مستند الشّيعة - ج ١٩

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٩

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-211-3
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤٨٢

من قبيل جعل الضابط عين المطلوب ، وفساده ظاهر ، على أنّ في كون من قدّمه أقرب من غيره مطلقاً نظر ، فإنّ الثابت من الأخبار والإجماع هو أنّ كل أقرب حاجب للأبعد ، وأمّا أنّ كل من هو حاجب لغيره فهو أبعد منه فلا ، فالصواب في الضبط هو الرجوع إلى الطبقات والدرجات ، كما مرّ.

وأمّا القسم الثاني : فهو من حيث المفهوم وإن لم يختصّ بمواضع معيّنة ، لثبوته في حقّ كلّ وارث لولاه لورث الآخر أزيد ممّا يرث معه ، كحجب الزوج للأولاد عمّا زاد عن ثلاثة أرباع ، والأب لهم عمّا زاد عن خمسة أسداس ، وللأُمّ عمّا زاد عن الثلثين ، وهكذا.

وتخصيصه بالحجب عن بعض الفرض كما في الشرائع (١) خطأٌ ، لأنّ حجب الولد للأب عمّا زاد عن السدس ليس حجباً عن بعض الفرض ، مع أنّه عدّه من أقسامه.

ولكنّهم خصّوا استعماله بمواضع مخصوصة ، تنقسم أوّلاً إلى قسمين : حجب الولد ، وحجب الإخوة.

والأوّل على قسمين : حجب الأبوين ، وحجب الزوجين. أمّا الأوّل : فالولد وإن نزل يحجبهما عمّا زاد عن السدسين وأحدهما عمّا زاد عن السدس ، كما يأتي ، إلاّ مع بنت واحدة الخالية عن الإخوة الحاجبة للُامّ مطلقاً ، أو أكثر من الواحدة مع أحدهما ، فإنّ نصيبهما أو نصيبه يزيد على السدس بسبب الردّ على المشهور ، وفيه خلاف للإسكافي يأتي (٢). وأمّا الثاني : فالولد أيضاً يحجب الزوجين عن النصيب الأعلى إلى الأخفض ، فإنّ الزوج يرث لا معه النصف ومعه الربع ، والزوجة لا معه الربع ومعه‌

__________________

(١) الشرائع ٤ : ١٨.

(٢) في ص : ١٧٧.

١٢١

الثمن.

والثاني فالإخوة يحجبون الامّ عمّا زاد عن السدس مطلقاً ، سواء كان بالفرض أو الردّ ، وحجبهم إيّاها عنه في الجملة ثابت بالإجماع والكتاب والسنة ، ولكنّه مشروط بأُمور :

الأول : أن لا يكونوا أقلّ من ذكرين‌ ، أو ذكر وأُنثيين ، أو أربع إناث ، فلو كانوا أقلّ لا يحجبون.

أمّا الحجب مع الشرط فبالثلاثة : أمّا الإجماع فظاهر ، وادّعاه جماعة من الطائفة أيضاً (١).

وأمّا الكتاب فقوله سبحانه ( فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ) (٢).

ولفظ الإخوة وإن كان حقيقة في ثلاثة ذكور فصاعداً دون غيرهم ، إلاّ أنّه محمول على ما زاد عن الواحد مجازاً ، لوجود القرينة من الإجماع والأخبار.

وأمّا الأخبار فكثيرة جدّاً ، كصحيحة محمد : « لا يحجب الامّ من الثلث إذا لم يكن ولد إلاّ أخوان أو أربع أخوات » (٣).

ومثله موثقة البقباق ، وزاد في آخرها : « لأب وأُم ، أو لأب » (٤).

وصحيحته : « إذا ترك الميّت أخوين فهم إخوة مع الميّت حجبا الامّ عن الثلث ، وإن كان واحداً لم يحجب الامّ ، قال : وإذا كنّ أربع أخوات‌

__________________

(١) كالسيد في الانتصار : ٢٩٨ ، والشيخ في الخلاف ٤ : ٣٩ ، وابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٥.

(٢) النساء : ١١.

(٣) الكافي ٧ : ٩٢ ، ٤ ، التهذيب ٩ : ٢٨٢ ، ١٠١٩ ، الإستبصار ٤ : ١٤١ ، ٥٢٧ ، الوسائل ٢٦ : ١٢١ ، أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١١ ح ٤.

(٤) الكافي ٧ : ٩٢ ، ٥ ، التهذيب ٩ : ٢٨١ ، ١٠١٧ ، الإستبصار ٤ : ١٤١ ، ٥٢٦ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٠ ، ميراث الأبوين والأولاد ب ١١ ح ٣.

١٢٢

حجبن الامّ من الثلث ، لأنّهنّ بمنزلة الأخوين ، وإن كنَّ ثلاثاً فلا يحجبن » (١).

وروايته عنه عليه‌السلام : قال : سألته عن أبوين وأُختين لأب وأُم هل يحجبان الامّ من الثلث؟ قال : « لا » قلت : فثلاث؟ قال : « لا » قلت : فأربع؟ قال : « نعم » (٢).

