دروس في علم الأصول - ج ٢

آية الله السيّد محمّد باقر الصدر

دروس في علم الأصول - ج ٢

المؤلف:

آية الله السيّد محمّد باقر الصدر


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦١٣
الجزء ١ الجزء ٢

ومفهوم الشرط ثابت فى الأول ، فكلما كان الشرط مغايرا للموضوع وانتفى الشرط ، دلت الجملة الشرطية على انفتاء الحكم عن موضوعه بسبب انتفاء الشرط. وأما حالات الشرط المحقق للموضوع فهى قسمين :

أحدهما : ان يكون الشرط المحقق لوجود الموضوع هو الاسلوب الوحيد لتحقيق الموضوع ، كما فى مثال الختان المتقدم.

والاخر : ان يكون الشرط أحد اساليب تحقيقه ، كما فى ( إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) فان مجىء الفاسق بالنبأ عبارة اخرى عن إيجاد النبأ ، ولكنه ليس هو الاسلوب الوحيد لايجاده ، لان النبأ كما يوجده الفاسق يوجده العادل أيضا.

ففى القسم الأول لا يثبت مفهوم الشرط ، لأن مفهوم الشرط من نتائج ربط الحكم بالشرط وتقييده به على وجه مخصوص ، فاذا كان الشرط عين الموضوع ومساويا له ، فليس هناك فى الحقيقة ربط للحكم بالشرط وراء ربطه بموضوعه ، فقولنا : اذا رزقت ولدا فاختنه ، فى قوة قولنا : اختن ولدك.

واما فى القسم الثانى فيثبت المفهوم ، لأن ربط الحكم بالشرط فيه أمر وراء ربطه بموضوعه ، فهو تقييد وتعليق حقيقى. وليس قولنا : ( اذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) فى قوة قولنا : تبينوا النبأ ، لأن القول الثانى لا يختص بنبأ الفاسق ، بينما الأول يختص به ، وهذا الاختصاص نشأ من ربط الحكم بشرطه ، فيكون للجملة مفهوم.

مفهوم الوصف :

اذا تعلق حكم بموضوع وانيط بوصف فى الموضوع ، كوصف العدالة

١٢١

الذى انط به وجوب الاكرام فى أكرام الفقير العادل ، فهو يدل بالمفهوم على انتفاء طبيعى الحكم بوجوب الاكرام عن غير العادل من الفقراء؟ بعد الفراغ عن دلالته على انتفاء شخص الحكم ، تطبيقا لقاعدة احترازية القيود.

والجواب : انه على مسلك المحقق العراقى رحمه الله فى إثبات المفهوم ، يفترض ان دلالة الجملة المذكورة على الربط المخصوص المستدعى لانتفاء الحكم بانتفاء الوصف مسلمة. وإنما يتجه البحث الى أن المربوط بالوصف ، والذى ينتفى بانتفائه ، هل يمكن أن نثبت كونه طبيعى الحكم بالاطلاق وقرينة الحكمة ، أو لا؟

والصحيح انه لا يمكن ، لأن مفاد هئة أكرم مقيدة بملدول المادة ، باعتباره طرفا لها ، ومدلول المادة مقيد بالفقير ، لأن المطلوب إكرام الفقير ، والفقير مقيد بالعدالة ، تقييد الشىء بوصفه. وينتج ذلك ان مفاد هيئة أكرم هو حصة خاصة من وجوب الاكرام يشتمل على التقييد بالعدالة ، فغاية ما يقتضيه الربط المخصوص بين مفاد أكرم والوصف ، انتفاء تلك الحصة الخاصة عند انتفاء العدالة وهذا واضح لا انتفاء طبيعى الحكم.

وأما اذا لم نأخذ بمسلك المحقق العراقى ، فبالامكان أن نضيف الى ذلك أيضا منع دلالة الجملة الوصفية على ذلك الربط المخصوص الذى يستدعى الانفتاء عند الانتفاء ، وهو التوقف ، فان ربط مفاد أكرم بالوصف ، انما هو بتوسط نسبتين ناقصتين تقييديتين ، لأن مفاد هيئة الأمر مرتبط بذاته بمدلول مادة الفعل ، وهى مرتبطة بنسبة ناقصة تقييدية بالفقير ، وهذا مرتبط بنسبة ناقصة تقييدية بالعادل. ولا يوجد ما يدل على

١٢٢

التوقف والالتصاق لا ينحو المعنى الاسمى ولا بنحو المعنى الحرفى ، فالصحيح ان الجملة الوصفية ليس لها مفهوم. نعم لا بأس بالمصير الى دلالتها على الانتفاء عند الانتفاء بنحو السالبة الجزئية ، وفقا لما نبهنا عليه فى الحلقة السابق (١).

