دروس في علم الأصول - ج ٢

آية الله السيّد محمّد باقر الصدر

دروس في علم الأصول - ج ٢

المؤلف:

آية الله السيّد محمّد باقر الصدر


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦١٣
الجزء ١ الجزء ٢

النكتة ، لم يسلم شىء من تلك الظواهر الضمنية ، والنكتة هى ظهور حال المتكلم فى انه يستعمل اللفظ استعمالا حقيقيا ، فان هذا هو الذى يجعلنا نستظهر ان هذا الفرد من المائة داخل فى نطاق الاستعمال ، وذلك داخل وهكذا. فاذا علمنا بان اللفظ قد استعمل مجازا ، وان المتكلم قد خالف ظهوره الحالى المذكور ، فلا موجب بعد ذلك لافتراض ان هذا الفرد أو ذاك داخل فى نطاق الاستعمال ، وهذا خلافا للظواهر الضمنية فى مرحلة الظهور التصديقى الثانى ، فان نكتة كل واحد منها مستقلة عن نكة الباقى ، فان كل جزء من اجزاء مدلول الكلام أى المعنى المستعمل فيه ظاهر فى الجدية ، فاذا علمنا ببطلان هذا الظهور فى بعض أجزاء الكلام ، فلا يسوغ ذلك رفع اليد عن ظهور الأجزاء الاخرى من مدلول الكلام فى الجدية ، وهكذا يثبت ان العام حجة فى الباقى.

ومن الجدير بالذكر الاشارة الى ان الاستشكال فى حجية العم فى تمام الباقى بعد التخصيص على النحو المتقدم انما اثير فى المخصصات المنفصلة دون المتصلة ، نظرا الى انه فى حالات المخصص المتصل ، كما فى « اكرم كل من فى البيت إلا العشرة » تكون الأداة مستعملة فى استيعاب افراد مدخولها حقيقة غير أن المخصص المتصل يساهم فى تعيين هذا المدخول وتحديده ، فلا تجوز ليقال اى فرق بين مجاز ومجاز؟

وعلى أى حال فبالنبسبة إلى الصيغة الاساسية للمسألة المطروحة ، وهى حجية الظهور التضمنى ، اتضح ان الظواهر التضمنية إذا كانت جميعا بنكتة واحدة ، وعلم بطلان تلك النكتة ، سقطت عن الحجية كلها ، وإذا كانت استقلالية فى نكاتها ، لم يسقط بعضها عن الحجية بسبب سقوط البعض الاخر.

٢٠١

٢ ـ الدليل العقلى

الدليل العقلى كل قضية يدركها العقل ، ويمكن ان يستنبط منها حكم شرعى. والبحث عن القضايا العقلية تارة يقع صغرويا فى ادراك العقل وعدمه ، واخرى كبرويا فى حجية الادراك العقلى.

ولا شك فى ان البحث الكبروى اصولى ، وأما البحث الصغروى فهو كذلك ، إذا كانت القضية العقلية المبحوث عنها تشكل عنصرا مشتركا فى عملية الاستنباط ، وأما القضايا العقلة ى التى ترتبك باستنباط احكام معينة ولا تشكل عنصرا مشتركا ، فليس البحث عنها اصوليا.

ثم ان القضايا العقلية التى يتناولها علم الاصول ، إما ان تكون قضايا فعلية ، وإما ان تكون قضايا شرطية. فالقضية الفعلية من قبيل ادراك العقل استحالة تكليف العاجز. والقضية الشرطية من قبيل ادراك العقل ان وجوب شىء يستلزم وجوب مقدمته ، فان مرد هذا الى ادراكه لقضية شرطية مؤداها : إذا وجب شىء وجبت مقدمته. ومن قبيل اجراك العقل ان قبح فعل يستلزم حرمته ، فان مرده الى قضية شركية مؤداها : إذا قبح فعل ، حرم.

٢٠٢

والقضايا العفلية إما أن تكون تحليلية ، أو تركيبية. والمراد بالتحليلية ما يكون البحث فيها عن تفسير ظاهرة من الظواهر وتحليلية ، كالبحث عن حقيقة الوجوب التخييرى ، أو عن حقيقة علاقة الحكم بموضوعه. والمراد بالتركيبية ما يكون البحث فيها عن استحالة شىء بعد الفراغ عن تصوره وتحديد معناه ، من قبيل البحث عن استحالة الحكم الذى يؤخذ العلم به فى موضوعه مثلا.

والقضايا الرطية أما ان يكون الشرط فيها مقدمة شرعية ، من قبيل المثال الأول لها ، وأما ان لا يكون كذلك ، من قبيل المثالث الثانى لها.

وكل القضايا الشرطية التى يكون شرطها مقدمة شرعية ، تسمى بالدليل العقلى غير المستقل ، لاحتياجها فى مقام استنباط الحكم منها الى اثبات تلك المقدمة من قبل الشارع. وكل القضايا الشرطية التى يكون شرطها مقدمة غير شرعية ، تسمى بالدليل العقلى المستقل ، لعدم احتياجها الى ضم اثبات شرعى.

