دروس في علم الأصول - ج ١

آية الله السيّد محمّد باقر الصدر

دروس في علم الأصول - ج ١

المؤلف:

آية الله السيّد محمّد باقر الصدر


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٠
الجزء ١ الجزء ٢

إلى تشريع الله للحكم وجعله له ، على توفر خصائص الاستطاعة فى المكلف. والثبوت الاول للحكم أى ثبوته فى الشريعة يسمى بالجعل « جعل الحكم ». والثبوت الثانى للحكم أى ثبوته على هذا المكلف بالذات أو ذاك يسمى بالفعلية « فعلية الحكم » أو المجعول ، فجعل الحكم معناه تشريعه من قبل الله ، وفعلية الحكم معناها ثبوته فعلا لهذا المكلف أو ذاك.

موضوع الحكم :

وموضوع الحكم مصطلح أصولى نريد به مجموع الاشياء التى تتوقف عليها فعلية الحكم المجعول بمعناها الذى شرحناه ، ففى مثال وجوب الحج يكون وجود المكلف المستطيع موضوعا لهذا الوجوب ، لان فعلية هذا الوجوب تتوقف على وجود مكلف مستطيع.

ومثال آخر : حكمت الشريعة بوجوب الصوم على كل مكلف غير مسافر ولا مريض إذا هل عليه هلال شهر رمضان ، وهذا الحكم يتوقف ثبوته الاول على جعله شرعا ، ويتوقف ثبوته الثانى أى فعليته على وجود موضوعه ، أى وجود مكلف غير مسافر ولا مريض وهل عليه هلال شهر رمضان ، فالمكلف وعدم السفر وعدم المرض وهلال شهر رمضان هى العناصر التى تكون الموضوع الكامل للحكم بوجوب الصوم. وإذا عرفنا معنى موضوع الحكم ، استطعنا أن ندرك أن العلاقة بين الحكم والموضوع تشابه ببعض الاعتبارات العلاقة بين المسبب وسببه كالحرارة والنار ، فكما أن المسبب يتوقف على سببه كذلك الحكم يتوقف على موضوعه ، لانه يستمد فعليته من وجود الموضوع ، وهذا معنى العبارة

١٢١

الاصولية القائلة : « إن فعلية الحكم تتوقف على فعلية موضوعه » أى إن وجود الحكم فعلا يتوقف على وجود موضوعه فعلا.

وبحكم هذه العلاقة بين الحكم والموضوع يكون الحكم متأخرا رتبة عن الموضوع كما يتأخر كل مسبب عن سببه فى الرتبة.

وتوجد فى علم الاصول قضايا تستنتج من هذه العلاقة وتصلح للاشتراك فى عمليات الاستنباط.

فمن ذلك انه لا يمكن ان يكون موضوع الحكم أمرا مسببا عن الحكم نفسه ومثاله العلم بالحكم فانه مسبب عن الحكم ، لان العلم بالشىء فرع الشىء المعلوم ولهذا يمتنع ان يكون العلم بالحكم موضوعا لنفسه بأن يقول الشارع أحكم بهذا الحكم على من يعلم بثبوته له لان ذلك يؤدى إلى الدور.

العلاقات القائمة بين الحكم ومتعلقه

عرفنا أن وجوب الصوم مثلا موضوعه مؤلف من عدة عناصر تتوقف عليها فعلية الوجوب ، فلا يكون الوجوب فعليا وثابتا إلا إذا وجد مكلف غير مسافر ولا مريض وهل عليه هلال شهر رمضان ، وأما متعلق هذا الوجوب فهو الفعل الذى يؤديه المكلف نتيجة لتوجه الوجوب إليه ، وهو الصوم فى هذا المثال.

وعلى هذا الضوء نستطيع أن نميز بين متعلق الوجوب وموضوعه ، فان المتعلق يوجد بسبب الوجوب ، فالمكلف انما يصوم لاجل وجوب الصوم عليه ، بينما يوجد الحكم نفسه بسبب الموضوع ، فوجوب الصوم لا يصبح

١٢٢

فعليا إلا إذا وجد مكلف غير مريض ولا مسافر وهل عليه الهلال.

وهكذا نجد أن وجود الحكم يتوقف على وجود الموضوع ، بينما يكون سببا لايجاد المتعلق وداعيا للمكلف نحوه.

