مستند الشّيعة - ج ١٦

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٦

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-125-7
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٣٥٧

الخير ، والتلازم بين نفوذ الوصيّة بالمال والنكاح غير ثابت ، والقياس باطل ، والانتقال مع الوصيّة ممنوع ، لأنّ الأصل عدمه.

فلم يبق للقول الثالث إلاّ الأخبار ، وغير صحيحة ابن سنان منها مجملة ، لاشتمالها على الوكيل في المال ، ولا شكّ أنّه ليس بيده عقدة النكاح ، وتخصيصه بالوكيل في النكاح أيضا ليس بأولى من إرادة من له العفو ممّن بيده عقدة النكاح ، بل هو الظاهر ، مع أنّها مشتملة على الأخ أيضا ، ولا بدّ له من ارتكاب تجوّز أو تخصيص ، فتصير الروايات مجملة ، مع أنّ المراد بالرجل الذي يوصى إليه أيضا يمكن أن يكون وصيّ المرأة المطلّقة قبل المسّ ، فإنّ له العفو أيضا بعد موتها.

وأمّا حمل هذه الأخبار على الاستحباب ـ فمع بعده عن السياق للسؤال عن المراد عن الذي بيده عقدة النكاح في الآية ـ لا يلائم اشتمالها على الوكيل في المال ، لعدم استحباب الاستئذان منه قطعا ، وأبعد منه حمل الوصيّ على الإمام أو الجدّ كما قيل (١).

نعم ، تتمّ دلالة صحيحة ابن سنان عليهما لو لا معارضتها بالعموم من وجه مع المفهومين ، وبالعموم المطلق مع الصحيحة الأخيرة ، ولكن معارضتها معها تمنع من العمل بها.

فلا يبقى لهذين القولين دليل يركن إليه.

فالحقّ هو : الأول : لأنّ غير المفهومين والصحيحة والأصل من أدلّته وإن كان محلّ الخدش ، والمفهومين وإن يعارض صحيحة ابن سنان بالعموم من وجه ، ولكن الصحيحة الأخيرة والأصل كافيان في إثباته.

__________________

(١) انظر الرياض ٢ : ٨١.

١٤١

المسألة العاشرة : الحقّ : ولاية الوصيّ في النكاح للبالغ فاسد العقل‌ ، وفاقا لمن تثبت له الولاية على الصغير ، ولجمع آخر غيرهم ، منهم : الفاضلان ، بل الأكثر كما قيل.

لا لما قيل (١) من الضرورة مع عدم توقّع زوال العذر وخوف المرض أو الوقوع في الزنى ، لإمكان اندفاعها بولاية الحاكم مع وجوده ، أو عدول المسلمين مع عدمه.

بل لصحيحة ابن سنان الخالية هنا عن معارضة المفهومين ومكاوحة الصحيحة.

المسألة الحادية عشرة : لا ولاية للحاكم ـ والمراد به في زمان الغيبة : نائب الإمام العام ـ على من له أب أو جد مطلقا ، سواء كان صغيرا أو كبيرا ، فاسد العقل المتّصل فساده بالبلوغ أو المتجدّد ، ذكرا أو أنثى ، إجماعا في الصغير ، بل كما قيل في غير المتجدّد (٢) ، وإن نسب الخلاف في المتّصل جنونه إلى المحقّق (٣) ، وعلى المختار فيه.

للأصل الخالي عن المعارض ، إذ ليس إلاّ ما يدلّ على اختيار الوليّ ، والوليّ فيها الأب والجدّ كما مرّ ، مضافا في الصغير إلى المفهومين المتقدّمين.

ولا على الصغيرين الخاليين عن الأب والجدّ على الحقّ المشهور.

__________________

(١) كما في كشف اللثام ٢ : ١٥.

(٢) انظر الرياض ٢ : ٨١.

(٣) نسبه إليه في المسالك ١ : ٤٥٣.

١٤٢

للمفهومين.

ولا على فاسد العقل المتّصل فساده مع الوصيّ أيضا.

لما مرّ من ولايته له.

وله ولاية النكاح على فاسد العقل الخالي عن الأب والجدّ والوصيّ مطلقا ، والمتجدّد فساده مع الوصيّ أيضا ، بلا خلاف بين علمائنا يعلم ، كما في التذكرة (١) ، بل بالإجماع كما قيل (٢).

لصحيحة ابن سنان المتقدّمة الخالية عن المعارض.

وللنبويّ المرويّ في كتب أصحابنا ـ المنجبر ضعفه بالاشتهار ـ : « السلطان وليّ من لا وليّ له » (٣).

والمراد : من له السلطنة والنائب العام كذلك وإن لم ينفذ سلطانه على الفسّاق والظلمة.

المسألة الثانية عشرة : يصحّ توكيل كلّ من الزوجين أو وليّهما أو أحدهما في عقد النكاح.

