مستند الشّيعة - ج ١١

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١١

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-015-3
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤١٨

البحث الثاني

في واجباته‌

وهي أيضا أمور :

الأول : النيّة.

قالوا : ويجب فيها قصد الفعل والقربة ، بلا خلاف ولا إشكال ، وظهر وجهه في كتاب الطهارة والصلاة ، وكذا قصد المميّز إن أمكن وقوع الفعل على وجوه ، كالأصالة ، والنيابة ، والندب ، والوجوب ، إذا لم يكن مميّز خارجي ، كما إذا كانت عليه نيابة موسّعة أو واجب موسّع ، إذ مع الضيق لا يمكن وقوع الفعل إلاّ على تلك الجهة ، فيكون هو المميّز.

ومنه يظهر عدم لزوم قصد حجّة الإسلام ، إذ مع وجوبها لا يمكن وقوع غيرها.

وكذا يجب قصد الجنس من الحجّ والعمرة ، والنوع من التمتّع أو القران أو الإفراد.

لا لتوقّف التميّز عليه ، لحصوله بما ينضمّ إليه من باقي النسك ، وعدم وجوب التميّز الابتدائي ، كما مرّ في موضعه.

بل قد يقال : بعدم اعتبار التميّز هنا أيضا ، لأنّ النسكين في الحقيقة غايتان للإحرام غير داخلين في حقيقته ، ولا يشترط تعيين الغاية ، لعدم اختلاف حقيقة الفعل ولا آثاره ولا لوازمه باختلاف الغايات.

ولكنّه غير جيّد ، لمنع كون الإحرام خارجا عن النسكين مأمورا به‌

٢٨١

بأمر أصلي على حدة ، فيكونا غايتين له ، بل هو جزء من كلّ منهما مأمورا به بتبعية الأمر بهما ، مضافا إلى منع عدم اختلاف الآثار واللوازم باختلاف الغايات ، فيمكن أن يكون لإحرام الحجّ أجر ولإحرام العمرة أجر آخر.

بل للصحاح وغيرها من المستفيضة المتقدّمة (١) في بيان خصائص التمتّع ، المصرّحة بوجوب قصد المتعة المسرية إلى سائر الأنواع بعدم القول بالفصل ، المعتضدة بأخبار دعاء حال الإحرام (٢) ، المتضمّنة لتعيينه.

ولو نوى نوعا ونطق بغيره عمدا أو سهوا فالمعتبر المنوي ، لأنّ النيّة أمر قلبي ولا اعتبار بالنطق ، وصرّح به في بعض الصحاح (٣) أيضا.

ولو أخلّ بالنيّة عمدا أو سهوا لم يصحّ إحرامه ، بلا خلاف فيه بين علمائنا كما في المدارك (٤) ، لفوات الكلّ أو المشروط بفوات الجزء أو الشرط.

هذا بيان المقام على ما هو الموافق لكلام القوم.

وأقول : إنّ مرادهم بالنيّة المذكورة في هذا المقام إن كان نيّة نفس الإحرام ، فإنّا نراهم يقولون : إنّ الإحرام هنا بمنزلة الإحرام في الصلاة ، وإنّ التلبية هنا قائمة مقام التكبيرة ، ونراهم لا يوجبون نيّة إحرام للصلاة زائدة على نيّة الصلاة ، مع أنّه ورد في الأخبار (٥) الإحرام بالصلاة متكرّرا كوروده في العمرة والحجّ ، فما وجه الفرق بينهما؟!

__________________

(١) انظر الوسائل ١١ : ٢١٢ أبواب أقسام الحجّ ب ٢.

(٢) كما في الوسائل ١٢ : ٣٤٠ أبواب الإحرام ب ١٦.

(٣) التهذيب ٥ : ٧٦ ـ ٢٦١ ، الإستبصار ٢ : ١٦٧ ـ ٥٥١ ، الوسائل ١٢ : ٣٤٢ أبواب الإحرام ب ١٧ ح ١.

(٤) المدارك ٧ : ٢٥٩.

(٥) الوسائل ١٢ : ٣٤٠ أبواب الإحرام ب ١٦.

٢٨٢

وإن كان نيّة أحد النسكين فهو لا يلائم ما ذكروه من نيّة الإحرام زائدة على نيّة التمتّع ، ولا قولهم : إنّ النسكين غايتان للإحرام ولا يشترط تعيين الغاية في نيّة الفعل.

ثم أقول : إن كان مرادهم هو الأول ، فلا دليل على وجوبه واشتراطه أصلا ، والأخبار كلّها واردة في نيّة العمرة أو الحجّ أو المتعة ، والأصل ينفيه.

فإن قيل : الإحرام فعل من أفعال أحد النسكين مأمور به ، فيكون عبادة محتاجة إلى النيّة.

قلنا : لا نسلّم أنّ الإحرام فعل غير التلبّس بأحد النسكين والشروع فيه مطلقا ، أو بما تحرم معه محظورات الحجّ والعمرة من أجزائهما ، فهو لفظ معناه أحد الأمرين ، لا أنّه أمر آخر وجزء مأمور به بنفسه من حيث هو ، ولذا تكفي نيّة الصلاة عن نية إحرامها وتكبيرتها ، مع أنّه أيضا ممّا ورد به الأمر في الأخبار.

فمعنى الإحرام : الشروع أو الدخول في أحد النسكين إمّا مطلقا أو مقيّدا بما ذكر ، فنيّته تكفي عن نيّته.

ومعنى غسل الإحرام وثوب الإحرام ونحو ذلك : غسل الدخول في الحجّ ، ومثلا : الثوب الذي يجب لبسه في التلبّس بالحجّ.

ومعنى عدم جواز تجاوز الميقات إلاّ محرما : أي إلاّ متلبّسا بالحجّ مثلا.

وإن كان مرادهم هو الثاني ، فهو كذلك ، وهو الذي تدلّ عليه الأخبار (١) ، كقوله : « يهلّ بالحجّ » ، أو : « يفرض الحجّ » ، أو : « ينوي المتعة » وغير ذلك.

