الحياة السياسية للإمام الرضا عليه السلام

السيد جعفر مرتضى العاملي

الحياة السياسية للإمام الرضا عليه السلام

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥١٢

لا يصلح للاستناد إليه ، ولا للاعتماد عليه ، وإن صيغ بعبارات منمقة ، وأساليب مختلفة ، فيها الاغراق والمبالغة أحيانا ، ويبدو عليها الاتزان والموضوعية أحيانا أخرى ..

وبعد .. فعلى المكابر : أن يجيب على السؤال التالي :

وإلا .. فاننا نرى : أن لنا كل الحق في توجيه السؤال التالي إلى كل من يكابر ، ويصر على براءة المأمون ، وحسن نيته ، والسؤال هو :

إنه إذا كان قد عرض ولاية العهد. بعد وفاة الرضا (ع) على عبد الله بن موسى ؛ فلماذا لم يجعل ولد الرضا « الجواد » وليا لعهده ، مع أنه كان زوج ابنته ، وولد ولي عهده ، الذي أظهر عليه الحزن والجزع ، ومع أنه كان قد اعترف له بالعلم ، والفضل والتقدم ، كما اعترف لأبيه من قبل!!! ..

ولا مجال هنا للإصغاء للقول : بأن الجواد (ع) لم يكن يصلح لولاية العهد ، بالنظر لصغر سنه .. ، إذ أن جعله وليا للعهد لا يعني تسليمه بالفعل أزمة الحكم والسلطان .. وقد أخذ الخلفاء ، حتى أبوه الرشيد ، وأخوه الأمين البيعة لمن كانوا أصغر من الجواد سنا ، ولمن لم يكن له من العقل والحكمة والدراية ما كان للجواد (ع) ..

هذا بالاضافة إلى أن صغر سنه لم يكن ليضره ، بعد أن كان من أهل بيت زقوا العلم زقا ، وبعد أن شهد المأمون ، واعترف له العباسيون بالعلم والفضل ، بعد ذلك المجلس الذي أجاب فيه يحيى بن اكثم عن مسائله ، حيث كان العباسيون قد بذلوا له الأموال الطائلة ليقطعه عن

٤٢١

الحجة!! (١). راجع فصل : مع بعض خطط المأمون لتعرف أهداف المأمون من هذه المناظرة ..

رأي الفريق السادس : الرأي الحق :

وأما ذلك الفريق الذي يرى : أنه (ع) مات مسموما دون شك ، والذين أشار إليهم سبط ابن الجوزي بقوله : « وزعم قوم أن المأمون قد سمه » ـ أما هؤلاء ، فكثيرون :

ويمكننا أن نقول : إن ذلك مما تسالم عليه الشيعة رضوان الله عليهم ، ما عدا المرحوم الإربلي في كشف الغمة ، ونسب ذلك أيضا إلى السيد ابن طاوس ، وإلى الشيخ المفيد قدس‌سره ، ولكن ربما يستظهر من المفيد أنه يذهب إلى مسموميته ؛ حيث ذكر أنهما ـ أي المأمون والرضا ـ قد اكلا معا عنبا ، فمرض الرضا ، وتمارض المأمون!! ..

واتفاق الشيعة على ذلك لخير دليل على أنه (ع) قد قضى شهيدا ؛ لأنهم هم أعرف وأخبر بأحوال ائمتهم من غيرهم ، وليس لديهم ما يوجب كتم الحقائق ، أو تشويهها. فإذا ما سنحت لهم فرصة لاظهارها أظهروها ، دون تكتم على شيء ، أو تشويه لشيء ..

ومن أهل السنة ، وغيرهم ، طائفة كبيرة من العلماء ، والمؤرخين ، يعتقدون بأنه (ع) لم يمت حتف أنفه ، أو على الأقل يرجحون ذلك ، وإن لم يغين كثير منهم من فعل ذلك ، أو أمر به .. ونذكر من هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر :

__________________

(١) راجع الصواعق المحرقة ، والفصول المهمة ، لابن الصباغ ، وينابيع المودة للحنفي ، واثبات الوصية للمسعودي ، والبحار ، واعيان الشيعة ، وإحقاق الحق ج ٢ نقلا عن : أخبار الدول للقرماني ، ونور الأبصار ، وأئمة الهدى للهاشمي ، والاتحاف بحب الأشراف ومفتاح النجا في مناقب أهل العبا إلخ ..

٤٢٢

ابن حجر في صواعقه ص ١٢٢.

وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة ص ٢٥٠

والمسعودي في اثبات الوصية ص ٢٠٨ ، وفي التنبيه والاشراف ص ٢٠٣ ، ومروج الذهب ج ٣ ص ٤١٧ ، وإن كان في مكان آخر من مروجه قد حكى ذلك بلفظ : قيل ..

