مستند الشّيعة - ج ١٩

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٩

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-211-3
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤٨٢

والمستفيضة ، كموثقتي زرارة (١) وبكير (٢) ، وروايتي سالم (٣) وأبي المغراء (٤) ، وحسنة أبي بصير (٥). ولأنّه لا أحد أقرب منهما ، لتساويهما مع الولد في القرب حيث يجتمعان معه.

المسألة الثالثة : الأب إذا انفرد كان له المال كلّه بالإجماع ؛ والوجه ظاهر ، فإنّه لا وارث غيره يمنعه إيّاه.

والأُمّ إذا انفردت كان لها المال كلّه كذلك ، ثلثه بالفرض ، والباقي بالردّ.

أمّا الأوّل : فبالإجماع والكتاب والسنة ، أما الأوّلان فظاهران ، وأما الثالث ، فالروايات المتقدمة في بحث حجب الإخوة (٦).

وأمّا الثاني : فبالإجماع والسنة ، أمّا الأوّل فظاهر ، وأمّا الثاني فالروايات المتقدمة ، الدالّة على أنّ الأقرب يمنع الأبعد ، وأنّ السابق أحقّ بميراث قريبه.

ورواية سليمان بن خالد : « إذا كان وارث ممّن له فريضة فهو أحق بالمال » (٧).

__________________

(١) التهذيب ٩ : ٢٧٣ ، ٩٨٧ ، الوسائل ٢٦ : ٨١ أبواب موجبات الإرث ب ٧ ح ١١.

(٢) التهذيب ٩ : ٢٩٢ ، ١٠٤٦ ، الوسائل ٢٦ : ١٣٤ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٩ ح ١.

(٣) الكافي ٧ : ٨٢ ، ٢ ، التهذيب ٩ : ٢٥٠ ، ٩٦٦ ، الوسائل ٢٦ : ٧٧ أبواب موجبات الإرث ب ٧ ح ٢.

(٤) الكافي ٧ : ٨٢ ، ٤ ، التهذيب ٩ : ٢٥١ ، ٩٦٨ ، الوسائل ٢٦ : ٧٧ أبواب موجبات الإرث ب ٧ ح ٤.

(٥) الكافي ٧ : ٨٢ ، ٣ ، التهذيب ٩ : ٢٥٠ ، ٩٦٧ ، الوسائل ٢٦ : ٧٧ أبواب موجبات الإرث ب ٧ ح ٣.

(٦) راجع ص ١٢١ و ١٢٢.

(٧) الكافي ٧ : ٧٧ ، ٢ ، التهذيب ٩ : ٢٦٩ ، ٩٧٧ ، الوسائل ٢٦ : ٦٨ أبواب موجبات الإرث ب ٢ ح ٢.

١٦١

والأحقيّة أعمّ من تقديم فريضته وردّ ما يبقى بعد فريضته عليه.

وقول الباقر عليه‌السلام في رواية بكير : « لأنّ الله قد سمّى لهما ، ومن سمّى لهما فيردّ عليهما بقدر سهامهما » (١).

حيث علّل أحقيّة الباقي بالتسمية ، والعلّة هنا متحقّقة.

وقد يستدلّ عليه ، وعلى أمثاله من جزئيّات الردّ بآية اولي الأرحام أيضاً (٢) ، حيث تدلّ على أنّ بعض اولي الأرحام وهو الأقرب أولى ببعض من الأبعد ، كما ورد في الروايات.

وهو إنّما يصحّ إذا كان المراد بقوله سبحانه ( بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ) أنّ بعضاً منهم أي بعضاً خاصّاً أولى ببعض من بعض آخر منهم.

ويمكن أن يكون المراد مطلق البعض ، أي بعض اولي الأرحام أيّ بعضٍ كان ـ أولى ببعض من غيرهم ، وحينئذٍ فلا دلالة لها على الردّ.

ويمكن ترجيح إرادة الأوّل ، بل تعيّنها ، برواية الفضيل بن يسار ، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال بعد ذكر أنّ عباسا وعليّاً عليه‌السلام ما ورثا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا ورثه إلاّ فاطمة ( سلام الله عليها ) ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) (٣).

فيشعر بأنّ المراد أولويّة بعض اولي الأرحام من بعضهم ، لأنّ عبّاساً وعليّاً لم يكونا من غيرهم.

__________________

(١) التهذيب ٩ : ٢٧٣ ، ٩٨٨ ، الوسائل ٢٦ : ١٣٠ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٧ ح ٦.

(٢) الأنفال : ٧٥.

(٣) الفقيه ٤ : ١٩٠ ، ٦٦٠ ، الوسائل ٢٦ : ١٠١ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٤ ح ٤ ، والآية في الأنفال : ٧٥ ، والأحزاب : ٦.

١٦٢

ورواية العياشي في تفسيره : في قول الله سبحانه ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) « إنّ بعضهم أولى بالميراث من بعض ، لأنّ أقربهم إليه رحماً أولى به » (١). وهذا نصّ.

وأمّا المروي في العيون : عن قول الله عزّ وجلّ ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) الآية (٢) ، فيمن نزلت؟ قال : « نزلت في الإمرة ، إنّ هذه الآية جرت في الحسين بن علي ، وفي ولد الحسين من بعده ، فنحن أولى بالأمر وبرسوله » (٣).

