مستند الشّيعة - ج ١٩

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٩

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-211-3
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤٨٢

د : اللازم في الطلب ما يسمّى طلباً عرفاً‌ ، وهو كما يحصل بإنفاذ شخص أو أشخاص إلى تلك الناحية أو النواحي ليستخبر عنه ، كذلك يحصل بإنفاذ الكتب إليها أو أمر من فيها بالفحص ، وبالجملة لا يلزم نصب شخص بخصوصه أو أشخاص كذلك لذلك الأمر بل يحصل بكل ما يسمّى طلباً ، وكذا لا يلزم السؤال في تلك الناحية عن كل بيت بيت فيها وكل زاوية وجبل وقرية ، بل يكفي ما يصدق عليه الطلب في تلك الناحية.

هـ : الحقّ عدم اشتراط رفع الأمر هنا إلى الحاكم وحصول ضرب الأجل والفحص والطلب منه ، بل يكفي حصوله من كل شخص ؛ للأصل. والرجوع إلى الحاكم في أمر زوجته لتوقف التطليق أو الأمر بالإنفاق عليه ، وليس هنا كذلك ؛ نعم الأولى والأحوط الرجوع إليه مع الإمكان ، وبدونه إلى العدول أو العدل ، وحصول ذلك باطلاعه.

و : مبدأ الأربع حين الفقد مطلقاً إن لم يكن هناك طلب‌ ، للإطلاق ، وحين الشروع في صُورة لزوم الطلب ، ليصدق الطلب في الأربع.

ز : لو احتاج الطلب إلى مئونة لا يجوز أخذها من مال المفقود ، للأصل ، بل هو على طالبه.

ح : لو قسّمت التركة بعد الأربع مع الطلب أو بدونه فيما لا يحتاج إليه ثمّ جاء المفقود‌ ، فإن لم تكن عين المال باقية بل أتلفتها الورثة فلا تسلّط له عليهم ، لأنّه إتلاف بإذن من الشرع ، والأصل عدم الضمان ؛ وكذا إن بدّلوا العين بأعيان اخر باقية ، لأصالة عدم تسلّطه على تلك الأعيان الباقية.

وإن كانت العين باقية كلا أو بعضاً ، فمقتضى التقسيم وإن كان تمليكها للوارث ، حيث إنّه المتبادر من التقسيم للورثة دون الإيداع أو‌

١٠١

الإقراض الغير المتوقفين على الطلب ولا المقصورين على الوارث ، بل الظاهر كونه إجماعياً ، والأصل عدم الانتقال عنه إلاّ بناقلٍ شرعيّ ، إلاّ أنّ مقتضى عموم موثقتي إسحاق الأخيرتين (١) الشاملتين لما إذا كانت ورثة الميت ورثة المفقود أيضاً ولما إذا كان بعد الفحص أيضاً : لزوم الردّ الذي هو الظاهر في ردّ خصوص العين الباقية لرجاء المفقود بنفسه ، فيجب العمل بهما.

ولا يتوهّم أنّه على ذلك يشترط ملاءة الوارث لاشتراطها فيهما ؛ لاحتمال كون اشتراطها لأجل الإطلاقين ، فيكون التقسيم قبل الفحص لورثة الميت مطلقاً مشروطاً بالملاءة ، فتأمّل.

ط : المقسوم بينهم بعد الأربع الواقعة بعد الطلب أو مطلقاً ورثته حين انقضاء الأربع‌ ، لأنّهم الوارث حينئذ دون الوارث حين الفقد أو قبل الأربع.

ي : لو لم ينهض أحد للطلب مع إمكانه لا تجوز القسمة إلى أن تمضي مدّة لا يعيش مثلها عادة كما يقوله أرباب القول الأوّل (٢) ، والوجه واضح. ويقسّم حينئذ بين ورثته في ذلك الزمان كما يأتي.

يا : المرجع في انقضاء زمان لا يعيش مثله فيه على القول بالتربص إلى انقضائه أو إذا لزم التربّص لعدم النهوض للطلب مع الإمكان إلى العادة ، وهو يختلف باختلاف الأزمان والأصقاع ، وقد قدّره الجمهور بمائة وعشرين سنة (٣) ، وقال في المسالك : والظاهر الاكتفاء في زماننا بما دونها ، فإنّ بلوغ العمر مائة سنة الآن على خلاف العادة (٤).

__________________

(١) انظر ص : ٩٤ و ٩٥.

(٢) انظر ص : ٨٤.

(٣) انظر المغني والشرح الكبير ٧ : ٢٠٨ ، مغني المحتاج ٣ : ٢٦.

(٤) المسالك ٢ : ٣١٥.

١٠٢

أقول : الاكتفاء بما قدّره الجمهور ممّا لا شكّ فيه ، وأمّا بالمائة فلا يخلو عن إشكال ، وذلك لأنّ الظاهر وإن منع من العيش إلى المائة ، ولكنّ الظاهر لا يرجح عندي على الأصل إذا تعارضا إلاّ إذا أفاد العلم العادي بخلافه ، وإفادته له هنا فيها غير ظاهرة ، لكنّه يفيده في المائة والعشرين قطعاً ، بل فيما دونها أيضاً كالمائة والعشر وما فوقها. نعم من يرجّح الظاهر على الأصل مطلقاً أو فيما إذا أفاد ظنا مساويا لما يفيده الأصل أو أقوى منه يجب أن يكتفي بالمائة بل بما دونها بقليل.

يب : مبدأ هذا التقدير وقت التولّد دون الغيبة‌ ، والوجه ظاهر. ولو اشتبه وقته يؤخذ بالمتيقن ، لأصالة تأخّر الحادث.

