جواهر الكلام - ج ٧

الشيخ محمّد حسن النّجفي

عطاء عن ذلك كيف سماه دعاء؟ وانما هو تمجيد وتقديس ، فقال : هذا أمية بن الصلت يقول في عبد الله بن جذعان :

أأذكر حاجتي أم قد كفاني

حباءك؟ إن شيمتك الحباء

إذا اثني عليك المرء يوما

كفاه عن تعرضه الثناء

أفيعلم ابن جذعان ما يراد منه بالثناء ، ولا يعلم رب العالمين ذلك؟ والدعاء من أفضل العبادات ، وأدلها على العبودية المطلوبة من العباد ، قال الله تعالى (١) ( قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ ) وقال عز وجل (٢) ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ، إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ ) وعن الباقر عليه‌السلام (٣) « ما من شي‌ء أفضل عند الله من أن يسأل ويطلب ما عنده ، وما أحد أبغض إلى الله ممن يستكبر عن عبادته ولا يسأل ما عنده » وعنه عليه‌السلام (٤) « أفضل العبادة الدعاء » وفي‌ الصحيح (٥) عن الصادق عليه‌السلام « في رجلين افتتحا الصلاة في ساعة واحدة ، فتلا هذا القرآن فكانت تلاوته أكثر من دعائه ، ودعا هذا فكان دعاؤه أكثر من تلاوته ، ثم انصرفا في ساعة واحدة ، أيهما أفضل؟ قال : كل فيه فضل ، كل حسن ، قلت : إني قد علمت أن كلا حسن وأن كلا فيه فضل ، فقال : الدعاء أفضل ، أما سمعت قول الله عز وجل ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ، إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ ) هي والله العبادة ، هي والله العبادة ، هي والله أفضل ، أليست هي العبادة؟ هي والله العبادة ، هي والله العبادة ، أليست هي أشدهن؟

__________________

(١) سورة الفرقان ـ الآية ٧٧.

(٢) سورة المؤمن ـ الآية ٦٢.

(٣) ذكر صدره في الوسائل في الباب ـ ٣ ـ من أبواب الدعاء ـ الحديث ٢ وذيله في الباب ـ ١ ـ الحديث ٣.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب الدعاء ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب التعقيب ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.

٢٠١

هي والله أشدهن ، هي والله أشدهن » وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام (١) « أحب الأعمال إلى الله تعالى في الأرض الدعاء » وعنه عليه‌السلام (٢) « الدعاء مفاتيح النجاح ، ومقاليد الفلاح ، وخير الدعاء ما صدر عن صدر نقي وقلب شجي ، وفي المناجاة سبب النجاة ، وبالإخلاص يكون الخلاص ، فإذا اشتد الفزع فالى الله المفزع ».

والأفضل من الدعاء ما صادف أفضل الأزمنة‌ كالسحر من الليل (٣) والزوال منه (٤) ومن النهار (٥) وأوقات الصلوات الخمس في اليوم والليلة (٦) والجمعة في الأسبوع (٧) وشهر رمضان في الشهور (٨) ويوم عرفة (٩) وليلتي العيدين في السنة (١٠) والأمكنة كالحطيم (١١) والمستجار (١٢) والروضة (١٣) وجميع المساجد (١٤) والمشاهد (١٥)

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب الدعاء ـ الحديث ٤ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب الدعاء ـ الحديث ٤ من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الدعاء ـ الحديث ٢ من كتاب الصلاة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الدعاء من كتاب الصلاة.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الدعاء من كتاب الصلاة.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الدعاء ـ الحديث ٧ من كتاب الصلاة.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ و ٤١ ـ من أبواب صلاة الجمعة من كتاب الصلاة.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب أحكام شهر رمضان من كتاب الصوم.

(٩) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ـ الحديث ١ من كتاب الحج.

(١٠) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب بقية الصلوات المندوبة والباب ١٠ من أبواب الوقوف بالمشعر من كتاب الحج ، والإقبال للسيد ص ٢٧١ وص ٤٢١.

(١١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب أحكام المساجد ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.

(١٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٩ من كتاب الحج.

(١٣) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من كتاب المزار ـ الحديث ١.

(١٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب أحكام المساجد من كتاب الصلاة.

(١٥) الوسائل ـ الباب ـ ٣٠ ـ من كتاب المزار ـ الحديث ٢.

٢٠٢

والأحوال كحال الصوم (١) والصلاة (٢) والتعقيب (٣) والقراءة (٤) والسجود (٥) وما بين الأذانين (٦) وما بين نزول الامام من المنبر يوم الجمعة إلى أن تقام الصلاة (٧) وعند الرقة (٨) والدمعة (٩) والغربة ، والاضطرار (١٠) وهبوب الرياح (١١) والتقاء الصفين (١٢) وأول قطرة من دم شهيد (١٣) ووصول كف الخضيب إلى وسط السماء ، كل ذلك للنص كما قيل ، وأحسن الأدعية القرآنية ، ثم الأدعية المأثورة عن النبي والأئمة الطاهرين ( صلوات الله عليهم أجمعين ) ، فهي شفاء لصدور العالمين ، ونجاح المطالب العابدين ، وهذا حديث عرض في البين ما أحببنا خلو الكتاب عنه ، فلنعد لما نحن فيه.

ويدل على استحباب خصوص الوتر من صلاة الليل فيما يقرب من الفجر ما رواه‌ الشيخ في الصحيح عن معاوية بن وهب (١٤) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن‌

__________________

(١) أمالي الصدوق عليه الرحمة ص ١٥٩ ـ المجلس ٤٥ ـ الحديث ٤.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب التعقيب ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤ و ٥ ـ من أبواب التعقيب من كتاب الصلاة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الدعاء من كتاب الصلاة.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب السجود ـ الحديث ٣ من كتاب الصلاة.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الأذان والإقامة من كتاب الصلاة.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب صلاة الجمعة ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الدعاء ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.

