مستند الشّيعة - ج ١٩

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٩

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-211-3
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤٨٢

المسألة الثامنة : قالوا : يقوم أولاد لأولاد مقام الأولاد‌ ، ولكن إذا عدم آباؤهم. وكذا قالوا بترتب من يرث الولاء من الجد والعصبات كترتبهم في الإرث بالنسب ، واستدل عليه بحديث اللحمة ، ومر عدم دلالته.

واستدل في الكفاية (١) للحكم الأول بصحيحة العجلي ، ولعله مبني على صدق الولد على ولد الولد ، وفيه منع قد مر بيانه (٢).

والأولى الاستدلال للحكمين بمرسلة العماني (٣) ، أما الأول فظاهر ، وأما الثاني فلأنّ المتأخر في الإرث النسبي لا يحرز الميراث مع وجود المتقدم ، فكذلك الولاء.

ويمكن الاستدلال أيضاً بإطلاق صحيحة الكناسي المبيّنة لمن هو أولى بالميت ، حيث قال : « ابنك أولى بك من ابن ابنك ، وابن ابنك أولى بك من أخيك » الحديث (٤).

وظاهر جماعة (٥) كصريح شرح المفاتيح أنّ التقسيم في هذه المراتب أيضاً كتقسيم الإرث النسبي. وفيه الإشكال المتقدم ذكره.

المسألة التاسعة : هل يورث الولاء كما يورث به ، أم لا؟

المشهور الثاني ؛ لأنّه ليس مالاً يقبل النقل ، ولذا ورد في الأخبار أنه لا يصح بيعه ولا هبته ولا شرطه في بيع ، فكذا ما يشبهه.

وفيه : أنه لا يلزم من عدم صحة ما ذكر عدم توريثه ، كما في حق‌

__________________

(١) الكفاية : ٣٠٦.

(٢) راجع ص : ١٩١.

(٣) المتقدمة في ص : ٤١٨.

(٤) الكافي ٧ : ٧٦ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٢٦٨ ، ٩٧٤ ، الوسائل ٢٦ : ٦٣ أبواب موجبات الإرث ب ١ ح ٢.

(٥) كالطوسي في الخلاف ٤ : ٧٩ ٨١ ، والشهيد في اللمعة ( الروضة البهية ٨ ) : ١٨٣ ، ١٨٧.

٤٢١

الشفعة والخيار.

وظاهر النافع والشرائع والكفاية (١) ، وبعض مشايخنا المعاصرين (٢) ، والمحكي عن الخلاف (٣) ، بل عن جماعة (٤) : الأول.

وهو الأقرب ؛ لظاهر الأخبار المستفيضة ، كصحيحة العجلي والصحاح الثلاث الواردة في اختصاص العصبة بولاء المرأة. ومرسلة العماني ، المتقدمة جميعاً (٥).

وتظهر الفائدة فيما لو مات المنعم قبل العتيق وخلّف وارثاً غير الوارث بعد موت العتيق ، كما لو مات المنعم عن ولدين ، ثم مات أحدهما عن أولاد ، ثم العتيق ، فعلى المشهور يختص الإرث بالولد الباقي ، وعلى الأقرب يشاركه أولاد الولد الميت.

المسألة العاشرة : كما يرث المنعم وورثته من عتيقه مع فقد النسب ، كذلك يرثون من أولاد عتيقه مع فقد النسب ، بلا خلاف فيه يعرف ، بل مطلقاً كما قيل (٦) ؛ للصحاح المستفيضة ، منها صحيحة العيص : عن رجل اشترى عبداً له أولاد من امرأة حرة فأعتقه ، قال : « ولاء ولده لمن أعتقه » (٧). وغيرها من الأخبار.

__________________

(١) النافع : ٢٧٢ ، الشرائع ٤ : ٣٦ ، الكفاية : ٣٠٥.

(٢) كما في الدرة النجفية : ٢٠٠ والرياض ٢ : ٣٦٨.

(٣) حكاه عنه في كفاية الأحكام : ٣٠٥.

(٤) حكاه عنهم في الرياض ٢ : ٣٦٨.

(٥) راجع ص : ٤٠٤ و ٤١٤ و ٤١٨.

(٦) انظر الرياض ٢ : ٣٦٧.

(٧) الكافي ٧ : ١٧٠ ، ٤ ، الفقيه ٣ : ٧٩ ، ٢٨٥ ، التهذيب ٨ : ٢٥٠ ، ٩١٠ ، الإستبصار ٤ : ٢١ ، ٦٦ ، الوسائل ٢٣ : ٦٦ أبواب العتق ب ٣٨ ح ١.

٤٢٢

وعلى هذا فلو مات رجل ولم يكن له وارث نسبي فميراثه لمن أعتقه ، وإن لم يكن عتيقاً فلمن أعتق أباه قبل ، وإن لم يكن أبوه عتيقاً فلمن أعتق جده ، وهكذا.