لظاهر الإجماع.

وفي التذكرة في توكيل الوليّ : لا نعرف فيه خلافا (٤).

وتدلّ عليه أيضا المستفيضة من الأخبار :

كموثّقة البصري : « تزوّج من شاءت إذا كانت مالكة لأمرها وإن‌

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٥٩٢.

(٢) انظر الرياض ٢ : ٨١.

(٣) كما في التذكرة ٢ : ٥٩٢ ، المسالك ١ : ٤٥٣ ، كشف اللثام ٢ : ١٥.

(٤) التذكرة ٢ : ٥٩٥.

١٤٣

شاءت جعلت وكيلا » (١).

وفي بعض النسخ « وليّا » ، وهو أيضا يثبت المطلوب ، إذ الوليّ الذي تجعله ليس إلاّ الوكيل.

ورواية البزنطي ، وفيها : « وإن قالت : زوّجني فلانا ، فليزوّجها ممّن ترضى » (٢).

وموثّقة الساباطي ، وفيها : فإن وكّلت غيره بتزويجها منه؟ قال : « نعم » (٣).

ورواية محمّد بن شعيب المتقدّمة (٤) في مسألة الخطأ في تعيين الزوجة.

ومرسلة ابن بكير : في رجل أرسل يخطب عليه امرأة وهو غائب ، فانكحوا الغائب وفرض الصداق ، ثمَّ جاء خبره بعد أنّه توفّي ـ إلى أن قال ـ : « وإن كان أملك قبل أن يتوفّى فلها نصف الصداق ، وهي وارثة وعليها العدّة » (٥).

وصحيحة أبي ولاّد : عن رجل أمر رجلا أن يزوّجه امرأة بالمدينة وسمّاها له والذي أمره بالعراق ، فخرج المأمور وزوّجها إيّاه ، ثمَّ قدم العراق فوجد الذي أمره قد مات ، قال : « ينظر في ذلك ، فإن كان المأمور زوّجها‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٣٩٢ ـ ٣ ، الوسائل ٢٠ : ٢٧٠ أبواب عقد النكاح ب ٣ ح ٨.

(٢) الكافي ٥ : ٣٩٣ ـ ٣ ، الفقيه ٣ : ٢٥١ ـ ١١٩٦ ، التهذيب ٧ : ٣٨٦ ـ ١٥٥٠ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٩ ـ ٨٥٦ ، الوسائل ٢٠ : ٢٦٨ أبواب عقد النكاح ب ٣ ح ٣.

(٣) التهذيب ٧ : ٣٧٨ ـ ١٥٢٩ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٣ ـ ٨٤١ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨٨ أبواب عقد النكاح ب ١٠ ح ٤.

(٤) في ص : ١٠٤.

(٥) الكافي ٥ : ٤١٥ ـ ١ ، التهذيب ٧ : ٣٦٧ ـ ١٤٨٩ ، الوسائل ٢٠ : ٣٠٥ أبواب عقد النكاح ب ٢٨ ح ٢.

١٤٤

إيّاه قبل أن يموت الآمر ثمَّ مات الآمر بعده فإنّ المهر في جميع ذلك الميراث بمنزلة الدين » الحديث (١). وغير ذلك.

ويدلّ عليه مثل ما تقدّم (٢) من قولهم : « يستأمرها كلّ أحد عدا الأب ».

وقولهم : « تستأمر البكر ولا تتزوّج إلاّ بأمرها » (٣).

ومثل مرسلة الكافي : عن رجل يريد أن يزوّج أخته ، قال : « يؤامرها ، فإن سكتت فهو إقرارها » (٤).

وقوله في مرسلة ابن بكير (٥) ـ السابقة في أخبار استقلال الأب ـ : « تولّي أمرها من شاءت » (٦). وغير ذلك.

وتمام المطلوب يثبت بالإجماع المركّب.

ولا بدّ للوكيل حينئذ من الإيجاب أو القبول للموكّل ، فلا يصحّ لو نسبه إلى نفسه ، أو لم يذكر المنسوب إليه وإن نواه ، للأصل المتقدّم ذكره ، فلا يعلم ترتّب الأثر إلاّ بما علم الأثر معه ، ولم يعلم إلاّ مع النسبة إلى الموكّل.

نعم ، لو تأخّر القبول عن الإيجاب وذكر المنسوب إليه في الإيجاب يكفي الاقتصار بنحو قوله : قبلت ، لأنّ تقدّم ذكره يجعل القبول له أيضا.

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٢٧١ ـ ١٢٩٠ ، الوسائل ٢٠ : ٣٠٥ أبواب عقد النكاح ب ٢٨ ح ١.

(٢) في ص : ١١٣.

(٣) المتقدّم في ص : ١٣٩.

(٤) الكافي ٥ : ٣٩٣ ـ ٣ ، الوسائل ٢٠ : ٢٦٨ أبواب عقد النكاح ب ٣ ح ٣.

