مستند الشّيعة - ج ١٢

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٢

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-038-2
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤١٦

كصحيحة ابن عمّار : « فإن سعى الرجل أقلّ من سبعة أشواط ثمَّ رجع إلى أهله فعليه أن يرجع ليسعى تمامه ، وليس عليه شي‌ء ، وإن كان لم يعلم ما نقص فعليه أن يسعى سبعا » (١).

وسعيد بن يسار : رجل متمتّع سعى بين الصفا والمروة ستّة أشواط ، ثمَّ رجع إلى منزله وهو يرى أنّه قد فرغ منه ، وقلّم أظافيره وأحلّ ، ثمَّ ذكر أنّه سعى ستّة أشواط ، فقال لي : « يحفظ أنّه قد سعى ستة أشواط ، فإن كان يحفظ أنّه قد سعى ستّة أشواط فليعد وليتمّ شوطا وليرق دما » ، فقلت : دم ما ذا؟ قال : « دم بقرة ، وإن لم يكن حفظ أنّه سعى ستّة فليعد فليبتدئ السعي حتى يكمل سبعة أشواط ثمَّ ليرق دم بقرة » (٢).

ورواية ابن مسكان : عن رجل طاف بين الصفا والمروة ستّة أشواط وهو يظنّ أنّها سبعة ، فذكر بعد ما أحلّ وواقع النساء أنّه إنّما طاف ستّة أشواط ، فقال : « عليه بقرة يذبحها ويطوف شوطا آخر » (٣).

أمّا الإتيان بالنقيصة مع المكنة لو كانت أقلّ من النصف فبالإجماع أيضا ، وتدلّ عليه الأخبار المتقدّمة عموما وخصوصا.

وأمّا الإتيان بها لو كانت النصف أو أكثر فعلى الأظهر الأشهر ، كما صرّح به الشهيد الثاني (٤) ، لإطلاق الصحيحة الأولى الخالية عمّا يصلح للمعارضة ، المعتضدة بما يأتي من جواز القطع والبناء بعد شوط أو ثلاثة‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ١٥٣ ـ ٥٠٣ ، الوافي ٢ : ١٤٢ أبواب أفعال العمرة والحج ومقدماتها ولواحقها ب ١١٧.

(٢) التهذيب ٥ : ١٥٣ ـ ٥٠٤ ، الوسائل ١٣ : ٤٩٢ أبواب السعي ب ١٤ ح ١.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٥٦ ـ ١٢٤٥ ، التهذيب ٥ : ١٥٣ ـ ٥٠٥ ، الوسائل ١٣ : ٤٩٣ أبواب السعي ب ١٤ ح ٢.

(٤) المسالك ١ : ١٢٥.

١٨١

لصلاة أو حاجة.

خلافا للمحكيّ عن المفيد والديلمي والحلبيين (١) ، وعن الغنية الإجماع عليه ، فاعتبروا في البناء مجاوزة النصف.

واحتج لهم برواية أبي بصير : « إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت أو بين الصفا والمروة فجازت النصف فعلّمت ذلك الموضع ، فإذا طهرت رجعت فأتمّت بقية طوافها من الموضع الذي علّمته ، وإن هي قطعت طوافها في أقلّ من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوله » (٢) ، وقريبة منها رواية الحلاّل (٣).

والجواب عنهما ـ مع عدم كونهما من مفروض المسألة ـ أنّهما معارضتان مع صحيحة ابن عمّار (٤) ، وغيرها (٥) ، المصرّحة بإتمام السعي لو حاضت في أثنائه ، ومع ذلك فهما غير دالّتين على الوجوب ، فتحتملان الأفضليّة لو طهرت قبل فوات الوقت ، كما حملهما عليه في التهذيبين (٦).

وأمّا الإتيان بنفسه مع المكنة فوجهه واضح ، والأخبار به مصرّحة (٧).

__________________

(١) المفيد في المقنعة : ٤٤١ ، الديلمي في المراسم : ١٢٣ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٩٦ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٩.

(٢) الكافي ٤ : ٤٤٨ ـ ٢ ، التهذيب ٥ : ٣٩٥ ـ ١٣٧٧ ، الاستبصار ٢ : ٣١٥ ـ ١١١٨ ، الوسائل ١٣ : ٤٥٣ أبواب الطواف ب ٨٥ ح ١.

(٣) الكافي ٤ : ٤٤٩ ـ ٣ ، الوسائل ١٣ : ٤٥٤ أبواب الطواف ب ٨٥ ح ٢.

(٤) الكافي ٤ : ٤٤٨ ـ ٩ ، الفقيه ٢ : ٢٤٠ ـ ١١٤٤ ، التهذيب ٥ : ٣٩٥ ـ ١٣٧٦ ، الوسائل ١٣ : ٤٥٩ أبواب الطواف ب ٨٩ ح ١.

(٥) الوسائل ١٣ : ٤٥٩ أبواب الطواف ب ٨٩.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٩٦ ، الاستبصار ٢ : ٣١٦.

(٧) انظر الوسائل ١٣ : ٤٥٣ أبواب الطواف ب ٨٥.

١٨٢

وأمّا الاستنابة مع عدم المكنة فاستدلّ له بأنّ الحكم كذلك لو ترك الكلّ كما مرّ ، فترك بعضه أولى بذلك.

وفيه تأمّل ، لعدم وضوح دليل الأولويّة ، فإنّه ثبت جواز الاستنابة في الصلاة ولم يثبت في بعض أجزائها المنسيّة ، إلاّ أن تعارض أدلّة وجوب المباشرة بعمومات نفي العسر والحرج ، فيتردّد الأمر بين الاستنابة وعدم الإتيان ، والثاني باطل بالإجماع ، فيبقى الأول.

