مستند الشّيعة - ج ١٩

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٩

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-211-3
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤٨٢

بدخول الباقي وإن كثر الناقص (١) ، كما لو كان نصف سيف أو سورة من المصحف ، محتجاً باستلزام استحقاق الكل استحقاق بعضه ، ولقوله عليه‌السلام : « لا يسقط الميسور » (٢) « وما لا يدرك كله » (٣) و « إذا أمرتكم بشي‌ء » (٤).

وفي الكل نظر ، أما الأول : فلأنّ المسلّم هو استلزام استحقاق الكل استحقاق البعض إذا كان في ضمن الكل ، وأما مطلقاً فغير مسلّم.

وأما في الثاني : فلأنّ المراد منه عدم سقوط الميسور من المأمور به ، وكون البعض مطلقاً منه عين النزاع. ومنه يظهر ما في البواقي.

والتحقيق : أنّ الناقص إن كان مما يوجب نقصه زوال الصدق كنصف سيف أو أكثر المصحف يوجب الخروج ، وإلاّ فلا. وشيوع إطلاق المصحف على البعض ولو كان قليلاً ممنوع ، ولو سلّم فإنّما هو في عرف خاص لا يلزم اتباعه.

يج : لا فرق في هذه الأعيان بين ما يليق منها بحاله عادة وبين ما لا يليق ؛ للعموم.

يد : لو شك في الثوب بأنه معدّ للّبس أو لغيره‌ ، أو في الخاتم والسيف والمصحف بكونها معدّة لنفسه أو للتجارة ومثلها ، على القول بالتخصيص فلا يُحبى به ؛ لكونه أمراً مخالفاً للأصل ، فيقتصر فيه على موضع اليقين ، وهو ما كان معدّاً للّبس أو لنفسه يقيناً ، وهذه ليست منه.

__________________

(١) انظر رسائل الشهيد الثاني : ٢٢٧.

(٢) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ، ٢٠٥.

(٣) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ، ٢٠٧.

(٤) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ، ٢٠٦.

٢٢١

المسألة الرابعة : المحبوّ هو الولد الذكر‌ ، فلا حبوة للأُنثى مطلقاً (١) بالإجماع ؛ للأصل ، وللتقييد به في أكثر النصوص ، فإطلاق الولد في بعضها محمول عليه ، لوجوب حمل المطلق على المقيّد ، وتشهد له إحدى صحيحتي ربعي (٢).

ثمّ الذكور إن تعدّدوا ، فلأكبرهم وإن كانت هناك أُنثى أكبر منه ، أمّا مع فقد الأكبر من الأُنثى فللإجماع ، وصريح الأخبار (٣) ، وإطلاق الابن في بعضها مقيّده وأمّا مع وجودها ، فلخصوص صحيحة ربعي (٤) ، وإطلاق الباقي ، والظاهر أنّه أيضاً مجمع عليه ، وقد ينسب الخلاف فيه إلى الإسكافي فيحكم بسقوط الحبوة معه (٥) ، ولم يثبت.

وإن اتّحد فله ، بالإجماع ، وصريح موثقة الفضلاء ، ومرسلة ابن أُذينة حيث حكم فيهما بالتفصيل القاطع للشركة ، وإطلاق موثقة العقرقوفي (٦).

والاستشكال مع الاتّحاد ، لأنّ أفعل التفضيل يقتضي مشاركاً في أصل الفعل ، وإطلاق الابن في بعض الأخبار لا يفيد ، لوجوب حمله على الأكبر مع التعدد حملاً للمطلق على المقيّد ، كما في المسالك (٧).

ضعيف ، لأنّه إنّما يصحّ لو انحصرت الأخبار بما فيه التفضيل أو الإطلاق ، على أنّ اعتبار وجود المفضّل عليه في أفعل التفضيل أكثري‌

__________________

(١) أي سواء كانت منفردة أم لا ، وسواء كانت من الأكبر أم لا. ( منه رحمه‌الله ).

(٢) راجع ص ٢٠١.

(٣) الوسائل ٢٦ : ٩٧ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٣.

(٤) المتقدّمة في ص ٢٠١.

(٥) حكاه عنه الشهيد الثاني في رسائله : ٢٣٤.

(٦) قد تقدّمت الروايات في ص ٢٠٠ و ٢٠١.

(٧) المسالك ٢ : ٣٢٦.

٢٢٢

لا كلّي.

ولو تعدّد الأكبر بأن كان هناك ذكور متساوية سنّاً ، فيشتركون فيها على المشهور ، وأسقطها ابن حمزة هناك (١) ، وحكي عن النهاية والمهذب أيضاً (٢) ، ونفى بعض مشايخنا المعاصرين عنه البعد (٣).

واستدلّ للمشهور : بالأصل ، وبأنّ الأكبر اسم جنس يقع على القليل والكثير.

ويرد على الأوّل : أنّ الأصل الثابت هو ثبوت الحبوة للابن الواحد أو المتعدد مع وجود الأكبر لا مطلقاً.

فإن قيل : قد صرّحت موثقة العقرقوفي بثبوتها للابن الشامل للمتنازع فيه أيضاً.