(٥) لم يسبق عن ابن بكير رواية بهذا المضمون ، ولعلّ الصحيح : رواية ابن زياد.

(٦) راجع ص : ١١٦ ، ١١٧.

١٤٥

وهل يجوز للموجب أن يقول : زوّجت من موكّلك ، ناويا كون التزويج لموكّله من غير ذكره؟

فيه نظر ، والأصل يعطي العدم.

المسألة الثالثة عشرة : لو وكّلت أحدا في التزويج للغير نصّا أو ما في حكمه لا يجوز للوكيل تزويجها لنفسه إجماعا ، له.

وللأصل.

وصحيحتي الحلبي والكناني (١).

ولو وكّله لتزويجه من نفسه كذلك يجوز على الأظهر الأشهر ، بل لظاهر الإجماع.

للأصل الثابت من عمومات التوكيل (٢).

وقيل بالمنع (٣).

لإيجابه كون واحد موجبا وقابلا.

ولأصالة بقاء الحرمة.

ولموثّقة عمّار : عن امرأة تكون في أهل بيت فتكره أن يعلم بها أهلها ، يحلّ لها أن توكّل رجلا يريد أن يتزوّجها تقول له : قد وكّلتك فاشهد على تزويجي؟ قال : « لا » ، قلت : وإن كانت أيّما؟ قال : « وإن كانت أيّما » قلت : فإن وكّلت غيره بتزويجها منه؟ قال : « نعم » (٤).

__________________

(١) الكافي ٥ : ٣٩٧ ـ ١ ، الفقيه ٣ : ٥٠ ـ ١٧١ ، التهذيب ٧ : ٣٩١ ـ ١٥٦٥ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨٧ أبواب عقد النكاح ب ١٠ ح ١.

(٢) الوسائل ٢٠ : ٢٨٧ أبواب عقد النكاح ب ١٠.

(٣) انظر الحدائق ٢٣ : ٢٥٢.

(٤) التهذيب ٧ : ٣٧٨ ـ ١٥٢٩ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٣ ـ ٨٤١ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨٨

١٤٦

ويردّ الأول بمنع الإيجاب.

والثاني باندفاعه بما مرّ.

والثالث بمنع الدلالة ، إذ لعلّ عدم الحلّية بتزويجها من نفسه لإطلاق قولها : « قد وكّلتك » من غير تصريح أو نصب قرينة على توكيله في التزويج لنفسه أيضا ، وإرادته تزويجها لا يدلّ على علمها بها أيضا ، ولو دلّت عليه ولو بالعموم لا يدل على إرادتها من قولها : « وكّلتك » أو نصبها قرينة ، وزعم السائل ـ أنّ المنع لنفس توكيله لا للإطلاق حيث قال بعده : « فإن وكّلت غيره » ـ لا يثبت أنّ الأمر كذلك في الواقع ، وإرجاع نفي الحلّية إلى التوكيل في الإشهاد خاصّة بعيد.

ولو وكّله مطلقا ، فالأظهر الأشهر ـ كما قيل (١) ـ عدم جواز التزويج لنفسه.

لشيوع التوكيل في التزويج للغير ، وتبادره منه ، لكثرة وقوعه في ذلك. ولا أقلّ من صلاحيّة هذا قرينة لإرادة الغير ، فلا يجري فيه أصل الإطلاق ، ويصير محلّ الشكّ ، فيصار إلى مقتضى الأصل.

ولموثّقة عمّار المتقدّمة.

وكذا لو وكّله عموما ، نحو : زوّجني ممّن شئت ، للدليل الأول.

ومنه يظهر أنّه لو ظنّ شمول العموم له نفسه من خارج جاز.

لانتفاء صلاحيّة الحال حينئذ للقرينة.

__________________

أبواب عقد النكاح ب ١٠ ح ٤.

(١) انظر الرياض ٢ : ٨١.

١٤٧

المسألة الرابعة عشرة : هل يجوز للوكيل تولّي طرفي العقد أصالة أو ولاية في أحدهما ، أو وكالة فيهما ، أو للوليّ ولاية فيهما؟

ذهب الفاضلان وفخر المحقّقين والشهيدان إلى الجواز (١) ، بل هو الأشهر كما قيل (٢) ، وعن المسالك : نفي الخلاف فيه (٣).

واستدلّ له بعموم أدلّتي الولاية والوكالة ، فإنّ المستفاد من الاولى : جواز تزويج الوليّ مطلقا ، فيجوز تزويج شخص واحد كان وليّا للزوجين.

ومن الثانية : جواز توكيل كلّ واحد ولو كان وكيلا للآخر أو وليّا عليه.

ولا يشترط تغاير المتعاقدين حقيقة.

لكفاية المغايرة الاعتباريّة.

وعدم دليل على اعتبار الحقيقيّة.