مفهوم الغاية :

ومن الجمل التى وقع الكلام فى مفهومها جملة الغاية ، من قبيل قولنا : ( صم الى الليل ) ، فيبحث عن دلالته على انتفاء طبيعى وجوب الصوم بتحقق الغاية ، ولا شكل هنال فى دلالة الجملة على الربط بالنحو الذى يستدعى الانتفاء عند الانتفاء ، لأن معنى الغاية يستبطن ذلك.

فمسلك المحقق العراقى فى جملة الغاية واضح الصواب ، ومن هنا يتجه البحث الى أن المغيى هل هو طبيعى الحكم أو شخص الحكم المجعول والمدلول لذلك الخطاب؟ فعلى الأول يثبت المفهوم دونه على الثانى.

ولتوضيح المسألة يمكننا ان نحول الغاية من مفهوم حرفى مفاد بمثل ( حتى ) او ( الى ) إلى مفهوم اسمى مفاد بنفس لفظ « الغاية » فنقول تارة : ( وجوب الصوم مغيى بالغروب ). وونقول اخرى : ( جعل الشارع وجوب الصوم المغيى بالغروب ) وبالمقارنة بين هذين القولين نجد ان القول الأول يدل عرفا على أن طبيعى وجوب الصوم مغيى بالغروب ، لأن هذا هو مقتضى الاطلاق. فكما ان قولنا : ( الربا ممنوع ) يدل على أن طبيعى الربا ومطلقه ممنوع ، كذلك قولنا : ( وجوب الصوم مغيى ) يدل

ـــــــــــــــ

(١) راجع : ج ١ ص ٢٥٢.

١٢٣

على ان طبيعيى وجوب الصوم مغيى ، فوجوب الصوم بمثابة الربا و( مغيى ) بمثابة ( ممنوع ) ، فتجرى قرينة الحكمة على نحو واحد.

وأما القول الثانى فلا يدل على ان طبيعى وجوب الصوم مغيى بالغروب ، بل يدل على إصدار وجوب مغيى بالغروب ، وهذا لا ينافى انه قد يصدر وجوب آخر غير مغيى بالغروب ، فالقول الثانى إذن لا يثبت اكثر من كون الغروب غاية لذلك الوجوب الذى تحدث عنه.

فاذا اتضح هذا ، يتبين ان إثبات مفهوم الغاية فى المقام ، وان المغيى هو طبيعى الحكم ، يتوقف على ان تكون جملة ( صم الى الغروب ) فى قوة قولنا : ( وجوب الصوم مغيى بالغروب ) لا فى قوة قولنا : ( جعلت وجوبا للصوم مغيى بالغروب ) ، ولا شك فى ان الجملة المكذورة فى قوة القول الثانى لا الأول ، إذ يفهم منها جعل وجوب الصوم فعلا وابرازه بذلك الخطاب ، وهذا ما يفى به القول الثانى ، دون الأول. فلا مفهوم للغاية إذن ، وانما تدل الغاية على انتفاء شخص الحكم ، كما تدل على السالبة الجزئية التى كان الوصف يدل عليها أيضا ، كما تقدم.

مفهوم الاستثناء :

ونفس ما تقدم فى الغاية يصدق على الاستثناء ، فانه لا شك فى دلالته على نفى حكم المستثنى منه عن المستثنى ، ولكن المهم تحقيق ان المنفى عن المستثنى بدلالة أداة الاستثناء ، هل هو طبيعى الحكم أو شخص ذلك الحكم؟ وهنا أيضا لو حولنا الاستثناء فى قولنا : يجب إكرام الفقراء الا الفساق ، الى مفهوم إسمى ، لوجدنا ان بالامكان ان نقول تارة : وجوب اكرام الفقراء يستثنى منه الفساق. وان نقول اخرى :

١٢٤

جعل الشارع وجوبا لا كرام الفقراء مستثنى منه الفساق.

والقول الأول يدل على الاستثناء من الطبيعى. والقول الثانى يدل على الاستثناء من شخص الحكم ، فان رجعت الجملة الاستثنائية الى مفاد القول الأول ، كان لها مفهوم ، وان رجعت الى مفاد القول الثانى ، لم يكن لها مفهوم ، وهذا هو الأصح ، كما مر فى الغاية.

مفهوم الحصر :

لا شك فى ان كل جملة تدل على حصر حكم بموضوع تدل على المفهوم ، لأن الحصر يستبطن انتفاء الحكم المحصور عن غير الموضع المحصور به ، والحصر بنفسه قرينة على ان المحصور طبيعى الحكم ، لا حكم ذلك الموضوع بالخصوص ، إذ لا معنى لحصره حينئذ ، لأن حكم الموضوع الخاص مختص بموضوعه داءما. وما دام المحصور هو الطبيعى ، فمقتضى ذلك ثبوت المفهوم ، وهذا مما لا ينبغى الاشكال فيه ، وانما الكلام فى تعيين أدوات الحصر :

فمن جملة أدواته : كلمة ( انما ) ، فانها تدل على الحصر وضعا بالتبادر العرفى.

