مستند الشّيعة - ج ١٢

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٢

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-038-2
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤١٦

رفاعة الخالية عن المعارض رأسا.

لأنّ الموثّقة وإن أمر بالبناء على الأقلّ ، إلاّ أنّ قوله بعده : « فإنّه يجوز له » قرينة على ارادة الجواز منه. والروايتان خاليتان عن الدالّ على الوجوب.

والتشكيك ـ في كون قوله : « فابن على ما شئت » من صحيحة رفاعة وجعله خبرا مرسلا آخر ، كما احتمله جمع (١) ـ خلاف الظاهر ، ولو سلّم فلا يضرّ ، لحجّيته عندنا أيضا.

المسألة السابعة : يجب أن يكون الطواف للعمرة أو الحجّ قبل السعي‌ إجماعا بل ضرورة ، كما تدلّ عليه المستفيضة من الأخبار (٢) ، بل المتواترة الواردة في الموارد المتكثّرة ، كالأخبار الفعليّة ، والواردة في وجوب إعادة الطواف على من قدّم السعي ولو نسيانا ، والمتضمّنة للفظة « ثمَّ » الدالّة على الترتيب.

وقوله في دعاء الطواف الوارد في صحيحة ابن عمّار : « اللهم إنّي أسألك في مقامي هذا في أول مناسكي » (٣) ، إلى غير ذلك.

ويجي‌ء للمسألة بيان أيضا في آخر مسائل السعي.

المسألة الثامنة : من ترك طواف العمرة أو الحج فإمّا يكون عمدا أو جهلا أو نسيانا ، فإن كان عمدا بطلت عمرته أو حجه ، ووجبت عليه إعادة العمرة أو الحجّ ، بلا ريب كما في المدارك (٤) ، بل بلا خلاف كما صرّح به‌

__________________

(١) انظر الذخيرة : ٦٤٠ ، والحدائق ١٦ : ٢٣٥ ، ٢٣٩ ، والوسائل ١٣ : ٣٦٠.

(٢) الوسائل ١٣ : ٤١٣ أبواب الطواف ب ٦٣.

(٣) الكافي ٤ : ٤٠١ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٩٩ ـ ٣٢٧ ، الوسائل ١٣ : ٢٠٤ أبواب مقدمات الطواف ب ٨ ح ١.

(٤) المدارك ٨ : ١٧٢.

١٢١

جماعة (١) ، بل بالإجماع المحقّق ، له ، ولعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه ، فيبقى تحت عهدة التكليف ، ولفحوى ما دلّ على الإعادة بتركه جهلا ، كما يأتي.

وكذا إن كان جهلا ، وفاقا للأكثر (٢) ، للأصل المتقدّم الخالي عن المعارض ، المعتضد بصحيحة ابن يقطين : عن رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف الفريضة ، قال : « إن كان على وجه جهالة في الحجّ أعاد وعليه بدنة » (٣).

ورواية علي بن أبي حمزة : عن رجل جهل أن يطوف بالبيت حتى رجع إلى أهله ، قال : « إذا كان على جهة الجهالة أعاد الحجّ وعليه بدنة » (٤) ، وفي بعض النسخ : « سهى » مقام : « جهل » في السؤال (٥).

ومقتضى الروايتين : وجوب بدنة عليه أيضا ، كما حكي عن الشيخ والأكثر (٦) ، وأفتى به جمع ممّن تأخر (٧) ، وهو الأظهر ، لما مرّ.

وبعض الأخبار النافية لها على المواقع جهلا ، وهو صحيحة ابن عمّار : عن متمتّع وقع على أهله ولم يزر ، قال : « ينحر جزورا ، وقد‌

__________________

(١) منهم العلاّمة في المنتهى ٢ : ٧٠٣ ، السبزواري في الذخيرة : ٦٢٥ ، الفيض في المفاتيح ١ : ٣٦٥.

(٢) كما في النافع : ٩٤ ، والجامع للشرائع : ١٩٩ ، وكفاية الأحكام : ٦٦.

(٣) التهذيب ٥ : ١٢٧ ـ ٤٢٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٨ ـ ٧٨٧ ، الوسائل ١٣ : ٤٠٤ أبواب الطواف ب ٥٦ ح ١.

(٤) التهذيب ٥ : ١٢٧ ـ ٤١٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٨ ـ ٧٨٦ ، الوسائل ١٣ : ٤٠٤ أبواب الطواف ب ٥٦ ح ٢ بتفاوت يسير.

(٥) الفقيه ٢ : ٢٥٦ ـ ١٢٤٠ ، الوسائل ١٣ : ٤٠٤ أبواب الطواف ب ٥٦ ح ٢.

(٦) التهذيب ٥ : ١٢٧ ، والاستبصار ٢ : ٢٢٨ ، وحكاه عن الأكثر في المدارك ٨ : ١٧٤ ، والمفاتيح ١ : ٣٦٦.

(٧) منهم الكركي في جامع المقاصد ٣ : ٢٠١ ، السبزواري في الذخيرة : ٦٢٥ ، صاحب الرياض ١ : ٤١٦.

١٢٢

خشيت أن يكون قد ثلم حجّه إن كان عالما ، وإن كان جاهلا فليس عليه شي‌ء » (١).

فالمراد به : العالم والجاهل بحرمة المواقعة من غير إرادة ترك الطواف ، أو تركه سهوا بقرينة عدم الحكم صريحا بفساد الحجّ ، ولا أقلّ من احتمالها لذلك.