بل عن الخلاف : الاتّفاق على عدمه عندنا (٤).

ويرد عليه أنّه : إنّ عموم أدلّة الولاية يفيد أنّ الوليّ ولو كان واحدا لهما إذا زوّج من له الولاية عليه يصحّ ، ولكن لم يثبت أنّ العقد الذي يوقعه منهما بنفسه يكون تزويجا ، إذ ثبوته فرع صحّته ، ولم يثبت بعد.

__________________

(١) المحقق في الشرائع ٢ : ٢٧٨ ، العلاّمة في القواعد ٢ : ٧ ، فخر المحققين في الإيضاح ٣ : ٢٦ ، الشهيد في اللمعة ( الروضة البهيّة ٥ ) : ١٢٠ ، الشهيد الثاني في الروضة ٥ : ١٢٣.

(٢) انظر الرياض ٢ : ٨١.

(٣) المسالك ١ : ٣٤٢ وفيه : وجواز تولّي الواحد الطرفين عندنا.

(٤) حكاه عنه في كشف اللثام ٢ : ٢٢.

١٤٨

وكذا يستفاد من عموم أدلّة الوكالة : أنّ لهما توكيل كلّ أحد ، ولو وكيل الآخر أو وليّه في التزويج ، ولم يثبت كون العقد الصادر طرفاه من واحد تزويجا ، مع أنّه لا دليل عامّا في توكيل الزوج ، وإنّما هو بالإجماع المركّب الغير الثابت تحقّقه في المورد.

ولذا ذهب بعض علمائنا ـ كما صرّح به في الإيضاح (١) ـ إلى المنع.

وهو الأقوى.

لأصالة الفساد.

وعدم دليل على الصحّة.

وعدم الدليل على اعتبار المغايرة الحقيقيّة إنّما يفيد لو كان هناك دليل على الجواز ، وليس.

المسألة الخامسة عشرة : لو ادّعى رجل زوجيّة امرأة : فهي إمّا مالكة لأمرها.

أو مزوّجة للغير.

فعلى الأول : إمّا تصدّقه.

أو تكذّبه.

أو تقول : لا أدري. وهو إنّما يكون إذا ادّعى الزوج تزويجها بإذن وليّها حين ولايته عليها.

__________________

(١) الإيضاح ٣ : ٢٦.

١٤٩

فإن صدّقته يحكم بالعقد ظاهرا.

لانحصار الحقّ فيهما.

وعموم إقرار العقلاء على أنفسهم جائز.

فليس لأحد مزاحمتهما ، إلاّ المدّعي الحسبي إذا ادّعى حرمة أحدهما على الآخر ـ لرضاع بينهما ، أو نكاح في عدّة ، أو جماع حين يزوّجها لغيره ، ونحوها ـ فيسمع ادّعاؤه إن كانت له بيّنة وإلاّ فلا ، ولا يمين على المنكر ، لعدم كونه حقّا للمدّعي.

وإن كذّبته يطلب منه البيّنة ، فإن أقامها يحكم بزوجيّتها له ، فيجب عليهما مراعاة حقوق الزوجيّة ظاهرا ، وإلاّ فله تحليفها.

لعموم : « البيّنة على المدّعي واليمين على المنكر » (١).

قالوا : ويحكم قبل التحليف عليه بمقتضى اعترافه ، ولها بمقتضى إنكارها ، فيحكم عليه بكلّ ما يكفي فيه اعترافه ، فيمنع من تزويج الخامسة ، ومن أختها وأمّها وبنت إخوتها بدون إذنها ، وباشتغال ذمّته بالمهر ، ولكن ليس لها مطالبته ، لأنّه مقتضى إنكارها ، ولا لغيرها ولو كان حاكما ، لأنّه لو كان فهو حقّها وليس للغير المطالبة بدون إذنها. ويلزمهم أنّ لوارثها المطالبة لو ماتت ، لأنّهم لم ينكروه ، وأنّ لهم نصيبها من إرثه لو ماتا معا.

والحقّ : عدم ثبوت الاشتغال ، إذ القدر الثابت أنّ الاعتراف بحقّ الغير يوجب الشغل به إذا لم يصادفه إنكارها ، لأنّ الأول كما يوجب الثبوت ، الثاني يوجب عدمه ، لأنّه أمر بين اثنين ، ففي الحقيقة أقرّت هي أيضا بعدم‌

__________________

(١) الوسائل ٢٧ : ٢٣٣ أبواب كيفية الحكم ب ٣.

١٥٠

اشتغاله بحقّها ، ولأنّ الاشتغال لازمه وجوب الأداء ، وتحقّقه يتوقّف على جواز الأخذ.

