دروس في علم الأصول - ج ١

آية الله السيّد محمّد باقر الصدر

دروس في علم الأصول - ج ١

المؤلف:

آية الله السيّد محمّد باقر الصدر


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٠
الجزء ١ الجزء ٢

الواقعية لا بين الحكم الواقعى والظاهرى ، فالوجوب الواقعى ينافيه الترخيص الواقعى فى مورده ، لا الترخيص الظاهرى ، وعليه فلا محذور ثبوتا فى جعل البراءة فى كل من الطرفين بوصفها حكما ظاهريا.

وأما بلحاظ عالم الوقوع فقد يقال : إن إطلاق دليل البراءة شامل لكل من طرفى العلم الاجمالى لانه مشكوك ، ومما لا يعلم ، فلو كنا قد بنينا على استحالة الترخيص فى المخالفة القطعية فيما تقدم لكانت هذه الاستحالة قرينة عقلية على رفع اليد عن إطلاق دليل البراءة بالنسبة إلى أحد الطرفين على الاقل ، لئلا يلزم الترخيص فى المخالفة القطعية ، وحيث لا معين للطرف الخارج عن دليل الاصل ، فاطلاق دليل الاصل لكل طرف يعارض إطلاقه للطرف الاخر ، ويسقط الاطلاقان معا ، فلا تجرى البراءة الشرعية هنا ولا هناك للتعارض بين الاصلين ، ويجرى كل فقيه حينئذ وفقا للمبنى الذى اختاره فى المقام الاول لتشخيص حكم العقل بالمنجزية ، فعلى مسلك حق الطاعة القائل بمنجزية العلم والاحتمال معا تجب الموافقة القطعية ، لان الاحتمال فى كل من الطرفين منجز عقلا ما لم يردإذن فى مخالفته ، والمفروض عدم ثبوت الاذن ، وعلى مسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان القائل بمنجزية العلم دون الاحتمال ، فيقتصر على مقدار ما تقتضيه منجزية العلم بالجامع على الافتراضات الثلاثة المتقدمة فيها.

وأما إذا لم نبن على استحالة الترخيص فى المخالفة القطعية عن طريق إجراء أصلين مؤمنين فى الطرفين ، فقد يقال حينئذ : أنه لا يبقى مانع من التمسك باطلاق دليل البراءة لاثبات جريانها فى كل من الطرفين ، ونتيجة ذلك جواز المخالفة القطعية.

٤٠١

ولكن الصحيح مع هذا عدم جواز التمسك بالاطلاق المذكور وذلك.

أولا : لان الترخيص فى المخالفة القطعية ، وإن لم يكن منافيا عقلا للتكليف الواقعى المعلوم بالاجمال ، إذا كان ترخيصا منتزعا عن حكمين ظاهريين فى الطرفين ، ولكنه مناف له عقلائيا وعرفا. ويكفى ذلك فى تعذر الاخذ باطلاق دليل البراءة.

وثانيا : إن الجامع قد تم عليه البيان بالعلم الاجمالى ، فيدخل فى مفهوم الغاية لقوله تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) (١).

ومقتضى مفهوم الغاية أنه مع بعث الرسول وإقامة الحجة يستحق العقاب ، وهذا ينافى إطلاق دليل الاصل المقتضى للترخيص فى المخالفة القطعية.

وبذلك نصل إلى نفس النتائج المشار إليها سابقا على تقدير استحالة الترخيص فى المخالفة القطعية ، فلا تجرى البراءة فى كلا الطرفين ، لان ذلك ينافىالتكليف المعلوم بالاجمال ولو عقلائيا ، ولا تجرى فى أحدهما دون الاخر ، إذ لا مبرر لترجيح أحدهما على الاخر مع أن نسبتهماإلى دليل الاصل واحدة.

وقد اتضح من مجموع ما تقدم ، أن النتيجة النهائية بناء على مسلك حق الطاعة حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية معا ، وبناء على مسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان حرمة المخالفة القطعية وعدم وجوب الموافقة القطعية.

وبما ذكرناه على المسلك المختار يعرف أن القاعدة العملية الثانوية ،

__________________

(١) سورة الاسراء ١٥.

٤٠٢

وهى البراءة الشرعية تسقط فى موارد العلم الاجمالى ، وتوجد قاعدة عملية ثالثة تطابق مفاد القاعدة العملية الاولى ، ونسمى هذه القاعدة الثالثة بأصالة الاشتغال فى موارد العلم الاجمالى ، أو بقاعدة منجزية العلم الاجمالى.

تحديد أركان هذه القاعدة :

نستطيع أن نستخلص مما تقدم أن قاعدة منجزية العلم الاجمالى لها عدة أركان :

الاول : وجود العلم بالجامع ، إذ لو لا العلم بالجامع لكانت الشبهة فى كل طرف بدوية وتجرى فيها البراءة الشرعية.

