دروس في علم الأصول - ج ٢

آية الله السيّد محمّد باقر الصدر

دروس في علم الأصول - ج ٢

المؤلف:

آية الله السيّد محمّد باقر الصدر


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦١٣
الجزء ١ الجزء ٢

افتراض الحب فى جل الواجبات النفسية التى تكون محبوبة بما هى مقدمات لمصالحها وفوائدها المترتبة عليها. ولو أنكرنا الملازمة بين حب الشىء وحب مقدمته ، لما أمكن التسليم بمحبوبية هذه الواجبات النفسية.

حدود الواجب الغيرى :

وفى حالة التسليم بالواجب الغيرى فى مرحلتى الجعل والحب معا ، أو فى إحدى المرحلتين على الأقل ، يقع الكلام فى ان متعلق الوجوب الغيرى هل هو الحصة الموصلة من المقدمة أو طبيعى المقدمة؟

قد يقال : بأن المسألة مبنية على تعيين الملاك والغرض من الواجب الغيرى ، فان كان الغرض هو التمكن من الواجب النفسى ، فمن الواضح ان هذا الغرض يحصل بطبيعى المقدمة ، ولا يختص بالحصة الموصلة ، فيتعين أن يكون الوجوب الغيرى تبعا لغرضه متعلقا بالطبيعى أيضا. وإن كان الغرض حصول الواجب النفسى ، فهو يختص بالمقدمة الموصلة ، ويثبت حينئذ اختصاص الوجوب بها أيضا تبعا للغرض.

وفى المسألة قولان : فقد ذهب صاحب الكفاية (١) وجماعة إلى الاول ، وذهب صاحب الفصول (٢) وجماعة الى الثانى.

ويمكن أن يبرهن على الأول بأن الوجوب الغيرى لو كان متعلقا بالحصة الموصلة الى الواجب النفسى خاصة ، لزم أن يكون الواجب النفسى قيدا فى متعلق الوجوب الغيرى ، والقيد مقدمة للمقيد ، وهذا

ـــــــــــــــ

(١) كفاية الاصول : ج ١ ص ١٨٢.

(٢) الفصول : ص ٨٧.

٢٦١

يؤدى الى أن يصبح الواجب النفسى مقدمة للواجب الغيرى.

ويمكن ان يبرهن على الثانى بأن غرض الوجوب الغيرى ليس هو التمكن ، بل نفس حصول الواجب النفسى ، لأن دعوى ان الغرض هو التمكن ، إن اريد بها ان التمكن غرض نفسى ، فهو باطل بداهة وخلف أيضا ، لأنه يجعل المقدمة موصلة دائما ، لعدم انفكاكها عن التمكن الذى هو غرض نفسى ، مع اننا نتكلم عن المقدمة التى تنفك خارجا عن الغرض النفسى.

وإن اريد بها ان التمكن غرض غيرى ، فهو بدوره طريق الى غرض نفسى لا محالة ، إذ وراء كل غرض غيرى غرض نفسى ، فان كان الغرض النفسى منه حصول الواجب النفسى ، ثبت ان هذا هو الغرض الاساسى من الواجبات الغيرية ، وإلا تسلسل الكلام حتى يعودإليه لا محالة.

فالصحيح إذن اختصاص الوجوب بالحصة الموصلة ، ولكن لا بمعنى أخذ الواجب النفسى قيدا فى متعلق الوجوب الغيرى ، كما توهم فى البرهان على القول الأول ، بل بمعنى أن الوجوب الغيرى متعلق بمجموعة المقدمات التى متى ما وجدت كان وجود الواجب بعدها مضمونا.

مشاكل تطبيقية :

استعرضنا فيما سبق أربع خصائص وحالات للوجوب الغيرى ، وتنص الثانية منها عل ان امتثال الوجوب الغيرى لا يستتبع ثوابا ، وتنص الرابعة منها على ان الواجب الغيرى توصلى. وقد لوحظ ان ما ثبت من ترتب الثواب على جملة من المقدمات كما دلت عليه الورايات ، ينافى الحالة الثانية للوجوب الغيرى ، وان ما ثبت من عبادية

٢٦٢

الوضوء والغسل والتيمم واعتبار قصد القربة فيما ينافى الحالة الرابعة له.

والجواب : أما فيما يتصل بالحالة الثانية ، فهو انها تنفى استتباع امتثال الوجوب الغيرى بما هو امتثال له للثواب ، ولا تنفى ترتب الثواب على المقدمة بما هى شروع فى امتثال الوجوب النفسى ، وذلك فيماإذاأتى بها بقصد التوصل بهاإلى امتثاله. وما ثبت بالورايات من الثواب على المقدمات يمكن تطبيقه على ذلك.