وعلى هذا الاساس نعرف أن من المستحيل أن يكون الوجوب داعيا إلى إيجاد موضوعه ومحركا للمكلف نحوه كما يدعو إلى إيجاد متعلقه ، فوجوب الصوم على كل مكلف غير مسافر ولا مريض لا يمكن أن يفرض على المكلف أن لا يسافر ، وإنما يفرض عليه أن يصوم إذا لم يكن مسافرا ، ووجوب الحج على المستطيع لا يمكن أن يفرض على المكلف أن يكتسب ، ليحصل على الاستطاعة ، وإنما يفرض الحج على المستطيع ، لان الحكم لا يوجد إلا بعد وجود موضوعه ، فقبل وجود الموضوع لا وجود للحكم لكى يكون داعيا إلى إيجاد موضوعه ، ولاجل ذلك وضعت فى علم الاصول القاعدة القائلة : « إن كل حكم يستحيل أن يكون محركا نحو أى عنصر من العناصر الدخيلة فى تكوين موضوعه ، بل يقتصر تأثيره وتحريكه على نطاق المتعلق ».

العلاقات القائمة بين الحكم والمقدمات

المقدمات التى يتوقف عليها وجود الواجب على قسمين :

أحدهما المقدمات التى يتوقف عليها وجود المتعلق ، من قبيل السفر الذى يتوقف أداء الحج عليه ، أو الوضوء الذى تتوقف الصلاة عليه ، أو التسلح الذى يتوقف الجهاد عليه.

والاخر المقدمات التى تدخل فى تكوين موضوع الوجوب ، من قبيل

١٢٣

نية الاقامة التى يتوقف عليها صوم شهر رمضان ، والاستطاعة التى تتوقف عليها حجة الاسلام.

والفارق بين هذين القسمين أن المقدمة التى تدخل فى تكوين موضوع الوجوب يتوقف على وجودها الوجوب نفسه ، لما شرحناه سابقا من أن الحكم الشرعى يتوقف وجوده على وجود موضوعه ، فكل مقدمة دخيلة فى تحقق موضوع الحكم يتوقف عليها الحكم ولا يوجد بدونها ، خلافا للمقدمات التى لا تدخل فى تكوين الموضوع وإنما يتوقف عليها وجود المتعلق فحسب ، فان الحكم يوجد قبل وجودها ، لانها لا تدخل فى موضوعه.

ولنوضح ذلك فى مثال الاستطاعة والوضوء : فالاستطاعة مقدمة تتوقف عليها حجة الاسلام ، والتكسب مقدمة للاستطاعة ، وذهاب الشخص إلى محله فى السوق مقدمة للتكسب ، وحيث ان الاستطاعة تدخل فى تكوين موضوع وجوب الحج ، فلا وجوب للحج قبل الاستطاعة ، وقبل تلك الامور التى تتوقف عليها الاستطاعة.

وأما الوضوء فلا يدخل فى تكوين موضوع وجوب الصلاة ، لان وجوب الصلاة لا ينتظر أن يتوضأ الانسان لكى يتجه إليه ، بل يتجه إليه قبل ذلك ، وإنما يتوقف متعلق الوجوب أى الصلاة على الوضوء ، ويتوقف الوضوء على تحضير الماء الكافى ، ويتوقف تحضير هذا الماء على فتح خزان الماء مثلا.

فهناك إذن سلسلتان من المقدمات : الاولى سلسلة مقدمات المتعلق أى الوضوء الذى تتوقف عليه الصلاة وتحضير الماء الذى يتوقف عليه الوضوء ، وفتح الخزان الذى يتوقف عليه تحضير الماء.

١٢٤

والثانى سلسلة مقدمات الوجوب ، وهى الاستطاعة التى تدخل فى تكوين موضوع وجوب الحج ، والتكسب الذى تتوقف عليه الاستطاعة ، وذهاب الشخص إلى محله فى السوق الذى يتوقف عليه التكسب.

وموقف الوجوب من هذه السلسلة الثانية وكل ما يندرج فى القسم الثانى من المقدمات سلبى دائما ، لان هذا القسم يتوقف عليه وجود موضوع الحكم ، وقد عرفنا سابقا أن الوجوب لا يمكن أن يدعو إلى موضوعه. وتسمى كل مقدمة من هذا القسم « مقدمة وجوب » أو « مقدمة وجوبية ».

وأما السلسلة الاولى والمقدمات التى تندرج فى القسم الاول ، فالمكلف مسؤول عن إيجادها ، أى إن المكلف بالصلاة مثلا مسؤول عن الوضوء لكى يصلى ، والمكلف بالحج مسؤول عن السفر لكى يحج ، والمكلف بالجهاد مسؤول عن التسلح لكى يجاهد.

والنقطة التى درسها الاصوليون هى نوع هذه المسؤولية ، فقد قدموا لها تفسيرين :

أحدهما أن الواجب شرعا على المكلف هو الصلاة فحسب دون مقدماتها من الوضوء ومقدماته ، وإنما يجد المكلف نفسه مسؤولا عن إيجاد الوضوء وغيره من المقدمات عقلا ، لانه يرى أن امتثال الواجب الشرعى لا يتأتى له إلا بايجاد تلك المقدمات.