وكذلك تعتبر القضايا العقلية الفعلية التركيبية كلها أدلة عقلية مستقلة ، لعدم احتياجها الى ضم مقدمة شرعة ى فى الاستنباط منها ، لأن مفادها استحالة انواع خاصة من الاحكام ، فتبرهن على نفيها بلا توقف على شىء أصلا. ونفى الحكم كثبوته مما يطلب استنباطه من القاعدة الاصولية.

وأما القاضيا الفعلية التحليلية ، فهى تقع فى طريق الاستنباط عادة عن طريق صيرورتها وسيلة لاثبات قضية عقلية تركيبية والبرهنة عليها ، أو عن طريق مساعدتها على تحديد كيفية تطبيق القاعدة الاصولية.

ومثال الأول : تحليل الحكم المجعول على نحو القضية الحقيقية ، فانه

٢٠٣

يشكل برهانا على القضية العقلية التركيبية القائلة باستحالة أخذ العلم بالحكم فى موضوع نفسه.

ومثال الثانى : تحليل حقيقة الوجوب التخييرى بارجاعه الى وجوبين مشروكين ، أو وجوب واحد على الجامع مثلا ، فان ذلك قد يتدخل فى تحديد كيفية إجراء الاصل العلمى عند الشك ، ودوران أمر الواجب بين كونه تعيينيا لا عدل له أو تخييريا ذا عدل.

وسوف نلاحظ ان القضايا العقلية متفاعلة فيما بينها ومترابطة فى بحوثها. فقد تناول قضية تحليلية بالتفسير والتحليل فتحصل من خلال الاتجاهات المتعددة فى تفسيرها قضايا عقلية تركيبية ، إذ قد يدعى بعض ضيغة تشريعية معينة فى تفسيرها ، فيدعى الاخر استحالة تلك الصيغة ويبرهن فى تفسيرها ، فيدعى الاخر استحالة تلك الصيغة ويبرهن على ذلك ، فتحصل بهذه الاستحالة قضية تركيبية. أو قد نطرح قضية تحليلية للتفسير ، فيضطرنا تفسيرها الى تناول قضايا تحليلة اخرى تساعد على تفسير تلك القضية. وفى مثل ذلك تدرس تلك القضايا الاخرى عادة ضمن إطار تلك القضية ، إذا كان دورها المطلوب مرتبطا بما لها من دخل فى تحليل تلك القية وتفسيرها.

وسنتناول فيما يلى مجموعة من القضايا العقلية ، التى تشكل عناصر مشتركة فى عملية الاستنباط ، ثم نتكلم بعد ذلك عن حجية الدليل العقلى.

٢٠٤

قاعجة استحالة التكليف بغير المقدور

شرطية القدرة ومحلها :

فى التكليف مراتب متعددة وهى : الملاك ، والارادة ، والجعل ، والادانة. فالملاك هو المصلحة الداعية الى الايجاب. والارادة هى الشوق الناشىء من ادراك تلك المصلحة. والجعل هو اعتبار الوجوب مثلا ، وهذا الاعتبار تلك يكون لمجرد ابراز الملاك والارادة. وأخرى يكون بداعى البعث والتحريك ، كما هو ظاهر الدليل الذى يتكفل باثبات الجعل. والادانة هى مرحلة المسؤولية والتنجز واستحقاق العقاب.

ولا شك فى ان القدرة شرك فى مرحلة الادانة ، لأن الفعل إذا لم يكن مقدورا فلا يدخل فى حق الطاعة للمولى عقلا. كما ان مرتبتى الملاك والشوق غيرى بيتين عن دخالة القدرة كشرط فيهما بحيث لا ملاك فى الفعل ولا شوق الى صدوره من العاجز وعن عدم دخالتها كذلك بحيث يكون الفعل واجدا للمصلحة ، ومحطا للشوق حتى من العاجز وقد تسمى القدرة فى الحالة الاولى بالقدرة الشرعية ، وفى الحالة الثانية بالقدرة العقلية.

٢٠٥

وأما فى مرتبة جعل الحكم فاذا لوحظت هذه المرتبة بصورة مجردة ، لم نجد مانعا عقليا عن شمولها للعاجز ، لأنها اعتبار للوحوب ، والاعتبار سهل المؤونة ، وقد يوجه الى المكلف على الاطلاق لابراز ان المبادىء ثابتة فى حق الجميع. ولكن قد نفترض جعل الحكم بداعى البعث والتحريك المولوى ، ومن الواضح هنا ان التحريك المولوى ، انما هو بسبب الادانة وحكم العقل بالمسؤولية ، ومع العجز لا ادانة ولا مسؤولية كما تقدم فيستحيل التحريك المولوى ، وبهذا يمتنع جعل الحكم بداعى التحريك المولوى.