قلنا : الابن فيها وإن كان مطلقاً إلاّ أنّه يقيّد بالواحد أو الأكبر مع التعدّد ، لوجوب حمل المطلق على المقيّد ، إلاّ أن يقال : بأنّ وجوب الحمل إنّما هو فيما إذا وجد المقيّد لا مطلقاً.

وعلى الثاني : أنّ الأكبر وإن صدق على المتعدّد لغة ، إلاّ أنّه ظاهر في الواحد عرفاً ، وأيضاً فرض وجود بنين متساوين في السنّ نادر جدّاً ، والمطلق ينصرف إلى الفرد الشائع ، وأيضاً لو تمّ ذلك ، فإنّما يصحّ فيما لو كان هناك ولد أصغر منهم أيضاً. وأمّا مع الانحصار في المتساويين مثلاً فلا يصدق الأكبر عليهما.

واحتجّ لابن حمزة : بأنّه يجب الوقوف فيما خالف الأصل على‌

__________________

(١) الوسيلة : ٣٨٧.

(٢) النهاية : ٦٣٣ ، المهذّب ٢ : ١٣٢.

(٣) انظر : الرياض ٢ : ٣٥٠.

٢٢٣

موضع اليقين ، وبظهور الأكبر المصرّح به في الأخبار في الواحد ، وبأنّه مع التعدّد لا يصدق استحقاق كلّ واحد ما حكم باستحقاق واحد منه كالسيف والخاتم ، لأنّ بعض الواحد ليس هو (١).

ولا يخفى أنّه لا يبعد ترجيح هذا القول ، سيّما مع ما أُشير إليه من ندرة هذا الفرض ، بحيث يشكّ في اندراجه تحت الإطلاقات ، هذا.

ثمّ إنّه على المشهور تقسّم الحبوة بينهم كما صرّح به الشيخ (٢) وغيره (٣) ، والوجه ظاهر. وقد يجوّز احتمال القرعة هاهنا ، وهو ضعيف.

فروع :

أ : الأكبر في التوأمين أوّلهما خروجاً‌ ، ولو كان التفاوت يسيراً لا يعتدّ به عرفاً ؛ والوجه ظاهر.

وأمّا ما رواه في الكافي في باب العقيقة ـ : « أصاب رجل غلامين في بطن فهنّأه أبو عبد الله عليه‌السلام قال : « أيُّهما أكبر؟ » قال : الذي خرج أوّلاً ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « الذي خرج آخراً هو أكبر ، أما تعلم أنّها حملت بذلك أوّلاً وإنّ هذا دخل على ذلك فلم يمكنه أن يخرج حتّى خرج ، فالذي يخرج آخراً هو أكبرهما » (٤).

فهو ضعيف ، للشذوذ ؛ على أنّه يمكن حمله على أنّ المراد بيان كبره في نفس الأمر وإن لم تتعلق به الأحكام الشرعيّة المبتنية على الدلالات‌

__________________

(١) انظر رسائل الشهيد الثاني : ٢٣٨.

(٢) المبسوط ٤ : ١٢٦.

(٣) كابن سعيد في الجامع للشرائع : ٥٠٩ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٣٢٦.

(٤) الكافي ٦ : ٥٣ ، ٨ ، الوسائل ٢١ : ٤٩٧ أبواب أحكام الأولاد ب ٩٩ ح ١.

٢٢٤

اللفظيّة ، ومع ذلك يعارضه ما رواه في الفقيه عن الصادق عليه‌السلام : إنّه قال : « أكبر ما يكون الإنسان يوم يولد ، وأصغر ما يكون يوم يموت » (١).

ب : لو اشتبه الأكبر‌ ، ففي إخراج مستحقّها بالقرعة ، أو تشريك كلّ من اشتبه الأمر فيه ، أو سقوطها أوجه ، أوجهها الأوّل ، لأنّ القرعة لكلّ أمر مشكل.

ج : الحقّ اعتبار كون الولد للصلب‌ ، كما قطع به في الإرشاد (٢) ، لتعليق الحكم على الابن والولد ، وشي‌ء منهما لا يصدق على ولد الولد كما مرّ (٣) ، ولوجوب الاقتصار فيما خالف الأصل على موضع اليقين.

د : هل يشترط انفصال الولد عند موت أبيه‌ ، أو يحبى ولو كان حملاً؟

فيه وجهان ، حكم بعض معاصرينا في شرحه على المفاتيح بالأوّل ، واستجود ثاني الشهيدين في الرسالة الثاني مطلقاً (٤) ، واستوجهه فيما لو كان عند موت أبيه متّصفاً بالذكوريّة ، وظاهر المسالك التوقّف (٥).

للأوّل : عدم الحكم على الحمل حين موت أبيه بكونه ذكراً ، والحكم بالحبوة معلّق عليه.

وأنّ إفرازها له إن كان في ذلك الوقت كان حكماً غير مطابق للواقع ، لأنّه ليس بمعلوم الذكوريّة ، وإن كان حين التولّد ، فإن حكم بها قبله للورثة ، لزم الاستصحاب إلى أن يثبت الناقل ، وإن لم يحكم بها لهم ، لزم‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٢٤ ، ٥٩٥.