وفي كتاب ابن الحجام عن الصادق عليه‌السلام : إنّه سئل عن قول الله عزّ وجلّ ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ ) قال : « نزلت في ولد الحسين » قال ، قلت : جعلت فداك نزلت في الفرائض؟ قال : « لا » قلت : في المواريث؟ فقال : « لا » قال : « نزلت في الإمرة » (٤).

فهما واردتان في التأويل والبطون ، مع أنّ الأخيرة غير مذكورة في كتاب معتبر ، ومعارضة بأخبار معتبرة أُخر ، دالّة على نزولها في الميراث ، كما يأتي شطر منها.

المسألة الرابعة : لو اجتمع الأبوان‌ ، فللأُمّ الثلث مع عدم الإخوة الحاجبة والباقي للأب ، ولها السدس مع الإخوة وله الباقي ، بلا خلاف‌

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ : ٧٢ ، ٨٦ ، الوسائل ٢٦ : ٨٩ أبواب موجبات الإرث ب ٨ ح ١١.

(٢) والأحزاب : ٦.

(٣) لم نعثر عليها في العيون ، وهي موجودة في علل الشرائع : ٢٠٦ ، ٤.

(٤) تأويل الآيات الظاهرة ٢ : ٤٤٧ ، ٤ ، ونقله عنه وعن كنز جامع الفوائد في البحار ٢٣ : ٢٥٧ ، ٣.

١٦٣

فيهما.

ويدلّ على حكم الأُم في الصورتين صريح الكتاب (١) ، وعليه وعلى حكم الأب فيهما المستفيضة من الروايات ، أمّا الدالّة على حكمهما في الصورة الاولى ، فصحيحة زرارة : في رجل مات وترك أبويه ، قال : « للأب سهمان ، وللأُمّ سهم » (٢).

والأُخرى : في رجل ترك أبويه ، قال : هي من ثلاثة أسهم ، للأُمّ سهم ، وللأب سهمان » (٣).

ورواية أبان بن تغلب : في رجل مات وترك أبويه ، قال : « للُامّ الثلث ، وما بقي فللأب » (٤).

ورواية أبي بصير : في رجل ترك أبويه ، قال : « هي من ثلاثة أسهم ، للأُمّ سهم ، وللأب سهمان » (٥) إلى غير ذلك.

وهذه الروايات وإن كانت مطلقة ، إلاّ أنّها قيّدت بصورة عدم الإخوة بالثلاثة (٦).

وعلى حكم الأُمّ في الثانية روايات حجب الإخوة المتقدمة (٧).

__________________

(١) انظر النساء : ١١.

(٢) الكافي ٧ : ٩١ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٢٧٠ ، ٩٨٠ ، الوسائل ٢٦ : ١١٥ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٩ ح ١.

(٣) الكافي ٧ : ٩١ ، ٣ ، التهذيب ٩ : ٢٦٩ ، ٩٧٩ ، الوسائل ٢٦ : ١١٥ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٩ ح ٢.

(٤) التهذيب ٩ : ٢٧٣ ، ٩٨٩ ، الوسائل ٢٦ : ١١٦ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٩ ح ٤.

(٥) الكافي ٧ : ٩١ ، ٣ ، التهذيب ٩ : ٢٦٩ ، ٩٧٩ ، الوسائل ٢٦ : ١١٥ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٩ ح ٢.

(٦) أي : بالإجماع والكتاب والسنّة.

(٧) في ص ١٢١ و ١٢٢.

١٦٤

وعلى حكمهما فيها رواية أبي بصير : في رجل ترك أبويه وإخوته ، قال : « للُامّ السدس ، وللأب خمسة أسهم ، وسقط الإخوة ، وهي من ستة أسهم » (١).

وقول الرضا عليه‌السلام في فقهه ، المتقدم في مسألة حجب الإخوة.

وعلى حكمهما فيهما ، صحيحة زرارة الموقوفة ، وفيها : « إنّ الرجل إذا ترك أبويه فللأُمّ الثلث ، وللأب الثلثان ، في كتاب الله ، فإن كان له إخوة » يعني للميّت ، يعني إخوة لأب وأُمّ ، أو إخوة لأب « فلأُمّه السدس ، وللأب خمسة أسداس » (٢).

وضعف بعضها سنداً بعد اعتضادها بعمل الكلّ غير ضائر.

المسألة الخامسة : لو كان معهما أحد الزوجين فلا يخلو إمّا أن يكون معهما ، أو معه ، أو معها.

فعلى الأوّل : فلأحد الزوجين نصيبه الأعلى : النصف أو الربع ، وللأُم الثلث مع عدم الإخوة ، والسدس معهم ، والباقي للأب ، للإجماع والمستفيضة من الأخبار.

كموثقة الجعفي : في زوج وأبوين ، قال : « للزوج النصف ، وللأُمّ الثلث ، وللأب ما بقي » وقال في امرأة وأبوين ، قال : « للمرأة الربع ، وللأُم الثلث ، وما بقي فللأب » (٣).

وصحيحته : في زوج وأبوين قال : « للزوج النصف ، وللأُم الثلث ،

__________________

(١) التهذيب ٩ : ٢٨٣ ، ١٠٢٤ ، الإستبصار ٤ : ١٤٦ ، ٥٤٧ ، الوسائل ٢٦ : ١١٩ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٠ ح ٧.

(٢) الكافي ٧ : ٩٢ ، ذ. ح ١ ، التهذيب ٩ : ٢٨٠ ، ١٠١٣ ، الإستبصار ٤ : ١٤٥ ، ٥٤٥ ، الوسائل ٢٦ : ١١٧ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٠ ح ٤.

