مستند الشّيعة - ج ١٣

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٣

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-073-0
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٣٦٣

لرواية أبي بصير فيهما (١) ، وصحيحتي البزنطي (٢) وابن مسكان (٣) في الأرنب.

ولو لم يجدها فهما كالظبي في البدل ، على الأظهر الأشهر الأحوط.

لصحاح الحذّاء ومحمّد وابن عمّار ومرسلة ابن بكير.

وعن القديمين والصدوقين والمحقّق : أنّه لا بدل لهما ، بل يستغفر الله تعالى ، للأصل (٤).

وجوابه ظاهر.

المسألة الرابعة : في قتل الضبّ والقنفذ واليربوع جدي على الأظهر الأشهر ، بل حكي عن عامّة من تأخّر (٥).

لحسنة مسمع : « اليربوع والقنفذ والظبّ إذا أصابه المحرم فعليه جدي ، والجدي خير منه ، وإنّما جعل عليه هذا كي ينكل عن صيد غيره » (٦).

وأوجب جماعة فيه الحمل (٧) ، مدّعيا بعضهم الإجماع عليه (٨) ،

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٨٦ ـ ٧ ، الفقيه ٢ : ٢٣٣ ـ ١١١٦ ، التهذيب ٥ : ٣٤٣ ـ ١١٨٨ ، الوسائل ١٣ : ١٧ أبواب كفّارات الصيد ب ٤ ح ٤.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٣٣ ـ ١١١٤ ، الوسائل ١٣ : ١٧ أبواب كفّارات الصيد ب ٤ ح ١.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٣٣ ـ ١١١٥ ، الوسائل ١٣ : ١٧ أبواب كفّارات الصيد ب ٤ ح ٢.

(٤) حكاه عن القديمين ووالد الصدوق في المختلف : ٢٧٣ ، الصدوق في الفقيه ٢ : ٢٣٣ ، المحقق في الشرائع ١ : ٢٨٥.

(٥) كما في الرياض ١ : ٤٥٤.

(٦) الكافي ٤ : ٣٨٧ ـ ٩ ، وفي التهذيب ٥ : ٣٤٤ ـ ١١٩٢ ، والوسائل ١٣ : ١٩ أبواب كفّارات الصيد ب ٦ ح ١ : « لكي ينكل عن فعل غيره من الصيد ».

(٧) كما في الكافي في الفقه : ٢٠٦ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٦.

(٨) كما في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٦.

١٨١

ووجهه غير واضح.

وألحق الشيخان والسيّد والحلّي وابن حمزة والمحقّق الثاني (١) وغيرهم (٢) بالثلاثة أشباهها ، ولعلّهم ـ كما قيل (٣) ـ نظروا إلى التعليل في الحسن بقوله : « وإنّما جعل عليه » ، ولا يخلو عن قوّة.

المسألة الخامسة : قال جماعة ـ منهم : الصدوق في الفقيه والمقنع والشيخ والفاضل في المختلف والشهيد في الدروس (٤) ، وجمع آخر (٥) ـ : إنّ في قتل العظاية ـ بالعين المهملة والظاء المعجمة ، وهي من كبار الوزغ ـ كفّا من طعام.

لصحيحة ابن عمّار : محرم قتل عظاية ، قال : « كفّ من طعام » (٦).

خلافا لكثير من الأصحاب ، فلم يوجبوا له شيئا.

وهو الأظهر ، لقصور الصحيحة عن إفادة الوجوب.

نعم ، نقلها في بعض الكتب هكذا : « عليه كفّ من طعام » (٧) ، ولكن لم تثبت هذه الزيادة.

__________________

(١) المفيد في المقنعة : ٤٣٥ ، الطوسي في النهاية : ٢٢٣ ، السيد في جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٧١ ، ابن حمزة في الوسيلة : ١٦٨ ، المحقق الثاني في جامع المقاصد ٣ : ٣١٢.

(٢) منهم الحلّي في السرائر ١ : ٥٥٨ ، ابن سعيد في الجامع : ١٩٠ صاحب الرياض ١ : ٤٥٤.

(٣) الرياض ١ : ٤٥٤.

(٤) الفقيه ٢ : ٢٣٥ ، المقنع : ٧٩ ، الشيخ في التهذيب ٥ : ٣٤٤ ، المختلف : ٢٧٤ ، الدروس ١ : ٣٥٨.

(٥) منهم العلامة في المنتهى ٢ : ٨٢٧ الأردبيلي في مجمع الفائدة ٦ : ٣٨٣ ، صاحب الرياض ١ : ٤٥٤.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٤٥ ـ ١١٩٤ ، الوسائل ١٣ : ٢٠ أبواب كفّارات الصيد ب ٧ ح ٣.

(٧) كما في الرياض ١ : ٤٥٤.

١٨٢

المسألة السادسة : أثبت جماعة في القمّلة يلقيها من جسده كفّا من طعام (١).

لحسنتي ابن أبي العلاء (٢) ، المتقدّمتين في بحث إلقاء هوام الجسد.

المؤيّدتين بصحيحتي حمّاد (٣) ومحمّد (٤) ، المتقدّمتين فيه أيضا.

ورواية الحلبي : حككت رأسي وأنا محرم فوقع منه قمّلات ، فأردت ردّهنّ فنهاني ، وقال : « تصدّق بكفّ من طعام » (٥).

ونفاه جمع آخر ، وقالوا باستحبابه (٦).

