مستند الشّيعة - ج ١٩

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٩

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-211-3
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤٨٢

يأتي ، والمروي في تفسير علي الآتي.

وإذا كانوا متعدّدين كان لهم المال بالسوية. أما الأول فللإجماع ، والأقربية ، والأحقية ، ولأنه لما كان المال كله للواحد فالتعدّد أولى بذلك. وأما الثاني فللإجماع.

ولو كانت معه أو معهم أُخت أو أخوات من الأبوين فالمال كله للكل ، للذكر مثل حظّ الأنثيين ؛ للإجماع ، وقوله سبحانه ( وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) (١).

وإطلاق الإخوة مقيّد بما ذكرنا ، بالأخبار ، كما يأتي ، وصحيحة بكير وفيها : قال « وقال في آخر سورة النساء ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ ) يعني أُختاً لأُمّ وأب أو أُختاً لأب ( فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ ) .. ( وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) فهم الذين يزادون وينقصون » الحديث (٢).

وقريبة منها صحيحة محمد (٣).

ولو انفردت أُخت لأب وأُم كان لها النصف فرضاً والباقي ردّاً.

أما الأول : فللإجماع ، وقوله تعالى ( إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ ) (٤).

__________________

(١) النساء : ١٧٦.

(٢) الكافي ٧ : ١٠١ ، ٣ ، الفقيه ٤ : ٢٠٢ ، ٦٧٦ ، التهذيب ٩ : ٢٩٠ ، ١٠٤٥ ، الوسائل ٢٦ : ١٥٤ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ٣ ح ٢.

(٣) الكافي ٧ : ١٠٣ ، ٥ ، الوسائل ٢٦ : ١٥٥ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٣ ذيل الحديث ٣.

(٤) النساء : ١٧٦.

٢٦١

وإطلاق الأُخت مقيّد بما ذكر بالنسبة ، كما مرّ.

وأمّا الثاني : فللإجماع ومنع الأقرب للأبعد ، وأحقيّة السابق ، ورواية سليمان بن خالد المتقدمة : « إذا كان وارث ممن له فريضة فهو أحقّ بالمال » (١).

وقول الباقر عليه‌السلام في رواية بكير المتقدمة مكرراً « لأنّ الله قد سمّى لهم ».

وخصوص ما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أُذينة ، عن بكير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : قال : « إذا مات الرجل وله أُخت تأخذ نصف الميراث بالآية كما تأخذ الابنة لو كانت ، والنصف الباقي يردّ عليها بالرحم ، إذا لم يكن للميّت وارث أقرب منها ، فإن كان موضع الأُخت أخ أخذ الميراث كله بالآية ، لقول الله ( وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ ) فإن كانتا اختين أخذتا الثلثين بالآية والثلث الباقي بالرحم » الحديث (٢).

ولو كانوا أُختين أو أخوات من الأبوين كان لهما أو لهنّ الثلثان والباقي يردّ عليهما أو عليهنّ. أما الأول فبعد الإجماع لقوله تعالى ( فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمّا تَرَكَ ) (٣) وأما الثاني فلما مر.

المسألة الرابعة : إذا انفرد الأخ أو الأُخت للأُم كان له أو لها المال ، السدس بالفرض ، والباقي بالرد ، بالإجماع فيهما.

__________________

(١) التهذيب ٩ : ٣٢٦ ، ١١٧١ ، ٢٦ : ١٨٨ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٢ ح ٧ ، وقد تقدم صدر الحديث في ص ١٨٩.

(٢) تفسير القمي ١ : ١٥٩ ، الوسائل ٢٦ : ١٥٣ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ٢ ح ٥.

(٣) النساء : ١٧٦.

٢٦٢

ويدلُّ على الأول قوله تعالى ( وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ) (١).

ويدلُّ على أنّ المراد بالأخ والأُخت في الآية ما كان من الأُم خاصة ـ بعد الإجماع أخبار كثيرة ، منها صحيحة محمد ، وفيها : « والذي عنى الله في قوله ( وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ ) إنّما عنى بذلك الإخوة والأخوات من الأُم خاصة » (٢).

وعلى الثاني ما مر في الرد على الأُخت والأُختين للأبوين.

ويدلُّ على أنّ الأخ للأُم يجمع المال كلّه مضافاً إلى ما مرّ صحيحة ابن سنان : عن رجل ترك أخاه لأُمّه لم يترك وارثاً غيره ، قال : « المال له » (٣).

ولو كان المتقرّب بالأُم متعدداً سواء كانوا اثنين أو أكثر ، ذكوراً أو إناثاً ، أو ذكوراً وإناثاً ، كان المال لهما أو لهم ، الثلث بالفرض ، والباقي بالردّ ، بالإجماع.

ويدلّ على الأول قوله تعالى ( فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ ) (٤).

وعلى الثاني ما سبق.

__________________

(١) النساء : ١٢.

(٢) الكافي ٧ : ١٠٣ ، ٥ ، الوسائل ٢٦ : ١٥٥ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٣ ذيل الحديث ٣.