(٣) الكافي ٧ : ٩٨ ، ١ ، الإستبصار ٤ : ١٤٢ ، ٥٢٩ ، التهذيب ٩ : ٢٨٤ ، ١٠٢٨ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٦ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٦ ح ٣.

١٦٥

وما بقي فللأب » (١).

والأُخرى : رجل مات وترك امرأة وأبويه ، قال : « لامرأته الربع ، وللأُمّ الثلث ، وما بقي فللأب » (٢).

ورواية عقبة بن [ بشير ] (٣) : في رجل مات وترك زوجته وأبويه ، قال : « للمرأة الربع ، وللأُم الثلث ، وما بقي فللأب » وعن امرأة ماتت وتركت زوجها وأبويها ، قال : « للزوج النصف ، وللأُم الثلث مع جميع المال ، وما بقي فللأب » (٤).

وصحيحة محمد : إنّ أبا جعفر عليه‌السلام أقرأني صحيفة الفرائض التي هي إملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخطّ علي عليه‌السلام بيده ، فقرأت فيها : « امرأة ماتت وتركت زوجها وأبويها فللزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللأُمّ الثلث تاماً سهمان ، وللأب السدس سهم » (٥).

وموثقة أبي بصير : في امرأة توفّيت وتركت زوجها وأُمّها وأباها ، قال : « هي من ستّة أسهم ، للزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللأُمّ الثلث سهمان ، وللأب السدس سهم » (٦).

__________________

(١) الكافي ٧ : ٩٨ ، ٢ ، التهذيب ٩ : ٢٨٤ ، ١٠٢٩ ، الإستبصار ٤ : ١٤٢ ، ٥٣٠ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٦ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٦ ح ٢.

(٢) الفقيه ٤ : ١٩٥ ، ٦٧١ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٦ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٦ ح ٢.

(٣) في « ح » : كثير ، وفي « ق » و « س » : بشر ، والصحيح ما أثبتناه موافقاً للمصادر ، حيث إنّ عقبة بن كثير ، وعقبة بن بشر غير مذكورين في كتب الرجال.

(٤) التهذيب ٩ : ٢٨٦ ، ١٠٣٩ ، الإستبصار ٤ : ١٤٣ ، ٥٣٦ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٧ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٦ ح ٨.

(٥) الكافي ٧ : ٩٣ ، ١ ، الفقيه ٤ : ١٩٢ ، ٦٦٨ ، التهذيب ٩ : ٢٧٠ ، ٩٨٢ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٨ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٧ ح ١.

(٦) الكافي ٧ : ٩٨ ، ٥ ، التهذيب ٩ : ٢٨٥ ، ١٠٣٢ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٦ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٦ ح ٤.

١٦٦

ورواية زرارة : عن امرأة تركت زوجها وأبويها ، فقال : « للزوج النصف ، وللأُمّ الثلث ، وللأب السدس » (١).

وصحيحة صفوان : في زوج وأبوين : « أنّ للزوج النصف ، وللأُم الثلث كاملاً ، وما بقي فللأب » (٢) إلى غير ذلك.

وهذه الروايات وإن كانت مطلقة إلاّ أنّها مقيدة بصورة عدم الإخوة ، للإجماع ، وروايتي أبي بصير المتقدمتين في المسألة الاولى (٣) ، وعموم قوله تعالى ( فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ ) (٤) وعموم روايات الحجب.

كما أنّ رواية أبان بن تغلب : في امرأة ماتت وتركت أبويها وزوجها ، قال : « للزوج النصف ، وللأُمّ السدس ، وللأب ما بقي » (٥) مقيدة بصورة وجودهم. وحملها في التهذيبين على التقية (٦) ، لموافقتها للعامّة (٧).

وعلى الثاني : فلأحدهما نصيبه الأعلى ، وللأب الباقي. أمّا الأوّل ، فبالإجماع ، والكتاب والسنّة ، أمّا الأوّلان فظاهران ، وأمّا الثالث فصحيحة الجعفي ، وفيها : « فإن تركت زوجها وأباها فللزوج النصف ، وما بقي فللأب » (٨).

__________________

(١) التهذيب ٩ : ٢٨٦ ، ١٠٣٤ ، الإستبصار ٤ : ١٤٣ ، ٥٣٣ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٧ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٦ ح ٥.

(٢) التهذيب ٩ : ٢٨٦ ، ١٠٣٥ ، الإستبصار ٤ : ١٤٣ ، ٥٣٤ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٧ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٦ ح ٧.

(٣) في ص : ١٥٥ و ١٥٦.

(٤) النّساء : ١١.

(٥) التهذيب ٩ : ٢٨٧ ، ١٠٤٠ ، الإستبصار ٤ : ١٤٣ ، ٥٣٧ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٨ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٦ ح ٩.

(٦) التهذيب ٩ : ٢٨٧ ، الإستبصار ٤ : ١٤٤.

(٧) انظر المغني والشرح الكبير ٧ : ٢١.

(٨) الفقيه ٤ : ١٩٥ ، ٦٧١.

١٦٧

وأمّا الثاني ، فبها أيضاً ، أمّا الأوّل فظاهر ، وأمّا الثاني ، فقوله تعالى ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ) (١) وجه الاستدلال : أنّه يدلّ على أنّ اولي الأرحام بعضهم أولى ببعض من غيرهم في الميراث ، كما يظهر من الروايات ، كصحيحة ابن سنان : « كان علي عليه‌السلام إذا مات مولى له وترك قرابته لم يأخذ من ميراثه شيئاً ، ويقول ( أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ) (٢) ».