يج : إذا انقضت هذه المدّة يرثه من يرثه من الموجودين حين الانقضاء دون الغيبة‌ ، إذ لا ميراث إلاّ للوارثين الموجودين بعد الموت ، وانقضاء المدّة قائم مقامه. ولأنّ انتقال الإرث إلى الوارث موقوف على العلم بموت المورث وحياة الوارث ، والأوّل منتف قبل الانقضاء ، والثاني بعده بالنسبة إلى من فرض موته من الورثة الموجودين قبله.

يد : لو مات من يرثه غائب عزل نصيبه‌ ، فإن بان حياً أخذه ، أو ميتاً بعد موت مورّثه دفع إلى ورثته ، أو قبله ردّ إلى ورثة مورّثه.

وإن مضت المدّة ولم ينكشف حاله فقال في التحرير : يردّ إلى ورثة مورّثه (١) ، لاشتراط انتقال التركة إليه بحياته بعد موت المورث ، والعلم بالمشروط مشروط بالعلم بوجود الشرط ، وهو منتف ، للشكّ في حياته حين موت مورّثه.

ويعارض بأنّ الانتقال إلى غيره مشروط بموته قبله ، للعلم بحياته‌

__________________

(١) التحرير ٢ : ١٧٣.

١٠٣

أوّلاً ، والعلم بالمشروط مشروط بالعلم بوجود الشرط ، وهو منتف ، للشك في موته قبله ، على أنّ الشرط في الأول مستصحب ، فيترتّب عليه مشروطه.

فإن قيل : استصحاب الشي‌ء لا يوجب العلم بوجوده.

قلنا : إن أُريد وجوده الواقعي فعدم إيجاب الاستصحاب للعلم به مسلّم ، وإن اريد وجوده الشرعي أي ما كان في حكم الموجود شرعاً فغير مسلّم ، والأحكام مترتبة على الوجود الشرعي دون الواقعي.

وأيضاً : معنى الاستصحاب الذي هو حجّة شرعيّة إمّا الحكم بوجود ما علم وجوده سابقاً بعد الشك في وجوده ، أو الحكم بترتب الأحكام الشرعيّة المعلّقة عليه عليه وإن كان وجوده مشكوكاً فيه ، وكلّ ما كان يستلزم ترتّب المشروط الشرعي عليه ، أمّا الثاني فظاهر ، وأمّا الأوّل فلأنّ الأحكام المعلّقة على الشي‌ء من لوازمه ، والحكم بوجود الملزوم يستلزم الحكم بوجود اللازم.

وأيضاً : لو كان هذا الشك معتبراً لزم نقض اليقين بالشك ، مع أنّه لا ينقض اليقين بالشك أبداً.

وأيضاً : لو لم يوجب الاستصحاب طرد هذا الشك ودفعه وعدم الاعتناء به لزم عدم حجّيته في موضع أصلاً ، إذ لو لم يوجبه لكان لأجل أنّه لا يوجب الحكم بالوجود ولا يترتّب الحكم ، فإنّه لو استلزم أحدهما لما بقي للشك مجال ، وإذا لم يوجب شيئاً منهما لما كان حجّة : أمّا في الموضوعات ، فلأنّ كلّ حكم معلّق على شي‌ء فإنّما هو معلّق على وجوده ، فإذا لم يفد الاستصحاب الحكم بوجوده ولا ترتّب الحكم عليه لما أفاد فائدة أصلاً. وأمّا الحكم بعدم تحقّق ما اشترط على عدمه فإنّما‌

١٠٤

هو ليس لاستصحابه بل لعدم العلم بالشرط.

وأمّا في نفس الأحكام ، فلأنّ معنى استصحابها الحكم بوجودها بعد الشك فيه ، فإذا لم يفد الاستصحاب في ذلك فكيف يستصحب.

وأيضاً أصالة تأخّر الحادث تؤيّد تأخر موته عن موت مورّثه.

ويعلم ممّا ذكر أنّ القول بالانتقال إلى ورثة المفقود أقرب إلى الحقّ.

قال في التحرير : وكذا لو علمنا موته قبل الانقضاء ولم نعلم هل مات قبل المورّث أو بعده (١). ويعلم ضعفه ممّا ذكرنا.

المسألة الثانية : الحمل يرث حيث يحكم بإلحاقه بالميّت قطعاً أو شرعاً إن انفصل حيّاً ، ولو ولد ميّتاً لم يرث.

أمّا الأوّل فتدلّ عليه بعد ظاهر الإجماع : عمومات الإرث ، والمستفيضة من الأخبار كصحيحة ربعي : في المنفوس : « إذا تحرّك ورث ، إنّه ربّما كان أخرس » (٢).

والمنفوس هو المولود الذي لم يستهلّ ولم يصِحْ.

والأُخرى : في السقط إذا سقط من بطن امّه فتحرّك تحرّكاً بيّناً : « يرث ويورث ، فإنّه ربّما كان أخرس » (٣).

وموثقة أبي بصير : « إذا تحرّك المولود تحرّكاً بيّناً فإنّه يرث ويورث ، فإنّه ربّما كان أخرس » (٤).

__________________

(١) التحرير ٢ : ١٧٣.

(٢) الكافي ٧ : ١٥٥ ، ١ ، الوسائل ٢٦ : ٣٠٢ أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ب ٧ ح ٣.

(٣) الكافي ٧ : ١٥٥ ، ٢ ، التهذيب ٩ : ٣٩١ ، ١٣٩٤ ، الإستبصار ٤ : ١٩٨ ، ٧٤٢ ، الوسائل ٢٦ : ٣٠٣ أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ب ٧ ح ٤.