ومن أدواته : جعل العام موضوعا مع تعريفه ، والخاص محمولا ، فيقال : ابنك هو محمد ، بدلا عن أن نقول : محمد هو ابنك ، فانه يدل عرفا على حصر البنوة بمحمد ، والنكتة فى ذلك ان المحمول يجب ان يصدق بحسب ظاهر القضية على كل ما ينطبق عليه الموضوع ، ولا يتأتى ذلك فى فرض حمل الخاص على العام إلا بافتراض انحصار العام بالخاص.

١٢٥

تحديد دلالات الدليل الشرعى

٢ ـ الدليل الشرعى غير اللفظى

الدليل الشرعى غير اللفظى يشتمل على الفعل والتقرير ، فيقع البحث فى كل منهما.

دلالات الفعل :

تقدم منا فى الحلقة السابقة (١) الحديث عن دلالات الفعل أو الترك ، وانه ان اقترن بقرينة ، فيتحدد مدلوله على اساس تلك القرينة ، وإن وقع مجردا ، كان له بعض الدلالات ، من قبيل دلالة صدور الفعل على عدم حرمته ، ودلالة تركه على عدم وجوبه ، ودلالة الاتيان به على وجه عبادى على مطلوبيته ، الى غير ذلك.

إلا ان الحكم المستكشف من الفعل لا يمكن تعميمه لكل الحالات ، لعدم الاطلاق فى دلالة الفعل ، وانما يثبت ذلك الحكم فى كل حالة مماثلة لحالة المعصوم من سائر الجهات المحتمل كونها مؤثرة فى ثبوت ذلك الحكم ، على ما مر سابقا.

ـــــــــــــــ

(١) راجع : ج ١ ص ٢٦٠.

١٢٦

دلالات التقرير :

سكوت المعصوم عن موقف يواجهه يدل على امضائه ، إما على أساس عقلى باعتبار انه لو لم يكن الموقف متفقا مع غرضه ، لكان سكوته نقضا للغرض ، أو باعتبار انه لو لم يكن الموقف سائغا شرعا ، لوجب على المعصوم الردع عنه والتنبيه ، وإما على اساس استظهارى باعتبار ظهور حال المعصوم فى كونه بصدد المراقبة والتوجيه.

والموقف قد يكون فرديا ، وكثيرا ما يتمثل فى سلوك عام يسمى ببناء العقلاء أو السيرة العقلائية ، ومن هنا كانت السيرة العقلائية دليلا على الحكم الشرعى ، ولكن لا بذاتها ، بل باعتبار تقرير الشارع لها وامضائه المكتشف من سكوت المعصوم وعدم ردعه.

وفى هذا المجال ينبغى التمييز بين نوعين من السيرة :

أحدهما : السيرة بلحاظ مرحلة الواقع ، ونقصد بذلك السيرة على تصرف معين باعتباره الموقف الذى ينبغى اتخاذه واقعا فى نظر العقلاء ، سواء كان مرتبطا بحكم تكليفى ، كالسيرة على اناطة التصرف فى مال الغير بطيب نفسه ، ولو لم يأذن لفظيا ، أو بحكم وضعى ، كالسيرة على التملك بالحيازة فى المنقولات.

والنوع الاخر : السيرة بلحاظ مرحلة الظاهر والاكتفاء بالظن ، ونقصد بذلك السيرة على تصرف معين فى حالة الشك فى أمر واقعى ، اكتفاء بالظن مثلا ، من قبيل السيرة على الرجوع الى اللغوى عند الشك فى معنى الكلمة واعتماد قوله ، وان لم يفد سوى الظن. أو السيرة على رجوع كل مأمور فى التعرف على أمر مولاه الى خبر الثقة ، وغير ذلك من

١٢٧

البناءات العقلائية على الاكتفاء بالظن أو الاحتمال فى مورد الشك فى الواقع.

أما النوع الأول فيستدل به على احكام شرعية واقعية ، كحكم الشارع باباحة التصرف فى مال الغير بمجرد طيب نفسه ، وبأن من حاز يملك ، وهكذا ، ولا ريب فى انطباق ما ذكرناه عليه ، حيث ان الشارع لابد ان يكون له حكم تكليفى أو وضعى فيما يتعلق بذلك التصرف ، فان لم يكن مطابقا لما يفترضه العقلاء ويجرون عليه من حكم ، كان على المعصوم ان يردعهم عن ذلك ، فسكوته يدل على الامضاء.

وأما النوع الثانى فيستدل به عادة على احكام شرعية ظاهرية ، كحكم الشارع بحجية قول اللغوى وحجية خبر الثقة ، وهكذا.

