مستند الشّيعة - ج ١٢

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٢

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-038-2
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤١٦

بل في الروايات أيضا ما يدفعه ، وهو : رواية النضر بن قرواش : عن رجل تمتّع بالعمرة إلى الحجّ ، فوجب عليه النسك ، فطلبه فلم يصبه ، وهو موسر حسن الحال ، وهو يضعف عن الصيام ، فما ينبغي له أن يصنع؟ قال : « يدفع ثمن النسك إلى من يذبحه بمكّة إن كان يريد المضيّ إلى أهله وليذبح عنه في ذي الحجّة » ، قلت : فإنّه دفعه إلى من يذبح عنه فلم يصب في ذي الحجّة نسكا وأصابه بعد ذلك ، قال : « لا يذبح عنه إلاّ في ذي الحجّة ولو أخّره إلى قابل » (١).

المسألة الرابعة : يجب أن يكون الذبح أو النحر الواجب في الهدي بمنى ، وظاهر التذكرة والمنتهى والمدارك والذخيرة وصريح المفاتيح : الإجماع عليه (٢). وهو كذلك ، فهو الدليل عليه.

( مضافا إلى ) (٣) رواية عبد الأعلى : « لا هدي إلاّ من الإبل ولا ذبح إلاّ بمنى » (٤).

وصحيحة منصور : في الرجل يضلّ هديه فيجده رجل آخر فينحره ، قال : « إن كان نحره بمنى فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضلّ عنه ، وإن كان نحره بغير منى لم يجز عن صاحبه » (٥) ، وصحيحة السمّان (٦) المتقدّمة في‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٧ ـ ١١٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٠ ـ ٩١٧ ، الوسائل ١٤ : ١٧٦ أبواب الذبح ب ٤٤ ح ٢.

(٢) التذكرة ١ : ٣٨٠ ، المنتهى ٢ : ٧٣٨ ، المدارك ٨ : ١٩ ، الذخيرة : ٦٦٤ ، المفاتيح ١ : ٣٥٢.

(٣) بدل ما بين القوسين في « ق » : لو ثبت و ..

(٤) التهذيب ٥ : ٢١٤ ـ ٧٢٢ ، الوسائل ١٤ : ٩٠ أبواب الذبح ب ٤ ح ٦.

(٥) الكافي ٤ : ٤٩٥ ـ ٨ ، الفقيه ٢ : ٢٩٧ ـ ١٤٧٥ ، التهذيب ٥ : ٢١٩ ـ ٧٣٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٧٢ ـ ٩٦٣ ، الوسائل ١٤ : ١٣٧ أبواب الذبح ب ٢٨ ح ٢.

(٦) الكافي ٤ : ٤٧٣ ـ ٢ ، الوسائل ١٤ : ٢٩ أبواب الوقوف بالمشعر ب ١٧ ح ٥.

٣٠١

بيان وقت الوقوف بمشعر.

ويؤيده كثير من الأخبار المتقدّمة فيه أيضا.

ورواية الكرخي : « إن كان هديا واجبا فلا ينحر إلاّ بمنى ، وإن كان ليس بواجب فلينحره بمكّة إن شاء ، وإن كان قد أشعره أو قلّده فلا ينحره إلاّ يوم الأضحى » (١).

وحسنة مسمع : « منى كلّه منحر » (٢).

وأمّا بعض الأخبار المتضمّنة لهدي الإمام عليه‌السلام في غير منى (٣) ، فقضايا في وقائع لا تفيد عموما ولا إطلاقا ، فلعلّ هديه كان في عمرة أو مندوب ، ومقتضى ذلك : أن لو تركه بمنى حتى ارتحل عن منى يعود إليها ويذبح ، وإن لم يتمكّن منه يبعث إليها ليذبحه فيها.

ولا تنافيه صحيحة ابن عمّار : في رجل نسي أن يذبح بمنى حتى زار البيت فاشترى بمكّة ثمَّ ذبح ، قال : « لا بأس قد أجزأ عنه » (٤) ، لعدم صراحتها في كون الذبح أيضا بمكّة.

المسألة الخامسة : ذهب جماعة ـ منهم : الشيخ في أحد قوليه والمحقّق (٥) ـ إلى أنّه يجب أن يكون الذبح أو النحر بعد رمي جمرة العقبة وقبل الحلق أو التقصير ، ونسبه بعضهم إلى أكثر المتأخّرين (٦) ، وعن‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٨٨ ـ ٣ ، التهذيب ٥ : ٢٠١ ـ ٦٧٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٣ ـ ٩٢٨ ، الوسائل ١٤ : ٨٨ أبواب الذبح ب ٤ ح ١.

(٢) التهذيب ٥ : ٢١٥ ـ ٧٢٣ ، الوسائل ١٤ : ٩٠ أبواب الذبح ب ٤ ح ٧.

(٣) الكافي ٤ : ٤٨٨ ـ ٦ ، التهذيب ٥ : ٢٠٢ ـ ٦٧١ ، الوسائل ١٤ : ٨٨ أبواب الذبح ب ٤ ح ٢.

(٤) الكافي ٤ : ٥٠٥ ـ ٤ ، الفقيه ٢ : ٣٠١ ـ ١٤٩٧ ، الوسائل ١٤ : ١٥٦ أبواب الذبح ب ٣٩ ح ٥.

(٥) الشيخ في الاستبصار ٢ : ٢٨٤ ، المحقق في الشرائع ١ : ٢٦٥.

(٦) انظر الحدائق ١٧ : ٢٤١.

٣٠٢

المنتهى : النسبة إلى الأكثر بقول مطلق (١).

وعن الشيخ في قوله الآخر والعماني والحلبي والمهذّب والفاضل في المختلف : استحباب ذلك (٢).

وبه صرّح الحلّي في السرائر ، قال بعد ذكر الثلاثة : ولا بأس بتقديم أيّها شاء على الآخر ، إلاّ أنّ الأفضل الترتيب (٣).

وعن ظاهر المختلف : أنّه قول معظم الأصحاب (٤) ، وأسنده في الدروس إلى الشهرة (٥) ، واختاره من متأخّري المتأخّرين جماعة (٦). وهو الأقرب.

