مستند الشّيعة - ج ١٣

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٣

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-073-0
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٣٦٣

ـ في تعيين الدرهم للحمامة ، ونصفه لفرخها ، وربعه لبيضتها ـ محمول على كون ذلك قيمة وقت السؤال ، جمعا بين الأخبار.

وذهب بعض الأصحاب إلى تعيينه فيما عيّن ، حملا للمطلق على المقيّد (١).

وهو الأقرب.

وقيل بوجوب أكثر الأمرين من الدرهم والقيمة (٢).

وهو الأحوط.

ولو اشترك جماعة محلّون في قتله ، ففي وجوب القيمة على كلّ واحد منهم قياسا على المحرمين ، أو على جميعهم قيمة واحدة لأصالة البراءة ، قولان ، الأول للشهيد (٣) ، والثاني للشيخ (٤) ، وهو الأقوى.

ولا يتوهّم أنّه يمكن نفي القيمة هنا مطلقا لأنّ الثابت منها على شخص واحد دون المتعدّد ، إذ من الأخبار ما يتضمّن الجنس الصادق على الواحد والمتعدّد.

ولو ارتكب جناية غير القتل ، فقيل : المشهور وجوب الأرش ، ويظهر من بعضهم كونه اتّفاقيّا ، حيث قال ـ على ما حكي عنه ـ : لو لا‌

__________________

٢٥ أبواب كفّارات الصيد ب ١٠ ح ١.

وخبر حفص بن البختري المذكور في : الكافي ٤ : ٢٣٤ ـ ١٠ ، التهذيب ٥ : ٣٤٥ ـ ١١٩٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٠ ـ ٦٧٧ الوسائل ١٣ : ٢٦ أبواب كفّارات الصيد ب ١٠ ح ٥.

(١) انظر الرياض ١ : ٤٥٣.

(٢) انظر الرياض ١ : ٤٥٣.

(٣) لم نعثر على كذا قول للشهيد ، نعم قال به الشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٤١.

(٤) المبسوط ١ : ٣٤٦.

٣٢١

اتّفاق الأصحاب على وجوب الأرش لأمكن القول بعدم الوجوب ، إذ لم يثبت كون الأجزاء مضمونة كالجملة. انتهى.

ويظهر من المدارك وبعض شرّاح النافع عكس ذلك ، حيث قال الأول ـ في شرح قول المصنّف : فلو أصاب صيدا ففقأ عينه أو كسر قرنه كان عليه صدقة استحبابا ـ : ولم يتعرّض الأصحاب لغير هاتين الجنايتين ، وأصالة البراءة تقتضي عدم الكفّارة ، إلى آخره (١).

وقال الثاني ـ في شرح قوله : وتستحبّ الصدقة لو كسر قرنه أو فقأ عينه ـ : وفاقا للحلّي ، وليس في المتن وغيره التعرّض لغير الجنايتين ، لعدم النصّ ، وأصالة البراءة تقتضي عدم ترتّب الكفّارة في غيرهما وإن قلنا بحرمة الجناية ، لعدم الملازمة (٢). انتهى.

وهو حسن ، فالحقّ : عدم الكفّارة في غير القتل.

ولا شي‌ء ـ في قتل الصيد الذي يؤمّ الحرم ولم يدخله ـ وجوبا على المحلّ ، للأصل ، وانتفاء الدليل المثبت للوجوب.

نعم ، يكره ، ويستحبّ الفداء.

وكذا يكره الصيد بين البريد والحرم ، أي من أول الحرم إلى منتهى بريد ، وهو أربعة فراسخ خارج الحرم ، ويسمّى حرم الحرم.

ويستحبّ الفداء على الأظهر الأشهر.

أمّا الكراهة واستحباب الفداء فللشهرة ، وصحيحتي الحلبي (٣).

__________________

(١) المدارك ٨ : ٣٨١.

(٢) الرياض ١ : ٤٦٤.

(٣) الاولى في : التهذيب ٥ : ٣٦١ ـ ١٢٥٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٧ ـ ٧٠٥ ، الوسائل ١٣ : ٧١ أبواب كفّارات الصيد ب ٣٢ ح ١. الثانية في : الكافي ٤ : ٢٣٢ ـ ١ ، الوسائل ١٣ : ٧١ أبواب كفّارات الصيد ب ٣٢ ذيل الحديث ١.

٣٢٢

وأمّا عدم الوجوب فللأصل ، وقصورهما عن إفادة الحرمة ، ومعارضتهما لصحيحة البجلي (١) النافية للجزاء ، فقول جماعة بالحرمة والوجوب (٢) للصحيحين ضعيف.

ومن أدخل صيدا في الحرم وجب عليه إرساله ، ولو تلف في يده ضمنه ولو كان السبب غيره.

وكذا لو أخرجه من الحرم فتلف قبل الإرسال.

كلّ ذلك بالإجماع المحقّق والمنقول مستفيضا (٣) ، وبالصحاح المستفيضة (٤).

ولو كان الصيد طائرا مقصوصا وجب عليه حفظه بنفسه أو بإيداعه عند رجل مسلم أو امرأة مسلمة حتى يكمل ريشه ثمَّ يرسله ، بلا خلاف فيه يوجد.

وتدلّ عليه الأخبار المعتبرة (٥) ، وفيها الصحيح (٦).

وفي تحريم صيد حمام الحرم على المحلّ من الحلّ قولان ،

__________________

(١) الفقيه ٢ : ١٦٨ ـ ٧٣٧ ، العلل : ٤٥٤ ـ ٨ ، الوسائل ١٣ : ٦٧ أبواب كفّارات الصيد ب ٣٠ ح ٣.

