مستند الشّيعة - ج ١٦

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٦

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-125-7
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٣٥٧

ـ كما في كثير من العبارات (١) ـ فلا تساعده الأخبار.

ولا تجب الإجابة إلى الدعوة إلى وليمة العرس عند علمائنا أجمع ـ كما في شرح القواعد (٢) ـ بل تستحبّ.

ومنها : أن يجتنب المجامعة مطلقا بعد الظهر.

لمرسلة الفقيه : « يا علي ، لا تجامع زوجتك بعد الظهر ، فإنّه إن قضي بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول ، والشيطان يفرح بالحول » (٣).

وفي النافع والقواعد واللمعة (٤) وغيرها (٥) : عند الزوال.

واستند بعضهم له بذلك الحديث ، وهو أعمّ ، بل غير دالّ ، لأنّ بعد الظهر عرفا مغاير لعند الزوال ، ولم أعثر على مستند آخر إلاّ أن يثبت الحكم بفتاواهم تسامحا في أدلّة السنن.

وحينئذ ، فيستثنى منه عند زوال يوم الخميس ، كما ذكره جماعة (٦).

لتلك المرسلة أيضا ، فقال : « وإن جامعتها يوم الخميس عند زوال الشمس عند كبد السماء فقضي بينكما ولد ، فإنّ الشيطان لا يقربه حتى يشيب ، ويكون قيّما ، ويرزقه الله عزّ وجلّ السلامة في الدين والدنيا ».

وعند الغروب حتى يغيب الشفق ، وبعد الفجر حتى تطلع الشمس ،

__________________

(١) كما في الشرائع ٢ : ٢٦٧ والقواعد ٢ : ٢ والكفاية : ١٥٣.

(٢) جامع المقاصد ١٢ : ١٩.

(٣) الفقيه ٣ : ٣٥٩ ـ ١٧١٢ ، الوسائل ٢٠ : ٢٥١ أبواب مقدمات النكاح ب ١٤٩ ح ١.

(٤) النافع : ١٧١ ، القواعد ٢ : ٢ ، اللمعة ( الروضة البهيّة ٥ ) : ٩٣.

(٥) كالشرائع ٢ : ٢٦٨.

(٦) منهم الشهيد الثاني في الروضة ٥ : ٩٣ ، الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٨ ، صاحب الرياض ٢ : ٧١.

٢١

وليلة الخسوف ، ويوم الكسوف ، وفي اليوم أو الليل اللذين تكون فيهما الريح السوداء أو الحمراء أو الصفراء أو الزلزلة.

كلّ ذلك لصحيحة سالم (١).

ومقتضى التخصيص والأصل اختصاص الكراهة في الخسوف بالليل وفي الكسوف بالنهار ، فلا يكره في يوم الخسوف وليلة الكسوف ، كما إذا انكسفت الشمس ابتداء الغروب وغربت منكسفة.

ولا تختص الكراهة بما إذا وقعا ، فلو علم أحد بوقوع أحدهما في ليلة أو يوم بحساب النجوم يكره قبل الوقوع أيضا.

وفي أول ليلة من كلّ شهر ـ إلاّ شهر رمضان ـ ووسطه وآخره.

لدلالة الروايات على كلّ ذلك (٢).

وعاريا.

لمرسلة الفقيه : أجامع وأنا عريان؟ فقال : « لا ، ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها » (٣).

ومقتضى الأصل : اختصاص الكراهة بكون الزوج عريانا ، فلا كراهة في الزوجة.

وتؤيّده رواية إسحاق بن عمّار : في الرجل ينظر إلى امرأته وهي عريانة ، قال : « لا بأس بذلك ، وهل اللّذة إلاّ ذاك » (٤).

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٩٨ ـ ١ ، المحاسن : ٣١١ ـ ٢٦ ، طب الأئمة : ١٣١ ، الوسائل ٢٠ : ١٢٥ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٢ ح ١.

(٢) الوسائل ٢٠ : ١٢٨ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٤.

(٣) التهذيب ٧ : ٤١٢ ـ ١٦٤٦ ، الوسائل ٢٠ : ١١٩ أبواب مقدمات النكاح ب ٥٨ ح ٢.

(٤) الكافي ٥ : ٤٩٧ ـ ٦ ، التهذيب ٧ : ٤١٣ ـ ١٦٥٢ ، الوسائل ٢٠ : ١٢٠ أبواب مقدمات النكاح ب ٥٩ ح ١.

٢٢

وعقيب الاحتلام قبل الغسل.

لمرسلة الفقيه : « يكره أن يغشى الرجل المرأة وقد احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي رأى » (١).

ومقتضاها : اختصاص ارتفاع الكراهة بالغسل خاصّة ، كما عن الحلّي وفي المفاتيح (٢).

فالاجتزاء بالوضوء أيضا مطلقا ـ كما في النافع والقواعد وشرحه واللمعة (٣) ، وعن النهاية والمهذّب والوسيلة (٤) ـ أو مع تعذّر الغسل ـ كما عن ابن سعيد (٥) ـ خلاف مفهومها ولا يتّضح دليله ، وفتوى الفقهاء إنّما تنفع في إثبات الاستحباب أو الكراهة دون رفعهما.