(٩) الوسائل ـ الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الدعاء ـ الحديث ٣ من كتاب الصلاة.

(١٠) الصحيفة السجادية ص ٢٩٨ ـ الدعاء ٥١ ونصه‌ « أنت الذي أحببت عند الاضطرار دعوتي ».

(١١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الدعاء ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.

(١٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الدعاء ـ الحديث ٢ من كتاب الصلاة.

(١٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الدعاء ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.

(١٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة مع اختلاف فيه.

٢٠٣

أفضل الساعات للوتر فقال : الفجر الأول » وسأل إسماعيل بن سعد الأشعري في الصحيح (١) أبا الحسن الرضا عليه‌السلام « عن ساعات الوتر فقال : أحبها إلى الفجر الأول » وفي‌ الذكرى عن ابن أبي قرة عن زرارة (٢) « ان رجلا سأل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن الوتر أول الليل فلم يجبه ، فلما كان بين الصبحين خرج أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى المسجد فنادى أين السائل عن الوتر؟ نعم ساعات الوتر هذه ، ثم قام فأوتر » إلى غير ذلك ، بل في المدارك أنه لو قيل باستحباب تأخير الوتر خاصة إلى أن يقرب الفجر دون الثمان ركعات كما يدل عليه صحيحة إسماعيل بن سعد المتقدمة كان وجها قويا ، ثم قال : ويؤيده أن‌ عمر بن يزيد (٣) سمع في الصحيح أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « إن في الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي ويدعو فيها إلا استجاب له ، قلت : أصلحك الله فأي ساعة من الليل؟ قال : إذا مضى نصف الليل إلى الثلث الثاني » وهو كما ترى لا صراحة فيه باستحباب صلاة الليل في هذا الوقت ، ضرورة أن ما فيه أعم من ذلك ، فالأولى تأييده بخبر الحسين بن علي بن بلال (٤) قال : « كتبت إليه في وقت صلاة الليل فكتب عند زوال الليل وهو نصفه أفضل ، فإن فات فأوله وآخره جائز » وخبر سماعة (٥) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « لا بأس بصلاة الليل من أول الليل إلى آخره إلا أن أفضل ذلك إذا انتصف الليل ».

لكن بعد إعراض الأصحاب عنهما والطعن في سنديهما واشتمالهما على ما قد‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٤ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٥ من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الدعاء ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة وفيه « الباقي » بدل « الثاني ».

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١٣ من كتاب الصلاة.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٩ من كتاب الصلاة.

٢٠٤

عرفت خلافه يجب طرحهما أو تأويلهما بما لا ينافي ذلك من جعل الأفضلية للمجموع الذي يكفي في صدقه رجحانه على الأول خاصة ، أو على إرادة ابتداء الفضل ، أو نحو ذلك ، كما أن ما دل (١) من الأخبار على استحباب التفريق أربعا وأربعا وثلاثا ، وأنه كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هكذا يفعل ، وعن ابن الجنيد الفتوى به ، وأنه كان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقوم بعد ثلث الليل (٢) وفي الكافي في حديث آخر (٣) انه كان يقوم بعد نصف الليل يجب حمله على كونه من خواص النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما قيل ، وإن كان يدفعه بعضها كما تقدم سابقا ، أو على أنه إن أريد فعلها دفعة كان أفضل الأوقات لها الآخر ، وإن أريد فعلها متفرقة كان الأولى مراعاة فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للتأسي ، أو على أن لكل من التفريق والوقت فضلا مختلفا ، ويختلف باختلاف الترجيح والاعتبار ، أو غير ذلك ، كل ذلك مراعاة ، لما سمعته من الأصحاب من دعوى الإجماع ، وإن كان الإنصاف أن إثبات الكلية من النصوص لا يخلو من عسر كما اعترف به المجلسي وغيره ، بل أقصى ما يستفاد استحباب السحر والثلث الأخير ، وهو المعبر عنه في الأخبار بالثلث الباقي بالقاف ، وربما توهم فقرأ بالنون ، والله أعلم بحقيقة الحال.

وعلى كل حال فقد ظهر لك فيما تقدم من الأصل والنص والإجماع أنه لا يجوز تقديمها أي صلاة الليل على الانتصاف نعم يستثنى منه ما أشار إليه بقوله إلا لمسافر يصده جده ، أو شاب يمنعه رطوبة رأسه عن فعلها فيما بعده ، وفاقا للأكثر ، بل عن الخلاف الإجماع عليه ، للنصوص المستفيضة (٤) في الأول ، وفيها الصحيح والمنجبر ، ويتم في الثاني بعدم القول بالفصل ، مضافا إلى صراحة ذيل‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ و ٢ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢ من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٣ من كتاب الصلاة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب المواقيت من كتاب الصلاة.

