جواهر الكلام - ج ٢

الشيخ محمّد حسن النّجفي

والشيخ والوسيلة والغنية والتبصرة والموجز وشرحه ، بل اقتصروا في بيان غسل مخرج البول على غسله بالماء ، ولم يعتبروا تقديرا في المقدار ولا في العدد.

احتج من قال بوجوب التعدد بالأصل وبالأخبار (١) الدالة على أن البول ان أصاب الجسد فصب الماء عليه مرتين ، بل نقل عن المصنف نسبة مضمونها إلى علمائنا ، وفيه أن الأصل مقطوع بما سمعت ، وان الظاهر من تلك الأخبار أن المراد بالجسد غير محل البول كما يشعر به لفظ الإصابة ، ومما يرشد الى ذلك نسبة المصنف له إلى علمائنا مشعرا بدعوى الإجماع عليه ، كما ذكره المستدل ، لكون الخلاف في المقام معلوما ، وقد نقله المصنف هنا في المعتبر ، بل قد عرفت أن تلك المطلقات منجبرة بعمل المشهور على الظاهر ، كما سمعت بيانه ، مضافا إلى ظاهر خبر نشيط بن صالح ، لتقييد غيره به لو سلم شموله للفرض ، فكان الأقوى الاجتزاء بالمرة الواحدة ، لكن الأحوط المرتين بل الأولى الثلاثة ، لما في خبر زرارة (٢) « انه كان يستنجي من البول ثلاث مرات » ثم الظاهر أنه لا يمكن جريان الخلاف بالتقدير على الوجه المتقدم سابقا بناء على وجوب التعدد ، لعدم الفائدة ، إذ لا يتصور التعدد حينئذ بالأقل من المثلين ، وعلى تقدير التعدد في المثلين والاكتفاء بالفصل التقديري في غير المقام فهل يكتفى به هنا كما اكتفي بذلك في غير المقام ، فيرتفع الخلاف حينئذ بين القول بالتعدد والقول بالمرة مع اشتراط المثلين؟ الظاهر العدم ، كما صرح به الشهيد في الذكرى والمحقق الثاني في جامع المقاصد وان اكتفيا به في غير المقام ، وكأنه لأن المثلين إذا وقعا دفعة لا تعد في العرف إلا غسلة واحدة ، بخلاف ما إذا كان الماء كثيرا متصلا ، فإنه يكتفى بالفصل التقديري عندهما في غير المقام.

وكيف كان فالظاهر استثناء بول الرضيع الغير المتغذي بالطعام بناء على اشتراط‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ١ و ٤ و ٩.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٦.

٢١

التعدد لخفة نجاسته ، كما يظهر من الأدلة ، لكن هل يعتبر فيه للمرة المثلان؟ وجهان ، أحوطهما إن لم يكن أقواهما ذلك.

ثم انه بناء على الاكتفاء بالمرة فهل يجري الحكم في كل ما كان مخرجا للبول في الذكر والأنثى والخنثى وغيرها مما يخرج من ثقب ونحوه ، أصليا كان أو عارضيا قد اعتيد كما هو مقتضى إطلاق المتن؟ وجهان ، وكذلك بالنسبة لاشتراط المثلين ، وذكر لفظ الحشفة في الرواية وكلام بعض الأصحاب من باب المثال إشكال ، كالإشكال في غسل الأغلف الغير المتمكن من إخراج حشفته غلفته مرة واحدة ، بناء على ذلك ، بل والمتمكن بناء على أن الحشفة من البواطن ، لغلبة استتارها ، أما بناء على وجوب خروجها وغسلها فالظاهر أنه لا بد من غسل الغلفة مرتين ، لأنها من الجسد الذي أصابه البول ، بل قد يقوى ذلك وإن لم نوجب الخروج ، اقتصارا لما خالف إطلاق المرتين لاصابة البول الجسد على المتيقن ، وهو غير الفرض ، وكذا المرأة وغيرها ممن لا حشفة فيه.

ويجب تخييرا غسل مخرج الغائط مع تلوثه بذلك ، وإلا فلا يجب بدونه ، كما في سائر النجاسات ، وإن ظهر من المنتهى وجوب الاستنجاء حتى لو خرجت بعرة يابسة ، لكنه ضعيف ، لأصالة البراءة ، ولأن كل يابس زكي ، وما ورد (١) من الأمر بالاستنجاء من الغائط محمول على غلبة التلوث ، كما يشعر به قوله عليه‌السلام : « يغسل ذكره ويذهب الغائط » كقوله (٢) بعد ان سئل هل للاستنجاء حد : « لا حتى ينقى ما ثمة » بالماء حتى يزول العين والأثر لا إشكال ظاهرا في وجوب الاستنجاء من الغائط ، إذ يدل عليه مضافا إلى ما دل (٣) على اشتراط الصلاة بالطهارة الإجماع هنا‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ١.

٢٢

محصوله ومنقوله ، والأخبار المعتبرة (١) المستفيضة البالغة أعلى درجات الاستفاضة ، نعم نقل عن أبي حنيفة أنه سنة ، كما أنه لا إشكال بحسب الظاهر في الاجتزاء بالاستنجاء بالماء ، لعموم ما دل (٢) على مطهرية الماء ، مضافا الى الإجماع المحصل والمنقول أيضا ، والأخبار المستفيضة (٣) حد الاستفاضة. بل يروى (٤) « أن قوله تعالى ( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) (٥) أول ما نزلت في رجل من الأنصار أكل طعاما فلانت بطنه فاستنجى بالماء فأنزل الله فيه ذلك » فما ينقل عن عطاء أنه محدث ، وعن سعيد بن المسيب أنه قال : هل يفعله إلا النساء ، وما عن ابن الزبير وسعد بن أبي وقاص من إنكار الاستنجاء بالماء لا يخفى عليك ما فيه ، إنما المهم بيانه هنا هو ما ذكره المصنف وغيره من وجوب إزالة الأثر ، وجعله بعضهم مناط الفرق بين الاستنجاء بالأحجار والماء ، فاشترط إزالة الأثر بالثاني دون الأول ، واستشكله بعض المتأخرين بعدم وضوح معناه ، وانه لا ذكر له في الروايات ، بل الموجود التحديد بالنقاء في الحسن كالصحيح عن أبي الحسن عليه‌السلام (٦) قال : « قلت له : للاستنجاء حد ، قال : لا حتى ينقى ما ثمة ، قلت : ينقى ما ثمة ويبقى الريح ، قال : الريح لا ينظر إليها » والإذهاب في خبر يونس بن يعقوب قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام (٧) : « الوضوء الذي افترضه الله على العباد لمن جاء من الغائط أو بال قال يغسل ذكره ، ويذهب الغائط ، ثم يتوضأ مرتين مرتين »

قلت : قد صرح باعتبار إزالة الأثر عند الاستنجاء بالماء المفيد في المقنعة والعلامة‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب الماء المطلق.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب أحكام الخلوة.