ولا تكره معاودة الجماع بغير غسل ، للأصل.

وأمّا ما في الرسالة الذهبيّة لمولانا الرضا عليه‌السلام : « الجماع بعد الجماع من غير فصل بينهما بغسل يورث الولد الجنون » (٦).

فليس صريحا فيه ، لاحتمال فتح الغين ، فغايته استحباب غسل الفرج ، كما نفى عنه الخلاف في المبسوط مع ضمّ وضوء الصلاة (٧).

وتدلّ على الوضوء رواية التميمي : في الجارية يأتيها ثمَّ يريد إتيان‌

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٢٥٦ ـ ١٢١٢ ، الوسائل ٢٠ : ١٣٩ أبواب مقدمات النكاح ب ٧٠ ح ١.

(٢) الحلي في السرائر ٢ : ٦٠٦ ، المفاتيح ٢ : ٢٨٦.

(٣) النافع : ١٧١ ، القواعد ٢ : ٢ ، جامع المقاصد ١٢ : ٢٤ ، اللمعة ( الروضة البهيّة ٥ ) : ٩٤.

(٤) النهاية : ٤٨٢ ، المهذّب ٢ : ٢٢٢ ، الوسيلة : ٣١٤.

(٥) الجامع للشرائع : ٤٥٣.

(٦) الرسالة الذهبية : ٢٨ ، البحار ٥٩ : ٣٢١.

(٧) المبسوط ٤ : ٢٤٣.

٢٣

أخرى توضّأ (١).

فيكره قبل غسل الفرج والوضوء ، لما ذكر.

والحكم بالكراهة قبل الغسل للإلحاق بالاحتلام واحتمال الضمّ لا وجه له وإن احتملت المقام المسامحة ، إذ لم يثبت هذا القدر من التسامح.

والمجامعة وفي البيت صبيّ مستيقظ يراهما ويسمع كلامهما ونفسهما.

لرواية الحسين بن زيد (٢).

بل يتعدّى إلى غير سامع الكلام والنفس إذا رأى أيضا.

للمرويّ في طبّ الأئمة : « إيّاك والجماع حيث يراك صبيّ يحسن أن يصف حالك » (٣).

وفي بعض الكتب عن الصادق عليه‌السلام : « نهى أن توطأ المرأة والصبيّ في المهد ينظر إليهما » (٤).

بل يمكن التعدّي إلى مطلق الصبيّ وإن لم يكن يرى ، كما هو مقتضى إطلاق كلام النهاية (٥) وغيره (٦).

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٤٥٩ ـ ١٨٣٧ ، الوسائل ٢١ : ٢٠٠ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٨٤ ح ٢.

(٢) الكافي ٥ : ٥٠٠ ـ ٢ ، الوسائل ٢٠ : ١٣٣ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٧ ح ٨.

(٣) طب الأئمّة « ع » : ١٣٣ ، الوسائل ٢٠ : ١٣٤ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٧ ح ٨.

(٤) دعائم الإسلام ٢ : ٢١٣ ـ ٧٨٤ ، ٧٨١ ، مستدرك الوسائل ١٤ : ٢٢٧ أبواب مقدمات النكاح ب ٥٠ ح ١ ، بتفاوت يسير.

(٥) النهاية : ٤٨٢.

(٦) المراسم : ١٥١.

٢٤

لرواية راشد : « لا يجامع الرجل امرأته ولا جاريته وفي البيت صبيّ » (١).

ومقتضى إطلاق بعض تلك الأخبار وتصريح بعضها : عدم اختصاص الحكم بالصبيّ المميّز ، بل يتعدّى إلى غيره ولو كان رضيعا أيضا ، كما عليه المحقّق (٢) وجماعة (٣) ، بل هو مقتضى إطلاق أكثر الأصحاب.

فالتقييد بالمميّز ـ كما عن بعضهم (٤) ـ لا وجه له ، والتوصيف بقوله : « يحسن أن يصف حالك » في الثانية لا يوجب تقييد المطلق وطرح الصريح ، لأنّه وصف لا يعتبر مفهومه ، وكذا التوصيف بسماع الكلام والنفس في الأولى ، إن جعلناه مشعرا بالتمييز كما في الروضة (٥).

ثمَّ تلك الروايات وإن اختصّت بالصبي ، إلاّ أنّه يتعدّى إلى غيره بالفحوى وعدم الفصل ، ولعلّ التخصيص لندرة المجامعة في حضور غير الصبي.

ومقتضى صريح الأخيرة وإطلاق الثانية بل الثالثة : عموم الكراهة لجماع الحرّة والأمة ، كما صرّح به بعضهم (٦) ، ويقتضيه إطلاق كلام‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٩٩ ـ ١ ، المحاسن : ٣١٧ ـ ٤٢ ، الوسائل ٢٠ : ١٣٢ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٧ ح ١.

(٢) المختصر النافع : ١٧١.