(٢) منهم المفيد في المقنعة : ٤٣٩ ، الشيخ في النهاية : ٢٢٨ ، القاضي في المهذّب ١ : ٢٢٨ ، ابن حمزة في الوسيلة : ١٦٥.

(٣) كما في المدارك ٨ : ٣٨٤ ، المفاتيح ١ : ٣٩٠ ، الرياض ١ : ٤٦٤.

(٤) الوسائل ١٣ : ٣٧ أبواب كفّارات الصيد ب ١٤.

(٥) الوسائل ١٣ : ٣٠ أبواب كفّارات الصيد ب ١٢.

(٦) الكافي ٤ : ٢٣٣ ـ ٦ ، الفقيه ٢ : ١٦٩ ـ ٧٣٨ ، التهذيب ٥ : ٣٤٨ ـ ١٢٠٨ ، الوسائل ١٣ : ٣٤ أبواب كفّارات الصيد وتوابعها ب ١٢ ح ١٣.

٣٢٣

أحوطهما ـ بل أجودهما ـ التحريم ، وكذا بيضها.

ومن نتف ريشة من حمام الحرم كانت عليه صدقة يسلّمها بتلك اليد الجانية ، لرواية إبراهيم بن ميمون (١) ، وهي في الدلالة على الوجوب قاصرة ، إلاّ أنّه أحوط.

ولو ذبح في الحرم صيد كان حراما وميتة ولو ذبحه المحلّ ، بالإجماع والمستفيضة (٢).

ولو ذبحه في الحلّ وأدخله الحرم لم يحرم على المحلّ كذلك.

وكما يحرم الصيد في الحرم تحرم الدلالة عليه والإشارة إليه ، وقد مرّ في المسألة السابقة ما يدلّ عليه.

ويجب التصدّق بما يفديه المحلّ لصيد الحرم وإن كان مملوكا ، إلاّ أنّ في المملوك ضمان قيمته لمالكه أيضا.

ويستثنى من وجوب التصدّق ما يفديه لحمام الحرم ، فإنّه يتخيّر فيه بين التصدّق واشتراء العلف لحمام الحرم ، كما مرّ في بحث الكفّارات.

المسألة التاسعة : يحرم قطع شجر الحرم وحشيشه ، بإجماع العلماء والصحاح المستفيضة (٣).

وقد مرّ ما يتعلّق بذلك مفصّلا في بحث تروك الإحرام ، وأنّه لا يحرم من حيث الإحرام وإنّما يحرم من حيث الحرم.

المسألة العاشرة : من مات في أحد الحرمين ـ مكّة أو المدينة ـ لم‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٣٥ ـ ١٧ ، التهذيب ٥ : ٣٤٨ ـ ١٢١٠ ، الفقيه ٢ : ١٦٩ ـ ٧٣٩ ، الوسائل ١٣ : ٣٦ أبواب كفّارات الصيد ب ١٣ ح ٥.

(٢) الوسائل ١٣ : ٦٥ أبواب كفّارات الصيد ب ٢٩.

(٣) الوسائل ١٢ : ٥٥٢ أبواب تروك الإحرام ب ٨٦.

٣٢٤

يعرض يوم القيامة ولم يحاسب.

كما نصّ عليه في رواية أبي حجر الأسلمي ، الآتية في المسألة اللاّحقة (١) ، ويستفاد منها أنّ من مات في سفر الحجّ يحشر مع أصحاب بدر.

وفي مرسلة الفقيه : « من دفن في الحرم أمن من الفزع الأكبر ، من برّ الناس وفاجرهم » (٢).

وفي حديث آخر : « من مات بالمدينة كان مع الآمنين » (٣).

المسألة الحادية عشرة : لا يجوز دخول مكّة بغير إحرام ، إجماعا منقولا (٤) ومحقّقا.

وتدلّ عليه صحيحتا محمّد (٥) ورفاعة (٦) وروايتا رفاعة (٧) والقاسم [ عن ] (٨) علي ، ورواية عاصم (٩) ، وغيرها (١٠).

__________________

(١) انظر ص : ٣٢٨.

(٢) الفقيه ٢ : ١٤٧ ـ ٦٥٠ ، الوسائل ١٣ : ٢٨٧ أبواب مقدّمات الطواف ب ٤٤ ح ١.

(٣) الكافي ٤ : ٥٥٨ ـ ٣ ، التهذيب ٦ : ١٤ ـ ٢٨ ، الوسائل ١٤ : ٣٤٨ أبواب المزار وما يناسبه ب ٩ ح ٣ ، بتفاوت يسير.

(٤) كما في المدارك ٧ : ٣٨٠ ، كشف اللثام ١ : ٣٢٠ ، الرياض ١ : ٣٨١.

(٥) الفقيه ٢ : ٢٣٩ ـ ١١٤٠ ، التهذيب ٥ : ٤٤٨ ـ ١٥٦٤ ، الوسائل ١٢ : ٤٠٤ أبواب الإحرام ب ٥٠ ح ٤.

(٦) التهذيب ٥ : ١٦٥ ـ ٥٥٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٥ ـ ٨٥٧ ، الوسائل ١٢ : ٤٠٣ أبواب الإحرام ب ٥٠ ح ٣.

(٧) الكافي ٤ : ٣٢٤ ـ ٤ ، الوسائل ١٢ : ٤٠٥ أبواب الإحرام ب ٥٠ ح ٨.