(٤) سورة البقرة ـ آية ٢٢٢.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٣ و ٥.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ١.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٥.

٢٣

في التذكرة والتحرير والقواعد والإرشاد وعن الوسيلة والسرائر ، وهو ظاهر المبسوط والمعتبر والمنتهى وغيرها ، بل الظاهر انه المشهور بين الأصحاب وان اختلف في تفسيره ففي التنقيح المراد به اللون ، إذ الانتقال على الأعراض محال ، فوجود اللون دليل على وجود العين ، فيجب إزالته ، وفيه ـ مع منع كونه لا بد له من محله الأولي ، بل يكفي فيه وجود محل جوهري يقوم به ، كالرائحة فإنها قد تكتسب من المجاورة ـ ان اللون معفو عنه في سائر النجاسات فهنا بطريق أولى ، بل لا يعد عرفا ولا لغة مثل هذه الأجزاء على تقدير تسليم وجودها انها من الغائط ، وكأنه أخذه من قول الكاظم عليه‌السلام (١) لأم ولد لأبيه لما غسلت ثوبها من دم الحيض فلم يذهب أثره : « اصبغيه بمشق » فان الظاهر ان المراد بالأثر فيه اللون ، لكنه مأخذ ضعيف ، بل كيف يتخيل أن بقاء الألوان دليل على بقاء الأعيان التي يجب إزالتها ، مع اشتهار الصبغ سابقا بجزء الكلاب ونحوه ، وعن الأردبيلي استظهار كون الأثر بمعنى الرائحة ، وجعل إزالتها مستحبة مع عدم بقاء الأصل وكسب المحل تلك الرائحة بالمجاورة ، وفيه أن لفظ الأثر انما وقع في كلام الأصحاب وإلا فليس في السنة له أثر ، وأكثر كلامهم على خلاف ذلك ، لأن منه ما هو صريح في أن الأثر غير الرائحة كعبارة المصنف ونحوها ، لقوله ولا عبرة بالرائحة ، ومنه ما هو صريح في أن الأثر غير الرائحة كعبارة المصنف ونحوها ، لقوله ولا عبرة بالرائحة ، ومنه ما هو ظاهر كالصريح في ذلك أيضا ، وكيف وقد أجمعوا على عدم وجوب إزالة الرائحة ، وصرحوا بوجوب إزالة الأثر ، بل جعلوه حدا للاستنجاء بالماء ، على أن حكمه بالاستحباب لا أعرف مأخذه.

والتحقيق أن المراد بالأثر الأجزاء الصغار اللطيفة كما فسره بذلك بعضهم ، بل قد يقال انه المفهوم منه عرفا إذا قيل بقي أثره أو لم يذهب أثره ، بل قد يرجع إليه تفسير اللون ، إذا الظاهر أنه لا يريد اللون الصبغي ، وعن المصباح المنير أنه قال :

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب الحيض ـ حديث ١.

٢٤

« استنجيت غسلت موضع النجو أو مسحته بحجر أو مدر ، والأول مأخوذ من استنجيت الشجر إذا قطعته من أصله ، لأن الغسل بالماء يزيل الأثر ، والثاني مأخوذ من استنجيت النخلة إذا التقطت رطبها ، لأن المسح لا يقطع النجاسة ، بل يبقى أثرها » وهو ظاهر فيما قلناه ، لا يقال ان ذلك مأخوذ في الغسل لسائر النجاسات ، فما الداعي إلى اشتراطه في المقام وإيجاب إزالته ، بل هو مقتضى الأمر بغسل النجاسة ، إذ لا معنى لغسلها مع بقاء بعض منها ، لأنا نقول هو أنه لما قام الإجماع على الاجتزاء بالمسح بالأحجار ، وظاهر الأدلة حصول الطهارة بذلك ، ومن المعلوم بل ربما نقل الإجماع عليه أن المسح بالأحجار لا يزيل هذه الأجزاء الصغار الدقاق ، بل لو كلف بإزالتها بها لكان فيه من المشقة والعسر بل التعذر وإثارة الوسواس ما لا يخفى ، وهو مناف لحكمة مشروعية التخفيف والتسهيل ، فقد يتخيل متخيل ان الاستنجاء بالماء حده المقدار الذي يزال بالأحجار وذلك لحصول الطهارة بالمسح بها كما عرفت ، فلا يجب حينئذ إزالة الأثر ، بل يكون معفوا عنه ، مؤيدا لذلك بأن الأخبار حدت مطلق الاستنجاء بمطلق النقاء والإذهاب وبذلك اعترض بعضهم على ما ذكرنا من تفسير الأثر بالاجزاء ، قال : « لا دليل على وجوب إزالتها ، بل يدل على عدمه الاستجمار ، للإجماع على أنه لا يزيله ، إلا أن يقال انه لا يطهر ، بل يعفى عما بقي معه ، وهو خلاف نص التذكرة والمنتهى والمعتبر وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) في الدم : « لا يضر أثره » وقول الكاظم عليه‌السلام لأم ولد لأبيه لما غسلت ثوبها من دم الحيض ولم يذهب أثره : « اصبغيه بمشق » قال : إلا أن يقال بالوجوب إذا أمكن ».

وفي كشف اللثام قلت : ولا يندفع به الاشكال ، للزوم قصر الاستجمار على الضرورة ، وان لا يطهر المحل وان عفي عما فيه ، ويلزم منه تنجيسه ما يلاقيه برطوبة ، قلت : لا مانع من التزام طهارة هذه الأجزاء حال التمسح بالأحجار خاصة ، كما صرح‌

__________________

(١) سنن البيهقي ـ ج ٢ ص ٤٠٨.

