مستند الشّيعة - ج ١١

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١١

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-015-3
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤١٨

بنفسه مطلقا أيضا ـ بالكتاب ، والسنّة ، والإجماع المحكيّ (١) والمحقّق.

قال الله سبحانه ( فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ ) (٢).

والحجّ يتحقّق بالتلبّس بإحرامه ، بل بإحرام عمرة التمتّع ، لدخولها في الحجّ.

وفي صحيحة ابن عمّار : « فإنّ من تمام الحجّ والعمرة أن يحفظ المرء لسانه إلاّ من خير كما قال الله عزّ وجلّ ، فإنّ الله تعالى يقول ( فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ ) الآية ، والرفث : الجماع ، والفسوق : الكذب والسباب ، والجدال : قول الرجل : لا والله ، و : بلى والله ، واعلم أنّ الرجل إذا حلف بثلاثة أيمان ولاء في مقام واحد وهو محرم فقد جادل ، فعليه دم يهريقه ويتصدّق به » ، وإذا حلف يمينا واحدة كاذبة فقد جادل ، وعليه دم يهريقه ويتصدّق به ، وقال « اتّق المفاخرة » ، إلى أن قال : وسألته عن الرجل يقول : لا لعمري ، و : بلى لعمري ، قال : « ليس هذا من الجدال ، إنّما الجدال : لا والله ، و : بلى والله » (٣).

وفي صحيحة سليمان بن خالد : « في الجدال شاة ، وفي السباب والفسوق بقرة ، والرفث فساد الحجّ » (٤).

وفي صحيحة عليّ : عن الرفث والفسوق والجدال ما هو وما على من فعله؟ فقال : « الرفث : جماع النساء ، والفسوق : الكذب والمفاخرة ،

__________________

(١) انظر الرياض ١ : ٣٧٦.

(٢) البقرة : ١٩٧.

(٣) الكافي ٤ : ٣٣٧ ـ ٣ ، وفي التهذيب ٥ : ٢٩٦ ـ ١٠٠٣ أورد صدر الحديث فقط ، الوسائل ١٢ : ٤٦٣ أبواب تروك الإحرام ب ٣٢ ح ١.

(٤) الكافي ٤ : ٣٣٩ ـ ٦ ، التهذيب ٥ : ٢٩٧ ـ ١٠٠٤ ، الوسائل ١٢ : ١٤٥ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١ ح ١.

٣٨١

والجدال : قول الرجل : لا والله ، و : بلى والله » (١) ، إلى غير ذلك (٢).

والمراد بالفسوق هو : الكذب مطلقا خاصّة عند الأكثر ، بل عن التبيان ومجمع البيان وروض الجنان : أنّه رواية الأصحاب مشعرين بدعوى الإجماع (٣).

ومقيّدا بالكذب على الله تعالى ورسوله أو أحد الأئمّة عليه وعليهم السلام ، في المحكيّ عن الغنية والمهذّب والمصباح (٤) والإشارة (٥).

وبالكذب على الله خاصّة ، في المنقول عن الجمل والعقود (٦).

والكذب المطلق مع السباب ، عند السيّد والإسكافي والشهيدين (٧) ، وجمع آخر من المتأخّرين (٨).

ومع المفاخرة عند بعض آخر ، كما يظهر من الذخيرة (٩).

ومع البذاء ، على قول محكيّ (١٠).

وقيل : هو المفاخرة (١١) ، وقيل : هو كلّ لفظ قبيح (١٢).

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٩٧ ـ ١٠٠٥ ، الوسائل ١٢ : ٤٦٥ أبواب تروك الإحرام ب ٣٢ ح ٤.

(٢) الوسائل ١٢ : ٤٦٣ أبواب تروك الإحرام ب ٣٢.

(٣) التبيان ٢ : ١٦٤ ، مجمع البيان ١ : ٢٩٤ ، حكاه عن روض الجنان لأبي الفتوح الرازي في كشف اللثام ١ : ٣٢٧.

(٤) لم نعثر عليه في المصباح ونسبه في كشف اللثام ١ : ٣٢٧ إلى الإصباح ، ولعله وقع هنا تصحيف من كتّاب النسخ. وهو في إصباح الشيعة : ١٥٣.

(٥) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٥ ، المهذب ١ : ٢٢١ ، الإشارة : ١٢٨.

(٦) الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢٢٨.

(٧) السيّد في جمل العلم والعمل : ١٠٦ ، حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٢٧٠ ، الشهيد في الدروس ١ : ٣٨٧ ، الشهيد الثاني في الروضة ٢ : ٢٤١.

(٨) كصاحب المدارك ٧ : ٣٤١ ، وصاحب الحدائق ١٥ : ٤٦٠.

(٩) الذخيرة : ٥٩٣.

(١٠) حكاه في كشف اللثام ١ : ٣٢٧.

(١١) كما في المختلف : ٢٧٠ ، البحار ٩٦ ، ١٦٩.

(١٢) حكاه عن ابن أبي عقيل في المختلف : ٢٧٠.

٣٨٢

وعن التبيان والراوندي : حمله على جميع المعاصي التي نهي المحرم عنها (١).

حجّة الأول : تفسيره بالكذب في الصحيحين المتقدّمين بلا معارض له ، فيجب الأخذ به ، وزيادة السباب في إحداهما يعارضها زيادة المفاخرة في الأخرى ، حيث إنّ الظاهر من التفسير هو تمام المعنى والحصر ، مع أنّ عطف الفسوق على السباب في صحيحة سليمان يفيد التغاير بينهما.

كما أنّ ذكر المفاخرة في صحيحة ابن عمّار يفيده بينهما أيضا ، مضافا إلى الاقتصار بالتفسير بالكذب خاصّة في المرويّ في معاني الأخبار (٢) وتفسير العيّاشي (٣).

أقول : يمكن ردّ المعارضة بأنّ غايتها بالعموم والخصوص المطلقين ، الواجب فيها حمل العام على الخاصّ ، إذ غاية ما يستفاد من التفسير بتمام المعنى والحصر هو نفي الغير مطلقا ، والمعارض أثبت فردا من الغير ، فيكون أخصّ مطلقا ، ويكفي في التغاير المفهوم من العطف الخصوصيّة والعموميّة ، فيكون من باب عطف العامّ على الخاصّ.