المسألة الرابعة : لو سعى المتمتّع ستّة أشواط وعلم أو ظنّ إتمامه ، فأحلّ وواقع أهله أو قلّم أظفاره ، فعليه إتمام السعي ودم بقرة ، وفاقا لجماعة من الأصحاب ، منهم : المفيد والشيخ في التهذيب والفاضل في التذكرة والإرشاد (١) وغيرهما (٢) ، وغيرهم (٣).

لصحيحة ابن يسار ورواية ابن مسكان المتقدّمتين.

والإيراد ـ بضعف سند الثانية ، أو عدم صراحة الروايتين في الوجوب ـ ضعيف غايته.

والاستبعاد ـ بمخالفتهما لبعض العمومات ـ أضعف ، إذ العامّ يخصّص بالخاصّ المطلق ، وليست تلك العمومات ممّا يأبى العقل عن خلافها ، فلا حاجة إلى بعض التوجيهات البعيدة التي ذكرها بعضهم (٤).

ولا يجب الاقتصار على المتمتّع ، لإطلاق الرواية بالنسبة إلى غيره أيضا ، وظهورها فيه أيضا ـ كما ادّعي (٥) ـ لا أفهم وجهه.

__________________

(١) المفيد في المقنعة : ٤٣٤ ، التهذيب ٥ : ١٥٣ ، التذكرة ١ : ٣٦٧ ، الإرشاد ١ : ٣٢٧.

(٢) كالقواعد ١ : ٨٤.

(٣) كصاحب الحدائق ١٦ : ٢٨٤.

(٤) كما في المسالك ١ : ١٢٥ ، الرياض ١ : ٤٢٥.

(٥) انظر الرياض ١ : ٤٢٥.

١٨٣

ولا على الظانّ ، لشمول الصحيحة للقاطع أيضا ، بل الظاهر أنّ المراد بالظانّ في الثانية أيضا هو القاطع ، لاستعماله فيه كثيرا في أمثال المقام ، لاشتراط حفظ الستّة في الأولى.

نعم ، لا يبعد لزوم الاقتصار على ستّة أشواط ، كما هي مورد الخبرين ، والمخصوص بها في كلام جماعة من الأصحاب (١).

المسألة الخامسة : لو شكّ في عدد الأشواط ، فإن علم السبعة وشكّ في الزائد على وجه لا ينافي البدأة بالصفا ـ كالشكّ بين السبعة والتسعة وهو على المروة ـ صحّ سعيه ولا شي‌ء عليه ، لتحقّق الواجب ، وعدم منافاة الزيادة سهوا كما مرّ.

وإن كان في الأثناء استأنف السعي وجوبا ، على ما قطع به الأصحاب كما في المدارك (٢) ، بل بالإجماع كما في المفاتيح (٣) ، أو الاتّفاق كما في شرحه.

لا لما قيل من وقوع التردّد بين محذوري الزيادة والنقصان وكلّ منهما مبطل (٤) ، لمنع كون الزيادة أو النقيصة المحتملة محذورا ، مع أنّ الأصل عدم الزيادة.

بل لصحيحتي ابن عمّار وابن يسار المتقدّمتين في المسألة الثالثة (٥) ، ومقتضاهما عدم الفرق في وجوب الإعادة بين ما إذا كان الشكّ حال الاشتغال بالسعي أو الفراغ منه ، كما هو مقتضى كلام الأصحاب أيضا ، وبه‌

__________________

(١) كالسبزواري في الذخيرة : ٦٤٨.

(٢) المدارك ٨ : ٢١٥.

(٣) المفاتيح ١ : ٣٧٦.

(٤) انظر الرياض ١ : ٤٢٤.

(٥) في ص : ١٨١.

١٨٤

تخصّص عمومات (١) عدم الالتفات إلى الشكّ بعد الفراغ عن العمل.

المسألة السادسة : لا تجب الموالاة في السعي ، بالإجماع كما عن التذكرة (٢) ، للأصل والإطلاقات (٣).

المؤيّدين بصحيحة الحلبي (٤) ، المصرّحة بالجلوس في أثناء السعي للاستراحة.

وابن عمّار (٥) المصرّحة بقطع السعي والصلاة ثمَّ العود إذا دخل وقت الفريضة وهو في السعي.

وموثّقة ابن فضّال (٦) ، المتضمّنة للقطع والصلاة ثمَّ العود والإتمام لو طلع الفجر وهو سعى شوطا واحدا.

وصحيحة الأزرق (٧) ، النافية للبأس لقطع السعي لمن سعى ثلاثة أشواط أو أربعة ، فيدعوه صديقه لحاجة أو إلى الطعام.

وإنّما جعلناها مؤيّدة لجواز تخصيص القطع بهذه الأمور خاصّة ، مع عدم معلوميّة منافاة الجلوس بقدر الاستراحة للموالاة ، وعدم صراحة‌

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٢٣٧ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٣.

(٢) التذكرة ١ : ٣٦٧.

(٣) الوسائل ١٣ : ٥٠١ أبواب السعي ب ٢٠.

(٤) الكافي ٤ : ٤٣٧ ـ ٣ ، التهذيب ٥ : ١٥٦ ـ ٥١٦ ، الوسائل ١٣ : ٥٠١ أبواب السعي ب ٢٠ ح ١.

(٥) الكافي ٤ : ٤٣٨ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٢٥٨ ـ ١٢٥٢ ، التهذيب ٥ : ١٥٦ ـ ٥١٩ ، الوسائل ١٣ : ٤٩٩ أبواب السعي ب ١٨ ح ١.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٥٨ ـ ١٢٥٤ ، التهذيب ٥ : ١٥٦ ـ ٥١٨ ، الوسائل ١٣ : ٤٩٩ أبواب السعي ب ١٨ ح ٢.

