مستند الشّيعة - ج ١٩

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٩

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-211-3
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤٨٢

ورواية زرارة : « رجل مات وترك ابنته وأبويه : للابنة ثلاثة أسهم ، وللأبوين لكلّ واحد منهما سهم ، يقسّم المال على خمسة أجزاء ، فما أصاب ثلاثة أجزاء فللابنة ، وما أصاب جزأين فللأبوين » (١).

وفي فقه الرضا عليه‌السلام : « فإن ترك أبوين وابنةً فللابنة النصف وللأبوين السدسان ، يقسّم المال على خمسة ، فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة وما أصاب سهمين فللأبوين » (٢).

ولكن هذا الحكم مختصّ بما إذا لم يكن معهم إخوة حاجبة. وأمّا مع وجودهم فالامّ محجوبة عن الردّ ، وهو مخصوص بالبنت والأب.

والمخصِّص الإجماع المحقق وبه أيضاً صرّح في المسالك (٣) ، وقال في الكفاية : لا أعرف خلافاً بين الأصحاب (٤).

وقد يعلّل ذلك بقوله تعالى ( فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ) (٥).

وفي دلالته نظر ؛ لأنّ سياقها يقتضي الاختصاص بصورة عدم الولد ، ولا أقلّ من احتمالها ، فلا يصحّ الاستدلال.

نعم يمكن أن يستدلّ له بقوله تعالى ( وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ ) (٦).

__________________

(١) الكافي ٧ : ٩٤ ، ٢ ، التهذيب ٩ : ٢٧٢ ، ٩٨٤ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٩ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٧ ح ٢.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٨٧ ، مستدرك الوسائل ١٧ : ١٧٢ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٣ ح ٣.

(٣) المسالك ٢ : ٣٢٤.

(٤) الكفاية : ٢٩٥.

(٥) النّساء : ١١.

(٦) النّساء : ١١.

١٨١

حيث يدلّ على أنّ لكلّ منهما مع الولد ليس إلاّ السدس ، خرج ما خرج بالدليل ، فيبقى الباقي.

وأمّا الاستدلال عليه بالقياس بطريق الأولى ، بأن يقال : إنّ وجود الإخوة يوجب حرمانها عن أصل الفريضة العليا فيوجب حرمانها عن الردّ بطريق أولى.

فلا يخفى ما فيه ؛ لمنع الأولويّة ، لأنّها إنّما تُعلم لو كانت العلّة معلومة وكانت في الفرع أولى ، وهي غير معلومة هنا ، على أنّه صرّح في الأخبار بأنّ التوفير لكون الإخوة عيال الأب ، وذلك في الأصل والفرع سواء من غير أولويّة ، نعم يمكن تأييد المطلوب بوجود العلّة المنصوصة فيما نحن فيه أيضاً.

ثمّ إنّهم اختلفوا في أنّ ما حجب منه الام من نصيبه من الردّ هل يقسّم بين الأب والبنت على نسبة سهامهم أو يخصّ بالأب؟

المشهور هو الأوّل ، فيقسّم الزائد أرباعاً. وذهب الشيخ معين الدين المصري إلى الثاني ، فيقسّمه أخماساً خمساه له وثلاثة أخماسه لها (١) ، وما عثرت لشي‌ء من القولين له على دليل يمكن الركون إليه.

نعم لا يبعد دعوى الإجماع على أوّلهما ، بل التشبث بقوله عليه‌السلام : « فيردّ عليهما بقدر سهامهما » بعد قوله : « فهما أحقّ بهما » في رواية بكير المتقدمة (٢) ، حيث رتّب الردّ بقدر السهام على الأحقيّة ، فتدل على علّيتها له ، وأحقيّة الأب والبنت هنا متحقّقة ، فيترتّب عليها الردّ بالنسبة.

__________________

(١) حكاه عنه في المسالك ٢ : ٣٢٤.

(٢) في ص : ١٧٩.

١٨٢

المسألة الخامسة : إذا دخل عليهم أحد الزوجين فلا يخلو إمّا أن يكون في الأولاد ذكر منفرداً أو مع أُنثى أو لا ، فإن كان فلكلّ من الأبوين وأحد الزوجين النصيب الأدنى ، بالإجماع ، والآية ، والأخبار ، والباقي للأولاد ، للإجماع ، وصحيحة محمد وبكير وفيها : « فإن تركت المرأة زوجها وأبويها وابناً أو ابنين أو أكثر فللزوج الربع ، وللأبوين السدسان ، وما بقي فللبنين بينهم بالسوية ، فإن تركت زوجها وأبويها وابنة وابناً أو بنين وبنات فللزوج الربع ، وللأبوين السدسان ، وما بقي فللبنين والبنات للذّكر مثل حظّ الأُنثيين » (١).

وإن لم يكن ويكون الجميع حينئذ ذوي فروض ، فإمّا أن تكون التركة زائدة على الفروض ويكون ذلك باجتماع أحد الأبوين والزوجة مع البنتين فصاعداً ، أو باجتماعه مع الزوج والبنت أو اجتماع الأبوين أو أحدهما والزوجة معها ، أو ناقصة ، وذلك في سائر الصور.