وحيث ان مفاد الدليل عرفا هو جعل الحكم بهذا الداعى ، فيختص لا محالة بالقادر وتكون القدرة شرطا فى الحكم المجعول بهذا الداعى. والقدرة انما تتحقق فى مورد يكون الفعل فيه تحت اختيار المكلف ، فاذا كان خارجا عن اختياره فلا يمكن التكليف به لا ايجابا ولا تحريما ، سواء كان ضرورى الوقوع تكوينا ، أو ضرورى الترك كذلك ، أو كان مما قد يقع ، ولم يقع ، ولكن بدون دخالة لاختيار المكلف فى ذلك ، كنبع الماء فى جوف الارض ، فانه فى كل ذلك لا تكون القدرة محققة.

وثمرة دخل القدرة فى الادانة واضحة. واما ثمرة دخلها فى جعل الحكم الذى هو مفاد الدليل ، فتظهر بلحاظ وجوب القضاء وذلك فى حالتين :

الاولى : أن يعجز المكلف عن أداء الواجب فى وقته ، ونفترض ان وجوب القضاء يدور اثباتا ونفيا مدار كون هذا العجز مفتونا للملاك على المكلف ، وعدم كونه كذلك. فانه إذا لم نقل بالشتراك القدرة فى مرتبة جعل الحكم الذى هو مفاد الدليل ، أمكن التمسك باطلاق الدليل

٢٠٦

لا ثبات الوجوب على العاجز وان لم تكن هناك إدانة ونثبت حينئذ بالدلالة الالتزامية شمول الملاك ومبادىء الحكم له ، وبهذا نعرف ان العاج قد فوت العجز عليه الملاك ، فيجب عليه القضاء.

وخلافا لذلك ماإذا قلنا بالاشتراك ، فان الدليل حينئذ يسقط إطلاقه عن الصلاحية لا ثبات الوجوب على العاجز. وتبعا لذلك تسقط دلالته الالتزامية على المبادىء ، فلا يبقى كاشف عن الفوت المستتبع لوجوب القضاء.

الثانية : ان يكون الفعل خارجا عن اختيار المكلف ، ولكنه صدر منه بدون اختيار على سبيل الصدفة. ففى هذه الحالة إذا قيل بعدم الاشتراط ، تمسكنا باطلاق الدليل لا ثبات الوجوب بمبادئه على هذا المكلف ، ويعتبر ما صدر منه صدفة حينئذ مصداقا للواجب ، فلا معنى لوجوب القضاء عليه ، لحصول الاستيفاء. وخلافا لذلك ما اذا قلنا بالاشتراك ، فان ما أتى به لا يتعين بدليل انه مسقط لوجوب القضاء ونفا له ، بل لابد من طلب حاله من قاعدة اخرى من دليل أو أصل.

حالات ارتفاع القدرة :

ثم إن القدرة التى هى شرط فى الادانة وفى التكليف ، قد تكون موجودة حين توجه التكليف ، ثم تزول بعد ذلك. وزوالها يرجع الى احد اسباب :

الأول : العصيان ، فان الانسان قد يعصى ويؤخر الصلاة حتى لا يبقى من الوقت ما يتاح له ان يصلى فيه.

الثانى : التعجيز ، وذلك بأن يعجز المكلف نفسه عن أداء الواجب ،

٢٠٧

بأن يكلفه المولى بالضوء ، والماء موجود أمامه ، فيريقه ويصبح عاجزا.

الثالث : العجز الطارىء لسبب خارج عن اختيار المكلف.

وواضح ان الادانة ثابتة فى حالات السببين الأول والثانى ، لأن القدرة حدوثا على الامتثال كافية لادخال التكليف فى دائرة حق الطاعة ، واما فى الحالة الثالثة فالمكلف اذا فوجىء بالسبب المعجز ، فلاإدانة. واذا كان عالما ، بأنه سيطرأ ، أو تماهل فى الامتثال حتى طرأ ، فهو مدان أيضا.

وعلى ضوء ما تقدم يقال عادة : ان الاضطرار بسوء الاختيار لا ينافى الاختيار عقابا ، أى انه لا ينفى القدرة بالقدر المعتبر شرطا فى الادانة والعقاب. ويراد بالاضطرار بسوء الاختيار ما نشأ عن العصيان أو التعجيز.

وأما التكليف فقد يقال انه يسقط بطرو العجز مطلقا ، سواء كان هذا العجز منافيا للعقاب والادانة أو لا ، لانه على أى حال تكليف بغير المقدور وهو مستحيل. ومن هنا يكون العجز الناشىء من العصيان والتعجيز مسقطا للتكليف ، وان كان لا يسقط العقاب. وعلى هذا الاساس يردف ما تقدم من أن الاشطرار بسوء الاختيار لا ينافى الاختيار عقابا ، بقوله : انه ينافيه خطابا ، ومقصودهم بذلك سقوط التكليف.