والقلقشندي في مآثر الانافة في معالم الخلافة ج ١ ص ٢١١.

والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة ص ٢٦٣ ، وغيرها ..

وجرجي زيدان في تاريخ التمدن الاسلامي المجلد الثاني جزء ٤ ص. ٤٤. قال : « وفكر في بيعته علي الرضا ، فأعظم أن يرجع عنها ، وخاف إذا رجع أن يثور عليه أهل خراسان ، فيقتلوه ، فعمد إلى سياسة الفتك ، فدس إليه من أطعمه عنبا مسموما ، فمات ».

وذكر ذلك أيضا في آخر صفحة من كتابه : الأمين والمأمون.

وأبو بكر الخوارزمي يقول في رسالته : « وسم علي بن موسى الرضا بيد المأمون » وقد تقدم شطر كبير من هذه الرسالة .. ويؤيد قوله هذا بعض ما تقدم بالاضافة إلى عدة روايات ليس هنا محل ذكرها ..

وأحمد شلبي في : التاريخ الاسلامي والحضارة الاسلامية ج ٣ ص ١٠٧ يقول : إن ثورة بغداد قد أرغمت المأمون على التخلص من الرضا ، وخلع الخضرة إلخ ..

وأبو الفرج الأصفهاني يقول في مقاتل الطالبيين : « وكان المأمون عقد له على العهد من بعده ، ثم دس إليه ـ فيما ذكر ـ بعد ذلك سما فمات ».

وذكر استشهاده أيضا أبو زكريا الموصلي في تاريخ الموصل ١٧١ / ٣٥٢.

٤٢٣

وابن طباطبا في الآداب السلطانية ص ٢١٨.

والشبلنجي في نور الابصار ص ١٧٦ ، ١٧٧ طبع سنة ١٩٤٨ يروي ذلك أيضا.

ويروي ابن حجر عن الحاكم في تاريخ نيسابور أنه قال : « استشهد علي بن موسى الرضا بسناآباد » ..

وهو نفسه ينقل عن ابن حبان أنه (ع) مات مسموما بماء الرمان (١).

والسمعاني أيضا في أنسابه ج ٦ ص ١٣٩ ، يذهب إلى استشهاده (ع).

وينقل القندوزي ذلك عن محمد پارسا البخاري في كتاب فصل الخطاب. كما وينقله عن اليافعي ؛ فراجع ص ٣٨٥ من ينابيع المودة ..

وفي خلاصة تذهيب تهذيب الكمال في اسماء الرجال ص ٢٧٨ ينقل ذلك عن سنن ابن ماجة القزويني ..

وينقل ذلك أيضا عن السلامي في كتابه الذي ألفه في تاريخ خراسان (٢).

وعن البيهقي في تاريخ بيهق.

وعارف تامر في كتابه : الامامة في الاسلام ص ١٢٥ يقول بذلك أيضا ..

ونقله في احقاق الحق ( الملحق ) ج ١٢ ص ٣٤٦ فصاعدا عن :

النبهاني في جامع كرامات الأولياء ج ٢ ص ٣١١.

وعن السيد عباس بن علي بن نور الدين في نزهة الجليس ج ٢ ص ٦٥.

وعن المناوي في الكواكب الدرية ج ١ ص ٢٥٦.

وعن ابن طلحة في مطالب السؤل ص ٨٦ ..

__________________

(١) تهذيب التهذيب لابن حجر ج ٧ ص ٣٨٨ ، وأعيان الشيعة ج ٤ قسم ٢ ص ١٥٤.

(٢) راجع : البحار ج ٤٩ ص ١٤٣ ، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٦٦.

٤٢٤

وعن الهاشمي الأفغاني في كتابه : « أئمة الهدى ص ١٢٧.

وعن البدخشي في : مفتاح النجا ص ١٨١ ( مخطوط ).

وعن الجوزجاني الحنفي في : طبقات ناصري ص ١١٣.

وذكر ذلك أيضا صاحب كتاب عيون الحدائق ص ٣٥٧.

وأخيرا فقد قال الدكتور كامل مصطفى الشيبي في كتابه : الصلة بين التصوف والتشيع ص ٢٢٦ : « .. ومات الرضا مسموما ، كما يرى أكثر المؤرخين ».

وهذا غيض من فيض .. وحسبنا ما ذكرنا هنا ؛ فإننا لو أردنا تتبع ما قيل حول وفاة الإمام ، لاحتجنا إلى وقت طويل ..

هذا كله .. بالنسبة إلى أقوال المؤرخين ..

صدى قتل الرضا في نفس زمن المأمون :

وأما إذا راجعنا كتب التاريخ أنفسها ؛ فإننا نستطيع أن نقول : إن استشهاد الإمام (ع) بالسم على يد المأمون كان شائعا ومعروفا بين الناس في ذلك الزمان ، أعني : زمن المأمون نفسه ، ومتسالما عليه فيما بينهم ..