وحكم منعم الجد غير معلوم من النص ، فإن ثبت إجماع وإلاّ ففيه كلام.

ولا ينافي ما مر ما في بعض الصحاح من نفي لفظ المولى عمن أُعتق أبوه ؛ لأنا نسلّم أنه ليس مولى حقيقياً ، وإنما يجري عليه حكم الولاء بالنص.

ولو مات رجل لم يكن عتيقاً وكان أبوه عتيقاً لرجل وأُمه لآخر فالمشهور أنّ وارثه هو المنعم على أبيه ومن أعتقه ، لا من أعتق أُمة ؛ لصحيحة محمد بن قيس : « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في مكاتب اشترط عليه ولاؤه إذا أُعتق ، فنكح وليدة لرجل آخر ، فولدت له ولدا ، فحرر ولده ، ثم توفي المكاتب ، فورثه ولده ، فاختلفوا في ولده من يرثه ؛ فألحق ولده بموالي أبيه » (١).

المسألة الحادية عشرة : المشهور بين الأصحاب ، بل كما قيل من غير خلاف يعرف بينهم (٢) : أنه إذا فقد المنعم وقرابته الوارثون للولاء يرثه منعم المنعم لو كان ، فإن عُدم فقرابة منعم المنعم على تفصيل قرابة المنعم ، فإن فقد الجميع فمنعم أب المنعم ، ثم منعم هذا المنعم ، هكذا كالأول.

ولم أعثر على نص فيه ، بل قيل : ولا نص فيه (٣) ، وكأنهم استنبطوه من حديث اللحمة ، وقد عرفت ما فيه.

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٧٧ ، ٢٧٥ ، الوسائل ٢٣ : ١٥٩ أبواب المكاتبة ب ١٦ ح ٢.

(٢) انظر الرياض ٢ : ٣٦٩.

(٣) كما في الرياض ٢ : ٣٦٩.

٤٢٣

الفصل الثالث

في ولاء تضمن الجريرة أي : الجناية‌

فإنّ من توالى غيره بأن يضمن جنايات ذلك الغير ويثبت له ولاؤه يثبت له ميراثه.

قال في الكفاية : وهذا عقد كانت الجاهلية يتوارثون به دون الأقارب ، فأقرهم الله في صدر الإسلام ، ثم نسخ بالإسلام والهجرة ، فإذا كان للمسلم ولد لم يهاجر ورثه المهاجرون دون ولده ، ثم نسخ بالتوارث بالرحم والقرابة ، وعند الشافعي أنّ الإرث لضمان الجريرة منسوخ مطلقاً ، وعندنا أنه باق على بعض الوجوه (١) ، انتهى.

وظاهره دعوى الإجماع على الإرث به في الجملة ، وقد ادعى الإجماع عليه كثير من الأصحاب ، منهم ابن زهرة والشهيد الثاني (٢) ، بل هو إجماع محقق ، فهو الدليل عليه ، مضافاً إلى الأخبار المستفيضة من الصحاح وغيرها.

وقد يستدل على جوازه ومشروعيته بل لزومه بآية ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ). وفيه نظر. ولذا ذهب الشيخ وابن حمزة (٣) وبعض آخر (٤) إلى أنه عقد جائز إلاّ أن يعقل عنه.

__________________

(١) الكفاية : ٣٠٦.

(٢) ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٨ ، الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٣٣٨.

(٣) الشيخ في الخلاف ٤ : ١٢٠ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٣٩٨.

(٤) كالعلامة في المختلف : ٧٤٠.

٤٢٤

ويختص الإرث به بالضامن دون المضمون له ، بل يورث عنه ، إلاّ أن يتحقق الضمان من الجانبين فيتوارثان.

ولا يتعدى الإرث بهذا الولاء من الضامن إلى أقاربه وورثته على الحق المشهور ، بل المدعى عليه الإجماع (١).

خلافاً للمحكي عن المقنعة ، فسوّى بينه وبين ولاء العتق في جميع الأحكام (٢). وهو شاذ ضعيف.

ولا يصح ضمان الجريرة إلاّ عن سائبة ، أو عمن كان حراً في الأصل ، ولكن لا وارث له مطلقاً ولو معتقاً. فهذا الإرث متأخر عن الإرث بالنسب والعتق بلا خلاف يعرف ، بل بالإجماع كما قيل (٣) ، فلا يرث الضامن إلا مع فقد كل مناسب وارث ومنعم كذلك. ويرث معه الزوج والزوجة نصيبهما الأعلى. وهو مقدم على ولاء الإمامة ، فإذا فقد ذلك أيضاً يرث الإمام عليه الصلاة والسلام.

__________________

(١) كما في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٨.

(٢) المقنعة : ٦٩٤.

(٣) انظر الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٨.