(٤) التهذيب ٩ : ٣٩٢ ، ١٣٩٨ ، الإستبصار ٤ : ١٩٨ ، ٧٤٣ ، الوسائل ٢٦ : ٣٠٤ أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ب ٧ ح ٧.

١٠٥

وصحيحة الفضيل : قال : سأل الحكم بن عتيبة أبا جعفر عليه‌السلام عن الصبي يسقط عن امّه غير مستهلّ ، أيورث؟ فأعرض عنه فأعاد عليه ، فقال : « إذا تحرّك تحرّكاً بيّناً ورث ، فإنّه ربّما كان أخرس » (١).

والروايات الآتية الدالّة على أنّ المستهلّ يرث ويورث.

وأمّا ما ورد في بعض الأخبار من اشتراط إرثه باستهلاله كصحيحة ابن سنان : « لا يصلّى على المنفوس ، وهو المولود الذي لم يستهلّ ولم يصِحْ ، ولم يورث من الدية ولا من غيرها ، وإذا استهلّ فصلّ عليه وورّثه » (٢).

وروايته : في المنفوس قال : « لا يرث من الدية شيئاً حتّى يصيح ويسمع صوته » (٣).

ورواية السكوني : « يورث الصبي ويصلّى عليه إذا سقط من بطن امّه فاستهلّ صارخاً ، فإذا لم يستهلّ صارخاً لم يورث » (٤).

ومضمرة ابن عون يقول : « إنّ المنفوس لا يرث من الدية شيئاً حتّى يستهلّ ويسمع صوته » (٥).

فلا تصلح لمعارضة ما مرّ ، لشذوذها المخرج لها عن الحجيّة‌

__________________

(١) التهذيب ٩ : ٣٩٢ ، ١٣٩٩ ، الإستبصار ٤ : ١٩٨ ، ٧٤٤ ، الوسائل ٢٦ : ٣٠٤ أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ب ٧ ح ٨.

(٢) التهذيب ٣ : ١٩٩ ، ٤٥٩ ، الوسائل ٢٦ : ٣٠٣ أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ب ٧ ح ٥.

(٣) الكافي ٧ : ١٥٦ ، ٥ ، التهذيب ٩ : ٣٩١ ، ١٣٩٧ ، الإستبصار ٤ : ١٩٨ ، ٧٤٥ ، الوسائل ٢٦ : ٣٠٢ أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ب ٧ ح ١.

(٤) التهذيب ٣ : ٣٣١ ، ١٠٣٥ ، الوسائل ٣ : ٩٧ أبواب صلاة الجنازة ب ١٤ ح ٣.

(٥) الكافي ٧ : ١٥٦ ، ٦ ، الوسائل ٢٦ : ٣٠٢ أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ب ٧ ح ٢.

١٠٦

بالمرّة ، حتّى قيل : إنّه أطبق الأصحاب على ترك العمل بها (١) ، وهو كذلك ، ومع ذلك فهي مرجوحة عند المعارضة ، لموافقتها العامّة كما صرّح به الشيخ (٢) ، وكثير من الطائفة (٣) ، ويومئ إليه إعراضه (٤) عن ابن عتيبة أوّلاً كما في صحيحة الفضيل المتقدّمة.

ويدلّ عليه أيضاً الأمر بالصلاة عليه في صحيحة ابن سنان ورواية السكوني المتقدّمتين ، وكذا التعليل في الأخبار المتقدّمة بقوله « فإنّه ربّما كان أخرس » فإنّ المتبادر منه أنّه ردّ على جماعة يقولون باشتراط الصياح والاستهلال.

والجمع بين الأخبار بالتخيير ينافي ما يستفاد من الأخبار الأخيرة من عدم التوريث قبل الاستهلال. وبحمل الأخيرة على الإرث من الدية كما في الوافي (٥) كان حسناً لولا صحيحة ابن سنان المصرّحة بعدم إرثه من الدية ولا من غيرها قبل الاستهلال ، حيث إنّ روايته والمضمرة خاصتان بالنسبة إلى سائر أخبار الطرفين ، وأمّا الصحيحة فلصراحتها في الدية وغيرها لا تلائم ذلك الجمع ، ولعلّه لم يلتفت إليها ، لما ذكره من اختلاف النسخ فيها ، وأنّها في بعض النسخ ولم يورث من الدية ولا من غيرها ، ولكن مع ذلك أيضاً لا يمكن المصير إلى ذلك الجمع ، لما عرفت من شذوذ تلك الأخبار ، وعدم وجود قائل بذلك التفصيل.

__________________

(١) انظر الرياض ٢ : ٣٧٢.

(٢) التهذيب ٣ : ١٩٩ ، الاستبصار ١ : ٤٨٠.

(٣) منهم العلاّمة في المختلف : ١١٩ ، والشهيد الأول في الدروس ٢ : ٣٥٥ ، وصاحب الرياض ٢ : ٣٧٢.

(٤) وإنّما اعرض عليه‌السلام أوّلاً عن الحكم ، لأنّه كان منافقاً مخالفاً غير مصدق له عليه‌السلام ( منه قدس‌سره ).

(٥) الوافي ٣ ج ١٣ : ١٤١.

١٠٧

وأمّا الثاني فيدلّ عليه بعد ظاهر الإجماع أيضاً : مفاهيم الأخبار المتقدمة ، وما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : « السقط لا يرث ولا يورث » (١) خرج المتحرّك بالدليل فبقي غيره.