فعلى الأوّل يأخذ كلّ ذي فرض فرضه ويردّ الزائد في المثال الأوّل على البنتين وأحد الأبوين أخماساً ، فتكون التركة مقسومة على مائة وعشرين وفي الثاني على البنت وأحدهما أرباعاً ، فتكون مقسومة على ثمانية وأربعين. وفي الثالث عليها وعليهما أخماساً ، وتكون مقسومة على مائة وعشرين إلاّ مع الإخوة الحاجبة فيرد عليها وعلى الأب خاصّة أرباعاً ، وتكون مقسومة على ستة وتسعين. وفي الرابع عليها وعلى أحدهما أرباعاً ، فيقسّم أيضاً على ستة وتسعين ، ولا يكون ردّ على أحد الزوجين.

__________________

(١) الكافي ٧ : ٩٦ ، ١ ، الفقيه ٤ : ١٩٣ ، ٦٦٩ ، التهذيب ٩ : ٢٨٨ ، ١٠٤١ ، الوسائل ٢٦ : ١٣١ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٨ ح ١ ، بتفاوت.

١٨٣

والدليل على ذلك كلّه بعد الإجماع ، وعدم الردّ على الزوج الزوجة بالنصّ ، رواية زرارة وفيها : « وإن ترك الميت امّاً أو أباً وامرأة وبنتاً ، فإنّ الفريضة من أربعة وعشرين سهماً : للمرأة الثمن ثلاثة من أربعة وعشرين ، ولأحد الأبوين السدس أربعة أسهم وللابنة النصف اثنا عشر سهماً ، وبقي خمسة أسهم هي مردودة على سهام الابنة وأحد الأبوين على قدر سهامهم ، ولا يردُّ على المرأة شي‌ء. وإن ترك أبوين وامرأة وبنتاً فهي أيضاً من أربعة وعشرين سهماً : للأبوين السدسان ثمانية أسهم لكلّ واحد أربعة أسهم ، وللمرأة الثمن ثلاثة أسهم ، وللبنت النصف اثنا عشر سهماً ، وبقي سهم واحد مردودٌ على الابنة والأبوين على قدر سهامهم ، ولا يردّ على المرأة شي‌ء. وإن ترك أباً وزوجاً وابنة فللأب سهمان من اثني عشر وهو السدس ، وللزوج الربع ثلاثة أسهم من اثني عشر سهماً ، وللابنة النصف ستّة أسهم من اثني عشر ، وبقي سهم واحد مردودٌ على الابنة والأب على قدر سهامهما ، ولا يردُّ على الزوج شي‌ء » الحديث (١).

وعلى الثاني (٢) يأخذ أحد الزوجين والأبوان أو أحدهما النصيب الأدنى بلا نقص ، والباقي للبنت أو البنتين ؛ للإجماع ، وبطلان العول ، والأخبار المصرّحة بأنّ الأبوين لا ينقصان من السدس أبداً والزوج والزوجة من الربع والثمن كذلك (٣) ، فيختصّ النقص بالبنت أو البنتين.

ورواية زرارة وفيها : عن امرأة تركت زوجها وأُمّها وابنتيها ، فقال : « للزوج الربع ، وللأُم السدس وللابنتين ما بقي » (٤).

__________________

(١) الكافي ٧ : ٩٧ ، ٣ ، الوسائل ٢٦ : ١٣٢ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٨ ح ٣.

(٢) أي : إذا كانت التركة ناقصة عن الفروض.

(٣) الوسائل ٢٦ : ١٢٨ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٧.

(٤) الكافي ٧ : ٩٧ ، ٣ ، الوسائل ٢٦ : ١٣٢ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٨ ح ٣.

١٨٤

وصحيحة محمد : في امرأة ماتت وتركت زوجها وأبويها وابنتها ، قال : « للزوج الربع ثلاثة أسهم من اثني عشر سهماً ، وللأبوين لكلّ واحد منهما السدس سهمان من اثني عشر سهماً ، وبقي خمسة أسهم فهي للابنة » إلى أن قال : « لأنّ الأبوين لا ينقصان كلّ واحد منهما من السدس شيئاً ، وأن الزوج لا ينقص من الربع شيئاً » (١).

وصحيحة محمد وبكير : في زوج وأبوين وابنة : « للزوج الربع ثلاثة أسهم من اثني عشر سهماً ، وللأبوين السدسان أربعة أسهم من اثني عشر سهماً ، وبقي خمسة أسهم فهي للابنة » إلى أن قال : « وإن كانتا ابنتين فلهما خمسة من اثني عشر سهماً » الحديث (٢).

__________________

(١) الكافي ٧ : ٩٦ ، ٢ ، التهذيب ٩ : ٢٨٨ ، ١٠٤٢ ، الوسائل ٢٦ : ١٣٢ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٨ ح ٢.

(٢) الكافي ٧ : ٩٦ ، ١ ، الفقيه ٤ : ١٩٣ ، ٦٦٩ ، التهذيب ٩ : ٢٨٨ ، ١٠٤١ ، الوسائل ٢٦ : ١٣١ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٨ ح ١.

