيب والاستبصار « الحمد لله وسبحان الله والله أكبر ».

٣٢٥

بلام الجنس القريب من النكرة ، كقوله : ولقد أمركم على اللئيم يسبني ، أو الطلبية على تصحيف الواو بالفاء كما عن المنتهى لكن كان عليه ذكر حذف الفاء عن لفظ « لا » مع التصحيف المزبور.

ومنها‌ ما رواه الصدوق (١) عن محمد بن عمران ، وفي المصابيح أو محمد بن حمران ، وفي العلل محمد بن حمزة أو محمد بن أبي حمزة على اختلاف النسخ عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في حديث سألته لأي علة صار التسبيح في الركعتين الأخيرتين أفضل من القراءة؟ قال : لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله عز وجل فدهش ، فقال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فلذلك صار التسبيح أفضل من القراءة » بل في تتمة الخبر المزبور إشعار بأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إماما للملائكة ، ولا يخفى عليك بعد ما سمعته عن العلل أنهما خبران يمكن تصحيح السند بناء على بعض النسخ فيهما.

ومنها‌ المرسل (٢) عن الفقيه والعلل عن الرضا عليه‌السلام « انما جعل القراءة في الركعتين الأولتين والتسبيح في الأخيرتين للفرق بين ما فرضه الله من عنده وبين ما فرضه الله من عند رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » ومنها‌ خبر موثق محمد بن قيس (٣) عن أبي جعفر عليه‌السلام « كان أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا صلى يقرأ في الأولتين من صلاته الظهر سرا ، ويسبح في الأخيرتين من صلاته الظهر على نحو من صلاته العشاء ، وكان يقرأ في الأولتين من صلاته العصر سرا ، ويسبح في الأخيرتين على نحو من صلاته العشاء » قيل : وفي‌ الصحيح (٤) عن الباقر عليه‌السلام « كان أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ إلى أن قال ـ : يسبح في الأخيرتين » ومنهما‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ٤.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ٩.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ٩.

٣٢٦

يستفاد المراد من‌ المرسل (١) المروي عن المعتبر عن علي عليه‌السلام إنه قال : « إقرأ في الأولتين وسبح في الأخيرتين ».

ومنها‌ خبر رجاء بن الضحاك (٢) « انه صحب الرضا عليه‌السلام من المدينة إلى مرو فكان يسبح في الأخراوين ». ومنها‌ خبر عبيد بن زرارة (٣) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الركعتين الأخيرتين من الظهر قال : تسبح وتحمد الله وتستغفر لذنبك ، وإن شئت فاتحة الكتاب فإنها تحميد ودعاء » ومنها‌ صحيح أبي خديجة (٤) عن الصادق عليه‌السلام « إذا كنت إمام قوم فعليك أن تقرأ في الركعتين الأولتين ، وعلى الذين من خلفك أن يقولوا : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وهم قيام ، فإذا كان في الركعتين الأخيرتين فعلى الذين خلفك أن يقرءوا فاتحة الكتاب ، وعلى الامام التسبيح مثل ما يسبح القوم في الركعتين الأخيرتين » بل قد يستفاد من لفظ « مثل » في ذيله استحباب التسبيح مطلقا ، كما أنه يستفاد منه أن قراءة المأمومين لأنهم مسبوقون ، بل لعله الظاهر من لفظ « كان » فتأمل جيدا.

ومنها‌ صحيح زرارة (٥) عن الصادق عليه‌السلام « إذا كنت خلف إمام ـ إلى أن قال ـ لا تقرأن شيئا في الأخيرتين ـ ثم قال ـ : والأخيرتان تبع للأولتين » ومنها صحيح معاوية بن عمار (٦) وخبر جميل بن دراج (٧) في الجملة المتقدمان سابقا‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٥.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٨ لكن نقل في الوسائل عن رجاء بن أبي الضحاك وهو الصحيح.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١٣ وهو صحيح سالم بن أبي خديجة.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٣١ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ٣.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٢.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٤.