(٨) في النسخ : والقاسم بن علي ، وهو تصحيف ، والصحيح ما أثبتناه ـ انظر الفقيه ٢ : ٢٣٩ ـ ١١٤١ ، الوسائل ١٢ : ٤٠٥ أبواب الإحرام ب ٥٠ ح ١٠.

(٩) التهذيب ٥ : ١٦٥ ـ ٥٥٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٥ ـ ٨٥٥ ، الوسائل ١٢ : ٤٠٢ أبواب الإحرام ب ٥٠ ح ١.

(١٠) الوسائل ١٢ : ٤٠٢ أبواب الإحرام ب ٥٠.

٣٢٥

ومقتضى بعض هذه الأخبار : عدم جواز دخول الحرم بغير إحرام ، كما حكي الفتوى به عن جمع (١).

وهو الأحوط ، بل الأظهر.

واختلفت هذه الأخبار في استثناء المريض والمبطون ، ففي بعضها التصريح بالاستثناء ، وفي آخر بالعدم.

وجمع بينهما بعضهم بحمل الأول على غير المتمكّن والثاني على المتمكّن.

وهو جمع بلا شاهد ، والرجوع إلى الأصل والحمل على الاستحباب ـ كما عن الشيخ (٢) وغيره (٣) ـ أولى.

واستثني أيضا من دخلها بعد الإحلال من إحرام وقبل مضيّ شهر من إحلاله من الإحرام السابق ، أو من خروجه ، على اختلاف القولين.

ويستثنى أيضا الحطّابة والمجتلبة (٤).

المسألة الثانية عشرة : يكره دخول الحرم مع السلاح البارز ، لصحيحة حريز : « لا ينبغي أن يدخل الحرم بسلاح ، إلاّ أن يدخله في جوالق (٥) أو يغيّبه » ، يعني : يلفّ على الحديد شيئا (٦).

ونحوها صحيحة أبي بصير ، وفيها : « ولكن إذا دخل مكّة لم‌

__________________

(١) حكاه عنهم في الرياض ١ : ٣٨١.

(٢) الاستبصار ٢ : ٢٤٦.

(٣) كالعلاّمة في المنتهى ٢ : ٦٨٨.

(٤) المجتلبة : الذين يجلبون الأرزاق ـ مجمع البحرين ٢ : ٢٥.

(٥) جوالق : وعاء من الأوعية معروف معرّب ـ لسان العرب ١٠ : ٣٦.

(٦) الكافي ٤ : ٢٢٨ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ١٦٤ ـ ٧٠٨ ، الوسائل ١٣ : ٢٥٦ أبواب مقدّمات الطواف ب ٢٥ ح ١.

٣٢٦

يظهره » (١).

المسألة الثالثة عشرة : يستحبّ ختم القرآن بمكّة ، فإنّه روى الصدوق في الفقيه مرسلا عن عليّ بن الحسين عليهما‌السلام أنّه قال : « من ختم القرآن بمكّة لم يمت حتى يرى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويرى منزله في الجنّة » (٢).

المسألة الرابعة عشرة : تستحبّ زيارة قبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم‌ استحبابا مؤكّدا إجماعا ، بل ضرورة دينيّة ، واستفاضت به الأخبار المطلقة والمتضمّنة لخصوص ما بعد الممات.

ففي رواية يزيد بن عبد الملك ، عن أبيه ، عن جدّه : دخلت على فاطمة عليها‌السلام فبدأتني بالسلام ، ثمَّ قالت : « ما بدا بك؟ » قلت : طلب البركة ، قالت : « أخبرني أبي وهو ذا هو : أنّه من سلّم عليه وعليّ ثلاثة أيّام أوجب الله له الجنّة » ، قلت لها : في حياته وحياتك؟ قالت : « نعم ، وبعد موتنا » (٣).

وفي رواية السدوسي : قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أتاني زائرا كنت شفيعه يوم القيامة » (٤).

وفي رواية أبي شهاب : قال الحسين عليه‌السلام لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « يا أبتاه ما لمن زارك؟ » فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « يا بنيّ ، من زارني حيّا أو ميّتا أو‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٢٨ ـ ٢ ، الفقيه ٢ : ١٦٤ ـ ٧٠٧ ، الوسائل ١٣ : ٢٥٦ أبواب مقدمات الطواف ب ٢٥ ح ٢.

(٢) الفقيه ٢ : ١٤٦ ـ ٦٤٥ ، الوسائل ١٣ : ٢٨٩ أبواب مقدّمات الطواف ب ٤٥ ح ٣.

(٣) التهذيب ٦ : ٩ ـ ١٨ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٧ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٨ ح ١.

(٤) الكافي ٤ : ٥٤٨ ـ ٣ ، التهذيب ٦ : ٤ ـ ٤ ، ورواها في الوسائل ١٤ : ٣٣٣ أبواب المزار وما يناسبه ب ٣ ح ٢ عن السندي.

٣٢٧

زار أباك أو زار أخاك أو زارك كان حقّا عليّ أن أزوره يوم القيامة وأخلّصه من ذنوبه » (١).

وفي مرسلة الفقيه : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي عليه‌السلام : « يا عليّ ، من زارني في حياتي أو بعد موتي أو زارك في حياتك أو بعد موتك أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد موتهما ضمنت له يوم القيامة أن أخلّصه من أهوالها وشدائدها حتى أصيّره معي في درجتي » (٢).

وفي رواية سليمان : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من زارني في حياتي وبعد موتي كان في جواري يوم القيامة » (٣).