٢٥

به في المعتبر والمنتهى ، وقد يشعر به قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) في العظم والروث : « أنهما لا يطهران » ان لم يرد بها النقاء ونحوه ولو مجازا ، كما لعله الظاهر منه ، وقوله عليه‌السلام (٢) : « يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار » بل سائر ما دل على الاستجمار ومساواته للماء في حصول الطهارة ، إذ ليس ذلك بأبعد من التزام طهارتها في الحالين ، كما يلتزم به المعترض ، ودعوى أن المدار على النقاء ، فان حصل بدون إذهاب هذه الأجزاء فليجتز به في المقامين ، وإلا فلا يجتزى به فيهما يدفعها أن النقاء لكل شي‌ء بحسبه ، فنقاء الأحجار للسيرة والطريقة وحصول العسر والمشقة إزالة العين دون الأثر ، بخلاف الماء ، فإنه بإزالة الآثار كما في سائر النجاسات ، وما نقله من قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا يضر أثر الدم » فليس المراد به ما نحن فيه قطعا ، بل المراد مالا يزيله الغسل من اللون ونحوه ، كالأثر في سؤال الكاظم ، عليه‌السلام هذا مع ان الأصل يقتضي نجاسة هذه الأجزاء وإيجاب إزالتها. لشمول اسم الكل لها ، والمعلوم من عفو الشارع انما هو في المسح بالأحجار لمكان العسر والحرج ، بخلاف الماء ، فيبقى على الأصل والقاعدة ، إذ لا عسر ولا حرج ، ويشير إليه أيضا قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) لعائشة : « مري نساء المدينة يستنجين بالماء. ويبالغن ، فإنه مطهرة للحواشي » فإن قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويبالغن مع التعليل مشعر بذلك ، أو يقال انا لا نلتزم طهارة تلك الأجزاء حال المسح بالأحجار ، بل نقول : انه معفو عنها وعما يلاقيها مما يكون في اجتنابه عسر ما دامت على المحل ، أما لو ارتفع ذلك فإنها تنجس ما يلاقيها ، ولا ينافي ما ذكرنا من التحديد بزوال العين ما وقع لبعضهم من التحديد بالنقاء كالخبر ، لما عرفت من أن النقاء في كل شي‌ء بحسبه ، كما سمعت ذلك في الرواية ، فالنقاء حينئذ متحد المعنى ، لكن مختلف بالنسبة إلى ما يحصل به ، فان نقاء كل شي‌ء بحسب حاله.

__________________

(١) المنتقى لابن تيمية على هامش نيل الأوطار للشوكانى ج ١ ص ٨٤.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٣.

٢٦

وأما ما نقل عن سلار ان حده حصول الصرير جيد ان أراد ما ذكرنا ، وإلا فهو غير صالح للتحديد ، لاختلاف المياه والأزمان ، فقد يحصل الصرير ولا يحصل النقاء ، كما إذا كان الماء والهواء في شدة البرودة ، كما يحصل النقاء التام ولا يحصل الصرير إذا كان الماء والهواء حارين ، وويل ثم ويل لأهل الوسواس كيف يحصلون ذلك إلا بعد مدة مديدة ، وأما ما قيل من احتمال تفسير الأثر بالنجاسة الحكمية الباقية بعد زوال العين ، فيكون إشارة إلى تعدد الغسل فلا أعرف له وج صحة ، ومن المعلوم بل قيل لا خلاف فيه أن الواجب في الغسل انما هو غسل ظاهر المخرج دون باطنه ، للأصل ، مضافا الى ما تقدم ، وقول الصادق عليه‌السلام (١) في خبر عمار : « انما عليه أن يغسل ما ظهر منه ، وليس عليه أن يغسل باطنه » وقول الرضا عليه‌السلام (٢) : « تغسل ما ظهر على الشرج ».

ولا اعتبار بالرائحة المتخلفة في موضع النجاسة واليد ، للأصل ، وإطلاق الأمر بالغسل ، وصدق تحقق النقاء والإذهاب مع بقائها ، وعدم الدخول تحت أسماء النجاسات ، مضافا الى ذيل الحسن المتقدم قلت : « ينقى ما ثمة ويبقى الريح ، قال : الريح لا ينظر إليها » وقد حكى حكاية الإجماع عليه في كشف اللثام ، وفي المدارك هذا مذهب الأصحاب لا أعلم فيه خلافا ، وعن الشهيد أنه اعترض على نحو العبارة بأن وجود الرائحة يدفع أحد أوصاف الماء ، وذلك يقتضي النجاسة ، وأجاب عنه مرة بالعفو عن الرائحة ، للنص والإجماع ، وأخرى بأن الرائحة إن كان محلها الماء نجس ، وان كان محلها اليد أو المخرج فلا ، واستجود الأخير في جامع المقاصد والمدارك ، واستحسنه في الذخيرة.

قلت : قد يظهر من الجواب الأول كون الرائحة معفوا عنه وان كان محلها‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ١.

٢٧

الماء ، وهو مخالف للإجماع المتقدم سابقا في ماء الاستنجاء ، وظاهر النص بقاؤها على محل الغائط مطلقا ، ولو شك في محلها فالأصل الطهارة ، ولا يجب التجسس ، بل هو منهي عنه ، وكأنه لذلك ونحوه أطلق عدم الاعتبار بالرائحة ، والغالب عدم معرفة محلها ، وكذلك لو علم أن محلها الماء ولكن لم يعلم سببها ، أو علم أنها من المحل أو اليد ، لما تقدم سابقا أن التغير بالمتنجس لا ينجس ، ويمكن ان يجاب عن أصل الإشكال أيضا بأن يقال ان ظاهر قولهم لا اعتبار بالرائحة في نجاسة المحل ، وهو كذلك وإن كان الماء متغيرا ، فإنه قصارى ما هناك يتنجس الماء ، ولا يلزم منه تنجس المحل ، نظير ما قالوا في ماء الغسالة ، فتأمل جيدا ، فإنه نافع في غير المقام.