خلافا للمحكيّ عن التنقيح ، فظاهره عدم الوجوب (٢) ، للأصل ، وشذوذ الروايتين ، لعدم قائل بمضمونهما وضعف سندهما.

والكلّ فاسد ، والوجه واضح ، وتعلّق البدنة لا يتوقف على المواقعة ، وكذا لا يختصّ بطواف الحجّ ، للإطلاق ، وإن قيّدوه بهما في الناسي كما يأتي.

وإن كان نسيانا قضاه متى ذكره ، ولا يبطل النسك الذي أتى به إلاّ السعي ، فإنّه تجب إعادته لو تذكّر بعده قبل سائر النسك كما يأتي ، بلا خلاف في الصحّة والقضاء ، إلاّ عن نادر يأتي ، بل بالإجماع كما عن صريح الخلاف والغنية (٣) وظاهر غيرهما (٤).

أمّا الأول ـ أي الصحّة ـ فلصحيحة هشام : عمّن نسي زيارة البيت حتى رجع إلى أهله ، فقال : « لا يضرّه إذا كان قد قضى مناسكه » (٥).

وعلي : عن رجل نسي طواف الفريضة حتى قدم بلاده وواقع النساء ،

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٨ ـ ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢١ ـ ١١٠٤ ، الوسائل ١٣ : ١٢١ أبواب كفارات الاستمتاع ب ٩ ح ١.

(٢) التنقيح ١ : ٥٠٦.

(٣) حكاه عن الخلاف في الرياض ١ : ٤١٦ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٨.

(٤) كما في المدارك ٨ : ١٧٧.

(٥) الفقيه ٢ : ٢٤٥ ـ ١١٧٣ ، التهذيب ٥ : ٢٨٢ ـ ٩٦١ ، الوسائل ١٤ : ٢٩١ أبواب العود إلى منى ب ١٩ ح ١.

١٢٣

كيف يصنع؟ قال : « يبعث بهدي ، إن كان تركه في حجّ بعث به في حجّ ، وإن كان تركه في عمرة بعث به في عمرة ، ووكّل عنه من يطوف عنه ما تركه من طوافه » (١).

وحمل الأولى على طواف الوداع والثانية على طواف النساء ارتكاب للتخصيص بلا مخصّص.

خلافا فيه للمحكيّ عن التهذيب والاستبصار والحلبي ، فأبطلا الحجّ به (٢) ، للأصل ، والخبرين المتقدّمين في الجاهل.

والأصل مدفوع بما مرّ ، والجاهل غير موضوع المسألة ، والقياس باطل ، مع أنّه قول شاذّ يمكن دعوى مخالفته للإجماع ، لرجوع الشيخ عنه في كتبه المتأخرة ، كالخلاف والمبسوط والنهاية (٣).

وأمّا الثاني ـ أي القضاء ـ فللصحيحة الثانية ، ولكن في دلالتها على الوجوب نظرا ، إلاّ أنّ الظاهر أنّ وجوب القضاء إجماعي ، فهو يكفي في إثباته.

ويمكن الاستدلال له بالعلّة المنصوصة في صحيحة ابن عمّار : عن رجل نسي طواف النساء حتى يرجع إلى أهله ، قال : « لا تحلّ له النساء حتى يزور البيت ويطوف ، فإن مات فليقض عنه وليّه ، فأمّا ما دام حيّا فلا يصلح أن يقضى عنه ، وإن نسي رمي الجمار فليسا بسواء ، الرمي سنّة والطواف فريضة » (٤).

__________________

(١) التهذيب ٥ : ١٢٨ ـ ٤٢١ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٨ ـ ٧٨٨ ، قرب الإسناد : ٢٤٤ ـ ٩٦٩ ، مسائل علي بن جعفر : ١٠٦ ـ ٩ ، الوسائل ١٣ : ٤٠٥ أبواب الطواف ب ٥٨ ح ١.

(٢) التهذيب ٥ : ١٢٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٨ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٩٥.

(٣) حكاه عن الخلاف في الرياض ١ : ٤١٦ ، المبسوط ١ : ٣٥٩ ، النهاية : ٢٤٠.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٥٣ ـ ٨٥٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٣ ـ ٨٠٧ ، الوسائل ١٣ : ٤٠٦ أبواب الطواف ب ٥٨ ح ٢.

١٢٤

يعني : إن نسي رمي الجمار جاز قضاؤه عنه وإن كان حيّا ، لأنّه سنّة لم يجر له ذكر في القرآن ، وذلك بخلاف طواف البيت ، فإنّه فريضة مذكورة في القرآن ، فهما ليسا بسواء في الحكم ، بل يجب عليه القضاء بنفسه.

وتجوز له مباشرة القضاء بنفسه إجماعا ، بل يجب ذلك عليه على الأظهر الأشهر ، إلاّ إذا تعذّر الرجوع أو تعسّر فيستنيب من يقضي عنه ، فإن مات ولم يقض يقضي عنه وليّه إمّا بنفسه أو بالاستنابة.

أمّا الأول ـ أي جواز مباشرته ـ فبالإجماع والصحيحين الأخيرين ، أمّا أولهما فمن جهة أنّ التوكيل لا يكون إلاّ فيما يجوز للموكّل مباشرته ، وأمّا ثانيهما فظاهر.

وأمّا الثّاني ـ أي وجوب مباشرته ـ فللصحيحة الأخيرة ، فإنّ عدم الصلاحية يقتضي الفساد ، كما بيّناه في موضعه.

