مستند الشّيعة - ج ١١

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١١

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-015-3
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤١٨

وها هنا مسائل :

المسألة الأولى : تكفي في الوجوب سلامة بعض الطرق ، فلو كان له طريقان مخلّى أحدهما دون الآخر وجب سلوك الأول وإن كان أبعد إذا لم تقصر نفقته عنه واتّسع الزمان له.

والظاهر اشتراط كون الأبعد طريقا من بلده إلى مكّة عرفا ، أي لم يبلغ من الانحراف والبعد حدّا يخرج عن كونه سبيلا إليه ، ويصحّ أن يقال : إنّ بعض طرق البلد إليه مخلّى ، فإن بعد بحيث لا ينصرف الطريق إليه ففي وجوب سلوكه إشكال ، بل عدمه أظهر ، لعدم صدق تخلية السرب عرفا ، وعدم انصراف استطاعة السبيل إليه ، فالمدني لو منع من المسير من طرق المدينة إلى مكّة وأمكنه المسير إلى الشام ومنه إلى العراق ومنه إلى خراسان ومنه إلى الهند ومنه إلى البحر ومنه إلى مكّة لم يجب عليه الحجّ.

المسألة الثانية : لو كان في الطريق عدو لا يندفع إلاّ بمال ، ففي سقوط الحجّ ـ كما عن الشيخ (١) وجماعة (٢) ـ أو وجوبه ـ كالمحقّق والفاضل في بعض كتبه والمدارك والذخيرة (٣) ، وجمع آخر (٤) ـ أو الأول مع الإجحاف والثاني مع عدمه ـ كما عن التذكرة والدروس (٥) ـ أقوال ، وظاهر‌

__________________

(١) المبسوط ١ : ٣٠١.

(٢) كما في الإيضاح ١ : ٢٧١.

(٣) المحقق في الشرائع ١ : ٢٢٨ ، الفاضل في المنتهى ٢ : ٦٥٦ ، المدارك ٧ : ٦٣ ، الذخيرة : ٥٦١.

(٤) كالشهيد الثاني في المسالك ١ : ٩٠ ، الأردبيلي في مجمع الفائدة ٦ : ٧٨ ، صاحب الحدائق ١٤ : ١٤٢.

(٥) التذكرة ١ : ٣٠٦ ، الدروس ١ : ٣١٣.

٦١

الإرشاد التردّد (١).

حجّة الأول : انتفاء تخلية السرب.

وحصول الإعانة على الظلم.

والقياس على من أخذ المال منه قهرا.

وردّ الأول : بمنع اشتراط التخلية مطلقا ، بل المشترط تخليته بحيث يتمكّن من المسير بدون مشقّة وشدّة.

والثاني : بمنع كونه إعانة.

والثالث : بالفرق ومنع الأصل.

ودليل الثاني : حصول الاستطاعة والقدرة ، فتتناوله الآية والأخبار.

وحجّة الثالث : حصول الضرر المنفيّ مع الإجحاف.

أقول : حمل الأولون تخلية السرب المأخوذة في الاستطاعة على كونه خاليا عمّا يخاف معه الضرر على النفس أو البدن أو البضع أو المال.

وحملها الرادّون على كونه بحيث يتمكّن من المسير منه بلا مشقّة شديدة ، وإن كان التمكّن لتحمّل ضرر مالي.

ولا شكّ أنّه يرد على الطائفة الأخيرة : أنّ تقييد التمكّن بعد المشقّة إن كان لآيات نفي العسر والحرج فيجب تقييده بعدم الضرر أيضا ، لأخبار نفي الضرر والضرار ، بل لأدلّة نفي العسر أيضا ، فإنّ تحمّل الضرر عسر غالبا. وإن كان لفهم العرف واللغة فلا شكّ أنّهم يفهمون منها التمكّن من المسير بلا ضرر يعتدّ به ، وأمّا معه فلا.

فالصواب : تفسير تخلية السرب بكونه بحيث يتمكّن من المسير منه‌

__________________

(١) الإرشاد ١ : ٣١١.

٦٢

بلا مشقّة شديدة ، ولا ضرر يعتدّ به زائدا عمّا هو لازم قطع المسافة من المشقّة والضرر.

هذا ، مع أنّ أدلّة نفي الضرر بنفسها أدلّة مستقلّة معارضة مع عمومات الاستطاعة والقدرة ـ لو لم يؤخذ في معناهما تخلية السرب ـ بالعموم من وجه ، موجبة للرجوع إلى الأصل.

فإذن الأظهر هو القول الأول إن كان مرادهم من المال المعتدّ به الموجب لصدق الضرر عرفا ، والقول الثالث إن كان مطلقا.

ثم إنّه لا فرق في الضرر الموجب لعدم تخلية السرب بين أن يؤخذ المال المتضرّر به قهرا ونهبا ، أو صلحا وهدية ـ بأن يتصالح العدو ويرتفع عن الطريق بسبب أخذ المال ـ أو سلطانا ورئاسة ، بأن يقرّر أخذ مال لمن يحجّ ، أو يعبر عن تحت ولايته أو بمصاحبته.

وسواء كان الأخذ لأجل العبور للحجّ ، أو العبور مطلقا.

وسواء كان بلا مستند أو كان لأجل دفعه عدوّا آخر ومحافظة الطرق عمّا فيها من الأعداء ، متعدّيا عن قدر ما يلزم في الدفع ، أو لا ، إذا كان المأخوذ ضررا وإجحافا على المأخوذ منه.

ومنه يظهر أنّه لو اندفع خوف العدو بصرف مال موجب للضرر في استصحاب عسكر لم يجب.