فلقد تقدم في الفصل السابق : أن المأمون قد اعترف بأن الناس يتهمونه : بأنه قد اغتاله وقتله بالسم!!.

وورد أيضا أن الخلق عند وفاة الرضا (ع) اجتمعوا وقالوا : إن هذا قتله واغتاله ـ يعنون المأمون ـ ، واكثروا من القول والجلبة ، حتى أرسل إليهم المأمون محمد بن جعفر ، عم أبي الحسن يخبرهم : أن أبا الحسن لا يخرج في ذلك اليوم ؛ خوفا من الفتنة (١) ..

__________________

(١) مسند الامام الرضا ج ١ ص ١٣٠ ، والبحار ج ٤٩ ص ٢٩٩ ، ٣٠٠ ، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٢٤٢.

٤٢٥

كما وأن عبد الله بن موسى يصرح في رسالته التي أرسلها إلى المأمون بأنه قد بلغه ما فعله بالرضا من اطعامه العنب المسموم ، وستأتي هذه الرسالة بتمامها في أواخر هذا الكتاب ..

وسئل أبو الصلت الهروي : « كيف طابت نفس المأمون بقتل الرضا مع إكرامه إياه ومحبته له؟!. » فجاء في آخر جوابه قوله : « فلما أعيته الحيلة في أمره اغتاله ؛ فقتله بالسم .. » (١).

فإن هذا السؤال يكشف عن أن ذلك كان معروفا آنذاك بين الناس لكن الناس كانوا في حيرة من ذلك ؛ بسبب ما كانوا يرونه من اكرام المأمون للرضا (ع) في الظاهر ..

وعن الطالقاني : « إنه كان متى ظهر للمأمون من الرضا علم وفضل ، وحسن تدبير حسده على ذلك ، وحقده عليه ، حتى ضاق صدره منه ؛ فغدر به فقتله ».

بل لقد ذكر ابن خلدون : أن سبب خروج إبراهيم ابن الإمام موسى (ع) على المأمون هو أنه اتهم المأمون بقتل أخيه علي الرضا (ع) (٢).

ويؤيد ذلك : أنه قد نقل الاتفاق من كل من ترجم لإبراهيم هذا على أنه مات مسموما ، وأن المأمون هو الذي دس إليه السم ، وقد أنشد ابن السماك الفقيه ، حينما ألحده :

مات الإمام المرتضى مسموما

وطوى الزمان فضائلا وعلوما

قد مات بالزوراء مظلوما كما

أضحى أبوه بكربلاء مظلوما

__________________

(١) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٢٣٩ ، والبحار ج ٤٩ ص ٢٩٠ ، ومسند الامام الرضا ج ١ ص ١٢٨ ، ١٢٩.

(٢) تاريخ ابن خلدون ج ٣ ص ١١٥.

٤٢٦

إلى آخر الأبيات (١) .. وابراهيم هذا هو الذي كان قد خرج على المأمون في اليمن قبل ذلك أيضا. كما أن المأمون قد دس السم إلى أخية زيد ابن موسى (٢) ، الذي كان قد خرج عليه قبلا بالبصرة ، وإن كان اليعقوبي يذكر أن المأمون قد عفا عن زيد وابراهيم (٣) .. لكن من الواضح أن عفوه عنهما في الظاهر بسبب خروجهما عليه في البصرة واليمن ، لا ينافي أنه دس إليهما السم بعد ذلك بأعوام ؛ بسبب مطالبتهما بدم أخيهما الرضا (ع).

كما أن بعض المصادر التاريخية تذكر : أن « أحمد بن موسى » أخا الامام الرضا .. لما بلغه غدر المأمون بأخيه الرضا ، وكان آنذاك في بغداد ، خرج من بغداد للطلب بثأر أخيه ، وكان معه ثلاثة آلاف من العلوية. وقيل : اثنا عشر ألفا ..

وبعد وقائع جرت بينه وبين « قتلغ خان » ، الذي أمره المأمون فيهم بأمره ، والذي كان عاملا للمأمون على شيراز .. استشهد أصحابه ، واستشهد هو ، وأخوه « محمد العابد » أيضا (٤) ..

__________________

(١) حياة الامام موسى بن جعفر ج ٢ ص ٤٠٨ ، والبحار ج ٤٨ ص ٢٧٨ باختصار.

