مستند الشّيعة - ج ١٩

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٩

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-211-3
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤٨٢

وهاهنا فروع ينبغي الإشارة إليها :

أ‌ : لا فرق في الدور التي تمنع الزوجة من أرضها وترث من قيمة بناها وآلاتها بين ما كان يسكنه الزوج أو يؤجره أو لا يسكنه أحد ؛ للعموم أو الإطلاق ، ولعدم القول بالفصل.

ب‌ : لا فرق في الأرض بين أرض الدار والزرع والدكاكين والحمامات والخانات والقرى والطواحين والمساكن البائرة ومغارس الأشجار ، وغيرها مما يصدق عليه اسم الأرض أو العقار ، كما مر ؛ لصدق الاسم.

ج‌ : يدخل في الآلات الآجر سواء كان الحائط أو الأرض ، والأخشاب المستدخلة في البناء ، والميازيب ، واللبن ، والأبواب ، والشبابيك المعمولة من الخشب أو الجص أو الحديد. وكذا يدخل فيها الحيطان المعمولة من الطين ، وكذا الطين الواقع بين اللبن ، أي يقوّم مجموع الجدار والسقف ، لصدق البناء والطوب والخشب ، وبالجملة المعتبر المدخلية في البناء.

وهل يدخل فيها مثل المَرايا المنصوبة؟

الظاهر لا ؛ لعدم صدق البناء عليها ، وصدق الآلات لو سلم لا يفيد ، لخلو الأخبار عن ذكر الآلات. نعم لو بني بيت من الزجاجة فالظاهر دخوله فيها.

وفي دخول المَرايا المستدخلة في الشبابيك إشكال. ولا يبعد ترجيح العدم ؛ لعدم صدق الاسم عرفاً.

وكذا الإشكال في دخول الجذوع المنصوبة لحمل الكروم عليها ، فإنّ الظاهر من الجذوع في الأخبار جذوع البناء لا مطلقاً. وعدم الدخول أظهر ، إلاّ أن يدخل أمثال ذلك بدليل آخر ، وهو نفي الضرر عن سائر الوراث ، وله وجه.

وفي الذهب والفضة المحلولين على الجدران تردد. والأظهر‌

٣٨١

التقويم ؛ لعدم إمكان تفكيكهما إلاّ بإبطال المحل.

وفي دخول الظروف المثبتة في الحمامات والدكاكين اللازمة لها كالظرف الذي يحمى فيها الماء في الحمام تأمل. وعدم الدخول أظهر ، إلاّ أن يدخل بنفي الضرر أو بصدق أبنية الحمام مثلاً عليه.

والظاهر عدم دخول حجر الطاحونة ؛ لعدم صدق الاسم. والظاهر عدم دخول السلّم المثبت ومثله.

وأما الحياض المعمولة من قطعة واحدة من الحجر ففيها إشكال. والدخول أظهر ؛ لظهور دخولها في البناء.

وأما الآلات المعدة للبناء قبل إثباتها من الحجر والآجر واللبن والجذوع وأمثالها فلا تدخل فيها ، ووجهه ظاهر. وأما ما كان من هذه الآلات مثبتة ثم انتقضت فمقتضى الأصل عدم الدخول ، ولكن التصريح في الأخبار بدخول النقض يدخلها.

والاحتياط في كثير من هذه مطلوب.

د‌ : يدخل في الأشجار الكبير منها والصغير ، والكروم منها. وأما الزرع الذي لم يحصد والثمر الذي لم يجن والعلف والبذر المزروع فلا تدخل فيها ، والزوجة ترث من أعيانها ؛ للأصل ، وعدم صدق الاسم.

وعلى هذا فإذا كان الثمر غير منضوج والزرع غير بالغ حد الحصاد فهل يجب على الورثة إبقاؤهما إلى أوانهما مجاناً ، أم لا بل لهم أمرها بأخذ حقها أو الإبقاء مع أخذ أُجرة الأرض والشجر؟

اختار في المسالك الأول (١).

__________________

(١) المسالك ٢ : ٣٣٤.

٣٨٢

والظاهر هو الثاني ؛ لأنّ الأرض والشجر صارا ملكين للورثة ، والناس مسلطون على أموالهم. ولا ينافيه نفي الضرر إذ لا يحصل بذلك ضرر عليها ، لأنّ ما لها من الثمر والزرع إنما هو على هذا النحو ، وحينئذ فلو فَصلت مدةٌ بين موت المورث والتقسيم وكانت الثمار أو الزروع كائنة على محالّها فيكون للورثة مطالبة أُجرة المثل.

هـ : تُحرم الزوجة من أراضي الأنهار والقنوات والآبار ؛ لصدق الاسم. وأما مياهها فما خرجت بعد الموت فلا ترث منها ؛ لتبعيتها للأرض وعدم كونها من متروكات الميت. وما خرجت قبله وبقيت فيها فترث من عينها ؛ لعدم دخولها في شي‌ء مما تحرم من عينها وقيمتها أو من عينها.

و‌ : لو كان للزوج بيت فوقاني وكان تحته من غيره فالظاهر توريثها من قيمة جميع البيت : حيطانه وسقفه وأرضه ؛ لكونه بناءً محضاً. ولو خرب البيت الفوقاني وبقي هواؤه فالظاهر توريثها من عين الهواء ؛ لعدم صدق الأرض والبناء ؛ وعدم توريثها من الهواء إذا كان هواء دار لكونه تابعاً للأرض ، ولا أرض هنا.

ز‌ : لو استأجر الزوج داراً أو أرضاً ومات قبل تمام المدة وقلنا بعدم بطلان الإجارة فالزوجة شريكة مع سائر الورثة في الانتفاع ؛ لأنّ المخلف من الزوج ليس نفس الأرض حينئذ بل الانتفاع بها ، فلا دليل على حرمانها.