نعم ، الظاهر المتبادر من الأمر بالاتّقاء عن المفاخرة في الصحيحة الأولى ـ بعد تفسير الفسوق بالكذب والسباب ـ المغايرة ، ومع ذلك فالصحيحة المفسّرة له بها للشهرة العظيمة مخالفة ، بل لم يظهر به قائل بخصوصه ، فلأجل ذلك يتّجه رفع اليد عن المفاخرة ، ثم بذلك تظهر حجّة من ضمّ السباب أو المفاخرة أيضا.

__________________

(١) التبيان ٢ : ١٦٤ ، الراوندي في فقه القرآن ١ : ٢٨٣.

(٢) معاني الأخبار : ٢٩٤ ـ ١ ، الوسائل ١٢ : ٤٦٧ أبواب ترك الإحرام ب ٣٢ ح ٨.

(٣) تفسير العياشي ١ : ٩٥ ـ ٢٥٦ ، الوسائل ١٢ : ٤٦٧ أبواب تروك الإحرام ب ٣٢ ح ٩.

٣٨٣

وأمّا باقي الأقوال فبين تخصيص بلا مخصّص ، أو تعميم بلا معمّم ، سوى ما قيل للثاني من دعوى الإجماع في الغنية (١) ، وهي أيضا ليس بحجّة.

ومن جميع ما ذكر تظهر قوّة قول السيّد ، فهو الجيّد ، والله المؤيّد.

هذا ، مع أنّه لا ثمرة معتدّ بها بعد ظهور حرمة الجميع بنفسها ، وعدم وجوب كفّارة فيها سوى الاستغفار ، وعدم إفساده الإحرام كما يأتي.

الخامس : الجدال.

وحرمته من حيث الإحرام ثابتة ، وإنّما الخلاف في المراد منه ، ولا بدّ أولا من ذكر الأخبار المفسّرة له حتى تظهر جليّة الحال.

فمنها : الصحيحتان المتقدّمتان (٢).

ومنها : صحيحة أبي بصير « إذا حلف ثلاث أيمان متتابعات جادل صادقا فقد جادل وعليه دم ، وإذا حلف بيمين واحدة كاذبا فقد جادل وعليه دم » (٣) ، وقريبة منها صحيحته الأخرى (٤).

والثالثة : عن المحرم يريد أن يعمل العمل فيقول له صاحبه : والله لا تعمله ، فيقول : والله لأعملنّه ، فيحالفه مرارا ، يلزمه ما يلزم صاحب الجدال؟ قال : « لا ، إنّما أراد بهذا إكرام أخيه ، إنّما ذلك ما كان لله فيه‌

__________________

(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٥.

(٢) وهما صحيحة ابن عمار وصحيحة علي المتقدمتان في ص : ٣٨١.

(٣) الكافي ٤ : ٣٣٨ ـ ٤ ، الوسائل ١٣ : ١٤٦ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١ ح ٤ بتفاوت يسير.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٣٥ ـ ١١٥٤ ، الإستبصار ٢ : ١٩٧ ـ ٦٦٥ ، الوسائل ١٣ : ١٤٧ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١ ح ٧.

٣٨٤

معصية » (١).

والظاهر من الحديث أنّ المراد بالعمل : ما كان فيه إكرام صاحبه ، وبما كانت فيه معصية : ما لم يكن فيه غرض ديني ، فإنّ ذلك دخول في نهيه سبحانه بقوله ( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ ) (٢) ، وورد في الأخبار : « أنّ من حلف بالله كاذبا كفر ومن حلف بالله صادقا أثم » (٣).

وصحيحة ابن عمّار : « إنّ الرجل إذا حلف ثلاثة أيمان في مقام ولاء وهو محرم فقد جادل ، وعليه حدّ الجدال دم يهريقه ويتصدّق به » (٤).

والأخرى : عن الرجل يقول : لا لعمري ، وهو محرم ، قال : « ليس بالجدال ، إنّما الجدال قول الرجل : لا والله ، و : بلى والله » الحديث (٥).

ومحمّد : عن الجدال في الحجّ ، فقال : « من زاد على مرّتين فقد وقع عليه الدم » ، فقيل له : الذي يجادل وهو صادق؟ قال : « عليه شاة ، والكاذب عليه بقرة » (٦).

وموثّقة يونس : عن المحرم يقول : لا والله ، و : بلى والله ، وهو صادق ، عليه شي‌ء؟ قال : « لا » (٧).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٣٨ ـ ٥ ، الفقيه ٢ : ٢١٤ ـ ٩٧٣ ، العلل : ٤٥٧ ـ ١ ، مستطرفات السرائر : ٣٢ ـ ٣٠ ، الوسائل ١٢ : ٤٦٦ أبواب تروك الإحرام ب ٣٢ ح ٧.

(٢) البقرة : ٢٢٤.

(٣) انظر الوسائل ٢٣ : ١٩٧ أبواب الأيمان ب ١.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٣٥ ـ ١١٥٢ ، الوسائل ١٣ : ١٤٦ أبواب بقية كفّارات الإحرام ب ١ ح ٥.

(٥) الكافي ٤ : ٣٣٧ ـ ٣ ، الوسائل ١٣ : ١٤٦ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١ ح ٣.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٣٥ ـ ١١٥٣ ، الوسائل ١٣ : ١٤٧ أبواب بقية كفّارات الإحرام ب ١ ح ٦.

(٧) التهذيب ٥ : ٣٣٥ ـ ١١٥٦ ، الإستبصار ٢ : ١٩٧ ـ ٦٦٦ ، الوسائل ١٣ : ١٤٧ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١ ح ٨.

٣٨٥

أقول : لا يخفى أن المستفاد من تلك الأخبار بكلّيتها : أنّ الجدال هنا هو اليمين ، فلا محيص عن القول به ورفض قول من جعل الجدال مطلق الخصومة على ما هو مقتضى اللغة وإن لم ينقل به قائل.