وإذا تعدى الغائط المخرج لم يجز في طهارته شي‌ء من أحجار وغيرها إلا الماء كما في المبسوط والمعتبر والنافع والمنتهى والتحرير والإرشاد والقواعد والتذكرة واللمعة وعن الغنية والوسيلة والمراسم والكافي والمهذب والسرائر والدروس والتبيان ، بل في المعتبر انه مذهب أهل العلم ، وفي التذكرة الإجماع عليه ، ومثله عن الغنية ، وعن الانتصار أنه لا خلاف فيه ، قلت : لكن لم يصرح أحد ممن نقلنا عنهم بحد المتعدي بل كلماتهم مطلقة ، نعم في الذكرى لا استنجاء بالحجر من الغائط المنتشر عن المخرج إجماعا. وهو المروي ، وفي الروض أن المراد بالتعدي عن المخرج التعدي عن حواشي الدبر وان لم يبلغ الأليتين ، وهذا الحكم إجماعي من الكل ، وفي المسالك المراد بالمخرج حواشي الدبر ، فكل ما تجاوزها متعد وإن لم يبلغ الألية ، ومثله في الروضة ، وفي المدارك ينبغي أن يراد بالتعدي وصول النجاسة إلى محل لا يعتاد وصولها اليه ، ولا يصدق على إزالتها اسم الاستنجاء ، وذكر جماعة من الأصحاب أن المراد تجاوز النجاسة عن المخرج وان لم يتفاحش ، وهو بعيد ، انتهى. وفي الذخيرة والظاهر ان المراد بالتعدي في عبارات الأصحاب تعدي حواشي الدبر وإن لم يصل إلى الألية ، ويظهر من التذكرة نقل الإجماع على ذلك ، وكذا يفهم الإجماع من كلام الشارح الفاضل ،

٢٨

ولو لا ذلك لم يبعد تفسيره بوصول النجاسة إلى محل لا يعتاد وصولها اليه ، ولا يصدق على إزالتها اسم الاستنجاء ، كما ذكره صاحب المدارك ، فان الدليل يساعد عليه الى أن قال : ولا يخفى أن الاخبار (١) الدالة على الاكتفاء بالأحجار مطلقة من غير تفصيل بالمتعدي وغيره ، فان لم يكن إجماع على الحكم المذكور كان للتأمل مجال ، نعم لو فسر التعدي بذلك المعنى الآخر صح بلا ريب انتهى وفي مجمع البرهان ان أخبار الاكتفاء بالأحجار خالية عن التقييد ، بل ظاهرها العموم ، فلو لا دعوى الإجماع لأمكن القول بالمطلق إلا ما يتفاحش بحيث يخرج عن العادة ويصل الى الألية ، كما اعتبروا ذلك في عدم عفو ماء الاستنجاء ، ولو لا دعوى العلامة الإجماع في التذكرة على أن المتعدي هو ما يتعدى عن المخرج في الجملة ولو لم يصل الى الحد المذكور لقلت : مراد الأصحاب بالتعدي ما قلناه ، لعموم الأدلة مع عدم المخصص ، ولأن شرعية المسح لرفع الحرج والضيق كما دل عليه النقل والعقل وذلك يناسب الاكتفاء فيما هو العادة لا النادر الذي هو قليل الوقوع ، وأيضا يبعد اعتبار الشارع في الاستعمال أمورا دقيقة ذكرها بعض الأصحاب بحيث يصير في غاية الإشكال ، فيفوت مقصوده ، فالذي يقتضيه النظر في الدليل عدم الالتفات الى هذه الأمور ، وحصول التطهير مطلقا ، إلا على وجه يعلم تنجيس غير الموضع المتعارف والتعدي العرفي ، إذ لا شرعي له ، والاحتياط معه ، انتهى.

ونحو ذلك نقل عن الخوانساري ، وفي الحدائق ان بيان معنى التعدي لا يخلو من إجمال وإشكال ، حيث أن ما صرح به الأصحاب من أنه عبارة عن تجاوز الغائط للمخرج ، وهو حواشي الدبر وان لم يبلغ الأليتين لا دليل عليه في أخبار الاستنجاء بالاجمار الواردة من طرقنا ، بل هي مطلقة ، الى أن قال : والظاهر أن مستند أصحابنا في ذلك هو الإجماع ، كما صرح به جماعة منهم ، ومن ثم توقف فيه جملة من متأخري المتأخرين ، بل جزم البعض كالسيد السند في المدارك بأنه ينبغي أن يراد بالتعدي وصول النجاسة‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب أحكام الخلوة.

٢٩

إلى محل لا يعتاد وصولها اليه ، ولا يصدق على إزالتها اسم الاستنجاء ، وهو الأقرب ، لعموم الأدلة ، ولبناء الشرعية على المتعارف دون النادر ، ولما صرحوا به في ماء الاستنجاء من الحكم بطهارته ما لم يتفاحش بحيث يخرج عن مسمى الاستنجاء انتهى.

قلت قد عرفت أن المستند في أصل الحكم الإجماعات المنقولة ، مع نسبته له في الذكرى الى الرواية ، ولعله أشار الى ما رواه (١) في المعتبر عنه عليه‌السلام « يكفي أحدكم ثلاثة أحجار إذا لم يتجاوز المحل » لكن الظاهر من ملاحظة كلامه أنها من طرق العامة فلا ينفع انجبارها بالشهرة ، إذ ظاهر الأصحاب عدم الالتفات الى أخبار العامة وان انجبرت ، والذي يظهر لي في المقام أن الأصحاب ( قدس الله أرواحهم ) لم يريدوا ما فهمه هؤلاء منهم من مطلق التعدي ، وأنكروا عليهم ذلك غاية الإنكار ، بل الظاهر منهم إرادة التعدي عن المحل الذي يعتاد وصول النجاسة إليه ، لما عرفت أن رؤساءهم لم يذكروا تحديد التعدي ، فيحمل على ما كان خارقا للمتعارف المعتاد ، كما يشعر بذلك أنهم ذكروه في مقابلة ما ذهب إليه الشافعي من الاجتزاء بالأحجار وإن وصل الى باطن الأليتين ، بل يشير اليه قول بعضهم أنه لا بد من الماء وان لم يبلغ باطن الأليتين ، وذلك لانه بدونه يخرج عن المتعارف المعتاد ، وكيف يسوغ لأحد ان يحمل كلامهم على إرادة مطلق التعدي ، مع أنه لازم لخروج الغائط في الغالب ، مع أن الاستنجاء بالأحجار كان هو المتعارف في ذلك الزمان ، بل يظهر من الروايات (٢) أنه لم يعرف غيره حتى نزل قوله تعالى ( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) في الرجل الذي أكل طعاما فلانت بطنه فاستنجى بالماء ، فشرع هناك التخيير بينه وبين الأحجار ، ومما يرشد الى هذا أيضا ان العلامة في المنتهى استدل على وجوب إزالة المتعدي بالماء بأنه انما شرع الاجمار لأجل المشقة الحاصلة من تكرر الغسل مع تكرر النجاسة ، أما ما لا يتكثر فيه‌

__________________

(١) المعتبر ـ البحث الثاني من الاستنجاء في آداب الخلوة ص ٢٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٣ و ٥.