وأما فيما يتصل بالحالة الرابعة ، فانها فى الحقيقة انما تنفى دخول أى شىء فى دائرة الواجب الغيرى زائدا على ذات المقدمة التى يتوقف عليها الواجب النفسى ، فاذا كان الواجب النفسى متوقفا على ذات الفعل ، امتنع أخذ قصد القربة فى متعلق الوجوب الغيرى ، لعدم توقف الواجب النفسى عليه. وإذا كان الواجب النفسى متوقفا على الفعل مع قصد القربة ، تعين تعلق الوجوب الغيرى بهما معا ، لأن قصد القربة فى هذه الحالة يعتبر جزءا من المقدمة. وفى كل مورد يقوم فيه الدليل على عبادية المقدمة نستكشف انطباق هذه الحالة عليها.

فان قيل : أليس قصد القربة معناه التحرك عن محرك مولوى لايجاد الفعل ، وقد فرضنا ان الأمر الغيرى لا يصلح للتحريك المولوى كما نصت عليه الحالة الاولى من الحالات الأربع المتقدمة للوجوب الغيرى فما هو المحرك المولوى نحو المقدمة؟

كان الجواب : ان المحرك المولوى نحوها هو الوجوب النفسى المتعلق بذيها ، وهذا التحريك يتمثل فى قصد التوصل. هذا إضافة إلى إمكان افتراض وجود أمر نفسىمتعلق بالمقدمة احيانا ، بقطع النظر عن مقدميتها ، كما هو الحال فى الوضوء على القول باستحبابه النفسى.

٢٦٣

دلالة الأوامر الاضطرارية والظاهرية على الاجزاء

لا شك فى ان الأصل اللفظى فى كل واجب لدليله اطلاق انه لا يجزى عنه شىء آخر ، لان اجزاءه عنه معناه كونه مسقطا ومرجع مسقطية غير الواجب للواجب أخذ عدمه قيدا فى الوجوب ، وهذا التقييد منفى باطلاق دليل الواجب. وهذا ما قد يسمى بقاعدة عدم الاجزاء.

ولكن يدعى الخروج عن هذه القاعدة فى بعض الحالات استنادا إلى ملازمة عقلية ، كما فى حالة الاتيان بالمأمور به بالأمر الاضطرارى أو الاتيان بالمأمور به بالأمر الظاهرى ، إذ قد يقال : بأن الأمر الاضطرارى أو الظاهرى يدل دلالة التزامية عقلية على إجزاء متعلقه عن الواجب الواقعى ، على أساس وجود ملازمة بين جعله وبين نكتة تقتضى الاجزاء. والتفصيل كما يلى :

دلالة الأوامر الاضطرارية على الاجزاء عقلا :

إذا تعذر الواجب الاصلى على المكلف فامر بالميسور اضطرارا ، كالعاجز عن القيام ، تشرع فى حقه الصلاة من جلوس ، فتارة يكون

٢٦٤

الأمر الاضطرارى مقيدا باستمرار العذر فى تمام الوقت ، واخرى يكون ثابتا بمجرد عدم التمكن فى أول الوقت. ولنبدأ بالثانى فنقول : إذا بادر المريض فصلى جالسا فى أول الوقت ، ثم ارتفع العذر فى اثناء الوقت ، فلا تجب عليه الاعادة. والبرهان على ذلك ان المفروض ان الصلاة من جلوس التى وقعت منه فى أول الوقت كانت مصداقا للواجب بالأمر الاضطرارى.

وحينئذ نتساءل ان وجوبها هل هو تعيينى أو تخييرى؟ والجواب : هو انه تخييرى ، ولا يحتمل ان يكون تعيينيا ، لوضوح ان هذا المريض كان بامكانه ان يؤخر صلاته الى آخر الوقت ، فيصلى عن قيام. واذا كان وجوبها تخييريا ، فهذا يعنى وجود عدلين وبديليين يخير المكلف بينهما. فان كان هذا العدلان هما الصلاة الاشطرارية والصلاة الاختيارية ، فقد ثبت المطلوب ، لأن معنى ذلك ان الواجب هو الجامع بين الصلاتين ، وقد حصل ، فلا موجب للاعادة. وإن كان هذان العدلان هما مجموع الصلاتين من ناحية ، والصلاة الاختيارية من ناحية اخرى ، بعمى ان المكلف مخير بين ان يصلى من جلوس أولا ، ومن قيام أخيرا ، وبين ان يقتصر على الصلاة من قيام فى آخر الوقت ، فهذا تخيير بين الاقل والاكثر ، وهو مستحيل ، وبهذا يتبرهن الاجزاء.

وأما ذا كان الأمر الاضطرارى مقيدا باستيعاب العذر لتمام الوقت ، فتارة يصلى المريض فى أول الوقت ، ثم يرتفع عذره فى الاثناء ، واخرى يصلى فى جزء من الوقت ، ويكون عذره مستوعبا للوقت حقا ، ففى الحالة الاولى لا يقع ما أتى به مصداقا للواجب الاضطرارى ، إذ لا أمر اضطرارى فى هذه الحال ليبحث عن دلالته على الاجزاء. وفى الحالة

٢٦٥

الثانية لا مجال للاعادة ، ولكن يقع الكلام عن وجوب القضاء ، فقد يقال : بعدم وجوب القضاء ، لأن الأمر الاضطرارى يكشف عقلا عن وفاء متعلقه بملاك الواجب الاختيارى ، إذ لولا ذلك لما امر به ، ومع الوفاء لا فوت ، ليجب القضاء.