ولذا يعدّ قوله : أعط زيدا درهما ، ولزيد : لا تأخذه ، تناقضا ، ولأجل ذلك ليس لوارثها المطالبة ، ولا يرثون نصيبها أيضا ، لذلك ، إلاّ إذا ادّعوا زوجيّتها له لا من جهة اعترافه السابق ، بل ادّعوا علمهم بها وبكذبها في الإنكار ، واعترف الزوج بعد دعواهم أيضا ، فيكون الترافع معهم حينئذ ، ويحكم فيه بمقتضى أحكام المرافعة.

ومن ذلك يظهر عدم ثبوت اشتغاله بالإنفاق والقسم ونحوهما مع قطع النظر عن عدم تمكينها أيضا.

وكذا يحكم لها بكلّ ما يلزم إنكارها ، بخلوّها عن المانع ، وجواز تزويجها بالغير ، وفاقا للروضة (١).

للأصل.

واستصحاب الحكم السابق.

وإيجابه الحرج في الجملة.

ويظهر من الروضة وجود قول بمنعها.

لتعلّق حقّ الزوجيّة في الجملة.

ولمنع تزويجها من نفوذ إقرارها به على تقدير رجوعها ، لأنّه إقرار في حقّ الزوج الثاني.

ويردّ الأول بمنع التعلّق.

__________________

(١) الروضة ٥ : ١٢٤.

١٥١

والثاني بمنع صلاحيّته للمنع ، إذ لا مانع من عدم نفوذ الإقرار.

ثمَّ إن رجعت إلى الاعتراف فيؤخذ به ، وإن استمرّت على الإنكار : فإن حلفت يحكم لها ، وإن نكلت له وإن ردّته فله إن حلف ولها إن نكل.

لعموم أدلّتهما.

وفي القواعد : عدم الالتفات إلى دعوى الزوج إلاّ بالبيّنة (١).

وظاهره عدم تسلّطه على تحليفها.

ولا وجه له ، كما صرّح به المحقّق الثاني (٢).

هذا كلّه إن كان قبل تزويجها للغير.

وإن كان بعده فيرجع إلى الدعوى على المزوّجة ، ويأتي حكمه.

وإن قالت : لا أدري.

فإن ادّعى عليها العلم علما أو ظنّا ، فله حلفها على نفي العلم.

لأنّه دعوى يستلزم تحقّق المدّعى به لثبوت حقّ له ، فيدخل في عموم : البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر.

ولكن لا يسقط به أصل الدعوى ، فتسمع بيّنته لو أقيمت بعد ذلك.

لأنّ الحلف على نفي العلم ، ولازمه عدم سماع بيّنة العلم لا بيّنة الزوجيّة.

وإن لم يدّع عليها العلم ، فلا تسلّط له عليها بالزوجيّة إلاّ بعد قيام البيّنة.

للأصل الخالي عن المعارض بالمرّة.

__________________

(١) القواعد ٢ : ٨.

(٢) جامع المقاصد ١٢ : ٩١.

١٥٢

ولا بالحلف.

للأدلّة المصرّحة بأنّ الحلف على البتّ :

كصحيحة هشام : « لا يحلف الرجل إلاّ على علمه » (١).

وفي مرسلة ابن مرّار : « لا يقع اليمين إلاّ على العلم » (٢).

وفي رواية أبي بصير : « لا يستحلف الرجل إلاّ على علمه » (٣).

فلو لم تكن له بيّنة سقطت دعواه ، بمعنى : عدم ترتّب أثر عليها في حقّه ، إذ لم يثبت من الشارع في حقّ المدّعي سوى البيّنة أو التحليف ، وهما منفيّان في المقام ، والأصل عدم تحقّق مقتضاها ، فيحكم به.

وتدلّ عليه أيضا ـ في بعض موارد عدم علم المدّعى عليه ـ موثّقة سماعة : عن رجل تزوّج أمة أو تمتّع بها ، فحدّثه ثقة أو غير ثقة ، فقال : إنّ هذه امرأتي وليست لي بيّنة ، قال : « إن كان ثقة فلا يقربها ، وإن كان غير ثقة فلا يقبل » (٤).

وحسنة عبد العزيز : إنّ أخي مات وتزوّجت امرأته ، فجاء عمّي فادّعى أنّه كان تزوّجها سرّا ، فسألتها عن ذلك فأنكرت أشدّ الإنكار ، فقالت : ما كان بيني وبينه شي‌ء قطّ ، فقال : « يلزمك إقرارها ويلزمه إنكارها » (٥).

__________________

(١) الكافي ٧ : ٤٤٥ ـ ١ ، التهذيب ٨ : ٢٨٠ ـ ١٠٢٠ ، الوسائل ٢٣ : ٢٤٦ أبواب الأيمان ب ٢٢ ح ١.

(٢) الكافي ٧ : ٤٤٥ ـ ٤ ، التهذيب ٨ : ٢٨٠ ـ ١٠٢٢ ، الوسائل ٢٣ : ٢٤٧ أبواب الأيمان ب ٢٢ ح ٤.

