مستند الشّيعة - ج ١٩

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٩

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-211-3
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤٨٢

الخامس : سببان يحجب أحدهما الآخر ، كالإمام الذي هو معتِق.

السادس : نسب وسبب [ لا ] (١) يحجب أحدهما الآخر ، كابن عمّ هو زوج ، أو بنت عمّة هي زوجة.

وقد مرّت صور أُخرى في أوّل كتاب الميراث أيضاً.

فأيده‌ : اعلم أنّه من الأقرباء الذي يجتمع فيه السببان الأخ من الأبوين ، والعمّ منهما ، والخال منهما ، فإنّه أخ أو عمّ أو خال لأب ، وأخ أو عمّ أو خال لُام ، فعلى القاعدة المذكورة يلزم أنّه لو اجتمع أحدهم مع المتقرّب بالأُم وحدها ممّن هو في مرتبته أن يكون لأحدهم نصيب من يتقرّب بالأب وحده لو اجتمع مع المتقرّب بالأُم ، ويشارك أيضاً المتقرّب بالأُم في نصيبه. ولكن انعقاد الإجماع على خلافه فيهم أوجب ترك ملاحظة القاعدة المذكورة فيهم.

المسألة الثانية : إذا اجتمع أحد الزوجين مع الأخوال والأعمام فله نصيبه الأعلى من النصف أو الربع ، إجماعاً. وتدلّ عليه الأخبار الكثيرة المتقدمة بعضها ، الدالة على أنّهما لا ينقصان من نصيبهما الأعلى إلاّ مع الولد ، كصحيحة محمد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، وفيها : « وإن الزوج لا ينقص من النصف شيئاً إذا لم يكن ولد ، ولا تنقص الزوجة شيئاً من الربع إذا لم يكن ولد » (٢).

ثمّ الباقي ينقسم بين الأخوال والأعمام ، للأخوال ثلث الأصل واحداً كان أو أكثر ، ذكراً أم أُنثى ، والباقي للأعمام كذلك ، فيدخل النقص عليهم.

والدليل عليه بعد الإجماع كون الخال والخالة بمنزلة الأُم ولها الثلث ،

__________________

(١) أضفناه لتصحيح المتن.

(٢) الكافي ٧ : ٨٢ ، ١ ، الوسائل ٢٦ : ١٩٥ أبواب ميراث الأزواج ب ١ ح ١.

٣٤١

وكون العمّ والعمّة بمنزلة الأب وله الباقي بعد نصيب الام وأحد الزوجين.

ثمّ كلاًّ من الفريقين أي الخؤولة والعمومة يقتسمون نصيبهم على النحو الذي سبق.

المسألة الثالثة : لو اجتمع أحدهما مع أحد الفريقين من الأعمام والأخوال خاصّة فله نصيبه الأعلى بالإجماع ، والباقي لأحد الفريقين. وهو إن كان واحداً فلا إشكال ، وكذا إن كان متعدّداً مع اتّحاد الجهة كالأعمام من الأب خاصّة ، أو من الام كذلك ، أو الأخوال كذلك.

وأمّا مع اختلاف الجهة فإن كان أحد الفريقين من العمومة فقالوا : إنّ لمن يتقرّب منهم بالأُم سدس الأصل مع الوحدة ، وثلثه مع التعدّد ، والباقي للمتقرّب بالأب.

ولم أعثر فيه على مخالف ، نعم كلام الفاضل في القواعد يحتمل المخالفة (١) ، بأن يجعل للمتقرّب بالأُم سدس الباقي كما لا يخفى ، وظاهر المسالك أيضاً التردّد (٢) وقال في المسالك : ولم يذكروا هنا خلافاً.

وإن كان من الخؤولة فالمشهور بل الظاهر من كلام الأصحاب كما في المسالك : أنّه أيضاً كالعمومة (٣) ، فللمتقرّب بالأُم سدس الأصل مع الوحدة ، وثلثه مع التعدّد ، والباقي للمتقرّب بالأب.

ولكنّ الفاضل في القواعد والتحرير لم ينقل هذا القول ، واقتصر على القولين الآتيين (٤). وقال في الدروس : إنّه قد يفهم من كلام الأصحاب أنّ‌

__________________

(١) القواعد ٢ : ١٧٦.

(٢) المسالك ٢ : ٣٣١.

(٣) المسالك ٢ : ٣٣١.

(٤) القواعد ٢ : ١٧٥ ، التحرير ٢ : ١٦٦.

٣٤٢

للخال للُام بعد نصيب الزوجة سدس الأصل إن اتّحد ، وثلثه إن تعدّد (١).

وذلك كما ترى يوجب الوهن في الشهرة.

ونقل في التحرير والقواعد والمسالك والدروس ، وغيرها (٢) قولاً بأنّ للمتقرّب بالأُم سدس الباقي لا غير ، فيجعل حصّة الزوج داخلة على الجميع.

وذهب الفاضل في القواعد والتحرير وولده فخر المحقّقين والشهيد في الدروس إلى أنّ للمتقرّب بالأُم سدس الثلث مع الوحدة ، وثلثه مع التعدّد (٣).

للمشهور : أنّ النقص لا يدخل على المتقرّب بالأُم ، فيكون له نصيبه لولا أحد الزوجين.