المسألة الثالثة : ليس المراد بتخلية السرب تخليته لكلّ أحد في كلّ حال ، بل المراد تخليته بالنسبة إلى الشخص بحسب أحواله ، فلو كان في الطريق خوف عدو لشخص دون آخر يجب الحجّ على الآخر.

ولو لم يأمن الطريق للقافلة القليلة وأمن مع الكثرة وتحقّقت ، يجب.

ولو ارتفع العدو بتحمّل شخص الضرر على نفسه ، يجب على‌

٦٣

الباقين ، إلى غير ذلك من الموانع.

المسألة الرابعة : لو حجّ من هذا شأنه ورضي بالضرر لم يكف عن حجّة الإسلام ، ويجب عليه الحجّ ثانيا إذا ارتفع المانع بلا تضرّر ، إلاّ إذا كان تحمّل الضرر قبل أحد المواقيت ولم يكن بعده عدوّ ، لحصول الاستطاعة بعده ، أو إذا كان هناك طريقان أحدهما مخلّى وسلك هو من غير المخلّى ، لتحقّق الاستطاعة أيضا.

ويمكن الحيلة في الإجزاء أيضا ، بإيجاب ما يأخذه العدو له على نفسه أولا بنذر أو يمين أو عهد ، أو ببذله لغيره وشرطه إعطائه العدو ونحو ذلك ، وكذا يجزئ لو بذله باذل.

المسألة الخامسة : كما يشترط خلوّ السرب عن العدو يشترط خلوّه عن سائر الموانع أيضا ، فلو كان في بعض منازل الطريق طاعون أو وباء وخاف على نفسه من العبور فيه لا يجب.

وكذا لو انحصر الطريق في البحر وخاف المرض من سلوكه ، بل لو كان المانع مجرّد الخوف من الطاعون أو البحر بحدّ يعسر تحمّله ، وكانت فيه مشقّة شديدة ، أو احتمال حدوث مرض من الخوف ، لم يجب أيضا.

المقام الثالث : في الاستطاعة البدنيّة.

وهي الصحّة من المرض العائق عن الحركة أو الركوب أو الإتيان بالأفعال ، ومن العضب المانع كذلك ، وهو ـ بالمهملة ثم المعجمة ـ : الزمانة والضعف ، فغير الصحيح لا يجب عليه الحجّ ، بالإجماع ، وعدم صدق الاستطاعة ، وانتفاء الحرج ، وكثير من الأخبار المتقدّمة.

المقام الرابع : في الاستطاعة الزمانيّة.

وهي التمكّن من المسير بسعة الوقت ، فلو ضاق أو احتاج إلى سير‌

٦٤

عنيف لقطع المسافة وعجز عنه سقط عنه فرضه في عامه ، وكذا لو قدر ولكن بمشقّة شديدة لا يتحمّل مثلها عادة ، للإجماع ، وفقد الاستطاعة ، ولزوم الحرج والعسر ، وكونه أمرا يعذره الله فيه ، كما صرّح به في بعض الأخبار (١).

ولنختم ذلك الفصل بمسائل :

المسألة الأولى : يشترط في وجوب الحجّ ـ بعد حصول الاستطاعات الأربع ـ أمر آخر أيضا ، وهو عدم ترتّب ضرر عليه أو على غيره بالخروج إلى الحجّ ، فلو كان أحد بحيث لو خرج كان خروجه إلى الحجّ موجبا لتلف ماله المعتدّ به غير ما يصرف في الحجّ ، أو كانت المرأة بحيث تخاف على رضيعها ، وغير ذلك ، لم يجب الحجّ.

والفرق بين ذلك وبين الشراء بأزيد من ثمن المثل أو البيع بالأقلّ أنّ العلّة المنصوصة فيهما غير جارية هنا.

وكذا يسقط الوجوب لو منعه قاهر من المسافرة ، أو خاف فيه على نفسه أو بضعه أو ماله أو ما يتعلّق به.

المسألة الثانية : لا يعتبر في الاستطاعات المذكورة حصولها من بلد المكلّف ، فلو حصلت له في موضع آخر مطلقا ـ حتى الميقات ـ واستطاع للحجّ والعود إلى بلده وجب عليه الحجّ وإن لم تكن له الاستطاعة من بلده ، وفاقا للذخيرة والمدارك (٢) ، وبعض آخر من المتأخّرين (٣) ، بل الأكثر ، كما يظهر من قولهم في الصبي والمجنون المدركين في الميقات.

__________________

(١) الوسائل ١١ : ٨٦ أبواب وجوب الحج وشرائطه ب ٣٤.

(٢) الذخيرة : ٥٥٩ ، المدارك ٧ : ٤١.

(٣) كما في الحدائق ١٤ : ٨٧.

٦٥

لعموم النصوص السالم عن المعارض ، وصحيحة ابن عمّار : الرجل يمرّ مجتازا يريد اليمن أو غيرها من البلدان وطريقه بمكّة ، فيدرك الناس وهم يخرجون إلى الحجّ ، فيحرم معهم إلى المشاهد ، يجزيه ذلك من حجّة الإسلام؟ قال : « نعم » (١).

وعن الشهيد الثاني : أنّ من أقام في غير بلده إنّما يجب عليه الحجّ إذا كان مستطيعا من بلده ، إلاّ أن تكون إقامته في الثانية على وجه الدوام أو مع انتقال الفرض ، كالمجاور بمكّة بعد السنتين (٢).

ولعلّه لانفهام ذلك من العمومات والإطلاقات ، وهو ممنوع جدّا.