الثانى : وقوف العلم على الجامع ، وعدم سرايته إلى الفرد ، إذ لو كان الجامع معلوما فى ضمن فرد معين ، لكان علما تفصيليا لاإجماليا ، ولما كان منجزاإلا بالنسبة إلى ذلك الفرد بالخصوص.

الثالث : أن يكون كل من الطرفين مشمولا فى نفسه ، وبقطع النظر عن التعارض الناشىء من العلم الاجمالى لدليل أصالة البراءة ، إذ لو كان أحدهما مثلا غير مشمول لدليل البراءة لسبب آخر ، لجرت البراءة فى الطرف الاخر بدون محذور ، لان البراءة فى طرف واحد لا تعنى الترخيص فى المخالفة القطعية ، وإنما لا تجرى لانها معارضة بالبراءة فى الطرف الاخر ، فاذا افترضنا أن الطرف الاخر كان محروما من البراءة لسبب آخر فلا مانع من جريان البراءة فى الطرف المقابل له ، ومع جريانها لا تجب الموافقة القطعية.

الرابع : أن يكون جريان البراءة فى كل من الطرفين مؤديا إلى

٤٠٣

الترخيص فى المخالفة القطعية ، وإمكان وقوعها خارجا على وجه مأذون فيه ، إذ لو كانت المخالفة القطعية ممتنعة على المكلف حتى مع الاذن والترخيص لقصور فى قدرته ، فلا محذور فى إجراء البراءة فى كل من الطرفين ، لان ذلك لن يؤدى إلى تمكين المكلف من إيقاع المخالفة القطعية ليكون منافيا للتكليف المعلوم بالاجمال عقلا أو عقلائيا.

وكل الحالات التى تسقط فيها قاعدة منجزية العلم الاجمالى ، يرجع فيها هذا السقوط إلى اختلال أحد هذه الاركان الاربعة.

فيختل الركن الاول مثلا فيما إذا انكشف للعالم بالاجمال خطاهء ، أو تشكك فى ذلك فيزول علمه بالجامع.

وكذلك فيما إذا كان فى أحد الطرفين ما يوجب سقوط التكليف لو كان موردا له ، ومثاله أن يعلم إجمالا بأن أحد الحليبين من الحليب المحرم ، ولكنه مضطر إلى الحليب البارد منهما اضطرارا يسقط الحرمة لو كان هو الحرام ، هو ففى مثل ذلك لا يوجد علم بجامع الحرمة ، إذ لو كان الحليب المحرم هو الحليب البارد ، فلا حرمة فيه فعلا بسبب الاضطرار ، ولا فى الاخر ، ولو كان هو الحليب الاخر ، فالحرمة ثابتة فعلا ، وهذا يعنى أن الحرمة لا يعلم ثبوتها فعلا فى أحد الحليبين ومن أجل ذلك يقال : إن الاضطرارإلى طرف معين للعلم الاجمالى يوجب سقوطه عن المنجزية.

ومن حالات اختلال الركن الاول أن يأتى المكلف بفعل مترسلا ، ثم يعلم إجمالا بأن الشارع أوجب أحد الامرين ، إما ذلك الفعل ، وإما فعل آخر. فعلى الاول يكون التكليف قد سقط بالاتيان بالمكلف به ، وعلى الثانى يكون ثابتا ، فالتكليف لا يعلم ثبوته فعلا.

ويختل الركن الثانى فيماإذا علم المكلف إجمالا بنجاسة أحد

٤٠٤

المائعين ، ثم علم تفصيلا بأن أحدهما المعين نجس ، ففى مثل ذلك لا يبقى العلم واقفا على الجامع ، بل يسرى إلى الفرد ، وهو معنى ما يقال من انحلال العلم الاجمالى بالعلم التفصيلى والشك البدوى.

وكما ينحل العلم الاجمالى بالعلم التفصيلى نتيجة لاختلال الركن الثانى ، كذلك قد ينحل بعلم إجمالى أصغر منه لاختلال هذا الركن أيضا.

وتوضيح ذلك : أنا قد نعلم إجمالا بنجاسة مائعين فى ضمن عشرة ، فهذا العلم الاجمالى له عشرة أطراف والمعلوم نجاسته فيه إثنان منها ، وقد نعلم بعد ذلك إجمالا بنجاسة مائعين فى ضمن هذه الخمسة بالذات من تلك العشرة ، فينحل العلم الاجمالى الاول بالعلم الاجمالى الثانى ، ويكون الشك فى الخمسة الاخرى شكا بدويا ، لان العلم بجامع إثنين فى عشرة سرى إلى خصوصية جديدة ، وهى كون الاثنين فى ضمن الخمسة ، فلم يعد التردد فى نطاق العشرة ، بل فى نطاق الخمسة.