والاخر أن الوضوء واجب شرعا لانه مقدمة للواجب ، ومقدمة الواجب واجبة شرعا ، فهناك إذن واجبان شرعيان على المكلف : أحدهما الصلاة ، والاخر الوضوء بوصفه مقدمة الصلاة. ويسمى الاول بـ « الواجب النفسى » ، لانه واجب لاجل نفسه. ويسمى الثانى

١٢٥

بـ « الواجب الغيرى » ، لانه واجب لاجل غيره ، أى لاجل ذى المقدمة وهو الصلاة.

وهذا التفسير أخذ به جماعة من الاصوليين إيمانا منهم بقيام علاقة تلازم بين وجوب الشىء ووجوب مقدمته فكلما حكم الشارع بوجوب فعل حكم عقيب ذلك مباشرة بوجوب مقدماته.

ويمكن الاعتراض على ذلك بأن حكم الشارع بوجوب المقدمة فى هذه الحالة لا فائدة فيه ولا موجب له ، لانه أن أراد به إلزام المكلف بالمقدمة فهذا حاصل بدون حاجة إلى حكمه بوجوبها ، إذ بعد ان وجب الفعل المتوقف عليها يدرك العقل مسؤولية المكلف من هذه الناحية ، وإن أراد الشارع بذلك مطلبا آخر دعاه إلى الحكم بوجوب المقدمة فلا نتعقله ، وعلى هذا الاساس يعتبر حكم الشارع بوجوب المقدمة لغوا فيستحيل ثبوته ، فضلا عن ان يكون ضرورى الثبوت كما يدعيه القائل بالتلازم بين وجوب الشىء ووجوب مقدمته.

العلاقات القائمة فى داخل الحاكم الواحد

قد يتعلق الوجوب بشىء واحد ، كوجوب السجود على كل من سمع آية السجدة ، وقد يتعلق بعملية تتألف من أجزاء وتشتمل على أفعال متعددة ، من قبيل وجوب الصلاة ، فان الصلاة عملية تتألف من أجزاء وتشتمل على أفعال عديدة ، كالقراءة والسجود والركوع والقيام والتشهد وما إلى ذلك.

وفى هذه الحالة تصبح العملية بوصفها مركبة من تلك الاجزاء

١٢٦

واجبة ، ويصبح كل جزء واجبا أيضا ، ويطلق على وجوب المركب اسم « الوجوب الاستقلالى » ويطلق على وجوب كل جزء فيه اسم « الوجوب الضمنى » ، لانالوجوب إنما يتعلق بالجزء بوصفه جزءا فى ضمن المركب لا بصورة مستقلة عن سائر الاجزاء ، فوجوب الجزء ليس حكما مستقلا ، بل هو جزء من الوجوب المتعلق بالعملية المركبة.

ولاجل ذلك كان وجوب كل جزء من الصلاة مثلا مرتبطا بوجوب الاجزاء الاخرى ، لان الوجوبات الضمنية لاجزاء الصلاة تشكل بمجموعها وجوبا واحدا استقلاليا.

ونتيجة ذلك قيام علاقة التلازم فى داخل إطار الحكم الواحد بين الوجوبات الضمنية فيه.

وتعنى علاقة التلازم هذه أنه لا تمكن التجزئة فى تلك الوجوبات أو التفكيك بينها ، بل إذا سقط أى واحد منها تحتم سقوط الباقى نتيجة لذلك التلازم القائم بينها.

ومثال ذلك : إذا وجب على الانسان الوضوء وهو مركب من أجزاء عديدة كغسل الوجه وغسل اليمنى وغسل اليسرى ومسح الرأس ومسح القدمين ، فيتعلق بكل جزء من تلك الاجزاء وجوب ضمنى بوصفه جزءا من الوضوء الواجب ، وفى هذه الحالة إذا تعذر على الانسان أن يغسل وجهه لافة فيه وسقط لاجل ذلك الوجوب الضمنى المتعلق بغسل الوجه ، كان من المحتم أن يسقط وجوب سائر الاجزاء أيضا ، فلا يبقى على الانسان وجوب غسل يديه فقط ما دام قد عجز عن غسل وجهه ، لان تلك الوجوبات لابد أن ينظر إليها بوصفها وجوبا واحدا متعلقا بالعملية كلها أى بالوضوء ، وهذا الوجوب إما أن يسقط كله أو يثبت

١٢٧

كله ولا مجال للتفكيك.

وعلى هذا الضوء نعرف الفرق بين ما إذا وجب الوضوء بوجوب استقلالى ، ووجب الدعاء بوجوب استقلالى آخر فتعذر الوضوء ، وبين ما إذا وجب الوضوء فتعذر جزء منه كغسل الوجه مثلا ، ففى الحالة الاولى لا يؤدى تعذر الوضوء إلا إلى سقوط الوجوب الذى كان متعلقا به ، وأما وجوب الدعاء فيبقى ثابتا ، لانه وجوب مستقل غير مرتبط بوجوب الوضوء ، وفى الحالة الثانية حين يتعذر غسل الوجه ويسقط وجوبه الضمنى يؤدى ذلك إلى سقوط وجوب الوضوء ، وارتفاع سائر الوجوبات الضمنية.