وفيه : أنّه إن أُريد بالمتقرّب بالأُم المتقرّب بأُم الميّت ، فعدم دخول النقص عليه مسلّم ، ولكنّ هذه النسبة ثابتة لمطلق الخؤولة من غير اختصاص له بالخال للُام ، فيتساوى الجميع. وإن أُريد به المتقرّب بأُم أُمّ الميّت حتّى يكون الخال للُام بمنزلة الجدّة للُام ، والخال للأب بمنزلة الجدّ لها ، فلا دليل على عدم دخول النقص عليه ، بل يدخل عليه ، لأنّ الجدّ والجدّة للُام يقتسمان المال بعد نصيب أحد الزوجين على التساوي كما مرّ.

للقول الثاني : أنّ للمتقرّب بالأُم من الخؤولة سدس نصيب الخؤولة مع الوحدة ، وثلثه مع التعدّد (٤).

__________________

(١) الدروس ٢ : ٣٧٤.

(٢) كالروضة ٨ : ١٥٩.

(٣) القواعد ٢ : ١٧٥ ، التحرير ٢ : ١٦٦ ، فخر المحققين في الإيضاح ٤ : ٢٣٠ ، الدروس ٢ : ٣٧٣.

(٤) كذا وردت العبارة في جميع النسخ ، والظاهر أنها لا تناسب دليلاً للقول الثاني ، ولعلّه قد وقع خلط في النسخ. ونحن نذكر عبارة الجواهر في مقام اختيار هذا القول والاستدلال له : .. وبذلك يظهر أنّ المتّجه في المفروض أنّ للخال من الام سدس ما بقي بعد نصيب الزوج ، لأنه هو نصيب الام المنتقل إلى الخؤولة جميعهم ، لا سدس الأصل. الجواهر ٣٩ : ١٩٤.

٣٤٣

وفيه : أنّ ذلك ممنوع ، ولا دليل عليه ، وأخذه سدس الأصل بدون أحد الزوجين لو سلّم للإجماع ، والإجماع يحتمل أن يكون على أنّ له سدس الأصل مطلقاً ، أو يكون مخصوصاً بصورة عدم وجود أحد الزوجين ، على أنّ في تحقّق الإجماع فيه أيضاً كلام.

للثالث : أنّ الثلث نصيب الخؤولة ، وللمتقرّب منهم بالأُم سدسه أو ثلثه.

وضعفه ظاهر ، فإنّ الثلث نصيبهم إذا اجتمعوا مع العمومة لا مطلقاً.

وإذ عرفت ضعف هذه الأدلّة فنقول : إنّ مقتضى قاعدة كلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به أن ينزّل المتقرّب بالأُم بمنزلة أُم الأُم ؛ لأنّها الرحم الذي يجرّ به ، والمتقرّب بالأب منزلة أب الأب ، وهما يقتسمان نصيبهما بالسويّة ، فهاهنا أيضاً كذلك.

وأمّا قاعدة التفضيل فلا تعارض ذلك ؛ لكونها أعمّ من ذلك ، ولكون الأخبار الدالة على ذلك أقوى سنداً وأوضح دلالة.

فعلى هذا لا مفرّ من الأخذ بهذه القاعدة إلاّ إذا ثبت الإجماع المركب ، وثبوته هنا سيما بملاحظة أنّ أكثر هذه المسائل لكونها غير عامة البلوى خالٍ عن قول من المعصوم ، فباتفاق جمع من العلماء لا يحصل العلم بدخول قوله وإن كان ذلك الجمع ممن يحكم الحدس بدخول قول المعصوم فيما حكموا به باتفاقهم في المسائل العامة البلوى.

بل نقول بمثل ذلك فيما إذا كان المجامع لأحد الزوجين الأعمام المتفرقون أيضاً. ومقتضى القاعدة فيهم انقسام المال بين المتقرب بالأُم منهم والمتقرب بالأب أثلاثاً ؛ لأنه كيفية القسمة بين الجد والجدة للأب.

المسألة الرابعة : لا ريب في أنّ حكم أولاد العمومة والخؤولة مع أحد الزوجين كحكم آبائهم وأُمهاتهم ، والوجه والتفصيل واضح مما سبق.

٣٤٤

المقصد الثاني

في ميراث ذوي الأسباب‌

والأسباب الموجبة للإرث اثنان : زوجية ، ووَلاء بفتح الواو بمعنى القرب. والمراد به هنا : تقرّب أحد الشخصين بالآخر بالعتق ، أو ضمان الجريرة ، أو الإمامة ، فأقسام الولاء ثلاثة.

وهاهنا أربعة فصول‌ :

٣٤٥
٣٤٦

الفصل الأول

في بعض أحكام الزوجين‌

وإنما قلنا بعض أحكامهما لأنه قد سبق جملة من أحكام ميراثهم ، بل سبق اصولها ، وقد بقيت هاهنا أحكام نذكرها في مسائل :

المسألة الأُولى : الزوجان يتوارثان ما دامت الزوجة في حبال الزوج وإن لم يدخل بها ؛ للإجماع ، وصدق الزوجية ، وأصالة عدم اشتراط الدخول ، فيدل عليه جميع العمومات والإطلاقات المتقدمة.

ويدلُّ عليه أيضاً الروايات الآتية الدالة على ثبوت التوارث بين الصغيرين (١) ، وخصوص صحيحة محمد : في الرجل يموت وتحته امرأة لم يدخل بها قال : « لها نصف المهر ، ولها الميراث كاملاً » (٢).