أمّا رجحان الترتيب على النحو المذكور فلفتوى جمع من الفحول ، والتأسّي بالرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وجملة من الأخبار الآتية القاصرة عن إفادة الوجوب ، وقوله عليه‌السلام : « ينبغي لهم أن يقدّموه » في صحيحة جميل ورواية البزنطي الآتيتين.

وأمّا عدم الوجوب فللأصل الخالي عن المعارض ، وصحيحة جميل : عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق ، قال : « لا ينبغي إلاّ أن يكون ناسيا » ثمَّ قال : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتاه أناس يوم النحر فقال بعضهم : يا رسول الله ، حلقت قبل أن أذبح ، وقال بعضهم : حلقت قبل أن أرمي ، فلم يتركوا‌

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٧٦٤.

(٢) الشيخ في الخلاف ٢ : ٣٤٥ ، حكاه عن العماني في المختلف : ٣٠٧ ، الحلبي في الكافي : ٢٠١ ، المهذّب ١ : ٢٥٩ ، المختلف : ٣٠٧.

(٣) السرائر ١ : ٦٠٢.

(٤) المختلف : ٣٠٧.

(٥) الدروس ١ : ٤٥٢.

(٦) كالسبزواري في الذخيرة : ٦٦٤ ، صاحب الرياض ١ : ٤٠٢.

٣٠٣

شيئا كان ينبغي لهم أن يقدّموه إلاّ أخّروه ، ولا شيئا كان ينبغي لهم أن يؤخّروه إلاّ قدموه ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا حرج » (١).

وقريبة منها صحيحة محمّد بن حمران (٢) ، ورواية البزنطي ، وفيها : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا كان يوم النحر أتاه طوائف من المسلمين فقالوا : يا رسول ، ذبحنا من قبل أن نرمي ، وحلقنا من قبل أن نذبح ، فلم يبق شي‌ء ممّا ينبغي لهم أن يقدّموه إلاّ أخّروه ، ولا شي‌ء ممّا ينبغي لهم أن يؤخّروه إلاّ قدّموه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا حرج ، لا حرج » (٣).

وصحيحة ابن سنان : عن رجل حلق رأسه قبل أن يضحّي ، قال : « لا بأس ، وليس عليه شي‌ء ، ولا يعودن » (٤).

وحمل هذه على صورة الجهل أو النسيان حمل بلا حامل.

احتجّ الموجبون بقوله سبحانه ( وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) (٥).

والمراد به : الذبح ، كما تدلّ عليه رواية الساباطي : وعن رجل حلق قبل أن يذبح ، قال : « يذبح ويعيد الموسى ، لأنّ الله تعالى يقول ( وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ ) الآية » (٦).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٠٤ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٣٠١ ـ ١٤٩٦ ، التهذيب ٥ : ٢٣٦ ـ ٧٩٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٥ ـ ١٠٠٩ ، الوسائل ١٤ : ١٥٥ أبواب الذبح ب ٣٩ ح ٤.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٤٠ ـ ٨١٠ ، الوسائل ١٤ : ٢١٥ أبواب الذبح ب ٢ ح ٢.

(٣) الكافي ٤ : ٥٠٤ ـ ٢ ، التهذيب ٥ : ٢٣٦ ـ ٧٩٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٤ ـ ١٠٠٨ ، الوسائل ١٤ : ١٥٦ أبواب الذبح ب ٣٩ ح ٦.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٣٧ ـ ٧٩٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٥ ـ ١٠١٠ ، الوسائل ١٤ : ١٥٨ أبواب الذبح ب ٣٩ ح ١٠.

(٥) البقرة : ١٩٦.

(٦) التهذيب ٥ : ٤٨٥ ـ ١٧٣٠ ، الوسائل ١٤ : ١٥٨ أبواب الذبح ب ٣٩ ح ٨.

٣٠٤

وبهذه الرواية ، وبرواية موسى بن القاسم ، عن عليّ : « لا يحلق رأسه ولا يزور البيت حتى يضحّي ، فيحلق رأسه ويزور متى ما شاء » (١).

ورواية جميل : « تبدأ بمنى بالذبح قبل الحلق » (٢).

ورواية عمر بن يزيد : « إذا ذبحت أضحيتك فاحلق رأسك » (٣) ، والفاء للترتيب.

وصحيحة ابن سنان المتقدّمة ، فإنّ قوله : « لا يعودن » ظاهر في التحريم.

والجواب ـ مع عدم دلالتها على وجوب تقديم الرمي ونوع إجمال في التضحية وموافقتها لكثير من العامّة (٤) ـ أنّ شيئا منها سوى الآية ورواية عمر بن يزيد لا يدلّ على الوجوب ، لمكان الجملة الخبريّة أو احتمالها.

وأمّا الآية وإن دلّت على وجوب تأخير الحلق عن بلوغ الهدي محلّه ، إلاّ أنّ كون بلوغ الهدي محلّه هو الذبح غير معلوم.

ورواية الساباطي معارضة بأكثر منها عددا وأصرح دلالة ، وهي رواية عليّ بن أبي حمزة : « إذا اشتريت أضحيتك ووزنت ثمنها وصارت في رحلك فقد بلغ الهدي محلّه » (٥).

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٣٦ ـ ٧٩٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٤ ـ ١٠٠٦ ، الوسائل ١٤ : ١٥٨ أبواب الذبح ب ٣٩ ح ٩.

(٢) الكافي ٤ : ٤٩٨ ـ ٧ ، التهذيب ٥ : ٢٢٢ ـ ٧٤٩ ، الوسائل ١٤ : ١٥٥ أبواب الذبح ب ٣٩ ح ٣.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٤٠ ـ ٨٠٨ ، الوسائل ١٤ : ٢١١ أبواب الحلق والتقصير ب ١ ح ١.

(٤) انظر بداية المجتهد ١ : ٣٥٢ ، والمغني والشرح الكبير ٣ : ٤٧٩.