ولكن في وفيات الأعيان ج ١ ص ٤٩١ وصفة الصفوة ج ٣ ص ١٧٧ والكنى والألقاب ج ١ ص ٣١٦ ، ومرآة الجنان ج ١ ص ٣٩٣ ، والطبري في أحداث سنة ١٨٣ : أن وفاة محمد بن السماك كانت سنة ١٨٣ ه‍. وأما وفاة ابراهيم فهي إما سنة ٢١٠ ، أو سنة ٢١٣ ؛ فلا يمكن أن يكون ابن السماك هو المتولي لحده ، فضلا عن أن ينشد الشعر المذكور .. اللهم إلا أن يكون ابن السماك اثنين ، أحدهما الفقيه ، والآخر : القصاص ، أو لعل هناك تصحيف عمدي ، أو عفوي من الراوي ..

(٢) البحار ج ٤٨ ص ٣١٥ ، وكذا هامش ص ٣٨٦ منه وشرح ميمية أبي فراس ص ١٧٨ وعمدة الطالب ص ٢٢١. وحياة الامام موسى بن جعفر.

(٣) مشاكلة الناس لزمانهم ص ٢٩.

(٤) راجع : كتاب قيام سادات علوي ص ١٦٩ ( فارسي ) ، وأعيان الشيعة ج ١٠ من المجلد ١١ ص ٢٨٦ ، ٢٨٧ ، نقلا عن كتاب : الانساب ، لمحمد بن هارون الموسوي

٤٢٧

وأيضا .. فإن شرطة المأمون قد قتلوا « هارون بن موسى » أخا الرضا ؛ حيث إن هارون هذا كان في القافلة التي كانت تقصد خراسان ، وكانت تضم (٢٢) علويا ، وعلى رأسها السيدة فاطمة أخت الرضا (ع) (١). فأرسل المأمون إلى هذه القافلة ؛ فقتل وشرد كل من فيها ، وجرحوا هارون المذكور ، ثم هجموا عليه وهو يتناول الطعام فقتلوه (٢). وأما زعيمة القافلة السيدة فاطمة بنت موسى (ع) ؛ فيقال إنها هي الاخرى قد دس إليها السم في ساوة ؛ ولهذا لم تلبث إلا أياما قليلة واستشهدت (٣).

وآخر من يذكره المؤرخون من ضحايا المأمون : « حمزة بن موسى » ، أخا الإمام (ع) ؛ حيث ذكروا أنه كان من جملة من قتلهم أتباع المأمون (٤).

فيكون المأمون قد قتل ستة ، بل سبعة من إخوة الإمام (ع) ؛ لأنهم طالبوه بدم أخيهم ، أو كادوا. وألحق بهم ما شاء الله ممن تابعهم ، أو خرج معهم ..

ويقول الكاتب الفارسي ، علي أكبر تشيد : « إن كثيرا من العلويين كانوا قد قصدوا خراسان ، أيام تولي الإمام العهد من المأمون ، لكن أكثرهم لم يصل ؛ وذلك بسبب استشهاد الإمام (ع) ، وأمر المأمون الحكام ، وأمراء البلاد بقتل ، أو القبض على كل علوي. » (٥).

__________________

النيشابوري. وراجع أيضا : مدينة الحسين ( السلسلة الثانية ) ص ٩١ ، والبحار ج ٨ ص ٣٠٨ ، وحياة الامام موسى بن جعفر ج ٢ ص ٤١٣ وفرق الشيعة هامش ص ٩٧ عن بحر الأنساب ط بمبئي وغير ذلك.

(١) قيام سادات علوي ص ١٦١.

(٢) جامع الأنساب ص ٥٦ ، وقيام سادات علوي ص ١٦١ ، وحياة الامام موسى بن جعفر ج ٢.

(٣) قيام سادات علوي ص ١٦٨.

(٤) حياة الامام موسى بن جعفر ج ٢.

(٥) قيام سادات علوي ص ١٦٠.

٤٢٨

و في الشعر أيضا نجد ما يدل على ذلك :

بل إن دعبلا المعاصر للإمام والمأمون ، يرثي الإمام (ع) فيقول :

شككت : فما أدري أمسقي شربة

فأبكيك أم ريب الردى فيهون

أيا عجبا منهم : يسمونك الرضا

ويلقاك منهم كلحة وغضون

فدعبل لم يكن شاكا في الأمر. بدليل البيت الثاني ، أعني قوله :

أيا عجبا منهم يسمونك إلخ .. وبدليل مرثيته الاخرى للإمام ، التي يقول فيها :

لم يبق حي من الأحياء نعلمه

من ذي يمان ولا بكر ولا مضر

إلا وهم شركاء في دمائهم

كما تشارك أيسار على جزر

الى آخر الأبيات .. ومهما شككت في شيء ، فإنني لا أشك في أن أقوال دعبل هذه هي التي دعتهم لاتهامه بالزندقة ، والمروق من الدين ..