وصحيحة عبيد بن زرارة : عن رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها ، قال : « إن هلكت أو هلك أو طلّقها فلها النصف وعليها العدة كملا ، ولها الميراث » (٣).

ومثلها صحيحة الحلبي (٤) ورواية البجلي (٥).

__________________

(١) انظر ص : ٣٥٣.

(٢) الكافي ٦ : ١١٨ ، ١ ، التهذيب ٨ : ١٤٤ ، ٤٩٩ ، الإستبصار ٣ : ٣٣٩ ، ١٢٠٧ ، الوسائل ٢١ : ٣٢٦ أبواب المهور ب ٥٨ ح ١.

(٣) الكافي ٦ : ١١٨ ، ٢ ، التهذيب ٨ : ١٤٤ ، ٥٠٠ ، الإستبصار ٣ : ٣٣٩ ، ١٢٠٨ ، الوسائل ٢١ : ٣٢٧ أبواب المهور ب ٥٨ ح ٣.

(٤) الكافي ٦ : ١١٨ ، ٤ ، التهذيب ٨ : ١٤٤ ، ٥٠١ ، الإستبصار ٣ : ٣٣٩ ، ١٢٠٩ ، الوسائل ٢١ : ٣٢٨ أبواب المهور ب ٥٨ ح ٦.

(٥) الكافي ٦ : ١١٨ ، ٣ ، الوسائل ٢١ : ٣٢٧ أبواب المهور ب ٥٨ ح ٥.

٣٤٧

وموثقة ابن أبي يعفور : « في المرأة توفيت قبل أن يدخل بها ، ما لها من المهر؟ وكيف ميراثها؟ فقال : إذا كان قد فرض لها صداقاً فلها نصف المهر ، وهو يرثها ، وإن لم يكن فرض لها صداقاً فلا صداق لها. وقال في رجل توفي قبل أن يدخل بامرأته ، قال : إن كان قد فرض لها مهراً فلها نصف المهر ، وهي ترثه » (١).

وموثقة عبيد بن زرارة والبقباق : قالا ، قلنا لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما تقول في رجل تزوج امرأة ثم مات عنها وقد فرض لها الصداق؟ فقال : « لها نصف الصداق ، وترثه من كل شي‌ء ، وإن ماتت فهو كذلك » (٢) إلى غير ذلك من الأخبار المتكثرة.

ويستثنى من ذلك ما إذا كان الزوج مريضاً حال التزويج ولم يبرأ من مرضه ، ويأتي بيانه.

المسألة الثانية : إذا كانت الزوجة مطلّقة رجعية فيتوارثان إذا مات أحدهما في العدة بالإجماع ؛ للأخبار العديدة ، كصحيحة الحلبي : قال : « إذا طلّق الرجل وهو صحيح لا رجعة له عليها ، لم ترثه ولم يرثها » وقال : « هو يرث ويورث ما لم تر الدم من الحيضة الثالثة إذا كان له عليها رجعة » (٣).

وصحيحة محمد بن قيس : « أيّما امرأة طُلِّقت ثم توفي عنها زوجها قبل أن تنقضي عدتها ولم تحرم عليه فإنها ترثه ثم تعتد عدّة المتوفى عنها‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ١١٩ ، ٦ ، التهذيب ٨ : ١٤٧ ، ٥١٠ ، الإستبصار ٣ : ٣٤١ ، ١٢٢٠ ، الوسائل ٢١ : ٣٢٨ أبواب المهور ب ٥٨ ح ٨.

(٢) الكافي ٦ : ١١٩ ، ٧ ، التهذيب ٨ : ١٤٧ ، ٥١١ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٢ ، ١٢٢١ ، الوسائل ٢١ : ٣٢٩ أبواب المهور ب ٥٨ ح ٩.

(٣) الكافي ٧ : ١٣٤ ، ٣ ، التهذيب ٩ : ٣٨٣ ، ١٣٦٩ ، الوسائل ٢٦ : ٢٢٣ أبواب ميراث الأزواج ب ١٣ ح ٢.

٣٤٨

زوجها ، وإن توفيت وهي في عدتها ولم تحرم عليه فإنه يرثها » (١).

وموثقته وهي قريبة منها أيضاً (٢).

وموثقة زرارة : عن الرجل يطلّق المرأة ، قال : « ترثه ويرثها ما دام له عليها رجعة » (٣).

وموثقة محمد : عن رجل طلّق امرأته تطليقة على طهر ، ثم توفي عنها وهي في عدتها ، قال : « ترثه وتعتد عدة المتوفى عنها زوجها ، وإن كانت قبل انقضاء العدة منه ورثها وورثته ، وإن قتل أو قتلت وهي في عدتها ورث كل واحد منهما من دية صاحبه » (٤). إلى غير ذلك.

ولا تعارض ذلك صحيحة الحلبي : عن الرجل يحضره الموت فيطلّق امرأته ، هل يجوز طلاقه؟ قال : « نعم ، وإن مات ورثته ، وإن ماتت لم يرثها » (٥).

لإطلاقها فيجب تقييدها بالطلاق البائن. ولا ينافيه الحكم بإرث الزوجة ؛ لما يأتي من أنّ الزوج إذا كان مريضاً وطلّق بائناً ترثه الزوجة ،

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٢١ ، ٦ ، التهذيب ٨ : ٧٩ ، ٢٦٩ ، الإستبصار ٣ : ٣٠٥ ، ١٠٨٧ ، الوسائل ٢٢ : ٢٥٠ أبواب العدد ب ٣٦ ح ٣ ، ٤.