وقول الرضا عليه‌السلام في فقهه : « فإن ترك أبوين وأخوين أو أربع أخوات أو أخاً وأُختين ، فللأُم السدس ، وما بقي فللأب » (٣).

والخبر المروي في الفقيه : « ولا يحجبها إلاّ أخوان ، أو أخ وأُختان ، أو أربع أخوات لأب ، أو لأب وأُم ، وأكثر من ذلك ؛ والمملوك لا يحجب ولا يرث » (٤).

ورواية العياشي في تفسيره : « لا يحجب عن الثلث الأخ والأُخت حتى يكونا أخوين أو أخاً وأُختين » الحديث (٥).

ويظهر من الروايات الأخيرة والمنزلة المستفادة من الصحيحة الثانية أنّ الحصر في الروايات إضافيّ ، ويدلّ عليه الإجماع أيضاً.

__________________

(١) الكافي ٧ : ٩٢ ، ٢ ، التهذيب ٩ : ٢٨١ ، ١٠١٥ ، الإستبصار ٤ : ١٤١ ، ٥٢٤ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٠ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١١ ح ١ ، مع تفاوتٍ يسير.

(٢) الكافي ٧ : ٩٢ ، ٣ ، التهذيب ٩ : ٢٨١ ، ١٠١٦ ، الإستبصار ٤ : ١٤١ ، ٥٢٥ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٠ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١١ ح ٢.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٨٨ ، مستدرك الوسائل ١٧ : ١٧٠ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٠ ح ٢.

(٤) الفقيه ٤ : ١٩٨ ، ٦٧٤ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٣ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٣ ح ١.

(٥) تفسير العياشي ١ : ٢٢٦ ، ٥٢ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٢ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١١ ح ٧.

١٢٣

وأمّا عدم حجب الأقلّ ، فللأصل ، وعدم الدليل ، والأخبار المتقدّمة.

الثاني : أن لا يكونوا كفَرَةَ ولا أرِقّاء‌ ، فلا يحجب الكافر والرقّ إجماعاً محقّقاً ومحكيّاً في الخلاف والمسالك والمفاتيح (١) وغيرها (٢) ، وهو الحجة مع المستفيضة ، كصحيحة محمّد : عن المملوك والمشرك يحجبان إذا لم يرثا؟ قال : « لا » (٣).

وموثقة البقباق : عن المملوك والمملوكة هل يحجبان إذا لم يرثا؟ قال : « لا » (٤).

وخبر حسن بن صالح : « المسلم يحجب الكافر ويرثه ، والكافر لا يحجب المؤمن ولا يرثه » (٥).

ورواية الفقيه المتقدمة.

وفي خبر آخر : « الكفّار بمنزلة الموتى لا يحجبون ولا يرثون » (٦).

والقول باحتمال كون المراد فيها عدم حجب الكافر القريب المسلم البعيد حتى يكون المراد من الحجب حجب الحرمان لا حجب النقصان.

مردود بأنّ الحجب مطلق ، ونفي المطلق إنّما هو نفي جميع أفراده ،

__________________

(١) الخلاف ٤ : ٣٢ ، المسالك ٢ : ٣١٨ ، المفاتيح ٣ : ٣٢٧.

(٢) كالرياض ٢ : ٣٥٣.

(٣) التهذيب ٩ : ٢٨٤ ، ١٠٢٧ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٤ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٤ ح ١.

(٤) التهذيب ٩ : ٢٨٢ ، ١٠٢١ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٤ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٤ ح ٣.

(٥) الكافي ٧ : ١٤٣ ، ٥ ، الفقيه ٤ : ٢٤٤ ، ٧٨٣ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٤ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٥ ح ١ ، مع تفاوت يسير.

(٦) الفقيه ٤ : ٢٤٣ ، ٧٧٨ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٥ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٥ ح ٢.

١٢٤

ومنها حجب الإخوة ، لصدقه عليه لغة ، وإطلاقه عليه شرعاً ، فالتقييد يحتاج إلى الدليل. ودعوى شيوعه في غيره ممنوعة ، ولو سلّم فيجري مثله في الإخوة الحاجبة ، بل فيها أولى ، لأنّها مطلقة وليست بعامّة.

ويؤيّده في الرقّ ما في بعض الأخبار من أنّ الحجب لحصول التوفير على الأب ، لأجل إنفاقه عليهم (١) ، والرقيق لا تجب نفقته عليه.

ثمّ المشهور اشتراط عدم كونهم قتلة ، والشيخ في النهاية والديلمي لم يتعرضا له ، والصدوقان والعماني قالوا بعدم اشتراطه (٢) ، وهو الظاهر من الشيخ في النهاية (٣) ، ومن الديلمي (٤) ، وهو الظاهر من المسالك (٥) ، واستقربه في الكفاية (٦) ، ونفى عنه البأس في المختلف (٧) ، وتردد في الشرائع والمفاتيح (٨) ، وإن قال في الأوّل بظهور الأوّل ثانياً.

والحق عدم الاشتراط ، لإطلاق الإخوة في الآية (٩) ، والرواية (١٠) ، وعدم المعارض.