ويقول السوسي :

بأرض طوس نائي الأوطان

إذ غره المأمون بالأماني

حين سقاه السم في الرمان (١)

والقاضي التنوخي أيضا يقول :

ومأمونكم سم الرضا بعد بيعة

فآدت له شم الجبال الرواسب (٢)

وأبو فراس أيضا يقول في شافيته :

باءوا بقتل الرضا من بعد بيعته

وأبصروا بعض يوم رشدهم وعموا

__________________

(١) مناقب ابن شهرآشوب ج ٤ ص ٣٧٤.

(٢) مناقب ابن شهرآشوب ج ٤ ص ٣٢٨ ، وفي الغدير ج ٣ ص ٣٨٠ هكذا : « تود ذرى شم الجبال إلخ .. ». ، ولعل الصواب فيه : « تهد ذرى الخ .. ».

٤٢٩

عصابة شقيت من بعد ما سعدت

ومعشر هلكوا من بعد ما سلموا

لا بيعة ردعتهم عن دمائهم

ولا يمين ، ولا قربى ، ولا ذمم

وهكذا .. يتضح بما لا مجال معه للشك : أن كون المأمون هو الذي اغتال الإمام قد كان معروفا لدى الناس ، وشائعا بينهم منذ ذلك الحين .. ولا غرابة في ذلك فلقد كان وعد حاجبه ، وجمعا من العباسيين بأنه سوف يدبر في الإمام بما يحسم عنه مواد بلائه!!.

الإمام وآباؤه عليهم‌السلام يخبرون بشهادته :

وبعد كل ما تقدم .. نرى أنه لا بد لنا قبل أن نأتي على آخر هذا الفصل من الاشارة إلى أن الإمام نفسه قد أخبر أكثر من مرة بأنه سوف يقضي شهيدا بالسم ، بل لقد أخبر بذلك آباؤه الطاهرون ، وغيرهم ممن عاشوا في ذلك الزمان ..

ونستطيع أن نقسم هذه الروايات الكثيرة جدا إلى ثلاث طوائف :

١ ـ طائفة وردت على لسان النبي (ص) ، والأئمة (ع) : يخبرون فيها عن استشهاد الإمام الرضا (ع) في طوس ، وهذه على ما يبدو خمسة أحاديث.

٢ ـ طائفة وردت عن الإمام نفسه ، يخبر فيها بهذا الأمر ، وبأن المأمون نفسه هو الذي سوف يقدم على ذلك ، وأنه سوف يدفن في طوس إلى جنب هارون ..

وهذه الطائفة كثيرة جدا ـ وفي بعضها يصرح بذلك للمأمون نفسه ، كما المحنا إليه ـ حتى إنه زاد في قصيدة دعبل ؛ من أجل تتميم قصيدته قوله :

٤٣٠

وقبر بطوس يا لها من مصيبة

الحت على الأحشاء بالزفرات (١)

٣ ـ تلك الطائفة التي تشرح لنا كيفية دس السم إليه. وأنه بالعنب ، أو بادخال الابر المسمومة فيه ، أو بالرمان ، أو بهما معا ، أو بغير ذلك ..

وهذه الطائفة كثيرة أيضا ، وقد ورد بعضها عن الإمام نفسه. وقال بعض الكتاب : إنه تتبع هذه الروايات ، فوجد انها تنتهي إلى ستة أشخاص ، هم :

أبو الصلت عبد السلام الهروي ، والريان بن شبيب ، وهرثمة بن أعين (٢) ومحمد بن الجهم ، وعلي بن الحسين الكاتب ، وعبد الله بن بشير (٣) ..

ولكنني قد راجعت بدوري هذه الروايات ؛ فوجدت : أن عددا آخر غير هؤلاء قد رووا ذلك أيضا ..

وحتى الزيارة تؤكد على استشهاده (ع) :

وأخيرا .. فقد ورد في الزيارة الجوادية قول الامام الجواد (ع) :

__________________

(١) ينابيع المودة ص ٤٥٤ ، ومناقب ابن شهرآشوب ج ٤ ص ٣٣٨ ، والبحار ج ٤٩ ص ٢٣٩ ، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٢٦٣ ، ٢٦٤.

(٢) لم يكن هرثمة حيا حين وفاة الامام ، لأنه بعد مقتل أبي السرايا ذهب إلى مرو ، فلم يمهله المأمون ، وتخلص منه بعد أيام قلائل من وصوله ، فروايته لكيفية وفاة الامام عليه‌السلام لا تصح ، إلا أن يكون هرثمة اثنين .. هذا ويلاحظ بعض التشابه بين رواية هرثمة ، ورواية أبي الصلت .. فلعل الأمر قد اشتبه على الراوي ، أو أنه قد ذكر اسم هرثمة لحاجة في نفسه قضاها ..