ح‌ : هل تقوّم الأبنية والطوابيق وأمثالها حال كونها مجتمعة باقية على هيئاتها البنائية؟ أم يُقدّر انفكاكها فيقوّم الآجر منفرداً والجص منفرداً واللبن كذلك؟

الظاهر هو الأول كما صرح به بعضهم (١) ، بل هو الظاهر من كلام الأصحاب في بيان كيفية التقويم. والحاصل أنّ البناء يقوّم على حاله.

__________________

(١) كالسبزواري في الكفاية : ٣٠٣.

٣٨٣

والدليل عليه تصريح كثير من الأخبار كالثامن والعاشر والحادي عشر والثالث عشر والخامس عشر والسابع عشر بأنّ لهنّ قيمة البناء (١) ، والبناء هو الهيئة الاجتماعية الكائنة في الأرض.

والظاهر أنّ الشجر أيضاً كذلك كما صرح به في المسالك والكفاية (٢) ، فيقوّم حال كونه قائماً في الأرض ؛ لأنّ الشجرية إنما هي حينئذ. وعلى هذا لو فرض أنّ الأرض لم يكن لها بدون الشجر قيمة لم ينقص عن قيمة الشجر شي‌ء.

ط‌ : هل يقوّم البناء والشجر الكائنان في الأرض حال كونهما كذلك مع ملاحظة اجرة الأرض؟ أو يقوّمان كذلك بدون ملاحظتها بل يقوّم مستحق البقاء في الأرض مجاناً إلى أن يفنى؟

صرح جمع بالثاني ، وهو ظاهر المسالك (٣) ، واستحسنه في الكفاية (٤). وهو الأظهر ؛ لإطلاق الأخبار ، ولأنّه الظاهر المتبادر من قيمة البناء والشجر ، بل لأنّ الأول يوجب نقصاً في القيمة ، فلا يكون ما يعطى ربع قيمة البناء والشجرة.

ي‌ : الطريق في كيفية التقويم أن تقوّم أرض فارغة ثم يفرض اشتغالها بما يريد تقويمه من الشجر أو البناء ، فتقوّم ثانياً وتعطى المرأة الربع أو الثمن من قيمة ما عدا الأرض من ذلك ، أو تقوّم الأرض التي فيها الشجر أو البناء على تقدير فراغها ثم يقوّم المجموع وتطرح القيمة الأُولى‌

__________________

(١) راجع ص : ٣٥٩ ٣٦١.

(٢) المسالك ٢ : ٣٣٤ ، الكفاية : ٣٠٣.

(٣) المسالك ٢ : ٣٣٤.

(٤) الكفاية : ٣٠٤.

٣٨٤

عن الثانية وتعطى الربع أو الثمن من الباقي.

يا‌ : هل إعطاء الورثة القيمة على سبيل الرخصة ، أم لا بل يجب عليهم إعطاؤها؟ وتظهر الفائدة فيما لو امتنعت الزوجة إلاّ من أخذ القيمة وأراد الوارث إعطاء العين.

ذهب الشهيد الثاني في المسالك والروضة والصيمري والمحقق الثاني إلى الثاني (١). واستقرب في الكفاية الأول ، واختاره جمع من المتأخرين (٢).

والحق هو الثاني ؛ لأنه المستفاد من اللام الظاهرة في الاختصاص والتمليك سيما في المواريث المذكورة في قوله « لهنّ » كما في التاسع والعاشر والحادي عشر ، أو في قوله « للمرأة » كما في الرابع عشر. ولأنه مقتضى كون القيمة إرثاً لها كما في الثامن والخامس عشر والسادس عشر. ولأنه المفهوم من الحصر بالاستثناء في قوله « إلا أن يقوّم أو إلاّ قيمة فلان » كما في الخامس والسادس عشر والسابع [ عشر (٣) ]. ولأنه مدلول الجعل المصرح به في الرابع عشر. بل هو الظاهر من قوله « ويقوّم » أو « لكن يقوّم » كما في باقي الأخبار ، ولو منع ظهوره فيكون محتملاً للأمرين مجملاً فيجب حمله على المبيّن.

احتجوا : بأنّ العلة المذكورة في الأخبار لذلك إنما هو عدم تضرر الورثة ، فإذا رضي الوارث بالضرر أو كان ضرره في القيمة فلا يستفاد حكمه من الأخبار.

__________________

(١) المسالك ٢ : ٣٣٤ ، الروضة ٨ : ١٧٣ ، وحكاه عن الصيمري والمحقق الثاني في الرياض ٢ : ٣٦٥.

(٢) الكفاية : ٣٠٤ ، واستقربه أيضاً صاحب الرياض ٢ : ٣٦٥.

(٣) أضفناه لتصحيح المتن.

٣٨٥

وبأنّ ورود أخبار الحرمان في مقام توهّم تعيّن العين فلا يفيد سوى إباحة القيمة ، وسبيلها سبيل الأوامر الواردة مورد توهّم الحظر.

وبأنّ ذلك يوجب بقاء عمومات إرثها على عمومها بالنسبة إلى الأبنية والآلات والأشجار من دون ارتكاب تخصيص فيها ، بل تكون الرخصة في التقويم حكماً آخر غير منافٍ للأول ، ثابتاً بالأخبار ، وذلك كرخصة مالك النصاب في الغلاّت في شراء قدر الزكاة منها وإعطاء القيمة ، فإنه لا ينافي تعلق حق الفقراء بالعين ولا يوجب التخصيص فيما يدل عليه. والحاصل أنه تكون العين مختصة بها ، ولكن جوّز الشارع الابتياع القهري وإعطاء القيمة.