ويسمى العلم الاجمالى المنحل بالعلم الاجمالى الكبير والعلم الاجمالى المسبب لا نحلاله بالعلم الاجمالى الصغير ، لان أطرافه أقل عددا. ويعبر عن ذلك بقاعدة انحلال العلم الاجمالى الكبير بالعلم الاجمالى الصغير.

ويتوقف انحلال علم إجمالى بعلم إجمالى ثان :

أولا : على أن تكون أطراف الثانى بعض أطراف العلم الاول المنحل ، كما رأينا فى المثال.

وثانيا : على أن لا يزيد عدد المعلوم بالاجمال فى العلم الاول المنحل على المعلوم إجمالا بالعلم الثانى ، فلو زاد لم ينحل ، كما لو افترضنا فى المثال

٤٠٥

أن العلم الثانى تعلق بنجاسة مائع فى ضمن الخمسة ، فان العلم الاجمالى بنجاسة المائع الثانى فى ضمن العشرة يظل ثابتا.

ويختل الركن الثالث فيما إذا كان أحد الطرفين مجرى لاستصحاب منجز للتكليف لا للبراءة ، ومثاله : أن يعلم إجمالا بنجاسة أحد الاناءين ، غير ان احدهما كان نجسا فى السابق ويشك فى بقاء نجاسته ، ففى هذه الحالة يكون الاناء المسبوق بالنجاسةمجرى فى نفسه لاستصحاب النجاسة لا لاصالة البراءة أو أصالة الطهارة ، فتجرى الاصول المؤمنة فى الاناء الاخر بدون معارض ، وتبطل بذلك منجزية العلم الاجمالى ، ويسمى ذلك بالانحلال الحكمى تمييزا له عن الانحلال الحقيقى الذى تقدم فى حالة اختلال الركن الثانى.

وإنما يسمى بالانحلال الحكمى لان العلم الاجمالى موجود حقيقة ، ولكنه لا حكم له عمليا ، لان الاناء المسبوق بالنجاسة حكمه منجز بالاستصحاب ، والاناء الاخر لا منجزية لحكمه لجريان الاصل المؤمن فيه ، فكأن العلم الاجمالى غير موجود ، وهذا هو محصل ما يقال من أن العلم الاجمالى إذا كان أحد طرفيه مجرى لاصل مثبت للتكليف ، وكان الطرف الاخر مجرى لاصل مؤمن انحل العلم الاجمالى.

ومثال آخر لا ختلال هذا الركن ، وهو أن يكون أحد طرفى العلم الاجمالى خارجا عن محل الابتلاء ، ومعنى الخروج كذلك أن تكون المخالفة فى هذا الطرف مما لا تقع من المكلف عادة لان ظروفه لا تيسر له ذلك ، وإن كانت لا تعجزه تعجيزا حقيقيا ، فالمخالفة غير مقدورة عرفا وإن كانت مقدورة عقلا ، كما لو علم بنجاسة وحرمة طعام مردد بين اللبن الموجود على مائدته ، ولبن موجود فى بلد آخر لا يصل إليه عادة فى

٤٠٦

حياته ، وإن كان الوصول ممكنا من الناحية النظرية والعقلية ، ففى هذه الحالة لا يكون هذا اللبن الخارج عن محل الابتلاء مجرى للبراءة فى نفسه ، إذ لا محصل عرفا للتأمين من ناحية تكليف لا يتعرض المكلف إلى مخالفته عادة ، فتجرى البراءة عن حرمة اللبن الاخر بدون معارض.

وهذا هو معنى ما يقال عادة من أن تنجيز العلم الاجمالى يشترط فيه دخول كلا طرفيه فى محل الابتلاء.

ويختل الركن الرابع فى حالات :

منها : حالة دوران الامربين المحذورين : وهى ماإذا علم إجمالا بأن هذا الفعل ، إما واجب وإما حرام ، فان هذا العلم الاجمالى لا تمكن مخالفته القطعية ، كما لا تمكن موافقته القطعية ، فاذا جرت البراءة عن الوجوب وجرت البراءة عن الحرمة معا ، لم يلزم محذور الترخيص فى المخالفة القطعية ، لانها غير معقولة على كل حال.

ومنها : حالة كون الاطراف غير محصورة وتسمى بالشبهة غير المحصورة ، وهى : أن يكون للعلم الاجمالى أطراف كثيرة جدا. على نحو لا يتيسر للمكلف ارتكاب المخالفة فيها جميعا لكثرتها ، ففى مثل ذلك تجرى البراءة فى جميع الاطراف ، إذ لا يلزم من ذلك تمكين المكلف من المخالفة القطعية.

والان بعد أن اتضحت القاعدة العملية الثانوية ، وهى البراءة الشرعية ، والقاعدة العملية الثالثة ، وهى منجزية العلم الاجمالى ، نستعرض جملة من الحالات التى وقع البحث فى إدراجها ضمن القاعدة الاولى أو الثانية.