٣٠

حصول النجاسة فلا يجزي فيه إلا الغسل كالساق والفخذ ، وهو كالصريح في إرادة التعدي بغير المعتاد ، وكأن الذي أوقعهم في الوهم تفسير المتأخرين للتعدي بالتعدي عن حواشي المخرج ، وهو مع أنه وقع من متأخري المتأخرين ممكن الحمل على ما ذكرنا أيضا ، وما نقله بعضهم عن التذكرة من الإجماع على أن المراد بالتعدي هو مطلق التعدي لم أجده فيها ، بل الموجود فيها الغائط إن تعدى المخرج وجب فيه الغسل بالماء إجماعا ، وهو كسائر عبارات الأصحاب.

نعم قال فيها بعد ذلك : ويشترط في الاستنجاء بالأحجار أمور ، منها عدم التعدي ، فلو تعدى المخرج وجب الماء ، وهو أحد قولي الشافعي ، وفي الآخر لا يشترط ، فان الخروج لا ينفك منه غالبا ، واشترط عدم الزيادة على القدر المعتاد ، وهو ان يتلوث المخرج وما حواليه ، وان زاد عليه ولم يتجاوز الغائط صفحتي الأليتين فقولان ، انتهى ، فقد يشعر نسبة ذلك الى الشافعي أن المراد بالتعدي عندنا هو مطلق التعدي حتى على المحل المعتاد ، لكن التعويل على مثل هذه العبارة في مخالفة هذا الحكم الذي كاد أن يكون قطعيا مما لا ينبغي أن يرتكبه فقيه ، على أن ما نقله عن الشافعي فيها خلاف ما نقله عنه في المنتهى ، قال فيه : « إذا تعدى المخرج تعين الماء ، وهو أحد قولي الشافعي ، والقول الثاني له وعن إسحاق انه إذا تعدى الى باطن الأليتين ولم يتجاوز الى ظاهرهما فإنه يجزيه الحجارة ، فإن تجاوز ذلك فظهر على الأليتين وجب الماء عنده قولا واحدا » انتهى. وهو ظاهر فيما قلنا ، ومما يدل على ما ذكرنا من أن مرادهم بالتعدي انما هو عن محل العادة استدلال المصنف في المعتبر على وجوب الماء في التعدي قوله عليه‌السلام : « يكفي أحدكم ثلاثة أحجار إذا لم يتجاوز محل العادة » وهو كالصريح فيما قلناه ، فلا ينبغي الإشكال حينئذ في أن مراد الأصحاب التعدي عن المحل المعتاد ، نعم هل يراد به بحيث يخرج عن مسمى الاستنجاء أو لا بد من الماء وان لم تخرج عن مسمى الاستنجاء فيكون الماء حينئذ طاهر قد سمعت من بعضهم دعوى اتحاد الأمرين ، وأن المراد بالتعدي‌

٣١

هنا هو المراد هناك ، وهو الخروج عن مسمى الاستنجاء ، ويمكن أن يقال بخلافه ، كما يظهر من ملاحظة عباراتهم ، وذكرهم له بالخصوص ، وعدم الاستدلال عليه بالخروج عن مسمى الاستنجاء ممن وقفت على كتبهم ، بل العلامة في المنتهى أكثر من الأدلة الواهية جدا على المطلوب ، ولم يذكر مثل ذلك فيها ، وإلا كان عليه أن يذكره معتمدا عليه ، ضرورة خروجه عن مسمى الاستنجاء ، فلا تجزي الأحجار ، لأن مشروعيتها فيه ، على أن ذكرهم له في خصوص المقام يشعر بدخوله تحت اسم الاستنجاء ، بل قد يومي الى ذلك أنه لم يذكر الأكثر هذا الشرط في ماء الاستنجاء ، بل اشترطوا فيه أن لا تصيبه نجاسة من خارج ، وان لا يتغير أحد أوصافه ، نعم نبه عليه بعض المتأخرين ، وهو في غير محله ان أراد كونه شرطا لعدم دخوله تحت ماء الاستنجاء حينئذ ، وقد عرفت أنه هنا اشترطه جمع من الأصحاب ، بل نقل عليه الإجماع ، بل يظهر من بعضهم أن دليله الإجماع ، وما ذاك إلا لدخوله تحت اسم الاستنجاء ، ولا ينافيه المعنى اللغوي ، ويزيد ذلك تأييدا استدلال كشف اللثام على استحباب الجمع بين الأحجار والماء في المتعدي بقوله عليه‌السلام (١) : « جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار ويتبع بالماء » وما يقال انه بناء على ذلك لم لا يزال بالأحجار ، مع ان الأدلة مطلقة بالاستنجاء بها يدفعه أولا انصرافها الى الفرد الغالب المتعارف ، وهو غير المتعدي محل العادة ، وثانيا الإجماع المنقول بل المحصل على أنه متى تجاوز المحل المعتاد تعين غسله بالماء.

لا يقال ان مقتضى الأول عدم طهارة الماء الذي يغسل به ، لانصراف ما دل على طهارة ماء الاستنجاء إلى غيره أيضا ، لأن الظاهر من الأصحاب في ذلك المقام الحكم بالطهارة حتى يتعدى تعديا يخرج به عن مسمى الاستنجاء فتأمل ، ثم إذا‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ـ ٤.

٣٢

تعدى الغائط التعدي الذي يعين الغسل بالماء فهل يسقط هناك الاستنجاء بالأحجار حتى في المحل المعتاد ، أو يجوز إزالة المعتاد بالأحجار والزائد بالماء؟ ظاهر عباراتهم الأول ، لكن لا يبعد في النظر الثاني ، فتأمل.

وإذا لم يتعد الغائط ذلك التعدي كان مخيرا بين الماء والأحجار إجماعا محصلا ومنقولا مستفيضا ، بل كاد يكون متواترا ، وسنة كذلك ، فما في بعض الروايات (١) من ظهور عدم الاجتزاء بالأحجار إما مطلقا أو مع وجود الماء مطرحة ، أو محمولة على تأكد استحباب الماء ، أو على تعدي الغائط ، أو نحو ذلك.