٣٢٧

في دليل المفصل ، قيل : ومنها‌ صحيح معاوية بن عمار (١) أيضا عن الصادق عليه‌السلام قلت : « الرجل يسهو عن القراءة في الركعتين الأولتين ويذكر في الركعتين الأخيرتين أنه لم يقرأ قال : أتم الركوع والسجود؟ قلت : « نعم ، قال : إني أكره أن أجعل آخر صلاتي أولها » ونحوه ما في‌ صحيح ابن الحجاج (٢) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل الذي يدرك الركعتين الأخيرتين من الصلاة كيف يصنع بالقراءة؟ فقال : إقرأ فيهما فإنهما لك الأولتان ، ولا تجعل أول صلاتك آخرها » لكن قد يناقش فيهما بأن المراد منهما الرد على أبي حنيفة القائل بأن المأموم في الفرض يجعل ما أدركه آخر صلاته كالإمام ثم يستقبل بعد ذلك الأول فيجزيه حينئذ ذلك في رفع قراءة الفاتحة في الجميع ، كما أومأ إليه‌ مرسل النضر (٣) عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « قال لي : أي شي‌ء يقول هؤلاء في الرجل إذا فاته مع الامام ركعتان؟ قال : يقولون : يقرأ في الركعتين بالحمد وسورة ، فقال : هذا يقلب صلاته يجعل أولها آخرها ، فقلت : كيف يصنع؟ فقال : يقرأ بفاتحة الكتاب بكل ركعتين » فتأمل جيدا.

إلا أنك خبير بأنا في غنية بتلك النصوص المتعددة التي فيها المشتمل على ضروب الدلالة وتأكيدها ، والذي شهد القرائن بصحته ، كوجوده في الأصول المعتبرة من كتاب حريز المشهورة في زمن الصادق عليه‌السلام وغيره ، والذي هو في أعلى درجات الصحة ، بل لو قلنا باستفادة مذاهب الرواة من رواياتهم لعلم أنه مذهب الأساطين من المعاصرين للأئمة عليهم‌السلام وغيرهم ، إلى غير ذلك من الأمور‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٨.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ٧ لكن روى في الوسائل عن أحمد بن النضر مرسلا.

٣٢٨

التي لا تخفى على الخبير الممارس ، كمخالفتها للعامة العمياء الذين جعل الله الرشد في خلافهم ونحوها مما يعلم به قصور غيرها سندا وعددا ودلالة وقرائن عن تقييد المطلق منها فضلا عن المعارضة ، مع أن صحيح معاوية بن عمار منها في سنده محمد بن أبي حمزة ، وهو مشترك بين الثمالي والثمبلي (١) والثاني منهما لم ينص على توثيقه في كتب الرجال على ما قيل إلا رجال ابن داود ، فقال : إنه ثقة فاضل ، مع أنه نقله عن رجال الشيخ الخالي عن ذلك ، وكأنه اشتبه بالثمالي الذي حكي عن حمدويه أنه قال : فيه ذلك ، فلعله اشتبه فيه ، وربما احتمل اتحادهما وتصحيف الثمالي بالثميلي ، ولم يبين فيه المراد من السؤال عن القراءة ، ولم يعمل أحد بمجموع ما فيه سوى ما سمعته من موضع من المنتهى ، بل هو غير موافق له أيضا بناء على ظهوره في أفضلية القراءة للمنفرد ، وصدر الجواب فيه غير مطابق للسؤال ، بل قد يستشعر من هذه المخالفة فيه أن المراد بيان أمر آخر ، وهو استحباب المخالفة بين الامام والمأموم كما لعله يستفاد من خبر أبي خديجة وغيره ، بل ومن خصوص الصحيح المزبور بناء على إرادة الاجتماع من الأمرين بالقراءة والتسبيح فيكون قراءة الإمام فيه تحصيلا لفضيلة المخالفة لا الأفضلية من حيث الصلاة ، ولا ينافيه الأمر بالقراءة مع أن المخالفة تحصل بكل منهما ، لاحتمال أن الأمر بها من جهة نهي المأموم عن القراءة خلف الامام كما في صحيح جميل وغيره من النصوص المذكورة في باب الجماعة ، وتوظيف التسبيح له ، فأمر الإمام بها بناء على محافظة المأموم على وظيفته ، ولذا لو اتفق احتياج المأموم للقراءة أمر الإمام بالتسبيح كما يومي اليه خبر أبي خديجة الآتي (٢) فتأمل جيدا.

__________________

(١) هكذا في النسخة الأصلية ولكن الموجود في كتب التراجم التيملي.