ولكن يرد على ذلك ان الأمر الاضطرارى يصح جعله فى هذه الحالة ، إذا كانت الوظيفة الاضطرارية وافية يجزء من ملاك الواقع مع بقاء جزء آخر مهم لابد من استيفاءه ، إذ فى حالة من هذا القبيل يمكن للمولى أن يأمر بالوظيفة الاظطرارية فى الوقت إدراكا لذلك الجزء من الملاك فى وقته الاصلى ، ثم يأمر بعد ذلك بالقضاء استيفاء للباقى ، فلا دلالة للأمر الاضطرارى عقلا على الاجزاء فى هذه الحال ، بل يبقى على الفقيه استظهار الحال من لسان دليل الأمر الاظطرارى واطلاقه فقد يستظهر منه الاجزاء ، لظهور لسانه فى وفاء البدل بتمام مصلحة المبدل؟ أو ظهور حاله فى انه فى مقام بيان تمام ما يجب ابتداء وانتهاء ، فان سكوته عن وجوب القضاء حينئذ يدل على عدمه.

دلالة الأوامر الظاهرية على الاجزاء عقلا :

قد تؤدى الحجة إلى تطبيق الواجب المعلوم على غير مصداقه الواقعى ، بأن تدل على ان الواجب صلاة الظهر مع انه صلاة الجمعة ، أو على ان الثوب طاهر مع أنه نجس. فاذا أتى المكلف بالوظيفة وفقا للحجة الظاهرية ، فهل يجزى ذلك عن الواجب الواقعى بلا حاجة الى قيام دليل خاص على الاجزاء ، أو يحتاج إثبات الاجزاء فى كل مورد الى دليل خاص ، وبدونه يرجع إلى قاعدة عدم الاجزاء؟

٢٦٦

قد يقال : بالاجزاء ، بدعوى الملازمة العقلية بين الأمر الظاهرى وبينه ، لأن الأمر الظاهرى فى حالات المخالفة للواقع يكشف عن وجود مصلحة فى مورده على نحو يستوفى به الملاك الواقعى الذى يفوت على المكلف بسبب التعبد بالحجة الظاهرية ، وذلك ببرهان انه لو لا افتراض ذ مصلحة من هذا القبيل ، لكان جعل الأمر الظاهرى قبيحا ، لأنه يكون مفوتا للمصلحة على المكلف وملقيا له فى المفسدة. ومع اكتشاف مصلحة من هذا القبيل ، يتعين الاجزاء ، فلا تجب الاعادة ، فضلا عن القضاء ، لحصول الملاكة الواقعى واستيفائه. والبناء على الاكتشاف المذكور يسمى بالقول بالسببية فى جعل الحجية ، بمعنى ان الامارة الحجة تكون سببا فى حدوث ملاك فى موردها.

ويرد على ذلك :

أولا : ان الاحكام الظاهرية على ما تقدم أحكام طريقية لم تنشأ من مصالح وملاكات فى متعلقاتها ، بل من نفس ملاكات الاحكام الواقعية. وقد مر دفع محذور استلزام الاحكام الظاهرية لتفويت المصلحة والالقاء فى المفسدة. ولو كانت الأحكام الظاهرية ناشئة من مصالح وملاكات على ما ادعى للزم التصويب ، إذ بعد فرض وفاء الوظيفة الظاهرية بنفس ملاك الواجب الواقعى ، يستحيل أن يبقى الوجوب الواقعى نختصا بمتعلقه الأول ، بل ينقلب لا محالة ويتعلق بالجامع بين الأمرين ، وهذا نحو من التصويب.

وثانيا : إذا سلمنا ان ما يفوت على المكلف بسبب الحجة الظاهرية من مصالح لابد ان تضمن الحجة تداركه ، إلا ان هذا لا يقتضى افتراض مصلحة إلا بقدر ما يفوت بسببها ، فاذا فرضنا انكشاف الخلاف

٢٦٧

فى اثناء الوقت ، اثناء الوقت ، لم يكن ما فات بسبب الحجة إلا فضيلة الصلاة فى أول وقتها مثلا ، لا أصل ملاك الواقع ، لا مكان إستيفائه معا. وهذا يعنى ان المصلحة المستكشفة من قبل الأمر الظاهرى انما هى فى سلوك الامارة والتعبد العملى بها بالنحو الذى يجبر ما يخسره المكلف بهذا السلوك ، وليست قائمة بالمتعلق وبالوظيفة الظاهرية بذاتها ، فاذا انقطع التعبد فى اثناء الوقت بانكشاف الخلاف ، انتهى أمد المصلحة. وهذا ما يسمى بالمصلحة السلوكية وعليه فلا موجب للاجزاء عقلا.

