مستند الشّيعة - ج ١٢

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٢

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-038-2
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤١٦

وجمع من المتأخّرين (١) ، للأصل ، واختصاص الموثّقة بالمدني ، وعدم عموم في فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وأطلق جمع آخر (٢) ، ولا وجه له.

ومنها : دخول كلّ من الحرم ومكّة والمسجد حافيا ، وتدلّ على الأول روايتا أبان والحذّاء ، وعلى الثاني رواية عجلان المتقدّمة جميعا (٣) ، وعلى الثالث صحيحة ابن عمّار : « إذا دخلت المسجد الحرام فادخله حافيا على السكينة والوقار والخشوع » الحديث (٤).

ومنها : دخول كلّ من الثلاثة بالسكينة والوقار والخضوع ، للتصريح به في الروايات المتقدّمة.

ومنها : أن يدخل المسجد من باب بني شيبة ، للتأسّي بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ولرواية سليمان بن مهران عن الصادق عليه‌السلام ، وفيها ـ بعد ذكر دفن هبل عند باب بني شيبة ـ : « فصار الدخول إلى المسجد من باب بني شيبة سنّة لأجل ذلك » (٥).

وفي المدارك (٦) ، وغيره (٧) : إنّ هذا الباب غير معروف الآن ، لتوسّع المسجد ، ولكنّه قيل : إنّه بإزاء باب السلام ، فينبغي الدخول منه على‌

__________________

(١) المدارك : ٤٥٦ ، الذخيرة : ٦٣١ ، الحدائق ١٦ : ٧٧.

(٢) كما في المختصر النافع : ٩٣ ، والتنقيح الرائع ١ : ٤٩٩ ، والمسالك ١ : ١٢٠.

(٣) راجع ص : ٥٧ و ٥٨ و ٥٩.

(٤) الكافي ٤ : ٤٠١ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٩٩ ـ ٣٢٧ ، الوسائل ١٣ : ٢٠٤ أبواب مقدّمات الطواف ب ٨ ح ١.

(٥) الفقيه ٢ : ١٥٤ ـ ٦٦٨ ، العلل : ٤٤٩ ـ ١ ، الوسائل ١٣ : ٢٠٦ أبواب مقدمات الطواف ب ٩ ح ١.

(٦) المدارك ٨ : ١٢٤.

(٧) حكاه في الذخيرة : ٦٣٢.

٦١

الاستقامة إلى أن يتجاوز الأساطين (١) ، لتحقّق المرور به.

ومنها : الوقوف على باب المسجد ، والتسليم والدعاء بالمأثور في صحيحة ابن عمّار بقوله فيها : « فإذا انتهيت إلى باب المسجد فقم وقل : السلام عليك » إلى آخره (٢).

وموثّقة أبي بصيرة بقوله فيها : « تقول وأنت على باب المسجد : بسم الله وبالله ومن الله » إلى آخره (٣).

ومنها : استقبال البيت ، ورفع اليدين بعد دخول المسجد ، والدعاء بما في صحيحة ابن عمّار المذكورة ، قال فيها : « فإذا دخلت المسجد فارفع يديك واستقبل البيت وقل : اللهم إنّي أسألك في مقامي هذا » الحديث.

ومنها : المشي حتى يدنو من الحجر الأسود ، فيستقبله ويقف عنده ، ويدعو بما في رواية أبي بصير : « إذا دخلت المسجد الحرام فامش حتى تدنو من الحجر الأسود فتستقبله وتقول : الحمد لله الذي هدانا لهذا » الحديث (٤).

ويدعو أيضا عند محاذاة الحجر الأسود بما في مرسلة حريز : « إذا دخلت المسجد الحرام وحاذيت الحجر الأسود فقل : أشهد أن لا إله إلاّ الله » إلى آخر الدعاء (٥).

ويستحبّ له التكبير والصلاة والسلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا عند‌

__________________

(١) انظر المسالك ١ : ١٢٠.

(٢) الكافي ٤ : ٤٠١ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٩٩ ـ ٣٢٧ ، الوسائل ١٣ : ٢٠٤ أبواب مقدّمات الطواف ب ٨ ح ٢.

(٣) الكافي ٤ : ٤٠٢ ـ ٢ ، التهذيب ٥ : ١٠٠ ـ ٣٢٨ ، الوسائل ١٣ : ٢٠٥ أبواب مقدّمات الطواف ب ٨ ح ٢.

(٤) الكافي ٤ : ٤٠٣ ـ ٢ ، التهذيب ٥ : ١٠٢ ـ ٣٣٠ ، الوسائل ١٣ : ٣١٤ أبواب الطواف ب ١٢ ح ٣ وفيه : فتستلمها وتقول ..

(٥) الكافي ٤ : ٤٠٣ ـ ٣ ، الوسائل ١٣ : ٣١٥ أبواب الطواف ب ١٢ ح ٤.

٦٢

استقباله ، كما في صحيحة يعقوب بن شعيب (١).

ومنها : رفع اليدين عند الدنو من الحجر الأسود ، وحمد الله ، والثناء عليه ، والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والسؤال أن يتقبّل الله منه ، ثمَّ استلام الحجر ـ أي مسّه ـ بالتقبيل ، فإنّ لم يستطع أن يقبّله فاستلمه بيده ، وإن لم يستطعه أيضا أشار إليه ، ويدعو بالمأثور في صحيحة أخرى لابن عمّار المتضمنة لجميع ذلك.

قال : « إذا دنوت من الحجر الأسود فارفع يديك واحمد الله وأثن عليه وصلّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واسأل الله أن يتقبّل منك ، ثمَّ استلم الحجر وقبّله ، فإن لم تستطع أن تقبّله فاستلمه بيدك ، وإن لم تستطع أن تستلمه بيدك فأشر إليه وقل : اللهم أمانتي أدّيتها » إلى آخر الدعاء ، إلى أن قال : « فإن لم تستطع أن تقول هذا كلّه فبعضه ، وقل : اللهم إليك » إلى آخره (٢).