(٣) كالعلاّمة في التحرير ٢ : ٤ ، الشهيد في اللمعة ( الروضة البهية ٥ ) : ٩٤ ، الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٨.

(٤) كالشهيد الثاني في المسالك ١ : ٤٣٥.

(٥) الروضة ٥ : ٩٥.

(٦) انظر التنقيح الرائع ٣ : ٢٠.

٢٥

جماعة ، منهم : النافع والقواعد واللمعة (١).

وعن المشهور : الاختصاص بالحرّة (٢).

لصحيحة ابن أبي يعفور : عن الرجل ينكح الجارية من جواريه ومعه في البيت من يرى ذلك ويسمعه ، قال : « لا بأس » (٣).

وفيه : أنّ نفي البأس لا ينفي الكراهة.

ثمَّ إنّ منهم من قيّد الكراهة بما إذا لم ير العورة ، قال : وإلاّ فيحرم (٤).

وفيه نظر ، لأنّ حرمة النظر إلى العورة أو كشفها لا يحرم الجماع.

والنظر إلى فرج المرأة عند المجامعة.

لموثّقة سماعة (٥).

ومرسلة الفقيه في وصايا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا ينظرنّ أحد إلى فرج امرأته وليغضّ بصره عند الجماع ، لأنّ النظر إلى الفرج يورث العمى في الولد » (٦).

بل مطلقا كما قال جماعة (٧) ـ وإن جعلوا المقيّد أشد كراهة ـ لظهور المرسلة في الإطلاق.

ولا يقيّده قوله : « عند الجماع » ، لأنّ الأصل رجوع القيد إلى الأخير.

__________________

(١) النافع ١ : ١٧١ ، القواعد ٢ : ٢ ، اللمعة ( الروضة البهيّة ٥ ) : ٩٤.

(٢) كما في المقنعة : ٥١٥ ، المراسم : ١٥١ ، المفاتيح ٢ : ٢٨٧ ، الحدائق ٢٣ : ١٣٧.

(٣) التهذيب ٨ : ٢٠٨ ـ ٧٣٥ ، الوسائل ٢١ : ١٩٤ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٧٥ ح ١.

(٤) الرياض ٢ : ٧٢.

(٥) التهذيب ٧ : ٤١٤ ـ ١٦٥٦ ، الوسائل ٢٠ : ١٢١ أبواب مقدمات النكاح ب ٥٩ ح ٣.

(٦) الفقيه ٣ : ٣٥٩ ـ ١٧١٢ ، الوسائل ٢٠ : ١٢١ أبواب مقدمات النكاح ب ٥٩ ح ٥.

(٧) كالشهيد الثاني في الروضة : ٩٥ وصاحب الرياض ٢ : ٧٢.

٢٦

ولا التعليل ، لاحتمال كونه لغضّ البصر ، حيث إنّ فتحه معرض النظر ، أو المراد بالغضّ : غضّه عن النظر إلى الفرج ، وحينئذ يتّضح وجه الأشدّية ، لأنّها مقتضى ذكر الخاصّ بعد العامّ.

ولا يحرم ذلك على الأشهر ، بل بالإجماع كما عن الخلاف (١) ، خلافا لابن حمزة (٢) ، وهي ـ مع عدم صراحتها ـ معارضة بنفي البأس عنه في الموثّقة وفي رواية أبي حمزة (٣).

والجماع مستقبل القبلة ومستدبرها.

لما مرّ.

وللمرسلة : « نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الجماع مستقبل القبلة ومستدبرها » (٤).

والإجماع على عدم الحرمة أوجب صرف النهي إلى الكراهة.

والتكلّم عند الجماع.

لقوله : « اتّقوا الكلام عند ملتقى الختانين » (٥).

وتشتد الكراهة مع تكثيره الكلام.

للمرسلة الواردة في الوصيّة لعليّ عليه‌السلام : « لا تتكلّم عند الجماع‌

__________________

(١) الخلاف ٤ : ٢٤٩.

(٢) الوسيلة : ٣١٤.

(٣) الكافي ٥ : ٤٩٧ ـ ٥ ، التهذيب ٧ : ٤١٣ ـ ١٦٥١ ، الوسائل ٢٠ : ١٢٠ أبواب مقدمات النكاح ب ٥٩ ح ٢ ، في النسخ : ابن حمزة ، وما أثبتناه من المصادر.

(٤) الفقيه ١ : ١٨٠ ـ ٨٥١ ، الوسائل ٤ : ٣١٩ أبواب القبلة ب ١٢ ح ٣.

(٥) الكافي ٥ : ٤٩٨ ـ ٧ ، التهذيب ٧ : ٤١٣ ـ ١٦٥٣ ، الوسائل ٢٠ : ١٢٣ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٠ ح ١.

٢٧

كثيرا » (١).

وجعلها دليلا على أشدّية الكراهة في الرجل مطلقا أو مع الكثرة غير جيّد ، لعدم دلالتها عليها.

واستثنى جماعة (٢) من الكلام : ذكر الله سبحانه ، والروايتان مطلقتان.