نعم يبقى إمكان دعوى الاجزاء بتوهم حكومة بعض أدلة الحجية على أدلة الاحكام الواقعية وتوسعتها لموضوعها وقد أوضحنا ذلك سابقا وهوإجزاء مبنى على الاستظهار من لسان دليل الحجية ، ولا عقلاة له بالملازمة العقلية. ويأتى دفع هذا التوهم عند التمييز بين الحكومة الواقعية والحكومة الظاهرية فى مباحث التعارض إن شاء الله تعالى.

٢٦٨

امتناع اجتماع الأمر والنهى

لا شك فى التضاد بين الاحكام التكليفية الواقعية ، وعلى هذا الأساس يمتنع اجتماع الأمر والنهى ، لتضادهما بلحاظ المبادى وعالم الملاك ، وبلحاظ النتائج وعالم الامتثال.

أما الأول فلأن مبادىء الأمر هى المصلحة والمحبوبية ، ومبادىء النهى هى المفسدة والمبغوضية. وأما الثانى فلضيق قدرة المكلف على امتثالهما معا وعدم امكان الترتب بينهما ، وقد سبق فى مباحث القدرة انه كلما ضاقت قدرة المكلف عن الجمع بين شيئين ، ولم يكن بالامكان الترتب بين أمريهما وحكميهما ، أمتنع جعل الحكمين.

وعلى هذا الاساس إذا دل دليل على الأمر بشىء ، ودل دليل آخر على النهى عنه ، من قبيل ( صل ) و( لا تصل ) كان الدليلان متعارضين ، للتنافى بين الجعلين بسبب التضاد فى عالم الملاك أولا ، وبسبب ضيق قدرة المكلف عن الجمع بين الامتثالين مع عدم امكان الترتب ثانيا.

وهذا مما لا اشكال فيه من حيث الاساس ، ولكن قد نفترض بعض الخصوصيات فى الأمر والنهى التى قد تخرجهما عن كونهما مجتمعين حقا

٢٦٩

على شىء واحد ، فيزول الامتناع ولا ينشأ التعارض بين دليليهما. ويمكن تلخيص تلك الخصوصيات فيما يلى :

الخصوصية الاولى : أن نفترض تعلق الأمر بالطبيعة على نحو التخيير العقلى بين حصصها ، وتعلق النهى بحصة معينة من حصصها ، من قبيل ( صل ) و( لا تصل فى الحمام ) وهذا الافتراض يوجب اختلاف المتعلقين بالاطلاق والتقييد ، ولا شك فى أن ذلك يوجب زوال السبب الثانى للتنافى ، وهو ضيق قدرة المكلف عن الجمع بين الامتثالين ، وذلك لأنه إذا كان بامكان المكلف ان يصلى فى غير الحمام ، فهو قادر على الجمع بين الامثتالين. وانما المهم تحقيق حال السبب الأول للتنافى ، وهو التضاد فى عالم المبادىء ، فقد يقال بزواله أيضا ، لأن الوجوب بمبادئه متعلق بالجامع ولا يسرى الى الحصة ، والحرمة بمبادئها قائمة بالحصة ، فلم يتحد المعروض لهما. وهذا مبنى على بحث تقدم فى التخيير العقلى ، وانه هل يستبطن تخييرا شرعيا ووجوبات مشروطة للحصص ولو بلحاظ عالم المبادىء؟ فان قيل باستبطانه ذلك ، لم يجد اختلاف المتعلقين بالاطلاق والتقييد فى التغلب على السبب الأول للتنافى ، لأن وجوب الجامع يسرى ولو بمبادئه الى الحصص ، وإن أنكرنا الاستبطان المذكور ، اتجه القول بعدم التنافى وجواز الأمر بالمطلق والنهى عن الحصة.

غير ان مدرسة المحقق النائينى رحمه الله (١) برهنت على التنافى بين الأمر بالمطلق والنهى عن الحصة بطريقة اخرى منفصلة عن الاستبطان المذكور ، وهى ان الأمر بالمطلق يعنى ان الواجب لوحظ مطلقا من ناحية

ـــــــــــــــ

(١) راجع : فوائد الاصول : ج ٢ ص ٤٣٥.

٢٧٠

حصصه ، والاطلاق مؤداه الترخيص فى تطبيق الجامع على أى واحدة من تلك الحصص ، وهذا متعدد بعدد الحصص ، وعليه فالترخيص فى تطبيق الجامع على الحصة للنهى ، ينافى هذا النهى لا محالة ، لأن نفس الحصة معروضة لهما معا ، فالتنافى لا يقع بالذات بين النهى عن الحصة والأمر بالمطلق ، بل بين النهى عن الحصة والترخيص فيها الناتج عن اطلاق متعلق الأمر.