(٢) التهذيب ٩ : ٣٨١ ، ١٣٦٢ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٣ ، ١٢٢٥ ، الوسائل ٢٦ : ٢٢٤ أبواب ميراث الأزواج ب ١٣ ح ٨.

(٣) الكافي ٧ : ١٣٤ ، ٢ ، التهذيب ٩ : ٣٨٣ ، ١٣٦٨ ، الإستبصار ٣ : ٣٠٨ ، ١٠٩٥ ، الوسائل ٢٦ : ٢٢٣ أبواب ميراث الأزواج ب ١٣ ح ٤.

(٤) التهذيب ٨ : ٨١ ، ٢٧٦ ، الوسائل ٢٦ : ٢٢٤ أبواب ميراث الأزواج ب ١٣ ح ٥. ولا يخفى أنّ فقرة : « وإن قتل .. » إلى آخر الرواية مذكورة في ذيل موثقة أُخرى لمحمد. راجع : التهذيب ٩ : ٣٨١ ، ١٣٦٣ ، الإستبصار ٤ : ١٩٤ ، ٧٣٠ ، الوسائل ٢٦ : ٢٢٥ أبواب ميراث الأزواج ب ١٣ ح ٩.

(٥) الكافي ٦ : ١٢٣ ، ١١ ، الفقيه ٣ : ٣٥٤ ، ١٦٩٥ ، التهذيب ٨ : ٧٩ ، ٢٦٨ ، الوسائل ٢٢ : ١٥١ أبواب أقسام الطلاق وأحكامه ب ٢٢ ح ٢.

٣٤٩

على أنه لولا ذلك أيضاً لم يضر ، لوجوب الحكم بشذوذها ، لمعارضتها للأخبار الصحاح المستفيضة المعاضدة بالإجماع.

وأما إذا كانت بائنة كغير المدخول بها واليائسة والمطلقة ثالثة والمختلعة والمباراة فلا توارث بينهما إجماعاً ؛ لمنطوق الصحيحة الأُولى ، ومفهوم الموثقة الثانية ، وصحيحة زرارة : « إذا طلّق الرجل امرأته توارثا ما كانت في العدة ، فإذا طلّقها التطليقة الثالثة فليس له عليها رجعة ، ولا ميراث بينهما » (١).

وحسنة عبد الأعلى مولى آل سام ، وفي آخرها : وقال أبو عبد الله عليه‌السلام في الرجل يطلّق امرأته طلاقاً لا يملك فيه الرجعة ، قال : « قد بانت منه بتطليقها ، ولا ميراث بينهما في العدة » (٢).

وصحيحة يزيد الكناسي : « لا ترث المختلعة والمخيرة والمباراة والمستأمرة في طلاقها ، هؤلاء لا يرثن من أزواجهن شيئاً في عدتهن ، لأن العصمة قد انقطعت فيما بينهن وبين أزواجهن من ساعتهن ، فلا رجعة لأزواجهن ، ولا ميراث بينهم » (٣) وغير ذلك من الأخبار.

وأما إطلاق التطليقة في الموثقة الأخيرة وغيرها من الأخبار فمقيدة بالرجعية ، لوجود المقيد.

وأما موثقة يحيى الأزرق : « المطلقة ثلاثاً ترث وتورث ما دامت في عدتها » (٤).

__________________

(١) الفقيه ٤ : ٢٢٨ ، ٧٢٣ ، الوسائل ٢٦ : ٢٢٥ أبواب ميراث الأزواج ب ١٣ ح ١٠.

(٢) التهذيب ٩ : ٣٨٤ ، ١٣٧٢ ، الوسائل ٢٦ : ٢٢٤ أبواب ميراث الأزواج ب ١٣ ح ٧.

(٣) التهذيب ٩ : ٣٨٤ ، ١٣٧١ ، الوسائل ٢٦ : ٢٢٤ أبواب ميراث الأزواج ب ١٣ ح ٦.

(٤) التهذيب ٨ : ٩٤ ، ٣٢٠ ، الإستبصار ٣ : ٢٩٠ ، ١٠٢٦ ، الوسائل ٢٢ : ١٥٦ أبواب أقسام الطّلاق وأحكامه ب ٢٢ ح ١٣.

٣٥٠

فحملها في التهذيبين على ما إذا وقعت الثلاث في مجلس واحد فتحسب بواحدة يملك معها الرجعة (١).

وهو حسن ، حيث اشتهر التطليق بهذا النحو بين العامة. ومع قطع النظر عنه فلا تعارض ما تقدم ، لأصحيته وأكثريته واعتضاده بالإجماع.

ثم إنّه استثني من عدم الإرث مع الطلاق البائن ما لو كان المطلّق مريضاً ، فإنها ترثه إلى سنة ولا يرثها هو ، ويأتي تحقيقه.

المسألة الثالثة : إذا كنّ الزوجات أكثر من واحدة فلا يزيد لهنّ من الربع عند عدم الولد ، والثمن معه‌ ، بل هنّ مشتركات في الربع أو الثمن يقتسمونه بالسوية بالإجماع ، والأخبار.

منها صحيحة علي بن مهزيار الآتية في المسألة الحادية عشرة (٢).