(٣) الكافي ٧ : ١١١ ، ١ ، الفقيه ٤ : ٢٠٦ ، ٦٨٨ ، التهذيب ٩ : ٣٠٧ ، ١٠٩٦ ، الإستبصار ٤ : ١٥٩ ، ٦٠٠ ، الوسائل ٢٦ : ١٧٢ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٨ ح ١.

(٤) النساء : ١٢.

٢٦٣

ويقتسمون المال بالسوية ، سواء كانوا ذكوراً أم إناثاً ، أم ذكوراً وإناثاً ، بالإجماع القطعي ، ونقله جمع كثير أيضاً ، منهم الكليني في الكافي (١) ، وصاحب مجمع البيان ، قال : ولا خلاف بين الأُمة في أنّ الإخوة والأخوات من قبل الام متساوون في الميراث (٢).

وهو الحجة في ذلك ، مضافاً إلى ما رواه مسمع : عن رجل مات وترك إخوة وأخوات لُام وجداً ، فقال : « الجد بمنزلة الأخ من الأب ، له الثلثان ، وللإخوة والأخوات من الام الثلث ، فهم فيه شركاء سواء » (٣).

وقول الرضا عليه‌السلام في فقهه : « فإن ترك أُختين أو أخوين أو أخاً أو أُختاً لأُم أو أكثر من ذلك وجدّاً ، فللإخوة والأخوات من الام الثلث بينهم بالسوية ، وما بقي فللجدّ » (٤).

والمرسلة المروية في المجمع ، وفيها : « ومتى اجتمع قرابة الأب مع قرابة الأُم مع استوائهم في الدرج كان لقرابة الأُم الثلث بينهم بالسوية ، والباقي لقرابة الأب للذكر مثل حظّ الأُنثيين » (٥).

وصحيحة محمد الآتية في المسألة الحادية عشرة (٦).

إلاّ أنّ هذه الروايات وإن كان بعضها مختصاً بصورة وجود الجد‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ١١١.

(٢) مجمع البيان ٢ : ١٧.

(٣) الكافي ٧ : ١١١ ، ٣ ، التهذيب ٩ : ٣٠٧ ، ١٠٩٨ ، الإستبصار ٤ : ١٥٩ ، ٦٠٢ ، الوسائل ٢٦ : ١٧٣ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ٨ ح ٤.

(٤) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٨٩ ، مستدرك الوسائل ١٧ : ١٨٢ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٧ ح ٣.

(٥) مجمع البيان ٢ : ١٨ ، الوسائل ٢٦ : ٦٥ أبواب موجبات الإرث ب ١ ح ٥.

(٦) انظر ص : ٢٧٦.

٢٦٤

وبعضها بصورة وجود قرابة الأب إلاّ أنّ بالإجماع المركب يتم المطلوب.

وقد يستدل للتعميم بعدم مدخلية وجودهم في التسوية بين الإخوة. وقد تنفى المدخلية بأصالة عدمها.

وفيه : أنّ للتسوية علة لا محالة ، فيحتمل أن تكون هي التقرب بالأُم أو وجود الجدّ أو غيرهما ، وكما أنّ الأصل يجري في وجود الجد وقرابة الأب يجري في غيره أيضاً.

وتدلّ على ذلك أيضاً رواية أبي عمر العبدي ، عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وفيها : « ولا تزاد الإخوة من الام على الثلث ، ولا ينقصون من السدس ، وهم فيه سواء الذكر والأُنثى » الحديث (١).

وقال الفضل : هذا حديث صحيح (٢).

وشهادته هذا كافية في حجيته ، ولكنها مخصوصة بالثلث والسدس ، وإن كان الإجماع المركب كافياً للتعدية.

وقد يستدلّ على التسوية ببطلان الترجيح بلا مرجح.

وفيه ما مرّ (٣) ، فإن بعد ثبوت الاشتراك يحتمل التسوية والاختلاف والتخيير بينهما ، ثمّ على الاختلاف يحتمل اختصاص واحد معيّن بالزيادة أو التخيير ، ولزوم المحذور إنّما هو على القول باختصاص الواحد المعيّن دون غيره. على أنّ عموم أخبار تفضيل الرجال على النساء يرجّح تخصيص الرجال بالزيادة ، فلا يلزم الترجيح بلا مرجح.

__________________

(١) الفقيه ٤ : ١٨٨ ، ٦٥٧ ، التهذيب ٩ : ٢٤٩ ، ٩٦٤ ، العلل : ٥٦٩ ، ذ. ح ٤ ، الوسائل ٢٦ : ٨١ أبواب موجبات الإرث ب ٧ ح ١٢.

(٢) حكاه عنه في الفقيه ٤ : ١٨٩.

(٣) في ص ٢٥٣.

٢٦٥

وقد يستدل عليها أيضاً باقتضاء إطلاق الشركة التسوية فيما اشترك فيه.

ولا يخفى أنّ المراد إمّا اقتضاؤه لغةً أو عرفاً أو باعتبار دليل يدل عليه. والاقتضاء اللغوي مفقود ؛ لكونه موضوعاً للقدر المشترك بين التسوية والتفاوت. وكذا العرفي ؛ لاستعماله عرفاً في المعنيين ، وصحّة الاستفهام عن كيفيّة الشركة.