وقد يستدلّ عليه أيضاً بعدم صلاحية الميّت للمالكية ، وفيه كلام (٢).

فروع :

أ : لا يشترط استقرار حياته بحيث يمكن أن يعيش‌ ، فلو سقط بجناية وتحرّك حكرة المذبوح ورث بلا خلاف يعرف ؛ لإطلاق الروايات بل عمومها ، ولتصريح صحيحة الفضيل المتقدمة بأن السقط إذا تحرّك تحرّكاً بيّناً يرث ، والغالب في السقط عدم استقرار الحياة.

وقد ينسب الخلاف إلى ظاهر الشرائع (٣) ، وهو غير ظاهر.

ب : الحكم في الأخبار وجوداً وعدماً ومنطوقاً ومفهوماً وإن كان معلّقاً على الحركة ، ولكنّهم صرّحوا بأنّ المعتبر في الحركة الموجبة للإرث هي الحركة الدالّة على الحياة المعبّر عنها بالحركات الإراديّة دون غيرها كالتقلّص والاختلاج ، وادّعوا الإجماع على ذلك (٤) ؛ ويدلّ عليه تقييد الحركة في أكثرها بالبيّنة ، فإنّ الحركات الغير الدالّة على الحياة لا تكون بيّنة ، ويدلّ عليه أيضاً قوله فيها : « ربّما كان أخرس » فإنّه لولا إناطة الحكم‌

__________________

(١) كنز العمّال ١١ : ٦ ، ٣٠٣٨٣ ، نقله عن سنن الترمذي ٢ : ٢٤٨ ، ١٠٣٧.

(٢) وهو أنّه إنّما يصح إذا تولد ولم تلج الحياة فيه أوّلاً أيضاً ، أمّا لو كان حياً أوّلاً ثمّ مات فتولد فلا يصح ذلك ، إلاّ أن يقال : إنّه لا سبيل إلى العلم بحياته أوّلاً أيضاً والأصل عدمه ( منه قدس‌سره ).

(٣) الشرائع ٤ : ١٦.

(٤) كما في الخلاف ٤ : ١١٢ ، الرياض ٢ : ٣٧٢.

١٠٨

بالحياة لكان قوله هذا لغواً.

ج : لو لم تعلم حركته الدالّة على الحياة لم يرث وإن لم يعلم عدم التحرّك أيضاً ، لاشتراط الإرث بها في الأخبار المذكورة ، والعلم بالمشروط يتوقّف على العلم بالشرط.

د : لا يشترط حياته وولوج الروح فيه عند موت المورّث‌ ، بل لو كان نطفة ورث بشرطه بلا خلاف يعرف ، لإطلاق الروايات ، وأصالة عدم الاشتراط.

هـ : تحرّكه في البطن لا يوجب إرثه إذا انفصل ميّتا ؛ لإناطة الإرث بحركة المولود أو السقط ، وما دام في البطن لا يصدق عليه ذلك ، فينفى إرثه حينئذ ، لعموم المفهوم.

و : لا فرق في الحكم وجوداً وعدماً بين ما إذا كان التولّد في أقصى مدّة الحمل أو ما دونها ، وما إذا تولّد تامّاً سويّاً كامل الخلقة أو لا ، وما إذا كان خروجه بنفسه أو بسبب خارجي ، كضرب أو سقط ؛ للإطلاق.

ز : صرّح جمع من الأصحاب باشتراط حياته عند تمام الانفصال ، فلو خرج بعضه حيّاً ومات قبله لم يرث (١).

ولعلّ وجهه عدم صدق المنفوس والمولود والسقط والصبي إلاّ على المنفصل تماماً ، فمن مات قبل تمام الانفصال يكون داخلاً تحت المفاهيم فيمنع. وأيضاً : انتقال المال من الميت إلى غيره يحتاج إلى دليل ، خرج من انفصل تمامه حيّاً بالإجماع والأخبار فبقي الباقي ، وخروج المبعّض بالأخبار يتوقّف على صدق الألفاظ المذكورة عليها وهو غير ثابت ، كصدق الولد والابن والبنت الثابت إرثهم بالآيات (٢).

__________________

(١) كما في التحرير ٢ : ١٧٤ ، والدروس ٢ : ٣٥٥ ، والرياض ٢ : ٣٧٣.

(٢) انظر سورة النساء : ١١ ، ١٢.

١٠٩

ح : لو مات عقيب انفصاله حيّا كان نصيبه لورثته ؛ والوجه ظاهر.

ط : الحمل كما يُحجب عن الإرث إلى أن ينفصل وينكشف الأمر ، كذلك يَحجب غيره من الوارث على قدر حجب ذكرين موجودين إلى ان ينكشف ويستبين أمره ؛ فلو كان الوارث ممّن لا يرث مع الولد حجب مطلقاً كالأخ ، ولو كان ممّن ينقص نصيبه معه يمنع عن الزائد كالأبوين والزوجين ، ولو كان ولداً واحداً أو متعدداً منع عن نصيب ولدين ذكرين ، ولو كان مع الولد الواحد أحد الزوجين أو الأبوين أو كلاهما لم يكن حجب مطلقاً كما لا يخفى.

أمّا أصل الحجب ، فلأنّ انتقال ما يرثه الحمل على تقدير انفصاله حيّاً إلى غيره إذا كان هناك حمل مشروط بانفصاله ميّتاً ، إذ لولاه لم ينتقل إليه. وانفصاله ميّتاً غير معلوم ، فكذلك انتقال ما يرثه إلى غيره ، لأنّ العلم بالمشروط يتوقّف على العلم بالشرط ؛ ثمّ انتقاله إلى الحمل أيضاً لما كان مشروطاً بانفصاله حيّاً وهو أيضاً غير معلوم ، فيجب تركه إلى أن يستبين الأمر.