(٢) هكذا في النسخة الأصلية والصحيح « خبر ابن أبي خديجة السابق » بدل « خبر أبى خديجة الآتي » لأنه تقدم ذكره سابقا ولا يأتي ذكره لاحقا وراجع التعليقة « ٤ » على صحيفة ٣٢٧ في ضبط الراوي أيضا.

٣٢٩

بل قد يقال : بأن مقتضى الجمع بينه وبين الصحيح المزبور التخيير للإمام ، فيكون حينئذ من قبيل النصوص الآمرة بالقراءة منفردا أو بالتسبيح منفردا التي لا دلالة في كل منهما على أفضلية أحدهما ، ضرورة إلغاء ما يشعر به كل منهما من التعيين بالآخر وهذا بخلاف النصوص التي يستفاد منها التعيين من غير جهة ظاهر الأمر ، بل إما بالتصريح أو غيره ، فإنه بعد قيام الإجماع مثلا على التخيير لا بد من تنزيل التعيين المزبور على الأفضلية ، فتأمل جيدا فإنه ربما دق ، وعليه بنينا الاستدلال على أفضلية التسبيح مطلقا بجملة من النصوص المزبورة.

هذا كله مع احتمال الصحيح التقية ، إما لعدم اعتبار وجود قائل بالخصوص فيها بل يكفي مجرد إيقاع الخلاف بين الشيعة كي لا يعرفوا فيؤخذوا ، وإما لأن المراد بها تعليم التقية في العمل ، بمعنى أنكم إذا كنتم أئمة فاقرأوا ، لأنه غالبا يحصل في الجماعة منهم ، ولأن الإمام منكم مما يتجسس عن أحواله وأفعاله ، ولعل ما في‌ صحيح جميل (١) من قوله عليه‌السلام : « فيسعك » إيماء اليه ، على أن المنقول عن أبي حنيفة منهم التخيير بين القراءة والتسبيح والسكوت ، وأن القراءة أفضل ، خلافا للمحكي عن الشافعي فالقراءة ، فأوجبها في الأخيرتين ، ولمالك في ثلاث ركعات من الرباعية ، فلعل الأمر بالقراءة لإيهام الوجوب.

وبذلك كله بان لك ما في النصوص الباقية خصوصا خبر محمد بن حكيم الذي هو مع ذلك ضعيف السند ، وقل من أفتى بمضمونه من إطلاق الفضل المستلزم لطرح تلك النصوص رأسا ، ومثله التوقيع (٢) الذي ظاهره وقوع النسخ بعد النبي ( صلى الله‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١١ وهو صحيح منصور لأن لفظ « فيسعك » مذكور فيه ولم يذكر في صحيح جميل.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١٤.

٣٣٠

عليه وآله ) ، ووجوب القراءة أو أفضليتها مطلقا بقرينة السؤال ، ولفظ الخداج الذي هو بمعنى النقصان كما قيل ، وقد عرفت قلة المفتي بهما ، وظاهره أيضا أن المراد من قول العالم كل ركعة من كل صلاة ، وهو كما ترى ، وأما التأييد بما سمعت فمنه ما هو غير مجد ، ومنه ما هو غير مسلم ، كدعوى أنه الأوفق بالاحتياط ، إذ فيه أن شبهة القول بوجوب التسبيح أقوى نصا وفتوى مع الإشكال في الجهر بالبسملة من الفاتحة وعدمه ، فلا محيص حينئذ بعد ذلك كله عن القول بأفضلية التسبيح مطلقا من حيث الصلاة ، إذ لم يبق معارض لتلك النصوص إلا خبر علي بن حنظلة (١) الذي مع ضعف سنده يجب طرحه في مقابلتها ، أو تأويله بإرادة التسوية في الأجزاء ردا على من عين القراءة منهم ، أو غير ذلك ، والله أعلم بحقيقة الحال.

وقراءة سورة كاملة بعد الحمد في الثنائية والأولتين من غيرها واجب في الفرائض مع سعة الوقت وإمكان التعليم للمختار وفاقا للمشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا ، بل بما ظهر من بعضهم كالمحكي من عبارة التهذيب في قراءة « والضحى » وغيره أنها كذلك ، بل في صريح الغنية وعن الانتصار والوسيلة وشرح القاضي لجمل العلم والعمل الإجماع عليه ، كما عن الأمالي نسبته إلى دين الإمامية وفي ظاهر مصابيح الطباطبائي أو صريحه الإجماع عليه أيضا.