__________________

(١) الوسائل ١١ : ٢١٢ أبواب أقسام الحجّ ب ٢.

٢٨٣

وأصرح من الجميع صحيحة ابن عمّار الواردة في حجّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفيها : « فلمّا انتهى إلى ذي الحليفة فزالت الشمس اغتسل ، ثم خرج حتى أتى المسجد الذي هو عند الشجرة فصلّى فيه الظهر ، ثم عزم على الحجّ مفردا ، وخرج حتى انتهى إلى البيداء عند الميل الأول ، فصفّ له سماطان ، فلبّى بالحجّ » الحديث (١).

وفي صحيحة الحلبي الواردة فيه : « وأحرم الناس كلّهم بالحجّ لا ينوون عمرة » الحديث (٢).

ولكن لا يحسن حينئذ جعل أحد النسكين غاية الإحرام ، إلاّ أنّ ذلك شي‌ء قاله بعض متأخّري المتأخّرين (٣).

ويمكن أن يكون مراد الباقين أيضا من نيّة الإحرام هو : النيّة الحاصل بها الإحرام والدخول في النسك.

ثم إنّه على أن لا يكون المراد منه غير نيّة الحجّ أو العمرة لا يشترط في تلك النيّة غير تصوّر أفعال أحدهما مجملا أو مفصّلا ، ولو اعتبر نيّة الإحرام يعتبر تصوّر معناه وأفعاله ، بل تصوّر محظوراته ولو بالإجمال ، على أن يكون المراد بالإحرام : تحريم هذه الأشياء ، أو فعل يحرم معه هذه الأشياء.

وأمّا لو كان المراد نيّة الحجّ أو العمرة فلا يشترط ذلك وإن لزم تحريم هذه الأمور بالدخول في أحدهما ، كما لا يشترط تصوير منافيات الصلاة حال نيّتها ، وإن حرمت بالدخول في الصلاة.

وقد ظهر ممّا ذكرنا أنّ جعلنا الإحرام فعلا ثم النيّة واللبس والتلبية من‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٤٥ ـ ٤ ، التهذيب ٥ : ٤٥٤ ـ ١٥٨٨ ، مستطرفات السرائر : ٢٢ ـ ٣ ، الوسائل ١١ : ٢١٣ أبواب أقسام الحجّ ب ٢ ح ٤ : بتفاوت يسير.

(٢) الكافي ٤ : ٢٤٨ ـ ٦ ، الفقيه ٢ : ١٥٣ ـ ٦٦٥ ، العلل : ٤١٢ ـ ١ ، الوسائل ١١ : ٢٢٢ أبواب أقسام الحجّ ب ٢ ح ١٤.

(٣) قاله في الرياض ١ : ٣٦٦.

٢٨٤

أفعاله والمحظورات من تروكه إنّما هو جري على الطريقة المجرية عليها ، وإلاّ كان المناسب أن تجعل النيّة من أحد أفعال العمرة ـ مثلا ـ واللبس واحدا والتلبية واحدا والطواف واحدا ، إلى آخر الأفعال ، وتجعل المحظورات محظورات المعتمر ، وهكذا في الحجّ.

ويستحبّ في النيّة أمران :

الأول : أن يتلفّظ بما يعزم عليه وينويه ، للأخبار المستفيضة :

كصحيحة ابن عمّار ، وفيها : « وإذا انفتلت من صلاتك فاحمد الله وأثن عليه وصلّ على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقل : اللهمّ إنّي أسألك » إلى أن قال : « اللهمّ إنّي أريد التمتّع بالعمرة إلى الحجّ على كتابك وسنّة نبيّك ، فإن عرض لي شي‌ء يحبسني فحلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت عليّ ، اللهمّ إن لم يكن حجّة فعمرة ، أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي وعظامي ومخّي وعصبي من النساء والثياب والطيب ، أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة » ، قال : « ويجزئك أن تقول هذا مرّة واحدة حتى تحرم ، ثم قم فامش هنيهة ، فإذا استوت بك الأرض ماشيا كنت أو راكبا فلبّ » (١).

وصحيحة حمّاد : قلت له : إنّي أريد أن أتمتّع بالعمرة إلى الحجّ ، كيف أقول؟ قال : « تقول : اللهمّ إنّي أريد أن أتمتّع بالعمرة إلى الحجّ على كتابك وسنّة نبيّك صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإن شئت أضمرت التي تريد » (٢) ، ونحوها رواية أبي الصباح (٣).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٣١ ـ ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٠٦ ـ ٩٣٩ ، التهذيب ٥ : ٧٧ ـ ٢٥٣ ، الإستبصار ٢ : ١٦٦ ـ ٥٤٨ ، الوسائل ١٢ : ٣٤٠ أبواب الإحرام ب ١٦ ح ١.

(٢) الكافي ٤ : ٣٣٢ ـ ٣ ، الفقيه ٢ : ٢٠٧ ـ ٩٤١ ، التهذيب ٥ : ٧٩ ـ ٢٦١ ، الإستبصار ٢ : ١٦٧ ـ ٥٥١ ، الوسائل ١٢ : ٣٤٢ أبواب الإحرام ب ١٧ ح ١.

(٣) التهذيب ٥ : ٧٩ ـ ٢٦٢ ، الإستبصار ٢ : ١٦٧ ـ ٥٥٢ ، الوسائل ١٢ : ٣٤٣ أبواب الإحرام ب ١٧ ح ٢.

٢٨٥

وصحيحة ابن سنان : « إذا أردت الإحرام والتمتّع فقل : اللهمّ إنّي أريد ما أمرت به من التمتّع بالعمرة إلى الحجّ فيسّر ذلك لي وتقبّله منّي وحلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت عليّ ، أحرم لك شعري وبشري من النساء والطيب والثياب ، فإن شئت فلبّ حين تنهض ، وإن شئت فأخّره حتى تركب » الحديث (١).