نعم إن أُريد الاقتضاء في عرف الشرع باعتبار أنّ التسوية هو المراد من الشركة حيث أُطلقت ، لكان له وجه ؛ ولكن تحقق الحقيقة الشرعية فيها غير معلوم ، بل انتفاؤها معلوم ، ومجرد أكثرية الاستعمال لا توجب جواز الحمل عند الإطلاق. وأمّا فهم الأصحاب من المفسرين والعلماء منها التسوية فيما نحن فيه فيمكن أن يكون باعتبار القرينة.

وأمّا الدليل على وجوب حمل الشركة المطلقة على التسوية فلم أعثر عليه ، ولزوم الترجيح بلا مرجّح لا يفيدها كما مرّ.

فإن قيل : الأصل عدم اختصاص أحدهما بالزيادة.

قلنا : لو لم يختصّ لكانت الزيادة بينهما سويّة ، فيلزم اختصاص كلّ منهما بنصفه ، والأصل عدمه أيضاً.

وبالجملة لا دليل على التسوية سوى الإجماع المعلوم تحقّقه قطعاً بالتتبّع والنقل ، المؤيّد بالأخبار المذكورة (١) ، وهو كافٍ في إثبات المطلوب.

المسألة الخامسة : حكم المتقرّب بالأب وحده حكم المتقرّب بالأبوين حال عدم المتقرّب بهما في الإرث والتقسيم ، بالإجماع ،

__________________

(١) راجع ص : ٢٦١ و ٢٦٢.

٢٦٦

والعمومات الدالّة على حكم الأخ مطلقاً (١) ، وعمومات تفضيل الرجال على النساء ، خرج المتقرّب بالأُم وحدها بالدليل فيبقى الباقي ، وخصوص صحيحتي بكير ومحمّد ورواية موسى بن بكر المتقدّمة في المسألة الثالثة (٢).

ويدلّ عليه أيضاً صدر الصحيحتين المتقدّمتين (٣) وهو أنه قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : امرأة تركت زوجها وإخوتها لُامّها وإخوتها وأخواتها لأبيها ، فقال : « للزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللإخوة من الام الثلث للذّكر والأُنثى فيه سواء ، وما بقي فهو للإخوة وللأخوات من الأب للذّكر مثل حظّ الأُنثيين ».

وعلى هذا فلو انفرد الأخ أو الأخت للأب حاز المال كلّه ، لكنّ الأوّل جمعه بالقرابة ، والثانية النصف بها والباقي بالتسمية. وكذا الإخوة والأخوات المتعدّدون ، لكن فريضتهنّ الثلثان والباقي بالقرابة ، ويقتسمون بالسويّة مع التساوي في الذكورة والأُنوثة ، وبالتفاوت مع الاختلاف فيهما للذّكر مثل حظّ الأُنثيين.

المسألة السادسة : إذا اجتمعت الإخوة أو الأخوات المتفرّقون في جهة التقرّب فيسقط المتقرّب بالأب وحده ، سواء كان ذكراً أو أُنثى أو ذكراً وأُنثى ، واحداً أو متعدّداً ، إذا كان معه واحد من المتقرّب بالأبوين سواء كان معهم متقرّب بالأُم أيضاً أولا ، فلا يرث أصلاً لا من الفريضة ولا من القرابة.

والدليل عليه بعد الإجماع المحقّق والمحكي في كلام جماعة ،

__________________

(١) الوسائل ٢٦ : ١٥٢ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٢.

(٢) راجع ص : ٢٥٨.

(٣) في ص : ٢٥٩.

٢٦٧

منهم الفضل بن شاذان من قدماء الطائفة (١) ، والسيد في الانتصار (٢) : صحيحة يزيد الكناسي وفيها : « أخوك لأبيك وأُمّك أولى بك من أخيك لأبيك » (٣).

وقول الرضا عليه‌السلام في فقهه : « فإذا ترك الرجل أخاه لأبيه وأخاه لُامّه وأخاه لأبيه وأُمّه فللأخ من الأم السدس ، وما بقي فللأخ من الامّ والأب ، وسقط الأخ من الأب ، وكذلك إذا ترك ثلاث أخوات متفرّقات [ فللأُخت ] (٤) من الام السدس ، فما بقي فللأُخت من الامّ والأب » (٥).

ورواية الحسن بن عمارة : قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « أيّما أقرب ابن عمّ لأب وأُم أو عمّ لأب؟ » قال ، قلت : حدّثنا أبو إسحاق السبيعي ، عن الحارث الأعور ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام أنه كان يقول : « أعيان بني الأُم أقرب من بني العَلاّت » قال : فاستوى جالساً [ ثمّ ] قال : « جئت بها من عين صافية ، إنّ عبد الله أبا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخو أبي طالب لأبيه وأُمّه » (٦).

ورواية الحارث عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : قال : « أعيان بني الأُم يرثون دون بني العَلاّت » (٧).

__________________

(١) انظر الكافي ٧ : ١٠٥.

(٢) الانتصار : ٣٠١.

(٣) الكافي ٧ : ٧٦ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٢٦٨ ، ٩٧٤ ، الوسائل ٢٦ : ٦٣ أبواب موجبات الإرث ب ١ ح ٢.