٢٠٥

خبر ابن وهب (١) المروي في الكافي والتهذيب فيه ، واعتبار تضيع القضاء فيه في ذلك كالمحكي عن المختلف والمنتهى لا يقدح في المطلوب ، خصوصا بعد انسياقه إلى إرادة المحافظة على الأفضل ، وهو القضاء ، لا اشتراط أصل الجواز ، بل قد يدعى عدم إرادة معنى الشرطية منه ، بل ذكر تقريرا لما في السؤال ، فتأمل. ومضافا إلى‌ خبر يعقوب الأحمر (٢) « سألته عن صلاة الليل في الصيف في الليالي القصار في أول الليل ، فقال : نعم ما رأيت ونعم ما صنعت ، ثم قال : إن الشاب يكثر النوم فانا آمرك به » وهو صريح في أن كثرة النوم للشاب دون الشيخ ككلام الأصحاب وغيره من النصوص ، وهو المتعارف ، فما في‌ خبر أبان بن تغلب (٣) من العكس يجب إرادة غير ذلك منه من النشاط وعدمه أو نحو ذلك ، قال : « خرجت مع أبي عبد الله عليه‌السلام فيما بين مكة والمدينة وكان يقول أما أنتم فشباب تؤخرون ، وأما أنا فشيخ أعجل ، وكان يصلي صلاة الليل أول الليل » ولعله لذا نص في مصابيح الطباطبائي على أن الشيخوخة من الأعذار المسوغة للتقديم كالشباب وخائف البرد والاحتلام والنوم والمسافر والمريض مستدلا عليه بالنص والإجماع ، ومنه بل ومن خبري يعقوب المزبور (٤) وليث المرادي (٥) يستفاد الاكتفاء بمطلق خوف الفوات في الوقت ، لقصر الليل أو شدة البرد أو خوف الجنابة ، ولعله هو الذي أراده المحقق الثاني في حاشيته على الإرشاد حيث عد إرادة الجماع من الأعذار المسوغة للتقديم ، بمعنى إرادتها آخر الليل ، ويحتمل أن يريد إرادة الجماع في أول الليل وكان يصعب عليه الغسل فيقدم حينئذ صلاة الليل‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١٧ من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١٨ من كتاب الصلاة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١٧ من كتاب الصلاة.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١٦ من كتاب الصلاة.

٢٠٦

ثم يجنب كي لا تفوته ، والأولى عدهما من الأعذار ، إذ الفرض الاكتفاء بأي عذر كان من الأعذار ، بل‌ خبر أبي بصير (١) ظاهر في ذلك أو صريح فيه ، قال : « قال الصادق عليه‌السلام : إذا خشيت أن لا تقوم آخر الليل أو كانت بك علة أو أصابك برد فصل صلاتك وأوتر من أول الليل » بل لعل في نصوص السفر (٢) إشعارا بذلك ، ضرورة عدم الخصوصية له ، بل في بعضها (٣) تعليق الحكم على خوف الجنابة فيه أو في البرد ، وهو صريح في عطفه على السفر ، وقرينة على المراد مما لم يعد فيه حرف الجر من غيره ، لا أن المراد يخاف الجنابة في السفر أو البرد فيه ، ولعله لذا عمم الحكم بعض الأصحاب إلى مطلق العذر ، بل هو معقد ما حكي من إجماع الخلاف ، ويؤيده ما يستفاد من نصوص الهدية (٤) وغيرها مما يستفاد منه سهولة الأمر في وقت النافلة ، نعم يكره أن يتخذ ذلك خلقا كي لا يتوهم بدعيته.

ومن هنا كان قضاؤها في النهار أفضل من التقديم المزبور اتفاقا في كشف اللثام والرياض كما صرح بهما معا في خبر محمد (٥) بل وخبر عمر بن حنظلة (٦) وإن كان قد وقع فيه الأمر بالقضاء المحمول على الأفضلية بقرينة غيره من النصوص (٧) التي هي شاهد آخر على المطلوب ، ضرورة اقتضاء الأفضلية جواز الغير مرجوحا ، فمن العجيب استدلال القائل بالمنع مطلقا كزرارة وابن إدريس في المحكي عن سرائره والفاضل في المحكي عن تذكرته بمثل هذه النصوص أو المشتمل منها على النهي الذي قد عرفت حمله على الكراهة المصرح بها فيما سمعت ، أو بالقاعدة في الموقت التي يجب‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١٢ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ و ٢ و ٣ من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٣ و ٧ و ٨ من كتاب الصلاة.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٧ من كتاب الصلاة.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٣ من كتاب الصلاة.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب المواقيت من كتاب الصلاة.

٢٠٧

الخروج عنها ببعض ذلك ، بل نصوص الأفضلية المزبورة ظاهرة في عدم اعتبار تضييع القضاء في جواز التقديم أيضا كما عن المنتهى والمختلف ، والقاعدة المزبورة المستثنى منها صورة تعذر القضاء محافظة على فعل السنن ، وكأنه مال إليه في كشف اللثام حيث قال بعد أن نقل عن المنتهى ذلك : ويمكن اختصاص أخباره بهذا الموضع ، ولا نصوصية في كون القضاء أفضل على جواز التقديم.

ويؤيد المنع‌ خبر مرازم (١) قال له عليه‌السلام : « متى أصلي صلاة الليل؟ فقال : آخر الليل ، قال : فاني لا أستنبه ، فقال : تستنبه مرة فتصليها ، وتنام فتقضيها ، فإذا اهتممت بقضائها بالنهار استنبهت » وخبر معاوية بن وهب (٢) قال : « إن رجلا من مواليك من صلحائهم شكى إلى ما يلقى من النوم وقال : إني أريد القيام بالليل فيغلبني النوم حتى أصبح ، فربما قضيت الشهر المتتابع والشهرين أصبر على ثقله ، فقال : قرة عين والله قرة عين والله ، ولم يرخص في الصلاة أول الليل وقال : القضاء أفضل » وهو كما ترى ، والخبران لا دلالة فيهما على المنع خصوصا الأول بل والثاني ، بل قوله : « فيه أفضل » ظاهر في الجواز الذي لا ينافيه قول الراوي : « ولم يرخص » الصادق مع سكوته عليه‌السلام عن الرخصة ، نعم‌ في ذيله الذي زيد في الكافي والتهذيب (٣) دلالة على الاشتراط المزبور كما أشرنا إليه سابقا ، قال : « قلت : فان من نسائنا أبكارا ، الجارية تحب الخير وأهله ، وتحرص على الصلاة فيغلبها النوم حتى ربما قضت وربما ضعفت عن قضائه ، وهي تقوى عليه أول الليل فرخص لهن في الصلاة أول الليل إذا ضعفن وضيعن القضاء » وقد عرفت الوجه فيه فيما تقدم.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٦ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢ من كتاب الصلاة.