ولا يخفى أنّ استحباب ذلك مخصوص بالحجّ والعمرة ، فإنّ غيرهما من العبادات لا يستحبّ التلفّظ بالمنويّ فيه ، قال بعض شرّاح المفاتيح : يمتاز الحجّ من بين سائر العبادات باستحباب التلفّظ بما ينوي ويعزم عليه.

ثم إنّ ذلك غير ما يستحبّ زيادته في التلبية من قولك : لبّيك بحجّة وعمرة ، ونحوه ، وليس هو التلفّظ بما يحرم ، بل هو دعاء مستحبّ.

وقد فسّر بعض شرّاح النافع (٢) قول المصنّف ـ والتلفّظ بما يعزم عليه ـ بما يذكر في التلبية ، واستدلّ برواياته ، وليس بجيّد ، ولذا عدّهما في المدارك والمفاتيح (٣) أمرين ، وذكر الأول في الأخبار المذكورة قبل التلبّي.

الثاني : أن يشترط عند إحرامه أن يحلّه من إحرامه حيث منعه مانع من الإتمام وأن يتمّه عمرة إن لم يتيسّر له حجّة ، ولا خلاف في استحبابه كما صرّح به غير واحد (٤) ، بل صرّح جماعة بالإجماع أيضا (٥).

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٧٩ ـ ٢٦٣ ، الإستبصار ٢ : ١٦٧ ـ ٥٥٣ ، الوسائل ١٢ : ٣٤١ أبواب الإحرام ب ١٦ ح ٢.

(٢) انظر الرياض ١ : ٣٧١.

(٣) المدارك ٧ : ٢٩٨ ، ٢٩٩ ، المفاتيح ١ : ٣١٤.

(٤) كما في الذخيرة : ٥٨٤ ، والرياض ١ : ٣٧١.

(٥) منهم السيّد المرتضى في الإنتصار : ١٠٥ ، الفاضل المقداد في التنقيح ١ : ٤٦٥ ، الفيض في المفاتيح ١ : ٣١٢ ، صاحب الحدائق ١٥ : ١٠٠.

٢٨٦

وتدلّ عليه الصحاح المستفيضة كما مرّت طائفة منها ، ويتأدّى بكلّ لفظ أفاد المراد عملا بالإطلاق ، كما صرّح به في المنتهى (١) وغيره (٢) ، وإن كان باللفظ المنقول في إحدى الصحاح المتقدّمة أولى ، ولا يتأدّى المستحبّ بنيّة الاشتراط من دون التلفّظ به ، بل لا اعتداد بها ، للأصل.

وقد وقع الخلاف في فائدة هذا الاشتراط بعد الاتّفاق على أنّه حلّ إذا حبس ، اشترط أو لم يشترط ، كما نطقت به بعض النصوص ، ( فبعض قال بأنّها ) (٣) : التحلّل عند الحبس من دون هدي ، وتعجيل التحليل قبل بلوغ الهدي محلّه ، وبأنّها : سقوط الحجّ من قابل ، وبأنّها : استحقاق الثواب والتعبّد ، والله سبحانه أعلم.

الثاني : لبس الثوبين.

وهما واجبان بلا خلاف يعلم ، كما في المنتهى والذخيرة والكفاية (٤) ، بل هو مقطوع به في كلام الأصحاب ، كما في المدارك (٥) ، بل إجماعي ، كما عن التحرير (٦) وفي المفاتيح (٧) وشرحه ، بل إجماع محقّق ، وتدلّ عليه معه الأخبار المستفيضة :

كصحيحة [ ابن ] عمّار : « إذا انتهيت إلى العقيق من قبل العراق أو إلى‌

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٦٨٠.

(٢) كالحدائق ١٥ : ١٠١ ، الرياض ١ : ٣٧١.

(٣) بدل ما بين القوسين في « ح » : فتبين فائدة ..

(٤) المنتهى ٢ : ٦٨١ ، الذخيرة : ٥٨٠ ، الكفاية : ٥٨.

(٥) المدارك ٧ : ٢٧٤.

(٦) التحرير ١ : ٩٦.

(٧) المفاتيح ١ : ٣١٣.

٢٨٧

الوقت من هذه المواقيت وأنت تريد الإحرام إن شاء الله فانتف إبطيك ، وقلّم أظفارك ، وأطل عانتك ، وخذ من شاربك ، ولا يضرّك بأيّ ذلك بدأت ، ثم استك ، واغتسل ، والبس ثوبيك ، وليكن فراغك من ذلك إن شاء الله عند زوال الشمس ، وإن لم يكن عند زوال الشمس فلا يضرّك ، غير أنّي أحبّ أن يكون عند زوال الشمس » (١).

والأخرى الواردة في إحرام الحجّ : « إذا كان يوم التروية فاغتسل ، والبس ثوبيك » (٢) ، وقد مرّت بتمامها في مقدّمة الإحرام.

والثالثة الواردة فيه أيضا ، وفيها : « إذا أردت أن تحرم يوم التروية » إلى أن قال : « واغتسل ، والبس ثوبيك ، ثم ائت المسجد الحرام ، فصلّ فيه ستّ ركعات قبل أن تحرم » الحديث (٣).

وصحيحة هشام ، وفيها : « فاغسلوا بالمدينة ، والبسوا ثيابكم التي تحرمون فيها » الخبر (٤).

وفي صحيحة ابن وهب : « إن شئت استمتعت بقميصك حتى تأتي الشجرة ، فتفيض عليك من الماء ، وتلبس ثوبيك إن شاء الله » (٥) ، إلى غير ذلك.

ولا يضرّ ورود بعض الأوامر في تلو الأوامر المستحبّة ، ولا وقوع‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٢٦ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٢٠٠ ـ ٩١٤ ، الوسائل ١٢ : ٣٣٩ أبواب الإحرام ب ١٥ ح ٦.

(٢) الكافي ٤ : ٤٥٤ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ١٦٧ ـ ٥٥٧ ، الوسائل ١٢ : ٤٠٨ أبواب الإحرام ب ٥٢ ح ١.