وفي صحيحة ابن سنان : « بينا الحسين بن عليّ عليهما‌السلام في حجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ رفع رأسه فقال : يا أبه ما لمن زارك بعد موتك؟ فقال : يا بنيّ من أتاني زائرا بعد موتي فله الجنّة ، ومن أتى أباك زائرا بعد موته فله الجنّة ، ومن أتى أخاك بعد موته زائرا فله الجنّة ، ومن أتاك زائرا بعد موتك فله الجنّة » (٤).

وفي رواية الأسلمي : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أتى مكّة حاجّا ولم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة ، ومن أتاني زائرا وجبت له شفاعتي ،

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٤٨ ـ ٤ ، ورواها في التهذيب ٦ : ٤ ـ ٧ عن المعلّى بن شهاب ، وفي الوسائل ١٤ : ٣٢٦ أبواب المزار وما يناسبه ب ٢ ح ١٤ عن المعلّى بن أبي شهاب.

(٢) الفقيه ٢ : ٣٤٦ ـ ١٥٨١ بتفاوت يسير ، الوسائل ١٤ : ٣٢٨ أبواب المزار وما يناسبه ب ٢ ح ١٦.

(٣) التهذيب ٦ : ٣ ـ ٢ ، ورواها في الوسائل ١٤ : ٣٣٤ أبواب المزار وما يناسبه ب ٣ ح ٥ عن صفوان بن سليمان.

(٤) التهذيب ٦ : ٤٠ ـ ٨٤ ، الوسائل ١٤ : ٣٢٩ أبواب المزار وما يناسبه ب ٢ ح ١٧ ، وفي التهذيب ٦ : ٢٠ ـ ٤٤ ونسختي « ح » و « س » : بينا الحسن بن علي عليهما‌السلام.

٣٢٨

ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنّة ، ومن مات في أحد الحرمين ـ مكّة والمدينة ـ لم يعرض ولم يحاسب ، ومن مات مهاجرا الى الله عزّ وجلّ يحشر يوم القيامة مع أصحاب بدر » (١).

الى غير ذلك من الأخبار الكثيرة (٢).

ومقتضى الأخيرة : تأكّد استحبابها للحاجّ ، بل ربما تشعر بتحريم تركها له.

واختلفت الأخبار في أفضليّة البدأة بمكّة والختم بالمدينة ، أو بالعكس ، أو التساوي.

ففي حسنة سدير : « ابدءوا بمكّة واختموا بنا » (٣).

وفي صحيحة البرقي (٤) ورواية غياث بن إبراهيم (٥) : أبدأ بالمدينة أو بمكّة؟ قال : « ابدأ بمكّة واختم بالمدينة ، فإنّه أفضل ».

وفي صحيحة العيص : عن الحاجّ من الكوفة يبدأ بالمدينة أفضل أو بمكّة؟ قال : « بالمدينة » (٦).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٤٨ ـ ٥ ، الفقيه ٢ : ٣٣٨ ـ ١٥٧١ ، علل الشرائع : ٤٦٠ ـ ٧ وفيه : ولم يزرني إلى المدينة جفاني ، ومن جفاني جفوته يوم القيامة .. ، الوسائل ١٤ : ٣٣٣ أبواب المزار وما يناسبه ب ٣ ح ٣.

(٢) الوسائل ١٤ : ٣٣٢ أبواب المزار وما يناسبه ب ٣.

(٣) الكافي ٤ : ٥٥٠ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٣٣٤ ـ ١٥٥٢ ، الوسائل ١٤ : ٣٢١ أبواب المزار وما يناسبه ب ٢ ح ٢.

(٤) الكافي ٤ : ٥٥٠ ـ ٢ ، الوسائل ١٤ : ٣٢٠ أبواب المزار وما يناسبه ب ١ ح ٤.

(٥) التهذيب ٥ : ٤٣٩ ـ ١٥٢٧ ، الاستبصار ٢ : ٣٢٩ ـ ١١٦٦ ، الوسائل ١٤ : ٣٢٠ أبواب المزار وما يناسبه ب ١ ح ٣.

(٦) الفقيه ٢ : ٣٣٤ ـ ١٥٥٥ ، التهذيب ٥ : ٤٣٩ ـ ١٥٢٦ ، الوسائل ١٤ : ٣١٩ أبواب المزار وما يناسبه ب ١ ح ١.

٣٢٩

وفي ( حسنة يقطين ) (١) : عن الممرّ بالمدينة في البداية أفضل أو في الرجعة؟ قال : « لا بأس بذلك أيّة كان » (٢).

وحمل في الفقيه والتهذيبين الأخبار الأوّلة على المختار ، وما بعدها على من حجّ على طريق يمرّ بالمدينة أولا ، فالبدأة بها أفضل ، لئلاّ يخترم دون ذلك أو لا يرجع (٣).

أقول : لا شكّ في أفضلّية البدأة بالمدينة مع المرور بها ، لأنّ تركها حينئذ نوع جفاء بل استخفاف ، مضافا إلى جواز الاخترام أو عدم الرجوع.

وإنّما الكلام في المختار ، وحمل الأخبار الأخيرة على المارّ حمل بلا شاهد ، فتتعارض الأخبار ، ولا بدّ لنا من الحكم بالتخيير كما هو مقتضى الأخيرة ، إلاّ أنّ الاعتبار يحكم بأفضليّة البدأة بالمدينة مع الاختيار ، لتحصيل الاستعداد ، ولأنّها مقتضى ترتيب الصعود ( وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها ) (٤).