(٢) الإرشاد ٢ : ١٢٠.

(٣) في ص ١٩٠ و ١٩١.

(٤) رسائل الشهيد الثاني : ٢٣٦.

(٥) المسالك ٢ : ٣٢٦.

٢٢٥

بقاء المال بغير مالك.

وأنّ استحقاقها مخالف للأصل ، فيجب الاقتصار فيه على موضع اليقين.

ويرد على الأوّل : أنّ الحكم بالحبوة ليس معلّقاً على ما حكم بذكوريّته بالفعل ، بل معلّق على ما حكم له بها في نفس الأمر ولو بعد ظهور الكاشف ، ولذا يحبى من لم يعلم ذكوريّته أوّلاً ثمّ علمت بالفحص والاستعلام.

وعلى الثاني : النقض بسهم الحمل قبل انفصاله ، فإنّه يعزل له نصيب ذكرين ، مع أنّه ليس بمعلوم الذكوريّة أيضاً.

وعلى الثالث : أنّه إنّما يتمّ لولا دلالة على خلاف الأصل ، والمخالف يدّعيها.

وللثاني : كون الحبوة إرثاً ، فإنّ انتقالها ليس إلاّ بالإرث ، سيّما على القول بالاحتساب ، وقد ثبت أنّ الحمل يرث.

واستحقاقه نصيبَه من غير الحبوة.

وصدق كونه ذكراً في نفس الأمر وإن لم يظهر بعدُ ، ومن ثَمّ أجمعوا على استحقاقه بحسب ما يظهر من ذكوريّته وأُنوثيّته.

ويرد على الأوّل : أنّ اللازم من أخبار توريث الحمل هو ثبوت التوريث المطلق له لا جميع أنواعه التي منها الإحباء.

ويمكن أن يقال : إنّ الثابت مطلق التوريث وهو يشمل الحبوة.

وعلى الثاني : أنّه قياس لا نقول به ، مع أنّ الفارق موجود ، وهو أنّ استحقاقه لغيرها ليس من حيث كونه ذكراً ، بل من حيث كونه ولداً ، وهو معلوم في جميع الأحوال.

٢٢٦

وعلى الثالث : أنّ الأحكام منوطة بالظاهر دون الواقع ونفس الأمر.

ويمكن دفع ذلك : بأنّ الأحكام وإن كانت منوطة بالظاهر ، ولكن لا بما كان ظاهراً بالفعل ، بل بالظاهر ولو بعد تحقّق الكاشف ، فتحقّق الذكوريّة في نفس الأمر ولو كان مشتبهاً علينا بالفعل يكفي في إثبات الأحكام المعلّقة عليها بعد ظهورها.

فإن قيل : فاللازم الحكم بالحبوة بعد الظهور لا قبله.

قلنا : لا يحكم بها قبله ، بل يبقى مراعى حتّى ينكشف الحال.

فإن قيل : لا دليل على لزوم الإبقاء مراعى ، بل يجب الحكم بها للورثة فيستصحب.

قلنا : الدليل موجود ، وهو أنّ الحبوة حقّ للذّكر الظاهر ذكوريّته بالفعل ، أو بعدتحقّق الكاشف ، فالحكم بها للورثة مشروط بانتفاء ذكر كذلك ، والشرط غير معلوم فكذلك المشروط ، فيجب إبقاؤها مراعى.

ومن هذا يظهر أنّ الترجيح مع القول بعدم الاشتراط إذا كان عند موت أبيه متّصفاً بالذكوريّة. وأمّا إذا لم يكن كذلك كما إذا لم يتمّ للحمل أربعة أشهر ، حيث صرّح في صحيحة زرارة المروية في كتاب العقيقة من الكافي (١) ، ورواية ابن الجهم المرويّة فيه أيضاً (٢) : بأن الذكوريّة والأُنوثيّة تحصل بعد تمام أربعة أشهر ، فالحكم بذلك مشكل ، لعدم صدق الوصف مطلقاً لا في الواقع ولا في الظاهر ، والصدق المتأخر لا يفيد.

هـ : لو كان هناك حملان أو أكثر‌ ، فإن تبيّن انحصار الذكر بالواحد فلا إشكال.

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٦ ، ٧.

(٢) الكافي ٦ : ١٣ ، ٣.

٢٢٧

وإن تعدّد ففي الحكم بتساويهما مطلقاً ، أو بأكبريّة الأقدم علوقاً ، أو الأسبق تولّداً أوجه : من إناطة الكبر والصغر عرفاً بيوم التولّد وعدم مدخليّة تقدّم العلوق وتأخره فيه كما مرّ ، ولم يتولّدا بعدُ حتّى يصدق الكبر والصغر العرفيان ، والصدق المتأخر غير مجد فيتساويان.

ومن أنّ كون قدم التولّد مناطاً في الكبر عرفاً إنّما هو في المتولّد وأمّا في الحمل فلا ، بل يناط بتقدم العلوق في العرف.