والاستنجاء بالماء أفضل للإجماع المنقول في كشف اللثام ، ول قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) لبعض نسائه : « مري نساء المدينة ان يستنجين بالماء ويبالغن ، فإنها مطهرة للحواشي ، ومذهبة للبواسير » وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا (٣) : « إذا استنجى أحدكم فليوتر بها وترا إذا لم يكن الماء » للإجماع على عدم العمل بالشرط ، فيحمل حينئذ على الاستحباب ، وب قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا (٤) : « يا معشر الأنصار ان الله قد أحسن الثناء عليكم ، فما ذا تصنعون ، قالوا نستنجي بالماء » وقول الصادق عليه‌السلام (٥) : « كان الناس يستنجون بالكرسف والأحجار ، ثم أحدث الوضوء ، وهو خلق كريم ، فأمر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصنعه ، فأنزل الله تعالى في كتابه ( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) » وربما يشعر به صحيحة زرارة (٦) لقوله عليه‌السلام فيها : « ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار » إلى غير ذلك من الأخبار ، كل ذلك مع كونه أبلغ في التنظيف لإزالته العين والأثر بخلاف الأحجار ولا ينافي الوجوب التخييري الاستحباب ، كما لا تنافي الكراهة الوجوب‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٤.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٤.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٤.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ١.

٣٣

لكون المراد بالأول أكثر ثوابا من الآخر ، وبالثاني الأقل ، كما بين في محله ، وربما أجيب بأن متعلق الوجوب الطبيعة ، والاستحباب الفرد ، وما يقال : ان المستحب ما جاز تركه لا إلى البدل ، والواجب ما لا يجوز تركه لا إلى بدل ، فقد يجاب عنه بأن له اعتبارين ، فمن حيث الاستحباب يجوز تركه لا إلى بدل عنه في ذلك ، ومن حيث الوجوب له بدل ، أو يقال : انه لا معنى لأخذ البدلية في تعريف الواجب ، بل هي مضادة لمعنى الوجوب ، وحينئذ لا يكون الواجب الفرد بل الطبيعة ، وهو مفهوم أحدهما ، ولا ينافي ذلك استحباب خصوص الفرد ، وما يقال : ان الفرد متحد مع الطبيعة مدفوع بجواز اجتماع الوجوب والندب باعتبارين ، وإن كان لنا في ذلك بحث ليس المقام محل ذكره ، ولعله يرجع الى ما ذكرنا أولا ما أجيب به هنا من أنه لا منافاة بين الوجوب لنفسه واستحبابه بالإضافة إلى الغير ، كما لا منافاة بين الوجوب للنفس والاستحباب للغير أو عكسه ، كغسل الجنابة لأجل صلاة النافلة على القول بوجوبه لنفسه ، وكالوضوء بالنسبة للفريضة فتأمل جيدا ، وللبحث في ذلك محل آخر.

والجمع بين الماء والأحجار أكمل كما في التحرير والتذكرة ، وقد يستظهر من الخلاف والمنتهى والمعتبر الإجماع عليه ، ويدل عليه مضافا الى ذلك المرسل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار ويتبع بالماء » ويؤيده من الاعتبار ما فيه من الجمع بين المطهرين ، والاستظهار بإزالة النجاسة مع ما فيه من حفظ اليد من الاستقذار ، وبقاء الرائحة فيها ، ولهذا والخبر المتقدم ينبغي تقديم الأحجار وان أطلق الحكم في كثير من عباراتهم ، وظاهر عبارة المصنف وما ضاهاها كون الحكم المذكور في غير المتعدي ، وصرح في المعتبر باستحباب الجمع وان تعدى ، بل يظهر من العلامة في القواعد اختصاص الحكم بالمتعدي ، لقوله والماء أفضل ، كما ان الجمع أفضل في المتعدي ، ويمكن رفع المنافاة بينهما أن الأفضلية غير الأكملية ، فهو أكمل كما ذكره المصنف في غير المتعدي ، وأفضل في المتعدي ، إذ الكمال مرتبة ثانية في‌

٣٤

الفضيلة وعلى كل حال فأقامه الدليل من السنة على استحباب الجمع في المتعدي لا تخلو من إشكال ، واحتمال التمسك بالمرسلة المتقدمة فهي ـ مع تسليم شمول اسم الاستنجاء للمتعدى ـ ظاهرة في غير المتعدي ، لكونه الفرد الغالب ، لكن أمر الاستحباب هين ، والله أعلم.

ولا يجزي في الاستنجاء أقل من ثلاثة أحجار إذا لم يحصل النقاء به ، بل ولا بالثلاثة فما زاد إذا كان كذلك إجماعا وقولا واحدا ، فإطلاق ما دل على الاجتزاء بالثلاثة محمول على ما إذا حصل النقاء بها ، كما يقضي بذلك حسنة ابن المغيرة (١) وخبر يونس (٢) أما إذا حصل النقاء بالأقل فهل يجب الإكمال تعبدا أم لا؟ قولان ، خيرة المصنف الأول ، وبه صرح في المعتبر والنافع والمنتهى والتحرير والإرشاد والقواعد وجامع المقاصد ، وهو ظاهر اللمعة ، بل لعله ظاهر المقنعة كما في كشف اللثام ، قال : « وان كان حدثه من الغائط استعمل ثلاثة ، يأخذ واحدا فيمسح به موضع النجو ، ثم يلقيه. ثم الثاني والثالث كذلك ، إلى أن قال : ولا يجوز له التطهير بحجر واحد » لكن عن السرائر عن المفيد عدم الوجوب ، وفي الخلاف وان نقي بدون الثلاثة استعمل ثلاثة سنة ، لكن استدل على ذلك بقوله عليه‌السلام : « وليمسح بثلاثة أحجار » قال : وظاهره الوجوب ، إلا أن يقوم دليل ، انتهى. فيكون قرينة على إرادته من السنة الوجوب ، ولعله حينئذ يحتمله ما عن النهاية ، قال : « وإن نقي بواحدة استعمل الثلاثة سنة » ونحوه ما في الوسيلة ، لكن قال : « وان لم تزل بثلاثة استعمل حتى تزول فرضا » فمقابلته بالفرض يشعر أن مراده بالسنة الاستحباب ، وكذلك ما عن المهذب ، قال : « ان نقي الموضع بواحدة فينبغي أن يستعمل آخرين سنة » وعن الغنية « وفي السنة أن يكون بثلاثة إلا ان الماء أفضل » وفي المبسوط « انه ان نقي بدون الثلاثة استعمل الثلاثة عبادة » وكيف كان فقد نقل أيضا عن ظاهر المراسم والكافي وصريح السرائر والذكرى‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٥.