فإن قيل : المسلّم هو اشتراط الانتقال بعدم الانفصال حيّاً لا بالانفصال ميّتاً.

قلنا : لو كان كذلك لكان الانتقال إلى الحمل لو انفصل حيّاً انتقالاً من الوارث إليه لا توريثاً ، مع أنّ الأخبار مصرّحة بالتوريث ، فانفصاله حيّاً كاشف عن سبق الانتقال.

فإن قيل : وجود الوارث وهو غير الحمل يقيني ، وتحقّق المانع وهو انفصاله حيّاً مشكوك فيه ، فيجب الحكم بانتقاله إليه إلى أن يعلم المانع.

قلنا : تيقن وجود الوارث ممنوع ، لتوقفه على العلم بعدم انفصاله‌

١١٠

حيّاً.

فإن قيل : أدلّة إثبات وارثيّته مطلقة بالنسبة إلى ما نحن فيه.

قلنا : أخبار إرث الحمل قيّدتها.

فإن قيل : المخرج بالتقييد هو صورة الانفصال حيّاً لا غير ، وهو غير معلوم فيما نحن فيه ، فلا يحكم بخروجه حتّى يثبت المخرج.

قلنا : نسلّم أن المخرج إنّما هو صورة الانفصال حيّاً ، ولكن خروج هذه الصورة لا يختص بهذه الحالة أيضاً ، بمعنى أن يكون غير الحمل وارثاً قبل الانفصال وخرج عن الوارثية بعده ، بل في هذه الصورة ينكشف الخروج السابق ، فقبل الكشف لا يعلم أنّ هذا هل هو من الفرد المخرج أم لا.

فإن قيل : الأصل عدم خروجه.

قلنا : هذا إنّما يصحّ فيما إذا شكّ في عروضه لفرد معيّن ، وأمّا إذا علم عروضه لفرد معيّن ولم يعلم أنّ هذا الفرد هل هو الفرد المخرج أم لا فلا يصحّ بإطلاقه ، بل يجب الرجوع إلى ما نيط به الخروج ، فإن كان مخالفاً للأصل والاستصحاب غير ثابتٍ بدليل آخر من ظاهر أو غيره يصحّ إجراء أصل العدم فيه وإلاّ فلا ، والانفصال حيّاً لا يخالف الأصل كما لا يخفى.

وأمّا الحجب عن نصيب الذكرين فلاحتمال وجودهما ، فلا يعلم انتقال قدر نصيبهما إلى وارث آخر ؛ وأمّا الزائد عنهما وإن كان محتملاً عقلاً إلاّ أنّ العادة تأبى عنه.

ولو اتّفق الزائد على الذكرين يستردّ من سائر الورثة على حسب ما يقتضيه الحال.

ثمّ بعد عزل نصيب الذكرين لا يخلو من احتمالات عشرة : لأنّه إمّا‌

١١١

يولد ذكراً ، أو أُنثى ، أو خنثى ، أو ذكرين ، أو أُنثيين ، أو خنثيين ، أو ذكراً وأُنثى ، أو ذكراً وخنثى ، أو أُنثى وخنثى ، أو يسقط ميّتاً ؛ فلو اجتمع مع الحمل ذكراً اعطي الثلث وعزل الثلثان ، ولو اجتمعت معه الأُنثى أُعطيت الخمس إن ولد حيّاً كما فرض ، وإلاّ وزّعت التركة بينهم كما يقتضيه حال الحمل.

المسألة الثالثة : من مات وعليه دين يستغرق التركة فذهب الشيخ في الخلاف والمحقق في الشرائع والحلّي في السرائر والشهيد وأكثر الأصحاب كما في المسالك والكفاية إلى أنّها لا تنتقل إلى الورثة ، بل هي باقية على حكم مال الميّت سواء كان الدين مساوياً لها أو زائداً عليها (١).

وذهب الفاضل في ميراث القواعد وثاني الشهيدين في المسالك (٢) وجماعة (٣) إلى انتقالها إليهم مطلقاً ، لكنّهم يُمنعون من التصرّف فيه إلى أن يوفّى الدين منها أو من غيرها ، أو ضمانهم مع رضا الديّان. واستقربه في التحرير (٤) ، وحكي عن المبسوط والجامع (٥).

والأقوى هو الأوّل.

لنا بعد أصالة عدم الانتقال : أنّ انتقالها إليهم ليس إلاّ بالإرث ، ولا توريث هنا ، لأنّه لا يكون إلاّ بعد الدين ، وإذا كان الدين مساوياً لها أو‌

__________________

(١) الخلاف ٢ : ١٤٤ ، الشرائع ٤ : ١٦ ، السرائر ٣ : ٢١٩ ، والشهيد في الدروس ٢ : ٣٥٢ ، المسالك ٢ : ٣١٦ ، الكفاية : ٢٩٢.

(٢) القواعد ٢ : ١٦٧ ، المسالك ٢ : ٣١٦.

(٣) كفخر المحققين في الإيضاح ٢ : ٦٢ ، وج ٤ : ٢٠٥ ، الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٢٨٦.

(٤) التحرير ٢ : ١٧٣.

(٥) كما في كشف اللثام ٢ : ٢٨٦.

١١٢

أكثر لم يبق منها شي‌ء بعده حتّى يورث.

أمّا أنّه لا توريث إلاّ بعد الدين ، فبالكتاب والسنة ، أمّا الكتاب فقوله تعالى في مواضع ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ ) (١).

