مستند الشّيعة - ج ١٩

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٩

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-211-3
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤٨٢

المتقرّب بالأُم فلما مرّ في المسألة الثالثة (١) ، فيكون كلّ متقرّب بمنزلة قريبه.

المسألة الثامنة : إذا اجتمع النوعان من الجدّ أو الجدّة أو هما مع كلالة الأب‌ ، فللمتقرّب بالأُم الثلث بالسويّة مع التعدّد ، وللمتقرّب بالأب الثلثان بالتفاوت ، إجماعاً ؛ والوجه واضح.

المسألة التاسعة : إذا اجتمع النوعان مع الكلالتين‌ ، فللمتقرّب بالأُم الثلث ، وبالأب الثلثان ، بالإجماع ، والدليل ظاهر.

المسألة العاشرة : إذا اجتمع أحد الزوجين مع الجدودة والكلالتين فله نصيبه الأعلى ، والثلث للمتقرّب بالأُم من الجدودة والكلالة ، أو السدس إن لم يكن جدّ ولا جدّة ولم يتعدّد ، والباقي للمتقرّب بالأب ، ومع عدمه فالجميع للأوّل ، ومع عدمه فللثاني. وتفصيل الصور وأدلّة الكلّ بعد الإحاطة بما ذكرناه ظاهر جدّاً.

__________________

(١) راجع ص : ٢٩٢ و ٢٩٣.

٣٠١

البحث الرابع

في بيان ميراث الأجداد العليا‌

وفيه مسائل :

المسألة الأُولى : الأقرب من الأجداد يمنع الأبعد ؛ للإجماع ، ومنع الأقرب للأبعد ، وموثّقة محمّد المتقدّمة في المسألة الثالثة من البحث الثاني (١). فلو اجتمعت الأجداد العليا والدنيا والإخوة كان المقاسم للإخوة الأجداد الدنيا دون العليا.

المسألة الثانية : المصرّح به في كلماتهم أنّ الجدودة العليا مطلقاً ما لم يسلب عنه صدق النسبة عرفاً تقاسم الإخوة والأخوات مطلقاً (٢) ، ونفى بعضهم عنه الخلاف ظاهراً ونسبه إلى فتوى الأصحاب (٣) بل نُقل عليه الإجماع أيضاً (٤).

واستدلّوا عليه بإطلاق الأخبار الدالّة على تنزيل الجدّ منزلة الإخوة واقتسامهما التركة (٥).

وقد يخدش فيه بأنّ الإطلاق ينصرف إلى الفرد الشائع ، والشائع هو الجدّ الأدنى ؛ ولذا عدل بعضهم عن ذكر الإطلاق إلى العموم الثابت‌

__________________

(١) راجع ص : ٢٨٠.

(٢) انظر المبسوط ٤ : ١٠٩ ، والشرائع ٤ : ٢٨ ، والدروس ٢ : ٣٧١.

(٣) الرياض ٢ : ٣٥٨.

(٤) انظر الخلاف ٤ : ٩٠ ، ومفتاح الكرامة ٨ : ١٥٢.

(٥) كما في المسالك ٢ : ٣٢٨ ، والروضة ٨ : ١٣٧.

٣٠٢

للمفرد المعرّف ، أو بترك الاستفصال (١).

ولا يخفى أنّ عموم المفرد المعرّف أيضاً إطلاق ، وعدم الاستفصال حسن لولا التبادر المدّعى ، سيّما مع ما في القاموس : من أنّ الجدّ أبو الأب وأبو الام (٢).

إلاّ أنّ التبادر مطلقاً في حيّز المنع ، وكذا الشيوع الموجب للانصراف ، فالشمول أولى.

إلاّ أنّه مع تسليمه يكون معارضاً بعموم ما دلّ على منع الأقرب للأبعد ، ولا شك أنّ الأخ أقرب من جدّ الأب ، والجمع بينهما كما يمكن بتخصيص عموم الأقرب ، كذا يمكن بتخصيص عموم الجدّ ، ولا مرجّح لأحدهما. إلاّ أن يرجّح تخصيص عموم الأقرب بفتوى الأصحاب ، أو بمنع القرب ، فتأمل.

المسألة الثالثة : اعلم أنّ للإنسان أباً وأُمّاً ، وهما الواقعان في الدرجة الأُولى من درجات أُصوله ؛ ثمّ لكلّ منهما أب وأُمّ وهم الواقعون في الدرجة الثانية من درجات الأُصول والدرجة الاولى من درجات الأجداد والجدّات ، وهم أربعة حاصلة من ضرب الاثنين في مثلهما ؛ ثمّ الجدودة في الدرجة الثانية ثمانية ، لأنّ لكلّ من الأربعة أباً وأُمّاً فيضرب الاثنين في أربعة يحصل ثمانية ؛ وفي الدرجة الثالثة ستّة عشر ، وهكذا ، والنصف من كلّ درجة ذكور والنصف إناث.

وقد جرت عادة الفقهاء بالبحث عن الأجداد الثمانية الواقعة في الدرجة الثانية إذا اجتمعوا ، ونحن أيضاً نكتفي بهم.

