جواهر الكلام - ج ٧

الشيخ محمّد حسن النّجفي

الجنيد وإدريس وأبو الصلاح ، وإن تفاوتت بعض عباراتهم صراحة وظهورا ، ومنهم الشهيد في الذكرى ، بل نسبه فيها إلى الكل إلا الأعمش ، ثم رده باستقرار الإجماع على خلافه ، وبأن الشيخ قال : لم يختلفوا في أن المراد بالطرفين صلاتا الصبح والعصر ، ومنهم العلامة في التذكرة ، بل نسبه فيها إلى عامة أهل العلم وإن حكى بعد ذلك خلاف الأعمش ، ومنهم الشهيد الثاني وسبطه ، ومنهم المصنف في ظاهر الكتاب في قسم الزوجات كغيره من الأصحاب والمعتبر ، ومنهم النيشابوري في تفسيره ناسبا له إلى الشرع كالراغب الأصفهاني في تفسيره ، ومنهم المقري كمصباح المنير وإن ذكر فيه أنه في عرف الناس من طلوع الشمس إلى غروبها ، لكن ظاهر كلامه بعد ذلك أنه أخذه من تعارف الإجارة ، مع انه حكم فيه بحمله على الأول فيها أيضا ، قيل وقال في شمس العلوم : آخر الليل قبل الفجر ، ومنهم الرازي في تفسيره وإن كان قد ذكره في أثناء احتجاج القائل بأن الظهر الصلاة الوسطى أو العصر ، لكن كلامه في تفسير قوله تعالى (١) ( فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ ) وقوله تعالى (٢) ( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) كالصريح في انتهاء الليلة بطلوع الفجر ، وقريب منه كلامه كالبيضاوي في تفسير قوله تعالى (٣) ( بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ ) ومنهم الزمخشري في ظاهر الأساس ، ومنهم الخليل بن أحمد في كتاب العين الذي هو الأصل في اللغة ، وعليه المعول والمرجع ، ومنهم الطيبي في شرح المشكاة ، إلى غير ذلك من كلمات المفسرين والفقهاء المتفرقة في الآيات والمقامات المختلفة ، كغسل يوم الجمعة وتراوح البئر وموقف الحج ونحوها.

ويؤيده مضافا إلى ذلك قوله تعالى (٤) ( أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ )

__________________

(١) سورة البقرة ـ الآية ١٩٤.

(٢) سورة الروم ـ الآية ١٦.

(٣) سورة آل عمران ـ الآية ٣٦ وسورة المؤمن ـ الآية ٥٧.

(٤) سورة هود عليه‌السلام ـ الآية ١١٦.

٢٢١

فإنه وان اختلف في إرادة العصر أو المغرب من أحد الطرفين إلا أن إرادة الصبح من الطرف الآخر لا خلاف فيها بين المفسرين ولا إشكال ، كما أنه لا إشكال في دخول طرف الشي‌ء فيه ، فيتحقق حينئذ أن الفجر طرف النهار الأول ، إذ احتمال إرادة طلوع الشمس منه وإطلاقه على زمان صلاة الصبح مجازا للقرب والمجاورة ـ كما أطنب فيه الإمام الرازي ، بل لعله يكون شاهدا لمذهب أبي حنيفة من اعتبار التنوير في صلاة الفجر الذي هو أقرب من غيره في التجوز بإطلاق الطرف عليه ، بل أولى منه ، لأنه أقرب من احتمال إرادة المضيق من زمن صلاة الفجر مجازا أيضا للمجاورة بقرينة الأمر الذي لا يتم إرادة الوجوب منه على التعيين إلا بذلك ، وإثبات الصحة حينئذ في غيره لدليل آخر ـ كما ترى ، ومما سمعت تظهر الدلالة في قوله تعالى (١) ( وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ ) خصوصا مع ملاحظة المقابلة ، وأن المراد من التسبيح الصلاة ، وقوله تعالى (٢) ( سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) كما اعترف به غير واحد من المفسرين ، وهو المنساق ، إذ احتمال جعل الغاية تقييدا لإخراج بعض الليلة لا ينبغي أن يصغى اليه ، وقوله تعالى (٣) ( وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ. وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ ) ضرورة اقتضاء المقابلة خروج الصبح عن مسمى الليل ، مع أن الظاهر إرادة القسم بوقت واحد الذي هو إدبار الليل وإقبال الصبح ، لتلازمهما أو ترادفهما ، كما يومي اليه ما عن الرازي في قوله تعالى (٤) : ( وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ. وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ ) فلاحظ وتأمل ليظهر لك أن الآية الأخرى دليل آخر على المطلوب سواء أريد من « عسعس » الإقبال أو الادبار ، وقوله تعالى (٥) : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ ) لما ستعرف‌

__________________

(١) سورة طه ـ الآية ١٣٠.

(٢) سورة القدر ـ الآية ٥.

(٣) سورة المدثر ـ الآية ٣٧ و ٣٨.

(٤) سورة التكوير ـ الآية ١٧ و ١٨.

(٥) سورة يونس عليه‌السلام ـ الآية ٥١.

٢٢٢

من أن البيتوتة الزمان الذي نهايته طلوع الفجر ، ولعله أراد ذلك الراغب الأصفهاني فيما حكي عنه من استدلاله بهذه الآية على أن النهار في الشرع اسم لما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، قال : لأن بات فلان يفعل كذا موضوعة لما يفعل بالليل ، وظل لما يفعل بالنهار ، إذ ذلك مجردا لا يدل على مطلوبه كما هو واضح ، وقوله تعالى (١) : ( أَيّاماً مَعْدُوداتٍ ) و ( فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ ) (٢) و ( لَيْلَةَ الصِّيامِ ) (٣) ( فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ ) (٤) منضما إلى قوله تعالى (٥) ( حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) ولأصالة عدم النقل والتجوز من التقييد وغيره ، ولا ينافيه قوله تعالى (٦) : ( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ ) عند التأمل ، فما ظنه بعضهم من أن « ثم والإتمام » قرينة على أن ساعة الفجر ليست من النهار ، وقد قرر ذلك بتكلف شديد وتعسف بعيد في غير محله ، فتأمل جيدا.