لرواية أبي الجارود النافية للفداء في قتلها (٧) ، وصحيحة ابن عمّار النافية للشي‌ء فيه (٨) ، والأخرى النافية للشي‌ء عن سقوطها عن الرأس‌

__________________

(١) منهم المفيد في المقنعة : ٤٣٥ ، القاضي في المهذّب ١ : ٢٢٦ ، المحقّق في النافع : ١٠٣ ، العلامة في القواعد ١ : ٩٥ ، الإرشاد ١ : ٣١٩.

(٢) الأولى في : الكافي ٤ : ٣٦٢ ـ ٣ ، الوسائل ١٢ : ٥٣٩ أبواب تروك الإحرام ب ٧٨ ح ٣.

الثانية في : التهذيب ٥ : ٣٣٦ ـ ١١٦٠ ، الاستبصار ٢ : ١٩٦ ـ ٦٦١ ، الوسائل ١٣ : ١٦٨ أبواب بقية كفّارات الإحرام ب ١٥ ح ٣.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٣٦ ـ ١١٥٨ ، الاستبصار ٢ : ١٩٦ ـ ٦٥٩ ، الوسائل ١٣ : ١٦٨ أبواب بقية كفّارات الإحرام ب ١٥ ح ١.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٣٦ ـ ١١٥٩ ، الاستبصار ٢ : ١٩٦ ـ ٦٦٠ ، الوسائل ١٣ : ١٦٨ أبواب بقية كفّارات الإحرام ب ١٥ ح ٢.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٣٧ ـ ١١٦٣ ، الوسائل ١٣ : ١٦٩ أبواب بقية كفّارات الإحرام ب ١٥ ح ٤.

(٦) كما في المسالك ١ : ١٣٧.

(٧) الكافي ٤ : ٣٦٢ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٢٣٠ ـ ١٠٩٠ ، الوسائل ١٣ : ١٧٠ أبواب بقية كفّارات الإحرام ب ١٥ ح ٨.

(٨) الكافي ٤ : ٣٦٢ ـ ٢ ، التهذيب ٥ : ٣٣٧ ـ ١١٦٦ ، الاستبصار ٢ : ١٩٧ ـ ٦٦٤ ، الوسائل ١٣ : ١٦٩ أبواب بقية كفّارات الإحرام ب ١٥ ح ٦.

١٨٣

بحكّة (١) ، ورواية مرّة (٢) ، وغيرها (٣) ، المجوّزة لإلقائها ، المتقدّمة جميعا في البحث المذكور.

ورواية أخرى لأبي الجارود : حككت [ رأسي وأنا محرم ] فوقعت قمّلة ، قال : « لا بأس » ، قلت : أيّ شي‌ء تجعل فيها؟ قال : « وما أجعل عليك في قمّلة؟! ليس عليك فيها شي‌ء » (٤).

وهو الأقوى ، لذلك.

ولا يتوهّم أعمّية الأخبار الأخيرة باعتبار نفيها الشي‌ء الشامل للعقاب أيضا ، فيجب التخصيص ، لأنّ روايتي أبي الجارود مصرّحتان بنفي الفداء وجوبا ، فهما قرينتان على تجوّز الحسنتين.

وحمل الأخبار الأخيرة على التقيّة ـ بمحض حكاية نفي الكفّارة فيه عن طائفة من العامّة (٥) ـ غير جيّد ، بعد ذهاب جمع آخر من مشاهيرهم إلى خلافه.

نعم ، الأحوط الفداء.

المسألة السابعة : ذهب جماعة ـ منهم : عليّ بن بابويه وابن حمزة ـ إلى ثبوت وجوب الفداء بكبش في قتل الأسد (٦).

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٢٩ ـ ١٠٨٦ ، التهذيب ٥ : ٣٣٧ ـ ١١٦٥ ، الاستبصار ٢ : ١٩٧ ـ ٦٦٣ ، الوسائل ١٣ : ١٦٩ أبواب بقية كفّارات الإحرام ب ١٥ ح ٥.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٣٧ ـ ١١٦٤ ، الاستبصار ٢ : ١٩٧ ـ ٦٦٢ ، الوسائل ١٢ : ٥٤٠ أبواب تروك الإحرام ب ٧٨ ح ٦.

(٣) الوسائل ١٣ : ١٦٨ أبواب بقية كفّارات الإحرام ب ١٥.

(٤) الكافي ٤ : ٣٦٥ ـ ١٢ ، الوسائل ١٣ : ١٦٩ أبواب بقية كفّارات الإحرام ب ١٥ ح ٧ ، وما بين المعقوفين من المصدر.

(٥) كما في الحدائق ١٥ : ٢٥٠ وحكاه عن العامّة في المنتهى ٢ : ٨١٧ والتذكرة ١ : ٣٥٥.

(٦) نقله عن علي بن بابويه في المختلف : ٢٧١ ، الوسيلة : ١٦٤.

١٨٤

وقيّده بعضهم بما إذا لم يرده (١).

واستندوا إلى رواية [ أبي ] (٢) سعيد المكاري (٣).

ونفى جماعة الكفّارة فيه بخصوصه.

للأصل.

وضعف الرواية (٤).

أقول : وهو الأقوى ، لأنّ غاية ما تدلّ عليه الرواية ذبح الكبش للحرم لا للإحرام.

المسألة الثامنة : ما لا تقدير لفديته من الحيوانات ففيه قيمته السوقيّة الثابتة بإخبار عدلين عارفين ، بلا خلاف فيه يعلم ، أو مطلقا كما في المدارك والذخيرة (٥) ، وغيرهما (٦).

