مستند الشّيعة - ج ١٣

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٣

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-073-0
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٣٦٣

والعيص ومحمّد بن إسماعيل ـ أنّ الواجب إمّا البيات بمنى أو الخروج من مكّة إليها وإن نام في الطريق ، فيكون طريق منى قائما مقامها ، إلاّ أنّي لم أظفر بمصرّح بذلك من الأصحاب.

نعم ، جعله في الذخيرة إشكالا (١) ، والله العالم.

المسألة الرابعة : يكفي في حصول القدر الواجب من المبيت بمنى أن يكون بها ليلا حتى ينتصف الليل ، فله الخروج بعد نصف الليل ، للصحاح الثلاث المتقدّمة لابن عمّار والعيص ورواية جعفر.

ورواية عبد الغفّار الجازي : عن رجل خرج من منى يريد البيت قبل نصف الليل فأصبح بمكّة ، قال : « لا يصلح له حتى يتصدّق بها صدقة أو يهريق دما ، فإن خرج من منى بعد نصف الليل لم يضرّه شي‌ء » (٢).

ودلالة الأخبار المذكورة طرّا على كفاية النصف الأول ـ الذي مبدأه أول الغروب ومنتهاه نصف الليل ـ واضحة.

بل تدلّ صحيحة ابن عمّار الاولى وصحيحة العيص ورواية جعفر (٣) على كفاية النصف الثاني من الليل أيضا ، فيتساوى النصفان في تحصيل الامتثال ، كما عن الحلبي (٤) ، ويميل إليه كلام بعض آخر من المتأخّرين (٥). وهو الأظهر ، لما ذكر.

ولا يعبأ بما ذكره بعضهم من أنّ ظاهر الأصحاب انحصار الوقت‌

__________________

(١) الذخيرة : ٦٧٦.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٥٨ ـ ٨٧٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٣ ـ ١٠٤٤ ، الوسائل ١٤ : ٢٥٦ أبواب العود إلى منى ب ١ ح ١٤.

(٣) المتقدّمة جميعا في ص ٣٠ ـ ٣١.

(٤) الكافي في الفقه : ١٩٨.

(٥) كصاحب المدارك ٨ : ٢٢٧.

٤١

المجزي في النصف الأول (١).

إذ لا يترك مدلول الأخبار المعتبرة مع وجود القائل به بمجرّد ادّعاء أنّ ظاهر الأصحاب غير ذلك.

نعم ، الاحتياط أمر آخر.

والكون بها إلى الفجر أفضل ، كما في السرائر وعن النهاية والمبسوط والكافي والجامع (٢) ، لفتوى هؤلاء ، وصحيحة صفوان المتقدّمة ، وصحيحة الكناني (٣).

ثمَّ مقتضى إطلاق طائفة من الأخبار المتقدّمة وصريح صحيحة العيص : جواز الخروج بعد الانتصاف ولو دخل مكّة.

ويدلّ عليه أيضا الأصل ، والخبر المرويّ في قرب الإسناد : « وإنّ كان خرج من منى بعد نصف الليل فأصبح بمكّة فليس عليه شي‌ء » (٤).

خلافا للسرائر وعن النهاية والمبسوط والوسيلة والجامع ، فقالوا : لا يدخل مكّة حتى يطلع الفجر (٥).

ولم أعثر على مستند لهم ، كما اعترف به في الدروس أيضا (٦).

المسألة الخامسة : يجوز لذوي الأعذار المضطرّين ترك المبيت

__________________

(١) انظر الرياض ١ : ٤٢٦.

(٢) السرائر ١ : ٦٠٤ ، النهاية : ٢٦٥ ، المبسوط ١ : ٣٧٨ ، الكافي : ١٩٨ ، الجامع : ٢١٧.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٥٩ ـ ٨٨٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٤ ـ ١٠٤٩ ، الوسائل ١٤ : ٢٥٥ أبواب العود إلى منى ب ١ ح ١١.

(٤) قرب الإسناد : ٢٤٢ ـ ٩٥٨ ، الوسائل ١٤ : ٢٥٨ أبواب العود إلى منى ب ١ ح ٢٣.

(٥) السرائر ١ : ٦٠٤ ، النهاية : ٢٦٥ ، المبسوط ١ : ٣٧٨ ، الوسيلة : ١٨٨ الجامع للشرائع : ٢١٧.

(٦) الدروس ١ : ٤٥٩.

٤٢

بمنى ، إذ لا حرج في الدين ولا ضرر ولا ضرار ، [ ولصحيحة ] (١) سعيد المتقدّمة (٢).

ومن الأعذار : الخوف على النفس ، أو البضع ، أو المال المحترم.

ومنه : تمريض المريض الذي يخاف عليه.

ومنه : وجود مانع عامّ أو خاصّ يمنع منه ، كنفر الحجيج وغيره.

وعن الخلاف والمنتهى الإجماع على ذلك (٣).

وهل يسقط مع زوال الإثم الفداء أيضا ، أم لا؟

عن الغنية : الأول (٤).

والظاهر : الثاني ، لإطلاق روايات ثبوت الدم بترك المبيت.

وعدّوا من ذوي الأعذار : الرعاة ، وأهل سقاية الحاجّ ، وعن الخلاف والتذكرة والمنتهى : نفي الخلاف عنه (٥).