ومنها الرواية الآتية في المسألة الرابعة (٣).

ومنها رواية أبي عمر العبدي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وفيها : « ولا تزاد المرأة على الربع ولا تنقص من الثمن وإن كنّ أربعاً أو دون ذلك ، فهنّ فيه سواء » (٤).

وهذه الرواية مما شهد الفضل بأن هذا حديث صحيح على موافقة الكتاب (٥).

وقد يتأمل في دلالته من حيث إمكان إرجاع الضمير المجرور في‌

__________________

(١) التهذيب ٨ : ٩٤ ، الاستبصار ٣ : ٢٩١.

(٢) انظر ص : ٣٩٧.

(٣) انظر ص : ٣٥٠ و ٣٥١.

(٤) الفقيه ٤ : ١٨٨ ، ٦٥٧ ، التهذيب ٩ : ٢٤٩ ، ٩٦٤ ، الوسائل ٢٦ : ١٩٦ أبواب ميراث الأزواج ب ٢ ح ١ ؛ وفي الفقيه والتهذيب : أبو عمرو العبدي.

(٥) الفقيه ٤ : ١٨٩.

٣٥١

قوله : « فيه » إلى الحكم ، دون الربع أو الثمن ، وإرادة كل واحد منهن من قوله « فهن ».

ولا يخفى ما فيه ، فإنه موقوف على تقدير كل واحد ، وهو خلاف الأصل.

وقد يعلل أيضاً بأنه لو أُعطيت كل زوجة ذلك لاستغرق نصيبهن التركة على بعض الوجوه أو مع نصيب بعض الورثة كالأبوين ، فيلزم حرمان غيرهن أجمع ، أو بعضهم ، وهو خلاف الإجماع ، بل الأخبار الكثيرة ، منها ما دلّت على أنّ الأُم لا تنقص من السدس شيئاً.

المسألة الرابعة : إذا كان لرجل أربع نسوة فطلّق إحداهن بائنة وتزوج بالأُخرى‌ ، أو رجعية وتزوج بعد العدة ، ثم مات واشتبهت المطلّقة ، كان للأخيرة ربع الربع أو ربع الثمن ويقسم الباقي بين الأربعة بالسوية ، وفاقاً لغير الحلّي ، وهو قال : إنّ بعد وضع نصيب الأخيرة يقرع بين الأربع ، فمن أخرجتها القرعة بالطلاق مُنعت من الإرث ، وحكم بالنصيب للباقيات بالسوية (١).

لنا : رواية أبي بصير : « عن رجل تزوج أربع نسوة في عقد واحد أو قال : في مجلس واحد ومهورهنّ مختلفة ، قال : « جائز له ولهنّ » قال : أرأيت إن هو خرج إلى بعض البلدان فطلّق واحدة من الأربع وأشهد على طلاقها قوماً من أهل تلك البلاد ، وهم لا يعرفون المرأة ، ثم تزوج امرأة من أهل تلك البلاد بعد انقضاء عدّة تلك المطلقة ، ثم مات بعد ما دخل بها ،

__________________

(١) نُسب الخلاف إلى الحلّي في كشف الرموز ٢ : ٤٦٤ ، والتنقيح ٤ : ١٩٣ ، والدروس ٢ : ٣٦١ ، والروضة ٨ : ١٧٨. ولكن لم نعثر عليه في السرائر ، بل الظاهر أنه موافق للأصحاب كما ذكره في مفتاح الكرامة ٨ : ١٨٥ ، وأُنظر السرائر ٣ : ٣٠١.

٣٥٢

كيف يقسّم ميراثه؟ قال : « إن كان له ولد فإنّ للمرأة التي تزوجها أخيراً من أهل تلك البلاد ربع ثمن ما ترك ، وإن عرفت التي طلّقت من الأربع بعينها ونسبها فلا شي‌ء لها من الميراث ، وليس عليها العدة ، قال : ويقتسمن الثلاث نسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترك ، وعليهنّ العدة ، وإن لم تُعرف التي طلّقت من الأربع اقتسمن الأربع نسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترك بينهنّ جميعاً ، وعليهنّ جميعاً العدّة » (١).

وهذه الرواية مع صحتها على ما وصفها به الأكثر وإن كان فيه كلام لاحتمال اشتراك أبي بصير الراوي عن أبي جعفر عليه‌السلام بين الثقة وغير الثقة كما حققناه في موضعه معتضدة باشتهار الرواية بين العلماء وعملهم بمضمونها استناداً إليها ، بل بظاهر الإجماع.

احتجّ الحلي بأنّ القرعة لكل أمر مشتبه ، إما مطلقاً ، أو في الظاهر مع كونه معيَّناً عند الله ، والأمر هنا كذلك ، لأنّ المطلّقة غير وارثة في نفس الأمر.

وبأنّ الحكم بتوريث الجميع يستلزم توريث من يعلم عدم إرثه ، للعلم بأنّ إحدى الأربع غير وارثة.

والجواب عن الأول : بأنّ الاشتباه إنما كان لو لم يكن الدليل ، قوله : المطلّقة غير وارثة ، قلنا : المطلّقة المعيّنة دون المشتبهة.

وعن الثاني : بأنّ العلم بأنّ إحدى الأربع غير وارثة ممنوع ، بل كان ذلك لو لم تكن مشتبهة ، نعم هذا حسن على أصله حيث لا يعمل بالآحاد. هذا.