٣٥

والدروس والبيان ، بل حكى جماعة عليه الشهرة ، خلافا لجماعة من متأخري المتأخرين ، فاختاروا العدم كصاحبي المدارك والذخيرة وغيرهما ، وهو المنقول عن المفيد والعلامة في المختلف ، وربما احتمله عبارة النهاية المتقدمة ، وقد سمعت عبارة الوسيلة والمهذب والغنية والمبسوط.

وعلى كل حال فحجة المشهور الأصل ، والمناقشة فيه بأن الطهارة لغة النظافة والنزاهة ، وليس لها وضع شرعي بالنسبة إلى إزالة النجاسة ، فهي في الحقيقة كألفاظ المعاملة ونحوها ، وما اعتبره الشارع في بعضها كالتطهير بالماء بالغسلتين ونحوه انما هو على وجه الشرطية ، فيتجه حينئذ نفي ما شك فيه منها ، ويكون الأصل في كل ما أزيل حسا أن يكون طاهرا شرعا ، سيما بما علم من الشارع جعله مزيلا لها في الجملة ، ففيها أولا عدم وجود لفظ التطهير بالحجر في المقام حتى يتمسك بما سمعت ، وثانيا لفظ الطهارة وإن لم يكن لها وضع شرعي إلا أن لها مرادا شرعيا غير المعنى اللغوي ، كما يرشد اليه استعمال لفظ النجس الغير المستقذر شرعا ، فالمراد من الطهارة حينئذ شرعا رفع المنع الشرعي ، وهو لا يحصل العلم به إلا من قبل الشرع ، فكل ما ثبت ممنوعية الصلاة فيه يستصحب بقاؤه حتى يعلم الرفع من الشرع ، فتأمل وقول أبي جعفر عليه‌السلام (١) في صحيح زرارة : « لا صلاة إلا بطهور ، ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار ، بذلك جرت السنة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » فان قوله يجزيك يشعر بأنه أقل ما يجزيك ، مضافا إلى قوله عليه‌السلام بذلك جرت السنة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقوله أيضا (٢) في خبر زرارة : « جرت السنة في أثر الغائط بثلاثة أحجار أن يمسح العجان » وقوله عليه‌السلام (٣) أيضا : « يجزي من الغائط المسح بالأحجار ، ولا يجزي من البول إلا الماء » لأن أقل الجمع ثلاثة ، كالخبر المنقول عن الخصال عن‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٢.

٣٦

علي بن الحسين عليه‌السلام (١) قال : « كان الناس يستنجون بالأحجار » وفي خبر أبي خديجة (٢) عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : « كان الناس يستنجون بثلاثة أحجار » وفي خبر جميل بن دراج (٣) عنه عليه‌السلام أيضا « كان الناس يستنجون بالكرسف والأحجار » واستدل الشيخ في الخلاف على اعتبار العدد بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) « وليستنج بثلاثة أحجار » والظاهر أنه رواية عامية ، إذ لم أقف عليها من طرقنا ، ومثلها ما روي عن سلمان رضي‌الله‌عنه (٥) عنه قال : « نهانا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار » ومما يؤيده أيضا انه لا ريب في بقاء الأجزاء الصغار المسماة بالأثر في لسانهم ، فيستصحب حينئذ منعها من الصلاة حتى يثبت العفو عنها ، ولم يثبت إلا بعد إمرار الثلاثة عليها وان لم تقلعها ، وأيضا من المعلوم انه لا يمكن العلم بنقاء المحل ، بل المراد نقاء الحجارة التي تستعمل حتى تكون دليلا عليه ، وهو في الحجر الواحد غير متحقق ، لمباشرته أولا للنجاسة.

لكنك خبير بما في هذه الأدلة من الضعف ، فإن الأصل مقطوع بالحسن كالصحيح عن أبي الحسن عليه‌السلام (٦) قال : قلت له : « للاستنجاء حد ، قال : لا حتى ينقى ما ثمة » الى آخره. وخبر يونس بن يعقوب (٧) قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « الوضوء الذي افترضه الله على العباد لمن جاء من الغائط أو بال ، قال : يغسل ذكره ويذهب الغائط » مضافا الى مطلقات المسح والاستنجاء (٨) إذ معنى الاستنجاء غسل محل النجو أو مسحه ، وعن القاموس أن النجو ما يخرج من البطن من ريح أو غائط ، واستنجى أي غسل بالماء أو مسح بالحجر ، وعن الجوهري استنجى‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٥.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٤.

(٤) المستدرك ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٤.

(٥) المستدرك ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ١٠.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ١.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٥.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب أحكام الخلوة.

٣٧

أي غسل موضع النجو أو مسحه ، مضافا الى استبعاد وجوب الإمرار تعبدا من غير فائدة أصلا ، وما يقال ـ ان رواية النقاء ظاهرة في الغسل بالماء لما علمت أن الحجر لا يحصل معه النقاء ، مضافا الى قوله في ذيلها : « ينقى ما ثمة ويبقى الريح ، فقال : الريح لا ينظر إليها » فإن جزمه بالنقاء واستشكاله بمجرد بقاء الريح الحاصلة من غير نجاسة ظاهر في ذلك ـ ممنوع ، لأن بقاء تلك الأجزاء لا تمنع عن صدق اسم النقاء ، بل سؤاله عن الريح كاد يكون ظاهرا في الاستنجاء بالحجر ، لعدم بقاء الريح غالبا في الاستنجاء بالماء ، وكذا ما يقال في الخبر الثاني : ان السؤال قد اشتمل على الوضوء الظاهر في الغسل ، إذ اشتماله عليه لا يقضي بكون الجواب كذلك ، خصوصا مع تغير جوابه عليه‌السلام حيث قال في البول : اغسله ، وفي الغائط أذهبه ، ولو أراد عليه‌السلام الماء لقال : اغسلهما ، وأما الأخبار فمنها ما هو ظاهر في أن المراد بالأحجار الجنس في مقابلة الماء ، وما اشتمل فيها على العدد لا ظهور له في الوجوب.

