مستند الشّيعة - ج ١٣

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٣

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-073-0
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٣٦٣

ومنهم من فصّل بين الأدائيّة والقضائيّة ، ففي الأولى : جعل الانتهاء موضع الخطيئة ، وفي الثانية : الإحلال.

والأحوط : الافتراق فيهما إلى موضع الخطيئة فيهما.

ثمَّ إنّ الافتراق إلى موضع الخطيئة إذا سلكا هذا الطريق الذي وقعت فيه الخطيئة ، وإلاّ فلا افتراق بعد قضاء المناسك ، كما صرّح به الصحيح والمرويّ عن النوادر المذكورين ، وصرّح به جمع من الأصحاب (١).

والمراد من الافتراق ـ كما ورد في الأخبار (٢) ـ : أن لا يخلوا إلاّ معهما ثالث.

وقيّده بعضهم بالمحترم ، فلا عبرة بغير المميّز (٣).

ولا بأس به ، بل هو الظاهر المتبادر.

هـ : لا فرق في الأحكام المذكورة بين الحجّ الواجب والمندوب ، لظاهر الإجماع ، وإطلاق النصوص.

المسألة الثانية : ما مرّ حكم الرجل ، وأمّا المرأة فأمّا تكون مطاوعة أو مكرهة.

فإن كانت مطاوعة كانت كالرجل في الأحكام الأربعة المذكورة ، بلا خلاف يوجد ، بل حكي الإجماع عليه (٤).

ويدلّ عليه في وجوب الإتمام ما دلّ عليه في الرجل.

وفي الأحكام الثلاثة الأخيرة كثير ممّا تقدّم من الأخبار ، سيّما في‌

__________________

(١) كصاحبي الحدائق ١٥ : ٣٧٢ ، والمدارك ٨ : ٤١٢.

(٢) كصحيحة ابن عمّار ومرفوعة أبان المتقدمتين في ص : ٢٣٢.

(٣) انظر القواعد ١ : ٩٩ ، الرياض ١ : ٤٦٦.

(٤) كما في المدارك ٨ : ٤٠٩.

٢٤١

صحيحة ابن عمّار المذكورة في الفرع الثاني (١) بقوله : « فعليها مثل ما عليه ».

وإن كانت مكرهة فلا شكّ في وجوب الإتمام عليها.

ولا كفّارة عليها إجماعا نصّا وفتوى ، وعلى الرجل الكفّارتان كذلك ، وقد مرّ في الأخبار التصريح به.

ولا حجّ من قابل أيضا بالإجماع.

ويدلّ عليه بعض الأخبار.

وأمّا [ ما ] (٢) في صحيحة ابن عمّار المذكورة : « وعليهما الحجّ من قابل » فهو مخالف للإجماع ، غير معمول به عند الأصحاب ، فيجب طرحه.

وأمّا الافتراق فلا فرق فيه بين المطاوعة والإكراه ، لإطلاق الأخبار بلا معارض.

وتوهّم معارضة مفهوم قوله في صحيحة زرارة : « وإن كانا عالمين فرّق بينهما » (٣) ـ حيث إنّ حكم المكره حكم غير العالم ـ خطأ ، لأنّ حكم المنطوق التفريق والكفّارة عليهما والحجّ من قابل كذلك ، فمقتضى المفهوم انتفاء الجميع لا كلّ واحد ، وهو كذلك.

ومنه يظهر عدم معارضة مفهوم صحيحة سليمان المذكورة أيضا (٤) ، بل ولا منطوق ذيلها ، حيث قال : « فليس عليها شي‌ء » ، لأنّ التفريق بالمعنى المذكور ليس شيئا عليها.

وتوهّم انصراف المطلقات إلى غير المكرهة ـ سيّما في المقام ـ غير‌

__________________

(١) في ص ٢٣٥.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.

(٣) المتقدمة في ص : ٢٢٩.

(٤) المتقدمة في ص : ٢٣١.

٢٤٢

جيّد.

المسألة الثالثة : ما مرّ من الأحكام المذكورة كان حكم العامد العالم بالحكم وبالإحرام المختار.

وأمّا غيره فلا شي‌ء عليه ، بل يتمّ حجّه ويمضي ويجزئه ، بلا خلاف.

بل بالإجماع كما صرّح به بعضهم (١).

للأصل.

والأخبار المتقدّمة المصرّحة بذلك في الجاهل ، الشامل لغة للناسي والساهي والجاهل بفرديه ، وفي المرأة المكرهة المتعدّي حكمها إلى الرجل بالإجماع المركّب.

وبالتصريح في صحيحة زرارة (٢) بكون القضاء عقوبة ولا عقوبة على المكره ، بل ولا على الساهي والناسي والجاهل ولو بالحكم ، سيّما إذا لم يكن مقصّرا.

وبقوله : « قد أتى عظيما » في رواية عليّ بن أبي حمزة (٣) ، فإنّ مثل ذلك إنّما يقال للعامد العالم.

مضافا في الناسي والساهي والجاهل إلى مرسلة الفقيه الآتية (٤) ، وفي الجاهل إلى روايتي سلمة بن محرز الآتيتين (٥).