ثم إنّه هل يتعدى الحكم إلى غير المنصوص أيضاً كما لو كان للمطلِّق‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ١٣١ ، ١ ، التهذيب ٨ : ٩٣ ، ٣١٩ ، الوسائل ٢٦ : ٢١٧ أبواب ميراث الأزواج ب ٩ ح ١.

٣٥٣

دون أربع زوجات ، أو لم يتزوج أُخرى ، أو تزوج بأكثر من واحدة ، أو طلّق أكثر من واحدة ، أو حصل الاشتباه في جملة الخمس ، أو الأكثر ، أو اشتبهت المطلّقة في أقل من الأربع : أو فسخ نكاح واحدة لعيب أو غيره.

فيه وجهان : أحدهما : انسحاب الحكم السابق في جميع هذه الفروع ، والثاني : القرعة.

قوّى الأخير في المسالك ، ثم قال : والصلح خير (١).

وقال في الإيضاح : والأقوى عندي الصلح أو القرعة (٢).

وتوقف فيه جمع منهم الفاضل (٣) والشهيد (٤).

وهو في موقعه ؛ لأنّ استصحاب الحكم السابق لكل منهما يقتضي الأول ، ولا يضرهُ العلم بعدم زوجية الجميع كما في استصحاب الطهارة في كل من الأوان الأربع المشتبهة. وقولهم عليهم‌السلام : القرعة لكل أمر مشتبه ، يثبت الثاني. ويمكن منع الاشتباه لمكان الاستصحاب.

ومنه يظهر رجحان الأول ، إلاّ أنّ الاستصحاب إنما يجري فيما إذا لم تزد الزوجات التي يقسم المال بينهنّ عن الأربع ، وإلاّ فالحكم الجاري حينئذ غير الحكم السابق ، لنقص النصيب ، فالرجوع إلى القرعة حينئذ أولى. والأولى منها ، بل منهما : الصلح.

وقد يستدل للأول أيضاً بأنّ جميع هذه الفروع مشاركة للمنصوص في المقتضي ، وهو اشتباه المطلّقة بغيرها وتساوي الكل في الاستحقاق ،

__________________

(١) المسالك ٢ : ٣٣٢.

(٢) الإيضاح ٤ : ٢٤٠.

(٣) القواعد ٢ : ١٧٨.

(٤) الدروس ٢ : ٣٦١.

٣٥٤

فلا ترجيح بينها. وأنه لا خصوصية ظاهرة في قلّة المشتبه وكثرته ، فالنص على عين لا يفيد التخصيص بالحكم ، بل للتنبيه على مأخذ الحكم وإلحاق كل ما حصل فيه الاشتباه به.

وفيهما : أنّ مآلهما إلى قياس لا نقول به.

المسألة الخامسة : إذا زوّج الصبيةَ وليّها لبالغٍ ، أو الصبي وليّه لبالغةٍ ، أو الصبي والصبية وليّاهما‌ ، ورث كل منهما الآخر لو مات ، بلا خلاف ظاهر.

ويدلُّ على الجميع عمومات ميراث الزوج والزوجة. وعلى الأخير خصوص صحيحة محمد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : في الصبي يتزوج الصبية ، يتوارثان؟ قال : « إذا كان أبواهما اللذان زوجاهما فنعم » (١).

ومثلها رواية عبيد بن زرارة (٢).

وأما صحيحتا الحلبي (٣) والحذاء (٤) الدالتان على ثبوت الخيار للصغيرين اللذين زوجاهما ولياهما ، ونفيِ التوارث بينهما إن ماتا قبل البلوغ وعزلِ نصيب الحي إن مات أحدهما إلى أن يبلغ ويحلف.

فمتروكتان معارضتان بأقوى منهما من الأخبار النافية للخيار حينئذ (٥).

فإن قيل : بطلان الخيار لا يوجب بطلان نفي التوارث ، فإنّ فساد جزء من الحديث لا يوجب فساد الجزء الآخر.

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٣٨٨ ، ١٥٥٦ ، الوسائل ٢٠ : ٢٩٢ أبواب عقد النكاح ب ١٢ ح ١.

(٢) الكافي ٧ : ١٣٢ ، ٣ ، الفقيه ٤ : ٢٢٧ ، ٧٢٠ ، الوسائل ٢٢ : ٨٠ أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه ب ٣٣ ح ٢.

(٣) الفقيه ٤ : ٢٢٧ ، ٧٢٢ ، الوسائل ٢٦ : ٢٢٠ أبواب ميراث الأزواج ب ١١ ح ٤.

(٤) الكافي ٧ : ١٣١ ، ١ ، التهذيب ٧ : ٣٨٨ ، ١٥٥٥ ، الوسائل ٢٦ : ٢١٩ أبواب ميراث الأزواج ب ١١ ح ١.

(٥) انظر الوسائل ٢٠ : ٢٧٦ أبواب عقد النكاح ب ٦ ح ٣ و ٧.

٣٥٥

قلنا : نعم إذا لم يحتمل ترتب الحكم المستفاد من الجزء الثاني على الحكم المستفاد من الأول ، فإن علم ذلك أو احتمل يخرج الثاني أيضاً عن الحجيّة.

فإن قيل : الأصل عدم الترتب.