والفرق بين إثبات التنافى بطريقة الميرزا هذه واثباتها بدعوى الاستبطان المذكور سابقا ، انه على طريقة الميرزا لا يكون هناك تناف بين وجوب المطلق والنهى على نحو الكراهة عن حصة من حصصه ، لأن الكراهة لا تنافى الترخيص ، ومن هنا فسر الميرزا كراهة الصلاة فى الحمام وامثالها. وأما على مسلك الاستبطان المذكور سابقا ، فالتنافى واقع بين الأمر بالمطلق والنهى عن الحصة ، سواء كان تحريميا أو كراهتيا.

ولكن التحقيق ان طريقة الميرزا هذه فى اثبات التنافى غير وجيهة ، لأن الاطلاق ليس ترخيصا فى التطبيق ولا يستلزمه. أما انه ليس ترخيصا ، فلأن حقيقة الاطلاق كما تقدم عدم لحاظ القيد مع الطبيعة ، عندما يراد جعل الحكم عليها. وأما انه لا يستلزم الترخيص ، فلأن عدم لحاظ القيدإنما يستلزم عدم المانع من قبل الأمر فى تطبيق متعلقه على أى حصة من الحصص ، وعدم المانع من قبل الأمر شىء ، وعدم المانع من قبل جاعل الأمر المساوق للترخيص الفعلى شىء آخر ، وما ينافى النهى عقلا هو الثانى دون الأول.

وعلى أى حال فاذا تجاوزنا هذه الخصوصية وافترضنا الامتناع

٢٧١

والتنافى على الرغم من الاختلاف بالاطلاق والتقييد بين المتعلقين ، نصل حينئذ الى الخصوصية الاخرى ، كما يلى :

الخصوصية الثانية : ان نفترض تعدد العنوان ، وتعلق الأمر بعنوان والنهى بعنوان آخر ، وتعدد العنوان قد يسبب جواز الاجتماع ورفع التنافى بأحد وجهين :

الأول : ان تعدد العنوان يبرهن على تعدد المعنون.

والثانى : دعوى الاكتفاء بمجرد تعدد العنوان فى دفع التنافى ، مع الاعتراف بوحدة المعنون والوجود خارجا.

أما الوجه الأول : فهوإذا تم يدفع التنافى بكلا تقريبيه ، أيى بتقريب إستبطان الأمر بالجامع للوجوبات المشروطة بالحصص ، وبتقريب استلزامه الترخيص فى التطبيق على الحصة المنافى للنهى ، إذ مع تعدد الوجود الخارجى لا يجرى كلا هذين التقريبين.

ولكن الاشكال فى تمامية هذا الوجه ، إذ لا برهان على ان مجرد تعدد العنوان يكشف عن تعدد المعنون خارجا ، لأن بالامكان انتزاع عنوانين من موجود خارجى واحد. نعم إذا ثبت ان العنوان ماهية حقيقية للشىء تمثل حقيقته النوعية ، فمن الواضح ان تعدد يساوق تعدد الشىء خارجا ، إذ لا يمكن أن يكون للشىء الخارجى الواحد ماهيتان نوعيتان ، ولكن ليس كل عنوان يشكل الماهية النوعية لمعنونه ، بل كثيرا ما يكون من العناوين العرضية المنتزعة.

وأما الوجه الثانى : فحاصلهع ان الاحكام إنما تتعلق بالعناوين والصور الذهنية ، لا بالوجود الخارجى مباشرة. فاذا كان العنوان فى افق الذهن متعددا ، كفى ذلك فى عدم التنافى.

٢٧٢

فان قيل : ان العناوين فى الذهن انما يعرض لها الأمر والنهى بما هى مرآة للخارج ، وهذا يعنى استقرار الحكم فى النهاية على الوجود الخارجى بتوسط العنوان ، والوجود الخارجى واحد ، فلا يمكن أن يثبت أمر ونهى عليه ولو بتوسط عنوانين.

كان الجواب على ذلك : ان ملاحظة العنوان فى الذهن مرآة للخارج عند جعل الحكم عليه ، لا يعنى ان الحكم يسرى الى الخارج حقيقة ، وانما يعنى ان العنوان ملحوظ بما هو صلاة أو غصب لا بما هو صورة ذهنية.

وهذا الوجه إذا تم إنما يدفع التنافى بالتقريب الأول ، أى بدعوى الاستبطان المذكور سابقا ، فان الأمر بجامع الصلاة إذا كان يستبطن وجوبات مشروطة بعدد الحصص ، فكل وجوب متعلق بحصة من حصص الصلاة بهذا العنوان ، لا بها بما هى حصة من حصص الغصب ، فلا تنافى بين الوجوبات المشروطة والنهى بعد افتراض تعدد العنوان.