وفى هذا النوع قد يستشكل فى تطبيق ما ذكرناه عليه ، وتوضيح الاستشكال ان التعويل على الامارات الظنية ، كقول اللغوى وخبر الثقة ، له مقامان :

المقام الأول : التعويل عليها بصدد تحصيل الشخص لأغراضه الشخصية التكوينية ، من قبيل أن يكون لشخص غرض فى ان يستعمل كملة معينة فى كتابه ، فيرجع الى اللغوى فى فهم معناه ليستعملها فى الموضع المناسب ، ويكتفى فى هذا المجال بالظن الحاصل من قول اللغوى.

المقام الثانى : التعويل عليها بصدد تحصيل الشخص المأمور لمؤمن أمام الامر ، أو تحصيل الشخص الامر لمنجز للتكليف على مأموره ، من قبيل ان يقول الامر : أكرم العالم ، ولا يدرى المأمور ان كلمة « العالم » هل تشمل من كان لديه علم وزوال علمه ، أو لا؟ فيرجع الى قوله اللغوى ، لتكون شهادته بالشمول منجز وحجة للمولى على المكلف ،

١٢٨

وشهادته بعدم الشمول معذرة وحجة للمأمور على المولى.

وعلى هذا فبناء العقلاء على الرجوع الى اللغوى والتعويل على الظن الناشىء من قوله ، إن كان المقصود منه بناء العقلاء فى المقام الأول ، فهذا لا يعنى حجية قول اللغوى بالمعنى الاصولى ، أى المنجزية والمعذرية ، لان التنجيز والتعذير انما يكون بالنسبة الى الاغراض التشريعية التى فيهاة مر ومأمور ، لا بالنسبة الى الاغراض التكوينية ، فلا يمكن ان يستدل بالسيرة المذكورة على الحجية شرعا.

وان كان المقصود بناء العقلاء فى المقام الثانى ، فمن الواضح ان جعل شىء منجزا أو معذرا من شأن المولى والحاكم ، لا من شأن المأمور ، فمرد بناء العقلاء على جعل قول اللغوى منجزا ومعذرا ، إلى ان سيرة الامرين انعقدت على ان كل آمر يجعل قول اللغوى حجة فى فهم المأمور لما يصدر منه من كلام بنحو ينجز ويعذر ، وبعبارة أشمل ان سيرة كل عاقل اتجهت الى انه اذا قدر له ان يمارس حالة مرية ، يجعل قول اللغوى حجة على مأموره ، ومن الواضح ان السيرة بهذا المعنى لا تفوت على الشارع الاقدس غرضه ، حتى اذا لم يكن قد جعل قول اللغوى حجة ومنجزا ومعذرا بالنسبة الى احكامه ، وذلك لأن هذه السيرة يمارسها كل مولى فى نطاق اغراضه التشريعية مع مأموريه ، ولا يهم الشارع الاغراض التشريعية للاخرين. فكم فرق بين سيرة العقلاء على ملكية الحائز وسيرتهم على حجية قول اللغوى ، لأن السيرة الاولى تقتضى سلوكا لا يقره الشارع اذا كان لا يرى الحيازة سببا للملكية ، واما ما تقتضيه السيرة الثانية من سولك ، فلا يتجاوز الالتزام بأن قول اللغوى منجز ومعذر فى علاقات الامرين بالمأمورين من العقلاء ، ولا يضر الشارع ذلك على أى حال.

١٢٩

فان قال قائل : لماذا لا يفترض بناء العقلاء على أن قول اللغوى حجة بلحاظ كل حكم وحاكم وأمر وة مر بما فيهم الشارع ، فيكون هذا البناء مضرا بالشارع اذا لم يكن قد جعل الحجية لقول اللغوى؟

قلنا : إن كون قول اللغوى منجزا لحكم أو معذرا عنه أمر لا يعقل جعله واتخاذ قرار به إلا من قبل جاعل ذلك الحكم بالنسبة الى مأموره ومكلفه ، فكل أب مثلا قد يجعل الامارة الفلانية حجة بينه وبين ابناءه بلحاظ أغراضه التشريعية التى يطلبها منهم ، ولا معنى لأن يجعلها حجة بالنسبة الى سائر الاباء الاخرين مع أبناءهم. وهكذا يتضح ان الحجية المتبانى عليها عقلائياإنما هى فى حدود الاغراض التشريعية لأصحاب البناء انفسهم فلا يضر الشارع ذلك.

وليس بالامكان تصحيح الاستدلال بالسيرة على الحجية بأفضل من القول بأنها تمس الشارع ، لانها توجب على أساس العادة الجرى على طبقها حتى فى نطاق الأغراض التشريعية لمولى لم يساهم فى تلك السيرة ، وتوحى ولو ارتكازا وخطأ بان مؤداها مورد الاتفاق من الجميع ، وبذلك تصبح مستدعية للردع على فرض عدم التوافق ، ويكون السكوت عندئذ كاشفا عن الامضاء.