٤٢٥

الفصل الرابع

في ولاء الإمامة‌

وفيه مسائل :

المسألة الاولى : اعلم أنّ من مات وليس له وارث نسبي خال عن موانع الإرث من قتل أو كفر مع إسلام الميت ونحوهما ، ولا سببي يحاز به الإرث من الزوج والمنعم وضامن الجريرة ، فالإمام وارثه ، وميراثه له ، حاضراً كان الإمام أو غائباً ، على الحق المشهور ، بل المدّعى عليه الإجماع في كتب الأصحاب مستفيضاً ، كالخلاف والغنية والسرائر والمنتهى والمسالك والمفاتيح (١) وغيرها (٢) ، بل بالإجماع المحقق ، لشذوذ ما يخالف ذلك ، كما يظهر وجهه.

للنصوص المستفيضة المعتبرة ، كصحيحتي ابن رئاب والعجلي المتقدمتين في الشرط الأول من المسألة الثالثة من الفصل الثاني (٣).

ورواية عمار بن أبي الأحوص المتقدمة فيها أيضاً (٤).

وصحيحتي ابن سنان المتقدمتين في الشرط الثاني منها (٥).

وصحيحة أبي بصير المتقدمة في بحث ميراث الكافر وفيها : « وإن‌

__________________

(١) الخلاف ٤ : ٢٢ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٨ ، السرائر ٣ : ٢٢٨ ، المنتهى ١ : ٥٥٣ ، المسالك ٢ : ٣٣٨ ، المفاتيح ٣ : ٣١١.

(٢) انظر كشف اللثام ٢ : ٣٠٢.

(٣) راجع ص : ٤٠٤.

(٤) راجع ص : ٤٠٤.

(٥) راجع ص : ٤٠٨.

٤٢٦

لم يُسلم من قرابته أحد فميراثه للإمام » (١).

والصحاح الثلاث لمحمد ، والحلبي ، ومحمد الحلبي : الاولى : « من مات وليس له وارث من قبيل قرابته ، ولا مولى عتاقه قد ضمن جريرته فماله من الأنفال » (٢).

والثانية : « ومن مات وليس له موالي فما له من الأنفال » (٣).

والثالثة : « من مات وليس له مولى فما له من الأنفال » (٤).

وبمعناها رواية أبان بن تغلب (٥).

خلافاً للصدوق في الفقيه (٦) ، ففرق بين حال الحضور والغيبة ، فجعله في الأول للإمام ، وفي الثاني لأهل بلد الميت ، جمعاً بين ما مر وبين أخبار أُخر ، كمرسلة داود : « مات رجل على عهد أمير المؤمنين عليه‌السلام لم يكن له وارث ، فدفع أمير المؤمنين عليه‌السلام ميراثه إلى همشهريجه » (٧).

__________________

(١) الكافي ٧ : ١٤٤ ، ٢ ، الفقيه ٤ : ٢٤٤ ، ٧٨٧ ، التهذيب ٩ : ٣٦٩ ، ١٣١٦ ، الوسائل ٢٦ : ٢٠ أبواب موانع الإرث ب ٣ ح ١.

(٢) الكافي ٧ : ١٦٩ ، ٢ ، الفقيه ٤ : ٢٤٢ ، ٧٧٣ ، التهذيب ٩ : ٣٨٧ ، ١٣٨١ ، الوسائل ٢٦ : ٢٤٦ أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ب ٣ ح ١.

(٣) الكافي ٧ : ١٦٨ ، ١ ، الوسائل ٢٦ : ٢٤٧ أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ب ٣ ح ٤.

(٤) الكافي ٧ : ١٦٩ ، ٤ ، التهذيب ٩ : ٣٨٦ ، ١٣٧٩ ، الاستبصار ٤ : ١٩٥ ، ٧٣٢ ، تفسير العياشي ٢ : ٤٨ ، ١٤ ، الوسائل ٢٦ : ٢٤٧ أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ب ٣ ح ٣.

(٥) التهذيب ٩ : ٣٨٦ ، ١٣٨٠ ، الاستبصار ٤ : ١٩٥ ، ٧٣٣ ، تفسير العياشي ٢ : ٤٨ ، ١٢ ، الوسائل ٢٦ : ٢٤٩ أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ب ٣ ح ٨.

(٦) الفقيه ٤ : ٢٤٢.

(٧) الكافي ٧ : ١٦٩ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٣٨٧ ، ١٣٨٣ ، الإستبصار ٤ : ١٩٦ ، ٧٣٦ ، الوسائل ٢٦ : ٢٥٢ أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ب ٤ ح ٣.

٤٢٧

ومرفوعة السري : في الرجل يموت ويترك مالاً ليس له وارث قال ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « أعط همشاريجه » (١).

ورواية السندي : « كان علي عليه‌السلام يقول في الرجل يموت ويترك مالاً وليس له أحد : أعط الميراث همشاريجه » (٢).