٢٠٨

ثم ان إطلاق التقديم في النص والفتوى يقضي بالجواز في أول دخول المغرب قبل العشاءين فضلا عما بعدهما ، وهو ظاهر الروض أو صريحه ، لكن المنساق إلى الذهن حتى من قوله أول الليل في بعضها (١) ما بعد وقت العشاء ، بل في موثق سماعة (٢) الآتي التصريح بذلك ، بل لا يبعد رجحان التأخير الممكن في الجملة خصوصا إلى الثلث على التعجيل ، ولعله إلى ذلك يشير‌ خبر علي بن جعفر عليه‌السلام (٣) المروي عن قرب الاسناد للحميري « سأل أخاه عليه‌السلام عن الرجل يتخوف أن لا يقوم من الليل أيصلي صلاة الليل إذا انصرف من العشاء الآخرة؟ وهل يجزيه ذلك أم عليه قضاء؟ قال : لا صلاة حتى يذهب الثلث الأول من الليل ، والقضاء بالنهار أفضل من تلك الساعة » إذ لم يقل أحد باعتبار ذهاب الثلث في رخصة التقديم ، وهل ينوي الأداء إذا قدم للعذر كما يومي اليه ما في‌ موثق سماعة (٤) من أن « وقت صلاة الليل في السفر من حين تصلي العتمة إلى أن ينفجر الصبح » أو التعجيل لأنه هو المستفاد من التدبر في النصوص والفتاوى ، ولأنه لا قضاء أفضل من الأداء؟ وجهان ، أقواهما وأحوطهما الثاني تبعا للرياض ، ولعله الظاهر من كشف اللثام ، بل لولا اتفاق الأصحاب ظاهرا على أن هذه المقدمة صلاة ليل معجلة لأمكن دعوى ما قلناه سابقا في نافلة الزوال من أنها صلاة كصلاة الليل شرعت عند خوف عدم إدراكها ، بل هي ليست بدلا حقيقة عنها بحيث لو انتبه في الوقت لم يشرع له الفعل حينئذ ، بل لعل ذكر الوجهين من بعض علمائنا المعاصرين (٥) فيما لو انتبه في الوقت بعد أن قدمها أول الليل مشعر بذلك في الجملة بل استظهر في الروض الإعادة ، وجعل عدمها احتمالا ، ثم حكاه عن بعض فتاوى‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ و ٢ و ٣ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٥ من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٨ من كتاب الصلاة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٥ من كتاب الصلاة.

(٥) سيد الرياض وشيخنا في شرح الرسالة ( منه رحمه‌الله ).

٢٠٩

فخر المحققين ، والظاهر تناول صلاة الليل لركعتي الفجر ، لما عرفته هناك من تعارف دخولهما فيها لفظا ومعنى كما يومي اليه تسميتهما بالدساستين ، فما في الروض من استثنائهما من رخصة التقديم لا يخلو من نظر ، أما الوتر فلا ينبغي الشك فيه ، وفي جملة من نصوص المقام (١) التصريح به ، بل في بعضها (٢) الاقتصار عليه اعتمادا على أولوية غيره منه بذلك ، أو على أن تقديمه مستلزم لتقديم غيره منها للترتيب.

وكيف كان فقد ظهر لك من جميع ما أسلفنا أن آخر وقتها أي صلاة الليل الأحد عشر ركعة طلوع الفجر الثاني الذي هو المنساق إلى الذهن من إطلاقه ، بل هو الحقيقة وغيره المجاز ، فما عن المرتضى ـ من جعله الغاية طلوع الفجر الأول الذي هو أول وقت ركعتي الفجر ، وفي الغالب لا يدخل وقت صلاة حتى يخرج وقت أخرى ـ في غاية الضعف ، بل يمكن دعوى القطع بفساده بملاحظة الأصل والنصوص (٣) والفتاوى ومعاقد الإجماعات وغيرها ، مضافا إلى ما ستعرف من عدم تخصيص كل من ركعتي الفجر والوقت المزبور بالآخر ، كيف والنصوص (٤) مستفيضة أو متواترة باستحباب وقوع الوتر خاصة فيه أو مع باقي صلاة الليل ، على أنك قد سمعت فيما تقدم أن ركعتي الفجر من صلاة الليل ، كل ذا مع خلو سائر النصوص عن الشهادة له إلا بالتأويل الذي يأباه الظاهر ، مع أنه ليس حجة عندنا ، وأما ما في الغنية وعن المهذب من جعل الغاية ما قبل الفجر فمع احتمال إرادتهما الفجر ، ضرورة عدم العبرة بالآن الحكمي والتدقيق العقلي قال في كشف اللثام : إنهما اعتبر الشروع فيها ، وغيرهما الفراغ منها ، على أن‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ و ٢ و ٤ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢ من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت من كتاب الصلاة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب المواقيت من كتاب الصلاة.

٢١٠

الإجماع المحكي على لسان جماعة إن لم يكن محصلا وظاهر مجموع النصوص كاف في ردهما إن لم ينزل كلامهما على ما ذكرنا.