(٤) ما بين المعقوفين أثبتناه من البحار ١٠٤ : ٣٤٣ ، ١٢.

(٥) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٨٨ ، مستدرك الوسائل ١٧ : ١٧٨ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ٣ ح ٤.

(٦) التهذيب ٩ : ٣٢٦ ، ١١٧٢ ، الإستبصار ٤ : ١٧٠ ، ٦٤٤ ، الوسائل ٢٦ : ١٩٢ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٥ ح ٢ ؛ وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٧) التهذيب ٩ : ٣٢٧ ، ١١٧٤ ، الوسائل ٢٦ : ١٨٢ أبواب الإخوة والأجداد ب ١٣ ح ٢.

٢٦٨

ومرسلة الفقيه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أعيان بني الأُم أحقّ بالميراث من ولد العَلاّت » (١).

أقول : والعَلّة كالضرّة زِنةً ومعنًى ، مأخوذ من العلّ ، وهو شرب الإبل مرّة بعد أُخرى ، يقال لها : نَهَل محرّكة فيقال : علّ بعد نهل ، والنَّهَل أن يشرب أوّلاً ثمّ يترك ، حتّى يسري الماء في عروقه ثمّ يشرب ، فكأنّ من تزوج بامرأة بعد اخرى نهل بالأُولى ثمّ علّ بالثانية.

قال في النهاية : وفيه « الأنبياء أولاد عَلاّت » أولاد العَلاّت الذين [ أُمَّهاتهم (٢) ] مختلفة وأبوهم واحد ، أراد أنّ إيمانهم واحد وشرائعهم مختلفة ، ومنه حديث علي عليه‌السلام : « يتوارث بنو الأعيان من الإخوة دون بني العَلاّت » أي يتوارث الإخوة من الأب والأُم وهم الأعيان ، دون الإخوة للأب إذا اجتمعوا معهم ، مأخوذ من عين الشي‌ء وهو النفيس منه. وبنو العَلاّت الإخوة لأب واحد وأُمّهاتهم شتّى. فإذا كانوا لأُمّ واحدة وآباء شتّى فهم الأخياف (٣) ، انتهى.

وعلى ما ذكره من تفسير الأعيان بالإخوة تكون الإضافة في قوله : « أعيان بني الام » بيانيّة. وأمّا ما رواه من حديث علي من قوله « بنو الأعيان من الإخوة » فهو لا يلائم ذلك ؛ لأنّ فيه فسّر بني الأعيان بالإخوة ؛ إلاّ أن يجعل قوله : « من الإخوة » بياناً للأعيان.

وبالجملة بعد تفريعه عليه‌السلام في رواية ابن عمار أولوية عبد الله وبملاحظة تفسير اللغويين (٤) يعلم أنّ المراد هو تقديم المتقرّب بالأبوين‌

__________________

(١) الفقيه ٤ : ١٩٩ ، ٦٧٥ ، الوسائل ٢٦ : ١٨٣ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ١٣ ح ٤. وفيهما : بني العلاّت.

(٢) في النسخ : آبائهم ، وما أثبتناه موافق للمصدر.

(٣) النهاية الأثيرية ٣ : ٢٩١ و ٣٣٣.

(٤) انظر الصحاح ٥ : ١٧٧٣ ، لسان العرب ١١ : ٤٧٠.

٢٦٩

على المتقرب بالأب ، فيدلّ على المطلوب.

وضعف أسنادها بعد انجبارها بالشهرة وشهادة الصدوق في المقنع : بأنّه خبر صحيح وارد عن الأئمّة (١) غير ضائر ، ومراده من الصحة هي الصحة بطريقة القدماء.

واستدل في الشرائع على ذلك تبعاً للمفيد في مثله : بأنّ المتقرب بالأبوين اجتمع فيه السببان وبالأب يتقرب بسبب واحد ، والمتقرب بالسببين أحقّ من المتقرب بسبب (٢). واستدل المفيد على أحقيته بآية أُولي الأرحام (٣).

ولا يخفى ما فيه : أمّا أولاً ، فلعدم دليل على أحقيّة المتقرّب بالسببين ، ولا دلالة للآية. وأما ثانياً ، فبالانتقاض بالمتقرب بالأُم ، وغير ذلك.

ثمّ لا يخفى أنّه يمكن أن يستدلّ على مانعية المتقرب بالأبوين للمتقرب بالأب وحده ، بمنع الأقرب للأبعد ، والمراد من الأقرب ما صدق عليه الأقرب عرفاً ، سواء كان لأجل أقلية الواسطة أو لأشدية الارتباط والانتساب ، ولا شكّ أنّ المتقرب بالأبوين أقرب عرفاً وأشد ارتباطاً ، بل جهة قربه إلى الميّت أيضاً أكثر من المتقرب بأحدهما فيجب حجبه له ، خرج المتقرب بالأُم وحدها بالإجماع ، فيبقى الباقي.

وعلى هذا فتكون المسألة باقية على مقتضى الأصل الثابت المخصِّص لعمومات الإرث سالمة عن المعارض ، ويمكن أن يكون نظر المحقّق‌

__________________

(١) لم نعثر عليه في المقنع وهو موجود في الفقيه ٤ : ٢١٢.