ومن أنّ الحكم بلزوم الإحباء إنّما هو بعد التولّد ، وإنّما يبقى قبله مراعى ، فالمناط هو الكبر الصادق حينئذ ، وهو ليس إلاّ بقدم التولّد.

وبالجملة المسألة محلّ الإشكال ، نعم لا يبعد الحكم بأكبريّة من كان جامعاً لوصفي قدم العلوق وسبق التولّد ، ولكن تحققه ثمّ العلم به ممّا لا يكاد يتحقّق.

و : لو كان الولد خنثى فإن كان واضحاً فواضح. وإن كان مشكلاً فالظاهر حرمانه من الحبوة ؛ للشكّ في حصول الموجب.

واحتمل بعضهم العمل بالقرعة (١). وهو حسن لو ثبت الانحصار في الذكر والأُنثى ، فهو في نفس الأمر أحدهما ، فيستخرج بالقرعة. وفي الانحصار نظر ، لجواز الطبيعة الثالثة.

واحتمل ثاني الشهيدين في رسالته استحقاقه نصف الحبوة ، قياساً على استحقاقه نصف النصيبين في السهم (٢) ، وهو ضعيف.

ثمّ لو كان معه ذكر أصغر منه ففي أحبائه أيضاً نظر ؛ للشكّ في كونه‌

__________________

(١) كالشهيد الثاني في رسائله : ٢٣٧.

(٢) رسائل الشهيد الثاني : ٢٣٦.

٢٢٨

أكبر الذكور ، والعمل بالقرعة محتمل.

ز : لا يشترط في المحبوّ البلوغ‌ ، فيحبى الصغير ؛ للأصل ، وإطلاق النصوص ، بل عمومها.

وصريح ابن حمزة كالظاهر الحلّي الاشتراط (١) ؛ لكونها في مقابلة القضاء ، ولا يتأتّى من الصبي.

قلنا : لا نسلّم المقابلة ، ولو سلّمت ففوريّة القضاء ممنوعة.

ح : لا يشترط سداد رأيه (٢) ، وفاقاً للكركي (٣) ، ومال إليه في الدروس (٤) ؛ للأصل ، وإطلاق النصّ.

وذهب الشيخ في النهاية (٥) وصاحب الجامع (٦) وابن حمزة (٧) والحلّي (٨) وأكثر من تأخر عنهم منهم الشهيد في اللمعة (٩) إلى اشتراطه ، ونسبه في الشرائع إلى قول مشهور (١٠) ؛ لأنّ المخالف لا يعتقد ما يقابلها من وجوب القضاء ، ولأنّه لا يرى استحقاقها ، فيمنع منها إلزاماً له بما التزم ، كما يُلزم بغيره من الأحكام الشرعيّة.

__________________

(١) ابن حمزة في الوسيلة : ٣٨٧ ، الحلّي في السرائر ٣ : ٢٥٨.

(٢) أي إيمانه بالمعنى الخاص واعتقاده للحقّ. منه رحمه‌الله.

(٣) قال في مفتاح الكرامة ٨ : ١٣٨ : إن المحقق الثاني في تعليق الإرشاد قائل باشتراط عدم فساد الرأي.

(٤) الدروس ٢ : ٣٦٢.

(٥) النهاية : ٦٣٦.

(٦) الجامع للشرائع : ٥٠٩.

(٧) الوسيلة : ٣٨٧.

(٨) السرائر ٣ : ٢٥٨.

(٩) اللمعة ( الروضة البهية ٨ ) : ١٢٠.

(١٠) الشرائع ٤ : ٢٥.

٢٢٩

ودفع الأوّل بمنع المقابلة أوّلاً ، ومنع لزوم اعتقادها ثانياً. والثاني بأنّ وجوب الإلزام في جميع المواضع غير ثابت ، وجوازه لا يمنع لأنّ الثابت من الأخبار وفتاوى الأصحاب ، إلاّ أنّه لا يكون من باب الشرطية ، ولذا لم يشترط أحد في إبطال العول والتعصيب عدم فساد الرأي.

ط : يشترط كونه مسلما ؛ لأنّ الحبوة ميراث ، والكافر لا يرث.

ي : لا يشترط خلوه عن السفه‌ ، وفاقاً للكركي والشهيد الثاني (١) ، ومال إليه في الدروس (٢) ؛ للإطلاق ، وعدم الدليل.

وجماعة على اشتراطه ، منهم المقنعة والنهاية والسرائر والجامع (٣) ، وتبعهم الفاضل في القواعد (٤) ، وجمع آخر ممّن تأخر عنه (٥) ، ولم نقف على مأخذه.

يا : لا يشترط عقله لما مرّ ، فيحبى ولو كان مجنوناً ، واختاره الشهيد الثاني (٦).

المسألة الخامسة : المحبوّ منه هو الأب‌ ، فلا تؤخذ الحبوة من تركة غيره وفاقاً ؛ لأنّه المنصوص عليه ، فيبقى غيره على الأصل السالم عن المعارض.