وما ذكرنا من استحباب الاستلام والتقبيل هو الحقّ المشهور بين الأصحاب ، وعن الديلمي أنّه أوجبهما (٣) ، وتدفعه الأخبار المستفيضة ، كصحيحة ابن عمّار (٤) ، وصحيحة ابن شعيب (٥) ، وغير ذلك (٦).

وما ذكرنا من أنّ استلام الحجر مسّه بالتقبيل أو اليد تدلّ عليه صحيحة ابن عمّار المتقدّمة ، ويحتمل أن لا يكون التقبيل فيها تفسيرا للاستلام ، بل يكون هو مستحبّا برأسه ويكون الاستلام هو المسّ باليد ،

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٠٧ ـ ٤ ، الوسائل ١٣ : ٣٣٦ أبواب الطواف ب ٢١ ح ٢.

(٢) الكافي ٤ : ٤٠٢ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ١٠١ ـ ٣٢٩ ، الوسائل ١٣ : ٣١٣ أبواب الطواف ب ١٢ ح ١.

(٣) حكاه عنه في المختلف : ٢٩٠ ، وهو في المراسم : ١١٠.

(٤) الكافي ٤ : ٤٠٤ ـ ١ ، الوسائل ١٣ : ٣٢٤ أبواب الطواف ب ١٦ ح ١.

(٥) الكافي ٤ : ٤٠٤ ـ ١ ، الوسائل ١٣ : ٣٢٤ أبواب الطواف ب ١٥ ح ٢.

(٦) انظر الوسائل ١٣ : ٣٢٦ ، ٣٢٣ أبواب الطواف ب ١٣ وب ١٥.

٦٣

ويكون المعنى : استلم وقبّل ، فإن لم تستطع التقبيل فاكتف بالاستلام خاصّة الذي هو باليد ، وهو أوفق بسائر الأخبار الآمرة بالاستلام باليد (١).

ويستأنس له أيضا بموثّقة معاوية بن عمّار ، وفيها ـ بعد ذكر تمام الطواف ـ : « ثمَّ يأتي الحجر الأسود فيقبّله ويستلمه أو يشير إليه ، فإنّه لا بدّ من ذلك » (٢).

ورواية الشحّام : كنت أطوف مع أبي عبد الله عليه‌السلام وكان إذا انتهى إلى الحجر مسحه بيده وقبّله ، الحديث (٣).

وكذا تدلّ على حصول استلام الحجر بالمسّ باليد مرسلة حريز المذكورة بعضها : « ثمَّ ادن من الحجر واستلمه بيمينك ، ثمَّ تقول : بسم الله وبالله والله أكبر » إلى آخر الدعاء (٤).

وفي رواية محمّد الحلبي : عن الحجر إذا لم أستطع مسّه وكثر الزحام ، قال : « أمّا الشيخ الكبير [ والضعيف ] والمريض فمرخّص ، وما أحبّ أن تدع مسّه إلاّ أن لا تجد بدّا » (٥).

وفي رواية عبد الأعلى : رأيت أمّ فروة تطوف بالكعبة عليها كساء متنكّرة ، فاستلمت الحجر بيدها اليسرى ، الحديث (٦).

__________________

(١) الوسائل ١٣ : ٣١٦ أبواب الطواف ب ١٣.

(٢) الكافي ٤ : ٤٣٠ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ١٤٤ ـ ٤٧٦ ، الوسائل ١٣ : ٤٧٢ أبواب السعي ب ٢ ح ١ ، بتفاوت يسير.

(٣) الكافي ٤ : ٤٠٨ ـ ١٠ ، الوسائل ١٣ : ٣٣٨ أبواب الطواف ب ٢٢ ح ٣ وفيه : كنت أطوف مع أبي ، وكان إذا ..

(٤) الكافي ٤ : ٤٠٣ ـ ٣ ، الوسائل ١٣ : ٣١٥ أبواب الطواف ب ١٢ ح ٤.

(٥) الكافي ٤ : ٤٠٥ ـ ٦ ، الوسائل ١٣ : ٣٢٦ أبواب الطواف ب ١٦ ح ٧ ، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصادر.

(٦) الكافي ٤ : ٤٢٨ ـ ٦ ، الوسائل ١٣ : ٣٢٣ أبواب الطواف ب ١٤ ح ١.

٦٤

ورواية السكوني : كيف يستلم الأقطع؟ قال : « يستلم الحجر من حيث القطع ، فإن كانت مقطوعة من المرفق استلم الحجر بشماله » (١).

وأمّا في صحيحة يعقوب بن شعيب : عن استلام الركن ، قال : « استلامه أن تلصق بطنك به ، والمسح أن تمسحه بيمينك » (٢) ، فهي إنّما تفسّر استلام الركن دون الحجر.

فما عن الشهيد (٣) وبعض من تأخّر عنه (٤) ، بل جمع آخر ممّن تقدّم عليه (٥) ـ أنّه يستحبّ استلام الحجر بالبطن وبجميع البدن وإن تعذّر فباليد ـ لم يظهر لي وجهه ، إلاّ ما حكي عن الخلاف (٦) من حكاية الإجماع عليه.

وبعد ما ظهر من الأخبار المراد من استلام الحجر لا حاجة إلى الرجوع إلى قول العامّة من اللغويين ، وقد ظهر من الأخبار المذكورة أنّ الاستلام هو : المسّ باليمين ، وأنّه يستحبّ التقبيل من حيث هو أيضا ، بل وكذلك لو قلنا بدخوله في الاستلام أيضا ، للإتيان بهما في روايتي الشّحام وابن عمّار.