(٢) الشرائع ٤ : ٢٦.

(٣) المقنعة : ٦٩٣.

٢٧٠

والمفيد إلى ذلك أيضاً.

المسألة السابعة : إذا اجتمعت الكلالتان كلالة الأُم وكلالة الأبوين‌ ، فلكلالة الام السدس مع الوحدة ، والثلث مع التعدد ، والباقي لكلالة الأبوين إجماعاً إن كانت غير ذات فرض ، بأن كانت ذكراً ، أو ذكراً وأُنثى.

والدليل عليه بعد الإجماع قول الرضا عليه‌السلام في فقهه المتقدم ذكره ، وأنّ كلالة الأبوين بمنزلة قريبة إذا لم تكن ذات فرض دون كلالة الأُم لكونها ذات فرض ؛ فإنّ الأخبار المصرّحة بأنّ كل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به (١) مخصوصة بذي رحم ( لم يكن ) (٢) له فريضة ، إذ معها لا معنى للتنزيل ، وقد صرّح بذلك الاختصاص في بعض تلك الأخبار أيضاً.

وعلى هذا فيلزم أن يكون تمام المال لكلالة الأبوين ؛ لأنّه بمنزلة الأب والأُم ، وكلالة الام لا يرث معه ، خرج السدس أو الثلث بالإجماع والنصّ ، فيبقى الباقي.

وإن كانت كلالة [ الأبوين ] (٣) ذات فرض فإن لم تزد التركة عن فرضها وفرض كلالة الام ، كأُختين للأبوين والإخوة والأخوات للُام فلا إشكال.

وإن زادت التركة فيأخذ كل ذي فرض فرضه. وهل يردّ الزائد على كلالة الأبوين خاصّة؟

أو يردّ عليهما على قدر نصيبهما ، فيردّ أخماساً إذا كان أخ أو أُخت‌

__________________

(١) الوسائل ٢٦ : ٦٨ أبواب موجبات الإرث ب ٢.

(٢) ما بين القوسين ليس في « س ».

(٣) في النسخ : الأب ، والظاهر هو سهو.

٢٧١

لأُم وأُختان فصاعداً للأبوين ، أو كان إخوة أو أخوات لأُمّ وأُخت للأبوين ؛ وأرباعاً إذا كان أخ أو أُخت للأُم وأُخت للأبوين؟

الأوّل هو المشهور بين الأصحاب ، بل عليه عامّة المتأخرين ، بل سوى الفضل والعماني كما في الكفاية (١) ، وفي السرائر (٢) بل في كلام جماعة كما في المسالك (٣) بل في كلام أكثر علمائنا كما في المختلف : الإجماع عليه (٤) ، وهو الحقّ.

والثاني للفضل (٥) ، والعماني (٦).

لنا : قول علي عليه‌السلام في رواية العبدي التي شهد الفضل بصحتها كما مرّ : « ولا تزاد الإخوة من الام على الثلث » (٧).

وقول الرضا عليه‌السلام في فقهه المتقدم (٨).

وقول الصادق عليه‌السلام في صحيحة محمّد بن مسلم وغيرها (٩) ، مشيراً إلى كلالة الأبوين والأب « فهم الذي يزادون وينقصون » الدال على الحصر.

__________________

(١) الكفاية : ٢٩٨.

(٢) السرائر ٣ : ٢٦٠.

(٣) المسالك ٢ : ٣٢٧.

(٤) المختلف : ٧٣٨.

(٥) حكاه عنه في الكافي ٧ : ١٠٦.

(٦) حكاه عنه في المختلف : ٧٣٨.

(٧) راجع ص : ٢٦٣.

(٨) في ص : ٢٦٦.

(٩) راجع ص : ٢٥٩.

٢٧٢

ويؤكد ذلك قول الكليني في باب بيان الفرائض : والإخوة والأخوات من الام لا يزادون على الثلث ولا ينقصون عن السدس ، والذكر والأُنثى فيه سواء ، وهذا كلّه مجمع عليه (١) ، انتهى.

وقد يستدل على المطلوب : بأنّ كلالة الأبوين يتقرب بسببين دون كلالة الأُم ، فتكون وصلته أقوى ، فهو أولى بالردّ (٢).

وفيه نظر ، إلاّ أن يكون مراده أنّ التقرب بالسببين يوجب الأقربيّة عرفاً ، فيمنع المتقرب بالسبب الواحد ، خرج فرضه بالدليل ، فيبقى الباقي تحت المنع ، وله وجه.

ولم أعثر للمخالف على حجة سوى ما يتوهّم من التساوي في القرب وعدم أولوية البعض.

وفيه : أنّ عدم الأولوية ممنوع ، فإنّ النّص يفيد أولوية البعض.

ويمكن أن يحتجّ له بما احتجّوا به على الردّ على البنتين وأحد الأبوين من رواية بكير المتقدّمة في مسألة ميراث أحد الأبوين والبنتين ، ووجه الاستدلال والجواب ما مرّ فيها (٣).