والجواب أما عن الأول : فبانّ أكثر الأخبار الصحيحة خالية عن ذكر التعليل ، مع أنّ التعليل كما يصلح علة للرخصة يصلح علة للوجوب أيضاً ، وتخلُّف العلة في النادر بأن لا يستضرّ الورثة غير ضائر ، لأنّ الحكم على الغالب.

وعن الثاني : بأنه ممنوع ، بل نقول : ورود الأخبار في مقام بيان الحكم ، بل الظاهر ورودها في مقام توهّم الحرمان عن القيمة أيضاً.

وعن الثالث : أنا لو سلّمنا أن الرخصة لا توجب التخصيص في العمومات المذكورة ولكنها توجب خلاف أصل آخر هو الابتياع القهري ، إذ بدونه لا معنى لعدم ارتكاب التخصيص في العمومات ، على أنا لو قلنا بوجوب الابتياع القهري لا ينتفي التخصيص على المختار أيضا. هذا كله مع أنّ ارتكاب التخصيص في العمومات مما لا مفر منه أيضاً باعتبار قوله في الأحاديث المتكثرة « لا يرثن من العقار » الصادق على الأبنية. فتأمل.

يب‌ : لو لم يملك الوارث شيئاً سوى الأرض والأبنية المخلّفة يجب‌

٣٨٦

عليه إعطاء قيمة الأبنية أو مثلها من نفسها أو نفس الأراضي ، أو يبيعها بغير الزوجة ويأخذ الثمن ويعطيها إياها ، والوجه واضح. وأخذ البناء أو الأرض حينئذ لا ينافي عدم توريثها ؛ لعدم كون الأخذ حينئذ من باب التوريث.

يج‌ : لو تلف البناء أو الشجر بعد الموت قبل التقسيم والتقويم فهل يسقط من قيمته حق الزوجة أو لا؟

الظاهر هو الثاني ؛ لأنّ بمجرد الموت انتقلت العين إلى الوارث واستحقت الزوجة القيمة ، وتلف ملك أحد لا يوجب سقوط حق الآخر ، مع أنّ الأصل بقاؤه. وهكذا لو غصبه غاصب.

يد‌ : الظاهر من الأخبار تعلّق القيمة بذمة الورثة دون التركة ، بمعنى انّه يجب عليهم إعطاء القيمة من أينما أرادوا وشاؤوا. ويدلُّ عليه أيضاً عدم تسلط الزوجة على المطالبة من أموال خاصة من التركة أو غيرها. وأيضاً : مدلول الأخبار وجوب إعطاء القيمة ، ولا وجوب إلاّ يتعلّق بمكلف ، وليس هناك أحد يتعلق به إلاّ الورثة إجماعاً ، والأصل عدم وجوب الإعطاء من مال معيّن ، فيجب عليهم أصل الإعطاء ، وهو المطلوب.

يه‌ : يظهر من هذين الفرعين أنه لو لم يخلف الميت سوى أشجار أو أبنية بأن تكون أراضيها موقوفة أو ملكاً للغير وتلفت تلك الأشجار والأبنية بعد موته ولو بساعة أو غصبت ، كان للزوجة مطالبة حقها من القيمة من الورثة لو كانوا موسرين ، وبعد الإيسار إن كانوا معسرين ، وهو كذلك.

يو‌ : لو قلنا بالفرق بين ذات الولد وغيرها واجتمعتا فظاهر كلام جماعة بل صريحه : أنّ ذات الولد ترث كمال الثمن من الأراضي والأبنية والأشجار ، وتعطى الاخرى نصف ثُمن قيمة الأبنية والأشجار ، ويجب الإعطاء على ذات الولد دون غيرها من الورثة.

٣٨٧

وفيه تأمل ، والظاهر أنّ ثُمن غير الأراضي والأبنية والأشجار لهما معاً ، وكمال الثمن من الأراضي والأبنية والأشجار لذات الولد ، وكمال الثمن من قيمة الأبنية والأشجار لغير ذات الولد ، والقيمة على الورثة الذين منهم ذات الولد.

وما استدلوا به على أنّ لذات الولد كمال الثمن يدل مثله على أنّ لغيرها كمال القيمة فلا وجه للفرق. والحاصل أنه ثبت بآيات إرث الزوجة ورواياته أنّ لها الثمن ( من غير العقار مع الولد ) (١) ولها ثمن قيمة الأبنية والأشجار مطلقاً أو إذا لم تكن ذات ولد ، ومقتضاها ثبوته لكل واحدة حين التعدد ، ولكن دلّ الإجماع والروايات المتقدمة على أنّ الزوجات المتعددة شركاء في الثمن ، وثبوت الإجماع ودلالة الروايات فيما نحن فيه ممنوع ، فيكون على أصل المقتضي ، فلا تكون فيه شركة ، بل يكون لذات الولد ثمن أعيان الأبنية والأشجار ، ولغير ذات الولد ثمن قيمتها.

وأما وجه أنّ القيمة على جميع الورثة دون ذات الولد خاصة : فعدم الدليل على الاختصاص ، وتبادر تعلق القيمة على من يجوّز المقوَّم والجائز له هو جميع الورثة دون ذات الولد خاصة وإنما هي تجوّز نصيبها فقط. بل من هذا يظهر وجهٌ لأنها على غير ذات الولد من سائر الورثة. فتأمل.

المسألة السابعة : قد عرفت أن ثبوت التوارث بين الزوجين غير مشروط بالدخول.

وقد استثني من ذلك صورة واحدة ، وهي ما لو تزوجها مريضاً ولم يدخل بها فمات في مرضه ، فالحق المعروف من مذهب الأصحاب‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « ق ».