١٨٥

البحث الرابع

في ميراث أولاد الأولاد‌

وفيه مسائل :

المسألة الأُولى : الحقّ المشهور أنّ أولاد الأولاد وإن نزلوا يرثون مع الأبوين أو أحدهما كآبائهم ، ذهب إلى ذلك الفضل والكليني (١) ، والشيخان والسيدان (٢) ، والعماني والديلمي والحلبي والحلّي والقاضي والكراجكي (٣) ، وعامّة من تأخر عنهم (٤).

وذهب الصدوق في المقنع والفقيه إلى أنّهم يمنعون بالأبوين أو أحدهما ، ولا يرثون إلاّ مع فقدهما (٥) ، ويظهر من الوافي الميل إليه (٦).

لنا بعد الإجماع المحقّق ، والمنقول في الخلاف والكافي في أوّل كتاب الفرائض والانتصار والسرائر والغنية والكنز والتنقيح (٧) ، رواية‌

__________________

(١) حكاه عن الفضل في الكافي ٧ : ٨٨ ، ذح ٤ ، الكليني في الكافي ٧ : ٧٠.

(٢) المفيد في المقنعة : ٦٨٨ ، الطوسي في النهاية : ٦٣٤ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٥ ، المرتضى في الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٢٢.

(٣) حكاه عن العماني في المختلف : ٧٢٩ ، الديلمي في المراسم : ٢١٦ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ٣٦٨ ، الحلي في السرائر ٣ : ٢٥٧ ، القاضي في المهذب ٢ : ١٣٢.

(٤) كالمحقق في الشرائع ٤ : ٢٤ ، والعلاّمة في القواعد ٢ : ١٧٠ ، والشهيد في اللمعة ( الروضة البهية ٨ ) : ١٠٢.

(٥) المقنع : ١٦٩ ، الفقيه ٤ : ١٩٦.

(٦) الوافي ٢٥ : ٧٩١ ٧٩٢.

(٧) الخلاف ٤ : ٥٠ ، الكافي ٧ : ٧٠ ، الانتصار : ٢٩٨ ، السرائر ٣ : ٢٤٠ ، ٢٤٨ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٧ ، كنز العرفان ٢ : ٣٢٩ ، التنقيح ٤ : ١٦٤.

١٨٦

زرارة : « فإن لم يكن له ولد وكان ولد الولد ذكوراً كانوا أو إناثاً فإنّهم بمنزلة الولد ، وولد البنين بمنزلة البنين يرثون ميراث البنين ، وولد البنات بمنزلة البنات يرثون ميراث البنات ، ويحجبون الأبوين والزوج والزوجة عن سهامهم الأكثر وإن سفلوا ببطنين وثلاثة وأكثر ، يرثون ما يرث ولد الصلب ، ويحجبون ما يحجب ولد الصلب » (١).

وصحيحة البجلي : « بنات الابنة يرثن ، إذا لم تكن بنات كنّ مكان البنات » (٢).

وروايته ، قال : « ابن الابن إذا لم يكن من صلب الرجل أحد قام مقام الابن » قال : « وابنة البنت إذا لم يكن من صلب الرجل أحد قامت مقام البنت » (٣).

دلّتا بعموم الشرط على أنّ ابن الابن وابنة البنت يقومان مقام الابن والبنت عند عدمهما دائماً ، فيشمل حال وجود الأبوين أيضاً ، والتخصيص يحتاج إلى المخصّص ، والقول بعدم توريثهما مع وجودهما يستلزم عدم قيامهما مقامهما حينئذ كما لا يخفى. وأيضاً لو كان قيامهما مقامهما مشروطاً بعدم الأبوين لزم قيام غير الشرط مقامه ، لأنّ عدم الولد حينئذٍ يكون جزءاً للشرط وهو غيره.

فإن قيل : الشرط ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود ، وجزء الشرط أيضاً كذلك ، فهو أيضاً شرط فلا محذور في جعله‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ٩٧ ، ٣ ، الوسائل ٢٦ : ١٣٢ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٨ ح ٣.

(٢) الكافي ٧ : ٨٨ ، ٣ ، التهذيب ٩ : ٣١٧ ، ١١٣٨ ، الإستبصار ٤ : ١٦٦ ، ٦٣٠ ، الوسائل ٢٦ : ١١٠ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٧ ح ١.

(٣) التهذيب ٩ : ٣١٧ ، ١١٤١ ، الوسائل ٢٦ : ١١٢ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٧ ح ٥.

١٨٧

شرطاً ، ولا يلزم قيام غير الشرط مقامه.

قلنا : هذا إنّما هو فيما إذا جعل شي‌ء شرطاً لوجود شي‌ء آخر فلا يلزم من وجوده الوجود ، وأمّا إذا حكم بوجود شي‌ء بشرط شي‌ء آخر فيلزم في صدقه من استلزام وجوده الوجود ، وإلاّ لزم الكذب ، وما نحن فيه كذلك.

وتؤيّده أيضاً رواية إسحاق بن عمّار : « ابن الابن يقوم مقام الابن » (١).

وقد يستدلّ أيضاً : بأنّ الآية والأخبار مصرّحة بإرث الولد مع الأبوين (٢) ، وهو يصدق على ولد الولد حقيقة.

وفيه : أنّ الصدق ممنوع كما يأتي.