ولا يشترط مسبوقيّتها بالخصومة ، كما حكي عن السيّد الإجماع عليه (١) ، لإطلاق الأخبار. واستفادة ذلك من الصحيحة الثالثة لأبي بصير ـ كما قيل (٢) ـ ضعيفة ، إذ مدلولها اشتراط عدم كون اليمين في الإكرام ، لا اشتراط كونها في الخصومة.

نعم ، يشترط عدم كونها في الإكرام وطاعة الله ، كما هو المحكيّ عن الإسكافي والفاضل والجعفي (٣) ، لتلك الصحيحة ، وبها تقيّد الأخبار المطلقة. ولا فرق بين كونها في المعصية أو غيرها ، للإطلاق.

ولا يضرّ آخر تلك الصحيحة ، إذ لم يقيّد فيه بما كان في المعصية ، بل بما كانت فيه المعصية ، وكلّ ما لم يكن في الطاعة كانت فيه المعصية بالتقريب المتقدّم.

ومنه يظهر خروج ما توقّف عليه استنقاذ الحقّ أو دفع الدعوى الباطلة عن الجدال ، كما حكي عن الشهيدين (٤) وغيرهما من المتأخّرين (٥) ، لخروجه عن المعصية بأدلّة نفي الضرر.

وكذا يشترط كونها حلفا بالله ، للأخبار المتقدّمة الحاصرة لها بقول : لا والله ، و : بلى والله ، المؤيّدة بالمصرّحة بعدم كون « لعمري » جدالا.

__________________

(١) الإنتصار : ٩٥.

(٢) انظر الرياض ١ : ٣٧٦.

(٣) حكاه عنهم في الدروس : ١ ـ ٣٨٧ ، وهو في المختلف : ٢٧١.

(٤) الشهيد في الدروس ١ : ٣٨٧ ، الشهيد الثاني في الروضة ٢ : ٣٦٢.

(٥) كصاحبي المدارك ٧ : ٣٤٢ ، الحدائق ١٥ : ٤٦٩.

٣٨٦

والظاهر عدم الاختصاص بلفظ « الله » ، بل التعدّي إلى كلّ ما يؤدّي هذا المعنى ، كالرحمن والخالق ونحوهما ، وبالفارسية وغيرها من اللغات ، إذ الأصل في الألفاظ إرادة معانيها دون خصوص اللفظ ، فالمراد بالله معناه ، وهو : الذات المخصوصة.

وكذا يشترط التكرار ثلاثا في الصادقة ، وأمّا الكاذبة فتكفي الواحدة ، للأخبار المتقدّمة الدالّة بالمفهوم أو التفصيل القاطع للشركة على انتفاء الجدال بالأقلّ من الثلاث في الصادقة ، وبها تقيّد المطلقة ، وعليها تحمل الموثّقة الأخيرة بحملها على المرّة.

وحمل الأخبار المتضمّنة للثلاث على بيان ما يوجب الكفّارة خاصّة خلاف الظاهر من الأكثر ، سيّما الصحيحة الأولى لابن عمّار ، حيث رتّبت تحقّق الجدال على الثلاثة ، وفرّعت وجوب الدم على الجدال بلفظة « الفاء ». وجعل المتضمّنة للثلاثة مطلقة لا وجه له.

وهل يشترط قول : لا والله وبلى والله معا ، أو يكفي أحدهما مكرّرا في الصادقة وغير مكرّر في الكاذبة؟

الظاهر : الثاني ، وفاقا للأكثر ، لأنّ النفي والإثبات لا يجتمعان غالبا ، فالمراد بيان الموارد.

السادس : قتل هوام الجسد والثوب من القملة والبرغوث ونحوهما ، وإلقاؤها عنهما.

أمّا الأول فحرمته على المحرم والمحرمة هي المشهورة بين‌

٣٨٧

الأصحاب ، كما صرّح به جماعة (١) ، لصحيحة ابن عمّار المتقدّمة ، المتضمّنة لقوله : « اتّق قتل الدواب كلّها » (٢) ، الشاملة للمسألة.

ورواية أبي الجارود : عن رجل قتل قملة وهو محرم ، قال : « بئس ما صنع » ، قال : فما فداؤها؟ قال : « لا فداء لها » (٣).

المعتضدتين بصحيحة زرارة : عن المحرم هل يحكّ رأسه ويغتسل بالماء؟ قال : « يحكّ رأسه ما لم يتعمّد قتل دابّة » (٤).

وبحسنة الحسين بن أبي العلاء : « المحرم لا ينزع القملة من جسده ولا من ثوبه متعمّدا ، وإن قتل شيئا من ذلك خطأ فليطعم مكانها طعاما قبضة بيده » (٥).

وبسائر ما دلّ على المنع من نزع القملة وإبانتها وإلقائها (٦) ، فإنّ القتل متضمّن لبعض ذلك ، بل يمكن التعدّي منها إلى القتل بالأولويّة.

ولكن بإزاء الروايتين روايات أخرى مخالفة لهما ظاهرا :

كصحيحة ابن عمّار : ما تقول في محرم قتل قملة؟ قال : « لا شي‌ء‌

__________________

(١) منهم صاحب المدارك ٧ : ٣٤٣ ، صاحب الحدائق ١٥ : ٥٠٥ ، صاحب الرياض ١ : ٣٧٧.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٩٧ ـ ١٠٠٦ ، الإستبصار ٢ : ١٧٨ ـ ٥٩٠ ، الوسائل ١٢ : ٤٤٤ أبواب تروك الإحرام ب ١٨ ح ٩.

(٣) الكافي ٤ : ٣٦٢ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٢٣٠ ـ ١٠٩٠ ، الوسائل ١٢ : ٥٣٩ أبواب تروك الإحرام ب ٧٨ ح ١.

(٤) الكافي ٤ : ٣٦٦ ـ ٧ ، الفقيه ٢ : ٢٣٠ ـ ١٠٩٢ ، المقنع : ٧٥ ، الوسائل ١٢ : ٥٣٤ أبواب تروك الإحرام ب ٧٣ ح ٤ ، بتفاوت يسير.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٣٦ ـ ١١٦٠ ، الإستبصار ٢ : ١٩٦ ـ ٦٦١ ، الوسائل ١٣ : ١٦٨ أبواب بقية كفّارات الإحرام ب ١٥ ح ٣.