(٧) الفقيه ٢ : ٢٥٨ ـ ١٢٥٣ ، التهذيب ٥ : ١٥٧ ـ ٥٢٠ ، الوسائل ١٣ : ٥٠٠ أبواب السعي ب ١٩ ح ١ ، ٢.

١٨٥

الصحيحين في البناء على ما سعى ، فتأمّل.

ويظهر من بعض المتأخّرين نوع ميل إلى وجوب الموالاة ، للتأسّي ، والأخذ بالمتيقن (١).

ويردّ الأول : بعدم وجوبه ، إذ لم يعلم كونه على طريق الوجوب ، بل يمكن منع ثبوت مواظبتهم على الموالاة.

والثاني : بأنّه إنّما يتمّ لو لم تكن الإطلاقات.

المسألة السابعة : يجوز السعي راكبا وعلى المحمل ، إجماعا محقّقا ومحكيّا مستفيضا (٢) ، وللنصوص المستفيضة ، كالصحاح الثلاث (٣) المتقدّمة في الأمر الأول من المستحبّات ، وصحيحة الحلبي : في الرجل يسعى بين الصفا والمروة على الدابّة؟ قال : « نعم ، وعلى المحمل وغيرها » (٤).

المسألة الثامنة : يجوز الجلوس في خلاله للراحة على الأظهر الأشهر ، للأصل ، وصحيحة ابن رئاب : الرجل يعيا في الطواف إله أن يستريح؟ قال : « نعم ، يستريح ، ثمَّ يقوم فيبني على طوافه في فريضة أو غيرها ، ويفعل ذلك في سعيه وجميع مناسكه » (٥).

بل كذلك أيضا ، للأصل ، ولصحيحة الحلبي : عن الرجل يطوف بين الصفا والمروة أيستريح؟ قال : « نعم ، إن شاء جلس على الصفا والمروة‌

__________________

(١) كما في الرياض ١ : ٤٢٤.

(٢) كما في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٩ ، المفاتيح ١ : ٣٧٥ ، الرياض ١ : ٤٢٢.

(٣) وهي : صحيحتا ابن عمار وصحيحة الخشّاب ، المتقدمة جميعا في ص : ١٧١.

(٤) الكافي ٤ : ٤٣٧ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ١٥٥ ـ ٥١١ ، الوسائل ١٣ : ٤٩٦ أبواب السعي ب ١٦ ح ١.

(٥) الكافي ٤ : ٤١٦ ـ ٤ ، وفي قرب الإسناد : ١٦٥ ـ ٦٠٤ بتفاوت يسير ، الوسائل ١٣ : أبواب الطواف ب ٤٦ ح ١.

١٨٦

وبينهما فيجلس » (١).

وعن الحلبيّين : المنع من الجلوس حتى مع الإعياء ، ويجوّزان الوقوف مع الإعياء (٢). ولا دليل لهما.

وأمّا صحيحة البصري : « لا يجلس على الصفا والمروة إلاّ من جهد » (٣) فمع دلالتها على الجواز مع الإعياء ، لا يثبت أزيد من الكراهة ، ولا بأس بها.

المسألة التاسعة : لو نسي الهرولة في موضعها‌ يستحبّ الرجوع القهقرى إلى مبدئها وتداركها.

لمرسلة الصدوق والشيخ : « من سهى عن السعي حتى يصير من المسعى على بعضه أو كلّه ثمَّ ذكر فلا يصرف وجهه منصرفا ، لكن يرجع القهقرى إلى المكان الذي يجب فيه السعي » (٤).

ومقتضى الأصل : الاقتصار في الرجوع على ما ورد فيه النصّ من القهقرى ، وما إذا ذكر في شوط أنّه ترك السعي فيه ، فلا يرجع بعد الانتقال إلى شوط آخر ، وما إذا تركه سهوا ، فلا يرجع لو ترك عمدا.

المسألة العاشرة : قد مضى في بحث الطواف وجوب تقديم طواف الحجّ والعمرة على السعي ، فيحرم تقدم السعي عليه عمدا ، وهو كما مرّ إجماعي ، مدلول عليه بالأخبار المتواترة الفعليّة والقولية (٥) المتقدّمة إليها‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٣٧ ـ ٣ ، التهذيب ٥ : ١٥٦ ـ ٥١٦ ، الوسائل ١٣ : ٥٠١ أبواب السعي ب ٢٠ ح ١.

(٢) أبو الصلاح الحلبي في الكافي : ١٩٦ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٩.

(٣) الكافي ٤ : ٤٣٧ ـ ٤ ، الفقيه ٢ : ٢٥٨ ـ ١٢٥١ ، الوسائل ١٣ : ٥٠٢ أبواب السعي ب ٢٠ ح ٤ ، وفي الجميع : لا يجلس بين الصفا و ..

(٤) الفقيه ٢ : ٣٠٨ ـ ١٥٢٨ ، التهذيب ٥ : ٤٥٣ ـ ١٥٨١ ، وفيهما : حتى يصير من السعي .. ، الوسائل ١٣ : ٤٨٧ أبواب السعي ب ٩ ح ٢.

(٥) انظر الوسائل ١٣ : ٤١٣ أبواب الطواف ب ٦٣.

١٨٧

الإشارة في ما مرّ.

ولو قدّم السعي يجب عليه الطواف ثمَّ إعادة السعي ، كما صرّح به في المستفيضة :

كصحيحة منصور : عن رجل طاف بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت ، فقال : « يطوف بالبيت ، ثمَّ يعود إلى الصفا والمروة فيطوف بينهما » (١).