قالوا : لتحقّق الضمان ، لعمومات الجزاء والفداء في الصيد ، فمع عدم التقدير يرجع إلى القيمة.

ولصحيحة حريز (٧) : « في الظبي شاة ، وفي البقرة بقرة ، وفي الحمامة بدنة ، وفي النعامة بدنة ، وفيما سوى ذلك قيمته ».

__________________

(١) انظر الوسيلة : ١٦٤ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٦.

(٢) أضفناه لاستقامة السند.

(٣) الكافي ٤ : ٢٣٧ ـ ٢٦ ، التهذيب ٥ : ٣٦٦ ـ ١٢٧٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٨ ـ ٧١٢ ، الوسائل ١٣ : ٧٩ أبواب كفّارات الصيد ب ٣٩ ح ١.

(٤) منهم العلامة في المنتهى ٢ : ٨٠١ ، الشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٣٣ ، صاحب المدارك ٨ : ٣١٥ ، ٣١٦.

(٥) المدارك ٨ : ٣٥٠ ، الذخيرة : ٦٠٩.

(٦) كالمفاتيح ١ : ٣٢٤ ، الحدائق ١٥ : ٢٥٤.

(٧) كذا ، والصحيح : ولصحيحة سليمان بن خالد .. انظر التهذيب ٥ : ٣٤١ ـ ١١٨٢ ، الوسائل ١٣ : ٥ أبواب كفّارات الصيد ب ١ ح ٢.

١٨٥

أقول : لا شكّ في تخصيص قوله : « ما سوى ذلك » أي من الحيوانات الممنوع تعرّضها للمحرم بحكم التبادر وقرينة المقام ، ولا بدّ أيضا من التخصيص بما له قيمة بقرينة قوله : « قيمته » ، فلا يثبت في كثير من الحشرات كالخنفساء والذباب ، وأمّا ما لا قيمة له ممّا يحرم تعرّضه ففيه الإثم والاستغفار.

ثمَّ إنّ ظاهرهم أنّ ما سوى ما ذكر من الطيور والإفراخ والبيوض داخل فيما لا تقدير له.

والحق : أنّ جميع هذه الثلاثة ممّا وقع له التقدير : أمّا الطيور ، فقد مرّ الكلام فيه ، وأنّ في كل طير دم شاة.

وأمّا الإفراخ ، ففي كلّ فرخ حمل أو جدي مخيّرا بينهما.

لصحيحة ابن سنان المتقدّمة في المسألة الثانية من المقام الأول (١).

ورواية أبي بصير : عن رجل قتل فرخا وهو محرم في غير الحرم ، فقال : « عليه حمل وليس عليه قيمته ، لأنّه ليس في الحرم » (٢).

وأمّا البيوض ، فلصحيحة حريز : « وإن وطئ المحرم بيضة وكسرها فعليه درهم ، كلّ هذا يتصدّق به بمكّة ومنى » (٣).

فالحقّ : عدم الرجوع فيها إلى القيمة ، لكونها مقدّرة ، بل لعموم العلّة المذكورة في رواية أبي بصير النافية للقيمة ، بل مقتضاه نفي القيمة في جميع المواضع ، وأنّ الرجوع إلى القيمة حكم الصيد الحرمي دون‌

__________________

(١) راجع ص : ١٦٣.

(٢) الكافي ٤ : ٣٩٠ ـ ٦ ، الوسائل ١٣ : ٢٣ أبواب كفّارات الصيد ب ٩ ح ٤.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٤٦ ـ ١٢٠٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٠١ ـ ٦٨٣ ، الوسائل ١٣ : ٢٣ أبواب كفّارات الصيد ب ٩ ح ٧.

١٨٦

الإحرامي ، إلاّ أنّه لأعمّيته بالنسبة إلى صحيحة حريز المتقدّمة يخصّص بها ، كما أنّ الصحيحة لأعمّيتها من أخبار الطير والفرخ والبيض يجب تخصيصها بها. وعدم الاطّلاع على من قال بمثل ما قلنا في مطلق البيض لا يدلّ على العدم ، ولو سلّم عدم الذكر فلا يثبت منه الإجماع ، والله أعلم.

١٨٧

المقام الثالث

في بقيّة أحكام كفّارات الحيوانات‌

وفيه مسائل :

المسألة الأولى : اللازم في الفداء المنصوص عليه ـ كالبدنة والبقرة والشاة والحمل ـ صدق الاسم وتحقّق المماثلة النوعيّة عرفا ، ولا يشترط أزيد من ذلك ، للأصل.

فيجوز فداء الصيد المعيب بمعيب آخر مثله ـ كالأعور بالأعور ـ بل بمعيب آخر لا يماثله في العيب ـ كالأعور بالأعرج ـ بل الصحيح بالمعيب ، كالأعرج.

لصدق المماثلة الثابت اعتبارها والاسم.

والأفضل إفداء الصحيح ـ بل المعيب ـ بالصحيح.

وكذا يجوز إفداء الذكر بالأنثى وبالعكس فيما لا مقدّر خاصّا له ، لما ذكر ، والتماثل أحوط.

المسألة الثانية : لو أصاب صيدا حاملا ، فألقت جنينا ، ثمَّ ماتا ، فدى الامّ بمقدّرها ، والصغير بمثله من الصغار ، بلا خلاف فيه بين العلماء كما في المدارك (١).

لإطلاق الأمر بالفداء بالمقدّر ، وبالمماثل المتناول للصغير والكبير.