قد تقول : نحن نرى أن الانسان يكلف بالصلاة ، فاذا أصبح أخرس وعجز عن القراءة فيها ، كلف بالصلاة بدون قراءة ، فهل هذا إلا تفكيك بين الوجوبات الضمنية ، ونقض لعلاقة التلازم بينها؟

والجواب أن وجوب الصلاة بدون قراءة على الاخرس ليس تجزئة لوجوب الصلاة الكاملة ، وإنما هو وجوب آخر وخطاب جديد تعلق منذ البدء بالصلاة الصامتة ، فوجوب الصلاة الكاملة والخطاب بها قد سقط كله نتيجة لتعذر القراءة وخلفه وجوب آخر وخطاب جديد.

١٢٨

النوع الثانى

الاصول العملية

تمهيد :

استعرضنا فى النوع الاول العناصر الاصولية المشتركة فى الاستنباط التى تتمثل فى أدلة محرزة ، فدرسنا أقسام الادلة وخصائصها وميزنا بين الحجة منها وغيرها.

ونريد الان أن ندرس العناصر المشتركة فى حالة أخرى من الاستنباط ، وهى حالة عدم حصول الفقيه على دليل يدل على الحكم الشرعى وبقاء الحكم مجهولا لديه ، فيتجه البحث فى هذه الحالة إلى محاولة تحديد الموقف العملى تجاه ذلك الحكم المجهول بدلا عن اكتشاف نفس الحكم.

ومثال ذلك : حالة الفقيه تجاه التدخين ، فان التدخين نحتمل حرمته شرعا منذ البدء ، ونتجه أولا إلى محاولة الحصول على دليل يعين حكمه الشرعى ، فحيث لا نجد نتساءل ما هو الموقف العملى الذى يتحتم علينا أن نسلكه تجاه ذلك الحكم المجهول ، وهل يتحتم علينا أن نحتاط أو لا؟

وهذا هو السؤال الاساسى الذى يعالجه الفقيه فى هذه الحالة ،

١٢٩

ويجيب عليه فى ضوء الاصول العملية بوصفها عناصر مشتركة فى عملية الاستنباط ، وهذه الاصول هى موضع درسنا الان.

١ ـ القاعدة العملية الامامية

ولكى نعرف القاعدة العملية الاساسية التى نجيب فى ضوئها على سؤال « هل يجب الاحتياط تجاه الحكم المجهول؟ » لا بد لنا أن نرجع إلى المصدر الذى يفرض علينا إطاعة الشارع ، ونلاحظ أن هذا المصدر هل يفرض علينا الاحتياط فى حالة الشك وعدم وجود دليل على الحرمة أو لا؟.

ولكى نرجع إلى المصدر الذى يفرض علينا إطاعة المولى سبحانه لا بد لنا أن نحدده ، فما هو المصدر الذى يفرض علينا إطاعة الشارع ، ويجب أن نستفتيه فى موقفنا هذا؟.

والجواب أن هذا المصدر هو العقل ، لان الانسان يدرك بعقله أن لله سبحانه حق الطاعة على عبيده ، وعلى أساس حق الطاعة هذا يحكم العقل على الانسان بوجوب إطاعة الشارع لكى يؤدى إليه حقه ، فنحن إذن نطيع الله تعالى ونمتثل أحكام الشريعة ، لان العقل يفرض علينا ذلك لا لان الشارع أمرنا باطاعته ، وإلا لاعدنا السؤال مرة أخرى ولماذا نمتثل أمر الشارع لنا باطاعة أو امره؟ وما هو المصدر الذى يفرض علينا امتثاله؟ وهكذا حتى نصل إلى حكم العقل بوجوب الاطاعة القائم على أساس ما يدركه من حق الطاعة لله سبحانه على الانسان.

وإذا كان العقل هو الذى يفرض إطاعة الشارع على أساس إدراكه

١٣٠

لحق الطاعة ، فيجب الرجوع إلى العقل فى تحديد الجواب على السؤال المطروح. ويتحتم علينا عندئذ أن ندرس حق الطاعة الذى يدركه العقل وحدوده ، فهل هو حق لله سبحانه فى نطاق التكاليف المعلومة فقط بمعنى أن الله سبحانه ليس له حقالطاعة على الانسان إلا فى التكاليف التى يعلم بها ، وأما التكاليف التى يشك فيها ولا علم له بها ، فلا يمتد إليها حق الطاعة أو ان حق الطاعة كما يدركه العقل فى نطاق التكاليف المعلومة يدركه أيضا فى نطاق التكاليف المحتملة بمعنى أن من حق الله على الانسان أن يطيعه فى التكاليف المعلومة والمحتملة ، فاذا علم بتكليف كان من حق الله عليه أن يمتثله وإذا احتمل تكليفا كان من حق الله أن يحتاط ، فيترك ما يحتمل حرمته أو يفعل ما يحتمل وجوبه؟