وعلى هذا ، فلو حجّ الفقير متسكّعا إلى الميقات ولكن لم يحتج إلى التسكّع منه إلى الفراغ من المناسك يجب عليه ويجزئه عن حجّة الإسلام ، وكذا الحال في سائر الاستطاعات ، وكذا لو سافر للتجارة إلى الشام مثلا وحصل له فيه من الربح ما يكفيه للحجّ والعود.

المسألة الثالثة : لو حجّ غير المستطيع تسكّعا أو بمشقّة شديدة كان حجّه ندبا ولم يجز عن حجّة الإسلام ، وتجب عليه الإعادة لو استطاع ، بلا خلاف كما قيل (٣) ، بل بظاهر الإجماع كما عن الخلاف والمنتهى (٤) وغيرهما (٥) ، لتوقّف الإجزاء على الأمر والخطاب المنفيّين في المقام ، لفقد الشرط.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٧٥ ـ ٦ ، الفقيه ٢ : ٢٦٤ ـ ١٢٨٣ ، الوسائل ١١ : ٥٨ أبواب وجوب الحج وشرائطه ب ٢٢ ح ٢.

(٢) المسالك ١ : ١٠٢.

(٣) في الرياض ١ : ٣٣٨.

(٤) الخلاف ٢ : ٢٤٦ ، المنتهى ٢ : ٦٥٢.

(٥) كما في الدروس ١ : ٣١٠ ، وكشف اللثام ١ : ٢٩٠.

٦٦

ولا فرق في ذلك بين انتفاء الاستطاعة الماليّة وغيرها ، كما صرّح به جماعة (١) ، وحكي عن المشهور (٢).

وعن الدروس : الفرق (٣) ، فلا يجزئ في الأول ويجزئ في غيره ، كالمريض والممنوع بالعدو وضيق الوقت والمعضوب ، لأنّ ذلك من باب تحصيل الشرط ، فإنّه لا يجب ، ولو حصّله أجزأ.

وفيه : أنّ الحاصل بالتكلّف : الحجّ أو السير إليه ، لا الصحّة وأمن الطريق مثلا ، اللذان هما الشرط.

نعم ، لو حصلت لغير المستطيع الاستطاعة قبل الميقات ـ كأن يحصل له من السؤال ما يكفي له منه إلى تمام المناسك ، أو كان له من ماله هذا المقدار ، أو سهل له المشي منه إلى مكّة من غير راحلة ، أو تحمّل الحركة العنيفة في ضيق الوقت حتى أدرك الميقات في الوقت ، أو بلغ إلى موضع الأمن قبل الميقات ، وغير ذلك ـ يجزئ عن حجّة الإسلام ، ولأجل ذلك يشبه أن يكون خلاف الدروس مع المشهور لفظيا.

ومنه يظهر أنّه لو اقترض ما يكفيه لنفقة الحجّ والعيال وحجّ يكون مجزئا عنه ، إذ بعد الاقتراض يصير مستطيعا.

وهل يشترط في الوجوب والإجزاء لمن حصلت له الاستطاعة قبل الميقات ـ بالسؤال أو وجود قليل من المال أو الاقتراض ـ نفقة العيال ، أو الكفاية ، أو نفقة العود ، أم لا؟

الظاهر أنّه لو لم يتفاوت الحال للعيال والكفاية والعود بصرف ما في‌

__________________

(١) منهم صاحب الرياض ١ : ٣٣٨.

(٢) انظر المفاتيح ١ : ٢٩٩.

(٣) حكاه في المفاتيح ١ : ٢٩٩ ، وهو في الدروس ١ : ٣١٤.

٦٧

يده إلى الحجّ يجب الحجّ ويجزئ ، وإن توقّف أحد الثلاثة عليه لا يجب.

المسألة الرابعة : لو حجّ المستطيع تسكّعا أو في نفقة غيره أجزأه عن الفرض ، بلا خلاف فيه بين العلماء ، لأنّ الحجّ واجب عليه وقد امتثل بفعل المناسك المخصوصة ، فيحصل الإجزاء ، وصرف المال غير واجب لذاته وإنّما يجب إذا توقّف عليه الواجب.

المسألة الخامسة : لو حجّ عن المستطيع الحيّ غيره لم يجزه إجماعا ، لأنّ الواجب عليه إيقاعه مباشرة فلا تجزئ الاستنابة فيه ، وكذا لو حجّ غير المستطيع عن غيره لم يجزه ، بلا خلاف يعرف كما في المدارك والذخيرة (١) ، بل هو مذهب الأصحاب كما في الأول ، ومقطوع به في كلامهم كما في الثاني ، بل هو إجماعي ، فلو استطاع بعده يجب عليه الحجّ.

للأصل ، ولرواية آدم : « من يحجّ عن إنسان ولم يكن له مال يحجّ به أجزأت عنه حتى يرزقه الله ما يحجّ » (٢).

ورواية إبراهيم بن عقبة : عن رجل صرورة لم يحجّ قط ، حجّ عن صرورة لم يحجّ قطّ ، أيجزئ كلّ واحد منهما تلك الحجّة عن حجّة الإسلام ، أم لا؟ بيّن ذلك يا سيّدي إن شاء الله ، فكتب عليه‌السلام : « لا يجزئ ذلك » (٣).

وبإزائها أخبار أخر دالّة على الاجتزاء :

كصحيحة ابن عمّار : عن رجل حجّ عن غيره ، يجزئه ذلك عن حجّة‌

__________________

(١) المدارك ٧ : ٤٩ ، الذخيرة : ٥٦١.

(٢) التهذيب ٥ : ٨ ـ ٢٠ ، الإستبصار ٢ : ١٤٤ ـ ٤٦٩ ، الوسائل ١١ : ٥٥ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢١ ح ١.

(٣) التهذيب ٥ : ٤١١ ـ ١٤٣٠ ، الإستبصار ٢ : ٣٢٠ ـ ١١٣٤ ، الوسائل ١١ : ١٧٣ أبواب النيابة في الحجّ ب ٦ ح ٣.

٦٨

الإسلام؟ قال : « نعم » (١).

وأخرى : « حجّ الصرورة يجزئ عنه وعمّن حجّ عنه » (٢).

وجميل : رجل ليس له مال حجّ عن رجل أو أحجّه رجل ، ثم أصاب مالا ، هل عليه الحجّ؟ فقال : « يجزئ عنهما » (٣).

والجواب أولا : بعدم الحجّية ، للشذوذ.

وثانيا : بالمعارضة مع ما مرّ ، والرجوع إلى الأصل.

وثالثا : بعدم الصراحة ولا الظهور في خلاف ما مرّ ، لاحتمال رجوع الضمير في : يجزئه ، في الأولى ، إلى الغير وكان ممّن تتعيّن الاستنابة عنه ، وفي : « عنهما » في الثالثة إلى المنوب عنه والمحجوج به.

مع أنّ الإجزاء في الجميع يمكن أن يكون عن الأمر الندبي أو الإيجابي الثابت بالاستئجار ، ولم تثبت الحقيقة الشرعيّة في لفظ حجّة الإسلام. فما في الذخيرة ـ من أنّ المسألة محلّ إشكال (٤) ، وما في بعض شروح المفاتيح أنّها من المتشابهات ـ غير جيّد.

المسألة السادسة : إذا استطاع أحد مالا ومنعه كبر أو مرض أو عدوّ أو سلطان أو نحو ذلك ، فإمّا يكون مأيوسا من الخلاص أو لا ، وعلى التقديرين إمّا يكون الحجّ مستقرّا في ذمّته قبل العذر أو لا.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٧٤ ـ ٣ ، التهذيب ٥ : ٨ ـ ١٩ ، الإستبصار ٢ : ١٤٤ ـ ٤٧١ ، الوسائل ١١ : ٥٦ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢١ ح ٤.

(٢) التهذيب ٥ : ٤١١ ـ ١٤٣٢ ، الإستبصار ٢ : ٣٢٠ ـ ١١٣٦ ، الوسائل ١١ : ٥٥ أبواب النيابة في الحجّ ب ٢١ ح ٢.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٦١ ـ ١٢٦٨ ، الوسائل ١١ : ٥٧ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢١ ح ٦ ، بتفاوت يسير.

(٤) الذخيرة : ٥٦١.

٦٩

فمع اليأس والاستقرار قالوا : تجب عليه الاستنابة في الحياة ، بل في المسالك والروضة والمفاتيح (١) وشرح الشرائع للشيخ علي وغيرها (٢) : الإجماع عليه.

واستدلّوا له ـ بعد الإجماعات المحكيّة ـ بصحيحة محمّد : « لو أنّ رجلا أراد الحجّ فعرض له مرض أو خالطه سقم ، فلم يستطع الخروج ، فليجهّز رجلا من ماله فليبعثه مكانه » (٣).

وابن سنان : « إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام ، أمر شيخا كبيرا لم يحجّ قطّ ولم يطق الحجّ لكبره أن يجهّز رجلا يحجّ عنه » (٤) ، ومثلها صحيحة ابن عمّار (٥).

ولا ينافيهما التعليق على المشيّة في روايتي القدّاح وأبي حفص :

الأولى : « إنّ عليّا عليه‌السلام قال لشيخ كبير لم يحجّ قطّ : إن شئت فجهّز رجلا ثم ابعثه أن يحجّ عنك » (٦).

والثانية : « إنّ رجلا أتى عليّا عليه‌السلام ولم يحجّ قطّ ، فقال : إنّي كنت كثير المال وفرّطت في الحجّ حتى كبر سنّي ، قال : فتستطيع الحجّ؟ قال : لا ، فقال له عليّ عليه‌السلام : إن شئت فجهّز رجلا ثم ابعثه حتى يحجّ عنك » (٧).

__________________

(١) المسالك ١ : ٩٠ ، الروضة ٢ : ١٦٧ ، المفاتيح ١ : ٢٩٨.

(٢) كالذخيرة : ٥٦٢.

(٣) الكافي ٤ : ٢٧٣ ـ ٤ ، التهذيب ٥ : ١٤ ـ ٤٠ ، الوسائل ١١ : ٦٤ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٤ ح ٥.

(٤) الكافي ٤ : ٢٧٣ ـ ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٦٠ ـ ١٢٦٣ ، التهذيب ٥ : ٤٦٠ ـ ١٦٠١ ، الوسائل ١١ : ٦٥ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٤ ح ٦.

(٥) التهذيب ٥ : ١٤ ـ ٣٨ ، الوسائل ١١ : ٦٣ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٤ ح ١.

(٦) الكافي ٤ : ٢٧٢ ـ ١ ، الوسائل ١١ : ٦٥ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٤ ح ٨.

(٧) التهذيب ٥ : ٤٦٠ ـ ١٥٩٩ ، الوسائل ١١ : ٦٤ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٤ ح ٣.

٧٠

لإجمال متعلّق المشيّة ، فلعلّه براءة الذمّة أو الخلاص من العذاب ، وأيضا هذه قضايا في وقائع ولم يعلم اتّحادها ، فلعلّ الرجل في الأخيرتين لم يكن مستطيعا قبل الكبر ، إمّا من جهة المال ، أو من جهة مانع آخر من عدوّ أو غيره.