ولو عاشا لم تكن عليه فدية ، للأصل.

__________________

(١) المدارك ٨ : ٣٥٣.

١٨٨

ولو عاب أحدهما ضمن الأرش.

ولو مات أحدهما فداه دون الآخر ، والوجه ظاهر.

ولو ألقت جنينا لا حياة له ومضت فهي معيبة فيه الأرش ، كما يأتي.

ولو شكّ في حياة الجنين لم يكن له فداء أيضا ، لتعلّق الحكم بالحيّ بعد الولادة.

المسألة الثالثة : أصابه المحرم للصيد ـ بل لمطلق الحيوان الممنوع عنه في الإحرام ـ تارة يكون بمباشرة قتله ، واخرى بإمساكه وأخذه ، وثالثة بإيجاد سبب مؤد إلى هلاكه ، ويقال له : التسبيب ، كإغلاق باب عليه من غير مباشرة غيره في إتلافه ، وإلاّ فلا يكون إصابة منه ، بل هو إشارة ودلالة ، ويأتي حكمها.

فثبوت الفداء المتقدّم بمباشرة القتل واضح ، وجميع الأدلّة المتقدّمة دالّة عليه.

وأمّا الإمساك وإيجاد السبب ، فإن أدّيا إلى الهلاك والتلف فلا شكّ في ثبوت الفداء أيضا ، لصدق إصابة الصيد والحيوان عليه.

وتدلّ عليه صحيحة سليمان بن خالد المتقدّمة في المسألة الرابعة من المقام الأول (١) ، ورواية يونس بن يعقوب المتقدّمة في المسألة الثامنة منه (٢).

وإن لم يؤدّيا إلى الهلاك ـ بل خلّى سبيله ـ فالظاهر أنّه لا فداء فيه ، بل فيه الإثم فقط.

ويدلّ عليه مفهوم الشرط في صحيحة ابن أبي عمير : « المحرم إذا قتل‌

__________________

(١) راجع ص : ١٦٣.

(٢) راجع ص : ١٧٤.

١٨٩

الصيد فعليه جزاؤه » الحديث (١).

وفي صحيحة منصور : « المحرم لا يدلّ على الصيد ، فإن دلّ عليه فقتل فعليه الفداء » (٢).

وترتّب الفداء في الأخبار على القتل والذبح والإصابة التي لم يعلم صدقها على غير ذلك.

ويدلّ عليه أيضا مفهوم العلّة المنصوصة في رواية أبي بصير : في محرم رمى ظبيا فأصابه في يده ـ إلى أن قال : ـ « وإن كان ذهب على وجهه فلم يدر ما صنع فعليه الفداء ، لأنّه لا يدري ، لعلّه هلك » (٣).

وما ورد في نفي الضمان على من رمى الصيد ولم يؤثّر فيه (٤).

وتؤيّده أيضا أخبار كثيرة واردة في أخذ الطائر في الحرم ، فأمر بتخلية سبيله من غير أمر بالكفّارة (٥) ، وفيها مطلقات أيضا تشمل المحرّمة (٦) ، بل منها ما هو ظاهر فيه.

وقد حكى في المدارك عن الشيخ وجمع من الأصحاب الضمان بإغلاق الباب على الطائر (٧) ، وهو ظاهر النافع (٨) ، وحكي عن الفاضل في‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٧٧ ـ ١٣١٧ ، الاستبصار ٢ : ٢١٤ ـ ٧٣٥ ، الوسائل ١٢ : ٤٣٢ أبواب تروك الإحرام ب ١٠ ح ٦.

(٢) الكافي ٤ : ٣٨١ ـ ٢ ، التهذيب ٥ : ٤٦٧ ـ ١٦٣٤ ، الاستبصار ٢ : ١٨٧ ـ ٦٢٩ ، الوسائل ١٢ : ٤١٦ أبواب تروك الإحرام ب ١ ح ٣.

(٣) الكافي ٤ : ٣٨٦ ـ ٦ ، الوسائل ١٣ : ٦٢ أبواب كفّارات الصيد ب ٢٧ ح ٤.

(٤) الوسائل ١٣ : ٦١ أبواب كفّارات الصيد ب ٢٧.

(٥) انظر الوسائل ١٣ : ٣٠ أبواب كفّارات الصيد ب ١٢.

(٦) كذا في النسخ ، ولعلّه تصحيف عن المحرم.

(٧) المدارك ٨ : ٣٦٧.

(٨) النافع : ١٠٤.

١٩٠

التلخيص (١).

واحتجّوا له برواية يونس بن يعقوب المتقدّمة ، وصحيحة ابن سنان (٢) على بعض نسخها الذي ليس فيه قوله : « فمات ».

وبرواية أخرى واردة في إغلاق الباب على حمام الحرم من غير تقييد بالمحرم (٣).

وردّ بعضهم الصحيحة باختلاف النسخ ، بل في الأكثر قوله : « فمات » ، والروايتين بالضعف.

وحملها (٤) بعضهم على الجهل بصورة الحال ، فتغلق الباب ولا يدري بعده حال الطائر (٥).

وهو حمل بلا شاهد.

ويمكن أن يكون المراد : الإغلاق حتى يهلك ، كما هو الظاهر ، ويمكن حمل الفتاوى المطلقة عليه أيضا ، ولذا قيّد في السرائر الإغلاق بالتأدية إلى الهلاك (٦).