قلنا : ممنوع كما بينا في موضعه ، فإنّ الحكم معلول لعلة ، وهي كما يمكن أن تكون غير ذلك الجزء وحده يمكن أن تكون مع ذلك الجزء أو مجرد ذلك الجزء. مع أنّ الترتب فيما نحن فيه معلوم ؛ لتعليل نفي ميراث الزوج في الصحيحة بثبوت الخيار لهما.

على أنّهما لا تعارضان الأُوليين ؛ لموافقة الأُوليين لعموم الكتاب ، بل معاضدتهما لظاهر الإجماع وعموم الروايات.

هذا كله إذا سلّمنا أنّ المراد بالولي في صحيحة الحذاء هو الأب أو الجد ، وأمّا إذا قلنا بكونه غيره كما هو الظاهر كما يأتي فالأمر أسهل.

هذا إذا كان التزويج من كفو وبمهر المثل. ولو تخلّف أحدهما أو كلاهما فإن قلنا بصحة العقد وعدم الخيار فكذلك أيضاً بلا إشكال ، وكذا إن قلنا في صورة تخلّف مهر المثل بالخيار بين المسمى والرجوع إلى مهر المثل.

وإن قلنا بالبطلان فلا توارث بلا إشكال أيضاً.

وإن قلنا بالخيار في العقد فجعله في المسالك كالأول أيضاً ؛ لصدق الزوجية (١).

ولا ينافيه ثبوت الخيار ، كما لا ينافي ثبوته في الملكية ، سيما إذا لم يكن الخيار ثابتاً إلاّ بعد زمان. وعدم التوارث في العقد الفضولي لو ماتا‌

__________________

(١) المسالك ٢ : ٣٣٢.

٣٥٦

قبل البلوغ لا يوجب عدمه هنا ، لقيام الفارق ، فإنّ المقتضي التام للزوجية هاهنا متحقق والفسخ رافع له ، بخلاف الفضولي فإنّه لا يتم المقتضي إلاّ بعد الإجازة ، ولذا يحتاج انتفاء الزوجية هاهنا إلى أمر هو الفسخ ، ويحتاج ثبوتها في الفضولي إلى أمر هو الإجازة.

وهو كان حسناً لولا التعليل الآتي في صحيحة الحذاء لنفي التوارث بالخيار ، ولكنه ينفي التوريث عن ذي الخيار لا عن الجانبين ، فهو الأقوى ، كما هو الحكم لو قلنا بكونه حينئذ كالفضولي ، فإنّه لا ينتفي التوارث من الجانبين ، بل ينظر إلى من له الخيار والميت ، فيحكم بما يقتضيه.

ولو زوجهما غير الولي فضولاً ولم يكن لهما ولي يجيز العقد أو يردّه ، فلو مات أحدهما أو كلاهما قبل البلوغ بطل العقد ، ولا ميراث لشي‌ء منهما. ولو بلغ أحدهما وأجاز العقد ثم مات قبل بلوغ الآخر عزل للآخر نصيبه ، فإن مات أو ردّ بعد البلوغ لم يرث ، وإن أجاز حلف على عدم سببية الرغبة في الميراث أو المهر للإجازة وورث.

وتدل على الحكم صحيحة الحذاء : عن غلام وجارية زوجهما وليّان لهما وهما غير مدركين ، فقال : « النكاح جائز وأيهما أدرك كان له الخيار ، وإن ماتا قبل أن يدركا فلا ميراث بينهما ولا مهر ، إلاّ أن يكونا قد أدركا ورضيا » قلت : فإن أدرك أحدهما قبل الآخر؟ قال : « يجوز ذلك عليه إن هو رضي » قلت : فإن كان الرجل الذي أُدرك قبل الجارية ورضي بالنكاح ثم مات قبل أن تدرك الجارية. أترثه؟ قال : « نعم ، يعزل ميراثها منه حتى تدرك ، فتحلف بالله ما دعاها إلى أخذ الميراث إلاّ رضاها بالتزويج ، ثم يدفع إليها الميراث ونصف المهر » قلت : فإن ماتت الجارية ولم تكن أدركت ، أيرثها الزوج المدرك؟ قال : « لا ، لأنّ لها الخيار إذا أدركت » قلت‌

٣٥٧

فإن كان أبوها هو الذي زوجها قبل أن تدرك؟ قال : « يجوز عليها تزويج الأب ، ويجوز على الغلام ، والمهر على الأب للجارية » (١).

وجه الاستدلال أنّ المراد بالوليين غير الأب والجد من الوصي لأحدهما أو الحاكم أو مطلق الأقارب كما ورد كثيراً في الأخبار بقرينة قوله في آخر الحديث « فإن كان أبوها ». وأيضاً : لم تثبت الحقيقة الشرعية ولا العرفية العامة في الولي ، وإنما يحمل على الأب والجد بمعونة القرائن ، ولا قرينة هنا ، بل القرينة موجودة على خلافه.

ودلالتها على عدم التوارث إن ماتا معاً قبل البلوغ : بقوله « وإن ماتا .. ».

وعلى عدمه إن مات أحدهما : بقوله « إلاّ أن يكونا .. » وبقوله « فإن ماتت الجارية ».

وعلى الحلف والتوريث مع موت أحدهما بعد الإجازة وحياة الآخر إلى البلوغ : بقوله « فإن كان الرجل. ».