وقوله تعالى (٧) ( قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً نِصْفَهُ ) إلى قوله تعالى ( إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ ) إلى آخره. إذ من المعلوم أن الواجب على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القيام إلى الفجر وأنه هو الذي يلاحظ نصفه وثلثه وثلثاه كما دلت عليه الأخبار واعترف به المفسرون كما قيل ، وقوله تعالى (٨) : « ( فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ ) ـ إلى قوله تعالى ـ ( إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ، أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ )؟ » فان من لاحظ ما ورد في القطع ، وقوله تعالى (٩) ( نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ ) وقوله تعالى (١٠) ( وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ ) وما ورد (١١) في مخاطبة لوط مع الملائكة جزم بخروج ما بعد الفجر عن الليل ، كالجزم‌

__________________

(١) سورة البقرة ـ الآية ١٨٠.

(٢) سورة البقرة ـ الآية ١٨٠.

(٣) سورة البقرة ـ الآية ١٨٣.

(٤) سورة البقرة ـ الآية ١٩٢.

(٥) سورة البقرة ـ الآية ١٨٣.

(٦) سورة البقرة ـ الآية ١٨٣.

(٧) سورة المزمل ـ الآية ٢.

(٨) سورة هود عليه‌السلام ـ الآية ٨٣.

(٩) سورة القمر ـ الآية ٣٤.

(١٠) سورة القمر ـ الآية ٣٨.

(١١) سورة هود عليه‌السلام ـ الآية ٨٣.

٢٢٣

بالخروج أيضا للمقابلة في قوله تعالى أيضا (١) : « ( وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ. وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) » وفي قوله تعالى (٢) ( فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً ) ضرورة ظهور المقابلة في الخروج عن المقابل الآخر ، فتأمل. وقوله تعالى أيضا (٣) ( وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ : آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ ، وَاكْفُرُوا آخِرَهُ ، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) إذ المراد بالايمان وجه النهار الصلاة في أوله التي ليست إلا الفجر ، كما هو مستفاد مما ورد (٤) في سبب نزول هذه الآية من موافقة بعض اليهود النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صباحا لما رأوه يصلي إلى قبلتهم ، فلما حوله الله إلى الكعبة وكان في أثناء صلاة الظهر أو العصر كفروا به ، فلاحظ وتأمل.

قوله تعالى (٥) ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً ) بمعونة ما ورد (٦) من الأخبار في تفسيرها من أنه تشهدها ملائكة الليل صاعدة والنهار نازلة ، وغير ذلك مما يفيد الجزم بأن أول النهار الفجر ، وقوله تعالى (٧) ( وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ ) فإنه أطلق على وقت عذابهم الصبح والبكرة ، وقد صرح بأن الأخيرة عبارة عن أول النهار ، والفرض وقوع عذابهم الفجر ، وقوله تعالى (٨) ( يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ ) لأن الظاهر كما عن أكثر المفسرين الاعتراف به إرادة صلاة الفجر من التسبيح في الغداة ، وقد صرح اللغويون كما قيل بأن الغداة من النهار ، وقوله‌

__________________

(١) سورة الصافات ـ الآية ١٣٧ و ١٣٨.

(٢) سورة الانعام ـ الآية ٩٦.

(٣) سورة آل عمران ـ الآية ٦٥.

(٤) تفسير الصافي سورة آل عمران ـ الآية ٦٥.

(٥) سورة الإسراء ـ الآية ٨٠.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ و ٣ من كتاب الصلاة.

(٧) سورة القمر ـ الآية ٣٨.

(٨) سورة النور ـ الآية ٣٦.

٢٢٤

تعالى (١) ( وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) والكلام في البكرة كالكلام في الغداة ، وكذا التسبيح فيها.

ومنه حينئذ يظهر وجه الدلالة في قوله تعالى أيضا (٢) ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ ) وقوله تعالى (٣) ( وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً. وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً ) بل يزيد هذا بالمقابلة المشعرة بما ذكرنا ، كقوله تعالى أيضا (٤) ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ. وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ ) إذ لا ريب في ظهوره في أن التسبيح قبل طلوع الشمس الذي يراد به صلاة الفجر في غير الليل ، بل وكذا قوله تعالى (٥) ( وَالْفَجْرِ. وَلَيالٍ عَشْرٍ. وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ) إلى غير ذلك من الآيات المشعرة بالمطلوب بقرينة المقابلة وغيرها ، وتفصيل الكلام فيها بل وفيما ذكرناه من الآيات يفضي إلى إطناب تام لا يناسب وضع الكتاب ، كما أنه لا يناسبه أيضا ذكر جميع ما يدل على ذلك أو يشعر به من النصوص ، سيما وهي أكثر من أن تحصى وأوسع من أن تستقصى ، وقد جمع المجلسي في البحار شطرا منها يقرب إلى المائة من كتب متفرقة كالكافي والتهذيب والفقيه وفقه الرضا عليه‌السلام وقرب الاسناد ودعائم الإسلام والاحتجاج والعلل والخصال وتفسير علي بن إبراهيم والعياشي ومعاني الأخبار وتحف العقول وإرشاد القلوب وثواب الأعمال وعدة الداعي ومجالس الصدوق والتوحيد والعيون والمصباح للشيخ ومسار الشيعة للمفيد والإقبال والمقنعة ومجالس الشيخ والخلاف له والمعتبر والذكرى وغياث سلطان الورى ومصباح الكفعمي ودعوات الراوندي والسرائر في مقامات متشعبة ، كالصلاة الوسطى والصوم‌

__________________

(١) سورة الأحزاب ـ الآية ٤١.

(٢) سورة المؤمن ـ الآية ٥٧.

(٣) سورة الدهر ـ الآية ٢٥ و ٢٦.

(٤) سورة ق ـ الآية ٣٨ و ٣٩.

(٥) سورة الفجر ـ الآية ١ و ٢.