قيل : لا عموم في الإخوة في الآية والرواية ، لكونه جمع منكّر في‌

__________________

(١) الوسائل ٢٦ : ١١٦ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٠.

(٢) حكاه عنهم في المسالك ٢ : ٣١٨ ، وحكاه عن ابن أبي عقيل في المختلف : ٧٤٣.

(٣) النهاية : ٦٢٩.

(٤) المراسم ( الجوامع الفقهية ) : ٦٥٤.

(٥) المسالك ٢ : ٣١٨.

(٦) كفاية الأحكام : ٢٩٣.

(٧) المختلف : ٧٤٣.

(٨) الشرائع ٤ : ١٩ ، المفاتيح ٣ : ٣٢٧.

(٩) انظر ص : ١٢١.

(١٠) انظر ص : ١٢١ و ١٢٢.

١٢٥

سياق الإثبات ، فهو مطلق ، وشموله لمثل الاخوة القتلة غير معلوم (١).

قلنا ، أوّلاً : إنّه قد عبّر في رواية بكير الآتية في الشرط الثالث بالجمع المعرّف (٢) ، وهو يفيد العموم. وثانياً : إنّه لا حاجة إلى عموم الإخوة ، بل إطلاقه كافٍ. نعم يحتاج إلى ثبوت عموم تعليق الحكم بالمهية المطلقة ، بأن يثبت أنّ هذا الحكم يترتّب على هذا المطلق في جميع أوقات وجوده ؛ وهو هنا ثابت ، لمكان أداة الشرط ، سيّما في حسنة البقباق المتقدمة التي عبّر بلفظة « إذا » الظاهرة في العموم.

ودعوى عدم شمول الإخوة للإخوة القتلة بإطلاقه ، بمعنى عدم صدقه عليه دعوى غريبة.

ويؤيّد [ عدم (٣) ] الاشتراط أيضاً وجود العلّة المنصوصة ، فإنّ الأخ لا يخرج بقتل أخيه عن عيال الأب.

للمشهور : نقل الإجماع في الخلاف (٤) ، ومشاركته لهما (٥) في العلّة المقتضية ، وهو وجود المانع من الإرث لو كان وارثاً.

قلنا : تحقّق الإجماع ممنوع ، والمنقول لا يفيد ، لعدم كونه حجّة عندنا ، كالشهرة ؛ والعلّة غير صالحة للعلّية ، ولو سلّم فمستنبطة لا يحكم بها من لا يقيس.

الثالث : حياة الأب‌ ، وفاقاً للمعظم ، وظاهر المجمع ادّعاء الإجماع‌

__________________

(١) انظر الرياض ٢ : ٣٥٤.

(٢) انظر ص : ١٢٦.

(٣) أضفناه لتصحيح المتن.

(٤) الخلاف ٤ : ٣٢.

(٥) أي : للكافر والرق.

١٢٦

عليه (١).

ونَسَب المسالك القول بعدم الاشتراط إلى بعض الأصحاب (٢) وإلى ظاهر الصدوق ، حيث قال : لو خلّفت زوجها وأُمّها وإخوة فللأُمّ السدس والباقي يردّ عليها (٣). حيث أثبت لها الزائد بالردّ دون الفرض ، وهو مذهب العامّة.

لنا بعد الأصل : رواية بكير عن الصادق عليه‌السلام ، قال : « الام لا تنقص من الثلث أبداً إلاّ مع الولد والإخوة إذا كان الأب حيّاً » (٤).

وموقوفة زرارة المتصلة به بطريق صحيح ، قال : « وإن مات رجل وترك امّه وإخوة وأخوات لأب وأُم ، وإخوة وأخوات لأب ، وإخوة وأخوات لُام ، وليس الأب حيّاً ، فإنّهم لا يرثون ولا يحجبونها » (٥).

ويؤيّده أنّ علّة هذا الحجب توفير نصيب الأب ، لأجل وجوب إنفاقه عليهم كما في الموقوفة : « وإنّما وفّر للأب من أجل عياله ».

وفي اخرى : « وحجَبها الإخوة للأب والأُم والإخوة من الأب ، لأنّ الأب ينفق عليهم فوفّر نصيبه » (٦).

وضعف الروايتين غير ضائر ، على أنّ الحكم لموافقته للأصل يستعني عن الدليل ، وإنّما يحتاج إليه المخالف.

__________________

(١) مجمع البيان ٢ : ١٥.

(٢) المسالك ٢ : ٣١٨.

(٣) الفقيه ٤ : ١٩٨.

(٤) التهذيب ٩ : ٢٨٢ ، ١٠٢٠ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٢ أبواب ميراث الأبوين ب ١٢ ح ١.

(٥) الكافي ٧ : ٩١ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٢٨٠ ، ١٠١٣ ، الإستبصار ٤ : ١٤٥ ، ٥٤٥ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٣ أبواب ميراث الأبوين ب ١٢ ح ٣.

(٦) الكافي ٧ : ١٠٣ ، ٦ ، الوسائل ٢٦ : ١١٧ أبواب ميراث الأبوين ب ١٠ ح ٣.