ولا يشترط إسلامه ولا إيمانه ، لإطلاق النصّ. واحتمال الاشتراط‌

__________________

(١) حكاه الشهيد الثاني عن الكركي في رسائله : ٢٣٨ ، الشهيد الثاني في الروضة ٨ : ١٢٠.

(٢) الدروس ٢ : ٣٦٢.

(٣) المقنعة : ٦٨٤ ، النهاية : ٦٣٤ ، السرائر ٣ : ٢٥٨ ، الجامع : ٥٠٩.

(٤) القواعد ٢ : ١٧١.

(٥) كالشهيد في اللمعة ( الروضة البهية ٨ ) : ١٢٠.

(٦) المسالك ٢ : ٣٢٦.

٢٣٠

نظراً إلى اعتقاده عدم الاستحقاق ، وكونها في مقابلة القضاء ، ولا قضاء عن الكافر ضعيف ؛ لأنّ اعتقاده لا يؤثّر في استحقاق غيره ، ولو أثر فإنّما هو في استحقاق المعتقد. وارتباطها بالقضاء ممنوع.

المسألة السادسة : اختلفوا في أنّه هل يشترط الحباء بأن يخلّف الميت مالاً غير الحبوة أم لا؟

فذهب الشيخان والحلّي وابن حمزة والمحقّق والفاضل في بعض كتبه (١) وجمع آخر (٢) إلى الاشتراط ، ونسبه في المسالك إلى المشهور (٣) ، وفي شرح القواعد للهندي : اتّفقوا على ذلك (٤) ، والظاهر منه اتّفاق الأصحاب ، وإن احتمل بعيداً إرادة اتّفاق الذين ذكرهم في المسألة السابقة على تلك المسألة.

وظاهر الشهيد الثاني في الرسالة (٥) كصريح بعض آخر (٦) العدم ، وظاهر الدروس والمسالك التوقّف (٧).

ولا يخفى أنّ هذا الاختلاف إنّما يتمشّى على المشهور من القول بعدم الاحتساب. وأمّا على القول به كما اخترناه فلا شكّ في الاشتراط ، بل يشترط أن لا ينقص نصيب كلّ من الورثة عمّا كان عليه قبل الحبوة.

__________________

(١) المفيد في المقنعة : ٦٨٤ ، الطوسي في النهاية : ٦٣٤ ، الحلي في السرائر ٣ : ٢٥٨ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٣٨٧ ، المحقق في الشرائع ٤ : ٢٥ ، الفاضل في القواعد ٢ : ١٧١.

(٢) كالشهيد في اللمعة ( الروضة ٨ ) : ١٢١ وصاحب الرياض ٢ : ٣٥٠.

(٣) المسالك ٢ : ٣٢٦.

(٤) كشف اللثام ٢ : ٢٩٢.

(٥) رسائل الشهيد الثاني : ٢٤٨.

(٦) كالفيض في مفاتيح الشرائع ٣ : ٣٣٠.

(٧) الدروس ٢ : ٣٦٢ ، المسالك : ٣٢٦.

٢٣١

ثم على المشهور فالظاهر هو العدم ؛ لإطلاق النصوص ، وفقد المقيّد.

احتجّ المشترط : بلزوم الإضرار والإجحاف بالورثة لولاه. وإيذان لفظ الحبوة ببقاء شي‌ء آخر. ووجوب الاقتصار في خلاف الأصل على المتيقن. وانصراف المطلق إلى الفرد الشائع ، والشائع تخلّف مال آخر.

قلنا : لزوم الإضرار والإجحاف ممنوع ، ولو سلّم فلا ضير فيه ، لأنّ الحق إذا ثبت بالدليل لا يقدح فيه الإضرار والإجحاف بغير المستحق ، وله نظائر كثيرة (١). ولا إشعار في لفظ الحبوة ، على أنّه غير وارد في النصوص. والإطلاق ممنوع ، بل الأخبار عامّة ، لذكر أداة الشرط المفيدة للعموم ، كقوله : « إذا ترك » و « إذا مات » و « إذا هلك » (٢) ولو سلّم فوصول الشيوع إلى حدّ يجب حمل المطلق عليه ممنوع.

ثمّ على الاشتراط ففي كفاية بقاء أقلّ ما يتموّل كما هو مقتضى إطلاق كلامهم ، أو اشتراط كونه كثيراً يزول به الإضرار كما يقتضيه تعليلهم ، احتمالان.

وعلى الثاني لو تعدّد الوارث بحيث لم يندفع الإضرار بنصيب كلّ واحد واندفع بالجملة ، ففي اعتبار الجملة أو الإفراد وجهان. وعلى تقدير اعتبار ذلك كلّه ففي اعتبار بلوغ نصيب كلٍّ قدر الحبوة قولان.

المسألة السابعة : يشترط الحباء بخلوّ الميت عن دين مستغرق‌ ، فلو‌

__________________

(١) كحرمان كلّهم إذا لم يخلّف الميّت شيئاً أصلاً ، أو زائداً على كفنه ودينه ، وكحرمان المحجوبين ، والزوجة عن الأرضين على المشهور إذا انحصرت التركة فيهما ، وكما إذا أوصى بجميع التركة وأجاز الورثة ثم ندموا بعد الموت ، إلى غير ذلك. منه رحمه‌الله.