وعن الديلمي : إيجابه (٧) ، للأمر به في صحيحة ابن عمّار (٨) ، ويدفعه‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤١٠ ـ ١٨ ، التهذيب ٥ : ١٠٦ ـ ٣٤٥ ، الوسائل ١٣ : ٣٤٣ أبواب الطواف ب ٢٤ ح ١ ، بتفاوت يسير.

(٢) الكافي ٤ : ٤٠٤ ـ ١ ، الوسائل ١٣ : ٣٢٤ أبواب الطواف ب ١٥ ح ٢ وفيهما : بيدك ، بدل : بيمينك.

(٣) الدروس ١ : ٣٩٨.

(٤) كما في المسالك ١ : ١٢٢.

(٥) انظر الاقتصاد : ٣٠٣ ، والمنتهى ٢ : ٦٩٣.

(٦) الخلاف ٢ : ٣٢٠.

(٧) المراسم : ١١٠.

(٨) الكافي ٤ : ٤٠٢ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ١٠١ ـ ٣٢٩ ، الوسائل ١٣ : ٣١٣ أبواب الطواف ب ١٢ ح ١.

٦٥

ظاهر الإجماع ، وصحيحة أخرى لابن عمّار (١) ، المتضمّنة لترك أبي عبد الله عليه‌السلام له.

ويستحبّ أيضا تقبيل اليد بعد مسّ الحجر بها ، كما حكي عن الفقيه والمقنع والمقنعة والاقتصاد والكافي والجامع والتحرير والتذكرة والمنتهى والدروس (٢) ، وتثبته فتاواهم مع مناسبة للتبرّك والتعظيم والتحبّب.

وما في صحيحة ابن عمّار الواردة في زيارة البيت يوم النحر : « ثمَّ تأتي الحجر الأسود فتستلمه وتقبّله ، فإن لم تستطع فاستلمه بيدك وقبّل يدك » الحديث (٣).

وما في مرسلة الفقيه : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استلم الحجر بمحجنه (٤) وقبّل المحجن » (٥).

وأمّا ما ذكرناه من الإشارة باليد إذا لم يستطع الاستلام بها فمنصوص عليه من الأصحاب ، وتدلّ عليه صحيحة ابن عمّار المتقدّمة (٦) ، ورواية محمّد بن عبيد الله : عن الحجر الأسود هل يقاتل عليه الناس إذا كثروا؟

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٠٤ ـ ١ ، الوسائل ١٣ : ٣٢٤ أبواب الطواف ب ١٦ ح ١.

(٢) الفقيه ٢ : ٣١٦ ، المقنع : ٩٢ ، المقنعة : ٤٠١ ، الاقتصاد : ٣٠٣ ، الكافي في الفقه : ٢٠٩ ـ ٢١٠ ، الجامع : ١٩٧ ، التحرير ١ : ٩٨ ، التذكرة ١ : ٣٦٣ ، المنتهى ٢ : ٦٩٤ ، الدروس ١ : ٣٩٨.

(٣) الكافي ٤ : ٥١١ ـ ٤ ، التهذيب ٥ : ٢٥١ ـ ٨٥٣ ، الوسائل ١٤ : ٢٤٩ أبواب زيارة البيت ب ٤ ح ١.

(٤) المحجن : عصا في رأسها اعوجاج ، كالصولجان ، أخذا من الحجن بالتحريك ، وهو الاعوجاج ـ مجمع البحرين ٦ : ٢٣١.

(٥) الفقيه ٢ : ٢٥١ ـ ١٢٠٩ ، الوسائل ١٣ : ٤٤٢ أبواب الطواف ب ٨١ ح ٢ ، بتفاوت يسير.

(٦) في ص ٦٣.

٦٦

قال : « إذا كان كذلك فأوم إليه إيماء بيدك » (١).

ويستحبّ تقبيل اليد حينئذ أيضا ، كما عن الفقيه والمقنع والجامع (٢) ، لبعض ما مرّ.

وكما يستحبّ استلام الحجر قبل الطواف يستحبّ في آخره أيضا ، كما صرّح به في موثّقة ابن عمّار المذكورة (٣) وصحيحته : « كنّا نقول : لا بدّ أن نستفتح بالحجر ونختم به ، فأمّا اليوم فقد كثر الناس » (٤) ، فإنّ المراد : استلامه لا الابتداء والختم ، لأنّه واجب مع الكثرة أيضا.

ويدلّ عليه أيضا المرويّ في قرب الإسناد للحميري (٥).

بل عن الاقتصاد والجمل والعقود والوسيلة والمهذّب والغنية والجامع والمنتهى والتذكرة بل الفقيه والهداية : استحبابه في كلّ شوط (٦).

وتدلّ عليه رواية الشّحام المتقدّمة (٧) ، بل هو الظاهر من صحيحة البجلي (٨) ، المتضمّنة لطواف أبي عبيد الله مع سفيان الثوري.

ومرسلة حمّاد بن عيسى ، وفيها : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما من طائف‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٠٥ ـ ٧ ، التهذيب ٥ : ١٠٣ ـ ٣٣٦ ، الوسائل ١٣ : ٣٢٦ أبواب الطواف ب ١٦ ح ٥.

(٢) الفقيه ٢ : ٣١٦ ، المقنع : ٩٢ ، الجامع : ١٩٧.

(٣) في ص : ٦٤.

(٤) الكافي ٤ : ٤٠٤ ـ ١ ، الوسائل ١٣ : ٣٢٤ أبواب الطواف ب ١٦ ح ١.

(٥) قرب الإسناد : ٣١٦ ـ ١٢٢٦ ، الوسائل ١٣ : ٣٤٨ أبواب الطواف ب ٢٦ ح ١٠.