( فـ ) حينئذ إن طلع الفجر ولم يكن قد تلبس منها بشي‌ء أصلا صلى ركعتي الفجر ثم الفريضة ، ولا يصلي في المشهور كما في الذكرى شيئا من صلاة الليل قبلها ، بناء على حرمة التطوع وقت الفريضة ، وإلا جاز له ذلك قضاء لا أداء ، لخروج الوقت نصا (١) وفتوى ، بل في الرياض نفي الخلاف فيه إلا ممن ستعرف ، فما في جملة من النصوص (٢) ـ من الأمر بفعلها أجمع أو الوتر منها خاصة بعد الفجر قبل الفريضة وإن عمل بمضمونها الصدوق في الجملة فيما حكي من كلامه والشيخ والمصنف وغيرهما من متأخري المتأخرين بعد أن حملوا الأمر فيها على الرخصة التي هي مجردة عن الفضل أبعد مجازاته بعد الإغضاء عن سند بعضها ودلالة آخر عليه ، ومعارضتها بما في خبر إسماعيل (٣) من النهي عن الإيتار بعد ما يطلع الفجر الدال على أولوية ما قبله بذلك ، وإن منعها في الذخيرة ، لكن منعه ممنوع ، وغيره من الأخبار (٤) التي تسمع بعضها إن شاء الله ، بل في الرياض أنها في غاية الاستفاضة ، بل لعلها متواترة ـ إما هو من الأدلة على عدم حرمة التطوع وقت الفريضة ، فيكون المراد حينئذ حتى من كلام الشيخ فعلها قضاء ، أو يراد الفجر الأول فيها ، أو قبل الفجر الثاني بقليل جدا بحيث صلى فيه أربع ركعات ، ولا ينافيه ما في بعضها (٥) من النهي عن اتخاذه عادة ، إذ لعله لاقتضاء ضيق الوقت‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٦ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب المواقيت من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٦ من كتاب الصلاة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢ و ٣ و ٨ والباب ٤٧ الحديث ٢ والباب ٤٨ الحديث ٤.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ و ٣ و ٥ من كتاب الصلاة.

٢١١

عدم التوجه فيها ونحوه ، أو يراد بما بعد الفجر بعد صلاته ، أو التقييد بما إذا كان قد صلى أربعا ، أو غير ذلك ، على أنها قاصرة عن معارضة غيرها من وجوه لا تخفى ، منها الشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا كما في الرياض ، ومنها كثرة النصوص (١) المعارضة حتى ربما ادعي تواترها ، وإن اختلفت في الدلالة على المطلوب صراحة وظهورا بمفهوم الشرط والغاية والأولوية ونحوها ، ومنها المخالفة للعامة كما قيل بخلاف تلك ، ومنها الموافقة للاحتياط ، وللنصوص المشهورة (٢) الناهية عن التطوع وقت الفريضة ، وللنصوص (٣) المبالغة في المحافظة على صلاة الفجر في وقتها ، ومنها عدم صراحتها في الرخصة المزبورة كما ذكره الشيخ ومن تبعه ، أو مع عدم الاعتياد كما عليه الصدوق والحسن في المنتقى فيما حكي عنهما ، حتى‌ خبر عمر بن يزيد (٤) قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « أقوم وقد طلع الفجر فإن أنا بدأت بالفجر صليتها في أول وقتها ، وإن بدأت في صلاة الليل والوتر صليت الفجر في وقت هؤلاء ، فقال : ابدأ بصلاة الليل والوتر » ضرورة احتماله أيضا بعض ما ذكرنا.

وإما غيره فكذا إذا تلبس منها ( بـ ) دون الأربع ركعات وقد طلع الفجر بدأ بركعتي الفجر قبل الفريضة حتى تطلع الحمرة المشرقية فيشتغل بالفريضة لأن حكم ما دونها حكم ما لم يتلبس بشي‌ء منها كما هو صريح الذكرى والدروس وجامع المقاصد وظاهر غيرها ممن علق المزاحمة وعدمها على الأربع وعدمها ، بل مقتضاه القطع‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢ و ٣ و ٨ والباب ٤٧ الحديث ٢ والباب ٤٨ الحديث ٤.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب المواقيت من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ و ٥ والباب ٢٨ منها من كتاب الصلاة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٥ من كتاب الصلاة.

٢١٢

والاشتغال بالفريضة وإن كان قبل رفع الرأس من السجدة الأخيرة فضلا عما قبل ذلك ، بناء على توقف صدق تمام الركعة عليه ، ولعله لخروج الوقت الموظف لها ، وقول الصادق عليه‌السلام في خبر المفضل بن عمر (١) : « فإذا أنت قمت وقد طلع الفجر فابدأ بالفريضة ، ولا تصل غيرها » الحديث. ومفهوم الشرط في خبر مؤمن الطاق (٢) وفحوى النصوص (٣) المسؤول فيها عن صلاة الليل مع تخوف طلوع الفجر ، وغير ذلك ، مضافا إلى النهي (٤) عن التطوع في وقت الفريضة ، لكن ومع ذلك كله ستسمع ما ينافي الجزم بالحكم المزبور ، وأن فيه وجوها أخر.

ثم ان ظاهر المصنف جعل الغاية طلوع الحمرة ، وهو لا يخلو من إشكال ، بناء على أنه غاية وقت فضيلة الفريضة كما سمعته فيما تقدم ، فالأولى حينئذ جعل الغاية ما قبل الطلوع بقدر أداء الفريضة ، ولعل المراد ذلك نحو ما سمعته في نافلتي الزوال والعصر من تحديد غايتهما عند من عرفت بالمثل والمثلين ، فالكلام هنا كما هناك ، وعساك تسمع تمام الكلام إن شاء الله في البحث عن وقت ركعتي الفجر.

وأما ان كان قد تلبس بأربع ركعات منها ثم طلع الفجر تممها مخففة بالحمد أداء كما في الدروس ولو طلع الفجر كما هو : أي الإتمام المشهور نقلا وتحصيلا بل في مصابيح الطباطبائي الإجماع عليه ، بل في الرياض نفي الخلاف فيه حاكيا له عن بعض الأجلة ، لكن قيده بما إذا لم يخش فوات فضيلة الفرض ، وقد خلى عنه النص وكثير من الفتاوى ، وكيف كان فالأصل في الحكم المزبور‌ خبر مؤمن الطاق المنجبر‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٤ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ من أبواب المواقيت من كتاب الصلاة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب المواقيت من كتاب الصلاة.