وصحيحته الأُخرى : « اختلف أمير المؤمنين عليه‌السلام وعثمان بن عفّان في الرجل يموت وليس له عصبة يرثونه وله ذو قرابة لا يرثون ، فقال علي عليه‌السلام : ميراثه لهم ، يقول الله تعالى ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ) وكان عثمان يقول : يجعل في بيت مال المسلمين » (٣).

وحسنة محمد بن قيس : « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في خالة جاءت تخاصم في مولى رجل مات فقرأ هذه الآية ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) فدفع الميراث إلى الخالة ولم يعط المولى » (٤) إلى غير ذلك.

وإذا ثبت أنّ اولي الأرحام أولى من غيره فلا يرث غيره معه شيئاً ، فيجب أن لا يرث مع الأب زوج ولا زوجة شيئاً ، خرج النصف أو الربع‌

__________________

(١) الأنفال : ٧٥.

(٢) الكافي ٧ : ١٣٥ ، ٥ ، التهذيب ٩ : ٣٢٨ ، ١١٨١ ، الإستبصار ٤ : ١٧١ ، ٦٤٧ ، الوسائل ٢٦ : ٢٣٤ أبواب ميراث ولاء العتق ب ١ ح ٥.

(٣) التهذيب ٩ : ٣٩٦ ، ١٤١٦ ، الوسائل ٢٦ : ١٩١ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٥ ح ١.

(٤) الكافي ٧ : ١٣٥ ، ٢ ، التهذيب ٩ : ٣٢٩ ، ١١٨٣ ، الإستبصار ٤ : ١٧٢ ، ٦٤٩ ، الوسائل ٢٦ : ١٩٠ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٣ ح ٢.

١٦٨

بالدليل ، فيبقى الباقي.

وأمّا الثالث فصحيحة الجعفي المتقدمة.

وعلى الثالث : فلأحدهما النصيب الأعلى أيضاً ، وللأُمّ الباقي ، الثلث بالفرض ، والباقي بالردّ. أمّا الأوّلان فظاهران. وأما الثالث (١) ، فللإجماع ، وقضيّة الأقربيّة ، وآية اولي الأرحام على ما مرّ ، وقول الصادق عليه‌السلام في صحيحة الجعفي : « فإن تركت امرأة زوجها وأُمّها فللزوج النصف ، وما بقي فللأُم » (٢) ورواية الحسن بن صالح المتقدمة في المسألة الاولى (٣) ، وموثقة جميل عنه عليه‌السلام ، قال : « لا يكون الردّ على زوج ولا على زوجة » (٤).

وأمّا عموم علّية التسمية للردّ الواردة في رواية بكير (٥) فمخصّص.

__________________

(١) أي أنّ الباقي بالردّ. منه رحمه‌الله.

(٢) الفقيه ٤ : ١٩٥ ، ٦٧١.

(٣) في ص : ١٥٦.

(٤) التهذيب ٩ : ٢٩٦ ، ١٠٦١ ، الإستبصار ٤ : ١٤٩ ، ٥٦٣ ، الوسائل ٢٦ : ٢٠٤ أبواب ميراث الأزواج ب ٤ ح ١٠.

(٥) المتقدّمة في ص : ١٥٩.

١٦٩

البحث الثاني

في ميراث الأولاد من الصلب إذا لم يكن معهم واحد من الأبوين‌

وفيه مسائل :

المسألة الاولى : لا يرث مع الولد مطلقاً (١) غير الوالدين من الأنسباء‌ ، بالإجماع في غير الجدّ ، فإنّ فيه خلافاً يأتي.

للأصل ، وكونه أقرب من غيره ، وصريح الأخبار ، كصحيحتي محمّد وزرارة المتقدمتين في المسألة الاولى (٢) ، والمروي في الكافي والتهذيب عن كتاب موسى بن بكر عن زرارة عن الصادقين عليهما‌السلام والحديث طويل وفيه : « ولا يرث أحد من خلق الله مع الولد ، إلاّ الأبوان والزوج والزوجة » (٣).

ورواية العبدي العاميّة عن علي عليه‌السلام ، وفيها : « ولا يرث مع الولد ، إلاّ الأبوان والزوجة » (٤).

وروايات ميراث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٥) ، وسائر الأخبار الواردة في جزئيات المسائل.

__________________

(١) أي ذكراً كان أو أُنثى ، واحداً أو متعدداً. منه رحمه‌الله.

(٢) في ص : ١٥٥.

(٣) الكافي ٧ : ٩٧ ، ٣ ، التهذيب ٩ : ٢٨٨ ، ١٠٤٣ ، الوسائل ٢٦ : ١٣٢ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٨ ح ٣.

(٤) الفقيه ٤ : ١٨٨ ، ٦٥٧ ، التهذيب ٩ : ٢٤٩ ، ٩٦٤ ، الوسائل ٢٦ : ١٩٦ أبواب ميراث الأزواج ب ٢ ح ١.

(٥) انظر الوسائل ٢٦ : ١٠٠ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٤.

١٧٠

المسألة الثانية : لا يمنعهم أحد بالإجماع ؛ إذ لا أحد أقرب منهم ، ولمنعهم غيرهم.