٤٠٧

حالة تردد أجزاء الواجب بين الاقل والاكثر :

والحالة الرئيسية من حالات التردد هى ما إذا وجب مركب بوجوب واحد ، وكان كل جزء فى المركب واجبا بوجوب ضمنى ، وتردد أمر هذا المركب بين أن يكونمشتملا على تسعة أجزاء أو عشرة ، فهل تدخل هذه الحالة فى حالات العلم الاجمالى أو حالات الشك البدوى؟.

ويجب أن نعرف قبل كل شىء أن العلم الاجمالى لا يمكن أن يوجد إلا إذا افترض جامع بين فردين متباينين ، وكان ذلك الجامع معلوما ومرددا فى إنطباقه بين الفردين ، وأماإذا كان الجامع معلوما فى ضمن أحد الفردين ويحتمل وجوده فى ضمن فرد آخر أيضا ، فليس هذا من العلم الاجمالى ، بل هو علم تفصيلى بالفرد الاول مع الشك البدوى فى الفرد الثانى. وهذا معناه أن طرفى العلم الاجمالى يجب أن يكونا متباينين ، ويستحيل أن يكونا متداخلين تداخل الاقل والاكثر.

وعلى هذا الاساس يبدو أن الحالة المطروحة للبحث ليست من حالات العلم الاجمالى ، إذ ليس فيها علم بالجامع بين فردين متباينين ، بل علم تفصيلى بوجوب التسعة وشك بدوى فى وجوب العاشر. وقول القائل : إنا نعلم بوجوب التسعة أو العشرة كلام صورى لان التسعة ليست مباينة للعشرة.

وقد حاول بعض المحققين إبراز أن الدوران فى الحقيقة بين متباينين لا بين متداخلين لكى يتشكل علم إجمالى ، وتطبق القاعدة الثالثة ، وحاصل المحاولة أن الوجوب المعلوم فى الحالة المذكورة إما متعلق بالتسعة

٤٠٨

المطلقة ، أو بالتسعة المقيدة بالجزء العاشر ، وإطلاق التسعة وتقييدها حالتان متباينتان ، وبذلك يتشكل علم إجمالى بوجوب التسعة أو العشرة.

فان قيل : إن العلم الاجمالى بوجوب التسعة أو العشرة منحل إلى العلم التفصيلى بأحد طرفيه ، والشك البدوى فى الطرف الاخر ، لان التسعة معلومة الوجوب على أى حال ، والجزء العاشر مشكوك الوجوب ، وإذا انحل العلم الاجمالى سقط عن المنجزية.

قلنا : إن طرفى العلم الاجمالى هما : وجوب التسعة المطلقة ووجوب التسعة المقيدة بالعاشر ، وكل من هذين الطرفين ليس معلوما بالتفصيل ، وإنما المعلوم وجوب التسعة على الاجمال ، وهذا نفس العلم الاجمالى ، فكيف ينحل به؟.

فالصحيح ان يتجه البحث إلى أنه هل يوجد علم إجمالى أولا؟ بدلا عن البحث فى أنه هل ينحل بعدإفتراض وجوده؟.

والتحقيق هو عدم وجود علم إجمالى بالتكليف ، وذلك لان وجوب التسعة المطلقة لا يعنى وجوب التسعة ووجوب الاطلاق ، فان الاطلاق كيفية فى لحاظ المولى تنتج عدم وجوب العاشر وليس شيئا يوجبه على المكلف ، وأما وجوب التسعة فى ضمن العشرة ، فمعناه وجوب التسعة ووجوب العاشر ، وهذا معناه أننا حينما نلحظ ما أوجبه المولى على المكلف ، نجد أنه ليس مرددا بين متباينين ، بل بين الاقل والاكثر ، فلا يمكن تصوير العلم الاجمالى بالوجوب ، وإنما يمكن تصوير العلم الاجمالى بالنسبة إلى الخصوصيات اللحاظية التى تحدد كيفية لحاظ المولى للطبيعة عند أمره بها ، لانه إما أن يكون قد لا حظها مطلقة أو

٤٠٩

مقيدة ، غير أن هذا ليس علماإجماليا بالتكليف ليكون منجزا.

وهكذا يتضح أنه لا يوجد علم إجمالى منجز ، وأن البراءة تجرى عن الامر العاشر المشكوك كونه جزء للواجب ، فيكفيه الاتيان بالاقل.

[ حالة الشك فى إطلاق الجزئية ]

ولا فرق فى جريان البراءة عن مشكوك الجزئية بين أن يكون الشك فى أصل الجزئية ، كماإذا شك فى جزئية السورة ، أو فى اطلاقها بعد العلم بأصل الجزئية ، كما إذا علمنا بأن السورة جزء ، ولكن شككنا فى أن جزئيتها هل تختص بالصحيح أو تشمل المريض أيضا ، فانه تجرى البراءة حينئذ عن وجوب السورة بالنسبة إلى المريض خاصة.