ثم إنّ هذه وإن كانت مخصوصة بما إذا مات الرجل بعد البلوغ والرضا ، إلاّ أنّ الأصحاب حملوها عليه أيضاً للاشتراك في العلة ، والأصل يقتضي انتفاء الحلف والتوريث ، إلاّ أنّ الظاهر عدم الخلاف فيه ، فتأمل.

وهل يثبت الحكم لو كان تزوّج بالغ بغير بالغة فضولاً أو زوّجه وليه بها ثم مات؟

فيه وجهان ، لعدم خصوصية ظاهرة لوقوع العقد من الطرفين فضولاً ، ورواية عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : قال في الرجل يزوّج ابنه‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ١٣١ ، ١ ، التهذيب ٧ : ٣٨٨ ، ١٥٥٥ ، الوسائل ٢٦ : ٢١٩ أبواب ميراث الأزواج ب ١١ ح ١.

٣٥٨

يتيمة في حجره وابنه مدرك واليتيمة غير مدركة قال : « نكاحه جائز على ابنه ، وإن مات عزل ميراثها منه حتى تدرك ، فإذا أدركت حلفت بالله ما دعاها إلى أخذ الميراث إلاّ رضاها بالنكاح ، ثم يدفع إليها الميراث ونصف المهر » قال : « وإن ماتت هي قبل أن تدرك وقبل أن يموت الزوج لم يرثها الزوج ، لأنّ لها الخيار عليه إذا أدركت ، ولا خيار له عليها » (١).

ثم إنّه فيما إذا وقع العقد فضولياً من الجانبين أو من أحدهما وقلنا باتحاد الحكم لو مات المجيز بعد الإجازة وقبل الحلف ، فالظاهر انتفاء الإرث ، لكونه موقوفاً على اليمين ولم يتحقق ، فيعمل بمقتضى الأصل ، وكذا لو نكل. ولو جنّ يعزل نصيبه إلى أن يُفيق فيحلف أو يموت أو حصل اليأس من إفاقته فيردّ إلى سائر الورثة.

وهل يكون حكم المجنونين حكم الصغيرين؟

قيل : الظاهر نعم. وهو غير متجه ، لأنه لا يثبت إلاّ بالقياس ، وهو باطل.

وهل ينسحب الحكم إلى البالغين إذا زوجهما الفضولي؟

الأقرب : لا ، والوجه ظاهر.

المسألة السادسة : اعلم أنه انعقد الإجماع من علمائنا إلاّ الإسكافي (٢) على حرمان الزوجة عن شي‌ء من ميراث الزوج في الجملة ، وعن نكت الإرشاد وشرح الشرائع للصيمري ادعاء الإجماع عليه (٣) ، وعن‌

__________________

(١) الفقيه ٤ : ٢٢٧ ، ٧٢١ ، الوسائل ٢١ : ٣٣٠ أبواب المهور ب ٥٨ ح ١٤.

(٢) حكاه عنه في المختلف : ٧٣٦.

(٣) حكاه عنهما في الرياض ٢ : ٣٦٤.

٣٥٩

الانتصار والسرائر والمسالك وظاهر الغنية (١) وغيرها (٢) أنه من متفردات الإمامية ، ولكن وقع الخلاف في ذلك في بعض المواضع.

ونحن نذكر أولاً الأخبار الواردة في هذا المقام ، ثم نتبعه بتفصيل المراد.

ونقول : الأخبار في هذا المضمار كثيرة جدّاً :

الأول : رواية محمد : « النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئاً » (٣).

والثاني : صحيحة زرارة : « إنّ المرأة لا ترث مما ترك زوجها من القرى والدور والسلاح والدواب شيئاً ، وترث من المال والفرش والثياب ومتاع البيت مما ترك ، ويقوّم النقض والأبواب والجذوع والقصب وتعطى حقها منه » (٤).

والثالث : موثقته وهي مثل الصحيحة إلاّ أنّه قال : « الرقيق » بدل « الفرش » ولم يذكر الأبواب (٥).

الرابع : رواية طربال وهي مثل الموثقة ، إلاّ أنّه قال « ويقوّم نقض الأجذاع والقصب والأبواب » (٦).

__________________

(١) الانتصار : ٣٠١ ، السرائر ٣ : ٢٥٨ ، المسالك ٢ : ٣٣٤ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٧.

(٢) انظر : كشف اللثام ٢ : ٣٠١ ، والرياض ٢ : ٣٦٤.

(٣) الكافي ٧ : ١٢٧ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٢٩٨ ، ١٠٦٦ ، الإستبصار ٤ : ١٥٢ ، ٥٧٢ ، الوسائل ٢٦ : ٢٠٧ أبواب ميراث الأزواج ب ٦ ح ٤.

(٤) الكافي ٧ : ١٢٧ ، ٢ ، التهذيب ٩ : ٢٩٨ ، ١٠٦٥ ، الإستبصار ٤ : ١٥١ ، ٥٧١ ، الوسائل ٢٦ : ٢٠٥ أبواب ميراث الأزواج ب ٦ ح ١.

(٥) التهذيب ٩ : ٢٩٩ ، ١٠٧٢ ، الإستبصار ٤ : ١٥٣ ، ٥٧٨ ، الوسائل ٢٦ : ٢١٠ أبواب ميراث الأزواج ب ٦ ح ١٢.

(٦) الفقيه ٤ : ٢٥٢ ، ٨١١ ، الوسائل ٢٦ : ٢١٠ أبواب ميراث الأزواج ب ٦ ح ١٢.

٣٦٠