ومنهم من خصّ استثناء أهل السقاية بأولاد عبّاس بن عبد المطّلب (٦) ، كما أنّ منهم من خصّ استثناء الرعاة بمن لم تغرب عليه الشمس بمنى ، فإن غربت وجب عليه المبيت (٧).

ولا يخفى أنّه لو اضطرّ الراعي إلى ذلك أو الحاجّ إلى الساقي صحّ‌

__________________

(١) في النسخ : وصحيحة ، والأنسب ما أثبتناه.

(٢) في ص : ٣٦.

(٣) الخلاف ٢ : ٣٥٤ ، المنتهى ٢ : ٧٧١.

(٤) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٨١.

(٥) الخلاف ٢ : ٣٥٤ ، التذكرة ١ : ٣٩٢ ، المنتهى ٢ : ٧٧١.

(٦) كالعلاّمة في التحرير ١ : ١٠٩ ، والشهيد في الدروس ١ : ٤٦٠ ، والشافعي في الأم ٢ : ٢١٥.

(٧) كالعلاّمة في التحرير ١ : ١٠٩ ، والشهيد في الدروس ١ : ٤٦٠.

٤٣

الاستثناء ، لدفع الضرر ، وإلاّ فلا وجه له.

وما مرّ من ترخيص الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للعبّاس لا يفيد العموم ، والاتّفاق المدّعى غير ثابت.

٤٤

البحث الثاني

في رمي الجمار الثلاث‌

وفيه مسائل :

المسألة الأولى : يترجّح أن يرمي كلّ يوم من أيّام التشريق كلّ جمرة من الجمرات الثلاث ، إجماعا قطعيّا ، وتدلّ عليه الأخبار المتواترة :

كصحيحة ابن عمّار : « ارم في كلّ يوم عند زوال الشمس ، وقل كما قلت حين رميت جمرة العقبة ، وابدأ بالجمرة الأولى فارمها عن يسارها في بطن المسيل ، وقل كما قلت يوم النحر ، ثمَّ قم عن يسار الطريق فاستقبل القبلة فاحمد الله وأثن عليه وصلّ على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمَّ تقدّم قليلا فتدعو وتسأله أن يتقبّل منك ، ثمَّ تقدّم أيضا ، ثمَّ افعل ذلك عند الثانية فاصنع كما صنعت بالأولى ، وتقف وتدعو الله كما دعوت ، ثمَّ تمضي إلى الثالثة وعليك السكينة والوقار ، فارم ولا تقف عندها » (١).

وإنّما حملناها على مطلق الرجحان مع تضمّنها الأمر ، لوقوعه على ما لا يجب قطعا من كونه عند الزوال ونحوه.

ونحوها في الدلالة عليه أخبار أخر (٢) متضمنّة للجمل الخبريّة للرمي‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٨٠ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٢٦١ ـ ٨٨٨ ، وفي الاستبصار ٢ : ٢٩٦ ـ ١٠٥٧ صدر الحديث فقط ، الوسائل ١٤ : ٦٨ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٢ ح ١ ، وأورد ذيلها في ص ٧٥ ب ١٠ ح ٢.

(٢) انظر الوسائل ١٤ : ٧٢ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٥.

٤٥

أو قضائه أو ترتيبه ، يأتي شطر منها.

وهل ذلك على الوجوب؟

كما هو المشهور بين الأصحاب ، كما عن المختلف وفي شرح المفاتيح (١) ، والمعروف بينهم ، كما في المدارك والذخيرة (٢) ، وبلا خلاف فيه يعرف ، كما عن المنتهى التذكرة (٣) ، بل بلا خلاف مطلقا ، كما في السرائر (٤) ، بل بالإجماع ، كما في المفاتيح وعن المنتهى في شرحه (٥) ، وعن الخلاف على ما يلزمه الإجماع عليه ، كالترتيب والقضاء (٦).

لصحيحة العجلي : عن رجل نسي رمي الجمرة الوسطى في اليوم الثاني قال : « فليرمها في اليوم الثالث لما فاته ، ولما يجب عليه في يومه » ، قلت : فإنّ لم يذكر إلاّ يوم النفر؟ قال : « فليرمها ولا شي‌ء عليه » (٧).

وابن عمّار : في امرأة جهلت أن ترمي الجمار حتى نفرت إلى مكّة ، قال : « فلترجع فلترم الجمار كما كانت ترمي ، والرجل كذلك » (٨).

والأخرى : في رجل أخذ إحدى وعشرين حصاة ، فرمى به فزادت واحدة ، فلم يدر من أيّتهنّ نقصت ، قال : « فليرجع فليرم كلّ واحدة‌

__________________

(١) المختلف : ٣٠٢.

(٢) المدارك ٨ : ٢٢٩ ، الذخيرة : ٦٦٢.

(٣) المنتهى ٢ : ٧٢٩ ، التذكرة ١ : ٣٧٦.

(٤) السرائر ١ : ٦٠٦.

(٥) المفاتيح ١ : ٣٥٠.

(٦) الخلاف ٢ : ٣٥١ ـ ٣٥٤.

(٧) التهذيب ٥ : ٢٦٣ ـ ٨٩٤ ، الوسائل ١٤ : ٧٣ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٥ ح ٣.