(٥) الموجود في المصادر رواية واحدة أوردها في الكافي ٤ : ٥٠٢ ـ ٤ ، الوسائل ١٤ : ١٥٧ أبواب الذبح ب ٣٩ ح ٧.

٣٠٥

ومثلها رواية عليّ ، عن العبد الصالح ، وزاد في آخرها : « فإن أحببت أن تحلق فاحلق » ، ونحوها رواية أبي بصير (٢).

ومرسلة الفقيه عن عليّ بن أبي حمزة : « إذا اشترى الرجل هديه وقمّطه في بيته فقد بلغ محلّه ، فإن شاء فليحلق » (٣).

وعن المبسوط والنهاية والتهذيب والحلّي : الفتوى بمضمونها وتجويز الحلق بحصول الهدي في الرحل وإن لم يذبحه (٤) ، وإطلاقها إذا لم يرم بعد أيضا ، فهذه الأخبار أيضا دالّة على عدم وجوب الترتيب.

وأمّا رواية عمر بن يزيد ففيها : عدم إمكان حمل الأمر فيها على الوجوب ، لعدم وجوب الحلق بخصوصه ، بل يتخيّر بينه وبين التقصير ، فغاية ما يستفاد منها رجحان ما يتضمّنها من الحلق المرتّب ، ومع ذلك معارضة بما مرّ من الأخبار المجوّزة للحلق بعد بلوغ الهدي محلّه.

وممّا يمكن أن يستدلّ به على وجوب الترتيب بين هذه المناسك كلاّ أو بعضا : الأخبار المتقدّمة في الواجب الثالث من واجبات الوقوف بالمشعر ، المتضمّنة للفظة : « ثمَّ » في الأمر بها ، إلاّ أنّها لمعارضتها لصحيحتي جميل وابن حمران ورواية البزنطي يجب حملها على الندب ، لكونها قرينة على ذلك عرفا.

وممّا ذكرنا ظهر أنّ الحقّ : عدم وجوب الترتيب بين هذه المناسك الثلاثة وإن كان راجحا ، بل موافقا لطريقة الاحتياط ، والله العالم.

__________________

(٢) التهذيب ٥ : ٢٣٥ ـ ٧٩٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٤ ـ ١٠٠٧ ، الوسائل ١٤ : ١٥٧ أبواب الذبح ب ٩ ح ٣٧.

(٣) الفقيه ٢ : ٣٠٠ ـ ١٤٩٤ ، الوسائل ١٤ : ١٥٧ أبواب الذبح ب ٣٩ ح ٧.

(٤) المبسوط ١ : ٣٧٤ ، النهاية : ٢٦٢ ، التهذيب ٥ : ٢٢٢ ، الحلّي في السرائر ١ : ٥٩٩.

٣٠٦

المقام الثالث : في جنس الهدي ، وسنّه ، ووصفه ، وعدده ، وفيه مسائل :

المسألة الأولى : يجب أن يكون من إحدى النعم الثلاث : الإبل ، والبقر ، والغنم ، بلا خلاف فيه ، كما صرّح به طائفة (١) ، بل بالإجماع كما ذكره جماعة (٢) ، بل هو إجماع محقّق ، فهو الدليل عليه مع أصل الاشتغال ، حيث لا إطلاق معلوما يصدق على غيرها ، ولو كان لوجب صرفه إليها ، ولأنّها المتبادرة المعتادة ، ولصحيحة زرارة (٣) المتقدّمة في صدر بحث الهدي.

المسألة الثانية : إن كان الهدي إبلا أو بقرا أو معزا يجب أن يكون ثنيّا ، وإن كان ضأنا يجزئ فيه الجذع ، بلا خلاف فيه يعلم ، كما في الذخيرة (٤) ، وفي المدارك : أنّه مذهب الأصحاب (٥) ، وفي المفاتيح وشرحه : الإجماع عليه والاتّفاق (٦). والظاهر أنّه كذلك ، فهو الحجّة فيه المعتضدة بالاحتياط.

وأمّا الأخبار فلا يثبت منها تمام المطلوب ، لأنّ منها ما يدلّ على إجزاء هذه الأسنان في الثلاث دون نفي غيرها :

كصحيحة العيص : « الثنيّة من الإبل ، والثنيّة من البقر ، والثنيّة من المعز ، والجذع من الضأن » (٧).

__________________

(١) منهم صاحب المدارك ٨ : ٢٨ ، السبزواري في الذخيرة : ٦٦٦.

(٢) منهم ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٨١ ، الفيض في المفاتيح ١ : ٣٥٣.

(٣) راجع ص : ٢٩٥.

(٤) الذخيرة : ٦٦٦.

(٥) المدارك ٨ : ٢٨.

(٦) المفاتيح ١ : ٣٥٣.

(٧) التهذيب ٥ : ٢٠٦ ـ ٦٨٨ ، الوسائل ١٤ : ١٠٣ أبواب الذبح ب ١١ ح ١.

٣٠٧

ورواية أبي حفص : « يجزئ من البدن الثنيّ ، ومن المعز الثنيّ ، ومن الضأن الجذع » (١).

ومنها ما يدلّ على عدم إجزاء الأدنى من الثنيّ من المعز :

كصحيحة ابن سنان : « يجزئ من الضأن الجذع ، ولا يجزئ من المعز إلاّ الثنيّ » (٢).

وفي صحيحة ابن عمّار : « يجزئ في المتعة الجذع من الضأن ، ولا يجزئ الجذع من المعز » (٣).

ورواية حمّاد : أدنى ما يجزئ من أسنان الغنم في الهدي ، فقال : « الجذع من الضأن » ، قلت : فالمعز؟ قال : « لا يجزئ الجذع من المعز » (٤).

ومع ذلك ورد في قويّة محمد بن حمران : « أسنان البقر تبيعها ومسنّها في الذبح سواء » (٥).

أقول : والتبيع : ما دخل في الثانية ، والمسنّ : ما دخل في الثالثة.