للصدوق : صحيحة البجلي عن الصادق عليه‌السلام : قال : « بنات الابنة يقمن مقام الابنة إذا لم يكن للميّت بنات ولا وارث غيرهنّ ، وبنات الابن يقمن مقام الابن إذا لم يكن للميّت ولد ولا وارث غيرهنّ » (٣).

دلّت بعموم النكرة على اشتراط قيامهنّ مقام الابنة والابن على انتفاء الوارث مطلقاً ، خرج غير الأبوين والأولاد بالإجماع.

وصحيحة الخزّاز : « كلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به إلاّ أن يكون وارث للميّت أقرب منه » (٤).

__________________

(١) الكافي ٧ : ٨٨ ، ٢ ، التهذيب ٩ : ٣١٧ ، ١١٣٩ ، الاستبصار ٤ : ١٦٧ ، ٦٣١ وفيها : مقام أبيه ، الوسائل ٢٦ : ١١٠ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٧ ح ٢.

(٢) الوسائل ٢٦ : ١١٠ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٧.

(٣) الكافي ٧ : ٨٨ ، ٤ ، التهذيب ٩ : ٣١٦ ، ١١٣٦ ، الإستبصار ٤ : ١٦٦ ، ٦٢٨ ، الوسائل ٢٦ : ١١١ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٧ ح ٤.

(٤) الكافي ٧ : ٧٧ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٢٦٩ ، ٩٧٦ ، الوسائل ٢٦ : ٦٨ أبواب موجبات الإرث ب ٢ ح ١.

١٨٨

وكون الأبوين أقرب منه.

وكون نسبته كنسبة الجد ، وهو لا يرث مع أحدهما ، فكذلك ذلك.

وكونهما متساويي النسبة مع الولد ، وهو يحجب ولد الولد ، فهما أيضاً كذلك.

والجواب أمّا عن الأوّل : بعدم الدلالة أوّلاً ، لاحتمال أن يكون المراد : ولا يرث معهن غيرهن ، كما لا يرث مع الابن والابنة غيرهما ، فيكون قوله : « ولا وارث غيرهن » معطوفاً على بنات الابنة (١). وبعدم الحجيّة ثانياً ، لشذوذه بمخالفته للشهرتين القديمة والجديدة ، بل الإجماع في الحقيقة. وبلزوم التخصيص ، للإجماع ولكون رواية زرارة خاصّة مع اعتضادها بالعمل ثالثاً.

وبالأخيرتين يجاب عن الثاني أيضاً.

وأمّا عن الثالث : فبالمعارضة بأولاد الأخ والجدّ وأمثالهما. والحلّ بأنّ عموم تقديم الأقرب مخصّص. وأجاب في الكفاية بمنع الأقربيّة (٢) ، ولعلّه لم يلاحظ فيها قلّة الوسائط ، أو لكون ولد الولد بمنزلة الولد الذي ليس أحد الأبوين أقرب منها.

وأمّا عن الرابع : فبأنّه [ قياس (٣) ] وهو باطل عندنا.

وأمّا عن الخامس : فبأنّه إن أُريد التساوي من جميع الوجوه فممنوع ، وإن أُريد ببعض الوجوه جازت المخالفة بوجه آخر.

__________________

(١) بأن يخصّ قوله « لا وارث غيرهنّ » المذكور أوّلاً بالذكور ، والمذكور ثانياً بالإناث. ( منه رحمه‌الله).

(٢) الكفاية : ٢٩٦.

(٣) في النسخ : مناسب ، وهو تصحيف.

١٨٩

المسألة الثانية : الحقّ المشهور أنّ أولاد الأولاد يقومون مقام آبائهم ، ولكلّ منهم نصيب من يتقرّب به ، فلأولاد الابن نصيبه وإن كان أُنثى ، ولأولاد البنت نصيبها وإن كان ذكراً ، فلبنت الابن المنفردة جميع المال ، ولابن البنت وإن تعدّد النصف بالفرض والباقي بالردّ ، إلى غير ذلك من الأحكام.

وهو مذهب الصدوق والشيخين (١) ، والعماني في أحد قوليه (٢) ، والحلبي والقاضي وابن حمزة (٣) ، وعامة من تأخر عنهم (٤) ، وفي كنز العرفان : انعقاد الإجماع عليه بعد السيّد (٥) ، وفي الغنية : إنّ عليه إجماع الطائفة (٦).

وذهب جماعة منهم العماني في قوله الآخر (٧) ، والسيد والمصري (٨) ، والحلّي إلى أنّهم يقتسمون تقاسم الأولاد من غير اعتبار من تقربوا به ، فللذكر منهم مثل حظ الأُنثيين وإن كان الذكر من الأُنثى والأُنثى من الذكر (٩) ،

__________________

(١) الصدوق في المقنع : ١٧١ ، المفيد في المقنعة : ٦٨٨ ، الطوسي في النهاية : ٦٣٤.

(٢) حكاه عنه في المختلف : ٧٢٩.

(٣) الحلبي في الكافي في الفقه : ٣٦٨ ، القاضي في المهذب ٢ : ١٣٢ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٣٨٧.

(٤) كالمحقق في الشرائع ٤ : ٢٤ ، والعلاّمة في القواعد ٢ : ١٧٠ ، والشهيد الثاني في الروضة ٨ : ١٠٢.