والصحيح انهم إن قصدوا بسقوط التكليف سقوط فاعليته ومحركيته ، فهذا واضح ، إذ لا يعقل محركيته مع العجز الفعلى ، ولو كان هذا العجز ناشئا من العصيان. وإن قصدوا سقوط فعليته ، فيرد عليهم : ان الوجوب المجعول انما يرتفع إذا كان مشروطا بالقدرة ما دام ثابتا ، فحيث لا قدرة بقاء لا وجوب كذلك. واماإذا كان مشروطا بالقدرة

٢٠٨

بالقدر الذى يحقق الادانة والمسؤولية ، فهذا حاصل بنفس حدوث القدرة فى أول الأمر ، فلا يكون الوجوب فى بقائه منوطا ببقائها. والبرهان على اشتراط القدرة فى التكليف لا يقتضى اكثر من ذلك ، وهو ان التكليف قد جعل بداعى التحريك المولوى ، ولا تحريك مولوى إلا مع الادانة ، ولاإدانة إلا مع القدرة حدوثا ، فما هو شرط التكليف إذن بموجوب هذا البرهان هو القدرة حدوثا.

ومن هنا صح أن يقال ان الاضطرار بسوء الاختيار لا ينافى اطلاق الخطاب والوجوب المجعول أيضا ، تبعا لعدم منافاته للعقاب والادانة. نعم لا اثر عمليا لهذا الاطلاق ، إذا سواء قلنا به أو لا ، فروح التكليف محفوظة على كل حال ، وفاعليته ساقطة على كل حال ، والادانة مسجلة على المكلف عقلا بلاإشكال.

الجمع بين المقدور وغيره :

ما تقدم حتى الان كان يعنى ان التكليف مشروك بالقدرة على متعلقه ، فاذا كان متعلقه بكل حصصه غير مقدور ، انطبقت عليه قاعدة استحالة التكليف بغير المقدور. واما اذا كان متعلقه جامعا بين حصتين ، إحداهما مقدورة ، والاخرى غير مقدورة ، فلا شك أيضا فى استحالة تعلق التكليف بالجامع على نحو الاطلاق الشمولى.

وأما تعلقه بالجامع على نحو الاطلاق البدلى ففى انطباق القاعدة المذكورة عليه كلام بين الاعلام. وقد ذهب المحقق النائينى رحمه الله (١)

ـــــــــــــــ

(١) أجود التقريرات : ج ١ ص ٣٦٧.

٢٠٩

الى أن التكليف اذا تعلق بهذا الجامع ، فيختص لا محالة بالحصة المقدورة منه ، ولا يمكن ان يكون للمتعلق اطلاق للحصة الاخرى ، لان التكليف بداعى البعث والتحريك ، وهو لا يمكن إلا بالنسبة الى الحصة المقدورة خاصة ، فنفس كونه بهذا الداعى يوجب اختصاص التكليف بتلك الحصة.

وذهب المحقق الثانى ووافقه جماعة من الاعلام الى إمكان تعلق التكليف بالجامع بين المقدور وغيره على نحو يكون للواجب اطلاق بدلى يشمل الحصة غير المقدورة ، وذلك لأن الجامع بين المقدور وغير المقدور ، مقدور ، ويكفى ذلك فى امكان التحريك نحوه ، وهذا هو الصحيح.

وثمرة هذا البحث تظهر فيماإذا وقعت الحصة غير المقدورة من الفعل الواجب صدفة ، وبدون اختيار المكلف ، فانه على قول المحقق النائينى يحكم بعدم إجزاءها ، ووجوب اتيان الجامع فى ضمن حصة اخرى ، لأنه يفترض اختصاص الوجوب بالحصة المقدورة ، فما وقع ليس مصداقا للواجب ، وإجزاء غير الواجب عن الواجب يحتاج الى دليل.

وعلى قول المحقق الثانى نتمسك باطلاق دليل الواجب لاثبات ان الوجوب متعلق بالجامع بين الحصتين ، فيكون المأتى به فردا من الواجب ، فيحكم باجزائه وعدم وجوب الاعادة.

٢١٠

شرطية القدرة بالمعنى الاعم

تقدم ان الفعل يحكم بتقيد التكليف واشتراطه بالقدرة على متعلقه ، لاستحالة التحريك المولوى نحو غير المقدور ، ولكن هل يكفى هذا المقدار من التقييد أو لابد من تعميقه؟

ومن أجل الجواب على هذا السؤال نلاحظ ان المكلف إذا كان قادرا على الصلاة تكوينا ، ولكنه مأمور فعلا بانقاذ غريق تفوت بانقاذه الصلاة ، للتضاد بين عمليتى الانقاذ والصلاة وعدم قدرة المكلف على الجمع بينهما ، فهل يمكن أن يؤمر هذا المكلف بالصلاة والحالة هذه ، فيجتمع عليه تكليفان بكلا الفعلين؟

والجواب بالنفى ، لأن المكلف وإن كان قادرا على الصلاة فعلا قدرة تكوينية ، ولكنه غير قادر على الجمع بينها وبين انقاذ الغريق ، فلا يمكن ان يكلف بالجمع.