(٣) الكافي ٤ : ٤٥٤ ـ ٢ ، التهذيب ٥ : ١٦٨ ـ ٥٥٩ ، الوسائل ١٢ : ٤٠٩ أبواب الإحرام ب ٥٢ ح ٢.

(٤) الكافي ٤ : ٣٢٨ ـ ٧ ، الفقيه ٢ : ٢٠١ ـ ٩١٨ ، التهذيب ٥ : ٦٣ ـ ٢٠٢ ، الوسائل ١٢ : ٣٢٦ أبواب الإحرام ب ٨ ح ١.

(٥) التهذيب ٥ : ٦٤ ـ ٢٠٣ ، الوسائل ١٢ : ٣٢٥ أبواب الإحرام ب ٧ ح ٣.

٢٨٨

بعض آخر بالجملة الخبرية ، لأنّ خروج جزء من الخبر عن حقيقته بدلالة خارجية لا يوجب خروج الآخر ، ولأنّ الإجماع وسائر الأوامر قرائن على إرادة الوجوب من الخبرية.

والظاهر ـ كما ذكره في الذخيرة (١) ـ أنّ محلّ لبسهما قبل عقد الإحرام ، أي نيّة الحجّ أو العمرة ، لا لئلاّ يكون بعده لابسا للمخيط ، لعدم التلازم بينهما ، بل لصحيحتي ابن عمّار الأخيرتين ، المؤيّدتين بالأولى منها أيضا وبغيرها من الأخبار (٢) أيضا.

وهل لبسهما من شرائط صحّة الإحرام ، بمعنى : أنّه ما لم يلبسهما لم يكن داخلا في الحجّ أو العمرة وإن نوى أحدهما ، كما أنّ من ينوي الصلاة ليس داخلا فيها ما لم يشرع في فعل آخر ، أو لم تكن التلبية الغير المسبوقة به محرّمة لما يحرم بالإحرام؟

أم لا ، بل يدخل في النسك بمجرد النيّة ، ويحرم عليه بالتلبية ما يحرم وإن لم يسبق به إلاّ أن يكون واجبا مأثوما تاركه؟

حكي الأول عن ظاهر الإسكافي (٣) ، وليس كذلك ، فإنّ كلامه لا يفيد سوى اشتراط التجرّد ، وهو أعمّ من اشتراط اللبس.

والثاني مصرّح به في كلام جماعة ، كالمقداد والشهيد الثاني وسبطه والذخيرة (٤) ، وجماعة ممّن تأخّر عنهم (٥) ، بل نسب إلى ظاهر الأصحاب (٦) ،

__________________

(١) الذخيرة : ٥٨٠.

(٢) الوسائل ١٢ : ٤٠٨ أبواب الإحرام ب ٥٢.

(٣) حكاه عنه في المختلف : ٢٦٤ ، والرياض ١ : ٣٦٨.

(٤) المقداد في التنقيح ١ : ٤٦٠ ، الشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٠٥ ، وسبطه في المدارك ٧ : ٢٧٤ ، الذخيرة : ٥٨٠.

(٥) كصاحبي الحدائق ١٥ : ٧٨ ، والرياض ١ : ٣٦٨.

(٦) كما في الدروس ١ : ٣٤٥.

٢٨٩

وهو الأقوى ، لأنّ المراد بالإحرام إمّا هو الشروع في الحجّ أو العمرة والدخول فيه ، فقد تحقّق بعزمه ونيّته ، أو صيرورته بحيث تحرم عليه المحظورات المعهودة ، فلا يتحقّق إلاّ بالتلبية.

والأصل ـ الموافق لإطلاقات التحريم بالتلبية ـ عدم اشتراطها بمسبوقية اللبس ، وإن كان الإحرام بنفسه أيضا فعلا مأمورا به من حيث هو هو ، كما هو ظاهر كلماتهم ، فالأصل عدم كون اللبس جزءا منه حتى تنتفي صحّته بانتفائه.

وقد يستدلّ أيضا بمثل صحيحة ابن عمّار : في رجل أحرم وعليه قميصه ، فقال : « ينزعه ولا يشقّه ، وإن كان لبسه بعد ما أحرم شقّه [ وأخرجه ] ممّا يلي رجليه » (١).

حيث إنّ الإخراج من قبل الرجل للتحرّز عن ستر الرأس ، فإذا لم يجب لو أحرم مع القميص يعلم أنّه لم ينعقد إحرامه المحرّم لستر الرأس.

وفيه نظر ، لجواز أن لا يكون الحكم لما ذكر ، بل كان تعبّدا.

فروع :

أ : المراد بالثوبين : الرداء والإزار ، بلا إشكال فيه كما قيل (٢).

وتدلّ عليه صحيحة ابن سنان ، وهي طويلة ، وفيها : « فلمّا نزل الشجرة أمر الناس بنتف الإبط وحلق العانة والغسل والتجرّد في إزار ورداء ،

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٤٨ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٧٢ ـ ٢٣٨ ، الوسائل ١٢ : ٤٨٨ أبواب تروك الإحرام ب ٤٥ ح ٢ ، وبدل ما بين المعقوفين في النسخ : أخرج ، وما أثبتناه من المصادر.

(٢) انظر الرياض ١ : ٣٦٨.

٢٩٠

أو إزار وعمامة يضعها على عاتقه إن لم يكن له رداء » (١).

وفي صحيحة محمّد وغيرها : « يلبس المحرم القباء إذا لم يكن له رداء » (٢).

وفي صحيحة ابن عمّار : « ولا سراويل إلاّ أن لا يكون إزار » (٣).

وفي بعض الروايات العامّية عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ولبس إزار ورداء ونعلين » (٤).

ب : قالوا : المعتبر من الرداء ما يوضع على المنكبين ، ومن الإزار ما يستر العورة وما بين السرّة إلى الركبتين ، ولعلّ الوجه اعتبار صدق الاسم عرفا المتوقّف على ذلك ، بل الظاهر في الأول ستر شي‌ء ممّا بين الكتفين أيضا.