ولعلّه لقوله عليه‌السلام : « ذكر الله حسن على كلّ حال » (٣).

أو لما ورد من استحباب التسمية عند الجماع.

وللمرتضويّ : « إذا جامع أحدكم فليقل : اللهم جنّبني الشيطان » إلى آخر الدعاء (٤).

ولكن الأول عامّ ينبغي تخصيصه بما مرّ ، والثاني ظاهر في إرادة الجماع كما يستفاد من روايات أخر (٥).

إلاّ أن يقال : إنّ الأول أعمّ من وجه ممّا مرّ ، فيرجع في محلّ التعارض إلى أصالة عدم الكراهة.

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٣٥٩ ـ ١٧١٢ ، الوسائل ٢٠ : ١٢٣ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٠ ح ٣.

(٢) منهم ابن حمزة في الوسيلة : ٣١٤ ، الحلي في السرائر ٢ : ٦٠٦ ، المحقق في النافع : ١٧١ ، الشهيد في اللمعة ( الروضة البهيّة ٥ ) : ٩٦.

(٣) الكافي ٢ : ٤٩٧ ـ ٦ ، الوسائل ١ : ٣١٠ أبواب أحكام الخلوة ب ٧ ح ٢.

(٤) الكافي ٥ : ٥٠٣ ـ ٣ ، الوسائل ٢٠ : ١٣٦ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٨ ح ٣.

(٥) الوسائل ٢٠ : ١٣٥ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٨.

٢٨

الفصل الثاني

في بعض الأحكام واللواحق لهذا الباب‌

وفيه مسائل‌ :

المسألة الأولى : الأصل وإن كان جواز نظر كلّ أحد إلى كلّ شي‌ء‌ ، إلاّ أنّه خرج منه نظر الرجل إلى عورة غير الأهل ، رجلا كان أو امرأة ، حرّة أو أمة ، محرما أو غير محرم.

بالإجماع ، بل الضرورة الدينيّة ، والكتاب.

قال الله سبحانه ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) (١).

قال الصادق عليه‌السلام كما في مرسلة الفقيه : « كلّ ما كان في كتاب الله من ذكر حفظ الفرج فهو من الزنى ، إلاّ في هذا الموضع ، فإنّه الحفظ من أن ينظر إليه » (٢).

وهو عامّ شامل لجميع الفروج والناظرين.

وفي مرسلة أخرى له طويلة مشتملة على جملة من مناهي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ونهى أن ينظر الرجل إلى عورة أخيه المسلم ، ونهى أن تنظر المرأة إلى عورة المرأة » إلى أن قال : « ومن نظر إلى عورة أخيه المسلم‌

__________________

(١) النور : ٣٠.

(٢) الفقيه ١ : ٦٣ ـ ٢٣٥ ، الوسائل ١ : ٣٠٠ أبواب أحكام الخلوة ب ١ ح ٣.

٢٩

أو عورة غير أهله متعمّدا أدخله الله النار مع المنافقين » الحديث (١).

وفي رواية جابر : « لعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلا ينظر إلى فرج امرأة لا تحلّ له » (٢).

وفي مرسلة محمّد بن جعفر : « ليس للوالد أن ينظر إلى عورة الولد ، وليس للولد أن ينظر إلى عورة الوالد » (٣).

وفي المرويّ في عقاب الأعمال : « من اطلع في بيت جاره فنظر إلى عورة رجل أو شعر امرأة أو شي‌ء من جسدها كان حقّا على الله أن يدخله النار مع المنافقين » (٤).

ويستفاد من الأخيرة : حرمة النظر إلى شعور النساء وجزء من أجسادهنّ مطلقا أيضا.

ويدلّ على ذلك أيضا ـ مضافا إلى الإجماع ـ المرويّ في العلل : « حرّم النظر إلى شعور النساء المحجوبات بالأزواج وإلى غيرهن ، لما فيه من تهيّج الرجل و [ ما ] يدعو إليه التهييج من الفساد والدخول فيما لا يحلّ ، وكذلك ما أشبه الشعور » الحديث (٥).

أي أشبهها في تهييج الشهوة ، ولا شكّ أنّ العورة بل جميع أجسادهنّ‌

__________________

(١) الفقيه ٤ : ٥ ـ ١ ، الوسائل ١ : ٢٩٩ أبواب أحكام الخلوة ب ١ ح ٢.

(٢) الكافي ٥ : ٥٥٩ ـ ١٤ ، الوسائل ٢٠ : ١٩١ أبواب مقدمات النكاح ب ١٠٤ ح ٣.

(٣) الكافي ٦ : ٥٠٣ ـ ٣٦ ، الوسائل ٢ : ٥٦ أبواب آداب الحمام ب ٢١ ح ١.

(٤) عقاب الأعمال : ٢٨٢ ، الوسائل ٢٠ : ١٩٤ أبواب مقدمات النكاح ب ١٠٤ ح ١٦.

(٥) العلل : ٥٦٤ ـ ١ ، الوسائل ٢٠ : ١٩٣ أبواب مقدمات النكاح ب ١٠٤ ح ١٢ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصادر.