٢١٣

بما سمعت وبما عن المنتهى ، وفي الذخيرة من أن عليه عمل الأصحاب « إذا كنت صليت أربع ركعات من صلاة الليل قبل طلوع الفجر فأتم الصلاة طلع الفجر أو لم يطلع » (١) وخبر يعقوب البزاز (٢) « قلت له : أقوم قبل الفجر بقليل فأصلي أربع ركعات ثم أتخوف أن ينفجر الفجر أبدأ بالوتر أو أتم الركعات ، قال : لا بل أوتر وأخر الركعات حتى تقضيها في صدر النهار » ـ مع إضماره وضعف سنده ، واحتمال تنزيله على ما إذا خاف الفجر خاصة لا ما إذا طلع الفجر عليه كما نحن فيه ، وربما يشهد له في الجملة‌ صحيح محمد بن مسلم (٣) عن أبي جعفر عليه‌السلام « سألته عن الرجل يقوم آخر الليل وهو يخشى أن يفجأه الصبح أيبتدئ بالوتر أو يصلي الصلاة على وجهها حتى يكون الوتر آخر ذلك؟ قال : بل يبدأ بالوتر ، وقال : أنا كنت فاعلا ذلك » ـ قاصر عن معارضة الأول المعتضد بما سمعت من الإجماع وعمل الأصحاب وغيره من النصوص (٤) مما اشتمل على النهي عن الإيتار بعد الطلوع ونحوه والمحافظة على السنن ، بل في كشف اللثام وتبعه غيره أنه انما أمر فيه بتقديم الوتر ليدركه بالليل ، لتظافر الأخبار بالايتار فيه ، كما نطقت بأن من قام آخر الليل ولم يصل صلاته وخاف أن يفجأه الفجر أوتر ، والقضاء في صدر النهار أعم من فعلها قبل فريضة الصبح وبعدها ، وإن كان فيما ذكره أخيرا نظر واضح.

لكن على كل حال فالجمع بينه وبين الأول بالتخيير كما في الذخيرة والمعتبر ، واستحسنه في البحار ، أو أفضلية التأخير كما صرح به الشيخ والمحقق الثاني ، وكأنه مال إليه في الذكرى لا يخلو من نظر ، ولعل الجمع بحمل تقديم الوتر على ما إذا خشي انفجار الفجر ولم ينفجر بعد ليقع الوتر في وقته ، والإتمام على ما إذا انفجر الفجر أولى منه‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢ من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢ ـ من كتاب الصلاة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت من كتاب الصلاة.

٢١٤

كما اعترف به المجلسي في البحار ، ويمكن أن يريده كشف اللثام.

وأما الأمر بالتخفيف المفسر بقراءة الحمد وحدها فهو وإن كان قد صرح به المصنف وغيره وخلى عنه خبر مؤمن الطاق الذي هو الأصل في المسألة إلا أنه مناسب للجمع بين حقي الفريضة والنافلة ، ويدل عليه‌ خبر إسماعيل بن جابر (١) أو عبد الله ابن سنان « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إني أقوم آخر الليل وأخاف الصبح قال : اقرأ الحمد واعجل واعجل » لأولوية ما بعد الصبح مما قبله ، فتأمل. فلا يقدح حينئذ تضمن سؤاله لخوف الصبح الذي هو غير ما نحن فيه من طلوعه عليه متلبسا.

وتفصيل البحث في هذا أن المتنفل إن قام في آخر الليل فاما أن يظن في الوقت سعة تسع تمام الصلاة ، أو يظن ضيقه على الإتيان بها أجمع ، أو يشك في ذلك ، فان ظن السعة صلى ، فان انكشف فساد ظنه أتم صلاته إن كان صلى أربعا لما عرفت ، وكذا إن لم يكمل الأربع ، ولكن قلنا بجواز ابتدائه بالصلاة بعد طلوع الفجر كما سمعته من الشيخ والمحقق ، فإنه متى جاز الابتداء جازت الاستدامة بطريق أولى ، أما على المختار فقد قيل إن في المسألة احتمالات ، أحدها الاستمرار ، لأن الأخبار انما دلت على المنع من الشروع بعد الطلوع ، وهو لا يقتضي المنع عن الإتمام ، وفيه منع اختصاص الأخبار بذلك ، على أن جعل الغاية الطلوع في النص والفتوى كاف في المنع ، فظهور هذه النصوص في ذلك حينئذ غير قادح ، وثانيها أن يصلي الوتر وركعتي الفجر ويؤخر الباقي ، ولعله لخبر يعقوب البزاز المتقدم آنفا ، وفيه مع ما عرفت سابقا أنه خارج عن موضوع المسألة من وجوه ، ضرورة كون المفروض طلوع الفجر ولما يكمل الأربع ركعات ، والأولى الاستدلال له بصحيح عبد الله بن سنان (٢) « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إذا قمت وقد طلع الفجر فابدأ بالوتر ثم صل الركعتين ثم صل الركعات إذا‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٩ من كتاب الصلاة.