المسألة الثالثة : الابن المنفرد من الأبوين والزوجين له المال كلّه بالإجماع ؛ لقضيّة الأقربيّة ، ولاستفاضة الروايات بأنّ الابنة المنفردة لها المال كلّه (١) ، كما يأتي ، فلو نقص عن الابن المنفرد شي‌ء لزم نقص الرجل عن المرأة لو كان مكانها ، وهو باطل ، لما في كتاب موسى المتقدم وفيه : « ولا تزاد المرأة أبداً على نصيب الرجل لو كان مكانها ».

وما في صحيحة ابن أُذينة المتقدمة وهي طويلة وفيها : « لأنّها لو كانت ذكراً لم يكن لها غير خمسة من اثني عشر » وفيها أيضاً : « لأنّهما لو كانا ذكرين لم يكن لهما غير ما بقي » (٢).

وإن تعدّد الأبناء فالمال كلّه لهم ، يقسّم بينهم بالسويّة ، بالإجماع بل الضرورة. ويدلّ على التسوية أيضاً استواء النسبة ، وصحيحة محمد وبكير ، وفيها : « فإن تركت المرأة زوجها وأبويها وابناً أو ابنين أو أكثر ، فللزوج الربع ، وللأبوين السدسان ، وما بقي فللبنين بينهم بالسوية » (٣).

المسألة الرابعة : البنت المنفردة لها المال كلّه‌ ، نصفه بالفرض والباقي بالردّ. أمّا الأوّل : فبالثلاثة.

وأمّا الثاني : فبالإجماع والسنّة ، كروايات ميراث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

__________________

(١) انظر الوسائل ٢٦ : ١٠٠ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٤.

(٢) الكافي ٧ : ٩٦ ، ١ ، الفقيه ٤ : ١٩٣ ، ٦٦٩ بتفاوت ، التهذيب ٩ : ٢٨٨ ، ١٠٤١ ، الوسائل ٢٦ : ١٣١ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٨ ح ١.

(٣) الفقيه ٤ : ١٩٤ ، ذكرها في ذيل الرواية السابقة ، والظاهر أنّها من كلام الصدوق رحمه‌الله ، ولذا لم تُنقل في الوسائل.

١٧١

وصحيحتي زرارة (١) والبزنطي (٢) ، وروايات العجلي (٣) ، وابن خداش (٤) ، وعبد الله بن محرز (٥) ، وسلمة بن محرز (٦).

وإن تعدّدت البنات فالمال كله لهنّ ، يقسم بينهنّ بالسوية ، الثلثان بالفرض والثلث بالردّ.

أمّا الدليل على كون المال كله لهنّ بعد الإجماع بل الضرورة فحديث الأقربيّة ، وموثقة إسحاق بن عمّار المتقدمة في ميراث المملوك (٧).

ورواية ابن أبي حمزة : عن جار لي هلك وترك بنات ، فقال : « المال لهنّ » (٨).

ورواية أبي بصير : « إنّ رجلاً مات على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان يبيع التمر ، فأخذ أخوه التمر ، وكان له بنات ، فأتت امرأته النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأعلمته ، فأنزل الله تعالى عليه ، فأخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التمر من العمّ ، فدفعه إلى البنات » (٩).

__________________

(١) الكافي ٧ : ٨٦ ، ١ ، الفقيه ٤ : ١٩٠ ، ٦٥٩ ، التهذيب ٩ : ٢٧٧ ، ١٠٠٣ ، بصائر الدرجات : ٢٩٤ ، ٦ ، الوسائل ٢٦ : ١٠٠ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٤ ح ١.

(٢) الفقيه ٤ : ١٩١ ، ٦٦١ ، الوسائل ٢٦ : ١٠٧ ميراث الأبوين والأولاد ب ٥ ح ١١.

(٣) الكافي ٧ : ٨٧ ، ٦ ، التهذيب ٩ : ٢٧٨ ، ١٠٠٧ ، الوسائل ٢٦ : ١٠٤ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٥ ح ٣.

(٤) الكافي ٧ : ٨٧ ، ٤ ، التهذيب ٩ : ٢٧٨ ، ١٠٠٦ ، الوسائل ٢٦ : ١٠٤ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٥ ح ٢.

(٥) الكافي ٧ : ٨٧ ، ٨ ، التهذيب ٩ : ٢٧٨ ، ١٠٠٩ ، الوسائل ٢٦ : ١٠٥ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٥ ح ٥.

(٦) الكافي ٧ : ٨٦ ، ٣ ، التهذيب ٩ : ٢٧٧ ، ١٠٠٤ ، الوسائل ٢٦ : ١٠١ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٤ ح ٣.

(٧) راجع ص : ٦٩.

(٨) الفقيه ٤ : ١٩١ ، ٦٦٢ ، الوسائل ٢٦ : ١٠٢ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٤ ح ٥.

(٩) التهذيب ٩ : ٢٧٩ ، ١٠١١ ، الوسائل ٢٦ : ١٠٦ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٥ ح ٨.

١٧٢

وأمّا على كون ثلثيه بالفرض فصريح الكتاب (١) ، ولكنّه يختصّ بما إذا كنّ فوق اثنتين ، وأمّا فيهما فينحصر المستند بالإجماع ، والنقل الذي ادّعاه في المسالك (٢) ما عثرت عليه.

واستدلّ عليه جمع من الأقدمين (٣) بقوله تعالى ( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) (٤).