وأمّا عدم إجزاء غير الثنيّ من البقر فلا تصريح فيه في الأخبار ، بل صرّح في صحيحة الحلبي فيما يضحّي به : « أمّا البقر فلا يضرّك أيّ أسنانها ، وأمّا الإبل فلا يصلح إلاّ الثنيّ فما فوق » (٦).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٩٠ ـ ٧ ، الوسائل ١٤ : ١٠٥ أبواب الذبح ب ١١ ح ٩.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٠٦ ـ ٦٨٩ ، الوسائل ١٤ : ١٠٣ أبواب الذبح ب ١١ ح ٢.

(٣) الكافي ٥ : ٤٩٠ ـ ٩ ، الوسائل ١٤ : ١٠٤ أبواب الذبح ب ١١ ح ٦.

(٤) الكافي ٤ : ٤٨٩ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٢٠٦ ـ ٦٩٠ ، المحاسن : ٣٤٠ ـ ١٢٧ ، العلل : ٤٤١ ـ ١ ، الوسائل ١٤ : ١٠٣ أبواب الذبح ب ١١ ح ٤.

(٥) الكافي ٤ : ٤٨٩ ـ ٣ ، الوسائل ١٤ : ١٠٥ أبواب الذبح ب ١١ ح ٧.

(٦) الكافي ٤ : ٤٨٩ ـ ٢ ، التهذيب ٥ : ٢٠٤ ـ ٦٨١ ، الوسائل ١٤ : ١٠٤ أبواب الذبح ب ١١ ح ٥ ، بتفاوت.

٣٠٨

ومنها يظهر عدم إجزاء غير الثنيّ من الإبل في الأضحية ، ولكن الظاهر عدم القول بالفصل.

ثمَّ الثنيّ من الإبل ما كمل له خمس سنين ودخل في السادسة ، بلا خلاف كما في المفاتيح (١) ، وإجماعا كما في شرحه.

وأمّا من البقر والغنم ، ففي الوافي : أنّ الأشهر أنّه ما دخل في الثالثة (٢) ، وهو المطابق للصحاح والقاموس (٣) ، وبه قال الشيخ كما حكي عنه (٤) ، والفاضل في المنتهى والتحرير وموضع من التذكرة (٥).

وفي المدارك والذخيرة والمفاتيح وشرحه : أنّ المشهور أنّه ما دخل في الثانية (٦) ، وبه صرّح الحلّي في السرائر والمحقّق في الشرائع (٧).

وأمّا الجذع من الضأن ، فعن التذكرة والمنتهى ـ موافقا لكلام الجوهري على ما قيل ـ : أنّه ما كمل له ستّة أشهر (٨).

وفي السرائر وعن الدروس والتحرير : أنّه ما كمل له سبعة أشهر (٩).

وعن موضع من المنتهى : أنّه إذا بلغ سبعة أشهر فهو جذع إن كان بين شابّين ، وإن كان بين هرمين فلا يقال أنّه جذع حتى يكمل ثمانية‌

__________________

(١) المفاتيح ١ : ٣٥٣.

(٢) الوافي ١٣ : ١١١٢.

(٣) الصحاح ٦ : ٢٢٩٥ ، القاموس ٤ : ٣١١.

(٤) حكاه عنه في الكفاية : ٧٠.

(٥) المنتهى ١ : ٤٩١ ، التحرير ١ : ٦١ ، التذكرة ١ : ٢١٣.

(٦) المدارك ٨ : ٢٩ ، الذخيرة : ٦٦٦ ، المفاتيح ١ : ٣٥٣.

(٧) السرائر ١ : ٥٩٧ ، الشرائع ١ : ٢٦٠.

(٨) قال به صاحب المدارك ٨ : ٣٠ ، وانظر التذكرة ١ : ٣٨١ ، المنتهى ٢ : ٧٤٠ ، الصحاح ٣ : ١١٩٤.

(٩) السرائر ١ : ٥٩٧ ، الدروس ١ : ٤٣٦ ، التحرير ١ : ٦٢.

٣٠٩

أشهر (١). وأسند ذلك إلى الشيخ وابن الأعرابي (٢).

وفي المفاتيح وشرحه : أنّ المشهور أنّ الجذع من الضأن (٣) ما دخل في الثانية (٤) ، وهو الظاهر من القاموس والنهاية الأثيريّة (٥).

وقد سبقت أقوال أخر فيه وفي الثنيّ من المعز في كتاب الزكاة ، وحيث لا دليل تامّا يمكن التعويل عليه في التعيين في المقام ، فالواجب بمقتضى أصل الاشتغال الأخذ بالاحتياط وذبح الأعلى سنّا من هذه الأقوال.

المسألة الثالثة : يجب في الهدي أن يكون تامّ الأعضاء خاليا عن العيب ، فلا يجزئ الناقص ، ولا المعيب.

وننقل أولا الأخبار الواردة في المقام ، فنقول : وتدلّ على الأول كلّية : صحيحه عليّ : عن الرجل يشتري الأضحية عوراء فلا يعلم إلاّ بعد شرائها ، هل يجزئ عنه؟ قال : « نعم ، إلاّ أن يكون هديا واجبا ، فإنّه لا يجوز ناقصا » (٦).

وعلى الثاني كذلك : مفهوم صحيحة عمران الحلبي : « من اشترى هديا ولم يعلم أنّ به عيبا حتى نقد ثمنه ثمَّ علم بعد فقد تمَّ » (٧).

__________________

(١) المنتهى ١ : ٤٩١.

(٢) أسنده إلى الشيخ في المنتهى ١ : ٤١٩ ، وإلى ابن الأعرابي في المبسوط ١ : ١٩٩ ، ولسان العرب ٨ : ٤٤.

(٣) في « ح » و « ق » زيادة : والمعز.

(٤) المفاتيح ١ : ٣٥٣.

(٥) القاموس ٣ : ١٢ ، النهاية الأثيرية ١ : ٢٥٠.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٩٥ ـ ١٤٦٣ ، التهذيب ٥ : ٢١٣ ـ ٧١٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٨ ـ ٩٥٢ ، الوسائل ١٤ : ١٢٥ أبواب الذبح ب ٢١ ح ١.

(٧) التهذيب ٥ : ٢١٤ ـ ٧٢٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٩ ـ ٩٥٣ ، الوسائل ١٤ : ١٣٠ أبواب الذبح ب ٢٤ ح ٣ ، بتفاوت.