وقيل والقائل كما قيل : الكاتب والحسن والشيخ في النهاية والديلمي في المراسم والمصنف في المعتبر والفاضل في المنتهى لا يجب ومال إليه جماعة من متأخري المتأخرين ولا ريب أن الأول مع كونه أحوط أقوى ، لما سمعته من الإجماعات المعتضدة بعمل الفرقة في سائر الأعصار والأمصار ، وبتلك الشهرة العظيمة بل لعل المخالف في غاية الندرة ، إذ المحكي عن الكاتب ظاهر في وجوب البعض ، وهو‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٣.

٣٣١

غير ما نحن فيه ، كما أن المحكي عن الحسن أنه قال في المتمسك : « أقل ما يجزي في الصلاة عند آل الرسول ( صلوات الله عليه وعليهم ) من القراءة فاتحة الكتاب » وربما يريد بيان المجزي ولو في بعض الأحوال كالضيق ونحوه ، وأما النهاية فمع أنها ليست معدة للفتوى ، وفي الرياض قد رجع عنها في جملة من كتبه المتأخرة كالخلاف والمبسوط مدعيا فيها أن الوجوب هو الظاهر من روايات الأصحاب ومذاهبهم قد حكي عنها أيضا ما هو ظاهر أو صريح في الوجوب ، كقوله : ومن ترك بسم الله الرحمن الرحيم متعمدا قبل الحمد أو بعدها قبل السورة فلا صلاة له ، ووجب عليه إعادتها ، فهي مشوشة لا ينبغي التعويل عليها ، بل يقطع من نظر فيها أن المراد التعبير عن مضمون كل خبر بصورة الفتوى وإن كانت متعارضة ، فانحصر الخلاف في الديلمي قبل المصنف ، مع أن المحكي عن الآبي أن المذهب المشهور يلوح من كلام المفيد وسلار ، وأما المصنف فقد صرح في النافع باختيار المشهور ، بل لعله ظاهره هنا أيضا ، والمحكي عن المنتهى صريح في الوجوب وعدم جواز التبعيض ، نعم قال بعد ذلك : « لو قيل فيه : أي التبعيض روايتان : إحداهما جواز الاقتصار على البعض ، والأخرى المنع كان وجها ، ويحمل المنع على كمال الفضيلة » وهو كما ترى قد ذكره وجها لا ينافي الفتوى الأولى ، بل في الرياض « أن وجوب السورة وإجزاء البعض مسألتان مختلفتان ، لا ينافي القول بالاجزاء في الثانية منهما الوجوب في الأولى ، كما يظهر من المحكي عن المبسوط ، حيث قال : « قراءة سورة بعد الحمد واجب غير أن من قرأ بعض السورة لا يحكم ببطلان صلاته » ـ قال ـ : وقريب منه الفاضل في المنتهى حيث أنه بعد حكمه بوجوب السورة بكمالها وفاقا لأكثر علمائنا حكي المخالفة فيه عن النهاية خاصة » ثم نقل عن الإسكافي والمبسوط عبارتيهما المتقدمتين ، ومال إلى قولهما بعده معربا عن تغاير المسألتين : أي مسألة وجوب السورة بكمالها وعدم بطلان الصلاة بتبعيضها ، وحينئذ فلم يظهر من الإسكافي المخالفة في‌

٣٣٢

المسألة الأولى ، وفيه أن المعروف بين القائلين بالوجوب عدم الفرق في البطلان بين الكل والبعض ، بل ربما ادعي إجماعهم عليه حتى تمموا به دلالة النصوص المتضمنة لوجوب البعض على المطلوب ، بل هو مقتضى أدلة الوجوب أيضا ، إذ احتمال إرادة التعبدي من وجوب كمال السورة والشرطي من البعض سمج لا يرتكبه فقيه.

فلا بد حينئذ من حمل تلك العبارات الموهمة لذلك على إرادة وجوب البعض كما هو ظاهر المحكي عن الإسكافي ، أو على إرادة الاستحباب المؤكد من لفظ الوجوب في نحو عبارة المبسوط كما وقع له في التهذيب وغيره في بحث المواقيت ، لكن ينافي ذلك كله ما يحكى عن المبسوط من التصريح بحرمة التبعيض كالقرآن مع قوله بعدم البطلان ، فلا بد حينئذ من إرادة الوجوب التعبدي خلاف ظاهر المنتهى من التخيير بين البعض والكل وإن كانا هما معا كما ترى ، بل لم أجد هذا الذي حكي أخيرا عن المبسوط فيما حضرني من نسخته ، فيقوى حينئذ إرادة ما سمعته منه ، فلاحظ.