(٦) الوسائل ١٢ : ٥٣٩ أبواب تروك الإحرام ب ٧٨.

٣٨٨

في القملة ، ولا ينبغي أن يتعمّد قتلها » (١) ، حيث إنّ لفظة : « ينبغي » ، وعموم الشي‌ء المنفيّ وشموله للعقاب ، ظاهران في عدم التحريم.

والأخرى ، وفيها : « ولا بأس بقتل القملة في الحرم وغيره » (٢).

ورواية زرارة : « لا بأس بقتل البرغوث والقملة والبقّة في الحرم » (٣).

والأخرى : عن المحرم يقتل البقّة والبرغوث إذا أراده؟ قال : « نعم » (٤) ، وفي بعض النسخ : إذا رآه ، ونحوها المرويّ في مستطرفات السرائر صحيحا (٥) ، إلاّ أنّ فيه : إذا آذاه ، مكان : إذا أراده.

ولا يخفى أن الأخيرة لا تعارض رواية أبي الجارود ، لاختلاف الموضوع ، وأخصّ مطلقا من الصحيحة الأولى ، لاختصاصها بالبقّة والبرغوث ، ومنهما بصورة إرادة الأذى للمحرم ، ومقتضى الجمع : إخراج هذه الصورة من الحرمة ، فهي خارجة قطعا.

ثم الروايات الثلاث الأخرى أعمّ من وجه من الصحيحة ، لعموميّة الأولى من الثلاثة من جهة الشي‌ء ، والباقيتين من حيث إنّهما يشملان المحرم وغيره ، وعموميّة الصحيحة بالنسبة إلى الدواب ، ومقتضى القاعدة : الرجوع في مورد التعارض ـ وهو مثل هوام الجسد للمحرم ـ إلى الأصل ، وهو جواز القتل ، سيّما مع كونه ـ كما قيل (٦) ـ مخالفا للعامّة.

فلو لا رواية أبي الجارود المنجبر ضعفها ـ لو كان ـ بالعمل لقلنا بذلك‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٦٢ ـ ٢ ، الوسائل ١٢ : ٥٣٩ أبواب تروك الإحرام ب ٧٨ ح ٢.

(٢) الفقيه ٢ : ١٧٢ ـ ٧٦١ ، الوسائل ١٢ : ٥٥١ أبواب تروك الإحرام ب ٨٤ ح ٣.

(٣) الكافي ٤ : ٣٦٤ ـ ١١ ، الوسائل ١٢ : ٥٥١ أبواب تروك الإحرام ب ٨٤ ح ٤.

(٤) الكافي ٤ : ٣٦٤ ـ ٦ ، الوسائل ١٢ : ٥٤٢ أبواب تروك الإحرام ب ٧٩ ح ٣.

(٥) مستطرفات السرائر : ٣٢ ـ ٣٣ ، الوسائل ١٢ : ٥٤٠ أبواب تروك الإحرام ب ٧٨ ح ٧.

(٦) الحدائق ١٥ : ٥٠٨.

٣٨٩

في جميع الهوام ، كما هو ظاهر جماعة من القدماء (١) ، حيث لم يذكروا إلاّ الإزالة عن نفسه والإلقاء دون قتله ، إلاّ أنّ هذه الرواية أخصّ مطلقا من الثلاثة.

ولا تعارضها الأخيرة ، لعدم تعرّضها للقملة ، فإذن الحقّ حرمة قتل القملة للمحرم مطلقا دون غيرها من هوام الجسد ، وفاقا لكلّ من خصّ الذكر بالقمل ، ونسب ذلك إلى الأكثر (٢) ، وقوّاه بعض مشايخنا (٣).

خلافا للمحكيّ عن ابن حمزة ، فجوّز قتل قمل البدن خاصّة دون الثوب (٤) ، وعن بعض المحدّثين ، فجوّز قتل القمّل مطلقا على كراهة (٥) ، وهما ـ كما قيل (٦) ـ شاذّان وعن الدليل التامّ خاليان ، وإن كان في الشذوذ نظر ، لما مرّ من عدم تعرّض جماعة من القدماء للقتل.

وأمّا الثاني ـ أي الإلقاء ـ فذكر حرمته جماعة (٧) ، وقيل باتّفاق الأصحاب ظاهرا على حرمته في القملة (٨) ، وعن الغنية : نفي الخلاف عنه (٩).

__________________

(١) منهم الطوسي في مصباح المتهجد : ٦٢٠ ، الإقتصاد : ٣٠٢ ، الجمل والعقود : ٢٢٨ ، المبسوط ١ : ٣٣٩ ، القاضي في المهذب ١ : ٢٢١.

(٢) كما في كشف اللثام ١ : ٣٢٩ ، والرياض ١ : ٣٧٧.

(٣) وهو صاحب الرياض ١ : ٣٧٧.

(٤) الوسيلة : ١٦٣.

(٥) حكاه في الرياض ١ : ٣٧٧.

(٦) انظر المفاتيح ١ : ٣٤٠ ، الرياض ١ : ٣٧٧.

(٧) منهم الشيخ في النهاية : ٣١٩ ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد ٣ : ١٨٤ ، الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٢٨.

(٨) انظر الرياض ١ : ٣٧٧.

(٩) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٥.

٣٩٠

واستدلّ له بحسنة ابن أبي العلاء المتقدّمة ، وقريبة منها الأخرى (١) ، إلاّ أنّ فيها : « فإن فعل » مكان قوله : « وإن قتل » ، و : « كفّا واحدا » مكان قوله : « قبضة بيده ».

وصحيحة حمّاد بن عيسى : عن المحرم يبين القملة عن جسده فيلقيها ، قال : « يطعم مكانها طعاما » (٢) ، ونحوها صحيحة محمّد (٣).

وصحيحة ابن عمّار : المحرم يحكّ رأسه فتسقط القملة والثنتان ، فقال : « لا شي‌ء عليه ، ولا يعيدها » (٤).