٣٠

كذلك.

وصحيحة الحسن بن السريّ : « لا بأس بأن ينظر الرجل إلى المرأة إذا أراد أن يتزوّجها ينظر إلى خلفها ووجهها » (١).

دلّت بمفهوم الشرط على حرمة النظر إليها إذا لم يرد تزوّجها ، والنظر يتحقّق برؤية جزء من جسدها ، فيكون حراما.

واحتمال أن يكون قوله : « ينظر إلى خلفها ووجهها » بيانا للنظر ، فيكون النظر المحرّم إلى الخلف والوجه لا يضرّ ، للتعدّي إلى الباقي بالإجماع المركّب.

ويدلّ على حرمة النظر إلى غير الوجه والكفين من النساء اللاتي لا يراد تزوّجها مفهوم الشرط في حسنة هشام وحمّاد وحفص : « لا بأس بأن ينظر إلى وجهها ومعاصمها إذا أراد أن يتزوّجها » (٢).

والمعصم : موضع السوار من اليد.

دلّت بالمفهوم على حرمة النظر بدون إرادة التزويج إلى الوجه والمعصم ، فيحرم غيرهما أيضا بالطريق الأولى والإجماع المركّب.

وإنّما قلنا : إنّها تحرم النظر إلى غير الوجه والكفين ، لأنّ المفهوم حرمة النظر إلى مجموع الوجه والمعصم ، وحرمة ذلك يستلزم حرمة غير الوجه والكفّين منفردة بما مرّ ، ولكن لا يستلزم حرمة النظر إلى الوجه أو الكفّين منفردا ، لانتفاء الإجماع المركّب.

ولا يتوهّم أنّ المعصم جزء من الكفّ ، لأنّه موضع السوار وهو غير‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٣٦٥ ـ ٣ ، الوسائل ٢٠ : ٨٨ أبواب مقدمات النكاح ب ٣٦ ح ٣.

(٢) الكافي ٥ : ٣٦٥ ـ ٢ ، الوسائل ٢٠ : ٨٨ أبواب مقدمات النكاح ب ٣٦ ح ٢.

٣١

الكفّ ، ولذا أفرد كلاّ منهما بالذكر عن الآخر في صحيحة عليّ بن جعفر المرويّة في قرب الإسناد : عن الرجل ما يصلح أن ينظر من المرأة التي لا تحلّ له؟ قال : « الوجه والكفّان وموضع السوار » (١).

ولذا قال بعضهم ـ بعد ذكر هذا الخبر دليلا على جواز النظر إلى وجوه الأجنبيات وأكفهنّ ـ : إنّه لا يقدح فيه زيادة موضع السوار مع عدم جواز النظر إليه ، لكونه من باب العام المخصّص (٢).

والاستدلال على حرمة النظر إلى جزء من جسدهنّ مطلقا بقوله سبحانه ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ ) وفي غير المحارم بقوله تعالى ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ ) الآية (٣).

ليس بجيّد ، لإجمال الأول من جهة موضع النظر ، فلعلّه العورة ، وحمله على العموم لا وجه له.

والقول ـ بأنّ الأمر بغضّ البصر مطلق لا يحتاج إلى تقدير ، خرج منه ما خرج ـ باطل ، لإيجابه خروج الأكثر.

ولاحتمال إرادة نفس الزينة من الثاني ، فيكون المراد النهي عن إبداء مواضع الزينة حال كونها مزيّنة ، حيث إنّه مهيّج للشهوة.

هذا حكم الرجل الناظر.

ومنه يظهر حكم المرأة الناظرة ، إذ لا فارق بينهما عند الأصحاب ظاهرا ، فيحرم نظرها إلى العورة مطلقا ، وإلى كل ما يحرم من المرأة نظر‌

__________________

(١) قرب الإسناد : ٢٢٧ ـ ٨٩٠.

(٢) انظر الرياض ٢ : ٧٤.

(٣) النور : ٣١.

٣٢

الرجل إليه.

للإجماع المركّب على الظاهر ، مضافا في العورة إلى الآية ، وحديث المناهي (١).

وفي سائر الأجزاء إلى رواية البرقي : استأذن ابن أم مكتوم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعنده عائشة وحفصة ، فقال لهما : « قوما فادخلا البيت » فقالتا : إنّه أعمى ، فقال : « إن لم يركما فإنّكما تريانه » (٢).

والمرويّ في عقاب الأعمال : « اشتدّ غضب الله على امرأة ملأت عينها من غير زوجها أو غير ذي محرم معها » (٣).

وإن كان في دلالة الأولى على الوجوب نظر ، إذ القيام والدخول في البيت ليس واجبا قطعا ، وجعلها مجازا عن عدم الرؤية ليس بأولى من حملها على الاستحباب ترغيبا على غاية المباعدة.

بل في دلالة الثانية ، لأنّ ملأ العين تجوّز يحتمل معناه المجازي وجوها كثيرة.