وهل المكره للزوج أو له ولها كالزوج المكره للزوجة في تحمّل الكفّارة أو الكفّارتين.

__________________

(١) انظر الخلاف ٢ : ٣٦٩ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٦.

(٢) المتقدمة في ص : ٢٢٩.

(٣) المتقدمة في ص : ٢٣٠.

(٤) في ص : ٢٤٤.

(٥) في ص : ٢٤٥.

٢٤٣

الحقّ : لا ، اقتصارا لما يخالف الأصل على موضع النصّ.

المسألة الرابعة : ما قالوا من الأحكام الخمسة ـ من الفساد ، ووجوب الإتمام ، ثمَّ القضاء ، والكفّارة ، والتفريق ـ إنّما هو إذا كان الجماع بعد التلبية وقبل وقوف المشعر.

أمّا لو كان قبل الأول أو بعد الثاني فليس كذلك.

أمّا لو كان قبل التلبية فلا شي‌ء عليه أصلا ، بل لم يدخله حقيقة في الحجّ بعد ، كما مرّ في صدر بحث الإحرام ، وتصرّح به المرسلة الآتية.

وأمّا لو كان بعد وقوف المشعر فلا فساد ولا قضاء ولا تفريق.

نعم تجب الكفّارة المذكورة.

بلا خلاف في الحكمين : المنفي والمثبت ، بل بالإجماع المحقّق والمحكيّ مستفيضا (١).

له فيهما.

ولمرسلة الفقيه المنجبر ضعفها ـ لو كان ـ بما مرّ : « إن وقعت على أهلك بعد ما تعقد للإحرام وقبل أن تلبّي فلا شي‌ء عليك ، فإن جامعت وأنت محرم قبل أن تقف بالمشعر فعليك بدنة والحجّ من قابل ، وإن جامعت بعد وقوفك بالمشعر فعليك بدنة وليس عليك الحجّ من قابل ، وإن كنت ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شي‌ء عليك » (٢).

مضافا في الحكم الأول إلى مفهوم الشرط في صحيحتي ابن عمّار :

الأولى : « إذا واقع المحرم أهله قبل أن يأتي المزدلفة فعلية الحجّ من‌

__________________

(١) كما في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٦ ، المنتهى ٢ : ٨٣٥ ، الرياض ١ : ٤٦٧.

(٢) الفقيه ٢ : ٢١٣ ـ ٩٦٩ ، الوسائل ١٣ : ١٠٧ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١ ح ٢ ، وص ١٠٩ ب ٢ ح ٥ ، وص ١١٨ ب ٦ ح ٢.

٢٤٤

قابل » (١).

وقريبة منها الأخرى (٢).

وفي الحكم الثاني إلى صحيحة ابن عمّار : وقع على امرأته قبل أن يطوف طواف النساء ، قال : « عليه جزور سمينة ، وإن كان جاهلا فليس عليه شي‌ء » (٣).

ونحوها إلى قوله : « سمينة » صحيحة زرارة (٤).

ورواية أحمد : عن رجل أتى امرأته متعمّدا ولم يطف طواف النساء ، قال : « عليه بدنة ، وهي تجزئ عنهما » (٥).

ورواية سلمة : عن رجل وقع على أهله قبل أن يطوف طواف النساء ، قال : « ليس عليه شي‌ء » ، فخرجت إلى أصحابنا فأخبرتهم ، فقالوا : اتّقاك ، هذا ميسر قد سأله عن مثل هذا ، فقال له : « عليك بدنة » ، قال : فدخلت عليه فقلت : جعلت فداك ، إنّي أخبرت أصحابنا بما أجبتني ، فقالوا : اتّقاك ، هذا ميسر قد سأله عما سألت ، فقال له : « عليك بدنة » ، فقال : « إنّ ذلك كان بلغه ، فهل بلغك؟ » قلت : لا ، قال : « ليس عليك شي‌ء » (٦).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٩ ـ ٥ بتفاوت يسير ، الوسائل ١٣ : ١١٣ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ٣ ح ١٠.

(٢) التهذيب ٥ : ٣١٩ ـ ١٠٩٩ ، الوسائل ١٣ : ١١٠ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ٣ ح ١.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٨ ـ ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢٣ ـ ١١٠٩ ، الوسائل ١٣ : ١٢١ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ٩ ح ١.

(٤) التهذيب ٥ : ٤٨٥ ـ ١٧٣٢ ، الوسائل ١٣ : ١٢٤ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٠ ح ٣.

(٥) التهذيب ٥ : ٤٨٩ ـ ١٧٤٨ ، الوسائل ١٣ : ١٢٤ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٠ ح ٤.

(٦) الكافي ٤ : ٣٧٨ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٣٢٢ ـ ١١٠٨ ، الوسائل ١٣ : ١٢٣ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٠ ح ٢ ، بتفاوت يسير.

٢٤٥

وبمضمونها الأخرى (١).

إلى غير ذلك من الأخبار الآتية شطر منها.

ثمَّ بالمرسلة والمفهومين تخصّص العمومات والإطلاقات المتقدّمة المثبتة للقضاء على المحرم المجامع.