٣١٠

وابن عمّار : في رجل اشترى هديا فكان به عيب عور أو غيره ، فقال : « إن كان نقد ثمنه فقد أجزأ عنه ، وإن لم يكن نقد ثمنه ردّه واشترى غيره » (١).

وتدلّ على بعض أفراد كلّ منها المستفيضة من النصوص أيضا :

منها : المرويّ في السرائر وفي المنتهى عن البرّاء ، قال : قام فينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطيبا فقال : « أربع لا تجوز في الأضحى : العوراء البيّن عورها ، والمريضة البيّن مرضها ، والعرجاء البيّن عرجها ، والكسيرة التي لا تبقى » (٢).

وفسّر في المنتهى الكسيرة التي لا تبقى : بالمهزولة التي لا مخّ لها (٣).

وصحيحة البجلي : عن الرجل يشتري الهدي فلمّا ذبحه إذا هو خصيّ مجبوب (٤) ، ولم يكن يعلم أنّ الخصيّ لا يجوز في الهدي ، هل يجزئه أم يعيده؟ قال : « لا يجزئه إلاّ أن يكون لا قوّة به عليه » (٥).

والأخرى : عن الرجل يشتري الكبش فيجده خصيّا مجبوبا ، قال : « إن كان صاحبه موسرا فليشتر مكانه » (٦).

وفي رواية أبي بصير : فالخصي يضحّى به؟ قال : « لا ، إلاّ أن لا يكون غيره » (٧).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٩٠ ـ ٩ ، التهذيب ٥ : ٢١٤ ـ ٧٢١ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٩ ـ ٩٥٤ ، الوسائل ١٤ : ١٣٠ أبواب الذبح ب ٢٤ ح ١.

(٢) السرائر : ١٤١ ، وهو في مسند أحمد ٤ : ٢٨٤.

(٣) المنتهى ٢ : ٧٤٠.

(٤) الجبّ : قطع الذكر أو ما لا يبقى منه قدر حشفة ، ومنه : « خصيّ مجبوب » مقطوع ـ مجمع البحرين ٢ : ٢١.

(٥) التهذيب ٥ : ٢١١ ـ ٧٠٨ ، الوسائل ١٤ : ١٠٦ أبواب الذبح ب ١٢ ح ٣.

(٦) التهذيب ٥ : ٢١١ ـ ٧٠٩ ، الوسائل ١٤ : ١٠٧ أبواب الذبح ب ١٢ ح ٤.

(٧) الكافي ٤ : ٤٩٠ ـ ٥ ، الوسائل ١٤ : ١٠٨ أبواب الذبح ب ١٢ ح ٨.

٣١١

وصحيحة الحلبي : عن الضحيّة تكون الاذن مشقوقة ، فقال : « إن كان شقّها وسما (١) فلا بأس ، وإن كان شقّا فلا يصلح » (٢).

ورواية السكوني : « لا يضحّى بالعرجاء ، ولا بالعجفاء ، ولا بالخرقاء ، ولا الجذّاء ، ولا العضباء » (٣).

قال في الوافي : العجفاء : المهزولة ، والخرقاء : المخروقة الاذن والتي في أذنها ثقب مستدير ، والجذّاء : المقطوعة الاذن ، والعضباء : المكسورة القرن الداخل أو مشقوقة الاذن (٤).

ومرسلة الفقيه : « لا يضحّى بالعرجاء بيّن عرجها ، ولا بالعوراء بيّن عورها ، ولا بالعجفاء ، ولا بالجرباء ولا بالجدعاء ، ولا العضباء » (٥).

في الوافي : الجدعاء : مقطوعة الأنف والاذن (٦).

وصحيحة جميل : في الأضحية يكسر قرنها ، قال : « إذا كان القرن الداخل صحيحا فهي تجزئ » (٧).

والأخرى في المقطوع القرن أو المكسور القرن : « إذا كان القرن الداخل صحيحا فلا بأس وإن كان القرن الخارج الظاهر مقطوعا » (٨).

__________________

(١) الوسم : أثر الكيّ ، والعلامة ـ أقرب الموارد ٢ : ١٤٥٢.

(٢) الكافي ٤ : ٤٩١ ـ ١١ ، الوسائل ١٤ : ١٢٩ أبواب الذبح ب ٢٣ ح ٢.

(٣) التهذيب ٥ : ٢١٣ ـ ٧١٦ ، معاني الأخبار : ٢٢١ ـ ١ ، الوسائل ١٤ : ١٢٦ أبواب الذبح ب ٢١ ح ٣ ، ٤ ، بتفاوت.

(٤) الوافي ١٣ : ١١٢٤.

(٥) الفقيه ٢ : ٢٩٣ ـ ١٤٥٠ ، الوسائل ١٤ : ١٢٦ أبواب الذبح ب ٢١ ح ٣.

(٦) الوافي ١٣ : ١١٢٣.

(٧) الكافي ٤ : ٤٩١ ـ ١٣ ، الفقيه ٢ : ٢٩٦ ـ ١٤٦٦ ، الوسائل ١٤ : ١٢٨ أبواب الذبح ب ٢٢ ح ١.

(٨) التهذيب ٥ : ٢١٣ ـ ٧١٧ ، الوسائل ١٤ : ١٢٨ أبواب الذبح ب ٢٢ ح ٣.

٣١٢

ورواية شريح بن هاني : « أمرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الأضاحي أن نستشرف العين والاذن ، ونهانا عن الخرقاء والشرقاء والمقابلة والمدابرة » (١).

في الوافي : الشرقاء : منشقّة الاذن طولا باثنتين ، والمقابلة والمدابرة : الشاة التي شقّ اذنها ثمَّ يفتل ذلك معلّقا ، فإن أقبل به فهو ، إقباله ، وإن أدبر به فإدباره ، والجلدة المعلّقة من الاذن هي الإقبالة والإدبارة ، والشاة مقابلة ومدابرة (٢).