١٢٧

وقد يستدلّ له بالآية. وفيه نظر ؛ لأنّ غاية ما يستفاد منها هو الحكم في صورة وجود الأب ، وأمّا اشتراط وجوده فلا.

ويحتجّ لعدم الاشتراط بإطلاق أدلّة الحجب ، وبرواية زرارة : امرأة تركت امّها وأخواتها لأبيها وأُمّها ، وإخوة لُام ، وأخوات لأب ، قال : « لأخواتها لأبيها وأُمّها الثلثان ، ولأُمّها السدس ولإخوتها من أُمّها السدس » (١).

وروايته الأُخرى : « امرأة تركت زوجها وأُمّها ، وإخوتها لُامّها ، وإخوتها لأبيها وأُمّها ، فقال : « لزوجها النصف ، ولأُمّها السدس ، وللإخوة من الامّ الثلث ، وسقط الاخوة من الامّ والأب » (٢).

والجواب أمّا عن الأوّل ، فبأنّ الإطلاق في الجميع ممنوع ، فإنّ الآية سياقها ظاهر في ثبوت الحجب فيما لو ورثه أبواه ، المستلزم لوجود الأب.

سلّمنا عدم الظهور ، ولكن نقول : إنّ لفظة الفاء في الجملة الشرطيّة إمّا رابطة الجزاء بالشرط ، على أن يكون مجموع جملتي الشرط والجزاء جزاءً للشرط المحذوف الّذي يدلّ عليه الشرط الأوّل ، أو عاطفة.

فعلى الأوّل يحتمل اشتراطها بانتفاء الولد فقط وبه مع أن يرثه أبواه ، فلا يثبت الإطلاق.

وعلى الثاني فإمّا أن يكون مدخولها معطوفاً على الجملة الجزائية المحذوفة ، شرطيّة كانت أو معطوفة ، فتكون مخصوصة بما لو ورثه أبواه ،

__________________

(١) التهذيب ٩ : ٣٢٠ ، ١١٤٩ ، الإستبصار ٤ : ١٤٦ ، ٥٥٠ ، الوسائل ٢٦ : ١٥٠ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ١ ح ١٢.

(٢) التهذيب ٦ : ٣٢١ ، ١١٥٢ ، الإستبصار ٤ : ١٤٦ ، ٥٤٩ ، الوسائل ٢٦ : ١٥٠ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ١ ح ١٣.

١٢٨

أو على الشرطيّة المذكورة ، وحينئذ فيحتمل أن يكون تقديرها : فإن كان له إخوة وورثه أبواه ، فتكون مخصوصة أيضاً ، ويحتمل عدم تقدير المعطوف فتكون مطلقة وإن كان الظاهر هو الأخير. والتخصيص بالأوّل كما في المجمع (١) لا وجه له ؛ ولكن ظهوره في هذه الصورة مع جريان الاحتمالات المذكورة غير كافٍ في الاستدلال.

وأما الروايات (٢) فالأخيرتان منها خاصّتان ، والبواقي وإن كانت مطلقة إلاّ أنّها مقيدة ، لوجود المقيِّد.

وأمّا عن الروايتين ، فبأنّهما لاشتمالهما على الحكم بتوريث الإخوة مع الامّ صريحتان في كونهما واردتين مورد التقية ، فيلزم حمل الحكم بحجب الإخوة فيهما أيضاً عليها ، لاتّفاق العامّة على عدم اشتراط وجود الأب ، كما صرّح به في المجمع.

وأمّا حملهما على إلزام الأُم على معتقدها ، فإنّما يصحّ لو كان السؤال فيهما عن واقعة محقّقة ، والظاهر أنّ السؤال عن المقدرة ، فلا معنى للإلزام على المعتقد ، مع عدم كون السائل منهم.

هذا ، ولا يخفى أنّه لا يترتب على هذا الخلاف ثمرة ، لأنّ المخالف يخصّص الحجب حينئذ بالفرض دون الردّ ، فعلى القولين ترث الامّ السدس مع الولد ، ويردّ عليهما إذا كان هناك ردّ ، وترث الجميع مع عدمه ؛ نعم يتفاوت الفرض في الأخير على القولين ، فتظهر الفائدة فيما لو صالحت‌

__________________

(١) قال في المجمع : قال أصحابنا إنما يكون لها السدس إذا كان هناك أب ، ويدلُّ عليه ما تقدمه من قوله : وورثه أبواه ، فإنّ هذه الجملة معطوفة على قوله : فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأُمه الثلث ، وتقديره فإن كان له إخوة وورثه أبواه فلأُمه السدس ( منه رحمه‌الله ). راجع مجمع البيان ٢ : ١٥.

(٢) عنى بها الروايات المتقدمة في ص ١٢١ و ١٢٢.

١٢٩

فرضها لغيرها أو نذرته ، إلاّ أن يقال : إنّ تخصيص المخالف الحجب بالفرض عند انتفاء الولد ، وأمّا معه فتُحجب عنهما ، لمكان من يُردّ عليه.