__________________

(١) الرياض ٢ : ٣٥٨.

(٢) القاموس المحيط ١ : ٢٩١.

٣٠٣

ونقول : إذا اجتمعوا فلا خلاف بين الأصحاب كما اعترف به جماعة (١) في أنّ ثلثي التركة للأجداد الأربعة من قبل أب الميّت جدّي أبيه وجدتيه ، وثلثها للأربعة من قبل امّه ؛ لأنّ لكلّ نوع من ذوي الأرحام نصيب من يتقرّب به.

ولا خلاف أيضاً في أنّ ثلثي الأجداد الأربعة المتقرّبين بأب الميّت ينقسم أثلاثاً ، فثلثا الثلثين للجدّ والجدّة لأب الميّت من قبل أبيه وثلثهما للجدّ والجدّة لأبيه من قبل امّه.

والدليل عليه : أنّ لكلّ ذي رحم نصيب قريبه ، ونصيب أب أب الميّت أي جدّه لأبيه الثلثان ، فهما لمن يتقرّب به ، ونصيب أُمّ أبيه الثلث ، فهو لمن يتقرّب بها.

ولا خلاف أيضاً في أنّ ثلثي الثلثين الذين للجدّ والجدّة لأبيه من قبل أبيه ينقسم بينهما أثلاثاً ، فالثلثان للجدّ والثلث للجدّة ؛ وذلك للأصل الثابت من تفضيل الرجال على النساء ، ولكونهما قرابتي الأب المحض من غير توسّط أُم.

وإنّما الخلاف في ثلث الثلثين الذي هو للجدّ والجدّة لأب الميّت من قبل امّه ، وثلث التركة الذي هو للأجداد الأربعة لُامّ الميّت.

فذهب الشيخ وأكثر الأصحاب كما في المسالك والكفاية (٢) إلى أنّ ثلث الثلثين ينقسم بين الجدّ والجدّة لأب الميّت من قبل امّه بالتفاوت للذّكر مثل حظّ الأُنثيين ، وثلث التركة ينقسم بين الأجداد الأربعة لُامّ الميّت بالسويّة ، قالوا : وذلك التقسيم لأجل اعتبار النسبة إلى نفس‌

__________________

(١) انظر القواعد ٢ : ١٧٢ ، والمسالك ٢ : ٣٢٨ ، والرياض ٢ : ٣٥٦.

(٢) انظر : النهاية : ٦٤٨ ، والمسالك ٢ : ٣٢٨ ، وكفاية الأحكام : ٢٩٨.

٣٠٤

الميّت.

وفيه : أنّ هذا الاعتبار لو تمّ يقتضي اقتسام ثلثي التركة بين الأجداد الأربعة للأب للذّكر مثل حظّ الأُنثيين دون الاقتسام أثلاثاً ، فإنّه مقتضى اعتبار النسبة إلى جدّ الميّت.

وذهب الشيخ معين الدين المصري (١) إلى أنّ ثلث الثلثين بين الجدّ والجدّة لأب الميّت من قبل أُمّه بالسويّة ، لكونهما متقرّبين إلى الميّت بواسطة الامّ التي هي جدّته لأبيه ، وثلث التركة ينقسم بين الأجداد الأربعة للُامّ أثلاثاً ، فثلث الثلث لأبوي أُمّ الأُمّ بالسويّة ، وثلثاه لأبوي أبيها بالسويّة أيضاً ، قالوا : وذلك لأجل اعتبار النسبة في الجملة.

وفيه : أنّه لو تمّ لاقتضى اقتسام ثلثي الثلث بين أبوي أبيها للذّكر مثل حظّ الأُنثيين.

وقال الشيخ زين الدين محمد بن القاسم البرزهي (٢) : باقتسام ثلثي التركة بين الأجداد الأربعة لأب الميّت على النحو الذي ذكره الأكثر ، واقتسام الثلث الذي للأجداد الأربعة للُامّ أثلاثاً ، ثلثه لأبوي أُمّ الأُم بالسويّة ، وثلثاه لأبوي أبيها أثلاثاً.

وظاهر الشرائع التردد (٣).

ثمّ إنّهم صرّحوا بأنّه ليس هنا دليل يرجّح أحد الأقوال.

أقول : لا إشكال في تقسيم مجموع التركة بين الأجداد الثمانية أثلاثاً ، بأن يكون ثلثاها للأجداد الأربعة للأب ، وثلثها للأربعة للُام ؛ للإجماع ،

__________________

(١) حكاه عنه في المسالك ٢ : ٣٢٨.

(٢) حكاه عنه في المسالك ٢ : ٣٢٨.

(٣) الشرائع ٤ : ٢٨.

٣٠٥

وكون كلّ ذي رحم بمنزلة من يتقرّب به.