وروايته : عن رجل بدأ بالسعي بين الصفا والمروة ، قال : « يرجع فيطوف بالبيت ثمَّ يستأنف السعي » قلت : إنّ ذلك قد فاته ، قال : « عليه دم ، ألا ترى أنّك إذا غسلت شمالك قبل يمينك كان عليك أن تعيد على شمالك » (٢).

وموثّقتي إسحاق (٣) المتقدّمتين في المسألة [ الخامسة ] (٤) من أحكام الطواف.

ولا يضرّ عدم صراحة بعضها في الوجوب بعد الإجماع عليه ودلالة رواية منصور بوجهين.

ولا فرق في ذلك بين العمد والسهو ، كما هو المستفاد من إطلاق الفتاوى ، وصرّح به في الدروس (٥) ، لإطلاق الأخبار ، ويظهر منه وجوب إعادة السعي في كلّ موضع تجب فيه إعادة الطواف لو أعاده بعد السعي.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٢١ ـ ٢ ، التهذيب ٥ : ١٢٩ ـ ٤٢٦ ، الوسائل ١٣ : ٤١٣ أبواب الطواف ب ٦٣ ح ٢.

(٢) التهذيب ٥ : ١٢٩ ـ ٤٢٧ ، الوسائل ١٣ : ٤١٣ أبواب الطواف ب ٦٣ ح ١.

(٣) الاولى في : الكافي ٤ : ٤٢١ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٢٥٢ ـ ١٢١٧ ، التهذيب ٥ : ١٣٠ ـ ٣٢٨ ، الوسائل ١٣ : ٤١٣ أبواب الطواف ب ٦٣ ح ٣.

الثانية في : الكافي ٤ : ٤١٨ ـ ٨ ، الفقيه ٢ : ٢٤٨ ـ ١١٩٠ ، التهذيب ٥ : ١٠٩ ـ ٣٥٥ ، الوسائل ١٣ : ٣٥٨ أبواب الطواف ب ٣٢ ح ٢.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في النسخ : الرابعة ، والصحيح ما أثبتناه.

(٥) الدروس ١ : ٤٠٨.

١٨٨

نعم ، لو قدّمه على بعض الطواف سهوا لم يستأنف ، بل يتمّ السعي بعد إتمام الطواف ، كما مرّ في المسألة المشار إليها.

المسألة الحادية عشرة : قالوا : لا يجوز تأخير السعي عن يوم الطواف إلى الغد ، بلا خلاف فيه ـ كما قيل (١) ـ إلاّ عن الشرائع ، فجوّزه (٢) ، وإن احتمل كلامه الإرجاع إلى المشهور ، بإخراج الغاية عن المغيّى.

واستدلّ للمشهور بصحيحة محمّد : عن رجل طاف بالبيت فأعيا ، أيؤخّر الطواف بين الصفا والمروة إلى غد؟ قال : « لا » (٣).

وفي دلالتها على الوجوب نظر ، لجواز كون السؤال عن الجواز بالمعنى الأخصّ ، والأصل يقتضي العدم ، بل يدلّ عليه إطلاق صحيحة أخرى لمحمّد (٤) ، وهي كالأولى ، إلاّ أنّه ليس فيها قوله : إلى غد ، وقال : « نعم » ، مكان : « لا ».

والاحتياط في عدم التأخير.

ويجوز التأخير في يوم الطواف إلى آخره وإلى الليل قولا واحدا ، للأصل ، وإطلاق الصحيحة الأخيرة ، وصحيحة ابن سنان (٥) ، ومرسلة الفقيه (٦).

المسألة الثانية عشرة : المريض الذي لا يتمكّن بنفسه من السعي يسعى به أو عنه ، بالتفصيل المتقدّم في الطواف بدليله.

__________________

(١) انظر الرياض ١ : ٤١٨.

(٢) الشرائع ١ : ٢٧٠.

(٣) الكافي ٤ : ٤٢٢ ـ ٥ ، الفقيه ٢ : ٢٥٣ ـ ١٢٢٠ ، التهذيب ٥ : ١٢٩ ـ ٤٢٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٩ ـ ٧٩٢ ، الوسائل ١٣ : ٤١١ أبواب الطواف ب ٦٠ ح ٣.

(٤) التهذيب ٥ : ١٢٩ ـ ٤٢٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٩ ـ ٧٩١ ، الوسائل ١٣ : ٤١١ أبواب الطواف ب ٦٠ ح ٢.

(٥) الكافي ٤ : ٤٢١ ـ ٣ ، الفقيه ٢ : ٢٥٢ ـ ١٢١٨ ، التهذيب ٥ : ١٢٨ ـ ٤٢٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٩ ـ ٧٩٠ ، الوسائل ١٣ : ٤١٠ أبواب الطواف ب ٦٠ ح ١.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٥٣ ـ ١٢١٩ ، الوسائل ١٣ : ٤١٠ أبواب الطواف ب ٦٠ ذ ح ١.

١٨٩

الفصل الخامس

في خامس أفعال العمرة ، وهو التقصير‌

وفيه مسائل :

المسألة الأولى : إذا فرغ المعتمر بعمرة التمتّع عن السعي‌ يقصّر راجحا ، بلا خلاف يعرف ، بل بالإجماعين (١) ، وتدلّ عليه المستفيضة من الأخبار :

كصحيحة ابن عمّار : « إذا فرغت من سعيك وأنت متمتّع فقصّر من شعر رأسك من جوانبه ولحيتك ، وخذ من شاربك ، والق أظفارك ، وأبق منها لحجّك ، فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كلّ شي‌ء يحلّ منه المحرم وأحرمت منه ، فطف بالبيت تطوّعا ما شئت » (٢).