٣٨٨

ـ كما في الكفاية (١) أنها لا ترثه. وظاهر السرائر كصريح التذكرة دعوى الإجماع عليه (٢) ، وفي المسالك : جزم الأكثر بالحكم من غير أن يذكروا فيه خلافاً وإشكالاً (٣). وقيل : بل لا يكاد يتحقّق فيه خلاف (٤). ونسبه في الشرائع إلى الرواية وفي الدروس إلى المشهور (٥). وهما مشعران بالتردد ، ولكنهما صرحا بالنفي في النافع واللمعة المتأخرَين على الأولين (٦) فهو رجوع وجزم منهما بالحكم. نعم ظاهر الفرائض النصيرية التردد. وعن شرح الإيجاز استظهار إمكان أن يراد بالدخول أن تدخل عليه لتخدمه وتضاجعه وتمرّضه وإن لم يطأها (٧).

لنا بعد ظاهر الإجماع : صحيحة الحناط : عن رجل تزوج في مرضه ، فقال : « إذا دخل بها فمات في مرضه ورثته ، وإن لم يدخل بها لم ترثه ، ونكاحه باطل » (٨).

وصحيحة زرارة : « ليس للمريض أن يطلّق ، وله أن يتزوج ، فإن هو تزوج ودخل بها فهو جائز ، وإن لم يدخل بها حتى مات في مرضه فنكاحه باطل ، ولا مهر لها ، ولا ميراث » (٩).

__________________

(١) الكفاية : ٣٠٤.

(٢) السرائر ٣ : ٢٨٣ ، التذكرة ٢ : ٥١٨.

(٣) المسالك ٢ : ٣٣٤.

(٤) انظر الرياض ٢ : ٣٦٦.

(٥) الشرائع ٤ : ٣٥ ، الدروس ٢ : ٣٥٨.

(٦) النافع : ٢٧٢ ، اللمعة ( الروضة البهيّة ٨ ) : ١٧٢.

(٧) حكاه عنه في كشف اللثام ٢ : ٣٠٠.

(٨) الفقيه ٤ : ٢٢٨ ، ٧٢٤ ، الوسائل ٢٦ : ٢٣١ أبواب ميراث الأزواج ب ١٨ ح ١.

(٩) الكافي ٦ : ١٢٣ ، ١٢ ، التهذيب ٨ : ٧٧ ، ٢٦١ ، الإستبصار ٣ : ٣٠٤ ، ١٠٨٠ ، الوسائل ٢٦ : ٢٣٢ أبواب ميراث الأزواج ب ١٨ ح ٣.

٣٨٩

وموثقة عبيد بن زرارة بابن بكير المجمع على تصحيح ما يصح عنه : عن المريض أله أن يطلّق امرأته في تلك الحال؟ قال : « لا ، ولكن له أن يتزوج إن شاء ، فإن دخل بها ورثته ، وإن لم يدخل بها فنكاحه باطل » (١).

وظاهرٌ أنّ المراد ببطلان العقد في تلك الأخبار طريان المزيل عليه ، فيكون في حكم المتزلزل المشروط لزومه بالدخول أو البرء ، بل في حكم اللازم الطارئ عليه الفسخ ، لا البطلان وعدم صحة العقد حقيقة ، كما حكي عن شرح الإيجاز (٢) ؛ لتصريح صدرَي الأخيرتين بالجواز ، مضافاً إلى روايات عديدة اخرى دالة على جواز نكاح المريض (٣) ، ولأنه لولا الصحة لزم عدم جواز وطئه لها في المرض بل بعد البرء أيضاً بذلك العقد ، مع أنه خلاف المجمع عليه ، المصرح به في تلك الأخبار (٤) وغيرها.

وحينئذ فلا ينافي ذلك موثقة محمد : عن الرجل يحضره الموت فيبعث إلى جاره فيزوجه ابنته على ألف درهم ، أيجوز نكاحه؟ قال : « نعم » (٥).

على أنه يمكن إرجاع البارز في يزوجه إلى الجار.

ثم لكون هذه الأخبار صحيحة خاصة معمولاً بها بل معتضدةً بالإجماعين فيجب تقديمها على عمومات إرث الزوجة من الكتاب والسنة ،

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٢١ ، ١ ، الوسائل ٢٦ : ٢٣٢ أبواب ميراث الأزواج ب ١٨ ح ٢.

(٢) حكاه عنه في كشف اللثام ٢ : ٣٠٠.

(٣) انظر الوسائل ٢٠ : ٥٠٥ أبواب ما يحرم بالمصاهرة وغيرها ب ٤٣ ، والوسائل ٢٢ : ١٤٩ أبواب أقسام الطلاق وأحكامه ب ٢١.

(٤) الوسائل ٢٦ : ٢٣١ أبواب ميراث الأزواج ب ١٨.

(٥) التهذيب ٧ : ٤٨١ ، ١٩٣٣ ، الإستبصار ٣ : ١٩٢ ، ٦٩٥ ، الوسائل ٢٠ : ٥٠٥ أبواب ما يحرم بالمصاهرة وغيرها ب ٤٣ ح ٢.

٣٩٠

فلا وجه لقول صاحب الكفاية بعد ذكر أنّ هذه الأخبار معارضة بعموم الأخبار الكثيرة : فللتأمل طريق إلى الحكم المذكور.

وأما عمومات جواز نكاح المريض فلا ينافي تلك الأخبار مطلقاً ، وقد عرفت وجهه.

وأما ما تقدم من شرح الإيجاز فهو ضعيف غايته ، ولا تحتمله الأخبار بالمرة ، وهو لم يفرَّق بين « دخل بها » و « دخلت به » ، والمصرح به في الأخبار الأول.

فروع :

أ : لو برئ من هذا المرض ومات بمرض آخر قبل الدخول‌ ، ففي عدم توريثها إشكال ، من حيث مخالفته للأصل والاستصحاب والعمومات ، ومن إطلاق الموثقة.