وكيف كان فقد ظهر لك ندرة المخالف فيما نحن فيه أو عدمه ، فالإجماعات المحكية حينئذ بعد اعتضادها بالتتبع لا ينبغي التأمل في حجيتها في المقام ، مضافا إلى تأييده مع ذلك بأنه المتعارف المعهود من صلاتهم عليهم‌السلام التي أمرنا بالتأسي بها كما دلت عليه جملة من النصوص (١) المتضمنة لفعل أمير المؤمنين عليه‌السلام وفعل الرضا عليه‌السلام وغيرهما ، بل في المنتهى أنه قد تواتر النقل (٢) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه صلى بالسورة بعد الحمد وداوم عليها ، وهو بنفسه مشعر بالوجوب فضلا‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٤ والباب ١٠ منها ـ الحديث ١٠ والباب ١٣ من أبواب أعداد الفرائض ـ الحديث ٢٤.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٢ والباب ٢٤ منها ـ الحديث ٣ و ٦.

٣٣٣

عن‌ قوله (ص) (١) : « صلوا كما رأيتموني أصلي » وب‌ قول الصادق عليه‌السلام في صحيح منصور بن حازم (٢) : « لا تقرأ في المكتوبة بأقل من سورة ولا بأكثر » وأحدهما عليهما‌السلام في صحيح العلاء (٣) « في الرجل يقرأ السورتين في الركعة فقال : لا ، لكل ركعة سورة » ومكاتبة يحيى بن عمران (٤) لأبي جعفر عليه‌السلام « جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاته وحده في أم الكتاب فلما صار إلى غير أم الكتاب من السورة تركها؟ فقال العياشي ( العباسي خ ل) : ليس بذلك بأس ، فكتب بخطه يعيدها مرتين على رغم أنفه يعني العياشي ( العباسي خ ل) » وخبر معاوية بن عمار (٥) قلت لأبي عبد الله (ع) : « إذا قمت للصلاة أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في فاتحة القرآن قال : نعم ، قلت : فإذا قرأت فاتحة القرآن أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم مع السورة قال : نعم » ومفهوم‌ صحيح الحلبي (٦) عن الصادق عليه‌السلام قال : « لا بأس بأن يقرأ الرجل في الفريضة بفاتحة الكتاب في الركعتين الأولتين إذا ما أعجلت به حاجة أو تخوف شيئا » إذ البأس إما بمعنى العقاب كما عن القاموس ، أو المراد منه هنا ذلك للشهرة ، أو لعدم ظهور القول بالكراهة من القائل بعدم الوجوب ، والتقرير على الاشتراط في‌ خبر الصيقل (٧) « أيجزي عني أن أقرأ في الفريضة بفاتحة الكتاب وحدها إذا كنت مستعجلا أو أعجلني شي‌ء فقال : لا بأس » والمفهوم من وجهين في‌ خبر ابن سنان (٨) « يجوز للمريض أن يقرأ في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها ، ويجوز للصحيح في قضاء صلاة التطوع بالليل والنهار » وما عساه يظهر من‌ سؤال‌

__________________

(١) صحيح البخاري ـ ج ١ ص ١٢٤ و ١٢٥.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٣.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٦.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٥.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٢.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٤.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٥.