(٣) الكافي ٧ : ٤٤٥ ـ ٢ ، التهذيب ٨ : ٢٨٠ ـ ١٠٢١ ، الوسائل ٢٣ : ٢٤٧ أبواب الأيمان ب ٢٢ ح ٢.

(٤) التهذيب ٧ : ٤٦١ ـ ١٨٤٥ ، الوسائل ٢٠ : ٣٠٠ أبواب عقد النكاح ب ٢٣ ح ٢.

(٥) الكافي ٥ : ٥٦٣ ـ ٢٧ ، الوسائل ٢٠ : ٢٢٩ أبواب عقد النكاح ب ٢٣ ح ١.

١٥٣

ورواية يونس : عن رجل تزوّج امرأة في بلد من البلدان ، فسألها ألك زوج؟ فقالت : لا ، فتزوّجها ، ثمَّ إنّ رجلا أتاه فقال : هي امرأتي ، فأنكرت المرأة ذلك ، ما يلزم الزوج؟ فقال : « هي امرأته إلاّ أن يقيم البيّنة » (١).

دلّت هذه الروايات على عدم قبول قول مدّعي الزوجيّة في سقوط حقّ الزوج الثاني مع أنّ الزوج الثاني غير عالم به ، كما يدلّ عليه الفرق بين الثقة وغيره في الأول ، وسؤاله عن حالها في الثانيين وأنّه لا حلف عليه.

وأمّا قوله في الأول : « إن كان ثقة فلا يقربها » فلا يفيد أزيد من الكراهة ، ولذا خصّه بالمقاربة دون سائر الأمور ولم يحكم بزوجيّة الأول بمجرّده واختصاصها بمورد آخر غير ضائر ، إذ لا فرق بين الحقوق.

وأمّا ما قد يذكر في كتاب القضاء ، فيما إذا كان جواب المدّعى عليه : لا أعلم ، من احتمال ردّ الحاكم أو المدّعى عليه الحلف إلى المدّعي.

فهو أمر مخالف للأصل ، محتاج إلى التوقيف ، ولم نجده ، بل ـ كما عرفت ـ وجد غيره.

ولا يتوهّم عموم بعض روايات اليمين ، لأنّها بين مجملة ومبيّنة بكون اليمين على المدّعى عليه ، والمبيّن حاكم على المجمل.

مع أنّ في صحيحة العجلي : « الحقوق كلّها : البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه ، إلاّ في الدم خاصّة » الحديث (٢).

وفي رواية أبي بصير : « لو أنّ رجلا ادّعى على رجل عشرة آلاف درهم أو أقلّ من ذلك أو أكثر لم يكن اليمين على المدّعي » الحديث.

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٤٦٨ ـ ١٨٧٤ ، الوسائل ٢٠ : ٣٠٠ أبواب كيفية الحكم ب ٢٣ ح ٣.

(٢) الكافي ٧ : ٣٦١ ـ ٤ ، الوسائل ٢٧ : ٢٣٣ أبواب كيفية الحكم ب ٣ ح ٢.

١٥٤

وفي موثّقته : « إنّ الله حكم في دمائكم بغير ما حكم به في أموالكم ، حكم في أموالكم : أنّ البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه » الحديث (١).

فلو كان إطلاق يجب التقييد بهذه الأخبار.

ولا يتوهّم دلالة إطلاق أخبار ردّ اليمين ، لأنّ الردّ إنّما يكون فيما تعلّق اليمين بالمدّعى عليه ، فإذا لم يتعلّق لا يكون ردّ.

وأمّا ما قيل في وجهه من أنّه لولاه لزم عدم سماع دعوى مسموعة بلا جهة (٢).

فواه ، لأنّ طلب البيّنة أو التحليف على نفي العلم لو ادّعاه عين سماعها.

نعم ، يلزم عدم ثبوت تسلّط منها في بعض الصور ، وما الضرر فيه كما في مورد الروايات الثلاث؟! حيث إنّ الظاهر عدم الخلاف فيها أيضا وفيما إذا كان المدّعى عليه وارثا.

مع أنّه ورد في الروايات : « إنّ أحكام المسلمين على ثلاثة : شهادة عادلة أو يمين قاطعة أو سنّة ماضية من أئمّة الهدى » (٣).

وفي الصحيح : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان » (٤).

__________________

(١) الكافي ٧ : ٤١٥ ـ ٢ ، التهذيب ٦ : ٢٢٩ ـ ٥٥٤ ، الوسائل ٢٧ : ٢٣٤ أبواب كيفية الحكم ب ٣ ح ٣.

(٢) انظر الإيضاح ٣ : ٤٠.

(٣) الكافي ٧ : ٤٣٢ ـ ٢٠ ، التهذيب ٦ : ٢٨٧ ـ ٧٩٦ ، الخصال : ١٥٥ ـ ١٩٥ ، الوسائل ٢٧ : ٢٣١ أبواب كيفية الحكم ب ١ ح ٦.