وفي التوقيع الرفيع المرويّ في الإحتجاج عن مولانا صاحب الزمان : « جائز أن يتّزر الإنسان كيف شاء إذا لم يحدث في المئزر حدثا بمقراض ولا إبرة تخرجه عن حدّ المئزر ، وغرزه غرزا ولم يعقد ولم يشدّ بعضه ببعض ، وإذا غطّى السرّة والركبتين كليهما فإنّ السنّة المجمع عليها بغير خلاف تغطية السرّة والركبتين ، والأحبّ إلينا والأكمل لكلّ أحد شدّه على سبيل المألوفة المعروفة جميعا إن شاء الله » (٥).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٤٩ ـ ٧ ، الوسائل ١١ : ٢٢٣ أبواب أقسام الحجّ ب ٢ ح ١٥.

(٢) الفقيه ٢ : ٢١٨ ـ ٩٩٧ ، الوسائل ١٢ : ٤٨٧ أبواب تروك الإحرام ب ٤٤ ح ٧.

(٣) الكافي ٤ : ٣٤٠ ـ ٩ ، الفقيه ٢ : ٢١٨ ـ ٩٩٨ ، الوسائل ١٢ : ٤٧٣ أبواب تروك الإحرام ب ٣٥ ح ١.

(٤) كما في مسند أحمد ٢ : ٣٤.

(٥) الإحتجاج ٢ : ٤٨٥ ، الوسائل ١٢ : ٥٠٢ أبواب تروك الإحرام ب ٥٣ ح ٣ ، بتفاوت.

٢٩١

ج : كيفيّة لبسهما هي الكيفيّة المعروفة ، فيغطّي بالرداء المنكبين وما يحويه ممّا بينهما ، وهو المراد بالارتداء الوارد في كلام جماعة ، وبالإزار ما بين السرّة والركبتين.

وعن الشيخ والحلّي والقواعد والمسالك (١) وبعض آخر (٢) : التخيير في الرداء بين الارتداء والتوشّح ، وهو تغطية أحد المنكبين.

وعن بعض أهل اللغة : التوشّح بالثوب : هو إدخاله تحت اليد اليمنى وإلقاؤه على المنكب الأيسر كما يفعل المحرم (٣) ، ونحوه في المغرب (٤).

وعن الوسيلة (٥) : التوشّح من غير ذكر للارتداء. ولا شكّ في ضعف ذلك ، لعدم دليل على تعيينه.

وأمّا الجواز ، فاستدلّ له بالإطلاق. وفي دلالته عليه نظر ، لأنّه ليس هناك إطلاق يشمله ، والمتبادر من لبس الرداء الارتداء به ، كما أنّ المتبادر من لبس العمامة والمنطقة التعمّم والتمنطق.

وهل يجوز عقد الرداء ، أم لا؟

فعن الفاضل والدروس (٦) وغيرهما (٧) : عدم الجواز ، واستدلّ له بموثّقة الأعرج : عن المحرم يعقد إزاره في عنقه؟ قال : « لا » (٨).

__________________

(١) الشيخ في المبسوط ١ : ٣١٤ ، الحلي في السرائر ١ : ٥٣٠ ، القواعد ١ : ٨٠ ، المسالك ١ : ١٠٧.

(٢) كالرياض ١ : ٣٦٨.

(٣) المصباح المنير : ٦٦١.

(٤) المغرب ٢ : ٢٥٠.

(٥) الوسيلة : ١٦٠.

(٦) الفاضل في التذكرة ١ : ٣٣٢ ، الدروس ١ : ٣٤٤.

(٧) انظر الرياض ١ : ٣٧٥.

(٨) الفقيه ٢ : ٢٢١ ـ ١٠٢٣ ، الوسائل ١٢ : ٥٠٢ أبواب تروك الإحرام ب ٥٣ ح ١.

٢٩٢

وفي دلالتها على التحريم ثم في الرداء نظر ، لجواز أن يكون السؤال عن الإباحة دون الجواز بالمعنى الأعم.

ويمكن الاستدلال له بأنّ الظاهر من الأمر بالارتداء المستفاد من لبس الرداء هو : الإلقاء ، دون العقد والشدّ ، فإنّه غير الارتداء ، فتأمّل.

وأمّا الإزار ، فصرّح جماعة بجواز عقده (١) ، قال في المنتهى : يجوز للمحرم أن يعقد إزاره عليه ، لأنّه يحتاج إليه لستر العورة (٢).

أقول : ويدلّ عليه أيضا الأصل ، وكونه طريق لبس الإزار ، ورواية القدّاح : « إنّ عليّا عليه‌السلام كان لا يرى بأسا بعقد الثوب إذا قصر ثم يصلّي وإن كان محرما » (٣).

إلاّ أنّ في موثّقة الأعرج المتقدّمة النهي عن عقده في عنقه ، وكذا في المرويّ في قرب الإسناد : « المحرم لا يصلح له أن يعقد إزاره على رقبته ، ولكن يثنيه على عنقه ولا يعقده » (٤).

ولكن المنهيّ فيهما العقد على العنق ، ولا بأس به ، لكونه غير الطريق المألوف في الاتّزار.

نعم ، في التوقيع المتقدّم النهي عن عقده مطلقا ، فإذن الأحوط ـ بل الأظهر ـ تركه.

د : الظاهر ـ كما صرّح به جماعة ، منهم : المدارك والذخيرة (٥)

__________________

(١) منهم الشهيد في الدروس ١ : ٣٤٤ ، صاحب المدارك ٧ : ٣٣٠ ، السبزواري في الذخيرة : ٥٨٠.

(٢) المنتهى ٢ : ٧٨٣.

(٣) الكافي ٤ : ٣٤٧ ـ ٣ ، الوسائل ١٢ : ٥٠٢ أبواب تروك الحج ب ٥٣ ح ٢.

(٤) قرب الإسناد : ٢٤١ ـ ٩٥٣ ، الوسائل ١٢ : ٥٠٣ أبواب تروك الإحرام ب ٥٣ ح ٥ ، البحار ١٠ : ٢٥٤.