٢١٥

أصبحت » وإن كان خارجا عن موضوع المسألة ، بل ومعارضا أيضا بغيره خصوصا بالنسبة إلى الوتر المؤكد فعله في الليل ، وخصوصا مع عدم الفتوى به فيما أعلم من أحد ، واحتماله الفجر الكاذب ، فيكون حينئذ كغيره مما أمر فيه بالوتر بالليل مع ضيق الوقت عن غيره ، وانه به يدرك صلاة الليل ، قال الصادق عليه‌السلام في صحيح ابن وهب (١) : « أما يرضى أحدكم أن يقوم قبل الصبح فيوتر ويصلي ركعتي الفجر ويكتب له صلاة الليل » وثالثها أن يضيف إلى ما فعل ما يكمله وترا ويقضي صلاة الليل كلها بعد الفريضة ، لخبر علي بن عبد الله بن عمران (٢) عن الرضا عليه‌السلام « إذا كنت في صلاة الفجر فخرجت ورأيت الصبح فزد ركعة إلى ركعتين اللتين صليتهما قبل واجعله وترا » بناء على أن لفظ الفجر فيه من النساخ ، وإلا فالصواب الليل بدله ، لكنه ـ مع جهالة سنده ومعارضته بغيره وعدم مشهورية العمل به ـ قاصر عن إفادة هذا الحكم المخالف لأصالة عدم النقل ، خصوصا بعد الفراغ من الركعتين كما هو المفروض ، اللهم إلا أن يدعى التسامح في أمر النافلة وانها صلاة واحدة ، فلا عدول حقيقة فيها من صلاة إلى أخرى ، قال في الذكرى بعد الخبر المزبور : فيه تصريح بجواز العدول من النفل إلى النفل ، لكن ظاهره بعد الفراغ كما ذكر مثله في الفريضة ، ويمكن حمل الخروج على رؤية الفجر في أثناء الصلاة ، كما حمل الشيخ الفراغ في الفريضة على مقاربة الفراغ ، واستبعده في البحار ، قال : ويحتمل أن يكون المراد نافلة الفجر : أي إذا أوقعت نافلة الفجر وتركت صلاة الليل ثم خرجت فرأيت الصبح قد طلع فلا تترك الوتر وأضف إليهما ركعة ، ليصير المجموع وترا ، ثم صل بعد ركعتي الفجر ، ثم صل الفجر ، وعدول النية في النافلة بعد الفعل لا دليل على نفيه كما أشار اليه ، ويحتمل أن‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٣ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٥ من كتاب الصلاة.

٢١٦

يكون المراد بها فريضة الفجر : أي صلى الفريضة ظانا دخول الوقت : فلما خرج رأى انه أول طلوع الفجر ، فعلم وقوع صلاته قبل الوقت ، فأجاب عليه‌السلام بأن ما فعل ذلك يحسبها نافلة ، ويضيف إليها ركعة لتصير وترا ، ثم يصلي نافلة الفجر وفريضته ، والجميع كما ترى ، سيما الأخير. رابعها قطع الصلاة والإتيان بها بعد الفريضة ، لأن الوجه في المنع عن ابتداء النافلة مزاحمة الفريضة ، وهي حاصلة من الإتمام ، ولفحوى صحيحتي محمد بن مسلم (١) وابن وهب (٢) وخبر إسماعيل أو عبد الله (٣) المتقدمة آنفا ، وهو أقواها إلا أنه يمكن الرخصة له في إتمام ما تلبس بهما من الركعتين إذا علم في الأثناء ، سيما إذا كان بعد أن فعل منهما ركعة فصاعدا كما سمعت نظيره في المغرب ، وقد أشار إليه هنا في الرياض ، والله أعلم.

وإن ظن الضيق فان قلنا بجواز الابتداء بعد الفجر فالأمر ظاهر ، وإلا ففيه وجوه أيضا : الأول جواز الابتداء بالصلاة على وجهها ، لثبوت التوقيت ، وانتفاء المزاحمة حال الشروع فيستمر ، لاختصاص المنع بالشروع ، وفيه ما عرفت ، الثاني لا يصلي بل يؤخر الجميع حذرا من لزوم المزاحمة أو الفصل ، وهو ضعيف جدا بل مقطوع بفساده. الثالث يصلي ما اتسع له الوقت ، لانتفاء المانع ، ويؤخر الباقي لمزاحمة الفريضة ، ولإشعار الروايات بذلك ، وفيه ما لا يخفى إذا فرض إحراز الأربع. الرابع يوتر بالركعات الثلاثة كما في الدروس ويصلي ركعتي الفجر ويؤخر صلاة الليل ، لصحيحتي ابني مسلم ووهب ، وهو جيد وأفتى به في الدروس. الخامس التعجيل ، لرواية إسماعيل ابن جابر أو عبد الله بن سنان المتقدمة ، ولا بأس به أيضا مع فرض إمكانه ، أو يكون المراد اعجل وإن طلع الفجر ، ولعله الظاهر كما صرح به العلامة الطباطبائي ، بل عن‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٣ من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.

٢١٧

المنتهى جعل التخفيف بعد طلوع الفجر. السادس أن يصلي ما اتسع له الوقت ، فإذا طلع الفجر عدل به إلى الوتر ، لثبوت التوقيت بالأصل والعدول برواية علي بن عبد الله ابن عمران (١) وفيه ما عرفت. السابع أن يصلي ما اتسع له الوقت ، فإذا طلع الفجر أوتر وأخر الباقي ، لقوية المفضل بن عمر (٢) « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أقوم وأنا أشك في الفجر ، فقال : صل على شكك ، فإذا طلع الفجر فأوتر وصل الركعتين ، فإذا أنت قمت وقد طلع الفجر فابدأ بالفريضة ولا تصل غيرها ، فإذا فرغت فاقض مكانك ، ولا يكون هذا عادة ، وإياك أن تطلع على هذا أهلك فيصلون على ذلك ولا يصلون بالليل » بناء على شمول الشك فيها للظن ، كما أن الظاهر إرادة الإيتار فيما يقرب من طلوع الفجر على ما يومي اليه قوله (ع) : « فإذا أنت » إلى آخره. الثامن يستمر على صلاته إن كان قد صلى أربعا قبل الفجر ، وإن لم يكن صلى أربعا أخر الباقي ، لخبر مؤمن الطاق (٣) وهو جيد. التاسع التخيير له بين ما تضمنته هذه النصوص المعتبرة وإن كان الأولى له اختيار ما في الصحيحين المزبورين (٤) ولعله أقوى الوجوه.