(٦) الاقتصاد : ٣٠٣ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢٣١ ، الوسيلة : ١٧٢ ، المهذّب ١ : ٢٣٣ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٨ ، الجامع : ١٩٧ ، المنتهى ٢ : ٦٩٥ ، التذكرة ١ : ٣٦٣ ، الفقيه ٢ : ٣١٦ ، الهداية : ٥٧.

(٧) في ص : ٦٤.

(٨) الكافي ٤ : ٤٠٤ ـ ٢ ، الوسائل ١٣ : ٣٢٥ أبواب الطواف ب ١٦ ح ٣.

٦٧

يطوف بهذا البيت حين تزول الشمس حاسرا عن رأسه حافيا يقارب بين خطاه ويغضّ بصره ويستلم الحجر في كلّ طواف [ من غير أن يؤذي أحدا ] ولا يقطع ذكر الله عن لسانه إلاّ كتب الله له بكلّ خطوة » الحديث (١).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤١٢ ـ ٣ ، الوسائل ١٣ : ٣٠٦ أبواب الطواف ب ٥ ح ١ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

٦٨

البحث الثاني

في كيفيّة الطواف

أي أفعاله ، وهي على قسمين : واجبة ومستحبّة ، فهاهنا مقامان :

المقام الأول : في واجبات الطواف ، وهي أمور :

منها : النيّة واستدامة حكمها إلى الفراغ كغيره من العبادات ، وقد مرّ تحقيق الكلام فيها.

ومنها : البدأة بالحجر الأسود والختم به ، بالإجماع المحقّق والمحكيّ عن جماعة (١).

وتدلّ عليهما من الأخبار صحيحة ابن عمّار : « من اختصر في الحجر في الطواف فليعد طوافه من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود » (٢) ، والحجر بالتسكين ، ومعنى الاختصار فيه : عدم إدخاله في الطواف.

وعلى الثاني صحيحة ابن سنان : « إذا كنت في الطواف السابع فائت المتعوّذ » إلى أن قال « ثمَّ ائت الحجر فاختم به » (٣).

وأمّا صحيحة ابن عمّار : « كنّا نقول : لا بدّ أن نستفتح بالحجر ونختم به ، فأمّا اليوم فقد كثر الناس » ، فالمراد بها : الاستلام في المبدأ والمنتهى.

وعلى هذا ، فلو ابتدأ بغيره لم يعتدّ بما فعله حتى ينتهي إلى الحجر‌

__________________

(١) كما في الذخيرة : ٦٢٧ ، الحدائق ١٦ : ١٠٠ ، الرياض ١ : ٤٠٥.

(٢) الكافي ٤ : ٤١٩ ـ ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٤٩ ـ ١١٩٨ ، الوسائل ١٣ : ٣٥٧ أبواب الطواف ب ٣١ ح ٣ ، بتفاوت يسير.

(٣) الكافي ٤ : ٤١٠ ـ ٣ ، التهذيب ٥ : ١٠٧ ـ ٣٤٧ ، الوسائل ١٣ : ٣٤٤ أبواب الطواف ب ٢٦ ح ١.

٦٩

الأسود ، فيكون منه ابتداء طوافه.

ويتحقّق الابتداء به إمّا بالشروع منه فعلا بقصد الطواف بحيث لا يتقدّمه غيره ، أو بالتعيين بالنيّة ، بأن يقصد عند الانتهاء إلى الحجر أنّه بدو الطواف ، ومعنى الختم به : إكمال الشوط السابع إليه فعلا أو قصدا.

ثمَّ الثابت من الإجماع ومقتضى الأخبار هو الابتداء والختم العرفيّين ، بحيث يتحقّق الصدق عرفا.

واعتبر الفاضل (١) وبعض من تأخّر عنه (٢) جعل أول جزء من الحجر محاذيا لأول جزء من مقاديم بدنه بحيث يمرّ عليه بعد النيّة بجميع بدنه علما أو ظنّا ، وكذا في الاختتام ، حيث يذهبون إلى بطلان الطواف بتعمّد الزيادة فيه ولو خطوة.

واختلفوا ـ لذلك ـ في تعيين أول جزء البدن ، هل هو الأنف ، أو البطن ، أو إبهام الرجلين ، واضطرّوا لأجل ذلك إلى تدقيقات مستهجنة ، بل قد يحتاج بعض الأشخاص إلى ملاحظة أنفه مع بطنه أو إبهامه.

ولا دليل لهم على شي‌ء من ذلك سوى الاحتياط ، وتوقّف صدق الابتداء والاختتام عليه ، ولا يخفى أنّه إلى الوسواس أقرب منه إلى الاحتياط.

ومن الأخبار ما لا يجامع ذلك أصلا ، كما في رواية محمّد : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طاف على راحلته واستلم الحجر بمحجنه » (٣) ، والألفاظ تحمل على المصداقات العرفيّة.

وما أدري من أيّ دليل استنبطوا اعتبار أول جزء الحجر وأول جزء‌

__________________

(١) التذكرة : ٣٦١.

(٢) كالشهيد في الدروس ١ : ٣٩٤ ، الشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٢٠.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٥١ ـ ١٢٠٩ ، الوسائل ١٣ : ٤٤٢ أبواب الطواف ب ٨١ ح ٢.

٧٠

البدن ، ولو أمر المولى عبده بأنّه : امش مبتدئا من هذه الأسطوانة ومختتما بتلك ، فهل يتصوّر أحد أن يريد ملاحظة الأنف أو البطن أو الإبهام أو أول نقطة من الأسطوانة؟! ومن فعل ذلك يستهزأ به ويستهجن فعله.