والصحيح فى رأينا هو أن الاصل فى كل تكليف محتمل هو الاحتياط نتيجة لشمول حق الطاعة للتكاليف المحتملة ، فان العقل يدرك أن للمولى على الانسان حق الطاعة لا فى التكاليف المعلومة فحسب ، بل فى التكاليف المحتملة أيضا ، ما لم يثبت بدليل أن المولى لا يهتم بالتكليف المحتمل إلى الدرجة التى تدعو إلى إلزام المكلف بالاحتياط.

وهذا يعنى أن الاصل بصورة مبدئية كلما احتملنا حرمة أو وجوبا هو أن نحتاط ، فنترك ما نحتمل حرمته ونفعل ما نحتمل وجوبه ، ولا نخرج عن هذا الاصل إلا إذا ثبت بالدليل أن الشارع لا يهتم بالتكليف المحتمل إلى الدرجة التى تفرض الاحتياط ، ويرضى بترك الاحتياط ، فان المكلف يصبح حينئذ غير مسؤول عن التكليف المحتمل.

فالاحتياط إذن واجب عقلا فى موارد الشك ، ويسمى هذا

١٣١

الوجوب أصالة الاحتياط أو أصالة الاشتغال أى اشتغال ذمة الانسان بالتكليف المحتمل ونخرج عن هذا الاصل حين نعرف أن الشارع يرضى بترك الاحتياط.

وهكذا تكون أصالة الاحتياط هى القاعدة العملية الاساسية.

ويخالف فى ذلك كثير من الاصوليين إيمانا منهم بأن الاصل فى المكلف ان لا يكون مسؤولا عن التكاليف المشكوكة ، ولو احتمل اهميتها بدرجة كبيرة ، ويرى هؤلاء الاعلام أن العقل هو الذى يحكم بنفى المسؤولية ، لانه يدرك قبح العقاب من المولى على مخالفة المكلف للتكليف الذى لم يصل إليه ، ولاجل هذا يطلقون على الاصل من وجهة نظرهم اسم « قاعدة قبح العقاب بلا بيان » أو « البراءة العقلية » أى إن العقل يحكم بأن عقاب المولى للمكلف على مخالفة التكليف المشكوك قبيح ، وما دام المكلف مأمونا من العقاب فهو غير مسؤول ولا يجب عليه الاحتياط. ويستشهد لذلك بما استقرت عليه سيرة العقلاء من عدم إدانة الموالى للمكلفين فى حالات الشك وعدم قيام الدليل ، فان هذا يدل على قبح العقاب بلا بيان فى نظر العقلاء.

ولكى ندرك ان العقل هل يحكم بقبح معاقبة الله تعالى للمكلف على مخالفة التكليف المشكوك أولا؟ يجب ان نعرف حدود حق الطاعة الثابت لله تعالى ، فاذا كان هذا الحق يشمل التكاليف المشكوكة التى يحتمل المكلف أهميتها بدرجة كبيرة كما عرفنا فلا يكون عقاب الله للمكلف إذا خالفها قبيحا ، لانه بمخالفتها يفرط فى حق مولاه فيستحق العقاب ، وأما ما استشهد به من سيرة العقلاء فلا دلالة له فى المقام لانه انما يثبت ان حق الطاعة فى الموالى العرفيين يختص بالتكاليف المعلومة ،

١٣٢

وهذا لا يستلزم ان يكون حق الطاعة لله تعالى كذلك أيضا ، إذ أى محذور فى التفكيك بين الحقين والالتزام بأن أحدهما أوسع من الاخر.

فالقاعدة الاولية إذن هى أصالة الاحتياط.

٢ ـ القاعدة العملية الثانوية

وقد انقلبت بحكم الشارع تلك القاعدة العملية الاساسية إلى قاعدة عملية ثانوية ، وهى أصالة البراءة القائلة بعدم وجوب الاحتياط.

والسبب فى هذا الانقلاب أنا علمنا عن طريق البيان الشرعى ، أن الشارع لا يهتم بالتكاليف المحتملة إلى الدرجة التى تحتم الاحتياط على المكلف ، بل يرضى بترك الاحتياط.

والدليل على ذلك نصوص شرعية متعددة ، من اشهرها النص النبوى القائل : « رفع عن أمتى ما لا يعلمون » ، بل استدل ببعض الايات على ذلك كقوله تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) (١). فان الرسول يفهم كمثال على البيان والدليل فتدل الاية على انه لا عقاب بدون دليل ، وهكذا أصبحت القاعدة العملية هى عدم وجوب الاحتياط بدلا عن وجوبه ، وأصالة البراءة شرعا بدلا عن أصالة الاشتغال عقلا.