وهناك صورة من الشك فى إطلاق الجزئية وقع البحث فيها وهى : ماإذا ثبت أن السورة مثلا جزء فى حال التذكر ، وشك فى إطلاق هذه الجزئية للناسى ، فهل تجرى البراءة عن السورة بالنسبة إلى الناسى لكى نثبت بذلك جواز الاكتفاء بما صدر منه فى حالة النسيان من الصلاة الناقصة التى لا سورة فيها؟. فقد يقال : إن هذه الصورة هى إحدى حالات دوران الواجب بين الاقل والاكثر ، فتجرى البراءة عن الزائد.

ولكن اعترض على ذلك ، بأن حالات الدوران المذكورة تفترض وجود أمر موجه إلى المكلف على أى حال ، ويتردد متعلق هذا الامر بين التسعة أو العشرة مثلا ، وفى الصورة المفروضة فى المقام نحن نعلم بأن غير الناسى مأمور بالعشرة مثلا بما فى ذلك السورة لاننا نعلم بجزئيتها فى حال التذكر ، وأما الناسى فلا يحتمل أن يكون مأمورا بالتسعة أى بالاقل لان الامر بالتسعة لو صدر من الشارع لكان متوجها نحو الناسى

٤١٠

خاصة ، لان المتذكر مأمور بالعشرة لا بالتسعة ، ولا يعقل توجيه الامر إلى الناسى لا يلتفت إلى كونه ناسيا لينبعث عن ذلك الامر ، وعليه فالصلاة الناقصة التى أتى بها ليست مصداقا للواجب يقينا ، وإنما يحتمل كونها مسقطة للواجب عن ذمته ، فيكون من حالات الشك فى المسقط ، وتجرى حينئذ أصالة الاشتغال ، وتأتى تتمة الكلام عن ذلك فى حلقة مقبلة إن شاءالله تعالى.

حالة احتمال الشرطية :

عالجنا فيما سبق حالة احتمال الجزء الزائد ، والان نعالج حالة احتمال الشرط الزائد ، كما لو احتمل أن الصلاة مشروطة بالايقاع فى المسجد على نحو يكون إيقاعها فى المسجد قيدا شرعيا فى الواجب. وتحقيق الحال فى ذلك أن مرجع القيد الشرعى كما تقدم عبارة عن تحصيص المولى للواجب بحصة خاصة على نحو يكون الامر متعلقا بذات الفعل وبالتقيد ، فحالة الشك فى شرطية شىء مرجعها إلى العلم بوجوب ذات الفعل والشك فى وجوب التقيد.

وهذا أيضا دوران بين الاقل والاكثر بالنسبة إلى ما أوجبه المولى على المكلف ، وليس دورانا بين المتباينين فلا يتصور العلم الاجمالى المنجز ، بل تجرى البراءة عن وجوب التقيد.

وقد يفصل بين أن يكون ما يحتمل شرطيته محتمل الشرطية فى نفس متعلق الامر ابتداء ، أو فى متعلق المتعلق ، أى الموضوع.

ففى خطاب ( أعتق رقبة ) المتعلق الامر هو ( العتق ) ، والموضوع هو ( الرقبة ) ، فتارة يحتمل كون الدعاء عند العتق قيدا فى الواجب ، واخرى

٤١١

يحتمل كون الايمان قيدا فى الرقبة.

ففى الحالة الاولى تجرى البراءة لان قيدية الدعاء للمتعلق معناها تقيده والامر بهذا التقييد ، فيكون الشك فى هذه القيدية راجعاإلى الشك فى وجوب التقييد ، فتجرى البراءة عنه.

وفى الحالة الثانية لا تجرى البراءة ، لان قيدية الايمان للرقبة لا تعنى الامر بهذا التقييد لوضوح أن جعل الرقبة مؤمنة ليس تحت الامر ، وقد لا يكون تحت الاختيار أصلا ، فلا يعود الشك فى هذه القيدية إلى الشك فى وجوب التقييد لتجرى البراءة.

والجواب : أن تقييد الرقبة بالايمان وإن لم يكن تحت الامر على تقدير أخذه قيدا ، ولكن تقيد العتق بايمان الرقبة المعتوقة تحت الامر على هذا التقدير ، فالشك فى قيدية الايمان شك فى وجوب تقيد العتق بايمان الرقبة ، وهو تقيد داخل فى اختيار المكلف ، ويعقل تعلق الوجوب به ، فاذا شك فى وجوبه جرت البراءة عنه.

حالات دوران الواجب بين التعيين والتخيير :

وقد يدور أمر الواجب الواحد بين التعيين والتخيير ، سواء كان التخيير المحتمل عقليا أو شرعيا.