والأخرى : « المحرم يلقي عنه الدواب كلّها إلاّ القملة فإنّها من جسده ، فإذا أراد أن يحوّل قملة من مكان إلى مكان فلا يضرّه » (٥).

ورواية أبي بصير : عن المحرم ينزع الحملة من البعير؟ قال : « لا ، هي بمنزلة القملة من جسدك » (٦).

وصحيحة حريز : « إنّ القراد ليس من البعير ، والحلمة من البعير بمنزلة القملة من جسدك ، فلا تلقها وألق القراد » (٧).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٦٢ ـ ٣ ، الوسائل ١٢ : ٥٣٩ أبواب تروك الإحرام ب ٧٨ ح ٣.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٣٦ ـ ١١٥٨ ، الإستبصار ٢ : ١٩٦ ـ ٦٥٩ ، الوسائل ١٣ : ١٦٨ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٥ ح ١.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٣٦ ـ ١١٥٩ ، الإستبصار ٢ : ١٩٦ ـ ٦٦٠ ، الوسائل ١٣ : ١٦٨ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٥ ح ٢.

(٤) الفقيه ٢ : ٢٢٩ ـ ١٠٨٦ ، التهذيب ٥ : ٣٣٧ ـ ١١٦٥ ، الإستبصار ٢ : ١٩٧ ـ ٦٦٣ ، الوسائل ١٣ : ١٦٩ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٥ ح ٥ ، بتفاوت.

(٥) الفقيه ٢ : ٢٣٠ ـ ١٠٩١ ، التهذيب ٥ : ٣٣٦ ـ ١١٦١ ، الوسائل ١٢ : ٥٤٠ أبواب تروك الإحرام ب ٧٨ ح ٥.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٣٢ ـ ١١٠٨ ، الوسائل ١٢ : ٥٤٣ أبواب تروك الإحرام ب ٨٠ ح ٣.

(٧) الكافي ٤ : ٣٦٤ ـ ٨ ، الفقيه ٢ : ٢٣٢ ـ ١١٠٧ ، الوسائل ١٢ : ٥٤٣ أبواب تروك الإحرام ب ٨٠ ح ٢.

٣٩١

ولا يخفى أنّ تلك الروايات بأسرها خالية عن ذكر غير القملة خصوصا أو عموما ، وصحيحة ابن عمّار الثانية ناصّة على جواز إلقاء غير القملة من الدواب ، ولم يذكره أيضا كثير من قدماء الأصحاب ، فالقول بالجواز فيه خال عن الارتياب ، كما اختاره صريحا بعض المتأخّرين (١).

وأمّا الاستدلال لمنع إلقاء مثل البرغوث والبقّة بصحيحة ابن سنان : أرأيت إن وجدت عليّ قرادا أو حلمة أطرحهما؟ قال : « نعم ، وصغارا لهما ، إنّهما رقيا في غير مرقاهما » (٢) ، كما صدر عن بعضهم (٣).

غير جيد جدّا ، لأنّ غايتها أنّ الارتقاء في غير المرقى يرجّح الاطراح ، ولا دلالة على أنّ الارتقاء في المرقى يمنع عنه.

وأمّا القملة وإن وردت في الأخبار المذكورة إلاّ أنّ صحيحتي حمّاد ومحمّد لا تشتملان على منع إنشائي أو إخباري ، وإنّما تتضمّنان الكفّارة ، وهي غير حرمة الفعل ، مع أنّ وجوبها أيضا محلّ كلام.

وكذلك صحيحة ابن عمّار الأولى ، لرجوع ضمير : « لا يعيدها » إلى القملة ، أي : لا يعيدها إلى موضعها ، فهي بنفي الشي‌ء الشامل للعقاب أيضا على خلاف المطلوب ـ أي الجواز ـ دالّة.

والبواقي ـ غير الأخيرة ـ عن إثبات التحريم قاصرة ، لمكان الجملة الخبريّة.

والأخيرة وإن كانت ظاهرة في التحريم إلاّ أنّها لرواية مرّة معارضة :

__________________

(١) انظر المسالك ١ : ١١٠.

(٢) الكافي ٤ : ٣٦٢ ـ ٤ ، الفقيه ٢ : ٢٢٩ ـ ١٠٨٥ ، التهذيب ٥ : ٣٣٧ ـ ١١٦٢ ، المقنع : ٧٥ ، الوسائل ١٢ : ٥٤١ أبواب تروك الإحرام ب ٧٩ ح ١.

(٣) انظر الرياض ١ : ٣٧٧.

٣٩٢

عن المحرم يلقي القملة؟ فقال : « ألقوها ، أبعدها الله غير محمودة ولا مفقودة » (١).

وكذلك لعموم صحيحة ابن عمّار الأولى المتقدّمة ، وبهما أيضا يعارض سائر الأخبار المذكورة لو جعلناها على الحرمة دالّة.

فإذن الجواز في الجميع أقوى مع الكراهة في القملة ، بل في البواقي أيضا ، لفتوى جماعة ، كما اختاره بعض مشايخنا ونقله عن بعض المحدّثين أيضا (٢).

فرعان :

أ : يجوز نقل القملة وغيرها من مكان من الجسد إلى آخر ولو قلنا في الإلقاء بالحرمة ، بلا خلاف فيه بين الطائفة كما ذكره بعض الأجلّة (٣) ، لصحيحة ابن عمّار الثانية ، ومقتضى إطلاقها عدم اشتراط كون المنقول إليه مساويا أو أحرز ، فالقول به ـ كما اختاره المحقّق الشيخ عليّ (٤) ـ تقييد بلا مقيّد ، إلاّ أن يكون مراده عدم كونه معرضا للسقوط قطعا أو غالبا ، وحينئذ فلا بأس به ، لأنّه في معنى الإلقاء.

ب : يجوز إلقاء القراد والحلم ـ وهو صغير القراد أو عظيمه ـ عن نفسه بلا خلاف ، للأصل ، وصحيحة ابن سنان المتقدّمة.