(٨) الكافي ٤ : ٤٨٤ ـ ٣ ، الفقيه ٢ : ٢٨٥ ـ ١٤٠١ ، التهذيب ٥ : ٢٦٣ ـ ٨٩٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٦ ـ ١٠٥٨ ، الوسائل ١٤ : ٢٦١ أبواب العود إلى منى ب ٣ ح ١.

٤٦

بحصاة » الحديث (١).

وقويّة عمر بن يزيد : « من أغفل رمي الجمار أو بعضها حتى تمضي أيّام التشريق فعليه أن يرميها من قابل ، فإن لم يحجّ رمى عنه وليّه ، فإن لم يكن له وليّ استعان برجل من المسلمين يرمي عنه ، فإنّه لا يكون رمي الجمار إلاّ أيّام التشريق » (٢) ، إلى غير ذلك (٣).

وقد يستدلّ أيضا للوجوب بما ورد من أنّ الحجّ الأكبر الوقوف بعرفة ورمي الجمار (٤).

وبرواية ابن جبلة : « من ترك رمي الجمار متعمّدا لم تحلّ له النساء ، وعليه الحجّ من قابل » (٥).

ولا دلالة للأول على الوجوب ، مع أنّه ليس باقيا على حقيقته ، وكذا الثاني ، لأنّه خلاف الإجماع والنصوص.

وعن التبيان والجمل والعقود والتهذيبين والإسكافي وابن البرّاج : عدّه من السنّة (٦).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٨٣ ـ ٥ ، الفقيه ٢ : ٢٨٥ ـ ١٣٩٩ ، التهذيب ٥ : ٢٦٦ ـ ٩٠٧ ، الوسائل ١٤ : ٢٦٨ أبواب العود إلى منى ب ٧ ح ١.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٦٤ ـ ٩٠٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٧ ـ ١٠٦٠ ، الوسائل ١٤ : ٢٦٢ أبواب العود إلى منى ب ٣ ح ٤.

(٣) انظر الوسائل ١٤ : ٢٦١ أبواب العود إلى منى ب ٣.

(٤) الكافي ٤ : ٢٦٤ ـ ١ ، الوسائل ١٤ : ٢٦٣ أبواب العود إلى منى ب ٤ ح ١.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٦٤ ـ ٩٠١ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٧ ـ ١٠٦١ ، الوسائل ١٤ : ٢٦٤ أبواب العود إلى منى ب ٤ ح ٥.

(٦) التبيان ٢ : ١٥٤ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢٣٧ ، التهذيب ٥ : ٥٢٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٧ ، حكاه عن الإسكافي وابن البراج في المختلف : ٣٠٢ ، وانظر المهذّب ١ : ٢٥٤.

٤٧

وحمل في المنتهى والسرائر كلام الشيخ على ما ثبت وجوبه من غير الكتاب (١) ، ولكن ظاهر ابن حمزة حمل كلامه على مقابل الواجب ، حيث قال : الرمي واجب عند أبي يعلى ، مندوب إليه عند الشيخ أبي جعفر الطوسي (٢). وهذا المعنى هو الظاهر من التهذيبين.

وحمل بعضهم كلامه على رمي الجمرة العقبة (٣) ، وهو الظاهر من الجمل والعقود.

وعن المفيد : أنّ فرض الحجّ : الإحرام ، والتلبية ، والطواف ، والسعي ، والموقفان ، وما بعد ذلك سنن بعضها أوكد من بعض (٤).

وكيف كان ، فلا ينبغي الريب في ضعف القول بالاستحباب.

لا لما قيل من شذوذ القول به ، وانعقاد الإجماع المتأخّر عنهم (٥) ، إذ بعد مخالفة مثل هؤلاء الأجلّة ـ بل مع احتمال المخالفة ـ لا يعدّ القول شاذّا ، والإجماع المنعقد عن العلماء بعد حين ليس عندنا بحجّة.

بل لما ذكرنا من المستفيضة الخالية عن المعارض بالمرّة.

المسألة الثانية : يجب رمي كلّ جمرة بسبع حصيات ، بلا خلاف يعرف ، كما في الذخيرة (٦) ، بل بالإجماع المحقّق.

وتدلّ عليه صحيحة ابن عمّار الثالثة المتقدّمة في المسألة المتقدّمة ، وتتمّتها الغير المذكورة أيضا ، ولعلّها تأتي ، وغير ذلك من الأخبار التي يأتي‌

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٧٧٢ ، السرائر ١ : ٦٠٦.

(٢) الوسيلة : ١٨١.

(٣) انظر الرياض ١ : ٤٢٧.

(٤) المقنعة : ٦٧.

(٥) انظر الرياض ١ : ٤٢٧.

(٦) الذخيرة : ٦٨٩.

٤٨

بعضها إن شاء الله تعالى.

المسألة الثالثة : يجب رمي الجمرات الثلاث مرتّبا ، يبدأ بالأولى ثمَّ الوسطى ثمَّ العقبة.

والعقبة : ما مرّ بيانه في أعمال يوم النحر ، وإذا تجاوز القادم من مكّة عن العقبة يصل إلى الوسطى ، ثمَّ إلى الاولى ، وهي التي تلي المشعر.

ووجوب الترتيب على النحو المذكور مجمع عليه ، كما عن الخلاف والغنية والتذكرة والمنتهى وفي المدارك والمفاتيح وشرحه (١) ، بل إجماع محقّق ، له ، وللأخبار ، منها : صحيحة ابن عمّار الاولى (٢) ، وغيرها ممّا يأتي في حكم من خالف الترتيب.