٢٢٥

وصلاة الليل والحج وتفسير بعض الآيات والأذان والقسم بين الزوجات والأغسال للجمعة والعيدين وغير ذلك ، وإن كان في جملة مما تخيل دلالته على المطلوب مناقشة ، لكن في الجملة الأخرى ووضوح الأمر مغناة.

خصوصا مع عدم دليل معتد به يشهد بخلاف ذلك ، إذ ليس سوى ذكر بعض أهل اللغة له ، وقد عرفت منشأه ، سيما والذاكر صاحب القاموس ونحوه ممن عادته الخلط والخبط ، وسوى قوله تعالى (١) ( يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ ) إذ المراد من القلب جعل الفجر أولا وبالعكس ، وهو لا يكون إلا بدعوى دخول الحمرة ثم الصفرة ثم البياض المتصل بطلوع الشمس في الليل ، كي يكون ما وقع في أوله من الحمرة المسماة بالشفق ثم الصفرة ثم البياض ثم السواد داخلا في آخره ، وكذا النهار ، وفيه ـ مع أنه واضح التكلف والتعسف ، بل ومناف لإيلاج الليل في النهار وتكويره عليه كما قيل ، وليس هو تقليبا لتمام الليل والنهار بل لنصفهما ـ أنه ليس بأولى من أن إيراد المعاقبة بينهما بتقليبهما ، أو نقصان أحدهما وزيادة الآخر ، أو تغير أحوالهما بالحر والبرد والظلمة والنور ، أو ما يعم ذلك ، أو يقال إن كلا منهما مقلوب الآخر باعتبار أن ابتداء اليوم ظهور البياض ، ثم يزداد إلى الزوال ، ثم ينقص إلى الليل ، والليل ظهور الظلمة ، ثم تزداد إلى الغسق ، ثم تنقص إلى طلوع الفجر ، بل ذلك أولى من وجوه ، خصوصا الأخير ، فتأمل.

وسوى قوله تعالى (٢) ( وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً ) إذ ليست هي إلا الشمس ، وسوى‌ قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) : « صلاة النهار عجماء » وانه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يغلس بصلاة الفجر (٤) وقال : « صلها بغبش » والغلس‌

__________________

(١) سورة النور ـ الآية ٤٤.

(٢) سورة الإسراء ـ الآية ١٣.

(٣) المستدرك ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٣ من كتاب الصلاة.

٢٢٦

والغبش ظلمة آخر الليل كما عن بعض اللغويين النص عليه ، وخبر أبان الثقفي (١) المروي عن تفسير علي بن إبراهيم المسؤول فيه الباقر (ع) عن الساعة التي هي ليست من الليل ولا من النهار ، فقال : « ساعة الفجر » ، وسوى‌ المروي في نهج البلاغة (٢) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام لما سئل عن مسافة ما بين المشرق والمغرب فقال : « مسيرة يوم للشمس » وسوى إطلاق نصف النهار على الزوال في عدة أخبار (٣) في باب الصوم وغيره ، بل وفي كلام اللغويين والفقهاء وغيرهم ، وسوى ما‌ ورد (٤) أيضا في عدة عنهم عليهم‌السلام « انه كان لا يصلي من النهار حتى تزول الشمس » وسوى‌ خبر عمر بن حنظلة (٥) « انه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام فقال له : زوال الشمس نعرفه بالنهار فكيف لنا بالليل؟ فقال : لليل زوال كزوال الشمس ، قال : فبأي شي‌ء نعرفه؟ قال : بالنجوم إذا انحدرت » إلى غير ذلك.

وفيه انه لا توقف لصدق إضافة الآية إلى النهار على استغراقها لجميع أجزائه ، على أن الظاهر حصول الابصار والضوء بسببها من أول طلوع الفجر وان لم يظهر جرمها من الأفق للحس ، ولهذا اختلفت أوقات المطالع بحسب الأقاليم ، بل في الذكرى منع أن الآية الشمس بل نفس الليل والنهار ، وهو من إضافة التبيين كإضافة العدد إلى المعدود ، والخبر ـ مع عاميته ، بل عن الدار قطني نسبته إلى الفقهاء مشعرا بتردد ما في‌

__________________

(١) المستدرك ـ الباب ٤٩ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٥ من كتاب الصلاة لكن رواه عن عمر بن أبان الثقفي.

(٢) نهج البلاغة ص ١٢١٨ الخطبة ٢٨٦ من ج ٦ المطبوع بطهران.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١١ من كتاب الصلاة والباب ٥ من أبواب من يصح منه الصوم ـ الحديث ١ و ٢ من كتاب الصوم.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٥ و ٦ و ٧ من كتاب الصلاة.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.

٢٢٧

سنده ـ محتمل لإرادة أغلب صلاة النهار ، بل ينبغي القطع بإرادة ذلك بملاحظة الجمع بينه وبين غيره من الأخبار (١) خصوصا المسؤول فيها عن الجهر بالفجر مع أنها من صلاة النهار التي يخفت فيها ، فأجاب عليه‌السلام بأنها لقربها من صلاة الليل أعطي حكمها ، والغلس والغبش وإن فسرا بما سمعت يجب إرادة أول الفجر منهما مجازا وتوسعا ، وإلا فليس جميع ما بين الطلوعين يسمى غلسا وغبشا ، وهو المدعى دخوله في الليل ، وخبر أبان وغيره محمول على إرادة بيان ذلك على مذاق السائل الذي هو من أهل الكتاب المصطلح عندهم اليوم من طلوع الشمس ، وخروج ساعة الفجر عن الليل والنهار كما يحكى عن براهمة الهند خروج ما بين الغروب إلى غروب الشفق عنهما أيضا ، ومنه يظهر الجواب أيضا عن خبر النهج ، لأن الغالب كون السائلين بهذه المسائل من أهل الكتاب ، أو يحمل على إرادة سيرها من حين الخروج من الأفق وإن لم تظهر إلى الحس إلا بعد حين كالغروب ، أو على إرادة التقريب ، وإلا ففي التحقيق مسيرة أقل من يوم ، كما كشف عنه‌ الخبر الآخر المروي (٢) عن الاحتجاج قال : « سأل أبو حنيفة أبا عبد الله عليه‌السلام كم بين المشرق والمغرب؟ قال : مسيرة يوم بل أقل من ذلك ، فاستعظمه فقال له : يا عاجز لم تنكر هذا؟ إن الشمس تطلع من المشرق وتغرب في المغرب في أقل من يوم » وإطلاق النصف مجاز شائع كما يومي اليه صدوره ممن يقول بابتداء النهار من طلوع الفجر ، فلاحظ. والمراد أنه لا يصلى من نوافل النهار شيئا حتى تزول الشمس ، لأنه كان يدس نافلة الفجر في صلاة الليل ، ويؤيده سوق هذه الأخبار لبيان بدعية صلاة الضحى ، أو المراد من النهار جزؤه مجازا أو غير ذلك ،

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب القراءة في الصلاة.