ويضعف بأنه جمع لا شاهد عليه أصلاً ، بل هو كما قاله الصدوق في حق جمع ذكره غيره : هو أبعد ما بين المشرق والمغرب ، فإنّ فعل أمير المؤمنين عليه‌السلام في عهده الشريف كما في المرسلة الأُولى كيف يحتمل الحمل على حال الغيبة؟! وكذا حكمه بالإعطاء كما في الأخيرتين ، مضافاً إلى أنه لا دلالة لفعله وأمره عليه‌السلام على أنه مالهم ، فإنّ له عليه‌السلام أن يفعل أو يأمر في ماله ما شاء ، ولذا حملها الشيخ في الاستبصار على ذلك (٣).

ولو قطع النظر عن جميع ذلك فلا تصلح هذه الأخبار لمعارضة ما مر ؛ لشذوذها كما ذكره الشيخ في التهذيبين (٤) ، وأشهرية أخبارنا رواية ، فإنّ هذه الأخبار الأخيرة تنتهيان إلى روايتين ، لأنّ راوي الأخيرتين هو خلاّد السندي ، بل تحتمل رواية واحدة ، لجواز كون المرسل عنه في الأُولى أيضا خلاّد. والأخبار الأُولى كثيرة صحاح.

ومع ذلك كله نسبة الحكم في هذه الأخبار الثلاثة إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام يشعر بنوع تقية في الحكم.

__________________

(١) التهذيب ٩ : ٣٨٧ ، ١٣٨٢ ، الإستبصار ٤ : ١٩٦ ، ٧٣٥ ، الوسائل ٢٦ : ٢٥٢ أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ب ٤ ح ٢.

(٢) الكافي ٧ : ١٦٩ ، ٢ ، الوسائل ٢٦ : ٢٥٢ أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ب ٤ ح ١.

(٣) الاستبصار ٤ : ١٩٦.

(٤) الاستبصار ٤ : ١٩٦ ، التهذيب ٩ : ٣٨٧.

٤٢٨

وقد حكى بعض المحدثين عن بعض النسخ همشيريجه بالياء بعد الشين ، فالمراد به نحو الأخ الرضاعي ، فيخرج عن محل البحث ، ويكون ما لم يقل به أحد ، وإن ورد مثله في بعض الأخبار أيضاً.

فضعف هذا القول ظاهر جدّاً.

وللمحكي عن ظاهر الشيخ في الاستبصار والإسكافي ، فقالا : إنه لبيت مال المسلمين ، لا للإمام (١) ، لصحيحة أبي بصير : عن المملوك يعتق سائبة ، قال : « يتولى من شاء ، وعلى من يتولى جريرته وله ميراثه » قلنا : فإن سكت حتى يموت ولم يوال أحداً؟ قال : « يجعل ماله في بيت المسلمين » (٢).

ونحوها صحيحة سليمان بن خالد إلاّ أنّ فيها : « ويجعل ميراثه لبيت مال المسلمين » (٣).

ورواية ابن عمار ، وفيها : « فإن سكت حتى يموت أُخذ ميراثه ويجعل في بيت مال المسلمين » (٤).

وصحيحة اخرى لسليمان : في رجل مسلم قتل وله أب نصراني ، لمن تكون ديته؟ قال : « تؤخذ وتجعل في بيت مال المسلمين » (٥).

__________________

(١) الاستبصار ٤ : ١٩٦ ، حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٧٤٩.

(٢) الكافي ٧ : ١٧١ ، ٤ ، التهذيب ٨ : ٢٥٥ ، ٩٢٧ ، الوسائل ٢٣ : ٧٣ أبواب العتق ب ٤١ ح ١.

(٣) الكافي ٧ : ١٧٢ ، ٨ ، الوسائل ٢٣ : ٧٣ أبواب العتق ب ٤١ ح ١.

(٤) التهذيب ٩ : ٣٩٤ ، ١٤٠٦ ، الوسائل ٢٦ : ٢٤٩ أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ب ٣ ح ٩.

(٥) الفقيه ٤ : ٢٤٣ ، ٧٧٥ ، التهذيب ٩ : ٣٩٠ ، ١٣٩٢ ، الوسائل ٢٦ : ٢٥٣ أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ب ٤ ح ٥.

٤٢٩

وفيه : أنّه يمكن أن يكون المراد ببيت مال المسلمين بيت الإمام عليه‌السلام لأنه لما كان ولي المسلمين فبيته بيت مال المسلمين أو بيت مالهم بيته.

انظر إلى كلام الشيخ في التهذيبين يقول بعد نقل صحيحة أبي بصير المتضمنة لأنّ ميراث السائبة التي لم يوال أحداً لمولاه : هذا الخبر غير معمول به ، لأنّ الأخبار كلها وردت في أنه متى لم يوال السائبة أحداً كان ميراثه لبيت مال المسلمين (١).