(٥) المدارك ٧ : ٢٧٤ ، الذخيرة : ٥٨٠.

٢٩٣

وغيرهما (١) ـ عدم وجوب استدامة اللبس ، لصدق الامتثال ، وعدم دليل على وجوب الاستمرار.

وتدلّ عليه أيضا مثل رواية الشحّام : عن امرأة حاضت وهي تريد الإحرام فطمثت ، فقال : « تغتسل وتحتشي بكرسف وتلبس ثياب الإحرام وتحرم ، فإذا كان الليل خلعتها ولبست ثيابها الآخر حتى تطهر » (٢).

هـ : صرّح جماعة ـ منهم : المبسوط والنهاية والمصباح ومختصره والإقتصاد والكافي والغنية والمراسم والنافع والقواعد والمنتهى والإرشاد والتحرير واللمعة والروضة والمسالك (٣) وغيرها (٤) ـ بأنّه يشترط في ثوبي الإحرام كونهما ممّا يصحّ الصلاة فيه ، وفي الكفاية : أنّه المعروف من مذهب الأصحاب (٥) ، وفي المفاتيح : أنّه لا خلاف فيه (٦) ، وفي شرحه : أنّه اتّفقت عليه كلمات الأصحاب.

واستدلّ له بمفهوم صحيحة حريز : « كلّ ثوب يصلّى فيه فلا بأس بأن يحرم فيه » (٧).

__________________

(١) كالرياض ١ : ٣٦٨.

(٢) الكافي ٤ : ٤٤٥ ـ ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٨٨ ـ ١٣٥٧ ، الوسائل ١٢ : ٤٠٠ أبواب الإحرام ب ٤٨ ح ٣. والكرسف : القطن.

(٣) المبسوط ١ : ٣١٩ ، النهاية : ٢١٧ ، مصباح المتهجّد : ٦١٨ ، الإقتصاد : ٣٠١ ، الكافي في الفقه : ٢٠٧ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٤ ، المراسم : ١٠٨ ، النافع : ٨٣ ، القواعد ١ : ٨٠ ، المنتهى ٢ : ٦٨١ ، الإرشاد ١ : ٣١٥ ، التحرير ١ : ٩٦ ، اللمعة ( الروضة ٢ ) : ٢٣١ ، المسالك ١ : ١٠٧.

(٤) كالرياض ١ : ٣٦٨.

(٥) كفاية الأحكام : ٥٨.

(٦) المفاتيح ١ : ٣١٧.

(٧) الكافي ٤ : ٣٣٩ ـ ٣ ، الفقيه ٢ : ٢١٥ ـ ٩٧٦ ، التهذيب ٥ : ٦٦ ـ ٢١٢ ، الوسائل ١٢ : ٣٥٩ أبواب الإحرام ب ٢٧ ح ١.

٢٩٤

واعترض عليها في جانب الإثبات بالجلود التي تصحّ الصلاة فيها ، إذ لا يصدق عليها الثوب.

وفي جانب النفي بعدم صراحتها في الحرمة ، لأعمّية البأس منها ومن الكراهة.

ويرد على الأول : منع عدم صدق الثوب على مطلق الجلود حتى مثل الفرو.

وعلى الثاني : منع أعمّية البأس ، كما حقّقناه في موضعه.

نعم ، يرد عليها : أنّ دلالتها إنّما هي بمفهوم الوصف ، وهو غير حجّة على التحقيق ، فلا دليل يوجب الخروج عن الأصل ، إلاّ أن يثبت الإجماع ، وهو أيضا مشكل ، إذ المحكيّ عن كثير من الأصحاب عدم التعرّض لذلك ، إمّا بالكلّية ـ كالشيخ في الجمل والحلّي ويحيى بن سعيد ـ أو لجميع الأفراد ، كالسيّد في الجمل وابن حمزة والمفيد.

نعم ، لا شكّ في حرمة لبس المغصوب والميّتة مطلقا والحرير للرجل لو قلنا بحرمة لبسه ذلك أيضا.

ويمكن القول بحرمة النجس أيضا ، لمفهوم الشرط في صحيحة ابن عمّار : عن المحرم يقارن بين ثيابه وغيرها التي أحرم فيها ، قال : « لا بأس بذلك إذا كانت طاهرة » (١).

ولرواية الحلبي الواردة في ثوبي الإحرام : وسألته يغسلها إن أصابها شي‌ء؟ قال : « نعم ، فإذا احتلم فيها فليغسلها » (٢).

المؤيدة بصحيحة أخرى لابن عمّار : عن المحرم يصيب ثوبه جنابة ،

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٤٠ ـ ٩ ، الوسائل ١٢ : ٣٦٣ أبواب الإحرام ب ٣٠ ح ٢.

(٢) التهذيب ٥ : ٧٠ ـ ٢٣٠ ، الوسائل ١٢ : ٤٧٧ أبواب تروك الإحرام ب ٣٨ ح ٤.

٢٩٥

قال : « لا يلبسه حتى يغسله وإحرامه تام » (١).

وأمّا سائر ما يشترط في ثوب الصلاة ـ من عدم كونه ممّا لا يؤكل لحمه ولا حاكيا ـ فلا يعرف له مستند ظاهرا ، والأصل يجوّزه ، والأحوط تركه.

ومنهم من منع عن كلّ جلد حتى المأكول ، لقوله في صحيحة حريز : « كلّ ثوب » ، والثوب لا يصدق على الجلد.

وفساده ظاهر ، إذ دلالتها ليست إلاّ بمفهوم اللقب الذي هو من أضعف المفاهيم ولو سلّم عدم صدق الثوب على الجلد ، فالأولى الاستناد فيه إلى قوله في الأخبار المتقدّمة : « والبس ثوبيك » (٢).