(٤) الكافي ٧ : ٤١٤ ـ ١ ، التهذيب ٦ : ٢٢٩ ـ ٥٥٢ ، معاني الأخبار : ٢٧٩ ، الوسائل ٢٧ : ٢٣٢ أبواب كيفية الحكم ب ٢ ح ١.

١٥٥

وفي مرسلة يونس : « استخراج الحقوق بأربعة وجوه : بشهادة رجلين عدلين ، فإن لم يكون رجلين فرجل وامرأتان ، فإن لم يكن فرجل ويمين المدّعي ، فإن لم يكن شاهد فاليمين على المدّعى عليه ، فإن لم يحلف وردّ اليمين على المدّعي فهي واجبة عليه أن يحلف ويأخذ حقّه ، فإن أبى أن يحلف فلا شي‌ء عليه » (١).

وبيّن في سائر الروايات : أنّ اليمين على المدّعى عليه وأنّه على العلم ، فإذا خصّ الشارع القضاء بذلك الأنحاء فمن أين يتعدّى إلى غيره بلا دليل؟! غاية الأمر صيرورة دعواه لاغية ، فلتكن كذلك ، وما الضرر فيه بعد كونها مخالفة للأصل؟! ولا يتوهّم أنّه يمكن إلزام المدّعي عليه بلا يمين مردودة أيضا لعدم المعارض لقول المدّعي ، لأنّ الأصل من أقوى المعارضات ، ومن أين ثبتت حجّيّة قول المدّعي وصلاحيّته لدفع الأصل الثابت من الشرع؟!

فإن قيل : لأجل وجوب حمل أفعال المسلمين وأقوالهم على الصحّة والصدق.

قلنا : من اين ثبت ذلك؟! سيّما حمل أقوالهم على الصدق إذا كانت مخالفة للأصل مثبتة للحقّ على الغير ، ولم نعثر إلى الآن على دليل تامّ على ذلك ، بل ولا على حمل الأفعال على الصحّة ، كما بيّنّا في كتاب عوائد الأيّام وكتاب مناهج الأحكام (٢).

__________________

(١) الكافي ٧ : ٤١٦ ـ ٣ ، التهذيب ٦ : ٢٣١ ـ ٥٦٢ ، الوسائل ٢٧ : ٢٤١ أبواب كيفية الحكم ب ٧ ح ٤.

(٢) عوائد الأيّام : ٧٣.

١٥٦

ولو سلّمنا ، فغاية ما نسلّمه : أنّه لا يكذّب في ادّعاء علمه ، ولكن من أين ثبتت حجّيّة علمه علينا؟!

فإن قيل : ورد في رواية البصري ـ المتضمّنة لحكم الدعوى على الميّت ـ : « فإن ادّعى ولا بيّنة له فلا حقّ له ، لأنّ المدّعى عليه ليس بحيّ ولو كان حيّا لألزم اليمين أو الحقّ أو يردّ اليمين عليه » (١).

دلّت على أنّه لو كان حيّا لتعلّق به أحد الثلاثة ، ولمّا لم يمكن اليمين أو ردّه هنا فتعيّن الإلزام بالحقّ.

قلنا : يجب إمّا تخصيص الحيّ بالعالم ، أو تخصيص الإلزام والردّ به ، ولا مرجّح ، فيحصل الإجمال المسقط للاستدلال.

وعلى الثاني ـ وهو أن تكون مزوّجة ، سواء زوّجت قبل ادّعائه أو بعده وقبل طيّ الدعوى ـ : ففيه الصور الثلاث المتقدّمة أيضا.

أو لا.

فعلى الأول : فالحكم ظاهر.

وعلى الثاني : فلا مرافعة له مع الزوجة ، بل يحكم عليها بمقتضى اعترافها ، وهو ثبوت كلّ ما يتعلّق به ممّا يختصّ بنفسها ، ولا مدخليّة للغير فيه ، إذ لم يثبت إلاّ نفوذ الاعتراف وتأثيره فيما يختصّ به ، فلو طلّقها الثاني أو مات لم يجز لها التزويج بغير الأول ، وليس لها على الثاني مهر ولا نفقة ،

__________________

(١) الكافي ٧ : ٤١٥ ـ ١ ، الفقيه ٣ : ٣٨ ـ ١٢٨ ، التهذيب ٦ : ٢٢٩ ـ ٥٥٥ ، الوسائل ٢٧ : ٢٣٦ أبواب كيفية الحكم ب ٤ ح ١.

١٥٧

كما مرّ.