وصحيحة الحلبي : إن كان رجل موسر حال بينه وبين الحجّ مرض يعذره الله فيه ، قال : « عليه أن يحجّ عنه من ماله صرورة لا مال له » (١) ، وقريبة منها رواية عليّ بن أبي حمزة (٢).

وبالنصوص المفيدة لوجوب الاستنابة مع الاستقرار بعد الموت (٣) ، فحين الحياة مع اليأس أولى ، لجواز الاستنابة حيّا ، اتّفاقا فتوى ونصّا.

ويمكن الخدش في جميع تلك الأدلّة : أمّا الإجماعات المحكيّة ، فبعدم الحجّية.

وأمّا الصحيحة الأولى ، فبضعف الدلالة على الوجوب من جهات عديدة : من تعلّق التجهيز على إرادة الحجّ ، الدالّة بالمفهوم على عدم وجوبه مع عدمها ، والإجماع المركّب يجري من الطرفين.

نعم ، لو حمل على الاستحباب أمكن الفرق بين الإرادة وعدمها ، فيستحبّ ـ ولو مع عدم وجوب الحجّ ـ مع الإرادة وعروض المانع دون‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٧٣ ـ ٥ ، التهذيب ٥ : ٤٠٣ ـ ١٤٠٥ ، الوسائل ١١ : ٦٣ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٤ ح ٢ ، بتفاوت يسير.

(٢) الكافي ٤ : ٢٧٣ ـ ٣ ، التهذيب ٥ : ١٤ ـ ٣٩ ، الوسائل ١١ : ٦٥ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٤ ح ٧.

(٣) كما في الوسائل ١١ : ٧١ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٨.

٧١

حال عدم الإرادة ، من جهة أنّ من أراد خيرا ينبغي إتمامه كيف أمكن.

ومن الأمر بالتجهيز من ماله الغير الواجب قطعا ، لكفاية بعثه ولو تبرّعا.

ومن شمول إطلاقه لمن يجب عليه الحجّ أولا ، كمن حجّ قبل ذلك ، أو استقرّ الوجوب في ذمّته قبل ذلك أم لا ، وحصل له اليأس أم لا ، بل ظهور عدم اليأس منهما ، حيث إنّ كون المرض العارض أو السقم المخالط ممّا لا يرجى زوالها من الأفراد النادرة جدّا. وبعض هذه الأفراد ممّا لا تجب الاستنابة فيه إجماعا ، وبعضها ممّا ادّعي فيه الإجماع على عدم الوجوب ، وبعضها ممّا وقع الخلاف فيه ، والحكم بأولويّة التخصيص عن التجوّز في الأمر مشكل.

ومن كون الأمر ـ كما قيل ـ واردا مورد توهّم الحظر ، إمّا من جهة عدم ثبوت الاستنابة للحيّ ، أو من جهة قول بعض العامّة به ، كما في الخلاف والمنتهى (١).

وأمّا الثانيتان ، فبكثير ممّا ذكر أيضا ، مضافا إلى معارضتهما بالتعليق على المشيّة في الروايتين الأخيرتين.

وجعل متعلّق المشيّة غير المأمور به خلاف المتبادر الظاهر.

واحتمال تعدّد الوقائع وعدم استطاعة مورد الأخيرتين بعيد جدّا ، بل الظاهر ـ كما قيل (٢) ـ الاتحاد.

مع أنّ ظاهر قوله في الأخير : « فرّطت » حصول الاستطاعة ، وإلاّ لم يكن تفريطا (٣) ، فترك الاستفصال فيه يفيد العموم الشامل لما نحن فيه قطعا‌

__________________

(١) الخلاف ٢ : ٢٤٩ ، المنتهى ٢ : ٦٥٥.

(٢) قاله في الرياض ١ : ٣٣٩.

(٣) في « س » زيادة : هذا مع أنّ الأخيرة ليست في قضية واقعة بل متضمّنة للسؤال ب التي ترك ..

٧٢

لو لم نقل بالاختصاص ، بل نقول به من جهة دلالتها على سبق الاستطاعة من جهة كثرة المال والتقصير ، وعلى اليأس من جهة الكبر.

ومنه تظهر معارضتهما مع الصحيحة الأولى أيضا.

وأمّا الرابعتان ، فلبعض ما مرّ ، مضافا إلى تعلّق الأمر فيهما بالصرورة ، ولم يقل أحد بوجوب استنابته ، وحمله ـ بالإضافة إليه على الاستحباب أو الإباحة أو الأعم منهما ومن الوجوب ـ ينافي حمله بالإضافة إلى الاستنابة على الوجوب ، إلاّ على القول بجواز استعمال اللّفظ الواحد في حقيقته ومجازه في استعمال واحد ، وهو خلاف التحقيق.

وأمّا السادسة ، فبمنع الأولويّة ، لعدم معلوميّة العلّة ، سيّما مع القول بوجوب الإعادة لو اتّفق زوال العذر ، لقيام الفارق حينئذ ، وهو القطع بعدم وجوب الإعادة في الأصل وعدمه في الفرع ، لاحتمال زوال العذر.

ومن جميع ذلك ظهر عدم وجود مخرج تامّ لنا عن أصل عدم وجوب الاستنابة.

ولذا حكي التردّد عن بعضهم في الوجوب في هذه الصورة ، وهو الظاهر من الذخيرة ، بل من الشرائع والنافع والإرشاد (١) ، لتردّدهم في مسألة استنابة المعذور ، من غير تفصيل بين الاستقرار وعدمه ، بل قيل بخلوّ كثير من كلمات الموجبين للاستنابة والنافين لها عن هذا التفصيل (٢).