ومثال الاول : ماإذا علم بوجوب مردد بين أن يكون متعلقا باكرام زيد كيفما اتفق ، أو باهداء كتاب له.

ومثال الثانى : ماإذا علم بوجوب مردد بين أن يكون متعلقا باحدى الخصال الثلاث ( العتق أو الاطعام أو الصيام ) ، أو بالعتق خاصة.

وفى هذه الحالات نلاحظ أن العنوان الذى يتعلق به الوجوب مردد

٤١٢

بين عنوانين متباينين ، وإن كان بينهما من حيث الصدق الخارجى عموم وخصوص مطلق ، وحيث أن الوجوب يتعلق بالعناوين صح أن يدعى وجود علم إجمالى بوقوع أحد العنوانين المتباينين فى عالم المفهوم متعلقا للوجوب ، ومجرد أن أحدهما أوسع صدقا من الاخر لا يوجب كونهما من الاقل والاكثر ما داما متباينين فى عالم العناوين والمفاهيم الذى هو عالم عروض الوجوب وتعلقه ، فالعلم الاجمالى بالوجوب إذن موجود.

ولكن هذا العلم مع هذا غير منجز للاحتياط ورعاية الوجوب التعيينى المحتمل ، بل يكفى المكلف أن يأتى با لجامع ولو فى ضمن غير ما يحتمل تعينه ، وذلك لاختلال الركن الثالث من أركان تنجيز العلم الاجمالى المتقدمة ، وهو أن يكون كل من الطرفين مشمولا فى نفسه للبراءة بقطع النظر عن التعارض الحاصل بين الاصلين من ناحية العلم الاجمالى ، فان هذا الركن لا يصدق فى المقام ، وذلك لان وجوب الجامع الاوسع صدقا ليس مجرى للبراءة بقطع النظر عن التعارض بين الاصلين لانه إن اريد بالبراءة عنه التوصل إلى ترك الجامع رأسا ، فهذا توصل بالاصل المذكورإلى المخالفة القطعية التى تتحقق بترك الجامع رأسا ، فاذا كان أصل واحد يؤدى إلى هذا المحذور تعذر جريانه ، وإن اريد بالبراءة عنه التأمين من ناحية الوجوب التخييرى فقط ، فهو لغو ، لان المكلف فى حالة ترك الجامع رأسا يعلم أنه غير مأمون من أجل صدور المخالفة القطعية منه ، فأى أثر لنفى استناد عدم الامن إلى جهة مخصوصة.

وبهذا يتبرهن أن أصل البراءة عن وجوب الجامع لا يجرى بقطع النظر عن التعارض ، وفى هذه الحالة تجرى البراءة عن الوجوب التعيينى بلا معارض.

٤١٣

٣ ـ الاستصحاب

تعريف الاستصحاب :

عرف الاستصحاب بأنه الحكم ببقاء ما كان ، وهو قاعدة من قواعد الاستنباط لدى كثير من المحققين ، ووظيفة هذه القاعدة على الاجمال : أن كل حالة كانت متيقنة فى زمان ومشكوكة بقاء ، يمكن إثبات بقائها بهذه القاعدة التى تسمى بالاستصحاب.

وقد اختلف القائلون بالاستصحاب فى أن الاعتماد عليه هل هو على نحو الامارية أو على نحو الاصل العملى؟. كما اختلفوا فى طريقة الاستدلال عليه ، فقد استدل بعضهم عليه بحكم العقل وإدراكه ولو ظنا بقاء الحالة السابقة ، وبعضهم بالسيرة العقلائية ، وبعضهم بالروايات.

ومن هنا وقع الكلام فى كيفية تعريف الاستصحاب بنحو يكون محورا لكل هذه الاتجاهات وصالحا لدعوى الامارية تارة ودعوى الاصلية اخرى ، وللاستدلال عليه بالادلة المتنوعة المذكورة.

ولذلك اعترض السيد الاستاذ على التعريف المتقدم بأنه إنما يناسب افتراض الاستصحاب أصلا ، وأماإذا افترض أمارة فلا يصح تعريفه بذلك ، بل يجب تعريفه بالحيثية الكاشفة عن البقاء ، وليست

٤١٤

هى إلا اليقين بالحدوث. فينبغى أن يقال حينئذ : إن الاستصحاب هو اليقين بالحدوث ، فلا يوجد معنى جامع يلائم كل المسالك يسمى بالاستصحاب.

ويرد عليه أولا : أن حيثية الكاشفية عن البقاء ليست على فرض وجودها قائمة باليقين بالحدوث ، فضلا عن الشك فى البقاء ، بل بنفس الحدوث ، بدعوى غلبة أن ما يحدث يبقى ، وليس اليقين إلا طريقا إلى تلك الامارة ، كاليقين بوثاقة الراوى ، فلو أريد تعريف الاستصحاب بنفس الامارة لتعين أن يعرف بالحدوث مباشرة.