٣٣٤

علي بن جعفر (١) أخاه عليه‌السلام كبعض الأخبار السابقة وغيرها من معلومية عدم الاجزاء بالاختيار ، وأنه مفروغ منه عند الرواة ، قال : « سألته عن الرجل يكون مستعجلا يجزيه أن يقرأ في الفريضة بفاتحة الكتاب وحدها فقال : لا بأس » وإشعار لفظ البدأة في‌ الموثق (٢) « سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فينسى فاتحة الكتاب ـ إلى أن قال ـ : فليقرأها ما دام لم يركع ، فإنه لا قراءة حتى يبدأ بها في جهر أو إخفات » ونحوه في التعبير بالبدأة المروي عن العلل (٣) إلى غير ذلك من الرضوي (٤) والنصوص الصريحة أو الظاهرة أو المشعرة المذكورة في تضاعيف ما تسمعه من المسائل كعدم القراءة بالسور الطوال وبالعزائم والكف عن القراءة في حال المشي كما نص على ذلك في المصابيح ، وفي باب الجماعة والأذان وفي قراءة الجمعة والمنافقين والتوحيد في صورة الغلط بغيرها وعدمه ، ونحوها من سور القرآن ، خصوصا الدالة على الجمع بين « الضحى » و « ألم نشرح » (٥) و « الفيل » و « لإيلاف » (٦) ولو مع الإتمام بعدم القول المعتد به بالفصل ونحوه ، بل قيل والنصوص (٧) والإجماعات الدالة على وجوبها في صلاة العيد بناء على ظهور تلك الأدلة في مساواتها للفريضة في الكيفية عدا زيادة التكبير ، أو على عدم القول بالفصل ، فتأمل ، بل قيل وأخبار القرآن (٨) وما دل على تقديم مراعاة السورة على الصلاة ، وغير ذلك مما هو محل للنظر أو معلوم البطلان.

فما عساه يظهر من بعض متأخري المتأخرين من الميل إلى الاستحباب خصوصا‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٦.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٣.

(٤) المستدرك ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب القراءة في الصلاة.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب القراءة في الصلاة.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب صلاة العيد.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب قراءة القرآن.

٣٣٥

بالنسبة إلى البعض لصحة النصوص وكثرتها وصراحتها بذلك لا ينبغي الالتفات اليه بعد ما عرفت ، على أنها جميعها لا تأبى الحمل على النافلة أو الضرورة أو التقية أو نحو ذلك ، بل ربما كان صراحتها خصوصا نصوص البعض أكبر شاهد على بعض ما ذكرنا ضرورة معروفية كونه شعار العامة ، كما أن الإكمال من شعار الخاصة ، وربما كان في‌ خبر إسماعيل بن الفضل (١) إشارة اليه ، قال : « صلى بنا أبو عبد الله عليه‌السلام أو أبو جعفر عليه‌السلام فقرأ بفاتحة الكتاب وآخر سورة المائدة ، فلما سلم التفت إلينا فقال : أما إني إنما أردت أن أعلمكم » وكذا‌ خبر سليمان بن أبي عبد الله (٢) قال : « صليت خلف أبي جعفر عليه‌السلام فقرأ بفاتحة الكتاب وآي من البقرة فجاء أبي فسئل فقال : يا بني إنما صنع ذا ليفقهكم وليعلمكم » بل اعتذاره عليه‌السلام مع سؤاله في الخبر الثاني كالصريح في ذلك.

انما الكلام فيما عساه يظهر من القيود في المتن من عدم وجوبها في النوافل وضيق الوقت وحال عدم إمكان التعلم وعدم الاختيار ، أما الأول فلا أجد فيه خلافا نصا (٣) وفتوى ، نعم قد يقال باشتراطها في خصوص بعض النوافل التي ورد الأمر بها فيها بالخصوص ، كصلاة جعفر عليه‌السلام (٤) ونحوها على إشكال فيه أيضا ينشأ من وجوب حمل المطلق على المقيد وعدمه في المستحبات ، ولو عرض وصف الفرض للنافلة وبالعكس ففي سقوط السورة ووجوبها وعدمهما بحث أشبعنا الكلام فيه في أحكام الخلل.

وأما الضيق فقد يدل عليه الإجماع المحكي على سقوط حال الضرورة في الرياض‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب القراءة في الصلاة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة جعفر عليه‌السلام.