وما يقال : ان الروايتين العاميتين لا بأس بهما بعد انجبارهما بالشهرة فيه أنه مخالف لطريقة الأصحاب من الاعراض عن أخبارهم ، بحيث لا تقومها الشهرة ، إلا شهرة رواية الأصحاب له مع العمل به ، وكذا ما يقال : أيضا ان تلك الأخبار وان ضعف سندها ودلالتها لكنها أقوى مما ذكرت ، لانجبارها بالشهرة فيه أن جملة من كلام المتقدمين من أصحابنا كاد يكون ظاهرا في عدم الوجوب ، وقد سمعت عبارة الغنية ، حيث قال : « وفي السنة أن تكون ثلاثة إلا أن الماء أفضل ، إلى أن قال : كل ذلك بدليل الإجماع » وأيضا قد يقال : ان الأخبار المشتملة على العدد لا حجة في مفهومها لكونها واردة مورد الغالب من عدم حصول النقاء إلا بذلك ، ومعارضته بأن هذا يرفع الوثوق بالاستدلال بالمطلق ، لكونه أيضا منصرفا اليه يدفعها ( أما أولا ) فبإمكان الفرق بين الغلبة التي يضعف معها دلالة مثل هذا المفهوم ، وبين الغلبة التي تصرف المطلق ، فإنه مأخوذ في الثانية أن يكون ما عداها نادرا جدا بالنسبة للإطلاق ، ألا ترى أن ندرة‌

٣٨

الوجود لا تقدح في تناول المطلق ، بخلافها بالنسبة إلى المفهوم ، ( وثانيا ) بأنه قد يدعى ان ما نحن فيه من باب العام ، إذ هو لعدم استقلال الجواب عن السؤال كان بمنزلة قوله لأحد للاستنجاء ، كما هو واضح ، على أنه كيف يدعى الندرة القادحة في خصوص المقام ، مع أنه كان ذلك غالبا في أهل تلك النواحي ، لحرارة أمزجتهم فكانوا يبعرون بعرا كما أشارت إليه بعض الأخبار (١) معللة ذلك بأنهم كانوا يأكلون البسر ، فالحاصل دعوى الندرة التي تكون سببا لعدم العمل بالمطلق بإطلاقه ممنوعة أشد المنع ، فتأمل.

وربما يرشد إليه ما ستسمعه من أن المشهور بين القائلين بالتثليث الاجتزاء بالتوزيع وهو قاض بإزالة الحجر الواحد النجاسة ، ولو لا مخافة خرق الإجماع المركب لأمكن القول والجمع بين الروايات المنجبرة بالشهرة وبين الخبرين المذكورين بحصول الطهارة بالأقل ووجوب الإكمال تعبدا ، بل يمكن حمل بعض روايات القدماء عليه ، بل في جامع المقاصد بعد اختياره المشهور قال : « وهل الحكم بالطهارة موقوف على الإكمال أم الطهارة دائرة مع النقاء والإكمال واجب؟ الظاهر الأول » انتهى. فان ترديده بين الأمرين ظاهر في عدم كونه مقطوعا به ، ومما يمكن أن يؤيد به خلاف المشهور أيضا أن ما ذكروه من الروايات قد دخلها التأويل ، وذلك لأن المشهور شهرة كادت تكون إجماعا ، بل قد حكى في الخلاف وعن الغنية انه يكتفى بكل جسم طاهر قالع للنجاسة سواء كان حجرا أو غيره ، بل يدل عليه مضافا إلى ذلك الروايتان المطلقتان (٢) وخبر ليث المرادي (٣) عن الصادق عليه‌السلام قال : « سألته عن استنجاء الرجل بالعظم أو البعر أو العود؟ فقال : أما العظم والروث فطعام الجن » وخبر زرارة (٤)

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٥.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٥ والباب ـ ١٣ حديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٣.

٣٩

سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : « كان الحسين بن علي عليه‌السلام يتمسح من الغائط بالكرسف ولا يغسل » كخبره الآخر (١) « كان يستنجي من البول ثلاث مرات ، ومن الغائط بالمدر والخرق » لكن الاستدلال بهذه محتاج إلى التتميم بعدم القول بالفصل ، ولم أعثر على مدعيه في المقام ، بل استحسنه صاحب الذخيرة ، سوى ما نقل عن المصابيح من دعواه ، أو يقال : انه يفهم من ملاحظة جميعها جواز الاستنجاء بكل جسم مزيل ، وعن سلار « أنه لا يجزي في الاستجمار إلا ما كان أصله الأرض ».

وربما ظهر من المنقول عن ابن البراج جواز استعمال الخرق والقطن إذا لم يتمكن من الأحجار ، ويردهما ما سمعت من الأخبار ، سيما قوله في خبر زرارة : انه عليه‌السلام كان يتمسح بالكرسف المعتضدة بالإجماعين المنقولين وفتوى المشهور ، بل نسبه في المنتهى إلى أكثر أهل العلم ، مع ما في كلام سلار من الاجمال ، وعن الشهيد في البيان أنه فسره بالأرض وما ينبت فيها ، واستحسنه ، وكان ما نقل عن ابن الجنيد « اني لا اختار الاستنجاء بالآجر والخرق إلا أن يلابسه طين أو تراب يابس » ليس صريحا في الخلاف وكذلك ما نقل عن السيد رحمه‌الله أنه قال : « يجوز الاستنجاء بالأحجار أو ما قام مقامها من المدر والخرق والخزف » إذ لعل المراد بقوله أو ما قام مقامها أي في الإزالة ، لكن يظهر من بعضهم انه فهم منه المخالفة ، وربما أيد بأنه مقتضى الجمع بين الأخبار بحمل المطلق على المقيد ، وفيه ـ مع ان الذي اشتملت عليه الروايات أزيد مما ذكره السيد ـ ان ما ذكرنا من الأخبار لا تقيد فيها حتى يحكم على المطلق ، فإن روايتي الفعل عدم دلالتهما على التقييد واضحة ، إذ فعلهم عليهم‌السلام قد يكون اتفاقيا ، لأنها كانت متيسرة لهم ، وكذلك خبر ليث ، فان مفهومه دال على جواز الاستنجاء بالعود ، ومن العجب أن صاحب الحدائق توقف في الحكم قائلا أن إطلاق الروايتين يمكن تقييده‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٦.

٤٠