والظاهر المصرَّح به في كلام جماعة (١) بل لم أعثر على مصرِّح بخلافه هو التوريث ؛ لأنّ المتبادر من الموثقة أيضاً هو الموت في هذا المرض. وأيضاً قوله فيها : « وإن لم يدخل بها فنكاحه باطل » محتاج إلى تقدير قطعاً ، لعدم البطلان بمجرد عدم الدخول وإن كان حياً ، لجواز الدخول كلما كان حياً. والمقدّر إما هو الموت مطلقاً أو الموت في هذا المرض ، والأول وإن كان أقل تقديراً ولكن في التقدير يتبع القرينة ، والتقييد في الصحيحين قرينة ظاهرة على أنّ المقدّر هو المقيَّد دون المطلق.

__________________

(١) منهم العلامة في القواعد ٢ : ١٧٨ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٣٠٠ ، وصاحب الرياض ٢ : ٣٦٦.

٣٩١

ب : لو مات في هذا المرض ولكن لا بسببه بل بمرض آخر أو سبب غير المرض كغرق أو حرق أو الهدم عليه ، ففي توريثها وعدمه احتمالان ، من إطلاق الأخبار وكون لفظة « في » حقيقة في الظرفية فيصدق الموت في المرض وإن كان بسبب آخر ، ومن مخالفة الحكم للأصل وتبادر إرادة السببية هنا ، ولكل وجه ، والمسألة محل إشكال.

ج : هل يشترط أن يكون المرض مهلكاً عادةً أم لا؟

فيه وجهان ، وقد مرّ تفصيله في كتاب الوصايا ، وكذا بيان ما لو حصل مرض آخر واشتركا في الهلاك ، أو انجرّ هذا المرض إلى مرض آخر ومات بالأخير ، أو زاد هذا المرض ومات بالازدياد ، أو مات وحصل الشك في برية قبل الموت من المرض الأول وسائر ما يتعلق بالمقام.

د : لا يلحق بالعقد الرجعة في مرض الموت وإن وقع الطلاق في المرض إذا كان قد برئ منه ؛ للأصل ، وبطلان القياس.

هـ : لو ماتت هي في مرضه قبل الدخول فاستشكل في المسالك والكفاية (١) ، وظاهر القواعد والإيضاح التردد (٢). والحق أنه يرثها ؛ للأصل والاستصحاب والعمومات.

قيل : العقد متزلزل (٣) ، ولزومه بحيث يترتب جملة الأحكام عليه موقوف على الدخول أو البرء.

قلنا : التزلزل ممنوع ، بل هو عقد لازم ينفسخ ، فلا ينفسخ إلاّ بما نصّ عليه الشارع ، فإنّ الأصل في عقد النكاح الصحيح اللزوم ، والأصل في‌

__________________

(١) المسالك ٢ : ٣٣٥ ، الكفاية : ٣٠٤.

(٢) القواعد ٢ : ١٧٨ ، الإيضاح ٤ : ٢٤٠.

(٣) انظر الرياض ٢ : ٣٦٦.

٣٩٢

العقد الصحيح اللازم ترتب جميع آثاره عليه. ولو سلم التزلزل فإنما هو باعتبار موت الزوج في مرضه قبل الزوجة لا مطلقاً ، وهو منفي فيما نحن فيه ، بل تحققه مستحيل ، لتحقق موت الزوجة أولاً ، فيلزم. وفائدته ترتب الآثار اللاحقة بعد الموت عليه.

المسألة الثامنة : قد عرفت أن المطلقة بالطلاق البائن لا ترث الزوج ، وقد استثني من ذلك صورة واحدة ، وهي ما إذا كان الزوج حين الطلاق مريضاً ، فإنها ترثه إلى سنة ولا يرثها. والأصل في ذلك الإجماع والروايات المستفيضة. وقد تقدم الكلام في هذه المسألة في كتاب الطلاق في مسألة طلاق المريض.

المسألة التاسعة : في ثبوت التوارث بين الزوج والمتمتع بها أقوال أربعة :

أحدها : التوارث مطلقا ، حتى لو شرط سقوطه بطل الشرط.

وثانيها : عدم التوارث مطلقا ، اشترط ، أو لم يشترط ، أو شرط العدم.

وثالثها : أنهما يتوارثان ما لم يشترط العدم.

ورابعها : أنّ أصل العقد لا يقتضي التوارث مطلقاً بل مع اشتراطه ، فإذا اشترط ثبت تبعاً للشرط.

وقد تقدم تفصيل المسألة في كتاب النكاح في أحكام عقد التمتع.

المسألة العاشرة : إذا ماتت الزوجة عن زوج ولم يكن هناك مناسب ولا مسابب كان المال كله له ، نصفه بالفرض ونصفه بالرد ، ولا أعرف في ذلك خلافاً ، ونقل عليه الإجماع الشيخان في الإعلام (١) ، والإيجاز والاستبصار‌

__________________

(١) الأعلام ( مصنفات الشيخ المفيد ٩ ) : ٥٥.

٣٩٣

والمبسوط (١) ، والسيدان في الغنية والانتصار ، والحلي والفاضل في السرائر والمختلف ، والشهيد الثاني في المسالك (٢) ، وفي المهذب نفي الخلاف عنه.

ويدلُّ عليه مضافاً إلى الإجماع الأخبار المستفيضة من الصحاح وغيرها ، كصحيحة محمد بن قيس : في امرأة توفّيت ولم يعلم لها أحد ولها زوج قال : « الميراث كله لزوجها » (٣).

وصحيحة أبي بصير : قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فدعا بالجامعة فنظرنا فيها ، فإذا فيها : « امرأة هلكت وتركت زوجها لا وارث لها غيره له المال كله » (٤).

وموثقته : قال : قرأ عليّ أبو عبد الله عليه‌السلام فرائض علي عليه‌السلام ، فإذا فيها : « الزوج يحوز المال إذا لم يكن غيره » (٥).