المسألة الثامنة : إذا اجتمعت الكلالتان كلالة الأُم وكلالة الأب خاصّة‌ ، فلكلالة الام السدس مع الوحدة ، والثلث مع التعدّد ، والباقي لكلالة الأب إجماعاً ، إن كانت غير ذا فرضٍ ؛ لمثل ما مرّ في كلالة الأبوين.

وإن كانت ذا فرضٍ فلا إشكال مع عدم زيادة التركة على الفرائض‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ٧٤.

(٢) انظر السرائر ٣ : ٢٦٠ ، والمفاتيح ٣ : ٣٢٦.

(٣) راجع ص : ١٧٦ ١٧٧ ، ولا يخفى أنه رحمه‌الله لم يجب عن الاستدلال بتلك الرواية في مسألة اجتماع أحد الأبوين مع البنتين ، فراجع.

٢٧٣

أيضاً ، ومعها فيأخذ كلّ ذي فرض فرضه. والزائد يردّ على كلالة الأب خاصّة ، وفاقاً للشيخين والصدوق والقاضي والتقي وابن حمزة ونجيب الدين (١) والفاضل في بعض كتبه (٢) وأكثر المتأخرين كما في المسالك والكفاية (٣) ، لأعلى الكلالتين أرباعاً أو أخماساً كما اختاره الشيخ في المبسوط والإسكافي والفضل والعماني وابن زهرة والحلّي والمحقق والكيدري والتحرير (٤) ، ولا يتردّد كظاهر القواعد (٥).

لنا : أنّ النقص يدخل على كلالة الأب فيلزم أن تكون الزيادة له.

أمّا دخول النقص عليها فلما يأتي.

وأمّا لزوم كون الزيادة لمن عليه النقصان فلحسنة ابن أُذينة : قال ، قال زرارة : إذا أردت أن تلقي العول (٦) فإنّما يدخل النقصان على الذين لهم الزيادة من الولد والإخوة من الأب ، وأمّا الزوج والإخوة من الأُمّ فإنّهم لا ينقصون ممّا سمّي لهم شيئاً (٧).

__________________

(١) المفيد في المقنعة : ٦٩٠ ، الطوسي في النهاية : ٦٣٨ ، الصدوق في المقنع : ١٧٢ ، القاضي في المهذب ٢ : ١٣٥ ، ١٣٦ ، ١٣٨ ، التقي في الكافي في الفقه : ٣٧٢ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٣٨٩ ، نجيب الدين في الجامع للشرائع : ٥١٣.

(٢) كالمختلف : ٧٣٨.

(٣) المسالك ٢ : ٣٢٧ ، الكفاية : ٢٩٨.

(٤) المبسوط ٤ : ٧٣ ، نقله عن الإسكافي والعماني في المختلف : ٧٣٨ ، وحكاه عن الفضل في المسالك ٢ : ٣٢٧ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٧ ، الحلّي في السرائر ٣ : ٢٦٠ ، المحقق في الشرائع ٤ : ٢٧ والنافع : ٢٦٩ ، ونقله عن الكيدري في الكفاية : ٢٩٨ ، التحرير ٢ : ١٦٤.

(٥) القواعد ٢ : ١٧٢.

(٦) في « ق » و « س » : القول.

(٧) الكافي ٧ : ٨٢ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٢٥٠ ، ٩٦٥ ، الوسائل ٢٦ : ٧٦ أبواب موجبات الإرث ب ٧ ح ١.

٢٧٤

وجه الدلالة : أنّها تدلّ على أنّ النقص منحصر بمن له الزيادة ، فكلّ من يكون عليه النقصان يلزم أن تكون له الزيادة.

واعترض عليه : بالنقص بالبنت مع الأبوين ، فإنّ الزيادة للجميع مع أنّ النقصان ليس إلاّ على البنت (١).

وأجاب في الكفاية : بأنّ الأبوين أيضاً يدخل النقص عليهما ، لأنّ فريضتهما مختلفة (٢).

ويرد عليه : أنّه إن أردت بدخول النقص بأن كان له فريضة أنقص من فريضة اخرى فليست كلالة الأب كذلك ، وإن أردت مطلق النقص فكلالة الام أيضاً كذلك ، إذ يدخل عليهم النقص بدخول الجدّ والجدّة للُام.

فالمراد بالنقص : اللازم عند تحقق العول كما تشعر به الحسنة أيضاً ، ولا شكّ أنّ الأبوين لا يدخل عليهما هذا النقص.

ولنا أيضاً : موثقة محمد بن مسلم عن الباقر عليه‌السلام : في ابن أُخت لأب وابن أُخت لأُم قال : « لابن الأُخت للأُم السدس ، ولابن الأُخت للأب الباقي » (٣).

وجه الاستدلال : أنّه قد وقع التصريح في أخبار كثيرة بأنّ كلّ ذي رحم لم تكن له فريضة فهو بمنزلة قريبه ، فتدلّ هذه الأخبار بعمومها أنّ ابن الأُخت للأب بمنزلة الاخت له ، وقد بيّنا سابقاً ونبيّن بعد ذلك أيضاً أنّه بمنزلته في قدر الميراث ، فيعلم بذلك أنّ قدر ميراث ابن الأُخت للأب هو‌

__________________

(١) انظر المسالك ٢ : ٣٢٨.