ولا فرق فى استحالة تكليفه بالجمع بين أن يكون ذلك بايجاب واحد ، أو بايجابين يستدعيان بموجموعهما الجمع بين الضدين ، وعلى هذا فلا يمكن أن يؤمر بالصلاة من هو مكلف فعلا بالانقاذ فى هذا المثال ،

٢١١

وان كان قادرا عليها تكوينا. وذلك يعنى وجود قيد آخر للامر بالصلاة ولكل أمرإضافة الى القدرة التكوينية ، وهو أن لا يكون مبتلى بالأمر بالضد فعلا. فالقيدإذن مجموع أمرين : القدرة التكوينية ، وعدم الابتلاء بالأمر بالضد. وهذا ما نسميه بالقدرة التكوينية بالمعنى الأعم ، ولاإشكال فى ذلك.

وانما الاشكال فى معنى عدم الابتلاء الذى يتعين عقلا أخذه شرطا فى التكليف ، فهل هو بمعنى أن لا يكون مأمورا بالضد ، أو بمعنى أن لا يكون مشغولا بامتثال الأمر بالضد؟ والأول يعنى ان كل مكلف بأحد الضدين لا يكون مأمورا بضده ، سواء كان بصدد امتثال ذلك التكليف أو لا. والثانى يعنى سقوط الأمر بالصلاة عمن كلف بالانقاذ ، لكن لا بمجرد التكليف بل باشتغاله بامتثاله ، فمع بناءه على العصيان وعدم الانقاذ يتوجه اليه الأمر بالصلا ، وهذا ما يسمى بثبوت الأمرين بالضدين على نحو الترتيب.

وقد ذهب صاحب الكفاية رحمه الله (١) إلى الأول مدعيا استحالة الوجه الثانى ، لانه يستلزم فى حالة كون المكلف بصدد عصيان التكليف بالانقاذ ان يكون كلا التكليفين فعليا بالنسبة اليه ، اما التكليف بالانقاذ فواضح ، لان مجرد كونه بصدد عصيانه لا يعنى سقوطه ، وأما الأمر بالصلاة فلأنه قيده محقق بكلا جزئيه ، لتوفر القدرة التكوينية ، وعدم الابتلاء بالضد بالمعنى الذى يفترضه الوجه الثانى. وفعلية الأمر بالضدين معا مستحيلة ، فلابدإذن من الالتزام بالوجه

ـــــــــــــــ

(١) كفاية الاصول : ج ١ ص ٢١٣.

٢١٢

الأول ، فيكون التكليف بأحد الضدين بنفس ثبوته نافيا للتكليف بالضد الاخر.

وذهب المحقق النائينى رحمه الله (١) الى الثانى ، وهذا هو الصحيح. وتوضيحه ضمن النقاط الثلاث التالية :

النقطة الاولى : ان الأمرين بالضدين ليسا متضادين بلحاظ عالم المبادى. إذ لا محذور فى افتراض مصلحة ملزمة فى كل منها وشوق اكيد لهما معا ، ولا بلحاظ عالم الجعل ، كما هو واضح ، وانما ينشأ التضاد بينهما بلحاظ التنافى والتزاحم بينهما فى عالم الامتثال ، لأن كلا منهما بقدر ما يحرك نحو امتثال نفسه يبعد عن امتثال الاخر.

النقطة الثانية : ان وجوب أحد الضدين إذا كان مقيدا بعدم امتثال التكليف بالضد الاخر ، أو بالبناء على عصيانه ، فهو وجوب مشروط على هذا النحو. ويستحيل أن يكون هذا الوجوب المشروك منافيا فى فاعليته ومحركيته للتكليف بالضد الاخر ، إذ يمتنع ان يستند اليه عدم امتثال التكليف بالضد الاخر ، لأن هذا العدم مقدمة وجوب بالنسبة اليه ، وكل وجوب مروط بمقدمة وجوبية لا يمكن ان يكون محركا نحوها وداعيا إليها ، كما تقدم مبرهنا فى الحلقة السابقة (٢). وإذا امتنع استناد عدم هذا الوجوب لا يصلح للمانعية والمزاحمة فى عالم التحريك والامتثال.

النقطة الثالثة : ان التكليف بالضد الاخرإما أن يكون مشروطا بدوره أيضا بعدم امتثال هذا الوجوب المشروط ، وإما أن يكون مطلقا

ـــــــــــــــ

(١) فوائد الاصول ج ٢ : ص ٣٣٦.