ثمّ الثلثان اللذان هما نصيب الأربعة للأب يلزم أن ينقسم بينهم أثلاثاً ، الثلثان لأبوي أب الأب ، والثلث لأبوي أُمّة ؛ لما مرّ بعينه ، فإنّ الأوّلين يتقرّبان بواسطة جدّ الميّت لأبيه ، والثانيين بواسطة جدّته [ لأبيه ] (١) وقد سبق أنّ الثلثين ينقسم بينهما أثلاثاً.

ثمّ ثلثا الثلثين ينقسم بين أبوي أب الأب للذّكر مثل حظّ الأُنثيين ؛ لأنّه مقتضى الأصلين المتقدّمين : من تفضيل الرجال على النساء ، وتقسيم قرابة الأب بالتفاوت. وثلث الثلثين ينقسم بين أبوي أُمّ الأب أيضاً كذلك ؛ لأوّل الأصلين.

وأمّا تقسيم قرابة الأُمّ بالسويّة فلا يفيد هنا ؛ لأنّ دليله إن كان الإجماع فهو في محلّ النزاع ممنوع ، وإن كان النصّ فوجود نصّ معتبر دالّ على عموم (٢) ذلك غير ثابت. ولو سلّم اعتبار ما ورد في ذلك فلا يفيد أيضاً ؛ لأنّ فيه لفظ قرابة الأُمّ ، والمتبادر منه قرابة أُمّ الميّت ، بل القواعد الأُصوليّة أيضاً لا تثبت من هذا اللفظ إلاّ ذلك ، كما لا يخفى على المتدبّر فيها.

وأمّا الثلث الذي هو نصيب الأربعة للُامّ يلزم أن ينقسم بينهم بالتناصف ، نصف الثلث لأبوي أب الأُم ونصفه لأبوي أُمّها ؛ لأنّ أب الأُم وأُمّها يقتسمان الثلث كذلك ، وكلّ قريب يرث نصيب من يتقرّب به.

ثم أبوا أب الأُمّ يقتسمان نصفهما للذّكر مثل حظّ الأُنثيين ؛ لما عرفت من تفضيل الرجال على النساء ، وعدم الدليل على التسوية. والإجماع على‌

__________________

(١) في جميع النسخ : لُامه ، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) كلمة عموم غير موجودة في « س ».

٣٠٦

تقسيم قرابة الأُم سويّة بحيث يشمل هنا أيضاً مع وجود النزاع ممنوع ، والنصّ المعتبر غير موجود.

وأبوا الام يقتسمان نصفهما سويّة إن ثبت الإجماع عليه بخصوص هذه المسألة ، أو على اقتسام نصيب المتقرّب بالأُم المحضة مطلقاً بالسويّة. ولكن لم يثبت الإجماع على شي‌ء منهما عندي ، فالعمل بمقتضى تفضيل الرجال على النساء أولى وأظهر.

ومن هنا ظهر أنّ الأظهر في تقسيم الثلثين بين الأجداد الأربعة للأب هو ما ذكره الشيخ والأكثر ، وفي تقسيم أصل الثلث بين الأربعة للُام هو القولان الآخران ، من انقسامه بينهم أثلاثاً ، وفي تقسيم ثلثي الثلث بين أبوي أب الأُمّ هو ما ذكره البرزهي ، وفي تقسيم ثلثه بين أبوي أُمّها هو التفاوت أيضاً.

ولا ضير في خروجه عن الأقوال الثلاثة ، لعدم ثبوت الإجماع المركّب. نعم لو ثبت الإجماع على التسوية في خصوص هذا الثلث للثلث لكان الأظهر هو قول البرزهي مطلقاً.

وليعلم أنّ المسألة تصحّ عن مائة وثمانية على قول الشيخ ، وعن أربعة وخمسين على قول المصري والبرزهي ، وعن سبعة وعشرين على ما ذكرنا.

ثمّ إنّ لاجتماع الأجداد الثمانية أو بعضهم مسائل أُخرى ، من وجود أحد الزوجين أو الكلالتين أو أولاد الكلالة ، وليس للتعرّض لذكرها كثير فائدة ، لندرة وقوعه.

٣٠٧

البحث الخامس

في ميراث أولاد الكلالة‌

وفي مسائل :

المسألة الاولى : لا يرث أولاد الأخ مع الأخ مطلقا بلا خلاف يعرف ، إلاّ ما نقل عن الفضل بن شاذان (١) : أنّه شرّك ابن الأخ من الأبوين مع الأخ من الام ، وابن ابن الأخ منهما مع ابن الأخ منها ، ونحو ذلك ، فجعل السدس للمتقرّب بالأُم والباقي للمتقرّب بالأبوين.

لنا بعد ظاهر الإجماع ـ : منع الأقرب للأبعد ، ولا شكّ أنّ الأخ وإن كان من أُمٍّ أقرب من ابن الأخ وإن كان من الأبوين لغة وعرفاً.

وقول الرضا عليه‌السلام في فقهه : « من ترك واحداً ممّن له سهم ينظر فإن كان من بقي في درجته ممّن سفل ، وهو أن يترك الرجل أخاه وابن أخيه فالأخ أولى من ابن أخيه » (٢).