وأمّا السنّة فكثيرة ، منها صحيحة سليمان بن خالد المتقدمة في وارث الدية (٢) ، حيث دلّت بمفهوم الشرط على أنّه إذا كان على المقتول دين لا ترث الورثة الدية ، فلا تنتقل إليهم ، إذ لا ناقل سوى التوريث.

وحسنة محمّد بن قيس : « إنّ الدين قبل الوصيّة ، ثم الوصية على أثر الدين ، ثمّ الميراث بعد الوصية ، فإنّ أوّل القضاء كتاب الله تعالى » (٣).

وخبر السكوني : « أول شي‌ء يبدأ به من المال : الكفن ، ثمّ الدين ، ثمّ الوصية ، ثمّ الميراث » (٤).

وقريب منه خبره الآخر (٥).

احتجّ المخالف بأنّ بقاء الملك بلا مالك مستحيل ، والميّت غير مالك ، والديّان لا يملكه إجماعاً ، فتعيّن الوارث. وحملوا الآية والروايات على أنّ الملك المستقر الغير الممنوع معه من التصرف فيه بعد الدين والوصية.

والجواب : إنّ هذا اجتهاد في مقابلة النص ، واستحالة بقاء الملك‌

__________________

(١) النساء ١١ : ١٢.

(٢) في ص : ٥٣.

(٣) الكافي ٧ : ٢٣ ، ١ ، الفقيه ٤ : ١٤٣ ، ٤٨٩ ، التهذيب ٩ : ١٦٥ ، ٦٧٥ ، الإستبصار ٤ : ١١٦ ، ٤٤١ ، الوسائل ١٩ : ٣٣٠ في أحكام الوصايا ب ٢٨ ح ٢.

(٤) الكافي ٧ : ٢٣ ، ٣ ، الفقيه ٤ : ١٤٣ ، ٤٨٨ ، التهذيب ٩ : ١٧١ ، ٦٩٨ ، الوسائل ١٩ : ٣٢٩ في أحكام الوصايا ب ٢٨ ح ١.

(٥) الفقيه ٤ : ١٤٣ ، ٤٩١ ، التهذيب ٩ : ١٧١ ، ٦٩٩ ، الوسائل ١٩ : ٣٢٩ في أحكام الوصايا ب ٢٧ ح ٣.

١١٣

بلا مالك مطلقاً ممنوعة ، نعم يستحيل لو لم يكن في حكم مال الميت ، وأمّا معه فلا ، كيف؟! وقد جوّزه جمع كثير من الأصحاب.

والحاصل أنّ الملك يستحيل أن لا يكون لمالك ولا في حكم مال الميت ، بل يجب تحقّق أحدهما ، والثاني فيما نحن فيه متحقّق.

وبعبارة اخرى لا ريب في أنّ المراد باستحالة بقاء الملك بلا مالك ليس استحالته عقلاً ، إذ لا يترتّب عليه محال ، ولا ينكره العقل أصلاً ، فيكون المراد استحالته شرعاً ، والاستحالة الشرعيّة لا تثبت إلاّ بدليل شرعي ، ولا دليل من نصّ أو إجماع على الاستحالة المطلقة.

وحمل الآية على الملك المستقر إنّما يصحّ لو ثبت ناقل موجب للملك المتزلزل ، وهو غير ثابت. وظهور اللام في المستقر لو سلّم لا يفيد أيضاً ؛ لانتفاء ما يدلّ على المتزلزل حينئذ ، لإمكان القول بهذا الظهور في جميع ما يدلّ على ثبوت الإرث ، فيبقى المال على أصله ، أي يكون في حكم مال الميّت.

وتظهر فائدة الخلاف في النماء المتجدّد بين الموت وأداء الدين ، فعلى ما اخترناه يتبع العين في تعلّق الدين به ، وتقديمه على حقّ الوارث لو لم تف التركة به ، لأنّ النماء تابع للعين. وعلى القول الآخر يكون للوارث مطلقاً.

وقيل : إنّ الفائدة تظهر أيضاً فيما إذا أراد الوارث أخذ التركة وأداء الدين من غيرها ، فعلى الأوّل ليس لهم ذلك بل يتعيّن عليه تسليمها إلى الديّان ، وعلى الثاني له الخيار بين تسليمها وبين أداء الدين من غيرها (١).

__________________

(١) انظر المسالك ٢ : ٣١٦.

١١٤

وهو حسن لو لم يثبت الإجماع على خيار الورثة.

وقد يقال بظهورها أيضاً فيما إذا كانت التركة داراً ولم يكن للوارث دار اخرى غيرها ولا شي‌ء آخر ، فعلى الأوّل يكون الديّان مسلّطين على أخذها ، وعلى الثاني ليس لهم ذلك ، إذ بعد انتقالها إلى الوارث تكون سكناهم ولا تؤخذ السكنى بالدين.

وفيه أوّلاً : أنّ هذا إنّما يصحّ لو قيل بالملك المستقر ، وأمّا المتزلزل فلا يمنع من الأخذ. وثانياً : أنّ الإجماع متحقّق هنا على جواز الأخذ مطلقاً.

ولو كان الدين غير مستغرق للتركة فلا ريب في انتقال ما فضل عن الدين إلى الوارث.