نعم ، روي أنّ أمّ سلمة قالت : كنت أنا وميمونة عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأقبل ابن أمّ مكتوم فقال : « احتجبا عنه » فقلنا : إنّه أعمى ، فقال : « أفعمياوان أنتما؟! » (٤).

وهو يدلّ على الوجوب ، وضعفه بالعمل مجبور.

__________________

(١) المتقدم في ص : ٢٩.

(٢) الكافي ٥ : ٥٣٤ ـ ٢ ، الوسائل ٢٠ : ٢٣٢ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢٩ ح ١.

(٣) عقاب الأعمال : ٢٨٦ ، الوسائل ٢٠ : ٢٣٢ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢٩ ح ٢.

(٤) مكارم الأخلاق ١ : ٤٩٨ ، الوسائل ٢٠ : ٢٣٢ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢٩ ح ٤.

٣٣

وممّا ذكر ظهرت حرمة نظر كلّ من الرجل والمرأة إلى جزء من أجزاء جسد الآخر ، ولكن هذا إنّما هو من باب الأصل ، وقد استثنيت منه مواضع تأتي.

هذا حكم الرجال والنساء.

وأمّا الصبيان ، فالظاهر جواز النظر إلى غير عوراتهم مطلقا ، سواء كانوا مميّزين أو غير مميّزين.

للأصل الخالي عن الصارف ، لاختصاص الموانع بالرجل والنساء والمرأة ، التي هي حقائق في البالغ.

وتدلّ عليه أيضا صحيحة البجلي : عن الجارية التي لم تدرك متى ينبغي لها أن تغطّي رأسها ممّن ليس بينها وبينه محرم ـ إلى أن قال ـ : « لا تغطّي رأسها حتى تحرم عليها الصلاة » (١).

وأمّا بعض الأخبار المانعة عن تقبيل الصبيّة التي لها ستّ سنين أو وضعها على الحجر أو ضمّها ، فلا يدلّ على منع النظر (٢).

وأمّا العورات فلا يجوز النظر إليهم إن كانوا مميّزين ، أي الحدّ الذي يعتاد فيه التميّز لأكثر الصبيان.

لإطلاق بعض الموانع.

وأمّا إن لم يكونوا مميّزين فالظاهر الجواز.

لإطباق الناس في الأعصار والأمصار على عدم منع هؤلاء عن كشف‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٥٣٣ ـ ٢ ، العلل : ٥٦٥ ـ ٢ ، الوسائل ٢٠ : ٢٢٨ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢٦ ح ٢.

(٢) انظر الوسائل ٢٠ : ٢٢٨ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢٧.

٣٤

العورات ونظرهم إليها.

وأمّا نظرهم إلى الغير فلا شك في جوازه مطلقا مع عدم تمييزهم.

وأمّا مع التميّز فلا يجوز نظرهم إلى العورة ، للأمر باستئذان الذين لم يبلغوا الحلم في الآية عند العورات الثلاث التي كانوا يضعون فيها الساتر للعورة (١).

وتؤيّده الروايتان :

إحداهما : « والغلام لا يقبّل المرأة إذا جاز سبع سنين » (٢).

والأخرى : في الصبيّ يحجم المرأة ، قال : « إن كان يحسن أن يصف ، لا » (٣).

وهل المراد بعدم الجواز هنا : حرمته ووجوب الاستئذان على الصبيّ نفسه؟

أو الوجوب علي الوليّ أمره ونهيه؟

أو وجوب تستّر المنظور إليه عنه؟

الظاهر هو : الأول ، ولا بعد فيه ، لأخصّية دليله عن أدلّة رفع القلم عن الصبيّ.

وأمّا غير العورة ، فمقتضى الأصل الخالي عن المعارض جوازه ، وبعض العمومات ـ إن كان ـ مخصّص بغير الصبي ، لعمومات رفع القلم عنه.

__________________

(١) النور : ٥٨.

(٢) الفقيه ٣ : ٢٧٦ ـ ١٣١١ ، الوسائل ٢٠ : ٢٣٠ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢٧ ح ٤.

(٣) الكافي ٥ : ٥٣٤ ـ ١ ، الوسائل ٢٠ : ٢٣٣ أبواب مقدمات النكاح ب ١٣٠ ح ٢ ، بتفاوت يسير.

٣٥

وتدلّ عليه رواية البزنطي : « يؤخذ الغلام بالصلاة وهو ابن سبع سنين ، ولا تغطّي المرأة شعرها عنه حتى يحتلم » (١).

ولا تعارضها رواية الحجامة ، لعدم دلالتها على الحرمة.

ولا قوله سبحانه ( أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ ) (٢) ، حيث قيّد تعالى شأنه جواز الإبداء للطفل بقوله ( لَمْ يَظْهَرُوا ) أي لم يميّزوا.

لعدم صراحته في ذلك المعنى ، لجواز أن يراد : لم يقووا على عوراتهنّ كما قيل (٣) ، مع أنّه على فرض الصراحة تكون دلالته على المنع بمفهوم الوصف الذي ليس بحجّة على الأظهر ، إلاّ أنّه صرّح في شرح القواعد بنفي الخلاف بين العلماء في أنّه كالبالغ (٤) ، فالأحوط : المنع أيضا.