الخامسة عشرة : قالوا : لو ترك الناس زيارة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجبروا عليها.

وفي النافع : لو ترك الحاجّ .. (٥).

وعلى الأول (٦) : يكون المراد ترك كافّة الناس.

__________________

(١) كذا في النسخ ، والموجود في المصادر : علي بن يقطين.

(٢) التهذيب ٥ : ٤٤٠ ـ ١٥٢٨ ، الاستبصار ٢ : ٣٢٩ ـ ١١٦٧ ، الوسائل ١٤ : ٣١٩ أبواب المزار وما يناسبه ب ١ ح ٢.

(٣) الفقيه ٢ : ٣٣٤ ، التهذيب ٥ : ٤٤٠ ، الاستبصار ٢ : ٣٢٩.

(٤) البقرة : ١٨٩.

(٥) النافع : ٩٨.

(٦) في « ح » : وقيل : على الأول ..

٣٣٠

وتدلّ عليه صحيحة الفضلاء الثلاثة وغيرهم : « لو أنّ الناس تركوا الحجّ لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده ، ولو تركوا زيارة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » ، لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده » (١) وعلى هذا يكون واجبا كفائيّا.

وعلى الثاني : يمكن أن يكون المراد : كلّ الحاجّ ، فيكون واجبا كفائيا لهم ، وعلى هذا يكون دليله كونه جفاء له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعدم الالتفات إليه بحكم العرف والعادة.

لا ما دلّ على أنّ من حجّ ولم يزره كان جافيا له (٢) ، حتى يرد عليه ما أورد من عدم انطباق الدليل على المدّعى لكون المدّعى الاتّفاق ، ويجري الدليل على كلّ واحد (٣).

ولا الصحيحة المذكورة ، كما استدلّ به ذلك المورد ، لأنّها واردة في كلّ الناس لا كلّ الحاجّ.

وأن يكون كلّ واحد من الحاجّ ، ويكون دليله رواية الأسلمي السابقة ـ حيث إنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يجفي غير الجافي ـ والنبويّ المرويّ في كتب القوم : « من زار مكّة ولم يزرني في المدينة جفاني » (٤).

المسألة السادسة عشرة : كما أنّ لمكّة حرما كذلك للمدينة حرم ،

__________________

(١) أي النبوي الآتي قريبا.

(٢) الكافي ٤ : ٢٧٢ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٢٥٩ ـ ١٢٥٩ ، التهذيب ٥ : ٤٤١ ـ ١٥٣٢ وليس فيه : « وعلى المقام عنده » الثانية ، الوسائل ١١ : ٢٤ أبواب وجوب الحج وشرائطه ب ٥ ح ٢.

(٣) انظر الرياض ١ : ٤٣٢.

(٤) كنوز الحقائق : ١٢٦ عن ابن عدي ، وهو في هداية الصدوق : ٦٧ ، مستدرك الوسائل ١٠ : ١٨٦ أبواب المزار ب ٣ ح ٤.

٣٣١

بلا خلاف يعرف.

وتدلّ عليه الأخبار المستفيضة (١).

وحدّه من عائر إلى وعير ـ بفتح الواو أو ضمّها على اختلاف النقلين ـ كما صرّح به في صحيحتي ابن عمّار (٢) والصيقل (٣) ، ومرسلة الفقيه (٤).

وهما ـ على ما حكي عن الشهيد الثاني (٥) وجماعة (٦) ـ جبلان يكتنفان المدينة شرقا وغربا.

وقيل : عير ـ ويقال له : عائر ـ جبل مشهور في قبلة المدينة قرب ذي الحليفة (٧).

والمصرّح به في صحيحة ابن عمّار : « ظلّ عائر إلى ظلّ وعير ».

وفي المرسلة : « ظلّ عائر إلى في‌ء وعير ».

ولعلّ التقييد بذلك للتنبيه على أنّ الحرم داخلهما ، بل بعض الداخل.

وهذا الحدّ من الحرم يحرم قطع شجره ، على الأظهر الأشهر‌

__________________

(١) الوسائل ١٤ : ٣٦٠ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٦.

(٢) الكافي ٤ : ٥٦٤ ـ ٥ ، التهذيب ٦ : ١٢ ـ ٢٣ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٢ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٧ ح ١.

(٣) الكافي ٤ : ٥٦٤ ـ ٣ ، التهذيب ٦ : ١٣ ـ ٢٦ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٣ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٧ ح ٢.

(٤) الفقيه ٢ : ٣٣٦ ـ ١٥٦٤ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٥ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٧ ح ٧.

(٥) المسالك ١ : ١٢٨.

(٦) حكاه في المدارك ٨ : ٢٧٤ ، الذخيرة : ٧٠٦.

(٧) حكاه في كشف اللثام ١ : ٣٨٤ عن خلاصة الوفاء.

٣٣٢

كما صرّح به جماعة (١). بل عن المنتهى نسبه إلى علمائنا (٢) ، للتصريح بتحريمه في صحيحة الصيقل ومرسلة الفقيه ، وبالمرجوحيّة في صحيحة ابن عمّار.

وهل يحرم نزع مطلق النبات ، أو يختصّ بالشجر؟

ظاهر الشرائع والنافع والكفاية (٣) وغيرها (٤) : الثاني ، للاختصاص به في بعض الأخبار.

والأظهر : الأول ، لموثّقة زرارة ، فإنّ فيها : « حرّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة ما بين لابتيها (٥) صيدها ، وحرّم ما حولها بريدا في بريد أن يختلى خلاها أو يعضد شجرها ، إلاّ عودي الناضح » (٦).