وبالجملة : هذا أمر لا دليل عليه ولا شاهد ، ولا يناسب تسميته احتياطا ، بل اعتقاد وجوبه خلاف الاحتياط.

مع أنّه لو فرض لزوم تحقّق البدأة الحقيقي فيتحقّق بالتأخّر عن الحجر قليلا بحيث يعلم تأخّر جميع أجزاء البدن عن جميع أجزائه قليلا وقصد جعل الزائد من باب المقدّمة.

وكذا في الاختتام كما قالوا في نظائرها ، ولا حاجة إلى تلك التدقيقات المرغوبة عنها ، سيّما في مقام التقيّة وازدحام الناس.

ومنها : جعل البيت على يساره حال الطواف ، وهو ممّا نفي عنه الخلاف (١) ، بل ادّعي عليه الإجماع في كلام جماعة (٢) ، بل هو إجماعي ، وهو الدليل عليه ، وربّما تؤيّده صحيحة ابن يقطين : عمّن نسي أن يلتزم في آخر طوافه حتى جاز الركن اليماني ، أيصلح أن يلتزم بين الركن اليماني والحجر ، أو يدع ذلك؟ قال : « يترك اللزوم ويمضي » (٣).

ويؤيّده أيضا فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بضميمة قوله : « خذوا عني مناسككم » (٤) ، وجعله دليلا عليل ، لعدم ثبوت كون ذلك منسكا منه ، فيحتمل أن يكون أحد وجوه الفعل.

__________________

(١) كما في المفاتيح ١ : ٣٦٩.

(٢) انظر الخلاف ٢ : ٣٢٥ ، والمدارك ٨ : ١٢٨ ، والرياض ١ : ٤٠٦.

(٣) التهذيب ٥ : ١٠٨ ـ ٣٥٠ بتفاوت يسير ، الوسائل ١٣ : ٣٤٩ أبواب الطواف ب ٢٧ ح ١.

(٤) كما في مسند أحمد ٣ : ٣١٨ بتفاوت يسير.

٧١

ثمَّ على ما ذكر ، لو جعله على يمينه لم يصحّ ووجبت عليه الإعادة ، سواء كان عمدا أو جهلا أو نسيانا ولو بخطوة على ما صرّح به بعضهم (١) ، ولا يقدح في جعله على اليسار الانحراف اليسير إلى اليمين بحيث لا ينافي صدق الطواف على اليسار عرفا.

ومنها : إدخال حجر إسماعيل في الطواف ، بلا خلاف يعلم كما في الذخيرة (٢) ، بل بالإجماع كما عن الغنية والخلاف وفي المدارك والمفاتيح (٣) وشرحه ، بل بالإجماع المحقّق ، له ، وللتأسّي ، وللمستفيضة ، كصحيحة ابن عمّار (٤) المتقدّمة في البدأة بالحجر الأسود.

والبختري : في الرجل يطوف بالبيت [ فيختصر في الحجر ] ، قال : « يقضي ما اختصر من طوافه » (٥).

والحلبي : رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر كيف يصنع؟ قال : « يعيد الطواف الواحد » (٦).

والأخرى ، وهي كالأولى ، إلاّ أنّ فيها : « يعيد ذلك الشوط » (٧).

__________________

(١) كالشهيد الثاني في الروضة ٢ : ٢٤٨ ، وصاحب الحدائق ١٦ : ١٠٢.

(٢) الذخيرة : ٦٢٨.

(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٨ ، الخلاف ٢ : ٣٢٤ ، المدارك ٨ : ١٢٨ المفاتيح ١ : ٤١٠.

(٤) الكافي ٤ : ٤١٩ ـ ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٤٩ ـ ١١٩٨ ، الوسائل ١٣ : ٣٥٧ أبواب الطواف ب ٣١ ح ٣.

(٥) الكافي ٤ : ٤١٩ ـ ١ ، الوسائل ١٣ : ٣٥٦ أبواب الطواف ب ٣١ ح ٢ ، ما بين المعقوفين ، أثبتناه من الوسائل ، وبدله في نسخة من الكافي : فاختصر.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٤٩ ـ ١١٩٧ ، مستطرفات السرائر : ٣٤ ـ ٤١ ، الوسائل ١٣ : ٣٥٦ أبواب الطواف ب ٣١ ح ١.

(٧) التهذيب ٥ : ١٠٩ ـ ٣٥٣ ، الوسائل ١٣ : ٣٥٦ أبواب الطواف ب ٣١ ح ١.

٧٢

ورواية إبراهيم بن سفيان : امرأة طافت طواف الحجّ فلمّا كانت في الشوط السابع اختصرت فطافت في الحجر وصلّت ركعتي الفريضة وسعت وطافت طواف النساء ثمَّ أتت منى ، فكتب عليه‌السلام « تعيد » (١).

وليس ذلك لكون الحجر من البيت ـ كما قيل (٢) ، بل نسبه في الدروس إلى المشهور (٣) ، وعليه في الجملة رواية عامّية (٤) ـ لأنّه خلاف الأصحّ ، كما دلّ عليه الصحيح (٥) وغيره (٦).

وهل يجب على من اختصر شوطا إعادة ذلك الشوط خاصّة ، أو الطواف رأسا؟

الأصحّ : الأول ، وفاقا لجماعة (٧) ، للأصل ، وصحيحة البختري ، وصحيحتي الحلبي.

ولا تنافيه صحيحة ابن عمّار ، لأنّ الظاهر منها الاختصار في جميع الأشواط ، ولا أقلّ من احتماله الكافي في مقام الرد ، مع احتمال إرادة خصوص الشوط من الطواف ، كما في صحيحة الحلبي الأولى ، حيث قال : « الطواف الواحد ».

ولا رواية إبراهيم ، لجواز إرادة إعادة الشوط.