و : في جواز لبس الحرير المحض للمرأة قولان :

الأول : المنع ، وهو للصدوق والشيخ في المقنعة وجمل السيّد والدروس (٣) ، ونسبه في النافع إلى أشهر الروايتين (٤) ، للمستفيضة :

كصحيحة عيص : « المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير والقفازين » (٥).

ورواية ابن عيينة : ما يحلّ للمرأة أن تلبس وهي محرمة؟ قال : « الثياب كلّها ما خلا القفازين والبرقع والحرير » ، قلت : تلبس الخز؟ قال : « نعم » ، قلت : فإنّ سداه إبريسم وهو الحرير ، قال : « ما لم يكن حريرا‌

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢١٩ ـ ١٠٠٦ ، الوسائل ١٢ : ٤٧٦ أبواب تروك الإحرام ب ٣٧ ح ١.

(٢) الوسائل ١٢ : ٤٠٨ أبواب الإحرام ب ٥٢.

(٣) المقنع : ٧٢ ، المقنعة : ٣٩٦ ، جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٦٦ ، الدروس ١ : ٣٤٤.

(٤) النافع : ٨٣.

(٥) الكافي ٤ : ٣٤٤ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٧٣ ـ ٢٤٣ ، الإستبصار ٢ : ٣٠٨ ـ ١٠٩٩ ، الوسائل ١٢ : ٣٦٨ أبواب الإحرام ب ٣٣ ح ٩ ، القفّاز ـ بالضم والتشديد ـ شي‌ء يعمل لليدين ويحشى بقطن ويكون له إزار تزرّ على الساعد ـ مجمع البحرين ٤ : ٣١.

٢٩٦

خالصا فلا بأس » (١).

وما رواه الكليني عن إسماعيل بن الفضل بسند معتبر : عن المرأة هل يصلح لها أن تلبس ثوبا حريرا وهي محرمة؟ قال : « لا ، ولها أن تلبسها في غير إحرامها » (٢).

والقول ـ بعدم ظهور : « لا يصلح » في الحرمة ـ ضعيف ، كما بيّناه في العوائد.

ومرسلة ابن بكير : « النساء تلبس الحرير والديباج إلاّ في الإحرام » (٣) ، ومعنى تلبس : أنّه يجوز لها لبسه ، فالمنفيّ في المستثنى هو الجواز.

وموثّقة سماعة : عن المحرمة تلبس الحرير ، قال : « لا يصلح لها أن تلبس حريرا محضا لا خيط فيه » (٤).

والصحيح المرويّ عن جامع البزنطي : عن المتمتّع كم يجزئه؟ قال : « شاة » ، وعن المرأة تلبس الحرير؟ قال : « لا » (٥).

والثاني : الجواز ، وهو للمفيد في كتاب أحكام النساء والحلّي (٦) ، وأكثر المتأخّرين (٧) ، للأصل ، والأخبار ، كصحيحة حريز المتقدّمة (٨).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٤٥ ـ ٦ ، التهذيب ٥ : ٧٥ ـ ٢٤٧ ، الإستبصار ٢ : ٣٠٩ ـ ١١٠١ ، الوسائل ١٢ : ٣٦٧ أبواب الإحرام ب ٣٣ ح ٣.

(٢) الكافي ٤ : ٣٤٦ ـ ٨ ، الوسائل ١٢ : ٣٦٨ أبواب الإحرام ب ٣٣ ح ١٠.

(٣) الكافي ٦ : ٤٥٤ ـ ٨ ، الوسائل ٤ : ٣٧٩ أبواب لباس المصلّي ب ١٦ ح ٣.

(٤) الفقيه ٢ : ٢٢٠ ـ ١٠١٧ ، الوسائل ١٢ : ٣٦٨ أبواب الإحرام ب ٣٣ ح ٧.

(٥) مستطرفات السرائر : ٣٦ ، ٣٧ ، الوسائل ١٢ : ٣٦٨ أبواب الإحرام ب ٣٣ ح ٨.

(٦) أحكام النساء ( مصنفات الشيخ المفيد ٩ ) : ٣٥ ، السرائر ١ : ٥٣١.

(٧) منهم الشهيد الثاني في الروضة ٢ : ٢٣٢ ، والمسالك ١ : ١٠٧ ، السبزواري في الذخيرة : ٥٨١ ، الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣١٥.

(٨) في ص : ٢٩٤.

٢٩٧

وصحيحة يعقوب : المرأة تلبس القميص تزرّه عليها وتلبس الحرير والخزّ والديباج؟ قال : « نعم ، لا بأس به » (١).

ورواية النضر : عن المرأة المحرمة أيّ شي‌ء تلبس من الثياب؟ قال : « تلبس الثياب كلّها إلاّ المصبوغة بالزعفران والورس » الحديث (٢).

ويجيبون هؤلاء عن الأخبار الأولى بالحمل على الكراهة جمعا ، بشهادة صحيحة عبيد الله الحلبي : « لا بأس أن تحرم المرأة في الذهب والحرير ، وليس يكره إلاّ الحرير المحض » (٣).

وفي آخر موثّقة سماعة المتقدّمة : « إنّما يكره الحرير البهم » (٤).

ورواية الأحمسي : عن العمامة السابري فيها علم حرير ، تحرم فيها المرأة؟ قال : « نعم ، إنّما كره ذلك إذا كان سداه ولحمته جميعا حريرا » (٥).

وفي موثّقة أخرى لسماعة ، قال : « لا ينبغي للمرأة أن تلبس الحرير المحض وهي محرمة » (٦).

أقول : ويردّ على الاستشهاد بأعمّية الكراهة في العرف القديم من‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٧٤ ـ ٢٤٦ ، الإستبصار ٢ : ٣٠٩ ـ ١١٠٠ ، الوسائل ١٢ : ٣٦٦ أبواب الإحرام ب ٣٣ ح ١.

(٢) الكافي ٤ : ٣٤٤ ـ ٢ ، التهذيب ٥ : ٧٤ ـ ٢٤٤ ، الوسائل ١٢ : ٣٦٦ أبواب الإحرام ب ٣٣ ح ٢ ، الورس : نبات أصفر يزرع باليمن ، ويصبغ به ـ المصباح المنير ٢ : ٦٥٥.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٢٠ ـ ١٠٢٠ ، الوسائل ١٢ : ٣٦٧ أبواب الإحرام ب ٣٣ ح ٤.