المسألة الثانية : يستثنى ممّا مرّ من حرمة النظر مواضع :

منها : نظر الرجل إلى امرأة يريد نكاحها‌ ، ولا خلاف في جواز النظر إلى وجهها ويديها إلى الزند ، واستفاضت عليه حكاية الإجماع (٥) ، بل تحقّق ، فهو الحجّة فيه مع ما مرّ من صحيحة ابن السريّ وحسنة هشام وحفص وحمّاد (٦).

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٢٧٦ ـ ١٣٠٨ ، الوسائل ٢٠ : ٢٢٩ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢٦ ح ٣.

(٢) النور : ٣١.

(٣) انظر مجمع البيان ٤ : ١٣٧ ، جامع المقاصد ١٢ : ٣٦.

(٤) جامع المقاصد ١٢ : ٣٨.

(٥) كما في التذكرة ٢ : ٥٧٣ ، المسالك ١ : ٤٣٥ ، المفاتيح ٢ : ٣٧٤ ، الرياض ٢ : ٧٢.

(٦) المتقدمة جميعا في ص : ٣١.

٣٦

وحسنة محمّد : عن الرجل يريد أن يتزوّج المرأة أينظر إليها؟ قال : « نعم » (١).

ومرسلة الفضل : أينظر الرجل إلى المرأة يريد تزويجها فينظر إلى شعرها ومحاسنها؟ قال : « لا بأس بذلك إذا لم يكن متلذّذا » (٢) ، والوجه والكفّان من المحاسن.

وموثّقة غياث : في رجل ينظر إلى محاسن امرأة يريد أن يتزوّجها ، قال : « لا بأس » (٣).

ويظهر من الأخيرتين جواز النظر إلى شعرها ومحاسنها أيضا ، فهو الأقوى وفاقا للمشايخ الثلاثة (٤) ، مضافا في الشعر إلى صحيحة ابن سنان : الرجل يريد أن يتزوّج المرأة أفينظر إلى شعرها؟ قال : « نعم » (٥).

لا يقال : إنّ في لفظ المحاسن إجمالا ، ففسّره بعضهم بالمواضع الحسنة من الجسد (٦) ، فيشمل جميع ما عدا العورتين.

وآخر بمواضع الزينة (٧) ، فيشمل الوجه والاذن والرقبة واليدين والقدمين.

__________________

(١) الكافي ٥ : ٣٦٥ ـ ١ ، الوسائل ٢٠ : ٨٧ أبواب مقدمات النكاح ب ٣٦ ح ١.

(٢) الكافي ٥ : ٣٦٥ ـ ٥ ، الوسائل ٢٠ : ٨٨ أبواب مقدمات النكاح ب ٣٦ ح ٥.

(٣) التهذيب ٧ : ٤٣٥ ـ ١٧٣٥ ، الوسائل ٢٠ : ٨٩ أبواب مقدمات النكاح ب ٣٦ ح ٨.

(٤) الصدوق في الفقيه ٣ : ٢٦٠ ـ ١٢٣٩ ، المفيد في المقنعة : ٨٠ ، الطوسي في النهاية : ٤٨٤.

(٥) الفقيه ٣ : ٢٦٠ ـ ١٢٣٩ ، التهذيب ٧ : ٤٣٥ ـ ١٧٣٤ ، الوسائل ٢٠ : ٨٩ أبواب مقدمات النكاح ب ٣٦ ح ٧.

(٦) انظر جامع المقاصد ١٢ : ٢٨.

(٧) انظر الروضة ٥ : ٩٧.

٣٧

وفي السرائر بالوجه والكفّين والقدمين (١).

ويظهر من التذكرة : أنّه الوجه والكفّان (٢) ، فلا يثبت الزائد ممّا وقع عليه الإجماع والشعر ، وعدم الفصل بين الشعر والمحاسن غير ثابت.

لأنّا نقول : إنّه على ذلك تكون عمومات المنع مخصّصة بالمجمل ، فلا تكون حجّة في موضع الإجمال ، فيبقى ما عدا المجمع عليه ـ وهو العورة ـ تحت أصل جواز النظر.

ويشترط في الجواز : صلاحيّتها للنكاح ( وتجويز إجابتها ، لأنّه المتبادر من النصوص ، ولتوقّف الإرادة المعلّق عليها الحكم عليه ) ، (٣) فلا يجوز في ذات البعل أو المحرّمة مؤبّدا أو لنكاح أختها ونحوهما.

وقيل : في ذات العدّة البائنة أيضا (٤).

وفيه نظر ، لعدم تبادر غيره ، وإمكان الإرادة في حقّها وإن لم يمكن بالفعل.

ولا يرد مثله في ذات البعل ، لعدم تحقّق الإرادة فيها عرفا.

وفي اشتراط الاستفادة بالنظر ما لا يعرفه قبله للجهل أو النسيان أو احتمال التغيّر ، قول اختاره جماعة (٥).