وفي منعه من التصرف مطلقاً ، أو فيما قابل الدين خاصّة وجهان ، الأوّل للقواعد والدروس (١) وبعض آخر (٢) حيث جعلوا جميع التركة كالرهن. والثاني للمسالك والكفاية (٣) ، وهو الأجود ، لثبوت الانتقال المقتضي لجواز التصرف وعدم المانع منه. وشركة الديّان كاحتمال تلف ما قابل الدين لا يصلح للمانعية ، لأنّ إفراز حقّهم إنّما هو بيد الورثة إجماعاً ، واحتمال التلف يجبر بالاسترداد عنهم لو تلف ، وليس المراد من كون الإرث بعد الدين والوصية أنّه بعد ادائه والعمل بها ، ولذا يجوز التصرف قبل العمل بالوصية ، بل المراد أنّ أوّل ما يتعلق بالتركة هو الدين ثمّ الوصية ثمّ الميراث.

__________________

(١) القواعد ٢ : ١٦٧ ، الدروس ٢ : ٣٥٢.

(٢) كما في إيضاح الفوائد ٢ : ٦٣.

(٣) المسالك ٢ : ٣١٦ ، الكفاية : ٢٩٢.

١١٥

فروع :

أ : لو تصرّف الوارث في الزائد ثمّ قصر الباقي لتلفٍ أو نقصٍ لزم الوارث الإكمال بحسب الزائد ، للإجماع ، ووجوب أداء الدين عليه من التركة ، وأداؤه يتوقّف عليه.

ب : لو تعذّر استيفاء الدين ممّا قابلة فالظاهر تسلط المُدين أو الحاكم على نقض التصرّف في الزائد أو مطالبة الدين ، لوجوب أدائه وتوقّفه على أحدهما ، فيجب من باب المقدمة.

ج : لو كان المُدين غائباً وأراد الوارث التصرّف في التركة في صورة الاستيعاب أو فيما قابل الدين في صورة عدمه ، فيجب على الحاكم أو المؤمنين عند فقده منعه ، لأنّه تصرّف فيما ليس له ، فيجب المنع من باب النهي عن المنكر.

د : يجب أن يكون ما قابل الدين الممنوع من التصرّف فيه ممّا يعلم وفاؤه بالدين إذا كان من غير جنسه ، فكفّ اليد عمّا يحتمل وفاؤه به غير كاف ، لأنّ انتقال قدر المحصّل لليقين بالوفاء إلى الوارث غير معلوم ، فتصرّفه فيه غير جائز.

١١٦

المقدمة الرابعة

في الحجب‌

وهو لغةً : المنع (١) ، والمراد منه هنا منع من له سبب الإرث عنه بالكليّة أو من بعضه ، والأوّل يسمّى : حجب حرمان ، والثاني : حجب نقصان.

والتوضيح : أنّه قد عرفت أنّ الورثة إمّا نسبيّات أو سببيّات ، ولكل منهما مراتب وطبقات ، ولكل منها أصناف ودرجات. وقد عرفت أيضاً وستعرف أنّ جميع هذه الطبقات والدرجات لا يجتمعون في الإرث ، بل يمنع بعضهم بعضاً من الإرث بالكليّة ، ومنعه إيّاه منه يسمّى حجب حرمان.

ثمّ إنّ الذين يجتمعون منهم قد يصير الاجتماع مع بعضٍ موجباً لنقص ما يرثه الآخر عند عدمه ، فيمنعه عن الزائد وإن لم يمنعه بالكليّة ، ومنعه هذا يسمّى حجب نقصان.

وعلم من ذلك أنّ الحجب قسمان ، وتفصيل كل منهما مع أدلّة تفاصيله وإن يأتي في المقاصد ، إلاّ أنّه نذكره هنا إجمالاً ، لأوقعيّة التفصيل بعد الإجمال.

فنقول : أمّا القسم الأوّل ، فكلّ قريب من الأنسباء يحجب البعيد منهم ، ولا خلاف فيه إلاّ في مسألة إجماعيّة ، وإن وقع الخلاف في أقربيّة‌

__________________

(١) مجمع البحرين ٢ : ٣٤ ، الصحاح ١ : ١٠٧ ، نهاية ابن الأثير ١ : ٣٤٠ ، المغرب ١ : ١٠٧.

١١٧

بعض بالنسبة إلى آخر.

ويدلّ على أصل الحكم مضافاً إلى الإجماع والروايات الآتية الواردة في تفاصيل المواريث موثقة زرارة ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول ( وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ ) (١) قال : « إنّما عنى بذلك اولي الأرحام في المواريث ، ولم يعن أولياء النعمة ، فأولاهم بالميّت أقربهم إليه من الرحم التي تجرّه إليها » (٢).

وصحيحة الخزاز في كتاب علي عليه‌السلام : « أنّ كلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به ، إلاّ أن يكون وارث أقرب إلى الميّت » (٣).

وموثقته ، وفيها : « وكل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به ، إلاّ أن يكون وارث أقرب إلى الميّت منه » (٤).

ومرسلة يونس : « إذا التفّت القرابات فالسابق أحقّ بميراث قريبه ، فإن استوت قام كلّ واحد منهم مقام قريبه » (٥).

ورواية البزاز : « المال للأقرب ، والعصبة في فيه التراب » (٦).

ورواية حمّاد بن عثمان : عن رجل ترك امّه وأخاه ، فقال : « يا شيخ تريد على الكتاب؟ » قال ، قلت : نعم. قال : « [ كان ] عليٌّ عليه‌السلام يعطي‌

__________________

(١) النساء : ٣٣.

(٢) الكافي ٧ : ٧٦ ، ٢ ، التهذيب ٩ : ٢٦٨ ، ٩٧٥ ، الوسائل ٢٦ : ٦٣ أبواب موجبات الإرث ب ١ ح ١.