(٢) الاحتجاج للطبرسي ص ١٩٨ ـ المطبوع عام ١٢٦٩.

٢٢٨

بل يمكن دعوى شهادة ذيل بعض هذه النصوص المتضمنة ذلك كمرسل الصدوق (١) وخبر زرارة (٢) للمطلوب فلاحظ وتأمل وخبر ابن حنظلة مع الطعن في سنده يمكن تنزيله على كواكب تنحدر في منتصف ما بين الغروب وطلوع الفجر ، على أنه أمر تقريبي ، إذ تعيين كواكب مخصوصة كل ليلة لا يتيسر لأكثر الخلق ، مع أن الانحدار لا يتبين لهم إلا بعد مضي زمان من التجاوز عن دائرة نصف النهار ، وفي مثل ذلك لا يؤثر التقدم والتأخر بقدر ساعة أو أقل ، بل الظاهر أن عمدة المقصود من هذه العلامة معرفة وقت أول صلاة الليل الذي لا ينبغي (٣) الاحتياط فيه لأصالة عدم دخوله ، ويمكن أن يقال : إن أكثر الكواكب لا تظهر للأبصار إلا بعد مضي زمان من غروب الشمس ، فإذا حملت على الكواكب التي كانت عند ظهورها على الأفق فهي تصل إلى دائرة نصف النهار بعد مضي كثير من انتصاف الليل ، ولو حملت على تقدير انها كانت عند الغروب على الأفق فهذا مما لا يهتدي إليه أكثر العوام بل الخواص أيضا ، فلا بد من حملها على ما كانت ترى في البلدان في بدو ظهورها فوق الأبنية والجدران ، والظاهر في أمثالها أنها تصل إلى دائرة نصف النهار قبل انتصاف الليل المعهود ، فلذا اعتبر انحدارها بحيث يحصل منه الاطمئنان بصيرورة النصف لا أنه يقدر لها انحدار يساوي بعدها عن الأفق في أول طلوعها ، لعسره على أغلب الناس بل جميعهم ، ولا ينافيه التشبيه المزبور ، إذ لا يجب أن يكون على التحقيق من جميع الوجوه حتى يلزم اعتبار الوسط فيه بين الغروب والطلوع.

ومنه يعلم الحال في‌ خبر ابن محبوب (٤) عن الباقر عليه‌السلام « دلوك الشمس‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣١ ـ من أبواب أعداد الفرائض ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣١ ـ من أبواب أعداد الفرائض ـ الحديث ١.

(٣) ليس في النسخة الأصلية لفظة « ترك » وانما كتبت في هامشها وهو الصحيح لأن مقتضى أصالة عدم دخوله عدم ترك الاحتياط بالتأخير حتى يتيقن بالدخول.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢ من كتاب الصلاة.

٢٢٩

زوالها ، وغسق الليل بمنزلة الزوال » ولعل هذا الوجه يرجع إلى ما ينساق إلى الذهن من هذا الخبر من أن المراد انحدار غالب النجوم لا كواكب مخصوصة ، لأن الظاهر أن كثرة النجوم تكون في النصف الأخير في جهة الغرب ، هذا. ولكن في الرياض بعد أن نقل القول باعتبار طلوع الشمس في النصف عند البحث في صلاة الليل عن بعض الأصحاب ، واستدل عليه بالخبرين وطعن في سنديهما قال : إلا أنهما مناسبان لتوزيع الصلاة على أوقاتهما ، ومع ذلك هو أحوط جدا ، سيما مع وقوع التعبير عن الانتصاف بالزوال في غيرهما من الأخبار ، وإن كان فيه أيضا قصور في السند ، لاحتمال حصول الجبر بكثرة العدد ، وكأنه يريد ذلك في خصوص صلاة الليل ، وإلا فليس هو أحوط مطلقا في جميع الأحكام المعلقة على ذلك ، كانتهاء صلاة العشاء ونحوه ، على أن في كلامه نظرا من جهات أخر لا تخفى ، فتأمل.

وكيف كان فمما ذكرنا يظهر لك ما في الذكرى وتبعه عليه غيره من أن المراد انحدار النجوم الطوالع عند غروب الشمس ، ثم قال : « والجعفي اعتمد على منازل القمر الثمانية والعشرين المشهورة ، فإنه قال : إنها مقسومة على ثلاثمائة وستين يوما ، لكل منزل ثلاثة عشر يوما ، فيكون الفجر مثلا بسعة الأخبية ثلاثة عشر يوما ، ثم ينتقل إلى ما بعده وهكذا ، فإذا جعل القطب الشمالي بين الكتفين نظر ما على الرأس وبين العينين من المنازل ، فيعد منها إلى منزله ، ثم يؤخذ لكل منزلة نصف سبع ، وعلى هذا » إلى آخره.