(٢) الكفاية : ٢٩٨.

(٣) التهذيب ٩ : ٣٢٢ ، ١١٥٧ ، الإستبصار ٤ : ١٦٨ ، ٦٣٧ ، الوسائل ٢٦ : ١٦٢ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ٥ ح ١١.

٢٧٥

قدر ميراث الأُخت ، فيلزم من ذلك أن يكونا متساويين في الميراث ، إذ لو كان لأحدهما ما ليس للآخر لم يكن هذا بمنزلته ، فإذا كان لابن الأُخت للأب الذي هو بمنزلة الأُخت له الفرض والردّ مع ابن الأُخت للأُم الذي بمنزلة الأُخت لها فيكون كذلك الأُخت له مع الأُخت لها.

ولنا أيضاً : رواية العبدي المتقدمة (١) ، والحصر المستفاد من الصحيحة وغيرها (٢) ، وقول أبي جعفر عليه‌السلام في صحيحة يزيد الكناسي : « وأخوك لأبيك أولى بك من أخيك لأُمّك » (٣) حيث دلّ على أولويّته منه في جميع المال ، خرج المجمع عليه ، فيبقى الباقي.

والمرسلة المرويّة في المجمع وفيها : « ويصحّ اجتماع الكلالتين معاً ، لتساوي قرابتهما ، وإذا فضلت التركة يردّ الفاضل على كلالة الأب والأُم ، أو الأب ، دون كلالة الام » (٤).

احتجّ المخالف بما احتجّ به المخالف في المسألة السابقة. والجواب الجواب.

المسألة التاسعة : إذا اجتمعت كلالة الأُم مع أحد الزوجين‌ ، فللكلالة السدس أو الثلث ، ولأحدهما النصف أو الربع ، والزائد يردّ على الكلالة دون أحدهما.

أمّا عدم الردّ على أحدهما فللإجماع ، مضافاً إلى موثقة جميل عن‌

__________________

(١) في ص : ٢٦٥.

(٢) راجع ص ٢٦١ و ٢٦٢.

(٣) الكافي ٧ : ٧٦ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٢٦٨ ، ٩٧٤ ، الوسائل ٢٦ : ١٧١ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ٧ ح ٤.

(٤) مجمع البيان ٢ : ١٨ ، الوسائل ٢٦ : ٦٥ أبواب موجبات الإرث ب ١ ح ٥.

٢٧٦

أبي عبد الله عليه‌السلام : قال : « لا يكون الردّ على زوج ولا على زوجة » (١).

وأما الردّ عليها فلبطلان التعصيب.

المسألة العاشرة : إذا اجتمعت كلالة الأب أو الأبوين مع أحدهما‌ ، فإن لم تكن الكلالة من ذوي الفروض وهذا إذا كانت الكلالة ذكراً أو ذكراً وأُنثى فلأحدهما النصيب الأعلى ، والباقي للكلالة.

أمّا الأوّل : فبالإجماع ، والآية (٢) ، والأخبار (٣).

وأمّا الثاني : فبالإجماع ، وعموم روايات كلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به ، ولا شكّ أنّ الباقي لأحد الأبوين بعد فريضة الزوجين.

وإن كانت من ذوي الفروض ، فإن ساوى فرضها وفرض أحدهما التركة كأن يكون هناك أُخت وزوج فيأخذ كلّ فرضه.

وإن زادت التركة عن الفروض كأُخت أو أكثر وزوجة فالزائد بعد وضع الفروض للكلالة ؛ لما مرّ ، وللأحاديث المصرّحة بأنّ كلالة الأب والأبوين هم الذين يزادون وينقصون (٤).

وإن نقصت التركة عنها كأُختين وزوج ، فللزوج النصف نصيبه الأعلى ، والباقي للكلالة ؛ للإجماع ، والأخبار الدالة على أنّهم هم الذين ينقصون ، وخصوص حسنة ابن أُذينة المتقدمة (٥).

وصحيحة محمد عن أبي جعفر عليه‌السلام ، وفيها : « وإنّ الزوج لا ينقص‌

__________________

(١) التهذيب ٩ : ٢٩٦ ، ١٠٦١ ، الإستبصار ٤ : ١٤٩ ، ٥٦٣ ، الوسائل ٢٦ : ١٩٩ و ٢٠٤ أبواب ميراث الأزواج ب ٣ و ٤ ح ٨ و ١٠.

(٢) النساء : ١٢.

(٣) الوسائل ٢٦ : ١٩٥ أبواب ميراث الأزواج ب ١.

(٤) راجع ص : ٢٥٩ و ٢٦٠.

(٥) في ص : ٢٧٢.

٢٧٧

من النصف شيئاً إذا لم يكن ولدٌ ، ولا تنقص الزوجة من الربع شيئاً إذا لم يكن ولدٌ » (١).

وصحيحة محمد الآتية ، وغير ذلك.

المسألة الحادية عشرة : إذا اجتمعت الكلالتان مع أحدهما‌ ، فإن كانت كلالة الأب أو الأبوين غير ذات فرض بأن كانت ذكراً أو ذكراً وأُنثى كان الثلث أو السدس لكلالة الامّ ، والنصف أو الربع لأحدهما ، والباقي لكلالة الأب أو الأبوين ؛ لكونها بمنزلة أحد الأبوين ، وهو يأخذ الباقي بعد إخراج الفروض ، ولأنّهم يزادون وينقصون.