وكذا يجوز إلقاء الأول من البعير بلا خلاف ، لصحيحة حريز المتقدّمة‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٣٧ ـ ١١٦٤ ، الإستبصار ٢ : ١٩٧ ـ ٦٦٢ ، الوسائل ١٢ : ٥٤٠ أبواب تروك الإحرام ب ٧٨ ح ٦.

(٢) انظر الرياض ١ : ٣٧٧.

(٣) انظر الرياض ١ : ٣٧٧.

(٤) انظر جامع المقاصد ٣ : ١٨٤ و ٣٠٢.

٣٩٣

وغيرها (١).

ولا يجوز إلقاء الحلمة عنها ، وفاقا لجماعة (٢) ، للصحيحة المذكورة وغيرها من الروايات (٣).

السابع : التدهين بعد الإحرام مطلقا ، وبالدهن المطيّب بعده وقبله إذا كان ريحه يبقى إلى الإحرام ، ويجوز بغير المطيّب قبل الإحرام ولو بقي أثره إلى ما بعده ، وكذا بعده مع الضرورة.

أمّا الأول : فحرمته هي الأقوى الأشهر ، لصحيحة ابن عمّار المتقدّمة في صدر مسألة حرمة الطيب (٤).

وصحيحة الحلبي : « لا تدهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك أو عنبر ، من أجل أنّ رائحته تبقى في رأسك بعد ما تحرم ، وأدهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم ، فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحلّ » (٥) ، وقريبة منها مضمرة عليّ بن أبي حمزة (٦).

خلافا للمفيد والعماني والديلمي والحلبي (٧) ، فجوّزوه على كراهة ،

__________________

(١) في ص : ٣٩١.

(٢) منهم الطوسي في التهذيب ٥ : ٣٣٨ ، صاحب الرياض ١ : ٣٧٧.

(٣) الوسائل ١٢ : ٥٤٢ أبواب تروك الإحرام ب ٨٠.

(٤) في ص : ٣٦٩ وهي في الكافي ٤ : ٣٥٣ ـ ١ ، الوسائل ١٢ : ٤٤٣ أبواب تروك الإحرام ب ١٨ ح ٥.

(٥) الكافي ٤ : ٣٢٩ ـ ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٠٢ ـ ٩٢١ وفيه : عن علي بن أبي حمزة ، التهذيب ٥ : ٣٠٣ ـ ١٠٣٢ ، الإستبصار ٢ : ١٨١ ـ ٦٠٣ ، الوسائل ١٢ : ٤٥٨ أبواب تروك الإحرام ب ٢٩ ح ١.

(٦) الكافي ٤ : ٣٢٩ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٢٠٢ ـ ٩٢١ ، التهذيب ٥ : ٣٠٢ ـ ١٠٣١ ، الإستبصار ٢ : ١٨١ ـ ٦٠٢ ، الوسائل ١٢ : ٤٥٨ أبواب تروك الإحرام ب ٢٩ ح ١.

(٧) المفيد في المقنعة : ٤٣٢ ، حكاه عن العماني في المختلف : ٢٦٩ ، الديلمي في المراسم : ١٠٦ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ٢٠٣.

٣٩٤

جمعا بين الأخبار المانعة والناصّة على الجواز بعد الغسل قبل الإحرام ، كصحاح محمّد (١) وابن أبي العلاء (٢) وهشام بن سالم (٣) وغيرها (٤) ، حيث إنّ الظاهر بقاؤه عليه إلى ما بعد الإحرام ، وتساوي الابتداء والاستدامة ، والأمران ممنوعان.

وقد يستدلّ أيضا بالأخبار المرخّصة له حال الضرورة (٥) ، وهو غير جيّد ، لخروجه عن المسألة ، لأنّ المفروض غير حال الضرورة.

وأمّا الثاني : فحرّمه الأكثر أيضا ، لما دلّ على المنع عن الطيب ولو استدامة ، كما مرّ في مسألة الطيب ، لصحيحة الحلبي ورواية علي بن أبي حمزة وغيرهما من الصحاح وغيرها الواردة في ذلك المضمار (٦).

خلافا للمحكيّ عن ابن حمزة (٧) وجماعة (٨) ، فكرّهوه ، للأصل ، وإطلاق جملة من الصحاح بجواز الادهان قبل الإحرام ، وصحيحة محمّد : « لا بأس بأن يدهن الرجل قبل أن يغتسل للإحرام أو بعده » وكان يكره الدهن الخاثر الذي يبقى.

وأجيب : بأنّ الأصل يدفع بما مرّ ، والمطلق يقيّد به ، والكراهة تستعمل بمعنى الحرمة أيضا أو أعمّ منها (٩).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٢٩ ـ ٤ ، الوسائل ١٢ : ٤٦٠ أبواب تروك الإحرام ب ٣٠ ح ٣.

(٢) الكافي ٤ : ٣٣٠ ـ ٥ ، الوسائل ١٢ : ٤٦٠ أبواب تروك الإحرام ب ٣٠ ح ٤.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٠١ ـ ٩١٨ ، التهذيب ٥ : ٣٠٣ ـ ١٠٣٤ ، الإستبصار ٢ : ١٨٢ ـ ٦٠٥ ، الوسائل ١٢ : ٤٦١ أبواب تروك الإحرام ب ٣٠ ح ٦.

(٤) الوسائل ١٢ : ٤٦٠ أبواب تروك الإحرام ب ٣٠ وص ٤٥٨ ب ٢٩.

(٥) الوسائل ١٢ : ٤٦٢ أبواب تروك الإحرام ب ٣١.

(٦) انظر الذخيرة : ٥٩٤ ، الحدائق ١٥ : ٥٠٣.

(٧) الوسيلة : ١٦٤.

(٨) كالطوسي في الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢٢٩.

(٩) انظر المختلف : ٢٦٩ ، الرياض ١ : ٣٧٨.

٣٩٥

أقول : أمّا الأخبار المذكورة فكلّها واردة بالجملة الخبريّة أو ما يحتملها ، ودلالة مثلها على الحرمة ممنوعة.

وأمّا ما دلّ على حرمة استدامة الطيب فهو يعارض أخبار جواز الادهان قبل الإحرام بالعموم من وجه ، فيرجع إلى الأصل.