ولو عمل بهما في موردهما خاصّة ـ وهو إغلاق الباب على حمام الحرم ، كما هو ظاهر القائلين به ، حيث عنونوا المسألة هكذا ـ لم يكن‌

__________________

(١) حكاه عنه في كشف اللثام ١ : ٤٠٠.

(٢) كذا ، والصحيح : وصحيحة سليمان بن خالد .. انظر التهذيب ٥ : ٣٥٠ ـ ١٢١٥ ، الوسائل ١٣ : ٤١ أبواب كفّارات الصيد ب ١٦ ح ٢.

(٣) وهي رواية زياد الواسطي الواردة في الكافي ٤ : ٢٣٤ ـ ١٣ ، التهذيب ٥ : ٣٥٠ ـ ١٢١٧ ، الوسائل ١٣ : ٤٢ أبواب كفّارات الصيد ب ١٦ ح ٤.

(٤) في « ق » و « ح » : وحملهما ..

(٥) انظر المدارك ٨ : ٣٦٨.

(٦) السرائر ١ : ٥٦٠.

١٩١

بعيدا ، بل مقتضى الاستدلال ذلك ، فعليه الفتوى ، فيفدي بما في رواية يونس المذكورة ، وإن كان الأحوط الفداء بمطلق الإمساك والحبس ، لإمكان إدخاله في الإصابة ، ولكنّ الظاهر أنّه لا قائل به.

والبيض أيضا كالحيوان فيما ذكر.

المسألة الرابعة : كما تثبت الكفّارة بقتل الصيد مباشرة أو تسبيبا كذلك تثبت لأكله وإن صادرة غيره ، أو صاده هو حال الحلال ، بلا خلاف فيه ، فحكي عن جماعة من القدماء والمتأخّرين : أنّ فيه الفداء مثل أصل الصيد (١) ، وذهب جمع آخر ـ والظاهر أنّهم الأكثر ـ إلى ضمان القيمة (٢).

دليل الأولين : الأخبار المتكثّرة من الصحاح والموثّقات المتقدّمة كثير منها في مسألة اضطرار المحرم إلى الصيد أو الميتة : أنّه يأكله ويفديه (٣).

وصحيحة الحذّاء : عن رجل اشترى لرجل محرم بيض نعامة فأكله المحرم ، قال : « على الذي اشتراه فداء ، وعلى المحرم فداء » ، قلت : وما عليهما؟ قال : « على المحلّ جزاء قيمة البيض ، لكلّ بيضة درهم ، وعلى المحرم الجزاء لكلّ بيضة شاة » (٤).

وصحيحة زرارة المصرّحة بأنّ : « من أكل طعاما لا ينبغي أكله وهو محرم متعمّدا فعليه شاة » (٥).

__________________

(١) انظر الرياض ١ : ٤٥٥.

(٢) كما في الخلاف ٢ : ٤٠٥ ، الشرائع ١ : ٢٨٨ ، القواعد : ٩٦ ، الحدائق ١٥ : ٢٦١.

(٣) انظر الوسائل ١٣ : ٨٤ أبواب كفّارات الصيد ب ٤٣.

(٤) الكافي ٤ : ٣٨٨ ـ ١٢ ، التهذيب ٥ : ٣٥٥ ـ ١٢٣٥ ، الوسائل ١٣ : ١٠٥ أبواب كفّارات الصيد ب ٥٧ ح ١.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٦٩ ـ ١٢٨٧ ، الوسائل ١٣ : ١٥٧ أبواب بقية كفّارات الإحرام ب ٨ ح ١ ، بتفاوت يسير.

١٩٢

وصحيحة عليّ : عن قوم اشتروا ظبيا ، فأكلوا منه جميعا وهم حرم ، فقال : « على كلّ منهم فداء صيد ، على كلّ إنسان منهم على حدة فداء صيد كامل » (١).

ورواية يوسف الطاطري : صيدا يأكله قوم محرمون ، قال : « عليهم شاة ، وليس على الذي ذبحه إلاّ شاة » (٢).

وصحيحة أبان بن تغلب : في قوم حجّاج محرمين أصابوا فراخ نعام وأكلوا جميعا ، فقال : « مكان كلّ فرخ أكلوه بدنة يشتركون فيها ، ويشترونها على عدد الفراخ وعدد الرجال » (٣).

حجّة الآخرين : الأصل.

وصحيحة ابن عمّار : « إن اجتمع قوم على صيد وهم محرمون في صيده أو أكلوا منه فعلى كلّ واحد منهم قيمته » (٤).

وموثّقته في آخرها : « وأيّ قوم اجتمعوا على صيد فأكلوا منه فإنّ على كلّ إنسان منهم قيمته ، وإن اجتمعوا عليه في صيد فعليهم مثل ذلك » (٥).

وأجاب بعض من اختار الأول (٦) عن الأصل بوجوب رفع اليد عنه‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٥١ ـ ١٢٢١ ، قرب الإسناد : ٢٤٣ ـ ٩٦٤ ، الوسائل ١٣ : ٤٤ أبواب كفّارات الصيد ب ١٨ ح ٢.

(٢) الكافي ٤ : ٣٩١ ـ ٣ ، الفقيه ٢ : ٢٣٥ ـ ١١٢٣ ، التهذيب ٥ : ٣٥٢ ـ ١٢٢٥ ، الوسائل ١٣ : ٤٧ أبواب كفّارات الصيد ب ١٨ ح ٨.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٣٦ ـ ١١٢٣ ، التهذيب ٥ : ٣٥٣ ـ ١٢٢٧ ، الوسائل ١٣ : ٤٥ أبواب كفّارات الصيد ب ١٨ ح ٤ ، بتفاوت.