وتشمل هذه القاعدة العملية الثانوية موارد الشك فى الوجوب ، وموارد الشك فى الحرمة على السواء ، لان النص النبوى مطلق ، ويسمى

__________________

(١) الاسراء ١٥.

١٣٣

الشك فى الوجوب بـ « الشبهة الوجوبية » والشك فى الحرمة بـ « الشبهة التحريمية » كما تشمل القاعدة أيضا الشك مهما كان سببه. ولاجل هذا نتمسك بالبراءة إذا شككنا فى التكليف ، سواء نشأ شكنا فى ذلك من عدم وضوح أصل جعل الشارع للتكليف أو من عدم العلم بتحقق موضوعه ، ومثال الاول شكنا فى وجوب صلاة العيد أو فى حرمة التدخين ، ويسمى بالشبهة الحكمية.

ومثال الثانى : شكنا فى وجوب الحج لعدم العلم بتوفر الاستطاعة ، مع علمنا بأن الشارع جعل وجوب الحج على المستطيع. وإن شئت قلت إن المكلف فى الشبهة الحكمية يشك فى الجعل وفى الشبهة الموضوعية يشك فى المجعول وكل منهما مجرى للبراءة شرعا.

٣ ـ قاعدة منجزية العلم الاجمالى

تمهيد :

قد تعلم أن أخاك الاكبر قد سافر إلى مكة ، وقد تشك فى سفره ، لكنك تعلم على أى حال أن أحد أخويك « الاكبر أو الاصغر » قد سافر فعلا إلى مكة ، وقد تشك فى سفرهما معا ولا تدرى ، هل سافر واحد منهما إلى مكة أولا؟.

فهذه حالات ثلاث ، ويطلق على الحالة الاولى اسم « العلم التفصيلى » لانك فى الحالة الاولى تعلم أن أخاك الاكبر قد سافر إلى مكة ، وليس لديك فى هذه الحقيقة أى تردد أو غموض ، فلهذا كان العلم تفصيليا. ويطلق على الحالة الثانية اسم « العلم الاجمالى » ، لانك

١٣٤

فى هذه الحالة تجد فى نفسك عنصرين مزدوجين : أحدهما عنصر الوضوح ، والاخر عنصر الخفاء ، فعنصر الوضوح يتمثل فى علمك بأن أحد أخويك قد سافر فعلا ، فأنت لا تشك فى هذه الحقيقة ، وعنصر الخفاء والغموض يتمثل فى شكك وترددك فى تعيين هذا الاخ ، ولهذا تسمى هذه الحالة بـ « العلم الاجمالى » فهى علم لانك لا تشك فى سفر أحد أخويك ، وهى إجمال وشك لانك لا تدرى أى أخويك قد سافر.

ويسمى كل من سفر الاخ الاكبر وسفر الاصغر طرفا للعلم الاجمالى ، لانك تعلم أن أحدهما لاعلى سبيل التعيين قد سافر بالفعل.

وأفضل صيغة لغوية تمثل هيكل العلم الاجمالى ومحتواه النفسى بكلا عنصريه هى « إما وإما » إذ تقول فى المثال المتقدم : « سافرإما أخى الاكبر وإما أخى الاصغر » فان جانب الاثبات فى هذه الصيغة يمثل عنصر الوضوح والعلم ، وجانب التردد الذى تصوره كلمة « إما » يمثل عنصر الخفاء والشك وكلما أمكن استخدام صيغة من هذا القبيل دل ذلك على وجود علم إجمالى فى نفوسنا.

ويطلق على الحالة الثالثة اسم « الشك الابتدائى » أو « البدوى » أو « الساذج » وهو شك محض غير ممتزج بأى لون من العلم ، ويسمى بالشك الابتدائى أو البدوى تمييزا له عن الشك فى طرف العلم الاجمالى ، لان الشك فى طرف العلم الاجمالى يوجد نتيجة للعلم نفسه ، فأنت تشك فى أن المسافر هل هو أخوك الاكبر أو الاصغر نتيجة لعلمك بأن أحدهما لا على التعيين قد سافر حتما ، وأما الشك فى الحالة الثالثة فيوجد بصورة ابتدائية دون علم مسبق.

وهذه الحالات الثلاث توجد فى نفوسنا تجاه الحكم الشرعى ،

١٣٥

فوجوب صلاة الصبح معلوم تفصيلا ، ووجوب صلاة الظهر فى يوم الجمعة مشكوك شكا ناتجا عن العلم الاجمالى بوجوب الظهر أو الجمعة فى ذلك اليوم ، ووجوب صلاة العيد مشكوك ابتدائى غير مقترن بالعلم الاجمالى. وهذه الامثلة كلها من الشبهة الحكمية ، ونفس الامثلة يمكن تحصيلها من الشبهة الموضوعية فتكون تارة عالما تفصيلا بوقوع قطرة دم فى هذا الاناء ، وأخرى عالما إجمالا بوقوعها فى أحدإناءين وثالثة شاكا فى أصل وقوعها شكا بدويا.