وثانيا : أنه سواء بنى على الامارية أو على الاصلية لا شك فى وجود حكم ظاهرى مجعول فى مورد الاستصحاب ، وإنما الخلاف فى أنه هل هو بنكتة الكشف أولا؟ فلا ضرورة على الامارية فى أن يعرف الاستصحاب بنفس الامارة ، بل تعريفه بذلك الحكم الظاهرى المجعول يلائم كلا المسلكين أيضا.

وثالثا : أن بالامكان تعريف الاستصحاب بأنه مرجعية الحالة السابقة بقاء ، ويراد بالحالة السابقة اليقين بالحدوث ، وهذه المرجعية أمر محفوظ على كل المسالك والاتجاهات ، لانها عنوان ينتزع من الامارية والاصلية معا ، ويبقى المجال مفتوحا لافتراض أى لسان يجعل به الاستصحاب شرعا من لسان جعل الحالة السابقة منجزة ، أو لسان جعلها كاشفة ، أو جعل الحكم ببقاء المتيقن ، لان المرجعية تنتزع من كل هذه الالسنة ، كما هو واضح.

التمييز بين الاستصحاب وغيره :

هناك قواعد مزعومة تشابه الاستصحاب ، ولكنها تختلف عنه فى

٤١٥

حقيقتها.

منها : قاعدة اليقين ، وهى تشترك مع الاستصحاب فى افتراض اليقين والشك ، غير أن الشك فى موارد القاعدة يتعلق بنفس ما تعلق به اليقين وبلحاظ نفس الفترة الزمنية ، وأما فى موارد الاستصحاب فالشك يتعلق ببقاء المتيقن ، لا بنفس المرحلة الزمنية التى تعلق بها اليقين.

وإذا أردنا مزيدا من التدقيق أمكننا أن نلاحظ أن الاستصحاب لا يتقوم دائما بالشك فى البقاء ، فقد يجرى بدون ذلك ، كما إذا وقعت حادثة ، وكان حدوثها مرددا بين الساعة الاولى والساعة الثانية ، ويشك فى ارتفاعها ، فإننا بالاستصحاب نثبت وجودها فى الساعة الثانية ، مع أن وجودها المشكوك فى الساعة الثانية ليس بقاء على أى حال ، بل هو مردد بين الحدوث والبقاء ، ومع هذا يثبت بالاستصحاب.

ولهذا كان الاولى أن يقال : إن الاستصحاب مبنى على الفراغ عن ثبوت الحالة المرادإثباتها ، وقاعدة اليقين ليست كذلك.

ومن نتائج الفرق المذكور بين الاستصحاب وقاعدة اليقين ، أن الشك فى موارد قاعدة اليقين ناقض تكوينا لليقين السابق ، ولهذا يستحيل أن يجتمع معه فى زمان واحد ، وأما الشك فى موارد الاستصحاب فهو ليس ناقضا حقيقة.

ومنها : قاعدة المقتضى والمانع ، وهى القاعدة التى يبنى فيها عند إحراز المقتضى والشك فى وجود المانع على إنتفاء المانع وثبوت المقتضى بالفتح وهذه القاعدة تشترك مع الاستصحاب فى وجود اليقين والشك ، ولكنهما فيها متعلقان بأمرين متغايرين ذاتا ، وهما المقتضى

٤١٦

والمانع ، خلافا لوضعهما فى الاستصحاب حيث أن متعلقهما واحد ذاتا فيه.

وكما تختلف هذه القواعد فى أركانها المقومة لها ، كذلك فى حيثيات الكشف النوعى المزعومة فيها ، فان حيثية الكشف فى الاستصحاب تقوم على أساس ( غلبة أن الحادث يبقى ) ، وحيثية الكشف فى قاعدة اليقين تقوم على أساس ( غلبة أن اليقين لا يخطىء ) ، وحيثية الكشف فى قاعدة المقتضى والمانع تقوم على أساس ( غلبة أن المقتضيات نافذة ومؤثرة فى معلولاتها ).

والبحث فى الاستصحاب يقع فى عدة مقامات.

الاول : فى أدلته.

والثانى : فى أركانه التى يتقوم بها.

والثالث : فى مقدار ما يثبت بالاستصحاب.

والرابع : فى عموم جريانه.

والخامس : فى بعض تطبيقاته.

وسنتكلم فى هذه المقامات تباعاإن شاءالله تعالى.

٤١٧

١ ـ أدلة الاستصحاب

وقد استدل على الاستصحاب تارة بأنه مفيد للظن بالبقاء ، وأخرى بجريان السيرة العقلائية عليه ، وثالثة بالروايات.

أما الاول : فهو ممنوع صغرى وكبرى ، أما صغرويا فلان إفادة الحالة السابقة بمجردها للظن بالبقاء ، ممنوعة. وإنما قد تفيد لخصوصية فى الحالة السابقة من حيث كونها مقتضية للبقاء والاستمرار.