(٥) كنز العرفان ٢ : ٣٢٨.

(٦) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٧.

(٧) حكاه عنه في السرائر ٣ : ٢٤٠.

(٨) السيد في الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٢٢ ، حكاه عن المصري في كشف الرموز ٢ : ٤٤٨ والمختلف : ٧٣٢.

(٩) السرائر ٣ : ٢٣٢ ٢٤٠.

١٩٠

وقال في المفاتيح : ولا يخلو من قوّة (١) ، وفي الكفاية : ولا يبعد ترجيحه (٢) ، وجعله الأردبيلي قريباً.

لنا : رواية زرارة المتقدمة (٣) ، وهي نص في المطلوب ، وضعفها سنداً غير ضائر من وجوه.

وصحيحة سليمان بن خالد : قال : « كان علي عليه‌السلام يجعل العمّة بمنزلة الأب في الميراث ، ويجعل الخالة بمنزلة الأُم ، وابن الأخ بمنزلة الأخ » قال : « وكلّ ذي رحم لم يستحقّ له فريضة فهو على هذا النحو » (٤).

وصحيحة الخزّاز عنه عليه‌السلام : قال : « إنّ في كتاب علي عليه‌السلام أنّ العمّة بمنزلة الأب ، والخالة بمنزلة الأُم ، وبنت الأخ بمنزلة الأخ ، وكلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به ، إلاّ أن يكون وارث أقرب إلى الميّت منه فيحجبه » (٥).

وجه الاستدلال : أنّ المراد بكون العمّة والخالة وكلّ ذي رحم بمنزلة من ذكر في الميراث ليس كونهم بمنزلته في مطلق التوريث ، وإلاّ لم يكن لهذا التفصيل وجه ، ولا في الحاجبيّة والمحجوبيّة ، لانتفاء التنزيل فيهما ، فبقي أن يكون المراد في قدر الميراث ، أو في جميع الأحكام إلاّ ما خرج بالدليل ، إذ ليس شي‌ء آخر يصلح للتقدير سواهما.

__________________

(١) المفاتيح ٣ : ٣٢٢.

(٢) الكفاية : ٢٩٦.

(٣) في ص : ١٨٥.

(٤) التهذيب ٩ : ٣٢٦ ، ١١٧١ ، الوسائل ٢٦ : ١٨٨ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٢ ح ٧.

(٥) التهذيب ٩ : ٣٢٥ ، ١١٧٠ ، الوسائل ٢٦ : ١٨٨ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٢ ح ٦.

١٩١

وقد يستدل أيضاً بصحيحتي البجلي وروايته المتقدمة (١).

وردّ باحتمال أن يكون المراد بقيامهنّ مقام الابن والبنت قيامهنّ مقامهما في الإرث ، أو في حجب الأبوين والزوجين عن أعلى فروضهم ، لا في قدر النصيب.

وهو وإن كان محتملاً إلاّ أنّه بعيد ، لمكان التفصيل.

احتج المخالف (٢) : بقوله تعالى ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ) (٣) وسائر عمومات قسمة الأولاد (٤) ، قال : إنّ ولد الولد ولد حقيقة ، فيكون للذّكر مثل حظّ الأُنثيين.

والجواب أولاً : أنّه لو سلّم الصدق تكون الآية وما بمعناها عامّة فتخصّص بما ذكر.

وثانياً : أنّه إن أُريد صدقه عليه لغةً فممنوع ، فإنّ ولد الشي‌ء في اللغة ما يتولّد عنه (٥) ، ولا يصدق على ولد ولد الشخص أنّه تولّد عنه ، وأمّا الاستعمال فلا يفيد ، لكونه أعمّ من الحقيقة.

وإن أُريد الصدق الشرعيّ ، فيتوقّف على ثبوت الحقيقة الشرعيّة فيه ؛ وثبوتها إمّا بتصريح الشارع بالوضع ، أو بكثرة الاستعمال وغلبته بحيث يهجر المعنى الأوّل ؛ وشي‌ء منهما لم يتحقّق ، فإنّه لم ينقل من كتاب ولا سنّة ، ولم يثبت إجماع على الوضع ، والاستعمال لا يفيد ، والغلبة هنا ممنوعة ، كيف؟! مع أنّهم يستعملون الولد في الولد للصلب أكثر من‌

__________________

(١) في ص ١٨٥ و ١٨٦.

(٢) انظر السرائر ٣ : ٢٣٢ ٢٤٠.

(٣) النساء : ١١.

(٤) الوسائل ٢٦ : ١١٠ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٧.

(٥) انظر لسان العرب ٣ : ٤٦٧ ، المصباح المنير : ٦٧١.

١٩٢

استعماله في ولد الولد أو في القدر المشترك. وأمّا ذِكر الولد أحياناً والتصريح بإرادة ولد الولد منه فلا يثبت الحقيقة الشرعيّة ، على أنّ في بعض الأخبار دلالة على خلافه كما يأتي.

وإن أُريد العرفيّ ، فثبوته فرع حصول التبادر عند أهل العرف ، وهو ممنوع ، كيف؟! وقد ذهب الأكثر إلى خلافه ، وهم من أهل العرف. وأمّا التبادر في بعض المواضع فإنّما هو لأجل القرينة.