(٢) راجع : ج ١ ص ٣٣٨.

٢١٣

من هذه الناحية. فعلى الأول يستحيل أن يكون منافيا للوجوب المشروط فى مقام التحريك بنفس البيان السابق. وعلى الثانى يستحيل ذلك أيضا ، لأن التكليف بالضد الاخر مع فرض اطلاقه وإن كان يبعد عن امتثال الوجوب المشروط ، ويصلح ان يستند اليه عدم وقوع الواجب بذلك الوجوب المشروط ، ولكنه إنما يبعد عن امتثال الوجوب المشروط بتقريب المكلف نحو امتثال نفسه الذى يساوق إفناء شرط الوجوب المشروط ونفى موضوعه ، وهذا يعنى انه يقتضى نفى امتثال الوجوب المشروط بنفى اصل الوجوب المشروط واعدام شرطه ، لا نفيه مع حفظ الوجوب المشروط وحفظ شرطه ، والوجوب المروطإنما يأبى عن نفى امتثال نفسه مع حفظ ذاته وشرطه ، ولا يأبى عن نفى ذلك بنفى ذاته وشرطه رأسا ، إذ يستحيل أن يكون حافظا لشرطه ، ومقتضيا لوجوده.

وبهذا يتبرهن ان الأمرين بالضدين ، إذا كان احدهما على الاقل مشروطا بعدم امتثال الاخر ، كفى ذلك فى إمكان ثبوتهما معا بدون تنافى بينهما.

وهكذا نعرف ان العقل يحكم بأن كل وجوب مشروطإضافة الى القدرة التكوينية بعدم الابتدلاء بالتكليف بالضد الاخر ، بمعنى عدم الاشتغال بامتثاله ، ولكن لا أى تكليف آخر ، بل التكليف الذى لا يقل فى ملاكه أهمية عن ذلك الوجوب سواء ساواه ، أو كان أهم منه وأما اذا كان التكليف الاخر أقل أهمية من ناحية الملاك ، فلا يكون الاشتغال بامتثاله مبررا شرعا لرفع اليد عن الوجوب الأهم ، بل يكون الوجوب الأهم مطلقا من هذه الناحية ، كما تفرضه أهميته.

ومن هنا نصل الى صيغة عامة للتقييد يفرضها العقل على كل

٢١٤

تكليف ، وهى تقييده بعدم الاشتغال بامتثال واجب آخر لا يقل عنه أهمية ، وعلى هذا الاساس إذا وقع التضاد بين واجبين ، كالصلاة وانقاذ الغريق ، أو الصلاة وإزالة النجاسة عن المسجد ، فالتعرف على ان أيهما وجوبه مطلق ، وأيهما وجوبه مقيد بعدم الاشتغال بالاخر ، يرتبط بمعرفة النسبة بين الملاكين ، فان كانا متساويين ، كما الاشتغال بكل منهما مصداقا لما حكم العقل بأخذ عدمه قيدا فى كل تكليف ، وهذا يعنى ان كلا من الوجوبين مشروط بعدم امتثال الاخر ، ويسمى بالترتيب من الجانبين.

وإن كان أحد الملاكين أهم كان الاشتغال بالأهم مصداقا لما حكم العقل بأخذ عدمه قيدا فى وجوب المهم ، ولكن الاشتغال بالمهم لا يكون مصداقا لما حكم العقل بأخذ عدمه قيدا فى وجوب الأهم ، وينتج هذا ان الأمر بالأهم مطلق ، والأمر بالمهم مقيد ، وان المكلف لابد له من الاشتغال بالأهم لكى لا يبتلى بمعصية شىء من الأمرين ، ولو اشتغل بالمهم لابتلى بمعصية الأمر بالأهم.

ويترتب على ما ذكرناه من كون القدرة التكوينية بالمعنى الأعم شرطا عاما فى التكليف بحكم العقل عدة ثمرات مهمة :

منها : انه كلما وقع التضاد بين واجبين بسبب عجز المكلف عن الجمع بينهما ، كالصلاة والازالة وتسمى بحالات التزاحم فلا ينشأ من ذلك تعارض بين دليلى وجوب الصلاة ووجوب الازالة ، لأن الدليل مفاده جعل الحكم على موضوعه الكلى وضمن قيوده المقدرة الوجود ، كما مر بنا فى الحلقة السابقة ، ومن جملة تلك القيود ، القدرة التكوينية بالمعنى الأعم المتقدم. ولا يحصل تعارض بين الدليلين إلا فى حالة وجود تناف

٢١٥

بين الجعلين ، وحيث لا تنافى بين جعل وجوب الصلاة المقيد بالقدرة التكوينية بالمعنى الأعم ، وجعل وجوب الازالة المقيد كذلك ، فلا تعارض بين الدليلين.