ويقول بعد نقل روايتي الهمشهريج : هاتان الروايتان مرسلتان شاذتان لا تعارض ما قدمناه من الأخبار المسندة ، مع أنه ليس فيهما ما ينافي ما تقدم لأنّ الذي تضمنتاه حكاية فعل ، ولعله عليه‌السلام فعل لبعض الاستصلاح ، لأنه إذا كان المال له خاصة على ما قدمناه جاز له أن يعمل به ما شاء ، ويعطي من شاء (٢) ، انتهى.

فإنه جعل المال له خاصة مع جعله أولاً لبيت مال المسلمين ، فيظهر منه اتحادهما.

وأظهر منه كلامه في الخلاف ، قال : ميراث من لا وارث له لا ينقل إلى بيت المال ، وهو للإمام خاصة ، وعند جميع الفقهاء ينقل إلى بيت المال ويكون للمسلمين (٣) ، انتهى.

ولو سُلِّم إرادة بيت مال المسلمين في تلك الأخبار أيضاً فلا تقاوم ما مر من أخبارنا ، لوجوه كثيرة ، معظمها موافقتها للعامة ومخالفة أخبارنا لهم.

__________________

(١) الاستبصار ٤ : ٢٠٠ ، التهذيب ٩ : ٣٩٥.

(٢) الاستبصار ٤ : ١٩٦ ، التهذيب ٩ : ٣٨٧.

(٣) الخلاف ٤ : ٢٢.

٤٣٠

وللمحكي عن المقنعة ، فإنّ فيها : من مات وخلّف تركة في يد إنسان لا يعرف له وارثاً جعلها في الفقراء والمساكين (١).

ولم أعثر على دليل إلاّ ما نذكره من أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام كان يفعل ذلك ، ولكن يظهر منه كما هو الظاهر أيضاً أنه ليس مخالفاً للمشهور ، بل غرضه أنه يجعل كذلك في زمان الغيبة ، لأنّه من مال الإمام عليه‌السلام ، كما يقول بمثله كثير من القائلين بأنه مال الإمام عليه‌السلام (٢).

ويدلُّ عليه قوله في ذلك الكتاب قبل ذلك : فإن مات إنسان لا يعرف له قرابة من العصبة ولا الموالي ولا ذوي الأرحام كان ميراثه لإمام المسلمين خاصة يضعه فيهم حيث يرى ، وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام يعطي تركة من لا وارث له من قريب ولا نسيب ولا مولى فقراء أهل بلده وضعفاء جيرانه وخلطائه ، تبرعاً عليهم بما يستحقه من ذلك ، واستصلاحاً للرعية ، حسب ما كان يراه في الحال من صواب الرأي ، لأنه من الأنفال ، انتهى (٣).

المسألة الثانية : وإذ عرفت أنّ ميراث من لا وارث له للإمام ، فمع حضوره يحمل إليه يَصنع به ما يشاء.

وأما مع غيبته فقيل : يحفظ له بالوصاية أو الدفن إلى زمان ظهوره. وعن ظاهر الخلاف الإجماع عليه (٤).

وعن الصدوق كما مر لزوم الدفع إلى أهل بلد الميت مطلقاً ، فقيراً كان أو غنياً (٥).

__________________

(١) المقنعة : ٧٠٦.

(٢) انظر النهاية : ٦٧١ ، والشرائع ٤ : ٤٠ ، والقواعد ٢ : ١٨٠.

(٣) المقنعة : ٧٠٥.

(٤) الخلاف ٤ : ٢٣.

(٥) الفقيه ٤ : ٢٤٢.

٤٣١

وعن اللمعة وبحث الأنفال من الدروس صرفه في فقراء أهل بلده (١).

وربما يقال بكونه حلالاً للشيعة مطلقاً (٢).

وذهب الأكثر كما صرح به بعض من تأخر إلى أنه يصرف في الفقراء والمساكين من شيعته (٣). وهو المحكي عن المفيد والديلمي وابن زهرة والحلي والقاضي والكيدري والشرائع والنافع والتحرير والإرشاد والدروس والمسالك (٤) وغيرها.

وهو الأقوى ؛ لما أُشير إليه في كتاب الخمس من الإذن الحاصل من شاهد الحال من جهة استغناء الإمام واحتياج مواليه وشيعته الذين هم من عياله حقيقة ، فيعلم بذلك قطعاً رضاء الإمام بصرف ماله إليهم ورفع ذلتهم واحتياجهم ، سيما مع ما ورد منهم من تحليل الأنفال لهم ، والأمر في بعض الأخبار بصرف ما يختص بهم من الأموال المجهول مالكها المسئول عنها عند حضورهم في الصدقة ونحوها ، وما ورد من الأمر بصلة الشيعة وإدخال السرور عليهم ورفع حاجتهم. ونعلم قطعاً أنه لو كان حاضراً مستغنياً لفعل ذلك ، وأنه لا يرضى بالحفظ المورث للتلف غالباً.