قال : « والقمر يغرب في ليلة الهلال على نصف سبع من الليل ، ثم يتزايد كذلك إلى ليلة أربعة عشر ، ثم يتأخر ليلة خمسة عشر نصف سبع ، وهكذا » وهذا تقريب ، وهما معا ظاهران في اعتبار طلوع الشمس في التنصيف ، لكن قيل إنه ينبغي للشهيد مع ذلك اعتبار موافقة قوس نهار الكوكب لقوس ليل درجة الشمس من منطقة البروج أو قريبا منه ، كالسماك الأعزل بالنسبة إلى بعض درجات أواخر الحمل ، وإلا فهو لا يستقيم في الآفاق المائلة‌

٢٣٠

عن خط الاستواء باعتبار قلة ميل معدل النهار عن سمت الرأس وكثرته ، وقرب مدارات الكواكب بالنسبة إلى المعدل وبعده عنه ، ضرورة اختلافه اختلافا فاحشا ، إذ لو اتفق طلوع كوكب في أواسط المعمورة غروب الشمس فربما وصل إلى انتصاف النهار قبل انتصاف الليل بساعة كفرد الشجاع ، وبساعتين تقريبا كالشعراء اليمانية ، وربما تأخر بساعة ونصف تقريبا كالسماك الرامح ورأس الجوزاء وفم الفرس ، أو بساعتين تقريبا كالنسر الطائر والعيوق ونير الفكة ، أو بثلاث ساعات تقريبا كالنسر الواقع ، أو أربع ساعات كالردف ، بل ربما اتفق وصول بعض الكواكب القريبة من القطب الشمالي إلى نصف النهار بعد طلوع الشمس ، فلا بد حينئذ من التخصيص المزبور الذي يرجع إلى تخصيص هذا الاعتبار بأفق خط الاستواء ، إذ هو المنصف لمدارات الكواكب ، على أن الكاشاني مع أنه موافق الشهيد بإرادة الطوالع عند غروب القرص من النجوم المنحدرة لكن قال : فان قيل إنه قد تحقق أن ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ليس من الليل ، فلا يقع انحدار تلك النجوم إلا بعد مضي نصف ذلك الزمان من زوال الليل ، قلنا : كما أن ما بين الطلوعين ليس من الليل كذلك ليس ما بين غروب القرص وذهاب الشفق الشرقي منه ، ولهذا تؤخر صلاة المغرب إلى ذهاب الشفق ، فينتقص هذا من أول الليل كما ينتقص ذلك من آخره ، وهو جواب آخر عن الخبر المزبور ، وإن كان فيه نظر واضح.

وأما الجعفي فحاصل كلامه يرجع إلى بناء استعلام زوال الليل تارة بمنازل القمر المعلومة بين العرب ، وأخرى على غروب القمر وطلوعه ، أما الأول فلأن العرب قسموا مدار القمر على ثمانية وعشرين قسما ، وضبطوا حدود تلك الأقسام بكواكب وسموها منازل القمر ، وهي شرطين وبطين وغيرها من الأسماء المعروفة في محلها ، ومدة قطع الشمس تلك المنازل ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وشي‌ء ، فإذا قسمت على المنازل يقع بإزاء كل‌

٢٣١

منزل ثلاثة عشر يوما وشي‌ء ، فإذا حصل الاطلاع على منزل الشمس من تلك المنازل يمكن استخراج ما مضى من الليل وما بقي منه بملاحظة الطالع والمنحدر والغارب من تلك المنازل تقريبا بأدنى تأمل ، إذ عند غروب الشمس يكون المنزل السابع من المنزل الذي فيه الشمس على نصف النهار ، والسابع عشر على المشرق ، وفي كل نصف سبع من الليل يتفاوت بقدر منزل ، فيكون التفاوت في ربع الليل بقدر ثلاثة منازل ونصف ، وفي نصف الليل بقدر سبعة منازل ، وهكذا القياس ، وهذا أيضا تقريبي ، لاختلاف مدار الشمس والقمر وجهات أخر ، ولو حملنا الخبر عليه حملنا النجوم على نجوم المنزل الذي يكون مقابلا للمنزل الذي فيه الشمس.

وأما الثاني فضابطه أن يضرب عدد ما مضى من أول الشهر إلى الرابع عشر أو من الخامس عشر إلى الثامن والعشرين في الستة ، وقسمة الحاصل على السبعة ، فالخارج في الأول قدر الساعات المعوجة الماضية من الليل إلى غروب القمر ، وفي الثاني قدر الساعات المذكورة إلى طلوعه ، مثاله إذا ضربنا الأربعة في الستة حصل أربعة وعشرون ، فإذا قسمناها على السبعة خرج ثلاثة وثلاث أسباع ، فيكون غروب القمر في الليلة الرابعة وطلوعه في الثامنة عشر بعد ثلاث ساعات وثلاثة أسباع ساعة ، وكذا إذا قسمنا الحاصل من ضرب الخمسة في الستة وهو الثلاثون على السبعة خرج أربعة وسبعان ، فغروب القمر في الليلة الخامسة وطلوعه في التاسعة عشر بعد أربع ساعات وسبعي ساعة ، وهكذا ، وهذا أيضا تقريبي ، للاختلاف بحسب كثرة الزمان بين خروج القمر من الشعاع وأول ليلة الغرة وقلته وغيرهما ، هذا.

وعن بعض الأذكياء ذكر علامات لزوال الليل ، فقال : علامته في أول الحمل طلوع الردف ، وفي أواسطه انحدار السماك الأعزل ، وفي آخره طلوع النسر الطائر‌