وقد يستدلّ عليه أيضا بفحوى ما دلّ على وجوب المباشرة في نسيان طواف النساء كما يأتي ، وفحوى ما مرّ على وجوب قضاء ركعتي الطواف ، اللتين هما من فروع الطواف وتوابعه بنفسه.

وفيهما نظر ، لمنع ثبوت الأولوية مع منع أصل الحكم في الأول.

خلافا فيه لبعض المتأخّرين ، فجوّز الاستنابة مطلقا ولو مع القدرة على المباشرة (١) ، لإطلاق صحيحة عليّ المتقدّمة.

وفيه : أنّه معارض بعموم العلّة المنصوصة في الصحيحة الأخيرة ، فإنّها تدلّ على عدم جواز الاستنابة ما دام حيّا مطلقا ، خرجت عنه صورة التعذّر بالصحيحة الأولى فيبقى الباقي.

__________________

(١) كما في المدارك : ٤٦٤.

١٢٥

نعم ، مقتضاها كفاية التعذّر الحاصل بسبب العود من البلد ، ولا بأس به ، كما اختاره بعض المتأخّرين (١) ، بمعنى : كفاية هذا القدر من العذر.

والأكثر اعتبروا فيه الامتناع أو المشقّة التي لا تتحمّل عادة ، لأنّه المتيقّن من إطلاق الصحيحة ، حيث إنّه الفرد الغالب.

وفيه : منع الغلبة ، فإنّ البلاد القريبة إلى مكّة كثيرة ومن لا تشقّ عليه المعاودة فيها كثير.

ومنهم من اعتبر في العود استطاعة الحجّ المعهودة (٢). وهو ضعيف في الغاية.

وأمّا الثالث ـ أي جواز الاستنابة مع التعذّر أو التعسّر ـ فلا خلاف فيه من القائل بصحّة الحجّ ، وعن الغنية : الإجماع عليه (٣) ، وتدلّ عليه صريحا صحيحة علي ، وصريحها تساوي طوافي الحجّ والعمرة في ذلك ، كما هو مقتضى إطلاق كلام جماعة ، ولكن عن الأكثر الاقتصار على طواف الحجّ ، ولا وجه له بعد عموم الحجّ.

وأمّا الرابع (٤) ، فللصحيحة الأخيرة.

فروع :

أ : يتحقّق ترك الطواف الموجب لبطلان الحجّ في صورة العمد بانقضاء وقته.

__________________

(١) منهم العلاّمة في التحرير ١ : ٩٩ ، الفاضل المقداد في التنقيح ١ : ٥٠٧ ، صاحب الرياض ١ : ٤١٧.

(٢) كالشهيد في الدروس ١ : ٤٠٤.

(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٨.

(٤) أي قضاء الولي عنه بنفسه أو بالاستنابة إن مات ولم يقض.

١٢٦

وهو يكون في طواف الحجّ بخروج ذي الحجّة قبل فعله.

وفي طواف عمرة التمتّع بضيق الوقت عنها وعن الإحرام ، بالحجّ والوقوف.

وفي طواف العمرة المجامعة لحجّ القران والإفراد بخروج السنة ، بناء على وجوب إيقاعها فيها.

ولكن في المدارك : أنّه غير واضح (١) ، وفي العمرة المجرّدة إشكال ، إذ يحتمل وجوب الإتيان بالطواف لها مطلقا حيث لم يوقّت ، والبطلان بالخروج عن مكّة بنيّة الإعراض عن فعله.

وعن الشهيد الثاني تحقّق ترك الطواف في الجميع بنيّة الإعراض عنه (٢).

ولا يخفى أنّ مع بقاء الوقت يمكن الإتيان بالمأمور به على وجهه ، فينتفي مقتضى البطلان.

ب : هل يحصل التحلّل عمّا يتوقف على الطواف لمن نسي الطواف بالإتيان به ولا يحصل بدون فعله ، أو يتحلّل؟

مقتضى الاستصحاب ـ بل إطلاق الأخبار ـ : الأول.

ولو كان ترك الطواف بالعمد وبطلت مناسكه ، ففي حصول التحلّل بمجرّد ذلك ، أو البقاء على إحرامه إلى أن يأتي الفعل الفائت في محلّه لحصول التحلّل ، أو حصول التحلّل بأفعال العمرة ، أوجه ، كما قال في الذخيرة (٣) ، وبالأخير قطع المحقّق الثاني (٤).

__________________

(١) المدارك ٨ : ١٧٣.

(٢) الروضة ٢ : ٢٥٧.

(٣) الذخيرة : ٦٢٦.

(٤) في جامع المقاصد ٣ : ٢٠١.

١٢٧

ج : لو عاد لاستدراك الطواف بعد الخروج على وجه يستدعي وجوب الإحرام لدخول مكّة ، فهل يكتفي بذلك ، أو يتعيّن عليه الإحرام ثمَّ يقضي الفائت قبل الإتيان بأفعال العمرة أو بعده؟

وجهان ، ولعلّ الأول أظهر ، تمسّكا بمقتضى الأصل ، والتفاتا إلى أنّ من نسي الطواف يصدق عليه أنّه في الجملة محرم.

د : لا كفّارة على تارك الطواف المواقع أهله قبل قضائه عمدا مطلقا ، على الأظهر الأشهر ، للأصل الخالي عن الدافع بالمرّة.

واحتمل الشهيد ثبوتها (١) ، لورودها في حديث الجاهل (٢) ، وأولويّتها في العامد.

وفيه : منع الأولويّة ، لعدم معلوميّة العلّة.