ويدلّ على عدم الصدق أيضاً الأخبار النافية لصدق الولد على ولد الولد وسلبه عنه ، والأخبار الجاعلة ولد الولد بمنزلة الولد ، كرواية زرارة (١) ، وصحيحتي البجلي (٢) ، وروايته المتقدمة (٣) ، حيث إنّ فيها قوله : « إذا لم يكن ولد » « ولم يكن بنات » فسُلب الولد والبنات ، ولو كان الولد صادقاً على ولد الولد لما جاز السلب ، ولما كان بمنزلته ، بل كان هو هو.

واستدلّوا على الصدق بوجوه :

منها : الآيات ، كقوله تعالى ( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ ) (٤).

فإنّه لا خلاف في أنّه تحرم بهذه الآية زوجة الجدّ ، فتدلّ على أنّ أب الأب والأُم أبٌ حقيقة ، فيكون ولد الابن والبنت ولداً حقيقة للتّضايف.

وقوله سبحانه ( وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ ) (٥).

فإنّه لا خلاف في أنّ بهذه الآية يحرم نكاح زوجة ولد الولد ، لصدق الابنيّة والبنتيّة.

__________________

(١) في ص : ١٨٥.

(٢) في ص : ١٨٥ و ١٨٦.

(٣) في ص : ١٨٥.

(٤) النساء : ٢٢.

(٥) النساء : ٢٣.

١٩٣

وقوله تعالى ( أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ ) (١).

فإنّه يحلّ بهذه الآية لابن الولد النظر إلى زينة جدّته ، أو زوجة جدّه.

وقوله تعالى ( فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ ) و ( فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ ) (٢) و ( لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ) (٣).

فإنّ الولد في جميع هذه المواضع شامل بإطلاقه لولد الولد ، والأحكام المذكورة مترتّبة عليه بلا خلاف ، ومن الظاهر أنّه لولا الصدق حقيقة لما ترتّب.

ويجاب عنه : بأنّ غاية ما ثبت منه الاستعمال وهو أعمّ من الحقيقة.

ومنها : الأخبار المجرية أحكام الأولاد على أولادهم بالاستدلال بهذه الآيات ، كالأخبار التي استدلّ فيها على حرمة زوجات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الحسنين عليهما‌السلام بقوله تعالى ( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ ) وغيرها (٤).

والجواب : أنّ الاستدلال بها لا يدلّ على كونها حقائق ، لجواز الاستدلال بالألفاظ المستعملة في المجازات عند وجود القرينة ، أو تسليم الخصم ، والخصم يدّعي أنّ القرينة في هذه الآيات موجودة وإن لم يكن غير الإجماع.

ومنها : الأخبار الواردة في تسمية الحسنين عليهما‌السلام وأولادهما أولاد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهي كثيرة (٥).

__________________

(١) النور : ٣١.

(٢) النساء : ١٢.

(٣) النساء : ١١.

(٤) انظر الوسائل ٢٦ : ١١٠ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٧.

(٥) الاحتجاج : ٣٢٤ ، الوسائل ٢٠ : ٤١٦ أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب ٢ ح ١٢ ، وقد وردت رواية أُخرى في الدعائم ٢ : ٣٦٧ ، ١٣٣٢.

١٩٤

والجواب ظاهر بعد ما مرّ.

ومنها : مدحهما بأنّهما ابنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهما يفضّلان بذلك ، ولا فضيلة ولا مدح في وصف مجاز مستعار.

والجواب : أنّه كيف لا مدح في المجاز ، مع أنّ أكثر مدائح الأئمة الواردة في الزيارات والأدعية من باب المجاز ، وإنّ المدح بالوصف المجازي باعتبار العلاقة الكائنة في الممدوح.

ومنها : أنّ لفظ الولد استعمل في ولد الولد ، والأصل في الاستعمال الحقيقة.

والجواب : أنّ أصالته في مثل ذلك ممنوعة ، وإنّما هي مسلّمة فيما لم يعلم له معنى حقيقي آخر.

ومنها : الإجماع ، ادّعاه السيّد والحلّي (١).

والجواب : أنّه ممنوع ، والمنقول منه غير حجّة.

ومنها : اقتسام المال بين أولاد الأنثى (٢) للذكر مثل حظ الأنثيين ، مستدلاً بقوله تعالى ( يُوصِيكُمُ اللهُ ) فلولا الصدق لما صحّ الاستدلال.

قلنا : انحصار الدليل فيه ممنوع ، بل المناط الإجماع وغيره ، ولو انحصر فلا نقول به ، على أنّه لا يرد على من قال بالتسوية بينهم.

وممّا يمكن أنّ يستدلّ به على أنّ أولاد الأولاد يتقاسمون تقاسم الأولاد ، الأخبار الواردة في علّة تفضيل الرجال ، كما رواه الفقيه في الصحيح ، عن هشام : إنّ ابن أبي العوجاء قال لمحمد بن النعمان الأحول : ما بال المرأة الضعيفة لها سهم واحد وللرجل القوي الموسر سهمان؟ قال‌

__________________

(١) رسائل الشريف المرتضى ٣ : ٢٥٧ ٢٦٥ ، الحلي في السرائر ٣ : ٢٤٠ ، ٢٥٧.