(٣) القائل بذلك هو علي موحدي في كتابه : ولاية عهدي امام رضا ..

٤٣١

« السلام عليك من إمام عصيب ، وامام نجيب ، وبعيد قريب ، ومسموم غريب (١) .. »

وفي كامل الزيارة لابن قولويه ، وهو من الكتب المعتمدة ، والموثوقة ، وغيره : قد ورد قولهم (ع) في زيارته : « قتل الله من قتلك بالأيدي والألسن (٢) ». وفقرة أخرى في زيارته تقول : « السلام عليك أيها الشهيد السعيد ، المظلوم المقتول .. إلى أن قال : لعن الله أمة قتلتك ، لعن الله أمة ظلمتك (٣) ».

وأما قولهم (ع) : أيها الصديق الشهيد ، فهي موجودة في غير مورد من زيارته ، وفي مختلف الكتب الموردة لها.

القمة الشامخة الخالدة :

والآن .. وبعد أن أصبح الصبح واضحا لكل ذي عينين ، وبان وظهر ما جهد المأمون ومن يدور في فلكه في إخفائه وطمسه ـ الآن ـ قد آن لنا أن نقول :

فليكد المأمون كيده ، وليسع سعيه ، وليناصب جهده ؛ فلقد بقي الإمام (ع) ، رغم كل مؤامراته ودسائسه : قمة شامخة ، لم تدنسه الاهواء ، ولم تنل منه العوادي .. ويبقى ـ وإلى الأبد ـ كعبة الزوار ، ومهوى الأفئدة ، من شرق الأرض وغربها ..

أما المأمون .. فيبوء بعارها وشنارها ، ويذهب إلى .. لعنة الله والتاريخ.

__________________

(١) البحار ج ١٠٢ ص ٥٣.

(٢) كامل الزيارات ص ٣١٣ ، ومفاتيح الجنان ص ٥٠١ ، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٢٧٠

(٣) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٢٦٩.

٤٣٢

دعبل والمأمون!! :

الموقف الجريء

جاء في أمالي الشيخ ج ١ ص ٩٨ ، ٩٩ ، وأمالي المفيد ص ٢٠٠ ، ٢٠١ ، وط الحيدرية في النجف ص ١٩٢ ـ ١٩٣ والاغاني ٨ ص ٥٧ ، والغدير ج ٢ ص ٣٧٥ ، ٣٧٦ عنه ، وعن ابن عساكر في تاريخه ج ٥ ص ٢٣٣ وأخبار شعراء الشيعة للمرزباني ص ٩٤ ـ ٩٥ ما يلي :

عن يحيى بن أكثم ، قال : إن المأمون أقدم دعبل رحمه‌الله ، وآمنه على نفسه ؛ فلما مثل بين يديه ، وكنت جالسا بين يدي المأمون ؛ فقال له : أنشدني قصيدتك « الرائية » ؛ فجحدها دعبل ، وأنكر معرفتها ؛ فقال له : لك الأمان عليها كما آمنتك على نفسك ؛ فأنشده :

تأسفت جارتي لما رأت زوري

وعدت الحلم ذنبا غير مغتفر

ترجو الصبا بعد ما شابت ذوائبها

وقد جرت طلقا في حلبة الكبر

أجارتي : إن شيب الدهر يعلمني

ذكر المعاد ، وأرضاني عن القدر

لو كنت اركن للدنيا وزينتها

إذن بكيت على الماضين من نفر

٤٣٣

أخنى الزمان على أهلي فصدعهم

تصدع الشعب لاقى صدمة الحجر

بعض أقام ، وبعض قد أصار به

داعي المنية والباقي على الأثر

أما المقيم : فأخشى أن يفارقني

ولست أوبة من ولى بمنتظر

أصبحت أخبر عن أهلي وعن ولدي

كحالم قص رؤيا بعد مدكر

لو لا تشاغل عيني بالاولى سلفوا

من أهل بيت رسول الله لم أقر

وفي مواليك للحرين مشغلة

من أن تبيت لمشغول على أثر

كم من ذراع لهم بالطف بائنة

وعارض بصعيد الترب منعفر

أمسى الحسين ومسراهم لمقتله

وهم يقولون هذا سيد البشر

يا أمة السوء ما جازيت أحمد في

حسن البلاء على التنزيل والسور

خلفتموه على الأبناء حين مضى

خلافة الذئب في إنفاد ذي بقر

قال يحيى : وأنفذني المأمون في حاجة ؛ فقمت ، فعدت إليه ، وقد انتهى إلى قوله :