والاستدلال عليه بصحيحة ابن عمّار (٣) ـ المتقدّمة في صدر المسألة ـ ضعيف ، لما عرفت من عدم تضمّنها لترك الطواف ، ومن الإجمال في المراد من العالم ، فيخرج عن محلّ النزاع.

وإن كان جهلا فعليه بدنة ، كما مرّ وجهه.

وإن كان نسيانا ، ففي وجوب الكفّارة عليه مطلقا ، كما عن الشيخ في النهاية والمبسوط والمهذّب والجامع (٤) ، لصحيحة ابن عمّار وعليّ المتقدّمتين (٥) ، وصحيحة عيص : عن رجل واقع أهله حين ضحّى قبل أن‌

__________________

(١) انظر الدروس ١ : ٤٠٣.

(٢) المتقدّم في ص : ١٢٢.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٨ ـ ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢١ ـ ١١٠٤ ، الوسائل ١٣ : ١٢١ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ٩ ح ١.

(٤) النهاية : ٢٤٠ ، المبسوط ١ : ٣٥٩ ، المهذب ١ : ٢٢٣ ، الجامع للشرائع : ١٩٩.

(٥) في ص : ١٢٣ ، ١٢٤.

١٢٨

يزور البيت ، قال : « يهريق دما » (١).

أو عدمها إلاّ مع المواقعة بعد الذكر ، كما عن السرائر والشرائع والنافع وعن التذكرة والمختلف والمنتهى والشهيدين (٢) ، وغيرهم (٣) ، بل الأكثر كما قيل (٤) ، للجمع بين ما مرّ وبين مرسلة الفقيه : « إن جامعت وأنت محرم » إلى أن قال : « وإن كنت ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شي‌ء عليك » (٥).

والصحيح المرويّ في العلل : في المحرم يأتي أهله ناسيا ، قال : « لا شي‌ء عليه ، إنّما هو بمنزلة من أكل في شهر رمضان وهو ناس » (٦).

بحمل الاولى على المواقعة بعد الذكر ، أو بحملها على الاستحباب.

قولان ، أجودهما : الأخير.

لا لما ذكر ، لعدم ظهور شمول الروايتين لموضوع المسألة ، فإنّه من ترك الطواف نسيانا ، وظاهرهما من نسي كونه محرما.

بل للأصل الخالي عن المعارض الصريح ، لكون الأخبار المتقدّمة قاصرة عن إفادة الوجوب.

ثمَّ إيجاب الكفّارة على الناسي ـ على القول به ـ إنّما هو مع المواقعة دون ترك الطواف ، كما كان في الجاهل ، لاختصاص أدلّته على فرض‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٩ ـ ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢١ ـ ١١٠٥ الوسائل ١٣ : ١٢٢ أبواب كفارات الاستمتاع ب ٩ ح ٢.

(٢) السرائر ١ ـ ٥٧٤ ، الشرائع ١ : ٢٧٠ ، النافع : ٩٤ ، التذكرة ١ : ٣٦٤ ، المختلف : ٢٩٢ ، المنتهى ٢ : ٧٠٣ ، الشهيد في الدروس ١ : ٤٠٥ ، الشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٢٣.

(٣) كالرياض ١ : ٤١٧.

(٤) انظر كفاية الأحكام : ٦٧ ، والرياض ١ : ٤١٧.

(٥) الفقيه ٢ : ٢١٣ ـ ٩٦٩ ، الوسائل ١٣ : ١٠٩ أبواب كفارات الاستمتاع ب ٢ ح ٥.

(٦) علل الشرائع : ٤٥٥ ـ ١٤ ، الوسائل ١٣ : ١٠٩ أبواب كفارات الاستمتاع ب ٢ ح ٧.

١٢٩

التماميّة ، وكذا قيّده الأكثر بطواف الحجّ ، ولا وجه له بعد إطلاق الصحيحة الاولى وتصريح الثانية لو تمّت دلالتهما ، ولذا حكي عن الجامع التعميم (١).

المسألة التاسعة : من طاف طواف فريضة ثمَّ ذكر أنّه لم يتطهّر يجب عليه إعادة الطواف وصلاته ، لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه ، والظاهر أنّه إجماعيّ أيضا.

وأمّا طواف النافلة فلا يعيده ، ولكن يتظهّر ويعيد الصلاة ، لاشتراطها بالطهارة مطلقا.

المسألة العاشرة : من كان مريضا لا يمكنه الطواف بنفسه في وقته طيف به محمولا ، فإن لم يتمكّن من أن يحمله أحد ـ لعدم استمساك طهارته المانع من دخول المسجد أو نحو ذلك من أنحاء العذر ـ طاف آخر نيابة عنه ، فإنّ ذلك مجزي عن طوافه بنفسه ، بلا خلاف في شي‌ء من الحكمين بين الأصحاب ، كما في المدارك والمفاتيح وشرحه (٢).

والأخبار في هذا المورد كثيرة :

منها : صحيحة صفوان : عن الرجل المريض يقدم مكّة فلا يستطيع أن يطوف بالبيت ولا يأتي بين الصفا والمروة ، قال : « يطاف به محمولا يخطّ الأرض برجليه حتى تمسّ الأرض قدماه في الطواف ، ثمَّ يوقف به في أصل الصفا والمروة إذا كان معتلاّ » (٣).

وموثّقة إسحاق : عن المريض المغلوب يطاف عنه بالكعبة؟ قال :

__________________

(١) الجامع للشرائع : ١٩٩.

(٢) المدارك ٨ : ١٥٥ ، المفاتيح ١ : ٣٦٤.