(٤) الكافي ٤ : ٣٩١ ـ ٢ ، التهذيب ٥ : ٣٥١ ـ ١٢١٩ ، الوسائل ١٣ : ٤٤ أبواب كفّارات الصيد ب ١٨ ح ١.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٧٠ ـ ١٢٨٨ ، الوسائل ١٣ : ٤٥ أبواب كفّارات الصيد ب ١٨ ح ٣.

(٦) كصاحب الرياض ١ : ٤٥٥.

١٩٣

بما مرّ ، مع أنّه قد يكون الأصل مع الأول بأن تزيد القيمة على الشاة.

وضعف دلالة الثاني ، لاحتمال أن يكون المراد من القيمة فيه الفداء ، بل هو كذلك البتّة ، لأنّ المراد من القيمة بالإضافة إلى القتل : الفداء ، فكذا بالإضافة إلى الأكل.

ومنه يعلم حال الثالث أيضا ، فيراد من القيمة فيه الفداء ، بقرينة قوله : « مثل ذلك » ، فإنّ الظاهر أنّه إشارة إلى ما في الأكل دون الصيد.

أقول : ما ذكره في ردّ الثالث وإن كان محلاّ للمناقشة ـ لاحتمال كون ذلك إشارة إلى الصيد ، والمراد المماثلة المأمور بها في الآية الكريمة (١) ، فلا يكون قرينة على إرادة الفداء من القيمة ـ ولكنّه صحيح في الثاني ، فإنّ عطف الأكل على الصيد يفيد أنّ المراد بالقيمة ليس هو مقصودهم وحده ، لعدم إمكانه بالنسبة إلى الاجتماع على الصيد.

وعلى هذا ، فإمّا أن يكون المراد بها الفداء في الصيد والقيمة في الأكل ، لا باستعمال اللفظ في المعنيين ، بل بالاشتراك المعنوي ، حيث إنّ المراد بالقيمة : ما يقابل الشي‌ء ويقاومه عادة أو شرعا.

أو الفداء فيهما ، فيحصل فيه الإجمال المانع عن الاستدلال.

ومنه يعلم خدش آخر في الثالث ، وهو عدم صراحة القيمة في المعنى المقصود ، فلعلّه الفداء أو شي‌ء آخر قرّره الشارع جزاء ، وقد استعملت القيمة في الفداء في الموثّقة المذكورة آخرها ، ففي أولها ـ بعد كلام في الصيد ـ : « فإن أصبته وأنت حلال في الحرم فعليك قيمة واحدة ، وإن أنت أصبته وأنت حرام في الحلّ فعليك القيمة ، وإن أصبته وأنت حرام‌

__________________

(١) المائدة : ٩٥.

١٩٤

في الحرم فعليك الفداء مضاعفا » (١).

ومنه يظهر ضعف الاستدلال بهما على ما أرادوه ، سيّما بعد المقابلة مع ما أورده الأولون من إثبات الفداء ، وما سنذكره أيضا.

ولكن لا يصلحان أيضا دليلا للقول الأول ـ كما ذكره بعضهم ـ إذ غايته الإجمال في المراد ، بل ولو سلّم أنّه الفداء أيضا لا يفيد ، لأنّ الفداء : ما يعوّض عن الشي‌ء سواء كان من جنسه أو غير جنسه ، ولا يختصّ الفداء بأمر معيّن من مماثل أو حيوان.

ولذا استعمل في الموثّقة المذكورة كلّ من القيمة والفداء في مقام الآخر ، وأطلق الفداء في مقام القيمة المصطلحة في مواضع غير عديدة ، منها : رواية عقبة بن خالد (٢) ، الواردة في محلّ قتل صيدا يؤمّ الحرم.

وأطلق فيما يقابل الشي‌ء مطلقا ، كما ورد في صحيحة ابن عمّار (٣) : الفداء فيما يقابل وطء البعير الدباء ، أي صغار الجراد.

وفي صحيحة أبي الجارود : قتل قمّلة فما فداؤها (٤)؟

وقال الله سبحانه ( فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) (٥).

وأظهر من الجميع صحيحة الحذّاء المتقدّمة ، فإنّ فيها التصريح أولا‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٧٠ ـ ١٢٨٨ ، الوسائل ١٣ : ٧٠ أبواب كفّارات الصيد ب ٣١ ح ٥.

(٢) الكافي ٤ : ٣٩٧ ـ ٨ ، التهذيب ٥ : ٣٦٠ ـ ١٢٥١ ، الوسائل ١٣ : ٦٦ أبواب كفّارات الصيد ب ٣٠ ح ١.

(٣) الكافي ٤ : ٣٩٣ ـ ٥ ، الوسائل ١٣ : ٧٨ أبواب كفّارات الصيد ب ٣٧ ح ٨.

(٤) الكافي ٤ : ٣٦٢ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٢٣٠ ـ ١٠٩٠ ، الوسائل ١٣ : ١٧٠ أبواب بقية كفّارات الإحرام ب ١٥ ح ٨.

(٥) البقرة : ١٩٦.

١٩٥

بالفداء ، ثمَّ فسّره بالقيمة.

وبالجملة : صدق الفداء على القيمة ـ بل يساويها في الصدق عليها وعلى الجزاء الذي هو مقصودهم ـ ممّا لا ينبغي الريب فيه ، فلا تصلح الروايتان دليلا لمقصود الأولين أيضا ، بل منه يظهر الخدش في جميع ما استدلّوا به له أيضا.