وصحيحته الأُخرى : رجل مات وترك امرأته ، قال : « المال لها » قال : قلت : امرأة ماتت وتركت زوجها ، قال : « المال له » (٦).

وروايته : قال : قرأ عليّ أبو جعفر عليه‌السلام في الفرائض : « امرأة توفيت وتركت زوجها ، قال : المال للزوج ، ورجل توفّي وترك امرأة قال : للمرأة‌

__________________

(١) الإيجاز ( الرسائل العشر ) : ٢٧١ ، الاستبصار ٤ : ١٤٩ ، المبسوط ٤ : ٧٤.

(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٨ ، الانتصار : ٣٠٠ ، السرائر ٣ : ٢٨٤ ، المختلف : ٧٣٧ ، المسالك ٢ : ٣١٧.

(٣) الكافي ٧ : ١٢٥ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٢٩٤ ، ١٠٥١ ، الإستبصار ٤ : ١٤٩ ، ٥٥٩ ، الوسائل ٢٦ : ١٩٧ أبواب ميراث الأزواج ب ٣ ح ١.

(٤) الكافي ٧ : ١٢٥ ، ٢ ، التهذيب ٩ : ٢٩٤ ، ١٠٥٣ ، الإستبصار ٤ : ١٤٩ ، ٥٦١ ، الوسائل ٢٦ : ١٩٧ أبواب ميراث الأزواج ب ٣ ح ٣.

(٥) التهذيب ٩ : ٢٩٤ ، ١٠٥٢ ، الإستبصار ٤ : ١٤٩ ، ٥٦٠ ، الوسائل ٢٦ : ١٩٧ أبواب ميراث الأزواج ب ٣ ح ٢.

(٦) التهذيب ٩ : ٢٩٥ ، ١٠٥٦ ، الإستبصار ٤ : ١٥٠ ، ٥٦٨ ، الوسائل ٢٦ : ٢٠٤ أبواب ميراث الأزواج ب ٤ ح ٩.

٣٩٤

الربع وما بقي فللإمام » (١).

والأُخرى : عن امرأة ماتت وتركت زوجها لا وارث لها غيره. قال « إذا لم يكن غيره فله المال ، والمرأة لها الربع وما بقي فللإمام » (٢).

والثالثة : في امرأة توفّيت وتركت زوجها ، قال : « المال للزوج » يعني إذا لم يكن لها وارث غيره (٣).

والرابعة : عن المرأة تموت ولا تترك وارثاً غير زوجها ، قال : « الميراث كله له » (٤).

والخامسة : امرأة هلكت وتركت زوجها ، قال : « المال كله للزوج » (٥).

وموثقة مثنى : امرأة تركت زوجها ، قال : « المال كله له إذا لم يكن له وارث غيره » (٦).

والطعن في الأربعة الأُولى باشتراك محمد بن قيس وأبي بصير ضعيف ؛ إذ لا اعتبار بأمثال ذلك بعد وجود الخبر في الأُصول المعتبرة عندنا ، مع أنهما ليسا بضعيفين أيضاً : أما الأول ، فلأنه روى عنه عاصم ، وكلما كان هو الراوي عن محمد بن قيس هو أبو عبد الله البجلي الثقة.

وأما الثاني ، فلأنّ اشتراك أبي بصير بين الثقة وغيره إنما هو في غير‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ١٢٦ ، ٢ ، الوسائل ٢٦ : ٢٠٢ أبواب ميراث الأزواج ب ٤ ح ٣.

(٢) الفقيه ٤ : ١٩١ ، ٦٦٦ ، التهذيب ٩ : ٢٩٤ ، ١٠٥٥ ، الإستبصار ٤ : ١٤٩ ، ٥٦٤ ، الوسائل ٢٦ : ١٩٨ أبواب ميراث الأزواج ب ٣ ح ٥.

(٣) الكافي ٧ : ١٢٥ ، ٣ ، الوسائل ٢٦ : ١٩٩ أبواب ميراث الأزواج ب ٣ ح ١٢.

(٤) الكافي ٧ : ١٢٦ ، ٦ ، التهذيب ٩ : ٢٩٤ ، ١٠٥٤ ، الإستبصار ٤ : ١٤٩ ، ٥٦٢ ، الوسائل ٢٦ : ١٩٨ أبواب ميراث الأزواج ب ٣ ح ٤.

(٥) الكافي ٧ : ١٢٦ ، ٧ ، الوسائل ٢٦ : ٢٠٠ أبواب ميراث الأزواج ب ٣ ح ١٤.

(٦) التهذيب ٩ : ٢٩٤ ، ١٠٥٠ ، الإستبصار ٤ : ١٤٨ ، ٥٥٨ ، الوسائل ٢٦ : ١٩٨ أبواب ميراث الأزواج ب ٣ ح ٧.

٣٩٥

ما كان راوياً عن أبي عبد الله عليه‌السلام كما بينا في موضعه.

وقد ينسب إلى ظاهر الديلمي عدم الرد عليه ، بل هو للإمام (١). وظاهر الإيضاح القول به من غيره أيضاً (٢).

ويحتج له بظاهر الآية الدالة على أنّ له النصف مع عدم الولد الشامل لوجود وارث آخر وعدمه. وبأصالة عدم الرد ، فإنّ الأصل فيه آية اولي الأرحام ، والرحم منتفية عن الزوج من حيث هو زوج. وبموثقة جميل عن الصادق عليه‌السلام : قال : « لا يكون رد على زوج ولا على زوجة » (٣).

والجواب : أنّ العمل بالأصل والإطلاق والعموم عند عدم الرافع والمقيد والمخصص ، وهي هنا موجودة ، فبها يدفع الأصل ، ويقيد إطلاق ظاهر الآية بوجود وارث آخر ، ويخصص عموم الموثقة به ، مع أنها لا تقاوم الأخبار المتقدمة ( لوجوه عديدة ) (٤) على أنّ حملها على التقية ممكن ، لموافقتها لمذاهب العامّة كما صرح به في الانتصار (٥).