ومنه ـ بضميمة الأصل ـ يظهر عدم ثبوت التفريق هنا أيضا ، إذ بعد التخصيص يكون الموضوع : المجامع قبل الوقوف ، مع أنّ ظاهر كثير منها إنّما هو المجامع قبل الوقوف ، حيث أمر بالتفريق حتى يرجعا إلى مكان الخطيئة ، ولا رجوع غالبا إلى موضعه إذا كان بعد الوقوف ، فتأمّل.

ولأجل تلك الإطلاقات والعمومات واختصاص المخصّص بما بعد وقوف المشعر اقتصرنا في التخصيص به ، وفاقا للأكثر ، بل عن المسائل الرسّية والانتصار وجمل العلم والعمل والجواهر والغنية : الإجماع عليه (٢).

خلافا للمحكيّ عن المفيد والحلبي والديلمي ، فخصّوا قبل وقوف عرفة أيضا (٣) ، ولا دليل له يصلح الركون إليه.

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٤٨٦ ـ ١٧٣٣ ، الوسائل ١٣ : ١٢٤ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٠ ح ٥.

(٢) حكاه عنهم الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٤٠٤ ، الطباطبائي في الرياض ١ : ٤٦٥ ، وانظر المسائل الرسّية ( رسائل الشريف المرتضى ٢ ) : ٣٣٤ ، الانتصار : ٩٦ ، الجواهر : ٤٥ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٦. وأمّا النسبة إلى الجمل فلعلها سهو ، فإنّ العبارة فيه هكذا : إذا جامع المحرم قبل الوقوف بعرفة فعليه بدنة والحجّ من قابل ، وإن جامع بعد الوقوف فعليه بدنة ولا حجّ عليه.

وهي كما ترى موافقة لعبارة المفيد وتالييه ، على أنّه لم يصرّح فيه بإجماع أصلا ، ولا يبعد أن يكون المراد شرح جمل العلم والعمل للقاضي ـ كما حكاه عنه في كشف اللثام والرياض ـ فإنّه موجود فيه وادّعى عليه الإجماع أيضا. انظر شرح الجمل : ٢٣٥.

(٣) المفيد في المقنعة : ٤٣٣ ، الحلبي في الكافي : ٢٠٣ ، الديلمي في المراسم : ١١٩.

٢٤٦

المسألة الخامسة : ما مرّ ـ من لزوم الكفّارة ببدنة وعدم لزوم غيره من القضاء والتفريق بالجماع بعد وقوف المشعر ـ يعمّ جميع الأحوال التي بعده إلى أن يتجاوز في طواف النساء عن أربعة أشواط ، ولو جامع بعد ذلك فلا شي‌ء عليه أصلا.

أمّا الحكم الأول فتدلّ عليه الأخبار المتقدّمة في المسألة السابقة.

وصحيحة العيص : عن رجل واقع أهله حين ضحّى قبل أن يزور البيت ، قال : « يهريق دما » (١).

وقوله في ذيل رواية حمران الآتية : « وإن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثمَّ خرج فغشي فقد أفسد حجّه ، وعليه بدنة ويغتسل ، ثمَّ يعود فيطوف أسبوعا » (٢).

والمراد بالفساد هنا : نقصان الكمال ، لعدم قول بالفساد حينئذ قطعا.

وأمّا بعض الأخبار النافية للكفّارة إذا كان بعد طواف الزيارة ولو قبل تمام السعي ـ كرواية عبيد (٣) وصحيحة منصور ـ فبمعارضة ما مرّ عن درجة الحجّية ساقطة ، فيرجع إلى الإطلاقات ، مع أنّها بمخالفة الأصحاب طرّا موهونة.

مضافا إلى أنّ الصحيحة قضيّة في واقعة ، ولعلّه عليه‌السلام كان يعلم بكونه جاهلا ، بل فيها ما يشعر به.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٩ ـ ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢١ ـ ١١٠٥ ، الوسائل ١٣ : ١٢٢ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ٩ ح ٢.

(٢) الكافي ٤ : ٣٧٩ ـ ٦ ، التهذيب ٥ : ٣٢٣ ـ ١١١٠ ، الوسائل ١٣ : ١٢٦ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١١ ح ١.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٩ ـ ٧ ، التهذيب ٥ : ٣٢١ ـ ١١٠٧ ، الوسائل ١٣ : ١٢٦ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١١ ح ٢.

٢٤٧

وأمّا الحكم الثاني فتدلّ عليه رواية أبي بصير : في رجل نسي طواف النساء ، قال : « إذا زاد على النصف وخرج ناسيا أمر من يطوف عنه ، وله أن يقرب النساء إذا زاد على النصف » (١).

فإنّ الرخصة في المقاربة توجب انتفاء الكفّارة بالإجماع المركّب.

وقيل : لأنّه لا معنى للزوم الكفّارة على الفعل المرخّص فيه (٢).

ووهنه بيّن من لزوم الكفّارة على التظليل ونحوه مع الضرورة.

وتدلّ عليه أيضا فيما إذا طاف خمسة أشواط رواية حمران ـ بل صحيحته ـ : عن رجل كان عليه طواف النساء وحده فطاف منه خمسة أشواط ، ثمَّ غمزه بطنه فخاف أن يبدره فخرج إلى منزله فنفض ، ثمَّ غشي جاريته ، قال : « يغتسل ، ثمَّ يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان قد بقي عليه من طوافه ، ويستغفر الله ولا يعود ، وإن كان طاف » (٣) إلى آخر ما مرّ.