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٤٩ ـ ١١٩٩ ، الوسائل ١٣ : ٣٥٧ أبواب الطواف ب ٣١ ح ٤.

(٢) في التذكرة ١ : ٣٦١.

(٣) الدروس ١ : ٣٩٤.

(٤) انظر سنن الترمذي ٢ : ١٨١ ـ ٨٧٧.

(٥) الكافي ٤ : ٤١٩ ـ ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٤٩ ـ ١١٩٨ ، الوسائل ١٣ : ٣٥٧ أبواب الطواف ب ٣١ ح ٣.

(٦) كما في الوسائل ١٣ : ٣٥٦ أبواب الطواف ب ٣١.

(٧) انظر المدارك ٨ : ١٢٩ ، والحدائق ١٦ : ١٠٨ ، والرياض ١ : ٤٠٦.

٧٣

ولا يكفي إتمام الشوط من موضع سلوك الحجر ، بل تجب البدأة من الحجر الأسود ، لصحيحة ابن عمّار ، ولأنّه المتبادر من إعادة الشوط.

ومنها : أن يطوف سبعة أشواط ، بالإجماع والنصوص المستفيضة (١) ، بل المتواترة الآتي طرف منها في طي المسائل الآتية.

ومنها : الموالاة بين الأشواط ، ذكرها بعضهم (٢) ، بل نسبه بعض من تأخّر إلى ظاهر الأصحاب (٣).

واستدلّ له بالتأسّي.

وبالأخبار الواردة في إعادة الطواف بدخول البيت أو حدوث الحدث في الأثناء ، الآتية في مسألة قطع الطواف (٤).

أقول : أما التأسّي : فإثبات الوجوب منه مشكل.

وأمّا الأخبار : فهي معارضة مع ما دلّ على عدم اشتراطها في الطواف النفل وفي الفرض بعد تجاوز النصف كما يأتي ، وبما دلّ على جواز القطع والبناء لغسل الثوب ، ولصلاة الفريضة في سعة الوقت ، وللوتر ، ولقضاء حاجة الأخ والنفس ، وعيادة المريض والاستراحة ، وغيرها (٥) ، ثمَّ البناء على ما فعل.

ومع ذلك ، فهي غير دالّة على الموالاة بالمعنى الذي راموه الشامل لعدم الفصل الطويل ، وإنّما تدلّ على الإعادة في بعض الصور بالخروج عن المطاف والاشتغال بأمر آخر.

__________________

(١) الوسائل ١٣ : ٣٣١ أبواب الطواف ب ١٩.

(٢) كما في الدروس ١ : ٣٩٥.

(٣) كما في التنقيح الرائع ١ : ٥٠٤ ، والرياض ١ : ٤١١.

(٤) انظر الوسائل ١٣ : ٣٧٨ أبواب الطواف ب ٤٠ و ٤١.

(٥) انظر الوسائل ١٣ : ٣٧٨ ، ٣٨٨ أبواب الطواف ب ٤٠ و ٤٦.

٧٤

ومنها : إخراج المقام عن الطواف بأن يكون الطواف بين البيت والمقام ، مراعيا قدر ما بينهما من جميع الجهات ، على المشهور بين الأصحاب ، بل قيل : كاد أن يكون إجماعا (١) ، وعن الغنية : الإجماع عليه (٢).

لرواية محمّد : عن حدّ الطواف بالبيت الذي من خرج عنه لم يكن طائفا بالبيت ، قال : « كان الناس على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يطوفون بالبيت والمقام ، وأنتم اليوم تطوفون ما بين المقام والبيت ، فكان الحدّ موضع المقام اليوم ، فمن جازه ليس بطائف ، والحدّ قبل اليوم واليوم واحد قدر ما بين المقام وبين [ البيت من ] نواحي البيت [ كلها ] ، فمن طاف فتباعد من نواحيه أبعد من مقدار ذلك كان طائفا بغير البيت بمنزلة من طاف بالمسجد ، لأنّه طاف في غير حدّ ، ولا طواف له » (٣).

وإضمارها غير ضائر ، وضعف سندها ـ لو كان ـ فالعمل له جابر.

خلافا للمحكيّ عن الإسكافي ، فجوّزه خارج المقام مع الضرورة (٤) ، وعن المختلف والمنتهى والتذكرة الميل إليه (٥).

واستدلّ له بموثّقة محمّد الحلبي : عن الطواف خلف المقام ، قال : « ما أحبّ ذلك وما أرى به بأسا ، فلا تفعله إلاّ أن لا تجد منه بدّا » (٦).

__________________

(١) الرياض : ٤٠٦.

(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٨.

(٣) الكافي ٤ : ٤١٣ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ١٠٨ ـ ٣٥١ ، الوسائل ١٣ : ٣٥٠ أبواب الطواف ب ٢٨ ح ١ ، ما بين المعقوفين ليس في النسخ ، أضفناه من المصادر.

(٤) حكاه عنه في المختلف : ٢٨٨.

(٥) المختلف : ٢٨٨ ، المنتهى ٢ : ٦٩١ ، التذكرة ١ : ٣٦٢.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٤٩ ـ ١٢٠٠ ، الوسائل ١٣ : ٣٥١ أبواب الطواف ب ٢٨ ح ٢.

٧٥

ولا يخفى أنّ مقتضى الرواية : الجواز مطلقا ولو اختيارا ، ولكن مع الكراهة وأنّها ترتفع بالضرورة.

وظاهر الصدوق الإفتاء به حيث روى الموثّقة (١) ، ومال إليه المدارك والذخيرة وشرح المفاتيح (٢).