٢٣٢

وغروب الشعراء الشامية والعيوق ، وفي أوائل الثور انحدار السماك الرامح ، وفي أواسطه غروب فرد الشجاع ، وفي أواخره طلوع فم الفرس وانحدار نير الفكة وعنق الحية وغروب قلب الأسد ، وفي أوائل الجوزاء انحدار رأس الجوزاء ، وفي أواسطه انحدار قلب العقرب ، وفي أواخره إشراف النسر الواقع على الانحدار ، وفي أوائل السرطان انحدار النسر الواقع ، وفي أواسطه غروب السماك الأعزل ، وفي أواخره انحدار النسر الطائر ، وفي أوائل الأسد طلوع العيوق وانحدار الردف ، وفي أواسطه طلوع الثريا وغروب الرامح ، وفي أواخره طلوع عين الثور وانحدار فم الفرس وغروب عنق الحية ، وفي أوائل السنبلة إشراف نير الفكة على الغروب ، وفي أواسطه غروب نير الفكة ، وفي أواخره طلوع يد الجوزاء اليمنى ورجلها اليسرى ، وفي أوائل الميزان غروب رأس الجوزاء ، وفي أواسطه طلوع الشعراء اليمانية ، وفي أواخره إشراف النسر الطائر على الغروب ، وفي أوائل العقرب غروب النسر الطائر ، وفي أواسطه طلوع قلب الأسد وغروب النسر الواقع ، وفي أواخره طلوع فرد الشجاع ، وفي أوائل القوس انحدار عين الثور وغروب فم الفرس ، وفي أواسطه انحدار العيوق ورجل الجوزاء اليسرى وغروب الردف ، وفي أواخره انحدار يد الجوزاء اليمنى ، وفي أوائل الجدي انحدار اليمانية ، وفي أواسطه انحدار الشامية وطلوع الرامح ، وفي أواخره طلوع الأعزل ونير الفكة ، وفي أوائل الدلو إشراف قلب الأسد على الانحدار ، وفي أواسطه انحدار قلب الأسد والفرد وطلوع العنق ، وفي أواخره إشراف رجل الجوزاء اليسرى على الغروب ، وفي أوائل الحوت طلوع الواقع وغروب رجل الجوزاء اليسرى ، وفي أواسطه غروب عين الثور ، وفي أواخره غروب اليمانية ويد الجوزاء اليمنى ، وهذا كله وإن كان مبنيا على طلوع الشمس إلا أنه يسهل الخطب كونه تقريبا ، فلا تفاوت تفاوتا فاحشا ، والله أعلم.

وأما وقت ركعتي الفجر فـ ( بعد ) طلوع الفجر الأول لأنه المتيقن‌

٢٣٣

نصا (١) وإجماعا في البراءة عن التكليف الاستحبابي ، ول‌ خبر محمد بن مسلم (٢) « سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن أول وقت ركعتي الفجر فقال : سدس الليل الباقي » بناء على مساواته لطلوع الفجر الأول ، خصوصا إن أريد النصف الثاني من لفظ الباقي فيه ، وقول الصادق عليه‌السلام في صحيحي ابن الحجاج (٣) والبزاز (٤) : « صلهما بعد الفجر » والمناقشة باحتمال عود الضمير إلى غير النافلة يدفعها معروفية السؤال عنها في النصوص ، مع استبعاد بيان حكم غيرهما ، سيما لمثل ابن الحجاج ، كالمناقشة باحتمال إرادة الفجر الثاني كما هو المنساق عند الإطلاق ، فيكونان محمولين على الرخصة أو التقييد ، كما يومي اليه‌ خبر أبي بصير (٥) « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : متى أصلي ركعتي الفجر؟ قال : فقال لي : بعد طلوع الفجر ، قلت له : إن أبا جعفر عليه‌السلام أمرني أن أصليهما قبل طلوع الفجر ، فقال : يا أبا محمد إن الشيعة أتوا أبي مسترشدين فأفتاهم بمر الحق ، وأتوني شكاكا فأفتيتهم بالتقية » ولعل من الشيعة ابني الحجاج والبزاز ، إذ يدفعها أيضا أن المجاز الأول في غاية البعد ، خصوصا بعد النهي عنهما بعده كما ستعرفه ، بل هو غير جائز بناء على عدم جوازها بعد الفجر على ما يحكى عن بعضهم ، وأصالة عدم التقية ، وانه مهما أمكن تنزيل الخبر على غيرها قدم عليها ، على أنه لو سلم كان خبر أبي بصير شاهدا للمطلوب ، ضرورة كون المراد بقبل الفجر فيه ما لا يشمل قبل الفجر الأول ، لعدم انصراف إطلاقها لما يتناول مثل ذلك وإن كان هو وغيره من مصاديق القبلية.

بل يؤيده التعبير في بعض النصوص (٦) المستفيضة المتضمنة للأمر بهما قبل‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٠ و ٥١ ـ من أبواب المواقيت من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٥ من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٥ من كتاب الصلاة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٦ من كتاب الصلاة.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢ من كتاب الصلاة.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب المواقيت من كتاب الصلاة.

٢٣٤

الفجر وبعده ومعه بتصغير القبل والبعد ، إذ هو باعتبار القلة قطعا ، والظاهر إرادة الفجر الثاني فيها لا الأول ، لأنه المنساق منه عند الإطلاق ، ولذا فهمه أبو بصير من إطلاق الصادق عليه‌السلام دون الكاذب المحتاج إلى التقييد به ، أو القرينة كما في الخبر السابق ، فتكون حينئذ جميعها بل كل ما ذكر فيه أنهما قبل الفجر من النصوص شاهدا للمطلوب ، خصوصا المشتمل منها على التصغير ، مضافا إلى‌ مرسل إسحاق بن عمار (١) عنه عليه‌السلام قال : « صل الركعتين ما بينك وبين أن يكون الضوء حذاء رأسك ، فإن كان بعد ذلك فابدأ بالفجر » بناء على إرادة الفجر الكاذب من الضوء المزبور كما فهمه الشيخ ، لأنه هو الذي يحاذي الرأس وإن استصوب بعضهم إرادة الأسفار الذي يكون بعد الفجر الثاني منه ، ويجعل آخر وقتي الركعتين ، أو يكون محمولا على التقية ، كخبر ابن أبي العلاء (٢) المشتمل على صلاتهما عند التنوير ، إلا أن الأول أولى منه ، فتأمل. ومضافا إلى موثق زرارة (٣) وصحيح ابن عثمان (٤) المتضمنتين لاعادتهما قبل الفجر لمن فعلهما بعد صلاة الليل ثم نام ، كما تسمعهما فيما يأتي ، إذ لا ريب في أن الإعادة لخصوصهما لحرمة وقتهما كما ذكرنا نظيره في مثل صلاة الليل التي تقدم على وقتها للسفر ونحوه إذا اتفق انه استيقظ وقتها ، وإلا لم يكن وجه للإعادة إذا فرض صدور الفعل في وقته بعد كون الأمر للطبيعة ، والنوم لو قدح لأمر بإعادة الجميع لا خصوصهما.