(٣) التهذيب ٥ : ١٢٣ ـ ٤٠١ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٥ ـ ٧٧٧ ، الوسائل ١٣ : ٣٨٩ أبواب الطواف ب ٤٧ ح ٢.

١٣٠

« لا ، ولكن يطاف به » (١).

ورواية الربيع : قال : شهدت أبا عبد الله عليه‌السلام وهو يطاف به حول الكعبة في محمل وهو شديد المرض ، الحديث (٢).

ومرسلة الفقيه : إنّ أبا عبد الله عليه‌السلام مرض فأمر غلمانه أن يحملوه ويطوفوا به ، فأمرهم أن يخطّوا برجله الأرض حتى تمسّ الأرض قدماه في الطواف (٣).

وصحيحة حريز : عن رجل يطاف به ويرمى عنه ، قال : فقال : « نعم ، إذا كان لا يستطيع » (٤).

ومنها : الأخبار المستفيضة الواردة في السؤال عن إجزاء طواف الحامل للمريض الطائف به عن نفسه المثبتة للمطلوب بالتقرير (٥).

ومنها : صحيحة أخرى لحريز : « المريض المغلوب والمغمى عليه يرمى عنه ويطاف عنه » (٦).

وصحيحة ابن عمّار : « المبطون والكسير يطاف عنهما ويرمى عنهما الجمار » (٧).

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٦٨ ـ ٩١٩ ، الوسائل ١٣ : ٣٩٠ أبواب الطواف ب ٤٧ ح ٥ ، بتفاوت يسير.

(٢) الكافي ٤ : ٤٢٢ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ١٢٢ ـ ٣٩٨ ، الوسائل ١٣ : ٣٩١ أبواب الطواف ب ٤٧ ح ٨ وفيه : شهدت أبا عبد الله الحسين عليه‌السلام.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٥١ ـ ١٢١١ ، الوسائل ١٣ : ٣٩٢ أبواب الطواف ب ٤٧ ح ١٠.

(٤) التهذيب ٥ : ١٢٣ ـ ٤٠٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٥ ـ ٧٧٨ ، الوسائل ١٣ : ٣٨٩ ، أبواب الطواف ب ٤٧ ح ٣.

(٥) انظر الوسائل ١٣ : ٣٩٥ أبواب الطواف ب ٥٠.

(٦) التهذيب ٥ : ١٢٣ ـ ٤٠٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٥ ـ ٧٧٩ ، الوسائل ١٣ : ٣٩٣ أبواب الطواف ٤٩ ح ١.

(٧) الكافي ٤ : ٤٢٢ ـ ٢ ، التهذيب ٥ : ١٢٤ ـ ٤٠٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٦ ـ ٧٨٠ ، الوسائل ١٣ : ٣٩٣ أبواب الطواف ب ٤٩ ح ٣ ، بتفاوت يسير.

١٣١

والأخرى : « الكسير يحمل فيرمي الجمار ، والمبطون يرمى عنه ويصلّى عنه » (١).

والثالثة ما روي أيضا : « رخصة في الطواف والرمي عنهما » (٢).

والرابعة : « إذا كانت المرأة مريضة لا تعقل يطاف بها أو يطاف عنها ».

والخامسة : « إذا كانت المرأة مريضة لا تعقل فليحرم عنها ، وعليها ما يتّقى على المحرم ، ويطاف بها أو يطاف عنها ويرمى عنها » (٣).

والسادسة : « الكسير يحمل فيطاف به ، والمبطون يرمي ويطاف عنه ويصلّى عنه » (٤).

وصحيحة حبيب الخثعمي : « أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يطاف عن المبطون والكسير » (٥).

ومرسلة الفقيه : وقد روى حريز رخصة في أن يطاف عنه ـ أي عن المريض والمغلوب ـ وعن المغمى عليه ويرمى عنه (٦).

وصحيحة يونس : سقط من جمله فلا يستمسك بطنه ، أطوف عنه وأسعى؟ قال : « لا ، ولكن دعه ، فإن برئ قضى هو ، وإلاّ فاقض أنت عنه » (٧).

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٥٢ ـ ١٢١٥ ، الوسائل ١٣ : ٣٩٤ أبواب الطواف ب ٤٩ ح ٧.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٥٢ ـ ١٢١٦ ، الوسائل ١٣ : ٣٩٤ أبواب الطواف ب ٤٩ ح ٨.

(٣) الرابعة والخامسة نصّان لرواية واحدة كما في : التهذيب ٥ : ٣٩٨ ـ ١٣٨٦ ، الوسائل ١٣ : ٣٩٠ أبواب الطواف ب ٤٧ ح ٤ بتفاوت يسير.

(٤) التهذيب ٥ : ١٢٥ ـ ٤٠٩ ، الوسائل ١٣ : ٣٩٤ أبواب الطواف ب ٤٩ ح ٦.

(٥) التهذيب ٥ : ١٢٤ ـ ٤٠٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٦ ـ ٧٨١ ، الوسائل ١٣ : ٣٩٤ أبواب الطواف ب ٤٩ ح ٥.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٥٢ ـ ١٢١٤ ، الوسائل ١٣ : ٣٩٣ أبواب الطواف ب ٤٩ ح ٢ ، بتفاوت.

(٧) التهذيب ٥ : ١٢٤ ـ ٤٠٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٦ ـ ٧٨٢ ، الوسائل ١٣ : ٣٨٧ أبواب الطواف ب ٤٥ ح ٣.

١٣٢

ولا يخفى أنّ الأخبار الخمسة الأولى مع الأخبار التقريريّة ناصّة على جواز الطواف بالمريض بقول مطلق ولو كان مغلوبا.