المسألة الرابعة : لو خالف الترتيب ورمى منكوسة ، يعيد بما يحصل به الترتيب بالإجماع ، له ، ولتوقّف حصول الامتثال به.

ولصحيحة ابن عمّار المتقدّم بعضها ، وفي آخرها : الرجل ينكس في رمي الجمار فيبدأ بجمرة العقبة ثمَّ الوسطى ثمَّ العظمى ، قال : « يعود فيرمي الوسطى ثمَّ يرمي جمرة العقبة وإن كان في الغد » (٣).

والأخرى : في رجل رمى الجمار منكوسة ، قال : « يعيد على الوسطى وجمرة العقبة » (٤).

وحسنة مسمع : في رجل نسي رمي الجمار يوم الثاني فبدأ بجمرة العقبة ثمَّ الوسطى ثمَّ الأولى « يؤخّر ما رمى بما رمى ، ويرمي الجمرة‌

__________________

(١) الخلاف ٢ : ٣٥١ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٨١ ، التذكرة ١ : ٣٩٣ ، المنتهى ٢ : ٧٧٢ ، المدارك ٨ : ٢٣٠ ، المفاتيح ١ : ٣٧٨.

(٢) راجع ص : ٤٥.

(٣) الكافي ٤ : ٤٨٣ ـ ٥ ، الوسائل ١٤ : ٢٦٦ أبواب العود إلى منى ب ٥ ح ٤.

(٤) الفقيه ٢ : ٢٨٥ ـ ١٣٩٩ ، الوسائل ١٤ : ٢٦٥ أبواب العود إلى منى ب ٥ ح ١.

٤٩

الوسطى ثمَّ جمرة العقبة » (١).

وكذا لو رمى الوسطى ثمَّ العقبة ثمَّ الاولى.

ولو رمى العقبة ثمَّ الاولى ثمَّ الوسطى أعاد العقبة خاصّة.

وكذا لو رمى الاولى ثمَّ العقبة ثمَّ الوسطى.

هذا إذا قدّم المتأخّرة على جميع رميات المتقدّمة أو على الأربع منها فما زادت.

ولو قدّمها على الأقلّ من الأربع منها أتمّ الباقية من المتقدّمة من غير إعادة المتأخّرة.

وحاصله : حصول الترتيب المأمور به برمي الجمرة المتأخّرة بعد رمي أربع حصيات على المتقدّمة ، بلا خلاف فيه بين الأصحاب ، بل عن صريح الخلاف وظاهر التذكرة والمنتهى : الإجماع عليه (٢).

ويدلّ عليه ما في تتمّة صحيحة ابن عمّار الثالثة المتقدّمة : في رجل رمى الاولى بأربع ، والأخيرتين بسبع سبع ، قال : « يعود فيرمي الأولى بثلاث وقد فرغ ، وإن كان رمى الاولى بثلاث ، ورمى الأخيرتين بسبع سبع ، فليعد فليرمهنّ جميعا ، وإن كان رمى الوسطى بثلاث ثمَّ رمى الأخرى ، فليرم الوسطى بسبع ، وإن كان رمى الوسطى بأربع رجع فرمى بثلاث » (٣).

والأخرى : في رجل رمى الجمرة الأولى بثلاث ، والثانية بسبع ، والثالثة بسبع ، قال : « يعيد يرميهنّ جميعا بسبع سبع » ، قلت : فإن رمى‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٨٣ ـ ١ ، وفي التهذيب ٥ : ٢٦٥ ـ ٩٠٢ بتفاوت يسير ، الوسائل ١٤ : ٢٦٥ أبواب العود إلى منى ب ٥ ح ٢.

(٢) الخلاف ٢ : ٣٥١ ، التذكرة ١ : ٣٩٣ ، المنتهى ٢ : ٧٧٢.

(٣) الكافي ٤ : ٤٨٣ ـ ٥ ، الفقيه ٢ : ٢٨٥ ـ ١٣٩٩ ، الوسائل ١٤ : ٢٦٧ أبواب العود إلى منى ب ٦ ح ١ ، بتفاوت.

٥٠

الأولى بأربع ، والثانية بثلاث ، والثالثة بسبع؟ قال : « يرمي الجمرة الأولى بثلاث ، والثانية بسبع ، ويرمي الجمرة العقبة بسبع » ، قلت : فإن رمى الجمرة الأولى بأربع ، والثانية بأربع ، والثالثة بسبع؟ قال : « يعيد فيرمي الأولى بثلاث ، والثانية بثلاث ، ولا يعيد على الثالثة » (١).

ورواية عليّ بن أسباط : « إذا رمى الرجل الجمار أقلّ من أربع لم يجزئه ، أعاد عليها وأعاد على ما بعدها وإن كان قد أتمّ ما بعدها ، وإذا رمى شيئا منها أربعا بنى عليها ولم يعد على ما بعدها إن كان قد أتمّ رميه » (٢).

والظاهر ـ كما هو مقتضى إطلاق تلك الأخبار ـ تساوي العامد والجاهل والناسي في البناء على الأربع ، وهو ظاهر المحكيّ عن المبسوط والخلاف والجامع والتحرير والتلخيص واللمعة (٣).