وذكر في المسالك التعليل للفضل : بأنّه جعل الإخوة أصنافاً ، فاعتبر الأقرب من إخوة الام فالأقرب ، وكذلك إخوة الأبوين والأب ، ولم يعتبر قرب أحد الصنفين بالنسبة إلى الآخر ، كما لم يعتبر قرب الأخ بالنسبة إلى الجدّ الأعلى ، لتعدّد الصنف.

وردّ ذلك بما ذكره قبله : من أنّ المعتبر في جهات القرب وترجيح‌

__________________

(١) حكاه عنه في الفقيه ٤ : ٢٠٠.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٨٩ ، مستدرك الوسائل ١٧ : ١٨٠ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ٤ ح ٤.

٣٠٨

الأقرب على الأبعد بأصناف الوارث ، فالأولاد في المرتبة الأُولى صنف ، ذكوراً كانوا أم إناثاً ، فيمنع ابن البنت ابن ابن الابن ، وهكذا ، والإخوة صنف واحد ، سواء كانوا لأب وأُم أو لأحدهما أم متفرّقين ، كما أنّ الأجداد صنف واحد كذلك ، فالأقرب منهم إلى الميّت وإن كان جدّة لأُم يمنع الأبعد وإن كان جدّ الأب ، قال : وهذا هو المفهوم من تقديم الأقرب فالأقرب ، مضافاً إلى النصّ الصحيح (١).

أقول : مراده بالنص النص على أنّ المراد بالأقرب ذلك ، أي : هذا المعنى هو المفهوم من الأقرب ، مضافاً إلى دلالة النص الصحيح عليه ، ولكنّي لم أقف على ذلك النص.

ويمكن أن يكون نظره إلى الأخبار الصحيحة الدالّة على أنّ ابن الابن أو البنت أو بنت أحدهما يرث إذا لم يكن هناك ولد للصلب (٢) ، والولد شامل للذّكر والأُنثى ، فيدلّ على اعتبار الأقربيّة بالنسبة إلى ابن الابن والبنت أيضاً ، حيث إنّهما صنف واحد من الوارث ، مع أنّ مقتضى كلام الفضل عدم اعتبارها فيهما وجعلهما صنفين.

ويمكن أن يكون نظره أيضاً إلى صحيحة حماد بن عثمان : قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل ترك امّه وأخاه ، فقال : « يا شيخ تريد على الكتاب؟ » قال ، قلت : نعم ، قال : « كان علي عليه‌السلام يعطي المال الأقرب فالأقرب » قال ، قلت : فالأخ لا يرث شيئاً؟ قال : « قد أخبرتك أنّ عليّاً عليه‌السلام كان يعطي المال الأقرب فالأقرب » (٣).

__________________

(١) انظر المسالك ٢ : ٣٢٨.

(٢) الوسائل ٢٦ : ١١٠ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٧.

(٣) الكافي ٧ : ٩١ ، ٢ ، التهذيب ٩ : ٢٧٠ ، ٩٨١ ، الوسائل ٢٦ : ١٠٥ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٥ ح ٦.

٣٠٩

حيث جعل مطلق الأخ الشامل للأخ للأب أيضاً أبعد من الامّ.

ومكاتبة الصفار الصحيحة إلى أبي محمد عليه‌السلام وهي : أنّه كتب إليه : رجل مات وترك ابنة بنته وأخاه لأبيه وأُمّه ، لمن يكون الميراث؟ فوقّع عليه‌السلام في ذلك : « الميراث للأقرب » (١).

ولكن ليس شي‌ء من هذه الأخبار نصّاً ، على أنّ الأخيرين إنّما يدلاّن على اعتبار الأقربيّة والأبعدية في صنفين مختلفين.

فالأقرب كما صرّح به صاحب الكفاية : أنّ الأقرب لا يعتبر فيه صنف واحد أيضاً (٢) ، بل يجري في الأصناف المختلفة أيضاً كما هو مقتضى ( عموم ) (٣) قوله : « المال للأقرب » أيضاً.

ثمّ لا يخفى أنه لو كان الأمر كما ذكره في المسالك أي كان التعليل ما ذكر ، لزم على الفضل تشريك ابن الأخ من الام مع الأخ من الأبوين ، مع أنّه لا يقول به كما صرّح به بعضهم (٤) ، فالظاهر أنّه ليس تعليلاً له.

والمحقّق (٥) ، وجماعة (٦) نقلوا عنه التعليل بكثرة الأسباب ، وردّوه بأنّها إنّما تؤثر مع تساوي الدرجة وهي هنا متفاوتة ، لأنّ الأخ أقرب درجة من ابن الأخ مطلقاً.

__________________

(١) الفقيه ٤ : ١٩٦ ، ٦٧٣ ، التهذيب ٩ : ٣١٧ ، ١١٤٠ ، الإستبصار ٤ : ١٦٧ ، ٦٣٢ ، الوسائل ٢٦ : ١١٤ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٨ ح ١.

(٢) كفاية الأحكام : ٢٩٩.

(٣) ليست في « س ».