(٢) الوسائل ٢٦ : ٩٧ و ٩٨ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٣ ح ١ و ٣ و ٤.

٢٣٢

استغرق دينه تركته التي منها الحبوة لا يحبى. ولم أعثر في ذلك على مخالف ، وكلام الشهيد الثاني في الرسالة يشعر بوجوده (١).

والوجه فيه أنّ الحبوة ليس إلاّ اختصاص في الإرث ، وانتقالها ليس بسبب إلاّ التوريث ، وقد تقدّم أنّ الدين مقدّم على الإرث ، بل لو قيل بعدم كونها إرثا أيضاً ، يمكن إثبات المطلوب بصحيحتي زرارة (٢) ، وأبي ولاّد (٣) ، وخبر السكوني المتقدّم في بحث استغراق الدين للتّركة (٤) ، كما لا يخفى.

فرعان :

أ : لو بذل المحبوّ قيمتها حينئذٍ ، وأراد الاختصاص بها دون غيره من الورثة‌ ، فعلى القول بعدم انتقال التركة إلى الوارث كما هو المختار ليس له ذلك مطلقاً ، إلاّ أن يثبت إجماع على خيار كلّ ذي نصيب في نصيبه.

وعلى القول بالانتقال ، فعلى القول بعدم الاحتساب ، له ذلك ، والوجه ظاهر. وعلى القول به ، فلو كانت الحبوة مساوية لسهمه لولا الدين ، فله ذلك أيضاً ، وإلاّ فلو كان استحقاق كل من الورثة منها على السواء ، بأن لم يخلَّف شي‌ء سواها فالكلّ في ذلك سواء ، ولو لم يكن كذلك فلكلٍ يكون ذلك بقدر نصيبه.

ب : لو كان الدين غير مستغرق فالحكم على القول بالاحتساب واضح.

__________________

(١) رسائل الشهيد الثاني : ٢٤٩.

(٢) التهذيب ٦ : ١٨٧ ، ٣٩١ ، الوسائل ١٨ : ٣٤٥ أبواب الدين والقرض ب ١٣ ح ١.

(٣) التهذيب ٦ : ١٩٣ ، ٤٢١ ، الإستبصار ٣ : ٨ ، ٢٠ ، الوسائل ١٨ : ٤١٥ أحكام الحجر ب ٥ ح ٣.

(٤) في ص : ١١٢.

٢٣٣

وأمّا على القول بعدمه فإن استغرق بعض الحبوة فيمنع المحبوّ منه قطعاً.

وأمّا في توزيع الدين على جميع التركة حينئذ وفيما لو استغرق ما عداها أو قصر عنه أيضاً وعدمه فوجهان :

الأوّل : التوزيع ، وجعله في المسالك الأظهر (١) ، وفي الرسالة متّجهاً ؛ لأنّ الدين يتعلّق بالتركة على الشياع ، والحبوة منها فيصيبها نصيبها (٢).

والثاني ، وهو الذي نسبه في الرسالة إلى ظاهر الأصحاب : عدمه ؛ لعموم النصوص. قال فيها : ويؤيّده إطلاق النصوص والفتاوى باستحقاق جميع الحبوة ، مع أنّ الميّت لا ينفكّ عن دين في الجملة إلاّ نادراً ، فلو كان لمطلق الدين أثر في النقص عليها لنبّهوا عليه فيهما ، وأيضاً : فإنّ الواجب من الكفن ومؤنة التجهيز كالدين بل أقوى ، لتقدّمه عليه ويتعلّق بالتركة شياعاً ، فيلزم أن لا تسلّم الحبوة لأحد ، وهو مناف لإطلاق إثباتها فيهما. وردّ العموم بالتخصيص والبواقي بأنّها مجرد استبعاد ، لا يعارض ما سبق (٣).

أقول‌ : لا ريب في أنّ تعلّق الدين إنّما هو بالشياع ، ولكنّ الشياع ليس ثابتاً بالنّص ، بل إنّما يحكم به لعدم المرجّح وفقد ما يوجب تخصيصه ببعض ، ولكن أخبار الحبوة تخصّصه بغيرها فلا يوزّع.

فإن قيل : ما الوجه في تخصيصه بغيرها بهذه الأخبار؟

قلنا : شهادة العرف بذلك ، ألا ترى أنّه إذا قال قائل : نصف هذه الدار‌

__________________

(١) المسالك ٢ : ٣٢٦.

(٢) رسائل الشهيد الثاني : ٢٥١.

(٣) انظر رسائل الشهيد الثاني : ٢٥١.

٢٣٤

لزيد ، يحكم له به مشاعاً ، فإذا أشار إلى بيت معيّن وقال : إنّه لعمرو ، يحكم بالنصف المشاع من غير هذا البيت [ لزيد ] (١).

فإن قيل : إنّ هذا إنّما يتمّ لو دلّت الأخبار على اختصاص المحبوّ بالحبوة من بين جميع ذوي الحقوق ، لم لا يجوز أن يكون المراد اختصاصه من بين الورثة؟

قلنا : تخصيص بلا مخصّص.