ولو لا شذوذ القول به ـ ومخالفته للشهرة القديمة ، بل إجماع القدماء ، بل مطلقا ، لعدم قائل صريح به أصلا ولا ظاهر سوى الصدوق الغير القادح مخالفته في الإجماع ـ لكان حسنا ، إلاّ أنّ ما ذكرناه يمنع المصير إليه ، ويخرج الموثّقة عن حيّز الحجيّة.

فالقول الأول هو المفتي به والمعوّل.

ثمَّ ـ كما أشير إليه ـ تجب مراعاة المسافة ما بين المقام والبيت من جميع نواحي البيت ، كما صرّح به في الرواية المذكورة ، ومقتضاها احتساب حجر إسماعيل من المسافة على ما ذكرنا من كونه خارجا عن البيت.

وذكر جماعة من المتأخّرين : أنّ المسافة تحسب من جهته من خارجه وإن كان خارجا عن البيت (٣) ، وعلّلوه بوجوه عليلة ، فالواجب متابعة مقتضى الرواية.

وكذا مقتضاها عدم جواز المشي على أساس البيت المسمّى بـ : شاذروان ، لكونه من لكونه من البيت على ما ذكره الأصحاب ، فيكون الماشي عليه طائفا في البيت ، ولأنّه لا يكون ما بين البيت والمقام.

وهل يجوز للطائف مسّ جدار البيت بيده؟

__________________

(١) الفقيه ٢ : ١٣٢.

(٢) المدارك ٨ : ١٣١ ، الذخيرة : ٦٢٨.

(٣) انظر التذكرة ١ : ٣٦٢ ، والمسالك ١ : ١٢١ ، والروضة ٢ : ٢٤٩.

٧٦

قيل : لا (١) ، لأنّه لا يكون حينئذ بجميع أجزاء بدنه خارجا عن البيت.

وقيل نعم (٢) ، لأنّ من هذا شأنه يصدق عليه عرفا أنّه طائف بالبيت.

وهو أقرب ، لذلك ، وللأصل ، وأمر الاحتياط واضح.

وليعلم أنّ المقام حقيقة هو : العمود من الصخر الذي كان إبراهيم عليه‌السلام يصعد عليه عند بنائه البيت ، وعليه اليوم بناء ، والمتعارف الآن إطلاق المقام على جميعه.

وهل المعتبر وقوع الطواف بين البيت وبين البناء الذي على المقام الأصلي ، أم بينه وبين العمود؟

فيه وجهان ، والأقرب : الثاني ، للأصل ، والرواية المذكورة.

والمستفاد منها أيضا أنّ المقام ـ أعني العمود ـ تغيّر عما كان في زمن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنّ الحكم في الطواف منوط بمحلّه الآن ، وكذا في الصلاة خلفه.

وتدلّ عليه أيضا رواية إبراهيم بن أبي محمود : أصلّي ركعتي الطواف الفريضة خلف المقام حيث هو الساعة ، أو حيث كان على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قال : « حيث هو الساعة » (٣).

المقام الثاني : في مستحبّاته.

الزائدة على ما يستحبّ مقدّما عليه المتقدّم ذكره ، وهي أيضا أمور :

منها : استلام الحجر وتقبيله كلّما ينتهي إليه ، وقد مرّ مستنده.

ومنها : أن يقصد في مشيه ، بأن لا يسرع ولا يبطئ مطلقا ، وفاقا‌

__________________

(١) التذكرة ١ : ٣٦٢.

(٢) كما في القواعد ١ : ٨٣ ، وكشف اللثام ١ : ٣٣٤.

(٣) الكافي ٤ : ٤٢٣ ـ ٤ ، التهذيب ٥ : ١٣٧ ـ ٤٥٣ ، الوسائل ١٣ : ٤٢٢ أبواب الطواف ب ٧١ ح ١.

٧٧

للقديمين ، والنهاية والحلبي والحلّي والشرائع والنافع (١) ، وغيرهم (٢) ، بل الأكثر كما حكي عن جماعة (٣).

لرواية عبد الرحمن بن سيابة : عن الطواف ، فقلت : أسرع وأكثر أو أمشي وأبطئ؟ قال : « مشي بين المشيين » (٤) ، ومرسلة حمّاد بن عيسى (٥) المتقدّمة في مسألة استلام الحجر.

ولعدم دلالتهما على الوجوب لم يقل أحد به.

مضافا إلى رواية الأعرج : عن المسرع والمبطئ في الطواف ، فقال « كلّ واسع ما لم يؤذ أحد » (٦).

وعن المبسوط والقواعد وفي الإرشاد : استحباب الرمل (٧) ـ وهو : الهرولة ، كما في الصحاح والقاموس (٨) ، أو المشي مع تقارب الخطى دون الوثوب والعدو ، كما عن الدروس (٩) ، أو الإسراع ، كما عن الأزهري (١٠) ، ولعلّ الكلّ متقارب ، كما في الذخيرة (١١) ـ في الأشواط الثلاثة الأولى خاصّة ،

__________________

(١) حكاه عن القديمين في المختلف : ٢٨٨ ، النهاية : ٢٣٧ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٩٤ ، الحلي في السرائر ١ : ٥٧٢ ، الشرائع ١ : ٢٦٩ ، النافع : ٩٤.

(٢) كما في المنتهى ٢ : ٦٩٦ ، والمسالك ١ : ١٢٢.

(٣) المدارك ٨ : ١٦١ ، والرياض ١ : ٤١٣.

(٤) الكافي ٤ : ٤١٣ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ١٠٩ ـ ٣٥٢ ، الوسائل ١٣ : ٣٥٢ أبواب الطواف ب ٢٩ ح ٤ ، بتفاوت يسير في الكافي.

(٥) الكافي ٤ : ٤١٢ ـ ٣ ، الوسائل ١٣ : ٣٠٦ أبواب الطواف ب ٥ ح ١.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٥٥ ـ ١٢٣٨ ، الوسائل ١٣ : ٣٥١ أبواب الطواف ب ٢٩ ح ١.