ولكن الوجه المذكور لا يدفع التنافى بالتقريب الثانى الذى أفاده المحقق النائينى ، وهو المنافاة بين النهى عن الحصة والترخيص فى التطبيق ، لأن اطلاق الواجب لحالة غصبية الصلاة إذا كان يعنى الترخيص فى تطبيقه على المقيد بهذه الحالة ، فهو مناف لتحريم هذه الغصبية لا محالة.

الخصوصية الثالثة : ان نسلم بأن الخصوصيتين السابقتين غير نافعتين لدفع التنافى ، وإن الصلاة فى المكان المغصوب لا يمكن ان يجتمع عليها أمر ونهى بعنوانين ، ولكننا نفترض انها متعلقة للأمر والنهى مع عدم تعاصرهما فى الفعلية زمانا ، فيبحث عماإذا كان هذا نافعا فى دفع

٢٧٣

التنافى أو لا. ومثاله المقصود حالة طرو الاضطرار بسوء الاختيار. وتوضيحه ان الانسان تارة يدخل الى الأرض المغصوبة بدون اختياره ، واخرى يدلخلها بسوء اختياره ، وفى كلتا الحالتين يصبح بعد الدخول مضطرا الى التصرف فى المغصوب بالمقدالر الذى يتضمنه الخروج ، غير ان هذا المقدار يكون مضطرا اليه لا بسوء الاختيار فى الحالة الاولى ومظطر اليه بسوء الاختيار فى الحالة الثانية. ويترتب على ذلك ان هذا المقدار فى الحالة الاولى يكون مرخصا فيه من قبل الشارع ، خلافا للحالة الثانية ، لأن الاظطرار بسوء الاختيار لا ينافى المسؤولية والادانة ، كما تقدم ، ولكن النهى ساقط على القول المتقدم بأن الاضطرار بسوء الاختيار لا ينافى الاختيار عقابا ، وينافيه خطابا.

وعليه فلو كان وقت الصلاة ضيقا ، وكان بامكان المكلف ان يصلى حال الخروج بدون أن تطول بذلك مدة الخروج ، فصلى بنفس خروجه ، فهذه صلاة فى المكان المغصوب ، ولا شك فى وجوبها فى الحالة الاولى ، لأن الخروج باعتباره مضطرا اليه لا بسوء الاختيار ، غير منهى عنه منذ البدء. وأما فى الحالة الثانية فقد يقال بأنها منهى عنها ومأمور بها ، غير ان النهى والأمر غير متعاصرين زمانا ، ومن هنا جاز ثبوتهما معا وذلك لأن النهى سقط خطابا بالاضطرار الحاصل بسوء الاختيار ، وإن لم يسقط عقابا وإدانة ، والأمر توجه الى الصلاة حال الخروج بعد سقوط النهى ، فلم يجتمعا فى زمان واحد.

ولكن التحقيق ان ذلك لا يدفع التنافى بين الأمر والنهى ، لأن سقوط النهى لو كان لنسخ وتبدل فى تقدير الملاكات ، لأمكن أن يطرأ الأمر بعد ذلك. وأما إذا كان بسبب الاضطرار بسوء الاختيار الذى هو

٢٧٤

نحو من العصيان ، فهذا انما يقتضى سقوط الخطاب لا المبادىء. فالتنافى بلحاظ المبادىء ثابت على كل حال. هذاإذا أخذنا بالقول السابق الذى يقول بأن الاضطرار بسوء الاختيار ينافى الاختيار خطابا. وإذا انكرنا هذه المنافاة ، فالأمر أوضح.

وقد واجه الاصوليون هنا مشكلة اجتماع الأمر والنهى من ناحية اخرى فى المقام ، وحاصلها انه قد افترض كون الخروج مقدمة للتخلص الواجب من الغصب ، ومقدمة الواجب واجبة ، فيكون الخروج واجبا فعلا مع كونه منهيا عنه بالنهى السابق الذى لا يزال فعليا بخطابه وروحه معا ، أو بروحه وملاكه فقط على الاقل ، فهو يلتزم بأن الخروج ليس مقدمة للواجب ، أو بتخصيص فى دليل حرمة التصرف فى المغصوب على نحو ينفى وجود نهى من أول الأمر على هذه الحصة من التصرف ، أو بانخرام فى قاعدة وجوب المقدمة ، وجوه ، بل أقوال :

أما الوجه الأول : فحاصله ان الخروج والبقاء متضادان ، والواجب هو ترك البقاء ، وفعل أحد الضدين ليس مقدمة لترك ضده كما تقدم فى الحلقة السابقة (١).

وهذا الوجه حتى إذا تم لا يحل المشكلة على العموم ، لأن هذه المشكلة لا نواجهها فى هذا المثال فقط ، بل فى حالات اخرى لا يمكن انكار المقدمية فيها ، من قبيل من سبب بسوء اختياره الى الوقوع فى مرض مهلك ينحصر علاجه بشرب الشراب المحرم ، فان مقدمية الشرب فى هذه الحالة واضحة.