فإنّ ذكر البدنة في ثلاثة أشواط دون الخمسة يدلّ على انتفائها فيها.

ولا ينافي ذلك ما مرّ من انتفاء الكفّارة فيما زاد على النصف مطلقا ، لأنّ التقييد بالخمسة إنّما وقع في كلام الراوي.

وقد يستدلّ أيضا بمفهوم الشرط في ذيل هذه الرواية.

وهو ضعيف غايته ، لأنّ مفهومه : أنّه إن لم يطف ثلاثة أشواط ، والمتبادر منه عدم بلوغ الثلاثة ، لا التجاوز عنه ، فإنّه معه يصدق طواف الثلاثة.

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٤٦ ـ ١١٧٨ ، الوسائل ١٣ : ٤٠٩ أبواب الطواف ب ٥٨ ح ١٠.

(٢) الرياض ١ : ٤٦٩.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٩ ـ ٦ ، الفقيه ٢ : ٢٤٥ ـ ١١٧٧ : التهذيب ٥ : ٣٢٣ ـ ١١١٠ ، الوسائل ١٣ : ١٢٦ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١١ ح ١ ، بتفاوت يسير.

٢٤٨

هذا ، مع أنّ المنطوق مركّب من حكمين : فساد الحجّ ـ أي الطواف ـ والكفّارة ، ويكفي في صدق المفهوم انتفاء أحدهما.

ومنه يظهر ضعف ما نفي عنه البعد في الذخيرة (١) من سقوط الكفّارة بعد مجاوزة ثلاثة أشواط ، لذلك المفهوم.

ومن الأصحاب من خصّ الحكم الثاني بما إذا كان بعد الخمسة (٢).

ولعلّه لزعمه ضعف الرواية الاولى. وهو عندنا غير موجّه.

أو لعدم ثبوت الإجماع المركّب عنده ، فيرجع فيما دون الخمسة إلى الإطلاقات.

وهو كان حسنا لو لم يثبت الإجماع المركّب.

وأمّا منع الإطلاق بتبادر قبل الشروع في طواف النساء من الإطلاقات فموهون غايته ، إذ المتبادر من : « قبل الطواف » قبل الفراغ عنه.

المسألة السادسة : لو جامع المحلّ الموسر عالما عامدا أمته المحرمة بإذنه لزمته بدنة أو بقرة أو شاة مخيّرا بينها.

ومع الإعسار : شاة أو صام.

ومع انتفاء العمد أو العلم أو الإذن لا شي‌ء.

بلا خلاف معتنى به في جميع هذه الأحكام.

لموثّقة إسحاق بن عمّار (٣) ، المصرّحة بهذه الأحكام منطوقا ومفهوما.

__________________

(١) الذخيرة : ٦٢٠.

(٢) كما في الشرائع ١ : ٢٩٤ ، المنتهى ٢ : ٨٤٠.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٤ ـ ٦ ، التهذيب ٥ : ٣٢٠ ـ ١١٠٢ ، الاستبصار ٢ : ١٩٠ ـ ٦٣٩ ، الوسائل ١٣ : ١٢٠ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ٨ ح ٢.

٢٤٩

وأمّا صحيحة ضريس (١) ورواية وهب بن عبد ربّه (٢) ـ المصرّحتين : بأنّه لا شي‌ء عليه ، أو يجوز له نقض إحرامها ـ فهما ظاهرتان أو محمولتان على قبل التلبية.

وعن المبسوط والنهاية والسرائر : أنّ عليه بدنة (٣) ، ومع العجز : شاة أو صيام.

ولم أقف على مستنده.

والظاهر كفاية الإعسار عن البدنة على تعيّن الشاة والصيام.

وقيل باعتبار الإعسار عنها وعن البقرة (٤).

ولا وجه.

ويكفي في الصيام يوم واحد ، للإطلاق.

وقيل : ثلاثة أيّام ، لأنّها الواقع في إبدال الشاة (٥).

وهو أحوط.

وإطلاق الموثّقة وفتاوى الأكثر يقتضي عدم الفرق بين الأمة المكرهة والمطاوعة.

وقيل بوجوب الكفّارة على المطاوعة ، فتكفّر بدل البدنة بصيام ثمانية عشر يوما والقضاء ، فيجب على المولى إذنها ويتحمّل مئونتها (٦).

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٢٠ ـ ١١٠٣ ، الاستبصار ٢ : ١٩١ ـ ٦٤٠ ، الوسائل ١٣ : ١٢١ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ٨ ح ٣.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٠٨ ـ ٩٤٩ ، الوسائل ١٣ : ١٢٠ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ٨ ح ١.

(٣) المبسوط ١ : ٣٣٧ ، النهاية : ٢٣٠ ، السرائر ١ : ٥٤٩.

(٤) كما في الدروس ١ : ٣٧١ ، المدارك ٨ : ٤١٨ ، الرياض ١ : ٤٦٨.