ونحن فى حديثنا عن القاعدة العملية الثانوية التى قلبت القاعدة العملية الاساسية كنا نتحدث عن الحالة الثالثة ، أى حالة الشك البدوى الذى لم يقترن بالعلم الاجمالى.

والان ندرس حالة الشك الناتج عن العلم الاجمالى ، أى الشك فى الحالة الثانية من الحالات الثلاث السابقة ، وهذا يعنى أننا درسنا الشك بصورته الساذجة وندرسه الان بعد أن نضيف إليه عنصرا جديدا وهو العلم الاجمالى ، فهل تجرى فيه القاعدة العملية الثانوية كما كانت تجرى فى موارد الشك البدوى أولا؟.

منجزية العلم الاجمالى :

وعلى ضوء ما سبق يمكننا تحليل العلم الاجمالى إلى علم بأحد الامرين وشك فى هذا وشك فى ذاك.

ففى يوم الجمعة نعلم بوجوب أحد الامرين « صلاة الظهر أو صلاة الجمعة » ونشك فى وجوب الظهر كما نشك فى وجوب الجمعة ، والعلم بوجوب أحد الامرين بوصفه علما تشمله قاعدة حجية القطع التى

١٣٦

درسناها فى بحث سابق ، فلا يسمح لنا العقل لاجل ذلك بترك الامرين معا الظهر والجمعة ، لاننا لو تركنا هما معا لخالفنا علمنا بوجوب أحد الامرين ، والعلم حجة عقلا فى جميع الاحوال سواء كان إجماليا أو تفصيليا.

ويؤمن الرأى الاصولى السائد فى مورد العلم الاجمالى لا بثبوت الحجية للعلم بأحد الامرين فحسب بل بعدم إمكان انتزاع هذه الحجية منه أيضا واستحالة ترخيص الشارع فى مخالفته بترك الامرين معا ، كما لا يمكن للشارع أن ينتزع الحجية من العلم التفصيلى ويرخص فى مخالفته وفقا لما تقدم فى بحث القطع من استحالة صدور الردع من الشارع عن القطع.

وأما كل واحد من طرفى العلم الاجمالى أى وجوب الظهر بمفرده ووجوب الجمعة بمفرده فهو تكليف مشكوك وليس معلوما.

وقد يبدو لاول وهلة أن بالامكان أن تشمله القاعدة العملية الثانوية أى أصالة البراءة النافية للاحتياط فى التكاليف المشكوكة ، لان كلا من الطرفين تكليف مشكوك.

ولكن الرأى السائد فى علم الاصول يقول بعدم إمكان شمول القاعدة العملية الثانوية لطرف العلم الاجمالى ، بدليل أن شمولها لكلا الطرفين معا يؤدى إلى براءة الذمة من الظهر والجمعة وجواز تركهما معا ، وهذا يتعارض مع حجية القطع بوجوب أحد الامرين ، لان حجية هذا القطع تفرض علينا أن نأتى بأحد الامرين على أقل تقدير. فلو حكم الشارع بالبراءة فى كل من الطرفين لكان معنى ذلك الترخيص منه فى مخالفة العلم ، وهو مستحيل كما تقدم.

١٣٧

وشمول القاعدة لاحد الطرفين دون الاخر وإن لم يؤد إلى الترخيص فى ترك الامرين معا لكنه غير ممكن أيضا ، لاننا نتساءل حينئذ أى الطرفين نفترض شمول القاعدة له ونرجحه على الاخر ، وسوف نجد أنا لا نملك مبررا لترجيح أى من الطرفين على الاخر ، لان صلة القاعدة بهما واحدة.

وهكذا ينتج عن هذا الاستدلال القول بعدم شمول القاعدة العملية الثانوية « أصالة البراءة » لاى واحد من الطرفين ، ويعنى هذا أن كل طرف من أطراف العلم الاجمالى يظل مندرجا ضمن نطاق القاعدة العملية الاساسية القائلة بالاحتياط ما دامت القاعدة الثانوية عاجزة عن شموله.

وعلى هذا الاساس ندرك الفرق بين الشك البدوى والشك الناتج عن العلم الاجمالى ، فالاول يدخل فى نطاق القاعدة الثانوية وهى أصالة البراءة ، والثانى يدخل فى نطاق القاعدة الاولية وهى أصالة الاحتياط.