وبهذا نعرف ان الشرط فى الاستدلال بالسيرة العقلائية على الحجية بمعناها الاصولى المنجزية والمعذرية أن تكون السيرة العقلائية فى مجال التطبيق قد افترضت ارتكازا اتفاق الشارع مع غيره فى الحجية ، وجرت فى علاقاتها مع الشارع على أساس هذا الافتراض ، أو أن تكون على الأقل بنحو يعرضها لهذا الافتراض والجرى. وهذا معنى قد يثبت فى السيرة العقلائية على العمل بالامارات الظنية فى المقام الأول أيضا ، أى

١٣٠

فى مجال الاغراض الشخصية التكوينية ، فانها كثيرا ما تولد عادة وذوقا فى السلوك يعرض المتشرعة بعقلائيتهم الى الجرى على طبق ذلك فى الشرعيات أيضا ، فلا يتوقف إثبات الحجية بالسيرة على أن تكون السيرة جارية فى المقام الثانى ، ومنعقدة على الحجية بالمعنى الاصولى.

ومهما يكن الحال ، فلا شك فى أن معاصرة السيرة العقلائية لعصر المعصومين شرط فى امكان الاستدلال بها على الحكم الشرعى ، لأن حجيتها ليست بلحاظ ذاتها ، بل بلحاظ استكشاف الامضاء الشرعى من التقرير وعدم الردع ، فلكى يتم هذا الاستكشاف يجب ان تكون السيرة معاصرة لظهور المعصومين عليهم السلام لكى يدل سكوتهم على الامضاء ، وأما السيرة المتأخرة فلا يدل عدم الردع عنها على الامضاء كما تقدم فى الحلقة السابقة (١).

وأما كيف يمكن إثبات ان السيرة كانت قائمة فعلا فى عصر المعصومين ، فقد مر بنا البحث عن ذلك فى الحلقة السابقة (٢).

إلا ان اشتراط المعاصرة إنما هو فى السيرة التى يراد بها اثبات حكم شرعى كلى ، والكشف بها عن دليل شرعى على ذلك الحكم ، وهى التى كنا نقصدها بهذا البحث بوصفها من وسائل اثبات الدليل الشرعى. ولكن هناك نحوة خر من السيرة لا يكشف عن الدليل الشرعى على حكم كلى ، وانما يحقق صغرى لحكم شرعى كلى قد قام عليه الدليل فى المرتبة السابقة. وإلى هذا النحو من السيرة ترجع على الأغلب البناءات العقلائية التى يراد بها تحليل مرتكزات المتعاملين ومقاصدهما النوعية فى مقام التعامل بنحو يحقق صغرى لأدلة الصحة

ـــــــــــــــ

(١) راجع : ج ١ ص ٢٦٤.

(٢) راجع : ج ١ ص ٢٧٧.

١٣١

والنفوذ فى باب المعاملات. ومثال ذلك ما يقال من انعقاد السيرة العقلائية على اشتراط عدم الغبن فى المعاملة ، بنحو يكون هذا الاشتراط مفهوما ضمنا ، وان لم يصرح به. وعلى هذا الأساس يثبت خيار الغبن بالشرط الضمنى فى العقد ، فان السيرة العقلائية المذكورة لم تكشف عن دليل شرعى على حكم كلى ، وانما حققت صغرى لدليل ( المؤمنون عند شروطهم ) وكل سيرة من هذا القبيل لا يشترط فى تأثيرها على هذا النحو أن تكون معاصرة للمعصومين عليهم السلام ، لأنها متى ما وجدت أوجدت صغرى لدليل ( المؤمنون عند شروطهم ) وكل سيرة من هذا القبيل لا يشترط فى تأثيرها على هذا النحو أن تكون معاصرة للمعصومين عليه السلام ، لأنها متى ما وجدت أوجدت صغرى لدليل شرعى ثابت ، فيتمسك باطلاق ذلك الدليل لتطبيق الحكم على صغراه.

وهناك فوارق اخرى بين السيرتين ، فان السيرة التى يستكشف بها دليل شرعى على حكم كلى تكون نتيجتها ملزمة حتى لمن شذ عن السيرة ، فلو فرض ان شخصا لم يكن يرى بما هو عاقل ان طيب نفس المالك كاف فى جواز التصرف فى ماله ، وشذ فى ذلك عن عموم الناس ، كانت النتيجة الشرعة ى المستكشفة بسيرة عموم الناس ملزمة له ، لانها حكم شرعى كلى.

وأما السيرة التى تحقق صغرى لمفاد دليل شرعى فلا تكون نتيجتها ملزمة لم شذ عنها ، لأن شذوذه عنها معناه ان الصغرى لم تحقق بالنسبة اليه ، فلا يجرى عليهم الحكم الشرعى. ففى المثال المتقدم لخيار الغبن اذا شذ متعاملان عن عرف الناس وبنيا على القبول بالمعاملة والالتزام بها ولو كانت غبنية ، لم يثبت لأى واحد منهما خيار الغبن ، لأن هذا يعنى عدم الاشتراط الضمنى ، ومع عدم الاشتراط لا يشملهما دليل ( المؤمنون عند شروطهم ) مثلا.