فإن قيل : التبادر يخصّص.

قلنا : التبادر ممنوع.

فإن قيل : فيلزم تقدّم الحبوة على الدين ولو استغرق.

قلنا : لا يلزم لتعلّق الدين حينئذٍ بجميع التركة التي منها الحبوة ، على أنّه يقع التعارض حينئذ بين وفاء الدين وإخراج الحبوة ، فيقدّم الأوّل ، لكون أوامر الوفاء أقوى وأكثر من روايات الحباء ، مع أنّه قد نطقت الأخبار بتقديم الدين على الإرث (٢) ، والحبوة إرث مخصوص.

فإن قيل : مقتضى تقديم الدين عدم اختصاص الحبوة بالمحبوّ أوّلاً فيبقى الدين مشاعاً.

قلنا : تقديمه إنّما هو عند التزاحم والتعارض أي الاستغراق كلا أو بعضاً وأمّا بدونه فيتعلقان بالتركة معاً.

ثمّ إنّه يؤيّد ما ذكرناه أوّلاً من التخصيص ، أنّه لو أوصى الميّت بعين لواحد لا يوزّع الدين عليها بل يخصّص بما عداها ، فتخصيصها بشخص خَصّص تعلّق الدين بغيرها.

__________________

(١) في النسخ : لعمرو ، غيّرناه لتصحيح المتن.

(٢) كما في الوسائل ١٩ : ٣٢٩ أبواب أحكام الوصايا ب ٢٨.

٢٣٥

وبهذا يظهر أنّ الترجيح لما عليه ظاهر الأصحاب.

المسألة الثامنة : لو أوصى الميّت بوصايا‌ ، فإن كانت بعين غير الحبوة لم يمنع منها ؛ لبقائها سالمة من المعارض.

وإن كانت بعين منها فالأقوى الصحّة ؛ لعموم الأدلّة ، ولأنّ الميّت مسلّط على ماله ما دام فيه الروح ، واختصاص المحبوّ بها إنّما هو بعد الموت.

وحينئذ لو زادت عن الثلث اعتبرت إجازة الجميع على القول بالاحتساب ، وعلى القول بعدمه لم يعتبر إلاّ إجازة المحبو. واحتمال اعتبار إجازة الجميع لإطلاق النصّ والفتوى ضعيف ، لأنّ الظاهر أنّ هذا الإطلاق مقيّد بالمستحقّ.

وإن كانت بجزء من التركة مطلقٍ كمائة درهم ، أو منسوبٍ كالثلث ، فالظاهر أنّها حينئذٍ كالدين.

المسألة التاسعة : لو كانت بعض أعيان الحبوة أو كلّها مرهونة على دين على الميّت‌ ، قدّم حقّ المرتهن ، وروعي في استحقاق المحبوّ لها مجاناً أو مع الاحتساب افتكاكها ، ولا يجب على الوارث ، للأصل.

وحينئذ فللمحبوّ فكّها من ماله ، ولا يرجع بما غرم إلى التركة ، لتبرّعه بالأداء.

ولو افتكّها وارث غيره ، فإن كان قبل حلول الأجل فالظاهر عدم استحقاقه لها ، ورجوعها إلى المحبوّ ، لعدم ناقل شرعيّ. وإن كان بعده ، فإن نقلها المرتهن إليه فيستحقّها ، وإن كان بمجرّد الافتكاك فالظاهر أيضاً عدم الاستحقاق واختصاص المحبوّ بها.

المسألة العاشرة : اشترط ابن حمزة في الوسيلة في ثبوت الحبوة‌

٢٣٦

للمحبوّ قضاءه ما فات أباه من صلاة وصيام ، وجعلها عوضاً عن ذلك ، فإذا لم يفعل المعوّض لم يستحقّ العوض (١).

والأكثر على عدم الاشتراط. وهو الأقوى ؛ لإطلاق النصوص ، وعدم دليل على التقييد. على أنّه قد يقال بوجوب القضاء على غير الولد مع أنّه لا حبوة له ، وقد يقال بوجوبه عن المرأة مع أنّه لا حبوة عنها.

المسألة الحادية عشرة : لو كان هناك مجتهدان مختلفان في مسائل الحبوة من الوجوب والاستحباب ، أو المجّانيّة والاحتساب ، أو في ما يُحبى به من الأنواع أو أفراد الأنواع ، أو نحو ذلك ، وقلّد كلّ من أكبر الذكور وسائر الورثة واحداً منهما ممّن فيه الصرفة له : فإن عمل أحدهما بمقتضى رأي مجتهده ولم يزاحمه الآخر إمّا تبرّعاً له أو جهلاً بأنّ له المزاحمة ، أو لعدم اقتداره على مزاحمته ، فلا شي‌ء على الأوّل ، ويحلّ له ما أخذه تقليداً لمجتهده.

فإن نازعه وزاحمه : فإن اتفقا على اختيار مجتهد للترافع فلا كلام ، والحكم حكمه.