( وكذا تدلّ صحيحة ابن عمّار السادسة على جواز الطواف بالكسير كذلك ، وصحيحة حريز الثانية تدلّ على جواز الطواف عن المريض المغلوب والمغمى عليه ) (١).

وكذا تدلّ صحيحة ابن عمّار الاولى وصحيحة الحبيب عن الكسير كذلك ، وتدلّ صحيحتا ابن عمّار الاولى والثانية ورواية الحبيب على الطواف عن المبطون.

ومقتضى الاستدلال : أن يخصّ المبطون بالطواف عنه ، لخصوصيّة أخباره وعدم جواز إدخاله المسجد ، وأمّا غيره فإن أمكن الطواف به تعيّن ، لدلالة الأخبار الأولى على جوازه مطلقا.

وأمّا الأخبار الأخر الدالّة على الطواف عنه فأمّا محمولة على غير المتمكّن ، كما تشعر به صحيحتا ابن عمّار الثانية والسادسة ، وتحتمله صحيحتاه الرابعة والخامسة ، بحمل لفظة « أو » على التقسيم.

أو محمولة على التخيير ، كما هو الظاهر من الخبرين المتضمّنين للرخصة ، وتحتمله الصحيحتان أيضا ، بحمل لفظة « أو » على التخيير ، ولكن على التقديرين تبرأ الذمّة بالطواف به.

ولا كذلك الطواف عنه حتى لا يثبت ذلك من خبري الرخصة أيضا ، لأنّ تنكير الرخصة لا يفيد أزيد من نوع رخصة ، فلعلّها في غير المتمكّن ، فمقتضى أصل الاشتغال الطواف به ، وتصرّح به موثّقة إسحاق ، وفيها :

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « ح » و « ق ».

١٣٣

قلت : المريض المغلوب يطاف عنه؟ قال : « لا ، ولكن يطاف به » (١) ، وإن لم يتمكّن تعيّن الطواف عنه ، لدلالة الأخبار الأخر على إجزائه مطلقا ، سواء حملت على التخيير أو التقسيم وعدم إمكان الطواف به.

واللاّزم التربّص فيمن يطاف عنه ، فإن حصل اليأس عن برئه في الوقت طيف عنه ، كما صرّح به في صحيحة يونس ، بل وكذلك من يطاف به.

فرع : ويصلّى عنه صلاة الطواف أيضا‌ إن لم يتمكّن بنفسه من الصلاة ، كما صرّح به في بعض الأخبار المتقدّمة.

المسألة الحادية عشرة : قد مرّ حكم الحائض قبل الطواف في بحث كيفيّة العمرة والحجّ ، وفي أثناء الطواف في المسألة الخامسة.

وأمّا المستحاضة فهي كالطاهرة إذا فعلت ما عليها.

تدلّ عليه صحيحة زرارة : « إنّ أسماء بنت عميس نفست بمحمّد بن أبي بكر فأمرها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أرادت الإحرام من ذي الحليفة أن تحتشي بالكرسف والخرق وتهلّ بالحجّ ، فلمّا قدموا مكّة ونسكوا المناسك وقد أتى لها ثمانية عشر يوما فأمرها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن تطوف بالبيت وتصلّي ولم ينقطع منها الدم ففعلت ذلك » (٢).

ومرسلة يونس : « المستحاضة تطوف بالبيت وتصلّي ولا تدخل الكعبة » (٣).

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٦٨ ـ ٩١٩ ، الوسائل ١٣ : ٣٩٠ أبواب الطواف ب ٤٧ ح ٥.

(٢) الكافي ٤ : ٤٤٩ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٣٩٩ ـ ١٣٨٨ ، الوسائل ١٣ : ٤٦٢ أبواب الطواف ب ٩١ ح ١.

(٣) الكافي ٤ : ٤٤٩ ـ ٢ ، التهذيب ٥ : ٣٩٩ ـ ١٣٨٩ ، الوسائل ١٣ : ٤٦٢ أبواب الطواف ب ٩١ ح ٢.

١٣٤

وموثّقة البصري : عن المستحاضة أيطأها زوجها ، وهل تطوف بالبيت؟ قال : « تقعد قرأها الذي كانت تحيض فيه ، فإن كان قرؤها مستقيما فلتأخذ به ، وإن كان فيه خلاف فلتحتط بيوم أو يومين ، ولتغتسل فلتدخل كرسفا ، فإذا ظهر عن الكرسف فلتغتسل ، ثمَّ تضع كرسفا آخر ، ثمَّ تصلّي ، فإذا كان دما سائلا فلتؤخّر الصلاة إلى الصلاة ، ثمَّ تصلّي صلاتين بغسل واحد ، وكلّ شي‌ء استحلّت به الصلاة فليأتها زوجها ، ولتطف بالبيت » (١).

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٤٠٠ ـ ١٣٩٠ ، الوسائل ٢ : ٣٧٥ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٨ ، بتفاوت يسير.

١٣٥

الفصل الثالث

في الثالث من أفعال العمرة ، وهو ركعتا الطواف

وهما من لوازم الطواف ، يعني : أنّه يصلّي ركعتين بعد الطواف وجوبا في الطواف الواجب واستحبابا في المستحبّ ، على المعروف من مذهب الأصحاب ، كما صرّح به جماعة (١) ، بل قيل : كاد أن يكون إجماعا (٢) ، وعن الخلاف : الإجماع على وجوبه (٣).