(٥) الدروس ١ : ٣٧١ ، جامع المقاصد ٣ : ٣٤٩ ، المدارك ٨ : ٤١٨.

(٦) انظر المسالك ١ : ١٤٤.

٢٥٠

قيل : نظرهم إلى عموم الأخبار المتقدّمة الواردة في المرأة والأهل الخالي عن معارضة الموثّقة ، لورودها في حكم المولى خاصّة ، وأمّا بالنسبة إلى الأمة فمجملة (١).

وهذا يصح بناء على شمول أهله أو امرأته للأمة ، وقد عرفت عدم وضوحه ، فالرجوع إلى الأصل ـ كما عليه الأكثر ـ أظهر.

المسألة السابعة : في العبث بالذكر حتى يمني بدنة وقضاء الحجّ.

لموثّقة إسحاق : في محرم عبث بذكره فأمنى ، قال : « أرى عليه مثل ما على من أتى أهله وهو محرم : بدنة وحجّ من قابل » (٢).

وإطلاقها يشمل ما إذا قصد الإمناء أم لا.

ومنهم من ذكر بلفظ الاستمناء (٣) ، الظاهر في طلبه وقصده.

ولا وجه للتخصيص بعد إطلاق الرواية وعدم المعارض.

ولا تعارضها صحيحة ابن عمّار المتقدّمة في الفرع الثاني من المسألة الأولى (٤) ، لاختلاف موضوعيهما.

ومنهم ـ ولعلّه الأكثر كما صرّح به بعضهم ـ من عمّم مع التخصيص المذكور بالعبث بالذكر أو الملاعبة مع الأهل وغيره.

ولا دليل له تامّا على التعميم أيضا ، سوى ما يتوهّم من كون العلّة هو الإمناء ، ولا خصوصيّة للعبث بالذكر.

__________________

(١) الحدائق ١٥ : ٣٦٢.

(٢) الكافي ٤ : ٣٧٦ ـ ٦ ، التهذيب ٥ : ٣٢٤ ـ ١١١٣ ، الاستبصار ٢ : ١٩٢ ـ ٦٤٦ ، الوسائل ١٣ : ١٣٢ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٥ ح ١.

(٣) كما في الدروس ١ : ٣٧١.

(٤) التهذيب ٥ : ٣١٨ ـ ١٠٩٧ ، الوسائل ١٣ : ١١٩ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ٧ ح ١ ، وقد تقدمت في ص ٢٣٥.

٢٥١

وما قيل من أنّه أقبح من إتيان الأهل الثابت فيه الأمران (١).

ومن حسنة مسمع التي رواها الإسكافي : « إذا نزل الماء إمّا بعبث بحرمته أو بذكره أو بإدمان نظره مثل الذي جامع » (٢).

والأولان : استنباط للعلّة ، وهو طريقة العامّة المضلّة.

والثالث : ليس بحجّة ، مع أنّه لا قطع بكونه من الرواية ، مضافا إلى عدم صراحته في وجوب القضاء إلاّ بتعميم المماثلة ، وهو محلّ الخدشة.

المسألة الثامنة : من أمنى ـ أي أخرج منيّه بقصد واختيار ـ بغير ما ذكر من العبث بالذكر من ملاعبة أو مسّ ، أو نظر إلى الأهل ، أو الأجنبيّة ، أو الغلام ، أو غيرها ، فالأصل فيه وجوب البدنة خاصّة.

لصحيحة البجلي : عن الرجل يمني وهو محرم من غير جماع أو يفعل ذلك في شهر رمضان ما ذا عليهما؟ قال : « عليهما جميعا الكفّارة ، مثل ما على الذي يجامع » (٣).

مضافا في الإمناء بالملاعبة بامرأته إلى صحيحة أخرى له ، وهي كالأولى ، إلاّ أنّ أولها : عن الرجل يعبث بامرأته حتى يمني وهو محرم (٤) ، إلى آخر ما مرّ.

__________________

(١) المختلف : ٢٨٣.

(٢) المختلف : ٢٨٢.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٦ ـ ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٢٧ ـ ١١٢٤ ، الوسائل ١٣ : ١٣١ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٤ ح ١ ، بتفاوت.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٢٤ ـ ١١١٤ بتفاوت ، الوسائل ١٣ : ١٣١ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٤ ح ١.

٢٥٢

وقيل هنا بالجزور (١).

ولا وجه له.

إلاّ أنّ الظاهر أنّهم لم يفرّقوا بينه وبين البدنة ، ولذا استدلّ جماعة لأحدهما بأخبار الآخر في مواضع عديدة.

وقيل فيه بعموم الحكم للمرأة أيضا ، واستدلّ له بهذه الصحيحة (٢).

وهو خطأ ، فإنّ ضمير التثنية للمحرم والفاعل في شهر رمضان دون الرجل والمرأة.

وفي الإمناء بالنظر إلى امرأته بشهوة إلى حسنة مسمع ، وفيها : « ومن نظر إلى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور » (٣).

وقد يستدلّ له أيضا بصحيحة ابن عمّار : في المحرم ينظر إلى امرأته وينزلها بشهوة حتى ينزل ، قال : « عليه بدنة » (٤).