وجه الدلالة : أنّه ليس المراد منه أنّ للذّكر حالة الانفراد مثل حظّهما ، لأنّ له تمام المال ان اتّحد ولهم جميعه بالسوية إن تعدّد ، بل المراد حالة اجتماعه مع الأُنثى ؛ وكذا ليس المراد أنّ له حظّهما حالة اجتماعهما مع الذكر ، لأنّ لهما في أول صوره النصف ، وليس نصيب الابن النصف في أوّل صور اجتماعه مع الأُنثى ، وهو أن يخلّف ابناً وبنتاً ، فيكون المراد أنّ نصيب الابن في حالة الاجتماع مثل نصيب البنتين في حالة الانفراد ( ونصيب الابن في أوّل صور الاجتماع الثلثان ، فكذا نصيب البنتين في حالة الانفراد ) (٥).

وردّه والدي العلاّمة طاب ثراه في مشكلات العلوم : بأنّ قوله سبحانه ( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) بيان لإرث الذكور والإناث مع اجتماعهما ، والمراد أنّهم إذا اجتمعوا يقسّم المال بينهم على هذا النحو ، أي يأخذ كلّ ذكر ضعف كلّ أُنثى وكلّ انثى نصف كلّ ذكر ، سواء كان الوارث ذكراً وأُنثى ، أو ذكراً وأُنثيين أو أناثي ، أو ذكوراً وإناثاً كثيرة ، فالآية بيان‌

__________________

(١) النساء : ١١.

(٢) المسالك ٢ : ٣١٩.

(٣) انظر الخلاف ٤ : ٤٤ ، والسرائر ٣ : ٢٣٣.

(٤) النّساء : ١١.

(٥) ما بين القوسين ليس في « ق » و « س ».

١٧٣

لكيفيّة القسمة ، وليس فيها بيان لتعيين سهم الذكر أو سهم الأُنثيين ، فإنّ الذكر ليس من ذوي السهام ولم يقدّر له سهم ، بل المعيّن بالآية أنّه في الإرث ضعف الانثى وهو يختلف باختلاف أعداد الورثة ، فربّما كان نصيبه العُشر ، وربما كان نصف العشر ، وربّما كان أقلّ أو أكثر ، وليس فيها دلالة على أنّ حظّه ثلثان حتّى يفهم منه أنّ حظّ الأُنثيين أيضاً كذلك ، غاية الأمر أنّه يستفاد من عموم الآية أنّ الورثة إذا انحصرت في ذكر وأُنثى ، يكون حظّ الذكر ثلثين وحظّ الأُنثى ثلثاً ، كما يستفاد منه أنّ الذكور لو كانوا ثلاثة والإناث أربعاً كان حظّ كلّ ذكر خُمساً وحظّ كلّ أُنثى عُشراً وهكذا في سائر فروض الاجتماع ، فمجرّد استفادة كون سهم الذكر ثلثين إذا اجتمع مع أُنثى واحدة لا يفيد في المطلوب.

نعم لو كان المراد من الآية أنّ الذكر الواحد لو اجتمع مع أُنثى واحدة فحظّ الذكر كالحظّ المقرّر المعلوم بدليل آخر للُانثيين إذا لم يكن معهما ذكر ظهر كون سهمهما ثلثين ، إلاّ أنّه لا يعلم ذلك من هذه الآية ، بل لا بدّ أن يكون ثابتاً بدليل آخر.

المسألة الخامسة : إذا اجتمع الذكور والإناث فالمال كلّه لهم ، لكلّ ذكر مثل حظّ الأُنثيين. أمّا الأوّل فظاهر ممّا مرّ.

وأمّا الثاني فبالضرورة الدينيّة ، والكتاب ، والسنّة.

أمّا الكتاب فقوله تعالى ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) (١).

__________________

(١) النّساء : ١١.

١٧٤

فإنّ المعنى أنّ لكلّ ذكر مثل حظّ الأُنثيين لا جنس الذكر ، بإجماع المفسّرين (١).

وأمّا السنة فكثيرة ، كموثقة أبي بصير ، وفيها : فإن ترك بنات وبنين وأُماً ، قال : « للُام السدس ، والباقي يقسّم لهم ، للذّكر مثل حظّ الأُنثيين » (٢).

وصحيحة محمد وبكير ، وفي آخرها : « فإن تركت زوجها وأبويها وابنة وابناً أو بنين وبنات ، فللزوج الربع ، وللأبوين السدسان ، وما بقي فللبنين والبنات ، للذّكر مثل حظّ الأُنثيين » (٣).

والروايات الواردة في علّة تفضيل الرجال ، كرواية ابن سنان : لأيّ علّة صار الميراث للذّكر مثل حظّ الأُنثيين؟ قال : « لما يجعل لها من الصداق » (٤).

ورواية يونس : كيف صار الرجل إذا مات وولده من القرابة سواء ترث النساء نصف ميراث الرجال وهنّ أضعف من الرجال وأقلّ حيلة؟ فقال : « لأنّ الله تعالى فضّل الرجال على النساء بدرجة ، ولأنّ النساء يرجعن عيالاً على الرجال » (٥) وغيرها.

__________________

(١) انظر مجمع البيان ٢ : ١٤ ، التفسير الكبير ٩ : ٤٠٤ ، مجالس التأويل ٥ : ٥٠ ، الكشاف ١ : ٤٨٠ ، التبيان ٣ : ١٢٩ ، تفسير أبي السعود ٢ : ١٤٨.

(٢) التهذيب ٩ : ٢٧٤ ، ٩٩٠ ، الوسائل ٢٦ : ١٣٠ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٧ ح ٧.

(٣) الكافي ٧ : ٩٦ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٢٨٨ ، ١٠٤١ ، وفي الفقيه ٤ : ١٩٣ ، ٦٦٩ ذيله ، الوسائل ٢٦ : ١٣١ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٨ ح ١.