(٤) انظر كشف اللثام ٢ : ٢٩٣.

(٥) الشرائع ٤ : ٢٩.

(٦) منهم العلاّمة في التحرير ٢ : ١٦٦ ، والقواعد ٢ : ١٧٢ ، الشهيد الثاني في الروضة ٨ : ١٣٩.

٣١٠

والظاهر من كلام الفضل أنّ حكمه ليس لهذا التعليل أيضاً ؛ لأنّه فرّق بين الأخ للُامّ والأخ للأب فقط ، فحكم بتقدّمه على ابن الأخ للأبوين ، مع أنّه مجمع للسببين.

المسألة الثانية : أولاد الإخوة والأخوات وإن نزلوا يقومون مقام آبائهم في الإرث‌ ، فلو خلّف الميّت أولاد أخ لأُم أو أُخت لها خاصّة ، كان المال كلّه لهم بالسويّة ، السدس بالفرض والباقي بالردّ ، من غير فرق بين الذكر والأُنثى.

وإن تعدّد من تقرّبوا به من الإخوة للُامّ أو الأخوات أو الجميع ، كان لكلّ فريق من الأولاد نصيب من يتقرّب به ، فلو كان أولاد الإخوة للُام ثلاثة ، واحد منهم ولد أخ والآخران ولد آخر فنصف المال لولد الأخ ، السدس فرضاً والباقي ردّاً ، والنصف الآخر لولدي الأخ كذلك. وكذلك لو كان أحدهم من أُخت والآخران من أخ. وكذلك لو كان بنت أُخت للأُم وابنا أخ لها ، فللبنت النصف وللابنين النصف.

ولو خلّف أولاد أخٍ لأب وأُمّ أو لأب مع عدمهم ، كان المال كلّه لهم بالسويّة مع الاتفاق ، وللذّكر ضعف الأُنثى مع الاختلاف. وإن كانوا أولاد أُخت للأبوين أو الأب ، كان النصف لهم بالفرض والباقي بالردّ مع عدم غيرهم ، يقتسمونه بالسويّة مع الاتفاق ، وبالاختلاف مع الاختلاف. وإن كانوا أولاد أُختين فصاعداً كذلك ، كان الثلثان لهم بالفرض والثلث بالردّ مع عدم غيرهم ، يقتسمونه بالسوية أو الاختلاف.

ولو اجتمع أولاد الأُخت للأبوين أو الأب مع أولاد الأخ أو الأُخت أو الإخوة أو الأخوات للُام ، فللأول النصف فرضاً وللثاني السدس مع وحدة من يتقرّبون به والثلث مع التعدّد ، ويردّ الباقي على الأول أو‌

٣١١

عليهما على الخلاف السابق (١).

ولو اجتمعت أولاد الكلالات الثلاث سقطت أولاد من يتقرّب بالأب ، وكان لأولاد من يتقرّب بالأُم السدس مع وحدة من يتقرّب به والثلث مع التعدد ، ولأولاد من يتقرّب بالأب [ والأُم ] (٢) الباقي مع كون من يتقرّب بهما ذكراً أو ذكراً وأُنثى ، والنصف أو الثلثان بالفرض إن كان أُنثى أو إناثاً ، ويردّ الباقي عليهم أو عليهما على الاختلاف المتقدّم.

ولو دخل في هذه الفروض أحد الزوجين كان له النصيب الأعلى وينقسم الباقي كما مرّ.

والدليل على ذلك كلّه الإجماع ، وعموم الأخبار المصرّحة بأنّ كلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجر به.

ويدلّ على المطلوب أيضاً في الجملة موثّقة محمد : عن ابن أُخت لأب وابن أُخت لُام ، قال : « لابن الأُخت من الام السدس ، ولابن الأُخت من الأب الباقي » (٣).

وروايته : عن ابن أخ لأب وابن أخ لأُم ، قال : « لابن أخ من الام السدس ، وما بقي فلابن الأخ من الأب » (٤).

وأمّا روايته : بنات أخ وابن أخ ، قال : « المال لابن الأخ » الحديث (٥).

__________________

(١) راجع ص : ٢٧١.

(٢) أضفناه لتصحيح المتن.

(٣) التهذيب ٩ : ٣٢٢ ، ١١٥٧ ، الإستبصار ٤ : ١٦٨ ، ٦٣٧ ، الوسائل ٢٦ : ١٧٠ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ٧ ح ١.

(٤) التهذيب ٩ : ٣٢٢ ، ١١٥٨ ، الإستبصار ٤ : ١٦٩ ، ٦٣٨ ، الوسائل ٢٦ : ١٧١ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ٧ ح ٢.

(٥) التهذيب ٩ : ٣٢٣ ، ١١٥٩ ، الإستبصار ٤ : ١٦٩ ، ٦٣٩ ، الوسائل ٢٦ : ١٧١ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ٧ ح ٣.

٣١٢

فلا تصلح للمعارضة ؛ لضعفها بالشذوذ ، وحملها في التهذيبين تارة على التقيّة ، وأُخرى على ما إذا كان بنات الأخ للأب وابن الأخ للأبوين (١).