الرابع : كونهم من الأب والأُمّ ، أو من الأب‌ ، فلا تَحجب كلالة الأُم ، ولا أعرف فيه خلافاً بين الأصحاب ، والإجماع عليه منقول في الانتصار والمسالك والمفاتيح (١) ، وخالفنا العامّة في ذلك (٢).

لنا : انتفاء العلّة المنصوصة ، وموثقة البقباق : « لا يَحجب الامَّ عن الثلث إلاّ أخوان أو أربع أخوات ، لأب وأُم ، أو لأب » (٣).

وموثقة عبيد بن زرارة : « إنّ الإخوة من الام لا يحجبون الامّ عن الثلث » (٤).

وفي رواية زرارة : « ويحك يا زرارة ، أُولئك الإخوة من الأب ، فإذا كان الإخوة من الام لم يحجبوا الامّ عن الثلث » (٥).

وفي رواية إسحاق بن عمار بعد سؤاله عن رجل مات وترك أبويه وإخوة لُام : « الله سبحانه أكرم من أن يزيدها في العيال ، وينقصها من الميراث الثلث » (٦).

__________________

(١) الانتصار : ٢٩٨ ، المسالك ٢ : ٣١٨ ، المفاتيح ٣ : ٣٢٧.

(٢) انظر المغني والشرح الكبير ٧ : ٢٢.

(٣) الكافي ٧ : ٩٢ ، ٥ ، التهذيب ٩ : ٢٨١ ، ١٠١٧ ، الإستبصار ٤ : ١٤١ ، ٥٢٦ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٠ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١١ ح ٣.

(٤) الكافي ٧ : ٩٣ ، ٦ ، التهذيب ٩ : ٢٨١ ، ١٠١٨ ، الوسائل ٢٦ : ١١٦ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٠ ح ١.

(٥) الكافي ٧ : ٩٣ ، ٧ ، التهذيب ٩ : ٢٨٠ ، ١٠١٤ ، الوسائل ٢٦ : ١١٧ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٠ ح ٢.

(٦) التهذيب ٩ : ٢٨٤ ، ١٠٢٦ ، الوسائل ٢٦ : ١١٨ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٠ ح ٥.

١٣٠

وقول زرارة في موقوفته : « وأمّا الإخوة لأُم ليسوا للأب فإنّهم لا يحجبون الامّ عن الثلث » (١).

وفي أُخرى : « فأمّا الإخوة من الامّ فليسوا من هذا في شي‌ء ، فلا يحجبون امّهم من الثلث » (٢) إلى غير ذلك.

الخامس : انفصالهم‌ ، فلا يَحجب الحمل ولو بكونه متمّماً للعدد ، وفاقاً للمشهور كما في المسالك والروضة والكفاية (٣).

وظاهر الدروس عدم الاشتراط (٤) ، حيث جعل عدم حجبه قولاً مؤذناً بتمريضه ، وتردّد في الشرائع أوّلاً وإن جعل المشهور الأظهر ثانياً (٥).

لنا : أصالة عدم الحجب ، فيقتصر فيه على موضع اليقين ، وهو فيما وجد مَن يُطلق عليه اسم الإخوة حقيقة يقيناً ، وإطلاقه على الحمل غير معلوم ولو كان ذكراً ، بل نفى الإطلاق في الروضة (٦) ، فيكون باقياً على الأصل.

فإن قيل : ثبوت السدس للُامّ مطلقاً يقينيّ ، والأصل عدم الزيادة ، خرج ما إذا لم يكن هناك ولد ولا حمل ولا إخوة بالدليل فيبقى الباقي ، وأصالة عدم الحجب إنّما هي فيما علم ثبوته لها.

__________________

(١) الكافي ٧ : ٩٢ ، ذ. ح ١ ، التهذيب ٩ : ٢٨٠ ، ١٠١٣ ، الوسائل ٢٦ : ١١٧ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٠ ح ٤.

(٢) الكافي ٧ : ١٠٤ ، ذ. ح ٦ ، الوسائل ٢٦ : ١١٧ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٠ ح ٣.

(٣) المسالك ٢ : ٣١٨ ، الروضة ٨ : ٦٣ ، الكفاية : ٢٩٣.

(٤) الدروس ٢ : ٣٥٧.

(٥) الشرائع ٤ : ١٩.

(٦) الروضة ٨ : ٦٣.

١٣١

قلنا : المخرج (١) مطلق ، فلا يقيّد إلاّ بمقيّد معلوم.

وقد يستدلّ له أيضاً : بالشك في وجود الإخوة ، لاحتمال كونه أُنثى. وبانتفاء العلّة ، وهي وجوب الإنفاق. وبقول الصادق عليه‌السلام في رواية العلاء : « إنّ الطفل والوليد لا يَحجب ولا يرث إلاّ من اذن بالصراخ » (٢).

ويضعّف الأوّل : بإمكان حصول اليقين بحصول العدد المعتبر كثيراً (٣) ، وبالانكشاف بعد الانفصال.