١٣٢

البحث الثانى

إثبات صغرى الدليل الشرعى

بعد أن تكلمنا عن الدلالات العامة للدليل الشرعى ، نريد أن نتكلم الان عن وسائل اثبات صدور الدليل من الشارع ، وهى على نحوين :

أحدهما : وسائل الاثبات الوجدانى.

والاخر : وسائل الاثبات التعبدى ، فالكلام يقع فى قسمين :

القسم الأول

وسائل الاثبات الوجدانى

تمهيد

المقصود بالاثبات الوجدانى ، اليقين ، ولما كانت وسائل الاثبات الوجدانى للدليل الشرعى بالنسبة الينا ، كلها وسائل تقوم على اساس حساب الاحتمال ، كالتواتر والاجماع ونحوهما على ما تقدم فى الحلقة السابقة (١) ، فمن المناسب ان نتحدث بايجاز عن كيفية تكون اليقين على

ـــــــــــــــ

(١) راجع : ج ١ ص ٢٧١.

١٣٣

أساس حساب الاحتمال ، فنقول : إن اليقين كما عرفنا فى مباحث القطع موضوعى وذاتى ، ونحن حينما نتكلم عن حجية القطع بعد افتراض تحققه ، لا نفرق بين القسمين ، اذ نقول بحجيتهما معا ، كما تقدم ، ولكن حينما نتكلم عن الوسائل الموجبة للاثبات والاحراز ، فمن المعقول أن نهتم بالتمييز بين أدوات اليقين الموضوعى وغيرها ، ابتعادا بقدر الامكان عن التورط فى غير اليقين الموضوعى.

واليقين الموضوعى قد يكون أوليا ، وقد يكون مستنتجا ، واليقين الموضوعى المستنتج بقضية ما ، له سببان :

أحدهما : اليقين الموضوعى بقضية اخرى تتضمن أو تستلزم تلك القضية ، ويكون الاستنتاج حينئذ قائما على أساس قياس من الاقيسة المنطقية.

والاخر : اليقين الموضوعى بمجموعة من القضايا لا تتضمن ولا تستلزم عقلا القضية المستنتجة ، ولكن كل واحد منها تشكل قيمة احتمالية بدرجة ما لاثبات تلك القضية ، وبتراكم تلك القيم الاحتمالية تزداد درجة احتمال تلك القضية حتى يصبح احتمال نقيضها قريبا من الصفر. وبسبب ذلك يزول لضة لته وكون الذهن البشرى مخلوقا على نحو لا يحتفظ باحتمالات ضئيلة قريبة من الصفر.

ومثال ذلك أن نشاهد اقتران حادثة معينة باخرى مرات كثيرة جدا ، فان هذه الاقترانات المتكررة لا تتضمن ولا تستلزم أن تكون احى الحاثتين علة للاخرى ، إذ قد يكون اقترانهما صدفة ، ويكون للحادثة الاخرى علية غير منظورة ، ولكن حيث ان من المحتمل فى كل اقتران أن لا يكون صدفة وان لا تكون هناك علة غير منظورة ، فيعتبر كل

١٣٤

اقتران قرينة احتمالية على علية احدى الحادثتين للاخرى ، وبتعدد هذه القرائن الاحتمالية يقوى احتمال العلية حتى يتحول الى اليقين.

ونسمى كل يقين موضوعى بقضية مستنتجة على أساس قياس منطقى ، باليقين الموضوعى الاستنباطى ، وكل يقين موضوعى بقضية مستنتجة على أساس تراكم القرائن الاحتمالية ، باليقين الموضوعى الاستقرائى. والنتيجة فى القياس مستبطنة دائما فى المقدمات ، لانهاإما اصغر منها أو مساوية لها. والنتيجة فى الاستقراء غير مستبطنة فى المقدمات التى تكون منها الاستقراء لأنها أكبر وأوسع من مقدماتها.

والطرق التى تذكر عادة لاثبات الدليل الشرعى واحرازه وجدانا من التواتر والاجماع والسيرة ، كلها من وسائل اليقين الموضوعى الاستقرائى ، كما سنرى ان شاء الله تعالى.

١ ـ التواتر

الخبر المتواتر من وسائل الاثبات الوجدانى للدليل الشرعى ، وقد عرف فى المنطق بأنه إخبار جماعة كثيرين يمتنع تواطؤهم على الكذب.

وبموجب هذا التعريف يمكن ان نستخلص ، ان المنطق يفترض ان القضية المتواترة مستنتجة من مجموع مقدمتين :

أحداهما بمثابة الصغرى ، وهى تواجد عدد كبير من المخبرين.