وصحيحته الأخرى ، وفيها : « ثمَّ قصّ [ من ] رأسك من جوانبه ولحيتك وخذ من شاربك ، وقلّم أظفارك وأبق منها لحجّك » الحديث (٣).

وابن سنان : « طواف المتمتّع أن يطوف بالكعبة ، ويسعى بين الصفا والمروة ، ويقصّر من شعره ، فإذا فعل ذلك فقد أحلّ » (٤).

__________________

(١) كما في الخلاف ٢ : ٣٣٠ ، والغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٩ ، وكشف اللثام ١ : ٣٤٩ ، والحدائق ١٦ : ٢٩٧.

(٢) الكافي ٤ : ٤٣٨ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٢٣٦ ـ ١١٢٧ ، التهذيب ٥ : ١٥٧ ـ ٥٢١ ، الوسائل ١٣ : ٥٠٦ أبواب التقصير ب ١ ح ٤ ، بتفاوت يسير.

(٣) التهذيب ٥ : ١٤٨ ـ ٤٨٧ ، الوسائل ١٣ : ٥٠٥ أبواب التقصير ب ١ ح ١ ، وما بين المعقوفين ، أثبتناه من المصادر.

(٤) التهذيب ٥ : ١٥٧ ـ ٥٢٢ ، الوسائل ١٣ : ٥٠٥ ، أبواب التقصير ب ١ ح ٢.

١٩٠

ورواية عمر بن يزيد : « ثمَّ ائت منزلك فقصّر من شعرك ، وحلّ لك كلّ شي‌ء » (١) ، وغير ذلك ممّا يأتي.

وهل هو واجب عليه ، كما هو المشهور ، بل لا يعرف فيه خلاف إلاّ من الخلاف؟

أو هو الأفضل وإن جاز الحلق أيضا؟ كما عن الخلاف (٢) ، وحكي عن والد الفاضل أيضا (٣)؟

الحقّ هو : الأول.

لا لصحيحتي ابن عمّار الأوليين ، لعدم وجوب المأمور به فيهما بخصوصه قطعا من الأخذ من شعر الرأس من جوانبه واللحية.

ولا لصحيحة ابن سنان ، لقصورها عن إفادة الوجوب.

بل لرواية عمر بن يزيد وصحيحة ابن عمّار « إذا أحرمت فعقصت (٤) رأسك أو لبّدته (٥) فقد وجب عليك الحلق وليس لك التقصير ، وإن أنت لم تفعل فمخيّر لك التقصير والحلق في الحجّ ، وليس في المتعة إلاّ التقصير » (٦).

وتدلّ عليه أيضا الأخبار الواردة في صفة أصناف الحجّ والاقتصار فيها‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ١٥٧ ـ ٥٢٣ ، الوسائل ١٣ : ٥٠٦ أبواب التقصير ب ١ ح ٣.

(٢) الخلاف ٢ : ٣٣٠.

(٣) حكاه عنه في المختلف : ٢٩٤.

(٤) عقص الشعر : جمعه وجعله في وسط الرأس وشدّه ـ مجمع البحرين ٤ : ١٧٥.

(٥) تلبيد الشعر : أن يجعل فيه شي‌ء من صمغ أو خطمي وغيره عند الإحرام لئلا يشعث ويقمل اتّقاء على الشعر ـ مجمع البحرين ٣ : ١٤٠.

(٦) التهذيب ٥ : ١٦٠ ـ ٥٣٣ ، الوسائل ١٤ : ٢٢٤ أبواب الحلق والتقصير ب ٧ ح ٨ ، وفيهما : فعقصت شعر رأسك.

١٩١

في عمرة التمتّع على التقصير (١) ، والأخبار المتضمّنة لوجوب الدم على من أتى النساء قبل التقصير (٢) ، ولبطلان العمرة إذا أهلّ بالحجّ قبل التقصير ، والأخبار المثبتة للدم على ناسي التقصير وعلى الحالق.

هذا في صورة عدم عقص شعر الرأس أو تلبيده. وأمّا معه ، فحكي في المنتقى عن المفيد : وجوب الحلق خاصّة كما في إحرام الحجّ ، ونسب إلى ظاهر التهذيب موافقته في ذلك ، ومال هو نفسه إليه أيضا (٣).

واستحسنه في الذخيرة (٤) ، واستدلّ له بصحيحة ابن عمّار الأخيرة ، بجعل قوله : « في الحجّ » قيدا للحكم الأخير ، وبصحيحة أخرى له ، وصحيحة للعيص ورواية أبي سعد الآتيتين في بحث تحليل الحجّ ، الدالّتين على تعيّن الحلق على المعقّص والملبّد مطلقا ، وبصحيحة هشام الآتية فيه أيضا ، الدالّة عليه في الحجّ أو العمرة.

قال في المنتقى : إنّ هذه أخصّ ممّا مرّ ، لاختصاصها بالمعقّص والملبّد ، فيجب حمل العامّ على الخاصّ (٥).

أقول : إنّ ما ذكره في الأولى محض احتمال ، وبمجرّده لا يمكن تخصيص عموم قوله أخيرا : « وليس في المتعة إلاّ التقصير ».

والأربعة الباقية وإن اختصّت بالمعقّص والملبّد إلاّ أنّ الأوليين أعمّان من الحجّ والعمرة ، والأخيرة من العمرة المتمتّع بها والمبتولة ، فالنسبة بين الفريقين بالعموم من وجه دون المطلق ، ولكن لا مرجّح لأحدهما على الظاهر ،

__________________

(١) الوسائل ١٤ : ٢٢١ أبواب الحلق والتقصير ب ٧.

(٢) انظر الوسائل ١٣ : ١١٧ أبواب كفارات الاستمتاع ب ٥.