وأمّا الصحيحة فلا تتضمّن إلاّ الكراهة التي هي أعمّ من الحرمة ، فقول ابن حمزة لا يخلو من قوّة ، والاجتناب أحوط.

وأمّا الثالث : فجوازه ممّا لا خلاف فيه كما قيل (١) ، وعن التذكرة والمنتهى : الإجماع عليه (٢) ، والصحاح به مع ذلك مستفيضة (٣) ، وليس في شي‌ء منها اشتراط عدم بقاء عينه بعد الإحرام مع مخالفته الأصل.

وقيل باشتراطه (٤) ، ولا وجه له ، وصحيحة محمّد المتقدّمة لا تفيد أزيد من المرجوحيّة.

وأمّا الرابع : فهو أيضا موضع وفاق ، وفي المدارك (٥) وغيره (٦) : الإجماع عليه ، والأخبار به مستفيضة من الصحاح وغيرها (٧).

الثامن : إزالة الشعر.

قليله وكثيره عن الرأس واللحية وسائر البدن ، بحلق أو نتف أو‌

__________________

(١) انظر الرياض ١ : ٣٧٧.

(٢) التذكرة ١ : ٣٣٥ ، المنتهى ٢ : ٧٨٧.

(٣) الوسائل ١٢ : ٤٦٠ أبواب تروك الإحرام ب ٣٠.

(٤) انظر القواعد ١ : ٨٢.

(٥) المدارك ٧ : ٣٥٠.

(٦) كالرياض ١ : ٣٧٨.

(٧) الوسائل ١٢ : ٤٦٢ أبواب تروك الإحرام ب ٣١.

٣٩٦

غيرهما بالاختيار ، إجماعا محقّقا ومحكيّا (١) مستفيضا ، له ، ولقوله سبحانه : ( وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ ) (٢).

وصحيحة حريز : « لا بأس أن يحتجم المحرم ما لم يحلق أو يقطع الشعر » (٣).

ورواية عمر بن يزيد : « لا بأس بحكّ الرأس واللحية ما لم يلق الشعر ، ويحكّ الجسد ما لم يدمه » (٤).

دلّتا بمفهوم الغاية ـ الذي هو أقوى المفاهيم ـ بثبوت البأس ـ الذي هو الحرمة ـ إذا أوجب الحلق أو قطع الشعر ، المؤيّد جميعا بالأخبار المستفيضة بل المتواترة معنى ، الآمرة بالفداء أو المانعة بالجملة الخبريّة (٥).

وتجوز الإزالة للضرورة ، للإجماع ، والأصل ، وقوله سبحانه ( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً ) الآية (٦) ، وصحيحة حريز (٧) الواردة في سبب نزول الآية.

ولا يجوز للمحرم حلق رأس المحرم إجماعا ، وفي حلق رأس المحلّ قولان ، الأصل يجوّزه ، وصحيحة معاوية بن وهب (٨) تمنعه (٩) ولكن‌

__________________

(١) انظر الرياض ١ : ٣٧٨.

(٢) البقرة : ١٩٦.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٢٢ ـ ١٠٣٣ بتفاوت يسير ، التهذيب ٥ : ٣٠٦ ـ ١٠٤٦ ، الإستبصار ٢ : ١٨٣ ـ ٦١٠ ، الوسائل ١٢ : ٥١٣ أبواب تروك الإحرام ب ٦٢ ح ٥.

(٤) التهذيب ٥ : ٣١٣ ـ ١٠٧٧ ، الوسائل ١٢ : ٥٣٤ أبواب تروك الإحرام ب ٧٣ ح ٢.

(٥) الوسائل ١٢ : ٥٣١ أبواب تروك الإحرام ب ٧١.

(٦) البقرة : ١٩٦.

(٧) الكافي ٤ : ٣٥٨ ـ ٢ ، التهذيب ٥ : ٣٣٣ ـ ١١٤٧ ، الإستبصار ٢ : ١٩٥ ـ ٦٥٦ ، المقنع : ٧٥ ، الوسائل ١٣ : ١٦٥ أبواب بقية كفّارات الإحرام ب ١٤ ح ١.

(٨) ليست في « س » ، وفي المصادر : معاوية بن عمّار أو معاوية.

(٩) الكافي ٤ : ٣٦١ ـ ٧ ، التهذيب ٥ : ٣٤٠ ـ ١١٧٩ ، الوسائل ١٢ : ٥١٥ أبواب تروك الإحرام ب ٦٣ ح ١.

٣٩٧

بالجملة الخبريّة ، فالأجود الكراهة.

التاسع : قصّ الأظفار كلا أو بعضا.

أي قطعها بأيّ نحو كان ، للإجماع المؤيّد بالأخبار المستفيضة (١) المانعة عنه بالجمل الخبريّة أو المثبتة للفداء.

وتجوز إزالتها مع الاضطرار ، بأن ينكسر ويتضرّر ببقائه ، بلا خلاف فيه ، كما عن المنتهى والتذكرة (٢) ، لصريح صحيحة ابن عمّار ، وفيها : « فإن كانت تؤذيه فليقصها » (٣).

العاشر : قطع الشجر والحشيش النابتين في الحرم.

فإنّه يحرم على المحرم والمحرمة ، إجماعا محقّقا ومحكيّا (٤) مستفيضا ، له ، وللنصوص المتكثّرة المحرّمة للقطع ، أو المانعة عنه بالجمل الخبريّة أو مفهوم الوصف أو إثبات الفداء.

فمن الأولى صحيحة حريز : « كلّ شي‌ء ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين إلاّ ما أنبتّه أنت أو غرسته » (٥).

وصحيحة ابن عمّار : عن شجرة أصلها في الحرم وفرعه في الحلّ ،

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٥٣٨ أبواب تروك الإحرام ب ٧٧.

(٢) المنتهى ٢ : ٧٩٥ ، التذكرة ١ : ٣٣٩.

(٣) التهذيب ٥ : ٣١٤ ـ ١٠٨٣ ، المقنع : ٧٥ ، الوسائل ١٢ : ٥٣٨ أبواب تروك الإحرام ب ٧٧ ح ١.