ولم يتعرّض جماعة للحكم بالوجوب في هذه الصورة ، ومنهم الحلّي ، حيث اقتصر على ردّ وجوب الاستنابة بدون استقرار الاستطاعة ،

__________________

(١) الذخيرة : ٥٦٢ ، الشرائع ١ : ٢٢٧ ، النافع : ٧٦ ، الإرشاد ١ : ٣١١.

(٢) انظر الرياض ١ : ٣٤٠.

٧٣

وحكم بوجوبها إذا استقرّت ومات المستطيع (١).

وعلى هذا ، فليس في المسألة مظنّة إجماع ، بل ولا علم بشهرة ، وحيث كانت كذلك ولم يكن دليل تامّ على الوجوب فالأقرب إذن ما يقتضيه الأصل ، وهو عدم الوجوب وإن استحبّ.

ومن ذلك تظهر أقربيّة عدم الوجوب في صورة عدم الاستقرار بطريق أولى ، لوجود التصريح بالعدم فيها من الفحول ، كما عن المفيد والحلّي والجامع والقواعد والمختلف والإيضاح (٢) ، واختاره بعض مشايخنا (٣).

خلافا لآخرين ، كالشيخ في النهاية والتهذيب والمبسوط والخلاف ـ مدّعيا فيه الإجماع (٤) ـ والقديمين والحلبي والقاضي والتحرير (٥) ، وكثير من المتأخّرين (٦) ، بل الأكثر مطلقا كما قيل (٧) ، لجميع ما مرّ مع ردّه.

والأولى من الأولى : عدم الوجوب في صورة عدم اليأس ، لعدم مصرّح فيها بالوجوب سوى شاذّ يأتي ، بل عن المنتهى : الإجماع على العدم (٨) ، ولعدم جريان جميع الأدلّة المذكورة فيها.

__________________

(١) السرائر ١ : ٦٤١.

(٢) المفيد في المقنعة : ٤٤٢ ، الحلّي في السرائر ١ : ٦٤١ ، الجامع للشرائع : ١٧٣ ، القواعد : ٧٥ ، المختلف : ٢٥٧ ، الإيضاح ١ : ٢٧٠.

(٣) كما في الرياض ١ : ٣٤٠.

(٤) النهاية : ٢٠٣ ، التهذيب ٥ : ١٤ ، المبسوط ١ : ٢٩٩ ، الخلاف ٢ : ٢٤٨.

(٥) حكاه عن الإسكافي والعماني في المختلف : ٢٥٧ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ٢١٨ ، القاضي في المهذّب ١ : ٢٦٧ ، التحرير ١ : ٩٢.

(٦) كصاحبي المدارك ٧ : ٥٥ ، والحدائق ١٤ : ١٢٩.

(٧) انظر الرياض ١ : ٣٣٩.

(٨) المنتهى ٢ : ٦٥٥.

٧٤

خلافا للمحكيّ عن الدروس (١) ، لإطلاق بعض ما مرّ بردّه.

والأولى من الأولى : عدم الوجوب في صورة عدم الاستقرار وعدم اليأس ، والوجه ظاهر.

نعم ، تستحبّ الاستنابة في جميع تلك الصور ، لما مرّ.

فرعان :

أ : لو قلنا بوجوب الاستنابة في بعض الصور واستناب ثم زال العذر يجب عليه الحجّ ثانيا ، من غير خلاف صريح بينهم أجده ، بل قيل : كاد أن يكون إجماعا (٢) ، وعن ظاهر التذكرة. أنّه لا خلاف فيه بين علمائنا ، لإطلاق الأمر بالحجّ للمستطيع ، وما فعله كان واجبا في ماله ، وهذا يلزمه في نفسه (٣).

وعن بعضهم : احتمال العدم ، لأنّه أدّى حجّة الإسلام بأمر الشارع ، ولا يجب الحجّ بأصل الشرع إلاّ مرّة (٤).

وفيه : أنّه لم يعلم أنّ ما فعله حجّة الإسلام ، ونحن أيضا لا نوجبها إلاّ مرّة ، ولم يحجّ هو بعد ، وإنّما حجّ غيره نيابة.

ب : إطلاق بعض ما تقدّم من الأخبار ـ كصحيحتي محمّد والحلبي (٥) ـ عدم اختصاص ذلك بحجّة الإسلام ، وجريانه في غيره من الواجبات أيضا ، كالمنذور ، والظاهر عدم الخلاف فيه أيضا ، كما يظهر منهم‌

__________________

(١) الدروس ١ : ٣١٢.

(٢) المفاتيح ١ : ٢٩٩.

(٣) التذكرة ١ : ٣٠٤.

(٤) انظر المدارك ٧ : ٥٨.

(٥) المتقدمتين في ص : ٧٠ و ٧١.

٧٥

في مسألة الاستنابة عن الحجّتين في عام واحد.

المسألة السابعة : من استقرّ الحجّ في ذمّته ـ بأن اجتمعت له شرائط الوجوب ومضت مدّة يمكنه فيها استيفاء جميع أفعال الحجّ كما عن الأكثر (١) ، أو الأركان منها خاصّة كما احتمله جماعة (٢) ـ فأهمل حتى مات ، يجب قضاؤه عنه ، بالإجماع المحقّق ، والمحكيّ في الخلاف والمنتهى والتذكرة (٣) وغيرها (٤).

لصحيحة ضريس : في رجل خرج حاجّا حجّة الإسلام فمات في الطريق ، قال : « إن مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجّة الإسلام ، وإن مات دون الحرم فليقض عنه وليّه حجّة الإسلام » (٥).

وموثّقة سماعة : عن الرجل يموت ولم يحجّ حجّة الإسلام ولم يوص بها وهو موسر ، فقال : « يحجّ عنه من صلب ماله ، لا يجوز غير ذلك » (٦).