(٣) المنتقى ٣ : ٣٣٢.

(٤) الذخيرة : ٦٤٩.

(٥) المنتقى ٣ : ٣٣٣.

١٩٢

والترجيح بالشهرة فتوى عندي غير ثابت ، والأصل بالنسبة إليهما على السواء.

والمسألة قويّة الإشكال ، وإن كان مقتضى الاستدلال التخيير حينئذ إلاّ أنّه لا أعلم به قائلا ، بل يتأتّى هذا الإشكال في حقّ الصرورة أيضا ، لتعارض أخبارها الآتية في تحليل الحجّ مع أخبار التقصير بالعموم من وجه ، إلاّ أنّه لم ينقل عن أحد القول بتعيّن الحلق في حقّه.

ويمكن رفع الإشكال فيه بذلك ، حيث إنّ مخالفة الشهرة القويّة لا أقلّ موهنة للخبر مخرجة له ولو لعمومه عن الحجيّة.

بل بذلك يمكن دفع الإشكال في المعقّص والملبّد أيضا ، سيّما وأنّ كلام الشيخ (١) ليس صريحا ولا ظاهرا في ذلك.

نعم ، سكت هو عن ردّ قول المفيد ، وذلك ليس بظاهر في المخالفة ، بل في ظهور قول المفيد في ذلك أيضا كلام ، فتأمّل.

المسألة الثانية : وحيث عرفت وجوب التقصير عليه ، فهل يجوز له معه الحلق مطلقا ، أو بعد التقصير ، أم لا؟

حكي عن القاضي وابن حمزة والشهيد : الحرمة في الحالين (٢) ، وأطلق في الشرائع عدم جوازه (٣) ، وظاهر النافع التحريم قبله خاصّة.

وتردّد في المدارك في أصل التحريم (٤). وهو في محلّه ، لأنّ الأصل ينفيه ، ولا دليل يثبته أصلا سوى ما في بعض الأخبار من إيجاب الدم له ،

__________________

(١) التهذيب ٥ : ١٦٠.

(٢) حكاه عنهم في الحدائق ١٦ : ٢٩٩ ، وكشف اللثام ١ : ٣٥٠.

(٣) الشرائع ١ : ٣٠٢.

(٤) المدارك ٨ : ٤٦١.

١٩٣

وهو محلّ مناقشة كما يأتي.

وعلى فرض الثبوت لا يثبت التحريم ، لجواز ترتّبه على فعل مباح أو ترك مستحبّ أيضا ، ولذا أثبته بعضهم (١) في الحلق المستحبّ تركه قبل الإحرام أيضا.

نعم ، يمكن القول بتحريمه قبله بالاستصحاب.

والقول ـ بأنّه لو لم يحرم بعده لم يحرم أصلا ، لأنّ أوله تقصير ـ مردود بالمنع ، لأنّ التقصير : جعل الشعر أو غيره قصيرا ، والحلق هو أمر آخر ، وبينهما فرق ظاهر عرفا ولغة ، ولا يمكن استصحاب التحريم فيما بعد ، لقوله في الأخبار المتقدّمة : « فقد أحللت من كلّ شي‌ء ».

وقد يستدلّ على التحريم ـ ولو بعد التقصير ـ بقوله في صحيحتي ابن عمّار المتقدّمتين : « وأبق منها لحجّك » (٢) ، حيث إنّ الأمر بالشي‌ء نهي عن ضدّه العامّ.

وفيه : أنّه لا يتعيّن في الحجّ حلق الرأس على الإطلاق ، بل يتخيّر غير الصرورة والمعقّص والملبّد بينه وبين التقصير ، فلا يجب إبقاء شي‌ء من الرأس مطلقا قطعا ، فيمكن إرجاع الضمير المجرور إلى المذكورات من اللحية والشارب والأظفار والرأس ، فلا دلالة فيها أصلا.

ثمَّ على القول بالتحريم ، فهل المحرّم حلق جميع الرأس ، أو يحرم بعضه أيضا؟

__________________

(١) كالصدوق في الفقيه ٢ : ٢٣٨ ، وحكاه في الرياض ١ : ٤٣٦.

(٢) الكافي ٤ : ٤٣٨ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٢٣٦ ـ ١١٢٧ ، التهذيب ٥ : ١٥٧ ـ ٥٢١ ، الوسائل ١٣ : ٥٠٦ أبواب التقصير ب ١ ح ٤.

١٩٤

استوجه في المنتهى (١) ، وحكي عن جمع أيضا (٢) : عدم تحريم البعض ، ولا أرى وجها للتفرقة بين الكلّ والبعض.

وعليه أيضا هل يكون مجزئا عن التقصير ، أم لا؟

قيل : نعم مطلقا (٣). وقيل : بإجزاء حلق البعض (٤). والحقّ : عدم الإجزاء ، لما أشرنا إليه من مباينة الحلق والتقصير.

ثمَّ لو حلق فهل عليه دم ، أم لا؟

المشهور ـ كما قيل (٥) ـ : الأول ، بل ربّما يلوح من كلام بعضهم مظنّة كونه إجماعا (٦) ، وفي النافع اختصاصه بما قبل التقصير (٧). وظاهر طائفة من المتأخّرين التأمّل فيه (٨).

وما يدلّ عليه رواية إسحاق : عن المتمتّع أراد أن يقصّر فحلق رأسه ، قال : « عليه دم يهريقه » (٩).

وصحيحة جميل : عن متمتّع حلق رأسه بمكّة ، قال : « إن كان جاهلا فليس عليه شي‌ء ، وإن تعمّد ذلك في أول أشهر الحجّ بثلاثين يوما فليس‌

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٧١١.