وهو كان حسنا لو كان فيها كما نقله ، حيث نقله بلفظه : « أو » مكان الواو في قوله : « وينزلها » ، ولكنّها ليست كذلك في النسخ الصحيحة.

ولا يعارض الحسنة صدر هذه الصحيحة : عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى وهو محرم ، قال : « لا شي‌ء عليه » (٥).

__________________

(١) انظر المقنع والهداية : ٧٦ ، الحدائق ١٥ : ٣٩٩.

(٢) انظر المدارك ٨ : ٤٢٨.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٦ ـ ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢٦ ـ ١١٢١ ، الاستبصار ٢ : ١٩١ ـ ٦٤١ ، الوسائل ١٣ : ١٣٦ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٧ ح ٣.

(٤) الكافي ٤ : ٣٧٥ ـ ١ ، الوسائل ١٣ : ١٣٥ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٧ ح ١ وفيه : أو ينزلها ..

(٥) الكافي ٤ : ٣٧٥ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٣٢٥ ـ ١١١٧ ، الاستبصار ٢ : ١٩١ ـ ٦٤٢ ، الوسائل ١٣ : ١٣٥ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٧ ح ١.

٢٥٣

ولا موثّقة إسحاق : في محرم نظر إلى امرأته بشهوة فأمنى ، قال : « ليس عليه شي‌ء » (١).

لأعمّيتهما مطلقا منها ، من حيث شمول الشي‌ء المنفي للجزور والقضاء والتفريق والعقاب وسائر أنواع الكفّارة ، وشمول النظر في الأولى لما كان بالشهوة وغيرها. ولو لا الحسنة لكانتا معارضتين للأصل المذكور بالعموم من وجه ، اللاّزم فيه الرجوع إلى أصل البراءة ، كما هو مذهب المفيد والسيّد (٢).

وإنّما قيّدنا بقولنا في صدر المسألة بقصد واختيار لأنّه المتبادر من أمناء الشخص ، وأمّا ما لم يكن كذلك فليس هو حقيقة فعله ، ولا يقال : إنّه فعله حتى يصدق أنّه أمنى ، وفعله أعمّ من أن يقصد إليه بنفسه أو إلى سببه الذي يوجده ولو كان سببا عاديّا.

المسألة التاسعة : من قبّل امرأته محرما : فإن كان بشهوة وأمنى فعليه البدنة.

للأصل المذكور.

مضافا إلى عموم صحيحة الحلبي : عن المحرم يضع يده ـ إلى أن قال : ـ قلت : فإن قبّل؟ قال : « هذا أشدّ ، ينحر بدنة » (٣).

ورواية عليّ بن أبي حمزة : عن رجل قبّل امرأته وهو محرم ، قال :

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٢٧ ـ ١١٢٢ ، الاستبصار ٢ : ١٩٢ ـ ٦٤٣ ، الوسائل ١٣ : ١٣٨ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٧ ح ٧.

(٢) المفيد في المقنعة : ٤٣٣ ، السيد في جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٧٠.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٥ ـ ٢ ، الوسائل ١٣ : ١٣٨ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٨ ح ١.

٢٥٤

« عليه بدنة وإن لم ينزل » (١).

وحسنة مسمع : « إنّ حال المحرم ضيّقة ، فإن قبّل امرأته على غير شهوة وهو محرم فعليه دم شاة ، ومن قبّل امرأته على شهوة فأمنى فعليه جزور » (٢).

وكذلك إن كان مع الشهوة دون الإمناء.

لإطلاق الصحيحة والرواية.

ولا ينافيها مفهوم قوله : « فأمنى » في الحسنة ، لأنّه مفهوم ضعيف لا حجّية فيه.

وإن كان مع الإمناء دون الشهوة فلا بدنة عليه ، بل عليه دم شاة.

للحسنة المذكورة النافية للبدنة ، بقرينة التفصيل القاطع للشركة ، فإنّها تعارض صحيحة البجلي ـ المثبتة للبدنة في الإمناء مطلقا ـ بالعموم من وجه ، وإذ لا مرجّح فيرجع في خصوص الأمناء إلى الأصل ، وتبقى الشاة لنفس التقبيل.

لا يقال : الإمناء مع التقبيل بلا شهوة من الأفراد النادرة جدّا ، فلا تنصرف إليه الحسنة ، لأنّه على ذلك يجري مثله في الصحيحة أيضا.

نعم ، يمكن أن يقال : إنّ ثبوت الشاة خاصّة للتقبيل مطلقا لا ينافي ثبوت البدنة للإمناء كذلك ، فإنّ الإمناء أمر آخر وإن ترتّب على التقبيل واجتمع معه ، ولازمه ثبوت الأمرين.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٦ ـ ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢٧ ـ ١١٢٣ ، الوسائل ١٣ : ١٣٩ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٨ ح ٤.

(٢) الكافي ٤ : ٣٧٦ ـ ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢٦ ـ ١١٢١ ، الاستبصار ٢ : ١٩١ ـ ٦٤١ ، الوسائل ١٢ : ٤٣٤ أبواب تروك الإحرام ب ١٢ ح ٣.