وصحيحة العجلي : عن رجل استودعني مالا فهلك وليس لولده شي‌ء ولم يحجّ حجّة الإسلام ، قال : « حجّ عنه وما فضل فأعطهم » (٧).

وصحيحة ابن عمّار : في رجل توفّي فأوصى أن يحجّ عنه ، قال : « إن‌

__________________

(١) انظر الذخيرة : ٥٦٣ ، والحدائق ١٤ : ١٥٢.

(٢) انظر المسالك ١ : ٩١ ، والذخيرة : ٥٦٣ ، وكشف اللثام ١ : ٢٩٣.

(٣) الخلاف ٢ : ٢٥٣ ، المنتهى ٢ : ٨٧١ ، التذكرة ١ : ٣٠٧.

(٤) كالرياض ١ : ٣٤١.

(٥) الكافي ٤ : ٢٧٦ ـ ١٠ ، الفقيه ٢ : ٢٦٩ ـ ١٣١٣ ، الوسائل ١١ : ٦٨ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٦ ح ١.

(٦) التهذيب ٥ : ١٥ ـ ٤١ ، الوسائل ١١ : ٧٢ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٨ ح ٤.

(٧) الكافي ٤ : ٣٠٦ ـ ٦ ، الفقيه ٢ : ٢٧٢ ـ ١٣٢٨ ، التهذيب ٥ : ٤١٦ ـ ١٤٤٨ ، الوسائل ١١ : ١٨٣ أبواب النيابة في الحجّ ب ١٣ ح ١.

٧٦

كان صرورة فمن جميع المال ، إنّه بمنزلة الدين الواجب ، وإن كان قد حجّ فمن ثلثه ، ومن مات ولم يحجّ حجّة الإسلام ولم يترك إلاّ قدر نفقة الحمولة وله ورثة فهم أحقّ بما ترك ، فإن شاءوا أكلوا ، وإن شاءوا حجّوا عنه » (١) ، جعل الحجّة من جميع المال معلّلا بأنّه بمنزلة الدين الواجب ، وليس ذلك لأجل الوصيّة ، لأنّها لا تكون إلاّ من الثلث.

وهنا أخبار كثيرة أخر أيضا متواترة معنى ، كالصحاح الثمان لابن عمّار (٢) ، ومحمّد (٣) ، ورفاعة (٤) ، والعجلي (٥) ، والحلبي (٦) ، وضريس (٧) ، وموثّقة رفاعة (٨) ، إلاّ أنّ الأكثر ـ لتضمّنها الجملة الخبريّة ، أو ما يحتملها ، أو ما لا يجب قطعا كاستنابة الصرورة ـ عن إفادة الوجوب قاصرة ، إلاّ أنّ يجعل‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٠٥ ـ ١ ، الوسائل ١١ : ٦٧ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٥ ح ٤.

(٢) الأولى : التهذيب ٥ : ٤٠٤ ـ ١٤٠٩ ، الوسائل ١١ : ٦٦ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٥ ح ١.

الثانية : الكافي ٧ : ١٨ الوصايا ١٣ ح ٧ ، الفقيه ٤ : ١٥٨ ـ ٥٥١ ، الوسائل ١١ : ٦٧ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٥ ح ٦.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٧٠ ـ ١٣٢٠ ، التهذيب ٥ : ٤٩٢ ـ ١٧٦٩ ، الوسائل ١١ : ٧٢ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٨ ح ٥.

(٤) الكافي ٤ : ٢٧٧ ـ ١٥ ، الوسائل ١١ : ٧٣ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٨ ح ٦.

(٥) الكافي ٤ : ٢٧٦ ـ ١١ ، الفقيه ٢ : ٢٦٩ ـ ١٣١٤ ، التهذيب ٥ : ٤٠٧ ـ ١٤١٦ ، الوسائل ١١ : ٦٨ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٦ ح ٢.

(٦) التهذيب ٥ : ٤٠٣ ـ ١٤٠٥ ، الوسائل ١١ : ٦٧ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٥ ح ٣.

(٧) الكافي ٤ : ٢٧٦ ـ ١٠ ، الفقيه ٢ : ٢٦٩ ـ ١٣١٣ ، الوسائل ١١ : ٦٨ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٦ ح ١.

(٨) الكافي ٤ : ٢٧٧ ـ ١٦ ، الوسائل ١١ : ٧٣ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٨ ح ٧.

٧٧

الإجماع والأخبار الأولى على إرادته قرينة.

فروع :

أ : المصرّح به في موثّقة سماعة والعجلي وصحيحة ابن عمّار المذكورة : أنّه يجب القضاء من أصل مال الميّت ، ويدلّ عليه أيضا قوله في آخر صحيحة الحلبي المشار إليها : « يقضى عن الرجل حجّة الإسلام من جميع ماله » ، وكذا يستفاد ذلك من صحيحة ابن عمّار والعجلي وضريس.

والظاهر أنّه إجماعي أيضا ، ولا ينافيه آخر صحيحة ابن عمّار المذكورة فيمن لم يترك إلاّ قدر نفقة الحمولة ، وبمضمونها رواية الغنوي (١) ـ إلاّ أنّ فيها نفقة الحجّ مكان الحمولة ـ لأنّ مجرد نفقة الحمولة أو الحجّ لا يوجب الاستطاعة ، للتوقّف على نفقة العيال ، بل الرجوع إلى الكفاية.