والثاني : بمنع العلّية أوّلاً ، وإلاّ لما حجب الإخوة الأغنياء وحجب أولاد الإخوة الفقراء ، وإنّما يتمسّك بها في مقام التأييد. وبمنع انتفائها ثانياً ، كيف؟! وقد أفتى الشيخ بثبوت النفقة للحمل (٤).

والثالث : بأنّ القيد المتعقب للجمل المتعاطفة وإن كان راجعاً إلى الأخير على الأظهر ، إلاّ أنّ القرينة قائمة هنا على رجوع الاستثناء إلى الجملتين ، وإلاّ للزم عدم حجب الصبي ما لم يبلغ حدّ الكمال ، ولم يقل به أحد ؛ وإذا رجع إليهما يلزم ثبوت الحجب للحمل بعد انفصاله حيّاً ، بمعنى أن يجعل الحجب مراعي إلى أن يظهر الحال ، كما في إرثه ، إلاّ أن يقال : إنّ الثبوت في الإرث مستفاد من دليل آخر ، فتأمل.

للمخالف : أصالة عدم اشتراط الانفصال. وعموم أدلّة الحجب.

قلنا : أصالة عدم الاشتراط إنّما تكون بعد ثبوت المقتضي ، وثبوته‌

__________________

(١) أي مُخرج ما إذا لم يكن هناك ولد ولا حمل ولا إخوة. ( منه رحمه‌الله ).

(٢) الفقيه ٤ : ١٩٨ ، ٦٧٤ ، التهذيب ٩ : ٢٨٢ ، ١٠٢٢ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٣ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٣ ح ١.

(٣) كما إذا كان هناك أربع نسوان حاملات ، أو ثلاث نسوة مع وجود بنت ، أو اثنتين مع وجود ابن أو بنتين ، أو واحدة مع وجود ثلاث بنات ( منه رحمه‌الله ).

(٤) المبسوط ٦ : ٢١.

١٣٢

غير ثابت. وعموم الأدلّة ممنوع.

السادس : كونهم أحياءً عند موت المورّث‌ ، فلو كان بعضهم ميّتاً عنده أو كلّهم ، لم يحجب ، ووجهه ظاهر.

فروع :

أ : أولاد الإخوة لا يقومون مقام آبائهم في هذا الحكم ، فهم لا يحجبون ؛ للأصل ، وعدم صدق الاخوة عليهم.

ب : الحكم في الخنثى الواضح واضح ، وفي المشكل مشكل. فقيل بالقرعة ؛ لأنّها لكلّ أمر مشكل (١). وقيل كالأُنثى ، فيعتبر عددها ؛ لاحتمال أن يكون أُنثى ، فلا يخرج عن الأصل إلاّ مع القطع بالحاجب ، وهو لا يحصل هنا إلاّ باعتبار عدد الانثى (٢) ، وهو الأقوى.

ج : قال في الدروس : والأقرب أنّ الغائب يحجب ما لم يقض بموته (٣).

وهو كذلك : لأنّه مقتضى استصحاب الحياة ؛ ولأنّ ثبوت الحجب قبل الغيبة لو مات أخوه يقينيّ فيستصحب ؛ ولأنّ انتقال الزائد عن السدس إلى الأُم مشروط بموت الغائب حين موت أخيه ، للعلم بحياته أوّلاً ، والعلم بالمشروط مشروط بالعلم بالشرط ، وهو منتف. والمعارضة باشتراط الحجب بالعلم بالحياة وهو غير معلوم قد مرّ دفعها.

ثمّ إنّه إذا بان موته قبل موت الأخ يردّ الزائد عن السدس إلى الأب ؛

__________________

(١) انظر الدروس ٢ : ٣٥٧.

(٢) انظر المسالك ٢ : ٣١٨.

(٣) الدروس ٢ : ٣٥٧.

١٣٣

لانكشاف عدم الشرط.

د : لو مات أخوان ولهما أبوان وأخ ، ولم يعلم المتقدم‌ ، فقال في الدروس : الظاهر عدم الحجب (١). وبه حكم في الروضة (٢) ؛ ووجهه أنّ حجب كلّ منهما مشروط بتأخر موته ، وهو غير معلوم ، واستصحاب حياته كأصالة تأخر الحادث معارض بالمثل في الآخر. وهو حسن ، إلاّ أنّه يشكل فيما إذا كان لهما مال مشترك بينهما ، فإنّ الامّ محجوبة عن نصف سدسه قطعاً ، لأنّ موت أحدهما متأخر لا محالة فيحجب.

هـ : لو مات أخوان غرقاً ومعهما أبوان وأخ‌ ، فتوقّف في الدروس ، من حيث إنّ فرض موت كل منهما يستدعي كون الآخر حيّاً فيتحقّق الحجب ، ومن عدم القطع بوجوده ، والإرث حكم شرعيّ ، فلا يلزم منه اطّراد الحكم الحياة (٣). والحقّ عدم الحجب ، كما في الروضة (٤) ؛ للشكّ ، والوقوف فيما خالف الأصل على مورده.