لم يبق حي من الأحياء نعلمه

من ذي يمان ، ولا بكر ، ولا مضر

إلا وهم شركاء في دمائهم

كما تشارك أيسار على جزر

قتلا ، وأسرا ، وتخويفا ومنهبة

فعل الغزاة بأهل الروم والخزر

أرى أمية معذورين إن قتلوا

ولا أرى لبني العباس من عذر

قوم قتلتم على الاسلام أو لهم

حتى إذا استمكنوا جازوا على الكفر

أبناء حرب ، ومروان ، وأسرتهم

بنو معيط ، ولاة الحقد والوغر

اربع بطوس على قبر الزكي بها

إن كنت تربع من دين على وطر

٤٣٤

قبران في طوس : خير الناس كلهم

وقبر شرهم ، هذا من العبر

ما ينفع الرجس من قرب الزكي ولا

على الزكي بقرب الرجس من ضرر

هيهات كل امرئ رهن بما كسبت

له يداه ؛ فخذ من ذاك أو فذر

قال : فضرب المأمون بعمامته الأرض ، وقال :

« صدقت والله يا دعبل ».

٤٣٥

كلمة ختامية :

وفي الختام :

فإنني أرجو أن اكون قد وفقت في هذه الدراسة ، للكشف عن الحقائق التي أريد لها أن تبقى طي الكتمان .. وأن يكون القارئ قد وجد فيها ما يصح أن يكون جوابا على الاسئلة الكثيرة ، التي قد يثيرها لديه هذا الحدث التاريخي الهام ، الذي لم يكن طبيعيا وعادّيا ، كسائر ما يجري وما يحدث ..

الإكثار من النصوص التاريخية في الكتاب :

ولعل المطلع على هذا الكتاب يكون قد لاحظ : أنني أكثرت فيه من النصوص التاريخية ، ولم يكن هدفي من ذلك إلا أن لا يجد القارئ كبير عناء في استخلاص الحقائق ، بعيدا عن نزوات العاطفة ، وعترات الميول ..

ولا شك أنه يكون قد لاحظ أيضا : أنني لم أحاول انتقاء ألفاظه ، ولا صياغة جمله صياغة فنية أنيقة .. وإذا كنت مقتنعا بأن ذلك من مميزاته ، وحسناته ؛ لاعتقادي بأن ذلك هو ما تفرضه طبيعة البحث

٤٣٦

الموضوعي الهادئ .. فلسوف لا أستغرب ، ولا أتألم إذا كان هناك الكثيرون ، ممن يعتقدون أنه عيب ونقص ، كان بالامكان تجنبه ، والابتعاد عنه .. ومع ذلك : فلن أجد نفسي مغبونا حين أقدم ـ بإخلاص ـ اعتذاري لهم ، وطلب المسامحة ، وغض النظر منهم ..

رجاء واعتذار :

وإذا كان يجوز لي أخيرا : أن أطلب من إخواني الاعزاء شيئا ؛ فان رجائي الأكيد من كل من يقرأ كتابي هذا : أن يتحفني بملاحظاته ، وأن ينبهني لما يجده ، أو يراه خطأ ، أو نقصا ؛ فان الإنسان ـ إلا من اصطفى الله ـ معرض للخطأ وللصواب .. وإذا كان كثيرا ما يكون له فضل فيما أصاب ؛ فكثيرا ما يكون له العذر أيضا فيما أخطأ ..

شكر وتقدير :

هذا .. ولا يسعني هنا الا أن أتقدم بجزيل شكري ، وعميق تقديري لسماحة حجة الاسلام المحقق السيد مهدي الروحاني ، ولأصحاب السماحة والفضيلة ، من أساتذتي وإخواني ، الذين تفضلوا بمطالعة هذا الكتاب ؛ حيث كان لآرائهم الصائبة ، وتوجيهاتهم السديدة ، وملاحظاتهم الدقيقة أكبر الأثر على هذا الكتاب ، إن في الشكل ، وإن في المحتوى ..

وأخيرا .. فإنني أتقدم أيضا بخالص شكري ، وفائق تقديري للقارئ الكريم ، الذي جعلني مدينا له ، بما منحني من وقته ، وعقله ، وفكره .. وأرجو أن أكون قد وفقت للفوز بثقته أيضا ..

ولا أطيل عليك ـ قارئي الكريم ـ ؛ فقد كان الفراغ من نقله إلى

٤٣٧

المبيضة ليلة الأحد السابع من صفر ، الساعة التاسعة منها سنة ١٣٩٦ ه‍. ق. الموافق ٨ شباط سنة ١٩٧٦ م ش.

والحمد لله ، وله المنة ، وصلاته وسلامه على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين ..