ونسب إلى السرائر أيضا (٤) ، وهو خطأ ، لتخصيصه الناسي بالذكر ، قال : فإن نسي فرمى الجمرة الأولى بثلاث حصيات ورمى الجمرتين الأخريين على التمام ، كان عليه أن يعيد عليها كلّها.

وإن كان رمى من الجمرة الأولى أربع حصيات ثمَّ رمى الجمرتين‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٦٥ ـ ٩٠٤ ، الوسائل ١٤ : ٢٦٧ أبواب العود إلى منى ب ٦ ح ٢.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٦٦ ـ ٩٠٥ ، الوسائل ١٤ : ٢٦٨ أبواب العود إلى منى ب ٦ ح ٣ وفيه : بنى عليها وأعاد على ما بعدها إن كان ..

(٣) المبسوط ١ : ٣٧٩ ، الخلاف ٢ : ٣٥١ ، الجامع : ٢١٨ ، التحرير ١ : ١١٠ ، اللمعة ( الروضة البهيّة ٢ ) : ٣١٨.

(٤) نسبه إليه وإلى ما تقدّمه في كشف اللثام ١ : ٣٧٩. والظاهر أنّ النسبة إلى ما تقدم خطأ أيضا ، كما يأتي.

٥١

على التمام ، كان عليه أن يعيد على الاولى بثلاث حصيات.

وكذلك إن كان رمى من الوسطى أقلّ من أربع حصيات ، أعاد عليها وعلى ما بعدها ، وإن رماها بأربع تمّمها ، وليس عليه الإعادة على ما بعدها (١). انتهى.

خلافا للسرائر ـ كما تلونا عليك ـ والإرشاد والمحكيّ عن القواعد والتذكرة والمنتهى والدروس والروضة ، فقيّدوه بالناسي (٢) ، بل نسب في الذخيرة والمدارك والمفاتيح التقييد به أو بالجاهل إلى أكثر الأصحاب وإلى الشهرة (٣).

ولا مستند لهم ، سوى ما حكى الفاضل من أنّ الأكثر يقوم مقام الكلّ مع النسيان (٤).

وأنّ اللاحقة قبل إكمال السابقة مع العمد منهيّ عنه ، فيفسد (٥).

والأول : إعادة للمدّعى.

والثاني : مصادرة في المطلوب ، لمنع النهي بعد تمام الأربع ، وهل الكلام إلاّ فيه. ومنع شمول الإطلاق للعامد أو تبادر غيره إلى الذهن ضعيف ، كالاستناد إلى حمل فعل المسلم على الصحّة.

ثمَّ المستفاد من الروايات المذكورة : استئناف الناقصة عن الأربع وما بعدها مطلقا ، ولم أعثر على مصرّح بخلاف ذلك.

__________________

(١) السرائر ١ : ٦٠٩.

(٢) السرائر ١ : ٦٠٩ ، الإرشاد ١ : ٣٣٥ ، القواعد ١ : ٩٠ ، التذكرة ١ : ٣٩٣ ، المنتهى ٢ : ٧٧٢ ، الدروس ١ : ٤٣٠ ، الروضة ٢ : ٣٢٠.

(٣) الذخيرة : ٦٩٠ ، المدارك ٨ : ٢٣٤ ، المفاتيح ١ : ٣٧٨.

(٤) التذكرة ١ : ٣٩٣ ، المنتهى ٢ : ٧٧٢ ، وفيهما : الشي‌ء ، بدل : الكل.

(٥) حكاه صاحب الرياض ١ : ٤٢٧ عن الروضة بالفحوى ، وهو فيها في ج ٢ : ٣٢٠.

٥٢

نعم ، نسب إلى الحلّي أنّه قال بالاكتفاء بإكمال الناقصة واستئناف ما بعدها خاصّة (١) ، وما نقلنا من كلامه صريح فيما ذكرناه ، مخالف لما نسب إليه.

المسألة الخامسة : وقت رمي الجمرة مطلقا ـ سواء كانت الجمرة العقبة الواجب رميها يوم النحر أو رمي أيّام التشريق ـ النهار ، بلا خلاف يعرف.

وتدلّ عليه ـ بعد ظاهر الإجماع ـ صحيحة العجلي المتقدّمة الآمرة لرمي المنسي في اليوم الثالث ، والمصرّحة بقوله : « لما يجب عليه في يومه » (٢).

وصفوان بن مهران : « رمي الجمار ما بين طلوع الشمس إلى غروبها » (٣) ، ونحوها صحيحة منصور (٤).

وصحيحة زرارة وابن أذينة : قال للحكم بن عتيبة : « ما حدّ رمي الجمار؟ » فقال الحكم : عند زوال الشمس ـ إلى أن قال : ـ « هو والله ما بين طلوع الشمس إلى غروبها » (٥).

وإسماعيل بن همام : « لا ترم الجمرة يوم النحر حتى تطلع الشمس » (٦) ،

__________________

(١) نسبه إليه في الدروس ١ : ٤٣٠ ، وانظر السرائر ١ : ٦١٠.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٦٣ ـ ٨٩٤ ، الوسائل ١٤ : ٧٣ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٥ ح ٣.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٦٢ ـ ٨٩٠ ، الوسائل ١٤ : ٦٩ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٣ ح ٢ وفيه : ارم الجمار ..

(٤) التهذيب ٥ : ٢٦٢ ـ ٨٩١ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٦ ـ ١٠٥٥ ، الوسائل ١٤ : ٦٩ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٣ ح ٤.