نعم ، تبقى المرافعة مع الزوج الثاني ، فإن كانت له بيّنة فيحكم بمقتضاها ، وإلاّ فللأول تحليفه ، فإن حلف فيحكم له بكلّ ما تقتضيه زوجيّته لها ممّا لا ينافيه تصديقها الأول ، فلا تجوز له الخامسة ولا نكاح أمّها ونحوها ، ويسلّط على جماعها ومنعها من الخروج ، ويجوز إجبارها على التمكين والإطاعة ، لأنّهما حقّان ثابتان له عليها ، فلا يزولان إلاّ بمزيل إجماعا.

وإن لم يحلف يقضى بالنكول.

وإن كذّبته : فإن أقام البيّنة فيحكم له.

والمراد بالبيّنة المعتبرة هنا وفي صورة تصديق الزوجة أيضا : من شهد على العقد للأول ، أو اعترافها للثاني.

وإلاّ فقيل : تنقطع دعواه عليها في الزوجيّة بلا خلاف (١).

للروايات الثلاث المتقدّمة.

ولا حلف عليها ، لإطلاقها ، بل للأصل ، لأنّ المتبادر من عمومات الحلف وردّه إنّما هو الموضع الذي لو لم يحلف المنكر ثبت الحقّ ، ولا يثبت هنا حقّ له.

بل قيل : تنقطع دعواه فيما يترتّب على الزوجيّة أيضا (٢).

للأصل.

__________________

(١) انظر الرياض ٢ : ٧٠.

(٢) انظر الرياض ٢ : ٧٠.

١٥٨

وإطلاق الروايات.

وخالف فيه جماعة (١) ، فأوجبوا اليمين عليها بالإضافة إليه.

لعمومات اليمين.

وردّ بعدم عموم فيها يشمل ما نحن فيه ، نظرا إلى أنّ المتبادر منه لزوم الحلف لقطع أصل الدعوى لا لوازمه ، والعمدة في التعدية إليه هو الإجماع ، ولم يثبت هنا.

أقول : لمانع أن يمنع التبادر المذكور ، بل لو سلّمنا اختصاص اليمين بما تنقطع به الدعوى فإنّما هو بالإجماع المنتفي في المقام ، فتبقى العمومات بلا مخصّص.

فالحقّ : توجّه اليمين عليها بالنسبة إلى ما يترتّب على الزوجيّة إن كان ، بل الظاهر توجّهها إليها بالنسبة إلى الزوجيّة أيضا ، للعمومات المذكورة الدافعة للأصل ، مع منع التبادر الذي ادّعوه فيها أيضا ، بل الاختصاص الذي ذكروه إنّما هو بالإجماع ، وهو هنا منفي.

وأمّا الروايات الثلاث ، فلا تثبت إلاّ أنّها امرأة الثاني ولو حلفت ، لا أنّه ليس عليها الحلف وقد يريد الزوج المدّعي تحليفها تشفّيا له على إنكارها.

هذا ، مع أنّ مورد الروايات ما لم يكن الزوج الثاني عالما ولم يدّع المدّعي علمه وقد يدّعي عليه العلم علما أو ظنّا أيضا ، فعلى هذا يلزم أن لا يكون للمدّعي تحليف واحد منهما ، إذ لا تثبت بتصديق أحدهما الزوجيّة.

__________________

(١) كفخر المحققين في الإيضاح ٣ : ٤٠ والشهيد الثاني في الروضة ٥ : ١٣١.

١٥٩

والتحقيق أن يقال : لو ادّعى على الزوجة فقط واعترف بعدم علم الزوج فليس له تحليفها ، إذ الحلف إنّما يكون في مورد يمكن إثبات الحقّ بالنكول أو الردّ ، وهو منتف في المقام ، ولو تركت الحلف لم يترتّب عليه أثر.

ولو لم يعترف بعدم علم الزوج فله تحليفها على نفي الزوجيّة أيضا ، وثمرته : أنّه مع النكول أو الردّ تثمر دعواه على الزوج وتثبت الزوجيّة له بنكوله أو ردّه أيضا.

ثمَّ إنّ للمسألة صورا كثيرة أخرى ـ كما إذا كانت الزوجة مولّى عليها ، فادّعى على وليّها وغير ذلك ـ يستخرج حكمها ممّا يذكر في كتاب القضاء إن شاء الله تعالى.

المسألة السادسة عشرة : لو ادّعت امرأة زوجيّة رجل فتجري فيه الصور المتقدّمة في المسألة السابقة ، ونظير ما إذا كانت الدعوى على الزوجة ما إذا كان الزوج مزوّجا بما لا يجتمع مع زوجته هذه ، كأختها أو بنتها وكالأربع ، ويظهر حكم الجميع ممّا ذكر.

المسألة السابعة عشرة : لو ادّعت امرأة مزوّجة زوجيّة رجل آخر : فإن صدّقها ذلك الرجل يقضي عليهما بما يختصّ بكلّ منهما ، وتبقى لها دعوى مع زوجها الأول :

فإن صدّقها فحكمه ظاهر.

وكذا إن قال : لا أدري.

١٦٠