ب : مقتضى إخراج مئونة الحجّ عن جميع المال تقدّمها على الميراث والوصايا كسائر الديون ، وأنّه لو لم يترك مالا غيرها يصرف فيها ، كما صرّح به في بعض الأخبار السابقة أيضا (٢). ولو كان له دين معها يقسّم التركة على الدين ومئونة الحجّ بقدر الحصص ، لأنّه مقتضى كونها بمنزلة الدين المصرّح به في الأخبار.

ج : هل يقضي الحجّ من أقرب المواقيت إلى مكّة إن أمكن وإلاّ فمن غيره من المواقيت مراعيا للأقرب فالأقرب ، فإن تعذّر من أحد المواقيت فمن أقرب ما يمكن الحجّ منه إلى الميقات ، كما هو مختار المبسوط والخلاف والوسيلة والغنية والفاضلين في كتبهما والمسالك والروضة والمدارك‌

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٧٠ ـ ١٣١٥ ، الوسائل ١١ : ٤٦ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ١٤ ح ١.

(٢) راجع ص : ٧٦ ـ ٧٧.

٧٨

والذخيرة (١) ، وأكثر المتأخّرين (٢) ، بل مطلقا ، وفي الغنية الإجماع عليه (٣)؟

أو من البلد مطلقا ، كما حكاه في الشرائع (٤) قولا واحدا لا يعرف قائله ، كما صرّح به جمع (٥) ، بل نفاه بعضهم (٦)؟

أو الثاني مع السعة في التركة والأول مع عدمها ، كما حكي عن الشيخ في النهاية والصدوق في المقنع والحلّي والقاضي والجامع والمحقّق الثاني والدروس (٧) وظاهر اللمعة (٨)؟

الحقّ هو : الأول ، للأصل السالم عن المعارض ، وكون (٩) المأمور به قضاء الحجّ ، الذي هو المناسك المخصوصة ، وقطع المسافة ليس جزءا منه ، بل ولا واجبا لذاته ، وإنّما وجب لتوقّف الواجب عليه ، فإذا انتفى التوقّف انتفى الوجوب.

على أنّه لو سلّمنا وجوبه لم يلزم من ذلك وجوب قضائه ، لأنّ‌

__________________

(١) المبسوط ١ : ٣٠١ ، الخلاف ٢ : ٢٥٥ ، الوسيلة : ١٥٧ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٤ ، المحقق في المعتبر ٢ : ٧٦٠ ، والعلاّمة في المنتهى ٢ : ٨٧١ ، المسالك ١ : ٩٢ ، الروضة ٢ : ١٧٣ ، المدارك ٧ : ٨٤ ، الذخيرة : ٥٦٣.

(٢) انظر الإيضاح ١ : ٢٧٣ ، كشف اللثام ١ : ٢٩٣ ، كفاية الأحكام : ٥٧.

(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٤ ، والموجود فيه : ويستأجر للنيابة عنه من ميقات الإحرام بدليل إجماع الطائفة.

(٤) الشرائع ١ : ٢٢٩.

(٥) كما في المدارك ٧ : ٨٧ ، والذخيرة : ٥٦٣ ، والرياض ١ : ٣٤٢.

(٦) كالشهيد الثاني في المسالك ١ : ٩٢.

(٧) النهاية : ٢٠٣ ، المقنع : ١٦٤ ، الحلّي في السراء ١ : ٥١٦ ، القاضي في المهذّب ١ : ٢٦٧ ، الجامع للشرائع : ١٧٤ ، المحقق الثاني في جامع المقاصد ٣ : ١٣٦ ، الدروس ١ : ٣١٦.

(٨) اللمعة ( الروضة ٢ ) : ١٧٢.

(٩) في « س » و « ق » : فيكون ..

٧٩

القضاء إنّما هو بأمر جديد ، وهو إنّما قام على وجوب قضاء الحجّ خاصّة.

ولم أعثر للقول الثاني على دليل.

ودليل الثالث : ما احتجّ به في السرائر من أنّه كانت تجب عليه نفقة الطريق من بلده ، فلمّا مات سقط الحجّ من بدنه وبقي في ماله بقدر ما كان يجب عليه لو كان حيا من مئونة الطريق من بلده (١). والظاهر أنّ مرجعه إلى استصحاب وجوب صرف هذا القدر من ماله أيّام حياته بعد ثبوته ، فإنّه كان يجب عليه ذلك مع فعله ببدنه ، سقط الأخير فيستصحب الأول.

ومن تواتر أخبارنا بذلك (٢).

وما ذكره في الروضة (٣) وغيره (٤) من الروايات الدالّة على ذلك التفصيل في صورة الوصيّة بمال معيّن أو مطلقا بالحجّ (٥).

والجواب عن الأول : أنّ الحكم الأول وجوب صرف هذا القدر من المال على هذا الشخص المستطيع في مئونة بدنه ، وبعد موته تغيّر الموضوع من وجهين ، فلا يجب على الغير صرفه في مئونة بدن الغير.

مع أنّا نمنع وجوب صرف هذا القدر من المال في أيّام حياته مطلقا ، بل كان الواجب عليه الحجّ ، ويتبعه وجوب صرف هذا القدر مشروطا بالحاجة إليه في الحجّ ، والواجب المشروط لا يمكن استصحابه بعد انتفاء الشرط.

وعن الثاني : بما في المعتبر والمختلف (٦) من أنّا لم نقف على خبر‌

__________________

(١) السرائر ١ : ٥١٦.

(٢) السرائر ١ : ٥١٦.

(٣) الروضة ٢ : ١٧٢.

(٤) كالحدائق ١٤ : ١٨١.

(٥) كما في الوسائل ١١ : ٦٦ أبواب وجوب الحج وشرائطه ب ٢٥.

(٦) المعتبر ٢ : ٧٦٠ ، المختلف : ٢٥٧.

٨٠