ولا يضرّ جعل الحرم فيها من بريد إلى بريد ، لاتّحاده مع ما ذكر ، كما صرّح به في التهذيب ، قال : البريد إلى البريد وهو : ظلّ عائر إلى ظلّ وعير (٧). وذكره غيره أيضا (٨).

ومنه يظهر الوجه في بعض أخبار أخر جعل الحرم في المدينة بريدا‌

__________________

(١) منهم صاحب المدارك ٨ : ٢٧٤ ، السبزواري في الذخيرة : ٧٠٦ ، صاحب الرياض ١ : ٤٣٣.

(٢) المنتهى ٢ : ٧٩٩.

(٣) الشرائع ١ : ٢٧٨ ، النافع : ٩٨ ، الكفاية : ٧٣.

(٤) كما في الذخيرة : ٧٠٦.

(٥) لابتا المدينة : حرّتان عظيمتان يكتنفانها. واللابة : هي الحرّة ذات الحجارة السود قد ألبتها لكثرتها ، وجمعها لابات ، وهي الحرار ، وإن كثرت فهي اللاّب واللّوب ـ مجمع البحرين ٢ : ١٦٨.

(٦) الفقيه ٢ : ٣٣٦ ـ ١٥٦٢ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٥ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٧ ح ٥.

(٧) التهذيب ٦ : ١٣.

(٨) كما في الجامع للشرائع : ٢٣١ ، المدارك ٨ : ٢٧٤.

٣٣٣

إلى بريد.

وأمّا ما يظهر من صحيحة الصيقل ـ من ردّه عليه‌السلام على ربيعة الرأي من جعله الحرم بريدا إلى بريد ـ فإنّما هو باعتبار إطلاقه الدالّ على حرمة الصيد في ذلك الحدّ أيضا ، ولذا فصّل عليه‌السلام بعد الردّ.

وفي رواية أبي بصير جعل حدّ حرم المدينة من ذباب إلى وأقم والعريض والنقب من قبل مكّة (١).

وقيل : الذباب ـ بضمّ المعجمة وقيل بكسرها ـ جبل شاميّ (٢) المدينة ، كان مضرب قبّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الأحزاب (٣).

وواقم : حصن من حصون المدينة.

والعريض ـ مصغّرا ـ : واد في شرق الحرّة ، قريب قناة ، وهي أيضا واد.

والنقب : الطريق في الجبل.

ولكن لم يصرّح في تلك الرواية بأنّه ما حرّم في ذلك الحدّ ، فلا ينافي ما مرّ ، لجواز أن يكون مخصوصا بما ليس في الأول.

هذا حكم الشجر.

وأمّا الصيد ، فلا يحرم في جميع ما ذكر ، بل يحرم ما صيد بين الحرّتين على الأقوى ، وعزاه جمع إلى علمائنا (٤) ، بل عليه الإجماع عن‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٦٤ ـ ٤ ، الفقيه ٢ : ٣٣٦ ـ ١٥٦٥ وفيه رباب ـ بالمهملة ـ بدل : ذباب ، الوسائل ١٤ : ٣٦٣ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٧ ح ٣ وفيه : زباب ـ بالمعجمة ـ بدل : ذباب.

(٢) الشامة : الميسرة ـ الصحاح ٥ : ١٩٥٧.

(٣) انظر كشف اللثام ١ : ٣٨٤ ، الرياض ١ : ٤٣٣.

(٤) كما في المنتهى ٢ : ٧٩٩.

٣٣٤

صريح الخلاف وظاهر المنتهى (١).

لصحيحتي ابن سنان (٢) ، وموثّقة زرارة ، ولكن في الأخيرة : « ما بين لابتيها » ، ولعلّ المراد واحد ، كما يظهر من صحيحة الصيقل ، فإنّ فيها : « قال : وما بين لابتيها؟ قلت : ما أحاطت به الحرار ».

وأصل الحرّة ـ بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء ـ الأرض التي فيها حجارة سود.

والمراد بالحرّتين ـ كما قالوا ـ : حرّة واقم ، وهي شرقيّة المدينة ، وحرّة ليلى ، وهي غربيّتها ، وهي حرّة العقيق.

ولها حرّتان أخريان جنوبا وشمالا تتّصلان بهما ، فكأنّ الأربع حرّتان ، فلذا اكتفي بهما ، وهما : حرّة قبا وحرّة الرجلى ككسرى ، ويمدّ.

وأمّا ما في بعض الأخبار ـ من جواز الصيد في حرم المدينة (٣) ـ فمحمول على الزائد من هذا القدر ، حملا للعامّ على الخاصّ.

المسألة السابعة عشرة : تستحبّ في المدينة زيارة فاطمة سيّدة نساء العالمين عليها‌السلام.

واختلفوا في موضع قبرها الشريف : فظاهر الشيخ في النهاية والمحقّق في الشرائع والنافع : أنّه عند‌

__________________

(١) الخلاف ٢ : ٤٢٠ ، المنتهى ٢ : ٧٩٩.

(٢) الاولى في : الفقيه ٢ : ٣٣٧ ـ ١٥٦٦ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٥ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٧ ح ٩.

الثانية في : التهذيب ٦ : ١٣ ـ ٢٥ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٥ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٧ ح ٩.

(٣) الوسائل ١٤ : ٣٦٢ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٧ ح ١ و ٤ و ١٠.

٣٣٥

الروضة (١) ، وهي ما بين القبر والمنبر ، كما ذكره الشيخ (٢) وجماعة (٣).