(٢) حكاه في الرياض ١ : ٤٣٦.

(٣) كما في المنتهى ٢ : ٧١١.

(٤) كما في الدروس ١ : ٤١٥.

(٥) انظر المدارك ٨ : ٤٦١.

(٦) انظر الرياض ١ : ٤٣٦.

(٧) النافع : ١٠٨.

(٨) كما في المدارك ٨ : ٤٦١ ، الذخيرة : ٦٤٩ ، الرياض ١ : ٤٣٦.

(٩) الفقيه ٢ : ٢٣٨ ـ ١١٣٣ وفيه : عن أبي بصير ، وفي التهذيب ٥ : ١٥٨ ـ ٥٢٥ والاستبصار ٢ : ٢٤٢ ـ ٨٤٢ والوسائل ١٣ : ٥١٠ أبواب التقصير ب ٤ ح ٣ : عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي بصير.

١٩٥

عليه شي‌ء ، وإن تعمّد بعد الثلاثين التي يوفّر فيها الشعر للحجّ فإنّ عليه دما يهريقه » (١).

ويرد على الاولى : أنّها ظاهرة في الناسي ، وظاهرهم الإجماع ـ كما قيل (٢) ـ أيضا على عدم الوجوب عليه ، ولكن كلام المحقّق مطلق (٣) ، ولكنّه لا يخرجها عن الشذوذ المخرج عن الحجّية ، ومع ذلك مخصوص بما قبل التقصير ، فلا يصلح حجّة للتعميم.

وعلى الثانية : أنّه لا ظهور فيها على كون الحلق بعد الإحرام ، كذا قيل (٤).

وفيه نظر ، بل ظاهر التعليق على المتمتّع وعلى كونه بمكّة كونه بعده وإن احتمل بعيدا كونه قبله.

نعم ، يرد عليها : أنّه لا دلالة فيها على كون الدم لأجل الحلق بعد الإحرام ، وإلاّ لم يكن للتخصيص بما بعد الثلاثين المذكورة وجه ، فلعلّه للإخلال بتوفير الشعر المستحبّ عند الأكثر والواجب عند بعضهم (٥) ، بل عن المفيد : إيجاب الإخلال به للدم (٦).

وظهر من ذلك أنّه لا دليل على وجوب الدم به في صورة التأخير عن التقصير.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٤١ ـ ٧ ، الفقيه ٢ : ٢٣٨ ـ ١١٣٧ ، التهذيب ٥ : ١٥٨ ـ ٥٢٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٢ ـ ٨٤٣ ، الوسائل ١٣ : ٥١٠ أبواب التقصير ب ٤ ح ٥.

(٢) انظر الرياض ١ : ٤٣٦.

(٣) الشرائع ١ : ٣٠٢.

(٤) انظر الرياض ١ : ٤٣٦.

(٥) كالشيخ في النهاية ١ : ٢٠٦.

(٦) المقنعة : ٣٩١.

١٩٦

وأمّا مع التقديم ، فظاهر الرواية الأولى الوجوب على الناسي ، وهو خلاف المعروف بين الأصحاب ، وبه تخرج الرواية عن الحجّية ، فلا تكون دليلا في صورة التقديم أيضا.

ولو احتيط حينئذ ـ مع العمد ، لمظنّة الإجماع ، ومع النسيان ، للرواية ، بل في صورة التأخير ، للشهرة حتى في حلق البعض ، لصدق حلق الرأس الوارد في الرواية ـ كان أولى.

المسألة الثالثة : يكفي المسمّى في التقصير ، لإطلاق ، الأخبار ، والمشهور كفايته من الشعر أو الظفر ، وعن بعضهم : لزوم كونه في الشعر (١) ، وهو المستفاد من الأخبار.

ولا يلزم كون التقصير بالمقراض ، كما صرّح به في صحيحة ابن عمّار (٢) ورواية محمّد الحلبي (٣) ، ولا بالحديد ، بل يكفي القطع ولو بالسنّ أو الظفر ، كما صرّح به في رواية محمّد المشار إليها ، وصحيحتي حمّاد بن عثمان (٤) والحلبي (٥).

المسألة الرابعة : لو ترك التقصير حتى أحرم بالحجّ ، فإن كان عمدا فعن الشيخ بطلان متعته وصيرورة حجّه مفردة (٦). وعن الحلّي : بطلان‌

__________________

(١) انظر التحرير ١ : ١٠٠.

(٢) الكافي ٤ : ٤٣٩ ـ ٦ ، التهذيب ٥ : ١٥٨ ـ ٥٢٤ ، الوسائل ١٣ : ٥٠٧ أبواب التقصير ب ٢ ح ١.

(٣) التهذيب ٥ : ١٦٢ ـ ٥٤٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٤ ـ ٨٥١ ، الوسائل ١٣ : ٥٠٩ أبواب التقصير ب ٣ ح ٤.

(٤) الفقيه ٢ : ٢٣٨ ـ ١١٣٨ ، الوسائل ١٣ : ٥٠٨ أبواب التقصير ب ٣ ح ٢.

(٥) الكافي ٤ : ٤٤١ ـ ٦ ، التهذيب ٥ : ١٦٢ ـ ٥٤٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٤ ـ ٨٥٢ ، الوسائل ١٣ : ٥٠٨ أبواب التقصير ب ٣ ح ٢.

(٦) الخلاف ٢ : ٣٣٢.

١٩٧

إحرامه الثاني (١).

وتدلّ على الأول رواية أبي بصير : « المتمتّع إذا طاف وسعى ثمَّ لبّى قبل أن يقصّر ، فليس له أن يقصّر ، وليس له متعة » (٢).