٢٥٥

إلاّ أنّ ها هنا كلاما آخر ، وهو : عدم معلوميّة صدق الإمناء حينئذ ، لأنّه إخراج المني ، وما نحن فيه وإن كان خروجا ولكن لا يعلم كونه إخراجا ، إذ ليس التقبيل بغير شهوة سببا عاديّا له.

والحاصل : أنّه بالنسبة إلى خروج المني كنسبة النوم إلى الاحتلام ، فلا يكون هذا الفرد داخلا في الأصل المذكور رأسا لا أن يكون مستثنى من الأصل ، فإنّ الإمناء إنّما يكون مع طلبه ، كما تشعر به صحيحة الحلبي ، وفيها : قلت : فإنّه أراد أن ينزلها من المحمل ، فلمّا ضمّها إليه أدركته الشهوة ، قال : « ليس عليه شي‌ء ، إلاّ أن يكون طلب ذلك » (١).

ولو لا ذلك لكنّا نقول بوجوب البدنة والشاة معا ، الاولى للإمناء ، والثانية للتقبيل ، لأدلّة كلّ منهما ، ونفي الحسنة للبدنة لأجل التفصيل إنّما ينفيها من حيث التقبيل لا من حيث الإمناء.

وإنّما لم نقل بالبدنتين في صورة التقبيل بالشهوة والإمناء بمثل ذلك الدليل لما ثبت عندنا من أصالة تداخل الأسباب مع اتّحاد المسبّب نوعا.

ولا نبالي بعدم معلوميّة شريك في ذلك القول ، لجواز أن يكون مراد القوم ـ كلاّ أو بعضا ـ بيان كفّارة كلّ فعل بخصوصه ، فيجتمع مع الاجتماع ، مع أنّ المقام ـ لتشتّت الأقوال ـ ممّا لا يعلم فيه إجماع بسيط أو مركّب.

لا يقال : إنّه وإن لم تثبت البدنة حينئذ بالأصل المذكور ـ لما ذكرت ـ ولكن يمكن إثباتها بإطلاق صحيحة الحلبي ورواية عليّ بن أبي حمزة.

لأنّا نقول : بأنّهما أعمّان مطلقا من الحسنة ، لتقييدها بغير الشهوة ، فيجب التخصيص بها.

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٢٦ ـ ١١١٨ ، الوسائل ١٣ : ١٣٧ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٧ ح ٥.

٢٥٦

بل قد يقال : إنّ سياقهما ظاهر فيما كان مع الشهوة ، ومع ذلك هو الغالب المنصرف إليه الإطلاق ، ولكنّهما لا يخلوان عن قبول المنع.

وكذلك إن كان بدون الشهوة والأمناء ، للحسنة المتقدّمة.

وتحصّل ممّا ذكر : أنّ في التقبيل مع الشهوة البدنة ولو لم يمن ، وبدونها الشاة ولو أمنى.

وللقوم فيه أقوال أخر :

فعن جماعة ـ منهم : الحلّي والديلمي وابن زهرة ـ : اشتراط الإنزال والشهوة معا في ثبوت البدنة (١).

وعن آخرين ـ منهم : الصدوق والمفيد ـ : عدم اشتراط الشهوة في ثبوتها (٢).

ومنهم من جمع بين الأمرين : اشتراط الإنزال ، وعدم الشهوة.

ومنهم من اشترط الإنزال والشهوة معا ، حكي عن ابن سعيد (٣).

ومنهم من لم يحكم بالبدنة أصلا ، بل اكتفى فيه بالشاة مطلقا (٤).

والكلّ ضعيف غير مطابق لمقتضى الاستدلال.

المسألة العاشرة : من مسّ امرأته أو حملها بشهوة فعليه شاة.

لصحيحة ابن عمّار : عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى وهو محرم ، قال : « لا شي‌ء عليه ، ولكن ليغتسل ويستغفر ربّه ، وإن حملها من غير شهوة فأمنى أو أمذى فلا شي‌ء عليه ، وإن حملها أو مسّها بشهوة فأمنى‌

__________________

(١) الحلي في السرائر ١ : ٥٥٢ ، الديلمي في المراسم : ١١٩ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٦.

(٢) الصدوق في المقنع : ٧٦ ، المفيد في المقنعة : ٤٣٤.

(٣) الجامع للشرائع : ١٨٨.

(٤) انظر الفقيه ٢ : ٢١٣ ـ ٩٧٠.

٢٥٧

أو أمذى فعليه دم » (١).

والحلبي : قلت : المحرم يضع يده بشهوة ، قال : « يهريق دم شاة » (٢).

ومحمّد : عن رجل حمل امرأته وهو محرم فأمنى أو أمذى ، قال : « إن حملها أو مسّها بشي‌ء من الشهوة فأمنى أو لم يمن أمذى أو لم يمذ فعليه دم شاة يهريقه ، فإن حملها أو مسّها بغير شهوة أمنى أو لم يمن فليس عليه شي‌ء » (٣).

وحسنة مسمع ، وفيها : « ومن مسّ امرأته بيده وهو محرم على شهوة فعليه دم شاة » (٤).

فإن حصل مع ذلك الإنزال فعليه مع الشاة البدنة ، الاولى : للمسّ بشهوة ، والثانية : للإمناء ، للتقريب الذي مرّ في المسألة السابقة.