واستدلّوا له بما روي مستفيضا في الأخبار المعتبرة : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ما بين قبري ـ أو بيتي ـ ومنبري روضة من رياض الجنّة » (٤).

وفي الفقيه : أنّه روي أنّها دفنت بين القبر والمنبر (٥).

وقيل : إنّه في البقيع (٦) ، رواه في الفقيه أيضا مرسلا (٧) ، واستبعده جماعة (٨).

وقال جماعة : إنّها دفنت في بيتها ، وهو الآن داخل في المسجد (٩) ، وتدلّ عليه صحيحة البزنطي (١٠).

ولكن في إثبات أمثال تلك الأمور الواقعية بأخبار الآحاد نظرا ، كما بيّناه في الأصول.

والأولى ـ كما في القواعد والدروس (١١) وغيرهما (١٢) ـ زيارتها في‌

__________________

(١) النهاية : ٢٨٧ ، الشرائع ١ : ٢٧٨ ، النافع : ٩٨.

(٢) النهاية : ٢٨٧.

(٣) كالمحقق في النافع : ٩٨ ، الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٨٢.

(٤) الوسائل ١٤ : ٣٤٤ أبواب المزار وما يناسبه ب ٧.

(٥) الفقيه ٢ : ٣٤١ ـ ١٥٧٤ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٩ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٨ ح ٤.

(٦) حكاه عن البعض في التهذيب ٦ : ٩.

(٧) الفقيه ٢ : ٣٤١ ـ ١٥٧٣ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٩ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٨ ح ٤.

(٨) منهم الشيخ في المبسوط ١ : ٣٨٦ ، والنهاية : ٢٨٧ والتهذيب ٦ : ٩ ، والحلّي في السرائر ١ : ٦٥٢ ، ابن سعيد في الجامع : ٢٣٢.

(٩) الفقيه ٢ : ٣٤١ ، الذخيرة : ٧٠٧ ، المدارك ٨ : ٢٧٨ ، الرياض ١ : ٤٣٣.

(١٠) الفقيه ١ : ١٤٨ ـ ٦٨٤ ، التهذيب ٣ : ٢٥٥ ـ ٧٠٥ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٨ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٨ ح ٣.

(١١) القواعد : ٩١ ، الدروس ٢ : ٦.

(١٢) الرياض ١ : ٤٣٣.

٣٣٦

المواضع الثلاثة.

وتستحبّ أيضا زيارة الأئمّة الأربعة عليهم‌السلام في البقيع.

المسألة الثامنة عشرة : يستحبّ صيام ثلاثة أيّام في المدينة : الأربعاء ، والخميس ، والجمعة ، لطلب الحاجة.

بالأخبار المستفيضة وإن اختلفت في الكيفيّة.

ففي صحيحة الحلبي ـ بعد الأمر بإقامة الأيّام الثلاثة مع الاستطاعة ـ : « فتصلّي يوم الأربعاء ما بين القبر والمنبر عند الأسطوانة التي تلي القبر ، فتدعو الله عندها وتسأله كلّ حاجة تريدها ، واليوم الثاني عند أسطوانة التوبة ، وهي أسطوانة أبي لبابة (١) ، ويوم الجمعة عند مقام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مقابل الأسطوانة الكثيرة الخلوق (٢) ، فتدعو الله عندهنّ لكلّ حاجة ، وتصوم تلك الثلاثة الأيّام » (٣).

ونحوها صحيحة ابن عمّار في ترتيب الأساطين ، إلاّ أنّ فيها : « وصلّ ليلة الأربعاء ويوم الأربعاء عند الأسطوانة الاولى ، وليلة الخميس ويوم الخميس عند الثانية ، وليلة الجمعة ويوم الجمعة عند الثالثة » وفي آخرها : « وادع بهذا الدعاء لحاجتك : اللهمّ إني أسألك بعزّتك وقوّتك وقدرتك وجميع ما أحاط به علمك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تفعل بي‌

__________________

(١) أبو لبابة : بضم اللام وخفة الموحدة ـ اسمه رفاعة بن المنذر النقيب ، وأسطوانة أبي لبابة : في مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمدينة ، وهي أسطوانة التوبة التي ربط إليها نفسه حتى نزل عذره من السماء ـ مجمع البحرين ٢ : ١٦٥.

(٢) الخلوق : طيب مركب ، يتّخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب ، والغالب عليه الصفرة أو الحمرة ـ مجمع البحرين ٥ : ١٥٧.

(٣) الكافي ٤ : ٥٥٨ ـ ٤ ، الوسائل ١٤ : ٣٥١ أبواب المزار وما يناسبه ب ١١ ح ٣ ، بتفاوت.

٣٣٧

كذا وكذا » (١).

وفي صحيحة أخرى لابن عمّار ـ بعد ذكر صوم الثلاثة الأيّام ـ : « تصلّي ليلة الأربعاء عند أسطوانة أبي لبابة ، وهي أسطوانة التوبة ، وتقعد عندها يوم الأربعاء ، ثمَّ تأتي ليلة الخميس الأسطوانة التي تليها ممّا يلي مقام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليلتك ويومك ، ثمَّ تأتي الأسطوانة التي تلي مقام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومصلاّه ليلة الجمعة ، وتصلّي عندها ليلتك ويومك « إلى أن قال : » فإن استطعت أن لا تتكلّم بشي‌ء في هذه الأيّام إلاّ ما لا بدّ لك منه ، ولا تخرج من المسجد إلاّ لحاجة ، ولا تنام في ليل ولا نهار ، فافعل ، ثمَّ احمد الله في يوم الجمعة وأثن عليه ، وصلّ على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسل حاجتك ، وليكن فيما تقول : اللهمّ ما كانت لي إليك من حاجة شرعت أنا في طلبها والتماسها أو لم أشرع سألتكها أو لم أسألكها فإنّي أتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبي الرحمة صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قضاء حوائجي صغيرها وكبيرها » (٢).