ومن هذا يظهر ما في ما قيل بعد الحكم بجواز الصرف إلى الفقراء ، من أنّ الاحتياط في الحفظ (٥) ، فإنه غير موافق للاحتياط جزماً.

__________________

(١) اللمعة ( الروضة ٨ ) : ١٩٠ ، الدروس ١ : ٢٦٤.

(٢) كما في الذخيرة : ٤٩٢.

(٣) انظر الرياض ٢ : ٣٧٠.

(٤) المفيد في المقنعة : ٧٠٦ ، الديلمي في المراسم : ١٤١ و ٢٢٤ ، الحلي في السرائر ١ : ٤٩٨ ، القاضي في المهذب ٢ : ١٥٤ ، الشرائع ٤ : ٤٠ ، النافع : ٢٧٣ ، التحرير ٢ : ١٧١ ، الإرشاد ٢ : ١٢٦ ، الدروس ٢ : ٣٧٧ ، المسالك ٢ : ٣٣٩ ، وحكاه عنهم في الرياض ٢ : ٣٧٠.

(٥) انظر الروضة ٨ : ١٩١.

٤٣٢

وهل يتعين الصرف إلى الهاشميين أم لا؟

ظاهر الأصحاب الثاني. وهو كذلك ؛ لعدم دليل على الأول أصلا.

ومال بعض سادة مشايخنا المعاصرين طاب ثراه إلى تخصيص السادات ؛ لما ورد من أنهم عياله يجب عليه جبر نفقتهم من حصته في الخمس ، ولآية اولي الأرحام (١).

ولا يخفى أنّ المستفاد من أخبارهم وأفعالهم أن شيعتهم كلهم عيالهم. وتعين وجوب جبر نفقة السادات بخصوصهم عن حصة الخمس غير معلوم ، وآية اولي الأرحام في الإرث ، ولم سلم العموم فالمراد الرحم العرفي ، وبعد طول الدهور بهذا القدر لا يبقى رحم عرفاً. ولو قيل بالبقاء لجرى في جميع بني آدم وحواء ، ولم يختص أيضاً بالهاشمي من الأب.

ثم إنه يجب أن يكون المتولي للصرف النائب العام ؛ لأنه أعرف بوجوه المصالح ، بل لا شاهد حال لتصرف غيره مع وجوده ، هذا.

ولو صرفه أحد في أهل الشرف من الفقراء الذين لا يرضون بسؤال وإظهار حال ، سيما الأرامل واليتامى والعجزة ، ثم منهم بأهل بلد الميت ، ثم منهم بالهاشميين لكان غاية الاحتياط.

المسألة الثالثة : قد عرفت أنّ إرث الإمام إنما هو مع فقد كل وارث نسبي وسببي حتى الزوج ، وأما الزوجة فهي لا تمنع الإمام على الأقوى كما مر ، بل تشاركه ولها نصيبها الأعلى.

المسألة الرابعة : لو أوصى من لا وارث له بالثلث فلا كلام في نفوذه ووجوب العمل به.

__________________

(١) انظر الرياض ٢ : ٣٧٠.

٤٣٣

ولو أوصى بالزائد عليه فمقتضى إطلاق أخبار رد الزائد إلى الثلث الرد هنا أيضاً.

ويظهر من بعضهم نفوذ الجميع (١) ؛ ولعله لرواية السكوني : عن الرجل يموت ولا وارث له ولا عصبة ، قال : « يوصي بماله حيث شاء في المسلمين والمساكين وابن السبيل » (٢).

وفي دلالتها نظر ؛ لاحتمال أن يكون لفظة « ما » موصولة واللام في « له » مفتوحة ، ويكون إشارة إلى الثلث. وأيضاً المأذون فيه الوصية في المسلمين والمساكين وابن السبيل ، فلا يعم غيرها من المصارف. وأيضاً يحتمل أن يكون ذلك إجازة له عليه‌السلام في حقه لمن يموت في عهده ، لا حكماً شرعياً.

وإشباع الكلام في هذه المسألة يطلب من كتاب الوصية.

__________________

(١) كما في الفقيه ٤ : ١٥٠.

(٢) الفقيه ٤ : ١٥٠ ، ٥٢١ ، التهذيب ٩ : ١٨٨ ، ٧٥٤ ، الإستبصار ٤ : ١٢١ ، ٤٦٠ ، الوسائل ١٩ : ٢٨٢ في أحكام الوصايا ب ١٢ ح ١.