(٥) الكافي ٤ : ٤٨١ ـ ٥ ، التهذيب ٥ : ٢٦٢ ـ ٨٩٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٦ ـ ١٠٥٦ ، الوسائل ١٤ : ٦٩ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٣ ح ٥.

(٦) الكافي ٤ : ٤٨٢ ـ ٧ ، الوسائل ١٤ : ٧٠ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٣ ح ٧.

٥٣

وغير ذلك.

المؤيّدة جميعا بما يأتي من التعبير بـ : رمي الخائف والمريض ونحوهما ليلا بالترخّص ، ومن تعليق الرمي في الليل بالخوف ونحوه ، كما يأتي.

ولا تنافيه رواية عليّ بن عطيّة : أفضنا من المزدلفة بليل أنا وهشام بن عبد الملك الكوفي ، وكان هشام خائفا ، فانتهينا إلى جمرة العقبة طلوع الفجر ، فقال لي هشام : أيّ شي‌ء أحدثنا في حجّتنا؟! فنحن كذلك إذ لقينا أبا الحسن موسى عليه‌السلام وقد رمى الجمار وانصرف ، فطابت نفس هشام (١).

لأنّ رميه عليه‌السلام كان بعد طلوع الفجر ، مع أنّه قضية في واقعة ، فلعلّه عليه‌السلام كان خائفا أو مريضا أو له عذر آخر.

هذا في غير المعذور.

وأمّا المعذور ـ كالخائف ، والراعي ، والعبد الذي لا يملك من أمره شيئا ، والمدين ، والحاطبة ـ فيجوز لهم الرمي ليلا ، بلا خلاف ظاهر فيه ، كما صرّح بعضهم أيضا (٢) ، بل بالاتّفاق كبعض آخر (٣).

للمعتبرة المستفيضة ، كصحيحتي زرارة ومحمّد (٤) وابن سنان (٥) في الأول ، ورواية أبي بصير في الثاني (٦) ، وموثّقة سماعة في الثانيين (٧) ،

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٦٣ ـ ٨٩٧ ، الوسائل ١٤ : ٧١ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٤ ح ٣.

(٢) المفاتيح ١ : ٣٧٩ ، كشف اللثام ١ : ٣٧٩ ، الرياض ١ : ٤٢٨.

(٣) انظر الخلاف ٢ : ٣٤٥ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٨١.

(٤) الكافي ٤ : ٤٨٥ ـ ٤ ، الوسائل ١٤ : ٧١ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٤ ح ٤.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٦٣ ـ ٨٩٥ ، الوسائل ١٤ : ٧٠ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٤ ح ١.

(٦) الكافي ٤ : ٤٨١ ـ ٦ ، الوسائل ١٤ : ٧٢ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٤ ح ٦.

(٧) الكافي ٤ : ٤٨٥ ـ ٥ ، الوسائل ١٤ : ٧١ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٤ ح ٥.

٥٤

وموثّقته الأخرى في الثلاثة (١) ، ورواية أخرى لأبي بصير في الأول والأخيرين (٢) ، ورواية عليّ بن حمزة ـ المتقدّمة في الواجب الثالث من واجبات منى ـ في الأول والمرأة (٣) ، ويستفاد منها ومن سائر المعتبرة المتقدّمة في البحث المذكور : استثناء المرأة أيضا مطلقا ، ومن بعضها استثناء الصبيان أيضا ، ولا بأس به.

واستثني في الشرائع والإرشاد (٤) وغيرهما (٥) : المريض أيضا ، بل في المفاتيح : نفي الخلاف (٦) ، وفي شرحه : الاتّفاق على استثنائه.

واستدلّ له برواية أبي بصير الأخيرة المشار إليها ، وهي : عن الذي ينبغي له أن يرمي بليل من هو؟ قال : « الحاطبة ، والمملوك الذي لا يملك من أمره شيئا ، والخائف ، والمدين ، والمريض الذي لا يستطيع أن يرمي يحمل إلى الجمار ، فإن قدر على أن يرمي وإلاّ فارم عنه وهو حاضر ».

ويمكن الخدش في دلالتها ، لجواز كون قوله : « والمريض » مبتدأ خبره : « يحمل » ، ويكون بيانا لحكم المريض ، ولم يكن معطوفا على سابقة.

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٦٣ ـ ٨٩٦ ، الوسائل ١٤ : ٧١ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٤ ح ٢.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٨٦ ـ ١٤٠٣ ، الوسائل ١٤ : ٧٢ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٤ ح ٧.

(٣) الكافي ٤ : ٤٧٤ ـ ٤ ، التهذيب ٥ : ١٩٤ ـ ٦٤٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٥٦ ـ ٩٠٤ ، الوسائل ١٤ : ٥٣ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١ ح ٢.

(٤) الشرائع ١ : ٢٧٥ ، الإرشاد ١ : ٣٣٦.

(٥) انظر الخلاف ٢ : ٣٤٥ ، القواعد ١ : ٩٠ ، الدروس ١ : ٤٢٩.

(٦) المفاتيح ١ : ٣٧٩.

٥٥

ومقتضى إطلاق كثير من النصوص : عدم الفرق في الليل بين المتقدّم والمتأخّر وإن اختصّ بعضها ـ الوارد في جمرة العقبة ـ بالليل المتقدّم.