ولعله لهما قال المصنف وغيره‌ ويجوز أن يصليهما قبل ذلك ، والأفضل لمن صلاهما قبل الفجر الأول إعادتهما بعده إلا أنه كان عليه تقييده كالمحكي عن ابن فهد في المحرر بما إذا نام بعد دسهما في صلاة الليل ونحوه مما اشتملا عليه لا الإطلاق ،

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٧ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٤ من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٩ من كتاب الصلاة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٨ من كتاب الصلاة.

٢٣٥

اللهم إلا أن يدعى فهمه منهما وإن كان موردهما خاصا ، لكنه لا يخلو من تأمل ، بل كان عليه أيضا عدم تقييد ذلك بما إذا فعلهما قبل الفجر ، لإطلاق الخبرين المزبورين (١) وعلى كل حال هذا منه لا ينافي توقيتهما بالفجر الأول أولا ، لأنه رخصة في التقديم لا توقيت ، وفرق واضح بينهما ، فالاستدلال حينئذ بهذين الخبرين وغيرهما من الأخبار (٢) المستفيضة الآمرة بدسهما وحشوهما في صلاة الليل حتى لو فعلها في أول النصف الذي هو أول وقتها كما يشعر به جملة (٣) منها ، بل في صريح صحيح زرارة (٤) وظاهر غيره انهما من صلاة الليل على عدم توقيتهما بذلك وأنهما كصلاة الليل لا يخلو من تأمل ، ضرورة عدم الدلالة عليه بوجه ، بل في الأمر بحشوهما ودسهما فيها إشعار بخلافه ، بل لو أريد مشاركتهما لصلاة الليل في الوقت المذكور لم يكن لاعتبار بعدية صلاة الليل في فعلهما كما يشعر به هذه النصوص وجه ، بل لم يوجد خبر أمر فيه بفعلهما بعد النصف مثلا إن لم يختر المكلف لفعل صلاة الليل ، بل لعل ذلك مناف لاضافتهما للفجر ، وكونهما نافلة له أو لفريضته ، بل لا نافلة لوقت أو فريضة تقدم عليه كذلك غيرهما ، والحكم بأنهما من صلاة الليل ـ إن لم نقل بأن المراد فعلها في الليل لا بعد الطلوع تعريضا بالعامة كما يشعر به ذيل الخبر المزبور فلاحظ ، ولم نقل بأن الأمر بهما مع صلاة الليل إذا صادفت طلوع الفجر الأول ، لأنه الغالب والأفضل فعل صلاة الليل خصوصا الوتر في مثل هذا الوقت ـ محمول على إرادة الدس والحشو المزبورين ، بل النظر الدقيق يعطي من هذه النسبة تطفلهما عليها ، وأنها من التوابع واللواحق لا أنه توقيت لهما‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٨ و ٩ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ و ٦ و ٨ من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب أعداد الفرائض ـ الحديث ٩ والباب ١٤ الحديث ١ والباب ٤٣ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٣ من كتاب الصلاة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٣ من كتاب الصلاة.

٢٣٦

بذلك ، فضلا عن الامارات الأخر من الحشو والدس والأمر بإعادتهما واعتبار بعدية صلاة الليل فيهما ونحو ذلك.

فظهر لك حينئذ ان ما يحكى عن كافة المتأخرين إلا النادر ـ بل قيل إنه المشهور بين الأصحاب من عدم توقيتهما بذلك ، وأنهما بعد صلاة الليل ، بل عن ظاهر السرائر في موضعين والمعتبر والمنتهى وظاهر الغنية أو صريحها الإجماع عليه ، وإن كان في النقل عن المعتبر خلل ، بل لعل غيره مثله لهذه النصوص وشبهها ردا على المحكي عن المرتضى وسلار والشيخ في المبسوط من توقيتهما بذلك ـ في غير محله ، إلا أن يكون هؤلاء الثلاثة وأتباعهم منعوا من التقديم ولو رخصة ، أو يكون المتأخرون أثبتوا ذلك توقيتا ، وليس شي‌ء منهما ثابتا ، بل لعل الثابت خلافه في البعض ، إذ المحكي في المدارك وغيرها عن الشيخ منهم وجماعة استحباب إعادتهما لو صلاهما قبل الفجر الأول ، وهو صريح في جواز فعلهما قبله ، ومنه تعرف أن في تحرير جماعة هنا للنزاع بين الأصحاب خللا واضحا ، بل ربما يمكن دعوى لفظية النزاع بناء على ما ذكرنا ، فتأمل جيدا ، والله أعلم.

وكيف كان فـ ( يمتد وقتهما حتى تطلع الحمرة ثم تصير الفريضة أولى ) خلافا للإسكافي والشيخ في كتابي الأخبار كما قيل ، فمنعا من وقوعهما بعد الفجر ، ولعله لخبر أبي بصير السابق (١) والأمر بهما قبل الفجر في النصوص (٢) المستفيضة على وجه ظاهر في المنع منهما بعده ، خصوصا‌ صحيح زرارة منها (٣) عن أبي جعفر عليه‌السلام الذي أفتى الشيعة فيما نحن فيه بمر الحق دون التقية ، قال : « سألته عن ركعتي الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر فقال : قبل الفجر ، انهما من صلاة الليل ، ثلاث عشرة ركعة صلاة الليل ، أتريد أن تقايس لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تتطوع إذا دخل‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب المواقيت من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٣ من كتاب الصلاة.

٢٣٧

عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة » بل في بعضها (١) النهي عنهما بعد الفجر ، بل يستفاد من خبر أبي بصير السابق تنزيل كلما جاء من الأمر بهما بعد الفجر خصوصا إذا كان من الصادق عليه‌السلام على التقية ، مع احتمال تنزيله على الفجر الكاذب ، كما يشهد له الصحيحان السابقان (٢) كي توافق غيرها من الأخبار.