(٤) انظر الرياض ١ : ٣٧٩.

(٥) الكافي ٤ : ٢٣٠ ـ ٢ ، الفقيه ٢ : ١٦٦ ـ ٧١٨ ، التهذيب ٥ : ٣٨٠ ـ ١٣٢٥ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٣ أبواب تروك الإحرام ب ٨٦ ح ٤.

٣٩٨

فقال : « حرّم فرعها لمكان أصلها » ، قال : قلت : فإن أصلها في الحلّ وفرعها في الحرم؟ قال : « حرّم أصلها لمكان فرعها » (١).

وموثّقة زرارة : « حرّم الله حرمه بريدا في بريد أن يختلى خلاه أو يعضد شجره إلاّ الإذخر » (٢).

والاختلاء والعضد : القطع ، والخلا : النبات اليابس ، كما قاله الجوهري (٣) ، أو الرطب كما ذكره في القاموس وابن الأثير (٤).

وحمّاد بن عثمان : في الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم ، قال : « إن بنى المنزل والشجرة فيه فليس له أن يقلعها ، وإن كانت نبتت في منزله [ وهو له فليقلعها ] » (٥).

والأخرى : عن الرجل يقطع الشجرة من مضربه أو داره في الحرم ، قال : « إن كانت الشجرة لم تزل قبل أن يبني الدار أو يتّخذ المضرب فليس له أن يقلعها ، وإن كانت طريّة عليها فله أن يقلعها » (٦).

ومن الثانية مرسلة عبد الكريم : « لا ينزع من شجر مكّة إلاّ النخيل وشجر الفواكه » (٧) ، وبمضمونها مع زيادة موثّقة سليمان بن خالد (٨).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٣١ ـ ٤ ، الفقيه ٢ : ١٦٥ ـ ٧١٧ ، التهذيب ٥ : ٣٧٩ ـ ١٣٢١ ، الوسائل ١٢ : ٤٥٩ أبواب تروك الإحرام ب ٩٠ ح ١.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٨١ ـ ١٣٣٢ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٥ أبواب تروك الإحرام ب ٨٧ ح ٤.

(٣) الصحاح ٢ : ٥٠٩ ، وج ٦ : ٢٣٣١ وفيه : الخلا : الرطب من الحشيش.

(٤) القاموس المحيط ٤ : ٣٢٧ ، النهاية الأثيرية ٢ : ٧٥.

(٥) الكافي ٤ : ٢٣١ ـ ٦ ، التهذيب ٥ : ٣٨٠ ـ ١٣٢٧ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٤ أبواب تروك الإحرام ب ٨٧ ح ٣ ، بدل ما بين المعقوفين في « ح » و « ق » : وهي له فله أن يقلعها ، وفي « س » : فهي له أن يقلعها ، وما أثبتناه من المصادر.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٨٠ ـ ١٣٢٦ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٤ أبواب تروك الإحرام ب ٨٧ ح ٢ ، بتفاوت.

(٧) الكافي ٤ : ٢٣٠ ـ ١ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٦ أبواب تروك الإحرام ب ٨٧ ح ٩.

(٨) الفقيه ٢ : ١٦٦ ـ ٧٢٠ ، التهذيب ٥ : ٣٧٩ ـ ١٣٢٤ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٤ أبواب تروك الإحرام ب ٨٧ ح ١.

٣٩٩

وصحيحة محمّد : المحرم ينزع الحشيش من غير الحرم ، فقال : « نعم » ، قلت : فمن الحرم؟ قال : « لا » (١).

ورواية جميل بن درّاج : « رآني علي بن الحسين عليه‌السلام وأنا أقلع الحشيش من حول الفساطيط بمنى ، فقال : يا بني ، هذا لا يقلع » (٢).

ورواية إسحاق بن يزيد : الرجل يدخل مكّة فيقطع من شجرها ، قال : « اقطع ما كان داخلا عليك ولا تقطع ما لم يدخل منزلك عليك » (٣).

وصحيحة محمّد بن حمران : عن النبت الذي في أرض الحرم أينزع؟ قال : « أمّا شي‌ء يأكله الإبل فليس به بأس أن تنزعه » (٤).

وصحيحة حريز : « [ يخلّى ] عن البعير يأكل في الحرم ما شاء » (٥).

ورواية زرارة : « رخّص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قطع عودي المحالة ـ وهي : البكرة التي يستقى بها ـ من شجر الحرم والإذخر » (٦).

ومرسلة موسى : « إذا كان في دار الرجل شجرة من شجر الحرم لم تنزع فإن أراد نزعها كفّر بذبح بقرة يتصدّق بلحمها على المساكين » (٧).

__________________

(١) الفقيه ٢ : ١٦٦ ـ ٧٢١ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٢ أبواب تروك الإحرام ب ٨٥ ح ٢.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٧٩ ـ ١٣٢٢ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٣ أبواب تروك الإحرام ب ٨٦ ح ٢.

(٣) الكافي ٤ : ٢٣١ ـ ٣ ، الفقيه ٢ : ١٦٦ ـ ٧٢٢ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٥ أبواب تروك الإحرام ب ٨٧ ح ٦.

(٤) الفقيه ٢ : ١٦٦ ـ ٧١٩ ، التهذيب ٥ : ٣٨٠ ـ ١٣٢٨ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٩ أبواب تروك الإحرام ب ٨٩ ح ٢.

(٥) الكافي ٤ : ٢٣١ ـ ٥ ، الفقيه ٢ : ١٦٦ ـ ٧١٩ ، التهذيب ٥ : ٣٨١ ـ ١٣٢٩ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٨ أبواب تروك الإحرام ب ٨٩ ح ١ ، وما بين المعقوفين ليست في النسخ ، أضفناها من المصادر.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٨١ ـ ١٣٣٠ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٥ أبواب تروك الإحرام ب ٨٧ ح ٥.

(٧) التهذيب ٥ : ٣٨١ ـ ١٣٣١ ، الوسائل ١٣ : ١٧٤ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٨ ح ٣‌

٤٠٠