٣٣٦

وعن المعتبر والتذكرة مع زيادة الاستعجال ، والمفاتيح معتضدا بنفي الخلاف فيه في التنقيح ، وبين أهل العلم في المنتهى ، بل في المحكي عن البحار من الإجماع على الضرورة التمثيل به وبالخوف والمرض لها كالمدارك في معقد نفي خلافه ، وفي التنقيح لا كلام مع الضيق ، ويدل عليه أيضا فحوى ما سمعته وتسمعه من عدم وجوبها على المستعجل ونحوه ضرورة أولوية مراعاة الوقت من ذلك ونحوه ، بل قد يستدل له أيضا بإطلاق ما دل على إجزاء الفاتحة وحدها في بعض الصحاح (١) وإن قيد في بعض آخر (٢) بالاستعجال ونحوه ، كما أنه قد يومي اليه ما ورد (٣) في باب الجماعة من أمر المسبوق بقراءة الفاتحة دون السورة إذا خاف عدم اللحوق ، ولا أقل من أن يكون ذلك كله سببا للشك في شمول ما دل على وجوبها لمثل الحال ، لكن مع هذا كله جزم الكركي بعدم سقوطها لذلك ، قال : « لأنه لا يعد ضيق الوقت ضرورة ، خصوصا بالنسبة إلى الحائض إذا طهرت وقد بقي من الوقت ركعة بدون السورة » وفيه منع انحصار المسقط في الضرورة أولا لما سمعته من نصوص المستعجل ونحوه ، ومنع كون الضيق ليس بضرورة ثانيا ، وقد تقدم سابقا منا كلام في ذلك عند البحث عن وجوب الصلاة على الحائض ونحوها بإدراك الركعة ، نعم قد يتأمل في سقوطها للضيق لغير إدراك الركعة بل لباقي أجزاء الصلاة ، خصوصا التسليم ونحوه بمعنى أن قراءتها مفوت لوقوع مثل هذه الأبعاض في الوقت ، فان في عدم وجوبها لذلك نظرا بل منعا.

وأما السقوط لعدم إمكان التعلم فقد أشبعنا الكلام فيه آنفا.

وأما الاختيار فقد عرفت دعوى الإجماع من غير واحد على عدم وجوبها حال الضرورة ، كما أنك قد سمعت النصوص التي تشهد لذلك في الجملة كالمرض والاستعجال‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٤.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ٤.

٣٣٧

ونحوهما ، بل في كشف اللثام الإجماع على عدم وجوبها في خصوص هذين الحالين ، بل قد يقال بكفاية مطلق الحاجة التي تعجله ، أضر به فوتها دنيا أو آخرة أو لا ، بل وبكفاية مطلق المرض ، شق عليه قراءتها أولا ، اللهم إلا أن يدعى أن المنساق إلى الذهن من المرض أو الاستعجال ما شق عليه القراءة معهما ، ولعله لذا قيد الكركي المرض المسقط لها بذلك.

ثم لا يخفى أن السقوط في أكثر هذه المقامات رخصة لا عزيمة حتى يقال لو جاء بها بنية الجزئية تفسد الصلاة بناء على فسادها بنحو ذلك ، ضرورة أنه يتم في موضع كان سقوطها فيه عزيمة كما في الضيق والخوف مثلا ونحوهما ، كما أنه يتم البطلان أيضا في محل الفرض لو نوى بها الوجوب إن قلنا : إن فعل الأجزاء المندوبة بعنوان الوجوب مبطل ، إذ المقام منه بعد الرخصة في الترك قطعا ، فتأمل جيدا.

وكيف كان فهي انما تجب بعد الحمد بلا خلاف أجده ، بل لعله هو في معقد بعض ما حكي من الإجماع على وجوبها ، بل هو صريح المحكي عن فقه الرضا عليه‌السلام (١) كما هو ظاهر أخبار البدأة (٢) بل لعله المنساق إلى الذهن من سائر النصوص خصوصا البعض ، والمعهود في الوقوع منهم ومن أتباعهم ، بل يمكن دعوى تحصيل الإجماع عليه.

وحينئذ فـ ( لو قدمها ) أي السورة على الحمد عمدا أعادها أو غيرها بعد الحمد إن لم نقل ببطلان صلاته الذي صرح به الفاضل والشهيدان والمحقق الثاني وغيرهم ، بل لم أعرف أحدا صرح بالصحة قبل الأردبيلي فيما حكي من مجمعه وبعض‌

__________________

(١) المستدرك ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٤.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٢ و ٣ والمستدرك ـ الباب ٢٤ منها ـ الحديث ٢.