(٤) الفقيه ٤ : ٢٥٣ ، ٨١٥ ، التهذيب ٩ : ٣٩٨ ، ١٤٢١ ، الوسائل ٢٦ : ٩٥ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٢ ح ٥.

(٥) الكافي ٧ : ٨٤ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٢٧٤ ، ٩٩١ ، الوسائل ٢٦ : ٩٤ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٢ ح ٢.

١٧٥

المسألة السادسة : لو اجتمع مع الولد أحد الزوجين كان له نصيبه الأدنى الربع أو الثمن ، والباقي للولد‌ ، ذكراً كان أو أُنثى ، واحداً أو متعدداً ، فيختصّ الردّ مع البنت أو البنات بها.

والدليل بعد الإجماع ، أمّا على الأوّل : فنصّ الكتاب (١) ، وصريح الأخبار كصحيحة محمد وفيها : « فإذا كان معهما ولد فللزوج الربع ، وللزوجة الثمن » (٢) وغيرها.

وأمّا على الثاني : فآية اولي الأرحام (٣) ، وقول الصادق عليه‌السلام في موثقة جميل المتقدمة : « لا يكون الردّ على زوج ولا على زوجة » (٤).

ورواية سويد بن غفلة ، قال : اتي علي بن أبي طالب عليه‌السلام في ابنة وامرأة وموالي ، فاعطى البنت النصف ، وأعطى المرأة الثمن ، وما بقي ردّه على البنت ، ولم يعط الموالي شيئاً (٥).

__________________

(١) النّساء : ١٢.

(٢) الكافي ٧ : ٨٢ ، ١ ، الوسائل ٢٦ : ١٩٥ أبواب ميراث الأزواج ب ١ ح ١.

(٣) الأنفال : ٧٥.

(٤) راجع ص : ١٦٨.

(٥) التهذيب ٩ : ٣٣٢ ، ١١٩٣ ، الوسائل ٢٦ : ٢٣٧ أبواب ميراث ولاء العتق ب ١ ح ١٤.

١٧٦

البحث الثالث

في ميراث الأولاد والأبوين إذا اجتمعوا‌

وفيه مسائل :

المسألة الأُولى : إذا اجتمع أحد الأبوين أو كلاهما مع الولد الذكر واحداً كان أم متعدداً ، كان لكلّ منهما نصيبه الأدنى السدس ، والباقي للولد.

والدليل بعد الإجماع ، أمّا على الأوّل : فصريح الكتاب (١).

وأمّا على الثاني : فإنّه لو كان مكان الذكر أُنثى كان لها الباقي ، كما يأتي ، فلو نقص عن الذكر شي‌ء لزم [ نقص الرجل عن (٢) ] المرأة لو كان مكانها وهو باطل كما مرّ.

وقول الرضا عليه‌السلام في فقهه : « فإن ترك أبوين وابناً أو أكثر من ذلك ، فللأبوين السدسان ، وما بقي فللابن » (٣).

المسألة الثانية : إذا اجتمع أحد الأبوين مع بنت فله السدس ولها النصف ، والباقي يردّ عليهما أرباعاً ، فتكون التركة مقسومة على أربعة وعشرين ، الحاصلة من ضرب الأربعة في الستّة ، ربعها له وثلاثة أرباع لها.

والدليل على ذلك بعد الإجماع ، الأخبار المستفيضة ، كصحيحة محمد : « رجل ترك ابنته وأُمّه : للابنة النصف ثلاثة أسهم وللأُمّ السدس‌

__________________

(١) النساء : ١١.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ : أن يزاد الرجل على .. ، وهو سهو ، راجع ص ١٦٩ المسألة الثالثة.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٨٧ ، مستدرك الوسائل ١٧ : ١٧٢ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٣ ح ٣.

١٧٧

سهم ، يقسّم المال على أربعة أسهم فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة وما أصاب سهماً فهو للُامّ » قال : وقرأت فيها : « رجل ترك ابنته وأباه فللابنة النصف ثلاثة أسهم وللأب السدس سهم ، يقسّم المال على أربعة أسهم فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة وما أصاب سهماً فللأب » (١).

وصحيحته الأُخرى وهي قريبة منها (٢).

ورواية سلمة بن محرز : في بنت وأب ، قال : « للبنت النصف وللأب السدس ، وبقي سهمان ، فما أصاب ثلاثة أسهم منها فللبنت ، وما أصاب سهماً فللأب ، والفريضة من أربعة أسهم : للبنت ثلاثة أرباع وللأب الربع » (٣).

وروايتي بكير وحمران الآتيتين.

المسألة الثالثة : إذا اجتمع أحدهما مع بنتين فصاعدا فله السدس ولهما أو لهنّ الثلثان ، بقي سدس فيردّ أخماساً على الحقّ المشهور ، كما في المختلف والمسالك والكفاية (٤) ، بل نسب في الروضة القول المخالف إلى الندور وقال : وهو متروك (٥) وعن التحرير الإجماع عليه (٦) ، فخمسه له وأربعة أخماسه لهما أو لهنّ ، فتكون التركة من ثلاثين.

لرواية بكير : في رجل ترك ابنته وأُمّه : « أنّ الفريضة من أربعة ، للبنت‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ٩٣ ، ١ ، الفقيه ٤ : ١٩٢ ، ٦٦٨ ، التهذيب ٩ : ٢٧٠ ، ٩٨٢ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٨ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٧ ح ١.