المسألة الحادية عشرة : إذا مات عن زوجة كذلك ففيه أقوال :

عدم الرد عليها مطلقاً ، بل لها الربع خاصة والباقي للإمام. ذهب إليه السيد والشيخ في الإيجاز ، والصدوقان في الرسالة والمقنع ، والديلمي والحلبي والقاضي والحلي والمحقق والفاضل في المختلف وولده (٦) ،

__________________

(١) المراسم : ٢٢٢.

(٢) الإيضاح ٤ : ٢٣٧.

(٣) التهذيب ٩ : ٢٩٦ ، ١٠٦١ ، الإستبصار ٤ : ١٤٩ ، ٥٦٣ ، الوسائل ٢٦ : ١٩٩ أبواب ميراث الأزواج ب ٣ ح ٨.

(٤) ما بين القوسين ليس في « ق ».

(٥) الانتصار : ٣٠١.

(٦) السيد في الانتصار : ٣٠١ ، الإيجاز ( الرسائل العشر ) : ٢٧١ ، الصدوق في المقنع : ١٧٠ ، حكاه عن والده في المختلف : ٧٣٧ ، الديلمي في المراسم : ٢٢٢ ، الحلبي في الكافي : ٣٧٤ ، القاضي في المهذب ٢ : ١٤١ ، الحلي في السرائر ٣ : ٢٤٢ ، المحقق في النافع : ٢٧١ ، المختلف : ٧٣٧ ، ولد الفاضل في الإيضاح ٤ : ٢٣٨.

٣٩٦

ومعظم الطبقة الثالثة (١) ، ودعوى الشهرة عليه متكررة (٢). وظاهر الانتصار والسرائر دعوى الإجماع عليه (٣).

والرد عليها كذلك. نسب إلى ظاهر المفيد ، حيث قال : إذا لم يوجد مع الأزواج قريب ولا سبب للميت رد باقي التركة على الأزواج (٤).

وهو غير ظاهر فيما نسب إليه ؛ لاحتمال أن يريد بالأزواج الرجال. وتأكيد هذا الاحتمال بأن اللفظ المشترك لا يجوز استعماله في جميع معانيه حقيقة ، بل مجازاً ، والأصل عدمه كما في التنقيح (٥) باطل كما لا يخفى.

والتفصيل بالرد عليها حال الغيبة دون الحضور. اختاره في الفقيه والجامع والتحرير واللمعة (٦) ، وفي النهاية : إنه قريب من الصواب (٧). ونسب إلى ظاهر التهذيب أيضاً (٨) ، وليس كذلك.

وظاهر القواعد والإرشاد والدروس التردد (٩). واستشكل في الكفاية. وإن رجح الأول أخيراً (١٠).

__________________

(١) كالسبزواري في الكفاية : ٣٠٤ ، والفيض في المفاتيح ٣ : ٣٠٤.

(٢) كما في الروضة ٨ : ٨٦ ، والمفاتيح ٣ : ٣٠٤ ، والرياض ٢ : ٣٦٣.

(٣) الانتصار : ٣٠١ ، السرائر ٣ : ٢٤٢.

(٤) المقنعة : ٦٩١.

(٥) التنقيح ٤ : ١٨٩.

(٦) الفقيه ٤ : ١٩٢ ، الجامع : ٥٠٢ ، التحرير ٢ : ١٦٨ ، اللمعة ( الروضة البهية ٨ ) : ٨٢.

(٧) النهاية : ٦٤٢.

(٨) انظر الرياض ٢ : ٣٦٣ ، وهو في التهذيب ٩ : ٢٩٥.

(٩) القواعد ٢ : ١٧٨ ، الإرشاد ٢ : ١٢٥ ، الدروس ٢ : ٣٧٦ ، وقال في ص ٣٣٤ : وفي الزوج والزوجة خلاف أقربه الردّ على الزوج دون الزوجة سواء كان في غيبة الإمام وحضوره إذا لم يكن وارث سواهما.

(١٠) الكفاية : ٣٠٥.

٣٩٧

والحق هو الأول ؛ للأصل. والمستفيضة من الأخبار المعتضدة بالشهرة العظيمة والإجماعات المنقولة ، وبرواية العبدي التي شهد الفضل بصحتها المتضمنة لقوله عليه‌السلام : « ولا تزاد المرأة على الربع ، ولا تنقص من الثمن » (١).

فمن تلك الأخبار : رواية موسى بن بكر عن زرارة الطويلة وفيها : « ولا يردّ على المرأة شي‌ء » (٢).

وقول الصادق عليه‌السلام في موثقة جميل المتقدمة (٣) : « لا يكون ردّ على زوج ولا على زوجة ».

وروايتا أبي بصير الأُوليان المتقدمتان (٤).

وروايته الأُخرى : في رجل توفي وترك امرأته ، قال : « للمرأة الربع ، وما بقي فللإمام » (٥).

ورواية محمد بن مروان : في رجل مات وترك امرأته ، قال : الربع ، وما بقي فللإمام » (٦).

ورواية محمّد بن نعيم الصحاف قال : « مات محمد بن أبي عمير بياع السابري ، وأوصى إليّ ، وترك امرأة له لم يترك وارثاً غيرها ، فكتبت إلى العبد الصالح عليه‌السلام ، فكتب إليّ : « أعط المرأة الربع ، واحمل الباقي إلينا » (٧).

__________________

(١) الفقيه ٤ : ١٨٨ ، ٦٥٧ ، التهذيب ٩ : ٢٤٩ ، ٩٦٤ ، الوسائل ٢٦ : ٢٠٤ أبواب ميراث الأزواج ب ٤ ح ١١.