وتدلّ عليه ـ بعد الآية المباركة (٤) ـ الأخبار المتواترة :

منها : صحيحة ابن عمّار : « إذا فرغت من طوافك فائت مقام إبراهيم عليه‌السلام فصل ركعتين واجعله امامك ، واقرأ في الأولى منهما سورة التوحيد ـ قل هو الله أحد ـ وفي الثانية قل يا أيّها الكافرون ، ثمَّ تشهّد واحمد الله وأثن عليه وصلّ على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسله أن يتقبّل منك ، وهاتان الركعتان هما الفريضة ليس يكره لك أن تصلّيهما في أيّ ساعة من الساعات شئت عند طلوع الشمس وعند غروبها ، ولا تؤخّرها ساعة تطوف وتفرغ فصلّهما » (٥) ، قوله : « ساعة تطوف » متعلّق بقوله : « فصلّهما ».

__________________

(١) كصاحب المدارك ٨ : ١٣٣ ، والحدائق ١٦ : ١٣٤ والرياض ١ : ٤٠٦.

(٢) المفاتيح ١ : ٣٧٢ وفيه ركعتا الطواف واجبتان عند أكثر أصحابنا.

(٣) الخلاف ٢ : ٣٢٧.

(٤) وهي قوله تعالى ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى ) البقرة : ١٢٥.

(٥) الكافي ٤ : ٤٢٣ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٢٨٦ ـ ٩٧٣ ، الوسائل ١٣ : ٣٠٠ أبواب الطواف ب ٣ ح ١ ، بتفاوت.

١٣٦

وقريبة منها موثّقته إلى قوله : « وأثن عليه » (١).

وصحيحة محمّد : عن رجل طاف طواف الفريضة ففرغ من طوافه حين غربت الشمس ، قال : « وجبت عليه تلك الساعة الركعتان فليصلّهما قبل المغرب » (٢).

ومنصور بن حازم : عن ركعتي طواف الفريضة ، قال : « لا تؤخّرها ساعة ، إذا طفت فصلّ » (٣).

ورواية ميسر : « صلّ ركعتي طواف الفريضة بعد الفجر كان أو بعد العصر » (٤) ، إلى غير ذلك من الأخبار الآتية في طي المسائل.

وفي الخلاف والسرائر نقل قول بالاستحباب عن بعض الأصحاب (٥) ، وهو ـ مع شذوذه ـ مردود بالآية والأخبار.

وها هنا مسائل :

المسألة الأولى : يجب إيقاعهما خلف مقام إبراهيم عليه‌السلام‌ قريبا منه عرفا ، وفاقا للصدوقين والإسكافي والمصباح ومختصره والمهذّب للقاضي (٦) ،

__________________

(١) التهذيب ٥ : ١٣٦ ـ ٤٥٠ ، الوسائل ١٣ : ٤٢٣ أبواب الطواف ب ٧١ ح ٣ وفيه إلى قوله : واسأله ان يتقبّل منك.

(٢) الكافي ٤ : ٤٢٣ ـ ٣ ، الوسائل ١٣ : ٤٣٤ أبواب الطواف ب ٧٦ ح ١.

(٣) التهذيب ٥ : ١٤١ ـ ٤٦٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٦ ـ ٨٢٠ ، الوسائل ١٣ : ٤٣٥ أبواب الطواف ب ٧٦ ح ٥.

(٤) التهذيب ٥ : ١٤١ ـ ٤٦٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٦ ـ ٨١٩ ، الوسائل ١٣ : ٤٣٥ أبواب الطواف ب ٧٦ ح ٦.

(٥) الخلاف ٢ : ٣٢٧ ، السرائر ١ : ٥٧٦.

(٦) الصدوق في الفقيه ٢ : ٣١٨ ، والهداية : ٥٨ ، وحكاه عن والد الصدوق والإسكافي في المختلف : ٢٩١ ، المصباح : ٦٢٤ ، المهذّب ١ : ٢٣١.

١٣٧

وجماعة من المتأخّرين (١).

لصحيحة ابن عمّار وموثّقته المتقدّمتين ، وصحيحة الحلبي : « إنّما نسك الذي يقرن بين الصفا والمروة مثل نسك المفرد ليس بأفضل منه إلاّ بسياق الهدي ، وعليه طواف بالبيت وصلاة ركعتين خلف المقام » (٢).

ومرسلة صفوان : « ليس لأحد أن يصلّي ركعتي الطواف الفريضة إلاّ خلف المقام ، لقول الله عزّ وجلّ ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى ) ، فإن صلّيتهما في غيره فعليك إعادة الصلاة » (٣).

والأخبار الآتية في نسيان الركعتين الآمرة بإعادتهما خلف المقام (٤).

خلافا لظاهر من قال بوجوبه عنده الشامل للخلف وأحد الجانبين أيضا ، كما عن الاقتصاد والجمل والعقود وجمل العلم والعمل وشرحه والجامع (٥) ، لأخبار مستفيضة جدّا مشتملة على هذا اللفظ.

ويردّ بأنّه أعمّ من الخلف ، فيجب تخصيصه به.

وأمّا من قال بوجوبه في مقام إبراهيم ـ كما في الشرائع والنافع والإرشاد وعن النهاية والمبسوط والوسيلة والمراسم والتذكرة والتبصرة والتحرير والمنتهى (٦)

__________________

(١) كالشهيد في اللمعة ( الروضة ٢ ) : ٢٥٠ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ٧ : ٨٧ ، وصاحب الحدائق ١٦ : ١٣٥.

(٢) التهذيب ٥ : ٤٢ ـ ١٢٤ ، الوسائل ١١ : ٢١٨ أبواب أقسام الحج ب ٢ ح ٦.