(٢) الكافي ٧ : ٩٦ ، ٢ ، التهذيب ٩ : ٢٨٨ ، ١٠٤٢ ، الوسائل ٢٦ : ١٣٢ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٨ ح ٢.

(٣) التهذيب ٩ : ٣٢٨ ، ١١٧٩ ، الوسائل ٢٦ : ١٣٠ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٧ ح ٤.

(٤) المختلف : ٧٥٠ ، المسالك ٢ : ٣١٦ ، الكفاية : ٢٩٥.

(٥) الروضة ٨ : ٦١.

(٦) التحرير ٢ : ١٦٣.

١٧٨

ثلاثة أسهم ، وللأُم السدس سهم وبقي سهمان ، فهما أحقّ بهما من العمّ والأخ والعصبة ، لأن الله تعالى قد سمّى لهما ، ومن سمّي لهم فيردّ عليهما بقدر سهامهما » (١).

وقريبة منها رواية حمران (٢) ، ورواية اخرى لبكير وفيها : « ثمّ المال بعد ذلك لأهل السهام الذين ذكروا في الكتاب » (٣).

وهذه العلة موجودة في الابنتين وأحد الأبوين.

وقد يستدلّ (٤) أيضاً : بأنّ الفاضل لا بدّ له من مستحقّ ، ولا يمكن استحقاق غير هؤلاء ، لمنع الأقرب للأبعد ، ولا بعضهم ، لاستواء النسبة وعدم الأولويّة ، فتعيّن الجميع على النسبة ، كما في الفاضل في غيرهم.

وفيه نظر : فإنّ عدم الأولويّة لا يعيّن الجميع ولا التقسيم بالنسبة ، لإمكان التخيير أو التقسيم بنحو آخر ، إلاّ أن يتمّ بالإجماع المركب.

مع أنّ ادّعاء الإجماع البسيط المحقّق أيضاً ممكن ؛ لعدم قدح مخالفة النادر وهو الإسكافي (٥) ، حيث خصّ الفاضل بالبنتين أو البنات ، لدخول النقص عليهما بدخول الزوجين ، ولموثّقة أبي بصير : في رجل مات وترك ابنتيه وأباه ، قال : « للأب السدس ، وللابنتين الباقي » (٦).

__________________

(١) التهذيب ٩ : ٢٧٣ ، ٩٨٨ ، الوسائل ٢٦ : ١٣٠ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٧ ح ٦.

(٢) التهذيب ٩ : ٢٧٢ ، ٩٨٥ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٩ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٧ ح ٣.

(٣) الكافي ٧ : ٨١ ، ٧ ، الوسائل ٢٦ : ٧٣ أبواب موجبات الإرث ب ٦ ح ٨.

(٤) كما في المختلف : ٧٥٠.

(٥) حكاه عنه في المختلف : ٧٥٠.

(٦) التهذيب ٩ : ٢٧٤ ، ٩٩٠ ، الوسائل ٢٦ : ١٣٠ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٧ ح ٧.

١٧٩

ويردّ الأوّل : بأنّه نوع قياس لا نقول به ، على أنّه إنّما يجب جبر النقص بذلك إذا لم يكن جبر بشي‌ء آخر غيره ، مع أنّه قد جبره الشارع به حيث جعل لهنّ فريضة عُليا خاصّة لا دنيا ، فيكون النقص لهما بمنزلة الدنيا للأبوين ، فيتساويان من جميع الوجوه.

والثاني : بأنّها لمخالفتها عمل المعظم عن حيّز الحجيّة خارجة بالمرّة ، فلا تصلح لمعارضة ما مرّ ، مضافاً إلى ما يخدشها من كلام صاحب الوافي ، حيث قال : والصواب « ابنيه » بدل « ابنتيه » كما يظهر من بعض النسخ أنّه كان كذلك فغُيّر ، وكذا قوله « وللابنتين » الصواب : « وللابنين » (١).

المسألة الرابعة : إذا اجتمع الأبوان مع البنتين أو أكثر فلكلّ منهما السدس ولهما أو لهنّ الثلثان ، يقسّم بينهم بالسويّة ، والوجه في الكلّ ظاهر.

وإذا اجتمعا مع بنت فلكلّ منهما السدس ولها النصف ، بقي سدس ، يردّ عليهم أخماساً على نسبة سهامهم ، لكلّ منهما خُمسه ، ولها ثلاثة أخماسه ، فتقسّم التركة على ثلاثين.

والدليل بعد الإجماع الأخبار المستفيضة ، كصحيحة محمد : « رجل ترك أبويه وابنته فلابنته النصف ثلاثة أسهم ، وللأبوين لكلّ واحد منهما السدس ، لكلّ واحد منهما سهم ، يقسّم المال على خمسة أسهم فما أصاب ثلاثة فللبنت ، وما أصاب سهمين فللأبوين » (٢).

وقريبة منها صحيحته الأُخرى (٣).

__________________

(١) الوافي ٢٥ : ٧٥٣.

(٢) الكافي ٧ : ٩٣ ، ١ ، الفقيه ٤ : ١٩٢ ، ٦٦٨ ، التهذيب ٩ : ٢٧٠ ، ٩٨٢ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٨ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٧ ح ١.

(٣) الكافي ٧ : ٩٦ ، ٢ ، التهذيب ٩ : ٢٨٨ ، ١٠٤٢ ، الوسائل ٢٦ : ١٣٢ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٨ ح ٢.

١٨٠