(٤) تقدّمت مصادرها في ص ٢٩٤. والبهم ـ بالضم وبضمتين ـ : الخالص الذي لم يشبه غيره ـ القاموس المحيط ٤ : ٨٣.

(٥) الكافي ٤ : ٣٤٥ ـ ٥ ، الوسائل ١٢ : ٣٦٩ أبواب الإحرام ب ٣٣ ح ١١.

والسابري : ضرب من الثياب الرقاق تعمل بسابور ، موضع بفارس ـ مجمع البحرين ٣ : ٣٢٢.

(٦) الكافي ٦ : ٤٥٥ ـ ١٢ ، الوسائل ٤ : ٣٨٠ أبواب لباس المصلي ب ١٦ ح ٤.

٢٩٨

الحرمة أيضا ، بل أكثر استعمالاتها فيه فيها ، وكذا لفظ « لا ينبغي ».

وأمّا الحمل لأجل الجمع فيتوقّف على تماميّة دلالة أدلّة الجواز ، وهي ممنوعة ، لأنّ الأصل لا أثر له في مقابل ما مرّ ، والخطاب في الصحيحة الأولى (١) إلى الرجل حتما أو احتمالا متساويا ، وهو غير ما نحن فيه ، مع أنّه على فرض الإطلاق تكون عامّة بالنسبة إلى ما تقدّم مطلقة ، فيجب تخصيصها به.

وهو الجواب عن الثانية أيضا ، فإنّها مطلقة بالنسبة إلى حال الإحرام وغيره ، وجعلها ظاهرة الورود في حال الإحرام لا وجه له ، إذ لا سبيل إلى ذلك الظهور أصلا.

وكذا الجواب عن الثالثة ، لعمومها بالنسبة إلى الثياب.

فظهر أنّ الأقوى هو القول الأول ، وبه المعوّل.

ز : يجوز للمحرم أن يلبس أكثر من ثوبين ، بلا خلاف فيه كما في المفاتيح (٢) وشرحه ، للأصل الخالي عن المعارض ، ولصحيحة ابن عمّار الأولى المتقدّمة في الفرع الخامس.

وصحيحة الحلبي : عن المحرم يتردّى بالثوبين؟ قال : « نعم ، والثلاثة إن شاء يتّقي بهما الحرّ والبرد » (٣) ، وقريبة منها روايته (٤).

ح : يجوز له إبدال الثوبين ، للأصل ، وصحيحة ابن عمّار : « لا بأس بأن يغيّر المحرم ثيابه ، ولكن إذا دخل مكّة لبس ثوبي إحرامه اللذين أحرم‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٤٠ ـ ٩ ، الوسائل ١٢ : ٣٦٣ أبواب الإحرام ب ٣٠ ح ٢.

(٢) المفاتيح ١ : ٣١٧.

(٣) الكافي ٤ : ٣٤١ ـ ١٠ ، الوسائل ١٢ : ٣٦٢ أبواب الإحرام ب ٣٠ ح ١.

(٤) التهذيب ٥ : ٧٠ ـ ٢٣٠ ، الوسائل ١٢ : ٣٦٢ أبواب الإحرام ب ٣٠ ح ١.

٢٩٩

فيهما ، وكره أن يبيعهما » (١).

وصحيحة الحلبي : « ولا بأس بأن يحوّل المحرم ثيابه » (٢).

وفي روايته : عن المحرم يحوّل ثيابه؟ قال : « نعم » (٣).

ومقتضى الصحيحة الأولى : استحباب الطواف فيهما ، كما هو ظاهر الأصحاب أيضا.

ط : إذا لم يكن معه ثوبا الإحرام وكان معه قباء ، جاز له لبسه ، بلا خلاف فيه كما كلام جماعة (٤) ، وفي المدارك : أنّ هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب (٥) ، وعن المنتهى والتذكرة : أنّه موضع وفاق (٦) ، وفي المفاتيح وشرحه : أنّه إجماعي (٧).

وتدلّ عليه المعتبرة المستفيضة :

كصحيحة الحلبي : « إذا اضطرّ المحرم إلى القباء ولم يجد ثوبا غيره فليلبسه مقلوبا ، ولا يدخل يديه في يدي القباء » (٨).

وعمر بن يزيد : « يلبس المحرم الخفّين إذا لم يجد نعلين ، وإن لم يكن له رداء أطرح قميصه على عنقه أو قباه بعد أن ينكسه » (٩).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٤١ ـ ١١ ، الفقيه ٢ : ٢١٨ ـ ١٠٠٠ ، التهذيب ٥ : ٧١ ـ ٢٣٣ ، الوسائل ١٢ : ٣٦٣ أبواب الإحرام ب ٣١ ح ١.

(٢) الكافي ٤ : ٣٤٣ ـ ٢٠ ، الوسائل ١٢ : ٣٦٤ أبواب الإحرام ب ٣١ ح ٣.

(٣) التهذيب ٥ : ٧٠ ـ ٢٣٠ ، الوسائل ١٢ : ٣٦٤ أبواب الإحرام ب ٣١ ح ٤.

(٤) كما في الرياض ١ : ٣٦٩.

(٥) المدارك ٧ : ٢٧٧.

(٦) المنتهى ٢ : ٦٨٣ ، التذكرة ١ : ٣٢٦.

(٧) المفاتيح ١ : ٣١٨.

(٨) التهذيب ٥ : ٧٠ ـ ٢٢٨ ، الوسائل ١٢ : ٤٨٦ أبواب تروك الإحرام ب ٤٤ ح ١.

(٩) التهذيب ٥ : ٧٠ ـ ٢٢٩ ، الوسائل ١٢ : ٤٨٦ أبواب تروك الإحرام ب ٤٤ ح ٢.

٣٠٠