فان قيل : كيف لا يوجد تعارض بين دليلى « صل » و « أزل » مع ان الأول يقتضى باطلاقه ايجاب الصلاة ، سواء أزال أو لا ، والثانى يقتضى باطلاقه ايجاب الازالة ، سواء صلى أو لا ، ونتيجة ذلك أن يكون الجمع بين الضدين مطلوبا؟

كان الجواب على ذلك : أن كلا من الدليلين لا اطلاق فيه بحد ذاته لحالة الاشتغال بضد لا يقل عنه أهمية ، لأنه مقيد عقلا بعدم ذلك ، كما تقدم. فان كان الواجبان المتزاحمان متساويين فى الأهمية ، فلاإطلاق فى كل منهما لحالة الاشتغال بالاخر. وان كان أحدهما أهم فلا اطلاق فى غير الأهم لذلك. وعلى كل حال فلا يوجد اطلاقان كما ذكر ، ليقع التعارض بينهما ، وهذا ما يقال من ان باب التزاحم مغاير لباب التعارض ولا يدخل ضمنه ولا تطبق عليه قواعده.

وكما يكون التزاحم بين واجبين يعجز المكلف عن الجمع بينهما ، كذلك يكون بين واجب وحرام بعجز المكلف عن الجمع بين ايجاد الواجب منهما وترك الحرام ، كماإذا ضاقت قدرة المكلف فى مورد ما عن اتيان الواجب وترك الحرام معا.

ومنها : ان القانون الذى تعالج به حالات التزاحم ، هو تقديم الأهم ملاكا على غيره ، لأن الاشتغال بالأهم ينفى موضوع المهم ، دون العكس ، هذا اذا كان هناك أهم. وأما مع التساوى ، فالمكلف مخير عقلا ، لأن الاشتغال بكل واحد من المتزاحمين ينفى موضوع الاخر. وإذا

٢١٦

ترك المكلف الواجبين المتزاحمين معا ، استحق عقابين ، لفعلية كلا الوجوبين فى هذاه الحالة.

ومنها : ان تقديم أحد الواجبين فى حالات التزاحم بقانون الأهمية لا يعنى سقوط الواجب الاخر رأسا ، كما هى الحالة فى تقديم أحد المتعارضين على الاخر ، بل يبقى الاخر واجبا وجوبا منوطا بعدم الاشتغال بالأهم ، وهذا ما يسمى بالوجوب الترتبى.

ولا يحتاج اثبات هذا الوجوب الترتبى الى دليل خاص ، بل يكفيه نفس الدليل العام ، لأن مفاده كما عرفنا وجوب متعلقه مشروطا بعدم الاشتغال بواجب لا يقل عنه أهمية. والوجوب الترتبى هو تعبير آخر عن ذلك بعد افتراض أهمية المزاحم الاخر.

ومن نتائج هذه الثمرة ان الصلاة إذا زاحمت انقاذ الغريق الواجب الأهم ، واشتغل المكلف بالصلاة بدلا عن الانقاذ ، صحت صلاته ، على ما تقدم ، لأنها مأمور بها بالأمر الترتبى ، وهو أمر محقق فعلا فى حق من لا يمارس فعلا امتثال الأهم.

وأما إذا أخذنا بوجهة نظر صاحب الكفاية رحمه الله القائل بأن الأمرين بالضدين لا يجتمعان ، ولو على وجه الترتب ، فمن الصعب تصحيح الصلاة المذكورة ، لأن صحتها فرع ثبوت أمر بها ، ولا أمر بها ولو على وجه الترتب ، بناء على وجهة النظر المذكورة.

فان قيل : يكفى فى صحتها وفاءها بالملاك وان لم يكن هناك أمر .. كان الجواب : ان الكاشف عن الملاك هو الأمر ، فحيث لا أمر لا دليل على وجود الملاك.

٢١٧

ما هو الضد؟

عرفنا ان الأمر بشىء ، مقيد عقلا بعدم الاشتغال بضده الذى لا يقل عنه أهمية ، وانتهينا من ذلك إلى أن وقوع التضاد بين واجبين بسبب عجز المكلف عن الجمع بينهما ، لا يؤدى الى التعارض بين دليليهما. والان نتساءل ماذا نريد بهذا التضاد؟

والجواب : اننا نريد بذلك حالات عدم امكان الاجتماع الناشئة من ضيق قدره المكلف ، ولكن لا ينطبق هذا على كل ضد فهو :

أولا لا ينطبق على الضد العام ، أى النقيض ، وذلك لأن الأمر بأحد النقيضين يستحيل أن يكون مقيدا بعدم الاشتغال بنقيضه ، لأن فرض عدم الاشتغال بالنقيض يساوق ثبوت نقيضه ، ويكون الأمر به حينئذ تحصيلا للحاصل ، وهو محال.