وقريبة منها مرسلة الفقيه ، إلاّ أنّ فيها : « ولا تنام في ليل ولا نهار إلاّ القليل » (٣).

أقول : الوجه : التخيير بين القسمين وإن كان الأول أشهر ، وقيل : هو أيضا أحوط (٤) ، ولا أعرف وجهه.

المسألة التاسعة عشرة : يستحبّ الإكثار للصلاة في مسجد

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٥٨ ـ ٥ ، الوسائل ١٤ : ٣٥١ أبواب المزار وما يناسبه ب ١١ ح ٤ ، بتفاوت.

(٢) التهذيب ٦ : ١٦ ـ ٣٥ ، الوسائل ١٤ : ٣٥٠ أبواب المزار وما يناسبه ب ١١ ح ١ ، بتفاوت.

(٣) الفقيه ٢ : ٣٤٠.

(٤) انظر الرياض ١ : ٤٣٤.

٣٣٨

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنّه إذا فرغ من الدعاء عند قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأتي المنبر ويمسحه بيده ويأخذ برمّانتيه ـ وهما السفلاوان ـ ويمسح عينيه ووجهه به ، فإنّه شفاء للعين ، ويقوم عنده ويحمد الله ويثني عليه ، ويسأل حاجته ، وأن يصلّي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند دخول المسجد ، وكذا عند الخروج عنه ، وأن يأتي مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويصلّي فيه ما بدا له.

كلّ ذلك منصوص عليه في صحيحة ابن عمّار (١).

المسألة العشرون : تستحبّ الصلاة في المساجد التي بالمدينة ، كمسجد قبا ، بضم القاف.

ومسجد الفضيخ ـ سمّي به لنخل كان فيه يسمّى الفضيخ ـ بالفاء المفتوحة والضاد والخاء المعجمتين.

قال صاحب القاموس في كتاب مغانم المطابة : إنّ هذا المسجد يعرف بمسجد الشمس اليوم ، وهو شرقيّ مسجد قبا على شفير الوادي ، مرضوم (٢) بحجارة سود ، وهو مسجد صغير.

ووجه تسميته مسجد الشمس لأنّ فيه ردّت الشمس لأمير المؤمنين عليه‌السلام ، كما ورد في رواية عمّار بن موسى (٣).

ومشربة أمّ إبراهيم (٤) ، وهو ـ في كتاب المغانم ـ : مسجد بقبا‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٥٣ ـ ١ ، التهذيب ٦ : ٧ ـ ١٢ ، الوسائل ١٤ : ٣٤٤ أبواب المزار وما يناسبه ب ٧ ح ١ ، وأورد ذيلها في ص ٣٤٠ ب ٥ ح ٢.

(٢) الرضم والرضام : صخور عظام يرضم بعضها فوق بعض في الأبنية ، الواحدة رضمة ـ الصحاح ٥ : ١٩٣٣.

(٣) الكافي ٤ : ٥٦١ ـ ٧ ، الوسائل ١٤ : ٣٥٥ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٢ ح ٤.

(٤) المشربة : بفتح الميم وفتح الراء وضمّها : الغرفة ، ومنه مشربة أمّ إبراهيم عليه‌السلام ،

٣٣٩

شماليّ مسجد بني قريظة ، قريب من الحرّة الشرقيّة في موضع يعرف بالدشت.

قال : وليس عليه بناء ولا جدار ، وإنّما هو عريصة صغيرة بين نخيل ، طولها نحو عشرة أذرع ، وعرضها أقلّ منه بنحو ذراع ، وقد حوّط عليها برضم لطيف من الحجارة السود.

ومسجد الفتح ، وهو مسجد على قطعة من جبل سلع من جهة الغرب ، وغربيّه وادي بطحان ، وهو الذي يسمّى بمسجد الأحزاب.

وأن تأتي في جانب احد وتصلّي فيه في المسجد الذي دون الحرّة.

وتأتي قبر حمزة بن عبد المطّلب وتسلّم عليه.

وتأتي قبور شهداء احد.

وتأتي المسجد الذي في المكان الواسع إلى جانب الجبل عن يمينك حين تدخل احد ، وتصلّي فيه.

وتصلّي عند قبور الشهداء ، وأن تقول عند قبور الشهداء : السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ، وتقول : السلام عليكم يا أهل الديار ، أنتم لنا فرط وإنّا بكم لاحقون.

وأن تقول في مسجد الفتح : يا صريخ المكروبين ، يا مجيب دعوة المضطرّين ، اكشف غمّي وهمّي وكربي كما كشفت عن نبيّك غمّه وهمّه وكربه وكفيته هول عدوّه في هذا المكان.

وتستحبّ البدأة بمسجد قبا ، ثمَّ مشربة أمّ إبراهيم ، ثمَّ مسجد‌

__________________

وإنّما سمّيت بذلك لأنّ إبراهيم بن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولدته امّه فيها وتعلقت حين ضربها المخاض بخشبة من خشب تلك المشربة ، وقد ذرعت من القبلة إلى الشمال أحد عشر ذراعا ـ مجمع البحرين ٢ : ٨٩.

٣٤٠