(٣) الكافي ٧ : ٧٧ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٢٦٩ ، ٩٧٦ ، الإستبصار ٤ : ١٦٩ ، ٦٤٠ ، الوسائل ٢٦ : ٦٨ أبواب موجبات الإرث ب ٢ ح ١.

(٤) الكافي ٧ : ٧٧ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٢٦٩ ، ٩٧٦ ، الإستبصار ٤ : ١٦٩ ، ٦٤٠ ، الوسائل ٢٦ : ٦٨ أبواب موجبات الإرث ب ٢ ح ١.

(٥) الكافي ٧ : ٧٧ ، ٣ ، التهذيب ٩ : ٢٦٩ ، ٩٧٨ وفيه : إذا التقت ، الوسائل ٢٦ : ٦٩ أبواب موجبات الإرث ب ٢ ح ٣.

(٦) الكافي ٧ : ٧٥ ، ١ ، التهذيب ٩ : ٢٦٧ ، ٩٧٢ ، الوسائل ٢٦ : ٦٤ أبواب موجبات الإرث ب ١ ح ٣ إلاّ أنّ الراوي فيه وفي الكافي : حسين الرزّاز.

١١٨

المال الأقرب : فالأقرب » قال ، قلت : فالأخ لا يرث شيئاً؟! قال : « قد أخبرتك أنّ عليّاً عليه‌السلام كان يعطي المال الأقرب فالأقرب » (١).

وصحيحة البزنطي : عن ابن بنت وبنت ابن ، قال : « إنّ عليّاً عليه‌السلام كان لا يألو أن يعطي الميراث الأقرب » (٢).

ثمّ إنّ كثيراً منهم (٣) فرّعوا على ذلك أنّ الولد للصلب يحجب أولاد الأولاد مطلقاً ويمنع الأقرب منهم الأبعد ، كما يحجب من يتقرّب بالأبوين أو أحدهما ، ولا يشاركه سوى الأبوين والزوجين.

والأبوين أو أحدهما يحجب من يتقرّب بهما أو به.

وإذا عدم الأولاد والآباء فالميراث للإخوة والأجداد ، يحجب الأقرب منهم الأبعد ، فالأخ والأُخت يحجبان أولادهما والأقرب منهم الأبعد ، كما يحجبان من يتقرّب بالأجداد ، والجدّ يحجب أباه كما يحجب أبوه أباه ، وهكذا.

وإذا عدم الإخوة والأجداد فينتقل الإرث إلى الأعمام والأخوال ، يحجب الأقرب منهم الأبعد ، فيحجب كل منهما الأبعد صعوداً ونزولاً ، فيحجب أولادَه ( وأولاد ) (٤) الآخر ، كما يحجب أولاد كلّ منهما أولادهم ، وهكذا ، ويحجب أعمامُ أحدهما وأخوالُه أولادَهم ، كما يحجبون أعمام‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ٩١ ، ٢ ، التهذيب ٩ : ٢٧٠ ، ٩٨١ ، الوسائل ٢٦ : ١٠٥ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٥ ح ٦.

(٢) التهذيب ٩ : ٣١٨ ، ١١٤٤ ، الاستبصار ٤ : ١٦٨ ، ٦٣٦ ، قرب الإسناد : ٣٨٩ ، ١٣٦٥ ، الوسائل ٢٦ : ١١٣ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٧ ح ٩.

(٣) كالعلامة في القواعد ٢ : ١٦٨ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٣٠٩ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٢٨٧.

(٤) في « س » : وأولاده ، وفي « ح » : أولاد.

١١٩

الجدّ وأخواله وأولادهم ، وهكذا إلاّ في مسألة إجماعيّة.

ويحجب في الطبقتين الأخيرتين المتقرّب بالأبوين المتقرب بالأب مع التساوي في الدَّرَج.

وكلّ من هؤلاء يحجب الوارث بالسبب سوى الزوجين ، فيحجب النسب مطلقاً مولى النعمة ، وهو ضامن الجريرة والإمام عليه‌السلام.

أقول‌ : إنّ ما ذكروه من تفاصيل الحجب كثبوت حجب الأقرب للأبعد وإن كان صحيحاً كما يأتي بأدلّتها ، ولكن في تفريع هذا التفصيل على حجب الأقرب للأبعد نظر.

بيانه : أنّ المراد بالأقرب إمّا ما كان أقرب عرفاً ، فكون مثل ولد ولد ولد العم أقرب من عمّ الأب غير معلوم ، وكذلك أقربيّة المتقرّب بالأبوين عن المتقرب بالأب دون الأُمّ.

أو ما كانت واسطته إلى الميّت أقلّ كما صرّح به بعضهم ، فينتقض بحجب ولد ولد الولد للأخ وعدم حجب الأب له ، وكذلك حجب ولد ولد ولد العمّ لعمّ الأب ، وبالفرق بين المتقرّب بالأب وبالأُمّ وغيرها.

أو تكون الأقربيّة ملحوظة بالنسبة إلى الصنف الواحد دون صنفين مختلفين ، كما ذهب إليه آخر ، فلا يكون لتفريع حجب أحد الصنفين للآخر عليها وجه.

أو بالنسبة إلى صنفين مختلفين دون صنف واحد ، بجعل درجات كلّ صنف متساوية في القرب بالنسبة إلى غيرهم ، لكون كل منهم بمنزلة الرحم الذي يجرّه إليه ، فلا يكون تفريع حجب الأقرب من صنف للأبعد منه عليها صحيحاً.

والقول بأنّ المراد منه الأقرب شرعاً وهو ما قدّمه الشارع في الإرث‌

١٢٠