(٣) التهذيب ٥ : ١٣٧ ـ ٤٥١ ، الوسائل ١٣ : ٤٢٥ أبواب الطواف ب ٧٢ ح ١ ، الآية : البقرة : ١٢٥.

(٤) الوسائل ١٣ : ٤٢٧ أبواب الطواف ب ٧٤.

(٥) الاقتصاد : ٣٠٣ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢٣٠ ، جمل العلم والعمل : ١٠٩ ، شرح الجمل : ٢٢٧ ، الجامع : ١٩٩.

(٦) الشرائع ١ : ٢٣٦ ، النافع : ٩٣ ، الإرشاد ١ : ٣٢٤ ، النهاية : ٢٤٢ ، المبسوط ١ : ٣٦٠ ، الوسيلة : ١٧٢ ، المراسم : ١١٠ ، التذكرة ١ : ٣٦٢ ، التبصرة : ٦٨ ، التحرير ١ : ٩٨ ، المنتهى ٢ : ٧٠٣.

١٣٨

وغيرها (١) ـ فهو لا يخرج عن القولين ، للقطع بأنّ أصل الصخرة ـ الذي هو المقام ـ لا يصلح للصلاة فيه ، فالمراد : إمّا كونه عنده فيرجع إلى القول الثاني ، أو في البناء المعدّ للصلاة ، الذي هو وراء الموضع الذي فيه الصخرة بلا فصل ـ كما قيل (٢) ـ فيرجع إلى الأول. ولو أريد غير ذلك فلا دليل عليه أصلا.

نعم ، في روايتين أنّه قال : « يرجع إلى مقام إبراهيم فيصلّي » (٣) ، وهو غير مفيد ، لأنّ بعد العلم بأنّه ليس المراد نفس المقام يراد التجوّز ، ولتعدّده يدخله الإجمال ، فلا يعلم تنافيهما لما ذكر.

وكذا لا تنافيه صحيحة حسين : رأيت أبا الحسن موسى عليه‌السلام يصلّي ركعتي طواف الفريضة بحيال المقام قريبا من ظلال المسجد لكثرة الناس (٤).

لجواز أن تكون الكثرة مانعة عن الخلف المتّصل ، فيجوز التباعد حينئذ مع ضيق الوقت ، مع أنّ الحيال يمكن أن يكون خلف المقام.

ولمن قال باستحبابه خلف المقام ، فإن لم يفعل وفعل في غيره أجزأ ، كما عن الخلاف مدّعيا عليه الإجماع (٥).

__________________

(١) كالدروس ١ : ٣٩٦ ، والرياض ١ : ٤٠٦.

(٢) انظر جامع المقاصد ٣ : ١٩٦.

(٣) الاولى في : الكافي ٤ : ٤٢٦ ـ ٦ ، التهذيب ٥ : ١٣٨ ـ ٤٥٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٤ ـ ٨١٠ ، الوسائل ١٣ : ٤٢٨ أبواب الطواف ب ٧٤ ح ٥.

الثانية في : الفقيه ٢ : ٢٥٤ ـ ١٢٢٨ ، التهذيب ٥ : ١٤٠ ـ ٤٦٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٤ ـ ٨١٢ ، الوسائل ١٣ : ٤٣٠ أبواب الطواف ب ٧٤ ح ١٢.

(٤) الكافي ٤ : ٤٢٣ ـ ٢ ، الوسائل ١٣ : ٤٣٣ أبواب الطواف ب ٧٥ ح ٢ ، بتفاوت يسير.

(٥) الخلاف ٢ : ٣٢٧.

١٣٩

ولمن جعل محلّهما المسجد مطلقا ، كما عن الحلبي (١). أو في خصوص طواف النساء ، كما عن الصدوقين (٢).

ولا دليل لهما سوى الأصل.

وعدم تماميّة دلالة الآية على تعيين عند المقام.

وإطلاق بعض الأخبار لمن نسيهما في فعله في مكانه (٣).

والرضوي المطابق لقول الصدوقين (٤).

والأول : مدفوع بما مرّ.

والثاني : بأنّها مجملة يحكم عليها المفصّل.

والثالث : بمعارضته مع أقوى منه كما يأتي.

والرابع : بالضعف الخالي عن الجابر.

فروع :

أ : المقام الذي تجب الصلاة فيه أو خلفه أو عنده هو حيث هو الآن لا حيث كان على عهد النبيّ وإبراهيم عليهما‌السلام ، بلا خلاف يعلم ، وتدلّ عليه صحيحة ابن أبي محمود (٥) ، المتقدّمة في بيان وجوب إخراج المقام عن الطواف.

ب : قالوا : إنّ هذا الحكم مخصوص بحال الاختيار ، وأمّا مع الاضطرار‌

__________________

(١) الكافي في الفقه : ١٥٨.

(٢) الصدوق في الفقيه ٢ : ٣٣٠ ، حكاه عن والده في المختلف : ٢٩١.

(٣) انظر الوسائل ١٣ : ٤٢٧ أبواب الطواف ب ٧٤.

(٤) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٢٢ و ٢٢٣ ، مستدرك الوسائل ٩ : ٤١٤ أبواب الطواف ب ٤٨ ح ١.

(٥) الكافي ٤ : ٤٢٣ ـ ٤ ، التهذيب ٥ : ١٣٧ ـ ٤٥٣ ، الوسائل ١٣ : ٤٢٢ أبواب الطواف ب ٧١ ح ١.

١٤٠