المسألة الثالثة : أولاد الإخوة والأخوات يقومون مقام آبائهم عند عدمهم في مقاسمة الأجداد والجدّات‌ ، بلا خلاف يعرف ، ونقل عليه الإجماع في الانتصار والسرائر والغنية وكنز العرفان (٢).

وتدلّ عليه أيضاً الصحيحتان المصرّحتان بأنّ بنت الأُخت بمنزلة الأُخت وابن الأخ بمنزلة الأخ (٣).

وخصوص صحيحة محمد : نشر أبو عبد الله عليه‌السلام صحيفة فأول ما تلقاني فيها : « ابن أخ وجدّ ، المال بينهما نصفان » فقلت : جعلت فداك إنّ القضاة عندنا لا يقضون لابن الأخ مع الجدّ بشي‌ء ، فقال : « إنّ هذا الكتاب خط علي عليه‌السلام وإملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٤).

وصحيحته : قال : نظرت إلى صحيفة ينظر فيها أبو جعفر عليه‌السلام ، قال : فقرأت فيها مكتوباً : « ابن أخ وجدّ ، المال بينهما سواء » فقلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إنّ مَن عندنا لا يقضون بهذا القضاء ، ولا يجعلون لابن الأخ مع الجدّ شيئاً ، فقال أبو جعفر عليه‌السلام : « أما إنه إملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخط علي عليه‌السلام » (٥).

__________________

(١) التهذيب ٩ : ٣٢٣ ، الإستبصار ٤ : ١٦٩.

(٢) الإنتصار : ٣٠٢ ، السرائر ٣ : ٢٦٠ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٧ ، كنز العرفان ٢ : ٣٣٤.

(٣) لم نعثر عليهما ، نعم في صحيحة الخزّاز : « بنت الأخ بمنزلة الأخ ». انظر : الوسائل ٢٦ : ١٦٢ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ٥ ح ٩.

(٤) الكافي ٧ : ١١٢ ، ١ ، الوسائل ٢٦ : ١٥٩ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ٥ ح ١.

(٥) الكافي ٧ : ١١٣ ، ٥ ، التهذيب ٩ : ٣٠٨ ، ١١٠٤ ، الوسائل ٢٦ : ١٦٠ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ٥ ح ٥ ، بتفاوت يسير.

٣١٣

ورواية القاسم بن سليمان : « إنّ عليّاً عليه‌السلام كان يورث ابن الأخ مع الجدّ ميراث أبيه » (١).

وصحيحة محمد عن أبي جعفر عليه‌السلام : « قال : حدثني جابر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يكن يكذب جابر ـ : إنّ ابن الأخ يقاسم الجد » (٢).

ومرسلة سعد بن أبي خلف الصحيحة عن السرّاد المجمع على تصحيح ما يصح عنه : في بنات أُخت وجدّ ، قال : « لبنات الأُخت الثلث وما بقي فللجدّ » فأقام بنات الأُخت مقام الأُخت وجعل الجدّ بمنزلة الأخ (٣). إلى غير ذلك.

وبهذه الأخبار وإن ثبت حكم أكثر الصور ، ولكن تبقى صور لا بدّ في إثبات الحكم فيها بالتمسّك بالصحيحتين المتقدّمتين (٤) والإجماع المركب.

وقد يستدلّ أيضاً في جميع هذه الصور بعمومات كلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به ، إلاّ أن يكون وارث أقرب منه.

وفي دلالتها نظر ؛ لمكان الاستثناء ، فإنّ الظاهر أنّ الجدّ أقرب من ابن الأخ.

ثمّ إنّهم قد صرّحوا باطّراد الحكم في الأجداد وإن علوا ، وأولاد الإخوة‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ١١٣ ، ٢ ، التهذيب ٩ : ٣٠٩ ، ١١٠٥ ، الوسائل ٢٦ : ١٦٠ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ٥ ح ٢.

(٢) الكافي ٧ : ١١٣ ، ٣ ، التهذيب ٩ : ٣٠٩ ، ١١٠٦ ، الوسائل ٢٦ : ١٦٠ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ٥ ح ٣.

(٣) الكافي ٧ : ١١٣ ، ٧ ، الفقيه ٤ : ٢٠٧ ، ٧٠٢ وفيه صدر الحديث ، التهذيب ٩ : ٣٠٩ ، ١١٠٩ ، الوسائل ٢٦ : ١٦١ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ٥ ح ٧.

(٤) راجع ص : ٣١١ الهامش (٣).

٣١٤

وإن نزلوا ، واستدلّوا عليه بالأدلّة المتقدّمة.

وفي دلالتها نظر ظاهر : أمّا الأخبار المتقدّمة فلأنّ الحكم فيها إنّما هو للجدّ وابن الأخ وبنت الأُخت ، وصدقها على الأجداد العليا وأولاد أولاد الأخ والأُخت لغة أو عرفاً أو شرعاً غير معلوم ، كما مرّ مراراً. وأمّا عمومات المنزلة فلما عرفت آنفاً. فلا بدّ في إثبات الحكم فيها من التمسّك بالإجماع البسيط أو المركّب.