وإن كانت ذات فرض ، فإن نقصت التركة عن الفروض فيأخذ كلّ من كلالة الام وأحد الزوجين فريضته ، ويدخل النقص على كلالة الأب أو الأبوين ؛ لصحيحة محمّد المتقدم بعضها ، وهي : إنّه قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : امرأة تركت زوجها وإخوتها لُامّها وإخوتها وأخواتها لأبيها ، فقال : « للزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللإخوة من الام الثلث الذكر والأُنثى فيه سواء ، وما بقي فهو للإخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأُنثيين ، لأنّ السهام لا تعول ، ولا ينقص الزوج من النصف ولا الإخوة من الام من ثلثهم ، لأنّ الله تعالى يقول ( فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ ) وإن كانت واحدة فلها السدس ، والذي عنى الله في قوله ( وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ ) إنما عنى بذلك الإخوة والأخوات من الأُم خاصة ، وقال في آخر سورة النساء :

__________________

(١) الكافي ٧ : ٨٢ ، ١ ، الوسائل ٢٦ : ١٩٥ أبواب ميراث الأزواج ب ١ ح ١.

٢٧٨

( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ ) يعني أُختاً لأُم وأب أو أُختاً لأب ( فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ [ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) (١) ] فهم الذين يزادون وينقصون وكذلك أولادهم الذي يزادون وينقصون. ولو أنّ امرأة تركت زوجها وإخوتها لُامها وأُختيها لأبيها كان للزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللإخوة من الام سهمان ، وبقي سهم فهو للُاختين للأب ، وإن كانت واحدة فهو لها ، لأنّ الأُختين لو كانتا أخوين لأب لم يزادا على ما بقي ولو كانت واحدة أو كان مكان الواحدة أخ لم يزد على ما بقي ، ولا تزاد أُنثى من الأخوات ولا من الولد على ما لو كان ذكراً لم يزد عليه » (٢).

وإن زادت التركة عن الفروض فالزائد يردّ على كلالة الأب أو الأبوين دون كلالة الأُم أو أحد الزوجين ؛ لما مرّ مفصلاً.

__________________

(١) أثبتناه من الكافي.

(٢) الرواية في الكافي ٧ : ١٠٣ ، ٥ ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام بلفظ قريب ، وبنقيصة : ولا تزاد أُنثى إلى آخره ، وأيضاً في الكافي ٧ : ١٠١ ، ٣ الرواية بالنص عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير ومحمد بن عيسى عن يونس جميعاً عن عمر بن أُذينة عن بكير بن أعين وفي الفقيه ٤ : ٢٠٢ ، ٦٧٦ أورد بعضها ، وأشار إلى ذلك وإلى غيره في الوسائل ٢٦ : ١٥٤ ، ١٥٥ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٣ ح ٢ ، ٣. والرواية بسند آخر وردت في التهذيب ٩ : ٢٩٢ ، ١٠٤٧.

٢٧٩

البحث الثاني

في ميراث الأجداد إذا لم يكن معهم إخوة‌

وفيه مسائل :

المسألة الاولى : لا يحجب الجدَّ عن الإرث أحد سوى الأبوين والأولاد وأولاد الأولاد ؛ بالإجماع ، وحديث الأقربية ، وجزئيات الأخبار الواردة في مواردها ، وكونه بمنزلة الأُم أو الأب.

ولا يرث معه أحد سوى الأخ وأولاده والزوجين ؛ لما مرّ.

المسألة الثانية : إذا انفرد الجد كان المال كله له‌ ، لأب كان أو لُام ، وكذا الجدة ؛ للإجماع ، والأقربيّة.

ويدلُّ على الحكم في الجدة أيضاً رواية سالم بن أبي الجعد : إنّ عليّاً عليه‌السلام أعطى الجدّة المال كلّه (١).

وفي الجدّ في الجملة ، صحيحة الحذاء عن أبي جعفر عليه‌السلام : قال : سئل عن ابن عم وجد ، قال : « المال للجدّ » (٢).

وقول الرضا عليه‌السلام في فقهه : « ومن ترك عماً وجداً فالمال للجد » (٣).

المسألة الثالثة : لو كان جدّاً أو جدة أو هما لُام ، وجداً أو جدة أو

__________________

(١) الفقيه ٤ : ٢٠٧ ، ٧٠٣ ، التهذيب ٩ : ٣١٥ ، ١١٣٢ ، الإستبصار ٤ : ١٥٨ ، ٥٩٩ ، الوسائل ٢٦ : ١٧٦ أبواب ميراث الأخوة والأجداد ب ٩ ح ١.

(٢) الفقيه ٤ : ٢٠٧ ، ٧٠٠ ، التهذيب ٩ : ٣١٥ ، ١١٣١ ، الوسائل ٢٦ : ١٨١ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ١٢ ح ٢.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٨٩ ، مستدرك الوسائل ١٧ : ١٨٩ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ١ ح ١.

٢٨٠