(٢) في « ق » : الأولاد.

١٩٥

فذكرت ذلك لأبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « إنّ المرأة ليس لها عاقلة ، ولا عليها نفقة ، ولا جهاد » وعدّ أشياء غير هذا « وهذا على الرجل ، فلذلك جعل له سهمان ولها سهم » (١).

وحسنة مؤمن الطاق ، قال : قال لي ابن أبي العوجاء : ما بال المرأة المسكينة الضعيفة تأخذ سهماً واحداً ويأخذ الرجل سهمين؟! قال : فذكر بعض أصحابنا لأبي عبد الله عليه‌السلام فقال : « لأنّ المرأة ليس عليها جهاد ، ولا نفقة ، ولا معقلة ، وإنّما ذلك على الرجال ، فلذلك جعل للمرأة سهم وللرجل سهمان » (٢).

وما كتب الرضا عليه‌السلام إلى محمّد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله : « علّة إعطاء النساء نصف ما يعطى الرجال من الميراث لأنّ المرأة إذا تزوجت أخذت والرجل يعطي » (٣).

ورواية عبد الله بن سنان : قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : لأيّ علّة صار الميراث للذّكر مثل حظّ الأُنثيين؟ قال : « لما يجعل لها من الصداق » (٤) إلى غير ذلك من الأخبار المتكثرة (٥).

وجوابه : أنّ عمومها لو سلّم مخصّص بما مرّ ، وعلل الشرائع معرّفات‌

__________________

(١) الفقيه ٤ : ٢٥٣ ، ٨١٦ ، الوسائل ٢٦ : ٩٣ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٢ ح ١.

(٢) الكافي ٧ : ٨٥ ، ٣ ، التهذيب ٩ : ٢٧٥ ، ٩٩٣ ، المحاسن : ٣٢٩ ، ٨٩ ، الوسائل ٢٦ : ٩٣ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٢ ح ١.

(٣) الفقيه ٤ : ٢٥٣ ، ٨١٤ ، التهذيب ٩ : ٣٩٨ ، ١٤٢٠ ، العلل : ٥٧٠ ، ١ ، العيون ٢ : ٩٦ ، الوسائل ٢٦ : ٩٥ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٢ ح ٤.

(٤) الفقيه ٤ : ٢٥٣ ، ٨١٥ ، التهذيب ٩ : ٣٩٨ ، ١٤٢١ ، الوسائل ٢٦ : ٩٥ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٢ ح ٥.

(٥) كما في الوسائل ٢٦ : ٩٣ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٢.

١٩٦

يجوز التخلّف عنها لمانع ، وأصالة عدم المانع مندفعة بما مرّ.

ثمّ إن السيّد قد ذكر إلزامات على المذهب المختار ، وزعم أنّه لا مخلص منها.

منها : لزوم كون نصيب البنت أزيد من نصيب الابن بل البنين ، كما في رجل خلّف بنت ابن وأبناء بنت ، وهو غير جائز ، كما نطقت به حسنة محمد وبكير ، ورواية زرارة المتقدمتان (١).

ومنها : لزوم تساوي نصيب البنت نصيب الابن لو كان مكانها ، فإن كلاًّ منهما يرث جميع التركة.

ومنها : لزوم توريث البنت والبنتين الجميع ، مع أنّ لها النصف ولهما الثلثان ، بظاهر القرآن.

ومنها : لزوم عدم تقاسم أولاد البنت تقاسم الأولاد ، إذ لا دليل عليه سوى الآية ، وهي لا تشمل أولاد الأولاد عندهم.

ولا يخفى أنّ هذه التشنيعات لازمة عليه في أولاد الإخوة والأخوات والأعمام والعمّات ، فما يجيب به عنه نجيب به ، على أنّه لا تشنيع في شي‌ء منها :

أمّا الأوّل : فلأنّه لا استبعاد في زيادة نصيب البنت على نصيب الابن أو البنين ، نعم لا يزيد نصيبها على نصيبه لو كان مكانها ، كما في الأخبار ، أي فيما إذا لم تكن البنت وكان الابن مكانها متقرّباً على وجه تتقرّب هي به ، وليس موضع الإلزام من هذا القبيل.

وأمّا الثاني : فلأنّه لا دليل على بطلان تساوي نصيب الابن والبنت‌

__________________

(١) في ص ١٧٢ و ١٧٥.

١٩٧

لغير الصلب.

وأمّا الثالث : فلأنّ التسميتين إنّما تثبتان بظاهر القرآن للبنت والبنتين اللتين هما من الأولاد ، وقد عرفت اختصاص صدق الولد على الولد للصلب.

وأمّا الرابع : فقد سبق دفعه.

المسألة الثالثة : لا خلاف في أنّ أولاد الابن يقتسمون نصيبهم للذّكر مثل حظّ الأُنثيين.

وهو المشهور في أولاد البنت أيضاً ، وعليه الإجماع عن التنقيح وظاهر الشرائع (١).

ونقل الشيخ عن بعض أصحابنا قولاً بأنّهم يقتسمون بالسويّة (٢) ، واختاره القاضي (٣) ، ونقل في التنقيح عن بعض الفضلاء أنّه قال : لا يخلو من قوة (٤).