نعم قد يمكن التمسّك بالعمومات المذكورة إذا كان علو الجدّ ونزول الأخ بحيث لم يكن لأحدهما أقربيّة بالنسبة إلى الآخر ، وحينئذ يمكن تعميم الحكم بإجماع مركّب آخر أيضاً ، وبالجملة المناط فيه كأكثر أحكام الإرث أحد الإجماعين البسيط والمركّب.

٣١٥

الفصل الثالث

في ميراث الأعمام والأخوال‌

ونقدّم أوّلاً ذكر شطر من الأخبار الواردة في حكمهم ، وهي كثيرة :

منها : صحيحة الكناسي وفيها : « وابن أخيك من أبيك أولى بك من عمّك » قال : « وعمّك أخو أبيك من أبيه وأُمّه أولى بك من عمّك أخي أبيك من أبيه » قال : « وعمّك أخو أبيك لأبيه أولى بك من عمّك أخي أبيك لأُمّه » قال : « وابن عمّك أخي أبيك من أبيه وأُمّه أولى بك من ابن عمّك أخي أبيك لأبيه » قال : « وابن عمّك أخي أبيك من أبيه أولى بك من ابن عمّك أخي أبيك لأُمّه » (١).

ومنها : صحيحة أبي بصير : قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن شي‌ء من الفرائض قال لي : « إلا أخرج لك كتاب علي عليه‌السلام؟ » فقلت : كتاب عليّ لم يدرس؟! فقال : « يا أبا محمد إنّ كتاب عليّ عليه‌السلام لا يدرس » فأخرجه فإذا كتاب جليل ، وإذا فيه : « رجل مات وترك عمه وخاله » قال : « للعمّ الثلثان وللخال الثلث » (٢).

ومنها : صحيحة الخزّاز عنه عليه‌السلام : قال : « إنّ في كتاب علي عليه‌السلام العمّة بمنزلة الأب ، والخالة بمنزلة الأُم ، وبنت الأخ بمنزلة الأخ ، وكلّ ذي‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ٧٦ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٢٦٨ ، ٩٧٤ بتفاوت يسير ، الوسائل ٢٦ : ١٩٠ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٤ ح ١.

(٢) الكافي ٧ : ١١٩ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٣٢٤ ، ١١٦٢ ، الوسائل ٢٦ : ١٨٦ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٢ ح ١.

٣١٦

رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به ، إلاّ أن يكون وارث أقرب إلى الميّت منه » (١).

ومنها : صحيحة سليمان بن خالد المتقدّمة (٢).

ومنها : صحيحة محمد : عن الرجل يموت ويترك خاله وخالته وعمه وعمته وابنته وأُخته فقال : « كلّ هؤلاء يرثون ويحوزون ، فإذا اجتمعت العمة والخالة فللعمة الثلثان وللخالة الثلث » (٣).

ومثلها مرسلة أبي المعزى (٤) وصحيحة أبي بصير (٥) ورواية أبي مريم (٦).

ومنها : رواية سلمة بن محرز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : قال في عمّة وعمّ قال : « للعم الثلثان ، وللعمة الثلث » وقال في ابن عم وخالة قال : « المال للخالة » وقال في ابن عم وخال قال : « المال للخال » وقال في ابن عمّ وابن خالة قال : « للذكر مثل حظّ الأُنثيين » (٧).

ومنها : روايتا الحسن بن عمارة والحارث ، المتقدمتان في مسألة‌

__________________

(١) التهذيب ٩ : ٣٢٥ ، ١١٧٠ ، الوسائل ٢٦ : ١٨٨ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٢ ح ٦.

(٢) في ص : ٢٩١.

(٣) الكافي ٧ : ١٢٠ ، ٦ ، التهذيب ٩ : ٣٢٤ ، ١١٦٥ ، الوسائل ٢٦ : ١٨٧ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٢ ح ٤.

(٤) الكافي ٧ : ١٢٠ ، ٨ ، التهذيب ٩ : ٣٢٥ ، ١١٦٦ ، الوسائل ٢٦ : ١٨٨ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٢ ح ٥.

(٥) الكافي ٧ : ١١٩ ، ٥ ، التهذيب ٩ : ٣٢٤ ، ١١٦٤ ، الوسائل ٢٦ : ١٨٧ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٢ ح ٣.

(٦) الكافي ٧ : ١١٩ ، ٤ ، التهذيب ٩ : ٣٢٤ ، ١١٦٣ ، الوسائل ٢٦ : ١٨٧ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٢ ح ٢.

(٧) التهذيب ٩ : ٣٢٨ ، ١١٧٩ ، الإستبصار ٤ : ١٧١ ، ٦٤٥ ، الوسائل ٢٦ : ١٩٣ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٥ ح ٤.

٣١٧

اجتماع الإخوة المتفرقين (١).