وصحيحة البزنطي : عن الأضاحي إذا كانت الاذن مشقوقة أو مثقوبة بسمة ، فقال : « ما لم يكن منها مقطوعا فلا بأس » (٣).

ثمَّ المستفاد من الاولى : عدم إجزاء الأول ـ أي الناقص ـ مطلقا في الهدي الواجب ، فلا يجزئ مقطوع الاذن ، والأنف ، واللسان ، والشفة ، والقضيب ، والأنثيين ، والألية ، والثدي ، والقرن ، ونحوها.

وتؤكّدها في المجبوب صحيحتا البجلي ، وفي مقطوعة الاذن صحيحة البزنطي ورواية السكوني ومرسلة الفقيه ، وفي مكسورة القرن الداخل الأخيرتان مع صحيحتي جميل.

فيجب أن يكون ذلك هو الأصل في الأول ، فإن ثبت خلافة في موضع يستثنى ، وإلاّ فلا ، ويأتي موضع الاستثناء.

وأمّا صحيحة الحلبي المتضمّنة لقوله عليه‌السلام : النعجة والكبش والأنثى أفضل أو خير أو أحبّ من الخصي (٤) ، فلا يدلّ على إجزاء الخصي ، ولو‌

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٩٣ ـ ١٤٤٩ ، التهذيب ٥ : ٢١٢ ـ ٧١٥ ، معاني الأخبار : ٢٢٢ ـ ١ ، الوسائل ١٤ : ١٢٥ أبواب الذبح ب ٢١ ح ٢.

(٢) الوافي ١٣ : ١١٢٤.

(٣) التهذيب ٥ : ٢١٣ ـ ٧١٨ ، الوسائل ١٤ : ١٢٩ أبواب الذبح ب ٢٣ ح ١.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٠٦ ـ ٦٨٧ ، الوسائل ١٤ : ١٠٧ أبواب الذبح ب ١٢ ح ١٥.

٣١٣

دلّ فإنّما هو بالعموم أو الإطلاق بالنسبة إلى الهدي وغيره ، وبالنسبة إلى العجز عن غيره وعدمه ، فيجب التقييد.

وأمّا الثاني وإن كان يظنّ أنّ مدلول الثانية والثالثة عدم إجزاء المعيب مطلقا بعد نقد الثمن ، إلاّ أنّ في تماميّة دلالتهما عليه نظر ، بل غايته المرجوحيّة.

نعم ، يدلّ على عدم إجزاء العوراء والعرجاء الشديدتين رواية البرّاء ، وضعفها مجبور بحكاية جمع عدم الخلاف في المنع مع الصفات الأربع المذكورة فيها (١) ، بل في المنتهى والمدارك (٢) ، وغيرهما (٣) : الإجماع عليه.

وتعاضدها رواية السكوني ومرسلة الفقيه ، ولا يضرّ اختصاصها بالأضحية ، إمّا لعمومها للهدي أيضا أو للإجماع المركّب.

وأمّا سائر العيوب المذكورة في باقي الأحاديث المتقدّمة فبين ما لا تصريح بعدم إجزائه ـ بل غايته المرجوحية ـ وبين ما يعارض في حقّه بصحيحة البزنطي ، فلا يثبت المنع عن غير العيبين ، بل يجب العمل فيه بمقتضى الأصل ، والإطلاق ، وقوله سبحانه ( فَمَا اسْتَيْسَرَ ).

وأمّا المريضة والمهزولة فيجي‌ء الكلام فيهما.

وقد تلخّص من جميع ما ذكر : عدم إجزاء الناقص مطلقا ـ سوى ما يجي‌ء استثناؤه ـ وعدم إجزاء العوراء والعرجاء الشديد عورها وعرجها ، وإجزاء غيرهما.

__________________

(١) كصاحب الرياض ١ : ٣٨٣.

(٢) المنتهى ٢ : ٧٤٠ ، المدارك ٨ : ٣٠.

(٣) كالرياض ١ : ٣٩٣.

٣١٤

فروع :

أ : يستثنى من الناقص ما كسر قرنه الخارج وبقي الداخل ، وهو الأبيض الذي في وسط الخارج ، وتدلّ على إجزائه صحيحتا جميل.

ب : هل المعتبر في العوراء انخساف العين ، كما عن الغنية (١)؟ أو لا ، كما عن المنتهى والتحرير (٢)؟

الظاهر هو : الأول ، لأنّه المحتمل من العور البيّن ، ولأنّ الرواية (٣) المتضمّنة له ضعيفة لا يعمل بها إلاّ في موضع علم انجبارها فيه. وصدق النقض على مطلق العور حتى تشمله صحيحة عليّ غير معلوم.

وكذا يشترط في العرج الشدّة بحيث يكون بيّنا ، والوجه ظاهر.

ج : وممّا استثنوه أيضا : الناقص بحسب الخلقة ، كالجمّاء ، وهي التي لم يخلق لها قرن ، والصمعاء وهي التي لم تخلق لها اذن.

ولا بأس به ، للشكّ في صدق الناقص عليه ، ولانصراف الإطلاق إلى الشائع.

واستثنى بعضهم البتراء أيضا (٤) ، وهي مقطوعة الذنب. ولا وجه له ، لصدق النقص.

نعم ، لو أريد منها فاقدة الذنب بحسب الخلقة كان له وجه.

د : الخصيّ الممنوع منه هو مسلول الخصية ، وأمّا المرضوض‌

__________________

(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٨٢.

(٢) المنتهى ٢ : ٧٤٠ ، التحرير ١ : ١٠٥.

(٣) أي رواية البرّاء المتقدمة في صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ٣١١.

(٤) كما في المنتهى ٢ : ٧٤١.

٣١٥

خصيته ـ وهو الموجوء أيضا ـ فلا بأس به ، لعدم صدق النقص ، للأصل ، وصحيحة ابن عمّار : « إذا رميت الجمرة فاشتر هديك إن كان من البدن أو من البقر ، وإلاّ فاجعل كبشا سمينا فحلا ، فإن لم تجد فموجوءا من الضأن ، فإن لم تجد فتيسا فحلا ، فإن لم تجد فما تيسّر عليك » (١).