و : لا أعرف خلافاً بين الأصحاب في ثبوت حجب الإخوة عن الردّ أيضاً ، كحجبهم عن الفرض ، كما في أبوين وابنة. والأدلّة قاصرة عن إفادته ، وسيأتي تحقيقه.

__________________

(١) الدروس ٢ : ٣٥٧.

(٢) الروضة ٨ : ٦٤.

(٣) الدروس ٢ : ٣٥٧.

(٤) الروضة البهية ٨ : ٦٤.

١٣٤

المقدمة الخامسة

في تفصيل السهام المنصوصة ، وبيان أهلها ، وما يلحق به

اعلم أنّ السهام المنصوصة ستة : النصف ، والربع ، والثمن ، والثلثان ، والثلث ، والسدس. وبعبارة اخرى : النصف ونصفه ونصف نصفه ، والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما. وبثالثة : الربع والثلث وضعف كلّ ونصفه. وبيان موضع كل منها وإن يأتي بدليله ، إلاّ أنّا نذكر هنا إجمالاً لبيان بعض متفرعاتها.

ثمّ أهل هذه السهام ثلاثة عشر :

فالنصف لثلاثة‌ : لزوج مع عدم الولد للزوجة وإن نزل ، قال الله سبحانه ( وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ ) (١).

والبنت المنفردة ، قال تعالى ( وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ) (٢).

والأُخت المنفردة لأب وأُم ، أو للأب مع عدمها ، قال عزّ من قائل ( وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ ) (٣).

وتقييد البنت والأُخت بالانفراد كالأخيرة بكونها لأب وأُم أو لأب مستفاد من الخارج كما يأتي.

والربع لاثنين‌ : الزوج مع الولد للزوجة وإن نزل ، سواء كان منه أو من‌

__________________

(١) النساء : ١٢.

(٢) النساء : ١١.

(٣) النساء : ١٧٦.

١٣٥

غيره ، قال تعالى ( فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْنَ ) (١).

والزوجة لا مع الولد للزوج كذلك ، قال تعالى ( وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ ) (٢).

والثمن لواحد‌ : الزوجة معه ، قال سبحانه ( فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ ) (٣).

ولا فرق في الزوجة في المقامين بين الواحدة والمتعددة ، فالمتعددة مطلقاً يرثن الربع أو الثمن ، وتقسيمه بينهن على عددهن سواء.

والثلثان لاثنين‌ : البنتين فصاعداً إذا انفردن من الإخوة. وهذا إما بناءً على ما ذهب إليه الأكثر (٤) ، من استفادة حكم البنتين من الآية على ما يأتي ، أو على عدم تخصيص السهام بالمنصوصة في الكتاب ، وإلاّ فالصواب جعل الثلثين سهم ثلاث بنات فصاعداً.

والأُختين فصاعداً لأب وأُم ، أو لأب مع عدمهما ، قال سبحانه ( فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمّا تَرَكَ ) (٥).

وهذا أيضاً بناءً على أنّ المراد في الآية اثنتان فأكثر ، أو عدم تخصيص السهام بالمنصوصة في الكتاب ، وإلاّ فالصواب التخصيص بالأُختين.

والثلث لاثنين‌ : الامّ مع عدم الحاجب والولد وإن نزل ، قال تعالى شأنه ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ

__________________

(١) النساء : ١٢.

(٢) النساء : ١٢.

(٣) النساء : ١٢.

(٤) كما في الشرائع ٤ : ٢٠ ، والقواعد ٢ : ١٦٨ ، والدروس ٢ : ٣٣٨ ، والمسالك ٢ : ٣١٩.

(٥) النساء : ١٧.

١٣٦

فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ) (١).

والأكثر من واحد من ولدها ، قال سبحانه ( فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ ) (٢) والتخصيص للمخصّص.

والسدس لثلاثة‌ : الأب مع الولد.

والأُمّ معه أو بدونه مع الإخوة الحاجبة ، قال تعالى ( وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ ) (٣).

والواحد من كلالة الأُم مطلقاً ، قال عزّ شأنه ( وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ) (٤).

وقد يجعل مواضع السهام خمسة عشر ، بجعل كلّ من الأُخت والأُختين قسمين : ما يتقرب بالأبوين وما يتقرّب بالأُم خاصة مع عدم المتقرّب بالأبوين.

ثمّ إنّ هذه الفروض منها ما يجتمع شرعاً ، ومنها ما لا يجتمع ، إمّا لامتناع الوقوع ، أو لاستلزامه العول. والاجتماع يكون ثنائيّاً ، أو ثلاثيّاً ، أو رباعيّاً ، وأمّا الأزيد فلا يمكن. ثمّ الثلاثة ليست بحيث يمكن بجميع أقسامها بل منها ما يمتنع ومنها ما يجتمع.

والقانون الكلّي في معرفة الممكن والممتنع هو أنّه إذا كانت السهام سهاماً لجماعة يمتنع اجتماعهم إرثاً أو وجوداً أو سهماً مخصوصاً ، أو لزم من اجتماعها زيادة السهام على الفريضة يعني لو رفعت كسور السهام‌

__________________

(١) النساء : ١١.