وقد يستشهد لافادة الحالة السابقة للظن بنحو كلى بجريان السيرة العقلائية على العمل بالاستصحاب ، والعقلاء لا يعملون إلا بالطرق الظنية والكاشفة.

ويرد على هذا الاستشهاد ، أن السيرة العقلائية على افتراض وجودها ، فالاقرب فى تفسيرها أنها قائمة بنكتة الالفة والعادة ، لا بنكتة الكشف ، ولهذا يقال بوجودها حتى فى الحيوانات التى تتأثر بالالفة.

وأما كبرويا فلعدم قيام دليل على حجية مثل هذا الظن.

وأما الثانى : ففيه أن الجرى والانسياق العملى على طبق الحالة السابقة ، وإن كان غالبا فى سلوك الناس ، ولكنه بدافع من الالفة

٤١٨

والعادة التى توجب الغفلة عن احتمال الارتفاع ، أو الاطمئنان بالبقاء فى كثير من الاحيان ، وليس بدافع من البناء على حجية الحالة السابقة فى إثبات البقاء تعبدا.

وأما الثالث : أى الاخبار فهو العمدة فى مقام الاستدلال : فمن الروايات المستدل بها صحيحة زرارة عن أبى عبدالله عليه‌السلام ، حيث سأله عن المرتبة التى يتحقق بها النوم الناقض للوضوء ، فأجابه. ثم سأله عن الحكم فى حالة الشك فى وقوع النوم ، إذ قال له : فان حرك فى جنبه شىء ولم يعلم به فكأن عدم التفاته إلى ما حرك فى جنبه جعله يشك فى أنه نام فعلا أولا فاستفهم عن حكمهفقال له الامام (ع) : لا حتى يستيقن أنه قد نام ، حتى يجىء من ذلك أمر بين ، وإلا فانه على يقين من وضوئه ، ولا ينقض اليقين أبدا بالشك ، ولكن ينقضه بيقين آخر (١).

والكلام فى هذه الرواية يقع فى عدة جهات :

الجهة الاولى : فى فقه الرواية بتحليل مفاد قوله : « وإلا فانه على يقين من وضوئه ، ولا ينقض اليقين بالشك » ، وذلك بالكلام فى نقطتين.

النقطة الاولى : إنه كيف اعتبر البناء على الشك نقضا لليقين مع أن اليقين بالطهارة حدوثا لا يتزعزع بالشك فى الحدث بقاء ، فلو أن المكلف فى الحالة المفروضة فى السؤال بنى على أنه محدث لما كان ذلك منافيا ليقينه لان اليقين بالحدوث لا ينا فى الارتفاع ، فكيف يسند

__________________

(١) التهذيب ج ١ ب الاحداث الموجبة للطهارة ح ١١.

٤١٩

نقض اليقين إلى الشك؟.

والتحقيق أن الشك ينقض اليقين تكويناإذا تعلق بنفس ما تعلق به اليقين ، وأماإذا تغاير المتعلقان فلا تنافى بين اليقين والشك ليكون الشك ناقضا وهادما لليقين.

وعلى هذا الاساس نعرف أن الشك فى قاعدة اليقين ناقض تكوينى لليقين المفترض فيها لوحدة متعلقيهما ذاتا وزمانا ، وأن الشك فى مورد الاستصحاب ليس ناقضا تكوينيا لليقين المفترض فيه ، لان أحدهما متعلق بالحدوث ، والاخر متعلق بالبقاء ، ولهذا يجتمعان فى وقت واحد.

ولكن مع هذا قد يسند النقض إلى هذا الشك ، فيقال إنه ناقض لليقين باعمال عناية عرفية وهى أن تلغى ملاحظة الزمان ، فلا نقطع الشىءإلى حدوث وبقاء ، بل نلحظه بما هو أمر واحد ، ففى هذه الملاحظة يرى الشك واليقين واردين على مصب واحد ، ومتعلق فارد ، فيصح بهذا الاعتبار إسناد النقض إلى الشك ، فكأن الشك نقض اليقين ، وبهذا الاعتبار يرى أيضا أن اليقين والشك غير مجتمعين ، كما هو الحال فى كل منقوض مع ناقضه ، وعلى هذا الاساس جرى التعبير فى الرواية فأسند النقض إلى الشك ونهى عن جعله ناقضا.

النقطة الثانية : فى تحديد عناصر الجملة المذكورة الواردة فى كلام الامام (ع) فانها جملة شرطية ، والشرط فيها هو أن لا يستيقن أنه قد نام ، وأما الجزاء ففيه ثلاثة احتمالات :

الاول : أن يكون محذوفا ومقدرا وتقديره ( فلا يجب الوضوء ) ، ويكون قوله : ( فانه على يقين ... إلخ ) تعليلا للجزاء المحذوف. وقد

٤٢٠