وفى ضوء ذلك نعرف أن الواجب علينا عقلا فى موارد العلم الاجمالى هو الاتيان بكلا الطرفين أى الظهر والجمعة فى المثال السابق لان كلا منهما داخل فى نطاق أصالة الاحتياط.

ويطلق فى علم الاصول على الاتيان بالطرفين معا اسم « الموافقة القطعية » لان المكلف عند إتيانه بهما معا يقطع بأنه وافق تكليف المولى ، كما يطلق على ترك الطرفين معا اسم « المخالفة القطعية ».

وأما الاتيان بأحدهما وترك الاخر فيطلق عليهما اسم « الموافقة الاحتمالية » و « المخالفة الاحتمالية » لان المكلف فى هذه الحالة يحتمل أنه وافق تكليف المولى ويحتمل أنه خالفه.

١٣٨

انحلال العلم الاجمالى :

إذا وجدت كأسين من ماء قد يكون كلاهما نجسا وقد يكون أحدهما نجسا فقط ، ولكنك تعلم على أى حال بأنهما ليسا طاهرين معا ، فينشأ فى نفسك علم إجمالى بنجاسة أحد الكأسين لاعلى سبيل التعيين ، فاذا اتفق لك بعد ذلك أن اكتشفت نجاسة فى أحد الكأسين وعلمت أن هذا الكأس المعين نجس ، فسوف يزول علمك الاجمالى بسبب هذا العلم التفصيلى ، لانك الان بعد اكتشافك نجاسة ذلك الكأس المعين لا تعلم إجمالا بنجاسة أحد الكأسين لاعلى سبيل التعيين ، بل تعلم بنجاسة ذلك الكأس المعين علما تفصيليا وتشك فى نجاسة الاخر. لاجل هذا لا تستطيع أن تستعمل الصيغة اللغوية التى تعبر عن العلم الاجمالى « إما وإما » ، فلا يمكنك أن تقول : « إما هذا نجس أو ذاك » بل هذا نجس جزما وذاك لا تدرى بنجاسته.

ويعبر عن ذلك فى العرف الاصولى بـ « انحلال العلم الاجمالى إلى العلم التفصيلى بأحد الطرفين والشك البدوى فى الاخر » لان نجاسة ذلك الكأس المعين أصبحت معلومة بالتفصيل ونجاسة الاخر أصبحت مشكوكة شكا ابتدائيا بعد أن زال العلم الاجمالى ، فيأخذ العلم التفصيلى مفعوله من الحجية وتجرى بالنسبة إلى الشك الابتدائى أصالة البراءة ، أى القاعدة العملية الثانوية التى تجرى فى جميع موارد الشك الابتدائى.

موارد التردد :

عرفنا أن الشك إذا كان بدويا حكمت فيه القاعدة العملية الثانوية

١٣٩

القائلة بأصالة البراءة ، وإذا كان مقترنا بالعلم الاجمالى حكمت فيه القاعدة العملية الاولية.

وقد يخفى أحيانا نوع الشك فلا يعلم أهو من الشك الابتدائى أو من الشك المقترن بالعلم الاجمالى أو الناتج عنه بتعبير آخر؟ ومن هذا القبيل مسألة دوران الامر بين الاقل والاكثر كما يسميها الاصوليون ، وهى أن يتعلق وجوب شرعى بعملية مركبة من أجزاء كالصلاة ونعلم باشتمال العملية على تسعة أجزاء معينة ونشك فى اشتمالها على جزء عاشر ولا يوجد دليل يثبت أو ينفى ، ففى هذه الحالة يحاول الفقيه أن يحدد الموقف العملى فيتساءل هل يجب الاحتياط على المكلف فيأتى بالتسعة ويضيف إليها هذا العاشر الذى يحتمل دخوله فى نطاق الواجب لكى يكون مؤديا للواجب على كل تقدير أو يكفيه الاتيان بالتسعة التى يعلم بوجوبها ولا يطالب بالعاشر المجهول وجوبه؟

وللاصوليين جوابان مختلفان على هذا السؤال يمثل كل منهما اتجاها فى تفسير الموقف ، فأحد الاتجاهين يقول بوجوب الاحتياط تطبيقا للقاعدة العملية الاولية ، لان الشك فى العاشر مقترن بالعلم الاجمالى ، وهذا العلم الاجمالى هو علم المكلف بأن الشارع أوجب مركبا ما ، ولا يدرى أهو المركب من تسعة أو المركب من عشرة أى من تلك التسعة باضافة واحد ـ؟

والاتجاه الاخر يطبق على الشك فى وجوب العاشر القاعدة العلمية الثانوية بوصفه شكا ابتدائيا غير مقترن بالعلم الاجمالى ، لان ذلك العلم الاجمالى الذى يزعمه أصحاب الاتجاه الاول منحل بعلم تفصيلى ، وهو علم المكلف بوجوب التسعة على أى حال لانها واجبة سواء كان معها

١٤٠