نزيل قم المقدسة

جعفر مرتضى الحسيني العاملي

٤٣٨

رسالة نقد ، وجوابها

وبعد .. فان سماحة الأخ الجليل ، والفاضل النبيل ، الشيخ عفيف النابلسي حفظه الله ، قد تفضل مشكورا برسالة .. أبدى فيها رضاه واعجابه بالكتاب ، ثم أشار فيها إلى المآخذ التالية :

١ ـ لقد ورد في ص ١٣٣ : أن زبيدة ، زوجة الرشيد ، كانت تتشيّع .. مع أن سلوكها ، وظروفها ، وأجواءها ، وأيضا تاريخ أهلها وذويها ـ كل ذلك يبعدها كل البعد عن نسبة التشيع لها ؛ لا بمعناه الخاص ، ولا العام ، الذي يعني الوقوف مع الامام الكاظم عليه‌السلام ضد خصومه ، والتعاطف معه ، والاستنكار للظلم ..

وإرادة الرشيد طلاقها لعله لمضايقتها له ، في محاولاتها منعه من التمتع بحسناوات القصر .. وأما إحراق قبرها فهو لعدم تمييز العامة بين قبرها ، وبين قبور آل بويه ..

٢ ـ جاء في ص ١٣٣ أيضا : أن نكبة البرامكة يقال : ان سببها هو تشيعهم للعلويين ، وهذا لا يتلاءم مع موقف يحيى حينما شكا إلى الرشيد أمر الكاظم عليه‌السلام ، وشحن صدره غيظا على العلويين ، وبالأخص على الامام الرضا عليه‌السلام منهم .. مع أن هذا ينافي ما ذكر في ص ٢٦٣ من أن البرامكة كانوا أعداء لأهل البيت عليهم‌السلام ..

٣ ـ ما جاء في هامش ص ٣٥٥ من عدم الجزم بأن الابيات ، التي أولها :

ذكروا بطلعتك النبي محمدا إلخ ..

هي للبحترى ، وقد كان اللازم الجزم بذلك ؛ لانسجام هذه الابيات مع سائر ابيات قصيدة البحتري .. هذا بالاضافة إلى أن الشاعر يقول : ( حتى انتهيت الى المصلى لابسا ) ومعلوم أن الامام عليه‌السلام لم يصل إلى المصلى ، بل رجع من وسط الطريق .. الأمر الذي يدل على أن الأبيات قد قيلت في غير الامام عليه‌السلام ، وقضية صلاته ..

٤٣٩

أما نحن فنقول :

ونستميح سماحة الأخ العذر ، إذا أشرنا الى ما يلي ..

١ ـ أما بالنسبة إلى النقطة الأولى ، وهي تشيع زبيدة ، فاننا نقول : إننا لربما نجدهم في كتب التاريخ يقولون عن مثل المغيرة بن شعبة ، والاشعث بن قيس وامثالهما ممن بايع عليا عليه‌السلام في خلافته ، وكذلك كل من ناصر قضايا أهل البيت سياسيا ، وبذل نفسه في سبيلها : إنه من شيعة علي عليه‌السلام وأهل البيت .. من دون نظر إلى سلوكه ، وميوله ، وعقائده ، ومذهبه .. وهذا الاطلاق كان في الصدر الأول طبعا .. والمقصود منه : أنه من أتباع علي وأهل البيت وانصارهم ..

وإذا تجاوز ناتلك المرحلة .. فاننا لا بد وأن نؤكد على الفرق بين كلمتي « شيعي » ، و « تشيع » .. فان « الشيعي » في اصطلاحهم هو من كان من الامامية ، أو الزيدية ، أو الكيسانية ، أو غيرهم من فرق الشيعة.

وكلمة : « يتشيع » ، أو « فيه تشيع » يقصد منها في كتب المتقدمين من أهل السنة ـ كما يرى العلامة المحقق السيد مهدي الروحاني ـ كل من كان يحب عليا عليه‌السلام ، وأهل بيته الطاهرين ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .. ونشأت هذه الكلمة على شكل تهمة وطعن ؛ بتاثير من الاجهزة الحاكمة ، كمعاوية والمروانيين بعده ، ثم كل الحكام المعادين لأهل البيت عليهم‌السلام ؛ فكانت المحبة لأهل البيت ـ مجرد المحبة ـ تعدّ عند الناس أتباع السلطة الحاكمة جريمة كبرى ، وعظيمة لا تغفر .. قال الكميت رحمه‌الله ..

بأي كتاب أم بأية سنة

ترى حبهم عارا علي وتحسب

وطائفة قد كفرتني بحبكم

وطائفة قالوا مسيء ومذنب

يعيبونني من خبّهم وضلالهم

على حبكم ، بل يسخرون وأعجب

فمحبة آل الرسول كانت في دولة بني أمية تعدّ تشيعا ، استبشاعا لها ، وتقبيحا لأمرها ، ثم زالت بشاعتها في عصر بني العباس لأمور تاريخية ذات طابع خاص ، حتى كان يطلق على كل من كان من غير الشيعة كلمة « التشيع » ..

٤٤٠