وإن تنازعا في ذلك : فإن كان بعد التصرّف في المتنازع فيه وأخذه فالمزاحم للمتصرّف المريد استرداده منه يكون مدّعياً ، ويقدّم من اختاره للمرافعة ، لأنّه يكون مدّعياً.

وإن كان قبل ذلك ، كأن يكون المتنازع فيه في يد ثالث لا يؤدّيه إلاّ بعد تعيّن من يجب الأداء إليه ، أو مَنَعهما مانع من التصرّف قبل رفع النزاع ، أو امتنع كلّ منهما من التصرّف مخافة صيرورة الآخر مدّعياً ، فيقدّم مختار‌

__________________

(١) الوسيلة : ٣٨٧.

٢٣٧

من رجّحه الإمام في مقبولة عمر بن حنظلة (١) وما بمعناها ، من الأفقه والأصدق والأورع كما يأتي ، لتلك الأخبار. وإن لم يكن هناك راجح بل تساوى المجتهدان ، أو لم يمكن تعيين الراجح فالظاهر حينئذ نفوذ حكم كلّ من حكمَ أوّلاً بعد مطالبة أحد المتنازعين الحكم منه ، لأنّه حاكم منصوب من الإمام حكم بحكمه ، فينفذ لكلّ من حكم له وعلى كلّ من حكم عليه.

__________________

(١) الكافي ١ : ٦٧ ، ١٠ ، الفقيه ٣ : ٥ ، ١٨ ، التهذيب ٦ : ٣٠١ ، ٨٤٥ ، الوسائل ٢٧ : ١٠٦ أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١.

٢٣٨

البحث السادس

في حكم الجد والجدّة إذا اجتمعا

أو أحدهما مع الأبوين والأولاد أو أحدهم

وفيه مسائل وخاتمة :

أمّا المسائل فثلاثة :

المسألة الاولى : لا يرث الجد ولا الجدّة مع أحد الأبوين مطلقاً‌ ، وفاقاً لغير الصدوق حيث شرّك الجد من الأب معه ، ومن الامّ معها ، على ما حكاه جماعة (١) ، وقيل : إنّ كلامه وإن كان موهماً لذلك إلاّ أنّه صرّح بعده بخلافه (٢). والإسكافي حيث شرّك الجدّين والجدتين مع الأبوين والبنت الواحدة ، وجعل الفاضل عن سهام الأبوين والبنت لهم (٣).

والظاهر كون الحكمين إجماعيين ، وفي التنقيح الإجماع [ على خلاف الثاني ] (٤) وفي الكافي على كون الجد بمنزلة الأخ (٥).

لنا بعد الإجماع المحقق ، ومنع الأقرب للأبعد ، وكون الأبوين والبنت أقرب ـ : روايتا الحسن بن صالح وأبي بصير ، وصحيحة عبد الله بن‌

__________________

(١) كما في المفاتيح ٣ : ٣٠٢ ، الرياض ٢ : ٣٥١.

(٢) انظر كشف اللثام ٢ : ٢٩١.

(٣) حكاه عنه في التنقيح ٤ : ١٧٠.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في « س » و « ح » : في الثاني ، غيّرناه لتصحيح المتن. ومراده من الثاني قول الإسكافي انظر : التنقيح ٤ : ١٧٠.

(٥) الكافي ٧ : ١١٥.

٢٣٩

جعفر ، المتقدمة في المسألة الاولى من البحث الأول (١).

وهذه الروايات الثلاث باجتماعها تنفي قول الصدوق بشقوقها ، فالأُولى تنفي تشريكه الجد للُام معها ، والثانية تشريكه الجدّ للأب معه ، والثالثة تشريكه الجدين لهما.

وتضعيف دلالة الثانية باحتمال اختصاص الجد فيها بالجد من الام ضعيف ؛ لأنّه تخصيص للعموم الحاصل من ترك الاستفصال بلا مخصص.

بل كل منها بانفراده ينفي جميع الشقوق أيضاً بضميمة الإجماع المركب.

ولا ينفي شي‌ء منهما قول الإسكافي ، إلاّ أن يقال : إن تشريكه لا يختص بالصورة المذكورة ، وإنما ذكرت تمثيلاً ، بل أعم منها ومن سائر الصور المشتملة على زيادة الفريضة عن سهام ذوي الفروض ، أو أعم منهما ومن الصورة التي لا تشتمل على رد ، كاجتماع الجدودة مع الأبوين أو الأب كما هو الظاهر من استدلاله ، كما يأتي ، فحينئذ ينفي بعض صور ما اختاره بهذه الروايات ، ويمكن حينئذ نفي البواقي أيضاً بالإجماع المركب.

ولنا أيضاً : الأخبار المستفيضة الدالة على أنّه لا يرث مع الأب أو الأُم أو الولد أحد إلاّ الزوج والزوجة ، كصحيحتي محمد وزرارة المتقدمة في المسألة المذكورة (٢) ، ورواية العبدي المتقدمة في المسألة الاولى من البحث الثاني (٣) ، وغيرها.

__________________

(١) في ص : ١٥٦.

(٢) في ص : ١٥٥.

(٣) في ص : ١٦٨.

٢٤٠