لكن المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا ، بل في الرياض لعلها كذلك خلافهما ، وفي مصابيح العلامة الطباطبائي أن المخالف شاذ بل لم نعلم الخلاف ، للنصوص (٣) المستفيضة المرخصة في فعلهما قبل الفجر وبعده ومعه المستبعد حملها جميعها على الفجر الكاذب الذي ينساق إلى الذهن من إطلاقه غيره لو سلم كون اللفظ حقيقة فيه ، أو التقية التي هي خلاف الأصل في أخبارهم ، خصوصا وبعضها عن أبي جعفر عليه‌السلام الذي أفتى الشيعة هنا بمر الحق دون التقية كما سمعته في خبر أبي بصير ، على أن المعروف من مذهب المخالفين أنهما لا يصليان إلا بعد طلوع الفجر لا جواز الثلاثة كما هو مضمون تلك النصوص ، ودعوى إرادة التقية على الفاعلين بالفعل دون اللفظ كما ترى لا ينبغي أن يصغى إليها هنا بعد أن ذكر فيها ما بعد الفجر منضما إلى الأمرين الآخرين لا منفردا ، وخبر أبي بصير يراد به الأمر بهما بعد الفجر كما يقوله العامة ، لا مطلق الاذن ولو على جهة المرجوحية المستفادة من النهي في أخبار الخصم كما صرح بها الطباطبائي في مصابيحه ، وخبر زرارة وإن كان ظاهره الحرمة إلا أنه ينبغي حمله على تعليم زرارة من جهة غلبة بحثه مع المخالفين لطريق المقايسة معهم والإلزام لهم على مذاقهم لو ادعوا لزوم الإتيان بهما بعد الفجر قياسا على نوافل الظهرين مثلا ، أو غير ذلك.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٤ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٥ و ٦ من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب المواقيت من كتاب الصلاة.

٢٣٨

نعم قد يتوقف في الامتداد المزبور وإن كان مشهورا نقلا وتحصيلا ، بل في ظاهر الغنية أو صريحها كما عن السرائر الإجماع عليه ، لكن لا دليل عليه إلا إطلاق البعدية الممنوع انصرافه إلى مثل ذلك ، خصوصا مع التصغير في بعضها ، ومرسل إسحاق بن عمار (١) السابق الذي قد عرفت احتمال حمل الضوء فيه على الفجر الكاذب ، وخبر ابن أبي العلاء (٢) الذي هو في غاية الظهور في التقية « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يقوم وقد نور بالغذاة ، قال : فليصل السجدتين اللتين قبل الغداة ، ثم ليصل الغداة » وخبر سليمان بن خالد (٣) الذي هو مع اضطراب متنه ادعى الشهيد ظهوره في الامتداد إلى آخر وقت الاجزاء ، قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الركعتين اللتين قبل الفجر قال : يتركهما » وفي الذكرى بخط الشيخ « يركعهما حين يترك الغداة انهما قبل الغداة » ثم قال : وهذا يظهر منه امتدادهما بامتدادها ، وهو ليس ببعيد ، وكأنه فهم أن المراد الاذن في فعلهما إلى حين تضيق الفريضة بحيث يؤدي فعلهما إلى تركها ، ولعله هو المراد أيضا بناء على غير خط الشيخ وإن كان عليه أوضح ، مع احتمال إرادة التقديم على الفجر على خط الشيخ ، كاحتمال إرادة النهي عن تأخيرهما عن الفجر الثاني ، والأمر بتركهما إذا أدى فعلهما إلى ترك الغداة في أول وقتها أو وقت فضلها ، على أن الموجود فيما حضرني من نسخة الوافي ما حكاه عن خط الشيخ لكن « حين تنزل » بالزاي المعجمة واللام ، قال : يعني ابتداء نزولها ، لأنها قبل صلاة الغداة ، وعليه حينئذ لا دلالة فيه على الامتداد المشهور فضلا عما ذكره ، إذ هو حينئذ كباقي الأخبار الدالة على فعلهما حين الفجر ، كخبر الحضرمي (٤) الآمر بفعلهما حين‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٧ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٤ من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢ من كتاب الصلاة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١٠ من كتاب الصلاة.

٢٣٩

يعترض الفجر ، وهو الذي تسميه العرب الصديع ، وغيره (١) من النصوص ، كما أنه لا دلالة فيه أيضا على هذا التقدير مع تبديل « يركعهما » بيتركهما ، بل هو حينئذ دال على ما ذهب اليه الشيخ والإسكافي من عدم فعلهما بعد الفجر ، نعم هو صريح في امتداد المشهور بناء على ما في الذخيرة « يركعهما حتى تنور الغداة » بالنون والراء المهملة.

فمن الغريب ميل الذكرى إلى هذا الامتداد لهذا الخبر المعارض بغيره مما عرفت هنا وفي بحث وقت نوافل الظهرين ، وبخصوص‌ صحيحة ابن يقطين (٢) « سألت أبا الحسن عليه‌السلام الرجل لا يصلي الغداة حتى يسفر وتظهر الحمرة ولم يركع ركعتي الفجر أيركعهما أو يؤخرهما؟ فقال : يؤخرهما » وب‌ خبر إسحاق بن عمار (٣) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الركعتين اللتين قبل الفجر قال : قبيل الفجر ومعه وبعده ، قلت : ومتى أدعهما حتى أقضيهما؟ قال قال : إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة » وما في الذكرى من أن الأمر بتأخيرهما عن الاسفار والإقامة جاز كونه لمجرد الفضيلة لا توقيتا تهجس من غير مقتض ، كاستدلاله على ما ادعاه أيضا بالخبر (٤) المشتمل على فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهما قبل الغداة في قضاء الغداة ، فالأداء أولى ، إذ هو كما ترى ـ بعد تسليم صحة مثل ذلك الخبر المشتمل على ما عساه مناف لمرتبة النبوة ـ واضح المنع ، ضرورة عدم الأولوية ، ولقد أجاد في كشف اللثام بإنكاره وجها لهذه الأولوية ، كل ذلك مضافا إلى مزاحمة الفريضة في وقت فضيلتها المؤكد كمال التأكيد على المحافظة عليه ، وأنه تشهده ملائكة الليل والنهار ، بل قد عرفت سابقا استحباب الغسل فيها ، ومن ذلك كله تعرف ما في الامتداد المشهور أيضا ، ولذا‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب المواقيت من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٥ من كتاب الصلاة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٦١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٦ من كتاب الصلاة.

٢٤٠