ورواية العلاء : عن رجل متمتّع طاف ثمَّ أهلّ بالحجّ قبل أن يقصّر ، قال : « بطلت متعته ، هي حجّة مبتولة » (٣).

ولم أعثر لدليل على الثاني.

وإن كان نسيانا فيصحّ تمتّعه ، بلا خلاف يعرف كما في الذخيرة (٤) ، للأخبار الآتية ، وعليه دم شاة على الأظهر ، ( وفاقا لعليّ بن بابويه والشيخ والقاضي والإرشاد (٥).

لموثّقة إسحاق : الرجل يتمتّع فينسى أن يقصّر حتى يهلّ بالحجّ ، قال : « عليه دم يهريقه » (٦).

وخلافا للفقيه والديلمي والحلّي والقواعد ، فلا دم عليه وجوبا (٧).

لصحيحة ابن سنان : في رجل متمتّع نسي أن يقصّر حتى أحرم‌

__________________

(١) السرائر ١ : ٥٨١.

(٢) التهذيب ٥ : ١٥٩ ـ ٥٢٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٣ ـ ٨٤٦ ، الوسائل ١٢ : ٤١٢ أبواب الإحرام ب ٥٤ ح ٥.

(٣) التهذيب ٥ : ٩٠ ـ ٢٩٦ ، الاستبصار ٢ : ١٧٥ ـ ٥٨٠ ، الوسائل ١٢ : ٤١٢ أبواب الإحرام ب ٥٤ ح ٤.

(٤) الذخيرة : ٦٤٩.

(٥) حكاه عن علي بن بابويه في الذخيرة : ٦٤٩ ، الشيخ في النهاية : ٢٤٦ ، القاضي في المهذب ١ : ٢٢٥ ، الإرشاد ١ : ٣٢٨.

(٦) التهذيب ٥ : ١٥٨ ـ ٥٢٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٢ ـ ٨٤٤ ، الوسائل ١٢ : ٤١٢ أبواب الإحرام ب ٥٤ ح ٦.

(٧) الفقيه ٢ : ٢٣٧ ، الديلمي في المراسم : ١٢٤ ، الحلّي في السرائر : ١٣٦ ، القواعد ١ : ٨٥.

١٩٨

بالحجّ ، قال : « يستغفر الله ولا شي‌ء عليه » (١).

وابن عمّار : عن رجل أهلّ بالعمرة ونسي أن يقصّر حتى دخل الحجّ ، قال : « يستغفر الله ولا شي‌ء عليه وتمّت عمرته » (٢).

والبجلي : عن رجل تمتّع بالعمرة إلى الحجّ فدخل مكّة ، فطاف وسعى ولبس ثيابه وأحلّ ونسي أن يقصّر حتى خرج إلى عرفات ، قال : « لا بأس به ، يبني على العمرة وطوافها ، وطواف الحجّ على أثره » (٣).

فيحملون الموثّقة على الاستحباب ، لهذه الأخبار.

وفيه : أنّ هذه الأخبار عامّة ، لأنّ نفي الشي‌ء أعمّ من الذمّ والعقاب وغيرهما ، والموثقة خاصّة ، والتخصيص مقدّم على التجوّز ) (٤).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٤٠ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٢٣٧ ـ ١١٢٩ ، التهذيب ٥ : ٩٠ ـ ٢٩٧ ، الاستبصار ٢ : ١٧٥ ـ ٥٧٧ ، الوسائل ١٢ : ٤١٠ أبواب الإحرام ب ٥٤ ح ١.

(٢) الكافي ٤ : ٤٤٠ ـ ٢ ، التهذيب ٥ : ٩١ ـ ٢٩٩ ، الاستبصار ٢ : ١٧٥ ـ ٥٧٩ ، الوسائل ١٣ : ٤١١ أبواب الإحرام ب ٥٤ ح ٣.

(٣) الكافي ٤ : ٤٤٠ ـ ٣ ، التهذيب ٥ : ٩٠ ـ ٢٩٨ ، الاستبصار ٢ : ١٧٥ ـ ٥٧٨ ، الوسائل ١٣ : ٤١١ أبواب الإحرام ب ٥٤ ح ٣.

(٤) بدل ما بين القوسين في « ح » : وقد مرّت المسألة مفصّلة في بحث أحكام الإحرام.

١٩٩

المطلب الثاني

في أفعال حجّ التمتّع

وقد عرفت أنّها ثلاثة عشر فعلا : الإحرام ، والوقوف بعرفات ، والوقوف بمشعر ، وثلاثة أفعال منى قبل النفر إلى مكّة ، وخمسة أفعال مكّة بعده ، وفعلان بعد العود إلى منى.

ففي هذا المطلب سبعة فصول (١) :

الفصل الأول

في إحرام حجّ التمتّع

اعلم أنّه إذا فرغ المتمتّع من العمرة وأحلّ منها وجب عليه الإحرام بالحجّ إجماعا قطعيّا ، منصوصا عليه في الأخبار (٢) الغير العديدة ، المذكور أكثرها في المسألة الثامنة من الباب [ الأول من المقصد الرابع ] (٣).

ويجب كون ذلك الإحرام من بطن مكّة ، كما مرّ مفصّلا في المسألة المذكورة ، وكذا مرّ أفضل مواضعها هنا ، ومرّ موضع التلبية لذلك الإحرام وموضع قطعها في بحث تلبية إحرام عمرة التمتّع ، وكذا مرّ كيفية الإحرام‌

__________________

(١) في « ح » زيادة : ويلحقها ما بعد الفراغ والعود إلى مكة.

(٢) الوسائل ١١ : ٣٠١ أبواب أقسام الحجّ ب ٢٢.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ : الثاني من المقصد الثالث ، والصحيح ما أثبتناه.

٢٠٠