٣٣٨

أتباعه ، نعم ربما استظهر من إطلاق عبارة المتن والمبسوط الذي يمكن تنزيله على غير صورة العمد بنية الجزئية ، أما فيها فالمتجه البطلان للزيادة ، وللقرآن ، وللنهي المستفاد من الأمر (١) بالترتيب والبدأة ونحوهما مما دل على الترتيب ، ضرورة اقتضائه الفساد إذا تعلق بجزء العبادة ، لرجوعه إلى النهي عن الصلاة المقدم فيها السورة مثلا ، لكن قد يناقش بدعوى رجوعه إلى خصوص الجزء ، واقتضائه فساده خاصة لا الصلاة ، فإن اقتصر عليه بطلت ، لاستلزام بطلان الجزء بطلان الكل لا ما إذا تداركه ، إذ ليس فيه إلا الزيادة والتشريع ، ونمنع إبطالهما للصلاة مطلقا بناء على الأعمية كما سمعته سابقا ، تنزيلا لما دل على الأمر باستقبال الصلاة بالزيادة من النصوص (٢) على الركعات أو الركوعات ونحوها ، أو على غير القران ، لإطلاق ما دل (٣) على نفي البأس عنه في الصلاة ، ولذا كان الأقوى مكروهية القران عند المصنف ، مع أن أظهر أفراده الإتيان بالسورتين مثلا للصلاة ، والتشريع محرم خارجي عن الصلاة ، بل النهي فيه حقيقة عن الاعتقاد ، ودعوى كونه حينئذ من كلام الآدميين لأن الفرض حرمة القراءة يدفعها منع حرمة القراءة أولا ، بل الاعتقاد خاصة ، ومع التسليم نمنع كونه من كلام الآدميين بل هو قران قطعا ، نعم يمكن منع شمول ما دل على نفي البأس عن القران في أثناء الصلاة له ، لظهوره في غيره ، وهو مع التسليم ينحصر وجه البطلان فيه بالزيادة التي عرفت الكلام فيها ، وأن مقتضى القول بالأعمية عدم أصالة إبطالها ، وفرض المقام في السورة الطويلة كي تكون حينئذ من الفعل الكثير خروج عن محل البحث ، ضرورة كونه من حيث تقديم السورة ، فتأمل.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة ـ الحديث ١١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٩.

٣٣٩

ومن ذلك كله يظهر لك ما في تعليل البطلان بالزيادة أو القران أو نحوهما ، بل قد يمنع حصول الثاني للفصل المنافي لحقيقة القران ، اللهم إلا أن يراد به قراءة الأكثر من سورة وإن فصل بينهما ، لكنه قد يتخلص منه بإعادتها نفسها ، إذ دعوى صدق القراءة بالأكثر من سورة حينئذ ممنوعة ، ضرورة ظهوره في التغاير بين السورتين ، كما أنه ظهر لك أيضا أولوية عدم البطلان إذا لم يقصد الجزئية ، إذ ليس فيه حينئذ إلا احتمال القران الذي عرفت الحال فيه ، هذا. وفي الذكرى بعد أن حكم بالبطلان في صورة العمد قال : « لو لم تجب السورة لم يضر التقديم على الأقرب ، لأنه أتى بالواجب وما سبق قرآن لا يبطل الصلاة ، نعم لا يحصل له ثواب قراءة السورة بعد الحمد ، ولا يكون مؤديا للمستحب » وفيه أنه بناء على البطلان للزيادة بنية الجزئية لا فرق بين القول باستحبابها ووجوبها ، كما أن الظاهر تحققه بمجرد الشروع في السورة المقدمة لتحقق المقتضي للبطلان حينئذ به ، بل الظاهر أنه كذلك حتى لو كان مستلزما له ولو فيما يأتي كما لو قلنا : إن المانع القرآن مثلا الذي لا يتحقق إلا بعد أن يقرأ السورة في محلها مثلا ، لأنه بعد أن جاء بما هو مستلزم للمبطل لم يتصور أمره بعد ذلك بباقي أجزاء الصلاة ، واحتمال السهو لا يجدي بعد عدم معقولية التكليف حال التذكر الذي هو الأصل وحكم السهو فرعه كما هو واضح.

ولو كان التقديم للسورة سهوا فلا بطلان قطعا مطلقا ، لإطلاق ما دل (١) على اغتفاره وعدم بطلان الصلاة به ، بل في كشف اللثام وإن كانت المقدمة طويلة بحيث اندرجت في الفعل الكثير ، ولعله للأصل من غير معارض مع تجويز العدول من سورة إلى أخرى ، وصحيح علي بن يقطين (٢) النافي للبأس عن القرآن بين السورتين‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٤.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٩.

٣٤٠