وإن مسّها أو حملها بلا شهوة فلا شي‌ء عليه وإن أنزل ، لصحيحتي ابن عمّار ومحمّد المتقدّمتين.

ولا يرد : أنّهما أعمّان مطلقا من الأصل المذكور ، حيث إنّ الشي‌ء أعمّ من الكفارة.

لأنّ التقابل مع ما فيه الكفّارة يجعلهما كالصريح في إرادة نفي الكفّارة ، فإنّ التفصيل قاطع للشركة.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٥ ـ ١ ، الوسائل ١٣ : ١٣٥ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٧ ح ١ وفيه : وإن حملها .. وهو محرم ..

(٢) الكافي ٤ : ٣٧٥ ـ ٢ ، الوسائل ١٣ : ١٣٨ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٨ ح ١.

(٣) الفقيه ٢ : ٢١٤ ـ ٩٧٢ ، التهذيب ٥ : ٣٢٦ ـ ١١١٩ ، الوسائل ١٣ : ١٣٧ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٧ ح ٦ ، بتفاوت.

(٤) الكافي ٤ : ٣٧٦ ـ ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢٦ ـ ١١٢١ ، الاستبصار ٢ : ١٩١ ـ ٦٤١ ، الوسائل ١٣ : ١٣٦ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٧ ح ٣.

٢٥٨

مع أنّه لو قطع النظر عن ذلك لكان تعارضهما مع دليل الأصل بالعموم من وجه ، اللازم فيه الرجوع إلى أصالة البراءة بعد اليأس عن الترجيح.

مضافا إلى عدم معلوميّة صدق الإمناء حينئذ بالتقريب المذكور.

المسألة الحادية عشرة : من نظر إلى أهله فلا شي‌ء عليه من جهة النظر مطلقا ، بشهوة كان أو بدونها.

لأصل البراءة.

وصحيحة ابن عمّار : عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى وهو محرم ، قال : « لا شي‌ء عليه » (١).

وموثّقة إسحاق : « محرم نظر إلى امرأته بشهوة فأمنى ، قال : « ليس عليه شي‌ء » (٢).

ولو كان معه الإنزال ، فإن كان بشهوة فعليه بدنة.

للأصل المتقدّم.

وحسنة مسمع : « ومن نظر إلى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور » (٣).

وهي وإن كانت معارضة مع الصحيحة والموثقة ولكنّها أخصّ مطلقا منهما ، لأنّ الجزور أخصّ من الشي‌ء ، مع أنّه لولاه أيضا للزم الرجوع إلى‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٥ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٣٢٥ ـ ١١١٧ ، الاستبصار ٢ : ١٩١ ـ ٦٤٢ ، الوسائل ١٣ : ١٣٥ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٧ ح ١.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٢٧ ـ ١١٢٢ ، الاستبصار ٢ : ١٩٢ ـ ٦٤٣ ، الوسائل ١٣ : ١٣٨ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٧ ح ٧.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٦ ـ ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢٦ ـ ١١٢١ ، الاستبصار ٢ : ١٩١ ـ ٦٤١ ، الوسائل ١٣ : ١٣٦ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٧ ح ٣.

٢٥٩

الأصل المذكور.

وإن كان بدون الشهوة فلا شي‌ء عليه.

لمعارضة الصحيحة مع دليل الأصل بالعموم من وجه ، فيرجع إلى أصل البراءة ، مضافا إلى ما مرّ من عدم معلوميّة صدق أمنائه حينئذ.

ومن نظر إلى غير أهله من الأجنبيّات فأمنى ، فإن كان موسرا فعليه بدنة ، وإن كان متوسّطا فبقرة ، وإن كان معسرا فشاة.

لموثّقة أبي بصير : عن رجل نظر إلى ساق امرأة فأمنى ، قال : « إن كان موسرا فعليه بدنة ، وإن كان بين ذلك فبقرة ، وإن كان فقيرا فشاة ، أما إنّي لم أجعل ذلك عليه من أجل الماء ، ولكن من أجل أنّه نظر إلى ما لا يحلّ له » (١).

وقريبة منها الأخرى ، وفيها : ساق امرأة أو فرجها (٢) ، وذيلها يدلّ على كون الامرأة أجنبيّة.

ومعنى قوله : « من أجل الماء » أي من أجله خاصّة ، كما تدلّ عليه صحيحة ابن عمّار : في محرم نظر إلى غير أهله فأمنى ، قال : « عليه دم ، لأنّه نظر إلى غير ما يحلّ له ، وإن لم يكن أنزل فليتّق الله ولا يعد ، وليس عليه شي‌ء » (٣).

وإطلاق الدم فيها محمول على تفصيل الموثّقة ، حملا للمجمل على المبيّن ، والمقيّد على المطلق.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٧ ـ ٧ ، التهذيب ٥ : ٣٢٥ ـ ١١١٥ ، الوسائل ١٣ : ١٣٣ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٦ ح ٢ ، بتفاوت.

(٢) المقنع : ٧٦ ، الوسائل ١٣ : ١٣٣ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٦ ح ٢.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٧ ـ ٨ ، الوسائل ١٣ : ١٣٥ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٦ ح ٥.

٢٦٠