ـــــــــــــــ

(١) راجع : ج ١ ص ٣٥٣.

٢٧٥

وأما الوجه الثانى : فلا يمكن الأخذ به إلا مع قيام برهان على التخصيص المذكور بتعذر أى حل آخر للمشكلة.

وأما الوجه الثالث : فهو المتعين ، وذلك بأن يقال ان المقدمة من ذ ناحية انقسامها الى فرد مباح وفرد محرم على أقسام :

أحدها : أن تكون منقسمة إلى فردين من هذا القبيل فعلا ، وفى هذه الحالة يتجه الوجوب الغيرى نحو غير المحرم خاصة ، لأن الملازمة التى يدركها العقل لا تقتضى أكثر من ذلك.

ثانيها : أن تكون منحصرة اساسا وبدون دخل للمكلف فى ذلك فى الفرد المحرم ، وفى هذه الحالة يتجه الوجوب الغيرى نحو الفرد المحرم ، إذا كان الوجوب النفسى أهم من حرمته ، وتسقط الحرمة حينئذ.

ثالثها : أن تكون منقسمة أساسا الى فرد مباح وفرد محرم ، غير ان المكلف عجز نفسه بسوء اختياره عن الفرد المباح ، وفى هذه الحالة يدرك العقل ان الانحصار فى الفرد المحرم غير مسوغ لتوجه الوجوب الغيرى نحوه ما دام بسوء الاختيار ، فالفرد المحرم يظل على ما هو عليه من الحرمة ، ويكون تعجيز المكلف نفسه عن الفرد المباح من المقدمة ، مع بقاء الفرد المحرم على حرمته ، تعجيزا له شرعا عن الاتيان بذى المقدمة ، لأن المنع شرعا عن مقدمة الواجب ، تعجيز شرعى عن الواجب. ولما كان هذا التعجيز حاصلا بسوء اختيار المكلف ، فيسقط الخطاب المتكفل للأمر بذى المقدمة على القول المشهور ، دون العقاب والادانة ، غير ان العقل يحكم بلزوم تحصيل ذى المقدمة ولو بارتكاب المقدمة المحرمة ، لأن ذلك أهون الأمرين. وهذا يؤدى الى اضطراره الى ارتكاب الفرد المحرم من المقدمة ، غير انه لما كان منشأ هذا الاضطرار أساسا سوء الاختيار ،

٢٧٦

فيسقط الخطاب على القول المشهور دون العقاب. وينتج عن ذلك ان الخطابات كلها ساقطة فعلا وان روحها بما تستتبعه من إدانة ومسؤولية ، ثابت.

وفى كل حالة يثبت فيها امتناع اجتماع الأمر والنهى ، لا يختلف الحال فى ذلك بين الأمر والنهى النفسيين ، أو الغيريين ، أو الغيرى مع النفسى ، لأن ملاك الامتناع مشترك ، فكما لا يمكن ان يكون شىء واحد محبوبا ومبغوضا لنفسه ، كذلك لا يمكن أن يكون مبحبوبا لغيره ومبغوضا لنفسه مثلا ، لأن الحب والبغض متنافيان بسائر انحاءهما. ونحن وإن كنا ذهبنا الى انكار الوجوب الغيرى فى مرحلة الجعل والحكم ، ولكنا اعترفنا به فى مرحلة المبادىء ، وهذا كاف فى تحقيق ملاك الامتناع ، لأن نكتة الامتناع تنشأ من ناحية المبادىء ، وليست قائمة بالوجود الجعلى للحكمين.

وأما ثمرة البحث فى مسألة الاجتماع ، فهى انه على المتناع يدخل الدليلان المتكفلان للأمر والنهى فى باب التعارض ، ويقدم دليل النهى على دليل الأمر ، لأن دليل النهى اطلاقه شمولى ، ودليل الأمر اطلاقه بدلى ، والاطلاق الشمولى أقوى.

وأما على القول بالجواز فلا تعارض بين الدليلين ، وحينئذ فان لم ينحصر امتثال الواجب بالفعل المشتمل على الحرام ، وكانت للمكلف مندوحة فى مقام الامتثال ، فلا تزاحم أضا ، وإلا وقع التزاحم بين الواجب والحرام.

واما صحة امتثال الواجب بالفعل المشتمل على الحرام ، فترتبط بما ذكرنا من التعارض والتزاحم بأن يقال : انه اذا بنى على التعارض بين

٢٧٧

الدليلين ، وقدم دليل النهى ، فلا يصح امتثال الواجب بالفعل المذكور. سواء كان واجبا توصليا أو عباديا ، لأن مقتضى تقديم دليل كان واجبا توصليا أو عباديا ، لأن مقتضى تقديم دليل النهى سقوط اطلاق الأمر وعدم شموله له ، فلا يكون مصداقا للواجب ، واجزاء غير الواجب عن الواجب على خلاف القاعدة ، كما تقدم.