ومنها : قول الرضا عليه‌السلام في فقهه : « فإن ترك خالاً وخالة وعماً وعمة ، فللخال والخالة الثلث بينهما بالسوية ، وما بقي فللعم والعمة ، للذكر مثل حظّ الأُنثيين » (٢).

وأيضاً قال : « وكذلك إذا ترك عمه وابن خاله فالعم أولى ، وكذلك خالاً وابن عم فالخال أولى ، لأنّ ابن العم قد نزل ببطن ، إلاّ أن يترك عمّاً لأب وابن عمّ لأب وأُم فإنّ الميراث لابن العمّ للأب والأُم ، لأنّ ابن العمّ جمع الكلالتين كلالة الأب وكلالة الام ، فعلى هذا يكون الميراث له » (٣).

وفيه أبحاث‌ :

__________________

(١) راجع ص : ٢٦٦.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٨٩ ، مستدرك الوسائل ١٧ : ١٩٠ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٢ ح ٤.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٨٩ ، مستدرك الوسائل ١٧ : ١٩٢ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٥ ح ١.

٣١٨

البحث الأوّل

في ميراث الأعمام والعمّات‌

وفيه مسائل :

المسألة الاولى : لا يرث العمّ مع واحد من الإخوة وأولادهم والأجداد وآبائهم بالإجماع. ومخالفة يونس (١) في تشريك العمّ مع ابن الأخ غير قادح فيه ، مع أنّه مردود بقوله في صحيحة الكناسي : « وابن أخيك من أبيك أولى بك من عمك » (٢).

وقد يردّ أيضاً بحديث الأقربية (٣). وفيه نظر.

المسألة الثانية : إذا انفرد العم كان المال كله له ، وكذا العمة. وإذا تعدد العمّ أو العمّة كان المال كله لهم بالسوية ، إذا كانوا لأب أو لُام أو لهما ؛ كلّ ذلك بالإجماع ، وصحيحة محمد ، وكون العم والعمة بمنزلة الأب.

المسألة الثالثة : لو اجتمع العم والعمة أو العمومة والعمّات من نوع واحد كان المال لهم ، يقتسمونه للذكر ضعف الأُنثى إن كانوا جميعاً من الأبوين أو الأب ؛ للإجماع المحقّق ، وما مرّ من قاعدة تفضيل الرجال على النساء ورواية سلمة ، وفقه الرضا عليه‌السلام.

وكذلك إذا كانوا جميعاً لُام ، وفاقاً للفضل والمفيد والصدوق والنهاية‌

__________________

(١) حكاه عنه في الكافي ٧ : ١٢١.

(٢) الكافي ٧ : ٧٦ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٢٦٨ ، ٩٧٤ ، الوسائل ٢٦ : ١٨٢ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ١٣ ح ١ ، وص ١٩٠ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٤ ح ١.

(٣) كما في الرياض ٢ : ٣٥٩.

٣١٩

والشرائع والنافع والغنية مدعياً عليه إجماع الإماميّة (١).

وخلافاً للفاضل والشهيدين (٢) ، وبعض آخر (٣) ، فقالوا باقتسامهم بالسوية ، وقال في الكفاية : لا أعرف فيه خلافاً (٤).

لنا : قاعدة التفضيل ، والروايتان ، ومرسلة المجمع المتقدّمة (٥) المعتضدة بشهرة القدماء.

احتجّ بعض المخالفين باقتضاء شركة المتعدّدين في شي‌ء تسويتهم ، خرج ما خرج بالدليل ، فيبقى الباقي (٦).

وفيه : منع الاقتضاء المذكور كما مرّ غير مرّة. ولو سلّمناه فإنّما هو إذا أُطلق لفظ الشركة دون ما إذا علم الاشتراك من غير تصريح بلفظه. ولو سلّمناه فإنّما هو إذا لم يكن هناك دليل على التفضيل ، وقد ذكرناه.

وتخصيص العمّ والعمّة في الروايتين بالعمّ والعمّة للأبوين تخصيص بلا مخصص. وتقييد إطلاق الجدّ في أحاديث اجتماعه مع الإخوة بما إذا كان للأب بدليل لا يرجّح احتمال التخصيص هنا أصلاً.

المسألة الرابعة : إذا اجتمع المتفرّقون من الأعمام أو العمّات أو منهما فيسقط المتقرّب بالأب مع وجود المتقرّب بالأبوين ؛ لخصوص‌

__________________

(١) حكاه عن الفضل في الكافي ٧ : ١٢٠ ، المفيد في المقنعة : ٦٩٢ ، الصدوق في المقنع : ١٧٥ ، النهاية : ٦٥٣ ، الشرائع ٤ : ٣٠ ، النافع : ٢٧٠ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٧.

(٢) الفاضل في التحرير ٢ : ١٦٦ ، الشهيدان في الدروس ٢ : ٣٧٢ ، واللمعة والروضة ٨ : ١٥٣.

(٣) انظر الرياض ٢ : ٣٥٩.

(٤) الكفاية : ٣٠٠.

(٥) في ص : ٢٦٢.

(٦) انظر الرياض ٢ : ٣٥٩.

٣٢٠