مضافا إلى ما في أخبار فدية المضطرّ (١) إلى احتمال كونه من جهة نفس الصيد ، حيث إنّها لا تختصّ بما صاده غير من أكله.

وما في البواقي من الأمر بالشاة في بيض النعامة ، كما في صحيحة الحذّاء ، أو في أكل مطلق ما لا ينبغي أكله ، كما في صحيحة زرارة ، أو في أكل مطلق الصيد ، كما في رواية يوسف.

وهذا ليس الفداء المطلوب لهم في الأكثر ، بل يدلّ على أنّ الفداء شاة.

وتدلّ عليه أيضا موثّقة أبي بصير : عن قوم محرمين اشتروا صيدا فاشتركوا فيه ، فقالت رفيقة لهم : اجعلوا فيه لي بدرهم ، فجعلوا لها ، فقال : « على كلّ إنسان منهم شاة » (٢).

ومرفوعة محمّد بن يحيى : في رجل أكل لحم صيد لا يدري ما هو وهو محرم ، قال : « عليه دم شاة » (٣).

وعلى هذا ، فيمكن حمل أخبار الفداء والقيمة على ذلك ، بإرادة‌

__________________

(١) الوسائل ١٣ : ٨٤ أبواب كفّارات الصيد ب ٤٣.

(٢) الكافي ٤ : ٣٩٢ ـ ٤ وفيه بتفاوت يسير ، الفقيه ٢ ـ ٢٣٦ ـ ١١٢٥ ، التهذيب ٥ : ٣٥١ ـ ١٢٢٠ ، الوسائل ١٣ : ٤٥ أبواب كفّارات الصيد ب ١٨ ح ٥.

(٣) الكافي ٤ : ٣٩٧ ـ ٧ ، التهذيب ٥ : ٣٨٤ ـ ١٣٤٢ ، الوسائل ١٣ : ١٠١ أبواب كفّارات الصيد ب ٥٤ ح ٢.

١٩٦

القيمة أو الفداء الذي عيّنه الشارع من باب تخصيص العامّ بالخاصّ.

وبنفي البعد عنه صرّح في الذخيرة ، قال : ولا يبعد أن يقال : الأكل يقتضي ثبوت شاة وينضمّ إلى فدية القتل إن اجتمع الأكل معه.

ثمَّ نقل الأخبار الدالّة عليه فقال : هذا مقتضى النظر ، لكن لم أجد ما ذكرته في كلام أحد من الأصحاب (١). انتهى.

أقول : قد أطلق جماعة من الأصحاب ـ منهم : الحلّي في السرائر والمحقّق في الشرائع والفاضل في الإرشاد (٢) ، وغيرهم (٣) ـ بثبوت الشاة في أكل ما لا ينبغي أكله ، فلعلّهم أرادوا ذلك ، بل هو ظاهر فيه.

وتقييد بعض الشارحين (٤) للأخيرين بقولهم : ممّا لا تقدير (٥) فيه ـ بناء على اختيارهم الفداء أو القيمة في أكل الصيد ـ لا يوجب كلامهم أيضا.

نعم ، ذكر الأول ـ بعد ما ذكر مسائل كثيرة ـ : ومتى اشتروا لحم صيد وأكلوه كان أيضا على كلّ منهم الفداء (٦).

وقال الثاني ـ قبل ما ذكر بمسائل كثيرة ـ : قتل الصيد موجب لفديته ، فإن أكله لزمه فداء آخر ، وقيل : يفدي ما قتل ويضمن ما أكل ، وهو الوجه (٧).

__________________

(١) الذخيرة : ٦١١.

(٢) السرائر ١ : ٥٥٤ ، الشرائع ١ : ٢٩٨ ، الإرشاد ١ : ٣٢٤.

(٣) كصاحب الحدائق ١٥ : ٢٦٥.

(٤) في « ق » : المتأخرين ..

(٥) انظر المسالك ١ : ١٤٦ ، والذخيرة : ٦٢٤.

(٦) السرائر ١ : ٥٦٠.

(٧) الشرائع ١ : ٢٨٨.

١٩٧

ونحوه الثالث ، إلاّ أنّه قال : وضمن قيمة ما أكل (١).

ويمكن أن يكون هذا الحكم مختصّا عندهم بالشراء والأكل ، أو القتل والأكل ، للنصّ المخصوص فيهما بزعمهم.

وأن يكون مراد الأول من الفداء هو ، الشاة التي ذكرها أولا ، فإنّه ذكر في هذا الباب الفداء ، وأراد به القيمة والجزاء كثيرا ، وتخصيص هذه المسألة بالذكر ثانيا لبيان تعلق الفداء بكلّ واحد من المشتركين.

ومراد الثاني من الضمان : ضمان ما في الأكل الذي سيذكره بعده ، وتخصيصه بالذكر أولا لدفع احتمال تداخل الأكل والقتل في الفداء.

وكذا الثالث وإن كان بعيدا فيه.

وبالجملة : لو لم نقل بظهور كلماتهم فيما قلنا ، فلا أقلّ من الاحتمال المانع عن دعوى الإجماع على خلافه.

وعلى هذا ، فالأقوى وجوب دم شاة في أكل لحم الصيد مطلقا ، فإن أكل مع القتل تكون فيه الكفّارة المقرّرة للقتل والشاة للأكل ، إذ الظاهر عدم التداخل ، كما لعلّه يأتي بيانه.