استنادا إلى أنّه المتبادر من النصوص ، سيّما مع ملاحظة التعليل‌

__________________

(١) السرائر ٢ : ٦٠٩ ، وليس فيه : والقدمين.

(٢) التذكرة ٢ : ٥٧٢.

(٣) ما بين القوسين ليس في « ق ».

(٤) انظر الروضة ٥ : ٩٨.

(٣) منهم الشهيد الثاني في الروضة ٥ : ٩٨ ، السبزواري في الكفاية : ١٥٣ ، الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٨ ، صاحب الرياض ٢ : ٧٢.

٣٨

بالاستيام أو الأخذ بأغلى الثمن.

وأنّه المتيقّن الذي يجب الاقتصار عليه فيما خالف الأصل.

ويضعّف الأول : بمنع التبادر من اللفظ ، وإنّما هو أمر يسبق إلى الذهن من استنباط العلّة أو الإشارة إليها ، ومثله لا يقيّد إطلاق اللفظ.

والثاني : بمنع تيقّن مقتضى الإطلاق أيضا.

وهل يشترط تعيّن الزوجة التي يريد نكاحها؟

أم لا ، بل يجوز النظر إلى نسوة متعدّدة ليتزوّج من يختار منهن؟

الظاهر : الثاني ، إذ يقصد نكاح كلّ واحدة لو أعجبته فهو مريد نكاحها لو أعجبته كما في الواحدة.

وهل يلحق بالرجل المرأة في جواز نظرها إليه للتزوّج لو لم نقل بالجواز في الوجه والكفّين مطلقا؟

صريح جماعة : نعم (١) ، لاتّحاد العلّة ، بل الأولويّة ، حيث إنّ الرجل يمكنه الطلاق لو لم يستحسنها ، بخلاف الزوجة.

وقيل : لا (٢) ، لكون العلّة مستنبطة ، وهو الأقوى لذلك.

وجعل العلّة قطعيّة باطل ، لجواز كونها إيجاب الصداق والإنفاق ، كما تومئ إليه الأخبار.

ومنها : نظره إلى وجه أمة يريد شراءها وكفّيها وشعرها وسائر جسدها ومسّها مع إذن المولى ، وكذا النظر إلى الوجه والكفّين ولو بدون‌

__________________

(١) منهم العلاّمة في القواعد ٢ : ٢ ، المحقّق الثاني في جامع المقاصد ١٢ : ٢٩ ، الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٤٣٥.

(٢) الرياض ٢ : ٧٢.

٣٩

إذنه ، اتّفاقا كما حكاه جماعة (١).

له ، ولرواية أبي بصير : الرجل يعترض الأمة ليشتريها ، قال : « لا بأس بأن ينظر إلى محاسنها ويمسّها ما لم ينظر إلى ما لا ينبغي النظر إليه » (٢).

والأظهر : جواز نظره إلى شعرها أيضا ، كما قال به جماعة (٣) ، بل إلى محاسنها ، كما قال به جمع آخر (٤) ، بل هو الأشهر ، بل إلى ما عدا عورتها ، كما قاله بعض الأصحاب (٥).

كلّ ذلك للرواية المتقدّمة ، بضميمة ما مرّ من عدم حجّية العامّ المخصّص بالمجمل في موضع الإجمال وبقاء الأصل فيه خاليا عن المزيل.

مع تأيّده واعتضاده في الأول بأنّ جوازه في المرأة يقتضيه هنا بالطريق الأولى.

وفيه وفي الثاني بنقل الإجماع في المسالك والمفاتيح (٦).

وفيه وفي الثالث إلى رواية الخثعمي : إنّي اعترضت جواري المدينة فأمذيت ، فقال : « أمّا لمن يريد الشراء فلا بأس ، وأمّا لمن لا يريد أن يشتري فإنّي أكرهه » (٧).

ورواية الجعفري : « لا أحبّ للرجل أن يقلّب جارية إلاّ جارية يريد‌

__________________

(١) منهم الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٤٣٥ ، الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٨.

(٢) الفقيه ٤ : ١٢ ـ ٩ ، التهذيب ٧ : ٧٥ ـ ٣٢١ ، الوسائل ١٨ : ٢٧٣ أبواب بيع الحيوان ب ٢٠ ح ١.

(٣) كما في المقنعة : ٥٢٠ والنهاية : ٤٨٤ والشرائع ٢ : ٢٦٩.

(٤) كما في السرائر ٢ : ٦١٠ والقواعد ٢ : ٢ والكفاية : ١٥٣.

(٥) كالعلاّمة في التذكرة ٢ : ٥٧٣ والكاشاني في المفاتيح ٢ : ٣٧٣.

(٦) المسالك ١ : ٤٣٥ ، المفاتيح ٢ : ٣٧٣.

(٧) التهذيب ٧ : ٢٣٦ ـ ١٠٢٩ ، الوسائل ١٨ : ٢٧٣ أبواب بيع الحيوان ب ٢٠ ح ٢.

٤٠