وإذا بنى على عدم التعارض ، فينبغى التفصيل بين أن يكون الواجب توصليا أو عباديا ، فان كان توصليا ، صح واجزأ ، سواء وقع التزاحم لعدم وجود المندوحة ، أو لا ، لانه مصداق للواجب والامر ثابت به على وجه الترتب فى حالة التزاحم ، وعلى الاطلاق فى حالة عدم التزاحم ووجود المندوحة. وإن كان عباديا ، صح وأجزأ كذلك ، إذا كان مبنى عدم التعارض هو القول بالجواز بملاك تعدد المعنون. وأماإذا كان مبناه القول بالجواز بملاك الاكتفاء بتعدد العنوان مع وحدة المعنون ، فقپ يستشكل فى الصحة والاجزاء ، لأن المفروض حينئذ ان الوجود الخارجى واحد وانه حرام ، ومع حرمته لا يمكن التقرب به نحو المولى ، فتقع العبادة باطلة ، لأجل عدم تأتى قصد القربة ، لا لمحذور فى اطلاق دليل الأمر.

وفى كل حالة حكمنا فيها بعدم صحة العمل من أجل افتراض التعارض ، فلا يختلف الحال فى ذلك بين الجاهل والعالم بها ، لأن التعارض تابع للتنافى بين الوجوب والحرمة ، وهذا التنافى قائم بين وجوديهما الواقعيين بقطع النظر عن علم المكلف وجهله. وفى كل حالة حكنا فيها بعدم صحة العمل من أدل كون عبادة وتعذر قصد التقرب به ، فينبغى ان يخصص البلطان بصورة تنجز الحرمة. وأما مع الجهل بها وعدم تنجزها ، فالتقرب بالفعل ممكن ، فيقع عبادة ، ولا موجب للبطلان حينئذ.

٢٧٨

اقتضاء وجوب الشىء لحرمة ضده

وقع البحث فى ان وجوب شىء هل يقتضى حرمة ضده أو لا؟ ويراد بالضد ، المنافى على نحو يشمل الضد العام والضد الخاص. ويراد بالاقتضاء استحالة ثبوت وجوب الشىء مع انتفاء حرمة ضده ، سواء كانت هذه ااستحالة ناشئة من ان أحدهما عين الاخر ، أو من ان أحدهما جزء الاخر ، أو من الملازمة بينهما.

والمشهور فى الضد العام هو القول بالاقتضاء ، وإن اختلف فى وجهه :

فقال البعض : انه بملاك العينية ، وهو غريب ، لأن الوجوب غير التحريم ، فكيف يقال بالعينية؟

وقد يوجه ذلك تارة بأن وجوب الشىء عين حرمة الضد العام فى مقام التأثر ، لا عينه فى عالم الحكم والارادة. فكما ان حرمة الضد العام تبعد عنه ، كذلك وجوب الشىء يبعد عن ضده العام بنفس مقربيته نحو الفعل ومحركيته إليه. وتارة اخرى بأن النهى عن الشىء عبارة عن طلب نقيضه ، فالنهى عن الترك عبارة عن طلب نقيضه ، وهو الفعل ، فصح

٢٧٩

أن يقال : ان الأمر بالفعل عين النهى عن الضد العام.

ويرد على التوجيه الأول انه لا يفى باثبات حرمة الضد حقيقة ، وعلى التوجيه الثانى بأنه يرجع الى مجرد التسمية ، هذا مضافا الى ان النهى عن شىء معناه الزجر عنه ، لاطلب نقيضه.

وقال البعض : انه بملاك الجزئية والتضمن ، لأن الوجوب مركب من طلب الفعل والمنع عن الترك.

وقد تقدم فى بحث دلالة الأمر على الوجوب إبطال دعوى التركب فى الوجوب على هذا النحو.

وقال البعض : انه بملاك الملازمة ، وذلك لأن المولى بعد أمره بالفعل يستحيل أن يرخص فى الترك ، وعدم الترخيص يساوق التحريم.

والجواب : ان عدم الترخيص فى الترك يساوق ثبوت حكم الزامى ، وهو كما يلائم تحريم الترك ، كذلك يلائم ايجاب الفعل ، فلا موجب لاستكشاف التحريم.

وأما الضد الخاص فقد يقال باقتضاء وجوب الشىء لحرمته بأحد دليلين :

الدليل الأول : وهو مكون من مقدمات :

الاولى : ان الضد العام للواجب حرام.

الثانية : ان الضد الخاص ملازم للضد العام.

الثالثة : ان كل ما هو ملازم للحرام فهو حرام.

ويبطل هذا الدليل بانكار مقدمته الاولى ، كما تقدم ، وبانكار المقدمة الثالثة ، إذ لا دليل عليها.

الدليل الثانى : وهو مكون من مقدمات أيضا :

٢٨٠