ومن هنا نعرف ان النقيضين لا يعقل جعل أمر بكل منهما لا مطلقا ، ولا مقيدا بعدم الاشتغال بالاخر. أما الأول فلأنه تكليف بالجمع بين نقيضين. وأما الثانى فلأنه تحصيل للحاصل. وهذا يعنى أنه اذا دل دليل على وجوب فعل ، ودل دليل آخر على وجوب تركه أو حرمة فعله ، كان الدليلان متعارضين ، لأن التنافى بين الجعلين ذاتيهما.

وثانيا لا ينطبق على الضد الخاص فى حالة الضدين الذين لا ثالث لهما ، لنفس السبب السابق ، حيث ان عدم الاشتغال بأحدهما يساوق وجود الاخر حينئذ ، والحال هنا كالحال فى النقيضين.

وعلى هذا فعجز المكلف عن الجمع بين واجبين انما يحقق التزاحم لا التعارض فيماإذا لم يكونا من قبيل النقيضين ، أو الضدين اللذين

٢١٨

لا ثالث لهما ، وإلا دخلت المسألة فى باب التعارض. ويمكننا ان نستنتج من ذلك ان ثبوت التزاحم ، وانتفاء التعارض مرهون بامكان الترتب الذى يعنى كون كل من الأمرين مشروطا بعدم الاشتغال بمتعلق الاخر. فكلما أمكن ذلك ، صح التزاحم ، وكلما امتنع الترتب ، كما فى الحالتين المشار اليهما ، وقع التعارض.

اطلاق الواجب لحالة المزاحمة :

قد تكون المزاحمة قائمة بين متعلقى أمرين على نحو يدور الأمر بين امتثال هذا أو ذاك ، كماإذا كان وقت الصلاة ضيقا ، وابتلى المكلف بنجاسة فى المسجد تفوت مع إزالتها الصلاة رأسا. وقد لا تكون هناك مزاحمة على هذا النحو ، وانما تكون بين أحد الواجبين وحصة معينة من حصص الواجب الاخر. ومثاله : أن يكون وقت الصلاة موسعا ، وتكون الازالة مزاحمة للصلاة فى أول الوقت ، وبامكان المكلف أن يزيل ثم يصلى.

ونحن كنا نتكلم عن الحالة الاولى من المزاحمة. وأما الحالة الثانية ، فقد يقال : انه لا مزاحمة بين الأمرين ، لامكان امتثالهما معا ، فان الأمر بالصلاة متعلق بالجمع بين الحصة المزاحمة وغيرها ، والكلف قادر على إيجاد الجامع مع الازالة ، فلا تضاد بين الواجبين ، وهذا يعنى ان كلا من الأمرين يلائم الاخر. فاذا ترك المكلف الازالة وصلى ، كان قد أتى بفرد من الواجب المأمور به فعلا.

وقد يقال : ان المزاحمة واقعة بين الأمر بالازالة واطلاق الأمر بالصلاة للحصة المزاحمة ، فلا يمكن أن يتلائم الأمر بالازالة مع هذا

٢١٩

الاطلاق فى وقت واحد.

والصحيح أن يقال : ان لهذه المسألة ارتباطا بمسألة متقدمة ، وهى انه هل يمكن التكليف بالجامع بين المقدور وغير المقدور ، فان أخذنا فى تلك المسألة بوجهة نظر المحقق النائينى القائل بامتناع ذلك ، وأخذنا القدرة التكوينية بالمعنى الأعم المشتمل على عدم الاشتغال بامتثال واجب مزاحم لا يقل عنه أهمية ، كان معنى ذلك ان التكليف بالجامع بين الحصة المتبلاة بمزاحم وغيرها تمنع أيضا ، فيقوم التزاحم بين الأمر بالجامع والأمر بالأزالة ، ويحينئذ يطبق قانون باب التزاحم ، وهو التقديم بالأهمية.

ولا شك فى ان الأمر بالازالة أهم ، لان استيفاءه ينحصر بذلك الزمان ، بينما استيفاء الأمر بالجامع يتأتى بحصة اخرى ، وهذا يعنى وفقا لما تقدم ان الأمر بالجامع يكون منوطا بعدم الابتلاء بالازالة الواجبة ، فان فسرنا عدم الابتلاء بعدم الأمر كما عليه صاحب الكفاية كان معنى ذلك ان الحصة المزاحمة من الصلاة لا أمر بها ، فا تقع صحيحة إذا آثرها الملكف على الازالة. وان فسرنا علدم الابتلاء بعدم الاشتغال بامتثال المزاحم كما عليه النائينى كان معنى ذلك ان الأمر بالجامع ثابت على وجه الترتب ، فلو أتى المكلف بالحصة المزاحمة من الصلاة ، وقعت منه صحيحة.

التقييد بعدم المانع الشرعى :

قلنا ان القانون المتبع فى حالات التزاحم ، هو قانون ترجيح الأهم ملاكا ، ولكن هذا فيماإذا لم يفرض تقييد زائد على ما استقل به العقل

٢٢٠