وقيل : الظاهر أنّ المراد بالرمي ليلا : رمي جمرات كلّ يوم في ليلته ، ولو لم يتمكّن من ذلك لم يبعد جواز رمي الجميع في ليلة واحدة ، لأنّه أولى من الترك أو التأخّر (١). انتهى. ولا بأس به.

المسألة السادسة : ووقته من النهار ما بين طلوع الشمس وغروبها ، وفاقا للنهاية والمبسوط والسيّد والإسكافي والعماني والحلبي والحلّي والفاضلين (٢) ، وغيرهم (٣) ، بل هو المشهور ، كما صرّح به غير واحد (٤).

لصحاح : صفوان ، ومنصور ، وزرارة ، المتقدّمة في المسألة السابقة.

وصحيحة أخرى لمنصور : « ترمي الجمار من طلوع الشمس إلى غروبها » (٥).

ومرسلة الفقيه ، وفيها : فقلت : إلى متى يكون رمي الجمار؟ فقال : « من ارتفاع النهار إلى غروب الشمس ، ومن أصاب الصيد فليس له أن ينفر في‌

__________________

(١) المدارك ٨ : ٢٣٣.

(٢) النهاية : ٢٦٦ ، المبسوط ١ : ٣٧٨ ، السيد في الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٠٨ ، حكاه عن الإسكافي والعماني في المختلف : ٣١٠ ، الحلبي في الكافي : ١٩٩ ، الحلي في السرائر ١ : ٦٠٥ و ٦٠٩ ، المحقق في النافع : ٩٧ ، والشرائع ١ : ٢٧٥ ، العلاّمة في المنتهى ٢ : ٧٣٢.

(٣) كالدروس ١ : ٤٢٩ ، والمفاتيح ١ : ٣٧٩.

(٤) انظر المسالك ١ : ١٢٦ ، المدارك ٨ : ٢٣٠ ، الرياض ١ : ٤٢٧.

(٥) الكافي ٤ : ٤٨١ ـ ٤ ، الوسائل ١٤ : ٧٠ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٣ ح ٦ وفيهما : رمي الجمار ..

٥٦

النفر الأول » (١).

والمراد من ارتفاع النهار : طلوع الشمس ، فإنّه ارتفاع بالنسبة إلى طلوع الفجر ، وإنّما حملناه على ذلك إذ لم يقل أحد بأنّ المبدأ ارتفاع الشمس.

خلافا في مبدئه للمحكيّ عن الوسيلة والإشارة ووالد الصدوق ، فجعلوه أول النهار الصادق على ما بين الطلوعين أيضا (٢) ، ولعلّه لرواية عليّ بن عطيّة المتقدّمة ، وقد عرفت ضعف دلالتها ، فتبقى صحيحة إسماعيل السابقة وغيرها خالية عن المعارض.

ويمكن قريبا أن يكون مرادهم من أول النهار : طلوع الشمس ، كما هو مصطلح الهيئويّين ، ووقع في بعض كتب اللغة (٣).

وعن الخلاف والغنية والإصباح والجواهر ، فجعلوه بعد الزوال (٤) ، لنقل بعضهم الإجماع (٥) ، وصحيحة ابن عمّار المتقدّمة في المسألة الاولى.

والأول ليس بحجّة ، سيّما مع جعل هذا القول في المختلف شاذّا لم يعمل به أحد من علمائنا (٦).

وكذا الثاني لو حمل على الحقيقة ، لمخالفتها الشهرة العظيمة ، مع أنّها‌

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٨٩ ـ ١٤٢٦ ، الوسائل ١٤ : ٦٨ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٣ ح ١ وفيه صدر الحديث.

(٢) الوسيلة : ١٨٨ ، الإشارة : ١٣٨ ، حكاه عن والد الصدوق في المختلف : ٣١٠.

(٣) المصباح المنير : ٦٢٧ ، مجمع البحرين ٣ : ٥٠٧.

(٤) الخلاف ٢ : ٣٥١ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٨١ ، الجواهر : ٤٣.

(٥) كما في الخلاف ٢ : ٣٥١ ، والغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٨١ ، والجواهر : ٤٣ ، والرياض ١ : ٤٢٧.

(٦) المختلف : ٣١١.

٥٧

معارضة للصحاح الكثيرة ، على فهي إرادة المجاز عنها قرينة ، ولو قطع النظر عنها فتحتمل التقيّة ، لموافقتها لمذهب الشافعي وأبي حنيفة (١).

هذا كلّه ، مع أنّ ما أمر به فيها هو الرمي عند الزوال ، ومقتضاه عدم جوازه بعده ، وهو ممّا لم يقل به أحد من الطائفة ، وردّته صريحا صحيحة ابن أذينة وزرارة المتقدّمة (٢) ، مؤكدا باليمين بالجلالة.

وفي منتهاه للمحكيّ عن الصدوقين ، فجعلاه أول الزوال وإن صرّحا بالرخصة في التقديم أيضا (٣). وهو أيضا ضعيف غايته.

والأفضل إيقاعه عند الزوال ، لصحيحة ابن عمّار المذكورة.

المسألة السابعة : لو نسي رمي جمرة من الجمرات الثلاث أو جمرتين في يوم ، قضاه بعده وجوبا ، بلا خلاف ، لصحيحة العجلي المتقدّمة في المسألة الاولى ، وصحيحة ابن عمّار الأولى المتقدّمة في المسألة الرابعة.