(٢) الكافي ٧ : ٩٧ ، ٣ ، الوسائل ٢٦ : ١٣٢ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٨ ح ٣.

(٣) في ص : ٣٩٤.

(٤) في ص : ٣٩٢ و ٣٩٣.

(٥) الكافي ٧ : ١٢٦ ، ٣ ، الوسائل ٢٦ : ٢٠٢ أبواب ميراث الأزواج ب ٤ ح ٤.

(٦) التهذيب ٩ : ٢٩٦ ، ١٠٦٠ ، الإستبصار ٤ : ١٥٠ ، ٥٦٧ ، الوسائل ٢٦ : ٢٠٣ أبواب ميراث الأزواج ب ٤ ح ٧.

(٧) الكافي ٧ : ١٢٦ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٢٩٥ ، ١٠٥٨ ، الإستبصار ٤ : ١٥٠ ، ٥٦٥ ، الوسائل ٢٦ : ٢٠٢ أبواب ميراث الأزواج ب ٤ ح ٢.

٣٩٨

وقول الرضا عليه‌السلام في فقهه : « فإذا ترك الرجل امرأته فللمرأة الربع ، وما بقي فللقرابة إن كان له قرابة ، وإن لم يكن أحد حصل ما بقي لإمام المسلمين » (١).

وتوهم الاختصاص بحال الحضور في غير الأُوليين ، لوقوع السؤال في أكثرها بلفظ الماضي ، باطل جدّاً ؛ لأنها ظاهرة في السؤال عن الوقائع الفرضية ، ويراد القواعد الكلية ، مع أنّ الجواب فيها عام ، وخصوص السؤال لو كان لا يدل على خصوص الجواب. مع أنّ رواية أبي بصير المتقدمة أولاً (٢) لحكايتها الحكم المذكور عن صحيفة الفرائض التي تضمنت الأحكام على سبيل القاعدة الكلية كلية قطعاً ، بل عبارة فقه الرضا عليه‌السلام صريحة فيه ، حيث أتى بأداة الشرط المفيدة للعموم.

وقد يستدل أيضاً بصحيحة على بن مهزيار : قال : كتب محمد بن حمزة العلوي إلى أبي جعفر الثاني عليه‌السلام : مولى لك أوصى إليّ بمائة درهم وكنت أسمعه يقول : كل شي‌ء هو لي فهو لمولاي ، فمات وتركها ولم يأمر فيها بشي‌ء وله امرأتان ، أما واحدة فلا أعرف لها موضعاً الساعة ، والأُخرى بقم ، ما الذي تأمر في هذه المائة درهم؟ فكتب إليّ : « أنظر أن تدفع [ من ] (٣) هذه الدراهم إلى زوجتَي الرجل ، وحقهما من ذلك الثمن إن كان له ولد ، وإن لم يكن له ولد فالربع ، وتصدّق بالباقي على من تعرف أنّ له إليه حاجة » (٤).

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٨٧ ، مستدرك الوسائل ١٧ : ١٩٤ أبواب ميراث الأزواج ب ٣ ح ١.

(٢) في ص : ٣٩٢.

(٣) أضفناه من الكافي.

(٤) الكافي ٧ : ١٢٦ ، ٤ ، التهذيب ٩ : ٢٩٦ ، ١٠٥٩ ، الإستبصار ٤ : ١٥٠ ، ٥٦٦ ، الوسائل ٢٦ : ٢٠١ أبواب ميراث الأزواج ب ٤ ح ١.

٣٩٩

وردّ : بأنّ الظاهر من إقراره أنّ المائة له عليه‌السلام فيحكم فيه بما يشاء ، وأمره بإعطاء الزوجتين لا يدل على أنه إرث.

وفيه : أنّ ظاهر قوله : « وحقهما » مع ضميمة التفصيل الذي هو مقتضى الإرث أنّ الإعطاء على سبيل الإرث والاستحقاق. وعدم الأخذ بإقراره يمكن أن يكون لأجل عدم ثبوته عنده ، أو لعلمه بأنه ليس من ماله.

نعم ، يرد أنّ الكلام إنما هو فيما إذا لم يكن عدا الإمام وارث سوى الزوجة. وصريح الصحيحة أنّ الإمام كان مولى للميت ، فهي خارجة عن محل النزاع.

للثاني : صحيحة أبي بصير الثانية المتقدمة (١) ، ورواها في الفقيه بطريق موثق ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام بأدنى تغيير وفيها : في امرأة ماتت وتركت زوجها ، قال : « المال كله له » قلت : فالرجل يموت ويترك امرأته؟ قال : « المال لها » (٢).

وفيها مع كونها أعم مطلقاً ممّا مر لإطلاق الامرأة بالنسبة إلى ذات القرابة وغيرها ، والمال بالنسبة إلى الربع وغيره ، واحتمال كون اللام في المال للمعهود ، وربما يستأنس له بترك لفظ كله مع ذكره في جانب الزوج ، ومعارضتها مع الأخبار المتقدمة الراجحة عليها بموافقة الأصل والكتاب وعمل الأصحاب ـ : أنها شاذة جدّاً كما في المسالك وعن الانتصار والسرائر (٣) ، فلا حجية فيها أصلا.

وللثالث : الجمع بين الأخبار ، بحمل الصحيحة على حال الغيبة ،

__________________

(١) في ص : ٣٩٣.

(٢) الفقيه ٤ : ١٩٢ ، ٦٦٧ ، الوسائل ٢٦ : ٢٠٣ ، أبواب ميراث الأزواج ب ٤ ح ٦.

(٣) المسالك ٢ : ٣١٧ ، الانتصار : ٣٠١ ، السرائر ٣ : ٢٤٣.

٤٠٠