والحقّ هو الأوّل ؛ لا لقوله تعالى ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ) (٥) لعدم صدق الولد.

بل للإجماع ، وأخبار علّة تفضيل الرجال المتقدمة (٦).

وقول الرضا عليه‌السلام في فقهه : « وجعل الأموال بعد الزوج والزوجة‌

__________________

(١) التنقيح ٤ : ١٦٤ ، الشرائع ٤ : ٢٥.

(٢) النهاية : ٦٣٤.

(٣) المهذب ٢ : ١٣٣.

(٤) التنقيح ٤ : ١٦٣.

(٥) النساء : ١١.

(٦) في ص : ١٩٤.

١٩٨

والأبوين للأقرب فالأقرب ، للذّكر مثل حظّ الأُنثيين » (١).

خرج ما خرج بالدليل فيبقى الباقي.

احتجّ القاضي باقتسام المتقرّبين بالأُنثى نصيبهم بالسويّة (٢) ، كما يأتي.

قلنا : عمومه ممنوع ، ودليله خاصّ ، ولذا اعترف باقتسام أولاد الأُخت للأبوين والأب بالتفاوت ، مع الاشتراك في التقرّب بالأُنثى.

واستدلّ (٣) أيضاً : بأنّ القول بأنّهم يأخذون نصيب آبائهم يستلزم بطلان اقتسامهم للذكر مثل حظّ الأُنثيين ، ولكنّ الأول حقّ ، فالثاني باطل ، وبالإجماع المركّب يثبت تمام المطلوب ؛ أمّا الاستلزام ، فلأنّ القول بكون نصيبهم نصيب آبائهم فرع عدم صدق الولد حقيقة على ولد الولد ، فلا تشمله الآية ، فلا تكون دليلاً على وجوب الاقتسام للذكر مثل حظّ الأُنثيين.

قلنا : أوّلاً لا يلزم من عدم شمول الآية له بطلان الاقتسام المذكور ، لجواز الاستناد إلى دليل آخر ، كما بيّنا.

وثانياً : أنّ كون القول بأخذه نصيب أبيه فرع عدم صدق الولد عليه ممنوع ، لجواز اجتماعه مع القول بالصدق وارتكاب التخصيص في الآية ، كما ذهب إليه جماعة (٤).

وثالثاً : أنه لو سلمنا عدم دليل آخر لا يلزم منه ثبوت القول الثاني ، لاستواء القولين حينئذ في عدم الدليل ، إلاّ أن يتمسّك بعدم إمكان الترجيح‌

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٨٦ ، مستدرك الوسائل ١٧ : ١٥٩ أبواب موجبات الإرث ب ٥ ح ٢.

(٢) حكاه عنه في المسالك ٢ : ٣٢٥.

(٣) كما في التنقيح ٤ : ١٦٣.

(٤) منهم الفاضل الآبي في كشف الرموز ٢ : ٤٤٩.

١٩٩

بلا مرجح ، وفيه هنا كلام.

المسألة الرابعة : ولد الولد كالولد في حجب النقصان‌ ، فيحجب الأبوين والزوجين عن النصيب الأعلى ؛ للإجماع (١) ، وخصوص رواية زرارة المتقدمة (٢) ، المنجبرة بالعمل ، وبصفوان الذي أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه. ولأنّه قد ثبت أنّه يرث نصيب من يتقرّب به ، ولو لا هذا الحجب لنقص نصيبه منه ، فالروايات المثبتة له دالة عليه أيضاً.

المسألة الخامسة : لا يرث مع ولد الولد غير الأبوين والزوجين إذا لم يكن ولد‌ ، بالإجماع في غير الجدّ ، وفيه خلاف يأتي ؛ لرواية زرارة المتقدمة ، ورواية الكناسي عن الباقر عليه‌السلام ، وفيها : « وابن ابنك أولى بك من أخيك » (٣) ولمّا ثبت من أنّ له نصيب أبيه ، فإنّه لو حجبه غيره أو شاركه لما كان له نصيبه.

المسألة السادسة : كل حكم ثابت لولد الولد فهو ثابت لولد ولد الولد مع فقد أبيه وإن نزل ببطنين أو أكثر ؛ للإجماع ، وخصوص رواية زرارة المتقدمة ، ولكون كل ولد ولد قائماً مقام أبيه في أحكام الإرث ، ومنها كون أبيه أيضاً قائماً مقام أبيه فهو أيضاً قائم مقام أب أبيه ، وهكذا.

المسألة السابعة : أولاد الأولاد المتنازلة مترتبة في الإرث‌ ، فكل بطن أقرب منهم يمنع الأبعد ؛ للإجماع ، وقضيّة الأقربيّة.

__________________

(١) أي الإجماع المركب في حجب الأبوين ، والبسيط في حجب الزوجين ، بل البسيط في الأول ، فلا تضر مخالفة الصدوق من عدم حجب الأبوين في دعوى الإجماع ( منه رحمه‌الله ).

(٢) في ص ١٨٧.

(٣) الكافي ٧ : ٧٦ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٢٦٨ ، ٩٧٤ ، الوسائل ٢٦ : ١١٤ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٨ ح ٢.

٢٠٠