(٧) المبسوط ١ : ٣٥٦ ، القواعد ١ : ٨٣ ، الإرشاد ١ : ٣٢٥.

(٨) الصحاح ٤ : ١٧١٣ ، القاموس ٣ : ٣٩٨.

(٩) الدروس ١ : ٣٩٩.

(١٠) حكاه عنه في الذخيرة : ٦٣٣ ، وهو في التهذيب ١٥ : ٢٠٧.

(١١) الذخيرة : ٦٣٣.

٧٨

والمشي في الأربعة الباقية في طواف القدوم خاصّة ، وهو أول طواف يأتي به القادم إلى مكّة مطلقا.

وقيل : هو الطواف المستحبّ للحاجّ مفردا أو قارنا إذا دخل مكّة قبل الوقوف ، كما هو مصطلح العامّة (١).

وعن ابن حمزة : استحباب الرمل في الثلاثة الأشواط الاولى والمشي في الباقي وخاصّة في طواف الزيارة (٢).

ومستنده ـ على ما ذكر في المنتهى (٣) ـ ما روي عن جابر : أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رمل ثلاثا ومشى أربعا (٤) ، وكذا عن ابن عبّاس عنه (٥).

وفيه : أنّ استحباب التأسّي إنّما هو إذا لم يعارض فعله القول ولم تكن لفعله مصلحة وسبب منتف في حقّنا ، والذي يظهر من جملة من الروايات المرويّة في علل الصدوق (٦) ، ونوادر ابن عيسى (٧) أنّ فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك وكذلك أصحابه كان لمصلحة مخصوصة بهم يومئذ ، ولذا أنّهم عليهم‌السلام ـ بعد نقلهم ذلك عنه ـ أظهروا له المخالفة.

ومنها : أن يذكر الله سبحانه في طوافه ، ويدعوه بالمأثور وغيره ، ويقرأ القرآن ، للعمومات والخصوصات ، منها : مرسلة حمّاد المتقدمة (٨).

__________________

(١) انظر الدروس ١ : ٤٠٠.

(٢) الوسيلة : ١٧٢.

(٣) المنتهى ٢ : ٦٩٦.

(٤) انظر سنن الترمذي ٢ : ١٧٤ ـ ٨٥٩ بتفاوت يسير ، والمنتهى ٢ : ٦٩٦.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ١٧٩ ـ ١٨٩٠ ، المنتهى ٢ : ٦٩٦.

(٦) علل الشرائع : ٤١٢ ـ ١ ، الوسائل ٣ : ٣٥١ أبواب الطواف ب ٢٩ ح ٢.

(٧) فقه الرضا ( الحجري ) : ٧٣ ، الوسائل ١٣ : ٣٥٢ أبواب الطواف ب ٢٩ ح ٥.

(٨) في ص : ٦٧.

٧٩

وصحيحة ابن عمّار : « طف بالبيت سبعة أشواط ، تقول في الطواف : اللهم إنّي أسألك باسمك الذي يمشي به على طلل الماء » إلى آخر الدعاء ، فقال : « وكلّما انتهيت إلى باب الكعبة فصلّ على محمّد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتقول فيما بين الركن اليماني والحجر الأسود : ( رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النّارِ ) ، وقل في الطواف : اللهمّ إنّي إليك فقير وإنّي خائف مستجير فلا تغيّر جسمي ولا تبدّل اسمي » (١).

ورواية محمّد بن فضيل : « وطواف الفريضة لا ينبغي أن يتكلّم فيه إلاّ بالدعاء وذكر الله وقراءة القرآن » (٢).

وأيّوب : القراءة وأنا أطوف أفضل ، أو ذكر الله؟ قال : « القراءة » (٣).

وعبد السلام : دخلت طواف الفريضة ولم يفتح لي شي‌ء من الدعاء إلاّ الصلاة على محمّد وآل محمّد ، وسعيت فكان كذلك ، فقال : « ما اعطي أحد ممّن سأل أفضل ممّا أعطيت » (٤).

ومنها : أن يلتزم المستجار ـ ويسمّى بالملتزم والمتعوّذ أيضا ، وهو بحذاء الباب من وراء الكعبة دون الركن اليماني بقليل ـ في الشوط السابع ، فيبسط يديه وخدّه على حائطه ويلصق بطنه به ، لصحيحة ابن عمّار (٥) وموثّقته (٦) ،

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٠٦ ـ ١ ، الوسائل ١٣ : ٣٣٣ أبواب الطواف ب ٢٠ ح ١. وطلل الماء : ظهره ـ مجمع البحرين ٥ : ٤١٢.

(٢) التهذيب ٥ : ١٢٧ ـ ٤١٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٧ ـ ٧٨٥ ، الوسائل ١٣ : ٤٠٣ أبواب الطواف ب ٥٤ ح ٢ بتفاوت يسير.

(٣) الكافي ٤ : ٤٢٧ ـ ٣ ، الوسائل ١٣ : ٤٠٣ أبواب الطواف ب ٥٥ ح ١.

(٤) الكافي ٤ : ٤٠٧ ـ ٣ ، الوسائل ١٣ : ٣٣٦ أبواب الطواف ب ٢١ ح ١.

(٥) الكافي ٤ : ٤١١ ـ ٥ ، التهذيب ٥ : ١٠٧ ـ ٣٤٩ ، الوسائل ١٣ : ٣٤٥ أبواب الطواف ب ٢٦ ح ٤.

(٦) التهذيب ٥ : ١٠٤ ـ ٣٣٩ ، الوسائل ١٣ : ٣٤٧ أبواب الطواف ب ٢٦ ح ٩.

٨٠