وصحيحة ابن سنان : في رجل أفاض من جمع حتّى انتهى إلى منى ، فعرض له عارض فلم يرم الجمرة حتى غابت الشمس ، قال : « يرمي إذا أصبح مرّتين : مرّة لما فاته ، والأخرى ليومه الذي يصبح فيه ، وليفرق بينهما ، إحداهما بكرة وهي للأمس ، والأخرى عند زوال الشمس وهي ليومه » (٤).

والإطلاقات المتقدّمة الآمرة بالإعادة لو نكس.

وغير الاولى من تلك الروايات وإن كانت قاصرة عن إفادة الوجوب ،

__________________

(١) الشافعي في الأم ٢ : ٢١٣ ، وعن أبي حنيفة في بدائع الصنائع ٢ : ١٣٧.

(٢) في ص ٥٣.

(٣) حكاه عن والد الصدوق في المختلف : ٣١٠ ، الصدوق في المقنع : ٩٢ ، والهداية : ٦٤ ، والفقيه ٢ : ٣٣١ ، ولم نعثر على تصريح لوالد الصدوق بالرخصة في التقديم.

(٤) الكافي ٤ : ٤٨٤ ـ ٢ ، التهذيب ٥ : ٢٦٢ ـ ٨٩٣ ، الوسائل ١٤ : ٧٢ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٥ ح ١ ، ٢.

٥٨

إلاّ أنّ الأمر في الأولى كاف في إثباته ، بل وكذا عمل الأصحاب. وهي وإن اختصّت بواحدة ، إلاّ أنّ الإجماع المركّب يجاوز حكم وجوبها إلى الزائدة أيضا.

ويجب التعجيل في الغد ، للصحيحة الاولى.

ومقتضى الصحيحة الاولى : هو قضاء الجمرة الفائتة خاصّة دون غيرها ممّا تقدّم عليها أو تأخّر ، وكذا مقتضى الثانية في المتقدّم ، ويدلّ عليه الأصل أيضا.

ويظهر من بعضهم قضاء المتأخّرة أيضا ، لوجوب الترتيب (١).

وإثباته في القضاء مشكل ، وثبوته في الأداء لا يدلّ عليه في القضاء.

ثمَّ إنّ ظاهرهم أنّ الحكم كذلك لو ترك رمي جمرة أو جمرتين عمدا أو جهلا أو اضطرارا ، وهو مقتضى إطلاق الصحيحة الثانية ، بل الثالثة ، وإن كان في دلالتهما على الوجوب نظر ، إلاّ أنّ مجرّد رجحان القضاء بضميمة الإجماع المركّب كأنّه يكفي في إثباته.

والظاهر عدم الريب في وجوب قضاء ما أتى به من المتأخّرة أيضا إذا كان تعمّدا ، للنهي الموجب للفساد.

ولو نسي رمي جمار يوم كلاّ ، يجب قضاؤه أيضا في الغد ، بلا خلاف فيه كما قيل (٢) ، بل بالإجماع كما عن الغنية (٣).

قيل : وإن فاته رمي يومين قضاهما في الثالث (٤).

__________________

(١) انظر المدارك ٨ : ٢٣٦.

(٢) في الرياض ١ : ٤٢٧.

(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٨١.

(٤) المدارك ٨ : ٢٣٦ ، الرياض ١ : ٤٢٧.

٥٩

ووجوب أصل القضاء وإن ثبت ممّا يأتي من أخبار من نسيها حتى دخل مكّة أو مضيّ أيّام التشريق ، ولكن دليل وجوب قضائه من الغد وكذا قضاء اليوم الأول في الثالث فلعلّه الإجماع البسيط أو المركّب ، وإلاّ فلا شي‌ء من الأخبار يدلّ عليه ، وكذا لو تركها من غير نسيان ، من عذر أو جهل أو عمد.

ثمَّ إنّهم قالوا بوجوب الترتيب في اليوم اللاحق بالبدأة بوظيفة السابق أولا ثمَّ وظيفة اليوم ، بل قالوا : لو فاته يومين بدأ بالأول ثمَّ الثاني ثمَّ الثالث.

واستدلّوا عليه بالإجماع المحكيّ في الخلاف (١).

وبتقدّم السبب.

وبالاحتياط.

وبصحيحة ابن سنان.

والأول : ليس بحجّة.

والثاني : ضعيف في الغاية ، لمنع اقتضاء تقدّم السبب لتقديم المسبّب.

والثالث : ليس بواجب.

والرابع : كان حسنا لو لا تقييد الأمر فيه بما بعده ، فإنّه غير واجب قطعا ، للأصل ، وظاهر الإجماع كما قيل أيضا (٢) ، والحكم في بعض الأخبار الآتية بالفصل بين الرميتين بساعة المنافي لما في ذلك الصحيح ، فإن ثبت الإجماع على وجوب الترتيب ، وإلاّ فالأصل يقتضي عدمه ، ولكن لا شكّ في رجحانه ، بل كونه أحوط.

المسألة الثامنة : لو نسي رمي الجمار حتى نفر ودخل مكّة وجب‌

__________________

(١) الخلاف ٢ : ٣٥٦.

(٢) انظر المفاتيح ١ : ٣٧٩ ، الرياض ١ : ٤٢٨.

٦٠