٤٣٤

المقصد الثالث

في بعض الأحكام المتفرقة المتعلقة بهذا الباب

وفيه مسائل‌ :

٤٣٥
٤٣٦

المسألة الأُولى : ولد الزنا لا يرث من والده الزاني ، ولا من أقرباء والده ، ولا يورثون منه‌ ، بلا خلاف فيه يعرف ، بل إجماعاً محققاً ومحكياً عن المختلف والإيضاح والمسالك وشرح الشرائع للصيمري (١) ؛ له ، ولصحيحة الحلبي : أيما رجل وقع على وليدة قوم حراماً ، ثم اشتراها وادعى ولدها فإنه لا يورث منه شي‌ء ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « الولد للفراش ، وللعاهر الحجر ، ولا يورث ولد الزنا إلاّ رجل يدعي ابن وليدته » (٢).

وروى قريب منها بطرق أُخر أيضاً صحيحة وموثقة وغيرهما (٣).

ورواية محمد بن الحسن الأشعري : عن رجل فجر بامرأة فحبلت ، ثم إنه تزوجها بعد الحمل فجاءت بولد وهو أشبه خلق الله به ، فكتب بخطّه وخاتمه : « الولد لِغَيّةٍ (٤) ، لا يورث » (٥).

وصحيحة ابن سنان : في ولد الزنا قلت : فإنّه مات وله مال ، من يرثه؟ قال : « الإمام » (٦).

وهذه الأخبار كما ترى نافية للإرث منه ، ولعل مستند نفي التوارث‌

__________________

(١) المختلف : ٧٤٥ ، الإيضاح ٤ : ٢٤٧ ، المسالك ٢ : ٣٤٠.

(٢) الكافي ٧ : ١٦٣ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٣٤٦ ، ١٢٤٢ ، الإستبصار ٤ : ١٨٥ ، ٦٩٣ ، الوسائل ٢٦ : ٢٧٤ أبواب ميراث ولد الملاعنة ب ٨ ح ١.

(٣) انظر الوسائل ٢٦ : ٢٧٥ أبواب ميراث ولد الملاعنة ب ٨ ح ٤.

(٤) يقال : فلانٌ لِغَيَّةٍ ، وهو نقيض قولك : لِرَشْدَةٍ. الصحاح ٦ : ٢٤٥١.

(٥) الكافي ٧ : ١٦٣ ، ٢ ، الفقيه ٤ : ٢٣١ ، ٧٣٨ ، التهذيب ٩ : ٣٤٣ ، ١٢٣٣ ، الإستبصار ٤ : ١٨٢ ، ٦٨٥ ، الوسائل ٢٦ : ٢٧٤ أبواب ميراث ولد الملاعنة ب ٨ ح ٢.

(٦) الفقيه ٤ : ٢٣١ ، ٧٣٩ ، التهذيب ٩ : ٣٤٣ ، ١٢٣٤ ، الإستبصار ٤ : ١٨٣ ، ٦٨٦ ، الوسائل ٢٦ : ٢٧٥ أبواب ميراث ولد الملاعنة ب ٨ ح ٣.

٤٣٧

من الجانبين الإجماع. وربّما يقال : بل الأصل أيضاً ، فإنّه يقتضي عدم التوارث ، خرج النسب الصحيح ، ويبقى غيره. وفيه نظر سيظهر وجهه.

والمشهور عدم التوارث بينه وبين امّه وقرابتها أيضاً ، ونقل الشهرة عليه مستفيضة (١) ، بل جعل جماعة كالشيخ في الاستبصار والمحقّق في الشرائع وشيخنا الشهيد الثاني في شرحه والفاضل في القواعد (٢) الرواية المخالفة له شاذّة أو مطروحة ؛ للإطلاق والعموم المتقدمَين في الأخبار المذكورة.

خلافاً للمحكيّ عن الصدوق في المقنع ، والإسكافي ، والحلبي ، ويونس بن عبد الرحمن على احتمال قوي ، فقالوا : إنّه ترثه امّه وأقاربها ، ويرثهم (٣). ونسبه في الخلاف إلى قوم من أصحابنا (٤) ، وقال أبو الصلاح ؛ يختلف فيه أصحابنا (٥) ، وظاهر بعض متأخري المتأخرين (٦).

لعمومات إرث الوالدين والولد عن الولد والوالدين ، وكذا سائر الأقارب.

ورواية إسحاق بن عمار : « ولد الزنا وابن الملاعنة ترثه امّه وإخوته لأمّه أو عصبتها » (٧).

ومرسلة الفقيه : « إنّ دية ولد الزنا ثمانمائة درهم ، وميراثه كميراث ابن‌

__________________

(١) كما في المسالك ٢ : ٣٤٠ ، والرياض ٢ : ٣٧٢.

(٢) الاستبصار ٤ : ١٨٣ ، الشرائع ٤ : ٤٤ ، المسالك ٢ : ٣٤٠ ، القواعد ٢ : ١٨١.

(٣) المقنع : ١٧٨ ، حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٧٤٥ ، والحلبي في الكافي في الفقه : ٣٧٧. حكاه عن يونس في الكافي ٧ : ١٦٤.