وفي صحيحة أبي بصير : « المرضوض أحبّ إليّ من النعجة » (٢).

وفي صحيحة محمد : « والموجوء خير من النعجة » (٣).

هـ : وممّا يستثنى أيضا من الناقص : الخصيّ إذا لم يجد غيره ، على الأظهر الموافق لتصريح جماعة ، منهم : الشهيد في الدروس وصاحب المدارك (٤) ، لصحيحة البجلي والأخريين المتعقّبتين لها ، وقوله في صحيحة ابن عمّار المتقدّمة : « فإن لم تجد فما تيسّر عليك ».

و : وممّا استثناه الشيخ في التهذيب : الناقص إذا بان نقصه بعد نقد الثمن (٥) ، للصحيحين المتقدّمين (٦) ، فخصّ بهما الصحيح المتقدّم عليهما (٧).

والتحقيق : أنّ بين الفريقين عموما من وجه ، فمن استثنى عمل‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٠٤ ـ ٦٧٩ ، الوسائل ١٤ : ٩٥ أبواب الذبح ب ٨ ح ١ ، بتفاوت.

(٢) الكافي ٤ : ٤٩٠ ـ ٥ ، الوسائل ١٤ : ١١٢ أبواب الذبح ب ١٤ ح ٣.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٠٥ ـ ٦٨٦ ، الوسائل ١٤ : ١١١ أبواب الذبح ب ١٤ ح ١.

(٤) الدروس ١ : ٤٣٧ ، المدارك ٨ : ٣٤.

(٥) التهذيب ٥ : ٢١٤.

(٦) الأول في : التهذيب ٥ : ٢١٤ ـ ٧٢٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٩ ـ ٩٥٣ ، الوسائل ١٤ : ١٣٠ أبواب الذبح ب ٢٤ ح ٣.

الثاني في : الكافي ٤ : ٤٩٠ ـ ٩ ، التهذيب ٥ : ٢١٤ ـ ٧٢١ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٩ ـ ٩٥٤ ، الوسائل ١٤ : ١٣٠ أبواب الذبح ب ٢٤ ح ١.

(٧) الفقيه ٢ : ٢٩٥ ـ ١٤٦٣ ، التهذيب ٥ : ٢١٣ ـ ٧١٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٨ ـ ٩٥٢ ، قرب الإسناد : ٢٣٩ ـ ٩٤١ ، الوسائل ١٤ : ١٢٥ أبواب الذبح ب ٢١ ح ١.

٣١٦

بالإطلاق ، ومن لم يستثن عمل بأصل الاشتغال بعد رفع اليد عن الإطلاق ، لتخصيصه بالمجمل الموجب لعدم الحجيّة في موضع الإجمال.

وهو الأقوى ، لذلك ، مضافا إلى ظاهر الإجماع ، حيث لا يوجد للشيخ موافق في المسألة ، بل تردّد هو نفسه في الاستبصار المتأخّر عن التهذيب أيضا (١).

ز : هل يستثنى ساقط الأسنان لهرم أم لا؟

الظاهر : الثاني ، لصدق النقص ، ولا تعارضه صحيحة العيص في الهرم الذي قد وقعت ثناياه : « إنّه لا بأس به في الأضاحي » (٢) ، وقريبة منها مرسلة الفقيه (٣) ، إذ لا يعلم شمولها للهدي أيضا.

ح : إذا لم يوجد إلاّ فاقد الشرائط الغير الثابت استثناؤه بخصوصه ، ففي الإجزاء ، أو الانتقال إلى الصوم ، قولان ، أصحّهما : الأول ، لقوله عليه‌السلام في صحيحة ابن عمّار المتقدّمة : « فإن لم تجد فما تيسّر عليك ».

وفي صحيحته الأخرى : « اشتر فحلا سمينا للمتعة » إلى أن قال : « فإن لم تجد فما استيسر من الهدي » الحديث (٤).

وكذا الحكم في الشرطين الآتيين من عدم الهزال والمرض.

المسألة الرابعة : يجب أن لا يكون الهدي مهزولا ، بلا خلاف يوجد كما قيل (٥) ، للصحاح وغيرها المستفيضة ، المصرّحة كلاّ : بأنّه لو اشتراها سمينة فوجدها سمينة أو مهزولة أجزأت ، ولو اشتراها مهزولة فوجدها‌

__________________

(١) الاستبصار ٢ : ٢٦٩.

(٢) الكافي ٥ : ٤٩١ ـ ١٥ ، الوسائل ١٤ : ١١٤ أبواب الذبح ب ١٦ ح ٦.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٩٧ ـ ١٤٧١ ، الوسائل ١٤ : ١١٥ أبواب الذبح ب ١٦ ح ٨.

(٤) الكافي ٤ : ٤٩٠ ـ ٩ ، الوسائل ١٤ : ١٠٧ أبواب الذبح ب ١٢ ح ٧.

(٥) انظر الرياض ١ : ٣٩٣.

٣١٧

سمينة أجزأت أيضا ، ولو اشتراها مهزولة فوجدها مهزولة لم يجز ، كصحاح العيص والحلبي (١) ومنصور (٢) ومرسلة الفقيه.

والأوليان مطلقتان ، والثالثة واردة في الهدي ، والرابعة مصرّح به فيها بعد الإطلاق بأنّ في هدي المتمتّع مثل ذلك.

ومقتضى تلك النصوص : الإجزاء لو اشتراها سمينة فبانت مهزولة ، وهو كذلك بلا إشكال إذا كان الظهور بعد الذبح ، وإن كان قبله فقد يستشكل فيه من جهة إطلاق النصوص ، ومن قوّة احتمال اختصاصها ـ بحكم التبادر ـ بما بعد الذبح ، فيرجع إلى إطلاق ما دلّ على المنع من المهزولة.

وفيه : منع التبادر ، ولو سلّم فيجب تقييده بمفهوم الشرط في صحيحة منصور : « وإن اشتراه وهو يعلم أنّه مهزول لم يجز عنه » ، مضافا إلى إطلاق صدرها.