ولو انكشف فساد ظنه صلى بقية صلاة الليل ، وفي إعادة الوتر حينئذ وجهان ، من اقتضاء الأمر الاجزاء ، ومن أنه خاتمة النوافل ، وانه تخيل الأمر ، قال علي بن عبد العزيز (٥) للصادق عليه‌السلام في خبر علي بن الحكم : « أقوم وأنا أتخوف الفجر قال : فأوتر ، قلت : فأنظر فإذا علي ليل ، قال : فصل صلاة الليل » وقال أيضا في‌ مرسل إبراهيم بن عبد الحميد (٦) أو مسنده : « إذا قام الرجل من الليل فظن أن‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٥ من كتاب الصلاة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٤ من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢ و ٣ من كتاب الصلاة.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٨ من كتاب الصلاة.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٤ من كتاب الصلاة.

٢١٨

الصبح قد أضاء فأوتر ثم نظر فرأى أن عليه ليلا قال : يضيف إلى الوتر ركعة ثم يستقبل صلاة الليل ثم يوتر بعد ذلك » لكنه قاصر عن إثبات هذا النقل والعدول المخالف للأصل ، سيما بعد الفراغ ومع اختلاف الهيئة ، وقال في الدروس والذكرى : « لو ظن ضيق الليل اقتصر على الشفع والوتر وركعتي الفجر ، فلو تبين بقاء الليل أضاف إلى ما صلى ستا وأعاد ركعة الوتر وركعتي الفجر ، قال المفيد وقال علي بن بابويه : يعيد ركعتي الفجر لا غير » وفي المبسوط : « لو نسي ركعتين من صلاة الليل ثم ذكر بعد أن أوتر قضاهما وأوتر » انتهى معروف الوجه مما سمعت.

وأما إذا شك في الضيق والسعة ولم يظن أحدهما جاءت الوجوه المذكورة بأسرها مختلفة بالقوة والضعف ، لكن قد سمعت قوي المفضل بن عمر (١) السابق ، ولعل العمل به هنا لا يخلو من قوة.

ثم من المعلوم أن جميع ما ذكرناه في هذه المباحث مبني على انتهاء الليل بطلوع الفجر ، وان النصف انما يلاحظ بالنسبة إليه ، سواء قلنا بأن ساعة الفجر من النهار واليوم كما هو المعروف ، أو واسطة بينه وبين الليل كما دلت عليه بعض النصوص (٢) التي تسمعها إن شاء الله ، وإن أمكن على بعد بناؤه أيضا على أنها من الليل حتى بملاحظة الانتصاف بدعوى دلالة الأدلة على ذلك ، وعلى امتداد وقت صلاة الليل إلى ذلك ، إذ لا تلازم بين كونه منه والامتداد إلى طلوع الشمس مثلا ، لكن لما كان في غاية البعد خصوصا الانتصاف بل المحكي عن بعضهم خلافه كما ستعرف اتجه بناء المسألة على الأول ، على انه هو الحق الموافق لأكثر اللغويين والمفسرين والفقهاء والمحدثين والحكماء الإلهيين والرياضيين كما سمعته من السيد الداماد في البحث عن آخر وقت الظهرين ،

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٤ من كتاب الصلاة.

(٢) المستدرك ـ الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٥ من كتاب الصلاة.

٢١٩

بل الظاهر ان الخلاف فيه قد اضمحل وانعقد الإجماع بعده ، نعم بعض أهل الحرف والصناعات لما كان ابتداء عملهم من طلوع الشمس قد يطلقون اليوم عليه ، وذكره بعض أهل اللغة لذلك ، ولعله كان قديما كذلك بحيث صار فيه حقيقة أيضا ، كما ان المنجمين قد يطلقون اليوم على ما بين الطلوع إلى الغروب ، وعلى ما بين الطلوع إلى الطلوع ، وعلى ما بين الغروب إلى الغروب ، وعلى ما بين الزوال إلى الزوال ، وكذا النهار على المعنى الأول ، والليل على ما بين غروب الشمس إلى طلوعها.

لكن لا ينبغي أن يستريب عارف بلسان الشرع والعرف واللغة ان المنساق من إطلاق اليوم والنهار والليل في الصوم والصلاة ومواقف الحج والقسم بين الزوجات وأيام الاعتكاف وجميع الأبواب أن المراد بالأولين من طلوع الفجر الثاني إلى الغروب ، ومنه إلى طلوعه بالثالث كما قد نص عليه غير واحد من الفقهاء والمفسرين واللغويين فيما حكي عن بعضهم ، منهم الطبرسي في مجمعه في تفسير قوله تعالى (١) ( وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً ) وقوله تعالى (٢) ( وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ ) وقوله تعالى (٣) : ( وَالنَّهارَ مُبْصِراً ) وعند نقل الأقوال في ( الصَّلاةِ الْوُسْطى ) ، ومنهم الشيخ في الخلاف ، بل حكى فيه ذلك عن عامة أهل العلم ، ثم قال بعد أن نقل القول بالواسطة عن طائفة ، والقول بأنها من الليل بحيث لا يحرم الأكل والشرب على الصائم إلى طلوع الشمس عن الأعمش وغيره ، وانه روي عن حذيفة أن هذا الخلاف قد انقرض وأجمع المسلمون ، فلو كان صحيحا لما انقرض ، ومنهم العلامة في المنتهى في باب الصلاة والاعتكاف ، بل قال في الأول ردا على الأعمش ومن تبعه : إنه اتفق المفسرون على أن المراد بطرفي النهار المأمور بقيام الصلاة عندهما صلاتي الصبح والعصر ، ومنهم المفيد والمرتضى وابنا‌

__________________

(١) سورة الأعراف ـ الآية ١٣٨.

(٢) سورة النحل ـ الآية ١٢.

(٣) سورة يونس عليه‌السلام ـ الآية ٦٨.

٢٢٠