المسألة الخامسة : لو رمى صيدا فلم يصبه ، أو شكّ في الإصابة وعدمه ، أو أصابه ولم يؤثّر فيه ، أو شكّ في التأثير وعدمه ، فلا شي‌ء عليه ، بالإجماع في الأول ، وبلا خلاف إلاّ من القاضي ـ كما قيل ـ في الثاني (٢) ، وبلا خلاف مطلقا كما قيل (٣) ، بل بالإجماع المحكي عن جماعة في‌

__________________

(١) الإرشاد ١ : ٣٢٠.

(٢) انظر الرياض ١ : ٤٥٦ ، وهو في المهذب ١ : ٢٢٨.

(٣) انظر الرياض ١ : ٤٥٦.

١٩٨

الثالث (١) ، وعلى الأقوى وفاقا لظاهر المدارك في الرابع (٢) ، وظاهر النافع والتحرير التوقّف فيه (٣).

كلّ ذلك للأصل الخالي عمّا يصلح للمعارضة ، مضافا في الثالث إلى رواية أبي بصير (٤).

نعم ، ادّعي عن ظاهر بعضهم في الرابع الإجماع على لزوم الفداء (٥).

ولا فائدة فيه ، لعدم حجّية الإجماع المنقول.

ويستثنى من الأول والثالث : ما لو رمى اثنان وأخطأ أحدهما ، فإنّ على كلّ واحد منهما الفداء ، وفاقا للأكثر (٦).

لصحيحة ضريس (٧) ، ورواية إدريس بن عبد الله (٨).

خلافا للحلّي ، فنفاه عن المخطئ (٩).

وهو حسن على أصله من عدم العمل بالآحاد.

ولا يتعدّى الحكم إلى الأكثر من اثنين ، سواء تعدّد المصيب أو المخطئ ، اقتصارا فيما خالف الأصل على مورد النصّ.

ولو رماه وجرحه فغاب وجهل حاله ، فعليه الفداء كاملا ، بلا خلاف‌

__________________

(١) الرياض ١ : ٤٥٦.

(٢) المدارك ٨ : ٣٥٧.

(٣) المختصر النافع : ١٠٣ ، التحرير ١ : ١١٧.

(٤) الكافي ٤ : ٣٨٦ ـ ٦ ، الوسائل ١٣ : ٦٢ أبواب كفّارات الصيد ب ٢٧ ح ٤.

(٥) انظر الرياض ١ : ٤٥٦ ، وكشف اللثام ١ : ٣٩٨.

(٦) كما في النافع : ١٠٤ ، الشرائع ١ : ٢٩٠ المسالك ١ : ١٤١ ، المدارك ٨ : ٣٥٦ ، ٣٦٩.

(٧) التهذيب ٥ : ٣٥٢ ـ ١٢٢٣ ، الوسائل ١٣ : ٤٩ أبواب كفّارات الصيد ب ٢٠ ح ١.

(٨) التهذيب ٥ : ٣٥١ ـ ١٢٢٢ ، الوسائل ١٣ : ٤٩ أبواب كفّارات الصيد ب ٢٠ ح ٢.

(٩) السرائر ١ : ٥٦١.

١٩٩

فيه ، بل عليه الإجماع عن المنتهى والانتصار وشرح الجمل للقاضي (١) وغيرها (٢).

للمستفيضة الدالة عليه (٣).

المسألة السادسة : لو اشترك جماعة محرمين في قتل صيد لزم كلّ واحد منهم فداء كامل ، إجماعا محقّقا ، ومنقولا مستفيضا (٤).

له ، وللنصوص المستفيضة المتقدّمة بعضها (٥).

ومنها صحيحة البجلي : عن رجلين أصابا صيدا وهما محرمان ، الجزاء بينهما أو على كل واحد منهما الجزاء؟ فقال : « لا ، بل عليهما أن يجزي كلّ واحد منهما الصيد » الحديث (٦).

المسألة السابعة : من أحرم ومعه صيد مملوك له قبل الإحرام زال ملكه عنه عند جماعة (٧) ، بل الأكثر ، بل عن جماعة : الإجماع عليه (٨).

لوجوه قاصرة جدّا عن دفع الأصل والاستصحاب الخاليين عن المعارض ، سوى رواية أبي سعيد المكاري (٩) ، وهي على زوال الملك غير‌

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٨٢٨ ، الانتصار : ١٠٤ ، شرح الجمل : ٢٣٩.

(٢) كالحدائق ١٥ : ٢٧٣.

(٣) كما في الوسائل ١٣ : ٦١ أبواب كفّارات الصيد ب ٢٧.

(٤) كما في المدارك ٨ : ٣٥٩ ، المفاتيح ١ : ٣٢٦ ، الرياض ١ : ٤٥٧.

(٥) انظر الوسائل ١٣ : ٤٤ أبواب كفّارات الصيد ب ١٨.

(٦) الكافي ٤ : ٣٩١ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٤٦٦ ـ ١٦٣١ ، الوسائل ١٣ : ٤٦ أبواب كفّارات الصيد ب ١٨ ح ٦.

(٧) منهم المحقق في الشرائع ١ : ٢٨٩ ، العلامة في الإرشاد ١ : ٣٢٠ ، الشهيد في الدروس ١ : ٣٥٢.

(٨) حكاه في الرياض ١ : ٤٥٧.

(٩) التهذيب ٥ : ٣٦٢ ـ ١٢٥٧ ، الوسائل ١٣ : ٧٤ أبواب كفّارات الصيد ب ٣٤ ح ٣.

٢٠٠