وكذا مقتضى الأخبار المذكورة : الإجزاء لو ظهرت سمينة بعد الاشتراء مهزولة ولو بعد الذبح.

خلافا للعماني فيما بعد الذبح ، لعدم حصول التقرّب به (٣).

وفيه : أنّه ربّما لا يعلم الحكم ، وكذا لو علم ، لإمكان سقوط الواجب بفعل آخر ، للنص.

ثمَّ إنّه فسّرت المهزولة بما لم يكن على كليتها شحم ، وهو الذي يظهر من رواية الفضيل (٤) ، ولكن في كونه تفسيرا للهزال تأمّل ، فيحتمل أن‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٩٠ ـ ٦ ، الوسائل ١٤ : ١١٤ أبواب الذبح ب ١٦ ح ٥.

(٢) التهذيب ٥ : ٢١١ ـ ٧١٢ ، الوسائل ١٤ : ١١٣ أبواب الذبح ب ١٦ ح ٢.

(٣) حكى ذلك عنه في المختلف ١ : ٣٠٦.

(٤) الكافي ٤ : ٤٩٢ ـ ١٦ ، التهذيب ٥ : ٢١٢ ـ ٧١٤ ، الوسائل ١٤ : ١١٣ أبواب الذبح ب ١٦ ح ٣ وفيه : عن الفضل.

٣١٨

يكون ذلك مجزئا لظنّه السمن أولا ، كما تدلّ عليه ندامته ، فالأولى الرجوع إلى العرف.

المسألة الخامسة : لا تجزئ المريضة البيّن مرضها ، باتّفاق العلماء كما عن المنتهى (١) ، لرواية البرّاء (٢) المنجبر ضعفها بما ذكر.

المسألة السادسة : يستحبّ أن يكون الهدي سمينا ، للأخبار (٣) ، والاعتبار ، بل نقل الإجماع (٤).

وأن يكون ممّا عرّف به ، أي احضر بعرفات في عشيّة عرفة ـ كما عن المفيد والمنتهى والتذكرة والمهذّب والمدارك والذخيرة والمفاتيح (٥) ـ أو مطلقا ، كما في السرائر (٦) ، ونقل عن غيره أيضا (٧).

لصحيحة البزنطي : « لا يضحّى إلاّ بما قد عرّف به » (٨) ، ونحوها في صحيحة أبي بصير (٩).

ولقصورهما عن إفادة الوجوب ـ لمكان الخبريّة ، مضافا إلى رواية سعيد : عمّن اشترى شاة لم يعرّف بها ، قال : « لا بأس بها عرّف بها أم لم‌

__________________

(١) المنتهى ٣ : ٧٤٠.

(٢) المتقدمة في ص : ٣١١.

(٣) الوسائل ١٤ : ١٠٩ أبواب الذبح ب ١٣.

(٤) كما في كشف اللثام ١ : ٣٦٨.

(٥) نقله عنه في المدارك ٨ : ٣٩ ، المنتهى ٢ : ٧٤٢ ، التذكرة ١ : ٣٨٢ ، المهذّب ١ : ٢٥٧ ، الذخيرة : ٦٦٩ ، المفاتيح ١ : ٣٥٥.

(٦) السرائر ١ : ٥٩٨.

(٧) كما في الشرائع ١ : ٢٦١.

(٨) التهذيب ٥ : ٢٠٧ ـ ٦٩٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٥ ـ ٩٣٧ ، الوسائل ١٤ : ١١٥ أبواب الذبح ب ١٧ ح ١.

(٩) التهذيب ٥ : ٢٠٦ ـ ٦٩١ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٥ ـ ٩٣٦ ، الوسائل ١٤ : ١١٦ أبواب الذبح ب ١٧ ح ٢.

٣١٩

يعرّف بها » (١) ـ حملناهما على الاستحباب وفاقا للأكثر ، بل عن المنتهى : الإجماع عليه (٢).

وعن ظاهر التهذيبين والنهاية والمبسوط والإصباح والمهذّب والغنية : الوجوب (٣) ، لما ذكر بجوابه.

ويكفي في التعريف إخبار البائع به ، لصحيحة أخرى لسعيد (٤).

وهل التعريف هو الإحضار بعرفات في عشيّة عرفة ، كما عن التذكرة والمنتهى والمهذّب والمقنعة وفي المدارك والذخيرة والمفاتيح (٥)؟

أو الإحضار بعرفات مطلقا ، كما في السرائر (٦) ، بل نسب ذلك إلى غير الثلاثة الأولى (٧).

كلّ محتمل ، ومقتضى أصل الاشتغال : الأول.

وأن يكون إناثا من الإبل والبقر وفحولة من الغنم ، لفتوى العلماء الأخيار.

وصحيحة ابن عمّار : « أفضل البدن ذوات الأرحام من البدن والبقر ، وقد تجزئ الذكورة من البدن ، والضحايا من الغنم الفحولة » (٨).

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٩٧ ـ ١٤٧٣ ، التهذيب ٥ : ٢٠٧ ـ ٦٩٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٥ ـ ٩٣٨ ، الوسائل ١٤ : ١١٦ أبواب الذبح ب ١٧ ح ٤.

(٢) المنتهى ٢ : ٧٤٢.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٠٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٥ ، النهاية : ٢٥٨ ، المبسوط ١ : ٣٧٣ ، المهذّب ١ : ٢٥٧ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٨٢.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٠٧ ـ ٦٩٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٥ ـ ٩٣٩ ، الوسائل ١٤ : ١١٦ أبواب الذبح ب ١٧ ح ٣.

(٥) التذكرة ١ : ٣٨٢ ، المنتهى ٢ : ٧٤٢ ، المهذّب ١ : ٢٥٧ ، نقله عن المفيد في المدارك ٨ : ٣٩ ، الذخيرة : ٦٦٩ ، المفاتيح ١ : ٣٥٥.

(٦) السرائر ١ : ٥٩٨.

(٧) كما في الرياض ١ : ٣٩٤.

(٨) التهذيب ٥ : ٢٠٤ ـ ٦٨٠ ، الوسائل ١٤ : ٩٨ أبواب الذبح ب ٩ ح ١.

٣٢٠