والأخرى بمثابة الكبرى ، وهى ان كل عدد من هذا القبيل يمتنع تواطؤهم على الكذب.

وهذا الكبرى يفترض المنطق انها عقلية ومن القضايا الاولية فى العقل ، ومن هنا عد المتواترات فى القضايا الضرورية الست التى تنتهى

١٣٥

اليها كل قضايا البرهان.

وهذا التفسير المنطقى للقضية المتواترة يشابه تماما تفسير المنطق نفسه للقضية التجريبية التى هى إحدى تلك القضايا الست ، فانه يرى ان عليه الحادثة الاولى للحادثة الثانية ( التى ثبتت بالتجربة عن طريق اقتران الثانية بالاولى فى عدد كبير من المرات ) مستنتجة من مجموع مقدمتين :

أحداهما : بمثابة الصغرى ، وهى اقتران الحاجثة الثانية بالاولى فى عدد كبير من المرات.

والاخرى : بمثابة الكبرى وهى ان الاتفاق لا يكون دائميا ، بمعنى انه يمتنع أن يكون هذا الاقتران فى كل هذه المرات صدفة ، لأن الصدفة لا تتكرر لهذه الدرجة ، وهذه الكبرى يعتبرها المنطق قضية عقلية أولية ، ولا يمكن فى رأيه أن تكون ثابتة بالتجربة ، لانها تشكل الكبرى لاثبات كل قضية تجريبية ، فكيف يعقل ان تكون هى بنفسها قضية تجريبية؟

واذا دققنا النظر ، وجدنا ان الكبرى التى تعتمد عليها القضية المتواترة مردها الى نفس الكبرى التى تعتمد عليها القضية التجريبية ، لأن كذب المخبر ، يعنى افتراض مصلحة شخصية معينة دعته الى إخفاء الواقع ، وكذب العدد الكبير من المخبرين ، معناه افتراض ان مصلحة المخبر الأول فى الاخفاء اقترنت صدفة بمصلحة المخبر الثانى فى الاخفاء ، والمصلحتان معا اقترنتا صدفة بمصلحة المخبر الثالث فى الشىء نفسه ، وهكذا ، على الرغم من اختلاف ظرفهم واحوالهم ، فهذا يعنى أيضا تكرر الصدفة مرات كثيرة.

وعلى هذا الأساس ارجع المنطق الاستدلال على القضية التجريبية

١٣٦

والقضية المتواترة الى القياس المكون من المقدمتين المشار اليهما ، واعتقد بأن القضية المستدلة ليست باكبر من مقدماتها.

ولكن الصحيح ان اليقين بالقضية التجريبية والمتواترة يقين موضوعى استقرائى ، وان الاعتقاد بها حصيلة تراكم القرائن الاحتمالية الكثيرة فى مصب واحد ، فاخبار كل مخبر قرينة احتمالية ، ومن المحتمل بطلانها ، لامكان وجود مصلحة تدعو المخبر الى الكذب ، وكل اقتران بين حادثتين قرينة احتمالية على العلية بينهما ، ومن المحتمل بطلانها أى القرينة لامكان افتراض وجود علة أخرى غير منطورة هى السبب فى وجود الحادثة الثانية ، غير انها اقترنت بالحاجثة الاولى صدفة ، فاذا تكرر الخبر أو الاقتران ، تعددت القرائن الاحتمالية وزاداد احتمال القضية المتواترة أو التجريبية ، وتناقض احتمال نقيضها حتى يصبح قريبا من الصفر جدا ، فيزول تلقائيا ، لضالته الشديدة. ونفس الكبرى التى افترضها المنطق القديم ليست فى الحقيقة إلا قضية تجريبية أيضا.

ومن هنا نجد ان حصول اليقين بالقضية المتواترة والتجريبية يرتبط بكل ما له دخل فى تقوية القرائن الاحتمالية نفسها ، فكلما كانت كل قرينة احتمالية اقوى وأوضح ، كانت حصول اليقين من تجمع القرائن الاحتمالية أسرع.

وعلى هذا الأساس نلاحظ ان مفردات التواتر اذا كانت إخبارات يبعد فى كل واحد منها احتمال الاستناد الى مصلحة شخصية تدعو الى الاخبار بصورة معينة إما لوثاقة المخبر أو لظرون خارجية حصل اليقين بسببها بصورة أسرع.

وكذلك الحال فى الاقترانات المتكررة بين الحادثتين ، فانه كلما

١٣٧

كان احتمال وجود علة غير منظورة أضعف ، كانت الدلالة الاحتمالية لكل اقتران على العلية أقوى ، وبالتالى يكون اليقين بالعلية أسرع وأرسخ ، وليس ذلك إلا لأن اليقين فى المتواترات والتجريبيات ناتج عن تراكم القراءن الاحتمالية وتجمع قيمها الاحتمالية المتعددة فى مصب واحد ، وليس مشتقا من قضية عقلية اولية ، كتلك الكبرى التى يفترضها المنطق.