(٤) الخلاف ٤ : ١٠٤.

(٥) لم نعثر عليه في الكافي في الفقه.

(٦) كالفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٣٠٣.

(٧) التهذيب ٩ : ٣٤٥ ، ١٢٣٩ ، الإستبصار ٤ : ١٨٤ ، ٦٩٠ ، الوسائل ٢٦ : ٢٧٨ أبواب ميراث ولد الملاعنة ب ٨ ح ٩.

٤٣٨

الملاعنة » (١).

ورواية يونس على احتمال آخر : « ميراث ولد الزنا لقراباته من قبل امّه نحو ميراث ابن الملاعنة » (٢).

وردّت تارة بضعف السند ، وأُخرى بالشذوذ ، وثالثة باحتمال الوهم في الاولى فزاد ولد الزنا اشتباهاً ، واحتمال عدم كونه رواية بل يكون رأياً في الأخيرة ، واحتمال عدم كون الأُمّ زانية في الجميع ، بل ربّما يقال بأنّ صدق الام على الزانية غير معلوم ، فلا يعلم شمول تلك الأخبار لمحلّ النزاع.

والأوّل عندي مردود : بعدم اعتبار السند ، بعد وجود الحديث في الاصول المعتبرة.

والثاني : بمنع الشذوذ مع مخالفة جماعة من أجلّة القدماء.

والثالث : بكون الاحتمال الأوّل ممّا لا يُصغى إليه في مقام الاستدلال ، والثاني غير مضرّ بعد وجود خبرين آخرين ، والثالث وإن كان محتملاً ولكنّ التخصيص به تخصيص بلا مخصّص ، ونفي صدق الام على الزانية ما يكذبه العرف واللغة ، بل الاستعمالات الشرعيّة.

ويؤيّد الحكم أيضاً رواية داود بن فرقد : « أتى رجل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله ، انّي خرجت وامرأتي حائض فرجعت وهي حبلى ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَن تتّهم؟ قال : أتّهم رجلين ، قال :

__________________

(١) الفقيه ٤ : ٢٣٢ ، ٧٤٠ ، الوسائل ٢٦ : ٢٧٨ أبواب ميراث ولد الملاعنة ب ٨ ح ١٠.

(٢) الكافي ٧ : ١٦٤ ، ٤ ، التهذيب ٩ : ٣٤٤ ، ١٢٣٨ ، الإستبصار ٤ : ١٨٣ ، ٦٨٩ ، الوسائل ٢٦ : ٢٧٦ أبواب ميراث ولد الملاعنة ب ٨ ح ٦.

٤٣٩

ائت بهما ، فجاء بهما ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن يك ابن هذا فسيخرج قَطَطاً (١) كذا وكذا ، فخرج كما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فجعل معقلته على قوم امّه وميراثه لهم ، ولو أن إنساناً قال له : يا بن الزانية لجلد الحد » (٢).

وقد يضعّف تلك الأخبار بمرجوحيّتها بالنسبة إلى المتقدمة بموافقة العامّة كما في السرائر ، والغنية (٣).

وفيه : أنّ الرجوع إلى التراجيح عند المعارضة بالعموم من وجه أو التساوي ، دون ما إذا كان بالعموم والخصوص المطلقين كما في المسألة.

والمسألة عندي مشكلة وإن كان قول الصدوق لا يخلو من قرب وقوّة.

هذا بالنسبة إلى الأبوين ومن يتقرب بهما ، وأما بالنسبة إلى الولد وإن نزل فالتوارث متحقّق بلا خلاف ؛ لتحقّق النسبة الشرعيّة ، فتشمله العمومات بلا معارض. وكذا الزوج والزوجة ، والمنِعم والمنعَم له ، وضامن الجريرة ؛ لعمومات الأدلّة. ولو عدم الجميع فميراثه للإمام ، كالزائد عن نصيب الزوجة.

المسألة الثانية : ولد الشبهة يرث ويورث منه بلا خلاف فيه ، كما صرّح به في المفاتيح ، وشرحه أيضاً (٤) ؛ لصدق النسبة ، فتشمله عمومات الإرث طرّاً بلا معارض أصلاً.

ولو كان شبهة من أحد الأبوين زنا من الآخر يرث ويورث من جانب‌

__________________

(١) جَعْدٌ قَطَطٌ أي : شديد الجُعودة. وقد قَطِطَ شَعْره. الصحاح ٣ : ١١٥٤.

(٢) الكافي ٥ : ٤٩٠ ، ١ ، التهذيب ٨ : ١٨٢ ، ٦٣٦ ، الوسائل ٢١ : ٤٩٧ ، أبواب أحكام الأولاد ب ١٠٠ ح ٢.

(٣) السرائر ٣ : ٢٧٦ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٨.

(٤) المفاتيح ٣ : ٣١٤.

٤٤٠