(٢) النساء : ١٢.

(٣) النساء : ١١.

(٤) النساء : ١٢.

١٣٧

حصل الزائد عن الواحد امتنع الاجتماع ، وإلاّ جاز.

وأمّا الجائز من أقسام الثنائي وهي واحد وعشرون بعد حذف المكرّرات من الستّة والثلاثين التي هي حاصل ضرب الستّة في نفسها ، وهي خمسة عشر ثلاثة عشر ، والممتنع منها ثمانية. والمتكفل لبيانها هذا الجدول :

١٣٨

وأمّا الجائز من أقسام الثلاثي وهي خمسة وخمسون بعد حذف المكرّرات من مائتين وستة عشر التي هي حاصل ضرب الستة في الستة والثلاثين سبعة :

١ ـ اجتماع النصف والربع والسدس ، كزوجة وأُخت لأب وأُخت لُام.

٢ ـ النصف والسدس والسدس ، كبنت وأُم وأب.

٣ ـ النصف والسدس والثمن ، كبنت وأحد الأبوين وزوجة.

٤ ـ الثلثين والسدس والسدس ، كبنتين وأب وأُم.

٥ ـ الثلثين والسدس والثمن ، كبنتين وأحد الأبوين وزوجة.

٦ ـ الربع والسدس والسدس ، كزوج وأب وأُم مع الولد.

٧ ـ السدس والسدس والثمن ، كأب وأُم وزوجة مع الولد.

والممتنع منها ثمانية وأربعون.

وأمّا الجائز من أقسام الرباعي وهي ألف ومائتان وستة وتسعون مع المكررات ، التي هي حاصل ضرب الستة في مائتين وستة عشر واحد ، وهو اجتماع النصف والسدس والسدس والثمن ، كبنت ، وأب ، وأُم ، وزوجة. والبواقي إمّا مكررة أو ممتنعة.

ولا يخفى أنّ المراد اجتماع هذه السهام فرضاً لا قرابة ، وإلاّ فكثير من الأقسام الممتنعة ممكنة في القرابة.

هذا ، واعلم أنّه إذا وجد وارث ذو فرض أو أكثر ، فإمّا يكون معه مساوٍ لا فرض له ، أو لا يكون ، وعلى التقديرين فإمّا تكون التركة مساوية للفروض أو أزيد أو أنقص فهذه ستة أقسام : اثنان منها ممتنعان وقوعاً ، وهما : أن يكون مع ذوي الفروض مساوٍ لا فرض له ونقصت التركة عن فروضهم ، أو ساوتها.

وحكم اثنين منها واضح ، وهما : أن تزيد التركة عن الفروض وكان هنا مساوٍ لا فرض له فإنّ الزائد له بالقرابة بلا خلاف ؛ أو ساوتها ولم يكن‌

١٣٩

هناك مساوٍ ، فيعطى كلّ ذي فرض فرضه.

بقي اثنان آخران ، أحدهما : أن تزيد التركة عن الفروض ولم يكن مساوٍ لا فرض له : وثانيهما : أن تنقص التركة عنها. وقد وقع الخلاف في حكمهما بين الفريقين ونحن نشير إلى حكمهما في مسألتين :

المسألة الأُولى : إذا زادت التركة عن السهام ولم يكن مساو لا فرض له ردّ الزائد إلى ذوي الفروض على التفصيل الآتي عندنا ، والعامّة ذهبوا فيه إلى التعصيب ، أي يعطون الزائد العَصَبة (١).

واعلم أوّلاً أنّه لمّا كان بناؤهم في مطلق التوريث على التعصيب وكان ذلك ـ أي إعطاء الزائد عن الفرض للعصبة أيضاً من شعبه خلط جمع من فقهائنا في مقام الردّ عليهم بين أدلّة بطلان أصل التعصيب وبين أدلّة بطلان ردّ الزائد إلى العصبة ، لاشتراكهما في كثير من الأدلّة ، ولذلك تحصل كثيراً ما شُبه لغير المتعمقين. وقد أحسن في الانتصار ، حيث عنونهما بعنوانين (٢).

ونحن نبيّن أوّلاً طريقة توريثهم وقسمتهم إجمالاً ، ثمّ نبيّن موضع مخالفتهم معنا ، ثمّ نورد ما يقتضيه المقام من الأدلّة.

فنقول : إنّ طريقهم في التوريث أنّهم يقسّمون الورثة أوّلاً إلى قسمين : الرجال والنساء.

فالوارث من الرجال عندهم عشرة : الأب ، وأبوه وإن علا ، والابن ، وابن الابن وإن نزل ، والأخ ، وابن الأخ لا من الام ، والعمّ لا من الام ، وابنه ، والزوج ، والمعتق. ولا يرث عندهم غير هؤلاء من الرجال ، فلا يرث ابن البنت ، وأب الام ، وابن الاخت ، وابن الأخ من الام ، والخال ، وابن الخالة ، والعمّ من الام.

__________________

(١) انظر المغني والشرح الكبير ٧ : ٢٠.

(٢) الانتصار : ٢٧٧.

١٤٠