الضابط للتواتر :

والضابط فى التواتر الكثرة العددية ، ولكن لا يوجد تحديد دقيق لدرجة هذه الكثرة التى يحصل بسببها اليقين بالقضية المتواترة ، لأن ذلك يتأثر بعوامل موضوعية مختلفة وعوامل ذاتية أيضا.

أما العوامل الموضوعية :

فمنها : نوعية الشهود من حيث الوثاقة والنباهة.

ومنها : تباعد مسالكهم وتباين ظروفهم ، إذ بقدر ما يشتد التباعد والتباين ، يصبح احتمال اشتراكهم جميعا فى كون هذا الاخبار الخاص ذا ملحة شخصية داعية اليه بالنسبة الى جميع اولئك المخبرين على ما بينهم من اختلاف فى الظروف ، ابعد بحسبا الاحتمال.

ومنها : نوعية القضية المتواترة ، وكونها مألوفة أو غريبة ، لأن غرابتها فى نفسها تشكل عاملا عكسيا.

ومنها : درجة الاطلاع على الظروف الخاصة لكل شاهد بالقدر الذى يبعد أو يقرب بحساب الاحتمال افتراض مصلحة شخصية فى الاخبار.

١٣٨

ومنها : درجة وضوح المدرك المدعى للشهود ، ففرق بين الشهادة بقضية حسية مباشرة ، كنزول المطر ، وقضية ليست حسية ، وانما لها مضاهر حسية ، كالعدالة ، وذلك لأن نسبة الخطأ فى المجال الأول أقل منها فى المجال الثانى ، وبهذا كان حصول اليقين فى المجال الأول اسرع. الى غير ذلك من العوامل التى يقوم تأثيرها إيجابا أو سلبا على أساس دخلها فى حساب الاحتمال وتقييم درجته.

وأما العوامل الذاتية :

فمنها : طباع الناس المختلفة فى القدرة على الاحتفاظ بالاحتمالات الضئيلة ، فان هناك حدا أعلى من الضالة لا يمكن لأى ذهن بشرى ان يحتفظ بالاحتمال البالغ اليه ، مع الاختلاف بالنسبة الى ما هو أكبر من الاحتمالات.

ومنها : المبتنيات القبلية التى قد توقف ذهن الانسان وتشل فيه حركة حساب الاحتمال ، وإن لم تكن الا وهما خالصا لا منشأ موضوعيا له.

ومنها : مشاعر الانسان العاطفية التى قد تزيد أو تنقص من تقييمه للقرائن الاحتمالية ، أو من قدرته على التشبث بالاحتمال الضئيل تبعا للتفاعل معه إيجابا أو سلبا.

تعدد الوسائط فى التواتر :

اذا كانت القضية الاصلية المطلوبة إثباتها ليست موضعا للاخبار المباشر فى الشهادات المحسوسة ، وانما هى منقولة بواسطة شهادات اخرى ، كما هو الغالب فى الروايات ، فلابد من حصول أحد أمرين

١٣٩

ليتحقق ملاك التواتر :

أحدهما : ان تكون كل واحدة من تلك الشهادات الاخرى موضعا للأخبار المباشر المتواتر ، وهكذا يلحظ التواتر فى كل حلقة.

والاخر : اتبدأ عملية تجميع القرائن الاحتمالية على أساس حساب الاحتمال من القيم الاحتمالية للخبر غير المباشر ، فتلحظ القيمة الاحتمالية لقضية يشهد شخص بوجود شاهد بها ، وتجمع مع قيم احتمالية مماثلة ، وهكذا حتى يحصل الاحراز الوجدانى. وهذا طريق صحيح ، غير انه يكلف افتراض عدد أكبر من الشهادات غير المباشرة ، لأن مفردات الجمع أصغر قيمة منها فى حالة الشهادات المباشرة.

أقسام التواتر :

اذا واجهنا عددا كبيرا من الأخبار ، فسوف نجدإحدى الحالات التالية :

الحالة الاولى : أن لا يوجد بين المدلولات الخبرية مشترك يخبر الجميع عنه ، كما اذا جمعنا بطريقة عشوائية مائة رواية من مختلف الابواب ، وفى هذه الحالة من الواضح ان كل واحد من تلك المدلولات لا يثبت بالتواتر ، وانما يقع الكلام فى اثبات أحدها على سبيل العلم الاجمالى ، لكى ترتب عليه آثار العلم الاجمالى.

والتحقيق فى ذلك ان قيمة احتمال كذب الجميع ضئيلة جدا ، لوجود مضعف وهو عدد الاحتمالات التى ينبغى ان تضرب قيمها من أجل الحصول على قيمة احتمال كذب الجميع ، وكلما كانت عوامل الضرب كسورا ، تضاءلت نتيجة الضرب ، تبعا لزيادة تلك العوالم ،

١٤٠